سيرة ابن
هشام ت السقا خُرُوجُ زَيْنَبَ إلَى الْمَدِينَةِ
(تَأَهُّبُهَا وَإِرْسَالُ الرَّسُولِ رَجُلَيْنِ لِيَصْحَبَاهَا) :
(قَالَ) [1] : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ، أَوْ وَعَدَ [2] رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إلَيْهِ، أَوْ
كَانَ فِيمَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِي إطْلَاقِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ
مِنْهُ وَلَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيُعْلَمُ مَا هُوَ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ إلَى
مَكَّةَ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ
مَكَانَهُ، فَقَالَ: كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ [3] حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا
زَيْنَبُ، فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَانِي بِهَا. فَخَرَجَا
مَكَانَهُمَا، وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرِ أَوْ شَيْعِهِ [4] ،
فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ
بِأَبِيهَا، فَخَرَجَتْ تَجَهَّزَ.
(هِنْدُ تُحَاوِلُ تَعْرِفَ أَمْرَ زَيْنَبَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ،
قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ زَيْنَبَ
__________
[1] زِيَادَة عَن أ.
[2] فِي م، ر: «وأوعد» .
[3] يأجج: مَوضِع على ثَمَانِيَة أَمْيَال من مَكَّة.
[4] شيعه: قريب مِنْهُ.
(1/653)
أَنَّهَا قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا
أَتَجَهَّزُ بِمَكَّةَ لِلُّحُوقِ بِأَبِي لَقِيَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ
عُتْبَةَ، فَقَالَتْ:
يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ تُرِيدِينَ اللُّحُوقَ
بِأَبِيكَ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: أَيْ
ابْنَةَ عَمِّي، لَا تَفْعَلِي، إنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ بِمَتَاعِ مِمَّا
يَرْفُقُ بِكَ فِي سَفَرِكَ، أَوْ بِمَالٍ تَتَبَلَّغِينَ بِهِ إلَى
أَبِيكَ، فَإِنَّ عِنْدِي حَاجَتَكَ، فَلَا تَضْطَنِي [1] مِنِّي،
فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَ النِّسَاءِ مَا بَيْنَ الرِّجَالِ. قَالَتْ:
وَاَللَّهِ مَا أَرَاهَا قَالَتْ ذَلِكَ إلَّا لِتَفْعَلَ، قَالَتْ:
وَلَكِنِّي خِفْتُهَا، فَأَنْكَرْتُ أَنْ أَكُونَ أُرِيدُ ذَلِكَ،
وَتَجَهَّزْتُ.
(مَا أَصَابَ زَيْنَبَ مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدَ خُرُوجِهَا وَمَشُورَةُ أَبِي
سُفْيَانَ) :
فَلَمَّا فَرَغَتْ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ جَهَازِهَا قَدَّمَ لَهَا حَمُوهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ أَخُو
زَوْجِهَا بَعِيرًا، فَرَكِبَتْهُ، وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ، ثُمَّ
خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يَقُودُ بِهَا، وَهِيَ فِي هَوْدَجٍ لَهَا.
وَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا
حَتَّى أَدْرَكُوهَا بِذِي طُوًى، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ إلَيْهَا
هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ
الْعُزَّى، وَالْفِهْرِيُّ [2] ، فَرَوَّعَهَا هَبَّارٌ بِالرُّمْحِ وَهِيَ
فِي هَوْدَجِهَا، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا- فِيمَا يَزْعُمُونَ-
فَلَمَّا رِيعَتْ طَرَحَتْ ذَا بَطْنِهَا [3] ، وَبَرَكَ حَمُوهَا
كِنَانَةُ، وَنَثَرَ كِنَانَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا يَدْنُو
مِنِّي رَجُلٌ إلَّا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا، فَتَكَرْكَرَ [4] النَّاسُ
عَنْهُ. وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ فِي جُلَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ:
أَيُّهَا الرَّجُلُ، كُفَّ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ، فَكَفَّ،
فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إنَّكَ لَمْ
تُصِبْ، خَرَجْتَ بِالْمَرْأَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ عَلَانِيَةً،
وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا، وَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ
مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ إذَا خَرَجْتَ
__________
[1] لَا تضطني: لَا تستحيي. وَأَصله: الْهَمْز، يُقَال: اضطنأت الْمَرْأَة،
إِذا استحيت، فَحذف الْهمزَة تَخْفِيفًا. ويروى: «فَلَا تظطنى» (بالظاء
الْمُعْجَمَة) وَهُوَ من ظَنَنْت، بِمَعْنى اتهمت، أَي لَا تتهمينى وَلَا
تستريبى منى.
[2] فِي الْأُصُول: «الفِهري» بِدُونِ وَاو. والتصويب عَن الرَّوْض الْأنف.
قَالَ السهيليّ: «قَالَ:
وَسبق إِلَيْهَا هَبَّار بن الْأسود والفهري، وَلم يسم ابْن إِسْحَاق
الفِهري، وَقَالَ ابْن هِشَام هُوَ نَافِع بن عبد قيس وَفِي غير السِّيرَة
أَنه خَالِد بن عبد قيس. هَكَذَا ذكره الْبَزَّار فِيمَا بَلغنِي» .
وَسَيذكر ابْن هِشَام اسْمه بعد قَلِيل.
[3] وَذكر عَن غير ابْن إِسْحَاق أَن هَبَّارًا نخس بهَا الرَّاحِلَة
فَسَقَطت على صَخْرَة وَهِي حَامِل، فَهَلَك جَنِينهَا وَلم تزل تهريق
الدِّمَاء حَتَّى مَاتَت بِالْمَدِينَةِ بعد إِسْلَام بَعْلهَا أَبى
الْعَبَّاس. (رَاجع الِاسْتِيعَاب وَالرَّوْض) .
[4] تكركر النَّاس عَنهُ: رجعُوا وَانْصَرفُوا.
(1/654)
بِابْنَتِهِ إلَيْهِ عَلَانِيَةً عَلَى
رُءُوسِ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، أَنَّ ذَلِكَ عَنْ ذُلٍّ
أَصَابَنَا عَنْ مُصِيبَتِنَا الَّتِي كَانَتْ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَّا
ضَعْفٌ وَوَهْنٌ، وَلَعَمْرِي مَا لَنَا بِحَبْسِهَا عَنْ أَبِيهَا مِنْ
حَاجَةٍ، وَمَا لَنَا فِي ذَلِكَ مِنْ ثَوْرَةٍ [1] ، وَلَكِنْ ارْجِعْ
بِالْمَرْأَةِ، حَتَّى إذَا هَدَأَتْ الْأَصْوَاتُ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ
أَنْ قَدْ رَدَدْنَاهَا، فَسُلَّهَا سِرًّا، وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا،
قَالَ:
فَفَعَلَ. فَأَقَامَتْ لَيَالِيَ، حَتَّى إذَا هَدَأَتْ الْأَصْوَاتُ
خَرَجَ بِهَا لَيْلًا حَتَّى أَسْلَمَهَا إلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ
وَصَاحِبِهِ، فَقَدِمَا بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
(شِعْرٌ لِأَبِي خَيْثَمَةَ فِيمَا حَدَثَ لِزَيْنَبَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، أَوْ أَبُو
خَيْثَمَةَ، أَخُو بَنِي سَالِمِ ابْنِ عَوْفٍ، فِي الَّذِي كَانَ مِنْ
أَمْرِ زَيْنَبَ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هِيَ لِأَبِي خَيْثَمَةَ-:
أَتَانِي الَّذِي لَا يَقْدُرُ النَّاسُ قَدْرَهُ ... لِزَيْنَبَ فِيهِمْ
مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَمِ
وَإِخْرَاجُهَا لَمْ يُخْزَ فِيهَا مُحَمَّدٌ ... عَلَى مَأْقِطٍ
وَبَيْنَنَا عِطْرُ مَنْشَمِ [2]
وَأَمْسَى أَبُو سُفْيَانَ مِنْ حِلْفِ ضَمْضَمٍ ... وَمِنْ حَرْبِنَا فِي
رَغْمِ أَنْفٍ وَمَنْدَمٍ
قَرَنَّا ابْنَهُ عَمْرًا وَمَوْلَى يَمِينِهِ ... بِذِي حَلَقٍ جَلْدِ
الصَّلَاصِلِ مُحْكَمِ [3]
فَأَقْسَمْتُ لَا تَنْفَكُّ مِنَّا كَتَائِبُ ... سُرَاةُ خَمِيسٍ فِي [4]
لُهَامٍ مُسَوَّمِ [5]
__________
[1] الثؤرة: طلب الثأر.
[2] المأقط: معترك الْحَرْب. وعطر منشم: كِنَايَة عَن شدَّة الْحَرْب،
وَهُوَ مثل، وَأَصله فِيمَا زَعَمُوا، أَن منشم كَانَت امْرَأَة من
خُزَاعَة تبيع الْعطر وَالطّيب، فيشترى مِنْهَا للموتى، حَتَّى تشاءموا
بهَا لذَلِك.
وَقيل: إِن قوما تحالفوا على الْمَوْت فغمسوا أَيْديهم فِي طيب منشم
الْمَذْكُورَة تَأْكِيدًا للحلف، فَضرب طيبها مثلا فِي شدَّة الْحَرْب.
وَقيل: منشم امْرَأَة من غُدَانَة، وَهُوَ بطن من تَمِيم، ثمَّ من بنى
يَرْبُوع بن حَنْظَلَة، وَأَن هَذِه الْمَرْأَة هِيَ صَاحِبَة يسَار، الّذي
يُقَال لَهُ: يسَار الكواعب، وَأَنه كَانَ عبدا لَهَا، وَأَنه راودها عَن
نَفسهَا، فَقَالَت لَهُ: أمهلنى حَتَّى أشمك طيب الجزائر. فَلَمَّا أمكنها
من أَنفه أنحت عَلَيْهِ بِالْمُوسَى، حَتَّى أوعبته جدعا، فَقيل فِي
الْمثل: لَاقَى الّذي لَاقَى يسَار الكواعب، فَقيل: عطر منشم. (رَاجع
الْأَمْثَال وفرائد اللآل، وَالرَّوْض)
[3] بِذِي حلق، يعْنى الغل. والصلاصل: جمع صلصلة، وَهِي صَوت الْحَدِيد.
[4] فِي م، ر: «من» .
[5] الْكَتَائِب: العساكر. والسراة: السَّادة. وَالْخَمِيس: الْجَيْش:
واللهام: الْكثير. والمسوم:
الْمعلم، من السمة، وَهِي الْعَلامَة.
(1/655)
نَزُوعُ قُرَيْشَ الْكُفْرَ حَتَّى
نَعُلَّهَا [1] ... بِخَاطِمَةٍ فَوْقَ الْأُنُوفِ بِمِيسَمِ [2]
نُنَزِّلُهُمْ أَكْنَافَ نَجْدٍ وَنَخْلَةٍ ... وَإِنْ يُتْهِمُوا
بِالْخَيْلِ وَالرَّجْلِ نُتْهِمُ [3]
يَدَ الدَّهْرِ حَتَّى لَا يُعَوَّجَ سِرْبُنَا [4] ... وَنُلْحِقُهُمْ
آثَارَ عَادٍ وَجُرْهُمِ [5]
وَيَنْدَمَ قَوْمٌ لَمْ يُطِيعُوا مُحَمَّدًا ... عَلَى أَمْرِهِمْ وَأَيُّ
حِينٍ تَنَدُّمُ
فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ إمَّا لَقِيتُهُ ... لَئِنْ أَنْتَ لَمْ
تُخْلِصْ سُجُودًا وَتُسْلِمْ
فَأَبْشِرْ بِخِزْيٍ فِي الْحَيَاةِ مُعَجَّلِ ... وَسِرْبَالِ قَارٍ
خَالِدًا فِي جَهَنَّمَ [6]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى: وَسِرْبَالِ نَارٍ.
(الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ إسْحَاقَ وَابْنِ هِشَامٍ فِي مَوْلَى يَمِينِ
أَبِي سُفْيَانَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمَوْلَى يَمِينِ أَبِي سُفْيَانَ، الَّذِي
يَعْنِي: عَامِرَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ:
كَانَ فِي الْأُسَارَى، وَكَانَ حِلْفُ الْحَضْرَمِيِّ إلَى حَرْبِ بْنِ
أُمَيَّةَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مَوْلَى يَمِينِ أَبِي سُفْيَانَ، الَّذِي يَعْنِي:
عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَأَمَّا عَامِرُ
بْنُ الْحَضْرَمِيِّ فَقُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ.
(شِعْرُ هِنْدٍ وَكِنَانَةُ فِي خُرُوجِ زَيْنَبَ) :
وَلَمَّا انْصَرَفَ الَّذِينَ خَرَجُوا إلَى زَيْنَبَ لَقِيَتْهُمْ هِنْدُ
بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقَالَتْ لَهُمْ:
أَفِي السِّلْمِ أَعْيَارٌ جَفَاءً وَغِلْظَةً ... وَفِي الْحَرْبِ
أَشْبَاهُ النِّسَاءِ الْعَوَارِكِ [7]
وَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ فِي أَمْرِ زَيْنَبَ، حِينَ دَفَعَهَا
إلَى الرَّجُلَيْنِ [8] :
__________
[1] كَذَا فِي أ. ونزوع قُرَيْش الْكفْر: نسوقهم كَمَا تساق الْإِبِل.
وَفِي سَائِر الْأُصُول: «نروع»
[2] نعلها، أَي نستذلهم، ونعيد عَلَيْهِم الكرة، وبخاطمة، أَي بِمَا تخطمهم
بِهِ. يُقَال خطمه بالخطام، أَي جعله على أَنفه، يُرِيد الْقَهْر
وَالْغَلَبَة. والميسم: الحديدة الَّتِي توسم بهَا الْإِبِل.
[3] الأكناف: النواحي. ونجد: يُرِيد بِهِ مَا ارْتَفع من أَرض الْحجاز.
ونخلة: مَوضِع قريب من مَكَّة: وأتهم: إِذا أَتَى تهَامَة، وَهِي مَا انخفض
من الأَرْض.
[4] كَذَا فِي أ، ط. وَيَد الدَّهْر، أَي أَبَد الدَّهْر. وَفِي سَائِر
الْأُصُول: «بدا الدَّهْر» .. وَهُوَ تَحْرِيف.
[5] السرب (بِالْكَسْرِ) : الطَّرِيق. (وبالفتح) : المَال الّذي يرْعَى.
وَعَاد وجرهم: أمتان قديمتان.
[6] القار: الزفت.
[7] السّلم (بِفَتْح السِّين وَكسرهَا) : الصُّلْح. والأعيار جمع: عير،
وَهُوَ الْحمار. وَالنِّسَاء العوارك:
الْحيض، يُقَال: عركت الْمَرْأَة: إِذا حَاضَت.
[8] يُرِيد «بِالرجلَيْنِ» : زيد بن حَارِثَة والأنصاري الّذي كَانَ مَعَه.
(1/656)
عَجِبْتُ لِهَبَّارٍ وَأَوْبَاشِ قَوْمِهِ ... يُرِيدُونَ إخْفَارِي
بِبِنْتِ مُحَمَّدِ [1]
وَلَسْتُ أُبَالِي مَا حَيِيتُ عَدِيدَهُمْ ... وَمَا اسْتَجْمَعْتُ
قَبْضًا يَدِي بِالْمُهَنَّدِ [2]
(الرَّسُولُ يُحِلُّ دَمَ هَبَّارٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ
بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الدَّوْسِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً أَنَا
فِيهَا، فَقَالَ لَنَا: إنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارِ ابْن الْأَسْوَدِ، أَوْ
الرَّجُلِ (الْآخَرِ) [3] الَّذِي سَبَقَ مَعَهُ إلَى زَيْنَبَ- قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ:
وَقَدْ سَمَّى ابْنُ إسْحَاقَ الرَّجُلَ فِي حَدِيثِهِ (وَقَالَ: هُوَ
نَافِعُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ) [3]- فَحَرَّقُوهُمَا بِالنَّارِ. قَالَ:
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَعَثَ إلَيْنَا، فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ
أَمَرْتُكُمْ بِتَحْرِيقِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إنْ أَخَذْتُمُوهُمَا،
ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ
إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ ظَفَرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا. |