تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

ـ[تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام]ـ
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
المحقق: عمر عبد السلام التدمري
الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت
الطبعة: الثانية، 1413 هـ - 1993 م
عدد الأجزاء: 52
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

(0/)


[المجلد الأول (السيرة النبوية) ]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدّمة التّحقيق
إنّ الحمد للَّه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه، من بعثه في الأمّيّين رسولا، وجاهد في الله حقّ جهاده، وبعد فيعتبر كتاب «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» أهمّ ما صنّفه الحافظ المؤرّخ الثقة شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبيّ، المولود بدمشق في الثالث من شهر ربيع الآخر سنة 673 هـ-. والمتوفّى بها ليلة الثالث من شهر ذي القعدة سنة 748 هـ-. كما يعتبر كتابه هذا من أهمّ الكتب الموسوعيّة الضخمة التي صنّفها المؤرّخون المسلمون، وهو كتاب تاريخ وتراجم معا، وبهذا يختلف عن الموسوعة الضخمة الأخرى للمصنّف، المعروفة ب «سير أعلام النبلاء» .
وأجدني لست بحاجة إلى التعريف بالحافظ المؤرّخ الذهبيّ، فهو أشهر من أن يعرّف، ولن أزيد في هذا المجال على ما كتبه الصديق البحاثة الأستاذ الدكتور بشّار عوّاد معروف في تقديمه ل «سير أعلام النبلاء» وقد كفانا المحقّق الفاضل أيضا مئونة البحث في المنهج الّذي اتّبعه الذهبيّ في تدوين «تاريخ الإسلام» ، وذلك ببحثه القيّم عن «الذهبيّ ومنهجه في تاريخ الإسلام» والّذي كان موضوع رسالته التي نال عليها درجة الدكتوراه.

(1/1)


وإذا كان لي ما أقوله في هذه المقدّمة المتواضعة، فإنّني أودّ التنويه ببعض النّقاط التي أراها أساسية، وهي:
إنّ «تاريخ الإسلام» يتفوّق على «سير أعلام النّبلاء» بالكمّيّة الهائلة التي يحتوي عليها من التراجم، فضلا عن أنّه يتميّز بذكر الأحداث الحوليّة. وإذا كانت التراجم في كتاب «السير» تقتصر على «الأعلام النّبلاء» - كما نصّ المؤلّف على ذلك في عنوانه- فإنّ التراجم في «تاريخ الإسلام» لا تقتصر على «المشاهير والأعلام» كما يقول العنوان، وإنّما تضمّ رجالا غير مشاهير، بل إن البعض منهم يعتبرون من المجاهيل.
هذا، مع الإشارة إلى أنّ «الذهبيّ» لم يترجم للخلفاء الراشدين الأربعة- رضوان الله عليهم- في «سير أعلام النبلاء» ، وهم أشهر المشاهير، بينما أفرد لهم جزءا خاصا في «تاريخ الإسلام» .
وبالمقارنة بين «تاريخ الإسلام» وكتابي «تاريخ بغداد» ، و «تاريخ دمشق» ، وغيرهما من كتب الرجال، نجد «الذهبيّ» يتفرّد في «تاريخ الإسلام» بتراجم لأعلام لا نجد ذكرا لهم عند غيره، مما يعني أنّه وقف على أسانيد ورسائل ومشيخات لم يسبقه إليها «الخطيب البغدادي» ولا «ابن عساكر الدمشقيّ» ولا غيرهما ممّن عني بالسير والتراجم، رغم تقدّم عصرهم.
وهناك ميزة أخرى عند «الذهبيّ» ، لا نجدها عند «الخطيب» و «ابن عساكر» ، وهي إشارته إلى روايات الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين في كتب الصّحاح بالرموز التي اعتمدها عند أوّل كل ترجمة.
أمّا عن تقديم «المغازي» على «السيرة النّبويّة» ، فهذا يرجع إلى المنهجيّة التي انتهجها «الذهبيّ» في تأليف «تاريخ الإسلام» ، فهو يعرض للأخبار والوقائع والأحداث التي أسهم فيها صاحب الترجمة، قبل أن يترجم له ويؤرّخ وفاته، أو يتناول سيرته الذاتية. ومن هذا المنطلق في المنهجية، فقد قدّم

(1/2)


«مغازي النبيّ» على «الترجمة النّبويّة، ولذا كانت «المغازي» في الجزء الأول، «والسيرة النبويّة» في الجزء الثاني، ثم سيرة الخلفاء الراشدين، في الجزء الثالث ...
وممّا تجدر الإشارة إليه، أنّ الأجزاء الأوائل من «تاريخ الإسلام» تعتبر أقلّ الأجزاء كميّة للتراجم، وقد أوضح «الذهبيّ» هذه الظاهرة في حوادث السنة الأولى للهجرة، حيث يقول:
« ... والسبب في قلّة من توفّي قلّة فِي هَذَا الْعَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ السِّنِينَ، أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَلِيلِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِبَعْضِ الْحِجَازِ، أَوْ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ. وَفِي خِلَافَةِ عُمَرَ- بَلْ وَقَبْلَهَا- انْتَشَرَ الْإِسْلَامُ فِي الْأَقَالِيمِ، فَبِهَذَا يَظْهَرُ لَكَ سَبَبُ قِلَّةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَسَبَبُ كَثْرَةِ مَنْ توفّي في زمان التابعين ممّن بعدهم» .
وقد اعتمدت في تحقيق هذا الجزء على النّسخ المخطوطة التالية:
1- نسخة مكتبة أياصوفيا رقم (3005) تاريخ.
2- نسخة حيدرآباد.
3- نسخة الأمير عبد الله الفيصل المنقولة عن نسخة دار الكتب المصرية رقم 42 تاريخ. وقد اتخذت من نسخة مكتبة أياصوفيا أصلا اعتمدت عليه في التحقيق لأنها بخطّ المؤلّف- رحمه الله-، وقد أشرت في الحواشي إلى نسخة حيدرآباد بحرف «ح» ، وإلى نسخة الأمير عبد الله بحرف «ع» .
كما استعنت ب «مختصر تاريخ الإسلام» لابن الملّا، معتمدا على نسخة مخطوطة بالمكتبة الأحمدية بحلب، ذات الرقم (1219) .
وكان الباحث «حسام الدين القدسيّ» - رحمه الله- قد حقّق «المغازي» و «السيرة النبويّة» معتمدا على النّسخ المذكورة أعلاه، ونشرها

(1/3)


في سنة (1367 هـ. / 1947 م) ، وجاء تحقيقه «لا جيّدا ولا رديئا» - كما يقول الدكتور بشّار عوّاد معروف، في دراسته عن الذهبيّ ومنهجه في تاريخ الإسلام.
ولا أخفي أنّني استعنت بالجزء المطبوع الّذي يستر لي مئونة العودة إلى الأصول المخطوطة، كما استفدت من تعليقات «القدسي» في الحواشي، فأبقيت أغلبها، وزدت على بعضها في التعليق، زيادة في التوضيح، وأضفت حواشي جديدة لا بدّ منها ليأتي التحقيق أقرب إلى الكمال- وليس هو الكمال مطلقا- فهذا أمر لا أدّعيه. وقد عملت جهدي في تصويب بعض الأخطاء والأوهام التي وقعت في طبعة «القدسي» ، ونبّهت إليها في الحواشي. كما قمت بتخريج الأحاديث النبويّة الشريفة، وأحلت إلى المصادر الأساسية لتوثيق متن المؤلّف، وصنعت عدّة فهارس لهذا الجزء تساعد الباحثين وتيسّر لهم الوقوف على ما يريدونه من مواضيع محدّدة، واشتملت الفهارس على: فهرس أوائل الآيات الكريمة، وأوائل الأحاديث الشريفة، وأوائل الأشعار، وفهرس أعلام الرجال، وأعلام النساء، وفهرس الأصنام، وفهرس الأمم والشعوب والقبائل والطوائف، وفهرس الأيام، وفهرس المصطلحات، وفهرس الأماكن والبلاد، وفهرس المصادر والمراجع التي اعتمدتها في التحقيق ...
وقد أبقيت في المتن على ترقيم أوراق نسخة الأصل المخطوطة في أياصوفيا، مع التنبيه إلى أنّ هناك نقصا في هذه النسخة، عملت على استدراكه من نسختي حيدرآباد والأمير عبد الله، ومن «مختصر» ابن الملّا أيضا. وأضفت أحيانا بعض العبارات على الأصل نقلا عن مصادر أخرى، مثل «سيرة ابن هشام» ، أو «تاريخ الطبري» أو «السيرة النبويّة» لابن كثير، وغيره، ووضعت الإضافة بين حاصرتين [] ، أمّا الآيات القرآنية فهي بين هلالين كبيرين () ، وقمت بضبط وتحريك الكثير من أسماء الأعلام، ومن المفردات التي يستشكل في قراءتها، مع شرح معاني الألفاظ التي يغمض فهمها، في الحواشي.

(1/4)


راجيا من الله أن يتقبّل عملي هذا، وأن يعصمني من الكبر والزّهو، وله الحمد أولا وآخرا.
عمر عبد السّلام تدمري طرابلس الشام 22 من رجب الفرد 1406 هـ.
أول نيسان (أبريل) 1986 م.

(1/5)


نصّ الوقفيّة التي في نسخة الأصل
الحمد للَّه حقّ حمده. وقف وحبس وسبل المقرّ الأشرف.
العالي الجمالي محمود أستاددار العالية الملكي الظاهريّ أعزّ الله تعالى أنصاره جميع هذا المجلّد وما قبله وما بعده من المجلّدات من تاريخ الإسلام للذهبيّ بخطّه وعدّة ذلك أحد وعشرون مجلّدا وقفا شرعيا على طلبة العلم الشريف ينتفعون به على الوجه الشرعيّ وجعل مقرّ ذلك بالخزانة السعيدة المرصدة لذلك بمدرسته التي أنشأها بخطّ الموازين بالقاهرة المحروسة. وشرط الواقف المشار إليه أن لا يخرج ذلك ولا شيء منه من المدرسة المذكورة برهن ولا بغيره، وجعل النّظر في ذلك لنفسه أيام حياته، ثم من بعده لمن يؤول إليه النظر على المدرسة المذكورة على ما شرح في وقفها وجعل لنفسه أن يزيد في شرط ذلك وينقص ما يراه دون غيره من النّظّار.
جعل ذلك لنفسه في وقف المدرسة المذكورة. فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ على الذين يبدّلونه.
إنّ الله سميع عليهم، بتاريخ الخامس والعشرين من شعبان المكرّم سنة سبع وتسعين وسبع مائة. وحسبنا الله.
شهد بذلك عبد الله بن علي ...
عمر بن عبد الرحمن البرماوي

(1/7)


القراءة والسّماع في نسخة الأصل
قرأت هذه المجلّدة، وهي الجزء الثاني من تاريخ الإسلام.
على كاتبه ومؤلّفه شيخنا الإمام الحافظ العلّامة قدوة المؤرّخين حجّة المحدّثين شمس الدّين أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان الذهبي، أدام الله الإمتاع بفوائده، في ثمانية عشر ميعادا، آخرها تاسع عشر ربيع الأوّل سنة 735 وسمعها كاملة فتاي طيدمر بن عبد الله الرومي، ومن أول الترجمة النبويّة إلى آخر ترجمة عيينة بن حصن، وسمع بعض ذلك في مياعيد مفرّقة جماعة ذكرتهم في البلاغات على الهامش، وأجازنا رواية ذلك عنه أجمع وكتب خليل بن أبيك بن عبد الله الشافعيّ الصّفديّ، حامدا ومصلّيا.
وفي أعلى الصفحة
فرغه نسخا وقراءة عبد الرحمن ... طالعة وانتقاه وما قبله
بن محمد البعليّ داعيا لجامعه ... إبراهيم بن يونس البعلبكيّ الشافعيّ
أنهاه تعليقا طالعة فرّغ تراجمه ترتيبا البدر البشتكيّ يوسف الكرماني محمد بن السخاويّ ختم له بخير

(1/8)


النّسخ المعتمدة في التحقيق لهذا الجزء
1- مخطوطة مكتبة أياصوفيا باسطنبول رقم 2005 وهي بخطّ المؤلّف- رحمه الله- وبقراءة خليل بن أيبك الصفدي المؤرّخ. وقد اعتمدناها أصلا.
2- مصوّرة مكتبة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن الفيصل. (رمزها:
ع) .
3- مصوّرة المنتقى من تاريخ الإسلام لابن الملّا. وهو بخطّه. نسخة المكتبة الأحمدية بحلب.
4- الجزء المطبوع من «الترجمة النّبويّة» . بتحقيق حسام الدين القدسي- رحمه الله-.

(1/9)