الإنباء في تاريخ الخلفاء

 [مقدمة]
بسم الله الرّحمن الرّحيم اللَّهمّ عونك، يا كريم..
الحمد للَّه المتفرد بالأزلية والقدم، المبدع لكل ما سواه بعد العدم، الّذي لا تحده الصفات، ولا تحويه الجهات، المتفرد بعز جلاله عن مشاركة الأنداد واتخاذ الصاحبة والأولاد، والصلاة على سيد الأمم محمد المبعوث إلى العرب والعجم، وعلى خلفائه الأربعة الراشدين أهل الجود والكرم، وعلى آله وعترته الطاهرين ما اختلفت الأنوار والظلم، وعلى عمّه وصنو أبيه العبّاس بن عبد المطلب أبى الخلفاء الراشدين وجد سيدنا ومولا [نا] [1] «1» المستنجد باللَّه أمير المؤمنين، أعزّ الله بدوام دولته الإسلام والمسلمين وجعل كلمة النبوّة باقية في عقبه إلى يوم الدين.
وبعد:
فإنّي ذاكر في [كتا] بى هذا طرفا من أخبار الدولة القاهرة العباسية وفصلا من مناقب الدعوة الهادية الهاشمية- وأبتدئ بذكر سيد البشر والشفيع [المشفّع] يوم العرض الأكبر، ثم بعده بالأئمة الأربعة، ثم من أفضى إليه الأمر بعدهم من بنى أميّة إلى أن عاد الحق إلى أهله ورجع إلى من هو أولى به وهم آل النبي- عليه الصلاة والسلام- وبنو عمّه وورّاث علمه وأمناؤه على وحيه، القائمون بنصرة السنة، والمهديون أهل الرأفة والرحمة [و] نبدأ بمن بدأ [الله بذ] كره وفضّله على سائر خلقه وهو سيّد المرسلين [1 ب] وخاتم النبيين، أبو القاسم محمد- صلوات [الله] عليه وسلامه.
وأنا أذكر نسبه ومولده وأزواجه وجواريه ومواليه وخدمه وأعمامه، ثم الخلفاء الراشدين بعده، ثم أنزل على الترتيب إلى أن أختم الكتاب بالأيام المستنجدية أدامها الله تعالى.
__________
[1] راجع التعليقات في نهاية النص.

(1/43)


نسبه «2» ، صلوات الله عليه وسلامه:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهذا هو المتفق عليه، وما بعد عدنان فقد اختلفت الروايات فيه فقال الأكثرون: عدنان بن أدّ بن أدد بن الهميسع بن يشجب بن نبت بن سلامان بن حمل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر بن ناحور ابن أشوع بن [ارغو] بن فالخ بن عابر بن شالخ، وهو هود- عليه السلام- بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن مالك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس- عليه السلام- ابن يزد بن مهليل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم- عليه السلام- وكان النبي- صلّى الله عليه وسلم- لا يتجاوز عدنان، ويقول: كذب النسّابون بعده.
مولده، صلوات الله وسلامه عليه:
ولد عام الفيل، يوم الاثنين لثمان خلون من شهر [2 أ] ربيع الأول، وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، وتزوج آمنة عبد الله بن عبد المطلب فحملت برسول الله- صلّى الله عليه وسلم- يوم الاثنين ومات أبوه وله ثلاث سنين، وكان في حجر جدّه عبد المطلب وأرضعته امرأة من بنى سعد يقال لها حليمة، وبقي عندها في حيّها إلى أن شبّ وسعى فمضى جده عبد المطلب وأخذه منها وردّه إلى مكة.
ولما قرب من مكة ضاع منه فتطلبه فوجده تحت شجرة ساجدا نحو الكعبة. فلما أبصره على تلك الحال قال: سيكون لهذا الطفل شأن، ثم أخذه من هناك وردّه إلى أمه، ولما أتت عليه ست سنين ماتت أمه، ولما أتت عليه ثمان سنين وشهران [و] عشرة أيام توفى جده عبد المطلب فرباه عمّه أبو طالب وكان أخا عبد الله لأبويه، وكان يعرف- صلّى الله عليه وسلم- بين العرب بيتيم أبى طالب. وكان أبو طالب به رفيقا ولذلك وعد الله تعالى بتخفيف العذاب عن أبى طالب وعن حاتم الطائي، ذاك لبرّه برسول الله

(1/44)


- صلّى الله عليه وسلم- وهذا لجوده وكرمه «3» حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنهما يعذبان في ضحضاح من النار» . ولما أتت عليه اثنتا عشرة سنة وشهران وعشرة أيام ارتحل به أبو طالب تاجرا إلى الشام. فلما نزل تيماء رآه حبر من [رهبان] تيماء يقال له بحيرا الراهب، فقال لأبى طالب: من هذا الغلام الّذي معك؟ [2 ب] قال: إنه ابن أخى فقال له: أشفيق أنت عليه؟ قال: نعم. قال:
فو الله إن قدمت به الشام ليقتلنه اليهود فإنه عدوّ لهم، فوجّه به إلى مكة. فلما أتت عليه خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيام خطب إلى خديجة نفسها فحضر أبو طالب ومعه عمها «4» وسائر رؤساء مضر وخطب أبو طالب وتزوجها. وكان ولده منها سبعة: القاسم وبه كان يكنّى، والطاهر وكان أيضا يكنّى أبا الطاهر، والطيب، وفاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم. وأتته النبوة وهو في غار حراء وهو ابن أربعين سنة. وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة ثم هاجر إلى المدينة فأقام عندهم عشر سنين. وتوفى صلوات الله عليه وسلامه بالمدينة وقبره بها في المسجد، في حجرة عائشة أم المؤمنين- صلوات الله عليها- ودفن في موضعه الّذي مات فيه وصلى عليه المسلمون أفرادا، وكفّن «5» في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ولا سراويل «6» ، وسوى لحده وتولى غسله عليّ والعباس والفضل بن العباس وقثم ابن العباس وأسامة بن زيد مولاه وشقران مولاه، ودخل «7» قبره عليّ والفضل وقثم وشقران، وسجى ببرد حبرة. ومات صلى الله عليه وسلم وله ثلاث وستون سنة، وكان مولده يوم الإثنين، ونبّئ يوم الإثنين لأيام خلت من ربيع الأول، وهاجر يوم الاثنين، ومات يوم الاثنين مستهل ربيع الأول ودفن ليلة الأربعاء وكانت مدة مرضه أربعة [3 أ] عشر يوما- صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرين الطيبين الأكرمين، صلاة دائمة أبدا سرمدا إلى يوم الدين.

(1/45)


أزواجه- صلى الله عليه وسلم-:
خديجة، بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصىّ بن كلاب، وهي أول امرأة تزوج بها وهو ابن خمس وعشرين سنة، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج في حياتها غيرها، فبقيت عنده قبل الوحي خمس عشرة سنة، وماتت ولرسول الله- صلى الله عليه وسلم- تسع وأربعون سنة سنة وثمانية أشهر.
سودة بنت زمعة «8» ، بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن النضر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤيّ بن غالب، تزوج بها بعد خديجة.
عائشة بنت أبى بكر الصديق «9» - رضى الله عنهما- لم يتزوج بكرا غيرها، تزوجها بمكة وهي بنت ست سنين وبنى بها بعد الهجرة بسنة وهي بنت تسع سنين، وماتت سنة ثمان وخمسين من الهجرة.
حفصة بنت عمر بن الخطاب «10» تزوجها قبل الهجرة بسنتين وتوفيت بالمدينة في خلافة عثمان بن عفان.
زينب بنت خزيمة «11» بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن عبد مناف ابن هلال بن عامر بن صعصعة، وتوفيت في حياة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
أم سلمة «12» ، بنت أبى أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
زينب [3 ب] بنت جحش «13» ، كانت أول نسائه موتا.
جويرية بنت الحارث «14» بن أبى ضرار، من بنى المصطلق.
أم حبيبة بنت أبى سفيان «15» صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس.
صفية بنت حيىّ بن أخطب «16» من بنى النضير، من ولد هارون بن عمران، وهي آخر أمهات المؤمنين موتا.
ميمونة بنت الحارث «17» ، وهي خالة عبد الله بن العباس.
عمرة «18» .
وكان صداق نسائه- صلى الله عليه وسلم- خمس مائة درهم ورقا.

(1/46)


أسماء جواريه- عليه السلام-:
مارية القبطية، وأم أيمن «19» ، وكانت حاضنته، وزوجها زيد بن حارثة وهي أم أسامة بن زيد، ورضوى، وسلمى.
مواليه «20» - صلى الله عليه وسلم-:
زيد، بركة، أسلم، أبو كبشة، أنسة، ثوبان، شقران، يسار، فضالة.
أبو مويهبة، سفينة، [أبو] رافع. وخدمه من الأحرار، أنس بن مالك، [هند] وأسماء، ابنتا خارجة.
وأما أولاده- صلى الله عليه وسلم-:
فإنّهم كانوا كلهم من خديجة [و] قد مضى ذكرهم إلا إبراهيم وحده فإنه ابن مارية القبطية.
أعمامه، صلوات الله عليه وسلامه-:
حمزة سيد الشهداء، أبو لهب واسمه عبد العزّى، ضرار، الزبير، المقوم، الحارث، الغيداق، العباس، أبو طالب، قثم.
عماته «21» - صلى الله عليه وسلم-:
أميمة، أم حكيم وهي البيضاء، برّة، عاتكة، صفية أم الزبير [4 أ] بن العوام، أروى.
الخلفاء الراشدون بعده «22»
[فسيدهم وأفضلهم وأعلمهم الّذي قدمه الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم] [1] «23»