المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

بَاب ذكر إِسْحَاق عَلَيْهِ الصلاة والسلام [1]
زعم الضَّحَّاك بْن مزاحم أَن إِسْحَاق أول مرسل بَعْد إِبْرَاهِيم، قَالَ: وَلَمْ يمت إِبْرَاهِيم حَتَّى بعث إِسْحَاق إِلَى أرض الشام، وبعث يعقوب بْن إِسْحَاق إِلَى كنعان، وبعث إِسْمَاعِيل إِلَى جرهم، وبعث لوط إِلَى سدوم.
قَالَ: وَكَانَ هَؤُلاءِ كلهم أحياء عَلَى عهد إِبْرَاهِيم [وَكَانَ إِبْرَاهِيم] [2] قَدْ زوج ابنه إِسْحَاق أروقة بنت بتاويل بْن ناحور بْن آزر [3] ، فولدت لإسحاق العيص ويعقوب وَهُوَ ابْن ستين سَنَة.
فأما العيص فَإِنَّهُ تزوج بنت عمه إِسْمَاعِيل، وولدت لَهُ الروم، وكل بَنِي الأصفر من ولده. وإنما سمي ولد ولده الأصفر لأنه كَانَ فِيهِ أدمة. وكثر أولاده حَتَّى غلبوا الكنعانيين بالشام، وصاروا إِلَى البحر والسواحل وناحية الإسكندرية، وصار الملوك من ولده، وَهُمُ اليونانية، وسيأتي ذكر يعقوب إِن شاء اللَّه تَعَالَى.
وَقَدْ ذكر السدي وغيره: أَن عيصا ويعقوب اعترضا فِي بطن أمهما وكانا توأما، فَقَالَ العيص: أنا أخرج قبلك، فخرج فسمي عيصا، وسمي يعقوب لأنه تبعه [4] .
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 316، والبداية والنهاية 1/ 193، والكسائي 150، ونهاية الأرب 13/ 128، ومرآة الزمان 1/ 313.
[2] ما بين المعقوفتين: من الهامش.
[3] في سفر التكوين 25: 20: «رفقة بنت بتوثيل الأرامي» .
راجع أيضا تاريخ الطبري 1/ 317، ومرآة الزمان 314، والمعارف 38.
[4] في الهامش: «لأنه خرج آخرا» .

(1/307)


قَالَ المصنف: ومثل هَذَا قبيح أَن يذكر، لأن يعقوب اسم أعجمي لَيْسَ بمشتق من العقب، ولا عيصا من المعصية، وإثبات خصومة بَيْنَ حملين من أبعد الأشياء، قَدْ نزهت كتابنا عَنْ مثل هذه الأشياء الَّتِي تملأ مثلها التواريخ والمبتدءات.
قَالَ علماء السير: عاش إِسْحَاق مائة وستين سَنَة، وتوفي بفلسطين، ودفن عِنْدَ قبر أَبِيهِ إِبْرَاهِيم/ وانتقل الْمَلِك إِلَى ولد إِسْحَاق، فملك مِنْهُم ملوك. وَكَانَ من زمن كيومرت إِلَى انتقال الْمَلِك إِلَى ولد إسحاق ألف سنة وتسعمائة واثنتان وعشرون سَنَة
.

(1/308)