سيرة ابن هشام ت السقا

مَسِيرُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إلَى بَنِي جَذِيمَةَ [4] مِنْ كِنَانَةَ وَمَسِيرُ عَلِيٍّ لِتَلَافِي خَطَأِ خَالِدٍ

(وُصَاةُ الرَّسُولِ لَهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا حَوْلَ مَكَّةَ السَّرَايَا تَدْعُو إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِقِتَالِ، وَكَانَ مِمَّنْ بَعَثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ بِأَسْفَلِ تِهَامَةَ دَاعِيًا، وَلَمْ يَبْعَثْهُ مُقَاتِلًا، فَوَطِئَ بَنِي جَذِيمَةَ، فَأَصَابَ مِنْهُمْ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ فِي ذَلِك:
فان تِلْكَ قَدْ أَمَّرْتُ فِي الْقَوْمِ خَالِدًا ... وَقَدَّمْتُهُ فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَا
بِجُنْدِ هَدَاهُ اللَّهُ أَنْتَ أَمِيرُهُ ... نُصِيبُ بِهِ فِي الْحَقِّ مَنْ كَانَ أَظْلَمَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ فِي حَدِيثِ يَوْمِ حُنَيْنٍ، سَأَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ حِينَ
__________
[1] كَذَا فِي (أ) وَفِي م، ر: «نجيد» بالنُّون فِي أَوله. وبالنون قَيده الدَّار قطنى. (عَن أَبى ذَر) .
[2] المتراكب: الّذي يركب بعضه بَعْضًا. والهيدب: المتدانى من الأَرْض. وَفِي م، ر: «الهيدم» بِالْمِيم فِي آخِره.
[3] القواضب: القواطع.
[4] تعرف هَذِه السّريَّة بغزوة الغميط، وَهُوَ اسْم مَاء لبني جذيمة.

(2/428)


افْتَتَحَ مَكَّةَ دَاعِيًا، وَلَمْ يَبْعَثْهُ مُقَاتِلًا، وَمَعَهُ قَبَائِلُ مِنْ الْعَرَبِ: سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُدْلِجُ بْنُ مُرَّةَ، فَوَطِئُوا بَنِي جَذِيمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةِ بْنِ كِنَانَةَ، فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ أَخَذُوا السِّلَاحَ، فَقَالَ خَالِدٌ: ضَعُوا السِّلَاحَ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ، قَالَ:
لَمَّا أَمَرَنَا خَالِدٌ أَنْ نَضَعَ السِّلَاحَ قَالَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَال لَهُ جخدم: وَيْلَكُمْ يَا بَنِي جَذِيمَةَ! إنَّهُ خَالِدٌ وَاَللَّهِ! مَا بَعْدَ وَضْعِ السِّلَاحِ إلَّا الْإِسَارُ، وَمَا بَعْدَ الْإِسَارِ إلَّا ضَرْبُ الْأَعْنَاقِ وَاَللَّهِ لَا أَضَعُ سِلَاحِي أَبَدًا. قَالَ: فَأَخَذَهُ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالُوا: يَا جَحْدَمُ، أَتُرِيدُ أَنْ تَسْفِكَ دِمَاءَنَا؟ إنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا وَوَضَعُوا السِّلَاحَ [1] ، وَوُضِعَتْ الْحَرْبُ، وَأَمِنَ النَّاسُ. فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى نَزَعُوا سِلَاحَهُ، وَوَضَعَ الْقَوْمُ السِّلَاحَ لِقَوْلِ خَالِدٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: فَلَمَّا وَضَعُوا السِّلَاحَ أَمَرَ بِهِمْ خَالِدٌ عِنْدَ ذَلِكَ، فَكُتِفُوا، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ.

(غَضَبُ الرَّسُولِ مِمَّا فَعَلَ خَالِدٌ وَإِرْسَالُهُ عَلِيًّا) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُ حُدِّثَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَحْمُودِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي لَقِمْتُ لُقْمَةً مِنْ حَيْسٍ [2] فَالْتَذَذْتُ طَعْمَهَا، فَاعْتَرَضَ فِي حَلْقِي مِنْهَا شَيْءٌ حِينَ ابْتَلَعْتهَا، فَأَدْخَلَ عَلِيٌّ يَدَهُ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ سَرِيَّةٌ مِنْ سَرَايَاكَ تَبْعَثُهَا، فَيَأْتِيكَ مِنْهَا بَعْضُ مَا تُحِبُّ، وَيَكُونُ فِي بَعْضِهَا اعْتِرَاضٌ، فَتَبْعَثُ عَلِيًّا فَيُسَهِّلُهُ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ انْفَلَتَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ
__________
[1] هَذِه الْجُمْلَة: «وَوَضَعُوا السِّلَاح» سَاقِطَة فِي أ.
[2] الحيس: أَن يخلط السّمن وَالتَّمْر والأقط فيؤكل. والأقط: شَيْء يعْقد من اللَّبن ويجفف.

(2/429)


أَحَدٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَبْيَضُ رَبْعَةٌ [1] ، فَنَهَمَهُ [2] خَالِدٌ، فَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ طَوِيلٌ مُضْطَرِبٌ [3] ، فَرَاجَعَهُ، فَاشْتَدَّتْ مُرَاجَعَتُهُمَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَمَّا الْأَوَّلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَابْنِي عَبْدُ اللَّهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَسَالِمٌ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا عَلِيُّ، اُخْرُجْ إلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَانْظُرْ فِي أَمْرِهِمْ، وَاجْعَلْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيْكَ.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ حَتَّى جَاءَهُمْ وَمَعَهُ مَالٌ قَدْ بَعَثَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَدَى لَهُمْ الدِّمَاءَ وَمَا أُصِيبَ لَهُمْ مِنْ الْأَمْوَالِ، حَتَّى إنَّهُ لَيَدِي لَهُمْ مِيلَغَةَ الْكَلْبِ [4] ، حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ وَلَا مَالٍ إلَّا وَدَاهُ، بَقِيَتْ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ الْمَالِ، فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ فَرَغَ مِنْهُمْ: هَلْ بَقِيَ لَكُمْ بَقِيَّةٌ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ لَمْ يُودَ لَكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنِّي. أُعْطِيكُمْ هَذِهِ الْبَقِيَّةَ مِنْ هَذَا الْمَالِ، احْتِيَاطًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا يَعْلَمُ وَلَا تَعْلَمُونَ، فَفَعَلَ. ثُمَّ رَجَعَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ: فَقَالَ أَصَبْتُ وَأَحْسَنْتُ! قَالَ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا شَاهِرًا يَدَيْهِ، حَتَّى إنَّهُ لَيُرَى مِمَّا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ، يَقُولُ: اللَّهمّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثَلَاثَ مَرَّاتُ.

(مَعْذِرَةُ خَالِدٍ فِي قِتَالِ الْقَوْمِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ يَعْذِرُ خَالِدًا إنَّهُ قَالَ: مَا قَاتَلْتُ حَتَّى أَمَرَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تُقَاتِلَهُمْ لِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ الْإِسْلَامِ.
__________
[1] الربعة من الرِّجَال: الّذي بَين الطَّوِيل والقصير.
[2] نهمه: زَجره.
[3] مُضْطَرب: لَيْسَ مستوى الْخلق.
[4] الميلغة: شَيْء يحْفر من خشب، وَيجْعَل ليلغ فِيهِ الْكَلْب، يكون عِنْد أَصْحَاب الْغنم، وَعند أهل الْبَادِيَة.

(2/430)


قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو الْمَدَنِيُّ: لَمَّا أَتَاهُمْ خَالِدٌ، قَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا [1] .

(مَا كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَزَجْرُ الرَّسُولِ لِخَالِدِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ جَحْدَمٌ قَالَ لَهُمْ حِينَ وَضَعُوا السِّلَاحَ [2] وَرَأَى مَا يَصْنَعُ خَالِدٌ بِبَنِي جَذِيمَةَ: يَا بَنِي جَذِيمَةَ، ضَاعَ الضَّرْبُ، قَدْ كُنْتُ حَذَّرْتُكُمْ مَا وَقَعْتُمْ فِيهِ. قَدْ كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فِيمَا بَلَغَنِي، كَلَامٌ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: عَمِلْتُ بِأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ: إنَّمَا ثَأَرْتُ بِأَبِيكَ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَذَبْتُ، قَدْ قَتَلْتُ قَاتِلَ أَبِي، وَلَكِنَّكَ ثَأَرْتَ بِعَمِّكَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمَا شَرٌّ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَهْلًا يَا خَالِدُ، دَعْ عَنْك أصحابى، فو الله لَوْ كَانَ لَكَ أُحُدٌ ذَهَبًا ثُمَّ أَنْفَقْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا أَدْرَكَتْ غَدْوَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي وَلَا رَوْحَتَهُ.

(مَا كَانَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَبَنِيَّ جَذِيمَةَ مِنْ اسْتِعْدَادٍ لِلْحَرْبِ ثُمَّ صُلْحٍ) :
وَكَانَ الْفَاكِهُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَعَوْفُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ ابْن عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ، وَعَفَّانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ قَدْ خَرَجُوا تُجَّارًا إلَى الْيَمَنِ، وَمَعَ عَفَّانَ ابْنُهُ عُثْمَانُ، وَمَعَ عَوْفٍ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا أَقْبَلُوا حَمَلُوا مَالَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ بْنِ عَامِرٍ، كَانَ هَلَكَ بِالْيَمَنِ، إلَى وَرَثَتِهِ، فَادَّعَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ خَالِدُ بْنُ هِشَامٍ، وَلَقِيَهُمْ بِأَرْضِ بَنِي جَذِيمَةَ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَقَاتَلَهُمْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى الْمَالِ لِيَأْخُذُوهُ [3] ، وَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ عَوْفُ بْنُ عَبْدِ عَوْفٍ، وَالْفَاكِهُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَنَجَا عَفَّانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَابْنُهُ عُثْمَانُ، وَأَصَابُوا مَالَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمَالَ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ، فَانْطَلَقُوا بِهِ، وَقَتَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ خَالِدَ بْنَ هِشَامٍ قَاتِلَ أَبِيهِ، فَهَمَّتْ قُرَيْشٌ بِغَزْوِ بَنِي جَذِيمَةَ، فَقَالَتْ بَنُو جَذِيمَةَ: مَا كَانَ مُصَابُ أَصْحَابِكُمْ عَنْ مَلَإِ مِنَّا، إنَّمَا عَدَا
__________
[1] صبأنا: يعنون دَخَلنَا فِي دين مُحَمَّد، وَكَانُوا يسمون النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّابِئ، لِأَنَّهُ خرج من دينهم. يُقَال: صَبأ الرجل، إِذا خرج من دين إِلَى دين، وَمِنْه الصابئون، لِأَن دينهم بَين الْيَهُودِيَّة والنصرانية، فِيمَا ذكر بعض أهل التَّفْسِير.
[2] كَذَا فِي أ. وَفِي م، ر: «سلاحه» .
[3] كَذَا فِي م، ر. وَفِي أ: «ليأخذه» .

(2/431)


عَلَيْهِمْ قَوْمٌ بِجَهَالَةٍ، فَأَصَابُوهُمْ وَلَمْ نَعْلَمْ، فَنَحْنُ نَعْقِلُ لَكُمْ مَا كَانَ لَكُمْ قِبَلَنَا مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ، فَقَبِلَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ، وَوَضَعُوا الْحَرْبَ.

(شِعْرُ سَلْمَى فِيمَا بَيْنَ جَذِيمَةَ وَقُرَيْشٍ) :
وَقَالَ قَائِلٌ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا سَلْمَى:
وَلَوْلَا مَقَالُ الْقَوْمِ لِلْقَوْمِ أَسْلِمُوا ... لَلَاقَتْ سُلَيْمٌ يَوْمَ ذَلِكَ نَاطِحَا
لَمَاصَعَهُمْ بُسْرٌ وَأَصْحَابُ جَحْدَمٍ [1] ... وَمُرَّةُ حَتَّى يتْركُوا البرك ضابحا [2]
فَكَائِنْ تَرَى يَوْمَ الْغُمَيْصَاءِ مِنْ فَتًى ... أُصِيبَ وَلَمْ يَجْرَحْ وَقَدْ كَانَ جَارِحَا [3]
أَلَظَّتْ بِخُطَّابِ الْأَيَامَى وَطَلَّقَتْ ... غَدَاتَئِذٍ مِنْهُنَّ مَنْ كَانَ نَاكِحَا [4]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «بُسْرٌ» ، «وَأَلَظَّتْ بِخُطَّابِ» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

(شِعْرُ ابْنِ مِرْدَاسٍ فِي الرَّدِّ عَلَى سَلْمَى)
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَجَابَهُ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَيُقَالُ بَلْ الْجَحَّافُ بْنُ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ:
دَعِي عَنْكِ تِقْوَالَ الضَّلَالِ كَفَى بِنَا ... لِكَبْشِ الْوَغَى فِي الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ نَاطِحَا [5]
فَخَالِدُ أَوْلَى بِالتَّعَذُّرِ مِنْكُمْ ... غَدَاةَ عَلَا نَهْجًا مِنْ الْأَمْرِ وَاضِحَا
مُعَانًا بِأَمْرِ اللَّهِ يُزْجِي إلَيْكُمْ ... سَوَانِحَ لَا تَكْبُو لَهُ وَبَوَارِحَا [6]
نَعَوْا مَالِكًا بِالسَّهْلِ لَمَّا هَبَطْنَهُ ... عَوَابِسَ فِي كابى الْغُبَار كولحلا [7]
__________
[1] المماصعة والمصاع: الْمُضَاربَة بِالسُّيُوفِ. والبرك: الْإِبِل الباركة.
[2] كَذَا فِي م، ر. وضابحا، أَي صائحا. وأصل «الضبح» نفس الْخَيل وَالْإِبِل إِذا أعيت. وَفِي (أ) صابحا.
[3] الغميصاء: مَوضِع.
[4] ألظت: لَزِمت وألمت.. والأيامى: جمع أيم، وَهِي الَّتِي لَا زوج لَهَا.
[5] الْكَبْش: الرجل السَّيِّد.
[6] قَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: «مَا جَاءَ عَن يَمِينك إِلَى يسارك، وولاك جَانِبه الْأَيْسَر، وَهُوَ إنسيه، فَهُوَ سانح. وَمَا جَاءَ عَن يسارك إِلَى يَمِينك وولاك جَانِبه الْأَيْمن، وَهُوَ وحشيه، فَهُوَ بارح. قَالَ:
والسانح أحسن حَالا عِنْدهم فِي التَّيَمُّن من البارح» . لَا تكبو: أَي لَا تسْقط.
[7] كابى الْغُبَار: مُرْتَفعَة. والكوالح: العوابس، الَّتِي انقبضت شفاهها، فظهرت أسنانها.

(2/432)


فَإِنْ نَكُ أثكلناك سلمى فَمَا لَك ... تَرَكْتُمْ عَلَيْهِ نَائِحَاتٍ وَنَائِحَا [1]

(شِعْرُ الْجَحَّافِ فِي الرَّدِّ عَلَى سَلْمَى) :
وَقَالَ الْجَحَّافُ بْنُ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ:
شَهِدْنَ مَعَ النَّبِيِّ مُسَوَّمَاتٍ ... حُنَيْنًا وَهْيَ دَامِيَةُ الْكِلَامِ [2]
وَغَزْوَةَ خَالِدٍ شَهِدَتْ وَجَرَّتْ ... سَنَابِكَهُنَّ [3] بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ [4]
نُعَرِّضُ لِلطِّعَانِ إذَا الْتَقَيْنَا ... وُجُوهًا لَا تُعَرَّضُ لِلِّطَامِ
وَلَسْتُ بِخَالِعٍ عَنِّي ثِيَابِي ... إذَا هَزَّ الْكُمَاةُ وَلَا أُرَامِي
وَلَكِنِّي يَجُولُ الْمُهْرُ تَحْتِي ... إلَى الْعَلَوَاتِ بِالْعَضْبِ الْحُسَامِ [5]

(حَدِيثُ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْفَتَى الْجَذْمِيِّ يَوْمَ الْفَتْحِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ يَوْمَئِذٍ فِي خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقَالَ لِي فَتَى مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ، وَهُوَ فِي سِنِّي، وَقَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إلَى عُنُقِهِ بِرُمَّةٍ [6] ، وَنِسْوَةٌ مُجْتَمِعَاتٌ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْهُ: يَا فَتَى، فَقُلْتُ: مَا تَشَاءُ؟ قَالَ: هَلْ أَنْتَ آخِذٌ بِهَذِهِ الرُّمَّةِ، فَقَائِدِي إلَى هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ حَتَّى أَقْضِيَ إليهنّ حَاجَة، ثمَّ تَرُدَّنِي بَعْدُ، فَتَصْنَعُوا بِي مَا بَدَا لَكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَاَللَّهِ لَيَسِيرٌ مَا طَلَبْتُ. فَأَخَذْتُ بِرُمَّتِهِ فَقُدْتُهُ بِهَا، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِنَّ، فَقَالَ: اسْلَمِي حُبَيْشِ [7] ، عَلَى نَفَذٍ مِنْ الْعَيْشِ [8] :
أَرَيْتُكِ إذْ طَالَبْتُكُمْ فَوَجَدْتُكُمْ ... بِحَلْيَةَ أَوْ أَلْفَيْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ [9]
أَلَمْ يَكُ أَهْلًا أَنْ يُنَوَّلَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إدْلَاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ [10]
__________
[1] أثكلناك: أفقدناك.
[2] مسومات: يعْنى الْخَيل مسومات، أَي مرسلات أَو معلمات بعلامة. وَالْكَلَام: الْجراح، جمع كلم.
[3] سنابكهن: مقدم أَطْرَاف حوافرهن.
[4] كَذَا فِي م، ر. وَفِي أ: «التهام» ، يعْنى مَكَّة.
[5] هَذَا الْبَيْت والّذي قبله ساقطان فِي م، ر.
[6] الرمة: الْحَبل الْبَالِي.
[7] حُبَيْش: مرخم حبيشة.
[8] كَذَا فِي أوفي م، ر: «على نفد الْعَيْش» . يُرِيد على تَمَامه، من قَوْلك نفد الشَّيْء إِذا تمّ وفنى
[9] حلية والخوانق: موضعان.
[10] الإدلاج: السّير بِاللَّيْلِ. والودائق: جمع وديقة، وَهِي شدَّة الحرفى الظهيرة.
28- سيرة ابْن هِشَام- 2

(2/433)


فَلَا ذَنْبَ لِي قَدْ قُلْتُ إذْ أَهْلُنَا مَعًا ... أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ إحْدَى الصَّفَائِقِ [1]
أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ أَنْ تَشْحَطَ النَّوَى ... وَيَنْأَى الْأَمِيرُ بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ [2]
فَإِنِّي لَا ضَيَّعْتُ سِرَّ أَمَانَةٍ ... وَلَا رَاقَ عَيْنِي عَنْكَ بَعْدَكَ رَائِقُ [3]
سِوَى أَنَّ مَا نَالَ الْعَشِيرَةَ شَاغِلٌ ... عَنْ الْوُدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّوَامُقُ [4]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُ الْبَيْتَيْنِ الْآخِرَيْنِ مِنْهَا لَهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، (قَالَ) [5] قَالَتْ: وَأَنْتَ فَحُيِّيتُ سَبْعًا وَعَشْرَا، وِتْرًا وَثَمَانِيًا تَتْرَى [6] . قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفْتُ بِهِ. فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو فِرَاسِ بْنُ أَبِي سُنْبُلَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْهُمْ، عَمَّنْ كَانَ حَضَرَهَا مِنْهُمْ، قَالُوا: فَقَامَتْ إلَيْهِ حِينَ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ، فَمَا زَالَتْ تُقَبِّلُهُ حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَهُ [7] .

(شِعْرُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ فِي يَوْمِ الْفَتْحِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ:
جَزَى اللَّهُ عَنَّا مُدْلِجًا حَيْثُ أَصبَحت ... جزاءة بؤسي حَيْثُ سَارَتْ وَحَلَّتْ
أَقَامُوا عَلَى أَقْضَاضِنَا يَقْسِمُونَهَا ... وَقْدَ نُهِلَتْ فِينَا الرّماح وعلّت [8]
فو الله لَوْلَا دِينُ آلِ مُحَمَّدٍ ... لَقَدْ هَرَبَتْ مِنْهُمْ خُيُولُ فَشَلَّتْ [9]
__________
[1] الصفائق: صوارف الخطوب وحوادثها، الْوَاحِدَة: صفيقة.
[2] تشحط: تبعد. والنوى: الْبعد.
[3] وَلَا راق: مَا أعجب.
[4] التوامق: الْحبّ، وَفِي هَذَا الْبَيْت والّذي قبله إقواء.
[5] زِيَادَة يقتضيها السِّيَاق.
[6] تترى: متتابعة، وَأَصله وَترى، أبدلت التَّاء من الْوَاو.
[7] كَذَا فِي م، ر. وَفِي أ: «مَاتَت عَلَيْهِ» .
[8] الأقضاض: جمع قض، وَأَرَادَ بِهِ هُنَا الْأَمْوَال المجتمعة. يُقَال: جَاءَ الْقَوْم قضهم بقضيضهم:
إِذا جَاءُوا بأجمعهم. ونهلت. من النهل، وَهُوَ الشّرْب الأول. وعلت، من الْعِلَل، وَهُوَ الشّرْب الثَّانِي.
[9] شلت: أَي طردت.

(2/434)


وَمَا ضَرَّهُمْ أَنْ لَا يُعِينُوا كَتِيبَةً ... كَرِجْلِ جَرَادٍ أُرْسِلَتْ فَاشْمَعَلَّتِ [1]
فَإِمَّا يَنْبُوا أَوْ يَثُوبُوا لِأَمْرِهِمْ ... فَلَا نَحْنُ نَجْزِيهِمْ بِمَا قَدْ أَضَلَّتْ [2]

(شِعْرُ وَهْبٍ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ) :
فَأَجَابَهُ وَهْبٌ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ:
دَعَوْنَا إلَى الْإِسْلَامِ وَالْحَقِّ عَامِرًا ... فَمَا ذَنْبُنَا فِي عَامِرٍ إذْ تَوَلَّتْ
وَمَا ذَنْبُنَا فِي عَامِرٍ لَا أَبَا لَهُمْ ... لِأَنْ سَفِهَتْ أَحْلَامُهُمْ ثُمَّ ضَلَّتْ
وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ:
لِيَهْنِئْ بَنِي كَعْبٍ مُقَدَّمُ خَالِدٍ ... وَأَصْحَابِهِ إذْ صَبَّحَتْنَا الْكَتَائِبُ [3]
فَلَا تِرَةٌ يَسْعَى بِهَا ابْنُ خُوَيْلِدٍ ... وَقَدْ كُنْتَ مَكْفِيًّا لَوَ انَّكَ غَائِبُ [4]
فَلَا قَوْمُنَا يَنْهَوْنَ عَنَّا غُوَاتَهُمْ ... وَلَا الدَّاءُ مِنْ يَوْمِ الْغُمَيْصَاءِ ذَاهِبُ [5]

(شِعْرُ غُلَامٍ جَذْمِيٍّ هَارِبٍ أَمَامَ خَالِدٍ) :
وَقَالَ غُلَامٌ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ، وَهُوَ يَسُوقُ بِأُمِّهِ وَأُخْتَيْنِ لَهُ وَهُوَ هَارِبٌ بِهِنَّ مِنْ جَيْشِ خَالِدٍ:
رَخِّينَ أَذْيَالَ الْمُرُوطِ وَارْبَعَنْ ... مَشْيَ حَيِيَّاتٍ كَأَنْ لَمْ يُفْزَعَنْ [6]
إنْ تُمْنَعْ الْيَوْمَ نِسَاءٌ تُمْنَعَنْ

(ارتجاز غلمة من بَنِي جَذِيمَةَ حِينَ سَمِعُوا بِخَالِدِ) :
وَقَالَ غِلْمَةٌ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو مُسَاحِقٍ، يَرْتَجِزُونَ حِينَ سَمِعُوا بِخَالِدِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ:
قَدْ عَلِمَتْ صَفْرَاءُ بَيْضَاءُ الْإِطِلْ ... يَحُوزُهَا ذُو ثَلَّةٍ وَذُو إبِلْ [7]
لَأُغْنِيَنَّ الْيَوْمَ مَا أَغْنَى رَجُلْ
__________
[1] رجل جَراد: جمَاعَة مِنْهُ. واشمعلت: تَفَرَّقت.
[2] يثوبوا: يرجِعوا.
[3] مقدم، بتَشْديد الدَّال، أَي قدوم.
[4] الترة: الْعَدَاوَة وَطلب الثأر.
[5] غواتهم: سفهاءهم.
[6] المروط: جمع مرط، وَهُوَ كسَاء من خَز أَو غَيره، وأربعن، يُقَال: ربعت عَلَيْهِ إِذا أَقمت عَلَيْهِ.
[7] الإطل: الخاصرة. والثلة، بِفَتْح الثَّاء: القطيع من الْغنم.

(2/435)


وَقَالَ الْآخَرُ:
قَدْ عَلِمَتْ صَفْرَاءُ تُلْهِي الْعِرْسَا ... لَا تَمْلَأُ الْحَيْزُومَ مِنْهَا نَهْسَا [1]
لَأَضْرِبَنَّ الْيَوْمَ ضَرْبًا وَعْسَا ... ضَرْبَ الْمُحِلِّينَ مَخَاضًا قُعْسَا [2]
وَقَالَ الْآخَرُ:
أَقْسَمْتُ مَا إنْ خَادِرٌ ذُو لِبْدَهْ ... شَثْنُ الْبَنَانِ فِي غَدَاةٍ بَرْدَهْ [3]
جَهْمُ الْمُحَيَّا [4] ذُو سِبَالٍ [5] وَرْدَهْ ... يُرْزِمُ بَيْنَ أَيْكَةٍ وَجَحْدَهْ [6]
ضَارٍ بِتَأْكَالِ الرِّجَالِ وَحْدَهْ ... بِأَصْدَقَ الْغَدَاةَ مَنِّي نَجْدَهْ [7]