دلائل
النبوة لإسماعيل لأصبهاني فَصْلٌ فِي سُجُودِ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ
لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
19 - أخبرنَا أَبُو عَمْرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله أَنَا وَالِدِي
أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد ابْن زِيَادٍ ومُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
قَالَا ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ثَنَا قُرَادُ أَبُو
نَوحٍ ثَنَا يُونُس ابْن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
مُوسَى عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مَعَ أَبِي طَالِبٍ
إِلَى الشَّامِ فِي تِجَارَةٍ فَلَقِيَهُ رَاهِبٌ وَفِي رِوَايَةٍ فَخَرَجَ
مَعَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بأشياح قُرَيْشٍ
فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ هَبَطُوا فَحَلُّوا رَوَاحِلَهُمْ
فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ
هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ هَذَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخُ قُرَيْشٍ مَا عِلْمُكَ قَالَ
إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلَا
حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا وَلَا يَسْجُدُونَ إِلَّا لِنَبِيٍّ وَإِنِّي
أَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّة أَسْفَل من غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلِ
التُّفَّاحَةِ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ وَكَانَ
هُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي رَعْيَةِ الْإِبِلِ فَقَالَ أَرْسِلُوا
إِلَيْهِ فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ فَلَمَّا دَنَا مِنَ
الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوهُ إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا
جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى فَيْءِ
هَذِهِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ قَالَ فَبَيْنَا هُوَ قَائِمٌ
عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَنَاشِدُهُمْ أَنْ لَا يَذْهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومَ
إِذَا رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَقَتَلُوهُ فَالْتَفَتَ فَإِذَا
هُوَ بِسَبْعَةِ نَفَرٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ
فَقَالَ مَا جَاءَكُمْ قَالُوا جِئْنَا لِهَذَا النَّبِيِّ بَلَغَنَا
أَنَّهُ خَارج فِي هَذِه الطَّرِيقِ وَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلَّا وَقَدْ
بُعِثَ إِلَيْهِ نَاسٌ وَإِنَّا أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ فَمَضَيْنَا إِلَى
طَرِيقِكَ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ خَلَّفْتُمْ خَلْفَكُمْ أَحَدًا هُوَ خَيْرٌ
مِنْكُمْ قَالُوا لَا إِنَّمَا أُخْبِرْنَا خَبَرُهُ أَوْ قَالَ اخْتَرْنَا
خِيْرَةً فَمَضَيْنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا قَالَ أَفَرَأَيْتُم أَمر
أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْضِيَهُ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ
مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ قَالُوا لَا قَالَ فَتَابِعُوهُ وَأَقَامُوا قَالَ
فَأَتَاهُمْ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ فَقَالَ أَبُو
طَالِبٍ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ
وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلَالًا وَزَوَّدَهُ الراهب من الكعك
وَالزَّيْت
20 - وَأخْبرنَا أَبُو عُمَرَ أَنَا وَالِدِي أَنَا عُمَرُ بْنُ الرَّبِيعِ
بْنِ سُلَيْمَانَ ثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ثَنَا عبد الغني بْنُ سَعِيدٍ
الثَقَفِيُّ ثَنَا مُوسَى بن عبد الرحمن الصَنْعَانِيُّ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ح وَعَنْ
مُقَاتِلٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
(1/45)
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ
الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُمْ يُرِيدُونَ الشَّامَ فِي
تِجَارَةٍ حَتَّى إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا فِيهِ سِدْرَةٌ قَعَدَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ظِلِّهَا وَمَضَى أَبُو
بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَاهِبٍ يُقَالُ لَهُ بَحِيرَا
يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي فِي ظِلِّ
السِّدْرَةِ فَقَالَ لَهُ ذَلِك مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب
فَقَالَ هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ مَا اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا بَعْدَ عِيسَى
بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا مُحَمَّدٌ وَوَقَعَ فِي قَلْبِ
أَبِي بَكْرٍ الْيَقِين والتصديق فَلَمَّا نبىء النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَصْلٌ
21 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بن أَحْمد السَّمرقَنْدِي انا
عبد الصمد الْعَاصِمِيُّ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْبَجِيرِيُّ ثَنَا
أَبُو حَفْصٍ الْبَجِيرِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا
عبد الواحد بْنُ أَيْمَنَ قَالَ سَمِعْتُ أُبَيَّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ
فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا قَالَ إِنْ شِئْتُمْ فَجْعَلُوا لَهُ
مِنْبَرًا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ذَهَبَ إِلَى الْمِنْبَرِ
فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَبِيِّ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهَا إِلَيْهِ فَكَانَتْ تَئِنُّ أَنِينَ
الصَبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ قَالَ كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا تَسْمَعُ
مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا
22 - وَحدثنَا أَبُو حَفْصٍ الْبَجِيرِيُّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ
ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عمر وَيحيى ابْن كَثِيرٍ قَالَا ثَنَا مُعَاذُ بْنُ
الْعَلَاءِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى
جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ
فَالْتَزَمَهُ
23 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ المخلص
ثَنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ
ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ثَنَا الْحَسَنُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جنب خَشَبَة مُسْند ظَهْرَهُ
إِلَيْهَا فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ ابْنُوا لِي مِنْبَرًا قَالَ
فَبَنَوْا لَهُ مِنْبَرًا لَهُ عَتَبَتَانِ فَلم قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ
يَخْطُبُ حَنَّتِ الْخَشَبَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَسٌ وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ فَسَمِعْتُ
الْخَشَبَةَ تَحِنُّ حَنِينَ الْوَالِهِ فَمَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى
نَزَلَ إِلَيْهَا فَاحْتَضَنَهَا فَسكت فَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا حَدَّثَ
بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى ثُمَّ
(1/46)
قَالَ يَا عِبَادَ اللَّهِ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَنْتُمْ
أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
قَالَ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ عَتَبَتَانِ أَيْ دَرَجَتَانِ
وَالْوَالِهِ الذَاهِبُ الْعَقْلِ لِشِدَّةٍ تُصِيبُهُ أَوْ مُصِيبَةٍ
تَنَالُهُ وَاحْتَضَنَهَا أَيْ ضَمَّهَا إِلَى حُضْنِهِ وَالْحُضْنُ مَا
دُونَ الْإِبِطِ |