أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، ت: رشدي
ملحس
مَا جَاءَ فِي انْتِشَارِ وَلَدِ
إِسْمَاعِيلَ وَعِبَادَتِهِمُ الْحِجَارَةَ وَتَغْيِيرِ
الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
(1/116)
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ:
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ «أَنَّ
بَنِيَ إِسْمَاعِيلَ، وَجُرْهُمٍ، مِنْ سَاكِنِي مَكَّةَ ضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ مَكَّةُ، فَتَفَسَّحُوا فِي الْبِلَادِ، وَالْتَمَسُوا
الْمَعَاشَ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ أَوَّلَ مَا كَانَتْ عِبَادَةُ
الْحِجَارَةِ فِي بَنِي إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَظْعَنُ مِنْ
مَكَّةَ ظَاعِنٌ مِنْهُمْ إِلَّا احْتَمَلَ مَعَهُ مِنْ حِجَارَةِ
الْحَرَمِ؛ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ، وَصَبَابَةً بِمَكَّةَ
وَبِالْكَعْبَةِ، حَيْثُمَا حَلُّوا وَضَعُوهُ فَطَافُوا بِهِ
كَالطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ، حَتَّى سَلَخَ ذَلِكَ بِهِمْ إِلَى أَنْ
كَانُوا يَعْبُدُونَ مَا اسْتَحْسَنُوا مِنَ الْحِجَارَةِ
وَأَعْجَبَهُمْ مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ خَاصَّةً، حَتَّى خَلَفَتِ
الْخُلُوفُ بَعْدَ الْخُلُوفِ، وَنَسُوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ،
وَاسْتَبْدَلُوا بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ غَيْرَهُ،
فعَبَدُوا الْأَوْثَانَ، وَصَارُوا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ
الْأُمَمُ من قَبْلَهُمْ مِنَ الضَّلَالَاتِ، وَانْتَجَسُوا مَا كَانَ
يَعْبُدُ قَوْمُ نُوحٍ مِنْهَا عَلَى إِرْثِ مَا كَانَ بَقِيَ فِيهِمْ
مِنْ ذِكْرِهَا، وَفِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ بَقَايَا مِنْ عَهْدِ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَتَنَسَّكُونَ بِهَا، مِنْ تَعْظِيمِ
الْبَيْتِ، وَالطَّوَافِ بِهِ، وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَالْوُقُوفِ
عَلَى عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةِ وَهَدْيِ الْبُدْنِ وَالْإِهْلَالِ
بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعَ إِدْخَالِهِمْ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ،
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ،
وَنَصَبَ الْأَوْثَانَ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ، وَبَحَرَ
الْبَحَيْرَةَ، وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ، وَحَمَى الْحَام عَمْرُو بْنُ
لُحَيٍّ»
(1/116)
حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَهُ [ص:117]
يَعْنِي أَمْعَاءَهُ - فِي النَّارِ، عَلَى رَأْسِهِ فَرْوَةٌ» ،
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ
فِي النَّارِ؟» . فَقَالَ: مَنْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الْأُمَمِ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ
أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ الْبَحَيْرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ،
وَالْحَامَ، وَنَصَبَ الْأَوْثَانَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَغَيَّرَ
الْحَنِيفِيَّةَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ»
(1/116)
|