البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي
فصل والمشهور أن الاسارى يوم بدر كانوا سبعين،
والقتلى من المشركين سبعين كما ورد في غير ما
__________
(1) في دلائل البيهقي: بن معبد.
وهو العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي
المدني.
(2) من البيهقي.
(3) أخرجه البخاري في كتاب العتق (49)، 11 باب إذا أسر أخو الرجل ح
2537 وأعاده في الجهاد - باب فداء المشركين.
(4) دلائل النبوة ج 3 / 40 (*)
(3/365)
حديث مما تقدم
وسيأتي إن شاء الله، وكما في حديث البراء بن عازب في صحيح البخاري أنهم
قتلوا يوم بدر سبعين، وأسروا سبعين.
وقال موسى بن عقبة: قتل يوم بدر من المسلمين من قريش ستة ومن الانصار
ثمانية (1)، وقتل من المشركين تسعة وأربعين، وأسر منهم تسعة وثلاثين.
هكذا رواه البيهقي عنه.
قال: وهكذا ذكر ابن لهيعة عن أبي الاسود عن عروة في عدد من استشهد من
المسلمين وقتل من المشركين (2).
ثم قال أخبرنا الحاكم أخبرنا الاصم أخبرنا أحمد بن عبد الجبار عن يونس
بن بكير عن محمد بن اسحاق.
قال واستشهد من المسلمين يوم بدر أحد عشر رجلا، أربعة من قريش وسبعة من
الانصار وقتل من المشركين بضعة وعشرون (3) رجلا وقال في موضع آخر: وكان
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعون (4) أسيرا، وكانت القتلى مثل
ذلك.
ثم روى البيهقي: من طريق أبي صالح كاتب الليث عن الليث عن عقيل عن
الزهري قال: وكان أول قتيل من المسلمين مهجع مولى عمر، ورجل من الانصار
وقتل يومئذ من المشركين زيادة على سبعين، وأسر منهم مثل ذلك، قال ورواه
ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة بن الزبير قال: قال البيهقي
- وهو الاصح - فيما رويناه في عدد من قتل من المشركين وأسر منهم، ثم
استدل على ذلك بما ساقه هو والبخاري أيضا من طريق أبي إسحاق عن البراء
بن عازب قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد عبد
الله بن جبير، فأصابوا منا سبعين [ يعني يوم أحد ] (5).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد أصابوا من المشركين يوم بدر
أربعين ومائة، سبعين أسيرا، وسبعين قتيلا (6).
قلت والصحيح أن جملة المشركين كانوا ما بين التسعمائة إلى الالف وقد
صرح قتادة بأنهم كانوا تسعمائة وخمسين رجلا، وكأنه أخذه من هذا الذي
ذكرناه والله أعلم.
وفي حديث عمر المتقدم أنهم كانوا زيادة على الالف، والصحيح الاول لقوله
عليه السلام: " القوم ما بين التسعمائة إلى الالف " وأما الصحابة يومئذ
فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كما سيأتي التنصيص على ذلك وعلى
أسمائهم إن شاء الله، وتقدم في حديث الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن وقعة
بدر كانت يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، وقاله أيضا عروة بن
الزبير وقتادة واسماعيل
__________
(1) في الدرر في اختصار المغازي: الجميع أربعة عشر رجلا، ستة من
المهاجرين وثمانية من الانصار: ستة من الاوس واثنان من الخزرج.
(2) في دلائل البيهقي: الكفار ج 3 / 122 - 123.
(3) في دلائل البيهقي: وأربعون.
(4) في دلائل البيهقي: أربعة وأربعين.
وفي رواية ابن هشام قال: كان قتلى قريش: خمسين رجلا.
وقال عن ابن عباس وسعيد بن المسيب: القتلى سبعون والاسرى كذلك.
(راجع سيرة ابن هشام 2 / 372 - دلائل النبوة 3 / 123).
(5) من دلائل البيهقي ح 3 / 124.
(6) أخرجه البخاري في 64 كتاب المغازي باب 10 ح 3986 وأعاده في التفسير
- سورة آل عمران - وأخرجه أبو داود في الجهاد في باب أي وقت يستحب
اللقاء ورواه البيهقي في الدلائل 3 / 124.
(*)
(3/366)
والسدي الكبير وأبو جعفر الباقر.
وروى البيهقي من طريق قتيبة عن جرير عن الاعمش عن إبراهيم عن الاسود عن
عبد الله بن مسعود في ليلة القدر قال: " تحروها لاحدى عشرة بقين فإن
صبيحتها يوم بدر " (1).
قال البيهقي: وروي عن زيد بن أرقم أنه سئل عن ليلة القدر فقال ليلة تسع
عشرة ما شك، وقال يوم الفرقان يوم التقى الجمعان.
قال البيهقي: والمشهور عن أهل المغازي أن ذلك لسبع عشرة ليلة مضت من
شهر رمضان.
ثم قال البيهقي أخبرنا أبو الحسين بن بشران، حدثنا أبو عمرو بن السماك
حدثنا حنبل بن إسحاق ثنا أبو نعيم ثنا عمرو بن عثمان سمعت موسى بن طلحة
يقول: سئل أبو أيوب الانصاري عن يوم بدر فقال: إما لسبع عشرة خلت، أو
ثلاث عشرة خلت أو لاحدى عشرة بقيت.
وإما لسبع (2) عشرة بقيت.
وهذا غريب جدا.
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة قباث بن أشيم الليثي من طريق
الواقدي وغيره
بإسنادهم إليه أنه شهد يوم بدر مع المشركين فذكر هزيمتهم مع قلة أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت أقول في نفسي ما رأيت مثل هذا
الامر فر منه إلا النساء والله لو خرجت نساء قريش بالسهاء (3) ردت
محمدا وأصحابه.
فلما كان بعد الخندق قلت لو قدمت المدينة فنظرت إلى ما يقول محمد وقد
وقع في نفسي الاسلام، قال فقدمتها فسألت عنه فقالوا: هو ذاك في ظل
المسجد في ملا من أصحابه، فأتيته وأنا لا أعرفه من بين أصحابه فسلمت.
فقال: يا قباث بن أشيم أنت القائل يوم بدر ما رأيت مثل هذا الامر فر
منه إلا النساء، فقلت: أشهد أنك رسول الله فإن هذا الامر ما خرج مني
إلى أحد قط، ولا تزمزمت (4) به إلا شيئا حدثت به نفسي، فلولا أنك نبي
ما أطلعك [ الله ] (5) عليه، هلم أبايعك على الاسلام فأسلمت. |