البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي
سنة خمس من الهجرة النبوية
غزوة دومة الجندل في ربيع الاول منها
قال ابن إسحاق: ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم دومة الجندل (1).
قال ابن هشام في ربيع الاول، - يعني من سنة خمس - واستعمل على المدينة
سباع بن عرفطة الغفاري.
قال ابن إسحاق: ثم رجع إلى المدينة قبل أن يصل إليها ولم يلق كيدا،
فأقام بالمدينة بقية سنته.
هكذا قال ابن إسحاق (2).
وقد قال محمد بن عمر الواقدي بإسناده عن شيوخه عن جماعة من السلف
قالوا: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدنو إلى أداني الشام،
وقيل له أن ذلك مما يفزع قيصر، وذكر له أن بدومة الجندل جمعا كبيرا
وأنهم يظلمون من مر بهم، وكان لها سوق عظيم وهم يريدون أن يدنوا من
المدينة، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فخرج في ألف من
المسلمين، فكان يسير الليل ويكمن النهار، ومعه دليل له من بني عذرة،
يقال له: مذكور، هاد خريت.
فلما دنا من دومة الجندل، أخبره دليله بسوائم بني تميم، فسار حتى هجم
على ماشيتهم ورعائهم فأصاب من أصاب وهرب من هرب في كل وجه، وجاء الخبر
أهل دومة الجندل فتفرقوا، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم
فلم يجد فيها أحدا، فأقام بها أياما، وبث السرايا ثم رجعوا وأخذ محمد
بن سلمة رجلا منهم فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن
أصحابه فقال: هربوا أمس، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
الاسلام فأسلم، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
قال الواقدي: وكان خروجه عليه السلام إلى دومة
__________
(1) دومة الجندل: دومة بضم الدال وتفتح بالضم عند أهل اللغة، وبالفتح
عند أصحاب الحديث قاله الجوهري.
من أعمال المدينة، تقع شمالي نجد وهي طرف من أفواه الشام بينها وبين
دمشق خمس ليال وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة.
قال البكري: سميت بدومى بن اسماعيل وكان نزلها (الروض الانف وشرح
المواهب 2 / 95).
(2) سيرة ابن هشام 3 / 224 (*)
(4/105)
الجندل في ربيع الآخر (1) سنة خمس.
قال: وفيه توفيت أم سعد بن عبادة وابنها مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في هذه الغزوة.
وقد قال أبو عيسى الترمذي في جامعه: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن
سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، أن أم سعد
ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك
شهر وهذا مرسل جيدا، وهو يقتضي أنه عليه السلام غاب في هذه الغزوة شهرا
فما فوقه على ما ذكره الواقدي رحمه الله. |