إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع

فصل في ذكر أخذ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الجزية والخراج
قال: أبو عمر بن عبد البر: أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران، وكانوا نصارى، ثم قبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الجزية من أهل البحرين، وكانوا مجوسا.
فأما أهل نجران: فخرج البخاري [ (1) ] من حديث إسرائيل عن أبى إسحاق عن صلة بن زفر، عن حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال:
جاء السيد والعاقب [ (2) ] صاحبا نجران إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يريدان [أن] [ (3) ] يلاعناه.
فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فو اللَّه إن كان نبيا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا.
قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا، فقال: لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين، فاستشرف له أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: هذا أمين هذه الأمة.
وخرج البخاري [ (4) ] ومسلم [ (5) ] من حديث شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن صلة بن زفر، عن حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: جاء أهل نجران إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فقالوا: يا رسول اللَّه ابعث لنا رجلا أمينا.
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 8/ 117- 118، كتاب المغازي، باب (73) قصة أهل نجران، حديث رقم (4380) .
[ (2) ] في (المرجع السابق) : «العاقب والسيد» .
[ (3) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (4) ] (المرجع السابق) حديث رقم (4381) .
[ (5) ] (مسلم بشرح النووي) : 15/ 201، كتاب فضائل الصحابة، باب (7) فضائل أبى عبيدة ابن الجراح، حديث رقم (2420) .

(9/365)


فقال: لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين، قال: فاستشرف [له] [ (1) ] الناس، قال: فبعث أبا عبيدة بن الجراح [ (2) ] . وقال البخاري: «حق أمين» ، مرة واحدة.
وخرجه الترمذي من حديث سفيان، عن أبى إسحاق، عن صلة بن زفر عن حذيفة بن اليمان، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: جاء العاقب والسيد إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقالا: ابعث معنا أمينا، فقال: فإنّي سأبعث معكم أمينا حق أمين،
فأشرف لها الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجراح رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه. وقال: وكان أبو إسحاق إذا حدث بهذا الحديث عن صلة، قال:
__________
[ (1) ] في رواية مسلم: «لها» .
[ (2) ] قال الحافظ في (الفتح) : وفي قصة أهل نجران من الفوائد: أن إقرار الكافر بالنّبوّة لا يدخله في الإسلام حتى يلتزم أحكام الإسلام، وفيها جواز مجادلة أهل الكتاب، وقد تجب إذا تعينت مصلحته، وفيها مشروعية مباهلة المخالف إذا أصرّ بعد ظهور الحجة، وقد دعا ابن عباس إلى ذلك ثم الأوزاعي، ووقع ذلك لجماعة من العلماء. ومما عرف بالتجربة أن من باهل وكان مبطلا لا تمضى عليه سنة من يوم المباهلة. ووقع لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة فلم يقم بعدها غير شهرين.
وفيها مصالحة أهل الذمة على ما يراه الإمام من أصناف المال، ويجرى ذلك مجرى ضرب الجزية عليهم، فإن كلا منهما مال يؤخذ من الكفار على وجه الصغار في كل عام.
وفيها بعث الإمام الرجل العالم الأمين إلى أهل الهدنة في مصلحة الإسلام.
وفيها منقبة ظاهرة لأبى عبيدة بن الجراح رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.
وقد ذكر ابن إسحاق أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعث عليا إلى أهل نجران ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم، وهذه القصة غير قصة أبى عبيدة، لأن أبا عبيدة توجه معهم فقبض مال الصلح ورجع، وعليّ أرسله النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد ذلك يقبض منهم ما استحق عليهم من الجزية، ويأخذ ممن أسلم منهم ما وجب عليه من الصدقة واللَّه أعلم.

(9/366)


سمعته منذ ستين سنة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح [ (1) ] .
[وقد روى عن ابن عمر وأنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، قال: لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة عبيدة بن الجراح] .
ولأبى داود حديث يونس بن بكير قال: أنبأنا أسباط بن نصر الهمذانيّ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي [ (2) ] ، عن ابن عباس قال:
صالح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أهل نجران على ألفى حلة، النصف في صفر ...
البقية في رجب.... يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعا، وثلاثين فرسا، وثلاثين بعيرا، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد، أو غدرة [ (3) ] على أن لا تهدم لهم بيعة، ولا يخرج لهم قس، ولا يفتنوا عن دينهم
__________
[ (1) ] (سنن الترمذي) : 625- 626، كتاب المناقب، باب (33) مناقب معاذ بن جبل، وزيد ابن ثابت، وأبى، وأبىّ عبيدة بن الجراح رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (3796) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
[ (2) ] قال المنذري: هو المعروف بالسدي، وفي سماع السدي من ابن عباس نظر، وإنما قيل:
أنه رآه، ورأى ابن عمر، وسمع من أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم.
[ (3) ] قال الخطابي: قلت: هذا وقع في كتابي، وفي رواية غيرها: «كيد ذات غدر» وهو أصوب، على أن لا تهدم لهم بيعة، ولا يخرج لهم قس، ولا يفتنون عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا الربا.
قال: في هذا دليل على أن للإمام أن يزيد وينقص فيما يقع عليه الصلح من دينار أو أكثر على قدر طاقتهم، ووقوع الرضا منهم به. وفيه دليل على أن العارية مضمونة.
وقوله: «كيد ذات عذر» يريد الحرب، أخبرنى أبو عمر، قال: قال ابن الأعرابي: الكيد:
الحرب، ومنه ما جاء في بعض الحديث أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خرج في بعض مغازيه فلم يلق كيدا، أي حربا. (معالم السنن) .

(9/367)


ما لم يحدثوا حدثا، أو يأكلون الربا [ (1) ] . [قال إسماعيل: فقد أكلوا الربا] [ (2) ] ، [قال أبو داود: إذا نقضوا به ما اشترط عليهم فقد أحدثوا] .
وقال يونس بن بكير: عن ابن إسحاق، وبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على بن أبى طالب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه إلى أهل نجران ليجمع صدقائهم، ويقدم عليه بجزيتهم.
قال ابن الأثير: وذلك في سنة عشر، ففعل، وعاد فلقى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بمكة في حجة الوداع [ (3) ] .
__________
[ (1) ] (سنن أبى داود) : 3/ 429- 431، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب (30) في أخذ الجزية، حديث رقم (3041) .
[ (2) ] زيادة للسياق من (سنن أبى داود) .
[ (3) ] (الكامل في التاريخ) لابن الأثير: 2/ 294، ثم قال فلما استخلف أبو بكر عاملهم [بذلك] ، فلما استخلف عمر أجلى أهل الكتاب عن الحجاز وأجلى أهل نجران، فخرج بعضهم إلى الشام وبعضهم إلى نجرانية الكوفة، واشترى منهم عقارهم وأموالهم. وقيل: إنهم كانوا قد كثروا فبلغوا أربعين ألفا فتحاسدوا بينهم، فأتوا عمر بن الخطاب وقالوا: أجلنا، وكان عمر بن الخطاب قد خافهم على المسلمين فاغتنمها فأجلاهم، فندموا بعد ذلك ثم استقالوه فأبى، فبقوا كذلك إلى خلافة عثمان، فلما ولى عليّ أتوه وقالوا: ننشدك اللَّه خطك بيمينك. فقال: إن عمر كان رشيد الأمر وأنا أكره خلافه، وكان عثمان قد أسقط عنهم مائتي حلة، وكان صاحب النجرانية بالكوفة يبعث إلى من بالشام والنواحي من أهل نجران يجبونهم الحلل.
فلما ولى معاوية ويزيد بن معاوية شكوا إليه تفرقهم وموت من مات منهم وإسلام من أسلم منهم، وكانوا قد قلوا، وأروه كتاب عثمان، فوضع عنهم مائتي حلة تكملة أربعمائة حلة. فلما ولى الحجاج العراق وخرج عليه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث اتهم الدهاقين بموالاته واتهمهم معهم فردهم إلى ألف وثلاثمائة حلة وأخذهم بحلل وشى. فلما ولى عمر بن عبد العزيز شكوا عليه فناءهم ونقصهم وإلحاح العرب عليهم بالغارة وظلم الحجاج، فأمر بهم فأحصوا ووجدوا على العشر من عدتهم الأولى، فقال: أرى هذا الصلح جزية وليس على أرضهم شيء وجزية المسلم والميت ساقطة، فألزمهم مائتي حلة. فلما تولى يوسف بن عمر الثقفي ردهم إلى أمرهم الأول عصبية للحجاج، فلما استخلف السفاح عمدوا إلى طريقه يوم ظهوره من الكوفة فالقوا فيها

(9/368)


وأما أهل البحرين، فخرج البخاري من حديث الزهري قال: حدثني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، أنه أخبره أن عمرو بن عون الأنصاري، وهو حليف لبني عامر بن لؤيّ، وكان شهد بدرا، أخبره أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتى بجزيتها، وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم هو صالح أهل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن الحضرميّ، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبى عبيدة، فوافت صلاة الصبح مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فلما صلّى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له،
فتبسم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حين رآهم، وقال: أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء، فقالوا: أجل يا رسول اللَّه، قال: فأبشروا، وأملوا ما يسركم، فو اللَّه لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم. كرره من طرق عن الزهري [ (1) ] ، وأخرجه مسلم بهذا الإسناد أيضا [ (2) ] .
وخرج البخاري من حديث سفيان، قال: سمعت عمرا قال: كنت جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس. فحدثها بجالة، سنة سبعين عام حج مصعب بن الزبير بأهل البصرة، عند درج زمزم. قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى
__________
[ () ] الريحان ونثروا عليه، فأعجبه ذلك من فعلهم، ثم رفعوا إليه أمرهم وتقربوا إليه بأخواله بنى الحارث بن كعب، فكلمه فيهم عبد اللَّه بن الحارث فردهم إلى مائتي حلة، فلما ولى الرشيد شكوا إليه العمال فأمر أن يعفوا من المال وأن يكون مؤداهم بيت المال.
[ (1) ] (فتح الباري) : 6/ 318- 319، كتاب الجزية والموادعة، باب (1) الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، حديث رقم (3158) .
أخرجه في باب (4) ما أقطع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من البحرين وما وعد من مال البحرين والجزية، ولمن يقسم الفيء والجزية؟ حديث رقم (3164) ، وأخرجه في كتاب المغازي، باب (12) بدون ترجمة حديث رقم (4015) .
[ (2) ] غير أنه قال: «وتلهيكم كما ألهتهم» حديث رقم (2961) ، من كتاب الزهد والرقاق، والحديث الّذي يليه بدون رقم.

(9/369)


عنه قبل موته بسنة: فرّقوا بين كل ذي محرم من المجوس، ولم يكن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أخذها من مجوس هجر [ (1) ] .
وخرجه أبو داود من حديث سفيان عن عمرو بن دينار، سمع بجالة يحدث عمرو بن أوس، وأبا الشعثاء [ (2) ] قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس، إذ جاءنا كتاب عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قبل موته، بسنة: اقتلوا كل ساحر، وفرّقوا بين كل ذي محرم من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة، فقتلنا في يوم ثلاثة سواحر، وفرقنا بين كل رجل من المجوس وحريمة في كتاب اللَّه عز وجل، وصنع طعاما كثيرا فدعاهم، فعرض السيف على فخذه، فأكلوا، ولم يزمزموا، وألقوا وقر بغل أو بغلين من الورق، ولم يكن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أخذها من مجوس هجر [ (3) ] .
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 6/ 316، كتاب الجزية والموادعة، باب (1) الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، حديث رقم (3156) ، (3157) .
[ (2) ] أبو الشعثاء: هو جابر بن زيد، من ثقات التابعين.
[ (3) ] (سنن أبى داود) : 3/ 431- 432، كتاب الخراج والفيء والإمارة باب (31) في أخذ الجزية من المجوس، حديث رقم (3043) .
قال الخطابي في (معالم السنن) : قوله «ألقوا وقر بغل أو بغلين من الورق» يريد أخلة من الورق يأكلون بها، قلت: ولم يحملهم عمر على هذه الأحكام فيما بينهم وبين أنفسهم إذا خلوا وإنما منعهم من إظهار ذلك للمسلمين، وأهل الكتاب لا يكشفون عن أمورهم التي يتدينون بها ويستعملونها فيما بينهم إلا أن يترافعوا إلينا في الأحكام. فإذا فعلوا ذلك فإن على حاكم المسلمين أن يحكم فيهم يحكم اللَّه المنزل. وإن كان ذلك في الأنكحة فرق بينهم وبين ذوات المحارم كما يفعل ذلك في المسلمين. -

(9/370)


وخرجه النسائي من حديث سفيان، عن عمرو، سمع بجالة: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أخذها من مجوس هجر [ (1) ] .
ولأبى داود من حديث هشيم، قال: أنبأنا داود بن أبى هند، عن قشير ابن عمرو، عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، قال: جاء رجل من الأسبذيين [ (2) ] من أهل البحرين، وهم مجوس أهل
__________
[ () ] وفي امتناع عمر من أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أخذها من مجوس هجر دليل أن رأى الصحابة أنه لا تقبل الجزية من كل مشرك كما ذهب إليه الأوزاعي وإنما تقبل من أهل الكتاب.
وقد اختلف العلماء في المعنى الّذي من أجله أخذت منهم الجزية فذهب الشافعيّ في أغلب قوليه إلى أنها قبلت لأنهم من أهل الكتاب وروى ذلك عن على بن أبى طالب.
وقال أكثر أهل العلم: إنهم ليسوا من أهل الكتاب، وإنما أخذت الجزية من اليهود والنصارى بالكتاب، ومن المجوس بالسنة.
واتفق عامة أهل العلم على تحريم نسائهم وذبائحهم، وسمعت ابن أبى هريرة يحكى عن إبراهيم الحربي أنه قال: لم يزل الناس متفقين على تحريم نكاح المجوس حتى جاءنا خلاف من الكرخ، يعنى أبا ثور.
والحديث أخرجه أيضا الترمذي في (السنن) : 4/ 124- 125 كتاب السير، باب (3) ما جاء في أخذ الجزية من المجوس، حديث رقم (1586) .
[ (1) ] أخرجه النسائي في كتاب السير من (الكبرى) .
[ (2) ] الأسبذيين: بفتح الهمزة وسكون السين بعدها باء مفتوحة، فذال-: وقيل: منسوبون إلى أسبذ بوزن أحمد، وهي بلدة بهجر بالبحرين، أو قرية لأنهم نزلوها، وقيل: الكلمة فارسية، ومعناها عبدة الفرس، وكانوا يعبدون فرسا، والفرس في لغة الفرس: أسب. وقال أبو عبيد: هو اسم قائد من قواد كسرى على البحرين، فارسي، وقد تكلمت به العرب.
(معالم السنن) .

(9/371)


هجر [ (1) ] إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فمكث عنده، ثم خرج فسألته: ما قضى اللَّه ورسوله فيكم؟ قال: شر، فقلت: مه؟ قال: الإسلام أو القتل، قال:، وقال عبد الرحمن بن عوف، قبل منهم الجزية، قال ابن عباس: فأخذ الناس بقول عبد الرحمن بن عوف، وتركوا ما سمعت أنا من الأسبذي [ (2) ] .
قال قتادة: أكبر مال قدم به على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ثمانون ألفا من جزية مجوس البحرين، فأمر بها، فصبت على حصير فما ترك ساكنا، ولا حرم سائلا.
ولأبى داود من حديث الأعمش، عن أبى وائل عن معاذ بن جبل رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم-[يعنى محتملا]- دينارا، أو عدله من المغافر [ (3) ] [ثياب تكون باليمن] .
__________
[ (1) ] هجر- بفتح الهاء والجيم-: مدينة في بلاد البحرين، وهناك قرية صغيرة بجانب المدينة المنورة.
[ (2) ] (سنن أبى داود) : 3/ 433، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب (31) في أخذ الجزية من المجوس، حديث رقم (3044) .
[ (3) ] (سنن أبى داود) : 3/ 428، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب (30) في أخذ الجزية، حديث رقم (3038) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه. -
- قال الخطابي في (معالم السنن) : قلت في قوله: «من كل حالم» ، دليل على أن الجزية في قوله: من كل الحالم، دليل على أن الجزية إنما تجب على الذكران منهم دون الإناث، لأن الحالم عبارة عن الرجل فلا وجوب لها على النساء ولا على المجانين والصبيان.
وفيه بيان أن الدينار مقبول من جماعتهم، أغنياؤهم وأوساطهم في ذلك سواء لأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعثه إلى اليمن وأمره بقتالهم ثم أمره بالكف عنهم إذا أعطوا دينارا، وجعل بذل الدينار حاقنا لدمائهم فكل من أعطاه فقد حقن دمه، وإلى هذا ذهب الشافعيّ، قال: وإنما هو على كل محتلم من الرجال الأحرار دون العبيد.
وقال أصحاب الرأى وأحمد بن حنبل: يوضع على الموسر منهم ثمانية وأربعون درهما وأربعة وعشرون واثنا عشر. -

(9/372)


ولأبى داود من حديث محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وعن عثمان بن أبى سليمان أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة، فأخذ، فأتوه به فحقن له دمه، وصالحة على الجزية [ (1) ] .
ولم يأخذ صلّى اللَّه عليه وسلّم [من] يهود خيبر جزية، فإنه صالحهم على أن مقرهم في الأرض ما شاء اللَّه، ولم تكن الجزية نزلت بعد، ثم أمره تعالى أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، فلم يدخل في هذا يهود خيبر، لأن العقد قد تم بينه صلّى اللَّه عليه وسلّم وبينهم على إقرار، ثم أن يكونوا عمالا في الأرض بالشطر، فلم يطالبهم بغير ذلك، وطلب من إخوانهم من أهل الكتاب، ممن لم يكن بينه وبينهم عهد كنصارى نجران ويهود اليمن، وقد ظن بعضهم أن عدم أخذ
__________
[ () ] وقال أحمد على قدر ما يطيقون، قيل: له فيزداد في هذا اليوم وينقص، قال: نعم على قدر طاقتهم وعلى قدر ما يرى الإمام، وقد علق الشافعيّ القول في إلزام الفقير الجزية.
وأخرجه الترمذي في الزكاة حديث (623) باب زكاة البقر مطولا، والنسائي في الزكاة حديث (2455) سقوط الزكاة عن الإبل إذا كانت رسلا، وابن ماجة في الزكاة حديث (1803) باب صدقة البقر، وقال الترمذي: حديث حسن، وذكر أن بعضهم رواه مرسلا وأن المرسل أصح، وسبق عند أبى داود برقم (1576) .
[ (1) ] (سنن أبى داود) : 427- 428، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب (30) في أخذ الجزية، حديث رقم (3037) .
قال الخطابي في (معالم السنن) : أكيدر دومة رجل من العرب يقال هو من غسان، ففي هذا من أمره دلالة على جواز أخذ الجزية من العرب كجوازه من العجم، وكان أبو يوسف يذهب إلى أن الجزية لا تؤخذ من عربي، وقال مالك والأوزاعي والشافعيّ، العربيّ والعجمي في ذلك سواء. -
وكان الشافعيّ يقول: إنما الجزية على الأديان لا على الأنساب، ولولا أن نأثم بتمني الباطل وددنا الّذي قال أبو يوسف كما قال وأن لا يجرى على عربي صغار، ولكن اللَّه أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به.

(9/373)


الجزية من يهود خيبر يختص بهم، فلا يؤخذ منهم جزية، وليس كذلك، بل الأمر كما بينته لك.
وذكر الواقدي أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وضع الجزية على أهل أيلة [ (1) ] ثلاثمائة دينار كل سنة، وكانوا ثلاثمائة رجل وعلى أهل أذرح [ (2) ] مائة دينار في كل رجب [ (3) ] .
__________
[ (1) ] أيلة: على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام.
[ (2) ] أذرح: قرية بالشام.
[ (3) ] قال الواقدي: وكتب لهم كتابا: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا أمنة من اللَّه ومحمد النبي ليوحنة بن رؤبة وأهل أيلة، لسفنهم وسائرهم في البر والبحر ولهم ذمة اللَّه وذمة محمد رسول اللَّه، ولمن كان معه من أهل الشام. وأهل اليمن، وأهل البحر، ومن أحدث حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يريدونه، ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر.

(9/374)


فصل في ذكر عمال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على الجزية
اعلم أنه قد تبين مما تقدم أن الذين بعثهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لأخذ الجزية ثلاثة نفر، فبعث أبا عبيدة عامر، وقيل: عبد اللَّه بن عامر، والصحيح عامر ابن عبد اللَّه بن الجراح بن هلال بن اهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشيّ الفهرىّ. أحد العشرة الذين شهد لهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالجنة، وأحد كبراء الصحابة، وفضلائهم، وأهل السابقة منهم، وأمين هذه الأمة إلى أهل نجران أيضا [ (1) ] ، وبعث معاذ بن جبل [ (2) ] رضى اللَّه
__________
[ (1) ] له ترجمة في: (طبقات ابن سعد) : 3/ 409، (طبقات خليفة) : 27، 300، (تاريخ خليفة) : 138، (التاريخ الكبير) : 6/ 44- 445، (التاريخ الصغير) : 1/ 40، (المعارف) : 427- 428، (الجرح والتعديل) : 6/ 325، (جامع الأصول) :
9/ 20- 21، (تهذيب الأسماء واللغات) : 2/ 259، (تهذيب التهذيب) : 5/ 263، (الإصابة) : 3/ 586، ترجمة رقم (590) ، (تاريخ الخميس) : 2/ 255، (كنز العمال) : 13/ 214- 219، (شذرات الذهب) : 1/ 29، (سير الأعلام) :
1/ 5- 23، ترجمة رقم (1) .
[ (2) ] هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدى بن سعد ابن على بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج.
روى الواقدي عن رجاله أن معاذا شهد بدرا وله عشرون سنة أو إحدى وعشرون قال ابن سعد:
شهد العقبة في روايتهم جميعا مع السبعين.
قال أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن عبد اللَّه ابن عمرو قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبى، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبى حذيفة،
توفى سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة. له ترجمة في (التاريخ الكبير) : 7/ 359- 360، (التاريخ الصغير) : 1/ 41، 47، 49، 52، 53، (المعارف) : 254، (الجرح والتعديل) : 1/ 244- 245، (حلية الأولياء) :
1/ 228- 244، (تهذيب الأسماء واللغات) : 2/ 98- 100، (كنز العمال) : 13/ 583، -- (شذرات الذهب) : 1/ 29 (سير أعلام النبلاء) : 1/ 443- 461، ترجمة رقم (86) .

(9/375)


تبارك وتعالى عنه إلى أهل نجران أيضا، وبعث على بن أبى طالب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه إلى أهل نجران أيضا، وبعث معاذ بن جبل رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه إلى أهل اليمن، لأخذ الجزية، وغير ذلك، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

فصل في ذكر عمال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على الزكاة
اعلم أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لما صدر من الحج سنة عشر، أقام بالمدينة حتى رأى هلال المحرم سنه إحدى عشر، فبعث المصدقين في العرب [ (1) ] ، فبعث عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه على الصدقات، وبعث خالد بن سعيد بن العاص، وقد قدم قرة بن أشقر الجذاعى لملوك كندة، ومباعدا لهم فاستعمله رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على صدقات زبيد ومذحج كلها، وبعثه معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة، وكان معه في بلاده حتى توفى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وبعث معاذ بن جبل رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه إلى اليمن، وأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة، وفي كل أربعين شاة شاة. رواه أبو داود [ (2) ] .
__________
[ (1) ] المصدّق بتشديد الدال وكسرها: أي عاملا يستوفي الزكاة من أربابها وفي (معالم السنن) للخطابى: ان المصدق بتخفيف الصاد: العامل، وفي (المطالع) : المصدق بتخفيف الصاد:
آخذ الصدقة، قال ثابت: ويقال أيضا للذي يعطيها من ماله، فإذا شددت الصاد فهو المتصدق لا غير. (التراتيب الادارية) : 1/ 396- 397، باب في العامل على الزكاة.
[ (2) ] (سنن أبى داود) : 2/ 224- 255، كتاب الزكاة، باب (4) في زكاة السائمة، حديث رقم (1568) ، وأخرجه ابن ماجة في الزكاة، باب صدقة الإبل، حديث رقم (1798) ، والترمذي في الزكاة، باب في زكاة الإبل والغنم، حديث رقم (621) وقال: «حديث حسن، والعمل على هذا الحديث عند عامة الفقهاء، وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري عن سالم بن عبد اللَّه بن عمرو الخطاب بهذا الحديث ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين» -

(9/376)


وبعث أبى بن كعب مصدقا على بلى وعذرة وجميع بنى سعد بن هدم على ما رواه الإمام أحمد، وبعث عدي بن حاتم على طيِّئ وصدقاتها، وعلى بنى أسد.
روى مسلم عن عدي بن حاتم، قال: أتيت عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، فقال: إن أول صدقة بيضت وجه رسول اللَّه
__________
[ () ] وسفيان بن حسين أخرج له مسلم واستشهد به البخاري، إلا أن حديثه عن الزهري فيه ما قال، وهو ممن اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه، وقال الترمذي في (كتاب العلل) :
«سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: أرجو أن يكون محفوظا وسفيان بن الحسين صدوق» . ولفظ الحديث عند أبى داود:
كتب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض، فقرنه بسيفه، فعمل به أبو بكر حتى قبض، ثم عمل به عمر حتى قبض، فكان فيه «في خمس من الإبل شاة» ، وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين ابنة مخاض، إلى خمس وثلاثين، فإن زادت واحدة ففيها ابنة لبون، إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة، إلى ستين، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة، إلى خمس وسبعين، فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون، إلى تسعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقتان، إلى عشرين ومائة، فإن كانت الإبل أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون، وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة، إلى عشرين ومائة، فإن زادت واحدة فشاتان إلى مائتين، فإن زادت [واحدة] على المائتين ففيها ثلاث [شياه] ، إلى ثلاثمائة، فإن كانت الغنم أكثر من ذلك ففي كل مائة شاة شاة، وليس فيها شيء حتى بلغ المائة، ولا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق، مخافة الصدقة وما كان من خليطين فإنّهما يتراجعان [بينهما] بالسوية، ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عيب.
قال: قال الزهري: إذا جاء المصدق قسمت الشاء أثلاثا: ثلثا شرارا، وثلثا خيارا، وثلثا وسطا، فأخذ المصدق من الوسط، ولم يذكر الزهري البقر، ثم قال في الحديث رقم (1569) :
حدثنا عثمان بن أبى شيبة، حدثنا: محمد بن يزيد الواسطي، أخبرنا سفيان بن حسين، بإسناده ومعناه، قال: فإن لم تكن ابنة مخاض، فابن لبون، ولم يذكر كلام الزهري.

(9/377)


صلّى اللَّه عليه وسلّم ووجوه أصحابه صدقة طيِّئ جئت بها إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم [ (1) ] ، وبعث الزبير، قال ابن زيد وقيس بن عاصم على صدقة بنى سعد، فبعث الزبير [ (2) ] ، قال: على ناحية، وقيس بن عاصم [ (3) ] على ناحية.
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 16/ 310، كتاب فضائل الصحابة، باب (47) من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيِّئ، حديث رقم (2523) و (مسند أحمد) : 1/ 74، حديث رقم (318) من مسند عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.
[ (2) ] هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب- حواري رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل اللَّه، وأبو عبد اللَّه رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، أسلم وهو حدث، له ست عشرة سنة.
قتل الزبير في رجب سنة ست وثلاثين عن أربع وستين أو بضع وخمسين سنة بوادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة، أما أنه قد بعثه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم على الصدقة، فيعكر على ذلك ما قاله هشام- فيما ذكر الحافظ الذهبي في (سير الأعلام) : ردّ، وما ولى إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجا، ولا شيئا، إلا أن يكون في غزو مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، أو مع أبى بكر، وعمر، وعثمان، له ترجمة في (التاريخ الكبير) : 3/ 409، (التاريخ الصغير) : 1/ 75، (المعارف) : 219- 277، (حلية الأولياء) : 1/ 89، (جامع الأصول) : 9/ 5- 10، (تهذيب الأسماء واللغات) : 1/ 194- 196، (كنز العمال) : 13/ 204- 212، (تاريخ الخميس) : 1/ 172، (سير الأعلام) :
1/ 41- 267 ترجمة رقم (3) (الإصابة) : 3/ 553- 557، ترجمة رقم (2791) .
[ (3) ] هو قيس بن عاصم بن أسيد بن جعونة بن الحارث بن عامر بن نمير بن عامر بن صعصعة النميرىّ، قال الحافظ ابن حجر في (الإصابة) : وبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الضحاك ساعيا فجاء بإبل جلة، فقال: أتيتهم فأخذت جلة أموالهم. ارددها عليهم، وخذ صدقاتهم من مواشى أموالهم. (الإصابة) : 3/ 434- 435، ترجمة قرة بن دعموص النميري رقم (7108) ، 3/ 482- 483، ترجمة قيس بن عاصم بن أسيد رقم (7198) .

(9/378)


وذكر ابن قتيبة أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم استعمل الزبير قال ابن بدر: على صدقات قومه، وتوفى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فذهب بالصدقة إلى أبى بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وهي سبعمائة بعير.
قال عمر بن شبة: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: أنبأنا يوسف بن الماجشون قال: أخبرنا ابن شهاب أن عبد الرحمن بن عوف رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه كان يلي صدقات الإبل والغنم في عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وكان بلال رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه يلي صدقات الثمار، وكان محمية بن جزء يلي الخمس، وأن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم دخل خزانة بلال التي يضع فيها الصدقات، فوجد فيها صبرة من تمر فقال: ما هذا التمر يا بلال؟ قال: يا رسول اللَّه أخذتها لنوائبك، قال: أفأمنت أن تصبح ولها في جهنم بخارا، أنفق، ولا تخش من ذي العرش إقلالا، أو إقتارا [ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) : 1/ 347، باب ذكر أخبار رويت في زهده صلّى اللَّه عليه وسلّم في الدنيا وصبره على القوت الشديد فيها، واختياره الدار الاخرة، وما أعد اللَّه تعالى له فيها على الدنيا.
وأخرجه أيضا في (شعب الإيمان) : 2/ 118، باب (13) التوكل والتسليم، حديث رقم (1345) عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، ثم قال: خالفه روح ابن عبادة، فرواه عن عوف، عن محمد قال: دخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على بلال فوجد تمرا أدخره، فرواه مرسلا، وحديث رقم (1346) من حديث روح بن عبادة فذكر ثم قال:
ورواه مبارك ابن فضالة، عن يونس، عن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أبى هريرة موصولا، وقال في هامشه: قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) : 3/ 126: رواه الطبراني في الكبير، وفيه مبارك بن فضالة، وهو ثقة وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
قال في (كشف الخفاء) : 1/ 210- 211، حديث رقم (635) : رواه الطبرانىّ في الكبير، والقضاعيّ في مسندة عن ابن مسعود قال: دخل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم على بلال وعنده صبرة من تمر فقال: ما هذا يا بلال؟ قال يا رسول اللَّه: ذخرته لك ولضيفانك، فقال أما تخشى أن يفور لها بخار من جهنم أنفق بلال- الحديث، وذكره النجم عن أبى هريرة أيضا بلفظ أما تخشى يا بلال أن ترى له بخارا في نار جهنم.

(9/379)