دلائل
النبوة لإسماعيل لأصبهاني فَصْلٌ فِي قِصَّةِ عُتْبَةَ وَعُتَيْبَةَ
ابْنَيْ أَبِي لَهَبٍ
53 - قَالَ الْوَاقِدِيُّ كَانَتْ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عِنْدَ
عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ وَأُمُّ كُلْثُومٍ عِنْدَ عُتَيْبَةَ بْنِ
أَبِي لَهَبٍ زَوَّجَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِيَّاهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فطلقاهما جَمِيعًا وَكَانَ
سَبَب طلاقيهما أَنَّ قُرَيشًا قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَدْ كَفَيْتُمْ
مُحَمَّدًا أَمْرَ بَنَاتِهِ فَتَفَرَّغَ لِمَا تَرَوْنَ فَتَعَالَوْا
نَمْشِي إِلَى أَصْهَارِهِ حَتَّى يُطَلِّقُوا بَنَاتِهِ فَمَشُوا
إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ مَا يَسُرُّنِي بِهَا
امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ أَحْمَدُ صِهْرَ أَبِي الْعَاصِ وَأَمَّا عُتْبَةُ
فَقَالَ أُطَلِّقُهَا عَلَى أَنْ تزوجوني ابْنَةَ أَبَانِ بْنِ سَعِيدٍ
وَإِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ فَزَوَّجُوهَا
إِيَّاهُ وَأَمَّا عُتَيْبَةُ فَإِنَّهُ طَلَّقَهَا وَأَتَى رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُرِيدُ الْخُرُوجَ
إِلَى الشَّامِ فَقَالَ اللَّهُمَّ سَلِّطَ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ
كِلَابِكَ فَنَزَلُوا حَوْرَانَ فَطَرَقَهُمُ الْأَسَدُ فَتَخَطَّى إِلَى
عُتَيْبَةَ مِنْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَقَتَلَهُ وَإِنَّ أُمَّهُمَا أَمَّ
جميلَة بنت حَرْب ابْن أُمَيَّةَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ قَالَتْ هِيَ وَأَبُو لَهَبٍ لَعُتْبَةَ
وَعُتَيْبَةَ وَجْهُنَا مِنْ وَجْهِكُمَا حَرَامٌ إِن لم تطلقاهما فطلقاهما
فَتَزَوَّجْهُمَا جَمِيعًا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
تَزَوَّجَ رُقَيَّةَ فَمَاتَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا أُمَّ
كُلْثُومٍ قَالَ أَهْلُ التَارِيخِ كَانَ سَبَبُ تَزَوُّجِ عُثْمَانَ
رُقَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ غَضِبَ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِعْلِ أَبِي لَهَبٍ فَخَطَبَ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجَهَا
إِيَّاهُ فَجَزَعَتْ لِذَلِكَ قُرَيْشٌ جَزَعًا شَدِيدًا فَولدت لَهُ عبد
الله ابْن عُثْمَانَ فَاكْتَنَى بِهِ عُثْمَانُ فَكَانَتْ لَهُ كنيتان
أَبُو عبد الله وَأَبُو عَمْرٍو وَمَاتَتْ رُقَيَّةُ فِي السَّنَةِ
الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتَزَوَّجَ عُثْمَانُ أُمَّ كُلْثُومٍ
سَنَةَ ثَلَاثَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ
(1/70)
وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ قُرَيْشًا مَشَوْا إِلَى
عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ وَقَالُوا لَهُ طَلِّقْ بِنْتَ مُحَمَّدٍ
وَنَحْنُ نُنْكِحُكَ أَيَّ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ شِئْتَ فَقَالَ إِنْ
زَوَّجْتُمُونِي بِنْتَ أَبَانِ بن سعيد ابْن الْعَاصِ طَلَّقْتُهَا
فَفَارَقَ رُقَيَّةَ وَلَمْ يَكُنْ عَدُوُّ اللَّهِ دَخَلَ بِهَا
وَأَخْرَجَهَا اللَّهُ مَزِيدَةَ كَرَامَةٍ لَهَا وَهَوَانًا لَهُ وَخَلَفَ
عَلَيْهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ |