المغرب في حلى المغرب
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب مملكة المرية وَهُوَ كتاب المجانة فِي حلي حَضْرَة
بجانة
المنصة
هِيَ محدثة بنيت فِي دولة بني أُميَّة وَهِي كَانَت كرْسِي المملكة
إِلَى أَن ضعفت وعظمت المرية فَصَارَت تَابِعَة وَبَينهَا وَبَين
المرية سِتَّة أَمْيَال
التَّاج
ذكر ابْن حَيَّان أَن بانبها وَصَاحب المملكة ابْن أسود بامر مُحَمَّد
ابْن عبد الرَّحْمَن المرواني سُلْطَان الأندلس وَبَنُو أسود إِلَى
الْآن أَعْيَان المرية
(2/190)
475 - أَبُو مُحَمَّد بن قلبيل البجاني
من المسهب أَظُنهُ من شعراء الْمِائَة الرَّابِعَة لَهُ ... ضَحِكَ
الرَّبِيعُ بِرَوْضِهِ وَغَدِيرِهِ ... وَافْتَرَّ عَنْ نُورٍ أَنِيقٍ
يَزْهَرُ
وَكَأَنَّهُ زُهْرُ النُّجُومِ إذَا بَدَتْ ... وَكَأَنَّهَا فِي
التُّرْبِ وَشْيٌ أَخْضَرُ
وَكَأَنَّ عَرْفَ نَسِيمِهَا عِنْد الصِّبَا ... عرف العَبِيرِ يَفُوحُ
مِنْهُ العَنْبَرُ ...
476 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَسْعُود الغساني البجاني
أجْرى ذكره صَاحب الذَّخِيرَة وَإِن كَانَ قبل عصره وَقَالَ أَنه كَانَ
كثير الغوص على دَقِيق الْمعَانِي وَنسب عِنْد الْمَنْصُور بن أبي
عَامر إِلَى الزندقة فسجنه فِي المطبق مَعَ الشريف الطليق وَكَانَ
الطليق غُلَاما وسيما وَكَانَ ابْن مَسْعُود كلغا بِهِ وَفِيه يَقُول
... غَدَوْتُ فِي الحَبْسِ خِدْناً لِابْنِ يَعْقُوب
وَكنت أَحْسَبُ هَذَا فِي التَّكَاذِيبِ ...
(2/191)
.. رَامَتْ عُدَاتِي تَعْذِيبي وَمَا
شَعَرَتْ
أَنَّ الذِي فَعَلُوهُ ضِدَّ تَعْذِيبِي
لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ سِجْنِي لَا أَبَا لَهُمْ
قَدْ كَانَ غَايَةَ مَأْمُولِي وَمَرْغُوبِي ...
وَانْطَلق سنة تسع وَسبعين وثلاثمائة وَمَات بعد مديدة
447 - الشاعرة الغسانية البجانية
ذكر الحجاري أَنَّهَا كَانَت فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وَمن شعرهَا
قَوْلهَا ... أتجزع أَن قَالُوا سترحل أظعان ... وَكَيف تُطِيقُ
الصَّبْرَ وَيْحَكَ إِذْ بَانُوا
فَمَا بَعْدُ إِلَّا الْمَوْت عِنْد رحيلهم ... وَإِلَّا فَصَبْرٌ
مِثْلَ صَبْرٍ وَأَحْزَانُ
عَهِدْتُهُمُ العَيْشُ فِي ظلّ وصلهم ... انيق وَروض الْوَصْل أَخْضَر
فينان
فياليت شعري وَالْفرق يكون هَل ... يكونُونَ مِنْ بَعْدِ الفِرَاقِ
كَمَا كَانُوا ...
(2/192)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي
تشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة المرية وَهُوَ كتاب النفحة العطرية فِي
حلي حَضْرَة المرية
المنصة
من كتاب الرَّازِيّ سورها على ضفة الْبَحْر وَبهَا دَار الصِّنَاعَة
وَهِي بَاب الشرق ومفتاح الرزق
وَمن المسهب وَأما المرية فلهَا على غَيرهَا من نظرائها أظهر مزية
بنهرها الفضي وبحرها الزبرجدي وساحلها التبري وحصاها المجزع ومنظرها
المرصع وأسوارها الْعَالِيَة الراسخة وفعلتها المنيعة الرفيعة الشامخة
وَبنى فِيهَا خيران العامري قلعته الْعَظِيمَة المنسوبة إِلَيْهِ
وَمِمَّا تفضل بِهِ اعْتِدَال الْهَوَاء وَحسن مزاج أَهلهَا وَطيب
أَخْلَاقهم ولطف أذهانهم قَالَ ابْن فرج حدث فِيهَا من صَنْعَة الوشي
والديباج على اخْتِلَاف أَنْوَاعه وَمن صَنْعَة الْخَزّ
(2/193)
وَجَمِيع مَا يعْمل من الْحَرِير مَا لم
يبصر مثله فِي الْمشرق وَلَا فِي بِلَاد النَّصَارَى وَأعظم مبانيها
الصمادحية الَّتِي بناها المعتصم بن صمادح وَمن متفرجاتها منى عَبدُوس
وَمنى غَسَّان والنجاد وبركة الصفر وَعين النطية ونهرها من أحسن
الْأَنْهَار
التَّاج
أول من شهر بهَا وَعرف مَكَانَهُ من الْمُلُوك
478 - خيران مولى الْمَنْصُور بن أبي عَامر
ذكر الحجاري أَنه كَانَ من خيرة الموَالِي العامرية وَمِمَّنْ تخرج فِي
تِلْكَ الْفِتْنَة وَهُوَ الَّذِي وَجه بعلي بن حمود الْعلوِي إِلَى
سبتة وَقَامَ بدعوته وَوصل مَعَه إِلَى أَن حصلت لَهُ قرطبة فاستشعر
مِنْهُ خيران الْغدر بِهِ ففر وَقَامَ بدعوة المرتضى المرواني ثمَّ وضع
على المرتضى من قَتله وَتُوفِّي خيران سنة ثَمَان عشرَة
وَأَرْبَعمِائَة وَصَارَت المرية وجيان لصَاحبه
479 - زُهَيْر العامري
فحالف حبوس بن ماكس صَاحب غرناطة ودام ملكه إِلَى ان مَاتَ حبوس وَولي
وَلَده باديس فاستصغره زُهَيْر ونهض لأخذ غرناطة من يَده
(2/194)
وَكَانَت الدائرة وَقتل فِي المعركة
وَصَارَت المرية للمنصور بن أبي عَامر الْأَصْغَر فاستناب فِيهَا صهره
ووزيره
480 - معن بن أبي يحيى بن صمادح التجِيبِي
فَلَمَّا اشْتغل الْمَنْصُور بِالْحَرْبِ مَعَ مُجَاهِد العامري صَاحب
دانية غدره معن وثار فِي المرية وورثها وَلَده وَهُوَ
481 - المعتصم أَبُو يحيى مُحَمَّد بن معن
وفاتن المعتصم عبد الْملك بن الْمَنْصُور صَاحب بلنسية قَالَ ابْن بسام
وَلم يكن من فحول الْمُلُوك بل أخلد إِلَى الدعة وَاكْتفى بالضيق عَن
السعَة وَاقْتصر على قصر يبنيه وعلق يقتنيه وميدان من اللَّذَّة يجرى
عَلَيْهِ ويبرز فِيهِ غير أَنه كَانَ رحب الفناء جزل الْعَطاء حَلِيمًا
عَن الدِّمَاء والدهماء طافت بِهِ الآمال واتسع فِي مدحه الْمقَال
وأعملت إِلَى حَضرته الرّحال وَآل أمره مَعَ أَمِير الْمُسلمين إِلَى
أَن حصره جَيْشه وَهُوَ يُنَازع
(2/195)
حشاشة نَفسه فَمَاتَ على فرَاشه وفر
أَوْلَاده بمالهم فِي الْبَحْر إِلَى سُلْطَان بجاية وَملك الملثمون
الْبَلَد وَقَالَ وَهُوَ يُنَازع الْمَوْت وَقد سمع اخْتِلَاط
الْأَصْوَات فِي حِصَار بَلَده لَا إِلَه إِلَّا الله نغص علينا كل شئ
حَتَّى الْمَوْت فَدَمَعَتْ عين حظية لَهُ قَالَت فَلَا أنس طرفا
إِلَيّ رَفعه وإنشاده بِصَوْت لَا أكاد أسمعهُ ... تَرَفَّقْ
بِدَمْعِكَ لَا تَفْنِهِ ... فَبَيْنَ يَدَيْكَ بُكَاءٌ طَوِيلْ ...
قَالَ الحجاري وَكَانَت مُدَّة المملكة الصمادحية نَحْو خمسين سنة ونيف
ملك المعتصم مِنْهَا إِحْدَى وَأَرْبَعين وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة
وَقَالَ فِي وَصفه ملك تملكه الْإِحْسَان وأطلعه الْفضل غرَّة فِي وَجه
الزَّمَان فَكَأَن أَبَا تَمام عناه بقوله ... تَحْمِلُ أَشْبَاحَنَا
إِلَى مَلِكٍ ... نَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ وَمِنْ أَدَبِهْ ...
فهتفت باسمه المداح وَمن الْمجد لَهُ عطف ارتياح وَمن شعره قَوْله ...
انْظُرْ إِلَى الأَعْلامِ خَفَّاقَةً ... قَدْ عَبَثَتْ فِيهَا أَكُفُّ
الشَّمَالْ
كَأَنَّهَا وَهِيَ لَنَا زِينَةٌ ... أَفْئِدَةُ الأَعْدَاءِ يَوْمَ
القِتَالْ 5
وَقَوله عِنْد مَوته ... تَمَتَّعْتُ بِالنَّعْمَاءِ حَتَّى مللتها ...
وَقد أَضْجَرَتْ عَيْنَيَّ مِمَّا سَئِمْتُهَا
فَيَا عَجَبَاً لَمَّا قَضَيْتُ قَضَاءَهَا ... وَمُلِّيتُهَا عُمْرِي
تَصَرَّمَ وَقْتُهَا ...
قَالَ وَأما تورعه وعدله فَلهُ فيهمَا حكايات وَكَانَ يرتاح للشعر
كثيرا
وَقَالَ فِي وَصفه الْفَتْح
ملك أَقَامَ سوق المعارف على سَاقهَا وأبدع فِي انتظامها واتساقها
وأوضح رسمها وَأنْبت فِي جبين أَوَانه وسمها وَلم تخل أَيَّامه من
(2/196)
مناظرة وَلَا عمرت إِلَّا بمذاكرة ومحاضرة
قَالَ وَمن بديع أَفعاله أَن النحلي دخل المرية وَعَلِيهِ أسمال
لاتقتضيها الْآدَاب وَلَا يرتضيها إِلَّا الانتحاب والانتداب وَالنَّاس
قد لبسوا الْبيَاض وتصرفوا من خضرتهم فِي مثل قطع الرياض والنحلي ظمآن
يسعره جواره حِين لَا يستره إِلَّا سوَاده فَكتب إِلَيْهِ ... أَيَا
مَنْ لَا يُضَافُ إِلَيْهِ ثَانٍ ... وَمَنْ وَرِثَ العُلَى بَابَاً
فَبَابَا
أَيَجْمُلُ أَنْ تَكُونَ سَوَادَ عَيْنِي ... وَأُبْصِرَ دُونَ مَا
أَبْغِي حِجَابَا
وَيَمْشِي النَّاسُ كُلُّهُمْ حَمَامَاً ... وَأَمْشِي بَيْنَهُمْ
وَحْدِي غُرَابَا ...
فأدر لَهُ حباه وَوَصله وحباه وَبعث إِلَيْهِ من الْبيَاض مَا لبسه
وجلل مَجْلِسه وَكتب مَعَ ذَلِك ... وَردت ولليل البيهيم مَطَارِفٌ ...
عَلَيْكَ وَعِنْدِي لِلْصَبَاحِ بُرُودُ
وَأَنْتَ لَدَيْنَا مَا بَقِيتَ مُقَرَّبٌ ... وَعَيْشُكَ سَلْسَالُ
الجَمَامِ بُرُودُ ...
وارتجل فِي مَاء تسلسل فس قصره ... انْظُرْ إِلَى حُسْنِ هَذَا المَاءِ
فِي صببه ... كَأَنَّهُ أَرْقَمٌ قَدْ جَدَّ فِي هَرَبِهْ ...
وَكتب إِلَى ابْن عمار وَقد بلغه عَنهُ مَا أوجب ذَلِك من سوء الاغتياب
... وَزَهَّدَنِي فِي النَّاسِ معرفتي بهم ... وَطول اخْتِيَارِي
صَاحِبَاً بَعْدَ صَاحِبِ
فَلَمْ تُرَنِي الأَيَامُ خِلاًّ تَسُرُّنِي ... مَبَادِيهِ إِلاَّ
سَاءَنِي فِي العَوَاقِبِ
وَلَا قلت أرجوه لدفع ملمه ... من الدَّهْرِ إِلاَّ كَانَ إِحْدَى
المَصَائِبِ ...
وَأطَال الْإِقَامَة عِنْده مرّة ابْن عمار فَكتب إِلَيْهِ
(2/197)
.. يَا واصحا فَضَح السَّحَاب ... الجون
فِي معنى السماح
ومطابقا ياتي وُجُوه ... الجِدِّ مِنْ طُرُقِ المِزَاحِ
أَسْرَفْتَ فِي بِرِّ الضياف ... فَجُدْ قَلِيلاً بِالسَّرَاحِ ...
فَرَاجعه المعتصم ... يَا فَاضِلاً فِي شُكْرِهِ ... أَصِلُ المَسَاءِ
مَعَ الصَّبَاحِ
هَلاَّ رَفَقْتَ بِمُهْجَتِي ... عِنْدَ التَّكَلُّمِ فِي السَّرَاحِ
إِنَّ السَّمَاحَ بِبُعْدِكُمُ ... وَاللهِ لَيْسَ مِنَ السَّمَاحِ ...
فصل
وتوالت على المرية وُلَاة الملثمنين إِلَى أَن أَخذهَا يُوسُف بن مخلوف
من أَصْحَاب عبد الْمُؤمن فاستصعب أهل المرية سيرته فثاروا عَلَيْهِ
وَقَامَ بأمرهم أحد أعيانهم
482 - أَبُو يحيى بن الرميمي
وَمِنْه أَخذهَا النَّصَارَى ثمَّ استنقذها مِنْهُم عُثْمَان بن عبد
الْمُؤمن وتوالى وُلَاة بني عبد الْمُؤمن إِلَى أَن ثار بهَا
(2/198)
483 - مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يحيى بن
الرميمي
وخطب لِابْنِ هود وَصَارَ وزيره ثمَّ غدر بِابْن هود فَقتله فِي بَلَده
واستبدل بالمرية ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى تونس وَهِي الْآن لِابْنِ
الْأَحْمَر صَاحب غرناطة
السلك ذَوُو الْبيُوت بَيت بني صمادح
484 - رفيع الدولة أَبُو يحيى بن المعتصم بن صمادح
قَالَ ابْن الإِمَام فِي وَصفه ذُو الْخلق الْكَرِيم والشرف الباذخ
الصميم راضع لبان الرياسة ومرتشف مياه تِلْكَ الْجَلالَة والنفاسة
وَقَالَ الحجاري فِيهِ فرعٌ زاكٍ من تِلْكَ الشَّجَرَة الْكَرِيمَة
وعارض جودٍ من صوب تِلْكَ الديمة طَابَ بَين نَوَائِب الدَّهْر طيب
الْمسك بَين الْحجر والفهر وَأقَام فِي ظلال أَمِير الْمُسلمين مدرعاً
من حمايته بدرع حُصَيْن إِلَّا أَنه لم يُفَارِقهُ تذكر مَا قضى فِي
تِلْكَ الممالك مرتاحاً إِلَى مَا
(2/199)
قَضَاهُ الشَّبَاب هُنَالك وَكَانَ ينادم
أَبَا يحيى ابْن مطروح واستدعاه يَوْمًا بقوله ... يَا أَخِي بَلْ
سَيِّدِي بَلْ سَنَدِي ... فِي مُهِمَّاتِ الزَّمَانِ الأَنْكَدِ
لُحْ بِأُفْقٍ غَابَ عَنْهُ بَدْرُهُ ... فِي اخْتِفَاءٍ مِنْ عُيُونِ
الحُسَّدِ
وَتَعَجَّلْ فَحَبِيبِي حَاضِرٌ ... وَفَمِي سَاق وكأسي فِي يَدي ...
وَمِمَّا أنْشدهُ لَهُ صَاحب السمط قَوْله ... لَئِنْ مَنَعُوا عَنِّي
زِيَارَة طيفهم ... وَلم أُلْفِ فِي تِلْكَ الطُّلُولِ مَقِيلاَ
فَمَا مَنَعُوا رِيحَ الصَّبَا سَوْقَ عَرْفِهِمْ ... وَقَدْ بَكَرَتْ
تَنْدَى عَلَيَّ بَلِيلاَ
وَلا مَنَعُونِي أَنْ أَعُلَّ بِذِكْرِهِمْ ... فُؤَادَاً بِمَا
يَجْنِي الصُدُودُ عَلِيلاَ ...
وَقَوله ... أَخَذْتُ أَبَا عَمْرو وَإِن كَانَ جانبا ... على ذنويا
لَا تُعَدَّدُ بِالعَتَبِ
فَمَا كَانَ ذَاكَ الوِدُّ إِلَّا كبارق ... أَضَاء لِعَيْنِي ثُمَّ
أَظْلَمَ فِي قَلْبِي ...
485 - أَخُوهُ أَبُو جَعْفَر أَحْمد
من المسهب جرى فِي طلق أَبِيه وإخوانه فَأحْسن فِي النظام إحساناً أوجب
أَن يُنَبه عَلَيْهِ فَمن ذَلِك قَوْله ... أَتَى بِالبَدْرِ مِنْ
فَوْقِ القَضِيبِ ... فَطَارَتْ نَحْوَهُ طَيْرُ القُلُوبِ ...
(2/200)
.. وَأَشْرَقَ مَا بِأُفْقِي مِنْ ظَلامٍ
... لِنُورٍ مِنْهُ فِي أفق الْجُيُوب
وَولى بعده تَأْنِيسٍ وَبِرٍّ ... كَمِثْلِ الشَّمْسِ وَلَّتْ
لِلْمَغِيبِ ...
486 - أخوهما الواثق عز الدولة أَبُو مُحَمَّد عبد الله
من المسهب قمر عاجله المحاق قبل التَّمام فنثر من يَدَيْهِ مَا كَانَ
عقده أَبوهُ من ذَلِك النظام وَقد كَانَ خصّه بِولَايَة عَهده ورشحه
للْملك من بعده وَآل أمره إِلَى أَن حل ببجاية فِي دولة بني حَمَّاد
مستوحشاص وَقَالَ ... لَك الْحَمد بعد الْملك أصبح خاملا ... بِأَرْض
اغْتِرَابٍ لَا أُمِرُّ وَلا أُحْلِي
وَقَدْ أَصْدَأَتْ فِيهَا الهوادة منصلى ... كَمَا نَسِيَتْ رَكْضَ
الجِّيَادِ بِهَا رِجْلِي
وَلا مَسْمَعِي يصغي لنغمه شَارِع ... وكفي لَا تَمْتَدُّ يَوْمَاً
إِلَى بَذْلِ
طَرِيْدَاً شَرِيْدَاً لَا أومل رَجْعَة ... إِلَى مَوْطِنٍ بُوعِدْتُ
عَنْهُ وَلا أَهْلِ
وَقَدْ كُنْتُ متبوعا فأمسيت تَابعا ... لَدَى مَعْشَرٍ لَيْسُوا
بِجِنْسِي وَلا شَكْلِي
يَخُوضُونَ فِيمَا لَا أرى فِيهِ خائضا ... وقبلهم قَدْ أَقْصَدَتْ
مَقْتَلَ النُّبْلِ
وَقَوْلِي مَسْمُوعٌ وَفِعْلِي مُحْكَمٌ ... وَهَا أَنَا لَا قَوْلِي
يَجُوزُ وَلا فعلي
وَقد كنت غرا بِالزَّمَانِ وَصَرفه ... فقد بَانَ قَدْرُ العِزِّ
عِنْدِي وَالذُّلِّ
عَزَاءً فَكَمْ لَيْث يصاد بغيله ... وَيُصْبِح مِنْ بَعْدِ النَّشَاطِ
لَفِي حَبْلِ ...
(2/201)
قَالَ وَمَا أَظن أحدا قَالَ فِي عظم الْهم
مثل قَوْله ... إِنْ يَسْلَمِ النَّاسُ مِنْ هم وَمن كمد ... فانني
قَدْ جَمَعْتُ الهَمَّ وَالكَمَدَا
لَمْ أُبْقِ مِنْهُ لغيري مَا يحاذره ... فَلَيْسَ يَقْصِدُ دُونِي فِي
الوَرَى أَحَدَا ...
وَمن شعره قَوْله ... أَهْوَى قَضِيبَ لُجَيْنٍ ... قَدْ أُطْلِعَ
البَدْرُ فِيهِ
إِنْ كَانَ مَوْتِي بِلَحْظٍ ... مِنْهُ فَعَيْشٌ يَلِيهِ
يَا رب كَمْ أَتَمَنَّى ... لُقْيَاهُ كَمْ أَشْتَهِيهِ
وَلا أَرَى مِنْهُ شَيْئا ... سوى جفَاء وتيه ... د ... طُوبَى لِدَارٍ
حَوَتْهُ ... وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
بَلْ أَلْفُ طُوبَى لِعَبْدٍ ... فِي مَوْضِعٍ يَلْتَقِيهِ ...
وَقَالَ فِيهِ ابْن اللبانة كَانَ الواثق كَأَن الله لم يخلفه إِلَّا
للْملك والرياسة وإحياء الْفَضَائِل وَنظرت إِلَى همته تنم من تَحت
خموله كَمَا ينم فرند السَّيْف وَكَرمه من تَحت صدئه
487 - أختهم أم الْكَرم بنت المعتصم
من المسهب كَانَ المعتصم قد اعتنى بتأديبها لما رَآهُ من ذكائها حَتَّى
نظمت الشّعْر والموشحات وعشقت الْفَتى الْمَشْهُور بالسمار وَقَالَت
فِيهِ ... يَا مَعْشَرَ النَّاسِ أَلا فَاعْجَبُوا ... مِمَّا جَنَتْهُ
لَوْعَةُ الحُبِّ
لَوْلاهُ لَمْ يَنْزِلْ بِبَدْرِ الدُّجَى ... مِنْ أُفْقِهِ
العُلْوِيِّ للترب ...
(2/202)
.. حَسْبِي بِمَنْ أَهْوَاهُ لَوْ أنَّهُ
... فَارَقَنِي تَابَعَهُ قلبِي ... وَقَوْلها
وَقَوْلها ... أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ سَبِيلٌ لِخَلْوَةٍ ...
يُنَزَّهُ عَنْهَا سَمْعُ كُلِّ مُرَاقِبِ
وَيَا عَجَبَاً أشتاق خلْوَة من غَدا ... ومثواه مَا بَيْنَ الحَشَا
وَالتَّرَائِبِ ...
وَبلغ المعتصم خَبره فخفي أمره من ذَلِك الْحِين
وَمن سَائِر الْبيُوت
488 - أَبُو بَحر يُوسُف بن عبد الصَّمد
أثنى عَلَيْهِ صَاحب السمط والمسهب وَكَانَ فِي زمَان مُلُوك الطوائف
ورثا الْمُعْتَمد بن عباد بِمَا تقدم إنشاده فِي تَرْجَمته وَذكر ابْن
بسام أَنه من ولد السَّمْح بن مَالك بن خولان أحد سلاطين الأندلس قَالَ
وَنَشَأ أَبُو الْبَحْر كاسمه فِي نثره ونظمه وَمن جيد شعره قَوْله ...
عَزْمٌ تَضِيقُ بِجَيْشِهِ البَيْدَاءُ ... وَمُنَىً أَقَلُّ
مَرَامِهَا الجَوْزَاءُ
وَصَرَامَةٌ لَوْ أنَّهَا لِي لأْمَةٌ ... لَمْ تَمْضِ فِيهَا
الصَّعْدَةُ السَّمْرَاءُ
فِي عِفَةٍ لَوْ أَصْبَحَتْ مَقْسُوْمَةً ... فِي النَّاسِ لَمْ
تَتَلَفَّعِ الحَسْنَاءُ
فَلْتَلْحَظِ الغُزْلانُ وَلْتَتَمَايَلِ ال ... أَفْنَانُ
وَلْتَتَرَنَّحِ الأَنْقَاءُ ...
(2/203)
وَمِنْهَا ... دَارَتْ كُؤُوسُ الطَّلِّ
وَانْتَشَتِ الرُّبَى ... وَمَشَى القَضِيبُ وَحَنَّتِ الوَرْقَاءُ
وَالقُضْبُ تَخْضَعُ لِلْغَدِيرِ كَأَنَّهُ ... يحي وَقَدْ خَضَعَتْ
لَهُ الأُمَرَاءُ ...
وَقَوله فِي الْمُعْتَمد بن عباد ... خَضَعَتْ لِعِزَّتِكَ المُلُوكُ
الصِّيَدُ ... وَعَنَتْ لَكَ الأَبْطَالُ وَهِيَ أُسُودُ
فَاطْعُنْ وَلَوْ أَنَّ الثُّرَيَّا ثَغْرَةٌ ... وَاضْرُبْ وَلَوْ
أَنَّ السِّمَاكَ وَرِيدُ
وَافْتَحْ وَلَوْ أَنَّ السَّمَاءَ مَعَاقِلٌ ... وَاهْزِمْ وَلَوْ أَن
النُّجُوم جنود ...
489 - أَبُو مَرْوَان بن عبد الْملك بن سميدع
لحق الدولتين وتميز عِنْد الْفرْقَتَيْنِ وَكَانَ لَهُ أدب يحاضر بِهِ
وَمن شعره قَوْله ... أَلا فَاعْذُرُونِي فِي انْقِطَاعِي عَنْكُم ...
وَلَا تَعْذِلُونِي فِي الصُّدُودِ إِلَى الحَشْرِ
صَحِبْتُكُمُ قَبْلَ اختبار فعندما ... خبرتكم عَجَّلْتُ بِالبُعْدِ
وَالهَجْرِ
جَفَوْتُكُمُ لَمَّا رَأَيْتُ جَنَابَكُمْ ... يُمَزَّقُ فِيهِ لَحْمُ
كُلِّ امْرِئٍ حُرِّ ...
وَقَوله ... هلموا إِلَى رَاح يطوف بهَا بدر ... على مِثْلِ مَرْآَهُ
تَطِيْبُ لَنَا الخَمْرُ
هُوَ الرَّوْضُ حَقاً فَالأَرَاكَةُ قَدُّهُ ... وَوَجْنَتُهُ وَرْدٌ
وَمَبْسَمُهُ زَهْرُ ...
(2/204)
490 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن جبرون
كَانَ فِي دولة بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن صقْلَابٍ
صَاحب أَعمال المرية صداقة ثمَّ تَغَيَّرت وَمن شعره قَوْله ...
عَزَمْتُ على أَمر سَيظْهر عِنْد مَا ... يشيب من أحداثه الْمَرْء
يافعا
أَنِّي من الْقَوْم الَّذين عزيمهم ... يرد سَوَادَ اللَّيْلِ أَبْيَضَ
نَاصِعَا ...
وَمن كتاب الوزراء
491 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عَبَّاس
من الذَّخِيرَة كَانَ قد بذ النَّاس فِي وقته فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء
المَال وَالْبخل وَالْعجب وَالْكِتَابَة وعنوان نثره لم أعقر نَاقَة
رضاكم فأسخط وَلَا أكلت من شَجَرَة عقوقكم فأشحط وَإِنَّمَا أَعطيتكُم
صَفْقَة الصاغية لأكرم وانحرفت كي لَا أهان ونمت على مهاد الْفِتْنَة
بكم لِئَلَّا أتهم فاليوم يُقَال حعلنا قنطرةً وَكتب إِلَى صديقه كتبا
مسترةً وَكَانَ ابْن
(2/205)
أبي مُوسَى مواتاً نفخنا فِيهِ الرّوح
وعيالاً علينا فاستأثرهم بِهِ وجعلتموه مَرْكَز دولتكم فِي اللَّفْظ
وَعين سعايتكم فِي الْقَصْد فضربتم فِي آمال السُّؤَال بمعان طوال
ألصقتم بِي عارها وطوقتموني شنارها
وَحصل ابْن عَبَّاس فِي يَد باديس بن حبوس ملك غرناطة فِي وقْعَة
زُهَيْر ملك المرية وَكَانَ كَاتبه فَقتله باديس بِيَدِهِ وَقيل إِن
كتبه بلغت أَرْبَعمِائَة ألف مُجَلد وَأثر لَهُ الحجاري قَوْله ... لِي
نَفْسٌ لَا تَرْتَضِي الدَّهْرَ عَبْدَا ... وَجَمِيعَ الأَنَامِ
طُرَّاً عَبِيدَا
لَوْ تَرَقَّتْ فَوْقَ السِّمَاكَيْنَ يَوْماً ... لَمْ تَزَلْ
تَبْتَغِي هُنَاكَ صُعُودَا
أَنَا مَنْ تَعْلَمُونَ شَيَّدْتُ مَجْدِي ... وَمَكَانِي مَا بَيْنَ
قَوْمِي وَلِيدَا ...
وَكَانَ يتهم بِسوء الْخلْوَة
وَمن كتاب الْعمَّال
492 - أَبُو بكر يزِيد بن صقْلَابٍ صَاحب أَعمال المرية
أَخْبرنِي وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ فَرَآهُ عالي الهمة وَاسع الْأَدَب
ممتع الحَدِيث وأنشده قَوْله ... وَطِفْلَةِ الأَطْرَافِ خُمْصَانَةٍ
... فِي قَامَةِ السَّيْفِ وَشَكْلِ الغُلامْ
مَكْحُولَةِ العَيْنَيْنِ حُورِيَّةٍ ... مِنَ اللَّوَاتِي قُصِرَتْ
فِي الخِيَامْ ...
(2/206)
.. تَكَادُ أَنْ تُعْقَدَ مِنْ لِينِهَا
... وَفَتْرَةِ العِطْفِ وَهَزِّ القَوَامْ
يَحْلِفُ مَنْ أَبْصَرَهَا أَنَّهَا ... قُدَّتْ لَهَا مِنْ
خَيْزَرَانٍ عِظَامْ
قَدْ جَمَعَ اللهُ بِهَا فِتْنَةً ... حَلاوَةَ اللَّفْظِ وَسِحْرَ
الكَلامْ
وَاللَّيْلَ وَالصُّبْحَ وَدِعْصَ النَّقَا ... وَالغُصْنَ وَالظَّبْيَ
وَبَدْرَ التَّمَامْ
تَفْتَرُّ عَنْ ذِي أُشُرٍ بَارِدٍ ... أَشْهَى مِنَ الخَمْرِ بِمَاءِ
الغَمَامْ
فَضَلَّ مَنْ لامَ عَلَى حُبِّهَا ... وَضَلَّ مَنْ يَسْمَعُ فِيهَا
المَلامْ
نَعِمْتُ فِيهَا لَيْلَتِي كُلَّها ... بِأَرْشَقِ الخَلْقِ وَأَحلي
الأَنَامْ ...
وَمن الْحُكَّام
493 - قَاضِي المرية أَبُو الْحسن مُخْتَار بن عبد الرَّحْمَن ابْن سهر
الرعيني
من المسهب قَاضِي المرية وعالمها ورئيسها فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة
وحاكمها قدمه عَلَيْهَا زُهَيْر العامري وَمن شعره قَوْله لبني حمود
مُلُوك قرطبة ... أَلا فَأْذَنُوا لِي بِالسَّرَاحِ فَإنَّهَا ...
نِهَايَةُ مَطْلُوبِي وَفِيهِ عَذَابُ
فَإِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِي أفق موطني ... فراخا هَوَاهُمْ لَيْسَ
عَنْهُ مَنَابُ ...
وَقَوله وَقد دخل حَماما فَجَلَسَ شخص من جهال الْعَامَّة إِلَى
جَانِبه وأساء عَلَيْهِ الْأَدَب
(2/207)
.. أَلا لعن الْحمام دَارا فَإِنَّهُ ...
سَوَاء بِهِ ذُو الْجَهْل وَالْعلم فِي الْقدر
تضع بِهِ الْآدَاب حَتَّى كَأَنَّهَا ... مصابيح لَمْ تَنْفُقْ عَلَى
طَلْعَةِ الفَجْرِ ...
وَمن الْعلمَاء
494 - أَبُو الْحسن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن الطراوة النَّحْوِيّ
من المسهب نحوي المرية الَّذِي لم يكن بهَا فِي هَذِه الصِّنَاعَة مثله
وَله الذّكر السائر فِي الْآفَاق وَله أمداحٌ فِي المعتصم بن صمادح
وَفِي عَليّ بن يُوسُف ابْن تاشفين وَأحسن شعره وَقد حضر مَعَ ندماء
وَفِيهِمْ غُلَام جميل فَلَمَّا دارت الكأس وَجَاءَت نوبَة الْغُلَام
هرها فَأَخذهَا عَنهُ ... يَشْرَبُهَا الشَّيْخُ وَأَمْثَالُهُ ...
وَكُلُّ مَنْ تُحْمَدُ أَفْعَالُهُ
وَالبَكْرُ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةً ... تُلْقَى عَلَى البَازِلِ
أَثْقَالُهُ ...
وَدخل عَلَيْهِ غُلَام بكأس فِي يَده فَقَالَ ... أَلا بِأَبِي
وَغَيْرِ أَبِي غَزَالٌ ... أَتَى وَبِرَاحِهِ لِلْشُرْبِ رَاحُ
فَقَالَ مُنَادِمِي فِي الحِينِ صِفْهُ ... فَقُلْتُ الشَّمْسُ جَاءَ
بِهَا الصَّبَاحُ ...
(2/208)
وَقَوله وَقد شرب للقمر ... شَرِبْنَا
كَمِصْبَاحِ المَسَاءِ مُدَامَةً ... بِشَاطِئِ غَدِيرٍ وَالأَزَاهِرُ
تَنْفَحُ
وَظَلَّ جَهُولٌ يرقب الصُّبْح ضله ... وَمن اكوسى لَمْ يَبْرَحِ
الصُّبْحُ يُصْبِحُ ...
وَمن الشُّعَرَاء
495 - أَبُو حَفْص بن الشَّهِيد
من المسهب شَاعِر المرية فِي زَمَانه وَكَانَ مُقْتَصرا على ملك بَلَده
المعتصم بن صمادح
وَمن الذَّخِيرَة كَانَ فَارس النّظم والنثر وأعجوبة الْقرَان وَالْعصر
وشاهدته فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة بالمرية وَمن نظمه
قَوْله فِي المعتصم ... وسبط اليَدَيْنِ كَأَنَّ كُلَّ غَمَامَةٍ ...
قَدْ رُكِّبَتْ فِي رَاحَتَيْهِ أَنَامِلا
لَا عَيْشَ إِلاَّ حَيْثُ كُنْتَ وَإِنَّمَا ... تَمْضِي لَيَالِي
العُمْرِ بَعْدَكَ بَاطِلا
تَفْدِيكَ أَنْفُسُنَا الَّتِي أَلْبَسْتَهَا ... حُلَلاً مِنَ
النُّعْمَى وَكُنَّ عواطلا ...
(2/209)
وَقَوله ... تكسد سوق الدّرّ فِيك قصائدي
... وتزرى بِعَرْفِ المِسْكِ غُرُّ رَسَائِلِي
جَلَلْتَ فَجُلَّ القَوْلُ فِيك وَإِنَّمَا ... يعد لِقَدْرِ السَّيْفِ
قَدْرُ الحَمَائِلِ ...
وَمن الْكتاب
496 - أَبُو الحكم أَحْمد بن هرودس كَاتب عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك
غرناطة أَخْبرنِي وَالِده أَنه كَانَ بَينه وَبَين عَمه أبي جَعْفَر
مراسلة وَأَن أَبَا الحكم كتب لَهُ ... يَا سَمِيِّيِ فِي عِلْمِ
مَجْدِكَ مَا يَحْ ... تَاجُ فِيهِ هَذَا النَّهَارُ المَطِيرُ
نَدَفَ الثَّلْجُ مِنْهُ قَطَنَاً عَلَيْنَا ... فَغَدَوْنَا
بِعَدْلِكُمْ نَسْتَجِيرُ
وَالذِي أَبْتَغِيهِ فِي اللَّحْظِ مِنْهُ ... وَرِضَاهُ فِي كُلِّ
أَمْرٍ يَسِيرُ
يَوْمَ قَرٍّ يَوَدُّ مَنْ حَلَّ فِيهِ ... لَوْ تَبَدَّى
لِمُقْلَتَيْهِ سَعِيرُ ...
وَمن شعره قَوْله ... لِيَ مِنْ وَجْهِكَ بَدْرٌ ... قَصَّرَتْ عَنْهُ
البُدُورُ ...
(2/210)
.. أَيُّ أُفْقٍ لُحْتَ فِيهِ ... جُنْحَ
لَيْلٍ لَا يُنِيرُ
لَيْسَ إِلاَّ بِكَ يَا مَوْ ... لايَ يُحْتَلُّ السُّرُورُ ...
وَمن الْعلمَاء
497 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن العريف الصنهاجي
عَالم جليل وزاهد مَشْهُور فِي مُدَّة الملثمين وَمن مَشْهُور شعره
وَهُوَ فِي صلَة ابْن بشكوال قَوْله ... سلوا عَن الشوق من أَهْوى
فَإِنَّهُم
أدنى إلَى النَّفْسِ مِنْ وَهْمِي وَمِنْ نَفَسِي
مَا زلت مذ سكنوا قلبِي أصون لَهُم
لحظي وَسَمْعِي وَنُطْقِي إِذْ هُمُ أُنُسِي
فَمَنْ رَسُولِي إِلَى قلبِي فيسألهم
عَن مُشْكِلٍ مِنْ سُؤَالِ الصَبِّ مُلْتَبِسِ
حَلُّوا الفُؤَادَ فَمَا يندى وَلَو وطئوا
صخرا لَجَادَ بِمَاءٍ مِنْهُ مُنْبَجِسِ
وَفِي الحَشَا نَزَلُوا وَالوهم يجرحهم
فَكيف بَاتُوا عَلَى أَذْكَى مِنَ القَبَسِ ...
(2/211)
.. لأنهضن من الدُّنْيَا يُحِبهُمْ
لَا بَارَكَ اللهُ فِي مَنْ خَانَهُمْ فَنَسِي ...
وَمن الشُّعَرَاء
498 - أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن سفر
شَاعِر المرية فِي عصره الَّذِي يُغني مَا أنسده من شعره عَن الإطناب
فِي التَّنْبِيه على قدره فَمن ذَلِك قَوْله ... لَوْ أَبْصَرَتْ
عَيْنَاكَ زَوْرَقَ فِتْيَةٍ ... يُبْدِي بِهِمْ لُجُّ السُّرُورِ
مِرَاحَهُ
وَقَدْ اسْتَدَارُوا تَحْتَ ظِلِّ شِرَاعِهِ ... كُلٌّ يَمُدُّ
بِكَأْسِ رَاحٍ رَاحَهُ
لَحَسِبْتَهُ خَوْفَ العَوَاصِفِ طَائِرَاً ... مَدَّ الحَنَانُ عَلَى
بَنِيهِ جَنَاحَهُ ...
وَقَوله ... يَا من رأى النَّهر أستثار بِهِ الصِّبَا ... خيلا
لإِرْهَابِ الغُصُونِ المُيَّدِ
لَمَّا رَأَتْهَا سُدِّدَتْ تِلْقَاءَهُ ... قَرَنَتْ بِهِ خَيْلاً
تَرُوحُ وَتَغْتَدِي
وَغَدَتْ تُدَرِّعُهُ وَلَمْ تَبْخَلْ لَهَا ... شَمْسُ الضُّحَى
بِمَسَامِرٍ مِنْ عَسْجَدِ ...
وَقَوله ... وَقَهْوَةٍ شُعْشِعَتْ فَثَارَتْ ... فَأَكْثَرَ القَوْلَ
مبصورها ...
(2/212)
.. لَا تُنْكِرُوا غَيْظَهَا امْتِعَاضَاً
... حِيْنَ غَدَا بَعْلَهَا أَبُوهَا ...
وَقَوله ... أَلا هَاتِهَا مِنْ يَدَيْ مَائِسٍ ... يُوَافِيكَ
بِالأَمْرِ مِنْ فِصِّهِ
يُغَنِّي وَيَسْقِي وَمَهْمَا انْثَنَى ... أَمَالَ القَضِيبَ عَلَى
دِعْصِهِ
إِذَا أَنَا لَا حظته رَاقِصَاً ... خَلَعْتُ الفُؤَادَ عَلَى رَقْصِهِ
...
499 - أَبُو الْحسن عَليّ بن المريني
شَاعِر وشاح مَشْهُور بِبِلَاد الْمغرب صَحبه وَالِدي وَمَات فِي
مُدَّة مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ كثير التجوال وَمن شعره
قَوْله فِي أَحْمد بن كَمَال عَظِيم المرية ... رويدك حَتَّى تجتني
الْورْد والزهرا ... بخد أَبَى أَنْ يَعْرِفَ الهَائِمُ الصَّبْرَا
وَثَغْرٍ أَرَى ألحاظنا معجزاته ... فأبدى لَنَا المُرْجَانَ
بِالعَذْبِ وَالدُّرَّا ...
وَمِنْهَا ... سَأَلْتُ مُحَيَّا الصُّبْح من أَيْن نوره ... فَقَالَ
سَلِ الشَّمْسَ المُنِيرَةَ وَالبَدْرَا
فَأَجْمَعَ كُلٌّ أَنَّهُ نور أَحْمد ... وَلَوْلَا نَدَاهُ لَمْ نَرَ
القَطْرَ وَالبَحْرَا
كَرِيمٌ بِهِ أَحْيَا الْإِلَه بِلَادنَا ... وعمرها مِنْ بَعْدِ مَا
أَصْبَحَتْ قَفْرَا ...
وَمن شعره قَوْله ... رَأَيْنَاكَ مِثْلَ البَحْرِ يُوْرَدُ مَاؤُهُ
... مِرَارَاً فَلا يَفْنَى وَلا يَتَكَدَّرُ
وَنَشْكُرُ مَا أَوْلَيْتَ من كل غَايَة ... وَمَا قَدْ تَرَكْنَا مِنْ
أَيَادِيكَ أَكْثَرُ ...
(2/213)
500 - أَحْمد بن الْحَاج الْمَعْرُوف بِمد
غليس الزجال
أزجاله مطبوعة إِلَى نِهَايَة وَكَانَ فِي دولة بني عبد الْمُؤمن وَمن
شعره قَوْله ... مَا ضَرَّكُمْ لَوْ كَتَبْتُمْ ... حَرْفاً وَلَوْ
بِاليَسَارِ
إِذْ انتم نور عَيْني ... ومطلبي واخنياري ...
501 - أَبُو الْحسن عَليّ بن حزمون
صَاعِقَة من صواعق الهجاء عاصر ابْن عنين وَكَانَ هَذَا فِي الْمغرب
وَهَذَا فِي الْمشرق وَأكْثر قَوْله فِي طَريقَة التوشيح وَمن هجوه فِي
طَريقَة الشّعْر قَوْله ... تَأَمَّلت فِي الْمرْآة وَجْهي فخلته ...
كوجه عَجُوزٍ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى اللَّهْوِ
إِذَا شِئْتَ أَن تهجو تَأمل خليقتي ... فَإِن بِهَا مَا قَدْ أَرَدْتَ
مِنَ الهَجْوِ ...
(2/214)
.. كَأَن على الأزرار مني عَورَة ... تنادي
الورى عضوا وَلا تَنْظُرُوا نَحْوِي
فَلَوْ كُنْتُ مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْض لم اكن ... من الرَائِقِ
البَاهِي وَلا الطَّيِّبِ الحُلْوِ
وَأَقْبَحُ مِنْ مرآي بَطْني فَإِنَّهُ ... يقرقر مِثْلَ الرَّعْدِ فِي
مَهَمَّةِ جَوِّ
وَإِلا كَقَلْبٍ بَين جَنْبي مُحَمَّد ... سليل بْنِ عِيسَى حِينَ
فَرَّ وَلَمْ يَلْوِ
تَمِيلُ بشدقيه إِلَى الأَرْض لحية ... تظن بِهَا مَاءً يُفَرَّغُ مِنْ
دَلْوِ
ثَقِيلٌ وَلَكِنَّ عقله مثل ريشه ... تصفقها الأَرْوَاحُ فِي مَهَمَّةِ
دَوِّ ...
الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ هرودس فِي عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ...
يَالَيْلَةَ الوَصْلِ وَالسُّعُودِ بِاللهِ عُودِي
كَمْ بِتُّ فِي لَيْلَةِ التَمَنِّي
لَا أَعْرِفُ الهَجْرَ وَالتَجَنِّي
أَلْثَمُ ثَغْرَ المُنَى وَأَجْنِي
مِنْ فَوْقِ رُمَّانَتَيْ نُهُودِ زهر الخدود
يَا لايمي إِطَّرِحْ مَلامِي
فَلا بَرَاحٌ عَنِ الغَرَامِ
إِلاَّ انعكافي على مدام
بسمع صَوت وَنَفر عُودِ ... مِنْ كَفِّ خُودِ
مَدْحُ الأَمِيرِ الأَجَلِّ أولى ...
(2/215)
.. السَّيِّدِ المَاجِدِ المُعَلَّى
تَاجِ المُلُوكِ السَنِيِّ الأعْلَى
أَفْضَلِ مَنْ سَارَ بِالجُنُودِ تَحْتَ البُنُودِ
أَكْرِمْ بِعَلْيَاهُ مِنْ هُمَامِ
إمَامُ هَدْيٍ وَابْنُ الإِمَامِ
مُبَدِّدُ الرُومِ بِالحُسَامِ
يَعْقِدُ فِي هَامَةِ الأَُسودِ بِيضَ الهُنُودِ
للهِ يَوْمٌ أَغَرُّ زَاهِرْ
قَدْ حل بالأندلوس آمِرْ
قَالُوا وَقَدْ وَافَتِ البَشَائِرْ
بِالمَلِكِ السَّيِّدِ السَّعِيدِ أَبِي سَعِيدِ ...
وَلابْن حزمون فِي القَاضِي القسطلي ... تَخُونُكَ العَيْنَانْ ... يَا
أيُّهَا القَاضِي فَتَظْلِمْ
لَا تَعْرِفُ الأشْهَادْ ... وَلا الذِي يُسَطَّرْ وَيُرْسَمْ ...
وَكَانَ أخفش وَمن أُخْرَى ... يَا نَاقِصاً فِي كَمَالْ
نَقْصَ الحَرْبِ الزَائِدِ فِي الأشْبَاحْ ...
(2/216)
وَله قدرَة على مضايقة القوافي كَقَوْلِه
فِي رثاء أبي الحملات قَائِد الأعنة ببلنسية وَقد قَتله النَّصَارَى
... يَا عَيْنُ بَكِّي السِّرَاجْ الأَزْهَرا ... النَّيِّرَا اللامِعْ
وَكَانَ نِعْمَ الرِّتَاجْ فكُسِّرَا ... كَيْ تُنْثَرَا مَدامِعْ
مِنْ آلِ سَعْدٍ أَغَرّْ ... مِثْلُ الشِّهَابِ المُتَّقِدْ
بَكَى جَمِيعُ البَشَرْ ... عَلَيْهِ لَمَّا أَنْ فُقِدْ
والمَشْرَفِيُّ الذَّكَرْ ... والسُمْهَرِيُّ المُطَّرِدْ
شَقَّ الصُفُوفَ وكَرّْ ... عَلَى العَدُوِّ مُتَّئِدْ
لَوْ أنَّهُ مُنْعاجْ عَلَى الوَرَى ... مِنَ الثَّرَى أَوْ رَاجِعْ
عَادَتْ لَنَا الأَفْرَاحْ بِلا افْتِرَا ... وَلا امْتِرَا تُضَاِجعْ
نَضَا لِبَاسُ الزَرَدْ ... وَخَاضَ مَوْجَ الفَيْلَقِ
وَلَمْ يَرُعْهُ عَدَدْ 5 ذَاكَ الخَمِيسِ الأَزْرَقِ
وَالحُورُ تَلْثُمُ خَدّْ ... أَدِيمِهِ المُمَزَّقِ
وَكَانَ ذَاكَ الأَسَدْ ... فِي كُلِّ خَيْلِ يَلْتَقِي
إِذَا رَأَى الأَعْلاجْ وَكبَّرَا ... ثُمَّ انْبَرَى يُماصِعْ
رَأَيْتَهُمْ كَالدَّجَاجْ مُنَفَّرَا ... وَسْطَ العَرَا الوَاسِعْ
جَالَتْ بِتِلْكَ الفُجُوجْ ... تَحْتَ العِجَاجِ الأكْدَرِ
خُيُولُهُمْ فِي بُروجْ ... مِنَ الحَدِيدِ الْأَخْضَر ...
(2/217)
.. يَا قِفْلَ تِلْكَ الفُرُوجْ ...
وَلَيْتَهُ لَمْ يُكْسَرِ
جَعَلْتَ أرْضَ العُلُوجْ ... مَجْرَى الجِيادِ الضُمَّرِ
سَلَكْتَ مِنْهَا فِجَاجْ ... فَلا تَرَى إلاَّ القُرَى بَلاقِعْ
وَالخَيْلُ تَحْتَ العَجَاجْ لَهَا انْبَرَا ... ولِلْبُرَى قَعَاقِعْ
عَهْدِي بِتِلْكَ الجِّهَاتْ ... أبَى الهَوَى أَنْ أحْصِيَهْ
يَا حَادِيَ الرَّكْبِ هَاتْ ... حَدِّثْ لَنَا بِمُرْسِيَةْ
أوْدَى أبُو الحَمَلاتْ ... يَا وَيْحَهَا بَلَنْسِيَةْ
فِي طَاعَةِ اللهِ مَاتْ ... حَاشَا لَهُ أنْ يَعْصِيَهْ
مَضَى بِنَفْسٍ تُهاجْ مُصَبِّرَا ... مُصْطّبِرَا وَطَائِعْ
وَبَاعَهَا فِي الهَيَاجْ لَقَدْ دَرَى ... مَاذَا اشْتَرَى ذَا
البَائِعْ
مَاءُ المَدَامِعِ صَابْ ... عَلَيْكَ أَوْلى أنْ يَجُوْدْ
سَقَى البَرِيَّةَ صَابْ ... رِزْءٌ أحَلَّكَ اللُّحُودْ
فَكُلَّ خَلْقٍ أَصَابْ ... إلاَّ النَّصَارَى وَاليَهُودْ
نَادَيْتُ قَلْباً مُصَابْ ... يَجْرِي عَلَى المَيْتِ العُهُودْ
يَا قَلْبِيَ المُهْتَاجْ تَصَبَّرَا ... زَانَ الثَّرَى مَدَافِعْ
ابْنُ أبي الحَجَّاجْ ... فَهَلْ تَرَى لَمَّا جَرَى مُدَافِعْ ...
موشحة لِابْنِ المريني وتروى لليكي ... مَا لِبَنَاتِ الهَدِيلْ ...
مِنْ فَوْقِ أغْصَانِ
هَيَّجْنَ عِنْدَ الصَّبَاحْ ... شوقي وأحزاني
(2/218)
.. بِهَاتِفَاتِ الغُصُونْ ... نَهْتِفُ
أوْصَابِي
بِكُلِّ سَاجِي الجُفُونْ ... هَوَاهُ يُغْرِى بِي
فِي مُقْلَتَيْهِ مَنُوْنْ 5 لِلْهَائِمِ الصَّابِي
غُصْنٌ وَلَكِنْ يَمِيلْ ... فِي دَعْصِ كُثْبَانِ
مِنْ وَجْهِهِ لِلْصَبَاحْ وَالقَدُّ لِلْبَانِ هَيْهَاتَ أيْنَ
الأمَلْ
مِنْ غَادَةٍ رَوْدِ
تَزْهُو بِوَرْدِ الخَجَلْ ... وَقَدِّ أمْلُودِ
أَصْمَتْ بِسَهْمِ المُقَلْ ... فُؤَادَ مَعْمُودِ
فَكَمْ لَهَا مِنْ قَتِيلْ ... بِسِحْرِ أجْفَانِ
وَمُثْخَنٍ مِنْ جِرَاحْ ... رَهِينِ أحْزَانِ
هَيْهَاتَ لَوْ أنَصَفُوا ... مِنْ طَرْفٍ مَكْحُولِ
يَرْنُو بِهِ أوْطَفُ ... عَمْداً لِتَنْكِيلِ
إنْ لَمْ يَكُنْ يُوسُفُ ... نَجْلُ البَهَالِيلِ
يُجيرُ صَبّاً عَلِيلْ ... مِنْ جَوْرِ فَتَّانِ
يَرْنُو بمرضى صِحَاح ... نثير أشْجَانِي
يَا دَهْرُ عَنِّي فَقَدْ ... ظَفَرْتُ بالمَرْغُوبْ
مِنْ مَاجِدٍ يُعْتَمَدْ ... عَلَيْهِ عِنْدَ الخُطُوبْ
مَا حَاتِمٌ فِي الصَّفَدْ ... إلاَّ أبُو يَعْقُوبْ
قَدْ صَحَّ مَا عَنْهُ قِيلْ ... هَذَا هُوَ الثَّانِي
كَفَّاهُ عِنْدَ السَّمَاحْ ... والغَيْثَ سَيَّانِ ...
(2/219)
.. وَغَادَةٍ مَا بِهَا ... إلاَّ هَوَىً
وادِّكَارْ
تَهِيمُ مِنْ حُبِّهَا ... بِيُوسُفِ بْنِ خِيَارْ
غَنَّتْ إِلَى صبها ... إِذْ رام الْإِزَار
ارْفُقْ على قَلِيل ... بِحل هميساني
وَاللهِ يَا مَوْلَى المِلاحْ ... مَا تَدْرِ مَا شَانِي ...
زجل لمدغليس ... ثَلاثَ أشْيا فِالْبَساتِينْ ... لِسْ تُجَدْ فِي
كُلِّ مَوْضِعْ
النَّسيمْ وَالخَضْرَ وَالطَّيْرْ ... شِمْ وَاتْنَزَّهْ وإِسْمَعْ
قُمْ تَرَى النَّسِيمْ يُوَلْوِلْ ... وَالطُّيورْ عَلِهْ تِغَرِّدْ
وَالثِّمَارْ تُنْثُرْ جَوَاهِرْ ... فِي بِساطْ مِن الزُّمُرُّدْ
وبِوَسْطِ المرجِ الأخْضَرْ ... سقْيِ كالسِّيفِ المُجَرَّدْ
شبِّهتْ بالسيفِ لما ... شُفِتْ الغدِير مدرَّعْ
ورَذاذاً دقِّ يِنْزِلْ ... وشُعاعِ الشمسِ يِضْرَبْ
فتَرَىَ الواحِدْ يِفَضَّضْ ... وتَرَى الآخرْ يِذَهَّبْ
والنَّباتْ يِشْرَبْ ويِسْكَرْ ... والغُصُونْ تُرْقُصْ وِتِطْرَبْ
وتِرِيد تِجِي إِلِينَا ... ثُمَّ تِسْتِحِي وتِرْجَعْ
وجوارْ بِحَلْ حُور العِين ... فِي رِيَاضْ تُشْبِهْ لِجَنَّا
وعشيَّةً قَصِيرا ... تنظرَ الخُلْعَ تُجَنَّا
لِشْ تريدْ نفَارْقُوها ... وهيَّ تحْمِلْ طَاقَا عَنَّا ...
(2/220)
.. وكَأَنَّ الشَّمْسَ فِيهَا ... وَجْهِ
عاشقْ إِذ يِوَدَّعْ
إِسْتَمِعْ أُمْ الحُسُنْ كِفْ ... تِلْهِمَكْ إِلَى الخَلاعَا
بنعم تِرُدِّ الأشْياخ ... للمجونِ وللرَّقَاعَا
غَرَّدَتْ مِنْ غُدْوَ للِّيل ... ومَا كَرَّرِتْ صِنَاعا
يسْمَعِ الخُليعْ غِنَاهَا ... ويحس قلب يخلغ ...
زجل غَيره لَهُ ... قَدْ بِنْتْ نَتِخْلَعْ ونَحْزِمْ للعَذُولِ أنْ
صَدَعْ
نِحِبّْ هَذَا الشَرَابْ مِنْ ذَاتِي
وَقَدْ نِسِيتْ بِهِ جَمِيعْ لَذَّاتِي
لَسْ نَسْتَحِي مِنْكِ يَا شِيباتِي
كَاسْ يالله نِرْضَعْ ... وابْيَضْ أوْ اسْوَدْ أوْ اهْبُطْ لِي طْلَعْ
يِجِي عَلَى كَاسِ لِسْ نَغْلَقْ عَيْنْ
وَنِشْرَبُ صَافِي اثْنِينْ فِي اثْنِينْ
لأَنَّ نِخْشَى يِجِي صَحْبِ الدِّينْ
ويُقُولْ لِي إِقْلَعْ ... وَأنَا مِنَ الدُّنْيَا عَدْ لَمْ نِشْبَعْ
...
(2/221)
وَله شعر ملحون على طَريقَة الْعَامَّة
مِنْهُ ... صَحْبِةِ العُنْقِ المَلِيحِ المُخَلْخَلْ
حُبِّي فِكْ ثَابِتْ ودِينِي مُخَلْخَلْ
وَعَلامَ بِعْتْ دِينِي بِحُبَّكْ
لَوْ عَطِيتْ مَرْغُوبِي فِكْ لَسْ تِسْأَلْ
... فَلَقَدْ عِنْدَكْ حَلاوَى لِي مِنَوَّعْ ... وجَمَالاً طَوْعْ
إلامَ يَخْذَلْ ...
(2/222)
|