البدء والتاريخ
المجلد الرابع
الفصل الثاني عشر [1] في ذكر أديان أهل
الأرض ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم من [2] أهل الكتاب وغيرهم
اعلم انّ اختلاف الناس في مذاهبهم واعتقاداتهم كفاء اختلافهم في
أخلاقهم وهممهم وإراداتهم وألوانهم وألسنتهم فكما لا تجد اثنين على
صورة واحدة وصيغة واحدة وهمة واحدة إلا في الشاذ النادر فكذلك في وجود
اثنين على رأي واحد [F 112 V]
وخاطر واحد وإن كان الدين الواحد يجمع عالما من الخلق فإن الآراء
يتوزعهم والهمم تتشعب بهم اللَّهمّ إلا الطوائف المقلدة فإن إجماعهم
على ما يزعمون دعوى لا حقيقة له عند
__________
[1] . عشرةMS،
[2] . في MS.
(4/1)
التفتيش فليذكر الآن ما بلغنا من ديانات
أهل الأرض على سبيل الإيجاز والاختصار ونقول وباللَّه التوفيق أن لا
يخلو الإنسان العاقل من اعتقاد حق أو باطل أو الوقوف موقف الشك ولا
يجوز أن لا يوجد لمميز إحدى الحالات التي ذكرنا إلا أن يكون ناقص العقل
عن الاعتقاد والشك فلا يجوز أن يعد من جملة المخاطبين ولا يجوز بقاء
الشك لأن الشك من الجهل بالشيء وتكافؤ العلل فيه بتحقيق شيء أو إبطاله
كما لا يجوز قيام الأدلة على وجود شيء وعدمه في حالة واحدة ووقت واحد
وبورود العلم بالشيء [و] زوال الجهل عنه فيحصل المشكوك فيه إما معلوما
أو مجهولا وقد بطلت منزلة الشك والسلام فالناس إذا لا يخلون من اعتقاد
ديانة ما أو تعطيل في الجملة،،،
ذكر المعطلة
ولهم أسماء أخرى يقال لهم الملاحدة والدهرية والزنادقة والمهملة وهم
أقل الناس عددا وأفيلهم رأيا وأشرهم حالا وأوضعهم منزلة يقولون بقدم
أعيان العالم والأجسام وتولد النبات والحيوان من الطبائع باختلاف
الأزمنة ورجوعها إلى أصولها ولا صانع لها ولا خالق ولا مدبر ولا محي
ولا مميت ولا معاقب ولا مثيب ولا حافظ ولا حسيب فلا يرون
(4/2)
السعي إلا فيما يعود بصلاح أجسامهم وقوة
نفوسهم في اعطائها مناها من الملاذ والشهوات والملاهي من غير مراقبة
أحد ولا إيثار تجمل ولا الكف عن تعاطي محظور تاقت النفس إليه ولا مشكور
صانع فيما صنع إليه ولم يفتعل على غيره أو يكف مساءته أو يغيث ملهوفا
أو ينصر مظلوما أو يراعى حقا أو يؤدي فرضا أو ينجز وعدا أو يفي بعهد أو
يرحم ذا ضفف أو يستعمل الإنسانية أو يتكلف التجمل في شيء سرا وعلانية
من لا يرى لنفسه صانعا ولأفعاله مراقبا ولا له على إحسانه وإساءته
مثيبا ولا معاقبا ولا بعد الموت والبلى نشورا وحياة وما الذي يمنع من
هذا نحلته وعقيدته من ركوب الفواحش وإتيان المآثم وانتهاك المحارم
والإشراف في المظالم والتهور في الفساد والخوض في الباطل وقلة المبالاة
بموجب العقل والإعراض عن اللوازم والاستحقاق بملتزمي الشرائع و [من] لا
يعد [1] على حرمه ولم يغتظ ممن يترخص في مثل عمله ولم يحقد على من يمسه
من نفسه أو ماله أو أهله وهو اسوته في نحلته وعقيدته وما معنى استعمال
العقل وتجرع مرارة النفس من غير باطل ولا عائد وهل يجوز توهم
__________
[1] . يعر MS.
(4/3)
بقاء الخلق وقوام العيش مع هذه العقيدة
وكفاك بها سبة وفضيحة ومتى كان لهذه الفرقة في الأرض مجمع ومشهد وهل
شاع لهم دين أو مذهب وأهل الأرض مع اختلافهم في الأديان والملل مجمعون
على [1] تنقض هذا الرأي والازراء به والغض منه ومحق رايته وإتلاف
مستحلّيه وقد مضى من الحجج عليهم في الفصل الثاني من الكتاب ما [2]
يوقع اليقين ويدحض الشكّ ويكشف عنه عواره وللَّه الحمد والمنة على ذلك
فإن احتمى أحدهم عند ذكر هذه الفضائح واستنكف من التصاقها به فالتجأ
إلى أنّ العقل كاف في تحسين الحسن [3] وتقبيح القبيح قيل أنت تملك أو
هو يملكك فإن زعم أن عقله مالكه فقد أقرّ بأمر ناه له وضويق [F
113 R] في المعارضة والسؤال فإنه لا بد أن يشير
إليه بالربوبية أو تنقض قوله وإن زعم أنّه مالك عقله قيل فاصرفه إلى
استحسان القبيح واستقباح الحسن إذا كنت مالكا له فإن زعم هذا غير جائز
لأنّه لم يصلح
__________
[1] . منMs.ajoute
[2] . مع ماMs.
[3] . الحسن Ms.
(4/4)
للضد كالآلة المهيأة لإصلاح شيء لا تصلح
لفساده قيل أهو جعل نفسه كذلك أم جعل فإن زعم أنه جعل نفسه كذلك فقد
وصفه بالقدرة والعلم والإرادة والاختيار وعاد إلى تصحيح قوله أن العقل
هو الباري وإن زعم أنه جعل كذلك فقد أقر بصانع له وبطل قوله وإن أنكر
العقل خرج من جملة أهل الخطاب والتمييز ووجب تقويمه فيما يقوم به
البهائم الصامتة وإن أنكر النظر دخل في مذهب السوفسطائية وكيف ما دار
اتجهت عليه حجة الله الدامغة واضطرته إلى الإقرار به بقول الله عز وجل
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ 6: 149 ويقول أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ
أَنْ يُتْرَكَ سُدىً 75: 36 وقال تعالى أَمْ خُلِقُوا من غَيْرِ شَيْءٍ
أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ 52: 35 وقال تعالى من يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ
به 4: 123 وقال جَزاءً وِفاقاً 78: 26 وأصل التعطيل إنكار الخالق
والرسول والثواب والعقاب اعتقادا لا إقرارا منهم اختاروا في دفع عادية
الناس عنهم فاثبتوا الثواب والعقاب التناسخ في السعادة والشقاوة اللتين
عندهم الجنة والنار في هذا العالم إذ لا دار عندهم غيرها ولا هي فانية
ولا منقضية ويدلك على موضع تمويههم في هذا الناموس أنهم إذا لم يكن لهم
خالق قديم ولا صانع مدبر حكيم فمن الذي ينسخ نفوسهم وأرواحهم
(4/5)
ويسعد المحسن ويشقي المسيء منهم وقط ما
انتشروا في أمّة من الأمم ولا أقرّوا في وقت من الأوقات انتشارهم في
هذه الأمة لاعطائهم الإقرار بالديانة ظاهرا وحقن الشريعة دم من أجاب
إليها وهم هؤلاء الباطنيّة الباطليّة الذين تخلّعوا عن الأديان وأمرجوا
نفوسهم في ميادين الشهوات فمطوا عند الظلمة بترخيصهم لهم في ارتكاب ما
يهوون وتهوينهم عليهم عواقب ما يحذرون حتى ترى المظالم قد فشت والقلوب
قد قست والمنكرات ظهرت والفواحش كثرت وارتفعت الأمانة وغلبت الخيانة
وعطلت المروءة واستخف بالربانيين واهتضم المستضعفون وأميت العدل وأحيي
الجور فظهر ما لم يذكر في عهد ملك من الملوك في قديم الدهر وحديثه ولا
في زمن نبي من الأنبياء عم ولولا فضل الله عز وجل على هذه الفرقة
المسترذلة المحقورة ببقايا من العوامّ متمسّكين بأديانهم لاصطلمهم
أشكالهم وأشباههم واجتاحهم أولياءهم وأصحابهم الذين وقفوا على غور
كلامهم وأحاطوا بحقيقة مذهبهم ولا بد أنه تارك بهم ما يقدرونه في غيرهم
لوعد الله تبارك وتعالى وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ
بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ 6: 129 وأنا واصف بعض مذاهبهم وواكل
بعده
(4/6)
ذا العقل والمروءة ومن هو راجع إلى نفس
وحسب إلى اختياره كما قال الله تبارك [1] وتعالى وَقُلِ الْحَقُّ من
رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمن شاءَ فَلْيَكْفُرْ 18: 29
اعلموا رحمكم الله أنهم قوم يبيحون ما حظرته الأديان ويتأولون ما جاءت
به الشرائع من الأحكام إلى الرخص والتجوز [2] فيما يتمنون ويشتهون
ويستحلون المحارم كلها من الزنا واللواطة والغصب والسرقة والقتل والجرح
والكذب والغيبة والنميمة والبهتان والوقيعة وشهادة الزور وقول الإفك
ورمي المحصن والسعاية والغمر والسخرية [F 113 V]
والطنز والاستهزاء والبطر والكبر والخيلاء والظلم والعقوق والميل
والغدر والخلاف ونقض العهد وإخلاف الوعد وأشباه ذلك من الرذائل
المحظورة [3] في العقل والمحارم المزجور عنها في الشرع لا يعرفون معرفة
الحق [4] ولا محافظة على ذمام ولا تنظفا من نجاسة ولا حياء من خساسة
الملوك عندهم أرباب والعتاة
__________
[1] . اللهMs.ajouteatort
[2] . والتجورMs.
[3] . والمحظورةMs.
[4] . حقّ Add.marg.
(4/7)
شياطين والضعفى والمبتلون أهل النار
وأصحابهم عندهم الجن وسائر الناس البهائم لا يرحمون مسترحما ولا يغيثون
مستغيثا ولا ينهون عن الاطلاع على حرم الناس ولا يأنفون من اطلاع الناس
على حرمهم ولا يمتنعون من مواقعة من أمكنهم من الذكور والإناث ولا
يتحاشون من مواقعة من واقعهم أو واقع حرمهم ولا يعيبون القيادة
والدياثة والاكتفاء [1] والمبادلة ولا يرون النهي عن كل ما اشتاقت إليه
النفس جمعوا رخص النحل كلّها وزادوا عليها الدياثة والكشخ [2] فأخذوا
من المجوس بقولهم في نكاح البنات والأمهات ومن الخرمية في التراضي
بالأمهات والأزواج ومن الهند بإباحة الزنا والسفاح ومن الخناقين بقتل
من خالفهم فلا حياهم الله من قوم ولا حيا مذهبهم من مذهب وقد ينكرون ما
ذكرنا إذا بدهوا به جهارا ولكن إذا اجتررتهم في الكلام إلى الأول الذي
هو العقل والثاني الذي هو النفس الأساسين والأصلين اللذين هما الأركان
صح لك كله وإن كانوا له منكرين في الظاهر ولم يمتنعوا عنه وليس لهم
خالق مثيب
__________
[1] . والاكتفاءMs.
[2] . والكشح Ms.
(4/8)
معاقب لو تسكت عنهم وبلوتهم ليظهر لك
الامتحان جميع ذلك إمّا قولا وإمّا فعلا وإمّا إجازة لأنّ كل ذي دين
عندهم معذور والله أعلم،،،
ذكر أديان البراهمة
أعلم أن لكل قوم دينا وأدبا وأدبا وشريعة ففي الدين بقاءهم [1]
[وصلاحهم] وفي [2] الأدب زيهم وشرفهم وفي الشريعة رسومهم ومعاملاتهم
وقد ذكر قوم أن في الهند تسع مائة ملة مختلفة [3] وأن الذي عرف منها
تسعة وتسعون ضربا يجمع ذلك [4] اثنان وأربعون مذهبا مدارها [5] على
أربعة أوجه ثم يرجع [6] إلى اسمين البراهمة والسمنية [7] فالسمنية [7]
هي [8] التي معطّلة والبراهمة ثلاثة أصناف صنف منهم يقولون بالتوحيد
__________
، corriged ,apresBN. [1]
في الدين بقاهمMs.
[2] . فيTBN.Ms.
[3] . مختلفBN ,ms.
[4] . يجمعهاBN
[5] . مدارهمBN
[6] . ترجعBN
[7] . والشمنيةBN
[8] . هم BN
(4/9)
والثواب والعقاب ويبطلون الرسالة [1] وصنف
يقولون بالثواب والعقاب على التناسخ ويبطلون التوحيد والرسالة هذا جملة
دينهم فأما آدابهم وأخلاقهم [2] ففيهم الحساب والنجوم والطبّ واللهو
والمعازف [3] والرقص والخفة [4] والشجاعة [5] والشعبذة وعمل النيرنجات
وعلم الحروب [6] ويدعون صفاء الفكر ونفاذ الوهم والأخذ بالعيون وإظهار
التخييلات والرقا والإتيان بالمطر والبرد وحبسه وتحويله [7] من مكان
إلى مكان ويدعون حفظ الصحة ومنع الشيب والزيادة في القوة والذهن ورجوع
الموتى إليهم [8] وأما شرائعهم فمختلفة لاتساع بلادهم وتفاوت [9]
أقطارهم واختلاف الدين يوجب اختلاف الشرائع [10] فالذي بلغنا أن
إيمانهم في
__________
[1] . والرسالة ويبطلون كقول الديانين من المتوحدينBN
dememeBN 1. [2] بن
واختلافهم ms. بنBN
2
[3] . وعلم اللحونBNajoute
[4] . الجفة BN 2 بن
الخفيةBN 1
ManquedansBN. [5]
Id. [6]
[7] . وحبسهما وتحويلهماBN
ManquedansBN. [8]
[9] . وتباعدBN
ManquedausBN. [10]
(4/10)
حديدة يحمونها حتى إذا [1] بلغت غايتها في
الحمى والحمرة أمروا المنكر أن [2] يلحسها قالوا [3] فإن كان كاذبا
مبطلا احترق لسانه وإن كان صادقا محقا لم يضره [4] ومنهم فرقة [5]
يغلون الزيت في برمة من حديد ويقذفون فيها حديدة و [6] يأمرون المنكر
أن يدخل يده فيستخرج الحديدة [7] قالوا [8] وإن كان كاذبا احترقت يده
وإن كان صادقا لم يضره [9] وعقوبة السارق والقاطع وسابي ذراريهم [10]
إذا ظفروا بهم أن يحرقوا [11] بالنار ومنهم من يصلبهم [F
114 R] وصلبهم أن يحد رأس الخشبة ثمّ يسلكه في
مقعد [12]
__________
ManquedansBN [1]
[2] . أمروا المنكراتMS.
[3] . بلسانهBN
[4] . تضرّهBN
[5] . قرمBN
[6] . ثمBN
[7] . فيستخرجواBN
ManquedansBN. [8]
[9] . يمسّها سوءBN
[10] . وسائر دراريهم.MS.
السابى BN 2 بنBN
1
[11] . ان يحضر BN 1 ajoute
بن ويحرقوهBN
[12] . يسلك في مقعدة BN
(4/11)
المصلوب والمسلمون عندهم نجس لا [1]
يمسونهم ولا يمسون ما يمسونه [2] ولحم البقر [3] عندهم حرام وحرمة
البقر عندهم كحرمة أمهاتهم [4] وجزاء من ذبح بقرة القتل لا يعفى عنه
والزنا حلال عندهم للعزاب لئلا ينتقص النسل ويتعاقب المحصن منهم إذا
زنا ومن ارتد منهم إذا سباه المسلمون لم يقتلوه حتى يزكوه ويطهروه ان
تحلق كل شعرة عليه من رأسه وجلده ثم يجمع أبوال البقر وأخثاءها [5]
وسمنها ولبنها فيسقى منها أياما ثم يذهب به إلى البقرة فيسجد لها ولا
ينكحون في الأقارب بتة وعقوبة اللواطة عندهم القتل وشرب الخمر عند
البراهمة حرام وكذلك ذبيحة أهل ملتهم ولكل قوم منهم ملة وشريعة
يتعاملون عليها ويتعايشون بها،،،
ذكر مللهم وأهوائهم
زعمت الموحدة من البراهمة أن الله عز وجل بعث إليهم ملكا من الملائكة
بالرسالة في صورة بشر اسمه
__________
[1] . فلاBN
[2] . مسوهBN
[3] . البقرةBN 1
nitlextraitdeTha،
alibi. [4]
[5] . واحثاءها MS.
(4/12)
ناشد له أربع أيد في إحدى يديه سيف وفي
الأخرى شكّة الدرع وفي الثالثة [1] سلاح يقال له شكرته على هيئة حلقة
[2] وفي الرابعة وهق وهو راكب على العنقاء وله اثنا عشر رأسا رأس إنسان
ورأس فرس ورأس أسد ورأس ثور ورأس نسر ورأس فيل ورأس خنزير حتى عدوها
قالوا أمرنا بتعظيم النار التي عظمها الله عز وجل بالسناء والرفعة
وألبسها الضياء والبهاء والنور وجعلها سببا لمنافع الدنيا ونهانا عن
القتل وشرب الخمر وأباح لنا الزنا وأمر بعبادة البقر وأن نتخذ صنما على
مثاله نعبده وأمرنا أن لا نجوز نهر كنك فإنه لا دين لمن جاوزه من
البراهمة وإن الدين حسب لمن قبله ولذريته من بعده ولا يجوز لمن [لم]
يكن منهم الدخول في دينه واسم هذه الفرقة الناشدية ومنهم البهابوذية
[3] زعموا أن رسولهم ملك يقال له بهابوذ أتاهم في صورة بشر وهو راكب
على ثور وعلى رأسه إكليل من عظام الموتى متقلّد بقلادة من أقحاف الرءوس
وفي إحدى
__________
[1] . الثلاثة-MS.
[2] . خلقهMS.
surlamemeligne. [3]
بهابوذ mais بن
النهابوذيّة MS.
(4/13)
يديه قحف وفي الأخرى مزراق ذو ثلاث شعب
مستظل بظلال من ذنب الطاووس فأمرهم بعبادة الله عزّ وجلّ وأن يتّخذ
[وا] على مثاله صنما يعبدونه فيكون وسيلتهم إليه وأن لا يعافوا شيئا من
الأشياء فإن الأشياء كلها من صنع الله عز وجل ومنهم الكابالية يزعمون
أن رسولهم ملك يقال له شيب [1] أتاهم في صورة بشر على رأسه قلنسوة من
لبد مخبط عليها صفائح من أقحاف رءوس الناس فأمرهم أن يتّخذ [وا] صنما
على مثال ذكر الإنسان ويعظموه ويعبدوه فإن الذكر سبب النسل في العالم
ومنهم الدامانيّة والدوانيّة هؤلاء الذين يقرون مع التوحيد بالرسالة
فأما الذين يثبتون الخالق وينفون الرسل فأصناف منهم الرشتية وهم أصحاب
الفكر الذين يعطّلون حواسهم بطول فكرهم ويزعمون أنهم إذا أخذوا أنفسهم
بشدّة التبرّؤ والتخلّي تجلّت لهم الملائكة ويلطّفونهم واستفادوا منهم
وهؤلاء لا يأكلون الألبان واللحمان وما مسته النار غير النبات والثمار
مغمضة [2] عيونهم عامة دهرهم ملحة افكارهم
__________
[1] . شببMS.
[2] . مغمّصة MS.
(4/14)
يزعمون أنهم يدركون بها ما يريدون من مطر
ورياح وقتل ونزول طير وإجابة دعوة ومنهم المصفدة قوم يصفدون أوساطهم
إلى ظهورهم بالحديد قالوا لئلا ينشق بطونهم من غلبة الفكرة وكثرة العلم
ومنها المهاكليّة [1] لهم صنم يقال له مهاكال [2] على ظهره جلد فيل
يقطر منه الدم وأذناه مثقوبتان وعلى رأسه [F
114 V] إكليل من عظام القحف يحجون إليه
ويقصدونه لطلب حوائجهم ويزعمون أنه يقضيها لهم ومنهم التهكنية [3] قوم
لهم صنم على صورة امرأة يقال أن لها ألف يد في كل يد ضرب من السلاح
ولهم عنده عيد إذا دخلت الشمس الميزان فيقربون قرابين من الجواميس
والإبل والغنم ويقربون عبيدهم وإماءهم ويقاتلون الناس قربانا له حتى أن
الضعفى يتوارون في تلك الأيام مخافة أن يكون الصنم يأمر ويأذن بقتلهم
ومنهم الجلهكيّة [4] يعبدون الماء ويزعمون أن معه ملكا وأنه أصل كلّ
نشو ونماء وحياة وعمارة
__________
[1] . المهاكنكيّةMS.
[2] . مهاكاكMS.
[3] . النهكنيهMS.
[4] . الجلنهكية MS.
(4/15)
وطهارة ومنهم الاكتهوطريّة [1] يعبدون
النار وهي ل هي أعظم العناصر ولا يحرقون موتاهم لئلا ينجس النار ومنهم
قوم يعبدون الشمس وقوم يعبدون الفهد وقوم يعبدون ملوكهم ولكل واحد منهم
مذهب ورأي ودعوى ولا فائدة في ذكرها من التعجب والاعتبار فيما حكينا من
فضائحهم وجهلهم وسخافة رأيهم وكفرهم كفاية،،،
ذكر تحريق أبدانهم وإلقائها في النار
يزعمون أن في ذلك نجاة لها وخلاصا إلى حيوة الأبد في الجنة ومنهم من
يحفر له أخدود ويجمع فيه الألوان والأدهان والطيب ويوقد عليه ثمّ يجيء
وحوله المعازف بالصنوج والطبول ويقولون طوبى لهذه النفس التي تعلو [2]
إلى الجنة مع الدخان وهو يقول في نفسه ليكن هذا القربان مقبولا ثم يسجد
نحو المشرق والمغرب والشمال والجنوب ويرمي بنفسه في النار فيحترق ويصير
إلى جهنم ومنهم من يجمع له أخثاء [3] البقر فيقف في وسطه إلى انصاف
ساقيه وتشعل فيه
__________
[1] . الأكبهوطريّةMS.
[2] . يعلوMS.
[3] . احثاء MS.
(4/16)
النار ولم يزل واقفا حتى تأتي النار إليه
ويحترق فيها ومنهم من يوضع على رأسه إكليل من المقل ويوقد حتى يسيل
دماغه وحدقتاه ومنهم من يحمى له الصخور فلا يزال يضع على جوفه صخرة بعد
صخرة حتى تخرج أمعاؤه ومنهم من أخذ مدية ويقطع من فخذه وساقه خضلة خصلة
ويلقيها في النار وعلماؤهم وقوفا حوله يمدحونه ويزكونه حتى يموت ومنهم
من يحفر له حفرة بجنب نهر ويوقد فيها ولا يزال يثب في النار من الماء
ومن النار إلى الماء إلى [أن] تزهق نفسه فإن مات فيما بينهما جزع أهله
وحزنوا وقالوا حرم عليه الجنة وإن مات في الماء أو في النار شهدوا له
بالجنة ومنهم قوم يرهقون أنفسهم بالجوع فيمسكون عن الطعام حتى تبطل
حواس أحدهم فيصير مثل الحشفة والشن البالي ثم يجمد [1] ومنهم من يهيم
في الأرض حتى يموت ولهم جبل شامخ في أصله صنم قد أشار بإحدى يديه إلى
ربه فقر بين [2] يديه ووضع يده الأخرى على نحره وإلى جانبه رجل قاعد
على كرسيّ حوله أصحابه يقرءون في كتاب طوبى لمن
__________
[1] . بحمدMS.
[2] . فقر corr.marg.
بن قفر بين MS.
(4/17)
سلك هذا السبيل الذي أشار إليه هذا الصنم
فإنه يؤدي إلى الجنة وقد ضمن الصنم ذلك فيركبون ردعهم حتى يموتوا ولهم
جبل آخر تحته شجرة من حديد لها أغصان كالسفافيد وعندها رجل بيده كتاب
يقرأ فيه طوبى لمن ارتقى هذا الجبل وحاذى هذه الشجرة ثم بعج بطنه وأخرج
أمعاءه فأمسكها بأسنانه ثم خرّ على هذه الشجرة ليبقى [1] خالدا ومخلّدا
في الجنة تختطفه الحور العين قبل وصوله إلى الشجرة فيتسارع إليه قوم
فيخرقون أمعاءهم ويكبون على الشجرة ومنهم قوم يجيئون إلى نهر كنك في
يوم عيد لهم ويجيء السدنة فيقطعونهم بنصفين ويطرحونهم في النهر ويزعمون
أنه يخرج إلى الجنة ومنهم من يرمي نفسه بالحجارة ومنهم من يقعد عريانا
حتى يأتي طير فيقطع لحمه ويأكله وكل من لا يؤمن بالرسالة والآخرة فإنه
يؤمن بالثواب [F 115
[؟]] والعقاب في الانتقال والتناسخ واعتل عبدة الأصنام بأن البارئ جل
جلاله في النهاية القصوى في كل ما يدرك ويعلم ويحس ويوصف ولا بد لكل
متقرب إلى من يعظمه ويعبده إذا كان غائبا عن حواسه من واسطة
__________
dums. [1] كنف
Conjecturepour
(4/18)
ووسيلة فجعلنا هذه المتوسطات من الأجرام
العلوية والسفلية إلى عبادته وقربة لديه وهكذا قالت العرب ما
نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى 39: 3 فسبحان من
غرض كل عابد عبادته والوصول إليه وإن كان قد ضل وأخطأ [1] الطريق وقرأت
في كتاب المسالك أن السمنية فرقتان فرقة يزعم أن البد [2] كان نبيا
مرسلا وفرقة يزعم أن البد [2] هو البارئ تراءيا للناس في تلك الصورة
ونعوذ باللَّه،،،
[ذكر أهل الصين]
ويزعمون ان أهل الصين عامّتهم الثنويّة والسمنيّة ولهم فرخارات فيها
أصنام لهم يعبدونها هذا دينهم ولهم آداب وأخلاق وحذق [3] بلطيف
التركيبات وعجيب الصنائع ولا يوجد في غيرهم ومن حسن أدبهم أن لا يقعد
الصبي بين يدي الأب ولا يأكل معه ولا يمشي بين يديه ويسجد له وكذلك
يسجد صغارهم لكبارهم تعظيما لهم [4] وأما شرائعهم فإنّهم
__________
[1] . اخطأMS.
[2] . البرMS.
[3] . حزقMS.
[4] . له Lems.adansl ,interligne
(4/19)
يسجدون للشمس والقمر والكواكب والماء
والنار وكل ما استحسنوا من شيء خروا له سجدا وكلّ مولود يولد كتبوا في
الوقت مولده ونظروا إلى طالعه وحكموا له بما دل عليه فليس في مملكة
الصين ذكرا إلا وعددهم محصور في ديوان الملك لأنه يأخذ منهم الجزية ولا
يموت منهم ميت إلا وأخر فيه إلى العام والشهر الذي ولد فيه ويطرح عليه
دواء لئلا يفسد ومن سرق على زيادة ثلاثمائة فلس وقيمتها عشرة دراهم قتل
ومن استحق من السلطان أدبا أو قتلا أو عقوبة لم يفعل به شيء [1] حتى
يعطي كتابا بخطّه ويقرأه بلسانه بحضرة المشايخ والصلحاء أنّى قد أذنبت
كيت وكيت واستحققت الضرب أو العقوبة أو القتل ثمّ أمضى عليه ما استحقه
ويزعمون أن الشاهد واليمين باطل لأن الرجل إذا أعطي شيئا شهد بالزور
ومذهبهم في هذا إذا كان لرجل على رجل دين أعطي كل واحد منهم صاحبه
كتابا فيه علامته فيكتب فيه صاحب الدين إن [لي] على فلان كذا ويكتب
المطلوب لفلان علي إلا كذا فإذا تداعيا وأنكر أحدهما طولبا بالخطين
فيصح الحق ومن ولد بأرض وانتقل عنها
__________
[1] . شيئا MS.
(4/20)
ومات في غيرها نقل إلى أرض مولده ودفن فيها
ومن استنكح من الغرباء بامرأة منهم وولد جارية ثم أرادوا الخروج منهم
دفعوا الولد إليه وحبسوا الوالدة وقالوا لك ما زرعت ولنا الأصل ويبيحون
الزنا للسفلة والضعفى ومن زنا من أهل اليسار والشرف قتلوه وعامة
عقوبتهم في الذنوب القتل وأكثر زروعهم الاغذاء قالوا وإذا قلت الأمطار
وغلت الأسعار جمع الملك السمنية وسدنة الأصنام ويهددهم بالقتل إن لم
يأتوا بالمطر فلا يزالون محبوسين معتقلين حتى يأتي المطر قالوا وللملك
كوسات في قصره فإذا غربت الشمس قرعوها قرعة واحدة فلا يبقى في المدينة
أحد إلا سمعها ففزعوا إلى بيوتهم ومنازلهم فاغلقوا عليهم أبوابهم
وتحككت بالسكك والأزقة الجيوش والعسس إلى أن يسفر الصبح فمن وجدوه خارج
داره ضربوا عنقه وكتبوا على ظهره بدمه هذا جزاء من تعدى أمر الملك،،،
ذكر ما حكي من شرائع الترك
[F 115 v] وهم في شمال
الصين ومغاربها يزعمون أن في بعضهم كتابا لهم وفي بعضهم كتاب التبتية
[1] لأنهم يجاورونهم وفي بعضهم كتاب السغدية قالوا وفي
__________
[1] . البشته MS.
(4/21)
التغزغز [1] نصارى وسمنية وليس من عادتهم
قتل الأسارى ولا التجهيز على الجرحى ومن ظفروا به في الحرب فإن كان
جريحا داووه وحملوه إلى منزله وأهله قالوا وخرخيز [2] يحرقون موتاهم
ويقولون أن النار تطهر جثته ودنيته [3] ويعبدون الأوثان ومنهم من يعبد
الشمس ومنهم من يعبد السماء ومنهم من يدفن على الميت عبيده وخدمه أحياء
في التل حتى يموتوا ويعقرون الدواب عليه والتل بلغتهم القبر قالوا
وفيهم قوم يزعمون أنهم يأتون بالثلج والريح والبرد وأكثر حكمهم على كتف
الشاة والله أعلم،،،
ذكر شرائع الحرانيين
ذكر أحمد بن الطيب أنهم يقولون أن البارئ علة العالم لا يلحقه وصف شيء
من المعلومات كلف أهل التمييز الإقرار بربوبيته وبعث الرسل تثبيتا
لحجته ووعد من أطاع نعيماً لا يزول وأوعد من عصا العذاب بقدر استحقاقه
قال وقصدوا في أمرهم أن يجثوا عن الحكمة وأن يدفعوا ما ناقض الفطرة وأن
يلزموا الفضائل ويجتنبوا الرذائل
__________
[1] . ثغرغز corr.marg.
بن الثغرغزMs.
[2] . كذا في الأصل، notemarginale:
جرحيرMs.
[3] . دسته MS.
(4/22)
وصلواتهم ثلاث أولاها عند طلوع الشمس
والثانية عند زوالها والثالثة عند غروبها ونصبوا قبلة بأن يجعلوا القطب
الشمالي في نقرة القفا قالوا ويصلون كل يوم للكوكب الذي هو ربه فيصلون
للزحل يوم السبت وللشمس يوم الأحد وللقمر يوم الاثنين وللمريخ يوم
الثلثاء ولعطارد يوم الاربعاء وللمشتري يوم الخميس وللزهرة يوم الجمعة
قالوا ولا صلاة عندهم إلا على الظهور ولهم صيام وأعياد وقربان يتقربون
فيها فيأكلون اللحم ويحرقون العظام وشحم الكلى ويغتسلون من الجنابة ومس
الميت والطامثة ويعتزلون الطوامث ولا يأكلون ما لم يذبح وينهون عن لحم
الخنزير والسمك والباقلي والثوم ويعظمون أمر الجمل [1] حتى يقولون من
مشى تحت خطام ناقة لم يقض حاجته في ذلك اليوم ويتجنبون كل من به مرض
مثل الجذام والبرص ولا يتزوجون بغير ولي وشهود ولا يتزوجون بالقريب ولا
يجيزون الطلاق بغير حجة بينة عن فاحشة ظاهرة ولا يراجع المطلّقة أبدا
ولا يطئون إلا طلبا للولد والذكر والأنثى في الفرض عندهم سواء والثواب
والعقاب يلحقان الأنفس وليس يؤخّر
__________
l.22. [1] بن 319 بن
corriged ,apreslefilhrigt ,i
بن الجهل Ms.
(4/23)
ذلك عندهم إلى وقت معلوم بل يقولون أنها
تصير إلى ما يجب عليها ولها من الجزاء عند ترك الأنفس استعمال البدن
قال ويقولون أنّ النبيّ هو البريء من المذمومات في النفس ومن الآفات في
الجسم الكامل في كل محمود المستجاب الدعوة في إنزال الغيث ودفع الآفات
وأن مذهبه مذهبا يصلح به العالم وتكثر به العمارة ولن تحصوا اسماء
الرسل الذين دعوا إلى الله عز وجل كثرة قال وقولهم في العلوم قول
ارسطاطاليس في كتبه وكتب امامهم لا يخالفوا بها وهذا مذهب الفلاسفة
اليونانيين في القديم،،،
ذكر أديان الثنوية
وهم أصناف فمنهم المنانية والديصانية والماهانية والسمنية والمرقونية
والكبانئون والصابئون وكثير من البراهمة والمجوس وكلّ من قال باثنين أو
بأكثر أو بشيء قديم مع البارئ فإن هذا الاسم يتناوله ويلحقه وكذلك
القائلون بالجثة والجوهر والفضاء يزعم بعضهم أن الأصل هو النور والظلمة
ثم يختلفون فيقول قائل إنهما جميعا حيان مميزان ويقول آخر بل النور حي
عالم والظلمة جاهلة معمية وهذا رأي الصابئين [F
116 R] ويقول مرقيون ثلاثة أشياء قديمة نور
وظلمة وثالث معدل بينهما
(4/24)
يخلق من هذا ومن هذا ليس من جنسهما ولولاه
لم يك من طبعهما إلا التنافر ويقول المنانية النور خالق الخير والظلمة
خالق الشر وأصحاب الطبائع قالوا بأربع طبائع وكثير من الفلاسفة بخامس
معها خلافها ومنهم من يقول بقدم الباري والطينة والعدم والصورة والزمان
والمكان والعرض والمعطلة منهم قالوا بعدم العالم في أجسامه وأعراضه وشك
قوم فلم يدر كيف يقولون وكل هذه المذاهب مخالفة لمذهب أهل التوحيد
يكفيك ما مر من النقض عليهم في الفصل الثاني والله الموفق والمعين،،،
ذكر عبدة الأوثان
جاء في روايات أهل الإسلام أن أول ما عبدت الأوثان في زمن نوح النبي عم
كما حكى الله تعالى عنهم وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا
تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً 71:
23 روينا عن محمد بن كعب القرظيّ أنّه قال هؤلاء رجال صالحون من أولاد
آدم عم وكان اذا مات أحدهم جزع عليه اخوته وعظم به وجدهم فجاءهم
الشيطان وقال ألا أصور لكم صور اخوتكم فتتسلون بالنظر إليها وتستأنسون
بها ففعل إلى أن مضت قرون فجاء وقال لأعقابهم إن آباءكم كانوا
(4/25)
يعبدونها من دون الله فنصبوها آلهة ثم لما
أغرق الله الأرض زمن نوح استخرجهم فنصبتها قريش يعبدونها كذا الرواية
والله أعلم ثم تتابع الناس على عبادة الأوثان فمنهم من يجعلها وسيلة
وذريعة إلى الله عز وجل ومنهم من استحسن ذلك لمشاكلة أفضل الصور ومنهم
من يعبدها تقليدا حتى عبد قوم النار وقوم الشمس وقوم الماء وقوم الشجر
وقوم النسر وقوم الفهد وقوم البشر وقوم الملائكة وقوم النجوم وقوم
الحجر وفي الجملة كلهم يعبدون مع الله غيره إلا المسلمين وصنفا من
اليهود،،،
ذكر مذاهب المجوس وشرائعهم
اعلم أنّهم أصناف فمنهم اللغيريّة والبهافريذية والخرمية ولا قوم أكثر
هوسا وتخليطا منهم فمنهم من يقول بالاثنين كالمنانية وبالثلاثة
كالمرقونية ومنهم من يعبد النار والشمس والقمر والنجوم ويزعم أن الإله
القديم لم يزل وأنه خلق اهرمي [1] وهو بمنزلة ابليس عندهم فعاداه
وناصبه ويزعم آخرون أن البارئ يفكر فكرة ردية فحدث منها هذا الشرير
الخبيث المضادّ له بغير إرادته ومنهم الزردشتيّة
__________
[1] . خلق اهرمىّ MS.
(4/26)
يقرون بنبوة زردشت وثلاثة أنبياء يكون بعده
ويقرءون كتابه الابسطا ويعظمون النار قربة إلى الله عز وجل لأنها أعظم
الاسطقسات ثم يزعم بعضهم أن النار من نور الله عز وجل ويزعم آخرون أنها
بعض من الله عز وجل ويحرمون الميتة وكل ما خرج من باطن الإنسان من أي
منفذ كان ولذلك يزمزمون عند طعامهم ويصلون ثلاث صلوات يدورون فيها مع
الشمس كيف دارت احداها عند طلوع الشمس والثانية نصف النهار كل واحد
لطولها وعرضها ويعظمون من يعلمها ويزعمون أنهم كلما أرادوا طربا ازداد
ابليس حربا وحزنا ويحرمون الأكل والشرب في أواني الخشب والخزف لأنهما
يقبلان النجاسات وإذا غسلوا أيديهم على إثر الطعام لم يدخلوا الماء
أفواههم لأنه من الاستخفاف به ويغسلون الشفاه ويستحلون نكاح الأخوات
والبنات [F 116 [؟]]
ويحتجون على من خالفهم بفعل آدم عم ذلك ويأكلون من الحيوان ما يأكله
المسلمون وما كان من خلق ابليس فلا يأكلونه ويعظمون النيروز والمهرجان
وأيام الفروردجان ويزعمون أن أرواح موتاهم ترجع إلى منازلهم وينظفون
البيوت ويبسطون الفرش ويصنعون
(4/27)
الأطعمة تلك الأيام ويقولون إنما يصيب
الموتى منها روائحها بقواها ونورها وإذا احتضر أحدهم قربوا منه [1]
كلبا ويزعمون أن الشيطان يحضره عند مفارقة الروح فيلتبس بجسده كظل
الشجرة إذا وقع على الحائط فإذا التفت إليه الكلب فزع منه ففارقه ولا
يجوز عندهم أن يقربوا الميت من الماء والنار ومن مسه وجب عليه الغسل
لأنه نجس بانتقال روحه والطهارة واجبة عليهم في اليوم والليلة مرة
واحدة وهي غسل اليدين وغسل الوجه بما يستخرج من الأشجار أو من البقر ثم
يغسلون بعده بالماء الطاهر ولا غسل عليهم للجنابة والاختتان والزكاة
واجبة عليهم من جميع أموالهم أن يخرجوا الثلث منها للفقراء والمضطرين
من أهل ملتهم ومن غيرهم وفي إصلاح القناطر وكنس الأنهار وعمارة الأرض
وينكحون من النساء ما شاءوا وكيف شاءوا ولا يقع الطلاق إلّا بأحد ثلاثة
الأشياء الزنا والسحر وترك الدين والسكر والزنا والسرقة عليهم حرام
وعقوبة الزاني أن يضرب ثلاث مائة خشبه أو يؤخذ منه ثلاثمائة إستار فضة
ومن سرق وشهد عليه ثلاثة عدول وأقرّ خرم أنفه
__________
[1] . منهم Corr.marg. ,ms.
(4/28)
وأذنه ويسمون ذلك درويش ويغرم مثل قيمة ما
سرق فإن عاد وسرق ثانياً [1] اكتفى عليه بشاهدين عدلين وقامت العلامة
مقام شاهد وخرم في أنفه وأذنه في موضع آخر وغرم مثل قيمة ما سرق فإن
عاد وسرق ثالثا اكتفى منه بشاهد وخرم في أنفه وأذنه من موضع آخر وغرم
قيمة ما سرق فإن عاد وسرق رابعا لم يستشهد عليه بعد ذلك وغرم كل ما
ادعى عليه الخصم ومن قطع الطريق أخذ منه قيمة ما أخذ أربع مرات وقتل
ومن خرج عن الولاة فعقوبته أول مرة قطع اليدين من المعصم وفي لثانية
قطعها من الذراع وفي الثالثة من الكتف وفي الرابعة ضرب العنق فإن كان
في خروجه على السلطان لم يجن شيئا بيده ولكنه قال قولا مواجهة فقئت
عيناه فإن كان سعى سعيا قطعت رجلاه وأحكامهم في المواريث عجيبة فلو أن
رجلا مات وخلف امرأة وابنين وابنة فإن المرأة إن شاءت أخذت مهرها ويجب
على ورثة زوجها إمساكها والانفاق عليها ما عاشت وإن لم يكن لها منه ولد
فإنّ المال والمرأتان موقوفان إلى أن تتزوج المرأة فإذا تزوجت المرأة
رفعت النفقة عنها وإن
__________
[1] . ثالثا Ms.
(4/29)
مات رجل وخلف أبا وأخا دفع المال إلى الأب
على أن يتزوج [1] امرأة ويولد لها ولد باسم هذا المتوفى ليكون المال له
وكذلك الأخ لا يرث [2] شيئا إلا على هذه الشريعة وكذلك إن كان للمتوفى
أختان دفع المال إلى الكبرى على أن تتزوج رجلا وتلد غلاما تسميه باسم
هذا المتوفى ويدفع المال إليه فإن كانت الكبيرة متزوجة دفع المال إلى
الصغيرة على هذه الشريطة وإن كانتا متزوجتين دفع المال إلى من يضمن
إيلاد ولد باسم المتوفى ويدفع المال إليها ويكون المال له وجملة هذا
الباب أنه إذا كان للمتوفى ولد كان المال كله له وإن لم يكن له ولد
فلمن يقبل هذا الشرط،،،
ذكر مذاهب الخرمية
[F 117 [؟]] هم فرق
وأصناف غير أنّهم يجمعون القول بالرجعة ويقولون بتغيير الاسم وتبديل
الجسم ويزعمون أن الرسل كلهم على اختلاف شرائعهم وأديانهم يحصلون على
روح واحد وأن الوحي لا ينقطع أبدا وكل ذي دين مصيب عندهم إذا كان راجي
ثواب وخاشي عقاب ولا يرون
__________
[1] . تتزوّجMS.
[2] . ترث MS.
(4/30)
تهجينه والتخطي إليه بالمكروه ما لم يرم
كيد ملتهم وخسف مذهبهم ويتجنبون الدماء جدا إلا عند عقد راية الخلاف
ويعظمون أمر أبي مسلم ويلعنون أبا جعفر على قتله ويكثرون الصلاة على
مهدي بن فيروز لأنه من ولد فاطمة بنت أبي مسلم ولهم أئمة يرجعون إليهم
في الأحكام ورسل يدورون بينهم ويسمونهم فريشتكان ولا يتبركون بشيء مثل
تبركهم بالخمور والأشربة وأصل دينهم القول بالنور والظلمة ومن شاهدنا
منهم في ديارهم ماسبذان ومهرجان قذق [1] فإنا وجدناهم في غاية التحري
للنظافة والطهارة والتقرب إلى الناس بالملاطفة بتقديم الصنيعة ووجدنا
منهم من يقول بإباحة النساء على الرضا منهن وإباحة كل ما يستلذ النفس
وينزع إليه الطبع ما لم يعد على أحد بالضرر،،،
ذكر شرائع أهل الجاهلية
كان فيهم من كل ملة ودين وكانت الزندقة والتعطيل في قريش والمزدكية
والمجوسية في تميم واليهودية والنصرانية في غسان والشرك وعبادة الأوثان
في سائرهم واتخذ بنو حنيفة إلها من حيس وعبدوه دهرا ثم
__________
[1] . كذا وجدت notemarginale:
بن ماسندان ومهرجان قذق MS.
(4/31)
أصابتهم مجاعة فأكلوه فقال بعضهم [كامل]
أكلت حنيفة ربها ... زمن التقحم والمجاعة
لم يحذروا من ربهم ... سوء العواقب والتباعة
وقال آخر [خفيف]
أكلت ربّها حنيفة [1] من جوع ... قديم بها ومن إعواز
وكان في مشركيهم بقيّة من دين إسماعيل عم كالنكاح والختان والمناسك
وتعظيم الأشهر الحرم وغير ذلك وأحدثوا أمر الحمس من قريش فكان لا
يخرجون من الحرم ولا يقفون مع الناس بعرفات ويقولون نحن آل الله لا
نخرج من حرمه وكان الرجل من الغرباء إذا قدم مكة لا يطوف في الثوب الذي
قارف فيه الذنب فإن أصاب من ثياب الحمس طاف فيه وإن لم يصب طاف الرجل
بالنهار عريانا والمرأة بالليل عريانة وكانت الحمس لا يسلئون [2] السمن
ولا يأقطون الأقط ولا يأكلون
__________
corriged ,apresIbn -Qoteiba ,p.299. [1]
حنيفة ربهاMS
[2] . يسلون MS.
(4/32)
اللحم أيام الموسم وكانوا لا يدخلون البيوت
من أبوابها ويقولون لا ينبغي أن يحول بيننا وبين السماء شيء وكانوا
يحرمون من النساء ما حرمه الله عز وجل في القرآن إلا امرأة الأب فانزل
الله سبحانه وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ من النِّساءِ إِلَّا
ما قَدْ سَلَفَ 4: 22 وكانوا يبحرون البحيرة [1] ويسيبون السائبة
ويصلون الوصيلة ويحمون الحامي ويستقسمون بالازلام ويقربون القربان وغير
ذلك مما هو مذكور في أخبارهم وأشعارهم فأبطل الله عز وجل بأحكام
الإسلام أكثرها وكانوا يقولون أن روح الميت تخرج من قبره وتصير هامة
فتقول اسقوني اسقوني ومن ثم قال ذو الأصبع [بسيط]
يا عمرو إن لم تدع سبى ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة اسقوني
ومنهم من كان يؤمن بالبعث والنشور بعد الموت ويزعم أن من عقرت مطيته
عند قبره حشر عليها وفيه يقول حريثة [كامل]
واحمل أباك على بعير صالح ... ويقي البقية انه هو أقرب
__________
[1] . ينحرون النحيرة MS.
(4/33)
[F 117 V]
ذكر شرائع اليهود
هم أصناف فمنهم العانانية والاشمعيثية والجالوتية والفيومية والسامرية
والعكبرية والاصبهانية والعراقية والمغاربة والشرستانية والفلسطينية
والمالكية والربانية فأما عانان فإنه يقول [1] بالتوحيد والعدل ونفي
التشبيه واشمعث يقول بخلافة وجمهور اليهود على هذين الرجلين وأما سائر
المخالفين فإنه يقع الخلاف بينهم في الشيء بعد الشيء وزاد رأس جالوت في
التشبيه على اشمعث حتى يزعم أن معبوده شيخ اشمط واحتج أنه وجد في سفر
دانيال رأيت قديم الآباء قاعدا على كرسيّ أبيض الرأس واللحية حوله
الاملاك فهم يسمون الجالوتية وأما الفيومية فصاحبهم أبو سعيد الفيومىّ
يفسّرون التوراة على الحروف المقطعة كما يفعله الباطنية في الإسلام
وأما السامرية فإنهم ينكرون كثيرا من شرائعهم ولا يقرون بنبوة من كان
بعد يوشع بن نون مثل داود وسليمان وزكريا ويحيى وغيرهم يزعمون أنّهم
ليس لهم في التوراة اسم وأمّا العكبريّة فأصحاب أبى موسى البغداذيّ
العكبريّ يخالفونهم في أشياء من السبت وتفسير التوراة وأمّا
الأصبهانيّة
__________
(sic) . [1] ينزل
MS.
(4/34)
فأصحاب أبي عيسى الاصبهاني وادعى النبوة
وأنه عرج إلى السماء فمسح الرب رأسه وأنه رأى محمدا في السماء فآمن به
ويهود أصبهان يزعمون أن الدجال منهم يكون ومن ناحيتهم يخرج وأما
العراقية مخالفون الخراسانية في أوقات أعيادهم ومدد أيامهم وأما
المغاربة فإنهم يرون السفر في السبت وطبخ القدور فيه وأما الشرستانية
فإنهم أصحاب شرستان [1] زعم أنه ذهب من التوراة ثمانون بسوقة ومعنى
بسوقة آية ويدعى أن للتورية تأويلا باطنا مخالفا لظاهرها وأما يهود
فلسطين فإنهم يزعمون أن عزيرا ابن الله على جهة التكرمة والرحمة كما
يقال إبراهيم خليل الله وكثير من اليهود ينكرون هذا القول والواجب أن
تعلم مذاهبهم ليتبين وجه الحق فلا ينسب إلى كل فرقة إلا ما ينحلونه
وأما المالكية فإنهم يقولون أن الله عزّ وجلّ لا يحيى يوم القيامة من
الموتى إلا من قد احتج عليه الرسل والكتب ومالك هذا تلميذ عانان وأما
الربانية فإنهم يزعمون أن حائضا لو مست ثوبا من الثياب المنضودة وجب
الغسل على جميع الأثواب والعراقيّة
__________
[1] . سرشتان MS.
(4/35)
يأخذون رءوس الشهور بالأهلة والآخرون
يأخذون بالعدد والحساب،،،
ذكر أحكامهم
واجب عليهم الإيمان باللَّه وحده وبموسى رسوله وبالتوراة وما فيها
والعشر الآيات لا بد لهم من درسها وتعلمها وأما وضوؤهم واغتسالهم فمثل
طهارة المسلمين سواء غير أنه ليس فيه مسح الرأس ويبدءون بالرجل اليسرى
واختلفوا في شيء منه قال عانان يستنجي قبل الوضوء لأن الإنسان لا يطهر
ما لم يمط الأذى عنه وقال اشمعث يستنجى بعد الوضوء لأنّه يجوز أن يغسل
وجهه بعد الاستنجاء ولا يتوضّئون بماء قد تغير لونه أو طعمه أو ريحه
ولا يجيزون الطهارة من غدير ما لم يكن عشرة أذرع في عشر والنوم قاعدا
لا ينقص الوضوء ما لم يضع جنبه ومن أحدث في صلاته من قيء أو رعاف أو
ريح انصرف وتوضأ وبنى على صلاته ولا يجوز للرجل الصلاة في أقل من ثلاثة
أثواب قميص وسراويل وملاءة يتردى بها فإن لم يجد الملاءة صلى جالسا [F
118 r] وإن لم يجد القميص والسراويل صلى بقلبه
ولا يجوز الصلاة للمرأة في أقلّ من أربعة ثياب [1]
__________
[1] . أثواب Corrmarg:
(4/36)
والصلاة فرض عليهم في اليوم والليلة ثلاث
صلوات إحداهن عند الصبح والثانية بعد الزوال إلى غروب الشمس والثالثة
إلى وقت العتمة إلى أن يمضي من الليل ثلثه يسجدون في دبر كل صلاة سجدة
طويلة ويزيدون يوم السبت وأيام الأعياد خمس صلوات سوى ما كانوا
يصلّونها فلهم خمسة أعياد عيد الفطر وهو يوم الخامس عشر من نيسان وهو
سبعة أيام يأكلون فيها الفطير وينظفون بيوتهم من خبز الخمير لأنها
الأيام التي خلص الله فيها بني إسرائيل من يد فرعون وأغرقه في اليم
فخرجوا من البحر وجعلوا يأكلون اللحم والعجين الفطير وعيد الأسابيع بعد
عيد الفطر سبعة أسابيع وهو الذي كلم الله فيه بني إسرائيل من طور سيناء
وعيد رأس الشهر وهو أول يوم من تشرين يزعمون أنه يوم فدى فيه إسحاق عم
من الذبح ويسمونه عيد راش هشنا [1] أي عيد رأس الشهر وعيد صوما ربا
معناه الصوم العظيم ويزعمون أن الله عز وجل يغفر لهم في ذلك اليوم جميع
ذنوبهم وخطاياهم إلّا ثلاثا الزنا لمحصنة وظلم الرجل أخاه وجحده ربوبية
الله وعيد مظلّى يستظلّون سبعة أيّام
__________
[1] . هشا MS.
(4/37)
بقضبان الآس والخلاف ويزعم بعضهم أن بني
إسرائيل انتهوا في هذه الأيام إلى مفازة فاستظلوا بالشجر وكان واجبا
عليهم الحج في كل سنة ثلاث مرات حين كان الهيكل عامرا والمذبح قائما
وأما الصوم فيجب عليهم صوم أربعة أيام يوم السابع عشر من تموز وحده من
غروب الشمس إلى غروب الشمس ويزعمون أن هذا اليوم الذي كسر فيه بخت نصّر
سور أوريشلم يعني بيت المقدس ودخلها والثاني يوم العاشر من آب والثالث
يوم العاشر من كانون الأول والرابع يوم الثالث عشر من آذار وأمرهم في
الحيض والحائض شديد يجب عليهم أن يعتزلوها وثيابها وأوانيها وما مسته
الحائض من شيء فقد نجس ووجب أن يغسل وإن مست لحم القربان وجب أن يحرق
ذلك اللحم بالنار ومن مس الحائض أو خبزت أو طبخت أو غسلت فكله نجس حرام
على الطاهرين وحل للحيض ومن غسل ميتا وجب عليه أن يغتسل سبعة أيّام لا
يصلي فيها ويغسلون الموتى ولا يصلون عليهم وأمّا الزكاة فالواجب عليهم
أن يخرج العشر من أموالهم كائنا ما كان من السوائم والناض ولا يجب
العشر في شيء من أموالهم دون مائة عدديا كان أو وزنيا لأن ما لا يخرج
منه
(4/38)
عشر العشر لا يجب فيه العشر وكل ما أخرج
منه مرة واحدة فليس فيه إعادة العشر وأما نكاحهم فلا يصح إلا بولىّ
وخطبة وثلاثة شهود ومهر مائتي درهم للبكر ومائة للثيب فإن كان أقل من
ذلك لم يجز ويحضر عند عقد النكاح كاس من خمر ودستجة من ريحان فيأخذ
الإمام الكاس فيبرك عليها ويخطب خطبة النكاح ثم يدفعه إلى الختن ويقول
قد تزوجت فلانة بهذه الفضة أو بهذا الذهب وهو خاتم في يده وبهذه الكاس
من الخمر وبمهر كذا درهم ويشرب منها جرعة ثم ينزلون إلى منزل الجارية
ويأمرونها أن تأخذ الخاتم والريحان والكاس من يد الختن فإذا أخذت وشربت
منها جرعة يعقد النكاح ويضمن أولياء المرأة البكارة فإذا زفت وكل أبو
المرأة رجلا وامرأة بباب البيت الذي يقتضها فيه الزوج وفرشوا لها ثيابا
بيضا [F 118 v] فإذا
الزوج نظر إلى الثياب وشهد بما رايا اقتضها فإن لم يجدها بكرا رجمت ولا
يجوز لهم التمتع بالإماء إلا أن يعتقوهن وينكحوهن ومن واقع امرأته فقد
عتقت عليه وأيّ عند عمل لمولاه سنين معلومة فقد عتق ومن احتاج من
اليهود [؟] بيع أولاده إذا كانوا صغارا غير مدركين كذا هم في
(4/39)
شريعة بني إسرائيل وأما طلاقهم وخلعهم
فإنهم لا يجوز لهم ذلك إلا أن يقفوا منهم على زنا أو سحر أو رفض دين
ومن أراد أن يطلق امرأته فإن كانت بكرا أتى بخمسة وعشرين درهما وإن
كانت ثيبا أتى باثني عشر درهما ونصف وأحضر الإمام والشهود وكتاب الطلاق
وقال لها أنت طالق مني مائة مرة ومختلعة مني وفي سعة [1] أن تتزوجي من
شئت ولا يقع الطلاق على الحامل بتة وللرجل أن يراجع امرأته [ما] لم
تتزوج انقضت عدتها ام لم تنقض فإذا تزوجت حرمت على الزوج الأول أبدا
وحكمهم في البيوع أنه ما لم ينقل المشتري ما اشتراه إلى حيث شاء وسلّمه
إليه البائع فإنهما بالخيار والحدود عندهم على خمسة أوجه الحرق والقتل
والرجم والتعزير والتغريم أما الحرق فعلى من زنى [2] بأم امرأته أو
بربيبته [3] أو بامرأة ابنه والقتل على من [4] قتل والرجم على المحصن
إذا زنا أو لاط وعلى
__________
[1] . سبعةMS.
corriged ,apresMaprizi. [2]
بن يرىMs.
[3] . بربيّتهCorr.marg. ,ms.
[4] . ما -MS.
(4/40)
المرأة إذا مكنت البهيمة من [1] نفسها
والتعزير على من قذف [2] والتغريم على من سرق والبينة على المدعي
واليمين على من أنكر وهذه سبعة وثلاثون عملا من أتى بواحد منها في
السبت أو في ليلة السبت استحق القتل تكريب الأرض زرع الأرض حصد الزرع
سياقة الماء إلى الزرع ضرب الممخضة حلبة اللبن كسر الحطب إيقاد النار
عجن العجين خبز الخبز خياطة الثوب نسج السلك [3] كتابة حرفين أخذ الصيد
ذبح الحيوان الخروج من القرية التحويل من موضع إلى موضع الشري والبيع
الدقّ والطحن والاحتطاب قطع الجبن دق اللحم إصلاح النعل إذا انقطعت خلط
علف الدابّة ولا يجوز للكتاب أن يخرج [4] يوم السبت من [5] منزله ومعه
قلمه ولا الخيّاط أن يخرج ومعه إبرته ومن أتى بشيء استحق به القتل فلم
يسلّم نفسه فهو ملعون،،،
__________
[1] . عنCorr.marg. ,ms.
corriged ,apresMaqrizi. [2]
بن وقزفMs.
auduel ,commedansMaqrlzi. [3]
بن السلكينcorr.marg:
corriged ,ndmembredephrase. [4]
بن يجوزMs
[5] . في Ms.
(4/41)
ذكر شرائع النصارى
وفيهم اختلاف وفرق فمنهم الملكانية والنسطورية واليعقوبية والبرذعانية
[1] والمرقونية والفولية [2] وهم الرهاويون الذين بنواحي حران وأصناف
حادثة غيرها ولا يخالفون في أشياء كثيرة ومنهم من يذهب مذهب الحرانية
بعينه ومنهم من يقول بالنور والظلمة والثنوية يقولون أجمعهم بنبوة
المسيح ومنهم من يعتقد مذهب ارسطاطاليس ويجر كتابهم إلى تصويب ذلك فأما
الملكانية واليعقوبية والنسطورية فمتفقون على أن معبودهم ثلاثة أقانيم
وهذه هي الأقانيم الثلاثة شيء واحد وهو جوهر قديم ومعناه أب وابن وروح
القدس إله واحد وأن الابن نزل من السماء فتدرع جسدا من مريم وظهر للناس
يحيى ويبرئ وينبى ثم قتل وصلب وجرح فخرج من القبر لثلاث وظهر لقوم من
أصحابه وعرفوه حق معرفته ثم صعد إلى السماء فجلس عن يمين الله هذا الذي
يجمعهم اعتقاده غير أنهم يختلفون في العبارة [3] والعلل فمنهم من
__________
[1] . والبوذعانية-MS.
[2] الغولية-MS.
corriged ,rlzietlecontexte. [3]
بن. العبادة -Ms
(4/42)
زعم أن القديم جوهر واحد وثلاثة أقانيم كلّ
واحد منها جوهر خاص وأحد هذه الأقانيم أب [1] واحد غير مولود والآخر
ابن [2] مولود وغير والد والثالث روح فائضة منثنية بين الأب والابن
وزعم أن الابن لم يزل مولودا ابن الابن الابن والأب لم يزل والدا لا
على جهة النكاح والتناسل لكن على جهة تولّد ضياء الشمس من ذات الشمس
وتولد حر النار من ذات النار ومنهم من يزعم أن معنى قولهم أن الإله
ثلاثة أقانيم أنها ذات لها حياة ونطق فالحياة هي روح القدس والنطق هو
العلم والحكمة والكلمة النطق والعلم والحكمة والكلمة عبارة عن الابن
كما يقال الشمس وضياءها وحرها فهو عبارة عن ثلاثة أشياء ترجع إلى أصل
واحد ومنهم من زعم أنه لا يصح له تثبيت الإله فاعلا حكيما إلا أن يثبته
حيا ناطقا ومعنى الناطق العالم المميز لا الذي يخرج الصوت بالحروف
المركبة ومعنى الحي عندهم من له حياة بها يكون حيا ومعنى العالم من له
علم به يكون عالما قالوا فذاته وعلمه وحياته ثلاثة أشياء والأصل واحد
فالذات
__________
[1] . انMS.
[2] . اب MS.
(4/43)
هي [1] لعلة للاثنين اللذين العلم والحياة
والاثنان هما المعلولان [2] للعلة ومنهم من يتجنب اللفظ بالعلة
والمعلول في صفة القديم فيقول أب وابن ووالد وروح وحياة وعلم وحكمة
ونطق قالوا والابن اتّحد [3] إنسانا مخلوقا فصار هو وما اتحد [3] به
مسيحا واحدا وأن المسيح هو إله العباد وربهم ثم اختلفوا في صفة الاتحاد
فزعم بعضهم أنه وقع بين جوهر لاهوتي وجوهر ناسوتي اتحاد [4] فصار مسيحا
واحدا ولم يخرج الاتحاد كل واحد منهما عن جوهريته وعنصره وأن المسيح
إله معبود وأنه ابن مريم الذي حملته وولدته وأنه قتل وصلب وزعم قوم أن
المسيح بعد الاتحاد جوهران أحدهما لاهوتي والآخر ناسوتي وأن القتل
والصلب وقعا به من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته وأن مريم حملت بالمسيح
وولدته من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته وهذا قول النسطورية ثم يقولون
أن المسيح بكماله إله معبود
__________
corriged ,apresMaprizi. [1]
بن فيMs.
[2] . المعلومانMS.
[3] . اتّخذMs.
[4] . اتحادا MS.
(4/44)
وأنه ابن الله مع اختلاف كثير ويزعم بعضهم
أنّ الاتّحاد وقع بين جوهرين لاهوتي وناسوتي وجوهر اللاهوتي بسيط غير
منقسم ولا يتجزأ [1] ومنهم من يقول أن الاتحاد على جهة حلول الابن في
الجسد ومخالطته إيّاه ومنهم من يقول الاتحاد على جهة الظهور كظهور
كتابة الخاتم والنقش إذا وقع على الطين والشمع وكظهور صورة الإنسان في
المرآة وأعلم أنه لا مذهب أكثر اختلافا في العبارة من النصارى حتى لا
يكاد يوجد منهم اثنان على قول واحد ويذكره اللاحقيّ في قصيدة له [هزج]
وبابن الأب ما دنت ... وروح منه قدسي
ثلاث من أقانيم ... بمعنى واحداتي
ولاهوتية حلت ... بإنسان ولادي
وليس هذا موضع الرد عليهم ولكن من نظر إلى قولهم في القديم وما يصفونه
به من الأعراض الطارية عليه علم فساد مذهبهم واستحالة القديم أن يكون
بشيء من تلك الصفات فالملكانية ينسب إلى ملك الروم ويقولون الله اسم
لثلاثة
__________
[1] . يتجزّى MS.
(4/45)
معان الأب والابن والجوهر وهو روح القدس
والنسطورية ينسب [F 119 v]
إلى نسطور رجل منهم يزعمون أن الله اسم لثلاثة معان فهو واحد ثلاثة
وثلاثة واحد واليعقوبية قالوا هو واحد قديم وأنه كان لا جسم ولا إنسان
ثم تجسم وتأنس والفولية قالوا الله واحد وعلمه قديم معه والمسيح ابنه
على جهة الرحمة كما يقال إبراهيم خليل الله والمرقونية يزعمون أن
المسيح يطوف عليهم كل يوم طوفة والبرذعانية يزعمون أن المسيح هو الذي
يحشر الموتى من قبورهم ويحاسبهم مع ترهات كثيرة وأقاويل مردودة لعنهم
الله وقبح مذهبهم،،،
ذكر أحكامهم
لا بدّ من تنصير أولادهم وذلك أنهم يعمدون إلى من يريدون تنصيره
فيغمسونه في ماء قد أغلي بالرياحين وألوان الطيب في إجانة جديدة
ويقرءون عليه شيئا من كتابهم ويزعمون أنه ينزل عليه روح القدس ويسمون
هذا العمل المعمودية وطهارتهم غسل اليدين والوجه وليس الختان عليهم
بفرض [1] وصلاتهم سبع وقبلتهم المشرق وحجّهم إلى البيت المقدس وزكاتهم
العشر من جميع أموالهم وصيامهم خمسون يوما ويكون
__________
[1] . قلت وعند الإسلام ليس بفرض فناهر
Notemarginale:
(4/46)
اليوم الثاني والأربعون منه عيد السعانين
ويزعمون أن [هو] اليوم الذي نزل فيه عيسى بن مريم عم من الجبل ودخل بيت
المقدس وبعده بأربعة أيام عيد الفصح وهو اليوم الّذي خرج فيه موسى عم
ببني إسرائيل من مصر وبعده بثلاثة أيام عيد القيامة وهو اليوم الذي
يزعمون أنّ عيسى عم خرج من قبره بعد ما قتل ودفن وبعده بثمانية أيام
عيد الجديد ويزعمون أنّه اليوم الّذي ظهر فيه عيسى لتلامذته بعد ما خرج
من القبر وبعده بثمانية وثلاثين يوما عيد السلاق ويزعمون أنه اليوم
الذي صعد فيه عيسى إلى السماء ولهم أعياد سوى ما ذكرنا عيد الصليب وهو
اليوم الذي وجدوا فيه خشبة الصليب وإنّما علموا ذلك انّه وضع على ميت
فحيي بزعمهم وعيد الدنح [1] وعيد الميلاد ولهم قرّاؤون وكهنة منهم
شمّاس وفوقه القسّ وفوق القسّ الأسقف وفوق الأسقف المطران وفوق المطران
البطريق والسكر حرام عليهم ولا يحل لهم اللحم والجماع في الصوم وكل ما
بيع في الأسواق ولم يعفه أنفسهم فمباح لهم ولا يصح نكاحهم إلا بحضور
شمّاس والعدول والمهر ويحرمون على
__________
[1] . الذبح Ms.
(4/47)
النساء ما حرم المسلمون ولا يحل لهم الجمع
بين امرأتين ولا التسري بالجواري إلا أن يعتقوهن ويتزوجوهن وأي عبد من
عبيدهم خدمهم سبع سنين فقد عتق ولا يحل للرجل طلاق إلا أن يأتي
بالفاحشة فقد طلقت ولا يحل له أن يتزوج بها أبدا وحدودهم الرجم للمحصن
والمحصنة فإن كانا غير محصنين وعلقت المرأة من الرجل زوّجت به ويقتل
قاتل العمد والواجب على قاتل الخطاء أن يهرب وليس للموتور أن يطلبه لما
أمروا به من استعمال العفو وكثير من أحكامهم أحكام التوراة وقد لعن
منهم اللوطي والشاهد بالزور والمقامر والزاني والسكير هذا أحكامهم
والله أعلم،،،
(4/48)
|