عيون
الأثر في فنون المغازي والشمائل و السير ط. دار القلم سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ
رُوِّينَا عَنِ ابْنِ سَعْد: أَنَّهَا كَانَتْ لأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً
مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ
شَهْرًا مِنْ مُهَاجِرِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قَالَ ابن إسحق: وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، أَنَّهُ
لَمَّا أُصِيبَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ
حَارِثَةَ إِلَى أَهْلِ السَّافِلَةِ، وَعَبْد اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ
إِلَى أَهْلِ الْعَالِيَةِ بِشيرين بالفتح [1] ، قال كعب: وكان رجلا من
طيء، ثُمَّ أَحَد بَنِي نَبْهَانَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي
النَّضِيرِ [2]- أَحَقٌّ هَذَا؟ أَتَرَوْنَ أَنَّ مُحَمَّدا قتل هؤلاء
الذين يسمّى هذان الرَّجُلانِ، فَهَؤُلاءِ أَشْرَافُ الْعَرَبِ وَمُلُوكُ
النَّاسِ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَصَابَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ
لَبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ ظَهْرِهَا. فَلَمَّا أَيْقَنَ [3] عَدُوُّ
اللَّهِ الْخَبَرَ، خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَنَزَلَ عَلَى
الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ [4] ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ
عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُنْشِدُ
الأَشْعَارَ، وَيَبْكِي عَلَى أَصْحَابِ الْقَلِيبِ [5] ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
الْمَدِينَة فَتَشَبَّبَ بنِسَاء الْمُسْلِمِينَ حتى آذاهم.
__________
[ (1) ] وعند ابن هشام: إلى أهل العالية بشيرين، بعثهما رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى من بالمدينة من المسلمين بفتح الله عز وجل عليه، وقتل من قتل
من المشركين، كَمَا حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْنُ الْمُغيثِ بْنِ أبي بردة
الظفري، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمرو بن
حزم، وعاصم بن عمرو بن قتادة، وصالح بن أبي أمامة بن سهل، كلّ قد حدثني بعض
حديثه، قالوا: ...
[ (2) ] وعند ابن هشام: حين بلغه الخبر.
[ (3) ] وعند ابن هشام: فلما تيقن.
[ (4) ] وعند ابن هشام: فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي،
وعنده عاتكة بنت أبي العيص بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ
مناف، فأنزلته وأكرمته ...
[ (5) ] وعند ابن هشام: أصحاب القليب من قريش الذي أصيبوا ببدر، فقال:
(1/348)
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَائِذٍ
عَنِ الْوَلِيدِ بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ
عُرْوَةَ قَالَ: ثُمَّ انْبَعَثَ عَدُوُّ اللَّهِ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَيَمْتَدِحُ
عَدُوَّهُمْ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى
رَكِبَ إِلَى قُرَيْشٍ فَاسْتَغْوَاهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ
وَالْمُشْرِكُونَ: أَدِينُنَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ
وَأَصْحَابِهِ، وَأَيُّ دِينَيْنَا أَهْدَى فِي رَأْيِكَ وَأَقْرَبُ إِلَى
الْحَقِّ؟ فَقَالَ: أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُمْ سَبِيلا وَأَفْضَلُ،
وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ لَنَا مِنَ ابْنِ الأَشْرَفِ، فَقَدِ اسْتَعْلَنَ بِعَدَاوَتِنَا
وَهِجَائِنَا، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَجْمَعَهُمْ عَلَى
قِتَالِنَا، وَقَدْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ ثُمَّ
قَدِمَ أَخْبَثَ مَا كَانَ يَنْتَظِرُ قُرَيْشًا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ
فَيُقَاتِلُنَا» ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً
مِنَ الْكِتابِ [1] الآيَةَ، وَخَمْسَ آيَاتٍ فِيهِ وَفِي قُرَيْشٍ.
رَجْعٌ إلى خبر ابن إسحق: فَقَالَ [2] ، كَمَا حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ
بْنُ الْمُغيثِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: «مَنْ لِي مِنَ ابْنِ الأَشْرَفِ» [3]
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخُو بني عبد الأَشْهَلِ:
أَنَا لَكَ بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَقْتُلُهُ، قَالَ: «فَافْعَلْ
إِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ» . فَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ،
فَمَكَثَ ثَلاثًا لا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ إِلَّا مَا تَعْلَقُ به نفسه،
فذكر ذلك
__________
[ () ]
طحنت رحى بدر لمهلك أهله ... ولمثل بدر تستهل وتدمع
قتلت سراة الناس حول حياضهم ... لا تبعدوا إن الملوك تصرع
كم قد أصيب به من أبيض ماجد ... ذي بهجة يأوي إليه الضيع
طلق اليدين إذا الكواكب أخلفت ... حمال أثقال يسود ويرتع
ويقول أقوام أسر بسخطهم ... إن ابن الأشرف ظل كعبا يجزع
صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا ... ظلت تسوخ بأهلها وتصدع
صار الذي أثر الحديث بطعنة ... أو عاش أعمر مرعشا لا يسمع
نبئت أن بني المغيرة كلهم ... خشعوا لقتل أبي الحكيم وجدعوا
وأبناء ربيعة عنده ومنبه ... ما نال مثل المهلكين وتبع
نبئت أن الحارث بن هشامهم ... في الناس بين الصالحات ويجمع
ليزور يثرب بالجموع وابن ... يحمي على الحسب الكريم الأروع
(انظر سيرة ابن هشام 2/ 56 و 57) .
[ (1) ] سورة آل عمران: الآية 23.
[ (2) ] وعند ابن هشام: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ (3) ]
وعند ابن هشام: «من لي بابن الأشرف» .
(1/349)
لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: «لِمَ تَرَكْتَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ» ؟
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتُ لَكَ قَوْلا لا أَدْرِي هَلْ أَفِينَ
لَكَ بِهِ أَمْ لا؟ قَالَ: «إِنَّمَا عَلَيْكَ الْجهدُ» قَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنَّهُ لا بُدَّ لَنَا مِنْ أَنْ نَقُولَ، قَالَ: «قُولُوا مَا
بَدَا لَكُمْ، فَأَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ ذَلِكَ»
فَاجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَسلكانُ بْنُ
سَلامَةَ بْنِ وقشٍ [1] ، وكان أخا لكعب بن الرَّضَاعَةِ، وَعَبَّادُ بْنُ
بِشْرِ بْنِ وَقشٍ أَحَد بني عبد الأشهل والحرث بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ
وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ. قُلْتُ: وَهَؤُلاءِ الْخَمْسَةُ مِنَ
الأَوْسِ، ثُمَّ قَدِمُوا إِلَى عَدُوِّ اللَّهِ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ
قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ، سلكانَ بْنَ سَلامَةَ، فَجَاءَهُ فَتَحَدَّثَ
مَعَهُ سَاعَةً وَتَنَاشَدَا شِعْرًا، وَكَانَ أَبُو نَائِلَةَ سلكان
يَقُولُ الشِّعْرَ، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ الأَشْرَفِ إِنِّي
قَدْ جِئْتُكَ لِحَاجَةٍ أُرِيدُ ذِكْرَهَا لَكَ فَاكْتُمْ عَنِّي، قَالَ:
أَفْعَلُ، قَالَ: كَانَ قُدُومُ هَذَا الرَّجُلِ عَلَيْنَا بَلاءً مِنَ
الْبَلاءِ، عَادَتْنَا الْعَرَبُ وَرَمَتْنَا عَنْ قَوْسٍ واحد، وَقَطَعَتْ
عَنَّا السُّبُلَ حَتَّى جَاعَ الْعِيَالُ [2] وَجَهَدَتِ الأَنْفُسُ،
وَأَصْبَحْنَا قَدْ جَهَدْنَا وَجَهَدَ عِيَالُنَا، فَقَالَ كَعْبٌ: أَنَا
ابْنُ الأَشْرَفِ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُخْبِرُكَ يَا ابْنَ
سَلامَةَ أَنَّ الأَمْرَ سَيَصِيرُ إِلَى مَا أَقُولُ، فَقَالَ لَهُ
سلكانُ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَبِيعَنَا طَعَامًا وَنَرْهَنَكَ وَنوثق لَكَ
وَتُحْسِنَ فِي ذَلِكَ، قَالَ:
أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ قال: لقد أَرَدْتَ أَن تَفْضَحَنَا، إِنَّ
مَعِي أَصْحَابًا عَلَى مِثْلِ رَأْيِي، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِيَكَ
بِهِمْ فَتَبِيعَهُمْ وَتُحْسِنَ فِي ذَلِكَ، وَنَرْهَنَكَ مِنَ الْحلقَةِ
[3] مَا فِيهِ وَفَاء، وَأَرَادَ سلكان أَنْ لا يُنْكِر السِّلاحَ إِذَا
جَاءُوا بِهَا، قَالَ: إِنَّ فِي الْحلقة لَوَفَاءٌ قَالَ: فَرَجَعَ سلكانُ
إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا
السِّلاحَ ثُمَّ يَنْطَلِقُوا فَيَجْتَمِعُوا إِلَيْهِ، فَاجْتَمَعُوا
عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: قَالَ: أَتَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ؟
قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَشَبّ أَهْلِ يَثْرِبَ
وَأَعْطَرَهُمْ! قال: أترهنوني أبناءكم.
قال ابن إسحق: فَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ: مَشَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ [4] ثُمَّ وَجَّهَهُمْ وَقَالَ:
«انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ»
ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
بَيْتِهِ، وَهُوَ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، وَأَقْبَلُوا حَتَّى انْتَهَوْا
إِلَى حِصْنِهِ، فهتف به أبو نائلة،
__________
[ (1) ] وعند ابن هشام: وهو أبو نائلة، أحد بني عبد الأشهل.
[ (2) ] وعند ابن هشام: حتى ضاع العيال.
[ (3) ] أي السلاح.
[ (4) ] وهو مدفن أهل المدينة.
(1/350)
وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، فَوَثَبَ
فِي مَلْحَفَةٍ، فَأَخَذَتِ امْرَأَتُهُ بِنَاحِيَتِهَا وَقَالَتْ: إِنَّكَ
امْرِؤٌ مُحَارِبٌ، وَإِنَّ أَصْحَابَ الْحَرْبِ لا يَنْزِلُونَ فِي مِثْلِ
هذه الساعة [1] قال: إنه أبو نائلة، فلو وَجَدَنِي نَائِمًا مَا
أَيْقَظَنِي، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ فِي صَوْتِهِ
الشَّرَّ، قَالَ:
يَقُولُ لَهَا كَعْبٌ: لَوْ يُدْعَى الْفَتَى لِطَعْنَةٍ لأَجَابَ،
فَنَزَلَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ سَاعَةً وَتَحَدَّثُوا مَعَهُ، وَقَالُوا:
هَلْ لك يا ابن الأَشْرَفِ أَنْ تَمْشِيَ مَعَنَا [2] إِلَى شِعْبِ
الْعَجُوزِ فَنَتَحَدَّثَ بِهِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا، فَقَالَ: إِنْ
شِئْتُمْ، فَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ، فَمَشَوْا سَاعَةً، ثُمَّ إِنَّ أَبَا
نَائِلَةَ شَامٌّ يَدَهُ فِي فَوْدِ رَأْسِهِ ثُمَّ شَمَّ يَدَهُ فَقَالَ:
مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ طِيبًا أَعْطَرَ [ (3) ] ، ثُمَّ مَشَى
سَاعَةً، ثُمَّ عَادَ لِمِثْلِهَا حتى اطمأن، ثم مشى ساعة لِمِثْلِهَا
فَأَخَذَ بِفَوْدِ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: اضْرِبُوا عَدُوَّ اللَّهِ،
فَضَرَبُوهُ، فَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ أَسْيَافُهُمْ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَذَكَرْتُ مِغْوَلا فِي سَيْفِي حِينَ
رَأَيْتُ أَسْيَافَنَا لا تُغْنِي شَيْئًا، فَأَخَذْتُهُ وَقَدْ صَاحَ
عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ حَوْلَنَا حِصْنٌ إِلَّا أُوقِدَتْ
عليه نارا [4] ، قال: فوضعته في ثنته، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى
بَلَغَ عَانَتَهُ، فَوَقَعَ عدو الله، وقد أصيب الحرث بْنُ أَوْسِ بْنِ
مُعَاذٍ فَجُرِحَ فِي رَأْسِهِ وفي رجله، أصحابه بَعْضُ أَسْيَافِنَا،
قَالَ:
فَخَرَجْنَا حَتَّى سَلَكْنَا عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، ثُمَّ
عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ عَلَى بُعَاثٍ، حَتَّى أَسْنَدْنَا فِي حرة
العريض، وقد أبطأ علينا صاحبنا الحرث بْنُ أَوْسٍ، وَنَزَفَهُ الدَمُ،
فَوَقَفْنَا لَه سَاعَةً، ثُمَّ أَتَانَا يَتَّبِعُ آثَارَنَا،
فَاحْتَمَلْنَاهُ فَجِئْنَا بِهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، آخر
اللَّيْلِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ
إِلَيْنَا، فَأَخْبَرَنَاهُ بِمَقْتَلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وَتَفَلَ عَلَى
جُرْحِ صَاحِبِنَا، وَرَجَعْنَا إِلَى أَهْلِنَا، فَأَصْبَحْنَا وَقَدْ
خَافَتْ يَهُودُ لِوَقْعَتِنَا بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِهَا
يَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ. انْتَهَى خبر ابن إسحق،
وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فِي ذَلِكَ شِعْرًا:
صَرَخْتُ بِهِ فَلَمْ يَعْرِضْ لِصَوْتِي ... وَأَوْفَى طَالِعًا مِنْ
رَأْسِ جدرِ
فَعُدْتُ لَهُ فَقَالَ مَنِ المنادي ... فقلت أخوك عباد بن بشر
__________
[ (1) ] وعند ابن هشام: إِنَّكَ امْرِؤٌ مُحَارِبٌ، وَإِنَّ أَصْحَابَ
الْحَرْبِ لا ينزلون في هذه الساعة.
[ (2) ] وعند ابن هشام: أن نتماشى إلى شعب العجوز. وشعب العجوز موضع خارج
المدينة المنورة.
[ (3) ] وعند ابن هشام: أعطر قط.
[ (4) ] وعند ابن هشام: لم يبق حولنا حصن إلا وقد أوقدت عليه نار.
(1/351)
وَهَذِي دِرْعُنَا رَهْنا فَخُذْهَا ...
لِشَهْرٍ إِنْ وَفَى أَوْ نِصْفِ شَهْرِ
فَقَالَ مَعَاشِرٌ سَغِبُوا وَجَاعُوا ... وَمَا عَدِمُوا الْغِنَى مِنْ
غَيْرِ فَقْرِ
فَأَقْبَلَ نَحْوَنَا يَهْوَى سَرِيعًا ... وَقَالَ لَنَا لَقَدْ جِئْتُمْ
لأَمْرِ
وَفِي أَيْمَانِنَا بِيضٌ حِدَادٌ ... مُجَرَّبَةٌ بِهَا الكفار نفري
فعانقه ابن مسلمة المردي ... بِهِ الْكُفَّار كَاللَّيْثِ الْهِزَبْرِ
وَشَدَّ بِسَيْفِهِ صَلْتًا عَلَيْهِ ... فَقَطَّرَهُ أَبُو عَبْسِ بْنُ
جَبْرِ
وَكَانَ اللَّهُ سَادِسَنَا فَأُبْنَا ... بِأَنْعَمِ نِعْمَةٍ وَأَعَزِّ
نَصْرِ
وَجَاءَ بِرَأْسِهِ نَفَرٌ كِرَامٌ ... هُمُ نَاهِيكَ مِنْ صِدْقِ وَبْرِ
وَاسْتُشْهِدَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَذَكَرَ مُوسَى
بْنُ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
وَمِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: عباد بن
بِشْرٍ وَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا، وَكَانَ لَهُ بومئذ بَلاء
وَعَنَاء، فَاسْتُشْهِدَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سنة.
(1/352)
خَبَرُ محيصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مَعَ ابْنِ
سُنَيْنَةَ
قال ابن إسحق: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ ظَفَرْتُمْ بِهِ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ فَاقْتُلُوهُ»
فوثب محيصة بن مسعود علي ابن سنية- ويقال: ابن سبينه عن ابْنِ هِشَامٍ
رَجُل مِنْ تُجَّارِ يَهُودَ وَكَانَ يُلابِسُهُمْ وَيُبَايِعُهُمْ-
فَقَتَلَهُ، وَكَانَ حُويصةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِذْ ذَاكَ لَمْ يُسْلِمْ،
وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ محيصَةَ، فَلَمَّا قَتَلَهُ جَعَلَ حُويصَةُ
يَضْرِبُهُ وَيَقُولُ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَقَتَلْتَهُ، أَمَا
وَاللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِنْ مَالِهِ، قَالَ محيصَةُ:
فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَمَرَنِي بِقَتْلِهِ مَنْ لَوْ أَمَرَنِي
بِقَتْلِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ لأَوَّل
إِسْلامِ حُويصَةَ، قَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، لَوْ أَمَرَكَ مُحَمَّد
بِقَتْلِي لَقَتَلْتَنِي؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَاللَّهِ لَوْ أَمَرَنِي
بِضَرْبِ عُنُقِكَ لَضَرَبْتُهَا، قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ دِينًا يَبْلُغُ
بِكَ هَذَا العجب، فأسلم حويّصه. قال ابن إسحق:
حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ مَوْلَى لِبَنِي حَارِثَةَ، عَنِ ابْنَةِ
محيصَةَ، عَنْ أَبِيهَا، فَقَالَ مُحيصةُ فِي ذَلِكَ:
يَلُومُ ابْنُ أُمِّي لَوْ أُمِرْتُ بِقَتْلِه ... لَطَبَّقْتُ ذِفْرَاهُ
بِأَبْيَضَ قَاضِبِ
حُسَامٌ كَلَوْنِ الْمِلْحِ أُخْلِصَ صَقْلُهُ ... مَتَى مَا أُصَوِّبُهُ
فَلَيْسَ بِكَاذِبِ
وَمَا سَرَّنِي أَنِّي قَتَلْتُكَ طَائِعًا ... وَأَنَّ لَنَا مَا بَيْنَ
بُصْرَى [1] وَمَأْرِبِ
وَقِيلَ أَنَّ الَّذِي قتله محيصة، وقال له أخوه خويصة فِي حَقِّهِ مَا
قَالَ وَرَاجَعَهُ بِمَا ذَكَرنا كعب بن يهودا.
وروينا عن ابن سعد قال: أنا محمد بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرِ
بْنِ رَاشِدٍ عن
__________
[ (1) ] بصري: بصم الباء: مدينة حوران. فتحت صلحا في شهر ربيع الأول لخمس
بقين منه سنة ثلاث عشرة، وهي أول مدينة فتحت بالشام (ذكره ابن عساكر) .
(1/353)
الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ:
وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ
الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً [1] قال: هو كعب بن الأشرف.
ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر
مِمَّا نَقَلْتُهُ مِنَ الْحَوَاشِي الَّتِي ذَكَرْتُهَا بِخَطِّ جَدِّي
رَحِمَهُ اللَّهُ.
عَلَى قَوْلِهِ: مَا تَعْلَقُ بِهِ نَفْسُهُ قَالَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ
الْعُلْقَةِ، وَالْعُلْقَةُ وَالْعَلاقُ بُلْغَةٌ مِنَ الطَّعَامِ إِلَى
وَقْتِ الغداء، ومعناه: ما يمسك رمقه من الغداء، وَمِنْهُ لَيْسَ
الْمُتَعَلِّقُ كَالْمُتَأَنِّقِ.
وَعَلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ لا بُدَّ لَنَا مِنْ أَنْ نَقُولَ: قَالَ
الْمُبَرِّدُ فِي الَكْامِلِ: حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ:
نَتَقَوَّل، يريد افتعل قولا اختال بِهِ، قَالَ: وَفِي الْعَيْنِ
قَوَّلْتُهُ مَا لَمْ يَقُلْ، وَقَوَّلْتُهُ: ادَّعَيْتُهُ عَلَيْهِ.
وَعَلَى قَوْلِهِ: نَرْهَنُكَ مِنَ الْحلقة، قَالَ: هَذَا هُوَ
الْمَعْرُوفُ، يَعْنِي سُكُونَ اللامِ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنْ أَبِي
عَمْرٍو أَنَّهُمْ كَانُوا حَلَقَة بِفَتْحِ اللامِ.
وَعَلَى قَوْلِهِ بَقِيع الْغَرْقَد: قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قطعت غرقدات،
فَدُفِنَ فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَسُمِّيَ الْمَكَانَ بَقِيعَ
الْغَرْقَدِ لِهَذَا السَّبَبِ.
وَعَلَى قَوْلِهِ: شَامَ يَدَهُ فِي فَوْدِهِ: أَيْ أَدْخَلَ يَدَهُ،
وَالْفَوْدُ الشَّعْرُ مِمَّا يَلِي الأُذُنَ.
وَشمت السَّيْف إِذَا أَغْمَدْتُهُ وَهُوَ مِنَ الأَضْدَادَ، قَالَ:
وَالْمغولُ سَيْفٌ قَصِيرٌ يشتمل عليه الرجل. والثنية بَيْنَ السُّرَّةِ
وَالْعَانَةِ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ بن سُبَيْنَةَ، وَقَالَ
الأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ يَعْنِي شَيْخَهُ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّد
الأَزْدِيَّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَعْنِي سُبَيْنَةَ.
وَعَلَى قَوْلِهِ: لَطَبَقْتُ ذفراهُ طبق أصاب المفصل، والذفري فِي
الْقَفَا، وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ اسْمُهُ عبد الرحمن: وسلكان اسمه:
سعد.
__________
[ (1) ] سورة آل عمران: الآية 186.
(1/354)
غزوة غطفان بناحية
نجد
قال ابن إسحق: وَهِيَ غَزْوَةُ ذِي أمر، وَاسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ.
قال ابن إسحق: فَأَقَامَ بِنَجْدٍ صَفَرًا كُلَّهُ وَقَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ،
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا.
وَقَالَ ابْنُ سَعْد: ذُو أمر بِنَاحِيَةِ النَّخِيلِ، وَكَانَتْ فِي
شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ
مُهَاجِرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ
جَمْعًا مِنْ ثَعْلَبَةَ وَمُحَارِبٌ بِذِي أمر قَدْ تَجَمَّعُوا
يُرِيدُونَ أَنْ يُصِيبُوا مِنْ أَطْرَافِ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
جمعهم رجل منهم يقال له: دعثور بن الحرث، مِنْ بَنِي مُحَارِبٍ، فَنَدَبَ
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ،
وَخَرَجَ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ
الأَوَّلِ فِي أربعمائة وَخَمْسِينَ رَجُلا، وَمَعَهُمْ أَفْرَاسٌ،
وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانُ، فَأَصَابُوا رَجُلا مِنْهُمْ
بِذِي القصة [1] يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ، فَأُدْخِلَ
عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره مِنْ خَبَرِهِمْ وَقَالَ: لَنْ
يُلاقُوكَ لَوْ سَمِعُوا بمسيرك لهربوا في رؤوس الْجِبَالِ، وَأَنَا
سَائِرٌ مَعَكَ، فَدَعَاهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمَ، وَضَمَّهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بِلالٍ، وَلَمْ يُلاقِ رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا، إِلَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إليهم
في رؤوس الْجِبَالِ،
وَأَصَابَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم مَطَرٌ، فَنَزَعَ
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَيْهِ
وَنَشَرَهُمَا لِيَجِفَّا وَأَلْقَاهُمَا عَلَى شَجَرَةٍ وَاضْطَجَعَ،
وَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْعَدُوِّ يُقَالُ لَهُ: دُعْثُورُ بْنُ الْحَارِثِ
وَمَعَهُ سَيْفٌ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلّم ثم قال: ومن يَمْنَعُكَ مِنِّي الْيَوْمَ؟ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّه» ، وَدَفَعَ جِبْرِيلُ
فِي صدره فوقع
__________
[ (1) ] موضع قرب المدينة.
(1/355)
السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مني» ؟ قال: لا أحد،
أشهد أن لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ
الله،
ثم أتى قومه فجعل يدعوهم إلى الإسلام، ونزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ
قَوْمٌ [1] الآيَةَ ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا. وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ
لَيْلَةً [2] .
غَزْوَةُ بُحْرَانَ
قَالَ ابْنُ إسحق: ثُمَّ غَزَا [3] يُرِيدُ قُرَيْشًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى
الْمَدِينَةِ ابن أم مكتوم فيما قال ابن هشام. حَتَّى بَلَغَ بُحْرَانَ
مَعدنًا بِالْحِجَازِ مِنْ نَاحِيَةِ الْفَرعِ [4] ، فَأَقَامَ بِهِ شَهْرَ
رَبِيعٍ الآخَرِ وَجُمَادَى الأُولَى ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ
وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا [5] .
وَقَالَ ابْنُ سَعْد: إِنَّهُ خَرَجَ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى
الأُولَى عَلَى رَأْسِ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجِرِهِ،
وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا جَمْعًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ
كَثِيرًا فخرج في ثلاثمائة رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: فَأَغَذَّ [6]
السَّيْرَ حَتَّى وَرَدَ بُحْرَانَ فَوَجَدَهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا فِي
مِيَاهِهِمْ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ عَشْرَ
لَيَالٍ [7] . وَالْفَرَعُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ، قَيَّدَهُ
السُّهَيْلِيُّ.
__________
[ (1) ] سورة المائدة: الآية 11.
[ (2) ] انظر طبقات ابن سعد (2/ 34) .
[ (3) ] وعند ابن هشام: صلّى الله عليه وسلّم.
[ (4) ] وهي قرية قرب المدينة.
[ (5) ] أنظر سيرة ابن هشام (3/ 50) .
[ (6) ] أي أسرع.
[ (7) ] انظر طبقات ابن سعد (2/ 35) .
(1/356)
|