سيرة ابن هشام ت السقا

حَدِيثُ نَقْضِ الصَّحِيفَةِ

(بَلَاءُ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فِي مَنْزِلِهِمْ الَّذِي تَعَاقَدَتْ فِيهِ قُرَيْشٌ عَلَيْهِمْ فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي كَتَبُوهَا، ثُمَّ إنَّهُ قَامَ فِي نَقْضِ تِلْكَ الصَّحِيفَةِ الَّتِي تَكَاتَبَتْ فِيهَا قُرَيْشٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِيَّ الْمُطَّلِبِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يُبْلَ فِيهَا أَحَدٌ أَحْسَنَ مِنْ بَلَاءِ هِشَامِ [4] بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ [5] بْنِ نَصْرِ بْنِ (جَذِيمَةَ) [6] ابْن مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ أَخِي نَضْلَةَ بْنِ هَاشِمِ ابْن عَبْدِ مَنَافٍ لِأُمِّهِ، فَكَانَ هِشَامٌ لِبَنِي هَاشِمٍ [7] وَاصَلًا، وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِي قَوْمِهِ،
__________
[1] فِي الْأُصُول: «قَالَ» . ويلاحظ أَن رَاوِي الْخَبَر هُوَ عَائِشَة.
[2] فِي أ: «وَالْعَاص بن وَائِل» . وَلَا يَسْتَقِيم بهَا الْكَلَام.
[3] هَذِه الْكَلِمَة سَاقِطَة فِي أ.
[4] كَذَا فِي أ، ط، والاستيعاب. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «هَاشم» وَهُوَ تَحْرِيف.
[5] كَذَا فِي أ، ط، والاستيعاب. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «خبيب» بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.
[6] زِيَادَة عَن أ.
[7] كَذَا فِي أ، وَفِي سَائِر الْأُصُول: «وَكَانَ هَاشم لبني هِشَام» وَهُوَ تَحْرِيف.

(1/374)


فَكَانَ- فِيمَا بَلَغَنِي- يَأْتِي بِالْبَعِيرِ، وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فِي الشِّعْبِ لَيْلًا، قَدْ أَوْقَرَهُ طَعَامًا، حَتَّى إذَا أَقْبَلَ بِهِ فَمَ الشِّعْبِ خَلَعَ خِطَامَهُ مِنْ رَأْسِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى جَنْبِهِ، فَيَدْخُلُ الشِّعْبَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَأْتِي بِهِ قَدْ أَوْقَرَهُ بَزًّا [1] ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ.

(سَعْيُ هِشَامٍ فِي ضَمِّ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لَهُ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّهُ مَشَى إلَى زُهَيْرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَاتِكَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: يَا زُهَيْرُ، أَقَدْ رَضِيتَ أَنْ تَأْكُلَ الطَّعَامَ، وَتَلْبَسَ الثِّيَابَ، وَتَنْكِحَ النِّسَاءَ، وَأَخْوَالُكَ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ، لَا يُبَاعُونَ وَلَا يُبْتَاعُ مِنْهُمْ، وَلَا يَنْكِحُونَ وَلَا يُنْكَحُ إلَيْهِمْ؟ أَمَا إنِّي أَحْلِفُ باللَّه أَنْ لَوْ كَانُوا أَخْوَالَ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ، ثُمَّ دَعَوْتَهُ إلَى (مِثْلِ) [2] مَا دَعَاكَ إلَيْهِ مِنْهُمْ، مَا أَجَابَكَ إلَيْهِ [3] أَبَدًا، قَالَ: وَيْحَكَ يَا هِشَامُ! فَمَاذَا أَصْنَعُ؟ إنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ مَعِي رَجُلٌ آخَرُ لَقُمْتُ فِي نَقْضِهَا حَتَّى أَنْقُضَهَا، قَالَ: قَدْ وَجَدْتَ رَجُلًا قَالَ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ لَهُ زُهَيْرٌ: أَبْغِنَا رَجُلًا ثَالِثًا

(سَعْيُ هِشَامٍ فِي ضَمِّ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ لَهُ) :
فَذَهَبَ إلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ (بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ) [2] ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُطْعِمُ أَقَدْ رَضِيتَ أَنْ يَهْلِكَ بَطْنَانِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَأَنْتَ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ، مُوَافِقٌ لِقُرَيْشِ فِيهِ! أَمَا وَاَللَّهِ لَئِنْ أَمْكَنْتُمُوهُمْ مِنْ هَذِهِ لَتَجِدُنَّهُمْ [4] إلَيْهَا مِنْكُمْ سِرَاعًا، قَالَ [5] وَيْحَكَ! فَمَاذَا أَصْنَعُ؟ إنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، قَالَ: قَدْ وَجَدْتَ ثَانِيًا، قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: أَبْغِنَا ثَالِثًا، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ:
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: أَبْغِنَا رَابِعًا.

(سَعْيُ هِشَامٍ فِي ضَمِّ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ إلَيْهِ) :
فَذَهَبَ إلَى الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَام، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ،
__________
[1] كَذَا فِي أ، وَفِي سَائِر الْأُصُول برا قَالَ السهيليّ: «بزا» (بالزاي الْمُعْجَمَة) ، وَفِي غير نُسْخَة الشَّيْخ أَبى بَحر: «برا» ، وَفِي رِوَايَة يُونُس: «بزا أَو برا» على الشَّك من الراويّ» .
[2] زِيَادَة عَن أ.
[3] كَذَا فِي أ، ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «إِلَيْك» .
[4] كَذَا فِي أ، ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «لتجدنها» .
[5] كَذَا فِي أ، وَفِي سَائِر الْأُصُول: «وَقَالَ» وَهُوَ تَحْرِيف.

(1/375)


فَقَالَ: وَهَلْ مِنْ أَحَدٍ يُعِينُ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: زُهَيْرُ ابْن أَبِي أُمَيَّةَ، وَالْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَأَنَا مَعَكَ، قَالَ: أَبْغِنَا خَامِسًا.

(سَعْيُ هِشَامٍ فِي ضَمِّ زَمْعَةَ لَهُ) :
فَذَهَبَ إلَى زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، فَكَلَّمَهُ، وَذكر لَهُ قَرَابَتَهُمْ وَحَقَّهُمْ، فَقَالَ لَهُ: وَهَلْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي تَدْعُونِي إلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ:
نَعَمْ، ثُمَّ سَمَّى لَهُ الْقَوْمَ.

(مَا حَدَثَ بَيْنَ هِشَامٍ وَزُمَلَائِهِ، وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ، حِينَ اعْتَزَمُوا تَمْزِيقَ الصَّحِيفَةِ) :
فَاتَّعَدُوا خَطْمَ الْحَجُونِ [1] لَيْلًا بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَاجْتَمَعُوا هُنَالِكَ. فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَتَعَاقَدُوا [2] عَلَى الْقِيَامِ فِي [3] الصَّحِيفَةِ حَتَّى يَنْقُضُوهَا، وَقَالَ زُهَيْرٌ: أَنَا أَبْدَؤُكُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَتَكَلَّمُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا إلَى أَنْدِيَتِهِمْ، وَغَدَا زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، أَنَأْكُلُ الطَّعَامَ وَنَلْبَسُ الثِّيَابَ، وَبَنُو هَاشِمٍ هَلْكَى لَا يُبَاعُ وَلَا يُبْتَاعُ مِنْهُمْ، وَاَللَّهِ لَا أَقْعُدُ حَتَّى تُشَقَّ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ الْقَاطِعَةُ الظَّالِمَةُ.
قَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَكَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ: كَذَبْتَ وَاَللَّهِ لَا تُشَقُّ، قَالَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ: أَنْتَ وَاَللَّهِ أَكْذَبُ، مَا رَضِينَا كِتَابَهَا حَيْثُ كُتِبَتْ، قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ:
صَدَقَ زَمْعَةُ، لَا نَرْضَى مَا كُتِبَ فِيهَا، وَلَا نُقِرُّ بِهِ، قَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ:
صَدَقْتُمَا وَكَذَبَ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ مِنْهَا، وَمِمَّا كُتِبَ فِيهَا، قَالَ هِشَامُ ابْن عَمْرٍو نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلِ، تُشُووِرَ فِيهِ بِغَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ. (قَالَ) [4] : وَأَبُو طَالِبٍ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ الْمُطْعِمُ إلَى الصَّحِيفَةِ لِيَشُقَّهَا، فَوَجَدَ الْأَرَضَةَ قَدْ أَكَلَتْهَا، إلَّا «بِاسْمِكَ اللَّهمّ» .
__________
[1] الْحجُون: مَوضِع بِأَعْلَى مَكَّة. وخطمه: مقدمه.
[2] فِي أ: «وتعاهدوا» .
[3] فِي أ: «فِي أَمر الصَّحِيفَة» .
[4] زِيَادَة عَن أ.

(1/376)


(كَاتِبُ الصَّحِيفَةِ وَشَلُّ يَدِهِ) :
وَكَانَ كَاتِبَ الصَّحِيفَةِ مَنْصُورُ [1] بْنُ عِكْرِمَةَ. فَشُلَّتْ يَدُهُ فِيمَا يَزْعُمُونَ.

(إخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِ الْأَرَضَةِ لِلصَّحِيفَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ الْقَوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ)
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي طَالِبٍ: يَا عَمِّ، إنَّ رَبِّي اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ الْأَرَضَةَ عَلَى صَحِيفَةِ قُرَيْشٍ، فَلَمْ تَدَعْ فِيهَا اسْمًا هُوَ للَّه إلَّا أَثْبَتَتْهُ فِيهَا، وَنَفَتْ مِنْهُ الظُّلْمَ وَالْقَطِيعَةَ وَالْبُهْتَانَ، فَقَالَ:
أَرَبُّكَ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فو الله مَا يَدْخُلُ عَلَيْكَ أَحَدٌ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنَّ ابْنَ أَخِي أَخْبَرَنِي بِكَذَا وَكَذَا، فَهَلُمَّ صَحِيفَتُكُمْ، فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ابْنُ أَخِي، فَانْتَهُوا عَنْ قَطِيعَتِنَا، وَانْزِلُوا عَمَّا فِيهَا، وَإِنْ يَكُنْ كَاذِبًا دَفَعْتُ إلَيْكُمْ ابْنَ أَخِي، فَقَالَ الْقَوْمُ: رَضِينَا، فَتَعَاقَدُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ نَظَرُوا، فَإِذَا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَزَادَهُمْ ذَلِكَ شَرًّا. فَعِنْدَ ذَلِكَ صَنَعَ الرَّهْطُ مِنْ قُرَيْشٍ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ مَا صَنَعُوا [2] .

(شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مَدْحِ النَّفَرِ الَّذِينَ نَقَضُوا الصَّحِيفَةَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا مُزِّقَتْ الصَّحِيفَةُ وَبَطَلَ مَا فِيهَا. قَالَ أَبُو طَالِبٍ، فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ أُولَئِكَ النَّفَرِ الَّذِينَ قَامُوا فِي نَقْضِهَا يَمْدَحُهُمْ:
__________
[1] قَالَ السهيليّ: «وللنساب من قُرَيْش فِي كَاتب الصَّحِيفَة قَولَانِ: أَحدهمَا أَن كَاتب الصَّحِيفَة هُوَ بغيض بن عَامر بن هَاشم بن عبد الدَّار، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه مَنْصُور بن عبد شُرَحْبِيل بن هَاشم من بنى عبد الدَّار أَيْضا وَهُوَ خلاف قَول ابْن إِسْحَاق، وَلم يذكر الزبير فِي كَاتب الصَّحِيفَة غير هذَيْن الْقَوْلَيْنِ، والزبيريون أعلم بأنساب قَومهمْ» .
[2] يحْكى أَن الْمُؤمنِينَ جهدوا من ضيق الْحصار، حَتَّى إِنَّهُم كَانُوا يَأْكُلُون الْخبط، وورق السمر، حَتَّى إِن أحدهم ليضع كَمَا تضع الشَّاة. وَكَانَ فيهم سعد بن أَبى وَقاص، روى أَنه قَالَ: لقد جعت حَتَّى إِنِّي وطِئت ذَات لَيْلَة على شَيْء رطب، فَوَضَعته فِي فمي وبلعته، وَمَا أدرى مَا هُوَ إِلَى الْآن. وَكَانُوا إِذا قدمت العير مَكَّة، وأتى أحدهم السُّوق ليشترى شَيْئا من الطَّعَام لِعِيَالِهِ، يقوم أَبُو لَهب عَدو الله فَيَقُول: يَا معشر التُّجَّار، غالوا على أَصْحَاب مُحَمَّد حَتَّى لَا يدركوا مَعكُمْ شَيْئا، فقد علمْتُم مَالِي ووفاء ذِمَّتِي، فَأَنا ضَامِن أَن لَا خسار عَلَيْكُم. فيزيدون عَلَيْهِم فِي السّلْعَة قيمتهَا أضعافا، حَتَّى يرجع إِلَى أطفاله، وهم يتضاغون من الْجُوع، وَلَيْسَ فِي يَدَيْهِ شَيْء يُطعمهُمْ بِهِ، وَيَغْدُو التُّجَّار على أَبى لَهب فيربحهم فِيمَا اشْتَروا من الطَّعَام واللباس، حَتَّى جهد الْمُسلمُونَ، وَمن مَعَهم جوعا وعريا» .

(1/377)


أَلَا هَلْ أَتَى بَحْرِيَّنَا صُنْعُ رَبِّنَا ... عَلَى نَأْيِهِمْ وَاَللَّهُ بِالنَّاسِ أَرْوَدُ [1]
فَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ الصَّحِيفَةَ مُزِّقَتْ ... وَأَنْ كُلُّ مَا لَمْ يَرْضَهُ اللَّهُ مُفْسَدُ
تُرَاوِحُهَا إفْكٌ وَسِحْرٌ مُجَمَّعٌ ... وَلَمْ يُلْفَ سِحْرٌ آخِرَ الدَّهْرِ يَصْعَدُ
تَدَاعَى لَهَا مَنْ لَيْسَ فِيهَا بِقَرْقَرٍ [2] ... فَطَائِرُهَا فِي رَأْسِهَا يَتَرَدَّدُ [3]
وَكَانَتْ كِفَاءً رَقْعَةٌ بِأَثِيمَةٍ ... لِيُقْطَعَ مِنْهَا سَاعِدٌ وَمُقَلَّدُ [4]
وَيَظْعَنُ أَهْلُ الْمَكَّتَيْنِ فَيَهْرُبُوا ... فَرَائِصُهُمْ مِنْ خَشْيَةِ الشَّرِّ تُرْعَدُ [5]
وَيُتْرَكُ حَرَّاثٌ يُقَلِّبُ أَمْرَهُ ... أَيُتْهِمُ فِيهِمْ [6] عِنْدَ ذَاكَ وَيُنْجِدُ [7]
وَتَصْعَدُ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ كَتِيبَةٌ [8] ... لَهَا حُدُجٌ [9] سَهْمٌ وَقَوْسٌ وَمِرْهَدُ [10]
فَمَنْ يَنْشَ [11] مِنْ حُضَّارِ مَكَّةَ عِزُّهُ ... فَعِزَّتُنَا فِي بَطْنِ مَكَّةَ أَتْلَدُ
نَشَأْنَا بِهَا وَالنَّاسُ فِيهَا قَلَائِلُ ... فَلَمْ نَنْفَكِكْ نَزْدَادُ خَيْرًا وَنَحْمَدُ [12]
__________
[1] البحري (هُنَا) : من كَانَ هَاجر من الْمُسلمين إِلَى الْحَبَشَة فِي الْبَحْر. وأرود: أرْفق.
[2] القرقر: اللين السهل. يُرِيد: من لَيْسَ فِيهَا بذليل. وَيجوز أَنه يُرِيد بِهِ: لَيْسَ بِذِي هزل، لِأَن القرقرة: الضحك.
[3] يُرِيد حظها من الشؤم وَالشَّر. وَفِي التَّنْزِيل: أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ 17: 13.
[4] الْمُقَلّد: الْعُنُق.
[5] الفرائص: جمع فريصة، وَهِي بضعَة فِي الْجنب ترْعد إِذا فزع الْإِنْسَان.
[6] كَذَا فِي أ، ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «فِيهَا» .
[7] الحراث: المكتسب. وأتهم: أَتَى تهَامَة، وَهِي مَا انخفض عَن أَرض الْحجاز إِلَى الْبَحْر. وأنجد:
أَتَى نجدا، وَهِي مَا ارْتَفع عَن أَرض الْحجاز إِلَى الشرق.
[8] الأخشبان: جبلان بِمَكَّة. والكتيبة: الْجَيْش.
[9] حدج (بِضَمَّتَيْنِ) : جمع حدج (بِالْكَسْرِ) ، وَهُوَ الْحمل (بِالْكَسْرِ) : أَي أَن يقوم مقَام الْحمل سهم وقوس ومرهد. وَقيل: هُوَ من الحدج بِمَعْنى الحسك، فَجعل السهْم وَغَيره كالحسك.
[10] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. وَفِي أ، ط: «مزهد» . قَالَ السهيليّ: « ... ومرهد هَكَذَا فِي الأَصْل بالراء وَكسر الْمِيم، فَيحْتَمل أَن يكون من: رهد الثَّوْب: إِذا مزقه، ويعنى بِهِ رمحا أَو سَيْفا، وَيحْتَمل أَن يكون من الرهيد، وَهُوَ الناعم، أَي ينعم صَاحبه بالظفر، أَو ينعم هُوَ بِالريِّ من الدَّم. وَفِي بعض النّسخ (مزهد) بِفَتْح الْمِيم، والزاى، فَإِن صحت الرِّوَايَة بِهِ، فَمَعْنَاه: مزهد فِي الْحَيَاة وحرص على الْمَمَات» .
وَقَالَ أَبُو ذَر: «ومرهد: رمح لين. وَمن رَوَاهُ: فرهد، فَمَعْنَاه: الرمْح الّذي إِذا طعن بِهِ وسع الْخرق.
وَمن رَوَاهُ: مزهد، بالزاء، فَهُوَ ضَعِيف لَا معنى لَهُ، إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ الشدَّة على معنى الِاشْتِقَاق» .
[11] كَذَا فِي أ، ط. أَرَادَ: ينشأ، فَحذف الْهمزَة. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ينسى» . بِالسِّين الْمُهْملَة.
[12] كَذَا فِي ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «فَلم تنفكك تزداد خيرا وتحمد» .

(1/378)


وَنُطْعِمُ حَتَّى يَتْرُكَ النَّاسُ فَضْلَهُمْ ... إذَا جُعِلَتْ أَيْدِي الْمُفِيضِينَ تُرْعَدُ [1]
جَزَى اللَّهُ رَهْطًا بِالْحَجُونِ تَبَايَعُوا [2] ... عَلَى مَلَأٍ يُهْدِي لِحَزْمٍ وَيُرْشِدُ
قُعُودًا لَدَى خَطْمِ الْحَجُونِ كَأَنَّهُمْ ... مَقَاوِلَةٌ بَلْ هُمْ أَعَزُّ وَأَمْجَدُ [3]
أَعَانَ عَلَيْهَا كُلُّ صَقْرٍ كَأَنَّهُ ... إذَا مَا مَشَى فِي رَفْرَفِ الدِّرْعِ أَحْرَدُ [4]
جَرِيٌّ عَلَى جُلَّى [5] الْخُطُوبِ كَأَنَّهُ ... شِهَابٌ بِكَفَّيْ قَابِسٍ يَتَوَقَّدُ
مِنْ الْأَكْرَمِينَ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... إذَا سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ يَتَرَبَّدُ [6]
طَوِيلُ النِّجَادِ خَارِجٌ نِصْفُ سَاقِهِ ... عَلَى وَجْهِهِ يُسْقَى الْغَمَامُ وَيُسْعِدُ
عَظِيمُ الرَّمَادِ سَيِّدٌ وَابْنُ سَيِّدٍ ... يَحُضُّ عَلَى مَقْرَى الضُّيُوفِ وَيَحْشِدُ [7]
وَيَبْنِي لِأَبْنَاءِ الْعَشِيرَةِ صَالِحًا ... إذَا نَحْنُ طُفْنَا فِي الْبِلَادِ وَيَمْهَدُ
أَلَظَّ [8] بِهَذَا الصُّلْحِ كُلُّ مُبَرَّأٍ ... عَظِيمِ اللِّوَاءِ أَمْرُهُ ثَمَّ يُحْمَدُ
قَضَوْا مَا قَضَوْا فِي لَيْلِهِمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا ... عَلَى مَهَلٍ وَسَائِرُ النَّاسِ رُقَّدُ
هُمٌ رَجَعُوا سَهْلَ بْنَ بَيْضَاءَ [9] رَاضِيًا ... وَسُرَّ أَبُو بَكْرٍ بِهَا وَمُحَمَّدُ
مَتَى شُرِّكَ الْأَقْوَامُ فِي جُلِّ أَمْرِنَا ... وَكُنَّا قَدِيمًا قَبْلَهَا نُتَوَدَّدُ
وَكُنَّا قَدِيمًا لَا نُقِرُّ ظُلَامَةً ... وَنُدْرِكُ مَا شِئْنَا وَلَا نتشدّد
__________
[1] المفيضون: الضاربون بقداح الميسر. وَكَانَ لَا يفِيض مَعَهم فِي الميسر إِلَّا سخى، ويسمون من لَا يدْخل مَعَهم فِي ذَلِك: الْبرم. وَقَالَت امْرَأَة لبعلها، وَكَانَ برما بَخِيلًا، ورأته يقرن بضعتين فِي الْأكل:
أبرما قرونا!
[2] كَذَا فِي ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «تتابعوا» .
[3] المقاولة: الْمُلُوك.
[4] كَذَا فِي ط. ورفرف الدرْع: مَا فضل مِنْهُ. وأحرد: بطيء الْمَشْي لثقل الدرْع الّذي عَلَيْهِ.
وَفِي سَائِر الْأُصُول: « ... أجرد» (بِالْجِيم) وَهُوَ تَصْحِيف.
[5] كَذَا فِي ط، والجلي: الْأَمر الْعَظِيم. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «جلّ» . وَجل الخطوب:
معظمها» .
[6] سيم: كلف. والخسف: الذل. ويتربد: يتَغَيَّر إِلَى السوَاد.
[7] مقرى الضيوف: طعامهم. والقرى: مَا يصنع للضيف من الطَّعَام.
[8] ألظ: لزم وألح.
[9] سهل هَذَا هُوَ ابْن وهب بن ربيعَة بن هِلَال بن ضبة بن الْحَارِث بن فهر، فَهُوَ يعرف بِابْن الْبَيْضَاء، وَهِي أمه، وَاسْمهَا دعد بنت جحدم بن أُميَّة بن ضرب بن الْحَارِث بن فهر، ولسهل أَخَوان: سُهَيْل، وَصَفوَان، وهم جَمِيعًا بَنو الْبَيْضَاء.

(1/379)


فيا لقصىّ هَلْ لَكُمْ فِي نُفُوسِكُمْ ... وَهَلْ لَكُمْ فِيمَا يَجِيءُ بَهْ غَدُ
فَإِنِّي وَإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ قَائِلٌ ... لَدَيْكَ الْبَيَانُ لَوْ تَكَلَّمْتَ أَسْوَدُ [1]

(شِعْرُ حَسَّانَ فِي رِثَاءِ الْمُطْعِمِ، وَذِكْرُ نَقْضِهِ الصَّحِيفَةَ) :
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: يَبْكِي الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ حِينَ مَاتَ، وَيَذْكُرُ قِيَامَهُ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ:
أَيَا عَيْنُ [2] فَابْكِي سَيِّدَ الْقَوْمِ [3] وَاسْفَحِي [4] ... بِدَمْعٍ وَإِنْ أَنْزَفْتِهِ فَاسْكُبِي الدَّمَا [5]
وَبَكِّي عَظِيمَ الْمَشْعَرَيْنِ كِلَيْهِمَا ... عَلَى النَّاسِ مَعْرُوفًا لَهُ مَا تَكَلَّمَا
فَلَوْ كَانَ مَجْدٌ يُخْلَدُ الدَّهْرَ وَاحِدًا ... مِنْ النَّاسِ، أَبْقَى مَجْدُهُ الْيَوْمَ مُطْعِمَا [6]
أَجَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا ... عَبِيدَكَ مَا لَبَّى مُهِلٌّ وَأَحْرَمَا
فَلَوْ سُئِلَتْ عَنْهُ مَعَدٌّ بِأَسْرِهَا ... وَقَحْطَانُ أَوْ بَاقِي بَقِيَّةِ جُرْهُمَا
لَقَالُوا هُوَ الْمُوفِي بِخُفْرَةِ [7] جَارِهِ ... وَذِمَّتِهِ يَوْمًا إذَا مَا تَذَمَّمَا [8]
فَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ الْمُنِيرَةُ فَوْقَهُمْ ... عَلَى مِثْلِهِ فِيهِمْ أَعَزَّ وَأَعْظَمَا
وَآبَى إذَا يَأْبَى وَأَلْيَنَ [9] شِيمَةً ... وَأَنْوَمَ عَنْ جَارٍ إذَا اللَّيْلُ أَظْلَمَا
__________
[1] أسود: اسْم جبل كَانَ قد قتل فِيهِ قَتِيل فَلم يعرف قَاتله، فَقَالَ أَوْلِيَاء الْمَقْتُول هَذِه الْمقَالة، فَذَهَبت مثلا.
[2] فِي أ، ط: «أعيني أَلا أبكى ... إِلَخ» .
[3] فِي أ: «النَّاس» .
[4] اسفحى: أسيلى.
[5] أنزفته: أنفدته.
[6] قَالَ السهيليّ فِي التَّعْلِيق على هَذَا الْبَيْت: «وَهَذَا عِنْد النَّحْوِيين من أقبح الضَّرُورَة، لِأَنَّهُ قدم الْفَاعِل وَهُوَ مُضَاف إِلَى ضمير الْمَفْعُول، فَصَارَ فِي الضَّرُورَة مثل قَوْله:
جزى ربه عَنى عدي بن حَاتِم
غير أَنه فِي هَذَا الْبَيْت أشبه قَلِيلا، لتقدم ذكر (مطعم) فَكَأَنَّهُ قَالَ: أبقى مجد هَذَا الْمَذْكُور الْمُتَقَدّم ذكره مطعما، وَوضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر كَمَا لَو قلت: إِن زيدا ضربت جَارِيَته زيدا، أَي ضربت جَارِيَته إِيَّاه. وَلَا بَأْس بِمثل هَذَا، وَلَا سِيمَا إِذا قصدت قصد التَّعْظِيم وتفخيم ذكر الممدوح، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
وَمَا لي أَن أكون أعيب يحيى ... وَيحيى طَاهِر الأثواب بر
[7] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. والخفرة: الْعَهْد. وَفِي أ: «حُفْرَة» . بِالْحَاء الْمُهْملَة.
[8] تذمم: طلب الذِّمَّة، وَهِي الْعَهْد.
[9] كَذَا فِي أ، ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «وَأعظم» .

(1/380)


قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «كِلَيْهِمَا» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

(كَيْفَ أَجَارَ الْمُطْعِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: «أَجَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ مِنْهُمْ» ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْصَرَفَ عَنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، وَلَمْ يُجِيبُوهُ إلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ، مِنْ تَصْدِيقِهِ وَنُصْرَتِهِ، صَارَ إلَى حِرَاءٍ، ثُمَّ بَعَثَ إلَى الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ لِيُجِيرَهُ، فَقَالَ:
أَنَا حَلِيفٌ، وَالْحَلِيفُ لَا يُجِيرُ. فَبَعَثَ إلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: إنَّ بَنِي عَامِرٍ لَا تُجِيرُ عَلَى بَنِي كَعْبٍ. فَبَعَثَ إلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَسَلَّحَ الْمُطْعِمُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَسْجِدَ، ثُمَّ بَعَثَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اُدْخُلْ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى عِنْدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَعْنِي حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ.

(مَدْحُ حَسَّانَ لِهِشَامِ بْنِ عَمْرٍو لِقِيَامِهِ فِي الصَّحِيفَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ (الْأَنْصَارِيُّ) [1] أَيْضًا: يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو [2] لِقِيَامِهِ فِي الصَّحِيفَةِ:
هَلْ يُوَفِّيَنَّ بَنُو أُمَيَّةَ ذِمَّةً ... عقدا كَمَا أَو فِي جِوَارُ هِشَامِ
مِنْ مَعْشَرٍ لَا يَغْدِرُونَ بِجَارِهِمْ ... لِلْحَارِثِ بْنِ حُبَيِّبِ [3] بْنِ سُخَامِ
وَإِذَا بَنُو حِسْلٍ أَجَارُوا ذِمَّةً ... أَوْفَوْا وَأَدَّوْا جَارَهُمْ بِسَلَامِ
وَكَانَ هِشَامٌ أَحَدَ [4] سُحَامِ [5] (بِالضَّمِّ) [1]
__________
[1] زِيَادَة عَن أ.
[2] وَقد أسلم هِشَام بن عَمْرو هَذَا، وَهُوَ مَعْدُود فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رجلا فِيمَا ذكرُوا
[3] هُوَ حبيب بِالتَّخْفِيفِ، تَصْغِير (حب) . وَجعله حسان تَصْغِير (حبيب) فشدده، وَلَيْسَ هَذَا من بَاب الضَّرُورَة، إِذْ لَا يسوغ أَن يُقَال فِي فَلَيْسَ: فَلَيْسَ، وَلَا فِي كُلَيْب: كُلَيْب، فِي شعر وَلَا فِي غَيره، وَلَكِن لما كَانَ الْحبّ والحبيب بِمَعْنى وَاحِد جعل أَحدهمَا مَكَان الآخر. وَهُوَ حسن فِي الشّعْر وسائغ فِي الْكَلَام. (رَاجع الرَّوْض الْأنف) .
[4] كَذَا فِي أ، ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «أَخا» .
[5] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول،: «سخام» . قَالَ السهيليّ: «وَقَوله (ابْن سخام) هُوَ اسْم أمه، وَأكْثر أهل النّسَب يَقُولُونَ فِيهِ (شخام) بشين مُعْجمَة. وألفيت فِي حَاشِيَة كتاب الشَّيْخ أَن أَبَا عُبَيْدَة النسابة وعوانة يَقُولَانِ فِيهِ (سحام) بسين وحاء مهملتين. والّذي فِي الأَصْل من قَول ابْن هِشَام (سخام)

(1/381)


قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: سُخَامٌ [1] .