البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي

قصة اليسع عليه السلام
وقد ذكره الله تعالى مع الانبياء في سورة الانعام في قوله: (وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين) [ الانعام: 86 ] وقال تعالى في سورة ص: (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الاخيار) [ ص: 48 ] قال إسحاق بن بشر أبو حذيفة أنبأنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال كان بعد الياس اليسع عليهما السلام، فمكث ما شاء الله أن يمكث يدعوهم
__________
(1) سرغ: هي قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز.
(2) المراد بالاجناد هنا: مدن الشمس الخمس - وهي فلسطين والاردن ودمشق وحمص وقنسرين قال الامام النووي: هكذا فسروه واتفقوا عليه.
(3) الوباء: قال الخليل وغيره: الطاعون.
قالوا: وكل طاعون وباء وليس كل وباء طاعون والوباء الذي وقع بالشام زمن عمر كان طاعونا وهو طاعون عمواس وهي قرية معروفة بالشام.
(4) أخرجه مسلم في 39 كتاب السلام 32 باب الطاعون 98 / 2219 وأخرجه أحمد في مسنده ج 1 / 194 والبخاري
حديث رقم 2259.
(5) هو يزيد بن أبي حبيب، سمي بالمفتي لانه كان مفتي أهل مصر كما قال ابن سعد.
(6) مسند أحمد ج 1 / 193 ومسلم 39 / 32 / 100 / 2219.
[ * ]

(2/5)


إلى الله مستمسكا بمنهاج إلياس وشريعته حتى قبضه الله عزوجل إليه ثم خلف فيهم الخلوء ؟ ؟ وعظمت فيهم الاحداث والخطايا وكثرت الجبابرة وقتلوا الانبياء وكان فيهم ملك عنيد طاغ.
ويقال إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب ورجع دخل الجنة فسمي ذا الكفل.
قال محمد بن إسحاق هو اليسع بن أخطوب.
وقال الحافظ أبو القسم بن عساكر في حرف الياء من تاريخه: اليسع وهو الاسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.
ويقال هو ابن عم إلياس النبي عليهما السلام.
ويقال كان مستخفيا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك ثم ذهب معه إليها فلما رفع الياس خلفه اليسع في قومه ونبأه الله بعده.
ذكر ذلك عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه.
قال وقال غيره وكان ببانياس.
ثم ذكر ابن عساكر قراءة من قرأ اليسع بالتخفيف وبالتشديد ومن قرأ والليسع وهو اسم واحد لنبي من الانبياء.
قلت قد قدمنا قصة ذا الكفل بعد قصة أيوب عليهما السلام لانه قد قيل إنه ابن أيوب فالله أعلم.
فصل قال ابن جرير (1) وغيره ثم مرج أمر بني إسرائيل وعظمت منهم الخطوب والخطايا وقتلوا من قتلوا من الانبياء وسلط الله عليهم بدل الانبياء ملوكا جبارين يظلمونهم ويسفكون دماءهم وسلط الله عليهم الاعداء من غيرهم أيضا وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الاعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان كما تقدم ذكره فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم فلما علم بذلك ملك بني إسرائيل في ذلك الزمان مالت عنقه فمات
كمدا وبقي بنو إسرائيل كالغنم بلا راع حتى بعث الله فيهم نبيا من الانبياء يقال له شمويل فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكا ليقاتلوا معه الاعداء فكان من أمرهم ما سنذكره مما قص الله في كتابه.
قال ابن جرير فكان من وفاة يوشع بن نون إلى أن بعث الله عزوجل شمويل بن بالي أربعمائة سنة وستون سنة.
ثم ذكر تفصيلها بمدد الملوك الذين ملكوا عليهم وسماهم واحدا واحدا تركنا ذكرهم قصدا.