العبر في خبر من غبر، من سنة 711 إلى 720

سنة إحدى عشرة وسبعمائة
عزل عن دمشق قراسنقر المنصوري - ولله الحمد - بكريه المنصوري الذي كان مجرداً بحلب.
وولي العذراوية شرف الدين حسين بن سلام لرواح سليمان الكردي مع قراسنقر.
وولي نظر المارستان النوري أيضاً ابن خطيب المصلي لرواح ابن الحداد أيضاً.

(4/26)


وأعطي الصاحب نجم الدين البصروي إمرةً، وخلع عليه لها بزي الوزراء. ووزر بمصر أمين الملك أبو سعيد المستوفي - الذي أسلم - عوضاً عن بكتمر الحاجب. وولي بحمص بيبرس العلائي.
وأعيد إلى القضاء ابن جماعة. وجعل الزرعي قاضي العسكر مع تدريساته.
وقرر على أملاك دمشق وأوقافها ألف وخمسمائة فارس، فقال الخطيب جلال الدين: أنا لها. ومشى إلى القضاة، وتجمع الناس، وكبروا، وحملوا المصحف، والأثر النبوي، وأعلام الخطبة. ورأى النائب كريه منظراً مزعجاً فغضب، وأهان الخطيب، وضرب الشيخ مجد الدين التونسي ورسم عليهم، فتألم الخلق ودعوا على كريه. فبعد تسعة أيام أخذ من النيابة وقيد وسجن بالكرك. وأمسك قطلبك نائب صفد، ونائب مصر بكتمر أمير جندار. وولي بمصر بيبرس الخطائي الدويدار صاحب التاريخ. وكانت نيابة كريه بدمشق نحو خمسة أشهر. ووليها جمال الدين أقوش الكركي. وولى صفد بهادر آص مديدةً.
ومات الصاحب فخر الدين عمر بن عبد العزيز بن الحسن بن الخليلي التميمي الداري المصري عن إحدى وسبعين سنة حدث عن المرسي. وولى وزارة الصحبة في آخر الدولة المنصورية. ثم وزر للعادل، والمنصور حسام الدين ثم عزل، ثم ولى للناصر ثم عزل، ومات معزولاً. وكان خبيراً بالأمور، شهماً، مقداماً، فيه كرمٌ وسؤدد. مات ليلة الفطر.

(4/27)


ومات في المحرم بالثغر، الزاهد العابد الإمام الناظم أبو حفص عمر بن عبد النصير السهمي القوصي، عن ست وتسعين سنة. ثنا بدمشق عن ابن المقير، وابن الجميزي، وحج مرات.
ومات بدمشق في صفر المسند الفاضل فخر الدين إسماعيل بن نصر الله بن تاج الأمناء أحمد بن عساكر عن اثنتين وثمانين سنة. ثنا عن ابن اللتي، ومكرم، وابن الشيرازي وطبقتهم. وشيعه الكبراء. وشيوخه نحو التسعين. كان مكثراً، وفيه خفةٌ وطيش، ولكنه فيه دين. ويذاكر بأشياء.
وماتت الصالحة المسندة أم فاطمة بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي البعلي، والدة الشيخ إبراهيم بن القريشية وإخوته. توفيت في صفر عن ست وثمانين سنة. روت الصحيح عن ابن الزبيدي، مرات، وسمعت صحيح مسلم من ابن الحصيري شيخ الحنفية. وسمعت من ابن رواحة. دينة، متعبدة.
ومات بحماة قاضيها العلامة عز الدين عبد العزيز بن محيي الدين محمد ابن نجم الدين أحمد بن هبة الله بن العديم الحنفي، في ربيع الأول، ودفن بتربته عن ثمان وسبعين سنة. ثنا عن ابن خليل وسمع من يونس بن خليل، والضياء صقر، وهدية. وكان له اعتناء بالكشاف وبمفتاح السكاكي.
ومات الإمام القدوة الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي

(4/28)


نصر الدباهي الحنبلي الصوفي عن خمس وسبعين سنة. وكان ذا تأله، وصدق، وعلم.
ومات بعده بيوم الإمام العارف الزاهد القدوة عماد الدين أحمد بن شيخ الحزامية إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي صاحب التواليف في التصوف، في ربيع الآخر عن أربعٍ وخمسين سنة، وكان من سادة السالكين. له مشاركة في العلوم، وعبارة عذبة، ونظم جيد.
ومات في جمادى الأولى، العدل المرتضي المسند عماد الدين أبو المعالي محمد بن علي بن محمد بن علي البالسي الدمشقي عن أربع وسبعين سنة. سمع من إسحق الشاغوري، وكريمة، وجماعة حضوراً، ومن السخاوي وابن قميرة، وابن شقيرا، وعمر بن البراذعي، وخلق. خرجت له معجماً كبيراً، ووقف أجزاءه. وكان محموداً في الشهادات. حسن الديانة.
ومات الشيخ الصالح الزاهد البركة الشيخ شعبان بن أبي بكر بن عمر الإربلي، شيخ مقصورة الحلبيين في رجب عن سبع وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة. خرج له رفيقه ابن الظاهري عن محمد ابن النعالي، وعبد الغني بن بنين، والكمال الضرير وطبقتهم. وكان خيراً، متواضعاً، وافر الحرمة.
ومات القاضي المنشىء جمال الدين محمد بن مكرم بن علي الأنصاري الرويفعي بمصر، في شعبان عن اثنتين وثمانين سنة. يروي عن مرتضى، وابن المقير، ويوسف بن المخيلي، وابن الطفيل، وحدث بدمشق ومصر، واختصر تاريخ ابن عساكر، وله نظم ونثر، وفيه شائبة تشيع.

(4/29)


ومات شيخ التجويد، وصاحب الكتابة الباهرة، والإنشاء الجيد شرف الدين محمد بن شريف بن يوسف بن الوحيد الزرعي، من كتاب الدرج. كان شجاعاً، مقداماً، متكلماً، منشئاً. وهو متهم في دينه، يرمى بعظائم. توفي في شعبان وقد شاخ.
ومات وزير التتار سعد الدين محمد بن علي الساوجي، قتلوه مع رفيقه في الوزارة مبارك شاه، وطائفة، في شوال، خبث عليهم الشريف الآوي، فقتل أيضاً الكل ببغداد. قيل: عملوا على قتل القآن.
ومات العلامة شيخ الأدباء رشيد الدين بن كامل الرقي الشافعي عن ست وثمانين سنة درس وافتى، وبرع في الأدب. وكان وكيل بلاد حلب. وحدث عن ابن مسلمة وابن علان.
ومات بمصر العلامة الأصولي الخطيب، شمس الدين محمد بن يوسف الجزري مدرس المعزية، وخطيب جامع ابن طولون. وله تلامذة.
وهلك في سجن الكرك الأمير سيف الدين أسندمر الكرجي في آخر الكهولة. ولي البر بدمشق ثم نيابة طرابلس، ثم حلب. وكان بطلاً شجاعاً، سائساً، داهية، جباراً، ظلوماً، مهيباً. سمع بقراءتي صحيح البخاري. وهلك معه الأمير الكبير بتخاص.
ومات قاضي الحنابلة بمصر الإمام الحافظ سعد الدين مسعود بن أحمد

(4/30)


الحارثي في ذي الحجة عن ستين سنة. حدث عن ابن البرهان، والنجيب، وابن علاق، وخلق. وكتب وصنف ورأس. وكان ديناً، صيناً، وافر الجلالة، فصيحاً، ذكياً، حكم سنتين ونصف. وكان من أئمة الحديث ومتقنيهم.
وخرّ في هذه الحدود خطيب غرناطة العلامة أبو محمد عبد الله بن أبي حمزة المرسي من فوق المنبر يوم الجمعة، ومات فجأةً وله نيف وثمانون سنة. روى بالإجازة عن ابن سالم الكلاعي.
سنة اثنتي عشرة وسبعمائة
في المحرم ساق الأميران عز الدين الزردكاش وآخر إلى الأفرم نائب طرابلس الذي ناب بدمشق، وانضموا إلى نائب حلب قراسنقر، ثم ساقوا وأجارهم مهنا فبقوا عنده أياماً ثم خامروا إلى القآن خربندا فأقبل عليهم كثيراً وأقطعهم.
وولي السر بدمشق شرف الدين بن فضل الله، وقام مكانه بمصر علاء الدين ابن الأثير.
واحتيط على أموال أولئك الأمراء، وقطع خبز مهنا، وأمر مكانه أخوه الأمير محمد. وولي نيابة حلب سودي. وأخذ من دمشق نائبها جمال الدين أقوش على البريد في ربيع الأول.
وطلب قطب الدين السلامي إلى مصر فولي نظر الجيش وبها وولي قضاء الحنابلة بمصر تقي الدين أحمد بن القاضي بن عوض.

(4/31)


وصودر كاتب الجيش بمصر الفخر كاتب المماليك.
وولي طرابلس تمر الساقي. وأمسك نائب حمص بيبرس العلائي.
ومن دمشق مشدها طوغان المنصوري، وبيبرس المجنون وركن الدين الباجي، وكشلي، وسنجر البراوي وحبسوا بالكرك. وأمسك بمصر النائب بيبرس الخطائي، وأقوش الذي ناب بدمشق، وسنقر الكمالي الحاجب، وخمسة أمراء فحبسوا.
وفي ربيع الآخر وصل على نيابة الشام ملك الأمراء تنكز الناصري، وفي خدمته أمراء، منهم الحاج، وقطبة. وبعد شهر ولي نيابة مصر أرغون الدويدار. وفي هذا الشهر ولي نظر الجيش بدمشق معين الدين بن خشيش، وشورك بين كاتب المماليك وبين قطب الدين.
ونازل خربندا بجيوشه الرحبة، وانجفل الناس، وكثر الخوف، ونصبت المجانيق عليها، ونقبت النقوب حتى طالت أهلها الأمان، ونزل نائبها وقاضيها إلى القآن بهدية فقبلها واستحلفهم له. وأمر كلاً على ولايته، ثم ترحل عنها في العيد أو في آخر رمضان. فبعثوا إلى السلطان بما جرى وطلبوا العزل لأيمانهم، فعزل الكل وبعث غيرهم. ودخل دمشق في أواخر شوال. ثم بادر فحج في خواصه ورجع إلى دمشق مؤيداً منصوراً. وقدم شيخنا تقي الدين من مصر بعد غيبة سبع سنين وسبع جمع.
وفيها مات شيخ بعلبك الإمام الفقيه، الزاهد، القدوة، بركة الوقت

(4/32)


أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن حاتم الحنبلي في صفر عن نيف وثمانين سنة. حدث عن سليمان الإسعردي، وأبي سليمان الحافظ، والشيخ الفقيه. وبالإجازة عن ابن روزبة، ونصر بن عبد الرزاق وكان من العلماء الأبرار، قليل المثل، خيراً، منوراً، أماراً بالمعروف، رحمه الله.
ومات الصدر الأديب المقرىء شهاب الدين أحمد بن سليمان بن مروان بن البعلبكي الدمشقي من تجار الخواصين، ومن عدول القيمة. عرض الشاطبية على السخاوي، وسمع منه أجزاء. وله نظم جيد ومدائح. عاش خمساً وثمانين سنة. توفي في ربيع الآخر.
ومات بالمزة الصاحب تاج الدين أحمد بن العماد محمد بن الشيرازي، ولي الوكالة، والحسبة، ونظر الدواوين، ونظر الجامع. وتنقل في المناصب ثم مات بطالاً، حدث عن ابن عبد الدايم. وعاش ثمانياً وخمسين سنة. توفي في رجب.
ومات صاحب ماردين المنصور ونجم الدين غازي بن المظفر قرا أرسلان بن السعيد غازي بن أرتق بن غازي بن ألي بن تمرتاش ابن الملك غازي بن أرتق التركماني الأرتقي في ربيع الآخر، ودفن في تربة آبائه، عن بضع وستين سنة. وتملك بعده ولده العادل علي، فمات بعد أيام. فيقال سمهما قراسنقر. ثم تملك ابنه الآخر الملك الصالح.
ومات بمصر في ربيع الآخر المسند العالم الصالح الشيخ أبو الحسن علي ابن محمد بن هارون التغلبي الدمشقي، قارىء المواعيد للعامة، وله ست

(4/33)


وثمانون سنة. سمع من ابن صباح حضوراً، ومن ابن الزبيدي، والمازني، وابن اللتي، والناصح، ومكرم، وعدة. وتفرد بالعوالي واشتهر. وكان ديناً، خيراً، متواضعاً، حمل على الرؤوس وتأسفوا عليه.
وتوفيت بالقدس في جمادى الأولى المعمرة أم محمد هدية بنت علي بن عسكر الهراس، ولها ستٌ وثمانون سنة. تروي عن ابن الزبيدي حضوراً، وعن ابن اللتي، والهمذاني، وغيرهم. وكانت فقيرة، صالحة، قنوعة، متعبدة، سمراء، قابلة.
ومات بمصر الفقيه المعمر عماد الدين أحمد بن القاضي شمس الدين محمد بن العماد إبراهيم المقدسي الحنبلي، في جمادى الآخرة، عن خمسٍ وسبعين سنة. سمع ببغداد من الكاشغري، وابن الخازن. وبمصر من ابن رواج وطائفة. وتفرد بأجزاء.
ومات بدمشق العدل الصالح التقي شرف الدين أبو البركات عبد الأحد بن أبي القاسم بن عبد الغني، خطيب حران، فخر الدين بن تيمية الحراني التاجر، في شعبان عن اثنتين وثمانين سنة. روى عن ابن اللتي حضوراً، ومن ابن رواحة، ومرجا بن شقيرا وجماعة.
ومات المولى الملك المظفر شهاب الدين غازي بن الناصر داود ابن المعظم بن العادل عن نيف وسبعين سنة. ثنا عن الصدر البكري وخطيب مردا.

(4/34)


وكان عاقلاً ديناً.
ومات المسند الخطيب نور الدين علي بن نصر الله بن عمر القرشي المصري، ابن الصواف الشافعي، الذي روى عن ابن باقا أكثر سنن النسائي سماعاً. وتفرد، واشتهر. توفي في رجب وقد قارب التسعين، وسمع من جعفر الهمداني والعلم ابن الصابوني. وله إجازة ابي الوفا محمود بن مندة من أصبهان.
وماتت ست الأجناس موفقية بنت عبد الوهاب ابن عتيق بن وردان المصرية، ولها اثنتان وثمانون سنة. روت عن الحسن بن دينار، والعلم ابن الصابوني، وعبد العزيز النقار، وطائفة، وتفردت.
ومات بمصر في شوال المقرىء المعمر زين الدين أبو محمد الحسن ابن عبد الكريم بن عبد السلام الغماري المصري المالكي، سبط الفقيه زيادة، وله خمس وتسعون سنة. سمع من أبي القاسم بن عيسى المقرىء، ومحمد بن عمر القرطبي المقرىء. وتفرد عنهما. وتلا بالسبع على أصحاب أبي الجود. وكان ديناً، خيراً، فاضلاً، كيساً، يؤدب في منزله.
ومات بالقدس مدرس الصلاحية العلامة نجم الدين داوود الكردي الشافعي، درس بها ثلاثين سنة. وبعده وليها الشيخ شهاب الدين بن جهبل.
ومات سلطان دست القفجاق طقططيه المغلى الجنكزخاني وله نحو من أربعين سنة. وكانت دولته ثلاثاً وعشرين سنة. وكان على دين قومه يحب السحرة، وفيه عدلٌ في الجملة وميلٌ إلى الإسلام. وعسكره خلقٌ عظيم

(4/35)


بالمرة. وتملك بعد القآن الكبير أزبك خان وهو شاب بديع الجمال، حسن الإسلام، موصوفٌ بالشجاعة، وامتدت أيامه.
سنة ثلاث عشرة وسبعمائة
وصل السلطان من الحج إلى دمشق يوم حادي عشر المحرم لابساً عباءة وعمامة مدورة، وصلى جمعتين بالمقصورة. وولي نظر الدواوين غبريان، ونظر الجامع فخر الدين ابن شيخ السلامية، وشد الأوقاف بكتاش المنكورسي. وذهب في الرسلية ابن الوكيل إلى مهنا مرتين.
وفيها روك أخباز الشاميين وانضر عددً كثيرٌ، وأقيمت صلاة الفطر لأجل الثلج بدار السعادة.
وفيها مات الخطيب القاضي عماد الدين علي بن الفخر عبد العزيز ابن قاضي القضاة عماد الدين عبد الرحمن بن عبد العلي بن السكري المصري الشافعي، خطيب جامع الحاكم ومدرس مشهد الحسين، وله أربعً وسبعون سنة. وقد ذهب في الرسلية إلى ملك التتار، وحدث بدمشق عن جده لأمه ابن الجميزي.
ومات بمكة في ربيع الآخر المحدث الحافظ فخر الدين أبو عمر عثمان ابن محمد بن عثمان التوزري المالكي المجاور عن ثلاث وثمانين سنة. سمع السبط، وابن الجميزي، وعدة، وقرأ ما لا يوصف كثرةً، ثم جاور للعبادة مدة. وكان قد تلا بالسبع.
ومات بدمشق نائب الخطيب وشيخ القراء تقي الدين أبو بكر بن محمد

(4/36)


ابن المشيع الجزري المقصاتي في جمادى الآخرة، عن بضعٍ وثمانين سنة. أمّ مدةً بالرباط الناصري. تلا على الشيخ عبد الصمد وغيره. وروى عن الكواشي تفسيره. وكان ديناً، صالحاً، بصيراً بالسبع.
ومات رئيس التجار الصدر عز الدين عبد العزيز بن منصور الكولمي بالإسكندرية وقد شاخ. وكان أبوه من يهود حلب فأسلم وتاجر. سافر عز الدين إلى الصين، وكان فيه كرمٌ وخير. ولما مر باليمن نابه لصاحبها من المغارم ثلاثمائة ألف درهم.
ومات في جمادى الآخرة الشيخ المسند أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن بدران الأنمي الدشتي الكردي المؤدب الحنبلي، بدمشق عن ثمانين سنةً غير أشهر. ثنا عن ابن رواحة، وابن يعيش، وابن قميرة، والضياء، وصفية القرشية، وعدة. وله مشيخة بانتقاء البرزالي. تفرد بأشياء عالية.
ومات بحلب المسند المعمر ركن الدين بيبرس التركي المجدي العديمي، في ذي القعدة عن نحو التسعين أو أكثر. ثنا عن الكاشغري، وهبة الله بن الدوامي، وجماعة.
سنة أربع عشرة وسبعمائة
أغارت عساكر حلب على دنيسر، وقتلوا خلقاً وفعلوا قبائح. وولي حلب ألطنبغا الحاجب بعد وفاة سودي. وقتل الشقي موسى الكركي كاتب قطلبك لكونه سب النبي صلى الله عليه وسلم.

(4/37)


وجرت وقعة بقرب مكة بين الأخوين حميضة وأبي الغيث، فقتل أبو الغيث واستولى حميضة على مكة.
ومات العدل المسند زين الدين إبراهيم بن عبد الرحمن بن تاج الدين أحمد بن القاضي أبي نصر بن الشيرازي في جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة. ثنا عن السخاوي، وكريمة، والنسابة، والتاج بن حمويه، وطائفة. وانتخب عليه العلائي. مولده في أول يوم من سنة أربع وثلاثين. وكان لا بأس به، كثير التلاوة.
ومات بحلب نائبها سيف الدين سودي. وكان جيد السيرة.
ومات كاتب الحكم الصدر شمس الدين محمد بن كاتب الحكم المهذب ابن أبي الغنائم في آخر الكهولة، وخلف ثروة.
ومات بمصر العلامة المعمر شيخ الحنفية رشيد الدين إسماعيل ابن عثمان ابن المعلم القرشي الدمشقي في رجب عن إحدى وتسعين سنة. سمع من ابن الزبيدي الثلاثيات. وسمع من السخاوي، والنسابة، وجماعة. وتفرد، وتلا بالسبع على السخاوي، وأفتى، ودرس، ثم انجفل إلى القاهرة سنة سبعمائة.
ومات قبله ابنه المفتي تقي الدين بقليل. تغير قبل موته بسنة أو أكثر وانهرم.
ومات محتشم العراق القدوة شهاب الدين عبد المحمود بن عبد الرحمن بن أبي جعفر محمد بن الشيخ شهاب الدين السهروردي، وخلف نعمة جزيلة. وكان عالماً واعظاً. حدث عن جده أبي جعفر.

(4/38)


ومات نقيب الأشراف أمين الدين جعفر ابن شيخ الشيعة محيي الدين محمد بن عدنان الحسيني في حياة أبيه، فولى النقابة بعده ولده شرف الدين عدنان، وخلع عليه بطرحة وهو شاب طري.
ومات بحلب ناظرها الصاحب شرف الدين يعقوب بن مظفر بن مزهر، عن ست وثمانين سنة. وقد عمل نظر دمشق مرةً.
ومات بدمشق الشيخ سليمان التركماني الموله. وكان يجلس بسقاية باب البريد، وحوله الكلاب، ثم يطرق العلبيين، وعليه عباءة نجسة ووسخ بينٌ، وهو ساكن. قليل الحديث. له كشفٌ وحالٌ من نوع إخبارات الكهنة، وللناس فيه اعتقاد زائد. وكان شيخنا إبراهيم الرقي مع جلالته يخضع له ويجلس عنده. قارب سبعين سنة. وكان يأكل في رمضان، ولا صلاة ولا دين. ورأيت من يحكي أنه يعقل ولكنه يتجانن، وأنه من بابة يعقوب الحلط الذي هو مسجون على الكفريات.
ومات صاحب جيلان الملك شمس الدين دوباج بن فينشاه بن رستم، بقرب تدمر، ونقل فعمل له تربة عند قبة الرقي.
ومات بمصر العلامة الأصولي علاء الدين علي بن محمد بن خطاب الباجي الشافعي عن ثلاث وثمانين سنة. تخرج به الفضلاء، وله تصانيف وشهرة. درس بأماكن، وروى عن أبي العباس التلمساني.
وماتت العالمة الفقيهة، الزاهدة، القانتة، سيدة نساء زمانها، الواعظة،

(4/39)


أم زينب فاطمة بنت عباس البغدادي الشيخة، في ذي الحجة بمصر، عن نيف وثمانين سنة. وشيعها خلائق. انتفع بها خلق من النساء وتابوا. وكانت وافرة العلم، قانعة باليسير، حريصة على النفع والتذكير، ذات إخلاصٍ وخشيةٍ وأمرٍ بالمعروف. انصلح بها نساء دمشق، ثم نساء مصر. وكان لها قبول زايد، ووقع في النفوس، رحمها الله، زرتها مرة.
ومات بالثغر العدل جمال الدين ابن عطية بن إسماعيل بن عبد الوهاب بن محمد بن عطية اللخمي، المنفرد: " بكرامات الأولياء " عن مظفر الفوى. من أبناء الثمانين.
سنة خمس عشرة وسبعمائة
في أولها سار نائب دمشق بجيوش الشام وقطع الدربند إلى ملطية فافتتحها. وسبيت الذراري وعدد من المسلمات، وعم النهب، فلله الأمر، وأحرقوا في نواحيها وفارقوها بعد ثلاث.
وقدم قاضيها فأعطي تدريس الخاتونية البرانية، وشيخ الصوفية.
وقتل بملطية عدةٌ من النصارى. ودرس الأتابكية قاضي القضاة ابن صصرى وبالظاهرية ابن الزملكاني بعد الصفي الهندي. وقدم بغداد قراسنقر المنصوري بزوجته الخاتون بنت آبغا، وعزم أن يعبر على الشام، فما مكنه خربندا.
وكمل بناء القيسارية والسوق قبل سوق الخواتين، وكان بقعة ذلك ساحة وطاحوناً.

(4/40)


وقتل أحمد الرويس الأقباعي بدمشق لاستحلاله المحارم وتعرضه للنبوة. وكان له كشف وإخبار عن المغيبات، فضل به الجهلة. وكان يقول: أتاني النبي صلى الله عليه وسلم وحدثني. وكان يأكل الحشيشة، ويترك الصلاة، وعليه قباء.
ومات سلطان الهند علاء الدين محمود، أو في السنة الماضية، وتسلطن بعده ابنه غياث الدين.
ومات بالموصل العلامة المتكلم النحوي السيد ركن الدين حسن ابن شرف شاه الحسيني الأسترابادي صاحب التصانيف. توفي في المحرم وقد شاخ. وكان يبالغ في التواضع. ويقوم لكل أحد حتى للسقاء، وكان لا يحفظ القرآن إلا بعضه، وكانت جامكيته في الشهر ألفاً وثمانمائة درهم.
ومات بدمشق الزاهد محيي الدين علي بن محتسب دمشق فخر الدين محمود بن سيما السلمي، في صفر ببستانه، عن أربع وثمانين سنة. روى عن أبيه حضوراً، وعن ابن عبد الدايم، وأجاز له ابن دحية والإربلي وجماعة. وكان خيراً ديناً منقطعاً عن الناس، رحمه الله.
ومات بدمشق مدرس الظاهرية والأتابكية العلامة شيخ الشيوخ صفي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم الصفي الهندي الأرموي، ثم الهندي الشافعي، في صفر، عن إحدى وسبعين سنة. ولد بالهند، وتفقه بها على جده لأمه الذي توفى سنة ستين وستمائة. وسار من دلي في سنة سبع وستين إلى اليمن، ثم حج وجاور ثلاثة أشهر، وجالس ابن سبعين، ثم قدم مصر، ودخل الروم فأقام بها إحدى عشرة سنة بقونية وغيرها. ودرس وتميز واجتمع بالسراج

(4/41)


الأرموي، ثم قدم دمشق سنة خمس وثمانين. وسمع من ابن البخاري، وتصدر للإفادة وناظر وصنف. وأخذ عنه ابن الوكيل والفخر المصري والكبار. وكان ذا دين وتعبد وإيثار وخير وحسن اعتقاد. وكان يحفظ ربع القرآن.
ومات بمصر العلامة المفتي شمس الدين بن العونسي محمد بن أبي القاسم ابن جميل الربعي المالكي، وله ست وسبعون سنة. ولي قضاء الإسكندرية مدة.
ومات بحلب تاج الدين أبو المكارم محمد بن الشيخ كمال الدين أحمد بن محمد بن عبد القاهر بن النصيبي، عن أربعٍ وسبعين سنة، مكثر عن يوسف ابن خليل، وكان مدرس العصرونية، ووكيل بيت المال، وولي مرةً نظر الأوقاف، وكتابة الإنشاء.
ومات في ذي القعدة فجأة قاضي القضاة مسند الشام تقي الدين أبو الفضل سليمان بن حمزة المقدسي الحنبلي، وله ثمانٍ وثمانون سنة. روى الصحيح عن ابن الزبيدي حضوراً. وسمع من ابن اللتي، وجعفر، وابن المقير، وكريمة، وابن الجميزي، والحافظ الضياء، وأجاز له عمر بن كرم، وأبو الوفا محمود بن مندة، وشهاب الدين السهروردي. وله معجمٌ في مجلدين، عمله ابن الفخر، وكان بصيراً بالمذهب، ديناً، متعبداً، متواضعاً، كثير المحاسن، واسع الرواية، أفتى نيفاً وخمسين سنة، وتخرج به الفقهاء.
ومات في ذي الحجة بمصر العدل المعمر عز الدين أبو الفتح موسى بن علي بن أبي طالب العلوي الموسوي الدمشقي الحنفي، وله سبع وثمانون سنة. روى عن الإربلي حضوراً، وعن مكرم، والسخاوي، وابن الصلاح وجماعة، وتفرد، ورحل إليه.

(4/42)


ومات في ذي الحجة العدل ناصر الدين محمد بن يوسف بن محمد بن المهتار نقيب الحاكم، عن تسع وسبعين سنة. سمع المرجا بن شقيرة، ومكي وابن علان، وأبا عمرو بن الصلاح وعدة. وله مشيخةٌ وأجاز له ظافر ابن شحم، وابن المقير، وتفرد بأشياء.
سنة ست عشرة وسبعمائة
ولي القاضي حسام الدين القرمي قضاء طرابلس. وشمس الدين بن مسلم قضاء الحنابلة بدمشق. ودخل مهنا إلى الشرق فأكرمه خربندا إلى الغاية، فقيل: لم يقبل منه إلا اليسير، والتزم بحفظ البلاد من الغارات. وولي وكالة الشام ابن الشريشي جمال الدين.
ومات العدل الرئيس شمس الدين عبد القادر بن يوسف بن مظفر بن الخطيري الدمشقي. ولي نظر الخزانة، ونظر الجامع، ونظر المارستان، وحدث عن ابن رواج، وبالإجازة عن علي بن الجمل، وابن الصفراوي، وطائفة. وعاش إحدى وثمانين سنة. توفي في جمادى الأولى. وكان ديناً، صيناً، أميناً، وافر الجلالة.
ومات نائب طرابلس كشتيه الناصري. ومات الأديب البارع المحدث علاء الدين علي ابن مظفر ابن إبراهيم الكندي، ويعرف بكاتب ابن وداعة، عن ستة وسبعين سنة. تلا بالسبع على

(4/43)


العلم القاسم وغيره. وسمع من البكري، وإبراهيم بن الخليل وطبقتهما، ونسخ الأجزاء. وكان من جياد الطلبة على رقة في دينه، وهنات. وله النظم، والنثر وحسن الكتابة. ولي مشيخة النفيسة مدة وكتابة الإنشاء ووقف التذكرة الكندية.
ومات العلامة النجم سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي الشيعي الشاعر، صاحب شرح الروضة، وكان على بدعته كثير العلم، عاقلاً، متديناً. مات ببلد الخليل كهلاً.
وماتت مسندة الوقت ست الوزراء بنت عمر بن أسعد بن المنجا التنوخية في شعبان فجأةً. عن اثنين وتسعين سنة. روت عن أبيها القاضي شمس الدين، وابن الزبيدي، وحدثت بالصحيح، ومسند الشافعي، بدمشق ومصر مرات. وكانت على خير.
ومات سلطان التتار غياث الدين خربندا بن أرغون ابن أبغا بن هولاكو، هلك من هيضة في آخر رمضان ولم يتكهل. وكانت دولته ثلاث عشرة سنة، وتملك بعده ابنه أبو سعيد.
ومات المعمر المقرىء المسند صدر الدين أبو الفدا إسماعيل بن يوسف ابن مكتوم بن أحمد القيسي الدمشقي، بدمشق في شوال، عن ثلاث وتسعين سنة. سمع ابن اللتي، ومكرماً، وابن الشيرازي، والسخاوي، وقرأ عليه بثلاث روايات. وكان فقيهاً بالمدارس، ومقرأً بالزويزانية. وله أملاك، وتفرد بأجزاء.

(4/44)


ومات بدمشق شيخ التجويد نجم الدين موسى بن علي الكاتب بن البصيص عن خمس وستين سنة.
وماتت بحماة أم أحمد فاطمة بنت النفيس محمد بن الحسين بن رواحة. روت أجزاء عن عمها بمصر وطرابلس. سمعنا منها.
ومات شيخ العلامة ذو الفنون صدر الدين محمد بن الوكيل خطيب دمشق زين الدين عمر بن مكي بن المرحل الشافعي بمصر، في الرابع والعشرين من ذي الحجة، وله إحدى وخمسون سنة وثلاثة أشهر. ولد بدمياط، ونشأ بدمشق، واسمع من ابن علان، والقاسم الإربلي. وأفتى وله اثنتان وعشرون سنة، وحفظ المقامات في خمسين يوماً، وتخرج به الأصحاب. وكان أحد الأذكياء، وله نظم رائق ومزاح، عفا الله عنه.
ومات بسبتة عالمها المقرىء النحوي ذو العلوم ابو إسحق إبراهيم بن أحمد أبن عيسى الغافقي الإشبيلي، وله خمسة وسبعون سنة. سمع التيسير من ابن جوبر بسماعه من ابن أبي جمرة، وبحث كتاب سيبويه على ابن أبي الربيع، وتلا بالسبع. وله تصانيف وجلالة وتلامذة.
سنة سبع عشرة وسبعمائة
فيها عمل جامع النائب، وتنازع العلماء في إقامة قبلته، ثم ترخصوا في انحرافه مغرباً.

(4/45)


وفي صفر الزيادة العظمى في بعلبك، فغرق في البلد مئة وبضعة وأربعين نسمة، ثم تدكدك بعد مكانه بمسيرة نحو من خمسمائة ذراع، فكان ذلك آية بينة. وتهدم من البيوت والحوانيت؛ نحو ستمائة موضع. وفيها قدم السلطان إلى غزة وإلى الكرك ثم رجع.
وفيها ظهر جبليٌ ادعى أنه المهدي بحبلة، وثار معه خلقٌ من النصيرية والجهلة فقال: أنا محمد المصطفى. ومرة قال: أنا عليٌ. وتارة قال: أنا محمد بن الحسن المنتظر. وزعم أن الناس كفرة، وأن دين النصيرية هو الحق. وأن الناصر صاحب مصر قد مات. وعاثوا بالساحل واستباحوا جبلة، ورفعوا أصواتهم بقول: لا إله إلا علي، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان. ولعنوا الشيخين، وخربوا المساجد، وكانوا يحضرون المسلم إلى طاغيتهم ويقولون: اسجد لإلهك. فسار إليهم عسكر طرابلس وقتل الطاغية وجماعة وتمزقوا.
وفيها أعيدت إمرة العرب إلى مهنا. وفي أول جمادى الأولى جلس على تخت الملك السلطان أبو سعيد بن خربندا بالسلطانية، وهو ابن إحدى عشرة سنة.
وفيه سار السلطان الملك الناصر إلى القدس، وزار الخليل عليه السلام، ودخل الكرك وتصيد، ثم رجع.
ومات المحدث الإمام الشيخ علي بن محمد الجبني الصوفي في المحرم عن سبع وأربعين سنة. روى عن الفخر علي، وتاج الدين الفزاري. وكان ديناً، تقياً، كثير المحاسن.
وقتل وزير التتار ومدبر دولتهم رشيد الدولة فضل الله بن أبي الخير الهمذاني الطبيب، كان أبوه يهودياً عطاراً، فاشتغل هذا في المنطق والفلسفة

(4/46)


وأسلم، واتصل بقازان، وعظم في دولة خربندا بحيث أنه صار في رتبة الملوك. قام عليه الوزير علي شاه وغوث بأنه الذي قتل القآن خربندا لكونه أعطاه على هيضة مسهلاً فتقيأ، فخارت قواه. فاعترف وبرطل جوبان بألف ألف دينار، فما نفع بل قتل هو وابنه. وكان يوصف بحلمٍ ولطفٍ وسخاءٍ ودهاء. فسر القرآن فشحنه بآراء الأوائل. وعاش نيفاً وسبعين سنة. وقيل: بل كان جيد الإسلام وهو والد الوزير المعظم محمد بن الرشيد.
ومات بدمشق قاضي المالكية المعمر جمال الدين محمد بن سليمان بن سومر الزواوي عن بضع وثمانين سنة. وبقي قاضياً ثلاثين سنة، وأصابه فالج سنوات، ثم عجز، فجاء على منصبه قبل موته بعشرين يوماً العلامة فخر الدين احمد بن سلامة الإسكندراني. ثنا الزواوي عن الشرف المرسى وابن عبد السلام.
ومات شمس الدين محمد بن الصلاح موسى بن محمد بن خلف بن راجح الصالحي الحنبلي، في جمادى الآخرة في عشر الثمانين. سمع من ابن قميرة، والرشيد بن مسلمة وجماعة. وله نظم جيد.
ومات القاضي الأثير شرف الدين عبد الوهاب بن فضل الله بن مجلي العدوي - كاتب السر بمصر، ثم بدمشق - في رمضان عن أربع وتسعين سنة. وكان ديناً، عاقلاً، وقوراً، ناهضاً بفنه، مشكوراً، مليح الخط والإنشاء. روى عن ابن عبد الدايم. رثاه شهاب الدين محمود الذي ولي بعده كتابة السر، وعلاء الدين بن غانم، وجمال الدين بن نباته. وخلف أموالاً.

(4/47)


ومات بعده بيسير بمصر القاضي الأديب علي بن الصاحب فتح الدين محمد الدين محمد بن عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان السعدي الجذامي، من كبار المنشئين وعلمائهم. ورثاه الشهاب محمود بقصيدة أولها:
الله أكبر أي ظلٍّ زالا ... عن آمليه وأيّ طود مالا
أنعي إلى الناس المكارم والندا ... والجود والإحسان والإفضالا
ومات المفتي شرف الدين حسين بن الكمال علي بن سلام الدمشقي، مدرس العذراوية وغيرها. وكان من الأذكياء.
ومات بمصر رفيقنا المحدث الرئيس فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلي، معيد المنصورية عن اثنتين وخمسين سنة. حدث عن أبي حفص بن القواس وطبقته، وارتحل، وحصل، وكتب، وخرج. وكان يحفظ أحزاباً من القرآن، ولكنه نديمٌ أخباري.
ومات المقرىء زين الدين محمد بن سليمان بن أحمد بن يوسف الصنهاجي المراكشي ثم الإسكندراني إمام مسجد قداح. سمع من ابن رواج، ومظفر بن الفوي، توفي في ذي الحجة.
سنة ثمان عشرة وسبعمائة
كان القحط المفرط بالجزيرة وديار بكر، وأكلت الميتة، وبيعت الأولاد، وجلا الناس. ومات بعض الناس من الجوع، وجرى ما لا يعبر عنه. وكان أهل بغداد في قحط أيضاً دون ذلك.

(4/48)


وجاءت بأرض طرابلس زوبعةٌ أهلكت جماعة، وحملت الجمال في الجو.
وأبعد السلطان أكبر أمرائه طغية إلى نيابة صفد، ثم إنه أمسكه وأمسك جماعة أمراء.
ومات في صفر بزاويته الإمام القدوة، بركة الوقت، الشيخ محمد بن عمر ابن الشيخ الكبير أبي بكر بن قوام البالسي عن سبع وستين سنة. روى لنا عن أصحاب ابن طبرزد. وكان محمود الطريقة، متين الديانة.
ومات بمصر قاضي المالكية زين الدين علي بن مخلوف بن ناهض النويري عن ثلاث وثمانين سنة. وكانت ولايته ثلاثاً وثلاثين سنة من بعد ابن شاس. حدث عن المرسي وغيره. وكان مشكور السيرة. وولي بعده تقي الدين بن الإخنائي.
ومات بالقاهرة الجلال محمد بن محمد بن عيسى بن الحسن القاهري، طباخ الصوفية. حدث عن ابن قميرة، وابن الجميزي، والساوي، وطائفة.
ومات بدمشق الإمام الكبير أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن الحاج التجيبي القرطبي إمام محراب المالكية، ووالد إمامه، في رجب، وله ثمانون سنة. وكان من العلماء العاملين، ومن بيت فضل وجلالة. ثنا عن الفخر بن البخاري.
ومات في رمضان شيخ تبريز الإمام القدوة، القانت المذكر، تاج الدين عبد الرحمن بن محمد بن أفضل الدين أبي حامد التبريزي الأفضلي الشافعي الواعظ، أدركه أجله - بعد حجه - ببغداد كهلاً.

(4/49)


ومات مسند الوقت الصالح أبو بكر بن المسند زين الدين أحمد بن عبد الدايم بن نعمة المقدسي في رمضان، عن ثلاث وتسعين سنة وأشهر. سمع حضوراً في سنة سبعٍ وعشرين، وسمع من ابن الزبيدي، والناصح، والإربلي، والهمذاني، وسالم بن صصرى، وطائفة. وتفرد. وكان ذا همة وجلادة وذكر وعبادة، لكنه أضر وثقل سمعه.
ومات في شوال بطريق الحجاز العلامة المفتي كمال الدين أحمد بن الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد بن الشريشي الوائلي البكري الشافعي، وكيل بيت المال، وشيخ دار الحديث، وشيخ الرباط الناصري، عن خمسٍ وستين سنة. حدث عن النجيب وغيره.
ومات بدمشق شيخ القراء والنحاة والبحاثين، مجد الدين أبو بكر بن محمد بن قاسم التونسي الشافعي، في ذي القعدة، عن اثنتين وستين سنة. أخذ القراءات والنحو عن الشيخ حسن الراشدي، وتصدر بتربة الأشرفية، وبأم الصالح. وتخرج به الفضلاء. وكان ديناً صيناً، ذكياً. ثنا عن الفخر علي.
وماتت بالصالحية زينب بنت عبد الله بن الرضى، عن نيف وثمانين سنة. روت عن الحافظ الضياء وتفردت بأجزاء.
ومات الشهاب المقرىء الجنائزي أحمد بن أبي بكر ابن حطة البغدادي أبوه، الدمشقي، صاحب الألحان والصوت الطيب. وله نظم، ونثر،

(4/50)


وفضائل، وظرف، ومنادمة تقرأ قدام الوعاظ. عاش خمساً وثمانين سنة. توفي في ذي القعدة.
ومات في ذي الحجة بدمشق قاضي المالكية العلامة الأصولي البارع فخر الدين أحمد بن سلامة بن أحمد الإسكندراني عن سبع وخمسين سنة. كان حميد السيرة، بصيراً بالعلم، محتشماً.
سنة تسع عشرة وسبعمائة
ولي الوكالة القاضي جمال الدين أحمد بن القلانسي. ودرس بالناصرية ابن صصرى، كلاهما بعد ابن الشريشي، وشرعوا في الصحيح. وقلّ الغيث بدمشق فاستسقوا، وعين للخطبة خطيب العقيبة الشيخ القدوة صدر الدين تلميذ النووي، وصلى بالناس بوطأة طبريا، ثم سقوا.
وعزل القرماني عن حمص، بسيف الدين البدري. وسمر بيليك غلام رئيس المزة، وشنقت زوجته خنقاً أمراراً ثلاثة، ثم قتل المسمر في ثامن يوم.
وقدم على قضاء المالكية شرف الدين محمد ابن قاضي القضاة معين الدين أبي بكر بن ظافر الهمذاني النويري، ونائبه شمس الدين القفصي.
واختلفت التتار وكرهوا نائب أبي سعيد جوبان والتقوا، فقتل بينهم أكثر من عشرين ألفاً، والسبب أن القآن انحصر من نائبه لاستبداده بالأمور وحجر عليه في أشياء، فتنفس إلى خاله إيرنجي وإلى قرمشي ودقماق فقالوا: نحن نقتل جوبان. واتفقوا على كبسته، وانضم إليه أمراء، فعمل قرمشي لجوبان دعوة،

(4/51)


ففهم واحترز، وهرب ليلاً في نفر، وأقبل قرمشي فلم يجده، فوقع القتال، وقتل نحو الثلاثمائة. ثم ساق قرمشي خلف جوبان، ووصل جوبان إلى مرند فأكرمه متوليها، وأمده بخيل ورجال، وقصد تبريز فتلقاه علي شاه الوزير وقبل الأرض له وذهب معه إلى أبي سعيد، فاعتذر أبو سعيد ولعن أولئك، وقال الوزير له: يا ملك الوقت، جوبان والد مشفقٌ وهؤلاء يحسدونه، ولو قتلوه لتمكنوا منك وتعجز عنهم، فجمع القآن العساكر وأقبل من الروم دمرتاش بن جوبان، وأقبل قراسنقر بجموعه في زي عساكر الشام، وسار معهم القآن، فالتقى الجمعان، وذل إيرنجي لما رأى القآن عليهم، ثم انكسر، وقتلت أبطاله، ثم أسر هو وقرمشي، ودقماق، وأخوه، وعقد لهم مجلس فقالوا: ما عملنا شيئاً إلا بأمر الملك، وحاققوا أبا سعيد فصمم وكذبهم. وقال إيرنجي: هذا خطك معي. فجحد وسلمهم إلى جوبان فعذبهم وقتلهم، وتمكن.
وكان إيرنجي جباراً ظالماً، ولي الروم ثم العراق. وكان أبوه البياخ نائب القآن أرغون. وقيل أن جوبان أباد سبعة وثلاثين أميراً ممن خرج عليه، واستباح أموالهم. وكان دقماق ديناً متصدقاً حسن الإسلام محباً في العرب. ثم خمدت الفتنة بعد استئصال كبار المغل.
وفي رمضان جاء بدمشق سيلٌ عظيم وذهب كثيرٌ من مساطب السفرجل، ولم أر قط ماءً أعكر منه، لعل في الرطل منه ثلاث أواق تراب. فخنق سمك بردى وطفا، فأخذه الناس. ثم بعد يوم فرغ الماء وعاد وادي مرج شعبان يبساً كما كان. وكانت سنة قليلة المياه حتى نشفت قناة زملكا.
وجاء كتاب سلطاني بمنع ابن تيمية من فتياه بالكفارة في الحلف بالطلاق، وجمع له القضاة، وعوتب في ذلك، واشتد المنع، فبقي أتباعه يفتون بها خفية. وحج مولانا السلطان من مصر. وفيها كانت الملحمة العظمى بالأندلس بظاهر غرناطة، فقتل فيها من الفرنج

(4/52)


أزيد من ستين الفاً، ولم يقتل من عرف من عسكر المسلمين سوى ثلاثة عشر نفساً. إن في ذلك لآية.
فلله الحمد على هذا النصر المبين. واشتهرت هذه الكائنة وصحت لدينا، ونقلها جماعة، منهم: رفيقنا المحدث أبو عبد الله بن ربيع، وكان هناك على بيع الغنيمة فقال: لما بلغ العدو حال السلطان الغالب بالله أبي الوليد إسماعيل بن فرج بن الأحمر، وأنه محصن لبلاده استنفروا من جميع بلادهم، ودخل دونبترة صاحب قشتالة إلى الباب بطليطلة فأذن له وقوى عزمه ليستأصل ما بقي بالأندلس للمسلمين. فاستنجد ابن الأحمر بصاحب فاس المريني، فلم يتحرك ولجأ الخلق إلى الله، واستغاثوا به، فأقبل الكفر في جيشٍ ناهيك أنه اشتمل على خمسة وعشرين سلطاناً، وأتوا غرناطة، ونزلوا على نهر شنيل ممتدين، فعزم السلطان ابن الأحمر على أمير جيوشه الصالح المجاهد أبي سعيد عثمان بن أبي العلا أن يبرز إليهم بالعسكر في نصف ربيع الآخر، وذلك يوم عيد العنصرة للعدو، وخرج من رجالة غرناطة نحو خمسة آلاف من المطوعة، فعزم عليهم أبو سعيد أن يرجعوا حياطةً لهم، وأن يكون طريق الخيل لهم مصاحباً لكونه أمنع، وأوصاهم أن يثبتوا بمكان عينه لهم، وترجل أبو سعيد وبكى وسجد، فضج الخلق بالدعاء وحرك الفرسان الحرب، فاستشهد أمير رندة، فجاشت لمصرعه نفوس الأبطال، وحمى القتال، ووجه أبو سعيد إلى الرجالة أن يسرعوا إلى خيام العدو، فبادروا، ونزل الخذلان على عباد الصليب، وعمل فيهم السيف أكثر النهار، وحاز المسلمون غنيمةً لم نسمع بمثلها، وقتلت ملوكهم الكل، وأقل ما قيل أن عدد القتلى خمسون ألفاً، ومنهم طاغيتهم الأكبر دونبترة. فصبر وعلق على باب غرناطة، ورتب للأسارى ولمن يحرسهم كل يومٍ خمسة آلاف درهم. وقيل كان عدة فرسان المسلمين ألفين وخمسمائة. وقيل أقل من ذلك. وذلت النصارى والتمسوا عقد هدنة. وعندي هذه الغزوة المباركة مطولة مفصلة صحيحة.

(4/53)


ومات بدمشق في المحرم الشيخ عبد الرحيم بن يحيى بن عبد الرحيم بن مسلمة القلانسي المقرىء عن سبع وسبعين سنة، وله مشيخة. ثنا عن عمه الرشيد بن مسلمة، وابن علان، وجماعة، وعن السخاوي حضوراً. وكان فيه خيرٌ وقناعة.
وماتت بحماه نخوة بنت محمد بن عبد القاهر بن النصيبي. روت لنا عن يوسف بن خليل.
ومات بدمشق القاضي المفتي شيخ القراء شهاب الدين حسين بن سليمان ابن فزارة الكفري في شعبان، عن اثنتين وثمانين سنة. تلا بالسبع على علم الدين القاسم. أخذ عنه خلقٌ. وحدث عن ابن طلحة وغيره. وكان ديناً خيراً، عالماً، فقيهاً.
ومات بدمشق الأمير سيف الدين غرلو العادلي الذي استنابه أستاذه العادل كتبغا على دمشق في آخر سنة خمس وتسعين. وكان أحد الشجعان العقلاء. وله تربة مليحة بقاسيون.
ومات بدمشق غريباً الإمام الصدر كبير الرؤساء بدر الدين محمد بن منصور الحلبي ثم المصري ابن الجوهري، وله سبع وستون سنة. روى عن ابن إبراهيم بن خليل، والكمال الضرير، وجماعة. وتلا بالسبع وتفقه. وكان فيه دينٌ ونزاهة ويذكر للوزارة.

(4/54)


ومات بمصر شيخها الإمام القدوة العابد أبو الفتح نصر بن سليمان المنبجي المقرىء بزاويته بالحسينية، في جمادى الآخرة عن بضع وثمانين سنة. حدث عن إبراهيم بن خليل وجماعة. وتلا بثلاث على الكمال الضرير، وتفقه وانعزل، ثم اشتهر وزاره الأعيان، وكان الجاشنكير الذي تسلطن يتغالى في حبه. وله سيرة ومحاسن جمة، إلا أنه كان يغلو في ابن العربي ونحوه، ولعله ما فهم الاتحاد.
ومات مسند الوقت شرف الدين عيسى بن عبد الرحمن بن معالي بن أحمد الصالحي المطعم في الأشجار، ثم السمسار في العقار، في ذي الحجة عن أربع وتسعين سنة. سمع الصحيح بفوتٍ من ابن الزبيدي، وسمع من الإربلي حضوراً، وسمع من ابن اللتي، وجعفر، وكريمة، والضياء، وتفرد، وتكاثروا عليه. وكان أمياً عامياً.
ومات بمالقة شيخها العلامة أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الرحمن ابن ربيع القرطبي، عن ثلاث وتسعين سنة. تفرد بالسماع من الدباج، وأبي علي الشلوبين والكبار.
سنة عشرين وسبعمائة
حج مع السلطان الأمير عماد الدين الأيوبي فسلطنه السلطان على حماة، ولقب بالملك المؤيد.

(4/55)


وقتل بمصر إسماعيل بن سعيد الكردي المقرىء على الزندقة وسب الأنبياء.
وقتل بدمشق عبد الله الرومي الأزرق مملوك التاجي، ادعى النبوة وأصر.
وعمل عقد السلطان على أخت أزبك التي قدمت في البحر.
وخلع على الكريم، وابن جماعة، وكاتب السر وغيرهم.
وغضب السلطان على آل فضل، واحتيط على إقطاعهم بعد أن أعطاهم قناطير من الذهب، بحيث أنه أعطاهم في عام أول ألف ألف وخمسمائة ألف درهم.
وغزا الجيش بلاد سيس، لكن غرق في نهر جهان منهم خلق. وحبس بقلعة دمشق ابن تيمية لإفتائه في الطلاق. وأمسك نائب غزة الجاولي.
وجاء بالسلطانية بردٌ كبار وزنت منه واحدة ثمانية عشر درهماً فاستغاث الخلق وبكوا، فأبطلت الفاحشة، وبددت الخمور أجمع بهمة علي شاه الوزير، وزوج من العواهر خمسة آلاف في نهار واحد. وشقق آلاف من الظروف.
وأنشىء الجامع الكريمي بالقبيبات، وسيق إليه ماء كثير.
وحج الرجبيون، منهم: الفخر المصري، والواني، وأبوه البرهان، وابن الفخر، والنويري، والموفق الحنبلي، وشمس الدين الحارثي - ثم حج من مصر ابن الحريري، وابن عوض القاضيان، والمجد حرمي، وشيخ الحنفية الفخر

(4/56)


التركماني، ونائب المملكة أرغون، والفخر كاتب المماليك، فكانت محامل المصريين بضعة وعشرين محملاً.
وحج العراقيون بسبيل ومحمل سلطاني عليه من الذهب والجواهر ما قوم مائتين وخمسين ألف مثقال.
وحج الشيخ صدر الدين بن حمويه، وابن عبد المحسن، ومدرس المستنصرية ابن العاقولي، وابن منتاب، وخال السلطان أبي سعيد في كبار من المغول، وصاحب هراة غياث الدين.
وكان الصلح والهدايا بين سلطان الإسلام وأبي سعيد، واطمأن الناس، ولله الحمد. فمن هدية أبي سعيد على يد ابن ياقوت: سيف المعتصم، وخوذة مكفتةٌ عليها كثير من القرآن، وخيمة سقلاط، وخركاه مجوهرة، وبخاتي، ومماليك، وجوار، وثياب.
وكانت وقفة عرفة الجمعة باتفاق. وكان الوفد لا يحصون كثرةً في مقدار العادة ثلاث مرات أو أكثر.
ومات بمصر القاضي الإمام المعمر زين الدين أبو القاسم محمد بن العلم محمد بن الحسين بن عتيق بن رشيق المالكي، في المحرم عن اثنتين وتسعين سنة. ولي قضاء الإسكندرية اثنتي عشرة سنة. وذكر لقضاء دمشق. ثنا عن ابن الجميزي، وله نظم وفضائل.
ومات في ربيع الآخر بمصر المعمر المقرىء الرحلة أبو علي الحسن بن عمر بن عيسى الكردي الدمشقي بن فراش تربة أم الصالح، عن نيف وتسعين

(4/57)


سنة. سمع من ابن اللتي كثيراً وهو حاضر، والموطأ من المكرم وسمع من السخاوي وقرأ عليه ختمة. سكن بالجيزة زماناً يرتزق ببيع ورقٍ ظهر في سنة اثنتي عشرة. وثقل سمعه بأخرة، بحيث أنه حدث بالأول من حديث ابن السماك تلقيناً. وكان رأس ماله نحواً من درهمين ثم وصلوه بدراهم، منها في مرة مائة درهم، وأكثروا عنه.
ومات العدل الفقيه كمال الدين عبد الرحيم بن عبد المحسن بن حسن ابن ضرغام الكناني المصري الحنبلي المنشاوي، في ربيع الآخر، وله ثلاث وتسعون سنة. وكان خطيب جامع المنشية. حدثنا عن السبط. اختلط قبل موته بنحو من أربعة أشهر فيما إخاله وحدث فيها.
وقتل حميضة بن أبي نمي الحسني صاحب مكة كان، ثم نزع الطاعة فتولى أخوه عطيفة. قتله جندي التصق إليه بالبرية غيلة، ثم قتله السلطان لغدره.
ومات بمصر المحدث العدل الكبير شرف الدين يعقوب بن أحمد بن الصابوني، عن ستٍ وسبعين سنة. حدثنا عن ابن عزون وابن علاق وكتب وقرأ وحصل، وتميز في كتابة السجلات. وولي مشيخة المنكودمرية.
ومات بدمشق النحوي اللغوي الأديب البارع شمس الدين محمد بن حسن بن سباع الجذامي المصري، ثم الدمشقي الصايغ عن خمسٍ وسبعين سنة. وله النظم والنثر والتصانيف. تخرج به فضلاء.

(4/58)


ومات بمصر القاضي الصدر فخر الدين أبو الهدى أحمد بن إسماعيل بن علي بن الحباب الكاتب، تفرد بأجزاء عن سبط السلفي. عاش سبعاً وسبعين سنة.
ومات بدمشق المسند الجليل شرف الدين أبو الفتح ابن النشو، في شوال عن ثمانين سنة. حدثنا عن ابن رواج، والساوي، وابن الجميزي، وابن الحباب، وتفرد بعوالٍ.
ومات بحلب يوم الفطر الشرف عبد الرحيم بن محمد بن أبي طالب عبد الرحمن بن العجمي، المعروف بالتتري لأنه أسر بأيدي التتار من حلب وقدمها بعد خمسين سنة. سمع من يوسف بن خليل جزء محمد بن عاصم حضوراً. وسمع من جده والضياء صقر ومحمد بن أبي القاسم القزويني. عاش بضعاً وسبعين سنة.
ومات في شوال بدمشق المعمر الصالح أمين الدين محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله الأسدي الحلبي الصفار عن نيف وتسعين سنة. حدثنا عن صفية القرشية، وشعيب الزعفراني، والساوي، وابن خليل. وتفرد وأكثروا عنه.