المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ذكر الحوادث التي كانت سنة خمس من مولده عَلَيْهِ السلام [1]
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْن عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد [2] قال أَخْبَرَنَا علي بْن مُحَمَّد، عَنْ مُحَمَّد بْن الفضل، عَنْ أبي حازم قَالَ:
قدم كاهن مكة ورسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم ابن خمس سنين، وقد قدمت به ظئره إِلَى عَبْد المطلب، وكانت تأتيه به [فِي] كل عام، فنظر إليه الكاهن مع عَبْد المطلب فَقَالَ: يا معشر قريش، اقتلوا هَذَا الصبي، فإنه يفرقكم ويقتلكم فهرب به عَبْد المطلب، فلم، تزل قريش تخشى من أمره ما كان الكاهن حذرهم [3]
. ذكر الحوادث فِي سنة ست من مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[4] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قال: أخبرنا أبو عمر بْن حيوية قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن معروف الخشاب قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قَالَ: حدثنا محمد بْنُ سَعْدٍ [5] قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عاصم، عن عمرو بن قتادة قالوا: حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- دخل حديث بعضهم في بعض- قالوا:
__________
[1] بياض في ت مكان «ذكر الحوادث التي كانت سنة خمس من مولده عليه السلام» .
[2] حذف ما قبل ذلك في السند من النسخة ت، وكتب مباشرة: «قال ابن سعد أخبرنا علي بن محمد ... » .
[3] الطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 166، 167. وألوفا برقم 132.
[4] بياض في ت مكان: «ذكر الحوادث سنة ست من مولده صلى الله عليه وسلم» .
[5] في ت: «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بإسناد لَهُ عن ابن سعد قال: وباقي السند كما في الأصل.

(2/271)


كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، فَلَمَّا بَلَغَ سِتَّ سِنِينَ خَرَجَتْ بِهِ إِلَى أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بِالْمَدِينَةِ تَزُورُهُمْ بِهِ، وَمَعَهُ أُمُّ أَيْمَنَ حَاضِنَتُهُ [1] ، وَهُمْ عَلَى بَعِيرَيْنِ [2] ، فَنَزَلَتْ بِهِ فِي دَارِ النَّابِغَةِ فَأَقَامَتْ بِهِ عِنْدَهُمْ شَهْرًا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذكر أُمُورًا فِي مُقَامِهِ ذَلِكَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أَطَمِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ [وَعَرَفَهُ] [3] قَالَ: كُنْتُ أُلَاعِبُ أَنِيسَةَ جَارِيَةً مِنَ الأنصار على هذه الأَطَامِ، وَكُنْتُ مَعَ غِلْمَانٍ مِنْ أَخْوَالِي نُطَيِّرُ طَائِرًا كَانَ [4] يَقَعُ عَلَيْهِ، وَنَظَرَ إِلَى الدَّارِ فقال: هاهنا نَزَلَتْ بِي أُمِّي، وَفِي هَذِهِ الدَّارِ قَبْرُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَحْسَنْتُ الْعَوْمَ فِي [بِئْرِ] [5] بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْتَلِفُونَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: فَسَمِعْتُ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: هُوَ نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَهَذِهِ دَارُ هِجْرَتِهِ، فَوَعَيْتُ ذَلِكَ [كُلَّهُ] [6] مِنْ كَلامِهِ، ثُمَّ رَجَعَتْ بِهِ أُمُّهُ [7] إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانُوا بِالأَبْوَاءِ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ، فَقَبْرُهَا هُنَالِكَ، فَرَجَعَتْ بِهِ أُمُّ أَيْمَنَ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَتْ تَحْضُنُهُ مَعَ أُمِّهِ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ مَاتَتْ.
فَلَمَّا مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ [8] بِالأَبْوَاءِ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ [قَبْرِ] [9] أُمِّهِ» فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأَصْلَحَهُ وَبَكَى عِنْدَهُ وَبَكَى الْمُسْلِمُونَ لِبُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: «أَدْرَكَتْنِي رَحْمَةٌ [10] رَحِمْتُهَا فَبَكَيْتُ» [11] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حدّثنا سفيان بن سعيد
__________
[1] في ت: «الحضينة» .
[2] في ت: «على بعير» .
[3] في الأصل: «عدي بن اليمان» وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «انظر طائرا يقع عليه» .
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[7] «أمه» سقطت من ت.
[8] في الأصل: «غزوة الحديبيّة» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] «رحمة» سقط من الأصل.
[11] الطبقات الكبرى لابن سعد 1/.

(2/272)


الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَتَى جَذَمَ قَبْرِ أُمِّهِ فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ، فَجَعَلَ كَهَيْئَةِ الْمُخَاطِبِ، ثُمَّ قَامَ وَهُوَ يَبْكِي، فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ. وَكَانَ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ قَالَ: «هَذَا قَبْرُ أُمِّي، سَأَلْتُ رَبِّي الزِّيَارَةَ فَأَذِنَ لِي، وَسَأَلْتُهُ الاسْتِغْفَارَ فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَذَكَرْتُهَا فَوَقَفْتُ فَبَكَيْتُ» فَلَمْ يُرَ [يَوْمًا] [1] أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ يَوْمِئِذٍ [2] . قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هَذَا غَلَطٌ لَيْسَ قَبْرُهَا بِمَكَّةَ إِنَّمَا قَبْرُهَا بِالأَبْوَاءِ.
أَنْبَأَنَا عَبْد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا عاصم بن الحسين قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن بْن بشران قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن السماك قَالَ: حَدَّثَنَا ابن البراء قَالَ: حدثني الحسين بْن جابر- وكان من المجاورين بمكة [3] :
أنه رفع إِلَى المأمون أن السيل يدخل قبر أم رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم لموضع معروف هناك، فأمر المأمون بإحكامه [4] .
قَالَ ابن البراء: وقد وصف لي وأنا بمكة موضعه، فيجوز أن تكون توفيت [5] بالأبواء ثم حملت إِلَى مكة فدفنت بها [6]