سيرة ابن
هشام ت السقا عُمْرَةُ الرَّسُولِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ
وَاسْتِخْلَافُهُ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ، وَحَجَّ عَتَّابٌ
بِالْمُسْلِمِينَ سَنَةَ ثَمَانِي
(اعْتِمَارُ الرَّسُولِ وَاسْتِخْلَافُهُ ابْنَ أُسَيْدٍ عَلَى مَكَّةَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مُعْتَمِرًا، وَأَمَرَ بِبَقَايَا الْفَيْءِ
فَحُبِسَ بِمَجَنَّةَ، بِنَاحِيَةِ مَرِّ الظَّهْرَانِ، فَلَمَّا فَرَغَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُمْرَتِهِ
انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ، وَاسْتَخْلَفَ عَتَّابَ بْنَ
أَسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ [2] ، وَخَلَّفَ مَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ،
يُفَقِّهُ النَّاسَ فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمُهُمْ الْقُرْآنَ، وَاتُّبِعَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَقَايَا الْفَيْءِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ
قَالَ: لَمَّا اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ رَزَقَهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا،
فَقَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَجَاعَ اللَّهُ
كَبِدَ مَنْ جَاعَ عَلَى دِرْهَمٍ، فَقَدْ رَزَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْهَمًا كُلَّ يَوْمٍ، فَلَيْسَتْ بِي
حَاجَةٌ إلَى أَحَدٍ.
(وَقْتُ الْعُمْرَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ عُمْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِي بَقِيَّةِ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ
فِي ذِي الْحِجَّةِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ لِسِتِّ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ
فِيمَا زَعَمَ أَبُو عَمْرٍو الْمَدَنِيُّ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَجَّ النَّاسُ تِلْكَ السَّنَةَ عَلَى مَا
كَانَتْ الْعَرَبُ تَحُجُّ عَلَيْهِ، وَحَجَّ بِالْمُسْلِمِينَ تِلْكَ
السَّنَةَ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ، وَهِيَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَأَقَامَ أَهْلُ
الطَّائِفِ عَلَى
__________
[1] أخضلوا لحاهم: بلوها بالدموع.
[2] وَكَانَ عمر عتاب إِذْ ذَاك نَحْو عشْرين سنة. (رَاجع شرح الْمَوَاهِب)
.
(2/500)
شِرْكِهِمْ وَامْتِنَاعِهِمْ فِي طَائِفِهِمْ، مَا بَيْنَ ذِي الْقَعْدَةِ
إذْ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى
شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ. |