بهجة
المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل [الفصل الثالث
في تعظيم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم]
(الفصل الثالث) في تعظيم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عظمه
ومحبتهم لما أحبه من ذلك ما قدمنا روايته ان أبا بكر كان يقول لعمر اذهب
بنا الى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها وذكر
الحديث. ولما فرض عمر بن الخطاب الا عطية فرض لابنه عبد الله ثلاثة آلاف
ولأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وخمس مائة قال عبد الله لم فضلته علىّ فو الله
ما سبقنى الى مشهد فقال له لأن زيدا كان أحب الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم من ابيك واسامة أحب اليه منك فآثرت حب رسول الله صلى الله عليه وسلم
على حبي* وروي ان حليمة السعدية وفدت على أبى بكر وعمر فصنعا بها كما كان
يصنع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأي ابن عمر محمد بن اسامة وكأنه
كره منه شيأ فقال ليت هذا عندي فقيل له هذا محمد بن اسامة فطأطأ أين عمر
رأسه ونقر بيده الارض وقال لو رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبه ولما
وفدت بنت اسامة على عمر بن عبد العزيز معناه تفضيل عمر على معاوية (وقال
كعب) أي كعب الاحبار (وضلال) بضم المعجمة وتشديد اللام جمع ضال (القادحة)
بالقاف أى المتنقصة (وان يلتمس) بالبناء للمفعول (أحسن التأويلات) بالرفع
(ولا يغمص) أى لا يعاب ولا يذكر بسوء (الفصل الثالث) (ولما فرض عمر الاعطية
الي آخره) أخرجه الترمذى من حديث ابن عمر (فآثرت حب) بكسر الحاء أى محبوب
وبضمها أيضا (على حبي) بالكسر والضم أيضا (ورأى ابن عمر محمد بن اسامة الى
آخره) أخرجه البخارى وغيره (ليت هذا عندى) بالنون أى حتى أنصحه واعظه وروى
عبدى بالموحدة من العبودية لانه كان أسود اللون فيما قيل
(2/405)
رضى الله عنه تلقاها وجلس بين يديها وما ترك حاجة لها الا قضاها أما محبة
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له وحملهم أنفسهم على ما شاهدوه من
جميل سيرته وحسن طريفته والتأسى به في عموم أحوالهم فأمر لا يحكى وقد أثنى
الله سبحانه وتعالى عليهم بذلك وانتشرت بذلك الأخبار ولولا خشية الا طالة
لذكرت منها ذكرا واسعا وانما ذكرت هذا الطرف في ذكر محبتهم لمن أحب لأن فيه
تنبيها على قدر محبتهم له فان ذلك من باب أولى ويكفي في تحقيق ذلك أنهم
هجروا في محبته خير البلاد ومحاب الأهل والأولاد واتخذوهم أعدى الأعادى
وصار حبه طبعا وعادة عندهم حتى في المباحات وشهوات النفس كما قال أنس رأيت
النبى صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من نواحى القصعة فلم أزل أحب الدباء
من يومئذ ونقيضه في الكراهة قول أبى أيوب وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم
عن الثوم احرام هو قال لا ولكنى أكرهه لأجل ريحه قال فأنا أكره ما كرهت
ومثل هذا عن الحسن بن علىّ وأصحابه أتوا سلمى مولاة رسول الله صلى الله
عليه وسلم وسألوها ان تصنع لهم طعاما مما كان يعجب رسول الله صلى الله عليه
وسلم. وكان ابن عمر يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة اذ رأى النبي صلى
الله عليه وسلم يفعل ذلك. |