المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

. ذكر الحوادث [5] التي كانت فِي عام ولادته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال مؤلف الكتاب [6] من أعظم الحوادث فِي عام ولادته قصة الفيل وقد ذكرناه.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] في ت: «متفرقة» .
[3] في ت: «وأقانيم مختلفة» .
[4] انظر في ذلك الطبقات الكبرى 1/ 360- 363.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 1/ 379. وعنه أورده ابن كثير في البداية والنهاية 6/ 62.
[5] بياض في ت مكان: «ذكر الحوادث» .
[6] بياض في ت مكان: «قال مؤلف الكتاب» .

(2/258)


ومن الحوادث عامئذ يوم جبلة [1] .
قَالَ أَبُو عبيدة [2] : أعظم أيام العرب يوم جبلة، وكان عام ولد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان لعامر [3] ، وعبس [عَلَى] [4] ذبيان، وتميم، وقد قَالَ الرضي فِي ذلك:
فمن إباء الأذى حلت جماجمها ... عَلَى مناطلها عبس وذبيان
ومن ذلك: رضاع ثويبة له أياما ثم قدوم حليمة لرضاعه [5] :
أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياما، ثم قدمت حليمة بنت أبي ذؤيب- واسمه:
عَبْد اللَّه بْن الحارث بْن شجنة- وزوجها الحارث بْن عَبْد العزى بْن رفاعة.
واسم إخوته من الرضاعة: عَبْد اللَّه بْن الحارث وأنيسة بنت الحارث، وجدامة بنت الحارث، وهي: الشيماء، غلب ذلك عَلَى/ اسمها، فلا تعرف إلا به، ويزعمون أن الشيماء كانت تحضنه مع أمها، إذ كان عندهم، وأن الشيماء سبيت يوم حنين فقالت:
اعلموا أني أخت نبيكم. فلما أتي بها عرفها، فأعتقها. وكانت حليمة من بني سعد بْن بكر [6] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو محمد الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قَالَ: [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:] [7] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن عمر بْن واقد قَالَ: حدثني موسى بْن أبي شيبة، عَنْ عميرة بنت عَبْد الله بن كعب بن مالك، عن برّة بنت تجراة قالت [8] :
__________
[1] بياض في ت مكان: «ومن الحوادث عامئذ يوم جبلة» .
[2] في ت: «أبو عبيد» .
[3] في ت: «وكان العامر» .
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] بياض في ت مكان: «ومن ذلك: رضاع ثويبة له أياما ثم قدوم حليمة لرضاعه» .
[6] «وكانت حليمة من بني سعد بْن بكر» سقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل وأثبتناه من ابن سعد 1/ 108.
[8] في ت حذف السند، وكتب بدلا منه: «روي عن مالك عَنْ برة بنت تجراة قالت» .

(2/259)


أول من أرضع [1] رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم ثويبة بلبن ابن لها، يقال له: مسروح، أياما قبل أن تقدم حليمة، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بْن عَبْد المطلب [رضي اللَّه عنه] ، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عَبْد الأسد المخزومي [2] .
وقد ذكرنا أن عَبْد المطلب تزوج هالة وزوّج ابن عَبْد اللَّه: آمنة فِي مجلس واحد فولد حمزة، ثُمَّ ولد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابنها مسروح أياما، ولذلك قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فرضت عَلَيْهِ ابنة حمزة ليتزوجها: «إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي، أرضعتني وإياه ثويبة» [3] . وأعتق أَبُو لهب ثويبة وكانت ثويبة تدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما تزوّج خديجة فيكرمها النّبيّ صلى الله عليه وسلم وتكرمها خديجة، وهي يومئذ أمة، ثم كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إليها بعد الهجرة بكسوة وصلة حَتَّى ماتت بعد فتح خيبر.
قَالَ مؤلفه [4] : ولا نعلم أنها [قد] [5] أسلمت، بل قد قَالَ أَبُو نعيم الأصفهاني حكى بعض العلماء أَنَّهُ قد [6] اختلف فِي إسلامها.
أَخْبَرَنَا علي بن عبد الله الذغواني قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْن عَلِيِّ بْن الْمَأْمُونِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حبابة قَالَ: أَخْبَرَنَا يحيى بْن صاعد قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسن بْن أَبِي الربيع قَالَ: حَدَّثَنَا وهب بْن حزم قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، عَنِ النعمان/ بْن راشد، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عروة قَالَ [7] :
كانت ثويبة لأبي لهب فأعتقها، فأرضعت النبي صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، فلما مات أَبُو لهب رآه بعض أهله فِي النوم فَقَالَ: ماذا لقيت يا أبا لهب؟ فَقَالَ: ما رأيت بعدكم روحا [8] غير أني سقت
__________
[1] «أرضع» سقط من ت.
[2] أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 108.
[3] أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 109.
[4] «قال مؤلفه» سقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] «قد» سقط من ت.
[7] حذف السند من ت، وكتب بدلا منه: «أنبأنا علي بن عبيد الله بإسناد له عن عروة» .
[8] في ابن سعد: «رخاء» .

(2/260)


فِي هَذِهِ مني بعتقي ثويبة. وأشار إِلَى ما بين الإبهام والسبابة [1]
. حديث حليمة
[2] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ محمد بن علي بن ميمون قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُسْنِيُّ وأبو طالب علي بن محمد اليماني قالا:
أخبرنا محمد الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِدْرِيسَ السُّلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ- يَعْنِي الْمُحَارِبِيُّ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَهْمُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ حَلِيمَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ- أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ- السَّعِدِيَّةُ قَالَتْ:
خَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ تَلْتَمِسُ [3] الرُّضَعَاءَ [4] بِمَكَّةَ، فَخَرَجْتُ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ [5] قَدْ أُذِمَّتْ [6] بِالرَّكْبِ قَالَتْ: وَخَرَجْنَا فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ [7] ، لَمْ تُبْقِ [لَنَا] [8] شَيْئًا أَنَا وَزَوْجِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، قَالَتْ: وَمَعَنَا شَارِفٌ [9] لَنَا وَاللَّهِ لَمْ تَبُضَّ [10] عَلَيْنَا بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي صَبِيٌّ مَا نَنَامُ لَيْلَنَا مِنْ بُكَائِهِ، وَمَا فِي ثَدْيِي مِنْ لَبَنٍ يُغْنِيهِ، وَلا فِي شَارِفِنَا مِنْ لَبَنٍ يُغَذِّيهِ، إِلا أَنَّا نرجو، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ يَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَأْبَاهُ وَإِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو الْكَرَامَةَ فِي رِضَاعَةِ مَنْ نُرْضِعْ لَهُ مِنْ أَبِي
__________
[1] أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب النكاح. ومسلم في الرضاع باب 14. والبيهقي في الدلائل 1/ 148- 149.
[2] من هنا حتى نهاية الحديث وجزء من أحداث السنة الثانية من مولده صلى الله عليه وسلم: ساقط من ت، وسنشير إلي ذلك في مكانه.
[3] نلتمس: نطلب.،
[4] الرضعاء: جمع رضيع.
[5] أتان قمراء: الأتان: أنثى الحمار. والقمر: لون إلي الخضرة، أو بياض فيه كدرة.
[6] أذمت: إذا أعيت وتأخرت عن الركب.
[7] سنة شهباء: أي سنة القحط والجدب، لأن الأرض تكون فيها بيضاء.
[8] ما بين المعقوفتين: زيادة من ابن هشام.
[9] الشارف: الناقة المسنّة.
[10] ما تبض: ما ترشح لنا بشيء.

(2/261)


المولود، فكان نبيّنا صلى الله عليه وسلم، فقلنا، ما عسى أن تصمع لَنَا أُمَّهُ؟ فَكُنَّا نَأْبَى، حَتَّى لَمْ يَبْقَ من صويحباتي امْرَأَةٍ إِلا أَخَذَتْ رَضِيعًا غَيْرِي.
قَالَتْ: فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ آخُذَ شَيْئًا، وَأَخَذَ صُوَيْحِبَاتِي، فَقُلْتُ لِزَوْجِي الْحَارِثِ: وَاللَّهِ لأَرْجِعَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلآخُذَنَّهُ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَحْلِي. فَقَالَ لِي زَوْجِي: قَدْ أَخَذْتِهِ. قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَذَاكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ.
قَالَ: قَدْ أَصَبْتِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا فِيهِ خَيْرًا. قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ وَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيَايَ بِمَا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبَ أَخُوهُ حَتَّى رَوِيَ، وَقَامَ زَوْجِي الْحَارِثُ إِلَى شَارِفِنَا، فَإِذَا هِيَ ثَجَّاءُ [فَحَلَبَ] [1] عَلَيْنَا مَا شِئْنَا فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ وَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ.
قَالَتْ: فَمَكَثْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ شِبَاعًا رِوَاءً. قَالَتْ: فَقَالَ زَوْجِي: وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ مَا أُرَاكِ إِلا قَدْ أَصَبْتِ نَسَمَةً مُبَارَكَةً، قَدْ نَامَ صِبْيَانُنَا، وَقَدْ رُوِينَا.
قَالَتْ: ثم خرجنا فو الله لَخَرَجَتْ أَتَانِي أَمَامَ الرَّكْبِ، قَدْ قَطَعَتْهُمْ حَتَّى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ: وَيْحَكِ يَا بِنْتَ الْحَارِثِ، كُفِّي عَنَّا، أَلَيْسَتْ هَذِهِ أَتَانُكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا؟ فَأَقُولُ: بَلَى وَاللَّهِ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ لَهَا لَشَأْنًا حَتَّى قَدِمْتُ مَنَازِلِنَا مِنْ حَاضِرِ مَنَازِلِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. قَالَتْ: فَقَدِمْنَا عَلَى أَجْدَبِ أَرْضِ الله. قالت: فو الّذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم إِذَا أَصْبَحُوا وَأُسَرِّحُ [رَاعِي] [2] غُنَيْمَتِي، وَتَرُوحُ غَنَمِي حُفُلا بِطَانًا، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا هَلْكَى، مَا بِهَا مِنْ لَبَنٍ فَنَشْرَبُ مَا شِئْنَا مِنَ اللَّبَنِ، وَمَا مِنَ الْحَاضِرِ مِنْ أَحَدٍ يَحْلِبُ قَطْرَةً وَلا يَجِدُهَا. قَالَتْ: فَيَقُولُونَ لِرُعَاتِهِمْ:
وَيْلَكُمْ أَلا تَسْرَحُونَ حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي حَلِيمَةَ. فَيَسْرَحُونَ في الشعب الَّذِي يَسْرَحُ فِيهِ، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا لَهَا مِنْ لَبَنٍ وَتَرُوحُ غَنَمِي حُفُلا لَبَنًا.
قَالَتْ: وَكَانَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ الصَّبِيِّ في الشهر! ويشب في الشهر شباب
__________
[1] في ابن هشام، الدلائل: «فإذا هي حافل» .
وما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأضفناه من ألوفا، وابن هشام، والدلائل.
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل. وأضفناه من ألوفا.

(2/262)


الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ. قَالَتْ: فَبَلَغَ سَنَتَيْنِ وَهُوَ غُلامٌ جَفْرٌ [1] . قَالَتْ: فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ، فَقُلْتُ لَهَا، وَقَالَ لَهَا زَوْجِي: دَعِي ابْنِي فَلْنَرْجِعْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ. قَالَتْ:
وَنَحْنُ أَضَنَّ شَيْءٍ بِهِ لِمَا رَأَيْنَا من بركته صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتَّى قَالَتْ: ارْجِعِي بِهِ.
قَالَتْ: فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ، قَالَتْ فَبَيْنَمَا هُوَ يَلْعَبُ يَوْمًا مَعَ إِخْوَتِهِ خَلْفَ الْبَيْت إِذْ جَاءَ أَخُوهُ يَشْتَدُّ، فَقَالَ لِي وَلأَبِيهِ: أَدْرِكَا أَخِي الْقُرَشِيِّ فَقَدْ جَاءَهُ رَجُلانِ فَأَضْجَعَاهُ فَشَقَّا بَطْنَهُ.
قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَخَرَجَ أَبُوهُ يَشْتَدُّ نَحْوَهُ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مُمْتَقِعٌ لَوْنُهُ، فَاعْتَنَقْتُهُ وَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَقَالَ: مَالَكَ يَا بُنَيِّ؟ قَالَ: أَتَانِي رَجُلانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَانِي فَشَقَّا بَطْنِيَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا.
قَالَتْ: فَاحْتَمَلْنَاهُ وَرَجَعْنَا بِهِ. قَالَتْ: يَقُولُ زَوْجِي يَا حَلِيمَةُ، وَاللَّهِ مَا أَرَى الْغُلامَ إِلا قَدْ أُصِيبَ، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدُّهُ إِلَى أُمِّهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ مَا نَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَرَجَعْنَا بِهِ إِلَى أُمِّهِ. فَقَالَتْ: مَا رَدَّكُمَا وَكُنْتُمَا حَرِيصَيْنِ عَلَيْهِ؟ فَقُلْنَا: لا وَاللَّهِ إِلا أَنَّا كفلناه وأدّينا الّذي علينا مِنَ الْحَقِّ فِيهِ ثُمَّ تَخَوَّفْنَا عَلَيْهِ الأَحْدَاثَ، فَقُلْنَا يَكُونُ عِنْدَ أُمِّهِ.
قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي [2] خَبَرَكُمَا وَخَبَرَهُ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرَنَاهَا خَبَرَهُ. قَالَتْ: أَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ. لا وَاللَّهِ إِنَّ لابْنِي هَذَا شأنا ألا أخبركما عنه؟
إني حملت بِهِ فَلَمْ أَحْمِلْ حِمْلا [3] قَطُّ هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ، وَلا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ، وَلَقَدْ وَضَعْتُهُ فلم يقع كما يقع الصِّبْيَانُ، لَقَدْ وَقَعَ وَاضِعًا يَدَهُ فِي الأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. دَعَاهُ وَالْحَقَا بِشَأْنِكُمَا [4]