سيرة ابن
هشام ت السقا قُدُومُ الْجَارُودِ فِي وَفْدِ عَبْدِ
الْقِيسِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَارُودُ بْنُ عَمْرِو ابْن حَنْشٍ أَخُو عَبْدِ
الْقَيْسِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْجَارُودُ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْمُعَلَّى فِي وَفْدِ
عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا.
(ضَمَانُ الرَّسُولِ دِينَهُ وَإِسْلَامُهُ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ الْحَسَنِ [1]
، قَالَ: لَمَّا انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَلَّمَهُ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ، وَدَعَاهُ إلَيْهِ، وَرَغَّبَهُ فِيهِ،
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى دِينٍ، وَإِنِّي تَارِكٌ
دِينِي لِدِينِكَ، أَفَتَضْمَنُ لِي دَيْنِي؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، أَنَا ضَامِنٌ أَنْ قَدْ
هَدَاكَ اللَّهُ إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ: فَأَسْلَمَ
وَأَسْلَمَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُمْلَانَ، فَقَالَ [2] : وَاَللَّهِ مَا عِنْدِي
مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ بَيْنَنَا
وَبَيْنَ بِلَادِنَا ضَوَالُّ مِنْ ضَوَالِّ النَّاسِ: أَفَنَتَبَلَّغُ
عَلَيْهَا إلَى بِلَادِنَا؟ قَالَ: لَا، إيَّاكَ وَإِيَّاهَا، فَإِنَّمَا
تِلْكَ حَرَقُ النَّارِ.
(مَوْقِفُهُ مِنْ قَوْمِهِ فِي الرِّدَّةِ) :
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ الْجَارُودُ رَاجِعًا إلَى قَوْمِهِ، وَكَانَ
حَسَنَ الْإِسْلَامِ، صُلْبًا [3] عَلَى دِينِهِ، حَتَّى هَلَكَ وَقَدْ
أَدْرَكَ الرِّدَّةَ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ كَانَ أَسْلَمَ
مِنْهُمْ إلَى دِينِهِمْ الْأَوَّلِ مَعَ الْغَرُورِ [4] بْنِ الْمُنْذِرِ
بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَامَ الْجَارُودُ فَتَكَلَّمَ،
فَتَشَهَّدَ
__________
[1] فِي م، ر: «الْحُسَيْن» .
[2] الحملان: مَا يركبون عَلَيْهِ من دَوَاب.
[3] فِي أ: «صليبا» .
[4] الْغرُور: اسْمه الْمُنْذر، سمى كَذَلِك لِأَنَّهُ غر قومه يَوْم حَرْب
الرِّدَّة (السهيليّ) :.
(2/575)
شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَدَعَا إلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: أَيُّهَا
النَّاسُ، إنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأُكَفِّرُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى: وَأَكْفِي مَنْ لَمْ يَشْهَدْ.
(إسْلَامُ ابْنِ سَاوَى) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعَثَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّة
إِلَى الْمُنْذر بن سَاوَى الْعَبْدِيِّ، فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ،
ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَبْلَ رِدَّةِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْعَلَاءُ عِنْدَهُ أَمِيرًا
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ. |