المحن

ذكر مَا امتحن بِهِ طَاوُوس بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جريح قَالَ لَمَّا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْيَمَنَ قَالَ مَنْ أَفْضَلُ مَنْ بِهَا عِنْدَكُمْ قَالُوا طَاوُوس بْنُ كَيْسَانَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْتَعْمِلَكَ عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي تُجْبَى قَالَ مَا أَدْخُلُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ قَالَ فَأَخْرِجُوا عَهْدَهُ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ فَإِنْ قَبِلَهُ وَإِلا فَلْيَجْلِدْهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَيَحْلِقْ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَيَحْمِلْهُ فِي مَحْمَلٍ لَيْسَ تَحْتَهُ وِطَاءٌ حَتَّى يُجَاوِزَ بِهِ الْعَمَلَ كُلَّهُ قَالَ إفعل مَا بدى لَكَ فَلَمَّا أُخْرِجَ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ أَتَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ إِخْوَانِهِ فَقَالُوا لَهُ مَا الَّذِي تصنع فوَاللَّه لَئِن ضربك فَمِتَّ مِنَ الضَّرْبِ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ مِنَّا أحد وَمَا دعَاك إِلَّا إِلَى خير فَقَالَ أما إِذْ رَأَيْتُمْ لي فِي ذَلِكَ فَقَدْ قَبِلْتُ فَقَبَضَ عَلَى عَهْدِهِ وَخَرَجَ فَكَان فِيمَا كَانَ فِيهِ ثُمَّ قَدِمَ فَقَالَ ابْنُ يُوسُفَ أَيْنَ جِبَايَتُكَ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْكَ مَالٌ عَظِيمٌ قَالَ ذَهَبَ فِي وُجُوهِهِ قَالَ وَمَنْ أَمَرَكَ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ وَرَسُوله قَالَ كم بَقِي مَعَك قَالَ ثَلَاثِينَ دِينَارًا لَمْ أَجِدْ لَهَا مَوْضِعًا أَرْضَاهُ فَقَالَ ابْنُ يُوسُفَ لَئِنْ لَمْ تُحْضِرْنِي بِالْمَالِ كُلِّهِ غُدْوَةً لأَرَفْعَنَّ خَشَبَتَكَ فَخَرَجَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَاذَا أَحْضَرْتَ مِنَ الْمَالِ قَالَ قَدْ

(1/363)


أَخْبَرْتُكَ أَنَّ الْمَالَ ذَهَبَ فِي وُجُوهِهِ قَالَ وَكَمْ ذَكَرْتَ أَنَّهُ بَقِيَ مَعَكَ قَالَ ثَلاثُونَ دِينَارًا لَمْ أَجِدْ لَهَا مَوْضِعًا أَرْضَاهُ فَأُنْفِذَهَا فِيهِ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ عَاوَدَهُ وَكَانَ مِنْ آثَرِ النَّاسِ عِنْدَهُ
وَبَلَغَنِي عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بعث طَاوُوس على الصَّدَقَة قَالَ وَكَانَ طَاوُوس يَأْتِي إِلَى أَهْلَ الأَمْوَالِ فَيَقُولُ لَهُمْ تَصَدَّقُوا مِمَّا آتَاكُمُ اللَّهُ فَإِذَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ قَالَ هَلْ فِيكُمْ فَقِيرٌ فَإِذَا قَالُوا نَعَمْ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ قَالَ فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ فَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُف أَن طَاوُوس لَمْ يُورِدْ مِنَ الصَّدَقَةِ شَيْئًا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخَذْتُهَا مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَوَضَعْتُهَا فِي الْفُقَرَاءِ فَحَبَسَهُ فِي الْحَبْسِ وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ بِخَبَرِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ أَخْرِجْهُ مِنَ السِّجْنِ وَارْجِعْ إِلَى أَهْلِ الصَّدَقَةِ فَخُذْهَا مِنْهُمْ

(1/364)


ذِكْرُ ضَرْبِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ كَانَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَدْ كَفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ زَمَانِهِ فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي السُّوقِ يُقَادُ إِذْ دَخَلَ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَسمع فِي الطَّرِيقَ وَالْجَلاوِزَة بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل لَهُ بِلَال فَقَالَ سحايب صَيْفٍ عَنْ قَرِيبٍ تُقْشَعُ فَسَمِعَهُ بِلالٌ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُذِيقَنَّكَ مِنْ بَرْدِهَا شُؤْبُوبًا فَلَمَّا نَزَلَ بَعَثَ فِي طَلَبِهِ فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ
وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ لَوْ قِيلَ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ غَدًا يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ شَيْئًا

(1/365)


ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مَرْوَانُ أَبُو عِيسَى وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ إِدْرِيسَ قَالَ كَانَ نَصْرُ بْنُ حَرْبٍ وَالِيَ جَيْشٍ كَانَ بَعَثَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فَحَبَسَ مَرْوَانُ أَبَا عِيسَى فِي الْحَبْس فَلم يجتريء أَحَدٌ عَلَى كَلامِهِ لَا اللَّيْثُ وَلا غَيْرُهُ قَالَ فَجَاءَ سُلَيْمَانُ الأَفْطَسُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ فَهَمَّ بِهِ أَعْوَانُهُ فَقَالَ يَا هَذَا كُفَّ عَنَّا سُفَهَاءَكَ قَالَ فَقَالَ دَعُوهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنَّ مَرْوَانَ أَبَا عِيسَى لَيْسَ مِنْ بغيتك وَقد حَبسته فَقَالَ لَهُ إِن عَليّ أَيْمَان لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَمِنْ يَمِينٍ فَاجِرَةٍ أَوْ صَفْقَةٍ خَاسِرَةٍ يَا أَهْلَ السُّوقِ بِيعُوا وَلا تَحْلِفُوا قَالَ فَأَمَرَ بِتَخْلِيَةَ مَرْوَانَ

(1/366)


ذِكْرُ حَبْسِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن الْوَلِيدِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ حَمَلْتُ أَنَا وَابْنُ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَأُدْخِلْتُ الْحَبْسَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَلا تَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَنَا قَالَ أَنَا بِعَيْنِ اللَّهِ قَالَ فَقُلْتُ وَأَنَا بِعَيْنِ اللَّهِ فَقَالَ لَوْ صَحَّ فِي ضَمِيرِكَ تَحْقِيقُ الْعِلْمِ أَنَّكَ بِعَيْنِهِ إِذَا مَا سَأَلْتَهُ فَمَنْ يُزِيلُكَ عَمَّا اخْتَارَهُ لَكَ وَقَضَى بِهِ عَلَيْكَ

(1/367)