المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
ثم دخلت احدى وسبعين
وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[جلوس ابن الجوزي بباب بدر بحضور الخليفة]
أنه تقدم إلي بالجلوس تحت المنظرة الشريفة بباب بدر فتكلمت بكرة الخميس
ثالث المحرم والخليفة حاضر وكان يوما مشهودا ثم [تقدم إلي بالجلوس
هنالك] [1] يوم عاشوراء فأقبل الناس إلى المجلس من نصف الليل وكان
الزحام شديدا زائدا على الحد [ووقف من الناس على الطرقات ما لا يحصى]
[2] وحضر أمير المؤمنين وفقه الله.
[القبض على أستاذ الدار صندل وعلى خادمين معه]
وفي صفر: قبض على أستاذ الدار [صندل] [3] وعلى خادمين [معه وحبسوا] [4]
وأرجف الناس أنهم كانوا قد تحالفوا على سوء ثم ضيق [بعد ذلك] [5] على
الأمير أبي العباس ولد أمير المؤمنين [المستضيء بأمر الله] [6] وولي
ابن الصاحب حاجب الباب [مكان أستاذ الدار] [7] وولي ابن الناقد حجبة
الباب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/218)
[وبنى كشك في البلد لأمير المؤمنين ناحية
جامع السلطان] [1] وجاء [في ليلة الأحد] [2] ثامن ربيع الآخر [3] مطر
عظيم [برعد شديد] [4] ووقعت صاعقة في دار الخلافة وراء التاج وأحرقت
[ما حولها فأصبحوا] [5] فأخرجوا أهل الحبوس وأكثروا الصدقات وكانت
ابنتي [رابعة] [6] قد خطبت [فسأل الزوج أن يكون العقد بباب الحجرة وحضر
قاضي القضاة ونقيب النقباء وجماعة من الشهود والخدم والأكابر] [7]
فزوجت [8] [ابنتي] [9] بأبي الفتح ابن الرشيد [الطبري] [10] وتزوج
حينئذ ولدي أبو القاسم بابنة الوزير يحيى بن هبيرة [وكان الخاطب ابن
المهتدي] . [11] وتقدم إلي بالجلوس ليلة رجب تحت المنظرة [فاجتمع
الناس] [12] فجاء مطر فمنع الحضور فتقدم بالجلوس [13] في اليوم الثاني
فتكلمت وأمير المؤمنين حاضر وأمرنا بالبكور إلى دعوة أمير المؤمنين
فحضرنا [بكرة السبت وحضر الوزير ابن رئيس الرؤساء] [14] وأرباب [الدولة
والعلماء والمتصوفة فأكلوا وأنشد ابن شبيب قصيدة يمدح فيها أمير
المؤمنين وخرج قاضي/ القضاة وأرباب الدولة بعد الأكل وخرجت معهم وباب
109/ أالباقون مع المتصوفة على سماع الإنشاد وفرق على الجماعة مال وخلع
وكان هذا
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «ربيع الأول» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في الأصل: «فزوجها» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[13] في الأصل: «فجلست» .
[14] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/219)
رسمهم في كل رجب وكانت العادة ان لا يدخل
أحد الدار بطيلسان ولا طرحة احتراما لأمير المؤمنين سوى قاضي القضاة
فإنه كان يجعل طرحته طيلسانا وكنت إذا تكلمت بباب بدر اصعد المنبر فإذا
جلست رفعت الطرحة فوضعتها إلى جانبي فإذا فرغ المجلس أعدتها] [1] وفي
يوم الجمعة تاسع رجب: استدعانا صاحب المخزن للمناظرة فحضر فقهاء بغداد
ولم يتخلف إلا النادر ودل أبو الخير القزويني في مسألة زكاة الحلي
واعترضت عليه ثم جرينا على العادة في الجلوس [بباب بدر ليلة الجمعة]
[2] فأسبوع لي وأسبوع للقزويني وكان الزحام عندي أكثر [وبعث إلي بعض
الأمراء من أقارب أمير المؤمنين فقال والله ما أحضر أنا ولا أمير
المؤمنين غير مجلسك وإنما تلمحنا مجلس غيرك يوما وبعض يوم آخر] . [3]
وفي [يوم الجمعة] [4] رابع عشر شعبان: حملت إلي طريفة قد بعثت إلى أمير
المؤمنين من قرية قريبة من بغداد [يقال لها الوقت] [5] وهي بقرتان قد
ولدتا برأسين ورقبتين وأربع أيدي وبطن واحد وفرج ذكر وفرج أنثى إلا أن
لكل واحدة رجلا وقيل إن هذه ولدت حية ثم ماتت.
وفي رمضان: كتب على حائط المدرسة التي وقفتها الجهة وسلمتها إلي بخط
القطاع في الآجر «وقفت هذه المدرسة الميمونة الجهة المعظمة الشريفة
الرحيمة بدار الرواشني في أيام سيدنا ومولانا الإمام المستضيء بأمر
الله أمير المؤمنين على أصحاب الإمام أحمد بن حنبل وفوضت التدريس بها
الى ناصر السنة أبي الفرج [6] ابن
__________
[1] العبارة في الأصل كما يلي: «وقاضي القضاة وخرجوا [109/ أ] وخرجت
معهم وفرق على الجماعة مال وكان هذا رسمهم كل رجب، وكان لا يدخل أحد
الدار بطيلسان ولا طرحة سوى قاضي القضاة، فإنه كان يجعل طرحته طيلسانا»
.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ص: «أبي الفتح» .
(18/220)
الجوزي] [1] وما زالت المجالس تحت المنظرة
بباب بدر إلى آخر رمضان وكان في آخر رمضان قبل مجلسنا [هناك] [2] بيوم
قد انزعج البلد ولبس السلاح فاختلفت الأراجيف فانقشع الأمر أن أمير
المؤمنين أصابته صفراء من الصوم فتكلمت تحت المنظرة فسكن البلد فحدثني
من يلوذ بخدمة [أمير المؤمنين] [3] قال حضر يومئذ [الإمام] [4] عندك
المجلس [5] متحاملا ولولا [6] شدة حبه لك [لما حضر] [7] [لما كان
اعتراه من الألم] ، [8] وحدثني صاحب المخزن قال كتبت إلى أمير المؤمنين
[في كلام كنت ذكرته] [9] هل وقع ما ذكره فلان بالغرض فكتب [أمير
المؤمنين] [10] ما على ما ذكره فلان مزيد.
[وفي بكرة الجمعة سابع عشرين رمضان] [11] كسفت الشمس [12] أول وقت
الضحى وبقيت ساعة/ حتى تجلت. 109/ ب وكان حاجب الباب ابن الناقد يلقب
بالقنبر فذكر هذا اللقب من كان يعرفه به فشاع في العوام فصاروا يصيحون
به إذا خرج فحفظ بأتراك فلم يجئ من الأمر شيء وخلع عليه قبل العيد
بثلاثة أيام فقيل لأمير المؤمنين إن الناس قد عزموا إذا خرج يوم العيد
في الموكب أن يرسلوا القنابر بين الناس وهذا يصير الموكب هتكة. فعزله
وولى أبا سعد ابن المعوج حجبة الباب] [13]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «عندك اليوم» .
[6] في الأصل: «متحاملا من شدة حبه» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[12] في الأصل: «كسفت الشمس رابع عشرين رمضان» .
[13] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/221)
وكان الرفض في هذه الأيام قد كثر فكتب صاحب
المخزن إلى أمير المؤمنين أن لم تقو يدي ابن الجوزي لم تطق على دفع
البدع فكتب أمير المؤمنين بتقوية يدي فأخبرت الناس بذلك على المنبر
وقلت إن أمير المؤمنين [صلوات الله عليه] [1] قد بلغه كثرة الرفض وقد
خرج توقيعه بتقوية يدي في إزالة البدع فمن سمعتموه من العوام يتنقص
بالصحابة فأخبروني حتى انقض داره وأخلده الحبس وإن كان من الوعاظ حدرته
المشان. فانكف الناس ثم [تقدم في يوم الخميس] [2] عاشر شوال بمنع [3]
الوعاظ كلهم إلا ثلاثة كل واحد من مذهب أنا من الحنابلة والقزويني من
الشافعية وصهر العبادي من الحنفية ثم سئل في ابن عبد القادر فاطلق.
وعقدت الولاية على مكة لأمير المؤمنين [4] فخرج الحاج على خوف شديد من
القتال.
وفي يوم السبت رابع ذي القعدة: وقت الضحى خرج أمير المؤمنين إلى الكشك
[الذي عمل له خارج السور] [5] وخرج أرباب الدولة مشاة وخرج الناس
[ينظرون إليه] [6] ويدعون له [فدخل الكشك] [7] فأقام فيه ساعة ثم خرج
فمضى نحو القورج ثم عاد فدخل من باب النصر وقت الظهر.
وفي يوم الجمعة غرة ذي الحجة: خلع على ظهير الدين أبي بكر بن نصر ابن
العطار بباب الحجرة خلعة سنية وأعطى مركبا وسيفا وولى المخزن ولاية
تامة وخلع يومئذ على استاذ الدار ابن الصاحب] [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «منع» .
[4] في الأصل: «ولاية مكة لأمير المدينة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/222)
[وفي يوم الأربعاء سادس ذي الحجة] [1] صنع
الوزير ابن رئيس الرؤساء دعوة وجمع فيها أرباب المناصب وحضر الخليفة
[فاستدعيت فخلعت على خلعة] [2] ونصب لي منبر في الدار فتكلمت [بعد أن
أكلوا الطعام] [3] والخليفة حاضر [والوزير] [4] وجميع أرباب المناصب
وجميع علماء بغداد والفقهاء [5] والوعاظ إلا النادر وخلع عليّ خلعة [6]
ثم تكلمت يوم عرفة وكان مجلسا عظيما تاب فيه خلق كثير وقطعت شعورا
كثيرة وكان الخليفة حاضرا.
وفي يوم عيد الأضحى: وقعت فتنة في أخذ جمال البحريين جماعة من العوام
فنصر بعضهم أمير/ يقال له سنقر الصغير فرماه العوام بالآجر فضربهم هو
وأصحابه 110/ أبالنشاب ثم أصبحوا [يوم فرح ساعة فأقاموا الحرب وكان
الذين خاصموه أهل باب الأزج فكان أصحابه يخاصمونهم] [7] فقامت [يومئذ]
[8] الفتنة [عامة النهار] [9] ومات بين الفريقين [نحو] [10] عشرة أنفس
ونهب من باب الأزج قطعة ثم سكنت الثائرة وأخرج أمير المؤمنين مالا
ففرقه على من نهب له شيء.
وخرج في أواخر ذي الحجة: عسكر كثير إلى بني خفاجة [لمحاربتهم] [11]
فرحلوا فلم يدركوهم [وقتل من المطاردين قوم] [12] وجاءت اخبار ظريفة
عما جرى للحاج [في
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «أرباب المناصب والعلماء والوعاظ» .
[6] «وخلع علي خلعه» سقطت من ت، ص.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/223)
طريقهم] [1] فمنها أنهم خرجوا من عرفات فلم
يبيتوا بالمزدلفة وإنما مروا بها ولم يقدروا على رمي الجمار وخرجوا إلى
الأبطح فبكروا يوم العيد وقد خرج إليهم قوم من مكة يحاربونهم فتطاردوا
وقتل من الفريقين جماعة ثم آل الأمر إلى أن صيح في الناس الغزاة إلى
مكة فهجموا وصعد أمير مكة المعزول إلى القلعة التي على جبل أبي قبيس ثم
نزل عنها وخرج من مكة ودخل الناس فقصد قوم لا خلاق لهم النهب فأخذوا
شيئا كثيرا من أموال التجار المقيمين بمكة وأحرقوا آدرا كثيرة بمكة
وحدثني بعض التجار أن رجلا كان زراقا بالنفط ضرب دار رجل بقارورة
فاشتعلت وكانت تلك الدار لأيتام يستغلونها كل سنة إذا جاء الحاج فهلكت
وما فيها ثم أخرج قارورة أخرى فسواها ليضرب بها فجاء حجر فكسرها فعادت
عليه فاحترق فبقي ثلاثة أيام بسفح الجبل ورأى بنفسه العجائب ثم مات،
قال وحدثني رجل من السماسرة قال كان عندي مال 110/ ب عظيم لي ولغيري من
التجار فدخل على/ أربعة أنفس فجمعوا الكل فقلت لأحدهم وعرفته يا فلان
قد أكلت أنا وأنت الطعام وهذا ليس لي وهذه مائة دينار خذها حلالا ودعني
فقال اسكت قد أخذنا علينا بالدين قبل أن نجيء إليكم لنقضي من أموالكم
فجمع الأربعة أربع كوارير [2] فيها جميع المال وخرجوا عني خطوات فلقيهم
عبيد من مكة فضربوا أعناقهم فقمت ونقلت المال فتعبت في نقله ولم يذهب
منه شيء [3] ثم إن أمير مكة قال لا أتجاسر أن أقيم بعد الحاج فأمروا
غيره ورحلوا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4310- علي بن الحسن [بن هبة الله، أبو القاسم] [4] الدمشقي، المعروف:
بابن عساكر.
[5] سمع الحديث الكثير وكانت له معرفة وصنف تاريخا لدمشق عظيما جدا
يدخل
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أربع كواير» .
[3] «شيء» سقطت من ص، ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 294) .
(18/224)
في ثمانين مجلدة كبارا وكان شديد التعصب
[لأبي الحسن الأشعري حتى صنف كتابا سماه تهذيب] [1] المفتري [2] على
أبي الحسن الأشعري وتوفي بدمشق في هذه السنة [3] .
4311- عمر بن هدية بن سلامة بن جعفر، أبو حفص الصواف
[4] .
ولد في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وسمع من جماعة، وروى.
وتوفي يوم الخميس سادس عشرين ربيع الآخر من هذه السنة] [5] .
4312- المبارك بن الحسن، [6] [أبو النجم] [7] ابن القابلة الفرضي
[8] .
سمع أبا الحسين ابن الفراء [9] وأبا منصور ابن زريق وكان عارفا بعلم
الفرائض والمواقيت.
توفي في جمادى الأولى [من هذه السنة] [10] ودفن بمقبرة [الزادمان] [11]
قرية قريبة من بغداد.
4313-/ مسعود بن الحسين بن سعد، أبو الحسين اليزدي القاضي.
111/ أولد سنة خمس وخمسمائة وتفقه وأفتى وناب في القضاء ودرس بمدرسة
أبي حنيفة ومدرسة السلطان ثم خرج إلى الموصل فأقام مدة يدرس هناك وينوب
في القضاء.
فتوفي بها في جمادى الآخرة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] وفي ت: «تهديد المفتري» .
[3] في هامش ص ما نصه: «انظر إلى قلة الإنصاف!!؟ يذكر هذا الرجل بهذه
الترجمة ولم يخرج من دمشق أحفظ منه ويقول: «وكانت له معرفة» !! وهو
أحفظ من مصنف هذا الكتاب، وما أظن مصنفه رأى مثله» .
[4] هذه الترجمة من ت فقط.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من ص، الأصل.
[6] في الأصل: «بن الحسين» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 240) .
[9] في الأصل: «ابن الفراق» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/225)
ثم دخلت سنة اثنتين
وسبعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه تقدم إلي بالكلام تحت منظرة الخليفة [بباب بدر] [1] فتكلمت [يوم
الأحد] [2] ثاني المحرم وحضر أمير المؤمنين ثم تكلمت هناك يوم عاشوراء
فامتلأ المكان [من وقت السحر فطلع الفجر] [3] وليس لأحد طريق فرجع
الناس وامتلأت الطرق بالناس [قياما يتأسفون على فوت الحضور] [4] ، وقام
من يتظلم في المجلس فبعث [أمير المؤمنين] [5] في الحال من كشف ظلامته.
[زفاف ابنة المؤلف الى زوجها]
وزفت ابنتي رابعة [ليلة الأربعاء] [6] ثاني عشر المحرم إلى زوجها وكان
زفافها في دار الجهة [المعظمة في درب الدواب وأحضرت الجهة وذلك] [7]
بعد أن جهزتها الجهة بمال كثير.
وفي [يوم الخميس] [8] حادي عشر صفر: دخل رجل الى جامع المنصور ليأكل
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/226)
خبزا فمات في مكانه ومات آخر في باب البصرة
وامرأة في تلك الساعة ودخل رجل من السواد إلى مسجد العتابيين [1]
[يومئذ] [2] وترك حماره على الباب فمات الرجل ودخل بعض الحاج إلى بغداد
يوم الأربعاء عاشر صفر ثم تتابعوا فدخل الأكثرون يوم الأحد ولم تجر لهم
عادة بهذا التأخر وأخبروا بأشياء لقوها في دخول مكة قد ذكرنا بعضها في
حوادث السنة.
ونقصت دجلة في أول آب وهو أول صفر نقصانا ما رأينا مثله وخرجت جزائر
كثيرة فيها ما عهدنا مثلها وكانت السفينة تجنح في وسط دجلة فينزلون
فيحركونها. وفي أواخر آب هب ريح [3] شديد البرد ليالي فنزل الناس من
السطوح [4] ثم عاد الحر فصعدوا فأصاب الناس زكام شديد عم ذلك الخلق.
وفي [أول] [5] / ربيع الأول: خرج العسكر لقتال بنى خفاجة. 111/ ب وفي
يوم الاثنين سابع ربيع الأول: خرج أمير المؤمنين عند استواء طلوع الشمس
إلى الكشك ثم عاد بعد الظهر إلى قصره] . [6] وظهرت حمرة شديدة في
السماء من المشرق من وقت طلوع الفجر إلى حين استواء الشمس ثم كانت تظهر
عند غيبة الشمس من المغرب كذلك كأنها الشفق إلا أنها أشد حمرة لم نر
مثلها كأنها الدم وكانت تتصاعد ويبقى تحتها من الغيم المضيء فتضيء له
الأماكن [كأنه ضوء الشمس] [7] وبقيت مدة ثم انقطعت ثم عادت تقل وتكثر
أشهرا.
وفي ربيع الآخر: أخرج المجذمون من بغداد ونفوا إلى تحت البلد.
__________
[1] في الأصل: «العباسيين» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في ص: «هواء شديد» .
[4] في الأصل: «الأسطحة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/227)
وفي يوم الخميس ثامن جمادى الأولى: أذن في
إقامة الجمعة [1] بمسجد ابن المأمون بقصر عيسى فأقيمت فيه يومئذ.
وفي يوم السبت غرة جمادى الآخرة: عبرت إلى جامع المنصور فوعظت فيه بعد
العصر وعبر الناس من نهر معلى واجتمع أهل المحال فحزر الجمع مائة ألف
ورجعنا إلى نهر معلى والناس ممتدون من باب البصرة كالشراك إلى الجسر
وكان يوما مشهودا] [2] .
[مجيء الخبر بنصر المسلمين على الافرنج]
وجاء الخبر بنصر المسلمين على الافرنج في غرة جمادى الآخرة [3] [وخرج
أمير المؤمنين يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة أول وقت الضحى إلى
الكشك وخرج الناس لرؤيته على ما جرت به العادة فبات في الكشك وخرج بكرة
إلى الصيد فبقي الأربعاء والخميس ودخل الدار العزيزة قبل المغرب ثم
تقدم إلى بالجلوس بباب بدر تحت المنظرة يوم الاثنين سلخ جمادى الآخرة
فتكلمت فيه بعد العصر وأمير المؤمنين حاضر وجرى مجلس مستحسن تاب فيه
جماعة وقصت فيه شعور وذكرت خروجه إلى الكشك في قصيدة أنشأتها وهي:
يا سيد الخلق وعين الأكوان ... خليفة الله العظيم السلطان
يا شمس جود نورها في البلدان ... يا بدر تم تم لا عن نقصان
ظهرت للخلق ظهور البرهان ... عاشت به أرواح أهل الإيقان
زين بك البر وزينت أوطان ... صدت القلوب حين صادوا الغزلان
بحلمك الوافر بل بالإحسان ... والكشك قد حقر قدر [4] الإيوان
هذا على التوحيد وضع البنيان ... بني الإله ودهم في الجثمان
الحجر والبيت لهم والأركان ... أصبحت كالروح ونحن أبدان
__________
[1] في الأصل: «وأقيمت الجمعة ثامن جمادى الأولى» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «في غرة جمادى الآخرة» سقطت من ت، ص.
[4] في ص: «خفر فتت» وهذا الجزء ساقطة من الأصل. كما سيأتي في الهامش
التالي.
(18/228)
الشرع كالعين وأنت أجفان ... الجود غصن
واحد يا بستان
هذا مديحي وهو قدر الإمكان ... وفي ضميري ضعف هذا الإعلان
عبيدكم لا يشترى بأثمان ... وقد ملكتم رقه بالإحسان
سميت نفسي مذ خدمت سلمان ... لكن لساني في المديح حسان
وحسن ألفاظي تباهي سحبان]
[1]
وفي بكرة الأربعاء ثاني رجب: حضر الناس على عادتهم دعوة أمير المؤمنين
التي تكون في كل رجب [فحضر الوزير وأرباب الدولة والعلماء والمتصوفة]
[2] ونصب لهم سماط مستحسن وقرئت ختمة وتقدم إلي بالدعاء فدعوت [وأنشد
ابن شبيب قصيدة يمدح فيها أمير المؤمنين وهذه كانت العادة كل سنة] [3]
ثم خرج قاضي القضاة [ومعظم] [4] أرباب الدولة وخرجت معهم [وبات القوم
على سماع الإنشاد وخلعت عليهم خلع وفرقت عليهم أموال] [5] .
وتكلمت يوم الخميس عاشر رجب بعد العصر تحت المنظرة وأمير المؤمنين حاضر
والزحام شديد [ثم تناولنا أنا والقزويني كل ليلة جمعة فكان يوم مجلسي
تغلق أبواب المكان بعد الظهر لشدة الزحام فإذا جئت بعد العصر فتح لي
فزاحم معي من يمكنه أن يزاحم] [6] .
وفي شهر رجب: قارب بغداد بعض السلجوقية ممن يروم السلطنة وأرسل رسولا
ليؤذن له في المجيء فلم يلتفت إليه [فجمع جمعا] [7] ونهب مواضع فخرج
إليه العسكر وجرت مناوشات في شعبان ورحل فرجع العسكر إلى بغداد ثم عاد
فنهب مواضع وآذى
__________
[1] ما بين المعقوفتين يقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/229)
112/ أقرى فعاد العسكر فخرج إليه وأمر/
عليهم شكر الخادم فأقاموا يراصدونه طول رمضان ثم رحل في شوال إلى ناحية
خراسان فرجع العسكر.
[وفي يوم الاثنين حادي عشر رمضان: تقدم إلي بالجلوس في دار ظهير الدين
صاحب المخزن وحضر أمير المؤمنين وأذن للعوام في الدخول فتكلمت وأعجبهم
حتى قال لي ظهير الدين قد قال أمير المؤمنين ما كأن هذا الرجل آدمي لما
يقدر عليه من الكلام] [1] .
ومما جرى بعد النصف من رمضان أن رجلا من التجار باع متاعا له بألف
دينار وترك المال في خان أنبار وجاء إلى بيته وليس معه في الدار إلا
مملوك له أسود قد أشتراه قبل ذلك بأيام فقام المملوك في الليل فضربه
بسكين في فؤاده وأخذ المفتاح ومضى إلى الخان أنبار فطرق باب الخان
فقالت الخانية من أنت؟ قال أنا غلام فلان قد بعث بي لآخذ له شيئا من
الخان أنبار فقالت والله ما أفتح لك حتى يجيء مولاك فرجع ليأخذ ما في
البيت فاتفق ان حارس الدرب سمع صيحة الرجل وقت ان ضرب بالسكين فأمسك
الغلام وبقي مولاه في الحياة يومين فوصى بقتل الغلام بعده فصلب المملوك
بالرحبة بعد موت مولاه [يوم الخميس حادي عشرين رمضان] [2] وأخذ مملوك
آخر لبعض التجار من سيده ألف دينار وهرب فلم يسمع له خبر.
وجاء حر شديد [بعد نصف رمضان فكان ذلك] [3] في آذار فبقي أسبوعا على
مثل حر حزيران [4] أو اشد فأخبر المشايخ أنهم ما رأوا مثل هذا في هذا
الوقت ثم عاد الزمان إلى عادته.
وحدثني طلحة [بن مظفر] [5] العلثي الفقيه أنه ولد عندهم بالعلث في
رمضان [مولود] [6] لستة أشهر فخرج له اربعة اضراس.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «هزيراه» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/230)
وفي يوم الاثنين خامس عشرين رمضان: تقدم
بجلوسي في دار صاحب المخزن فجلست وحضر أمير المؤمنين وأذن للعوام في
الدخول فتكلمت بعد العصر إلى المغرب وبتنا في الدار تلك الليلة مع
جماعة من الفقهاء فجرت مناظرات إلى نصف الليل.
وفي يوم الجمعة العشرين من شوال: حضرت الصلاة بجامع الرصافة فلم يحضر
الخطيب وقاربت العصر فصلى أكثر الناس الظهر وانصرفوا وأقمت مع جماعة
ننتظر الخطيب فجاء قبيل العصر فخطب وصلينا وكان السبب في تأخره ان الذي
كانت الجمعة نوبته صرف عن الخطابة ولم يعلم نائبه فتأخر فبعثوا إليه من
باب البصرة فحضر فاختصر فقرأ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ 102: 1 [1] وهذا
شيء لا يذكر الناس أنه جرى مثله على هذا الوصف.
وفي يوم الجمعة خامس ذي القعدة: أذن في إقامة الجمعة بمسجد في شارع دار
الدقيق من الجانب الغربي فأقيمت فيه وقد ذكرنا أنه أذن في إقامة الجمعة
بمسجد ابن المأمون في جمادى الأولى فمن العجائب تجدد جامعين ببغداد في
سنة واحدة] [2] وفي [يوم الاثنين] [3] ثامن ذي القعدة [بعد العصر] [4]
هبت ريح شديدة فأثارت ترابا عظيما وأزعجت الناس وبقيت/ كذلك ساعة جيدة
ثم ذهبت. 112/ ب واتفق في هذا الشهر أن رجلا أمر بالمعروف فقصده بعض من
أمره بخشبة فهرب الآمر فعاد الرجل إلى بيته والخشبة بيده فحين دخل
الدار وقع فمات.
ووصل الخبر في ذي القعدة بأن بلادا كثيرة زلزلت وخسف ببعضها وذكر فيها
الري وقزوين.
وكتب إلى بعض الوعاظ ان امرأة تقول كان رجل إذا رآني في الطريق مشى إلى
جانبي وتعرض لي فقلت له أنا لا أوافق إلا على الحلال فتزوج بي عند
الحاكم وقضيت معه مديدة يأتيني كما يأتي الرجل المرأة ثم عظمت بطنه
وقال لي قد حبلت فاعملي لي دواء الإسقاط فعملت له فولد وقد حضرت المجلس
أنا وهو فما حكمنا؟ فقال الواعظ
__________
[1] سورة: التكاثر الآية: 1.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/231)
هذا النكاح ما صح لانه بالولادة انكشف أنه
امرأة وتعجب الناس من حال هذا الخنثى الذي كان يأتي ويؤتى.
وفي ليلة الاثنين ثاني عشرين ذي القعدة: دخل رجل إلى بيت أخته فذبحها
[وهرب] [1] وكأنه حدث عنها بما لا يصلح [وتحدث بعض جيراننا بباب
المراتب انه وقع في دارهم حائط فقام هو وجارية له يعزلون الآجر والجص
فوجدت الجارية صندوقا لطيفا فيه منامية فيها دنانير في الدينار [2]
أربعة وخمسة وبين ذلك حب الحبة الواحدة كالزيتونة وأشياء وصفتها فأعطت
منها بعض جيرانهم وسلمت الباقي إلى رجل كان يعرفها منذ جلبت وقالت اكتر
ببعض هذا وتعال إلي في اليوم الفلاني حتى أخرج معك فمضى الرجل ولم يعد
فلما يئست منه حدثت سيدها بذلك فجعل يتلهف بعد أن فات الأمر.
ونزل رجل إلى دجلة يسبح وترك ثيابه وفيها ستون دينارا على الشاطئ فجاء
قوم فأخذوها ومضوا فاتهم بها آخرين فأخذوا وأهينوا ثم طلبوا من كان
قريبا منهم فإذا رجل قد أخذ الذهب وخرج ليسافر فوجدوه في الحربية قد
نفق منه عشرة قراريط ففتشوه فأخذوه فقيل لصاحب المال طيب قلوب المتهمين
فقد رد مالك فلم يفعل.
ومما تجدد ان رجلا قال لطحان من أهل الكرخ أعطني كارة دقيق. فقال ما
أفعل فقال والله ما أبرح حتى آخذ فقال الطحان وحق على الذي هو خير من
الله ما أعطيك.
فشهد عليه جماعة فحبس أياما ثم أخرج يوم السبت سابع عشرين ذي القعدة
فضرب مائة سوط وسود وجهه وشهر في الغد وخلفه من يضربه بالخشب والعامة
يرجمونه ثم أعيد إلى الحبس.
وتقدم إلي بالجلوس بباب بدر فتكلمت بكرة الخميس ثالث ذي الحجة وحضر
أمير المؤمنين وقام إلي رجل يوم عرفة في المجلس فتاب وقطع شعره وقال لي
ثلاث أسابيع أرى رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم في المنام كأنه
في كل مجلس يأتي إليك فيقبل صدرك] [3] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ص: «في الدنانير» وهي ساقطة من ت، الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/232)
ذكر من توفي في هذه
السنة من الأكابر.
4314- علي بن عساكر، أبو الحسن البطائحي المقرئ
[1] .
كان قد قرأ القرآن وأقرأ وسمع الحديث الكثير وروى وكانت له معرفة
بالنحو وعبر الثمانين ووقف كتبه وتوفي ليلة الثلاثاء ثامن عشرين شعبان
هذه السنة.
4315- محمد بن سعيد بن محمد، أبو سعد ابن الرزاز
[2] .
كان من المعدلين وسمع الحديث من ابن برهان وابن الحصين وكان ينظر/ في
113/ أالتركات [ويقول شعرا مطبوعا، كتب إليه بعض الناس مكاتبة تتضمن
شعرا فكتب في جوابها:
يا من أياديه يعيا من يعددها ... وليس يحصي مداها من لها يصف
عجزت عن شكر ما أوليت من كرم ... وصرت عبدا ولي في ذلك الشرف
أهديت منظوم شعر كله درر ... فكل ناظم عقد دونه يقف
إذا أتيت ببيت منه كان لنا ... قصرا ودر المعالي فوقه شرف
وإن أتيت أنا بيتا نناقضه ... أتيت لكن ببيت سقفه يكف
لا كنت منه ولا من أهله أبدا ... وإنما حين أدنو منه أقتطف]
[3] ولد أبو سعد سنة احدى وخمسمائة وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
4316- محمد بن عبد الله بن القاسم، أبو الفضل الشهرزوري
[4] .
كان رئيس أهل بيته وبنى مدرسة بالموصل ومدرسة بنصيبين وقف عليها وقوفا
ولاه محمود بن زنكي ثم استوزره، ورد بغداد رسولا فذكر أنه كتب قصة إلى
المقتفي [5]
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 242. والبداية والنهاية 12/ 296.
والكامل 10/ 79) .
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 10/ 79، 80) .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 243. والبداية والنهاية 12/ 296.
والكامل 10/ 84) .
[5] «ورد بغداد رسولا فذكر أنه كتب قصة إلى المقتفي» سقط من ص، ت.
(18/233)
فكتب على رأسها محمد بن عبد الله الرسول،
فكتب المقتفي صلى الله عليه وسلم.
وتوفي في محرم هذه السنة بدمشق.
4317- مختار الخادم.
وكان من خواص الخليفة وكان يتدين وعلت سنه.
توفي في آخر شعبان ودفن في الترب بالرصافة.
4318- مسلم بن ثابت بن زيد بن القاسم بن أحمد، أبو عبد الله بن جوالق
الفقيه
[1] .
سمع الحديث وتفقه على شيخنا أبي بكر الدينَوَريّ وناظر وعلت سنة وكان
[وكيلا] [2] لبعض أمراء الدار العزيزة.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بمقبرة أحمد.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 243) .
[2] «وكيلا» سقطت من الأصل، ص.
(18/234)
ثم دخلت سنة ثلاث
وسبعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في بكرة الخميس غرة المحرم دخل إلى البلد تتامش [1] الذي كان قد
خرج مع قيماز من بغداد وخرج أهل البلد للنظر إليه ونزل تحت التاج فقبل
الأرض مرارا وأذن له في الدخول إلى داره وعفي عنه وأمر وكرم.
[وبعد صلاة العصر يومئذ تقدم إلي بالجلوس تحت منظرة باب بدر واجتمع
الخلق وتاب جماعة وحضر أمير المؤمنين. ثم تقدم إلي بالجلوس هناك يوم
عاشوراء وكان الناس يجيئون من نصف الليل بالأضواء فما طلع الفجر ولا حد
موضع قدم وغلقت الأبواب ولقينا شدة من الزحام وأمير المؤمنين حاضر] [2]
.
/ وقدم الحاج في نصف صفر وذكروا ما لقوا في طريقهم من الجوع وغلاء
السعر 113/ ب وكثرة من هلك من المشاة والجمال.
وقبض على حاجب الباب أبي منصور ابن العلاء وسلم إلى أستاذ الدار وجرت
همرجات [3] عظيمة قبض فيها على جماعة ومنع ابن الوزير [بن رئيس
الرؤساء] [4] من الركوب وأن يتردد إلى بابه أحد واستكتب [5] كثيرا من
أملاكه ثم ردد عليه كثير منها بعد
__________
[1] في الأصل: «يتامش» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «حمرجان» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ص: «واسكتت» .
(18/235)
ذلك وصرف أكثر أشغال الديوان إلى المخزن
وانقطع عن الركوب أصلا وأخذ أبو المظفر الحسين بن محمد بن علي [1]
الدامغاني أخو قاضي القضاة [إلى دار صاحب المخزن وهو الذي كان ينوب عن
قاضي القضاة] [2] في الحكم على بابه وكان قد زوج امرأة فتظلم زوجها
الأول وقال أكرهت على طلاقها فقيل له كيف زوجتها؟ فقال جاءني كتاب حكمي
من واسط أن زوجها قد طلقها وفتحته وكتبت على ظهره وجاءتني براءة فكتبت
عليها وزوجتها فأخرج صاحب المخزن الكتاب وليس بمفتوح ولا مكتوب في ظهره
ولا في البراءة فجبهه [3] صاحب المخزن وقال قد عزلتك عن القضاء
والشهادة وكل ما كنت تتولاه ثم أمر بتنحية طيلسانه وقال [له] [4] يبلغ
عنك وعن أخيك ما لا يصلح وأمير المؤمنين لا يغفل عن هذا ثم جعل يتبع
أفعالا تنسب إلى قاضي القضاة وحدثني بعض الوكلاء أن قاضي القضاة كان قد
كتب إلى الخليفة قبل ذلك بمده يسأل ان يعفي من 114/ أقصد صاحب المخزن
فأعفي وكان بينهما/ شيء فلما رأى قاضي القضاة ما جرى على أخيه وكان قبل
ذلك قد جرى على جماعة من وكلائه إهانات ثم تتبع وجاء في يوم الخميس
حادي عشر ربيع الآخر إلى دار صاحب المخزن يستعطفه ثم صار يتردد إليه كل
أسبوع واستقبح الناس هذا التردد بعد الانقطاع الدائم وعلموا أنه من
الخوف.
[وفي يوم الاثنين النصف من ربيع الآخر: تكلمت في جامع المنصور وحضر
الخلق فحزروا بمائة ألف وتاب ثلاثة وخمسون نفسا وقصت شعورهم.
وأنشد في يوم السبت الشهاب الضرير:
بك يا جمال الدين قد ... شقت من الأعدا مرائر
حسدوا وما لهم إذا ... سروا علينا من جرائر
لك في الفداء نفوسنا ... وهي الشريفات الحرائر
يا من تطير بلطفه ... من نار معناه شرائر
__________
[1] في الأصل: «أحمد بن علي» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل «فحبسه» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/236)
يوم الجلوس لنا الأنيس ... لهم به تبلى
السرائر
تكفي المليحة عند من ... تهوى شهادات الضرائر
[1] وفي يوم [الخميس] [2] خامس عشرين ربيع الآخر: ضرب تركي تركيا [ضحوة
نهار على باب النوبي] [3] بنشابة ثم اتبعها ضربة بسيف ثم هرب [4]
الضارب وخرج من البلد ثم عاد ليأخذ من بيته شيئا ويهرب فأخذوه فصلب وقت
الظهر بباب النوبي [وحط بعد صلاة الجمعة] [5] .
وفي يوم الجمعة ثالث جمادى الأولى: منع من إقامة الجمعة التي في قصر
عيسى المعروف بمسجد ابن المأمون وكان قد عمره فخر الدولة بن المطلب
وأوسعه وأنفق عليه مالا [6] وجاءت الأخبار بأن الموت في دمشق كثير
والمرض بالموصل كثير.
وفي النصف من جمادى الآخرة: أخرج البلخي الواعظ من البلد بتوقيع بعد أن
أسمعه حاجب الباب المكروه لما كان يذكر عنه من شرب الخمر.
وفي يوم [الجمعة] [7] سادس عشر جمادى الآخرة: ركب الوزير إلى باب
الحجرة بعد أن بقي زمانا لا يركب فطاب قلبه وجلس للهناء وجاء صاحب
المخزن إلى دار الوزير بعد صلاة الجمعة والنقباء وقام له الوزير وقبل
صاحب المخزن يده.
وجاءت إلى يوم الأحد خامس عشرين جمادى الآخرة فتوى في عبد وامة كانا
لرجل فاعتقهما وزوج الرجل بالمرأة فبقيت معه عشرين سنة وجاءت منه
بأربعة أولاد ثم بان الآن انها أخته لأبيه وامه ومذ عرف ذلك [8] أخذا/
في البكاء والنحيب فتعجبت من 114/ ب
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في ص: «وضرب الضارب» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في الأصل: «لما عرف» .
(18/237)
ذلك واعلمتهما أنه لا أثم فيما مضى والعدة
تلزمها ويجوز ان ينظر إليها بعد أن فارقها نظره إلى أخته إلا أن يخاف
على نفسه فيلزمه البعد عنها.
وفي ليلة رجب: تكلمت [بباب بدر] [1] تحت المنظرة الشريفة وأمير
المؤمنين حاضر والجمع متوفر.
وفي [بكرة ليلة الأحد] [2] ثاني رجب: حضرنا دعوة أمير المؤمنين على
العادة [وحضر] [3] أرباب الدولة [كلهم] [4] والعلماء والصوفية فأكلوا
وختمت الختمة ودعا للختمة ابن المهتدي الخطيب وصلى بهم في ذلك اليوم
وتلك الليلة في الدار وبعد دعاء الختمة خلع [5] على أمير المدينة وولده
وولد أمير مكة ثم انصرف من عادته الانصراف [وبات الباقون على عادتهم]
[6] وخلعت عليهم الخلع [7] وفرقت الأموال [8] .
وبنت الجهة المعظمة المسماة بنفشة رباطا في سوق المدرسة للصوفيات
وفتحته أول رجب وعملت فيه دعوة وتكلمن فيه وأفرد لأخت أبي بكر الصوفي
شيخ رباط الزوزني وفرقت الجهة عليهم مالا.
وفي ليلة [الأحد] [9] سادس عشر رجب: جاء مطر عظيم ودام [10] ثلاثة أيام
بلياليهن وكان فيه رعود هائلة وبروق عظيمة ووقعت آدر كثيرة وامتلأت
الطرقات بالماء وبقي الوحل أسبوعا وجمع أهل درب بينهم اثني عشر دينارا
لمن ينقل الماء في 115/ أالمزادات إلى دجلة وأخرج الخليفة مالا ينفق في
تنحية الوحل من الطرق/ وزادت
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «في الدار وبعد خلع دعاء على أمير المدينة» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «الخلع» سقطت من ص.
[8] في ص: «وفرق المال» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في الأصل: «وأقام» .
(18/238)
دجلة زيادة بينة وذلك في كانون الثاني ولم
يزل ينقص قليلا ثم يعود إلى الزيادة فقال لي شيخ من الملاحين لي ثمانون
سنة ما رأيت مثل هذه الزيادة في كانون.
[وفي يوم الخميس سابع عشرين رجب: تكلمت بعد العصر تحت المنظرة وأمير
المؤمنين حاضر] [1] .
وفي هذه الأيام: خرج شحنة أوانا وعكبرا يتصيد فوق تلك النواحي فلقيه
جماعة من بني خفاجة فقتلوه فجيء به الى بيته بباب الأزج ثم حمل [2]
فدفن في مقبرة أحمد بن حنبل وكان كثير الخير والتدين لا يشرب الخمر ولا
يشكي منه وكان مواظبا على حضور مجلسي.
وفي [يوم الاثنين] [3] غرة شعبان [لكم رجل رجلا فمات في الحال] [4] .
وأنشأ أمير المؤمنين مسجدا كبيرا في السوق عند عقد الحديد وتقدم
بعمارته فعمر عمارة فائقة وكسى وقدم فيه عبد الوهاب [ابن العيبي] [5]
زوج ابنتي فصلى فيه بعد النصف من شعبان وأجريت له مشاهرة وتقدم إلي
فصليت فيه بالناس التراويح ليلة وكان الزحام كثيرا فدخل على قلوب أهل
المذهب ما شاء الله من الغم لكونه أضيف إلى الحنابلة وقد كان يرجف له
به لغيرهم.
[وفي بكرة [6] السبت خامس رمضان: تقدم بجلوسي في دار صاحب المخزن
وازدحم الناس حتى غلق الباب وكان أمير المؤمنين حاضرا. ثم تكلمت يوم
الاثنين حادي عشرين رمضان في داره أيضا على تلك الصفة.
وفي سحرة يوم الأربعاء سابع شوال: هبت ريح عظيمة فزلزلت الدنيا بتراب
عظيم
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «ثم حمل» سقطت من ص.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] من هنا حتى ننبه في الهامش ساقط من الأصل.
(18/239)
حتى خيف ان تكون القيامة ثم جاء فيها برد
ودام ذلك ساعة طويلة ثم انجلت وقد وقعت حيطان وتهدمت مواضع على أقوام
مات منهم وارتث منهم ووقع سقف متصل بمنظرة الخليفة التي عند باب الحلبة
وكانت الريح تقوى ساعة وتخف ساعة إلى وقت الضحى ثم اشتدت وملأت الدنيا
ترابا فصعد أعنان السماء فتبين السماء منه مصفرة إلى وقت العصر وزادت
دجلة في عاشر شوال زيادة عشرين ذراعا على المعتاد وخاف الناس واشغلوا
بالعمل في القورج [1] ثم نقص الماء بعد ثلاثة أيام.
وفي يوم الجمعة سلخ شوال: بعد أذان الجمعة صعد غيم وجاء مطر شديد من
جامع السلطان إلى الرصافة فما فوق فكانت ثم غدران وامتلأت الصحارى
والشوارع به ولم يأت بنهر معلى إلا اليسير. وورد حاج كثير من خراسان
فاستأذن الوزير ابن رئيس الرؤساء في الحج فأذن له فعمل تركا جميلا وقيل
انه اشترى ستمائة جمل وأقام منها مائة للمنقطعين وأخرج معه الأدوية ومن
يطب المرضى واستصحب جماعة من أهل الخير والعلم ودخلنا إليه بكرة
الثلاثاء نودعه فسلمنا عليه ثم قام فدخل إلى الخدمة ثم خرج فعبر في
سفينة إلى ناحية الرقة وقد خرج أهل بغداد فامتلأت الشواطئ من الجانبين
وامتدوا إلى ما فوق معروف ينظرون إليه وخرج معه أرباب الدولة سوى صاحب
المخزن فإنه لم يلقه وأما أستاذ الدار فإنه ودعه في دار الخلافة وعبر
معه تتامش وكان مريضا فرده حين صعد من السفينة وقال له أنت مريض فعاد
فركب الوزير وبين يديه النقيبان وأرباب الدولة والعلماء وضرب له بوق
حين ركب فلما وصل باب قطفتا خرج رجل كهل فقال يا مولانا أنا مظلوم
وتقرب منه فزجره الغلمان فقال الوزير دعوه فتقدم إليه فضربه بسكين في
خاصرته فصاح الوزير قتلني ووقع من الدابة ووقعت عمامته فغطى رأسه بكمه
وبقي على قارعة الطريق وضرب ذلك الباطني بسيف فعاد فضرب الوزير وأقبل
حاجب الباب ينصره فضربه الباطني بسكين وعاد وضرب الوزير فقطع الباطني
بالسيوف [2] ، وبعض الناس يقولون كانوا اثنين وخرج منهم شاب بيده سكين
فقتل ولم يعمل شيئا وأحرقت أجساد الثلاثة وحمل الوزير إلى دار هناك
وجيء بحاجب الباب الى بيته واختلط الناس وما
__________
[1] في ت: «من الفورح» .
[2] في ت: «بالسيوف» .
(18/240)
صدق أحد أن يعود إلى بيته في عافية، وكان
الوزير قد رأى في المنام قبل ذلك أنه عانق عثمان بن عفان، وحكى عنه
ولده أنه اغتسل قبل خروجه وقال هذا غسل الإسلام واني مقتول بلا شك ومات
الوزير بعد الظهر وتوفي حاجب الباب في الليل وغسل الوزير بكرة الأربعاء
وحمل إلى جامع المنصور فصلى عليه وحضر أرباب الدولة وصاحب المخزن ودفن
عند أبيه وجاء مكتوب من الخليفة إلى أولاده يطيب قلوبهم ويأمرهم
بالقعود للعزاء فقعدوا يوم الخميس في داره فلم يحضر أحد يومًا إليه لا
من الأمراء ولا من القضاة ولا من الشهود ولا من الصوفية بل كان هناك
عدد يسير وتكلم في العزاء من عادته يتكلم في أعزية العوام من الطرقيين
فتعجبت من هذه الحال وانه كان يكون عزاء بزاز أحسن من ذلك وما كان
انقطاع الناس إلا رضا لصاحب المخزن لأنه كان يفارقه فلما كان في اليوم
الثاني حضر الدار جماعة من الفقهاء بالنظامية فلم يقعد أولاده فلما علم
الخليفة بالحال تقدم إلى أرباب الدولة ومن جرت عادته بالحضور فحضر في
اليوم الثالث صاحب الديوان وقاضي القضاة والنقيب وغيرهم وسألوا أن
أتكلم عندهم في العزاء فنصب لي كرسي لطيف وتكلمت عليه والقراء يقرءون
ومددت الكلام إلى ان جاء خدم الخليفة بمكتوب منه يعزيهم ويأمرهم
بالنهوض عن العزاء فقرأه ابن الأنباري قائما والناس كلهم قيام ثم
انصرفوا] [1] .
وفي يوم الجمعة: ولى ابن طلحة حجبة الباب.
وفي ليلة الاثنين: بعث صاحب المخزن بغلامه من الليل إلى تتامش [2]
ليحضر عنده وكانت له عادة بزيارته في الليل يخلوان للحديث فحضر عنده
فوكل به في حجرة دار صاحب المخزن ونفذ إلى بيته فأخذ من الخيل والكوسات
وكل ما في الدار واختلفت الأراجيف/ في نوبته فقوم يقولون أنهم في وضع
الباطنية على قتل الوزير وذكر أنه كتب 115/ ب إلى أمير المؤمنين مرارا
يحرضه على الخروج للفرجة في الحاج فلما اتفق قتل الوزير خيف ان تكون
نيته قد كانت رديئة، وقوم يقولون أنه كاتب أمراء خراسان، وبقي موكلا به
في دار صاحب المخزن.
__________
[1] إلى هنا الساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «يتامش» .
(18/241)
وفي عاشر ذي الحجة: غسل الديوان ورتب وهيئ
ورجمت الظنون وتحازر الناس من يكون وزيرا فلما كان يوم العيد تقدم إلى
صاحب المخزن بالحضور في الديوان على وجه النيابة فحضر ورتب الموكب
وانصرف.
وجاء قوم من أهل المدائن بعد العيد فشكوا من يهود بالمدائن وأنه كان
لهم مسجد يصلى فيه الجماعة ويكثر فيه التأذين وهو إلى جانب كنيسة
اليهود فقال بعض اليهود قد آذيتمونا بكثرة الآذان فقال المؤذن ما نبالي
تأذيتم أم لا فتناوشوا وجرت بينهم خصومة استظهر فيها اليهود فجاء
المسلمون يستنفرون ويستغيثون مما جرى عليهم من اليهود إلى صاحب المخزن
فأمر بحبس بعضهم ثم أطلقهم فخرجوا يوم الجمعة إلى جامع الخليفة
فاستغاثوا قبل الصلاة فخفف الخطيب الخطبة والصلاة فلما فرغ قاموا
يستغيثون فخرج جماعة من الجند فضربوهم ومنعوهم من الاستغاثة فانهزموا
فلما رأى 116/ أالعوام ما فعل بهم غضبوا نصرة للإسلام/ واستغاثوا
وتكلموا بالكلام السيّئ وقلعوا طوابيق الجامع وضربوا بها الجند فوقع
الآجر على المنبر والشباك ثم خرجوا فنهبوا دكاكين المخلصين لأن أكثرهم
يهود ووقف حاجب الباب بيده سيف مجذوب ليرد العوام وحمل عليهم نائبه
فرجموه وانقلب البلد من ذلك وجاء قوم إلى الكنيسة التي بدار البساسيري
فنهبوها ونقضوا شبابيكها وقطعوا التوراة وأخرجوها مقطعة الأوراق وما
تجاسر يهودي يظهر وتقدم أمير المؤمنين بنقض الكنيسة التي بالمدائن وأمر
أن تجعل مسجدا ونصب بالرحبة أخشاب ليصلب عليها أقوام من العيارين فظنها
العوام لتفزيعهم [1] والتهويل عليهم لأجل ما فعلوا فعلقوا على الأخشاب
في الليل جرذانا ميتة.
وأخرج يوم الاثنين سادس عشر ذي الحجة: جماعة كانت لهم مدة في الحبس ذكر
أنهم كانوا لصوصا بواسط وأنهم قتلوا قوما هناك فصلبوا بالرحبة وكان
فيهم شاب هاشمي.
وفي الجمعة المقبلة أقيم الجند بالسلاح يحفظون الجامع والرحبة خوفا مما
جرى من العامة في الجمعة الماضية فلم يتكلم أحد وصار الجند في كل جمعة
يراعون الجامع حذرا من مثل ذلك.
__________
[1] في الأصل: «لتقريعهم» .
(18/242)
ذكر من توفي في هذه
السنة من الأكابر
4319- أحمد بن محمد بن بكروس الحمامي، أبو العباس
[1] .
/ ولد سنة اثنتين وخمسمائة وقرأ القرآن على أبي العز ابن كادش وأبي
القاسم ابن 116/ ب الحصين وغيرهما وتفقه على شيخنا أبي بكر الدينَوَريّ
وكان يكثر الصوم والصلاة [2] فتوفي يوم الثلاثاء خامس صفر وصلى عليه
بجامع القصر ودفن بمقبرة الإمام أحمد.
4320- صدقة بن الحسين بن الحسن أبو الفرج الحداد
[3] .
ولد سنة سبع وتسعين [4] واربعمائة وكان في صباه قد حفظ القرآن وسمع
شيئا من الفقه وكان له فهم فناظر وأفتى إلا أنه كان يظهر من فلتات
لسانه ما يدل على سوء عقيدته وكان لا ينضبط فكان من يجالسه يعثر منه
على ذلك وكان يخبط الاعتقاد تارة يرمز إلى انكار بعث [5] الأجسام ويميل
إلى مذهب الفلاسفة وتارة يعترض على القضاء والقدر.
قال المصنف رحمه الله [6] : دخلت عليه يوما وعليه حرير فقال لي ينبغي
أن يكون هذا على جمل لا علي أنا. وقال لي يوما أنا لا أخاصم إلا من فوق
الفلك، وقال لي القاضي أبو يعلى ابن الفراء مذ كتب صدقة كتاب الشفاء
لابن سينا تغير.
وحدثني أبو الحسن علي بن عساكر المقرئ قال دخلت عليه فقال والله ما
أدري من أين جاءوا بنا ولا من أي مضيق يريدون ان يحملونا.
وحدثني عنه الظهير ابن الحنفي الفقيه قال دخلت عليه وهو مضيق قال إني
لأفرح بتعثيري، قلت لم؟ قال لأن الصانع يقصدني. وكان طول عمره ينسخ
باجرة
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 244، 245) .
[2] في مرآة الزمان: «زوّجه جدي أكبر بناته يقال لها: ست العلماء» .
[3] في ت: «الجواد» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 245. والبداية والنهاية 12/ 299.
والكامل 10/ 90) .
[4] في ص: «تسع وسبعين» .
[5] في ص: «إنكار بعض الأجسام» .
[6] «رحمه الله» سقطت من ت، ص.
(18/243)
117/ أفاتفق في آخر عمره أن تفقده/ بعض
الأكابر فحكى لي عنه أنه كان يقول أنا كنت أنسخ طول عمري لا أقدر على
دجاجة فانظر كيف بعث لي الدجاج والحلوى في وقت لا اقدر أن آكله. وهذا
من جنس اعتراضات ابن الريوندي [1] وكنت أنا أتأمل عليه إذا قام إلى
الصلاة فأكون في أوقات إلى جانبه فلا أرى شفتيه تتحرك أصلا. وكتب إلي
في قصيدة أنشأها، بخطه:
وا حيرتا من وجود ما تقدمنا ... فيه اختيار ولا علم فتقتبس
ونحن في ظلمات ما لها قمر ... يضيء فيها ولا شمس ولا قبس
مدلفين [2] حيارى قد تكنفنا ... جهل تجهمنا في وجهه عبس
والفعل [3] فيه بلا ريب كلا عمل ... والقول فيه كلام كله هوس
وله في أخرى يذم الدنيا:
لا توطنها فليست بمقام ... واجتنبها فهي دار الانتقام
أتراها صنعة من صانع ... أم تراها رمية من غير رامي
117/ ب فلما كثر عثوري على هذا منه وعجز تأويلي له هجرته/ سنين ولم أصل
عليه حين مات.
وحكي عنه أبو يعلى المقرئ قال كنا عنده فسمع صوت الرعد فقال فوق خباط
وأسفل خباط.
قال أبو يعلى: وقال أبياتا أخذتها منه بخطه وهي:
نظرت بعين القلب ما صنع الدهر ... فألقيه غرا وليس له خبر
فنحن سدى فيه بغير سياسة ... نروح ونغدو قد تكنفنا الشر
فلا من يحل الزيج وهو منجم ... ولا من عليه الوحي ينزل والذكر
يحل لنا ما نحن فيه فنهتدي ... وهل يهتدي قوم أضلهم السكر
__________
[1] في الأصل: «الراونديّ» وكلاهما واحد.
[2] في الأصل: «مدلهين» .
[3] في الأصل: «والقول» .
(18/244)
عمى في عمى في ظلمة فوق ظلمة ... تراكمها
من دونه يعجز الصبر
وكان مع هذا الاعتقاد يعرف منه فواحش وأغرى بالطلب من الناس لا عن حاجة
فخلف ثلاثمائة دينار.
ومات يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخر وصلى عليه في رحبة الجامع ودفن
بمقبرة باب حرب.
وكتب إلى أبو بكر الدلال وكان من أهل السنة الجياد قال رأيت في ما يرى
النائم كأني في سوق وكأن صدقة بن الحسين الحداد عريان وحوله جماعة
فتبعته فصعد درجة/ فصعدت خلفه فقلت يا شيخ صدقة ما فعل الله بك؟ فقال
لي ما غفر لي، فقلت له 118/ أكذا؟ قال نعم وأعاد القول مرة أخرى وغير
عبارته قال قلت له اغفر لي قال ما أغفر لك ونزل من الدرجة فقلت أين
تسكن؟ فقال في بيت في خان فانتبهت فلقيت رجلا كان صديق صدقة فحدثته بما
رأيت فقال لي إني رأيت في المنام امرأة أعرف أنها ميتة فقلت لها رأيت
صدقة؟ قالت نعم رأيته وسألته ما فعل الله بك؟ قال قد وكل بي كل ملك في
السماء وقد ضايقوني حتى قد حنقوني فقلت أين تكون؟ قال مسجون.
4321- فاطمة بنت نصر بن العطار
[1] توفيت يوم الأربعاء سادس عشر رمضان واخرجت جنازتها بكرة الخميس إلى
جامع القصر ونحي شباك المقصورة لأجلها وحضر جميع أرباب الدولة [سوى]
[2] الوزير وصلى عليها أخوها صاحب المخزن وامتلأت الأسواق والشوارع
بالناس أكثر من يوم العيد وشيعها [3] إلى مقبرة أحمد بن حنبل خلق كثير
من الأكابر ودفنت عند أبيها وشاع عنها الذكر الجميل والزهد في الدنيا،
وحدثني أخوها صاحب المخزن أنها كانت كثيرة التعبد شديدة الخوف ما خرجت
في عمرها من بيتها إلا ثلاث مرات لضرورة وما كانت تلتفت الى زينة
الدنيا.
__________
[1] انظر ترجمتها في: (البداية والنهاية 12/ 299) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في ص: «وتبعها» .
(18/245)
4322- محمد بن أحمد ابن عبد الجبار، أبو
المظفر الحنفي، يقال له: المشطب
[1] .
ولد سنة اثنتين وتسعين واربعمائة كان فقيها على مذهب أبي حنيفة مناظرا/
أفتى ودرس سنين.
وتوفي ليلة الثلاثاء حادي عشر جمادى الأولى وصلى عليه بجامع القصر ودفن
بمقبرة الخيزران.
4323- محمد بن أسعد بن محمد بن أبي منصور العطاري، المعروف: بحفدة
[2] .
ولد بطوس وكانت له معرفة جيدة بالخلاف وأنس بالتفسير وكان يعظ بتبريز
وناظر طويلا ودرس وبلغني أنه [3] افتى وقدم بغداد بعد الستين وخمسمائة
فناظر بها وتوفي بتبريز في رجب هذه السنة.
4324- مُحَمَّد بْن عبد الله بن هبة الله بن المظفر رئيس الرؤساء، أبي
القاسم ابن المسلمة، أبو الفرج الوزير.
[4] ولد في جمادى الآخرة من سنة اربع عشرة وخمسمائة وكان أبوه أستاذ
دار المقتفي وتولى المستنجد فأقره على ذلك ورفع قدره فوق ما كان فلما
ولي المستضيء بأمر الله الخلافة استوزره وكان يحفظ القرآن وقد سمع
الحديث وله مروءة وإكرام للعلماء والفقراء ثم جرى له مع قيماز ما جرى
فعزله الخليفة ثم مات قيماز فأعيد إلى الوزارة وخرج من بيته إلى الحج
يوم الثلاثاء رابع ذي القعدة فضربه الباطنية أربع ضربات على باب قطفتا
فحمل إلى دار هناك ولم يتكلم الا انه يقول الله الله وقال ادفنوني عند
أبي ثم مات
__________
[1] في الأصل: «الشطب» .
انظر ترجمته في: (الكامل 10/ 90) .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 299) .
[3] «وبلغني أنه» سقطت من ص، ت.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 245)
(18/246)
بعد الظهر وحمل يوم الخميس إلى جامع
المنصور فصلى عليه ولده الأكبر ودفن عند أبيه بمقبرة الرباط عند
الجامع.
4325- محمد بن محمد بن هبة الله بن أحمد ابن الزيتوني، أبو الثناء
[1] .
سمع الحديث ووعظ وانقطع في مسجده وتوفي في رمضان هذه السنة/ ودفن في
زاويته الملاصقة لمسجده.
119/ أ
4326- محمد بن أبي نصر، أبو سعد ابن المعوج حاجب الباب.
قد ذكرنا أنه ضربه الباطنية يوم قتل الوزير وحمل إلى داره بنهر معلى
فدفن بها. [2]
__________
[1] الزيتوني: هذه النسبة إلى اسم الجد وهو أبو القاسم المظفر بن محمد
بن زيتون البغدادي الزيتوني (الأنساب 6/ 339) .
[2] انظر أحداث هذه السنة.
(18/247)
ثم دخلت سنة اربع
وسبعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[تكلم ابن الجوزي بحضور أمير المؤمنين]
أنه كان مفتتحها الثلاثاء فتقدم إلي بالكلام تحت منظرة باب بدر فتكلمت
بكرة وحضر أمير المؤمنين، وتكلمت هناك يوم عاشوراء حضر أمير المؤمنين
وقلت ولو أني مثلت بين يدي السدة [1] الشريفة لقلت يا أمير المؤمنين كن
للَّه سبحانه مع حاجتك إليه كما كان لك مع غناه عنك، أنه لم يجعل احدا
فوقك فلا ترض أن يكون أحد أشكر منك. فتصدق يومئذ أمير المؤمنين عقيب
المجلس بصدقات وأطلق محبوسين.
وانكسف القمر بعد ثلث الليل الأخير ليلة النصف من ربيع الأول فبقي على
حاله إلى ان غاب بعد طلوع الشمس.
وانكسفت الشمس يوم الأربعاء تاسع عشرين ربيع الأول وقت العصر فبقيت إلى
قريب الغروب كذلك.
وولدت امرأة من جيراننا في بطن واحدة ثلاثة أولاد ابن وابنتان فعاشوا
بعض [اليوم وذلك في جمادى الأولى] [2] .
[عمل لوح ينصب على قبر الإمام أحمد بن حنبل]
وفي أوائل جمادى الآخرة تقدم أمير المؤمنين بعمل
لوح ينصب على قبر الإمام أحمد بن حنبل فعمل ونقضت السترة جميعها
وبنيت بآجر مقطوع جديدة وبني لها
__________
[1] في الأصل: «السيدة» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/248)
جانبان/ ووقع [1] اللوح الجديد وفي رأسه
مكتوب هذا أمر بعمله سيدنا ومولانا 119/ ب المستضيء بأمر الله أمير
المؤمنين، وفي وسطه: هذا قبر تاج السنة وحيد الأمة العالي الهمة العالم
العابد الفقيه الزاهد [الإمام] [2] أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل
الشيباني رحمه الله.
وقد كتب تاريخ وفاته وآية الكرسي حول ذلك.
[ووعدت بالجلوس في جامع المنصور فتكلمت يوم الاثنين سادس عشر جمادى
الأولى فبات في الجامع خلق كثير وختمت ختمات واجتمع للمجلس بكرة ما حزر
بمائة ألف وتاب خلق كثير وقطعت شعور ثم نزلت فمضيت إلى زيارة قبر أحمد
فتبعني من حزر بخمسة آلاف] . [3] وفي ليلة السبت حادي عشرين جمادى
الأولى: أطلق تتامش إلى داره وتقدم أمير المؤمنين بعمل دكة بجامع القصر
للشيخ ابن المنى الفقيه الحنبلي جلس فيها يوم الجمعة ثاني عشر جمادى
الآخرة فماتوا أهل المذاهب من عمل مواضع للحنابلة وما كانت العادة قد
جرت بذلك وجعل الناس يقولون لي هذا بسببك فإنه ما ارتفع هذا المذهب عند
السلطان حتى مال إلى الحنابلة إلا بسماع كلامك فشكرت الله تعالى على
ذلك.
ولقد قال لي صاحب المخزن: ما يخرج إلي شيء من عند السلطان فيه ذكرك إلا
يثني عليه [4] وقال له يوما نجاح الخادم: أنت تتعصب [لابن الجوزي] [5]
فقال والله ما يتعصب له سيدك بقدر ما أتعصب له إلا خمسين مرة وما يعجبه
كلام غيره وكان يقول الوزير ابن رئيس الرؤساء ما دخلت قط على الخليفة
إلا جرى ذكر ابن الجوزي وصار لي خمس مدارس وهذا شيء ما رآه الحنابلة
إلا في زمني ولي مائة وثلاثون مصنفا/ الى 120/ أ
__________
[1] في الأصل: «ووضع» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «إلا يثني عليك» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/249)
اليوم وهي في كل فن وقد تاب على يدي أكثر
من مائة ألف وقطعت أكثر من عشرين ألف طائلة ولم ير لواعظ قط مثل مجلسي
جمع الخليفة والوزير وصاحب المخزن وكبار العلماء.
وفي يوم الثلاثاء سلخ جمادى الآخرة: تكلمت بباب بدر وأمير المؤمنين
حاضر والزحام شديد.
وفي بكرة السبت رابع رجب: حضر الناس الدعوة في دار أمير المؤمنين على
رسمهم في كل سنة فأكلوا ودبرت [1] ختمات وقرأ القراء كلهم وعاد للختمة
ابن المهتدي الخطيب وانشد ابن شبيب.
وتكلمت يوم الخميس بعد العصر تاسع رجب تحت المنظرة وأمير المؤمنين حاضر
والزحام شديد والباب مغلق لشدة الزحام [2] وبالغت في وعظ أمير المؤمنين
فمما حكيت له أن الرشيد قال لشيبان عظني فقال يا أمير المؤمنين لأن
تصحب من يخوفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمنك حتى يدركك
الخوف: قال الرشيد [3] فسر لي هذا قال من يقول لك أنت مسئول عن الرعية
فاتق الله أنصح لك ممن يقول أنتم أهل بيت مغفور لكم وأنتم قرابة نبيكم.
فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله.
وقلت له في كلامي يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك وان سكت خفت عليك
فأنا أقدم خوفي عليك لمحبتي لك [4] على خوفي منك.
وتكلمت يوم السبت مفتتح رمضان في مدرستي بدرب دينار فكان الزحام خارجا
عن الحد حتى غلق الأبواب وقصت ثلاثون طائلة وتاب خلق من المفسدين.
وخرج كانون ولم يأت فيه إلا شيء يسير من المطر وخرج كانون الثاني خاليا
عن 120/ ب مطر وكذلك/ خرج شباط وآذار وجاء في نيسان مرة شيء يسير وشاع
في الناس ان في
__________
[1] في الأصل: «وتليت» .
[2] «والباب مغلق لشدة الزحام» سقطت من ص، ت.
[3] «الرشيد» سقطت من ص، ت.
[4] في الأصل: «لمحبتك» .
(18/250)
الموصل الغلاء وفي ما حولها وأنهم استسقوا
فلم يسقوا وأما دجلة فما رأيت فيها زيادة ولا انقطع الجسر طول السنة
وهلك من الزرع ما كان سقيه بالمطر وأجدبت واسط فكانوا ينقلون الطعام من
بغداد إليها فمنع ذلك وصار الخبز الحواري كل ستة أرطال بقيراط والشعير
كل أربعة أرطال بحبة وهم على حذر من الغلاء الشديد هذا والناس يحصدون.
وجاء رجل إلى بغداد في رمضان فذكر أنه يضرب بالسيف والسكين فلا يعمل
فيه ولكن ذكروا أن ذلك سيفه وسكينه خاصة وكان يقول لهم أنا مشعبذ.
وفي ليلة الجمعة رابع عشرين رمضان: كبس بالكرخ على رجل يقال له أبو
السعادات ابن قرايا كان ينشد على الدكاكين ويقال أنه كان يذكر على
العوني [1] وغيره من الرفض فوجدوا عنده كتبا كثيرة فيها سب الصحابة
وتلقيفهم فأخذ فقطع لسانه بكرة الجمعة وقطعت يده ثم حط إلى الشط ليحمل
إلى المارستان فضربه العوام بالآجر في الطريق فهرب إلى الشط فجعل يسبح
وهم يضربونه حتى مات ثم أخرجوه وأحرقوه ثم رمي باقيه إلى الماء فطفا
بعد أيام فقالت العامة ما رضيته السمك وقالت العامة فيه الشعر الكثير
المسمى بكان وكان [فقال بعضهم:
زوروا الشبيك وخلوا ... سرداب سامرا
السنة خل المشبه حامض ... وقعت فيه هراك
ما رأيتم ابن قرايا رأيا ظهر فيه معجزة ان ردت بل وتقدم هذا عقوبة ذاك]
[2] ثم تتبع [3] جماعة من الروافض فجعلوا يحرقون كتبا عندهم من غير أن
يطلع عليها مخافة أن ينم عليهم وخمدت جمرتهم بمرة وصاروا أذل من
اليهود.
وفي ليلة السبت تاسع/ عشرين رمضان: حضر الجماعة على طبق صاحب 121/
أالمخزن فتكلم ابن البغدادي الفقيه فقال ان عائشة قاتلت عليا عليه
السلام فصارت من جملة البغاة فتقدم صاحب المخزن بإقامته من مكانه ووكل
به في المخزن وكتب إلى أمير
__________
[1] في الأصل: «كان يذكر شعر بن العربيّ» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في ص: «ثم ريع» .
(18/251)
المؤمنين بذلك فخرج التوقيع بتعزيره فجمع
الفقهاء فقيل لهم ما تقولون فيما قال؟ وهل يجوز أن يترك تعزيره إذا أقر
بالخطأ؟ فجعل هو يناظر على ما قال والفقهاء يردون ما يقول فقلت أنا من
بين الجماعة هذا رجل ليس له علم بالنقل وقد سمع أنه جرى قتال ولعمري
لقد جرى قتال ولكن ما قصدته عائشة ولا علي إنما أثار الحرب سفهاء
الفريقين ولولا علمنا بالسير لقلنا مثل ما قال وتعزير مثل هذا أن يقر
بالخطأ بين الجماعة ويصفح عنه، فكتب إلى أمير المؤمنين بذلك فوقع إذا
كان قد أقر بالخطأ فيشترط عليه أن لا يعاود ثم أطلق.
وجاء الخبر: بقلة الماء في طريق مكة وبعدم العشب والجمال فنودي في
الناس لا يخرج ماش ولا صاحب تجارة فقعد خلق كثير ورجع قوم قد قدموا من
الموصل للحج فعادوا يبيعون زادهم وخرج من خرج على خوف ومخاطرة وعاد
جماعة من الحلة ونزل أكثرهم في السفن فخرج عليهم عرب فأخذوا أكثر
الأموال وقتل منهم قوم وشاع أنه قدم قوم من الباطنية يريدون قتل قوم من
الأكابر فوقع الاحتراز وحكى لي ثقات ان الأرض 121/ ب زلزلت بعد العصر
يوم السبت ثاني عشر ذي القعدة/ أربع مرات ولم أحس أنا بذلك.
ومما جرى في هذا الشهر أن رجلا تاجرا أكرى مع مكارية من الموصل وكان
معه ألف دينار فعلم بها المكارية فسرقوها في الطريق فلم يتكلم حتى دخل
بغداد فاستعدى عليهم فأحضرهم صاحب المخزن فأقر أحدهم أني أنا أخذتها
وهي مدفونة في الياسرية فبعث فجيء بها فنقصت خمسين دينارا فطولب فقال
هي مع قرابة لي فقال صاحب المخزن احبسوا هذا حتى نصلبه غدا فقام الرجل
في الليل فصلب نفسه.
وفي ليلة الثلاثاء تاسع عشرين ذي القعدة: هبت ريح شديدة وغامت السماء
نصف الليل وظهرت أعمدة مثل النار في أطراف السماء كأنها تتصاعد من
الأرض فاستغاث الناس استغاثة شديدة وبقي الأمر على ذلك إلى ضحوة [1] ذي
الحجة ولم ير الهلال ليلة الثلاثين [2] فأرخ الناس الشهر بالجمعة على
التمام وكان الهلال زائدا على الحد في الكبر والعلو فجعلنا ندهش من
كبره.
__________
[1] في الأصل: «إلى سحره» .
[2] في ص: «ليلة الثلاثاء» .
(18/252)
ومن العادة أن أول رمضان هو يوم الأضحى
وهذا ليس كذلك فبقي الأمر على هذا يوم الجمعة إلى يوم الجمعة قبل
الصلاة فوصل من بعض البلاد ما أوجب أن علم الناس ان اليوم يوم عرفة
فأخرج المنبر وهيئت أمور العيد وتقدم إلى بالجلوس عشية الجمعة فجلست
للتعريف بباب بدر وأمير المؤمنين حاضر.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4327-/ أحمد بن عيسى بن أبي غالب، أبو العباس الأبروزي [1] الضرير.
122/ أقرأ القرآن وسمع الحديث وتفقه وناظر وكان فيه دين توفي يوم
الجمعة عاشر رجب وصلى عليه يومئذ بجامع القصر ودفن بمقبرة أحمد ابن
حنبل.
4328- سعد بن محمد [بن سعد] [2] ، أبو الفوارس الصيفي الناقد الشاعر،
ويلقب: بالحيص بيص.
سمع شيئا من الحديث ومدح الأكابر وتقدم عندهم على الشعراء ومن شعره
يمدح الوزير علي بن طراد:
ما أنصفت بغداد ناشئيها الذي ... كثر الثناء به على بغداد
شاني إذا مد الجدال رواقه ... بصوارم غير السيوف حداد
وجرت بأنواع العلوم مقالتي ... كالسيل مد إلى قرار الوادي
وذعرت ألباب الخصوم بخاطر ... يقظان في الإصدار والإيراد
فتصدعوا متفرقين كأنهم ... مال تفرقه يد ابن طراد
وقال أيضا:
/ كل ما أوسعت حلمي جاهلا ... أوسع الجهل له فحش المقال 122/ ب
__________
[1] في الشذرات: «الأبرودي الجبابيني» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 246) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ص.
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 247. والبداية والنهاية 12/ 301، 302.
والكامل 10/ 93) .
(18/253)
وإذا شاردة فهت بها ... سبقت مر النعامي
والشمال
عز بأسي أن أرى مضطهدا ... وأبى لي غرب عزمي أن أبالي
لا تلمني في شقائق بالعلا ... رغد العيش لربات الحجال
سيف عز زانه رونقه ... فهو بالطبع غني عن صقال
توفي ليلة الأربعاء سادس عشر شعبان هذه السنة.
4329- شهدة بنت أحمد بن عمر الإبري المدعوة: فخر النساء الكاتبة
[1] .
سمعت الحديث من ابن السراج وطراد وغيرهما وقرأت عليه كثيرا وكان لها خط
حسن وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة وعاشت مخالطة للدار ولأهل العلم وكان
لها بر وخير وقرئ عليها الحديث سنين وعمرت حتى قاربت المائة وتوفيت
ليلة الاثنين رابع 123/ أعشر المحرم وصلي عليها بجامع القصر وأزيل شباك
المقصورة لأجلها/ وحضرها خلق كثير وعامة العلماء ودفنت بمقبرة باب
ابرز.
4330- عمار بن سلامة، أبو البقاء الحراني
[2] كان من أماثل التجار كثير الصدقة ملازما لمجلس الذكر [3] كثير
الخشوع والبكاء متعصبا لأهل السنة مبالغا في حب أصحاب أحمد بن حنبل مرض
ثلاثة أيام.
وتوفي ليلة الأحد ثالث عشر محرم هذه السنة وصليت عليه بمدرستي بدرب
دينار وحضر خلق كثير ودفن بمقبرة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
__________
[1] «المدعوة فخر النساء الكاتبة» سقطت من ت.
انظر ترجمتها في: (شذرات الذهب 4/ 248. والكامل 10/ 94) .
[2] الحراني: حران بلدة من الجزيرة كان بها ومنها جماعة من الفضلاء
والعلماء في كل علم وفن وهي من ديار ربيعة (الأنساب 4/ 96) .
[3] من ت: «ملازما لمجلسي» .
(18/254)
الخاتمة
[والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، والحمد للَّه وحده،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما
كثيرا] [1] .
تم الجزء الثامن عشر من «المنتظم في أخبار الأمم» جمع الشيخ الإمام
الحافظ جمال الدين ناصر السنّة أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن
علي بن الجوزي.
وبتمامه تم الكتاب، غفر الله له ولمن استكتب وكتب، ولجميع المسلمين
وكان الفراغ منه في اليوم الأول من شهر رمضان المعظم قدره سنة ست
وثمانمائة، أحسن الله نقضها بخير وعافية بمنه وكرمه، والحمد للَّه رب
العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم
الوكيل. [2]
__________
[1] ما بين المعقوفتين من ص فقط.
[2] ومن نسخة ص:
«تم الجزء الثامن من الكتاب «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، بتمامه
وكماله، تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي
بن محمد بن علي بن الجوزي، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين، وكان
الفراغ من تعليق جملته يوم السبت حادي عشرين ذي القعدة الحرام سنة أربع
وخمسين وثمانمائة، أحسن الله عاقبتها في خير، والحمد للَّه رب
العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه تسليما كثيرا دائما
أبدا إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل» .
وفي نسخة ت: «تم الكتاب» .
وفي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي، «انتهى تاريخ جدي المسمى بالمنتظم في
هذه السنة، وله تاريخ صغير سماه «درة الإكليل» فيه من هذه السنة إلى أن
حمل إلى واسط في سنة تسعين وخمسمائة، غير أنه لم يستقص فيه الحوادث،
ويقال ان منه دخل عليه الحادث، والله أعلم» .
(18/255)
|