البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي

ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين
ففيها كانت غزوة الصواري، وغزوة الاساودة في البحر فيما ذكره الواقدي وقال أبو معشر:
كانت غزوة الصواري سنة أربع وثلاثين.
وملخص ذلك فيما ذكره الواقدي وسيف وغيرهما أن الشام كان قد جمعها لمعاوية بن أبي سفيان لسنتين مضتا من خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد أحرزه غاية الحفظ وحمى حوزته، ومع هذا له في كل سنة غزوة في بلاد الروم في زمن الصيف، - ولهذا يسمون هذه الغزوة الصائفة - فيقتلون خلقا، ويأسرون آخرين، ويفتحون حصونا ويغنمون أموالا ويرعبون الاعداء، فلما أصاب عبد الله بن سعد بن أبي سرح من أصاب من الفرنج والبربر، ببلاد إفريقية والاندلس، حميت الروم واجتمعت على قسطنطين بن هرقل، وساروا إلى المسلمين في جمع لم ير مثله منذ كان الاسلام، خرجوا في خمسمائة مركب (1)، وقصدوا عبد الله بن أبي سرح في أصحابه من المسلمين الذين ببلاد المغرب، فلما تراءى الجمعان بات الروم يقسقسون ويصلبون (2)، وبات المسلمون يقرأون ويصلون، فلما أصبحوا صف عبد الله بن سعد أصحابه صفوفا في المراكب، وأمرهم بذكر الله وتلاوة القرآن، قال بعض من حضر ذلك: فأقبلوا إلينا في أمر لم ير مثله من كثرة المراكب، وعقدوا صواريها، وكانت الريح لهم وعلينا، فأرسينا ثم سكنت الريح عنا، فقلنا لهم: إن شئتم خرجنا نحن وأنتم إلى البر فمات الاعجل منا ومنكم، قال فنخروا نخرة رجل واحد وقالوا: الماء الماء، قال فدنونا منهم وربطنا سفننا بسفنهم، ثم اجتلدنا وإياهم بالسيوف، يثب الرجال على الرجال بالسيوف والخناجر، وضربت الامواج في عيون تلك السفن حتى ألجأتها إلى الساحل وألقت الاموال جثث الرجال إلى الساحل حتى صارت مثل الجبل العظيم، وغلب الدم على لون الماء، وصبر المسلمون يومئذ صبرا لم يعهد مثله قط، وقتل منهم بشر كثير، ومن الروم أضعاف ذلك، ثم أنزل الله نصره على المسلمين فهرب قسطنطين وجيشه - وقد قلوا جدا - وبه جراحات شديدة مكينة مكث حينا يداوي منها بعد ذلك، وأقام عبد الله بن سعد بذات الصواري أياما، ثم رجع مؤيدا منصورا مظفرا.
قال الواقدي: فحدثني معمر عن الزهري قال: كان في هذه الغزوة محمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر، فأظهرا عيب عثمان وما غير وما خالف أبا بكر وعمر، ويقولان دمه حلال لانه استعمل عبد الله بن سعد - وكان قد ارتد وكفر بالقرآن العظيم وأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه، وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أقواما واستعملهم
عثمان، ونزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمل سعيد بن العاص وعبد الله بن عامر، فبلغ ذلك
__________
(1) في فتوح ابن الاعثم: في قريب من ألف مركب من مراكب الروم فيها المقاتلة والزرافات والنيران والنفط والمسلمون في خمسمائة مركب فيها رجال مقاتلة والخيل والسلاح والطعام الكثير 3 / 128.
وفي الطبري في خمسمائة مركب أو ستمائة كانت جموع الروم 5 / 70.
(2) في الطبري: يضربون بالنواقيس، وفي فتوح ابن الاعثم: يضربون بالصنوج والطنابير ويشربون الخمور وينفخون في الصفارات.
(*)

(7/177)


عبد الله بن سعد فقال: لا تركبا معنا، فركبا في مركب ما فيه أحد من المسلمين، ولقوا العدو فكانا أنكل المسلمين قتالا، فقيل لهما في ذلك فقالا: كيف نقاتل مع رجل لا ينبغي لنا أن نحكمه ؟ فأرسل إليهما عبد الله بن سعد فنهاهما أشد النهي وقال: والله لولا لا أدري ما يوافق أمير المؤمنين لعاقبتكما وحسبتكما.
قال الواقدي وفي هذه السنة فتحت أرمينية على يدي حبيب بن مسلمة.
وفي هذه السنة قتل كسرى ملك الفرس.
كيفية قتل كسرى ملك الفرس وهو يزدجرد قال ابن إسحاق: هرب يزدجرد من كرمان في جماعة يسيرة إلى مرو، فسأل من بعض أهلها مالا فمنعوه وخافوه على أنفسهم، فبعثوا إلى الترك يستفزونهم عليه، فأتوه فقتلوا أصحابه وهرب هو حتى أتى منزل رجل ينقر الارحية على شط، فأوى إليه ليلا، فلما نام قتله.
وقال المدائني: لما هرب بعد قتل أصحابه انطلق ماشيا عليه تاجه ومنطقته وسيفه، فانتهى إلى منزل هذا الرجل الذي ينقر الارحية فجلس عنده فاستغفله وقتله وأخذ ما كان عليه، وجاءت الترك في طلبه فوجدوه قد قتله وأخذ حاصله، فقتلوا ذلك الرجل وأهل بيته واخذوا ما كان مع كسرى، ووضعوا كسرى في تابوت وحملوه إلى اصطخر، وقد كان يزدجرد وطئ امرأة من أهل مرو قبل أن يقتل فحملت منه ووضعت بعد قتله غلاما ذاهب الشق وسمى ذلك الغلام المخدج، وكان له نسل وعقب في خراسان، وقد سبى قتيبة بن مسلم في بعض غزواته بتلك البلاد جاريتين من نسله، فبعث
بإحداهما إلى الحجاج، فبعث بها إلى الوليد بن عبد الملك فولدت له ابنه يزيد بن الوليد الملقب بالناقص.
وقال المدائني في رواية عن بعض شيوخه: إن يزدجرد لما انهزم عنه أصحابه عقر جواده وذهب ماشيا حتى دخل رحى على شط نهر يقال له المرغاب فمكث فيه ليلتين والعدو في طلبه فلم يدر أين هو، ثم جاء صاحب الرحى فرأى كسرى وعليه أبهته، فقال له: ما أنت ؟ إنسي أم جني ؟ قال: إنسي، فهل عندك طعام ؟ قال: نعم ! فأتاه بطعام فقال: إني مزمزم فأتني بما أزمزم به، قال: فذهب الطحان إلى أسوار من الاساورة فطلب منه ما يزمزم به، قال: وما تصنع به ؟ قال: عندي رجل لم أر مثله قط وقد طلب مني هذا، فذهب به الاسوار إلى ملك البلد - مرو واسمه ماهويه بن باباه - فأخبره خبره، فقال هو يزدجرد، اذهبوا فجيئوني برأسه، فذهبوا مع الطحان فلما دنوا من دار الرحى هابوا أن يقتلوه وتدافعوا وقالوا للطحان ادخل أنت فاقتله، فدخل فوجده نائما فأخذ حجرا فشدخ به رأسه ثم احتزه فدفعه إليهم وألقى جسده في النهر، فخرجت العامة إلى الطحان فقتلوه، وخرج أسقف فأخذ جسده من النهر وجعله في تابوت وحمله إلى اصطخر فوضعه في ناووس، ويروى أنه مكث في منزل ذلك الطحان ثلاثة أيام لا يأكل حتى رق له وقال له: ويحك يا مسكين ألا تأكل ؟ وأتاه بطعام فقال: إني لا أستطيع أن آكل إلا بزمزمة، فقال له: كل وأنا أزمزم لك، فسأل أن يأتيه بمزمزم، فلما ذهب يطلب له من بعض الاساورة شموا

(7/178)


رائحة المسك من ذلك الرجل، فأنكروا رائحة المسك منه فسألوه فأخبرهم فقال: إن عندي رجلا من صفته كيت وكيت، فعرفوه وقصدوه مع الطحان وتقدم الطحان فدخل عليه وهم بالقبض عليه فعرف يزدجرد ذلك فقال له: ويحك خذ خاتمي وسواري ومنطقتي ودعني أذهب من ههنا، فقال لا، أعطني أربعة دراهم وأنا أطلقك، فزاده إحدى قرطيه من أذنه فلم يقبل حتى يعطيه أربعة دراهم أخرى، فهم في ذلك إذ دهمهم الجند فلما أحاطوا به أرادوا قتله قال: ويحكم لا تقتلوني فإنا نجد في كتبنا أن من اجترأ على قتل الملوك عاقبه الله بالحريق في الدنيا مع ما هو قادم عليه، فلا تقتلوني واذهبوا بي إلى الملك أو إلى العرب، فإنهم يستحيون من قتل الملوك، فأبوا عليه ذلك
فسلبوه ما كان عليه من الحلى فجعلوه في جراب وخنقوه بوتر وألقوه في النهر فتعلق بعود فأخذه أسقف - واسمه إيليا - فحن عليه مما كان من أسلافه من الاحسان إلى النصارى الذين كانوا ببلادهم، فوضعه في تابوت ودفنه في ناووس، ثم حمل ما كان عليه من الحلى إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ففقد قرط من حليه فبعث إلى دهقان تلك البلاد فأغرمه ذلك.
وكان ملك يزدجرد عشرين سنة، منها أربع سنين في دعة، وباقي ذلك هاربا من بلد إلى بلد، خوفا من الاسلام وأهله، وهو آخر ملوك الفرس في الدنيا على الاطلاق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " رواه البخاري.
وثبت في الحديث الصحيح أنه لما جاء كتاب النبي صلى الله عليه وسلم مزقه، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزق كل ممزق، فوقع الامر كذلك، وفي هذه السنة فتح ابن عامر فتوحات كثيرة كان قد نقض أهلها ما كان لهم من الصلح، فمن ذلك ما فتح عنوة، ومن ذلك ما فتح صلحا، فكان في جملة ما صالح عليه بعض المدائن وهي مرو على ألفي ألف مائتي ألف، وقيل على ستة آلاف ألف ومائتي ألف.
وفي هذه السنة حج بالناس عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين
وفيها غزا معاوية بلاد الروم حتى بلغ المضيق - مضيق القسطنطينية - ومعه زوجته عاتكة، ويقال فاطمة (1) بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف.
قاله أبو معشر والواقدي: وفيها استعمل سعيد بن العاص سلمان بن ربيعة على جيش وأمره أن يغزو الباب، وكتب إلى عبد الرحمن بن ربيعة نائب تلك الناحية بمساعدته، فسار حتى بلغ بلنجر فحصروها ونصب عليها المجانيق والعرادات.
ثم إن أهل بلنجر خرجوا إليهم وعاونهم الترك فاقتتلوا قتالا شديدا - وكانت الترك تهاب قتال المسلمين، ويظنون أنهم لا يموتون - حتى اجترأوا عليهم بعد ذلك، فلما كان هذا اليوم التقوا معهم فاقتتلوا، فقتل يومئذ عبد الرحمن بن ربيعة - وكان يقال له ذو النون (2) - وانهزم
__________
(1) في الاصابة: فاختة.
(2) في الطبري: ذو النور.
(*)

(7/179)


المسلمون فافترقوا فرقتين، ففرقة ذهبت إلى بلاد الخزر.
وفرقة سلكوا ناحية جيلان وجرجان، وفي هؤلاء أبو هريرة وسلمان الفارسي.
وأخذت الترك جسد عبد الرحمن بن ربيعة - وكان من سادات المسلمين وشجعانهم - فدفنوه في بلادهم فهم يستسقون عنده إلى اليوم، ولما قتل عبد الرحمن بن ربيعة استعمل سعيد بن العاص على ذلك الفرع سلمان بن ربيعة، وأمدهم عثمان بأهل الشام عليهم حبيب بن مسلمة، فتنازع حبيب وسلمان في الامرة حتى اختلفا، فكان أول اختلاف وقع بين أهل الكوفة وأهل الشام، حتى قال في ذلك رجل من أهل الكوفة وهو أوس (1): فإن تضربوا سلمان نضرب حبيبكم * وإن ترحلوا نحو ابن عفان نرحل وإن تقسطوا فالثغر ثغر أميرنا * وهذا أمير في الكتائب مقبل ونحن ولاة الثغر كنا حماته * ليالي نرمي كل ثغر وننكل وفيها فتح ابن عامر مرو الروذ والطالقان والفارياب والجوزجان وطخارستان.
فأما مرو الروذ فبعث إليهم ابن عامر الاحنف بن قيس فحصرها فخرجوا إليه فقاتلهم حتى كسرهم فاضطرهم إلى حصنهم، ثم صالحوه على مال جزيل وعلى أن يضرب على أراضي الرعية الخراج، ويدع الارض التي كان اقتطعها كسرى لوالد المرزبان، صاحب مرو، حين قتل الحية التي كانت تقطع الطريق على الناس وتأكلهم، فصالحهم الاحنف على ذلك، وكتب لهم كتاب صلح بذلك (2)، ثم بعث الاحنف الاقرع بن حابس إلى الجوزجان ففتحها بعد قتال وقع بينهم، قتل فيه خلق من شجعان المسلمين، ثم نصروا فقال في ذلك أبو كثير النهشلي قصيدة طويلة فيها: سقى مزن السحاب إذا استهلت * مصارع فتية بالجوزجان إلى القصرين من رستاق خوط * أبادهم هناك الاقرعان ثم سار الاحنف من مرو الروذ إلى بلخ فحاصرهم حتى صالحوه على أربعمائة ألف، واستناب ابن عمه أسيد بن المشمس (3) على قبض المال، ثم ارتحل يريد الجهاد، وداهمه الشتاء فقال لاصحابه: ما تشاؤون ؟ قالوا: قد قال عمرو بن معد يكرب:
إذا لم تستطع شيئا فدعه * وجاوزه إلى ما تستطيع فأمر الاحنف بالرحيل إلى بلخ فأقام بها مدة الشتاء، ثم عاد إلى عامر فقيل لابن عامر ما فتح على أحد ما فتح عليك، فارس وكرمان وسجستان وعامر خراسان، فقال: لا جرم، لاجعلن شكري لله على ذلك أن أحرم بعمرة من موقفي هذا مشمرا فأحرم بعمرة من نيسابور، فلما قدم على
__________
(1) أوس بن مغراء.
(2) ذكر الطبري نص كتاب الاحنف في تاريخه 5 / 81.
(3) في الطبري: المتشمس.
(*)

(7/180)


عثمان لامه على إحرامه من خراسان.
وفيها أقبل قارن في أربعين ألفا (1) فالتقاه عبد الله بن خازم في أربعة آلاف، وجعل لهم مقدمة ستمائة رجل، وأمر كلا منهم أن يحمل على رأس رمحه نارا، وأقبلوا إليهم في وسط الليل فبيتوهم فثاروا إليهم فناوشتهم المقدمة فاشتغلوا بهم، وأقبل عبد الله بن خازم بمن معه من المسلمين فاتفقوا هم وإياهم، فولى المشركون مدبرين، واتبعهم المسلمون يقتلون من شاؤوا كيف شاؤوا.
وغنموا سبيا كثيرا وأموالا جزيلة، ثم بعث عبد الله بن خازم بالفتح إلى ابن عامر، فرضي عنه وأقره على خراسان - وكان قد عزله عنها - فاستمر بها عبد الله بن خازم إلى ما بعد ذلك.
ذكر من توفي من الاعيان في هذه السنة العباس بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو الفضل المكي عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووالد الخلفاء العباسيين، وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث، أسر يوم بدر فافتدى نفسه بمال، وافتدى ابني أخويه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث.
وقد ذكرنا أنه لما أسر وشد في الوثاق وأمسى الناس، أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله ما لك ؟ فقال " إني أسمع أنين العباس في وثاقه فلا أنام " فقام رجل من المسلمين فحل من وثاق العباس حتى سكن أنينه فنام
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم عام الفتح، وتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجحفة فرجع معه، وشهد الفتح، ويقال إنه أسلم قبل ذلك ولكنه أقام بمكة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك، كما ورد به الحديث فالله أعلم.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجله ويعظمه وينزله منزلة الوالد من الولد، ويقول " هذا بقية آبائي " وكان من أوصل الناس لقريش وأشفقهم عليهم، وكان ذا رأي وعقل تام واف، وكان طويلا جميلا أبيض بضا ذا طفرتين وكان له من الولد عشرة ذكور سوى الاناث، وهم تمام - وكان أصغرهم - والحارث، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وعون (2)، والفضل، وقثم، وكثير، ومعبد.
وأعتق سبعين مملوكا من غلمانه.
وقال الامام أحمد: ثنا علي بن عبد الله قال: حدثني محمد بن طلحة التميمي من أهل المدينة حدثني أبو سهيل نافع بن مالك عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس " هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلها (3) " تفرد به وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر حين بعثه على الصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) من أهل الطبسين وأهل باذعيس وهراة وقوهستان.
(2) لم يرد في ابن سعد.
(3) أخرجه الامام أحمد في مسنده ج 1 / 185.
(*)

(7/181)


" ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي على ومثلها " ثم قال: " يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه " ؟ وثبت في صحيح البخاري عن أنس أن عمر خرج يستسقي وخرج بالعباس معه يستسقي به، وقال اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، قال فيسقون (1)، ويقال إن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا إذا مرا بالعباس وهما راكبان ترجلا إكراما له.
قال الواقدي وغير واحد: توفي العباس في يوم الجمعة لثنتي عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل من رمضان سنة ثنتين وثلاثين، عن ثمان وثمانين سنة، وصلى عليه
عثمان بن عفان، ودفن بالبقيع وقيل توفي سنة ثلاث وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين، وفضائله ومناقبه كثيرة جدا.
عبد الله بن مسعود ابن غافل بن حبيب بن سمح (2) بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تيم ابن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر الهذلي، أبو عبد الرحمن حليف بني زهرة، أسلم قديما قبل عمر، وكان سبب إسلامه حين مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، وهو يرعى غنما فسألاه لبنا فقال: إني مؤتمن، قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عناقا لم ينز عليها الفحل فاعتقلها ثم حلب وشرب وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع " أقلص " فقلص، فقلت علمني من هذا الدعاء فقال: " إنك غلام معلم " (3)، الحديث.
وروى محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه: أن ابن مسعود كان أول من جهر بالقرآن بمكة، بعد النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت، وقريش في أنديتها قرأ سورة الرحمن علم القرآن، فقاموا إليه فضربوه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحمل نعليه وسواكه، وقال له إذنك على أن تسمع سوادي (4) ولهذا كان يقال له صاحب السواك والوساد، وهاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وهو الذي قتل أبا جهل بعد ما أثبته إبنا عفراء، وشهد بقية المشاهد، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما " اقرأ علي " فقلت أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال " إني أحب أن أسمعه من غيري " فقرأ عليه من أول سورة النساء إلى قوله * (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) * فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " حسبك " وقال أبو موسى: قدمت أنا وأخي من اليمن وما كنا نظن إلا أن ابن مسعود وأمه من أهل
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء (باب: 3) ح (1010) فتح الباري 2 / 492.
(2) في ابن سعد شمخ.
وفي الاصابة: شخص بن قار.
وفي الاستيعاب: شمخ بن فان.
(3) أخرجه الامام أحمد في مسنده 1 / 379 والفسوي في المعرفة والتاريخ 2 / 537.
(4) العبارة في الاستيعاب: إذنك علي أن ترفع الحجاب وأن تستمع سوادي حتى أنهاك (انظر الاصابة 2 / 369 وهامشها 2 / 318 وابن سعد 3 / 154).
(*)

(7/182)


بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لكثرة دخولهم بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال حذيفة ما رأيت أحدا أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وسمته من ابن مسعود، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله زلفى، وفي الحديث " وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " وفي الحديث الآخر الذي رواه أحمد: عن محمد بن فضيل، عن مغيرة، عن أم حرسي عن علي أن ابن مسعود صعد شجرة يجتني الكبات فجعل الناس يعجبون من قدة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد " وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وقد نظر إلى قصره وكان يوازي بقامته الجلوس - فجعل يتبعه بصره ثم قال هو كنيف ملئ علما.
وقد شهد ابن مسعود بعد النبي صلى الله عليه وسلم مواقف كثيرة، منها اليرموك وغيرها، وكان قدم من العراق حاجا فمر بالربذة فشهد وفاة أبي ذر ودفنه، ثم قدم إلى المدينة فمرض بها فجاءه عثمان بن عفان عائدا، فيروى أنه قال له: ما تشتكي ؟ قال ذنوبي، قال فما تشتهي ؟ رحمة ربي، قال ألا آمر لك بطبيب ؟ فقال: الطبيب أمرضني، قال ألا آمر لك بعطائك ؟ - وكان قد تركه سنتين - فقال: لا حاجة لي فيه.
فقال: يكون لبناتك من بعدك، فقال أتخشى على بناتي الفقر ؟ إني أمرت بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا " وأوصى عبد الله بن مسعود إلى الزبير بن العوام، فيقال إنه هو الذي صلى عليه ليلا، ثم عاتب عثمان الزبير على ذلك، وقيل بل صلى عليه عثمان، وقيل عمار، فالله أعلم.
ودفن بالبقيع عن بضع وستين سنة.
عبد الرحمن بن عوف ابن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة، أبو محمد القرشي الزهري، أسلم قديما على يدي أبي بكر، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وشهد بدرا وما بعدها، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى بني كلب وأرخى له عذبة بين كتفيه، لتكون أمارة عليه للامارة، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الثمانية
السابقين إلى الاسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى، ثم أحد الثلاثة الذين انتهت إليهم منهم، كما ذكرنا.
ثم كان هو الذي اجتهد في تقديم عثمان رضي الله عنه، وقد تقاول هو وخالد ابن الوليد في بعض الغزوات فأغلظ له خالد في المقال، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه (1) " وهو في الصحيح.
وقال معمر عن الزهري: تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بشطر ماله
__________
(1) وأخرجه ابن ماجه في المقدمة ح (161) 1 / 57.
وفي زوائده: اسناده صحيح والمد: مكيال معروف ومعلوم، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز.
(*)

(7/183)


اربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفا ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على خمسمائة راحلة في سبيل الله، وكان عامة ماله من التجارة، فأما الحديث الذي قال عبد بن حميد في مسنده: ثنا يحيى بن إسحق، ثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن عفان (1) فقال له إن لي حائطين فاختر أيهما شئت، فقال: بارك الله لك في حائطيك، ما لهذا أسلمت، دلني على السوق، قال فدله فكان يشتري السمنة والاقيطة والاهاب، فجمع فتزوج فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال " بارك الله لك أولم ولو بشاة " قال فكثر ماله حتى قدمت له سبعمائة راحلة تحمل البر وتحمل الدقيق والطعام، قال: فلما دخلت المدينة سمع لاهل المدينة رجة، فقالت عائشة: ما هذه الرجة ؟ فقيل لها عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف سبعمائة تحمل البر والدقيق والطعام.
فقال عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يدخل عبد الرحمن بن عوف الجنة حبوا " فلما بلغ عبد الرحمن ذلك قال: أشهدك يا أمه أنها بأحمالها وأحلاسها وأقتابها في سبيل الله.
وقال الامام أحمد: ثنا عبد الصمد بن حسان، ثنا عمارة - هو ابن زاذان - عن ثابت عن أنس قال: بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتا في المدينة قالت: ما هذا ؟ قالوا عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل كل شئ - قال وكانت سبعمائة بعير - قال فارتجت المدينة من الصوت، فقالت عائشة
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا " (2) فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فقال: لئن استطعت لادخلها قائما، فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله.
فقد تفرد به عمارة بن زاذان الصيدلاني وهو ضعيف.
وأما قوله في سياق عبد بن حميد: إنه آخى بينه وبين عثمان بن عفان، فغلط محض مخالف لما في صحيح البخاري من أن الذي آخى بينه وبينه إنما هو سعد بن الربيع الانصاري رضي الله عنهما، وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى وراءه الركعة الثانية من صلاة الفجر في بعض الاسفار، وهذه منقبة عظيمة لا تبارى.
ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار - وكانوا مائة - فأخذوها حتى عثمان وعلي، وقال علي: اذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها، وسبقت زيفها وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كثير حتى كانت عائشة تقول سقاه الله من السلسبيل.
وأعتق خلقا من مماليكه ثم ترك بعد ذلك كله مالا جزيلا، من ذلك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال، وترك ألف بعير ومائة فرس، وثلاثة آلاف شاة ترعى بالبقيع، وكان نساءه أربعا فصولحت إحداهن من ربع الثمن بثمانين ألفا، ولما مات صلى عليه عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص، ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة.
وكان أبيض مشربا حمرة حسن الوجه، دقيق
__________
(1) روى الحديث ابن سعد عن أنس وفيه: ان سعد بن الربيع قال ذلك لعبد الرحمن بن عوف (الطبقات 3 / 125).
(2) أخرجه أحمد في المسند ج 6 / 115.
(*)

(7/184)


البشرة، أعين أهدب الاشفار، أقنى، له جمة، ضخم الكفين، غليظ الاصابع، لا يغير شيبه رضي الله عنه.
أبو ذر الغفاري واسمه جندب بن جنادة على المشهور، أسلم قديما بمكة فكان رابع أربعة أو خامس خمسة.
وقصة إسلامه تقدمت قبل الهجرة، وهو أول من حيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الاسلام، ثم رجع إلى
بلاده وقومه، فكان هناك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فهاجر بعد الخندق ثم لزم رسول الله صلى الله عليه وسلم حضرا وسفرا، وروى عنه أحاديث كثيرة، وجاء في فضله أحاديث كثيرة، من أشهرها ما رواه الاعمش، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، عن أبي حرب بن أبي الاسود، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر " وفيه ضعف.
ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات أبو بكر خرج إلى الشام فكان فيه حتى وقع بينه وبين معاوية فاستقدمه عثمان إلى المدينة، ثم نزل الربذة فأقام بها حتى مات في ذي الحجة من هذه السنة، وليس عنده سوى امرأته وأولاده، فبينما هم كذلك لا يقدرون على دفنه إذ قدم عبد الله بن مسعود من العراق في جماعة من أصحابه، فحضروا موته، وأوصاهم كيف يفعلون به، وقيل قدموا بعد وفاته فولوا غسله ودفنه، وكان قد أمر أهله أن يطبخوا لهم شاة من غنمه ليأكلوه بعد الموت، وقد أرسل عثمان بن عفان إلى أهله فضمهم مع أهله.
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين
فيها كان فتح قبرص (1) في قول أبي معشر، وخالفه الجمهور فذكروها قبل ذلك كما تقدم، وفيها غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح إفريقية ثانية، حين نقض أهلها العهد.
وفيها سير أمير المؤمنين جماعة من قراء أهل الكوفة إلى الشام، وكان سبب ذلك أنهم تكلموا بكلام قبيح في مجلس سعيد بن عامر، فكتب إلى عثمان في أمرهم، فكتب إليه عثمان أن يجليهم عن بلده إلى الشام، وكتب عثمان إلى معاوية أمير الشام أنه قد أخرج إليك قراء من أهل الكوفة فأنزلهم وأكرمهم وتألفهم.
فلما قدموا أنزلهم معاوية وأكرمهم واجتمع بهم ووعظهم ونصحهم فيما يعتمدونه من اتباع الجماعة وترك الانفراد والابتعاد، فأجاب متكلمهم والمترجم عنهم بكلام فيه بشاعة وشناعة، فاحتملهم معاوية لحلمه، وأخذ في مدح قريش - وكانوا قد نالوا منهم - وأخذ في المدح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والثناء عليه، والصلاة والتسليم.
وافتخر معاوية بوالده وشرفه في قومه، وقال فيما قال: وأظن أبا سفيان لو ولد الناس كلهم لم يلد إلا حازما، فقال له صعصعة بن صوحان: كذبت، قد
__________
(1) في معظم المراجع العربية والاسلامية وردت قبرس فيها بالسين لا بالصاد.
(*)

(7/185)


ولد الناس كلهم لمن هو خير من أبي سفيان من خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البر والفاجر، والاحمق والكيس.
ثم بذل لهم النصح مرة أخرى فإذا هم يتمادون في غيهم، ويستمرون على جهالتهم وحماقتهم، فعند ذلك أخرجهم من بلده ونفاهم عن الشام، لئلا يشوشوا عقول الطغام، وذلك أنه كان يشتمل مطاوي كلامهم على القدح في قريش كونهم فرطوا وضيعوا ما يجب عليهم من القيام فيه، من نصرة الدين وقمع المفسدين.
وإنما يريدون بهذا التنقيص والعيب ورجم الغيب، وكانوا يشتمون عثمان وسعيد بن العاص، وكانوا عشرة، وقيل تسعة وهو الاشبه، منهم كميل بن زياد، والاشتر النخعي - واسمه مالك بن يزيد - وعلقمة بن قيس النخعيان، وثابت بن قيس النخعي، وجندب بن زهير العامري، وجندب بن كعب الازدي، وعروة بن الجعد وعمرو بن الحمق الخزاعي (1).
فلما خرجوا من دمشق أووا إلى الجزيرة فاجتمع بهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد - وكان نائبا على الجزيرة.
ثم ولى حمص بعد ذلك - فهددهم وتوعدهم، فاعتذروا إليه وأنابوا إلى الاقلاع عما كانوا عليه، فدعا لهم وسير مالكا الاشتر النخعي إلى عثمان بن عفان ليعتذر إليه عن أصحابه بين يديه، فقيل ذلك منهم وكف عنهم وخيرهم أن يقيموا حيث أحبوا، فاختاروا أن يكونوا في معاملة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فقدموا عليه حمص، فأمرهم بالمقام بالساحل، وأجرى عليهم الرزق.
ويقال بل لما مقتهم معاوية كتب فيهم إلى عثمان فجاءه كتاب عثمان أن يردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة، فردهم إليه، فلما رجعوا كانوا أزلق ألسنة، وأكثر شرا، فضج منهم سعيد بن العاص إلى عثمان، فأمره أن يسيرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بحمص، وأن يلزموا الدروب.
وفي هذه السنة سير عثمان بعض أهل البصرة منها إلى الشام، وإلى مصر بأسباب مسوغة لما فعله رضي الله عنه، فكان هؤلاء ممن يؤلب عليه ويمالئ الاعداء في الحط والكلام فيه، وهم الظالمون في ذلك، وهو البار الراشد رضي الله عنه.
وفي هذه السنة حج بالناس أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وتقبل الله منه.