سيرة ابن
هشام ت السقا غَزْوَةُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ
الْجَرَّاحِ إلَى سَيْفِ الْبَحْرِ
(نَفَادُ الطَّعَامِ وَخَبَرُ دَابَّةِ الْبَحْرِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ
عِبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إلَى سِيفِ الْبَحْرِ [3] ، عَلَيْهِمْ أَبُو
عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَزَوَّدَهُمْ جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ،
فَجَعَلَ يَقُوتُهُمْ إيَّاهُ، حَتَّى صَارَ إلَى أَنْ يَعُدَّهُ
عَلَيْهِمْ عَدَدًا. قَالَ: ثُمَّ نَفِدَ التَّمْرُ، حَتَّى كَانَ يُعْطَى
كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةً. قَالَ: فَقَسَمَهَا يَوْمًا
بَيْنَنَا. قَالَ: فَنَقَصَتْ تَمْرَةٌ عَنْ رَجُلٍ، فَوَجَدْنَا فَقَدَهَا
ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَ: فَلَمَّا جَهَدَنَا الْجُوعُ أَخَرَجَ اللَّهُ
لَنَا دَابَّةً مِنْ الْبَحْرِ، فَأَصَبْنَا مِنْ لَحْمِهَا وَوَدَكِهَا
[4] ، وَأَقَمْنَا عَلَيْهَا عِشْرِينَ لَيْلَةً، حَتَّى سَمِّنَا
وَابْتَلَلْنَا [5] ، وَأَخَذَ أَمِيرُنَا ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهَا،
فَوَضَعَهَا عَلَى طَرِيقِهِ، ثُمَّ أَمَرَ
__________
[1] الكرابيس: جمع كرباس، وَهُوَ الْقطن.
[2] لَا تغلوا: لَا تخونوا فِي الْمَغَانِم.
[3] سيف الْبَحْر: جَانِبه وساحله.
[4] الودك: الشَّحْم.
[5] ابتللنا: أفقنا من ألم الْجُوع الّذي كَانَ بِنَا، من قَوْلك: بل فلَان
من مَرضه، وأبل، واستبل:
إِذا أَخذ فِي الرَّاحَة.
(2/632)
بِأَجْسَمِ بَعِيرٍ مَعَنَا، فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَجْسَمَ رَجُلٍ مِنَّا.
قَالَ: فَجَلَسَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَخَرَجَ مِنْ تَحْتِهَا وَمَا مَسَّتْ
رَأْسُهُ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْنَاهُ خَبَرَهَا، وَسَأَلْنَاهُ عَمَّا
صَنَعْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَكْلِنَا إيَّاهُ، فَقَالَ: رِزْقٌ
رَزَقَكُمُوهُ اللَّهُ. |