أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، ت: رشدي ملحس

رِبَاعُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ كَانَتْ لَهُمْ دَارُ النَّدْوَةِ، وَهِيَ دَارُ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ الَّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تُشَاوِرُ، وَلَا تُنَاظِرُ، وَلَا يَعْقِدُونَ لِوَاءَ الْحَرْبِ، وَلَا يُبْرِمُونَ إِلَّا فِيهَا، يَفْتَحُهَا لَهُمْ بَعْضُ

(2/252)


وَلَدِ قُصَيٍّ، فَإِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ مِنْهُمْ أُدْخِلَتْ دَارَ النَّدْوَةِ، فَجَابَ عَلَيْهَا فِيهَا دِرْعَهَا عَامِرُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَحَجَبُوهَا أَوْ بَعْضِ وَلَدِهِ، وَكَانَتْ بِيَدِهِ مِنْ بَيْنِ وَلَدِ عَبْدِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَفْعَلُ هَذَا فِي دَارِ قُصَيٍّ تَيَمُّنًا بِأَمْرِهِ، وَتَبَرُّكًا بِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كَالدِّينِ الْمُتَّبَعِ، وَكَانَ قُصَيٌّ الَّذِي جَمَعَ قُرَيْشًا، وَأَسْكَنَهُمْ مَكَّةَ، وَخَطَّ لَهُمُ الرِّبَاعَ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ دَارَ النَّدْوَةِ مِنْ غَيْرِ قُصَيٍّ إِلَّا ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَيَدْخُلُهَا بَنُو قُصَيٍّ جَمِيعًا وَحُلَفَاؤُهُمْ كَبِيرُهُمْ وَصَغِيرُهُمْ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ بِأَيْدِي وَلَدِ عَامِرِ بْنِ هَاشِمٍ حَتَّى بَاعَهَا ابْنُ الرَّهِينِ الْعَبْدَرِيِّ - وَهُوَ مِنْ وَلَدِهِ - مِنْ مُعَاوِيَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ دَخَلَ أَكْثَرُ دَارِ النَّدْوَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهَا بَقِيَّةٌ هِيَ قَائِمَةٌ إِلَى الْيَوْمِ عَلَى حَالِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ: قَدْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا وُصِلَ بِالْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ وَقَدْ كَتَبْتُ قِصَّتَهَا فِي مَوْضِعِهِ، وَلَهُمْ دَارُ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، وَهِيَ إِلَى جَنْبِ دَارِ النَّدْوَةِ، وَفِيهَا خِزَانَةُ الْكَعْبَةِ، وَهِيَ دَارُ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَلَهَا بَابٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَهُمْ رَبْعٌ فِي جَبَلِ شَيْبَةَ مَا وَرَاءَ دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيِّ إِلَى دَارِ الْأَزْرَقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْغَسَّانِيِّ إِلَى مَا سَالَ مِنْ قَرَارَةِ جَبَلِ شَيْبَةَ إِلَى دَارِ دِرْهَمٍ، وَرَبْعِ بَنِي الْمُرْتَفِعِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ لِبَنِي شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ دَارَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ لَهُمْ، يُقَالُ: كَانَتْ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، ثُمَّ صَارَتْ لِمُعَاوِيَةَ، وَلَهُمْ رَبْعُ بَنِي الْمُرْتَفِعِ فِي السُّوَيْقَةِ إِلَى دَارِ ابْنِ الزُّبَيْرِ الدُّنْيَا الَّتِي بِقُعَيْقِعَانَ، يُقَالُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّبْعَ كَانَ لِآلِ النَّبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيِّ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَانَ

(2/253)


ذَلِكَ الرَّبْعُ لِأَبِي الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ السُّلَمِيِّ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةِ بْنِ كَلَدَةَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، فَخَرَجَ مُهَاجِرًا، فَأَخَذُوا رَبْعَهُ، وَزَعَمَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمُ الدَّارُ الَّتِي عِنْدَ الْخَيَّاطِينَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، كَانَتْ لِآلِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَزَعَمَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ

(2/254)