المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

باب ذكر زكريا عَلَيْهِ السلام [1]
وهو زكريا بْن أدي [2]- وقيل: ابن برخيا- من أولاد سليمان بْن داود [عليهما السلام] [3] ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحصين، قال: أخبرنا ابن المذهب، قال: أخبرنا القطيعي، قال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، قَالَ:
«كَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا» [4] .
ذكر الأحداث فِي زمن زكريا
وجود نذر حنة بنت فاقود، فإنها لما حملت نذرت حملها محررا للَّه تعالى ليكون فِي المسجد متعَبْدا. فلما وضعت مريم جاءت بها إِلَى العباد، فاقترعوا عَلَى كفالتها، فرموا أقلامهم مع جرية الماء فرسبت وصعد قلم زكريا فكفلها، وكانت أخت مريم عند زكريا، فلما رأى رزقها يأتي من غير كلفة، سأل ربه عز وجل ولدا، وكانت زوجته اسمها: أشياع [5] بنت عِمْرَانَ- وهي أخت مريم- فجاءته بيحيى، وطلب آية عَلَى وجود
__________
[1] في ت بياض مكان «ذكر زكريا عليه السلام» .
[2] في الأصل: «أدن» . وفي ت: «أذن» . وما أثبتناه من الطبري 1/ 590.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل وأثبتناها من ت.
[4] حديث: «كان زكريا نجارا» الفردوس بمأثور الخطاب رقم 4812 ط. دار الكتب العلمية وفي الحاشية يخيل على مصادره. (وأخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 296، 405، 485) .
[5] في الأصل: «أسباع» . وفي الطبري 1/ 585: «الأشباع» وفي إحدى نسخ الطبري «الأشياع» . وما أثبتناه من ت.

(2/5)


الحمل، لأن الحمل لا يتحقق بأوله ليبادر بالشكر، فأمسك لسانه عَنْ كلام الناس من غير مرض، ولم يمسك عَنِ الذكر للَّه سبحانه وتعالى.
قَالَ الربيع بْن أنس: لما سمع اليهود كلام عِيسَى فِي المهد حسدوا زكريا وعادوه وكان أخبرهم قبل ذلك بحبل مريم، فتغامزوا به، وقد وجدوا ذلك مكتوبا عندهم كيف يكون، وأخبرهم به سليمان، فالتمسوا زكريا ليقتلوه، فهرب حَتَّى انتهى إِلَى شجرة عظيمة، فتجوفت لَهُ ودخل فيها فجاءوا يطيفون بالشجرة فرأوا هدبة من ثوبه، فقطعوا الشجرة حَتَّى خلصوا إِلَيْهِ فقتلوه [1] .
وَقَالَ السدي: اتهموا زكريا وَقَالُوا: هو أحبل مريم فطلبوه، فهرب إِلَى الشجرة.
قَالَ أحمد بْن جعفر المنادي: وكان له من العمر أقل من مائة سنة.
__________
[1] أورد ابن كثير هذه القصة في البداية والنهاية 2/ 54- ضمن عدة أقوال- مطولة، وعزاها لإسحاق بن بشر في كتاب «المبتدإ» ، وقال ابن كثير بعد أن أوردها: «هذا سياق غريب جدا، وحديث عجيب ورفعه منكر، وفيه ما ينكر على كل حال، ولم ير في شيء من أحاديث الإسراء ذكر زكريا عليه السلام إلا في هذا الحديث، وإنما المحفوظ في بعض ألفاظ الصحيح في حديث الإسراء» وساق طرفا منه.

(2/6)