ثلاث نُسَخ. ولم يخلّف وارثًا.
وكان يسكن بدرب حبيب ببغداد.
وله شعر جيّد، فمنه:
عَنَّتِ الدُّنيا لطالبها ... واسْتراح الزّاهد الفطِن
كُلُّ مَلْكٍ نال زُخْرُفَها ... حسْبُهُ ممّا حوى كَفَن
يَقْتَني مالًا ويتركُهُ، ... في كِلا الحالتين مُفْتَتَنُ
أكره الدُّنيا وكيفَ بها، ... والذي تسخو بِهِ وَسَنُ
لم تدُمْ قبلي عَلَى أحدٍ، ... فلماذا الهمُّ والحَزَنُ؟
توفي فجأة في ذي الحجّة.
وقيل: تُوُفّي سنة تسع وتسعين.
وسيأتي في سنة ثمان عشرة ابن الخازن الشّاعر الكاتب.
32- حَمْد بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن حَنّة. أبو أحمد المعبّر،
إصْبهانيّ، فقيه، مشهور.
سَمِعَ: أبا الوليد الحَسَن بْن محمد الدَّربَنْديّ، وأبا طاهر بْن
عَبْد الرحيم الكاتب، وأحمد بْن محمد بْن النُّعْمان الصّائغ،
ومنصور بْن الحسين سِبْط بحروَيْه، وجماعة.
وأملى عدّة مجالس.
روى عنه: أبو طاهر السلفي، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد
الخِرَقيّ، وآخرون.
قَالَ السّلَفيّ: ذكره ابن نُقْطة فقال: خرَّج لَهُ إسماعيل بْن
محمد بْن الفُضَيْل الحافظ فوائده. وكان يؤم في الجامع الأعظم ثلاث
صَلَوات، ويُفتي، ويعبّر الرؤيا.
وكان مِن شيوخ الصُّوفيّة. قَالَ لي إسماعيل بْن محمد بْن
الفُضَيْل: النّزول عَنْ أَبِي الصّلْت الطّهراني، ومحمد بْن
عزيزة، وحمْد بْن حنّة، أحبّ إليّ مِن العلو عمن سواهم فهم لا
يدرون ما يروون.
(35/39)
"حرف الزاي":
33- زيد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ
عَلِيِّ بْن الحُسَيْن بْن حَسَن بْن القاسم بْن محمد بْن القاسم
بْن الحَسَن بْن زيد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ1.
أبو هاشم الحُسَيْنيّ الهَمَذَانيّ، رئيس البلد وأميره.
روى عَنْ أَبِي سعْد جامع بْن محمد الأديب حديثًا واحدًا.
وكان هَيُوبًا، مُطاعًا، سائسًا. جمع الأموال، وظلم، وعسَف. وكان
يطرح الشّيء الَّذِي يساوي درهمًا بثلاثة دراهم وأكثر. واستعبد
الناسُ، وعُمّر دهرًا.
تُوُفّي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة. وهو ابن بِنْت الصّاحب
إسماعيل بْن عبّاد.
"حرف الصاد":
34- صاعد بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن2.
أبو العلاء الْبُخَارِيّ، القاضي.
قَالَ السّمعانيّ: هُوَ مِن أهل إصبهان، الإمام المقدَّم في زمانه
عَلَى أقرانه فضلًا، وعلمًا، وزهدًا، وتواضعًا.
تفقَّه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة حتّى صار مفتي إصبهان.
سمع مِن أصحاب ابن المقرئ ولقي ببغداد ابن النَّقُّور، وبمكّة أبا
عليّ الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ.
قُتِل في جامع إصبهان يوم عيد الفِطْر وله خمسٌ وخمسون سنة. قتله
باطِنيّ.
"حرف الطاء":
35- طاهر بْن سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخيْر3. أبو الفتح
الميهني. والد أحمد. وأبي القاسم.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 473، 474".
2 المنتظم "9/ 160"، والكامل في التاريخ "10/ 472"، وشذرات الذهب
"4/ 4".
3 معجم البلدان "5/ 247"، والكامل في التاريخ "11/ 123".
(35/40)
كَانَ مِن أهل الخير، ومن بيت المشيخة
والتَّصُوّف. أقام ببغداد مدّة يسمع ويطلب، وسافر الكثير، ولقي
الكبار.
وسمع مِن: جدّه الشَّيْخ أَبِي سَعِيد فضل الله، وخلف بْن أحمد
الأبيوَرديّ، وأبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي عليّ الحَسَن بْن غالب
المقرئ البغداديّ، وأبي الغنائم بْن المأمون.
روى عَنْهُ: أبو شجاع عُمَر بْن محمد البِسْطاميّ، وغيره.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
وكان ذا تعبّد وتألُّه وخير.
"حرف العين":
36- عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم. أبو عليّ
الدّيَنَوريّ، المؤذّن.
حدث عن: عَبْد الرّزّاق بْن الفُضَيْل الكَلاعيّ.
سَمِعَ منه: سهل بْن بِشْر مَعَ تقدُّمه، وأبو محمد بْن صابر.
37- عَبْد الله بْن سَعِيد بْن حَكَم1. الزّاهد، أبو محمد
القُرْطُبيّ، المقتليّ.
قرأ القرآن عَلَى أَبِي محمد مكّيّ بْن أَبِي طَالِب. وكان آخر مِن
قرأ عَليْهِ.
وكان أحد العُبّاد الزُّهّاد، المتبرَّك بهم.
38- عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن أَحْيَد2. أبو القاسم
الكُشانيّ، الخطيب.
ثقة، إمام، مشهور. أملى مدة سِنين، وطال عمره.
سَمِعَ: محمد بْن الحَسَن الباهليّ، وعليّ بْن أحمد
السَّنْكَبَاثيّ3، وأبا سهل عَبْد الكريم الكَلاباذيّ، وأبا نصر
أحمد بْن عَبْد الله بْن الفضل، وعبد العزيز بن أحمد الحلواني.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 290، 291".
2 الأنساب "10/ 433، 434".
3 السنكباثي: نسبة إلى سنكباث، وهي قرية من قرى أربنجن بسمرقند
"الأنساب 7/ 172".
(35/41)
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ إبراهيم بْن
يعقوب الكُشَانيّ، وأبو العلاء آصف بْن محمد النسفيّ، وعطاء بْن
مالك النّقّاش، وآخرون كثيرون بما وراء النَّهر.
وُلِد في حدود سنة عشر وأربعمائة.
وتوفي في رجب.
39- عَبْد الله بْن يحيى1. أبو محمد التُّجَيْبيّ، الأندلسيّ،
الأُقليشيّ، ويعرف بابن الوَحْشيّ.
أخذ القراءات بطُلَيْطلَة عَنْ أَبِي عَبْد الله المَغَاميّ.
وسمع مِن: خازم بْن محمد، وأبي بَكْر بْن جُمَاهر.
وكان مِن أهل المعرفة والذّكاء. واختصرَ كتاب "مُشْكل القرآن" لابن
فُورَك، وولي أحكام أُقْليش.
40- عَبْد الله بْن أَبِي بَكْر2. أبو القاسم النَّيْسابوريّ،
البزّاز، الفقيه شيخ الحنفية في عصره، ومُناظرهم، وواعظهم.
سَمِعَ مِن: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسي، وغيره، وأبي
طاهر محمد بْن عليّ الإسماعيلي الْبُخَارِيّ، سَمِعَ منه
"الشّمائل".
قَالَ: أنبا إبراهيم بْن خَلَف، أَنَا الهيثم الشّاشيّ، ثنا
التّرْمِذيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
41- عَبْد الباقي بْن محمد بْن سَعِيد بْن أصْبَع3. أبو بَكْر
الأنصاريّ، الحجازيّ، الأندلسيّ، ويُعرف بابن بُريال.
روى عَنْ: المنذر بْن المنذر، وهشام بْن أحمد الكِناني، وابن عم
الطَّلَمَنْكيّ، والقاسم بْن فتح.
وكان نبيلًا، حافظًا، ذكيًا، شاعرًا، محسنًا.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 291"، ومعجم البلدان "1/ 237".
2 المنتخب من السياق "288"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "رقم
428".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 385".
(35/42)
قَالَ ابن بَشْكُوال: ثنا عَنْهُ غير واحدٍ
مِن شيوخنا. وتُوُفّي في شَعْبان ببَلنْسِية. وكان مولده سنة ست
عشرة وأربعمائة.
قلت: أخذ عَنْهُ ابن العريف وله سماع أيضًا مِن أَبِي عُمَر بْن
عَبْد البَرّ، عرضَ عَليْهِ القرآن.
42- عَبْد الواحد بْن إسماعيل بْن أحمد بْن محمد1. أبو المحاسن
الرُّويَانيّ2، الطَّبَريّ، فخر الإسلام، القاضي؛ أحد الأئمّة
الأعلام.
لَهُ الجاه العريض، والقَبُول التّامّ في تِلْكَ الدّيار.
سَمِعَ: أبا منصور محمد بْن عَبْد الرحمن الطبري، وأبا محمد عبد
الله بْن جعفر الخبّازيّ، وأبا حفص بْن مسرور، وأبا بَكْر عَبْد
المُلْك بْن عَبْد العزيز، وأبا عَبْد الله محمد بْن بيان الفقيه،
وأبا غانم أحمد بن علي الكراعي، وعبد الصّمد بْن أَبِي نصر
العاصميّ الْبُخَارِيّ، وأبا نصر أحمد بْن محمد البلْخيّ، وأبا
عثمان الصّابونيّ، وجدّه أبا العبّاس أحمد بْن محمد بن أحمد
الروياني، وتفقه عليه.
وسمع بمَرْو، وغَزْنَة، وببُخارى مِن طائفة.
روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ وأبو رشيد إسماعيل بْن غانم، وأبو
الفتوح الطّائيّ، وعبد الواحد بْن يوسف، وإسماعيل بْن محمد
التَّيْميّ الحافظ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وجماعة كثيرة.
وُلِد في ذي الحجّة سنة خمس عشرة وأربعمائة، وتفقَّه ببُخارى مدّة،
وبرع في المذهب، حتّى كَانَ يَقُولُ فيما بَلَغَنَا: لو احترقت
كُتُب الشّافعيّ أَمْلَيتها مِن حِفْظي3.
وله مصنفات في المذهب ما سبق إليها منها: كتاب "بحر المذهب" وهو من
أطول كُتُب الشّافعيّة، وكتاب "مناصيص الشّافعيّ"، وكتاب "الكافي"،
وكتاب "حِلْية المؤمن". وصنَّف في الأُصول والخلاف.
وكان قاضي طبرستان.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 260-262"، والبداية والنهاية "12/ 170".
2 الروياني: نسبة إلى رويان بلدة بنواحي طبرستان "الأنساب 6/ 189".
3 الكامل في التاريخ "10/ 473".
(35/43)
قَالَ السّلَفيّ: بَلَغَنَا أَنَّهُ أملى
بآمُل، وقُتِل بعد فراغه مِن الإملاء، بسبب التّعصُّب في الدّين،
في المحرَّم.
قَالَ: وكان العماد محمد بْن أَبِي سعْد صدر الرَّيّ في عصره
يَقُولُ: القاضي أبو المحاسن، شافعيّ عصره.
وقال مَعْمَر بْن الفاخر: قتل بجامع أمُل يوم الجمعة ثالث عشر
المحرَّم؛ قَتَلَتْه الملاحدة. وكان نظام المُلْك كثير التّعظيم
لَهُ.
رُويان: بلدة بنواحي طَبَرِسْتان.
43- عَبْد الواحد بْن محمد بْن عُمَر بْن هارون1. الفقيه أبو عُمَر
الوَلاشْجِرْدِيّ.
وولاشْجِرْد مِن قرى كِنكْوَر2، وهي قرية مِن هَمَذَان.
كَانَ فقيهًا، دَيّنًا، خيّرًا.
سَمِعَ ببغداد في رحلته مِن: أَبِي الحُسَيْن بْن المهتدي بالله،
والصّرِيفِينيّ، والخطيب.
وتُوُفّي بكِنْكَوِر.
44- عُبَيد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّه3. أبو إسماعيل
الخطيبيّ الفقيه، قاضي القُضاة بإصبهان.
سَمِعَ عَبْد الرّزّاق بْن شَمَة.
روى عَنْهُ السّلَفيّ: وقال: قُتِل بهَمَذَان شهيدًا، وأنا بها، في
صَفَر رحمه الله. قتلته الباطنيّة.
45- عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن أَحْيَد4. الخطيب،
العالم، أبو القاسم الكشاني.
__________
1 الأنساب "12/ 299"، ومعجم البلدان "5/ 383"، واللباب "3/ 377".
2 كنكور: بليدة بين همذان وقرميسين "معجم البلدان 4/ 484".
3 المنتظم "9/ 160"، والكامل في التاريخ "10/ 471، 472"، والعبر
"4/ 24".
4 تقدمت ترجمته برقم "38".
(35/44)
ثقة، مُكْثِر، مَعْمَر، وُلِد في حدود سنة
عشر وأربعمائة، وروى الكثير. وأملى عَنْ: محمد بْن الحَسَن
الباهليّ، وعليّ بْن أحمد بْن ربيع الشَّنْكباثيّ، وأبي سهل عبد
الكريم الكلاباذي، وطائفة.
وعنه: إبراهيم بْن يعقوب الكُشانيّ، وأبو العلاء أحفُ بْن محمد
الخالديّ، وعطاء بْن مالك بْن أحمد النّقّاش، وأبو المعالي محمد
بْن نصر المَدِينيّ، وآخرون.
مات في سادس عشر رجب عَنْ نيّفٌ وتسعين سنة.
46- عُبَيْد الله بْن محمد بْن طلحة1. الدّامَغَانيّ2، القاضي، ابن
أخت قاضي القُضاة أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ الدّامَغَانيّ.
شهد عند خاله في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وولي قضاء ربع
الكَرْخ سنة سبعين.
وكان صالحًا، ورِعًا، عفيفًا.
سَمِعَ: أبا القاسم التّنُوخيّ، وعبد الكريم بْن محمد بْن
المَحَامِليّ.
روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعمر بن ظفر، وأبو طاهر السلفي.
وتوفي في صَفَر.
وكان مولده بالدّامغان سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة.
47- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن الإخوة3. المحدّث، المفيد، أبو
الحَسَن البيّع، الحريميّ.
مِن كبار المحدّثين.
سَمِعَ: الخطيب، وأبا الغنائم بْن المأمون، وغيره.
انتقى عليه أبو علي البَرَدانيّ.
وكتب عَنْهُ: أبو عامر العَبْدَريّ، وابن ناصر.
مات كهلًا.
__________
1 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "1/ 124، 125".
2 الدامغاني: بلدة من بلاد قومس "الأنساب 5/ 259".
2 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "3/ 102، 103".
(35/45)
48- علي بْن الحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه
بْن عُرَيْبَة1. أبو القاسم الرَّبَعيّ، البغداديّ.
تفقَّه عَلَى أقضى القُضاة، أَبِي الحَسَن المَاوَرْديّ، وأبي
الطَّيّب الطَّبَريّ.
ولم يبْرع في المذهب.
ثمّ صحِب أبا عليّ بْن الوليد وغيره مِن شيوخ المعتزلة، وأخذ
عَنْهُمْ.
وقد سَمِعَ: أبا القاسم بن بشران، وأبا الحسين بْن مَخْلَد
البزّار.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن منصورٍ السّمعانيّ، وعَبْد
الخالق بْن أحمد اليُوسُفيّ، وأبو طاهر السّنْجيّ، وابن ناصر، وأبو
طاهر السّلَفيّ، وأبو محمد بْن الخشّاب النَّحْويّ، وشُهْدَة.
قَالَ شُجاع الذُّهْليّ: كَانَ يذهب إلى الاعتزال.
وقال أبو سعْد السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا المَعْمَر الأنصاريّ إنْ
شاء الله، أو غيره يذكر أنّه رجع عَنْ ذَلِكَ، وأشهد المؤتمن
السّاجيّ وغيره عَلَى نفسه بالرجوع عَنْ رأيهم، والله أعلم.
قَالَ: وسمعت عليّ بْن أحمد اليَزْديّ يَقُولُ: قَالَ لي أبو
القاسم الربعي: ولدت في سنة أربع عشرة وأربعمائة.
تُوُفّي في ثالث وعشرين رجب.
49- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن2. أبو الحَسَن السّمِنْجَانيّ،
الفقيه. أحد الأئمّة.
تفقَّه ببُخارى عَلَى أَبِي سهل الأبيوردي.
وسمع مِن: محمد بْن عَبْد العزيز القَنْطَريّ، وغيره.
روى عَنْهُ: تامر بْن عليّ الصُّوفيّ، وإسماعيل بْن محمد الحافظ،
والسّلَفيّ.
تُوُفّي فِي شَعْبان.
50- علي بْن عَبْد الوهاب بْن موسى. أبو الكرم الهاشمي، الخطيب.
بغدادي جليل.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 194، 195"، وشذرات الذهب "4/ 4".
2 الأنساب "7/ 150".
(35/46)
حدَّث مجلسين عَنْ أَبِي عليّ بْن
المُذْهب.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
51- عليّ بْن أَبِي طَالِب محمد بْن عليّ بْن عُبَيْد الله.
المؤدب، أبو الحَسَن الهَمَذَانيّ، ثمّ البغداديّ.
روى عَنْ أَبِي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي محمد الجوهريّ.
"حرف الميم":
52- محمد بْن عَبْد القادر1. أبو الحُسَيْن بْن السّمّاك
البغداديّ.
روى عَنْ: ابن غَيْلان، وغيره.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن محمد الحافظ، وأبو طاهر السلفي.
وتوفي في رجب.
وكان واعظًا.
رماه ابن ناصر بالكذِب كأبيه.
53- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّطيف بْن مُحَمَّد بْن ثابت بْن
الحَسَن. المُهَلَّبيّ، الخُجَنْدِيّ2، أبو بَكْر، صدْر الدّين،
ويُعرف بصدر العراق على الإطلاق في زمانه. كذا قَالَ أبو سعْد في
"الذَّيْل".
وكان إمامًا، مناظرًا، وواعظًا، جوادًا، سَمْحًا، مَهيبًا.
كَانَ يروي الحديث، في وعْظه مِن حِفْظه. وكان السّلطان محمود يصدر
عَنْ رأيه. وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء.
وقد درَّس ببغداد وناظر، وسمع مِن أَبِي عليّ الحدّاد.
يؤخَّر خمسين سنة.
54- محمد بْن عَبْد الكريم بْن خُشَيْش3. أبو سعْد البغداديّ.
__________
1 المنتظم "9/ 161"، وميزان الاعتدال "3/ 630"، ولسان الميزان "5/
263".
2 الخجندي: نسبة إلى خجند على طرف سيحون من بلاد المشرق "الأنساب
5/ 52".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 240، 241"، والعبر "4/ 5".
(35/47)
سمع: أبا علي بن شاذان وغيره.
روى عنه: أبو طاهر السلفي، وشهدة، وأبو السعادات القزاز.
وسمع "جزء بن عَرَفَة" مِن أَبِي مَخْلَد. وكان شيخًا صالحًا، صحيح
السَّماع.
تُوُفّي في عاشر ذي القِعْدة، وله تسعٌ وثمانون سنة.
55- محمد بْن يحيى بْن مُزَاحم1. أبو عَبْد الله الأَشْبُونيّ2،
ثمّ الطُّلَيْطُليّ.
المقرئ؛ مصنَّف كتاب "النَّاهج" في القراءات.
وقد رحل إلى مصر وأكثر السَّماع، وحمل عن القُضاعيّ وطبقته.
مات في أول السّنة.
وذكره أحمد بْن محمد بْن حرب المستملي أنّه قرأ عَليْهِ القرآن،
وأنّه قرأ عَلَى أَبِي عَمْرو الدّانيّ.
56- محمد بْن يوسف بْن عَطّاف. أبو عَبْد الله الأَزْدِيّ، قاضي
المَرِيّة.
روى عَنْ: أبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مالك، وأبي عَبْد الله
بْن القزّاز، الفقيه. وغيرهما مِن علماء الأندلس.
وكان فقيهًا، مُدرّسًا، يُناظَر عَليْهِ، ويُجْتَمَعُ في علم
الرّأي إِليْهِ.
أخذ عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أسود، وعبد الرحيم بن الفرس، وأبو عَبْد
الله بْن أَبِي يد، وأبو الحسن بن اللواتي، وغيرهم.
تُوُفّي بالمَريّة.
57- مسعود بْن عثمان بْن خَلَف3. أبو الخيار الشّْنتمَريّ.
رحل وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سلامة القضاعي.
وكان شيخًا صالحًا.
توفي بمرسية.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 562، 563"، ومعجم المؤلفين "12/ 111".
2 الأشبوني: نسبة إلى أشبون مدينة بالأندلس يقال لها تشبونة "معجم
البلدان 1/ 195".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 618".
(35/48)
58- منصور بْن أحمد بْن الفضل بْن نصر بْن
عصام1. أبو القاسم المنْهاجيّ، الإسْفِزَاريّ، الفقيه الصّالح.
كَانَ ورِعًا، حَسَن السّيرة، ظهر لَهُ القبول التام بالجبال
ونواحيها، وبنى بهمذان وغيرهما خانقاهات، وكثُر عَليْهِ المريدون،
وازدحَمَ، عَليْهِ النّاس، وتبرَّكوا بلقائه.
وكان قد تفقَّه بمَرْو عَلَى الإمام أَبِي المظفَّر السّمعانيّ،
ولزِمه مدّة.
وسمع ببَغْشُور2 "جامع التّرْمِذيّ" مِن أَبِي سعْد محمد بْن عليّ
البَغَويّ الدّبّاس.
وقُتِل فتْكًا عَلَى باب خانقاه المقرى بهَمَذَان فِي شوّال.
"حرف الهاء":
59- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن
إِبْرَاهِيم بْن سعْد الزُّهْرِيّ بن المَوْصِليّ3. أبو عَبْد
الله، مِن أهل باب المراتب ببغداد.
شيخ صالح، صحيح السَّماع.
سَمِعَ: عَبْد المُلْك بْن بِشْران، والحسين بْن عليّ بْن بطْحا.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَّنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ،
وابن ناصر، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وشهده، وآخرون.
وكان مولده في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقيل: في
ربيع الآخر.
وتُوُفّي في شوّال.
60- هبة الله بْن محمد بْن بديع4. الوزير أبو النّجْم الإصْبهانيّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وإبراهيم
سِبْط بحرُوَيْه، وغيرهم. وانتقى عَليْهِ الحافظ أحمد بْن محمد بن
شيرويه.
__________
1 الأنساب "1/ 239، 240".
2 بغشور: بليدة بين هراة ومرو الروذ "معجم البلدان 1/ 467".
3 المنتظم "9/ 161"، وسير أعلام النبلاء "19/ 260".
4 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "161، 163"، وزبذة الحلب "2/ 129".
(35/49)
روى عَنْهُ: أبو نصر اليُونَارتيّ، وأبو
مسعود عَبْد الجليل كُوتاه، وأبو طاهر السّلَفيّ.
وقدم دمشق، ووَزَرَ بحلب لرضوان بْن تُتُش1.
ثمّ استوزره طُغتِكين أتابك مدّة، ثمّ صادره في هذا العام، وخُنِق،
وأُلقيَ في جُبّ بقلعة دمشق.
وكان مولده في سنة ستٌّ وثلاثين وأربعمائة.
"حرف الياء":
61- يحيى بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن بِسْطام2. أبو
زكريّا الشَّيْبانيّ، التّبْرِيزيّ3، الخطيب، اللُّغَويّ، أحد
الأعلام في علم اللّسان.
رحل إلى الشّام، وقرأ اللّغة والأدب عَلَى أَبِي العلاء بْن سليمان
بالمَعَرَّة، وعلى عُبَيْد الله بْن عليّ الرَّقيّ، وأبي محمد
الدّهّان اللُّغويّ.
وسمع بصور مِن سُلَيْم بْن أيّوب الفقيه، ومن عَبْد الكريم بْن
محمد السَّيَّاريّ.
وسمع كُتُبًا عديدة أدّبته مِن أَبِي بَكْر الخطيب، ومن أَبِي
ثمال، ومن ابن برهان.
وأقام بدمشق مدّة، ثمّ سكن بغداد وأقرأ بها اللُّغة.
روى عنه: أبو منصور موهوب بْن الجواليقيّ، وابن ناصر الحافظ، وسعْد
الخير الأندلسيّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو طاهر محمد بْن أَبِي
بَكْر السّنْجيّ.
وقد روى عَنْهُ شيخه الخطيب في تصانيفه. وكان موثَّقًا في اللغة
ونَقْلها.
تخرَّج عَليْهِ خلْق، وصنَّف "شرح الحماسة"، و"شرح ديوان المتنبي"،
و"شرح سقط الزند"، و"شرح السَّبْع قصائد المعلَّقات"، وكتاب "تهذيب
غريب الحديث".
وكانت له نسخة بـ "تهذيب اللُّغة" للأزهريّ فحمله في مِخْلاةٍ
عَلَى ظهره من تبريز إلى المعرة.
__________
1 زبدة الحلب "2/ 129".
2 الأنساب "3/ 21"، والكامل في التاريخ "10/ 473"، وسير أعلام
النبلاء "19/ 269-271"، والبداية والنهاية "12/ 171"، وشذرات الذهب
"4/ 5".
3 التبريزي: نسبة إلى تبريز، وهي من بلاد أذربيجان "الأنساب 3/
21".
(35/50)
ودخل إلى مصر أيضًا، وأخذ عَنْ أَبِي
الحَسَن طاهر بْن بابْشَاذ، وغيره.
ومن شِعْره:
خليلّي ما أحلى صُبُوحي بدجلةٍ ... وأطْيبُ منه بالصُّراة غُبُوقي
شربتُ عَلَى الماءين مِن ماء كَرْمةٍ ... فكانا كدُرّ ذائبٍ وعقيق
عَلَى قَمَري أفقٍ وأرض تَقَابلا ... فمن شائق حُلْو الهوى
ومَشُوقِ
فما زلت أسقيه وأشرب رِيقَه ... وما زال يسقيني ويشرب ريقي
وقلت لبدر التّمّ تعرفُ ذا الفتى؟ ... فقال نعم هذا أخي وشقيقي1
ومما رواه عَنْ شيخه ابن نحرير مِن شِعْره:
يا نساء الحيّ مِن مُضَر ... إنّ سَلْمى ضَرّةُ القَمر
إنّ سلمى لَا فُجِعْتُ بها ... أسلمتْ طَرْفي إلى السَّهَر
فهي إنْ صدّتْ وإنْ وصلتْ ... مُهجتي منها عَلَى خطرِ
وبياضُ الشّعْر أسكنها ... في سواد القلب والبصرِ2
كَانَ أبو زكريّا يُقرئ الأدب بالنّظامية.
وقال أبو منصور بْن مُحَمَّدُ بْن عَبْد المُلْك بْن خيرون: ما
كانْ بَمْرضيّ الطّريقة، وذكر منه أشياء.
توفي في جمادى الآخرة لليلتين بقيتا منه.
وعاش إحدى وثمانين سنة.
وقال ابن نُقْطة: ثقة في علِمه، مخلّطًا في دينه، لُعَبَة بلسانه.
وقيل إنّه تاب مِن ذَلِكَ.
وقال ابن ناصر، عَنْ أَبِي زكريّا: التّبْريزيّ، بكسر التّاء.
62- يحيى بْن المفرّج. أبو الحسين اللخمي، المقدسي، الفقيه،
الشافعي.
__________
1 وفيات الأعيان "6/ 193".
2 وفيات الأعيان "6/ 194".
(35/51)
قاض الإسكندريّة.
تفقَّه عَلَى الفقيه نصر المقدسيّ، وحدث عنه.
وفيات سنة ثلاث وخمسمائة:
"حرف الألف":
63- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد1. الدّيَنَوريّ، ثمّ الدّمشقيّ.
سَمِعَ: رشأ بْن نظيف، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
سَمِعَ منه: أبو محمد بْن صابر.
64- أحمد بْن عليّ بْن أحمد2. أبو بَكْر بْن العُلثِيّ،
الحَنْبليّ، العَبْد الصّالح.
كَانَ أحد المشهورين بالصّلاح والزُّهْد، وإجابة الدّعوة. وظهر
لَهُ قبولٌ زائد.
تفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، وحدَّث عَنْهُ بشيءٍ يسير.
روى عَنْهُ: عليّ بْن المبارك بْن الصُّوفيّ، وابن ناصر، وأبو طاهر
محمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ.
وكان في صباه يعمل في صنعة الجصّ والإسفيذاج، ويتنزّهُ عَنِ
التّصوير3.
وورث مِن أَبِيهِ عقارًا، فكان يبيع منه شيئًا بعد شيء، ويتقوَّت
بِهِ.
حجَّ في هذا العام، وتُوُفّي عشيّة عَرَفة بعَرَفَة مُحْرِمًا،
فَحُمِل إلى مكّة، وطيف بِهِ، ودُفِن عند قبر الفُضَيْل بْن عياض.
وقيل: كان إذا حج يجيء إلى قبر الفُضَيْل، ويخطّ بعصاه، ويقول: يا
رب ها هنا، يا رب هنا هنا. فأتّفق أنّه مات ودُفن عنده، رحمهما
الله4.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 14، 15".
2 المنتظم "9/ 163، 164"، والبداية والنهاية "12/ 171"، وشذرات
الذهب "4/ 6".
3 طبقات الحنابلة "2/ 255".
4 طبقات الحنابلة "2/ 256، 257".
(35/52)
وروى عَنْهُ السّلَفيّ، وقال: كَانَ مِن
زُهّاد بغداد، ومن القوّالين بالحقّ، والنّاهين عَنِ المنكر.
65- أحمد بْن المظفَّر بْن الحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن سُوسَن1.
أبو بَكْر البغداديّ، التّمّار.
حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ بْن شاذان، وأبي القاسم الحرفي، وأبي
القاسم بن بشران.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنْماطيّ،
وابن سِلَفَهِ، وآخرون.
وكان ضعيفًا.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ يُلحق سماعاته في الأجزاء. قاله شجاع
الذُّهْليّ.
تُوُفّي في صَفَر، وله اثنتان وتسعون سنة.
وقال عَبْد الوهاب الأنْماطيّ: هُوَ شيخ مقارِب.
66- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المهتدي بالله.
الخطيب، أبو تمام بن الغريق، الهاشميّ، البغداديّ.
سمع: جَدَّه القاضي أبا الحُسَيْن محمد بْن عليّ.
وحدَّث.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وكان مِن كبار المعدّلين.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ.
67- إسماعيل بْن إبراهيم بْن العبّاس2. أَبُو الفضل الحسيني، أخو
أَبِي الْقَاسِم النسيب.
كان إمامًا كبير القدر، ولي قضاء دمشق وخطابتها بعد والده.
وسمع: أبا الحُسَيْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي نصر
التّميميّ.
سمع منه: أبو محمد بن صابر.
__________
1 المنتظم "9/ 164"، وسير أعلام النبلاء "19/ 241، 242"، ولسان
الميزان "1/ 311".
2 ذيل تاريخ دمشق "96، 97"، والوافي بالوفيات "1/ 62".
(35/53)
وتُوُفّي في صَفَر عَنْ ثلاثٍ وثمانين
سنة1.
"حرف الحاء":
68- حمْد بْن الفضل بْن محمد. الإصبهانيّ، الخوّاص، أبو محمد.
تُوُفّي في ذي الحجة، وصلّى عَليْهِ القاضي أبو زُرْعة، واجتمع
لجنازته خلْق كثير.
"حرف العين":
69- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن البقّال. أبو الكَرَم المقرئ،
البغداديّ.
سَمِعَ: الحَسَن بْن المقتدر، وابن غَيْلان، وأبا طاهر محمد بْن
عليّ العلّاف.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو بَكْر بْن النَّقُّور.
وتُوُفّي في ذي القِعْدة وله سبْعٌ وسبعون سنة.
70- عليّ بْن عليّ بْن شِيران2. أبو القاسم الواسطيُّ المقرئ،
المجوّد للقراءات.
كَانَ حافظًا للقراءات، جيّد الأخْذ. قِدم بغداد في شعبان مِن
السّنة.
وحدث عن: الحَسَن بْن أحمد الغَنْدَجَانيّ.
روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد اليَزْديّ.
وقال سعْد الله بْن محمد الدّقّاق: كَانَ يميل إلى الاعتزال.
71- عليّ بْن محمد بْن الحبيب بْن شمّاخ3. أبو الحَسَن الغافقيّ.
مِن أهل مدينة غافق بالأندلس.
روى عَنْ: أبيه، والقاضي أبي عَبْد الله بْن السّفّاط.
وكان مِن أهل المعرفة والنُّبْل والذّكاء. وُلّي قضاة بلدة مدة.
وحمدت سيرته.
__________
1 مولده سنة "420هـ".
2 الجواهر المضية "2/ 584"، وغاية النهاية "1/ 557".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 424".
(35/54)
72- عُمَر بْن عَبْد الكريم1 بْن
سَعْدُوَيْه بْن وَهْمَت. أبو الفتيان الدّهسْتانيّ2،
الرَّوَّاسيّ3، الحافظ، الرّحّال.
رحل إلى خُرَاسان، والعراق، والحجاز، والشّام، ومصر، والسّواحل.
وكأن أحد الحُفّاظ المبرّزين، حسن السّيرة، جميل الأمر. كتب ما لَا
يوصف كثرةً.
وسمع: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا حفص بْن مسرور، وأبا الحُسَيْن
عَبْد الغافر الفارسيّ، وطائفة.
وببغداد: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وابن الَّنُّقور.
وبمَرْو، ومصر.
وسمع بِدِهِسْتان. أبا مسعود البَجَليّ وبه تخرَّج.
وسمع بحرّان: مُبادر بْن عليّ بْن مبادر.
روى عَنْهُ: شيخه أبو بَكْر الخطيب، وأبو حامد الغزاليّ، وأبو حفص
عُمَر بْن محمد الْجُرْجانيّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق،
وشيخه نصر المقدسيّ الفقيه، وهبة الله بْن الأكفانيّ، وإسماعيل بْن
محمد التَّيْميّ الحافظ، ومحمد بْن أبي الحُسَيْن الْجُوَيْنيّ،
وآخرون، والسّلَفيّ بالإجازة.
ودخل طوس في آخر عمره، وصحَّح عَليْهِ أبو حامد الغزاليّ
"الصّحيحين".
ثمّ خرجَ مِن طوس إلى مَرْو قاصدًا إلى الإمام أَبِي بَكْر
السمعاني باستدعائه إيّاه، فأدركته المَنِيّة بسرخس، فتُوُفّي في
ربيع الآخر كما هُوَ مؤرَّخ عَلَى بلاطة قبره.
قَالَ أبو جعفر محمد بْن أبي عليّ الهَمَذَانيّ الحافظ: ما رَأَيْت
في تِلْكَ الدّيار أحفظ منه، لَا بل في الدّيار كلّها. كَانَ
كَتّابًا، جوّالًا، دار الدنيا لطلب الحديث. لقِيتُه بمكّة، ورأيت
الشّيوخ يثُنون عَليْهِ ويُحسنون القول فيه. ثمّ لقِيتُه بجُرجان،
وصار من إخواننا.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 317-320"، والبداية والنهاية "12/ 171،
172".
2 الدهستاني: نسبة إلى دهستان بلدة مشهورة عند مازندان وجرجان
"الأنساب "5/ 378".
3 الرواسي: "الأنساب 6/ 172".
(35/55)
وقال أبو بَكْر بْن السّمعانيّ: قَالَ لي
إسماعيل بْن محمد بْن الفُضَيْل بإصبهان: كَانَ عُمَر خرّيج أبي
مسعود البَجَليّ. سمعته يَقُولُ: دخل أبو مسعود دِهستان، فأشترى
مِن أَبِي رأسًا، ودخل المسجد يأكله. فبعثني والدي إِليْهِ، فقال
لي: تعرف شيئًا؟ فقلت: لَا. فقال لوالدي: سلَّمه إليَّ فسلّمني أبي
إِليْهِ، فحملني إلى نَيْسابور، وأفادني، وانتهى أمري إلى حيث
انتهى1.
وقال خُزَيْمَة بْن عليّ المَرْوَزِيّ الأديب: سقطت أصابعُ عُمَر
الرَّوَّاسيّ في الرحلة مِن البرد الشّديد.
وقال الدّقّاق في رسالته: إنّ عمر حدث بطوس بـ "صحيح مُسْلِم" مِن
غير أصله، وهذا أقبح شيء عند المحدثين. وحدَّثني أنّ مولده
بدِهستان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وأنّه سَمِعَ منه هبة الله
بْن عبد الوارث الشيرازي في سنة ست وخمسين وأربعمائة.
قال ابن نقطة في كتابه "الإستدرارك": سَمِعْتُ غير واحدٍ مِن أهل
العِلْم، أنّ أبا الفتيان سَمِعَ مِن ثلاثة آلاف وستّمائة شيخِ.
وقال الرَّوَّاسيّ: أريد أن أخرج إلى مَرْو وسرخس عَلَى الطّريق،
وقد قِيلَ: إنّها مقبرة العِلْم، فلا أدري كيف يكون حالي بها.
قَالَ الراوي: فبَلَغَنَا أنّه تُوُفّي بها.
قَالَ ابن طاهر2، وغيره: الرَّوَّاسيّ نسبة إلى بيع الرءوس.
وقال ابن ماكولا3: كتب الرَّوَّاسيّ عني، وكتبت عَنْهُ، ووجدته
ذكيّا.
وقال السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا الفضل أحمد بْن محمد السّرْخَسيّ
يَقُولُ: لمّا قِدم عُمَر بْن أَبِي الحَسَن الرَّوَّاسيّ سرخس روى
بها وأملى. حضر مجلسه جماعة كثيرة فقال: أَنَا أكتب أسماء الجماعة
عَلَى الأصل بخطّي. وسأل الجماعة وأثبت، ففي المجلس الثّاني حضرت
الجماعة، فأخذ القلم وكتب أسماءهم كلّهم عَنْ ظهر قلب، بحيث ما
احتاج أن يسألهم. أو كما قال.
__________
1 الأنساب "6/ 173".
2 في الأنساب المتفقة "72".
3 في الإكمال "7/ 99".
(35/56)
ثمّ سَمِعْتُ محمد بْن محمد بْن أحمد
يَقُولُ: حضرت هذا المجلس، وكان الجمْع اثنان وسبعون نفسًا.
وقال عبد الغافر بْن إسماعيل1: عُمَر بْن أَبِي الحَسَن
الرَّوَّاسيّ، مشهور، عارف بالطُّرُق. كتب الكثير، وجمع الأبواب،
وصنَّف، وكان سريع الكتابة. وكان عَلَى سيرة السَّلَف، مُقِلًا،
مُعيلًا. خرج مِن نَيْسابور إلى طوس، فأنزله الغزاليّ عنده وأكرمه،
وقرأ عَليْهِ "الصحيح"، ثمّ شرحه.
"حرف الميم":
73- مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
سَنْدَة2. الإصبهانيّ، المطرّز، أبو سعْد، خازن الرئيس أَبِي عَبْد
الله.
سَمِعَ: الحُسَيْن بْن إبراهيم الجمّال، وأبا نُعَيْم، أحمد بْن
عَبْد الله الحافظ، وأبا عليّ بْن يزداد غلام محسّن، وأبا الحَسَن
بْن عَبدكَويْه، ومحمد بْن عبد الله العطّار.
كنيته أبو سعْد.
وُلِد في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
روى عنه: أبو طاهر السلفي، وسعد الخير الأندلسي، وأبو طاهر محمد بن
محمد السّنْجيّ، وجماعة مِن الإصبهانيّين.
وروى عنه حضورًا الحافظ أبو موسى المَدِينيّ وقال: تُوُفّي في
الثّاني والعشرين من شوّال سنة ثلاثٍ، وهو أول من حضرت عنده
للسّماع.
قَالَ السّمعانيّ: ثقة، صالح.
وقال السّلَفيّ في معجمه: كَانَ في الفضل عَلَى غاية من الجلالة،
قرأنا عليه عن غلام محسّن، وابن مُصْعَب، وجماعة. وقرأتُ عَليْهِ
القرآن، عَنْ أَبِي بَكْر بْن البقاء المقرئ صاحب أَبِي عليّ بْن
حَبَش، وغيره.
خرَّج لَهُ غانم بْن محمد الحافظ خمسة أجزاء، سمعناها.
__________
1 في المنتخب من السياق "370".
2 سير أعلام النبلاء "10/ 254، 255"، وشذرات الذهب "4/ 7".
(35/57)
74- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد
الرَّحْمَن. أبو بكر الْقُرَشِيّ، الزُّهْرِيّ، الْبُخَارِيّ.
كَانَ فقيهًا، صالحًا، مُسِنًا، خيّرًا. سمّعه أَبُوهُ مِن جماعة
من المتقدمين، وعمر حتى حدث وأملى.
وتوفي في رجب، وله ثمانون سنة.
75- محمد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد1. أَبُو عَبْد الله
الطُّلَيْطُليّ.
سَمِعَ مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن سَلَمَة، وقاسم بْن هلال، وأبي
الوليد الباجي. وولي خطابة فاس، ثمّ سَبْتَة.
وكان أعمى، صالحًا.
تُوُفّي خطيبًا بسَبْتَة في المحرَّم.
76- محمد بْن عَبْد العزيز بْن السّنْدِوانيّ2. أَبُو طاهر
البَغْدَادِيّ، شيخ صالح من أهل نهر الدجاج.
حدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وأبي إِسْحَاق البرمكيّ.
روى عنه: أبو طالب بن خضير.
وتوفي في ربيع الأوّل.
77- المُحَسَّر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن. أَبُو
طاهر الإسكاف، الإصبهانيّ.
حدث بـ "المعجم الكبير" للطّبَرانيّ عَنْ: ابن أَبِي الحُسَيْن بْن
فاذشاه.
قَالَ مَعْمَر، وغيره: مات فِي ربيع الآخر.
"حرف الهاء":
78- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ3. أبو المعالي الكرماني،
ويُعرف بابن المطلب الوزير.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 567".
2 الأنساب "7/ 168"، ومعجم البلدان "3/ 268"، واللباب "2/ 148".
3 المنتظم "9/ 165".
(35/58)
وَزَرَ للخليفة مدة.
وسمع مِن: أَبِي الحُسَيْن بْن المهتدي بالله.
وما كأنّه حدَّث.
وُلِد سنة أربعين وأربعمائة، وتوفي في ثاني شوّال. وكان كاتبًا
مجيدًا حاسبًا بارعًا، تفرَّد في زمانه بعلم الديوان والتَّصَرُّف.
ومدة وزارته سنتان وأربعة أشهر.
وكان ذا بر ومعروف وجلالة.
وفيات سنة أربع وخمسمائة:
"حرف الألف":
79- أحمد بْن أَبِي الفتح عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد
بْن القاسم1. أبو العبّاس الإصبهانيّ، الخِرَقيّ.
سَمِعَ: ابن رِيذة، وأبا القاسم بْن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ،
ومحمد بْن أحمد بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وغيرهم.
روى عنه: ابنه أبو الفتح عَبْد الله، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ،
وجماعة.
تُوُفّي في السّابع والعشرين مِن ذي القِعْدة. نعم.
روى عَنْهُ السّلَفيّ، وجماعة مِن شيوخ ابن اللّتّيّ الّذين
بالإجازة.
وخرق: موضع بإصبهان.
قَالَ السلفي: كَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ببغداد مِن أَبِي عليّ بْن
شاذان مَعَ سليمان الحافظ.
80- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله2. أبو
المكارم بْن السُّكّري، الكاتب، البغداديّ.
سَمِعَ: الحَسَن بْن المقتدر بالله.
روى عنه: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وغيره، والسلفي.
__________
1 الأنساب "5/ 91، 92".
2 المنتظم "9/ 166".
(35/59)
81- إسماعيل بْن عَبْد الغافر بْن محمد بْن
عَبْد الغافر بْن أحمد1. أبو عَبْد الله ابن الشّيخ أَبِي
الحُسَيْن الفارسي، ثمّ النَّيْسابوريّ.
زوج بِنْت القُشَيْريّ.
سَمِعَ في صباه مِن: أَبِي حسّان محمد بْن أحمد المُزَكّيّ، وأبا
سعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان النَّصرويّ، وأحمد بن محمد بن
الحارث النحوي، ومحمد ابن عَبْد العزيز النّيْليّ.
ورحل سنة ثلاثٍ وخمسين، وبقي يطوف عشر سنين في خوزستان وفارس. وكتب
قريبًا مِن ألف جزء بخطّه.
وسمع ببغداد: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وقبله أبا محمد الجوهريّ،
وجماعة.
روى عَنْهُ: عَبْد الله بْن الفَرَاويّ، وعبد الخالق بْن
الشّحّاميّ، وأبو شجاع عُمَر البِسْطاميّ، وأمّ سَلَمَة، والحافظ
عبد الغافر، وعمر بْن الصَّفّار، وأبو بَكْر التّفْتَازانيّ،
وطائفة سواهم.
وتُوُفيّ فِي ذي القعدة.
وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ فاضلًا، عالمًا، لم يفتر مِن السّماع
والتّحصيل.
"حرف الحاء":
82- الحُسَيْن بْن عليّ. أبو عَبْد الله بْن الحبّال، الحنبليّ،
المقرئ.
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، والغسّانيّ.
مات في ذي القِعْدة.
83- حمزة بْن محمد بْن عليّ2. أبو يَعْلَى، أخو طِراد
الزَّيْنَبيّ، الهاشميّ.
توفي في رجب، في سادس عشره.
__________
1 المنتظم "9/ 166"، وسير أعلام النبلاء "19/ 262، 263"، وشذرات
الذهب "4/ 7، 8".
2 العبر "4/ 8"، وسير أعلام النبلاء "19/ 352، 353".
(35/60)
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ أبو يَعْلَى جليل
القدر. ولد سنة سبع وأربعمائة. وروى لنا عن أَبِي العلاء الواسطيّ،
وأبي محمد الخلّال. وذكر لي أنّه قرأ "الفصيح" عَلَى عليّ بْن عيسى
الرَّبَعيّ.
قلت: وكذا ورّخ ابن السّمعانيّ مولده، ولو أنّ حمزة سُمّع في صغره
مثل أخيه طِراد، لسَمِعَ مِن أَبِي الحُسَيْن بْن بِشْران، وهلال
الحفّار، ولصار مُسْنَد الدُّنيا في عصره، وأنا أتعجّب كيف لم
يسمّعوه1؟.
قَالَ السّلَفيّ: قَالَ لي أبو يَعْلَى: قد سَمِعْتُ عَلَى القاضي
أبا الحُسَيْن التَّوَّزيّ، وأبي الحَسَن بْن فشش المالكيّ.
وتموَّل الوزير ابن أَبِي الرّيّان عَلَى حملي إلى أَبِي الحَسَن
بْن الحمّاميّ المقرئ، فلم يتّفق ذَلِكَ، ولا سَمِعْتُ منه.
قلت: عاش سبْعًا وتسعين سنة.
"حرف العين":
84- عَبْد الغفّار بْن عَبْد المُلْك بْن عَبْد الغفار. أبو منصور
البصْريّ الأديب، مِن شيوخ هَمَذَان. ثقة صدوق.
لَهُ رحلة إلى بغداد.
سَمِعَ مِن: أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وطبقته.
تُوُفّي في رجب.
وقد روى اليسير.
85- عَبْد المنعم بْن عليّ بْن أحمد بْن الغَمْر. أبو القاسم
الكِلابيّ، الدّمشقيّ، الورّاق، المعروف بالمُدَيد.
سَمِعَ: أبا عَبْد الله بْن سلْوان، وأبا القاسم بْن الفُرات، وأبا
عليّ الأهوازي، ورشأ بْن نظيف، وأبا الحُسَيْن بْن أَبِي نصر،
وجماعة.
روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله بْن عساكر، وأبو المعالي بن صابر،
وغيرهما.
__________
1 وقال المؤلف الذهبي في السير "19/ 352": وأنا أتعجب من هذا كيف
لم يسمع من أبي الحسين بن بِشْران، وأبي عليّ بن شاذان.
(35/61)
وكان مولده في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
وأوّل سماعه بعد الأربعين.
وتوفي في ثامن ذي القِعْدة. فذكر ابن الأكفانيّ أنّه نزل في بركة
حمّام حارّة فمات.
86- عَبْد الوهاب بْن هبة اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ1. أبو الفَرَج السّيِبيّ2، ثمّ البغداديّ.
كَانَ يعرف النَّحْو واللُّغة، وأدّب أولاد الخليفة.
سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ.
تُوُفّي في المحرَّم، وقد جاوز الثّمانين، في طريق الحجّ، ودُفِن
بالمدينة المنورة.
87- عليّ بْن الحُسَيْن بْن المبارك. أبو الحَسَن، ابن أخت
المَزْرَفيّ. إمام مسجد درب السّلْسلة.
كَانَ إمامًا فاضلًا، حسن الإقراء؛ ختم عَليْهِ خلْق.
وكان قد قرأ عَلَى: أَبِي بَكْر الخيّاط، وأبي عليّ بْن البنا،
وغيرهما.
قرأ عَليْهِ القرآن سعْد الله الدّقّاق وقال: كَانَ أوحد عصره في
حُسن الأداء، والقراءة الحَسَنة، والنَّغَمة الطّيّبة. وما كَانَ
لسانه يفتر عَنْ ذِكر الموت.
تُوُفّي في ربيع الأخر.
88- عليّ بْن محمد بْن عليّ إلْكيا3. أبو الحَسَن الهرّاسيّ،
الطَّبَرِسْتانيّ، الفقيه الشّافعيّ، عماد الدين.
تفقَّه بنَيْسابور مدّةً عَلَى إمام الحرمين، وكان مليح الوجه،
جهْوريّ الصوت، فصيحًا، مطبوع الحركات، زكي الأخلاق.
__________
1 المنتظم "9/ 167".
2 السيبي: نسبة إلى سيب قرية بنواحي قصر ابن هبيرة "الأنساب 7/
215".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 350-352"، والبداية والنهاية "12/ 172،
173"، وشذرات الذهب "4/ 8-10"، ومعجم المؤلفين "7/ 220".
(35/62)
ثمّ خرج إلى بيْهق، فأقام بها مدّة، ثمّ
قِدم العراق، وولي تدريس النّظاميّة ببغداد إلى أن تُوُفّي. وحظي
بالحشمة والجاه والتّجمُّل، وتخرَّج بِهِ الأصحاب.
وروى شيئًا يسيرًا عَنْ أَبِي المعالي، وغيره.
روى عنه: سعْد الخير الأنصاريّ، وعبد الله بْن محمد بْن غلّاب
الأنباريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.
وكان يستعمل الحديث في مناظراته.
وإلْكِيا: بالعجميّ هُوَ الكبير القدْر، المُقدَّم.
تُوُفّي أوّل المحرَّم.
وكان مولده في سنة خمسين. وأربعمائة.
وقد رُمي إلْكِيا، رحمه الله، بأنّه يرى في المناظرة رأيَ
الإسماعيلية، وليس كذلك، بل وقع الاشتباه على القائل بإن صاحب
الأَلمُوت ابن الصّبّاح يلقَّب بإلْكِيا أيضًا. فافْهم ذَلِكَ،
وأمّا الهَراسيّ فبرئ مِن ذَلِكَ.
قَرَأْتُ عَلَى الْعَلَّامَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ
بن خَلَفَ الْحَافِظِ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْحَافِظُ سَنَةَ تِسْعٍ
وَثَلَاثِينَ إِمْلَاءً، أَنَّهُ قَرَأَ مِن حِفْظِهِ عَلَى أَبِي
الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْحَافِظِ قَالَ: ثَنَا
أَبُو طَاهِرِ بْنُ سِلَفَةِ الْحَافِظِ، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ إِلْكِيَا: أَنَا إِمَامُ
الْحَرَمَيْن أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَنَا وَالِدِي أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنَا
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا
الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،
أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- قَالَ:
"الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ
بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ" 1.
مُتَّفَقٌ عَليْهِ.
وَمِمَّنْ يَشْتَبِهُ بِإِلْكِيَا الْهَرَّاسِيِّ مُعَاصِرُهُ
الْإِمَامُ الْقَاضِي:
89- أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن عليّ الطَّبَرِسْتانيّ
الآمُليّ2. سمع من
__________
1 أخرجه البخاري "2079"، ومسلم "1531"، والنسائي "7/ 248"، ومالك
"1363"، وأحمد "2/ 56".
2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "5/ 291-296".
(35/63)
الحافظ عَبْد الله بْن جعفر الخبّاز بآمُل
في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، ومن أبي يعلى الخليلي، وأبي جعفر
بن المسلمة، وابن المأمون.
وله قصيدة رثى بها إمام الحرمين.
ذكره ابن الصّلاح في "الشافعية"، ولم يذكر لَهُ وفاة. وكأنّه مات
قبل هذا الأوان، فالله أعلم.
روى عنه: قاضي آمُل ابن أخته أبو جعفر محمد بْن الحُسَيْن بْن
أميركا.
"حرف الميم":
90- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بن الصَّنْدليّ. أبو بَكْر
المقرئ البابَصْريّ.
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال.
وحدَّث.
روى عَنْهُ: سعْد الله بْن محمد الدّقّاق.
ومات في صَفَر.
91- محمد بْن صالح بْن حمزة بْن مُحَمَّد1. أَبُو يَعْلَى بْن
الهبّارّية، الهاشميّ، العبّاسيّ الشّريف البغداديّ نظام الدّين.
أحد الشّعراء المشهورين. أكثر شِعْره في الهجاء والسُّخْف.
وكان ملازمًا لخدمة نظام المُلْك. وله كتاب "نتائج الفطْنة في نظمْ
كليلة ودِمْنَة". وديوان شِعْره في ثلاث مجلَّدات.
وهو القائل:
رأيتُ في النّوم عرسي وهي ممسكةٌ ... ذقني وفي كفّها شيءٌ مِن
الأَدَمِ
مِعْوجَ الشّكل مسْوَدّ بِهِ نُقَط ... لكّن أسفله في هيئة القَدَم
حتّى تنبّهتُ مُحَمَّر القَذَال، فلو ... طال الرقاد على الشيخ
الأديب عم2
__________
1 الأنساب "12/ 306"، وسير أعلام النبلاء "19/ 392"، ولسان الميزان
"5/ 367".
2 وفيات الأعيان "4/ 455".
(35/64)
قَالَ العماد الكاتب1: تُوُفّي بِكَرْمان
سنة أربعٍ وخمسمائة.
وهبّار جدّ لأمّه.
وقيل: تُوُفّي سنة تسعٍ، فسأعيده هناك.
92- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي النَّضْر2. أبو بَكْر
البَلديّ3، النَّسَفّي، المحدّث. منسوب إلى بلد نَسَف، يعني أنّه
لَيْسَ مِن قُرى نَسَف.
حدَّث بالكُتُب الكبار كـ "الصحيح" لعمر بن محمد بن بجير.
سَمِعَ مِن: جعفر بْن محمد المستغفري، وأحمد بْن عليّ
المايْمَرْغِيّ4، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ نحو مِن عشرين نفسًا.
وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب "القند": إنّه تُوُفّي في ثالث
صَفَر سنة خمسٍ وخمسمائة، وإنه ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
قَالَ أبو سعْد: كَانَ إمامًا فاضلًا، وعُمَّر العُمر الطّويل حتّى
روى الكثير.
وسمع: أَبَاهُ أبا نصر، ومحمد بْن يعقوب السّلاميّ، وأبا مسعود
أحمد بْن محمد البجلي، والحسين بْن إبراهيم القَنْطريّ.
روى لنا عَنْهُ أحمد بْن عَبْد الجبّار البلديّ، والحسن بْن عَبْد
الله المقرئ، ومسعود بْن عُمَر الدّلّال، وميمون بْن محمد
الدّرْبيّ.
93- محمد بْن الحسين5. أبو جعفر السّمِنْجانيّ. إمام مسجد راعُوم.
تفقَّه ببُخارى عَلَى: أَبِي سهل الأبِيَوَرْدِيّ.
وبمَرْو الرّوذ عَلَى: القاضي حسين.
__________
1 في الخريدة "2/ 72".
2 الأنساب "2/ 288، 289".
3 النسفي: نسبة إلى نسف، وهي من بلاد ما وراء النهر "الأنساب 12/
80".
4 المايمرغي: نسبة إلى مايمرغ، وهي قرية كبيرة على طريق بخارى
"الأنساب 11/ 109، 110".
5 الأنساب "7/ 150".
(35/65)
وأملى ببلْخ.
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة بما وراء النّهر، وخُراسان،
ومات ببلْخ.
94- محمد بْن علي بْن محمد. أبو الحَسَن بْن الحديثي1، البغداديّ،
عُرِف بابن الشّدّاد.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان.
وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والسّلَفيّ.
95- محمد بْن عمر بْن أَبِي العصافير2. الخزرجيّ، الْجَيّانيّ.
أَبُو عَبْد الله.
كَانَ فقيهًا مبُرّزًا، تفقَّه عَلَى أَبِي مروان بْن مالك
بقُرْطُبَة.
ورحل فأخذ عَنْ عَبْد الحقّ بْن هارون الفقيه. وشُوور في الأحكام.
وطال عُمره، وشاخ.
"حرف الياء":
96- يحيى بْن عليّ بْن الفَرَج3. أبو الحُسَيْن الْمَصْرِيّ،
الخشّاب، المقرئ، الأستاذ.
قرأ عَلَى: أَبِي العبّاس بْن نفيس، ومصنَّف "العنوان" أَبِي
الطّاهر إسماعيل بْن خَلَف، ومحمد بْن أحمد القَزْوينيّ، وأبي
الحُسَيْن الشّيرازيّ، وجماعة.
قرأ عَليْهِ الشّريف أبو الفُتُوح الخطيب شيخ أبي الجود، وغيره.
وتوفي في هذه السّنة.
فأمّا:
97- عليّ بْن أحمد. المَصّيصيّ، الأبْهريّ، الضّرير، صاحب أَبِي
عليّ الأهوازيّ، فلم أظفر لَهُ بترجمة، وهو أكبر شيخ للشريف
الخطيب. تلا عليه بعد عام خمسمائة.
__________
1 الحديثي: نسبة إلى الحديثة، وهي بلدة على الفرات فوق هيت
والأنبار "الأنساب 4/ 84".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 567".
3 العبر "4/ 8"، والنجوم الزاهرة "5/ 202"، وشذرات الذهب "4/ 10".
(35/66)
وفيات سنة خمس وخمسمائة
"حرف الألف":
98- أحمد بْن الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْن كوشيذ. أبو غالب الإصبهانيّ.
تُوُفّي في غرة جُمَادَى الأولى، وله ثمانون سنة.
مِن شيوخ الحافظ أبي موسى المَدِينيّ، سَمِعَ منه جميع "الكبير"1
للطّبَرانيّ، عَنِ ابن رِيذة.
99- أحمد بْن عُمَر بْن عطية2. أبو الحُسَيْن الصَّقَلّيّ،
المؤدّب.
سَمِعَ: أبا القاسم السّمَيْساطيّ، وعبد العزيز الكَتَّانيّ.
وكان يؤدب في مسجد رحْبة البَصل.
قَالَ الحافظ ابن عساكر: أدركته وأجاز لي، وتُوُفّي في ربيع الآخر،
وهو ثقة.
سأله ابن صابر عن مولده فقال: سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
100- أصْبَغ بْن محمد بن أصْبَغ3. أبو القاسم الأَزْديّ،
القُرْطُبيّ، العلّامة، كبير المُفْتين بقُرْطُبَة.
روى الكثير عَنْ: حاتم بْن محمد.
وتفقَّه عَلَى أبي جعفر رزق.
وأخذ عَنْ: أَبِي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني.
وأجاز له أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء ما
رووه.
وكان مِن جِلّة العلماء وكبار الفقهاء، بارعًا في المذهب، قُدْوة
في الشروط لا يجارى. وأم بجامع قرطبة.
__________
1 هو "المعجم الكبير".
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 193، 194"، وتهذيب تاريخ دمشق
"1/ 417".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 109، 110".
(35/67)
وكان مجوّدًا للقرآن، فاضلًا، متصوَّنًا،
عزيز النّفس. سَمِعَ النّاس منه، وناظروا عَليْهِ.
تُوُفّي في صَفَر. ووُلِد في سنة خمسٍ وأربعين.
101- إبراهيم بْن سعد بْن إبراهيم1. النَّيْسابوريّ.
شيخ، صالح، دلّال.
سَمِعَ: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابوني، وجماعة.
تُوُفّي فجأة.
102- إبراهيم بْن محمد2. الفقيه أبو إسحاق الْجُرْجانيّ، الزّاهد،
نزيل إسفراين.
ذكره عَبْد الغافر، وأنّه تُوُفّي سنة خمس تخمينًا، وقال: أحد
الأولياء والعُبّاد، وأرباب الفنون، المشتغلين بمراعاة الأنفاس مع
الله، المعرضين عَنِ الدُّنيا؛ بنى دوَيْرة بإسْفَراين.
إلى أن قَالَ: وكان مِن أصحاب الكرامات الظّاهرة، رحمه الله.
"حرف الباء":
103- بركات بْن الفضل بْن محمد. التَّغْلبيّ، الفارقيّ.
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن المهتدي بالله، وأبا الحُسَيْن بْن
الَّنُّقور، وابن البَطِر، وجماعة في كهولته.
مولده بميّافارِقين سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
وتوفي بصور.
قال ابن عساكر: ثنا عَبْدان بْن رزين، ثنا بركات الفارقيّ في سنة
تسع وثمانين وأربعمائة، أنا ابن البطر.
__________
1 المنتخب من السياق "127".
2 المتنخب من السياق "126".
(35/68)
"حرف التاء":
104- تَمِرتاش بْن ... كين التُّرْكيّ.
روى عن: أبي جعفر بن المسلمة.
ذِكره شجاع الذُّهْليّ في "مُعْجَمه".
"حرف الحاء":
105- الحَسَن بْن إسماعيل بْن حفص. أبو المعالي المصريّ.
روى عن: أَبِي القاسم بْن القطّاع.
روى عَنْهُ: أبو محمد العثمانيّ.
106- الحَسَن بْن عبد الأعلى. أبو عليّ الكَلاعيّ، السَّفَاقُسِيّ.
أخذ ببلده عَنْ أبي الحَسَن اللَّخْميّ.
وسمع بالأندلس من: أبي عبد الله بن سعدن، وأبي علي الغساني.
وسكن سبتة، وأريد علي قضاء الجزيرة فامتنع.
وكان فقيها، متكلما، عارفا بالهندسة والفرائض.
مات كهلا.
107- الحسن بن عبد الواحد بن أحمد بن الحصين1. أبو القاسم الدسكري،
ويعرف بابن الفقيه، وكيل الخليفة المستظهر، وناظر المخزن.
ذهب رسولًا إلى أصبهان.
وحدث عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور.
روى عَنْهُ: محمد بن عبد الخالق الجوهري، وطائفة.
__________
1 المنتظم "9/ 168".
(35/69)
"حرف الخاء":
108- خَلَف بْن سُلَيْمَان بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن فتحون1. أبو
القاسم الأندلسيّ.
من أهل أوريوله.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وابن الوليد الباجي، وطاهر بن مفوز.
وكان فقيها، أديبا، شاعرا، مفلقا. ولي قضاء شاطبة، ودانية.
روى عنه: ابنه محمد، وزياد بن محمد.
وكان يصوم الدهر. وله مصنف في الشروط، رحمه الله.
"حرف السين":
109- سعد بن محمد بن المؤمل. أبو نصر النيسابوري.
سمع: أبا حفص بن مسرور.
قال يحيى بن منده: سَمِعْتُ منه، وقدِم إصبهان مرارًا.
مات في ربيع الآخر، وله إحدى وسبعون سنة.
"حرف العين":
110- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن الآبنُوسيّ2. أبو محمد، أخو أَبِي
الحَسَن أحمد الفقيه.
كَانَ أحد وكلاء القاضي أَبِي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، وغيره مِن
القُضاة.
وكان قد اشتغل وحصّل، وسمع الحديث مِن: التّنُوخيّ، والجوهريّ،
وأبي طَالِب العُشَاريّ.
وسمع "التّاريخ" مِن الخطيب.
__________
1 معجم شيوخ الصدفي "104".
2 العبر "4/ 9"، وسير أعلام النبلاء "19/ 277، 278".
(35/70)
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد
الله الحلْوانيّ بمَرْو، وجماعة ببغداد، والسّلَفيّ.
قَالَ أبو بَكْر السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا محمد الآبنُوسيّ
يَقُولُ: كنت لَا أسمع مُدّة مِن التّنُوخيّ لما أسمع من مليه إلى
الاعتزال، ثمّ سَمِعْتُ منه حتّى صرت عنده أعز مِن كلّ أحد، وكان
يسمّيني يحيى بْن مَعِين.
وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين.
وتُوُفّي في يوم الثّلاثاء سادس عشر جُمَادَى الأولى.
111- عبد المُلْك بْن محمد بْن حسين1. البزوغاني، الحربيّ، أبو
محمد.
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو المُعَمَّر، وغيرهما،
وعبد الحقّ.
مات في المحرَّم.
112- عبد الواحد بْن أحمد بْن عُمَر بْن السَّمَرْقَنْديّ. أَبُو
طاهر، أخو عَبْد الله، وإسماعيل.
سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور.
ومات في صَفَر، ولم يَرْوِ.
113- علي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن
يعقوب2. أبو الحَسَن بْن أَبِي طاهر بن العلّاف البغداديّ.
مِن بيت الحديث والقراءة.
وكان أحد حجّاب الخليفة.
عُمّر حتّى رحل إِليْهِ النّاس، وكان ذا طريقةٍ جميلة وخصالٍ
حميدة. وهو آخر مِن روى عن الحمّاميّ. وسمع عبد الملك بن بشران
أيضًا.
__________
1 المنتظم "9/ 168".
2 المنتظم "9/ 168"، وسير أعلام النبلاء "19/ 242"، وشذرات الذهب
"4/ 10".
(35/71)
روى عَنْهُ: ابنه أبو طاهر محمد، ومحمد بْن
محمد السّنْجيّ، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأبو بَكْر بْن
الَّنُّقور، وخلق كثير.
وآخر مِن حدَّث عَنْهُ أبو السّعادات القزّاز.
وقال أبو بَكْر السّمعانيّ بعد أن ذكر مِن لحِق مِن أصحاب ابن
بِشْران فسمّى ابن العلّاف، وقال: هُوَ أجلّ أصحابه عندي. سمعته
يَقُولُ: ولدت في المحرم سنة ست وأربعمائة، وسمعتُ مِن أَبِي
الحُسَيْن بْن بِشْران.
وقال: وعظ والدي النّاس سبعين سنة.
تُوُفّي في الثّالث والعشرين مِن المحرَّم سنة خمسٍ. وكمّل تسعًا
وتسعين سنة.
"حرف الميم":
114- المبارك بْن سعيد1. أبو الحسن الأسدي، البغدادجي، التّاجر،
ويُعرف بابن الخشّاب.
سمع: القُضاعيّ، وأبا بكر الخطيب.
ودخل الأندلس تاجرًا، فحدث بـ "تاريخ بغداد".
سَمِعَ منه: أبو عليّ الغسّاني، والكبار.
وسمع هُوَ مِن أَبِي مروان بْن سِراج.
قال ابن يشكوال: كَانَ مِن أهل الثّقة والثّروة. رجع إلى بغداد.
وقال ابن السّمعانيّ: كَانَ أحد الشُّهُود المُعدّلين.
مات في ذي القِعْدة.
115- المبارك بْن فاخر بْن محمد بْن يعقوب2. الأستاذ، إمام النحو،
أبو الكرم بن الدقاق.
ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ولازم ابن برهان الأسدي.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 634".
2 ميزان الاعتدال "3/ 431"، ولسان الميزان "5/ 11".
(35/72)
وروى عَنْ: الجوهري، وابن المسلمة، والقاضي
أبي يَعْلَى، وغيره.
أخذ عَنْهُ: ابن ناصر، والسّلَفيّ، وابن السّجْزيّ.
وصنَّف، وتصدَّر، وبرع.
تُوُفّي في ذي القِعْدة.
حطّ عَليْهِ ابن ناصر وكذّبه.
116- محمد بْن أحمد بْن أَبِي النَّضْر بْن موسى بن سعيد بن منذر
بن صاحب1. البَلَديّ، أبو بَكْر النَّسَفيّ.
محدّث ما وراء النَّهر.
قد ذكرناه في السّنة الماضية، والأصحّ وفاته في هذه، فينقل إلى
هنا.
117- محمد بْن حَيْدَرة بْن مفوَّز بْن أَحْمَد بْن مفوَّز2. أبو
بَكْر المَعَافِريّ، الشّاطبيّ.
روى عَنْ: عمّه طاهر، وأبي عليّ الغسّانيّ وأكثر عَنْهُمَا.
وأخذ أيضًا عَنْ: أبي مروان بْن سراج، ومحمد بْن فرج الطلّاع.
وأجاز له أبو عمر بن الحذاء، وأبو الوليد الباجي.
وكان حافظا للحديث وعلله، عارفا برجاله، متقنا، ضابطا، عارفا
بالأدب، والشعر، والمعاني، كامل العناية بذلك.
أسمع الناس بقرطبة، وخلف أبا علي شيخه في مجلسه، وأقرأ على ابن حزم
في جزء، وتصدر وعلم إلى أن تُوُفّي سنة خمس وخمسمائة.
وكان مولده سنة ثلاثٍ وستّين، رحمه اللَّه.
118- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد3. أبو عبد الله بن
المحتسب القرطبي، المقرئ.
__________
1 تقدمت ترجمته برقم "92".
2 الصلاة لابن بشكوال "2/ 567، 568".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 568".
(35/73)
أخذ عَنْ: أَبِي محمد بْن أَبِي شعيب، وأبي
مروان بن سراج. وكان نحويا، لغويا، علامة.
أخذ الناس عنه.
119- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم. أَبُو سعد
الإصبهاني المديني، يعرف بسر فرتج الثاني.
كان من أجلاء الكتبة.
روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ.
وحدث عنه جماعة، منهم أبو موسى المديني، وهو من كبار شيوخه.
توفي في آخر يوم من السنة.
وقد حدَّث ببغداد.
وروى عَنْهُ: أبو الفتح بْن البَطّيّ، والسّلَفيّ.
وقد خدم بالشّام.
120- محمد بْن عليّ بْن محمد1. شيخ الحنابلة، أبو الفتح الحلوانيّ،
الزّاهد.
تُوُفّي يوم الأضحي، وشيّعه خلائق.
صحِب القاضي أبا يَعْلَى قليلًا، ثمّ بَرَع عَلَى الشّريف أَبِي
جعفر.
وأفتى، ودرّس، وتعبّد، وتألّه.
121- محمد بْن عيسى بْن حسن2. القاضي أبو عَبْد الله التّميميّ،
الفقيه، المالكيّ، السّبْتيّ.
أخذ عَنْ: أَبِي محمد المَسِيليّ، ولزمه مدّة.
وتفقَّه أيضًا عَلَى أَبِي عَبْد الله بْن العجوز.
وسمع بالمَريّة صحيح البخاري على ابن المرابط.
__________
1 المنتظم "9/ 170"، ومعجم المؤلفين "11/ 50".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 605"، وسير أعلام النبلاء "19/ 266".
(35/74)
ورحل إلى قُرْطُبَة، فأخذ عَنْ: عَبْد
المُلْك بْن سِراج، وأبي عليّ الغسّانيّ، ومحمد بْن فرج.
وكتان حسن السَّمْت، وافر العقل، مليح المَلْبَس.
تفقَّه بِهِ أهل سَبْتَة، وكان يُسمّى: الفقيه العامل.
تفقَّه عَليْهِ: أبو محمد بْن شَبُونَة، والقاضي عِياض، وأبو بَكْر
بْن صلاح.
ورحل إليه النّاس مِن النُواحي، وبَعُد صِيته، واشتهر اسمُه،
ونَجَب مِن أصحابه خلْق.
وكان خيّرًا، رقيق القلب، سريع الدّمْعَة، مُؤْثرًا للطَّلَبَة.
بنى جامع سَبْتَة، وعَزَل نفسه مِن القضاء بأخرة. ثمّ ولّوه قضاء
الجماعة بفاس، فلم تُعجبه الغُربة، فرجع، وتُوُفّي بسَبْتَة في
جُمَادَى الآخرة.
قاله تلميذه أبو عَبْد الله محمد بْن حمادة الفقيه، وبالغ في
تعظيمه حتّى قَالَ: كَانَ إمام المغرب في وقته. ولم يكن في قُطْر
مِن الأقطار منذ يحيى بْن يحيى الأندلسيّ مِن حَمَل النّاس عَنْهُ
أكثر منه، ولا أكثر نجابةً مِن أصحابه.
وقال عياض1: مولده سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
122- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد2. الإمام زين
الدّين أبو حَامد الغزّاليّ، الطّوسيّ، الفقيه الشّافعيّ، حُجّة
الإسلام.
قرأ قطعة مِن الفقه بطُوس عَلَى أحمد الرّاذكَانيّ3، ثمّ قِدم
نيسابور في طائفة مِن طَلَبة الفقه، فجدّ واجتهد، ولزِم إمام
الحرمين أبا المعالي حتّى تخرَّج عن مدّة قريبة، وصار أنْظَرَ أهل
زمانه، وواحد أقرانه، وأعادً للطّلبة، وأخذ في التّصنيف والتّعليق.
وكان الإمام أبو المعالي مَعَ عُلُوّ درجته وفرط ذكائه، لا يطيب له
تصديه
__________
1 في ترتيب المدارك "4/ 584".
2 المنتظم "9/ 168-170"، وسير أعلام النبلاء "19/ 322-346"، والعبر
"4/ 10"، والبداية والنهاية "12/ 173، 174".
3 الراذكاني: نسبة إلى راذكان بليدة بأعالي طوس "الأنساب "6/ 37".
(35/75)
للتّصنيف، وإن كَانَ في الظّاهر مبتهجًا
بِهِ1.
ثمّ إنّ أبا حامد خرج إلى المعسكر، فأقبل عَليْهِ نظام المُلْك،
وناظر الأقران بحضرته، فظهر اسمُه، وشاع أمره، فولّاه النّظّام
تدريس مدرسته ببغداد، ورسَم لَهُ بالمصير إليها، فقدِمها، وأعجبَ
الكُلّ مناظرته. وما لَقِي الرجل مثل نفسه. ثمّ أقبل عَلَى عِلم
الأصول، وصنَّف فيها وفي المذهب والخلاف، وعظُمَت حشْمته ببغداد،
حتى كانت تغلب حشمة الأمراء والأكابر، فانقلب الأمر مِن وجهٍ آخر،
وظَهَر عَليْهِ بعد مطالعة العلوم الدّقيقة، ومُمارسة التّصانيف
طريق التّزهُّد والتّألُّه فترك الحشمة، وطرح الرُّتْبة، وتزوَّد
للمَعَاد، وقصد بيت الله، وحجّ، ورجع عَلَى طريق الشّام، وزار
القدس، وأقام بدمشق مدّة سِنين2، وصنف بها "إحياء علوم الدّين"
وكتاب "الأربعين"، و"القسطاس"، و"محك النَّظَر"، وغير ذَلِكَ.
وأخذ في مجاهَدَة النَّفْس، وتغيير الأخلاق، وتهذيب الباطن، وانقلب
شيطان الرُّعونة، وطلب الرئاسة والتّخلُّق بالأخلاق الذّميمة، إلى
سكون النَّفْس، وكرم الأخلاق، والفراغ عَنِ الرسوم، وتَزَيّا بزيّ
الصّالحين.
ثمّ عاد إلى وطنه، لازمًا بيته، مشتغلًا بالتّفكير، مُلازِمًا
للوقت، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدّة. وظهرت لَهُ التّصانيف. ولم يبدُ في
أيّامه مناقضةٌ لِما كَانَ فيه، ولا اعتراضٌ لأحدٍ عَلَى مآثره،
حتّى انتهت نوبة الوزارة إلى فخر المُلْك، وقد سَمِعَ وتحقَّق
بمكان أَبِي حامد وكمال فضله، فحضره وسمع كلامه، فطلب منه أن لَا
تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة، لَا استفادة منها ولا اقتباس من
أنوارها، وألح عليه كل الإلحاح، وتشدد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى
الخروج، وقدم نَيْسابور. وكان اللَّيْثُ غائبًا عَنْ عرينه، والأمر
خافيا في مستور قضاء الله ومكنونه. ورُسِم لَهُ بأن يُدرسّ
بالمدرسة النّظامية، فلم يجد بُدًا من ذَلِكَ.
قَالَ هذا كلّه وأكثر منه عَبْد الغافر بْن إسماعيل في "تاريخه".
ثمّ قَالَ: ولقد زُرْته مِرارًا، وما كنتُ أحدُسُ في نفسي مَعَ ما
عهِدْته في سالف الزّمان عَليْهِ مِن الزَّعارة، وإيحاش النّاس،
والنّظر إليهم بعين الازدراء، والاستخفاف بهم كِبَرًا وخُيَلاء
واغتِرارًا بما رُزِق مِن البسْطة في النُّطْق، والخاطر، والعبارة،
وطلب الجاه، والعُلُوّ في المنزلة أنه
__________
1 انظر طبقات ابن الصلاح "1/ 260".
2 انظر طبقات ابن الصلاح "1/ 261".
(35/76)
صار عَلَى الضّدّ، وتصفيّ مِن تِلْكَ
الكُدُورات. وكنت أظنّ أنّه متلفّعٌ بجلباب التَّكَلُّف، متنمّس
بما صار إليه، فتحققت بعد السَّبْرِ والتَّنقير أنّ الأمر عَلَى
خلاف المظنون، وأنّ الرجل أفاق بعد الجنون.
وحكى لنا في ليالٍ كيفيّة أحواله، مِن ابتداء ما ظهر لَهُ بطريق
التّألُّه، وغَلَبة الحال عليه، بعد تبحُّره في العلوم، واستطالته
عَلَى الكلّ بكلامه، والاستعداد الّذي خصّه الله بِهِ في تحصيل
أنواع العلوم، وتمكّنه مِن البحث والنَّظَر، حتّى تبرَّم بالاشتغال
بالعلوم العَريَّة عَنِ المعاملة، وتفكَّر في العاقبة، وما ينفع في
الآخرة؛ فابتدأ بصُحبة أبي عليّ الفارْمَذيّ1، فأخذ منه استفتاح
الطّريقة، وامتثل ما كَانَ يشير بِهِ عَليْهِ مِن القيام بوظائف
العبادات، والإمعان في النّوافل، واستدامة الأذكار والاجتهاد
والجدّ، طلبًا للنّجاة، إلى أن جاز تِلْكَ العِقاب، وتكلّف تِلْكَ
المشاقّ، وما حصل عَلَى ما كَانَ يرومه.
ثم حكى أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون، وعاود الْجَدّ في العلوم
الدّقيقة، والتقى بأربابها، حتّى تفتَّحت لَهُ أبوابها، وبقي مدّةً
في الوقائع، وتكافؤ الآداب، وأطراف المسائل.
ثمّ حكى أنّه فُتِح عَليْهِ بابٌ مِن الخوف، بحيث شغله عَنْ كلّ
شيء، وحمله عَلَى الإعراض عمّا سواه، حتّى سهل ذَلِكَ عَليْهِ.
وهكذا إلى أن ارتاض كلّ الرياضة، وظهرت لَهُ الحقائق، وصار ما كنّا
نظن به ناموسًا وتخلقًا، طَبْعًا وتحقُّقًا. وأنّ ذَلِكَ أثر
السّعادة المُقَدَّرة لَهُ مِن الله تعالى.
ثمّ سألناه عَنْ كيفية رغبته في الخروج مِن بيته، والرجوع إلى ما
دُعيَ إليه مِن أمر نَيْسابور.
فقال معتذرًا: ما كنت أجوّز في ديني أن أقف عَنِ الدّعوة، ومنفعة
الطّالبين، وقد خفَّ عليَّ أن أبوح بالحقّ، وأنطق بِهِ، وأدعو
إِليْهِ. وكان صادقًا في ذَلِكَ2.
فلمّا خفّ أمر الوزير، وعلم أنّ وقوفه عَلَى ما كان فيه ظهور وحشة
وخيال طلب جاهٍ وحِشْمة، ترك ذَلِكَ قبل أن يُتْرَك، وعاد إلى
بيته، واتَّخَذَ في جواره مدرسة لطلبة
__________
1 الفارمذي: هو الفضل بن محمد بن علي، لسان خراسان وشيخها. توفي
سنة 477هـ"، وقد تقدمت ترجمته في الطبقة الثامنة والأربعين.
2 طبقات ابن الصلاح "1/ 262"، وتبيين كذب المفتري "294، 295".
(35/77)
العِلْم، وخانقاه للصُّوفيّة، ووزّع أوقاته
عَلَى وظائف الحاضرين، مِن ختْم القرآن، ومجالسته أصحاب القلوب،
والقعود للتّدريس لطالبه، إلى أن توفّاه الله بعد مُقاساة أنواع
مِن القَصْد، والمناوأة مِن الخصوم، والسّاعين بِهِ إلى الملوك،
وكفاية الله إيّاه، وحِفْظه وصيانته عَنْ أن تنوشه أيدي
النَّكَبَات، أو يُنتهكَ سِتْرُ دينه بشيءٍ مِن الزّلّات.
وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب حديث المصطفى -صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومجالسة أهله، ومطالعة "الصّحيحَين". ولو عاش
لسبق الكلّ في ذَلِكَ الفنّ بيسيرٍ مِن الأيّام. ولم يتَّفق لَهُ
أن يروي، ولم يُعْقِبْ إلّا البنات.
وكان لَهُ مِن الأسباب إرثًا وكسْبًا ما يقوم بكفايته، وقد عرضت
عليه أموال فما قَبِلَها1.
وممّا كَانَ يُعترض بِهِ عَليْهِ، وقوعُ خَلَلٍ مِن جهة النَّحْو
يقع في أثناء كلامه، ورُوجع فيه، فأنْصف من نفسه، واعترف بأنّه ما
مارسه، واكتفى بما كَانَ يحتاج إليه في كلامه، مَعَ أنّه كَانَ
يؤلّف الخُطَب، ويشرح الكُتُب بالعبارة التّي يعجز الأدباء
والفُقهاء عَنْ أمثالها.
وممّا نُقِم عَليْهِ أيضًا ما ذَكَر مِن الألفاظ المستبشعة
بالفارسيّة في كتاب "كيمياء السّعادة والعلوم"، وشرح بعض الصُّوَر
والمسائل، بحيث لَا يوافق مراسم الشّرع، وظواهر ما عَليْهِ قواعد
الإسلام.
وكان الأَوْلَى بِهِ، والحقّ أحقّ ما يُقال، ترك ذَلِكَ التّصنيف،
والإعراض عَنِ الشّرح لَهُ2، فإنَّ العَوام ربّما لَا يُحكمون
أُصول القواعد بالبراهين والحُجَج، فإذا سمعوا أشياء مِن ذَلِكَ
تخيَّلوا منه ما هُوَ المُضِرّ بعقائدهم، ويَنْسِبُون ذَلِكَ إلى
بيان مذهب الأوائل عَلَى أنّ المنصف اللّبيب إذا رَجَع إلى نفسه،
علم أنّ أكثر ما ذكره ممّا رمز إليه إشارات الشّرع، وإنْ لم يَبُحْ
بِهِ. ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطّريقة مرموزةً، ومصرَّحًا
بها، متفرّقة. وليس لفظٌ منه إلّا وكما يُشعر أحدُ وجوهه بكلامٍ
موهوم، فإنّه يُشِعر بسائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملة، فلا
يجب إذا حمْله إلّا عَلَى ما يوافق، ولا ينبغي أن يتعلَّق بِهِ في
الرّدّ عَليْهِ متعلّق، إذا أمكنه أن يبيّن لَهُ وجهًا. وكان
الأَوْلَى بِهِ أن يترك الإفصاح بذلك كما تقدم.
__________
1 تبيين كذب المفتري "296".
2 المنتخب من السياق "74".
(35/78)
وقد سمعت أنه سمع مِن "سنن أَبِي داود"،
عَنِ القاضي أَبِي الفتح الحاكميّ الطّوسيّ.
وَسَمِعَ مِن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أحمد الخُوَاري،
مَعَ ابنيه الشّيخين: عَبْد الجبّار، وعبد الحميد، كتاب "المولد"
لابن أَبِي عاصم، عَنْ أبي بَكْر أحمد بْن محمود بْن الحارث، عَنْ
أَبِي الشّيخ، عَنْهُ1.
قلت: ما نقم عَبْد الغافر عَلَى أَبِي حامد مِن تِلْكَ الألفاظ
الّتي في "كيمياء السّعادة" فلأبي حامد أمثاله في بعض تواليفه،
حتّى قَالَ فيه، أظّنه تلميذه ابن العربيّ: بَلَغ شيخنا أبو حامد
الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع. رَأَيْت غير واحدٍ مِن
الأئمّة يقولون، إنّه ردّ عَلَى الفلاسفة في مواضع، ووافقهم عليها
في بعض تواليفه، ووقع في شكوك، نسأل الله السّلامة واليقين، ولكنّه
مثال حسن القصْد.
وللإمام أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ المازريّ الصَّقَلّيّ كلام
عَلَى "الإحياء" يدلّ عَلَى تبحُّره وتحقيقه، يَقُولُ فيه: وبعد
فقد تكرّرتْ مكاتبتُكُم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بـ
"إحياء علوم الدّين"، وذكرتم أنّ آراء النّاس فيه اختلفت، فطائفة
انتصرت وتعصّبت لإشهاره، وطائفة منه حذّرت وعنه نفّرت، وطائفة
لعَيْبِه أظهرت، وكُتُبه حرّقت، ولم تنفردوا أهل المغرب باستعلام
ما عندي، بل كاتبني أهل المشرق مثل ذَلِكَ، فوجب عندي إبانة الحق.
ولم نتقدّم إلى قراءة هذا الكتاب سوى نُبَذٍ منه. فإن نفس الله
العمر، مددت في هذا الكتاب للأنفاس، وأزلت عن القلوب الالتباس.
واعلموا أنّ هذا الرجل، وإن لم أكن قرأت كتابه، فقد رَأَيْت
تلامذته وأصحابه، فكلٌ منهم يحكي لي نوعًا مِن حاله وطريقته،
استلْوح منها مِن مذاهبه وسيرته، ما قام لي مقام العِيان، فأنا
أقتصر في هذا الإملاء عَلَى ذِكر حال الرجل، وحال كتابه، وذِكر
جُمِل مِن مذاهب الموحّدين، والفلاسفة، والمتصوّفة وأصحاب
الإشارات. فإنّ كتابه متردّد بين هذه الطّرائق الثّلاث، لَا
تعدوها، ثمّ أُتْبع ذَلِكَ بذِكر حيَل أهل مذهبٍ عَلَى أهل مذهب
آخر، ثُمَّ أبين عن طرق الغرور، وأكشف عما فيه من خيال الباطل،
ليُحذَر مِن الوقوع في حبائل صائده.
ثمّ أثنى المازَريّ عَلَى أَبِي حامد في الفقه، وقال: هُوَ بالفقه
أعرف منه بأُصُوله، وأمّا عِلم الكلام الَّذِي هُوَ أُصول الدّين،
فإنّه صنف فيه أيضًا، وليس بالمستبحر فيها،
__________
1 المنتخب من السياق "74" وفيه: "وتمام الكتاب من جزءين مسموع له".
(35/79)
ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره، وذلك لأنّه
قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فنّ الأُصُول، فِأكسَبَتْه
قراءةُ الفلسفة جُرأةً عَلَى المعاني، وتسهُّلًا للهجوم عَلَى
الحقائق، لأنّ الفلاسفة تمرّ مَعَ خواطرها، وليس لها حُكْم شَرْع
يزَعُها، ولا يَخاف مِن مخالفة أئمّة تتعبها. وعرّفني بعض أصحابه
أنّه كَانَ لَهُ عُكُوف عَلَى رسائل إخوان الصّفاء، وهي إحدى
وخمسون رسالة، ومصنفها فيلسوف قد خاض في عِلْم الشّرْع والنَّقْل،
فخرج ما بين العِلْمَيْن، وذكر الفلسفة، وحسّنها في قلوب أهل
الشّرع بآياتٍ يتلو عندها، وأحاديث يذكرها.
ثمّ كَانَ في هذا الزّمان المتأخّر رجلٌ مِن الفلاسفة يُعرف بابن
سينا، ملأ الدُّنيا تواليف في علوم الفلسفة، وهو فيها إمامٌ كبير،
وقد أدّاه قُوتُه في الفلسفة إلى أن حاول ردّ أُصول العقائد إلى
علم الفلسفة، وتلطّف جَهْدَه حَتَّى تم لَهُ ما لم يتم لغيره. وقد
رَأَيْت جملا من دواوينه، ووجدت هَذَا الغَزَالِي يعوّل عليه في
أكثر ما يشير إِليْهِ مِن علوم الفلسفة.
إلى أن قَالَ: وأمّا مذاهب الصُّوفيّة، فلست أدري عَلَى مِن عوَّل
فيها، ولكنّي رَأَيْت فيما علّق عَنْهُ بعضُ أصحابه، أنّه ذكر
كُتُب ابن سينا وما فيها، وذكر بعد ذَلِكَ كُتُب أَبِي حَيّان
التّوحيديّ، وعندي أنّه عَليْهِ عوّل في مذاهب الصُّوفيّة. وقد
أُعْلِمتُ أنّ أبا حَيّان ألّف ديوانًا عظيمًا في هذا الفنّ، ولم
يُنقل إلينا شيءٌ منه.
ثمّ ذكر المازَرِيّ تَوَهُّنَه أكثر ما في "الإحياء" مِن الأحاديث.
وقال: عادة المتورّعين أن لَا يقولوا: قَالَ مالك، قَالَ
الشّافعيّ. فيما لم يثبُت عندهم. وفي كتابه مذاهب وآراء في
العمليّات هِيَ خارجة عَنْ مذاهب الأئمّة. واستحسانات عليها طلاوة،
لَا تستأهل أن يُفتى بها. وإذا تأمّلتَ الكتابَ وجدتَ فيه مِن
الأحاديث والفَتْوى ما قلته، فَيَستحسن أشياء مبناها عَلَى ما لَا
حقيقة لَهُ، مثل قصّ الأظْفار أن تبدأ بالسَّبّابة، لأنّ لها الفضل
عَلَى بقيّة الأصابع، لأنها المُسَبّحة، ثمّ نقصّ ما يليها مِن
الوسطى، لأنّها ناحية اليمين، ونختم بإبهام اليمنى. وذَكَر في
ذَلِكَ أثرًا.
وقال: مِن مات بعد بلوغه ولم يعلم أنّ البارئ قديم، مات مسلمًا
إجماعًا. ومن تَساهلَ في حكاية الإجماع في مثل هذا الَّذِي الأقرب
أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قَالَ، الحقيق أن لَا يوثَّق بما فعل.
وقد رَأَيْت لَهُ في الجزء الأوّل أنّه ذكر أنّ في علومه هذه ما
لَا يسوغ أن تُودَع في
(35/80)
كتاب. فليت شِعْري، أحقٌ هُوَ أو باطل؟
فإنْ كَانَ باطلًا فصَدق، وإن كَانَ حقًا، وهو مُرادُه بلا شكّ،
فلِمَ لَا يودَع في الكُتُب، أَلغُمَوضه ودِقّته؟ فإن كَانَ هُوَ
فَهْمُه، فما المانع لأن يفهمه غيره1.
قَالَ الطُّرْطُوشيّ محمد بْن الوليد في رسالة لابن المظفَّر:
فأمّا ما ذكرت مِن أمر الغزّاليّ، فرأيت الرجل وكلّمته، ورأيته
جليلًا مِن أهل العلم، قد نهضت به فضائله، واجتمع فيه العقل
والفَهْم، وممارسة العلوم طول عُمره. وكان عَلَى ذَلِكَ مُعْظَم
زمانه، ثمّ بدا لَهُ عَنْ طريق العالم، ودخل في غُمار العُمّال،
ثمّ تصوّف، فهجر العلومَ وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب
العقول، ووساوس الشّيطان، ثم شابَها بآراء الفلاسفة، ورموز
الحلّاج، وجعل يطعن عَلَى الفقهاء والمتكلّمين. ولقد كَاد أن ينسلخ
مِن الدّين. فلمّا عمل "الإحياء" عمد يتكلّم في عُلُوم الأحوال
ومرامز الصُّوفيّة، وكان غير أنيسٍ بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط
عَلَى أمّ رأسه وشحن كتابه بالموضوعات.
وقال أبو عَمْرو بْن الصّلاح: فصْلٌ لبيان أشياء مهّمة أُنْكِرتْ
عَلَى الغزّاليّ في مصنَّفَاته، ولم يَرْتضِها أهلُ مذهبه وغيرهم
مِن الشّذوذ في تصرّفاته، منها قولُه في المنطق: هُوَ مقدّمة
العلوم كلّها، ومن لَا يحيط بِهِ، فلا ثقة لَهُ بمعلومه أصلًا،
وهذا مردودٌ، فكلّ صحيح الذّهْن مَنْطِقيّ بالطَّبْع، وكيف غفل
الشّيخ أبو حامد حال مشايخه مِن الأئمّة، وما رفعوا بالمنطق رأسًا.
قَالَ ابن الصّلاح2: وأمّا كتاب "المضْنوُن بِهِ عَلَى غير أهله"،
فَمَعَاذ الله أن يكون لَهُ. شاهدتُ عَلَى نسخة بخطّ القاضي كمال
الدِّين محمد بن عبد الله بن الشّهْرزُوريّ أنّه موضوعٌ عَلَى
الغزاليّ، وأنّه مخَتَرعٌ مِن كتاب "مقاصد الفلاسفة"، وقد نقضه
بكتاب "التّهافُت".
وقال أبو بَكْر الطُّرْطُوشيّ: شحن الغزاليّ كتابه "الإحياء"
بالكذِب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فلا أعلم كتابًا عَلَى بسطة الأرض أكثر كذبًا عَلَى
رَسُول اللهِ منه. ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان
الصَّفَاء وهم قومٌ يرون النُّبُوَّة اكتسابًا. فليس نبيّ في زعمهم
أكثر مِن شخص فاضل، تخلَّق بمحاسن الأخلاق، وجانب سفاسفها،
__________
1 انظر طبقات ابن الصلاح "1/ 255-259".
2 في طبقاته "263".
(35/81)
وساس نفسه، حتّى مَلَك قيادها، فلا تغلبه
شهواته، ولا يقهره سوء أخلاقه، ثمّ ساس الخلق بتلك الأخلاق. وزعموا
أنّ المعجزات حِيَل ومخاريق.
وقال الحافظ أبو القاسم بْن عساكر في ترجمته: ثمّ حجّ، ودخل
الشّام، وأقام بها نحوًا مِن عشر سِنين، وصنَّف، وأخذ نفسه
بالمجاهدة، وكان مُقامه بدمشق في المنارة الغربيّة مِن الجامع.
وقد سَمِعَ "صحيح الْبُخَارِيّ" من أبي سهل محمد بْن عُبَيْد الله
الحفْصيّ.
وقدم دمشق في سنة تسعٍ وثمانين.
قلتُ: وجالس بها الفقيه نصر المقدسيّ.
وقال القاضي شمس الدّين بْن خَلّكان1: إنّه لزِم إمامَ الحرمين،
فلمّا تُوُفّي خرج إلى نظام المُلْك، فبالغ في إكرامه، وولّاه
نظاميّة بغداد، فسار إليها في سنة اربعٍ وثمانين، وأقبل عَليْهِ
أهْل العراق، وارتفع شأنه. ثمّ ترك ذَلِكَ في سنة ثمانٍ وثمانين،
وتزهَّد، وحجَّ، ورجع إلى دمشق، فاشتغل بها مدّة بالزّاوية
الغربيّة، ثمّ انتقل إلى بيت المقدس، وجُدَّ في العبادة، ثمّ قصد
مصر، وأقام مدّة بالإسكندرية، ويقال إنّه عزم عَلَى المُضِيّ إلى
الأمير يوسف بْن تاشفين سلطان مَرّاكُش، فبلغه نَعيُّه.
ثمّ أنّه عاد إلى وطنه بطُوس.
وصنَّف التصانيف: "البسيط"، و"الوسيط، والوجيز"، و"الخلاصة في
الفقه"، و"إحياء علوم الدين".
وفي الأصول: "المستصفى"، و"المنخول"، و"اللباب"، و"بداية الهداية"،
و"كيمياء السعادة"، و"المأخذ"، و"التحصين"، و"المعتقد"، و"إلجام
العوام"، و"الرد على الباطنية"، و"الاقتصاد في اعتقاد الأوائل"،
و"جواهر القرآن"، و"الغاية القصوى"، و"فضائح الإباحية"، و"عود
الدّور".
وله: "المِنْجَل في عِلم الْجَدَل"، وكتاب "تهافت الفلاسفة"، وكتاب
"محك النظر"، و"معيار العلم"، و"المضنون به على غير أهله".
و"شرح الأسماء الحسنى"، و"مشكاة الأنوار"، و"المنقذ من الضلال"،
و"حقيقة القولين"، وغير ذلك من الكتب. وقد تصدر للإملاء.
__________
1 في وفيات الأعيان "4/ 216".
(35/82)
ولد سنة خمسين وأربعمائة.
وقال عَبْد الغافر1: تُوُفّي يوم الإثنين رابع عشر جُمَادَى الآخرة
سنة خمس، ودُفِن بمقبرة الطّابران، وهي قصبة بلاد طوس.
وقولهم: الغزّاليّ، والعطّاريّ، والخبّازيّ، نسبة إلى الصَّنائع
بلغة العجم، وإنّما ينبغي أن يقال الغزّال، والعطّار، ونحوه.
وللغزاليّ أخٌ واعظ مدرّس لَهُ القَبُول التّامّ في التّذكير
واسمه:
- أبو الفتوح أحمد. درّس بالنظاميّة ببغداد، نيابة عن أخيه لمّا
ترك التّدريس، قليلًا، وبقي إلى حدود سنة عشرين وخمسمائة.
وقال ابن النّجّار في "تاريخه": الغزّاليّ إمام الفُقهاء عَلَى
الإطلاق، وربّانيّ الأمة بالاتّفاق، ومجتهد زمانه، وعين أوانه. برع
في المذهب، والأُصول، والخلاف، والْجَدَل، والمنطق، وقرأ الحكمة،
والفلسفة، وفهم كلامهم، وتصدّى للرّدّ عليهم. وكان شديد الذّكاء،
قويّ الإدراك ذا فِطْنة ثاقبة، وغوص عَلَى المعاني، حتى قِيلَ إنّه
ألّف كتابه "المنخول"، فلمّا رآه أبو المعالي قَالَ: دَفنتني وأنا
حيّ، فهلّا صبرتَ حتّى أموت، لأنّ كتابك غطّى عَلَى كتابي2.
ثمّ روى ابن النّجّار بسنده، أنّ والد الغزّاليّ كَانَ رجلًا مِن
أرباب المِهَن يغزل الصُّوف، ويبيعه في دُكّانه بطُوس، فلمّا احتضر
أوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديقٍ لَهُ صوفيّ صالح، فعلّمهما
الخطّ، وفني ما خلَّف لهما أبوهما، وتعذّر عليهما القُوت، فقال:
أرى لكما أن تلجأ إلى المدرسة كأنّكما طالبَيْن للفِقْه، عسى يحصل
لكما مقدار قُوتكما. ففعلا ذَلِكَ.
وقال أبو العبّاس أحمد الخطيبيّ: كنت يومًا في حلقة الغزّاليّ،
رحمه الله، فقال: مات أَبِي، وخلّف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا، ففني،
بحيث تعذّر القُوت علينا، وصرنا إلى مدرسةٍ نطلب الفقه، لَيْسَ
المراد سوى تحصيل القُوت. وكان تعلُّمنا لذلك لا لله. فأبى أن يكون
لله.
__________
1 في المنتخب "74/ 75".
2 المنتظم "9/ 168، 169".
(35/83)
وقال أسعد المَيْهنيّ: سَمِعْتُ الغزّاليّ
يَقُولُ: هاجرت إلى أَبِي نصر الإسماعيلي بجُرْجان، فأقمت إلى أن
أخذت عَنْهُ "التّعليقة"1.
قَالَ ابن النّجّار: وقرأتُ عَلَى أبي القاسم الأَسَديّ العابد
بالثّغر، عن أبي محمد عبد الله بن علي الأشيري قال: سمعت أبا محمد
عبد المؤمن بن علي القيسي، سمعت أبا عبد الله محمد عَبْد الله بْن
تُومرْت السُّوسيّ يَقُولُ: أبو حامد الغزّاليّ قرع الباب وفُتِح
لنا.
قَالَ ابن النّجّار: بلغني أنّ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ كَانَ يصف
تلامذته يَقُولُ الغزّاليّ بحرٌ مُغْرِق، إلْكِيا أسدٌ مخرِق،
والخَوَافي نارٌ تحرق.
وقال أبو محمد العثمانيّ، وغيره: سمعنا محمد بْن يحيى بْن عبد
المنعم العَبْدَريّ المؤدّب يقول: رأيت بالإسكندرية سنة خمسمائة
كأن الشّمس طلعت مِن مغربها، فعبّره لي عابرٌ ببدعةٍ تَحْدُث فيهم،
فبعد أيّامٍ وصل الخبر بإحراق كُتُب الغزّاليّ بالمَرِية.
وقال أبو عامر العَبْدري الحافظ: سَمِعْتُ أبا نصر أَحْمَد بْن
مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر الطُّوسيّ يحلف بالله أنّه أبصر في نومه
كأنّه ينظر في كُتُب الغزّاليّ، فإذا هِيَ كلّها تصاوير.
قلت: للغزّاليّ غَلَط كثير، وتناقض في تواليفه، ودخولٌ في الفلسفة،
وشُكوك. ومن تأمَّل كُتُبُه العقْليّة رَأَى العجائب. وكان مزجيّ
البِضاعة مِن الآثار، عَلَى سعة علومه، وجلالة قدره، وعظمته.
وقد روى عَنْهُ أبو بَكْر بْن العربيّ الإمام "صحيح الْبُخَارِيّ"،
بروايته عَنِ الحفصيّ، فيما حكى ابن الحدّاد الفاسي، ولم يكن هذا
بثقة، فالله أعلم.
أَنَا صَبٌّ مُسْتهامُ ... وهمومٌ لي عظام
طال ليلي دون صحبتي ... سهرتْ عينيّ وناموا
بي غليلٌ وعليل ... وغريم وغرامُ
ففؤادي لحبيبي ... ودمي لَيْسَ حرامُ
ثمّ عرضي لعذولي ... أمة العشق كرام
__________
1 انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "16/ 195".
(35/84)
123- مقاتل بْن عطيّة بْن مقاتل1. أبو
الهَيْجا البكْريّ، الحجازي.
الأمير شبْل الدّولة. مِن أولاد أمراء العرب.
دخل خُرَاسان، وغَزْنَة لوحشةٍ وقعت بينه وبين إخواته، واختصّ
بالوزير نظام المُلْك وصاهره، ثمّ عاد إلى بغداد لمّا قُتِل
النّظام.
وله شِعْر جيد.
ثمّ قصد كَرْمان ليمتدح وزيرَها ناصر الدّين مُكْرَم بْن العلاء،
فوفد عَليْهِ، فوصَلَه بألفيْ دينار لمّا أنشده قصيدته:
دَعِ العِيسَ تذْرعُ عرْضَ الفلا ... إلى ابنِ العَلاءِ وإلا فلا
ثمّ إنّه دخل هَرَاة، وأحبّ بها امرأةً، وقال فيها الأشعار، ثمّ
مرض، وغلبت عَليْهِ السَّوداء، وتُوُفّي في حدود هذه السّنة، في
ربيع الأوّل بمرو وله ديوان.
"حرف الهاء":
124- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن الفَضْل.
أبو سعْد الشّيرازيّ، الأديب.
سَمِعَ: أبا طَالِب محمد بْن محمد بْن غَيْلان.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ زُفرة المفيد
الإصبهاني، وغيره.
وتُوُفّي في صَفَر عَنْ: أربعٍ وسبعين سنة.
"حرف الياء":
125- يوسف بْن عَبْد العزيز بْن عُدَيْس2. أبو الحَجّاج الأنصاريّ،
الأندلسيّ.
مكثر عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ.
وسمع بطُلَيْطلَة من جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن. وسكنها وتفقَّه
بها.
__________
1 وفيات الأعيان "5/ 257-260"، وسير أعلام النبلاء "19/ 271".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 681، 682".
(35/85)
وكان حافظًا، ذكيا، متقنًا، مصنفًا.
روى عنه: أبو عامر بْن حبيب الشّاطبيّ.
تُوُفّي في نصف شوال.
وفيات سنة ست وخمسمائة
"حرف الألف":
126- أحمد بْن الفَرَج بْن عُمَر1. أبو نصر الدّيَنَوريّ، الإبريّ،
والد شُهْدَة.
شيخ، زاهد، ثقة، خيّر.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفراء، وأبا الغنائم بْن المأمون،
وجماعة.
روى عَنْهُ: بنته.
وتوفي في جمادى الأولى مِن السّنة.
127- أحمد بْن أَبِي عاصم. الصَّيْدلانيّ، الهَرَويّ. أحد
المعمَّرين.
سَمِعَ: أبا يعقوب القرّاب الحافظ.
قَالَ أبو سعْد السّمعانيّ: أجاز لي مَرْويّاته في سنة ستٌّ هذه.
128- أحمد بْن محمد بْن عُمَر بْن إبراهيم.
أبو منصور الكرمانيّ، ثمّ الإصبهاني، الواعظ، الزّاهد، ويُعرف بابن
إدريس.
روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
روى عَنْهُ: أبو موسى الحافظ وقال: تُوُفّي في تاسع صَفَر. ودُفِن
عند قبر حُممة الدَّوْسيّ.
129- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن محمد بن
القارئ2. أبو غالب الهَمَذَانيّ، الخفّاف، العدْل.
كَانَ شيخًا مُسِنًا، مَعْمَرا، مِن أهل الشّهادات. وُجِد سماعه في
كتب المحدثين.
__________
1 المنتظم "9/ 172"، والكامل في التاريخ "10/ 493، 494".
2 العبر "4/ 11"، وشذرات الذهب "4/ 13، 14".
(35/86)
روى عَنْ: أَبِي سَعِيد بْن شُبانة، ومنصور
بْن عَبْد الرَّحْمَن الحنبليّ، والحسين بن عمر النهاوندي الصوفي.
روى عنه: السلفي، وشهردار بن شيرويه.
وأظن الحافظ أبا العلاء روى عنه. وآخر من روى عنه أبو الكرم علي بن
عبد الكريم.
وقد حدَّث في سنة ستٌّ هذه. ولم يذكر لَهُ شِيرَوَيْه وفاة.
130- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسَيْن1. الأستاذ أبو
الحسين الكرماني، الزاهد، شيخ الصوفية.
ذكره عَبْد الغافر الفارسيّ فقال: أحد أولياء الله، ومن أفراد عصره
مجاهدة ومعاملة وخلقًا مشاهدة.
ورد نَيْسابور، وأقام عند أَبِي القاسم القُشَيْريّ، وسلك طريق
الإرادة ونفذ منها. وكان أبو القاسم يعتني بِهِ.
وحصّل مِن العلوم ما يحتاج إليه مِن الأصول والفُروع، وجمع كتب
أَبِي القاسم وسمعها، ثمّ غلب عَليْهِ قوة الحال، فصار مستغرقًا في
الإرداة.
وكان ظريف اللّقاء، مقبول المشاهدة، رخيم الصَّوْت، ولم يزل في
صُحْبة الشَّيْخ أَبِي القاسم إلى أن تُوُفّي، فعاد إلى كَرمان،
وقد طاب وقتُه مرّةً، فخرج مِن الكُتُب الّتي حصّلها، ووضعها في
الوسط، فأشار عَليْهِ أبو القاسم بحِفْظ ذَلِكَ. وقال: احفظها
وديعةً عندك، ولم يأذن لَهُ في بَيْعها ولا هِبتها، فكان يستصحبها،
يصونُها ولا يُطالعها، ويقول: إنّها وديعة للإمام عندي. واشتغل بما
كَانَ لَهُ مِن الأحوال العالية الصّافية، ثمّ بعدما صار إلى
كَرْمان، بقي شيخَ وقته، ووقع لَهُ القبول عند الملوك، والوزراء،
والأكابر، واستكانوا لَهُ، وتبرَّكوا بِهِ. وما كَانَ يرغب فيهم
ولا يأخذ أموالهم، بل كَانَ يجتنبهم، ويختار العُزلة والإنزواء
ببعض القرى.
__________
1 المنتخب من السياق "116".
(35/87)
جاء نِعيُّه إلى نَيْسابور في سنة أربعٍ
وسبعين وأربعمائة، ثمّ ظهر خلاف ذَلِكَ، وعاش إلى سنة ست وخمسمائة،
فجاء نعيُّه في منتصف ربيع الأوّل.
سَمِعَ الكثير، وما روى إلّا القليل.
قلت: عاش سبعين أو ثمانين سنة.
131- أحمد بْن عليّ بْن محمد بْن عَبْدُوس1. أبو حامد بْن الحذاء
النَّيْسابوريّ.
ذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ مستور مِن أقارب الحاكم الحسكانيّ.
سَمِعَ مِن: صاعد بْن محمد. وسمع "مُسْنَد العشرة" مِن أَبِي سعْد
النّصرويّ.
وسمع "فضائل الصّحابة" لأحمد بْن حنبل مِن النّصروي، بسماعه مِن
أَبِي بَكْر القَطِيعيّ سنة سبْعٍ وستّين.
أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَد: نا
أَبِي وقرئ عَليْهِ بدلالة الوالد عَليْهِ. واسم أَبِي سعْد عَبْد
الرَّحْمَن بْن حمدان.
وُلِد أحمد في سنة ثمان عشرة، وتُوُفّي في شوّال.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن أحمد الصَّفّار، وجماعة مِن مشيخة عَبْد
الرحيم السّمعانيّ.
132- أحمد بن عبد الواحد بن مُحَمَّد بن الدّبّاس. أبو سعْد،
ويُعرف بابن السّقْلاطونيّ وبابن الحريريّ.
حدَّث عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ.
وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السلفي.
توفي في شعبان.
133- أحمد بن أبي نصر. البغدادي، الغضاري.
سمع: الحسن بن محمد الخلال.
روى عنه: المبارك بن كامل، وأبو طالب بن خضير.
توفي في ذي الحجة، ودفن بباب حرب، رحمه الله.
__________
1 المنتخب من السياق "117".
(35/88)
134- إبراهيم بن حمزة بن ينكي بن محمد بن
علي1. أبو محمد الخداباذي، البخاري.
حج سنة خمسمائة، فسمع بالبصرة، وسمع بمكّة أبا محمد بْن بتنّة.
روى عَنْهُ ابنه حمزة ببُخارى.
تُوُفّي بالمدينة، ودُفِن بالبقيع يوم عاشوراء.
135- إدريس بْن هارون بْن الحُسَيْن. أبو محمد البغداديّ، الصّائغ،
المقرئ.
شيخ صالح، روى قليلًا عَنْ أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
وتُوُفّي في رمضان.
روى عنه: السلفي، وأبو عامر العبدري.
وما زال يسمع إلى أن مات.
136- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد. أبو الرجاء ابن
الشَّيْخ أَبِي الفتح الحداد الأصبهاني.
روى عن: أبي بكر بْن رِيذة، وعبد العزيز بْن أحمد بْن ماذَوْيه،
وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك السَّرَّاج، والمبارك بْن أحمد
الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.
سكن بغداد، ثمّ سكن مصر، وبها تُوُفّي.
137- إسماعيل بْن الحَسَن بْن عليّ بْن حمدون2. أبو القاسم
السَّنْجَبَسْتيّ الفرائضيّ، القاضي، مُسْنَد وقته.
وُلِد في حدود سنة عشر وأربعمائة.
وسمع: أبا بَكْر أحمد بْن الحَسَن الحِيريّ، والصَّيْرفيّ، وأبا
عليّ الحَسَن البلْخيّ.
وسمع منه الآباء والأبناء، وعُمّر دهرًا طويلًا، وكان ذا مروءة
وحشمة.
__________
1 الأنساب "5/ 55"، ومعجم البلدان "2/ 348".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 244"، والعبر "4/ 11".
(35/89)
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو
شجاع عُمَر بْن محمد البِسْطاميّ، ومحمد بْن الحُسَيْن الواعظ
بواسط، وأبو الفتوح الطّائيّ، وجماعة كثيرة.
تُوُفّي في شهر صَفَر بسَنْجَبَسْت.
وثّقه عَبْد الغافر.
وسَنْجَبَسْت: عَلَى مرحلة مِن نَيْسابور.
وكان يدخل البلد ويحدّث.
"حرف الجيم":
138- جعفر الحنبليّ1. المعروف بالدَّرْزِيجانيّ، الفقيه.
صاحب القاضي أَبِي يَعْلَى بْن الفرّاء.
ذكره أَبُو الْحُسَيْن بْن الفرّاء فِي "طبقات أصحاب أحمد".
وقد لقّن خلْقًا القرآن.
وكان جوادًا، مَهيبًا، ذا سطوة وجلالة. وهو جعفر بْن الحَسَن.
وبالغ في تعظيمه ابن النّجّار، وأنّه كَانَ يختم كلّ يَوْمٍ القرآن
في رَكْعةٍ واحدة، وأنّه تفقَّه عَلَى أَبِي يَعْلَى.
"حرف الحاء":
139- حبيبة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن سباع. الأندلُسيّة،
زَوْجَة أَبِي القاسم بْن مُدبر.
سَمِعْتُ: أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبا العبّاس العُذْريّ.
وكان لها خطّ مليح ومعرفة، وفيها دين.
وولدت سنة سبع وثلاثين.
140- الحسين بن الحاكم أحمد بن عبد الرحيم2. الإسيماعيلي أبو سعيد.
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 257"، وسير أعلام النبلاء "19/ 414، 415".
2 المنتخب من السياق "189".
(35/90)
سَمِعَ من: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر،
وجماعة.
وتُوُفّي في ذي الحجة.
141- الحَسَن بْن محمد بْن محمود بْن سَوْرَة1. أبو سَعِيد
النَّيْسابوريّ، سِبْط شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ.
ذكره عَبْد الغافر فقال: فاضل، عالم، عَهْدِناه أفضل أهل بيته.
سَمِعَ مِن جدّه ومشايخ عصره، وسمع مِن الواحديّ تفسيره. وعقد مجلس
الإملاء.
تُوُفّي في شوّال في آخر الكهولة.
142- حَمْد بْن إسماعيل بْن حَمْد بْن محمد2. أبو الْحَسَن
الْهَمَذَانيّ، المعروف بالشّيخ الزكيّ.
كَانَ صدوقًا حَجّاجًا.
سَمِعَ: ابن غَيْلان، والخلّال، والطَّنَاجيريّ، وعبد العزيز بْن
عليّ الأزَجيّ، وابن المُذْهِب.
روى عَنْهُ: عَبْد الخالق بْن يوسف، والسّلَفيّ.
وتُوُفّي في نصف ربيع الأوّل بالمدينة، ودُفِن بالبقيع.
روى عَنْهُ السّلَفيّ في البلد الأوّل مِن أربعيه.
143- حمْد بْن محمد بْن أحمد بْن منصور. أَبُو القاسم الأصبهاني،
القصاب، والصوفي، الطّويل.
144- حَمْدُ بْن محمد بْن أَبِي بَكْر. أبو شُكْر الإسكاف.
145- حمد بْن طاهر بْن أحمد. أبو الفضل الأنماطيّ، المؤذّن.
إصبهانيّ يروي عن الباطِرْقانيّ.
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ.
__________
1 التحبير "1/ 209"، والمنتخب من السياق "190".
2 معجم السفر للسلفي ق "1/ 167، 168".
(35/91)
146- حَيْدَرة بْن أحمد بْن حُسَين1. أبو
تراب الأنصاريّ، الدّمشقيّ المقرئ، المعروف بالخروف.
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن مكّيّ، وأبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا
بَكْر الخطيب.
قَالَ ابن عساكر: سمعتُ منه جزءًا من "تاريخ بغداد". وكان مكثرًا.
وتوفي في ربيع الأوّل.
قلت: وهو أقدم شيخ لابن عساكر موتا.
"حرف الخاء":
147- خَلَف بْن محمد2. الشَّيْخ أبو القاسم بْن الْمَرِيّيّ.
كَانَ مِن سكان الْمَرِية مِن الأندلس.
قَالَ ابن الدباغ: رأيته سنة ست وخمسمائة.
سمع من: أَبِي العبّاس العُذريّ.
ولقي أبا عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّانيّ.
وكان عنده أدب.
"حرف الصاد":
148- صاعد بْن منصور بْن إسماعيل بْن صاعد3. أبو العلاء
النَّيْسابوريّ، الخطيب، القاضي، المدرّس، قاضي القُضاة.
كَانَ إمام الحرمين يُثني عَليْهِ، وكان محبوبًا، مقبولًا، رضيّ
الأخلاق، خَلَف أَبَاهُ في الخطابة، والتّدريس، والوعظ، ثمّ وُلّي
قضاة خُوارَزْم.
وحجّ، وأقام ببغداد مدّةً، ثم عاد إلى نَيْسابور، وعقد مجلس
الإملاء.
سَمِعَ جدّه: أبا الْحَسَن، وعمّه أبا عليّ، وأباه القاضي أبا
القاسم، وعمر بن
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 295".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 175".
3 المنتخب من السياق "260"، والمنتظم "9/ 172"، والبداية والنهاية
"12/ 175".
(35/92)
مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر
الفارسي، والحسن بن محمد الدَّربَنْديّ، وجماعة.
روى عنه: أبو عثمان إسماعيل العصائديّ، وأبو شجاع عُمَر
البِسْطاميّ، وغيرهما.
تُوُفّي في رمضان.
"حرف الطاء":
149- طُونة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن طاهر1. العالمة، زوجة
أبي القاسم بْن مدبّر.
أخذت عَنْ أَبِي عُمَر بْن عبد الْبَرّ، وكتبت تصانيفه.
وكانت حسَنة الخطّ.
عاشت سبعين سنة.
"حرف العين":
150- العبّاس بْن أحمد بن محمد2. أبو الفضل الْحَسْنَويّ،
النَّيْسابوريّ، الشَّقَّانيّ، الفقيه، المحدّث.
أنفق عمره في طلب الحديث، وأفاد، وكتب، وكان رقيق الحال، فقيرًا،
قانعًا.
سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بن حمدان النصروبي، وأحمد بْن محمد بْن
الحارث التّميميّ الإصبهانيّ، وأبا حسّان محمد بْن أحمد بْن جعفر،
ومحمد بن إبراهيم المزكي، وجماعة كثيرة.
وقل أن يوجد بنَيْسابور جزء إلّا قد سمعه.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعمر بْن محمد البِسْطاميّ،
وعبد الرحيم بْن الإخوة، وآخرون كثيرون.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 696، 697".
2 المنتخب من السياق "402، 403"، والأنساب "7/ 360".
(35/93)
وتُوُفّي في ذي الحجّة.
وكان مِن المُسْنِدِين بنَيْسابور.
وكان أَبُوهُ أبو العبّاس مِن الأئمّة.
وابنه أبو بَكْر محمد: يروي عَنِ القُشَيْريّ. سوف يأتي.
والآخر اسمه أحمد، يأتي أيضًا.
151- عَبْد الله بْن الْحَسَن بْن هلال بْن الْحَسَن1. أبو القاسم
الأزْديّ، الدّمشقيّ.
سَمِعَ: أبا عليّ الأهوازيّ، وأبا عَبْد الله بْن سَعْدان، ورشأ بن
نظيف، وسحنام، وجماعةً سواهم.
وكان يسكن بقرية سَقْبا، ولم يكن الحديث مِن شأنه.
روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله، وجماعة.
تُوُفّي في سقبا، في ذي القِعْدة، وبها دُفِن.
152- عَبْد الجبّار بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي سَعْد محمد بْن
ظوروَيْه. أبو بَكْر الإصبهانيّ، الدّلّال، الصَّفّار.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
وسمع مِن: أَبِي نُعَيْم.
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وغيره.
ومات في ربيع الآخر.
153- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن رضوان2. أبو
الحسين الْمَرَاتبيّ، مِن أهل باب المراتب.
كَانَ صالحًا، خيرًا، رئيسًا، كثير الصَّدَقة.
وكان صاحب ديوان الرسائل لأمير المؤمنين المستظهر بالله.
__________
1 معجم البلدان "3/ 226"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "12/ 119".
2 المنتظم "9/ 172".
(35/94)
روى عن1: أَبِي محمد الجوهريّ.
وعنه: أبو المعمر الأنصاري.
وتوفي في شوّال.
154- عليّ بْن عَبْد المُلْك بْن محمد بْن شاذان2. أبو الْحَسَن
الطّوسيّ، الجوهريّ، الصُّوفيّ، الزّاهد، سَمِعَ الكثير بنفسه مِن:
أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي سَعْد
الكنْجَرُوذيّ.
ورحل فسمع مِن: أَبِي يَعْلَى بْن الْفَراء، وابن المهتديّ بالله.
روى عَنْهُ: عليّ بْن الْحَسَن المقرئ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر
السّنْجيّ، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: توفي بعد سنة أربع وخمسمائة، وكان مُقرئًا،
صالحًا.
قلت: إنّما كتبته هنا على سبيل التقريب، لا أنه تُوُفّي في هذا
العام.
155- عليّ بْن ناصر بْن محمد بْن الْحَسَن3. أبو الفضل الْعَلَويّ
المحمدّي. مِن وُلِد محمد بْن الحنفيّة.
وكان نقيب مشهد باب التّبْن. وكان يسكن الكرْخ، وله معرفة
بالأنساب.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر،
وغيرهما.
وحدَّث في هذه السّنة، ولم تؤرَّخ وفاته.
"حرف الفاء":
156- الفضل بْن أحمد بْن محمد بْن مَتُّوَيْه4. أبو عَمْرو
الكاكويي. كان يقال لأبيه كاكو.
__________
1 من هنا يبدأ النقص في نسخة "آيا صوفيا" والمستدرك ما بين
الحاصرتين عن نسخة دار الكتب المصرية.
2 التحبير "1/ 100".
3 الأنساب "11/ 170".
4 الأنساب "10/ 330، 331"، واللباب "3/ 77".
(35/95)
سَمِعَ مِن: عَبْد الغافر الفارسيّ، وأبي
عثمان الصّابونيّ، وابن مسرور بإفادة والده.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة.
وتُوُفّي ليلة عيد الفِطْر.
وكان مولده في سنة تسعٍ وثلاثين.
ومن الرُّواة عَنْهُ ولده، وبقي إلى سنة أربعٍ وخمسين.
وروى أَبُوهُ أحمد كاكُو عَنْ: أَبِي عَبْد الله بْن نظيف.
157- الْفَضْلُ بْن محمد بْن عُبَيْد بْن محمد بْن محمد بْن
مهديّ1. أبو محمد القُشَيْريّ، النَّيْسابوريّ.
شيخ، ثقة، مشهور، مِن بيت العدالة والصّلاح.
كَانَ مبالغًا في الاحتياط في الشّهادات، ومن أعيان العدول.
كَانَ صوفيا، مليحًا، خيرًا.
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النضرويي، وعبد القاهر أبا منصور
البغداديّ، وأبا حسّان المُزَكّيّ، وأبا الحُسَيْن الفارسيّ.
وحدَّث ببغداد لمّا حجّ.
روى عَنْهُ: أبو الفتح محمد بْن عَبْد السلام الكاتب، وغيره.
وُلِد سنة عشرين وأربعمائة.
وتُوُفّي في رمضان. وهو آخر عُبَيْد القُشَيْريّ، سيأتي.
158- فضل الله بْن محمد بْن أحمد بْن أَبِي جعفر2. أبو محمد بْن
أَبِي الْفَضْلُ الطَّبَسيّ3. مِن أولاد المحدّثين.
سافر الكثير، وسمع، ونسخ.
__________
1 المنتخب من السياق "414، 415"، والعبر "4/ 11"، وشذرات الذهب "4/
14".
2 المنتخب من السياق "417".
3 الطبسي: نسبة إلى طبس، وهي بين نيسابور وأصبهان وكرمان "الأنساب
8/ 209".
(35/96)
سَمِعَ ببلده: أَبَاهُ، وأبا عثمان
العيّار، وأبا بَكْر الْبَيْهَقيّ، وعبيد الله بْن محمد بْن
مَنْدَهْ.
وبنَيْسابور. وسمع ببغداد مِن: أَبِي الْفَضْلُ بْن خيرون.
وبالبصرة مِن: أَبِي عليّ القُشَيْريّ.
وبإصبهان مِن: إبراهيم بْن محمد القفّال.
روى عَنْهُ: عَبْد العزيز بْن محمد بْن سيما، وجماعة.
وأجاز للجُنَيْد القاينيّ في هذه السّنة.
ولم تُضبط وفاته.
"حرف الميم":
159- محمد بْن أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله.
أبو بَكْر الإصبهانيّ الأعسر، القِرابيّ القصّار.
عبدٌ صالحٌ، يقال إنّه كَانَ مِن الأبدال.
روى عَنْ: ابن رِيذَة.
روى عَنْهُ: أبو موسى في مُعْجَمه.
وتُوُفّي فِي ذي الحجّة.
160- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أيّوب بْن محسّن1. أبو محمد
القطواني، السمرقندي.
وقطوان: على خمسة فراسخ من سمرقند كَانَ إمامًا في الوعظ، لَهُ
القبول2. التّامّ مِن الخاصّ والعامّ، سَمِعَ مِن جماعة، وحدَّث.
روى عَنْهُ جماعة مِن أهل سَمَرْقَنْد. وكان مولده في سنة أربع
وأربعين وأربعمائة.
__________
1 الأنساب "10/ 198"، والمنتظم "9/ 172، 173".
2 إلى هنا ينتهي النقل من نسخة دار الكتب المصرية والعودة إلى نسخة
آيا صوفيا.
(35/97)
رماه فرسه فاندقّت عنقه.
وتُوُفّي مِن الغد في سادس رجب.
161- محمد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن عَيْشُون. موفَّق المُلْك،
أبو الْفَضْلُ المنجّم.
كَانَ رأسًا في صنعة التّنجيم بالعراق، وله شِعْر رقيق.
روى عنه: أبو الوفاء أحمد بْن محمد بْن الحُصَين.
فمن شِعْره:
أنت يا مغرور ميت ... فتأهّب للفِرَاق
وذَرِ الحرص على الرز ... ق فما أنت بباقِ
فالأماني والمنايا ... تتَجَارَى في سَباقِ
لك بالأخرى اشتغالٌ ... فتهيَّأ للتَّلاقِ
162- محمد بْن موسى بْن عَبْد اللَّه1. القاضي أبو عَبْد اللَّه
التُّرْكيّ، الْبَلاسَاغُونيّ2، الحنفيّ.
سَمِعَ ببغداد مِن شيخه القاضي أبي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، ومن:
أبي الفضل بن خَيْرون.
ونزل بدمشق.
روى عَنْهُ: أبو البركات الحضريّ عَبْد الحارثيّ.
وولي قضاء القدس مُدّة، فَشَكوه وعُزِل. ثمّ وُلّي قضاء دمشق، وكان
قد عزم عَلَى نصْب إمام حنفيّ بجامع دمشق، مِن محبّته في مذهبه،
وعيّن إمامًا، فامتنع أهل دمشق مِن الصّلاة خلفه، وصلّوا بأجمعهم
في دار الْخَيْل، وهي الْقَيْساريّة الّتي قبل المدرسة الأمينية.
__________
1 الأنساب "2/ 351، 352"، وميزان الاعتدال "4/ 51، 52"، والبداية
والنهاية "12/ 175".
2 البلاساغوني: نسبة إلى بلاساغون، وهي بلدة من ثغور الترك وراء
نهر سيحون قريبة من كاشغر "الأنساب 2/ 351".
(35/98)
وهو الَّذِي رتَّب الإقامة في الجامع
مَثْنَى مَثْنَى، فبقي إلى أن أزيل في أيّام صلاح الدّين في سنة
سبْعين.
قَالَ ابن عساكر1: سمعتُ أبا الْحَسَن بْن قُبَيْس الفقيه يذمّه،
ويذكر أنّه كَانَ يَقُولُ: لو كَانَ لي أمرٌ لأخذتُ مِن الشّافعيّة
الْجِزْية.
وكان مبغِضًا للمالكيّة أيضًا.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
163- محمود بْن يوسف بْن حسين2. أبو القاسم التَّفْلِيسيّ،
الشّافعيّ.
قِدم بغداد، وتفقَّه بها عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق.
سَمِعَ مِن: أَبِي يَعْلَى بْن الفرّاء، وعبد الصّمد بْن المأمون،
وجماعة. ورجع إلى بلاده.
روى عنه: الطَّيّب بْن محمد الغضائري.
وتوفي في هذه السنة أو بعدها.
164- مُصْعَب بْن محمد بْن أَبِي الفُرات3. أبو العرب الْقُرَشِيّ
الْعَبْدَريّ، الصَّقَلّيّ، الشّاعر المشهور.
دخل الأندلس عند تغلُّب الرّوم عَلَى صَقَلّية. وحظي عند المعتمد
بْن عبّاد.
وديوانه بأيدي النّاس.
روى عن: أبي عمر بن عبد البر.
أخذ عَنْهُ: أبو عليّ بْن عُرَيْب "أدب الكاتب" لابن قُتَيْبة، ثمّ
أنّه صار في آخر أمره إلى صاحب مَيُورقَة ناصر الدّولة، فتُوُفّي
هناك.
وله:
كأن أديمَ الأرضِ كفّاكَ إنْ يَسِرْ ... بِهِ راكبٌ تَقْبض عَليْهِ
الأناملا
__________
1 في تاريخه ومختصره "23/ 269".
2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 308".
3 عيون التاريخ "12/ 15-19".
(35/99)
فأين يَفِرُّ المرءُ عنكَ بجُرمِهِ ... إذا
كَانَ في كفّيَكْ يَطْوِي الْمَرَاحلا
165- المُعَمَّر بْن عليّ بْن المُعَمَّر بْن أبي عمامة1. أبو
سَعْد الْحَنْبليّ، الواعظ.
بغداديّ كبير، درّس، وأفتى، وناظَر، وحفظ الكثير مِن النّوادر
والغُرَر، وانفرد بالكلام عَلَى لسان الوعظ، وانتفع الخلق بمجالسه.
وكان يُبكي الحاضرين ويُضْحِكهم، وله قَبُولٌ عظيم. وله مِن سرعة
الجواب، وحدّة الخاطر، ما شاع وذاع، ووقع عَليْهِ الإجماع.
وكان يؤُمّ المقتدي بالله في التّراويح ويُنادِمه.
وسمع مِن: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، والخلّال، والأَزَجيّ، والحسن
بْن المقتدر، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وُلِد في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة.
وتوفي في ربيع الأوّل. قاله ابن النّجّار.
"حرف النون":
166- ناجية بنت أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
الْحَسَن بْن جَرَدة. وتُعرف بستّ السُّعود، الحاجبة.
رَوَت عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ.
روى عَنْهَا: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتُوُفّيت في شوال، ودفنت بالحربية.
وفيات سنة سبع وخمسمائة:
"حرف الألف":
167- أحمد بْن أحمد بْن هبة الله. أبو الفتح العراقي.
__________
1 المنتظم "9/ 173، 174"، وسير أعلام النبلاء "19/ 451، 452"،
والبداية والنهاية "12/ 175"، وشذرات الذهب "4/ 14، 15".
(35/100)
روى عَنْ: الأمير حسن بْن المقتدر، والحسن
بْن محمد الخلّال، وأبي القاسم التّنُوخيّ.
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري.
وتوفي في شوّال وله تسع وثمانون سنة.
وقد سَمِعَ "ديوان المطرّز" منه.
وعنه أيضًا: المبارك بْن خُضَيْر، وغيره.
168- أحمد بْن عثمان بْن عليّ بْن قُرايا. أبو الْحَسَن البغداديّ
البزّاز.
سَمِعَ: الحُسَيْن بْن جعفر السَّلَمَاسيّ، صاحب أَبِي حفص بْن
شاهين.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، والسلفي.
169- أحمد بن أبي نصر القصاري. البغدادي.
سمع: أبا محمد الخلال.
مات في ذي الحجة.
170- أحمد بْن علي بْن بدران بن علي1. أبو بكر الحلواني، البغدادي،
المعروف بخالوه.
شيخ صالح، دين.
سمع الكثير بنفسه، وكتب، وخرج له الحميدي فوائد عَنْ شيوخه.
سمع: أبا بكر محمد بن علي بن شبانة الدّيَنَوريّ، وأبا الطَّيّب
الطَّبَريّ، وأبا الْحَسَن الماورديّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو القاسم السَّمَرْقَنْديّ، والسّلَفيّ، وأبو طَالِب
بْن خُضَيْر، وخطيبُ الْمَوْصِل أبو الْفَضْلُ، وخلْق آخرهم ابن
كُلَيْب.
ذكره ابن ناصر فقال: شيخ صالح، ضعيف، لَا يُحتجّ بحديثه، ولم يكن
لَهُ معرفة بالحديث.
__________
1 المنتظم "9/ 175"، وسير أعلام النبلاء "19/ 380، 381"، وغاية
النهاية "1/ 84".
(35/101)
ولد في حدود سنة عشرين وأربعمائة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ستٌّ، وأوصى أن يُدْفن بجنْب
إبراهيم الْحَرْبيّ.
وقال السّلَفيّ: كَانَ ثقة، زاهدًا.
وقال ابن النّجّار: قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عليّ الْحَسَن بْن
غالب، وعليّ بْن محمد بْن فارس الخيّاط.
وسمع الكثير وخرَّج تخريجات. وأثنى عَليْهِ الحُمَيْديّ.
قرأ عَليْهِ أبو الكرم الشّهْرَزُورِيّ.
171- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عمروس1. الفقيه،
أبو العبّاس المالكيّ. مِن أهل محلّه النَّصْريّة ببغداد.
كَانَ صالحًا، خيرَّا، عارفًا بمذهب مالك.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأجاز لَهُ أبو عليّ بْن شاذان،
وأحمد بْن الباداء.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: قرأتُ عَليْهِ بهذه الإجازة مِن نحو ثلاثين
سنة.
وقال غيره: كَانَ أبوه إمامًا مبّرزا في مذهب مالك.
وتُوُفّي في ثالث عشر رمضان.
حدَّث عَنْهُ: المبارك بْن خُضَيْر، ونصر الله بْن القزّاز.
172- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام بْن قَيْداس. أبو
نصر.
سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عليّ الدّيَنَوريّ المقرئ، وأبا بَكْر
بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: أبو محمد بْن الخشّاب.
وتُوُفّي في هذه السّنة أو بعدها.
173- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله. أبو منصور الصيرفي،
المراتبي.
__________
1 المنتظم "9/ 175"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1241"، وفيه: "أحمد بن محمد
بن عروس".
(35/102)
روى عن أبي الحسن القزويني يسيرا.
روى عَنْهُ: المبارك، وعبد الوهاب الصابوني.
174- إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي.
الصالحاني، الإصبهاني.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة. وهو من شيوخ أبي موسى الحافظ.
روى عَنِ ابن ريذة.
175- إسماعيل بْن الحُسَيْن بْن حمزة. أبو الْحَسَين العلويّ،
الْهَرَويّ، العمري، من ولد عمر بن علي بن أبي طالب.
ولد سنة تسع وأربعمائة.
وسمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ.
مات في سابع المحرَّم، وله مائة إلّا سنتين.
176- إسماعيل بْن الإمام أبي بَكْر أحمد بْن الحُسَيْن بْن عليّ
بْن موسى1. شيخ القُضاة أبو عليّ الْبَيْهَقيّ، الخسْروْجرْديّ.
حدَّث عَنْ أبيه، وعن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي عثمان
الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل بْن أَبِي
سَعْد الصُّوفيّ. وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة في بَيْهق. وكان قد سافر عَنْهَا نحو
ثلاثين سنة، وعاد إليها قبل وفاته بأيّام.
وسكن خُوارَزْم مدّةً، ثمّ بَلْخ وكان إمامًا، مدرّسًا، فاضلًا،
عالمًا.
وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة.
__________
1 المنتظم "9/ 175، 176"، وسير أعلام النبلاء "19/ 313، 314"،
والبداية والنهاية "12/ 176"، والنجوم الزاهرة "5/ 205".
(35/103)
"حرف الحاء":
177- الحُسَيْن بْن عقيل بْن سِنان1. الْخَفَاجيّ، الحلبيّ،
المعدّل، الأصُوليّ، الشّيعيّ.
لَهُ كتاب "المُنْجي مِن الضّلال في الحرام والحلال"، فقه، بلغ
عشرين مجلّدة، ذكر فيه خلاف الفقهاء، يدلّ عَلَى تبحّره.
"حرف الخاء":
178- خَيْرون بْن عبد المُلْك بْن الْحَسَن بْن خَيْرون الدّبّاس.
أخو محمد.
سَمِعَ الكثير مِن: أَبِي عليّ بْن المُذْهِب، وأبي إِسْحَاق
البرمكيّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره.
وتُوُفّي في المحرّم.
"حرف الراء":
179- رابعة بِنْت محمود بْن عَبْد الواحد. أمّ الغيث الإصبهانيّة.
سَمِعْتُ: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العيّار، وأبا بَكْر
الباطِرْقاني.
وحدَّثت ببغداد لمّا حجّت.
روى عنها: عُمَر بْن ظَفَر.
180- رضوان ابن سلطان دمشق تُتُش بْن ألْب رسلان السّلْجُوقيّ2.
وُلّي سلطنة حلب بعد أَبِيهِ إلى أن مات بها في هذه السّنة.
وولي بعده ابنه ألْب رسلان الأخرس، وله ستّ عشرة وكان رضوان لمّا
مات أَبُوهُ بالرَّيّ في القتال.
أقيمت السّكّة والخطبة بدمشق أيّامًا لرضوان، ثمّ استقرّ عَلَى
إمرة حلب ونواحيها. ومنه أخذت الفرنج أنطاكيّة سنة اثنتين وتسعين.
وقد ذكر مِن سيرته المذمومة في الحوادث.
__________
1 لسان الميزان "2/ 299"، ومعجم المؤلفين "4/ 26، 27".
2 الكامل في التاريخ "10/ 252"، وسير أعلام النبلاء "19/ 315،
316".
(35/104)
"حرف السين":
181- سِرَاج بْن عَبْد المُلْك بْن سِرَاج بْن عَبْد الله1. الإمام
أبو الحُسَيْن بْن العلّامة اللُّغَويّ أَبِي مروان.
وقد مرَّ أبوه بعد الثمانين وأربعمائة.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا عَبْد الله بْن عتّاب.
وخَلَف أَبَاهُ بالأندلس في معرفة الأدب.
وكان مِن أذكياء العالم.
تُوُفّي بقُرْطُبَة. قاله ابن الدّبّاغ.
"حرف الشين":
182- شجاع بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن غريب
بْن بشير بْن عَبْد الله بْن مُنخل بْن ثور بْن مَسْلَمة بْن
سَعْنة بْن سَدُوس بْن شيبان بْن ذُهَل بْن ثعلبة2.
الحافظ أبو غالب الذُّهْليّ، السُهْروَرْديّ، ثمّ البغداديّ،
الْحَريميّ.
قَالَ ابن السّمعانيّ: نسخ بخطّه مِن التّفسير، والحديث، والفقه،
ما لم ينسخه أحدٌ مِن الورّاقين.
قَالَ لي عَبْد الوهّاب الأنْماطي: دخلت عَليْهِ يومًا، فقال لي:
تَوّبْني. فقلت: مِن أيّ شيء؟ قَالَ: كتبت شِعر ابن الْحَجّاج3
بخطّي سبْعٍ مرّات.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ،
والأمير أبا محمد بْن المقتدر، وأبا محمد الجوهري، وأبا جعفر بن
المسلمة، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم، ومن بعدهم، إلى أن سمع مِن
جماعة من طبقته.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 227"، والوافي بالوفيات "15/ 128".
2 الأنساب "7/ 198"، والمنتظم "9/ 176"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1240"،
وسير أعلام النبلاء "19/ 355-357"، والبداية والنهاية "12/ 176".
3 هو: حسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن محمد بْن
الحجاج النيلي البغدادي، توفي سنة 391هـ"، انظر وفيات "381-400هـ"،
وفيها مصادر ترجمته.
(35/105)
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد
الوهاب الأنْماطيّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وعمر بْن ظَفَر، وسلمان
بن جزوان، وطائفة مِن الطّلبة.
وملكتُ بخطّه عدّة أجزاء.
قَالَ عَبْد الوهاب: قَلّ ما يوجد بلدٌ مِن بلاد الإسلام إلّا وفيه
شيء بخطّ شجاع الذُّهْليّ، وكان مفيد وقته ببغداد، ثقة، سديد
السّيرة. أفنى عمره في الطَّلَب. وكان قد عمل مسوَّدة "تاريخ
بغداد" ذيلًا عَلَى "تاريخ" الخطيب، فغسَله في مرض موته.
تُوُفّي في ثالث جُمَادَى الأولى، ووُلِد في سنة ثلاثين.
"حرف العين":
183- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَر
بْن جحشوَيْه. أبو محمد الطَّوَابيقيّ1، الآجُرّيّ، الحربيّ،
القصّار.
شيخ صالح، سَمِعَ: أبا الْحَسَن الْقَزْوينيّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: المبارك بْن خُضَيْر، ومحمد بْن جعفر بن عقيل، وغيرها.
وتوفي في صَفَر.
184- عَبْد الله بْن مرزوق بْن عَبْد الله2. الْهَرَويّ، أبو الخير
الحافظ، مولى أَبِي إسماعيل عَبْد الله بْن محمد الأنصّاريّ.
كَانَ أصمّ، غير أنّه تعلَّم ورُزِق فهْم الحديث. وكان حسن
السّيرة. جميل الأمر، متقِنًا، متثّبتًا.
سَمِعَ: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وغيره بهَرَاة، وأبا عَمْرو بْن
مَنْدَهْ، وغيره بإصبهان، وأبا القاسم بْن البُسْري، وطبقته
ببغداد، وأبا الْفَضْلُ محمد بْن أحمد الحافظ بطَبَس.
وجال في الآفاق، ثم سكن أصبهان.
__________
1 الطوابيقي: نسبة إلى التطواربيق، وهي الآجر الكبير الذي يفرش في
صحن الدار "الأنساب 8/ 259".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 300، 301"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1246".
(35/106)
روى عَنْهُ: حنبل الفخاريّ، وأبو العلاء
أحمد بْن محمد بْن الفُضَيْل الإصبهاني، وآخرون.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
وأكبر شيخ لَهُ أبو عمر المليحي.
185- عبد القدر بْن محمد1. أبو محمد الصَّدَفيّ، الْقَرَويّ،
المعروف بابن الحنّاط، نزيل الْمَريّة.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى الصَّقَلّيّ،
وعبد الرَّحْمَن بْن محمد الخِرقيّ، وأبي مروان عبد الملك بْن
زيادة الله الطُبّيّ، سَمِعَ منه بالقيروان، ومحمد بْن الْفَرَج،
سَمِعَ منه بمصر، وعبد الله بْن محمد الْقُرَشِيّ، والفقيه عَبْد
الحقّ الصَّقَلّيّ، وغيرهم.
وكان صالحًا، زاهدًا، مُعْتنيا بالعلم والرّواية.
روى عَنْهُ جماعة.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل عَنْ بضعٍ وثمانين سنة.
186- عَبْد الوهّاب بن أحمد بن عبيد الله بن الصحنائي2. أبو غالب
البغداديّ، المستعمليّ.
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، وعليّ بْن محمد بْن قُشَيْش، وأبا
طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم الأَزَجيّ.
روى عنه: عمر بن ظفر، وأبو المعمر الأنصاري، وعبد الحقّ
اليُوُسُفيّ، وآخرون.
تُوُفّي فِي ذي الحجة.
وكان مولده فِي سنة عشرين وأربعمائة.
187- علي بن الحسين المردستي. أبو الفوارس الحاجب.
__________
1 الغنية للقاضي عياض "99"، "في ترجمة أحمد بن سعيد بن خالد بن
بشتغير اللخمي".
2 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "1/ 319-321".
(35/107)
سَمِعَ: أبا محمد الجوهري.
وكان شيعيا مِن بيت حشمة.
188- عليّ بْن عليّ بْن عَبْد السّميع بْن الْحَسَن. الهاشميّ،
العبّاسيّ، أبو الحارث.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان.
وحدَّث.
سمع منه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.
189- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن إسماعيل1.
الواعظ، أبو منصور الأنباريّ.
كَانَ يسكن دار الخلافة.
سَمِعَ الكثير، وانتشرت عَنْهُ الرّواية.
سَمِعَ: ابن غَيْلان، وأبا بَكْر بْن بِشْران، وأبا إِسْحَاق
البرمكيّ، وجماعة.
وقرأ بالروايات عَلَى أَبِي عليّ الشَّرْمقَانيّ.
وتفقَّه عَلَى القاضي أبي يَعْلَى.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ،
وأبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي الحجّة، ووُلِد سنة خمسٍ وعشرين. وهو مِن علماء
الحنابلة.
190- عُمَر بْن أحمد بْن رزق2. أبو بَكْر بْن الْفَصيح
التُّجَيْبيّ، الأندلسيّ.
مِن أهل الْمَريّة.
روى عَنْ: أبي عمرو الداني المقرئ، وغيره.
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 257، 258"، وسير أعلام النبلاء "19/ 281"،
وشذرات الذهب "4/ 17، 18".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 403".
(35/108)
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ ثقة فيما رواه.
أخذ النّاس عَنْهُ. أخبرني بأمره يحيى بْن محمد صَاحُبنا.
"حرف الميم":
191- مالك بْن عَبْد الله1. أبو الوليد العُتْبيّ، السَّهْليّ،
القُرْطُبيّ، اللُّغَويّ.
مِن أئمّة الأدب.
سَمِعَ مِن: محمد بْن عتّاب، وحاتم بْن محمّد، وأبي مروان بْن
حَيّان المؤرخ، وسِراج القاضي.
روى النّاس عَنْهُ كثيرًا.
ومات بقُرْطُبَة.
192- محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن بْن عمر2. الإمام أبو بَكْر
الشّاشيّ، الفقيه، الشافعي، مؤلف "المستظهري"، بميافارقين سنة تسع
وعشرين وأربعمائة.
وتفقَّه عَلَى الإمام أبي عَبْد الله محمد بْن بيان الكازْرُونيّ.
وتفقَّه عَلَى قاضي ميَّافارقين أَبِي منصور الطّوسيّ3 تلميذ
الأستاذ أَبِي محمد الجويني. ثم رحل أبو بَكْر إلى العراق، ولازم
الشَّيْخ أبا إِسْحَاق، وكان مُعيد درسه. وكان يتردّد إلى أَبِي
نصر بْن الصّبّاغ، فقرأ عَليْهِ "الشّامل".
وسمع الحديث مِن الكازْرُونيّ شيخه، ومن ثابت بْن أبي القاسم
الخيّاط.
وبمكّة مِن أَبِي محمد هَيّاج الحِطّينيّ.
وسمع ببغداد مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وأبو الْحَسَن عليّ بْن
أحمد الْيَزْديّ، وأبو بَكْر بْن النُّقور، وشُهْدة، والسّلَفيّ،
وغيرهم.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 620، 621".
2 المنتظم "9/ 179"، وسير أعلام النبلاء "19/ 393، 394".
3 هو: أبو منصور محمد بن شاذان الطوسي وليس القضاء بميارفارقين سنة
"435 أو 436هـ"، وعزل سنة "449هـ"، انظر: تاريخ الفارقي "162-174".
(35/109)
وتفقَّه بِهِ جماعة.
قَالَ القاضي ابن خَلّكان1: أبو بَكْر الشّاشيّ، الفارقيّ، المعروف
بالمُسْتَظهري، الملقّب فخر الإسلام. كان فقيه وقته. ودخل
نَيْسابور صُحبة الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وتكلّم في مسألة بين يدي
إمام الحرمين؛ وتعيَّن في الفِقْه ببغداد بعد أستاذه أَبِي
إِسْحَاق.
وانتهت إِليْهِ رئاسة الطّائفة الشّافعيّة، وصَنَّف تصانيف
حَسَنَة، مِن ذَلِكَ كتاب "حلْية العلماء" في المذهب ذكر فيه مذهب
الشّافعيّ، ثمّ ضمّ إلى كلّ مسألةٍ اختلافَ الأئمّة فيها، وسمّاه
"المستظهريّ"، لأنّه صنَّفه للإمام المستظهر بالله.
وصنَّف أيضًا في الخلاف. وولي تدريس النظامية ببغداد بعد شيخه،
وبعْد ابن الصّباغ، والغزاليّ. ثمّ وليها بعد موت إلْكِيا
الْهَرَّاسيّ سنة أربع وخمسمائة في المحرَّم. ودرّس بمدرسة تاج
المُلْك وزير ملكشاه.
وتوفي في خامس وعشرين شوّال، ودُفِن مَعَ شيخه أَبِي إِسْحَاق في
قبرٍ واحد.
وقيل: دُفِن إلى جانبه.
وكان أشعرّيا، أُصُوليا.
193- محمد بْن إبراهيم بْن سَعِيد بْن نِعَم الخلفاء2. أبو عَبْد
الله الرُّعَيْنيّ، الأندلسيّ.
سَمِعَ بسَرَقُسْطَة مِن أَبِي الوليد الباجيّ، ورحل وحجّ.
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي معشر الطَّبَريّ.
وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.
وتوفي بأورْيُولة. وكان ثقةً، خيارًا.
194- محمد بْن الحُسَيْن بْن وهْبان. أبو المكارم الشَّيْبانيّ.
عَنْ: القاضي الطَّبَريّ، والجوهريّ.
سَمِعَ لنفسه مِن ابن غَيْلان.
__________
1 في وفيات الأعيان "4/ 219".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 569".
(35/110)
195- محمد بْن طاهر بْن عليّ بْن أحمد1.
الحافظ أبو الْفَضْلُ المقدسيّ، ويُعرف بابن الْقَيْسَرانيّ،
الشَّيْبانيّ.
لَهُ الرحلة الواسعة.
سَمِعَ ببلده مِن: نصر المقدسيّ، وابن وَرْقاء، وجماعة.
ودخل بغداد سنة سبْعٍ وستّين، فسمع مِن: الصَّريْفينيّ، وابن
النّقور، وطبقتهما.
وحجَّ، وجاور فسمع مِن: أَبِي عليّ الشّافعيّ، وسعْد الزَّنْجانيّ،
وهَيَّاج الحِطّينيّ.
وصحِب الزَّنْجانيّ2، وتخرّج بِهِ في التّصوُّف، والحديث،
والسُّنَّة، ورحَلَ بإشارته إلى مِصْر، فَسَمِعَ بها مِن أَبِي
إِسْحَاق الحبّال.
وبالإسكندرية مِن الحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّفْراويّ.
وبتِنّيس مِن عليّ بْن الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بن أحمد بْن
الحدّاد، حدَّثه عَنْ جدّه، عَنْ أحمد بْن عيسى الوشاء، عن عيسى بن
زُغْبَة؛ وذلك مِن أعلى ما وقع لَهُ في الرحلة المصرية.
وسمع بدمشق مِن أَبِي القاسم بْن أبي العلاء الفقيه.
وبحلب مِن الْحَسَن بْن مكّيّ الشيرازي.
وبالجزيرة العمرية من أبي أحمد عَبْد الوهّاب بْن محمد اليمنيّ،
عَنْ أبي عُمَر بْن مَهْديّ.
وبالرَّحْبَة مِن الحُسين بْن سعدون.
وبصور مِن القاضي عليّ بْن محمد بْن عبد الله الهاشميّ.
وبإصبهان مِن: عَبْد الوهاب بن منده، وإبراهيم بن محمد القفال،
وطائفة.
وبنيسابور من: الفضل بن المحب، وموسى بن عمران، وأبي بكر بن خلف.
وبهراة من: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وكلار، وبيبى، وشيخ
الإسلام.
__________
1 التحبير "1/ 82"، والمنتظم "9/ 177-179"، وتذكرة الحفاظ "4/
1242"، وسير أعلام النبلاء "19/ 361-371"، والبداية والنهاية "12/
176، 177".
2 نسبة إلى زنجان، وهي بلدة على حد أذربيجان من بلاد الجبل
"الأنساب 6/ 306".
(35/111)
وبجرجان من: إسماعيل بن مسعدة، والمظفر بن
حمزة البيع.
وبآمد من قاسم بن أحمد الخياط الأصبهاني، وهو من كبار شيوخه، سمع
سنة أربع وثمانين وثلاثمائة مِن محمد بْن أحمد بْن جِشْنس، صاحب
ابن صاعد.
وبأَسْتِراباذ مِن: عليّ بْن عبد المُلْك الحفْصي، حدَّثه عَنْ
هلال الحفّار.
وببُوشَنْج مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عفيف كُلار.
وبالبصرة مِن: عَبْد المُلْك بْن شَغَبَة.
وبالدّيَنورَ مِن: أَحْمَد بْن عِيسَى بْن عَبّاد الدّيَنَوريّ،
عَنِ ابن لال الْهَمَذَانيّ.
وبالرَّيّ مِن: إسماعيل بْن عليّ الخطيب، عَنْ يحيى بْن إبراهيم
المُزَكّيّ.
وبسَرْخَس مِن: محمد بْن عَبْد المُلْك المظفَّري، عَنْ أحمد بْن
محمد بْن الْفَضْلُ الكرابيسيّ، عَنْ محمد بْن حَمْدَوَيْه
الْمَرْوَزِيّ.
وبشيراز مِن: عليّ بْن محمد بْن عليّ الشّرَوطيّ، عَنِ الْحَسَن
بْن أحمد بْن محمد بن الليث الحافظ إملاء سنة إحدى وأربعمائة، ثنا
ابن الْبَخْتَرِيّ ببغداد.
وبقزوين مِن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عليّ
العِجْليّ الإمام، عَنْ أَبِي عُمَر بْن مهديّ، قِدم عليهم.
وبالكوفة مِن: أَبِي القاسم الحُسَيْن بْن محمد، مِن طريق ابن أبي
غَرْزَة.
وبالْمَوْصل مِن: هبة الله بْن أحمد المقرئ، عَنْ محمد بْن عليّ
بْن بحشَل، عَنْ محمد بْن يحيى بْن عَمْر بْن عَلِيّ بْن حرب.
وبمرو: محمد بن الحسن المهربندقشابي، عَنْ أحمد بْن عَبْدُوس
النَّسَويّ.
وبمَرْو الرّوذ مِن: الْحَسَن بْن محمد الفقيه، عَنِ الحِيريّ.
وبنُوقان مِن: محمد بْن سَعِيد الحاكم، عَنِ السُّلَميّ.
وبنهاوند مِن: عُمَر بْن عُبَيْد الله القاضي، عَنْ عَبْد المُلْك
بْن بِشْران.
وبهَمَذَان مِن: عَبْد الواحد بْن علي الصُّوفيّ، عَنْ محمد بْن
عليّ بْن حَمْدَوَيْه الطّوسيّ.
وبالمدينة النبويّة مِن: طِراد الزَّيْنَبيّ.
(35/112)
وبواسط مِن صَدَقة بْن محمد المتولّي.
وبساوة مِن: محمد بْن أحمد الكامِخيّ.
وبأسَدَاباذ مِن: أبي الْحَسَن عليّ بْن محمد المحلميّ، عَنِ
الحِيريّ.
وبالأنبار مِن: أَبِي الْحَسَن عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد
الخطيب.
وبإسْفَرايِن مِن: عَبْد المُلْك بْن أحمد العدْل، عَنْ عليّ بْن
محمد بْن عليّ السّقّاء.
وبآمُل طَبَرِسْتان مِن: الْفَضْلُ بْن أحمد البصْريّ، عَنْ جدّه،
عَنْ أبي أحمد بن عَدِيّ.
وبالأهواز من: عُمَر بْن محمد بْن حَيْكان النَّيْسابوريّ، عَنِ
ابن ريذة.
وببِسْطام مِن: أبي الْفَضْلُ محمد بْن عليّ السَّهْلكيّ، عَنِ
الحيريّ.
وبخُسْرُوجِرْد مِن: الْحَسَن بْن أحمد الْبَيْهَقيّ، عن الحيري.
فهذه أربعون مدينة قد سمع فيها الحديث، وسمع في بلدان أُخَر
تركتُها.
روى عَنْهُ: شِيرَوَيْه الْهَمَذَانيّ، وأبو جعفر محمد بْن
الْحَسَن الْهَمَذَانيّ، وأبو نصر أحمد بْن عمر الْغَازي، وعبد
الوهّاب الأنْماطيّ، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وطائفة كبيرة، آخرهم
موتًا محمد بْن إسماعيل الطَّرَسُوسيّ الإصبهانيّ.
قَالَ أبو القاسم بْن عساكر: سمعتُ إسماعيل بْن محمد بْن الْفَضْلُ
الحافظ يَقُولُ: أحفظ مِن رَأَيْت محمد بْن طاهر.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ في "تاريخه": كَانَ أحد الحُفّاظ، حسن
الاعتقاد، جميل الطّريقة، صدوقًا، عالمًا بالصحيح والقيم، كثير
التّصانيف، لازمًا للأثَر.
وقال السّلَفيّ: سَمِعْتُ ابن طاهر يقول: كتبت "صحيح البخاري"
و"مسلم" و"ابن داود" سبْعٍ مرّات بالوراقة، وكتبت "سُنَن ابن ماجه"
بالوراقة عشر مرّات، سوى التّفاريق بالرَّيّ.
وقال ابن السّمعانيّ: سَأَلت أبا الْحَسَن محمد بْن أَبِي طَالِب
عَبْد المُلْك الفقيه بالْكَرَج، عَنْ محمد بْن طاهر، فقال: ما
كَانَ عَلَى وجه الأرض لَهُ نظير. وعظَّمَ أمره، ثمّ قَالَ: كَانَ
داوديَّ المذهب.
(35/113)
قَالَ لي: اخترت مذهب داود.
فقلت: لَهُ: ولم؟ قَالَ: كذا اتّفق.
فسألته عَنْ أفضل من رأى، فقال: سعد الزنجاني، وعبد الله بْن محمد
الأنصاريّ.
وقال أبو مسعود الحاجّيّ: سَمِعْتُ ابْن طاهر يَقُولُ: بُلْتُ
الدَّم في طلب الحديث مرَّتين. مرَّة ببغداد، ومرّة بمكّة. وذاك
أنّي كنت أمشي حافيا في حرّ الهواجر، فلحِقَني ذَلِكَ. وما ركبتُ
دابّةً قطّ في طلب الحديث. وكنتُ أحمل كُتُبي عَلَى ظهري، إلى أن
استوطنت البلاد. وما سَأَلت في حال الطّلب أحدًا. وكنت أعيش عَلَى
ما يأتي مِن غير مسألة1.
وقال ابن السّمعانيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ بعض المشايخ يَقُولُ: كَانَ
ابن طاهر يمشي في ليلة واحدة قريبًا مِن سبعة عشر فرسخًا. وكان
يمشي عَلَى الدّوام باللّيل والنّهار عشرين فرسخًا.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا
خليل بْن أَبِي الرجاء الرازانيّ، نا محمد بْن عَبْد الواحد
الدّقّاق قَالَ: محمد بْن طاهر كَانَ صوفيا مَلامتّيا، سكن
الرَّيّ، ثمّ هَمَذَان. لَهُ كتاب "صَفْوة الصُّوفيّة". لَهُ أدنى
معرفة بالحديث في باب شيوخ الْبُخَارِيّ ومسلم، وغيرهما. شاهدناه
بجرجان، ونيسابور. ذكر لي عَنْهُ حديث الإباحة، أسأل الله أن
يُجَنّبنا منها، وممن يَقُولُ بها من الرجال والنساء، والأخابث
الكحلية من جوانية زماننا، وصوفيّة وقتنا، وأن ينقذنا مِن المعاصي
كلّها، وهم قومٌ ملاعين، لهم رموز ورَطَانات، وضلالة، وخذْلان،
وإباحات، إنّ قولهم عند فعل الحرام المنع شُؤم، والسّراويل حجاب.
وحال المذنبين مِن شربة الخمور والظَّلَمة، يعني خير منهم.
وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر ممّن لَا يُحْتَجّ بِهِ. صنَّف
كتابًا في جواز النَّظر إلى المُرْد، أورد فيه حكاية يحيى بْن
مَعِين أنّه قَالَ: رَأَيْت جارية بمصر مليحة صلّي الله عَليْهَا.
فقيل لَهُ: تُصلّي عليها؟! فقال: صلى الله عليها وعلى كل مليح.
__________
1 تاريخ دمشق، مختصر تاريخ دمشق "22/ 247".
(35/114)
ثمّ قَالَ ابن ناصر: كَانَ يذهب مذهب
الإباحة. يعني في النَّظَر إلى المِلاح. وإلّا فلو كَانَ يذهب إلى
إباحة مطلَقَة لكان كافرًا، والرجل مُسْلم متَّبِع للأثر، سَيّء.
وإن كَانَ قد خالف في أمورٍ مثل جواز السّماع، وقد صنَّف فيه
مصنّفًا ليته لَا صنّفه.
وقال ابن السّمعانيّ: سألت عَنْهُ إسماعيل الحافظ، فتوقّف، ثمّ
أساء الثّناء عَليْهِ. وسمعت أبا القاسم بْن عساكر يَقُولُ: جمع
ابن طاهر أطراف الصّحيحين، وأبي داود، والتّرْمِذيّ، والنَّسَائيّ،
وابن ماجه، وأخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشًا. رَأَيْته يخطّ عند
أَبِي العلاء العطّار.
وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر كَانَ لُحَنَة وكان يصحّف. قرأ وإنّ
جبينه لَيَتَقَصَّدُ عرقًابالقاف1 فقلتُ: بالفاء، فكابَرَني.
وقال السّلَفيّ: كَانَ فاضلًا يعرف، ولكنه كان لحنة. حكى لي
المؤتمن قَالَ: كنّا بهَرَاة عند عَبْد الله الأنصاريّ، وكان ابن
طاهر يقرأ ويَلْحَن، فكان الشَّيْخ يحرّك رأسه ويقول: لَا حَوْلَ
وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ.
وَقَالَ ابن طاهر: وُلِدتُ في شوّال سنة ثمانٍ وأربعين ببيت
المقدس، وأوّل ما سَمِعْتُ سنة ستّين2.
ورحلت إلى بغداد سنة سبْعٍ وستّين. ثمّ رجعت إلى بيت المقدس،
فأحرمت مِن ثَمَّ إلى مكّة.
وقال ابن عساكر3: كَانَ ابن طاهر لَهُ مصنَّفات كثيرة، إلّا أنّه
كثير الوهْم، وله شِعْر حسن، مَعَ أنّه كَانَ لَا يُحسن النَّحْو.
وله كتاب "المختلف والمؤتلف".
وقال ابن طاهر في "المنثور": رحلت مِن مصر إلى نَيْسابور، لأجل
أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن المحبّ صاحب أَبِي الحُسَيْن
الْخَفّاف، فلمّا دخلت عَليْهِ قرأت في أوّل مجلس جزءين مِن حديث
أَبِي العبّاس السَّرَّاج فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدت أنّي نلته
بغير تعبٍ، لأنّه لم يمتنع علي، ولا طالبني بشيء، وكل حديث من
الجزءين يسوى رحلة.
__________
1 يريد الحديث الذي أخرجه البخاري "2"، ومسلم "2333".
2 التقييد لابن نقطة "69".
3 في تاريخ دمشق ومختصر تاريخ دمشق "22/ 247".
(35/115)
وقال: لمّا قصدت الإسكندرية كَانَ في
القافلة مِن رشد إليها رجلٌ مِن أهل الشّام، ولم أدْرِ ما قصْده في
ذَلِكَ. فلمّا كانت اللّيلة الّتي كُنَّا في صبيحتها ندخل
الإسكندريّة رحلنا باللّيل، وكان شهر رمضان، فمشيت قُدّام القافلة،
وأخذتُ في طريق غير الجادّة، فلمّا أصبح الصّبّاح، كنت عَلَى غير
الطّريق بين جبال الرّمْل، فرأيتُ شيخًا في مِقْثأة، فسألته عَنِ
الطّريق، فقال: تصعد هذا الرمل، وتنظر البحر وتقصده، فإنّ الطريق
عَلَى شاطئ البحر. فصعدت الرمل، ووقعت في قصب الأقلام، وكنت كلما
وجدت قلمًا مليحًا اقتلعته، إلى أن اجتمع مِن ذَلِكَ حزْمة عظيمة،
وحمِيَت الشمس وأنا صائم، وكان الصَّيْف. فتعبت، فأخذت أنتقي
الجيّد، وأطرح سواه، إلى أن بقي معي ثلاثة أقلام لم أر مثلها؛ طول
كلّ عُقْدة شِبْرين وزيادة: فقلت إنّ الْإنْسَان لَا يموت مِن حمل
هذه. ووصلتُ إلى القافلة المغرب، فقام إليَّ ذَلِكَ الرجل وأكرمني.
فلمّا كَانَ في بعض اللّيل رحلت القافلة، فقال لي: إنّ في هذه
اللّيلة مُكس، ومعي هذه الفضّة، وعليها العُشر، فإنْ قدرت وحملتها
معك، لعلّها تَسْلَم، فعلتَ في حقّي جميلًا.
فقلت: أفعل.
قَالَ: فحملتها ووصلت الإسكندرية وسلمت، ودفعتها إِليْهِ فقال:
تحبّ أن تكون عندي، فإنّ المساكنة تتعذّر.
فقلت: أفعل.
فلمّا كَانَ المغرب صلّيت، ودخلت عَليْهِ، فوجدته قد أخذ الثّلاثة
الأقلام، وشقّ كلّ واحدٍ منها نصفين، وشدّها شدّة واحدة، وجعلها
شبه المسرَجَة وأقعد السَّرَّاج عليها. فلحِقَني مِن ذَلِكَ مِن
الغمّ شيءٌ لم يمكنيّ أن آكل الطّعام معه، واعتذرت إليه، وخرجت إلى
المسجد، فلمّا صلّيت التّراويح، أقمت في المسجد، فجاءني القيّم
وقال: لم تجر العادة لأحدٍ أن يبيت في المسجد.
فخرجت وأغلق الباب، وجلست عَلَى باب المسجد، لا أدري إلى أَيْنَ
أذهب، فبعد ساعةٍ عبر الحارس، فأبصرني، فقال لي: مِن أنت؟ فقلت:
غريب مِن أهل العِلْم، وحكيت لَهُ القصّة.
(35/116)
فقال: قُم معي. فقمت معه، فأجلسني في
مركزه، وثمَّ سراجٌ جيّد، وأخذ يطوف ويرجع إلى عندي، واغتنمت أَنَا
السَّرَّاج، فأخرجت الأجزاء، وقعدت أكتب إلى وقت السَّحَر، فأخرج
إليَّ شيئًا مِن المأكول، فقلت: لم تجر لي عادة السُّحُور.
وأقمتُ بعد هذا بالإسكندرية ثلاثة أيّام، أصوم النّهار، وأبيت
عنده، واعتذر إليه وقت السَّحَر، ولا يعلم إلى أن سهَّل الله بعد
ذَلِكَ وفتح.
وقال: أقمت بِتّنيس مدّةً عَلَى أبي محمد بْن الحدّاد ونُظَرائه،
فضاق بي، ولم يبق معي غير درهم، وكنت في ذَلِكَ أحتاج إلى خبز،
وأحتاج إلى كاغَذ، فكنت أتردّد إنْ صرفته في الخبر لم يكن لي كاغذ،
وإنْ صرفتُهُ في الكاغَذْ لم يكن لي خبز، ومضى على هذا ثلاثة أيّام
ولياليهنّ لم أُطْعَم فيها، فلمّا كَانَ بُكْرَةَ اليوم الرابع قلت
في نفسي: لو كَانَ لي اليوم كاغَذ لم يمكن أن أكتب فيه شيئًا لما
بيَ مِن الْجُوع، فجعلت الدّرهم في فمي، وخرجتُ لأشتري الخبز،
فبَلَعْتُه، ووقع عليّ الضَّحك، فلِقيني أبو طاهر بْن حُطَامة
الصّائغ، المواقيتيّ بها وأنا أضحك، فقال لي: ما أضحكك؟
فقلت: خير.
فألحَّ علي وأبيت، فحلف بالطّلاق لَتَصْدُقَنّي لم تضحكْ؟ فأخبرته.
وأخذ بيدي، وأدخلني منزله، وتكلَّف لي ذَلِكَ اليوم أطعمة، فلمّا
كَانَ وقت صلاة الظُّهر خرجت أَنَا وهو إلى الصّلاة، فاجتمع بِهِ
بعض وكلاء عامل تِنّيس، فسأله عنّي، فقال: هُوَ هذا. فقال: إنّ
صاحبي منذ شهر أمرني أن أوصل إِليْهِ في كلّ يوم عشرة دراهم،
قيمتها ربع دينار، وسهوت عنه.
قال: فأخذ منه ثلاثمائة درهم، وجاءني وقال: قد سهّل الله رزقًا لم
يكن في الحساب. وأخبرني بالقصّة، فقلت: تكون عندك، ونكون عَلَى ما
نَحْنُ من الاجتماع إلى وقت الخروج، فإنني وحدي. ففعل. وكان بعد
ذَلِكَ يصِلُني ذَلِكَ القدر، إلى أن خرجت مِن البلد إلى الشّام.
وقال: رحلت مِن طوس إلى إصبهان لأجل حديث أبي زُرْعة الرّازيّ
الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْهُ في "الصّحيح"1، ذاكَرَني بِهِ
بعض الرّحّالة باللّيل، فلمّا أصبحت شددت عليَّ، وخرجت إلى إصبهان،
فلم أحلُلْ عنّي حتّى دخلت عَلَى الشَّيْخ أبي
__________
1 انظر صحيح مسلم "2739"، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء.
(35/117)
عَمْرو، فقرأته عَليْهِ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ أَبِي بَكْر القطّان، عَنْ أَبِي زُرْعة، ودفع إليَّ ثلاثة
أرغفة وكُمّثْراتَيْن، ثمّ خرجتُ مِن عنده إلى الموضع الَّذِي نزلت
فيه، وحَللْت عنّي.
وقال: كنت ببغداد في أوّل الرحلة الثّانية مِن الشّام، وكنت أنزل
برباط الزّوزنيّ وكان بِهِ صوفيّ يُعرف بأبي النّجم، فمضى علينا
ستّة أيام لم نطْعَم فيها، فدخل عليَّ الشَّيْخ أبو عليّ المقدسيّ
الفقيه، فوضع دينارًا وانصرف، فدعوتُ بأبي النّجم وقلت: قد فتح
الله بهذا، أيّ شيء نعمل بِهِ؟.
فقال: تعبر ذاك الجانب، وتشتري جبزًا، وشِواءً، وحلْواء، وباقِلَّى
أخضر، ووردًا، وخسًا بالجميع، وترجع. فتركت الدّينار في وسط
مجلَّدة معي وعبرت، ودخلت عَلَى بعض أصدقائنا، وتحدّثت عنده ساعة،
فقال لي: لأيّ شيءٍ عبرت؟.
فقلت لَهُ.
فقال: وأين الدينار؟ فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده،
فضاق صدري ونمت، فرأيت في المنام كأنّ قائلًا يَقُولُ لي: أليس قد
وضعته في وسط المجلَّدة؟ فقمت مِن النّوم، وفتحت المجلَّدة، وأخذت
الدّينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته عَلَى رأسي، ورجعت
إِليْهِ وقد أبطأتُ عليه، فلم أُخبره بشيءٍ إلى أن أكلت، ثمّ
أخبرته، فضحك وقال: لو كَانَ هذا الأكل لكنت أبكي.
وقال: كنت ببغداد في سنة سبْعٍ وستّين، فلمّا كَانَ عشيّة اليوم
الَّذِي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا عَلَى الشَّيْخ أَبِي
إِسْحَاق جماعة مِن أهل الشّام، وسألناه عَنِ الْبَيْعة، كيف كانت؟
فحكى لنا ما جرى، ثم نظر إلي، وأنا يؤمئذ مختطّ، وقال: هُوَ أشبهُ
النّاس بهذا. وكان مولد المقتدي في الثاني عشر مِن جمادي الأولى
سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوّال مِن هذه السّنة.
قَالَ أبو زُرْعة طاهر بْن محمد بْن طاهر: أنشدني أَبِي لنفسه:
لمّا رَأَيْت فتاة الحيّ قد برزَتْ ... مِن الحِطَم تَرُوم
السَّعيَ في الظُّلمِ
ضوءُ النّهار بدا مِن ضوء بهجتها ... وظُلْمةُ اللّيل مِن
مسْوَدّها الفحمِ
خدعتها بكلامِ يُستلَذُّ بِهِ ... وإنّما يُخْدع الأحرارُ بالكلمِ
وقال المبارك بْن كامل الخفّاف: أنشدنا ابن طاهر لنفسه:
(35/118)
ساروا بها كالبدر في هودجٍ ... يميس
محفوفًا بأترابه
فاستعبرتْ تبكي، فعاتَبْتُها ... خوفًا مِن الواشي وأصحابه
فقلت: لَا تبكِ عَلَى هالكٍ ... بعدَكِ ما يبقى عَلَى ما بِهِ
للموت أبوابٌ، وكل الورى ... لا بد أن تدخل مِن بابه
وأحسنُ الموتِ بأهل الهوى ... مِن مات مِن فُرْقة أحبابه
وله:
خلعتُ العِذارَ بلا مِنّةٍ ... عَلَى مِن خلعت عَليْهِ العِذارا
وأصبحت حَيْران لَا أرتجي ... جَنانًا ولا أتّقي فيه نارًا1
وقال شِيرَوَيْه في "تاريخ هَمَذَان": محمد بْن طاهر سكن هَمَذَان،
وبنى بها دارًا. وكان ثقة، صدوقًا، حافظًا، عالمًا بالصّحيح
والسّقيم، حسن المعرفة بالرجال والمُتُون، كثير التّصانيف، جيّد
الخطّ، لازمًا للأثر، بعيدًا مِن الفُضول والتّعصُّب، خفيف الرّوح،
قويّ السَّير في السَّفَر، كثير الحجّ والعُمْرة. كتب عَنْ عامّة
مشايخ الوقت.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات ابن طاهر عند قدومه بغداد من الحجّ يوم
الجمعة في ربيع الأوّل.
وقال أبو المُعَمَّر: تُوُفّي يوم الجمعة النّصف مِن ربيع الأوّل
ببغداد.
196- محمد بْن أَبِي العباس أحمد بن محمد أحمد بْن إسحاق2. الرئيس
أبو المظفَّر الأُمَويّ، الْمَعَاويّ، الأبِيَوَرْدِيّ،
اللُّغَويّ، الشّاعر المشهور، مِن أولاد عَنْبَسة بْنِ أَبِي
سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ.
كَانَ أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللُّغة والأنساب، وغير
ذَلِكَ. وله تصانيف كثيرة مثل "تاريخ أَبِيَوردْ ونَسَا".
وكان حَسَن السّيرة، جميل الأمر، مَنْظرانيا مِن الرجال، وكان فيه
تيه تكبر.
__________
1 عيون التواريخ "12/ 26".
2 المنتظم "9/ 176، 177"، والكامل في التاريخ "10/ 500"، واللباب
"3/ 230"، وسير أعلام النبلاء "29/ 283-292"، والبداية والنهاية
"12/ 176".
(35/119)
وكان يفتخر بنسَبِه ويكتب: الْعَبْشَميّ
الْمَعَاويّ، لا أنّه مِن وُلِد معاوية بْن أبي سُفْيان، بل مِن
وُلِد معاوية بْن محمد بْن عثمان بْن عَنْبَسة بْن أَبِي سُفْيان1.
وله شِعْرٌ فائق، وقسَّم ديوان شِعْره إلى أقسام، منها العراقيّات،
ومنها النَّجْديّات2، ومنها الْوَجْديّات.
وأثنى عليه أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ في "تاريخه" بحسن العقيدة،
وحميد الطريقة، وكمال الفضلية.
وقال ابن السّمعانيّ: صنَّف كتاب "المختلف"، وكتاب "طبقات
العِلْم"، "وما اختلف وائتلف مِن أنساب العرب".
وله في اللُّغة مصنَّفات ما سُبِق إليها.
سَمِعَ: إسماعيل بْن مَسْعدة الإسماعيليّ، وأبا بَكْر بْن خلف
الشّيرازيّ، ومالك بْن أحمد البانياسي، وعبد القاهر الْجُرْجانيّ
النَّحْويّ.
وسمعتُ غير واحد من شيوخي يقولون: إنّه كَانَ إذا صلّي يَقُولُ:
اللهمَّ ملّكني مشارق الأرض ومغاربها.
وذكره عَبْد الغافر فقال: فَخْر العرب، أبو المظفّر
الأبِيَوَرْدِيّ، الكوفنيّ، الرئيس، الأديب، الكاتب، النَّسّابة،
مِن مفاخر العصر، وأفاضل الدهر. لَهُ الفضائل الرائقة، والفصول
الفائقة، والتّصانيف المعجزة، والتّواليف المعجبة، والنَّظْم
الَّذِي نسخ أشعار المحدثين، ونسج فيه عَلَى منْوال الْمَعَرّي ومن
فوقه مِن المفلِقين. رَأَيْته شابًا قام في درس إمام الْحَرَمَيْن
مِرارًا، وأنشأ فَيه قصائد طِوالًا كبارًا، يلفظها كما يشاء
زَبَدًا مِن بحر خاطره، كما نشأ ميسّر لَهُ الإنشاء، طويل
النَّفَس، كثير الحِفْظ، تلتفت في أثناء كلامه إلى النّثْر
والوقائع والاستنباطات الغريبة. خرج إلى العراق، وأقام مدّة يجذب
فضله بطبعه، ويشتهر بين الأفاضل كمال فضله، ومتانة طبْعه حتّى ظهر
أمره، وعلا قَدره، وحصل لَهُ مِن السّلطان مكانة ونعمة.
ثمّ كَانَ يرشح مِن كلامه نوعُ تشبُّث بالخلافة، ودعوةٌ إلى أتّباع
فضله، ادّعاء استحقاق الإمامة. تبيض وساوس الشّيطان في رأسه
وتفرّخ، ويرفع الكِبْرَ بأنفه،
__________
1 الأنساب "11/ 387".
2 الأنساب "11/ 387".
(35/120)
ويَشْمُخ، فاضطّره الحال إلى مفارقة بغداد،
ورجع إلى هَمَذَان، فأقام بها يدرّس ويفيد، ويصنَّف مدّة.
ومن شِعْره:
وهَيْفاء لَا أُصغي إلى مِن يَلُومُني ... عليها ويُغْريني أن
يَعيبَها
أميل بإحدى مُقْلَتَيَّ إذا بَدَتْ ... إليها، وبالأُخْرى أُراعي
رقيبَها
وقد غَفَلَ الواشي فلم يدْرِ أنّني ... أخَذْتُ لعيني مِن
سُلَيْمَى نصيبَها1
وله:
أكوكبٌ ما أرى يا سَعْد أمْ نارُ ... تشُبُّهَا سَهْلَةُ
الْخَدَّين مِعْطارُ
بيضاءُ إنّ نَطَقَتْ في الحيّ أو نَظَرَتْ ... تَقَاسَمَ الشَّمْس
أسماعٌ وأبصارُ
والرَّكْبُ يسيرون والظَّلْماءُ راكدةٌ ... كأنَّهُمْ في ضمير
اللّيل أسرارُ
فاسْرَعُوا وطُلا الأعناقِ مائلةٌ ... حيثُ الوسائدُ للنُّوَّام
أكوارُ2
عَنْ حمّاد الْحَرّانيّ قَالَ: سَمِعْتُ السّلَفيّ يَقُولُ: كَانَ
الأبِيَوَرْدِيّ -والله- مِن أهل الدّين والخير والصَّلاح
والعِفّة، قَالَ لي: والله ما نمت في بيتٍ فيه كتاب الله، أو حديث
رسول لله، احترامًا لهما أن يبدو منّي شيء لَا يجوز.
أنشدنا أبو الحُسَيْن النُّوبيّ، أَنَا جعفر، نا السّلَفيّ: أنشدنا
الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
وشادنٍ زارني عَلَى عَجَلٍ ... كالبدر في صَفْحة الدُّجا لَمَعَا
فلم أزلْ مُوهِنًا لحديثه ... والبدْرُ يُصْغي إليّ مستعما
وصلْتُ خدّي بخدّه شَغَفًا ... حتى التقى الرَّوْض والغدِيرُ معًا3
وقال أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ: سُئل الأديب أبو المظفَّر
الأبِيَوَرْدِيّ عَنْ أحاديث الصّفات، فقال: نُقِرَّ ونَمُرّ.
وقال أبو الْفَضْلُ بْن طاهر المقدسيّ: أنشدنا أبو المظفَّر
الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 287"، وعيون التواريخ "12/ 29".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 287".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 285".
(35/121)
يا مِن يُساجِلُني وُلّيس بمُدْرِكٍ ...
شأوي، وأين لَهُ جلالةُ مَنْصبي
لا تَتْعَبَنّ فدُونَ ما حاوَلْتَهُ ... خَرْطُ الْقَتَادة
وامتطاءِ الكواكبِ
والمجدُ يعلمُ أيُّنَا خيرٌ أبًا ... فأسالْهُ يعلم أيُّ ذي حَسَبٍ
أَبِي
جدّي مُعاويةُ الأَغَرّ سَمَتُ بِهِ ... جُرثُومةٌ مِن طِينها
خُلِق النَّبِيّ
ورّثْتُهُ شرَقًا رفعتُ مَنَاره ... فبنو أُمَيَّة يفخرون بِهِ
وبي1
وَقِيلَ: إِنَّهُ كتب رقعة إلى الخليفة المستظهر بالله، وَعَلَى
رأسها: المملوك المعاوي، فحك الخليفة الميم، فصار العاوي، ورد
إِلَيْهِ الرقعة2.
ومن شِعْره:
تنكَّر لي دهري ولم يدر أنّني ... أعزّ وأحداث الزّمان تَهُونُ
فبات يُريني الخطْب كيف اعتداؤه ... وبِتُّ أريه الصَّبْرَ كيف
يكون3
ومن شِعْره:
نزلنا بنُعْمان الأراكِ وللنَّدَى ... سَقيطٌ بِهِ ابتلَّتْ علينا
المطارفُ
فبِتُّ أُعاني الوجْدَ والركْبُ نُوَّمُ ... وقد أخَذَتْ منّا
السّرَى والتّنائفُ
وإذا خُودًا إنْ دَعاني عَلَى النَّوَى ... هواهَا أجابتْهُ
الدّموعُ الذَّوارفُ
لها في مَغَاني ذَلِكَ الشّعْبِ منزلٌ ... لئنْ أنْكَرَتْه العينُ
فالقلبُ عارفُ
وقفتُ بِهِ والدَّمْع أكثرُهُ دَمٌ ... كأنيّ مِن جفني بنعمان راعف
أنشدنا أبو الحسن ببَعْلَبَكّ: أنشدنا أبو الْفَضْلُ
الْهَمَذَانيّ: أنشدنا السّلَفيّ: أنشدنا الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
مِن رَأَى أشباحَ تِبْرٍ ... حُشيَتْ رِيقةَ نَحلهْ
فجمعناها بُذُورًا ... وقَطَعْناها أهِلَّهْ
توفي بأصبهان في ربيع الأول مسمومًا.
__________
1 معجم الأدباء "17/ 262"، وسير أعلام النبلاء "19/ 287، 288".
2 الأنساب "11/ 387".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 287"، والبداية والنهاية "12/ 176"،
والنجوم الزاهرة "5/ 207".
(35/122)
197- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد
الواحد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه بْن
محمد بْن الحَجّاج بْن مندوَيْه.
أبو منصور الإصبهاني، الشُّرُوطيّ، المعدّل.
سَمِعَ: أبا نُعَيْم.
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في الثّامن،
وقيل: السّادس، والعشرين مِن جُمَادَى الآخرة.
198- محمد بْن عيسى بْن محمد اللَّخْميّ1. أبو بَكْر الأندلسيّ،
الشّاعر، المعروف بابن اللّبّانة الدّانيّ.
كَانَ مِن جِلّة الأُدباء وفحول الشّعراء، مَعِين الطّبع، واسع
الذَّرْع، عزيز الأدب، قويّ العارضة، متصرّفًا في البلاغة.
لَهُ تصانيف. لَهُ كتاب "مناقل الفتنة"، وكتاب "نَظْم السلوك في
وعظ المملوك"، وكتاب "سقيط الدّرّ ولقيط الزّهر" في شِعْر ابن
عبّاد، ونحو ذَلِكَ. وديوان شِعْره موجود.
أخذ عَنْهُ: أبو عَبْد الله بْن الصَّفّار.
وتُوُفّي بمَيُورقَة.
وقد سُقْتُ من شِعْره في ترجمة المعتمد بْن عبّاد. وكان مِن كبراء
دولة محمد بن صمادح.
وهو القائل في صاحب مَيُورقَة مبشّر العامريّ:
وضَحتْ وقد فضحتْ ضياءَ النّيّر ... فكأنّما التحفتُ ببشِرْ مبشّر
وتبسّمتْ عَنْ جوهرٍ فحسِبْتُهُ ... ما قلّدته محامدي مِن جوهر
وتكلَّمتْ فكان طِيبُ حديثها ... متعب منه بطيب مسك وإذفر
هزّت بنَغَمة لفْظِها نفسي كما ... هزّت بذِكراه أعالي المنبر
ولئمت فاها فاعتقدت بأنّني ... مِن كفّه سوّغت لثْم الخنصر
__________
1 العبر "4/ 15"، وشذرات الذهب "4/ 20"، ومعجم المؤلفين "11/ 108".
(35/123)
بمعاطِف تحت الذّوائب خِلْتُها ... تحت
الخوافق ما لَهُ مِن سمْهَرِي
ملك أزِرّة بُردِه ضُمّت عَلَى ... بأس الوصيّ وعزْمة الإسكندر
وهي طويلة.
199- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن محمد. الآبنُوسي، أبو غالب بْن
أبي الحُسَيْن.
روى عَنْ أبيه.
وعنه: المُعَمَّر بْن أحمد، وأبو طاهر السّلَفيّ.
مات في شوّال، وله ثمانون سنة.
200- محمد بْن مكّيّ بْن دُوَسْت1. أبو بَكْر البغداديّ.
يروي عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ، والقاضي أَبِي الطَّيّب.
وعنه: السّلَفيّ، وابن خُضَيْر.
201- محمد بن وهبان. أبو المكارم البغداديّ.
روى عَنْ: أَبِي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي محمد الجوهريّ.
تُوُفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل.
202- المفضَّل بْن عَبْد الرّزّاق2.
سديد الدّين، أبو المعالي الإصبهانيّ، صاحب ديوان الحسن ببغداد.
ولد بعد الأربعين وأربعمائة.
وتفقه عَلَى: أبي بَكْر محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ.
وولي ديوان العرض، ورأى مِن الجاه والمال ما لم يكن لعارض.
__________
1 المنتظم "9/ 179".
2 الكامل في التاريخ "10/ 329".
(35/124)
قِدم بغداد مَعَ السّلطان بَركْيَارُوق سنة
أربعٍ وتسعين وأربعمائة فأقام بها، فسفر لَهُ أبو نصر بْن
الْمَوْصِلايا كاتب الإنشاء في الوزارة، وطلب، وخلع عَليْهِ خِلَع
الوزارة.
وكان ابن الْمَوْصلايا يجلس إلى جانبه فيسدّده، لأنه كَانَ لَا
يعرف الاصطلاح، ثمّ عُزِل بعد عشرة أشهر. وكانت حاشيته سبعين
مملوكًا مِن الأتراك، فاعتُقِل بدار الخلافة سنةً، ثمّ أُطِلق
بشفاعة بركْيَارُوق، فتوجّه إلى المعسكر، فولّاه السّلطان
الاستيفاء، ثمّ صودر، وجَرَت لَهُ أمور.
تُوُفّي في ربيع الأوّل. ورخّه أبو الْحَسَن الْهَمَذَانيّ.
203- مَلَكَةُ بنتُ دَاوُد بْن محمد1. الصُّوفيّة، العالمة.
سَمِعْتُ بمصر سنة اثنتين وخمسين مِن الشّريف أحمد بْن إبراهيم بْن
ميمون الحُسَينيّ. وبمكة مِن كريمة.
وسكنت مدّة بدُوَيْرة السُّمَيْساطيّ بدمشق.
سَمِعَ منها: غيث بْن عليّ، وقال: سألتها عَنْ مولدها، فذكرت انّه
عَلَى ما أخبرتها أمُّها في ربيع الأول سنة وأربعمائة، بناحية
جَنْزة، ونشأت بتَفْلِيس.
توفيت بشوال سنة سبْعٍ، ولها مائة وخمسُ سِنين.
قَالَ ابن عساكر: أجازت لي، وحضرتُ دفْنَها بمقبرة باب الصّغير.
204- المؤتمن بْن أحمد بن عليّ بن الحسين بن عبد الله2. الحافظ أبو
نصر الرَّبَعيّ، الدَّيْرعَاقُوليّ، ثمّ البغداديّ، المعروف
بالسّاجيّ. أحد أعلام الحديث.
حافظ كبير، متقْن، حُجّة، ثقة، واسع الرحلة، كثير الكتابة، ورِع،
زاهد.
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن النّقور، وعبد العزيز بْن علي الأنماطي،
وأبا القاسم بن البسري، وأبا القاسم عبد الله بن الجلال، وأبا نصر
الزَّيْنَبيّ، وإسماعيل بْن مَسْعَدة، وخلْقًا ببغداد.
__________
1 تاريخ دمشق "تراجم النساء 393".
2 المنتظم "19/ 179، 180"، وسير أعلام النبلاء "19/ 308-311"،
وتذكرة الحفاظ "4/ 1246-1248"، والبداية والنهاية "12/ 7178".
(35/125)
وأبا بَكْر الخطيب بصور؛ وأبا عثمان بْن
ورقاء ببيت المقدس؛ والحسن بْن مكّيّ الشّيرازيّ بحلب.
ولم أره سَمِعَ بدمشق، ولا كأنّه رآها. ودخل إلى إصبهان فسمع: أبا
عَمْرو عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَهْ، وأبا منصور بْن شكروَيْه،
وطبقتهما.
وبنَيْسابور: أبا بَكْر بْن خلف.
وبهَراة: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عامر الأزْديّ، وهؤلاء وأبا
علي التستري وجماعة بالبصرة.
ثم سَمِعَ ببغداد ما لَا يُحْصَر، ثمّ تزهّد وانقطع.
روى عَنْهُ: سَعْد الخير الأنصاريّ، وأبو الْفَضْلُ بْن ناصر، وأبو
المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو طاهر
السّلَفيّ، وأبو سعد البغداديّ، وأبو بَكْر بْن السّمعانيّ، ومحمد
بْن عليّ بْن فولاذ، وطائفة.
قَالَ ابن عساكر: سَمِعْتُ أبا الوقت عَبْد الأوّل يَقُولُ: كَانَ
الإمام عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ إذا رَأَى المؤتمن يَقُولُ:
لَا يمكن أحد أن يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما دام هذا حيا. حدَّثني أخي أبو الحُسَيْن
هبة الله قَالَ: سَأَلت السّلَفيّ، عَنِ المؤتمن السّاجيّ، فقال:
حافظ متقن، لم أر أحسن قراءةً منه للحديث، تفقَّه في صباه عَلَى
الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وكتب "الشامل"، عَنِ ابن الصَّبّاغ بخطّه،
ثمّ خرج إلى الشّام، فأقام بالقدس زمانًا. وذكر لي أنّه سَمِعَ مِن
لفظ أَبِي بَكْر الخطيب حديثًا واحدًا، بصور، غير أَنَّهُ لم يكن
عنده نسخة. وكتب ببغداد كتاب "الكامل" لابن عَدِيّ، عَنِ ابن
مَسْعَدة الإسماعيليّ؛ وكتب بالبصرة السُّنَن عَنِ التُّسْتَرِيّ.
وانتفعت بصُحبته ببغداد، ونُعي إليَّ وأنا بثغر سَلَمَاس، وصلّينا
عَليْهِ صلاة الغائب يوم الجمعة.
وقال أبو النَّضْر الفاميّ: أقام المؤتمن بهَرَاة نحو عشر سنين،
وقرأ الكثير، وكتب "الجامع" للتّرْمِذيّ ستٌّ كرّات. وكان فيه
صَلَفُ نفْسِ، وقناعة، وعفّة واشتغال بما يعنيه.
وقال أبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ: ما رَأَيْت بالعراق من
يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن السّاجيّ ببغداد، وإسماعيل بْن
محمد التَّيْميّ بإصبهان.
(35/126)
وسمعت المؤتمن يَقُولُ: سَأَلت عَبْد الله
بْن محمد الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ الخالديّ، فقال: كَانَ لَهُ
في الكذب قصّة، ومن الحِفْظ حِصّة.
وقال السّلَفيّ: لم يكن ببغداد أحسن قراءةً للحديث منه، يعني
السّاجيّ، كَانَ لَا يملّ قراءته وإن طالت. قرأ لنا عَلَى أَبِي
الحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ كتاب "الفاضل" للرّامَهُرْمُزِيّ في
مجلس.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ الحافظ: قِدم المؤتمن السّاجيّ إصبهان،
وسمع مِن والدي كتاب "معرفة الصحابة" وكتاب "التوحيد" و"الأمالي"،
و"حديث ابن عُيَيْنَة" لجدّي، فلمّا أخذ في قراءة "غرائب شُعْبَة"
بلغ إلى حديث عُمَر في لبْس الحرير فلمّا انتهى إلى آخر الحديث
كَانَ الوالد في حال الانتقال إلى الآخرة، وقضى نحْبه عند انتهاء
ذَلِكَ بعد عشاء الآخرة. هذا ما رأينا وشاهدنا وعَلِمْنا. ثمّ قدم
أبو الْفَضْلُ محمد بْن طاهر سنة ست وخمسمائة، وقرأنا عَليْهِ
جزءًا مِن مجموعاته، وقرأ عَليْهِ أبو نصر اليُونارتيّ جزءًا مِن
الحكايات فيه. سَمِعْتُ أصحابنا بإصبهان يقولون: إنّما تَمَّم
المؤتمن السّاجيّ كتاب "معرفة الصّحابة" عَلَى أَبِي عَمْرو بعد
موته، وذلك أنّه كَانَ يقرأ عَليْهِ وهو في النَّزْع، ومات وهو
يقرأ عَليْهِ. وكان يُصاح بِهِ: نريد أن نغسّل الشَّيْخ.
قَالَ يحيى: فلمّا سَمِعْتُ هذه الحكاية قلت: ما جرى ذَلِكَ، يجب
أن تصلح هذا، فإنه كذِب وزور. وكتب اليُونارتيّ في الحال عَلَى
حاشية النّسخة صورة الحال. وأمّا قراءة "معرفة الصّحابة" فكان قبل
موت الوالد بشهرين. وكان المؤتمن والله، متورعًا، زاهدًا، صابرًا
عَلَى الفقر، رحمه الله.
وقال أبو بَكْر محمد بْن فولاذ الطَّبَريّ: أنشدنا المؤتمن لنفسه.
وقالوا كُنْ لنا خَدْنًا وخِلًا ... ولا والله أفعل ما شاءوا
أُحابيهم ببعضي أو بكلّي ... وكيف وجلّهم نعَمٌ وشاءُ
وقال ابن ناصر: سَأَلت المؤتمن عَنْ مولده فقال: في صَفَر سنة خمس
وأربعين وأربعمائة. وتوفي في صَفَر سنة سبْعٍ. وصلّيت عَليْهِ.
وكان عالمًا، فهْمًا، ثقة، مأمونًا.
(35/127)
205- مودود بْن ألْتُونكين1. سلطان
الْمَوْصِل.
قُتل بدمشق في رمضان صائمًا، كما هو مذكور في الحوادث.
"حرف النون":
206- ناصر بْن أحمد بْن بكران. القاضي أبو القاسم الخُوَيّيّ2.
قِدم بغداد وتفقَّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق الشّيرازيّ.
وسمع: أبا الحُسَيْن بْن النُّقور.
وقرأ العربية وبرع فيها.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: كتبنا عَنْهُ بخُوَيّ. وكان شيخ
الأدب ببلاد أَذرْبَيْجان بلا مدافعة، وله ديوان شِعْر ومصنَّفات.
وولي القضاء مدة كأبيه.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
207- نصر بْن عَبْد الجبّار بْن منصور بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد
الرَّحْمَن3. أَبُو منصور التّميميّ، الْقَزْوينيّ، الواعظ،
المعروف بالقُراّئيّ. مِن أهل قَزْوين.
كَانَ واعظًا، صالحًا، صَدُوقًا، قِدم بغداد.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ.
وسمع بقَزْوين مِن: أبي يَعْلَى الخليل بْن عَبْد الله الحافظ.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن أَبِي الْفَضْلُ النّاصحيّ، وطيّب بْن
محمد الأبِيَوَرْدِيّ، وأظنّ السّلَفيّ سَمِعَ منه.
وقد حدث في سنة سبع وخمسمائة، ولا أعلم وفاته.
وقد جمع لنفسه مُعْجَمًا.
__________
1 المختصر في أخبار البشر "2/ 226"، والدرة المضية "476".
2 الخويي: نسبة إلى خوى، وهي إحدى بلاد أذربيجان "الأنساب 5/ 213".
3 التدوين في أخبار قزوين "4/ 169"، وفيه اسمه: "نصير".
(35/128)
"حرف الهاء":
208- هادي بْن إسماعيل بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي محمد
الْحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْن عليِّ بْن عُمَر بن الحسن بْنِ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِب1.
الشّريف أبو المحاسن الْعَلَويّ، الحُسَيْني، الإصبهانيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كان لَهُ تقدُّم ووجاهة، وصيت وشُهْرة ببلده.
وَرَدَ بغداد حاجًا، فتُوُفّي بها بعد حَجّة.
روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبي عثمان العيّار.
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ،
وأبو العلاء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلُ الإصبهاني، وعبد
الحقّ بْن يوسف.
تُوُفّي في ثالث عشر ربيع الأوّل، وهو أخو داعي.
وقد تقدَّم في سنة تسعين وأربعمائة وفاة سَميّه هادي بْن الْحَسَن
العلويّ. وفي سنة خمسٍ وتسعين ذُكر والده إسماعيل.
وقال السّلَفيّ في معجم إصبهان: قرأنا عَليْهِ، وعلى أبيه، وأخيه،
وهذا فأحسنهم خُلُقًا، وكتابةً، وخطًا. وأنشدنا فيه أبو عَبْد الله
النَّضْريّ:
لهادي بْن إسماعيل خلال أربع ... بها غدا مستوجبًا للإمامة
خطابُ ابن عَبّادٍ وخطّ ابن مُقْلَة ... وخلق ابن يعقوب وخُلُق
أُمامة
"حرف الياء":
209- يحيى بْن أحمد بْن حُسين. أبو زكريّا الْغَضَائريّ2،
الدّرْبَنْديّ.
سَمِعَ بمصر: أبا عَبْد الله القُضاعيّ؛ وبمكّة: كريمة
الْمَرْوَزيّة؛ وبآمد: أبا منصور بن أحمد الإصبهانيّ؛ وبنَيْسابور:
أبا القاسم القُشَيْريّ.
روى عنه: إسماعيل بن الفضيل بطبرستان، وغيره.
__________
1 المنتظم "9/ 139".
2 الغضائري: نسبة إلى الغضارة، وهو إناء يؤكل فيه الطعام "الأنساب
9/ 155".
(35/129)
وكان عالمًا، فاضلًا، صالحًا، ورعًا،
متميزًا.
كَانَ حيا في سنة سبْعٍ.
210- يحيى بْن عَبْد الله بْن الجدّاء1. أبو بَكْر الفِهْريّ،
اللّبْليّ، نزيل إشبيلية.
كَانَ جامعًا لفنون مِن العِلْم، وشُوِور في الأحكام بإشبيلية.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
211- يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن عثمان بْن الْفَضْلُ. أبو سالم
بْن المخْبزيّ، البغداديّ، ابن خال أبي الحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ.
صالح، خير. سَمِعَ: أبا الطَّيّب الطَّبَريّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، والسّلَفيّ، وأبو
المُعَمَّر الأنصاري، وغيرهم.
ومات في جمادى الأولى.
وفيات سنة ثمان وخمسمائة
"حرف الألف":
212- أحمد بْن بَغْراج2.
أبو نصر البغداديّ.
سَمِعَ: أبا الْحَسَن الْقَزْوينيّ، وغيره، وأبا محمد الخلّال.
تُوُفّي يوم عاشوراء.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، وابن ناصر.
وقد قرأ بالروايات عَلَى أبي الخطّاب الصُّوفيّ، وأبي ياسر محمد بن
علي الحمامي.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 672".
2 المنتظم "9/ 181"، وغاية النهاية "1/ 118".
(35/130)
قرأ عَليْهِ يوسف بْن إبراهيم الضّرير.
وكان شيخًا صالحًا، كثير التّلاوة.
تُوُفّي في المحرَّم، وهو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز
بْن بغراج.
213- أحمد بْن الْحَسَن1. المُخَلَّطِيّ، أبو العبّاس الْحَنْبليّ،
الفقيه.
مِن علماء بغداد وثقاتهم.
سَمِعَ مِن: القاضي أبي يَعْلَى.
214- أحمد بْن خَالِد الطّحّان. تُوُفّي في رجب ببغداد.
روى عَنْ: أبي يَعْلَى أيضًا.
215- أحمد بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي الفتح محمد بْن أحمد2. أبو
غالب المُعيّر، البغداديّ، المقرئ. ابن خال أَبِي طاهر بْن سوَار.
قرأ لابن عَمْرو على عبد الله بْن مكّيّ السّوّاق، عَنْ أَبِي
الْفَرَج الشَّنَبُوذيّ.
قَالَ المبارك بْن كامل: قرأت عَليْهِ برواية أبي عمرو. وقد سمع:
محمد بْن غَيْلان، ومحمد بْن الحُسَيْن الحرّانيّ، وأبا محمد
الخلّال، وأبا الفتح الْمَحَامِليّ، وأحمد بْن عليّ التَّوَّزيّ،
وجماعة.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ،
وأبو الحُسَيْن عبد الحق.
وكان ثقة، مقرئًا، صالحًا.
وتوفي في جُمَادَى الأولى، وله ثمانون سنة.
216- أحمد بْن محمد بْن أحمد.
أبو نصر البغداديّ، سِبْط الأقفاليّ، الزّاهد.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ.
وعنه: السّلَفيّ.
سقط مِن سطح فمات في جمادى الأولى.
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 258"، والمنتظم "9/ 181".
2 المنتظم "9/ 181"، وسير أعلام النبلاء "19/ 313"، وغاية النهاية
"1/ 79".
(35/131)
217- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن غلبُون1. أبو عَبْد اللَّه
الخَوْلانيّ، القُرْطُبيّ، ثمّ الإشبيليّ.
روى عَنْ أبيه الحافظ أَبِي عَبْد الله الْخَوْلانيّ كثيرًا. وسمع
معه مِن: أَبِي عُمَر، وعثمان بْن أحمد القشْطاليّ، وأبي عَبْد
الله الأحدب، وأبي محمد الشّنْتجاليّ، وعليّ بْن حَمُّوَيْه
الشّيرازيّ.
وأجاز لَهُ يونس بْن عَبْد الله القاضي، وأبو عُمَر
الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عَمْرو المرشاني الَّذِي لَهُ إجازة أَبِي
بَكْر الآجُرّيّ، وَأَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد الهَرَوِي،
وَأَبُو عِمران الفاسيّ، ومكّيّ بْن أبي طَالِب، وأبو عَمْرو
الدّانيّ المقرِئان.
قَالَ ابن بَشْكُوال2: وكان شيخًا، فاضلًا، عفيفًا، مُنقبضًا، مِن
بيت عِلْم، ودِين، وفضل. ولم يكن عنده كبير عِلْم أكثر مِن روايته
عَنْ هَؤلَاءِ الْجِلّة. وكانت عنده أيضًا أُصُول يلجأ، ويعوّل
عليها.
أخذ عَنْهُ جماعة مِن شيوخه وكبار أصحابنا.
قَالَ لي أبو الوليد بْن الدّبّاغ إنّ هذا وُلِد سنة ثمان عشرة
وأربعمائة وتُوُفّي في شَعْبان، وله تسعون سنة.
وهو خال أبي الْحَسَن شُرَيْح.
وقد أجاز لابن الدّبّاغ. وسمع من خلْق منهم عليّ بْن الحُسَيْن
اللُّوَاتيّ.
وقرأ عَليْهِ ابن الدّبّاغ "الموطّأ"، بسماعه مِن عثمان بْن أحمد،
والْحَرَميّ. روى عَنْهُ كتابةً أبو ... 3.
218- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن بَغْراج4.
أبو نصر السّقْلاطُونيّ.
كان مولده في سنة ثلاث وعشرون.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 73"، وعيون التواريخ "12/ 49".
2 في الصلة "1/ 73".
3 بياض في الأصل: وقد قال القاضي عياض: سمع منه أعيان من الشيوخ
واستجازوه وحدثوا عنه، منهم: القاضي أبو عبد الله بن الحاج، وأبو
بكر بن مفوز، وأبو بكر بن فتحون، والقاضي أبو الحسن بن شريح ابن
أخته، وأبو عبد الله مالك بن وهيب "الغنية 107".
4 تقدم قبل قليل رقم "212".
(35/132)
وقد ذُكِر في أوّل السّنة فنُسِب إلى
أَبِيهِ.
219- إبراهيم بْن محمد بْن مكّيّ بْن سعد1. الفقيه أبو إِسْحَاق
السّاوي، الملقَّب بشيخ الملك.
فاضل معروف، مشتغل بالتجارة والدهقفة. وكان يُعدّ مِن دُهاة
الرجال.
روى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي عثمان الصّابونيّ،
والحاكم أبي عَبْد الرَّحْمَن الشّاذْياخيّ، وغيرهم.
ومرض مدّة، وقاسي حتّى تُوُفّي في سلْخ صَفَر.
220- إسماعيل بْن المبارك بْن وصيف2. أبو خازم الْحَنْبليّ.
تفقَّه عَلَى أبي يَعْلَى بْن الفرّاء، وسمع منه.
ومن: أبي محمد الجوهري.
وتوفي في رجب.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل؛ وبالإجازة ابن كُلَيب.
221- ألْب رسلان ابن السّلطان رضوان ابن السّلطان تُتُش بْن ألْب
التُّرْكيّ3. وُلّي إمارة حلب في جُمَادَى الآخرة بعد أَبِيهِ صاحب
حلب وله ستٌّ عشرة سنة. وولي تدبير مملكته البابا لؤلؤ، فقتل أخويه
ملكشاه ومباركًا، وقتل جماعة مِن الباطنيّة، والقرامطة، وكانت
دعوتهم قد ظهرت في أيّام أَبِيهِ.
ثمّ قِدم دمشق في رمضان مِن سنة سبْعٍ، فتلقّاه طُغتِكين والأعيان،
وأنزلوه في القلعة، وبالغوا في خدمته، فأقام أيّامًا، ثمّ عاد إلى
حلب وفي خدمته طُغتِكين، فلمّا وصلا إلى حلب لم يَرَ منه طُغتِكين
ما يحبّ، ففارقه وردّ إلى دمشق4.
ثمّ إنّ ألْب رسلان ساءت سيرته بحلب، وانهمك في المعاصي واغتصاب
الحرم،
__________
1 المنتخب من السياق "126".
2 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 112".
3 الكامل في التاريخ "10/ 508"، والعبر "4/ 16"، وشذرات الذهب "4/
23".
4 ذيل تاريخ دمشق "189-191".
(35/133)
وخافه البابا لؤلؤ، فقتله في ربيع الآخر
سنة ثمانٍ1، ونصّب في السّلطة أخًا لَهُ طفلًا عُمره ستٌّ سِنين.
ثمّ قُتِل لؤلؤ ببالِس في سنة عشر2.
"حرف الباء":
222- بغدوين3. ملك الفرنج الَّذِي أخذ القدس.
هلك -لعنة الله- مِن جراح أصابته يوم مصافّ طَبريّة.
وقيل: بل تُوُفّي بعد ذَلِكَ كما هُوَ في الحوادث.
"حرف الخاء":
223- خَلَفُ بْن مُحَمَّد بْن خَلَف4. أبو القاسم بْن الْعَربيّ،
الأنصاريّ، الأندلسيّ.
مِن أهل المريّة.
روى عَنْ: أحمد بْن عُمَر العُذْريّ، وأبي بَكْر ابن صاحب الأحباس،
وأبي عليّ الغسّانيّ.
وكان مَعْنيا بالآثار، جامعًا لها. كتب بخطّة عِلْمًا كثيرًا
ورواه. وكان متقنًا، أديبًا، شاعرًا. يذكر أنّه لقي أبا عَمْرو
الدّانيّ، وأخذ عَنْهُ قليلًا.
وكان مولده في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
"حرف الدال":
224- دَعْجاء بنتُ أَبِي سهل الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله
الإصبهانيّ الكاغدِيّ. رَوَت عَنْ جدّها أحمد بْن محمد بْن محمد
بْن زْنجُوَيْه، عَنِ ابن فُورَك القبّاب.
روى عنها: أبو موسى المديني.
__________
1 زبدة الحلب "2/ 167-170".
2 زبدة الحلب "2/ 177".
3 العبر "4/ 15"، ودول الإسلام "2/ 36"، وعيون التواريخ "12/ 48".
4 الصلة لابن بشكوال "1/ 175".
(35/134)
225- دلال بِنْت الخطيب أبي الْفَضْلُ محمد
بْن عَبْد العزيز بْن المهتدي بالله1. سَمِعْتُ: أباها، وأبا عليّ
بْن المُذْهب.
روى عَنْهَا: ابن ناصر.
أرّخها ابن النّجّار.
"حرف الراء":
226- رَيْحان. غلام أَبِي عَبْد الله بْن جَرَدة البغداديّ.
روى عَنْهُ أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ بْن البنّا.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
"حرف السين":
227- سالم بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن. أَبُو عَبْد اللَّه
الجرّار، البغداديّ، الْمَرَاتبيّ.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء.
وعنه: أبو المُعَمَّر.
228- سُبَيْع بْن المسلم بْن عليّ بْن هارون2. المعروف بابن قيراط.
أبو الوحش الدّمشقيّ، المُقْرِئ، الضّرير.
قرأ لابن عامر عَلَى رشأ بْن نظيف، والأهوازي، وسمع منهما.
ومن: عَبْد الوهّاب بْن برهان بصور، وأبي القاسم السّميساطيّ،
وجماعة.
وانتهت إليه الرئاسة في الدّعوة بدمشق، وصار أعلى النّاس فيها
إسنادًا. وكان يُقرئ القرآن مِن ثُلث اللّيل إلى قريب الظُّهْر.
وأُقْعِد، فكان يُؤتَى به محمولًا إلى الجامع.
__________
1 المنتظم "9/ 181".
2 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "192"، والعبر "4/ 16"، وشذرات
الذهب "4/ 23"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 66".
(35/135)
قال ابن عساكر1: سَمِعْتُ منه: وكان ثقةً.
ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة.
وتُوُفّي في شَعْبان سنة ثمانٍ.
229- سراج بْن عبد الملك بن سراج بن عبد الله2. الوزير أبو
الحُسَيْن القُرْطُبيّ.
روى عَنْ أَبِيهِ كثيرًا؛ وعن: محمد بْن عتّاب الفقيه.
وبرع في الآداب واللّغة، وحمل النّاس عَنْهُ الكثير.
وله شِعْر رائق.
مات في جمادي الآخرة وقد ناطح السبعين.
وهو مِن بيت علم وجلالة.
230- سليمان بْن حسين3. أبو مروان الأنصاريّ، الأندلسيّ.
سَمِعَ بقُرْطُبَة: أبا عبد الله محمد بْن عَتَّاب، وأبا عِمران
بْن القطّان، وحاتم بْن محمد.
وبشرق الأندلس: أبا عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ، وأبا الوليد الباجيّ.
ووليّ قضاء لَارِدَة.
روى عَنْهُ: ابنه أبو الوليد يحيى، والحافظ أبو محمد القلنيّ.
وعاش أكثر مِن تسعين سنة.
231- سَعِيد بْن إبراهيم بْن أحمد.
أبو الفتح الإصبهانيّ، الصَّفّار.
يروي عن: أَبِي طاهر بْن عبد الرحيم.
روى عَنْهُ: الحافظ أبو موسى.
توفي في ذي الحجة.
__________
1 تاريخ دمشق "15/ 117".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 227"، وإنباء الرواة "2/ 66"، وبغية
الوعاة "1/ 576".
3 التكملة لابن الأبار رقم "1977".
(35/136)
232- سَعِيد بْن محمد بن سَعِيد1. أبو
الْحَسَن الْجُمَحيّ، الأندلسيّ، المعروف بابن قوطة الفرجي.
من أهل مدينة الفرج.
له راحلة في القراءآت، قرأ فيها عَلَى عَبْد الباقي فارس، وغيره.
وأخذ أيضًا عَنْ: أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأبي الوليد الباجيّ.
وأقرأ النّاس ببلده.
وأخذ عَنْهُ غيرُ واحد.
تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسع وخمسمائة.
"حرف العين":
233- عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أحمد بْن حزمون2.
أبو الأَصْبَغ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: حاتم بْن محمد، وأبي جعفر بْن رزق وناظر عَليْهِ.
وأجاز لَهُ أبو العبّاس العُذْري.
وكان إمامًا بصيرًا بالفتوى، أخذ النّاس عَنْهُ وتفقّهوا لَهُ.
وولي الإمامة بجامع قُرْطُبَة.
وتُوُفّي بشعبان وله ثمانٌ وستّون سنة.
234- عَبْد الله بْن الحُسَيْن بْن أحمد بْن جعفر. أبو جعفر
النّوبيّ، الْهَمَذَانيّ.
شيخ صالح، مُسِنّ، هُوَ آخر من روى عَنْ أَبِي منصور محمد بن عيسى
الْهَمَذَانيّ. وسمع أيضًا من والده، وتوفي والده سنة أربع وثلاثين
وأربعمائة، ومن: أبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي، وجعفر بن
محمد بن مظفر، وجماعة.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 223، 224".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 372".
(35/137)
قال شيرويه الحافظ: سَمِعْتُ منه، وكان
صدُوقًا، حسن السيرة، عدْلًا، مَرْضيا. تُوُفّي في السّادس
والعشرين مِن رمضان.
وقال السّلَفيّ في مُعْجَمه: كَانَ مِن أعيان الْهَمَذَانيّين
وشُهودهم. وكان لَهُ كتاب وأصول جيّدة. وما كتبته عَنْهُ قد أودعته
بسلماس.
قلت: سَمِعَ منه: محمد بْن السّمعانيّ، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ،
والسّلَفيّ.
ومات في رمضان.
235- عثمان بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
الْفَضْلُ1. أبو عَمْرو الأَسَديّ، الفضْليّ، الْبُخَارِيّ.
كَانَ شيخًا، مَعْمَرا، صالحًا، عالمًا.
سَمِعَ: إبراهيم بْن الرّيْوَرْثُونيّ2، وعليّ بْن الحُسَيْن
السُّغْديّ، القاضي.
قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة كثيرة. وعاش اثنتين
وثمانين سنة وكان ابنه السّيف عَبْد العزيز قاضي بُخَارى.
236- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان3. أبو الْحَسَن
الشّهْرَزُورِيّ، البغداديّ.
شيخ كبير مُسِنّ، صالح.
سَمِعَ مجلسًا مِن إملاء أَبِي القاسم بْن بِشْران. وسمع أيضًا أبا
عليّ بْن المُذْهب.
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي، وابن الخشّاب، وجماعة.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، ووُلِد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
237- عليّ بْن إبراهيم بْن العباس بْن الحُسَيْن بْن العبّاس بْن
الْحَسَن بْن الرئيس أبي الجنّ حُسين بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي
بْن إسماعيل بْن الصّادق جعفر بْن محمد4.
__________
1 الأنساب "9/ 314".
2 الريورثوني: نسبة إلى ريورثون من قرى بخارى "معجم البلدان 3/
115".
3 المنتظم "9/ 181، 182".
4 الكامل في التاريخ "10/ 508"، وسير أعلام النبلاء "19/ 358-360"،
وعيون التواريخ "12/ 49"، وشذرات الذهب "4/ 21".
(35/138)
الشّريف، النّسيب أبو القاسم الحُسَيْني،
الدّمشقيّ، الخطيب.
كَانَ صدْرا، نبيلًا، مَرْضيا، ثقة، محدّثًا، مَهيبًا، سُنّيا،
ممدوحًا بكلّ لسان خرج لَهُ شيخه الخطيب عشرين جزءًا سمّعها
بكاملها؛ وعلى أكثر تصانيف الخطيب خطّه وسماعه.
وأوّل سماعه في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. وكان مولده في سنة
أربعٍ وعشرين.
وقرأ القرآن عَلَى أَبِي عليّ الأهوازيّ، وغيره.
وسمع: أبا الحُسَيْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن التّميميّ، ورشأ
بْن نظيف، ومحمد بْن عليّ المازنيّ، وسليمان بْن أيّوب الفقيه،
وأبا عَبْد الله القُضَاعيّ، وكريمة الْمَرْوَزيّة، وأبا القاسم
الحِنَّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب، وجماعة.
روى عَنْهُ: هبة الله الأكفانيّ، والْخَضِر بْن شِبْل الحارثيّ،
وعبد الباقي بْن محمد التّميميّ، وعبد الله أبو المعالي بْن صابر،
والصّائن، وأبو القاسم ابنا ابن عساكر، وخلق سواهم.
قَالَ ابن عساكر1: كَانَ ثقة مُكِثرًا، لَهُ أُصُول بخطوط
الورّاقين. وكان متسننًا، وسبب تسنُّنه مؤدّبُه أبو عِمران
الصَّقَلّيّ وكثْرةُ سماعه للحديث.
سَمِعَ منه شيخه عَبْد العزيز الكتّانيّ، وسمعتُ منه كثيرًا. وحكى
لي أنني لما ولدت سَأَلَ أبي: ما سمَّيْتَه وكَنَّيْتَه؟ فقال: أبو
القاسم عليّ. فقال: أخذت اسمي وكنيتي.
قال لي أبو القاسم السّمَيْساطيّ، أو قَالَ أبو القاسم بْن أبي
العلاء، إنّه ما رَأَى أحدًا اسمه عليّ وكُنّي أبا القاسم إلّا
كَانَ طويل العُمر.
وذكر أنّه صلّى عَلَى جنازةٍ، فكبّر عليها أربعًا.
قَالَ: فجاء صاحب مصر إلى أَبِيهِ يُعاتبه في ذَلِكَ، فقال لَهُ
أبوه: لَا تُصَلّ بعدها عَلَى جنازة.
قلت: كان صاحب مصر رافضيًا.
__________
1 في تاريخ دمشق "28/ 458".
(35/139)
قَالَ ابن عساكر1: كانت لَهُ جنازة عظيمة،
ووصّى أن يُصلّي عَليْهِ أبو الْحَسَن الفقيه جمال الإسلام، وأن
يُسنم قبرُهُ، وأن لَا يتولّاه أحد مِن الشّيعة. وحضرت دفنه.
وتُوُفّي فِي الرابعِ والعشرينَ مِن ربيع الآخرِ، ودُفِن في
المقبرة الفخريّة في المُصلّي، ولَقَبُه نسيب الدّولة، وإنْما
خُفّف فقيل: النّسيب.
238- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَهير2.
الوزير، ابن الوزير، ابن الوزير زعيم الدّولة أبو القاسم.
وُلّي نظر ديوان الزّمام في أيّام جدّه، ووَزَرَ للمستظهر بالله
مرّتين، تخلّلهما الوزير أبو المعالي بْن المطَّلب.
وكان عاقلًا، حليمًا، سديد الرأي، مُعْرِقًا في الوزارة.
مات في أوائل الشّيخوخة.
"حرف الميم":
239- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد. الأستاذ أبو بَكْر
بْن الصَّنّاع، المقرئ، الملقّب بالهدهد.
مِن أهل بَلَنْسِية.
أخذ القراءات عَنْ أبي دَاوُد، وكان أنبل أصحابه.
أخذ عنه: أبو عَبْد الله بْن أبي إِسْحَاق الْمَرييّ؛ وأقرأ
بقُرْطُبَة.
وتُوُفّي كَهْلًا.
240- محمد بْن سليمان3. أبو بَكْر الْكَلاعيّ، الإشبيليّ، الكاتب
المعروف بابن القصيرة.
رأس أهل البلاغة في زمانه.
__________
1 في تاريخ دمشق "28/ 458".
2 المنتظم "9/ 182"، والكامل في التاريخ "10/ 498"، والنجوم
الزاهرة "5/ 308"، الصلة لابن بشكوال "2/ 539"، وعيون التواريخ
"12/ 47، 48".
(35/140)
أخذ عَنْ: أَبِي مروان بْن سِراج، وغيره.
وكان مِن أهل الأدب البارع، والتّفنُّن في أنواع العلوم.
وتوفي عَنْ سِن عالية، وقد خَرِف.
241- محمد بْن عَبْد الواحد بْن الْحَسَن1. أبو غالب الشَّيْبانيّ،
البغداديّ، القزّاز.
قرأ القراءات عَلَى: الشّرمَغَانيّ، وأبي الفتح بْن شيطا.
وحدَّث عن: أَبِي إِسْحَاق الْبَرْمَكِيّ، وَالْجَوْهَرِيّ،
والعشاري، وجماعة.
وكان مولده سنة ثلاثين وأربعمائة. نَسَخ الكثير، وسمع، وسمّع ولده
أبا منصور عَبْد الرَّحْمَن.
وتوفي في رابع شوّال.
وكان ثقة، مقرئًا، فاضلًا، حاذقًا بالقراءات.
روى عَنْهُ: حفيده نصر الله بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسعد الله
الدّقّاق، ويحيى بْن السدنك.
242- مُحَمَّد بن عليّ بْن محمد2. القاضي أبو سَعِيد الْمَرْوَزِيّ
الدّهّان.
سَمِعَ: أبا غانم الكراعيّ، وابن عَبْد العزيز الْقَنْطَريّ،
وجماعة.
أجاز للسّمعانيّ، وعنده "تفسير ابن راهَوَيْه"، يرويه عَنِ الحاكم
محمد بْن عَبْد العزيز الْقَنْطريّ، عَنِ الحاكم محمد بْن الحسين
الحدّادي، عَنْ محمد بْن يحيى بْن خَالِد الْمَرْوَزِيّ، عَنْهُ.
وُلِد في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.
وقيل: مات سنة عشر.
243- مُحَمَّد بْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن حمدين3.
أبو عبد الله، قاضي القضاة بقرطبة.
__________
1 معرفة القراء الكبار "1/ 464"، وغاية النهاية "2/ 192، 193".
2 التحبير في المعجم الكبير "2/ 189، 190".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 570"، والغنية للقاضي عياض "46، 47".
(35/141)
تفقَّه عَلَى والده.
وروى عَنْهُ، وعن: محمد بْن عتّاب، وجماعة.
وكان مِن أهل التّفنُّن في العلوم. وكان حافظًا، ذكيا، فطنًا،
أديبًا، شاعرًا، لغويًا أُصُوليا. وُلّي القضاء سنة تسعين، فحُمدت
سيرته.
وتوفي في المحرم سنة ثمان وخمسمائة.
وكان مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
244- محمد بْن المختار بْن محمد بْن عبد الواحد بْن عَبْد الله بْن
المؤيّد بالله1. أبو العزّ الهاشميّ، العبّاسيّ، المعروف بابن
الخُصّ. والد الشَّيْخ أَبِي تمّام وأحمد.
نزيل خُراسان. مِن أهل الْحَرَم الطّاهري، شريف، ثقة، صالح، ديّنْ،
سَمِعَ الكثير، وعُمّر حتى حمل عنه.
روى عَنْ: أَبِي الْحَسَن الْقَزْوينيّ، وأبي عليّ بْن المُذْهِب،
وعبد العزيز الأَزَجيّ، والْبَرْمكيّ.
روى عَنْهُ: أبو عليّ الرحْبيّ، وأحمد بْن السَّدنك، وابن كليب.
وتوفي في عاشر المحرّم وله ثمانون سنة.
245- ميمون بْن محمد بْن محمد بْن مُعْتَمد بْن محمد بْن محمد بْن
مكحول بْن الْفَضْلُ. الإمام، الزّاهد، أبو المعين المكحوليّ،
النَّسَفيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ عُمَر بْن محمد النَّسَفيّ في كتاب "الْقَنْد": هو أستاذي.
كَانَ بسَمَرْقَنْد مدّة، وسكن بُخَارى، يغترفُ علماءُ الشّرق
والغرب مِن بحاره، ويستضيئون بأنواره.
تُوُفّي في الخامس والعشرين مِن ذي الحجة، وعمره سبعون سنة.
قلت: روى عَنْهُ شيخ الإسلام محمود بْن أحمد الشاغرجيّ، وعبد
الرشيد بْن أبي حنيفة الوأوالجي.
__________
1 المنتظم "9/ 182"، وسير أعلام النبلاء "19/ 383، 384".
(35/142)
"حرف الهاء":
246- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن محمد1. الحافظ، الزّاهد، أبو
الخير الأَبَرْقُوهيّ.
رحل إلى إصبهان.
وسمع مِن: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وطبقته.
وقع لنا مِن حديثه.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو
الفتح الخِرَقي. وآخرون. تُوُفّي بأبَرْقُوه في شَعْبان، وكان قد
عُمّر.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ قاضي أبَرْقُوه، وهي بقرب يَزْد. وكان من
المكثرين، من أهل الفضل، ثقة.
وفيات سنة تسع وخمسمائة:
"حرف الألف":
247- أحمد بْن أبي القاسم الْحَسَن بن أحمد بن محمد بن أحمد. أبو
العبّاس الإصبهانيّ، المعروف بنجَّوكه.
روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ.
وتُوُفّي في عَشْر التّسعين.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في ثامن شوّال.
248- أحمد بْن الحُسَيْن بْن أَبِي ذَرّ محمد بْن إبراهيم بْن
عليّ. أبو العبّاس، الصّالْحانيّ2، الواعظ.
الرجل الصّالح.
وُلِد في حدود سنة أربع وعشرين وأربعمائة.
__________
1 الأنساب "1/ 115، 116"، ومعجم البلدان "1/ 69، 70"، واللباب "1/
24".
2 الصالحاني: نسبة إلى صالحان، وهي محلة كبيرة بأصبهان "الأنساب 7/
12".
(35/143)
وحدث عَنْ جدّه أبي ذَرّ.
روى عَنْهُ: أبو موسى وقال: تُوُفّي في ربيع الآخر.
وقال غيره: في ربيع الأوّل.
249- إبراهيم بْن حمزة بْن نصر1. أبو طاهر الْجَرْجَرائي2، ثمّ
الدّمشقيّ، المقرئ، المعدّل.
قرأ عَلَى أَبِي بَكْر أحمد الْهَرَويّ صاحب الأهوازيّ.
وسمع: الْحَسَن بْن عليّ اللّباد، وأبا بَكْر الخطيب.
وعنه: أبو القاسم بن عساكر وقال: توفي في ربيع الأول.
250- إبراهيم بْن غالب. أبو إسحاق الفقيه، الشّافعيّ، ابن
الآمديّة.
مِن علماء الإسكندرية.
روى عنه: أبو محمد العثماني.
251- إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن
أَبِي سَعِيد بْن مَلَّة3. أبو عثمان المحتسب، الواعظ، الإصبهانيّ،
صاحب المجالس الْمَرْوية.
سَمِعَ: أبا بَكْر بْن رِيذة، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم، وجماعة
من أصحاب ابن المقري، وغيره.
وأملى بجامع المنصور.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وظاعن بْن محمد الخيّاط، وجماعة آخرهم موتًا
عَبْد المنعم بْن كُليب.
وكان ضعيفًا.
قَالَ ابن ناصر: وضع حديثًا وأملاه، وكان يخلط.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 48"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/
209".
2 الجرجائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي بلدة قريبة من الدجلة بين بغداد
وواسط "الأنساب 3/ 223".
3 المنتظم "9/ 183"، وسير أعلام النبلاء "19/ 381، 382"، والبداية
والنهاية "12/ 179"، ولسان الميزان "1/ 434"، وشذرات الذهب "4/
22".
(35/144)
تُوُفّي في ثاني ربيع الأوّل بإصبهان.
قلت: روايته عَنِ ابن رِيذة حضور، فإنّه قَالَ: وُلِدْتُ في رجب
سنة ستٌّ وثلاثين.
قلت: ومات ابن ريذة سنة أربعين.
وقال أبو نصر اليُونَارْتيّ في "معجمه": إسماعيل بْن ملّة كَانَ
مِن الأئمّة الْمَرْضيين، يرجع في كلّ فن مِن العِلْم إلى حظً
وافر.
وروى عَنْهُ السّلَفيّ فقال: هُوَ مِن المكثرين. يروي عَنْ عَبْد
العزيز فاذوَيْه، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن مِن أَبِي بَكْر
الذَّكْوانيّ. وكان يعظ.
وأبوه يروي عَنْ عُمَر بْن أبي محمد بْن زكريّا البيّع.
"حرف الجيم":
252- جامع بْن أبي بَكْر الْحَسَن بْن عليّ. أبو الْحَسَن
الفارسيّ.
سَمِعَ: أباه، وأبا حفص بْن مسرور، وجماعة.
وتوفي في شَعْبان.
253- جامع بْن الْحَسَن بْن عليّ. أبو عليّ الْبَيْهَقيّ.
ذكر أبو عليّ السّمعانيّ أنّه حضر عَليْهِ بقراءة والده، وأنّه
كَانَ مَعْمَرا.
سَمِعَ مِن: أَبِي بَكْر أحمد بْن محمد بْن الحارث الإصبهانيّ،
والفضل بْن عَبْد الله الأبيوردي.
وأن مولده بعد العشرين وأربعمائة.
ومات في شَعْبان أيضًا.
"حرف الحاء":
254- الْحَسَن بْن نصر بْن عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن
علّان. النّهَاونديّ، أبو عَبْد الله بن المُرْهَف.
فقيه فاضل، قِدم بغداد.
(35/145)
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وجماعة.
وحدَّث بإصبهان، ونهاوند.
روى عَنْهُ: مَهْديّ بْن إسماعيل الْعَلَويّ.
وتُوُفّي في المحرَّم.
255- حَمْدُ بْن نصر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معروف1. أبو
العلاء الأديب، ويُعرف بالأعمش.
هَمَذَانيّ، حافظ، مُكثِر، ثقة.
سَمِعَ بهَمَذَان مِن: عُبَيْد الله بْن أَبِي عَبْد الله بْن
مَنْدَهْ، وأبي مُسْلِم بْن غزو النهاوندي، وأبي محمد بن ماهلة.
وولد في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي في ذي القِعْدة سنة تسعٍ.
قلت: روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو العلاء العطّار، وجماعة.
وكان مَعَ بصره بالحديث عارفًا بمذهب أحمد، ناصرًا للسُّنّة، وافر
الحُرْمة.
أملى عدّة مجالس مِن حفظه، رحمه الله تعالى.
وكان أحد الأدباء بارعًا في فضائله. وقع لنا من روايته في
السلماسية، مات سنة اثنتي عشرة. وسيُعاد فيُضمّ ما هنا إلى هناك.
"حرف الشين":
256- شِيرَوَيْه بْن شُهْردَار بْن شِيرَوَيْه بْن فَنّاخسرو بن
خَسْرُكان2. الحافظ، أبو شجاع الدَّيْلَميّ، الْهَمَذَانيّ، مؤرّخ
هَمَذَان، ومصنف كتاب "الفِرْدوس".
سَمِعَ الكثير بنفسه، ورحل.
__________
1 التحبير في المعجم الكبير "1/ 329، 438"، وسير أعلام النبلاء
"19/ 276، 277"، وطبقات الحفاظ "454"، وشذرات الذهب "4/ 31".
2 التدوين "3/ 85"، والعبر "4/ 18"، وسير أعلام النبلاء "19/ 294،
295"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1259"، وشذرات الذهب "4/ 23، 24".
(35/146)
سَمِعَ: أبا الْفَضْلُ محمد بن عثمان
القُومَسَانيّ، ويوسف بْن محمد بْن يوسف المستملي، وسُفْيان بْن
الحُسَيْن بْن محمد بْن فَنْجُوَيْه الدّيَنَوريّ، وعبد الحميد بْن
الْحَسَن الفقاعي الدلال، وأبا الْفَرَج علي بن مُحَمَّد بن علي
الجريري الْبَجَليّ، وأحمد بْن عيسى بْن عبّاد الدّيَنَوريّ،
وخلقًا سواهم.
وببغداد: أبا منصور عَبْد الباقي بن محمد العطار، وأبا القاسم بن
البسري، وخلقًا.
وبإصبهان: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره.
وبقزوين والجبال.
قَالَ فيه يحيى بْن مَنْدَهْ: شاب كيّس، حسن الخلق والخُلُق، زكيّ
القلب، صلْب في السُّنَّة، قليل الكلام.
روى عَنْهُ ابنه شهردار، ومحمد بْن الْفَضْلُ الإسْفرائينيّ، ومحمد
بن أبي القاسم الساوي، وأبو العلاء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
الْفَضْلُ الحافظ، وآخرون.
وتُوُفّي في تاسع عشر رجب.
وهو متوسط المعرفة، وليس هُوَ بالمُتْقِن.
وُلِد سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وكان صلْبًا في السُّنَّة.
دخل إصبهان في سنة خمس وخمسمائة، فروى عَنْهُ أبو موسى
الْمَدِينيّ، وطائفة.
"حرف الصاد":
257- صَدَقة بْن محمد بْن صَدَقة. أبو الْكَرَم الإسكاف.
شيخ صالح بغداديّ.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وأبا الحُسَيْن بْن المهتدي
بالله.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر.
"حرف الظاء":
258- ظفر بن عبد الملك. الخلال، والأصبهاني.
(35/147)
ورّخه عبد الرحيم الحاجّيّ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
كأنّه أخو الحُسَيْن.
"حرف العين":
259- عَبْد الله بن بننان1. أبو محمد النَّحْويّ، نزيل إشبيلية.
روى عَنْهُ: أَبِي عَبْد الله بْن يونس الحجازيّ، وعاصم بْن أيّوب،
وابن الحجاج الأعلم.
روى عَنْهُ: أبو الوليد بْن خيرة، وأبو عامر بْن ربيع الأشعريّ،
وهارون بْن أبي الْغَيْث، وأبو الحسن بن فيل.
وكان حافظًا لكتب الآداب، ذاكرًا "للكامل" للمبردّ، "وأمالي
القالي".
علّم النّاسَ النَّحْو بقُرْطُبَة.
وكان حيا في هذه السنة. قاله ابن الأبّار.
260- عبد الرَّحْمَن بن عبد العزيز بْن ثابت2. أبو محمد الأُمَويّ،
الأندلسيّ. خطيب شاطبة.
روى كثيرًا عَنْ أَبِي عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ.
وعن: أَبِي العبّاس العُذْريّ.
وكان زاهدًا، ورِعًا، فاضلًا، منقبضًا.
سَمِعَ منه جماعة، ورحلوا إِليْهِ، واعتمدوا عَليْهِ.
وُلِد سنة ست وأربعين وأربعمائة.
وقال: زارنا ابن عَبْد الْبَرّ مرّةً في منزلنا، فحفظت مِن لفظه
يَقُولُ:
لَيْسَ المزارُ عَلَى قدْر الودادِ ولو ... كانا كفيّيْن كنّا لا
نزال معًا
__________
1 الوافي بالوفيات "17/ 88"، وبغية الوعاة "2/ 35".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 346".
(35/148)
261- عَبْد الله بْن عَبْد العزيز بْن
المؤمّل. الأديب، أبو نصر الزَّيْتُونّي.
كَانَ إخباريا، علّامة.
روى عن: أحمد بن عمر النهرواني، وعلي بْن محمود الزّوزَنيّ، ومحمد
بْن الحُسَيْن بْن الشّبْل، وجماعة مِن الشُّعراء.
روى عنه: عبد الخالق اليوسفي، وعبد الرحيم ابن الإخوة، والسّلَفيّ،
وآخرون.
قَالَ السّمعانيّ: ما كَانَ مَرْضِيّ السّيرة. كَانَ جماعة مِن
شيوخي يسيئون الثّناء عَليْهِ.
تُوُفّي في ذي القِعْدة، وله تسعون سنة.
262- عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن عُبَيْد الله بْن الصَّحْنائيّ1.
أبو غالب المستعمل.
عَنْ: جدّه لأمّه عَبْد الوهّاب بْن أحمد الدّلّال، وابن غَيْلان،
وعبد العزيز الأَزَجيّ، وعدّة.
وعنه: عُمَر المغازليّ، وآخرون.
مات في ذي الحجّة عن تسعين سنة.
263- عليّ بْن أحمد بْن سعيد2. أبو الْحَسَن الْيَعْمريّ، الشّاعر،
الأندلسيّ، الأديب.
أخذ بقُرْطُبَة عَنْ أَبِي مروان بْن سِراج.
وأقرأ العربيّة والأدب.
وكان كاتبًا، شاعرا، فقيهًا.
توفي وهو في عشر الثمانين.
264- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد3. أَبُو الْحَسَن
النيسابوري، الواعظ.
__________
1 سبقت ترجمته في وفيات سنة "507هـ" برقم "186".
2 تكملة الصلة لابن الأبار رقم "1840".
3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 123".
(35/149)
وأصلة من إصبهان.
سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين بن عبد الغافر، وغيرهما.
قال السلفي: بلغني أنه تُوفي سنة تسع وخمسمائة.
وقال ابن عساكر: أجاز لي سنة عشر.
قلت: سأعيده سنة عشر.
265- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه1. أبو الْحَسَن
الْجُذَاميّ، الأندلسي، مِن أهل الْمَريّة، ويُعرف بالْبَرْجيّ،
بفتح الباء.
أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدش.
وسمع مِن أبي عليّ الغسّانيّ.
وكان مقرئًا حاذقًا، وفقيهًا، مُفْتيا، مِن أهل الخير، والصّلاح،
والتّفنُّن في العِلْم.
قَالَ ابن الأبّار: دارت لَهُ مَعَ قاضي الْمَريّة مروان بْن عَبْد
المُلْك قصّة غريبة في إحراق ابن حمْدين كتب الغزالي وأوجب فيها
حين اسفتي تأديب مُحرقها، وضمّنه قيمَتَها. وتبِعه عَلَى ذَلِكَ
أبو القاسم بْن ورد، وعمر بْن الفصيح.
أخذ عَنْهُ: عُمَر بْن نَمارة، والشّيخ أبو العبّاس بْن العريف.
266- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ. أَبُو الْحَسَن الأنْدش،
النَّيْسابوريّ، الشّعريّ.
وُلِد سنة خمس عشرة وأربعمائة.
وسمع: أبا العلاء صاعد بْن محمد، وابن مسرور.
قال السمعاني: حضرت عليه "جزء ابن نُجَيْد".
ومات في رمضان.
"حرف الغين":
267- غْيث بْن عليّ بن عبد السلام بْن محمد2.
__________
1 الأنساب "1/ 140"، والوافي "22/ 49، 50".
2 معجم البلدان "1/ 158"، وسير أعلام النبلاء "19/ 389"، والعقد
الثمين "1/ 472"، ولسان الميزان "1/ 322"، وشذرات الذهب "4/ 24".
(35/150)
أبو الفَرَج الصُّوري، الأَرْمَنَازيّ.
خطيب صور، ومحدّثها مُفيدها.
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعليّ بْن عُبَيْد الله الهاشميّ،
وجماعة.
وقدم دمشق، وسمع: أبا نصر بْن طلاب، وأبا الحَسَن أحمد بْن عَبْد
الواحد بْن أَبِي الحديد، وجماعة.
ورحل إلى تِنّيس، فسمع بها في سنة تسعٍ وستّين مِن: رمضان بْن
عليّ.
وبمصر، والإسكندرية.
وكتب الكثير، وسوَّد تاريخًا لصُور. وكان ثقة، ثْبتًا، حسن الخطّ.
روى عَنْهُ: شيخه الخطيب شِعْرا.
وسكن دمشق في الآخر، وبها تُوُفّي في صَفَر، وله ستٌّ وستون سنة.
وروى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وجماعة.
"حرف القاف":
268- قوام بْن زيد بْن عيسى1. الإمام أبو الفَرَج الْقُرَشِيّ،
التَّيْميّ، البكْريّ، الدّمشقيّ، المُرّيّ، الفقيه الشّافعيّ.
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب بدمشق، والصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور
ببغداد.
روى عنه: الصّائن بْن عساكر، وأخوه الحافظ، وعبد الصّمد بن سعد
النسوي، وغيرهم.
قال الحافظ ابن عساكر: كَانَ شيخًا ثقة. حدَّث عَنْهُ الفقيه نصر
الله المصيصي. وتوفي في رمضان، وحضرتُ دفنه.
قلت: عاش سبْعًا وسبعين سنة.
"حرف الميم":
269- محمد بْن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ
الْحَسَنِ بْن القاسم الزَّيْنَبيّ بْن إبراهيم طباطبا بْن
إسماعيل.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 92".
(35/151)
العلويّ الإصبهانيّ.
شيخ جليل مَعْمَر.
يروي عَنْ: أبي سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عُمَر
الصَّفّار.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ.
وتُوُفّي في ثاني رمضان.
كنيته أبو العسّاف.
270- محمد بْن الخلف بْن إسماعيل1. أبو عَبْد الله الصَّدّفيّ،
البَلنْسيّ، المعروف بابن علْقَمَة الكاتب.
صنَّف "تاريخ بَلَنْسِيَة"، وحمله النّاس عَنْهُ عَلَى سوء ما
رصفه.
تُوُفّي في شوّال، وقد جاوز الثمانين.
271- محمد بْن أَبِي العافية2.
أبو عَبْد الله الإشبيليّ النَّحْويّ، المقرئ.
إمام جامع إشبيلية.
أخذ عن: أبي لحجاج الأعلم النَّحْويّ.
وكان بارعًا في النَّحْو، واللغة.
حمل النّاس عَنْهُ. وقد قرأ بالقراءات عَلَى أَبِي عَبْد الله محمد
بْن شُرَيح.
272- محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء محمد بْن أحمد بْن أبي
المضاء3. أبو المضاء البَعْلَبَكّيّ، ويُعرف بالشّيخ الدَّيّن.
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة.
روى عنه: الصائن هبة الله.
__________
1 تكملة الصلة لابن الأبار "146"، والوافي بالوفيات "3/ 45".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 570، 571".
3 معجم البلدان "1/ 454، 455"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/
76، 77".
(35/152)
وأجاز للحافظ أبي القاسم.
تُوُفّي في شَعْبان وله أربعٌ وثمانون سنة. وأول سماعه سنة ست
وأربعين وأربعمائة.
273- محمد بْن سَعْد1. الإمام أبو بَكْر البغداديّ، الحَنْبليّ،
الغسّال، المقرئ، الملقّب بالتّاريخ.
حدَّث عَنْ: أَبِي نصر الزَّيْنَبيّ، وعدّة.
وكان رأسًا في حفْظ القرآن، وحسن الصَّوت، خيّرا، ثقة، صالحًا.
كبير القدْر، محسنًا إلى النّاس.
كانت جنازته مشهودة.
عاش بِضْعًا وأربعين سنة.
274- محمد بْن كُمار بْن حسن بْن عليّ. الفقيه أبو سَعِيد
الدّيَنَوريّ، ثمّ البغداديّ.
قَالَ: وُلِدتُ سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكانت زَوْجَة أَبِي
بَكْر الخطيب تُرضِعُني، فلمّا كبرت أسمعني مِن: ابن غَيْلان، وأبي
محمد الخلّال، وأبي إسحاق البرمكيّ، وأبي الحَسَن القالي، وغيرهم.
وقرأتُ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وسمعت منه الحديث.
وقرأت "المقنع" عَلَى القاضي أبي الطَّيّب الطَّبَريّ، ثمّ علّقت
تعليقة كاملة في الخلاف عَنْ أَبِي إسحاق الشّيرازيّ، وقرأت
الفرائض على أبي عبد الله الوني، إلا أن كُتُبي ذهبت كلّها في
النَّهْب، ولم يبق عندي منها شيء إلّا ما بقى بأيدي النّاس مِن
مسموعي. ووزَنّا عشرة دنانير حتّى سمعنا "المُسْنَد" من ابن
المُذْهب.
وسمعت مِن الأَزَجيّ، يعني عَبْد العزيز، كتاب "يوم وليلة"
للمعْمريّ.
قلت: روى عَنْهُ: الحُسَيْن بْن خُسْرُو البلْخيّ، والسّلَفيّ،
عَنِ البرمكيّ، والفالي. ثم انحدر إلى واسط، وبها مات في جمادى
الآخرة سنة تسع.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 113".
(35/153)
275- محمد بن الهبارية1. هو محمد بن محمد
بن صالح بن حمزة بن مُحَمَّد بن عيسى بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ داود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن عَبْد اللَّه بن عباس، أبو يعلي
الهاشمي، العباسي، البصري.
والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب.
قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء
والأكابر.
وله معرفة بالأنساب، وصنَّف كتاب "الصّادح والباغم والحازم
والعازم"، نظمه لسيف الدّولة صَدَقة، وضمّنه حكَمًا وأمثالًا، ونظم
كليلة ودِمْنة. وله كتاب "مجانين العقلاء"، وغير ذَلِكَ.
وله كتاب "ذِكر الذّكْر وفضل الشّعْر".
وقد بالغ في الهجو حتّى هجا أَبَاهُ وأمّه.
وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أوّلها:
حَيّ عَلَى خير العمل ... عَلَى الغزال والغَزَل
يَقُولُ فيها:
لو كان لي بِضاعهْ ... أو في يدي صِناعهْ
ألقى بها المَجَاعَهْ ... لم أخلع الخلاعةْ
ولم أُفِقْ مِن الخذَل
ولا درستُ مسألَهْ ... ولا رحلت بعملهُ
ولا قطعت مجهلهْ ... ولا طلبت منزلهْ
ولا تعلّمتُ الْجَدَل
ولا دخلتُ مدرسهْ ... سِباعها مفترسهْ
وجوههم معبَّسَهْ ... ما لي وتلك المَنْحَسَةْ
لولا النفاق والخبل
__________
1 اللباب "3/ 284"، وسير أعلام النبلاء "19/ 392"، ولسان الميزان
"5/ 367"، والنجوم الزاهرة "5/ 210".
(35/154)
الأصفر المنقوش ... شيدت بِهِ العروش
بِهِ الفتى يعيش ... وباسمه يطيش
مولاه ما شاء فعل
يا عجبًا كلّ العَجَب ... لا أدبٌ ولا حَسَب
ولا تُقَى ولا نَسَب ... يُغْني الفتى عَنِ الذَّهَب
سبحانه عزّ وجل
بؤسًا لربّ المحبره ... وعيشه ما أكدره
ودرسه ودفترهْ ... يا ويله ما أدْبَرَهْ
إنّ لم تصدّقني فَسَل
اصعد إلى تِلْكَ الغُرَف ... وانظر إلى قلب الحِرفَ
وابك لفضلي والشَّرَف ... واحكم لضريّ بالسَّرَف
واضربْ بخذلاني المَثَل
وله أيضًا القصيدة الطّويلة التي أولها:
لو أن لي نَفْسًا هَربتْ لِما ... أَلْقى ولكنْ لَيْسَ لي نَفْسُ
ما لي أُقيمُ لدى زعانفةٍ ... شُمّ القُرُون أُنُوفُهم فُطْسُ
لي مأتمٌ مِن سوء فِعْلِهِمُ ... ولهم بحُسن مدائحي عُرْسُ1
وهجا في هذه القصيدة الوزير، والنقيب، وأرباب الدّولة بأسرهم فأطيح
دمه، فاختفى مدّة، ثمّ سافر ودخل إصبهان، وانتشر ذِكره بها،
وتقدَّم عند أكابرها، فعاد إلى طبْعه الأوّل، وهجا نظام المُلْك،
فأهدر دمه، فاختفى، وضاقت عَليْهِ الأرض. ثمّ رمى نفسه عَلَى
الإمام محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ، فتشفّع فيه، فعفا عَنْهُ
النظام، فاستأذن في مديح، فأذن لَهُ فقام، وقال قصيدته الّتي
أوّلها:
بعزّة أمرك دار الفلك ... حنانيك فالخلق والأمر لك
__________
1 الخريدة "2/ 81".
(35/155)
فقال النظام: كذبْتَ، ذاك هُوَ الله تعالى.
وتمّم القصيدة، ثمّ خرج إلى كَرمان وسكنها1، ومدح بها، وهجا عَلَى
جاري طبيعته.
وحدَّث هناك عَنْ: أَبِي جعفر بن المسلمة.
سمع منه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد بن إبراهيم الصيقلي في
آخر سنة ثمان وتسعين.
وروى عنه: القاضي أحمد بن محمد الأرجاني، الشاعر، حديثًا عَنْ مالك
البانْياسيّ.
قَالَ ابن النّجّار: فأخبرنا محمد بْن مَعْمَر الْقُرَشِيّ كتابةً،
أنّ أبا غالب محمد بْن إبراهيم أخبره: أَنَا أبو يعلى محمد بن محمد
بن صالح العبّاسيّ الشّاعر بكَرْمان، أَنَا أبن المسلمة سنة ستين
وأربعمائة، أَنَا أبو الفَضْلُ الزُّهْرِيّ، أنبا الفِرْيابيّ، ثنا
إبراهيم بْن الحجاج، نا عَبْد الوارث، نا محمد بْن حجادة، فذكر
حديثًا.
وقد روى عَنْهُ مِن شِعْره: عُمَر بْن عَبْد الله الحربيّ، وأبو
الفتح محمد بْن عليّ النَّطَنْزِيّ2، وأحمد بن محمد بْن حفص
الكاتب، وآخرون.
ومن غُرر قصائده قولّه:
يا صاحبي هات المُدامَة هاتِها ... فصبيحة النَّيْرُوز مِن أوقاتها
كَرْميّة، كَرَميّةً، ذهبيّةً ... لهبيّةً، بِكْرًا تقوم بذاتها
رقَّت وراقت في الزّجاج فخِلْتُها ... جادت بها العشّاق مِن
عَبراتها
مِن كفّ هَيْفَاء القوام كأنّما ... عصرت سلّاف الخمْر مِن
وَجَناتها
السّحْر في ألحاظها، والغَنْجُ في ... ألفاظها، والدل في حركاتها
أو ما ترى فصلَ الرّبيع وطِيبَه ... قد نَبّه الأرواح مِن
رَقَداتها
والطَّيْرُ تصدح في الغُصون كأنمّا ... مدحت نظام الملك في نغماتها
__________
1 الخريدة "2/ 71، 72".
2 النظنزي: نسبة إلى نظنز، وهي بليدة بنواحي أصبهان "الأنساب 12/
110".
(35/156)
فانهض بنا وانشط لنأخُذَ فُرصةً ... مِن
لذّة الأيّام قبل فَوَاتها
يا صاحِبَيْ سرّى فلا أُخفيكما ... ما أطيب الدُّنيا عَلَى
عِلّاتِها
قُمْ فاسقِنيها بالكبير، ورُحْ إلى ... راحٍ تُريح النَّفْس مِن
كُرُباتها
إنْ مِتُّ فخلّني وغوايتي ... إنّ الغواية حُلْوةٌ لِجُناتها
ولقد جريت عَلَى الصَّباية والصّبي ... وجذبت أقراني إلى غاياتها
ثمّ ارْعَوَيْتُ وما بكفّي طائل ... مِن لذّة الدُّنيا سوى تبعاتها
وهي قصيدة طويلة.
قَالَ الأرجانيّ: سَأَلت ابن الهبّاريّة عن مولده، فقال: سنة أربع
عشرة وأربعمائة.
وقال أبو المكارم يعيش بْن الفَضْلُ الكرماني الكاتب: مات بكرمان
في جُمَادَى الآخرة سنة تسع وخمسمائة.
ولابن الهبّاريّة:
وإذا البيادق في الدُّسْوت تَفَرْزَنَتْ ... فالرأي أن يتبيذق
الفرزان
خذ جملة البوى ودعْ تفصيلها ... ما في البَريّة كلّها إنسانُ
276- مغاور بْن الحَكَم. أبو الحَسَن السُّلَميّ، الشاطبي،
المؤدّب.
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن الدّش.
وأقرأ النّاس.
أخذ عَنْهُ: ابنه محمد، وأبو عَبْد الله بْن بركة، وعبد الغنيّ بْن
مكّيّ.
277- مهذّب الدولة1. أمير البطائح. هُوَ أبو العبّاس أحمد بْن محمد
بْن عُبَيْد بْن أبي الجبْر الكنانيّ.
أديب، فاضل، شاعر، إخباريّ، دوّن شِعْره.
وُلّي البطيحة وأعمالها. وتولّى النَّظَر بواسط وأعمالها، مضافًا
إلى إمرة البطيحة.
ولم يزل آباؤه وأجداده أمراء البطيحة.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 448، 449".
(35/157)
وله شِعْر في المستظهر بالله.
تُوُفّي في المحرَّم.
"حرف الهاء":
278- هابيل بْن محمد بْن أحمد بْن هابيل1. أبو جعفر الألْبِيريّ،
الأندلسيّ.
أخذ بقُرْطُبَة عَنْ: أَبِي القاسم بْن عَبْد الوهّاب المقرئ، وأبي
مروان الطّبنيّ، وأبي مروان بن سِراج.
روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن الباذش المقرئ.
وتوفي في رمضان سنة تسعٍ، ويُحتمل أن تكون سنة سبْعٍ.
279- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن الرَّحْبيّ. أبو
القاسم الدّبّاس.
مِن أولاد الشّيوخ.
سَمِعَ: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأحمد بْن محمد الزَّعْفرانيّ،
وعليّ بْن المحسّن.
روى عَنْهُ: عمر المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
280- هبة الله بْن المبارك بْن موسى بْن عليّ2. أبو البركات
السَّقَطيّ، المفيد.
أحد مِن عُني بهذا الشأن، وسمع ببغداد، وإصبهان، والموصل، والكوفة،
والبصرة، وواسط.
وتعب وبالَغ. وكان فيه فضل ومعرفة باللُّغة.
جمع الشّيوخ، وخرّج الفوائد، وقيل: إنّه ذيّل عَلَى "تاريخ
الخطيب"، وما ظهر ذَلِكَ.
وله "مُعْجم" في مجلَّد، ادّعى فيه لُقيّ أُناس كأبي محمد
الجوهريّ، ولم يدركه؛ وضعفه شُجاع الذُّهْليّ، وكذّبه ابن ناصر.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 659".
2 المنتظم "9/ 183"، وسير أعلام النبلاء "19/ 282، 283"، والبداية
والنهاية "12/ 179"، ولسان الميزان "6/ 189، 190".
(35/158)
روى عَنْهُ: ابنه أبو العلاء وجيه، وأبو
المعمر الأزجي، وعبد القادر الجيلي، وغيرهم.
وتوفي في ربيع الأوّل، سامحه الله.
281- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن المطلب1. أبو المعالي
الكرمانيّ، الكاتب الوزير.
مِن رؤساء بغداد. تفرَّد في عصره بكتابه الحساب والدّيوان. ووَزَر
للمستظهر سنتين ونصف، ثمّ عُزِل.
وكان فقيهًا شافعيا.
سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وطبقته.
وله معروف وصَدَقات.
روى اليسير. ولَقَبَهُ مجد الدّين.
ولد سنة 443، وكان مِن الأذكياء حسن المحاضرة.
عزل سنة اثنتين وخمسمائة.
ومات سنة تسع.
282- هشام بْن أحمد بْن سَعِيد2. أبو الوليد القُرْطُبيّ، المعروف
بابن العوّاد.
تلميذ أَبِي جعفر أحمد بْن رزق، وأخذ أيضا عن: أبي مروان بن سراج،
ومحمد بْن فَرَج الفقيه، وأبي علي الغساني.
وكان من جلة الأئمة وأعيان المفتين بقرطبة. مقدما في الرأي والمذهب
على جميع أصحابه، ذا دين وورع، وانقباض عَنِ الدّولة، وإقبال عَلَى
نشر العِلْم وبثّه، واسع الخُلُق، حسن اللّقاء، مُحَبَّبًا إلى
النّاس، حليمًا متواضعًا. دُعي إلى القضاء فامتنع.
تفقَّه بِهِ خلْق كثير نفعهم الله به.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 438-444".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 654".
(35/159)
تُوُفّي في صَفَر، وشيعّه عالم كثير،
ومتولّي قرطبة.
مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وعاش سبْعًا وخمسين سنة،
رحمه الله، ورضي عَنْهُ.
"حرف الياء":
283- يحيى بْن السّلطان تميم بْن المُعِزّ بْن باديس1. المُلْك أبو
طاهر الحِمْيَريّ، الصّنْهاجيّ صاحب إفريقية وبلادها.
تسلطن بعد أَبِيهِ، وخلع عَلَى الأمراء، ونشر العدل، وافتتح
قِلاعًا لم يتمكّن أَبُوهُ مِن فتحها.
وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسّيَر، شفوقًا عَلَى الرعيّة
والفقراء، مقرَّبًا للعلماء، جوادًا، مُمَدَّحًا.
وفيه يَقُولُ أبو الصّلْت أُمَيَّة بْن عَبْد العزيز بْن أبي
الصّلْت:
وارغب بنفسك إلّا عَنْ ندًى ووغًى ... فالمجد أجمعُ بين البأْسِ
والْجُودِ
كدأْب يحيى الَّذِي أحْيَتْ مَواهبُهُ ... مَيْتَ الرَّجاء بإنجاز
المواعيد
معطي الصوارم والهيف النواعم والـ ... جرد الصُّلادِم والبُزْلِ
الْجَلاميدِ
إذا بدا بسريرِ المُلْك مُحْتبِيا ... رَأَيْتَ يوسُفَ في مِحراب
داودِ
تُوُفّي يحيى يوم الأضحي فجأة أثناء النّهار، وخلّف ثلاثين ولدًا
ذَكَرًا، وقام بالمُلك بعده ابنه عليّ، فبقي ستٌّ سنين ومات،
فأقاموا في المملكة ابنه الحسن بن عليّ، وهو صبيّ ابنُ ثلاث عشرة
سنة، فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنْج أَطْرابُلُسَ المغرب
بالسيّف، وقتلوا أهلها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فخاف الحَسَن
وخرج هاربًا مِن المَهدّية هُوَ وأكثرُ أهلها. ثمّ إنّه التجأ إلى
السّلطان عَبْد المؤمن بْن عليّ.
وممّا تمَّ ليحيى أن ثلاثة غرباء كتبوا إليه أنهم كيمائيون،
فأحضرهم ليعملوا ويتفرَّج. وكان عنده الشّريف أبو الحسن وقائد
الجيش إبراهيم، فجذب أحدهم
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 512-514"، وسير أعلام النبلاء "19/
412-414"، والبداية والنهاية "12/ 179"، وشذرات الذهب "4/ 26".
(35/160)
سكّينًا، وضرب يحيى، فلم يصنع شيئًا، ورفسه
يحيى ألقاه عَلَى ظهره، ودخل المجلس وأغلقه، وأما الثّاني، فضرب
الشّريف قتله، وجذب الأمير إبراهيم السّيف وحطّ عليهم، ودخل
الغلمان فقتلوا الثّلاثة، وكانوا من الباطنية.
وفيات سنة عشر وخمسمائة:
"حرف الألف":
284- أحمد بن الحسين بن علي بْن قريش1. أبو العبّاس البغداديّ،
البنّاء، النّسّاج، المقرئ.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إسحاق البرمكيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بْن الطّلّاية
الزّاهد، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وفارس الحفّار.
ومات في رجب وله خمسٌ وثمانون سنة. وكان صالحًا ثقة. أجاز لابن
كليب.
285- أحمد بْن عَبْد الله بْن مُظَفَّر بْن محمد بن ماجه. أبو
الرجاء الإصبهانيّ.
روى عَنْ: ابن ريذَة، وغيره.
روى عَنْهُ: أبو موسى الحافظ.
286- أحمد بْن محمد بن عمر. المركزي أبو البركات.
شيخ مؤدب ببغداد.
كَانَ يروي عَنْ: إِسْحَاق البرمكيّ.
وعنه: السّلَفيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
مات في نصف شَعْبان.
287- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْم. أبو
الفَضْلُ بْن أَبِي بَكْر بْن أبي عليّ.
مِن بيت حديث.
__________
1 المنتظم "9/ 185".
(35/161)
تُوُفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، عَنْ عليّ بْن أحمد بْن يوسف.
288- إبراهيم بْن أحمد1. أبو الفَضْلُ المخرّميّ، البغداديّ.
روى عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور.
289- إسماعيل بْن الفَضْلُ بْن إسماعيل. أبو القاسم بْن أبي عامر
التّميميّ، الْجُرْجاني.
قِدم في هذه السّنة بغداد ليحجّ، فحدّث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن
سَعِيد العسكريّ، عَنْ أبي أحمد الغطْريفيّ.
روى عنه: المبارك بن كامل، وروح بن أحمد الحديثي قاضي القضاة،
ويحيى بن هبة الله البزاز، وأحمد بن سالم المقرئ، وأبو الفتح عبد
الوهاب بن الحسن الفرضي.
"حرف الحاء":
290- حبيب بن أبي مسلم محمد بن أحمد بن يحيى. الفقيه الزاهد
الكبير، أبو الطيب الطهراني، الأصبهاني.
روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
وعنه: أبو موسى، وغيره.
تُوُفّي ليلة الثّلاثاء، ثاني عشر ربيع الأوّل.
وهو مِن شيوخ السّلَفيّ ومن أقاربه.
291- الحَسَن بْن أحمد بْن يحيى2. أبو أحمد بْن أبي سَلَمَة
الكاتب، النَّيْسابوريّ، أحد المعروفين بالفضل والشّعْر.
سَمِعَ مِن: الأمير أَبِي الفَضْلُ عُبَيْد الله بْن أحمد
الميكالي، وأبي الحسين عبد الغافر.
__________
1 المنتظم "9/ 185".
2 المنتخب من السياق "189"، وعيون التواريخ "12/ 68".
(35/162)
روى عَنْهُ: ولده أحمد.
وتوفي في ربيع الأوّل.
292- الحَسَن بْن عَبْد الكريم. أبو حرب العبّاسيّ، الإصبهانيّ،
النّقيب.
سَمِعَ: أبا أحمد المكفوف.
كتب عَنْهُ: يحيى بْن مَنْدَهْ.
تُوُفّي في المحرَّم.
"حرف الخاء":
293- خميس بْن علي بن أحمد بْن علي بْن الحَسَن1. الحافظ، أبو
الكرم الواسطيّ، الحَوْزيّ.
ورد بغداد، وسمع: أبا القاسم بْن البُسْري، وطبقته.
وسمع بواسط: عليّ بْن محمد النّديم، وهبة الله بْن الجلخْت،
وخلْقًا سواهم، وكتب وجمع.
روى عَنْهُ: أبو الجوائز سَعْد بن عبد الكريم، وأبو طاهر
السّلَفيّ، وآخر مِن روى عَنْهُ أبو بِشْر عَبْد الله بْن عِمران
الباقلّانيّ، المقرئ.
وله شِعْر جيّد، فمنه:
إذا ما تعلّق بالأشعريّ ... أُناسٌ، وقالوا: وثيق العُرى
وطائفة رأت الاعتزال ... صوابًا، وما هُوَ فيما ترى
وأخرى رَوَافضُ لَا تستحقّ ... إذا ذُكر النّاس أن تذكرا
فنحن معاشرُ أهل الحديث ... علِقْنا بأذيال خير الورى
فمن لم يكن دأبُهُ دأبنا ... فنحن وأحمد منه بُرَا
وقد سال السّلَفيّ خميسًا عَنْ أهل واسط المتأخّرين، فأجابه في
جزء، وانتقى
__________
1 العبر "4/ 20"، وسير أعلام النبلاء "19/ 346، 347"، وشذرات الذهب
"4/ 27"، ومعجم المؤلفين "4/ 130".
(35/163)
عليه جزءا سمعناه، وكان يثني عليه ويقول:
كان عالما ثقة، يملي علي من حفظه.
وقد ذكره ابن نقطة1، فذكر معه الحسن بن إبراهيم بن سلامويه.
قال: والحوز قرية بشرقي واسط. حدَّث عَنْ عَبْد العزيز بْن علي
الأنماطي، ومحمد بن محمد العُكْبَريّ النديم.
قَالَ: وكان لَهُ معرفة بالحديث والأدب.
قَالَ: ومولده في شَعْبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
ومات أيضًا في شَعْبان.
"حرف الطاء":
294- طاهر بْن أحمد بْن الفَضْلُ. أبو القاسم الإصبهانيّ، الخطّاط،
المعروف بالبزّاز.
تُوُفّي في شَعْبان، وله تسعون سنة.
روى عَنْ: ابن رِيذَة.
وعنه: أبو موسى المَدِينيّ.
"حرف العين":
295- عَبْد الرَّحْمَن بن عبد العزيز بن ثابت2. أبو محمد
الأندلسيّ، ثمّ الشّاطبيّ، البلاليّ.
وبلالة مِن عمل شاطبة. ديّن، عاقل، عالم.
سَمِعَ مِن: ابن عَبْد البَرّ، وأبي العبّاس العُذْري.
وعنه: أبو الوليد يوسف بْن الدّبّاغ، وقال: سَمِعْتُ منه كتاب
الصحابة، وكتابي التقصي، وكتاب الأنباء.
__________
1 في الاستدراك "138 ب، 138 أ".
2 تقدم في وفيات السنة السابقة برقم "260".
(35/164)
وقرأت عليه "الموطأ" و"السيرة". أَنَا
بجميع ذَلِكَ، عَنْ أبي عُمَر، وقال: كَانَ بيننا وبين أَبِي عُمَر
مصاهرة.
ومولده في سنة ست وأربعين وأربعمائة.
296- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن
شِيرَوَيْه بْن عليّ1. أبو بَكْر الشّيرُويّيّ، النَّيْسابوريّ،
التّاجر.
سَمِعَ: أبا بَكْر الحِيريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وهو آخر من روى فِي الدّنيا عَنْهُمَا.
وروى عَنْ: أبي حسّان المُزَكّيّ، وأحمد بْن محمد بْن الحارث
النَّحْويّ، ووالده.
روى عنه: الحافظ أبو سعد السمعاني، وأبو الفتوح الطائي، وعبد
المنعم الفراوي، وخلق كثير.
وروى عنه بالإجازة: ذاكر بن كامل الخفاف، وأبو المكارم أحمد بن
محمد اللبان.
وكان مولده في ذي الحجَّة سنة أربع عشرة.
وتوفي في ثامن عشر ذي الحجة، وقد استكمل ستا وتسعين سنة.
قال السمعاني في كتاب "الأنساب"2: كان صالحا، عابدا، معمرا، رحل
إليه من البلاد، وسمع الحيريّ، والصَّيْرفيّ، وعبد القاهر بن طاهر،
ومحمد بن إبراهيم المزكي.
وقد دخل إصبهان، وسمع بها مِن ابْن رِيذَة، وأَبِي طاهر بْن عَبْد
الرحيم. أحضرني والدي مجلسه. وكان أَبُوهُ يروي عَنِ المخلّص.
وهو فقد أجاز لمن شاء الرواية عَنْهُ. وهو مِن قرية كُونابَذ، ثمّ
عربت، فقيل: جنابذ، بفتح الباء3.
__________
1 التحبير "1/ 464-468"، وسير أعلام النبلاء "19/ 246-248"،
والنجوم الزاهرة "5/ 213"، وشذرات الذهب "4/ 27".
2 ج "7/ 467".
3 الأنساب "3/ 306".
(35/165)
وهي مِن قُهِسْتان مِن رساتيق نَيْسابور.
وكان صالحًا، عفيفًا، تَجَر إلى البلاد مُضاربةً بأموال النّاس،
ثمّ عجز، وانقطع لتسميع الحديث. وكان مُكْثِرًا.
ومن شيوخه أبو سَعِيد نصر الدّين بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبو
منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ.
ألْحق الأحفاد بالأجداد، وسمع منه مِن دبّ ودَرَج. وسار ذِكْرُه،
ولم تتغير حواسَّه، إلّا بصره فضَعُف1.
ومن شيوخه: أبو عَبْد الله بْن باكُوَيْه السَّرَّاج.
قَالَ الفَضْلُ بْن عَبْد الواحد الإصبهانيّ: سَمِعْتُ الرئيس
الثَّقَفيّ يَقُولُ: لَا جادنا مِن خُراسان ناصر إلّا بأبي بَكْر
الشّيرُويّيّ، فإنّه أخْيَرهم وأنفعهم2.
قَالَ السّلَفيّ: سَمِعْتُ منه الكثير، وُلّي ثلاث سنين ونصف
بقراءة أبي. وسمّع أخي في الخامسة، فمن ذَلِكَ جزء سُفْيان، وخمسة
أجزاء مِن ثمانية مِن "مُسْنَد الشّافعيّ" خمسة أجزاء مِن ثمانية
أجزاء.
297- عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يونس. أبو محمد بْن
خَيْرُون الأندلسيّ، القُضاعيّ.
محدّث مُكِثر عَنِ ابن عَبْد البَرّ.
وسمع: أبا الوليد الباجيّ، وابن دلْهاث.
وكان عارفًا بالفقه، والشّعر. وُلّي قضاء قَربيطر.
روى عَنْهُ: أبو محمد بْن عَلْقَمة، ومحمد بْن محمد بْن يعيش، وعبد
الوهّاب التُّجَيْبيّ، وآخرون.
__________
1 التحبير "1/ 465".
2 التحبير "1/ 466".
(35/166)
298- عليّ بْن أحمد بن محمد بْن بَيَان1.
أبو القاسم بْن الرّزّاز، البغداديّ.
مُسْنَد الدُّنيا في عصره.
روى عَنْهُ خلْق لَا يُحْصَوْن.
سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، وطلحة بن الصقر
الكتابي، وأبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بِشْران الواعظ، وأبا
القاسم الحُرْفيّ، وأبا العلاء الواسطي، وجماعة.
ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وكانت إِليْهِ الرحلة مِن الأقطار.
وهو آخر مِن حدَّث بنسخة ابن عَرَفَة.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: وكان يأخذ عَلَى روايتها دينارًا عَنْ
كلّ واحدٍ عَلَى ما سَمِعْتُ. وأجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة
كثيرة.
سَمِعْتُ أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي يَقُولُ: كَانَ أبو
القاسم بْن بيان يَقُولُ: أنتم ما تطلبون الحديث والعِلْم، أنتم
تطلبون العُلُوّ، وإلّا ففي دَرْبي جماعة سمعوا منّي هذا الجزء،
فاسمعوه منهم، ومن أراد أن يسمع منّي يَزِن دينارًا.
سَمِعْتُ أبا بَكْر محمد بْن عَبْد العطّار بمَرْو يَقُولُ: وزنت
الذّهب لأبي القاسم بْن بيان، حتّى سَمِعْتُ منه جزء ابن عَرَفَة.
وكذا ذكر لي محمد بْن أَبِي العبّاس بسمرقند، أنّه أعطاه دينارًا
حتّى سَمِعَ منه.
قلت: روى عَنْهُ: أبو الفُتُوح الطّائيّ، والسّلَفيّ، وخطيب
المَوْصِل، وأحمد بْن محمد بْن قُضاعة، وأحمد بْن محمد المنبجيّ،
وأبو محمد عَبْد الله بْن الخشّاب النَّحْويّ، ومحمد بْن عبد
الباقي بن النَّرْسيّ، والمبارك بْن محمد بْن سكّينة، ووفاء بْن
أسعد التُّركيّ، والحافظ أبو العلاء العطّار، ومحمد بْن بدر
الشّيحيّ، ومحمد بْن جعفر بْن عَقيل، وأبو الفَرَج محمد بْن أحمد
حفيد ابن نبهان، وأبو الفتح بْن شاتيل، وَأَحْمَد بْن المبارك بْن
دُرّك، وأحمد بْن أَبِي الوفاء الصّائغ، وأبو السّعادات نصر الله
القزّاز، وأبو منصور عَبْد الله بْن عَبْد السلام، وعبد المنعم بْن
كُلَيب.
تُوُفّي في سادس شعبان.
__________
1 الأنساب "6/ 107"، والمنتظم "9/ 186"، والكامل في التاريخ "10/
523، 524"، وسير أعلام النبلاء "19/ 257، 258"، وتذكرة الحفاظ "4/
1261"، والبداية والنهاية "12/ 180"، وشذرات الذهب "4/ 27".
(35/167)
299- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد1.
أَبُو الحَسَن النَّيْسابوريّ، الواعظ.
تُوُفّي في سلْخ المحرَّم، وله نيّف وتسعون سنة.
روى بإصبهان عَنْ: ابن حفص بْن مسرور.
وعنه: أبو موسى الحافظ، وأبو طاهر السّلَفيّ، ومحمد بن حمزة
الزنجاني، وأبو غانم بْن زينة، وزيد بْن حمزة الطُّوسيّ.
وروى عَنْهُ بالأجازة أبو القاسم بْن عساكر.
وقد سَمِعَ: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر
الفارسيّ.
وبدمشق: أبا القاسم الحِنائيّ.
رَوَى عَنْهُ: الفقيه نصر المَقْدِسِيّ، قُلْتُ: وَهُوَ أكبر منه،
وَأَبُو موسى. وَذَلِكَ يدخل في السابق واللاحق.
قَالَ السّلَفيّ: أَبُو الحَسَن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن
الصّبّاغ، ذكر أنّه يُعرف بنَيْسابور بالإصبهانيّ، وبإصبهان
بالنَّيْسابوريّ. وكان يعقد المجلس في جامع إصبهان، ثقة.
"حرف الغين":
300- غانم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد. أبو
سهل بْن الشَّيْخ أبو الفتح الحدّاد.
يروي عَنْ: أَبِي القاسم بْن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ،
والإصبهانيّين.
وعنه: أبو موسى، وجماعة.
وحدَّث ببغداد عَنْ: الذَّكْوانيّ، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم،
وأبي نصر الكِسائيّ.
تُوُفّي في ربيع الأول. وهو أخو صاحب الأموال الجزيلة أَبِي سعيد
الحدّاد ووالد محمد ومحمود.
سَمِعَ أيضًا مِن أَبِي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي الوليد
الدَّربَنْديّ، وإبراهيم بن محمد الكسائي، وعدة. أجاز للسمعاني.
__________
1 تقدم في وفيات سنة "509هـ" برقم "264".
(35/168)
"حرف الميم":
301- المبارك بْن الحُسَيْن بْن أحمد1.
الغسّال أبو الخير البغداديّ، الشّافعيّ، المقرئ.
كَانَ صالحًا، ثقة، متميّزًا. قرأ القرآن عَلَى: أَبِي القاسم بْن
الغُوريّ، وأبي بَكْر محمد بْن عليّ الخيّاط، وأبي عليّ الحَسَن
بْن غالب المقرئ، وأبي بَكْر بن الأُطْرُوش، وأبي بَكْر
اللّحْيانيّ.
ورحل إلى واسط في طلب القراءات، فقرأ عَلَى أَبِي عليّ غلام
الهرّاس، وتصدّر للإقراء، وقصده الطلبة.
وكان محافظًا، مجودًا، يتكلّم عَلَى معاني القرآن.
وسمع الحديث من: أبي محمد الخلال، وأبي جعفر بن المسلمة، وأبي
يَعْلَى بْن الفرّاء.
روى عَنْهُ: أبو طاهر محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعليّ بْن أحمد
المحموديّ، وسعد الله بْن محمد. وآخر مِن روى عَنْهُ: عَبْد المنعم
بْن كُلَيب.
وقد أجاز لابن السّمعانيّ.
وكان مولده قبل الثلاثين وأربعمائة.
وتوفي في غُرّة جُمَادَى الأولى والغَسّال بغين معجمة.
302- المبارك بن محمد بْن عليّ2. أبو الفَضْلُ الهَمَذَانيّ.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وابن المسلمة.
وأجاز لَهُ أبو محمد الجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
__________
1 المنتظم "9/ 190"، وطبقات الحنابلة "1/ 113"، والعبر "4/ 21"،
وسير أعلام النبلاء "19/ 357، 358"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1261"،
ولسان الميزان "5/ 8".
2 المنتظم "9/ 190".
(35/169)
303- محفوظ بْن أحمد بْن الحَسَن بْن
الحُسَيْن1. الإمام، أبو الخطّاب الكَلْوذانيّ2، الأَزَجيّ، شيخ
الحنابلة.
كَانَ مُفْتيا، صالحًا، ورِعًا، دينًا، وافر العقل، خبيرًا
بالمذهب، مصنَّفا فيه، حسن العِشْرة والمجالسة. لَهُ شِعْر رائق.
صنَّف كتاب "الهداية" المشهور في المذهب، و"رءوس المسائل". وتفقَّه
عَلَى: أَبِي يَعْلَى.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ، وأبا عليّ محمد
بْن الحُسَيْن الجازريّ، حدَّث عَنْهُ بكتاب "الجليس والأنيس"
للمعافَى.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والمبارك بْن خُضَيْر، وأبو
الكرم بْن الغسال. وتفقَّه عَليْهِ أئمّة.
وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة3.
ولأبي الخطّاب قصيدة في العقيدة يَقُولُ فيها:
قَالُوا أَتَزْعُم أنّ عَلَى العرش استوى ... قلت الصّواب كذاك
خُبّر سيّدي
قَالُوا فما معنى استواهُ أَبِنْ لنا، ... فأجبتُهُم هذا سؤال
المعتدي
قال السمعاني: أنشدنا دلف بن عَبْد الله بْن التّبّان بسَمَرْقَنْد
في فتوى جاءت إلى أَبِي الخطّاب:
قلَّ للإمام أبي الخطّاب مسألةً ... جاءت إليك وما إلّا سواك لها
ماذا عَلَى رجلٍ رام الصّلاة، فإذ ... لاحت لناظِرِهِ ذاتُ
الْجَمال لَهَا
فكتب في الحال:
قُلْ للأديب الَّذِي وافَى بمسألةٍ ... سَرَّتْ فؤادي لما أن أصخت
لها
__________
1 الأنساب "10/ 461"، والمنتظم "9/ 190-193"، واللباب "3/ 107"،
وسير أعلام النبلاء "19/ 348-350"، والبداية والنهاية "12/ 180".
2 الكلوذاني: نسبة إلى كلواذان، وهي قرية من قرى بغداد "الأنساب
10/ 460".
3 الكامل في التاريخ "10/ 524".
(35/170)