تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ الطبري

. ذكر خبر شعيب ص
وقيل ان اسم شعيب يزون، وقد ذكرت نسبه واختلاف أهل الأنساب في نسبه، وكان- فيما ذكر- ضرير البصر.
حَدَّثَنِي عبد الأعلى بن واصل الأسدي، قال: حَدَّثَنَا أسيد بن زيد الجصاص، قال: أخبرنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله:
«وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً» ، قال: كان أعمى

(1/325)


حَدَّثَنَا أحمد بن الوليد الرملي، قال: حَدَّثَنَا ابراهيم بن زياد وإسحاق ابن المنذر وعبد الملك بن يزيد، قالوا: حَدَّثَنَا شريك، عن سالم، عن سعيد، مثله.
حَدَّثَنِي أحمد بن الوليد، قال: حَدَّثَنَا عمرو بن عون ومحمد بن الصباح، قالا: سمعنا شريكا يقول في قوله: «وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً» ، قال: أعمى.
حَدَّثَنِي أحمد بن الوليد، قال: حَدَّثَنَا سعدويه، قال: حَدَّثَنَا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، مثله.
حَدَّثَنِي المثنى، قال: حَدَّثَنَا الحماني، قال: حَدَّثَنَا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد: «وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً» ، قال: كان ضرير البصر.
حَدَّثَنِي العباس بن أبي طالب، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن مهدي المصيصي، قال: حَدَّثَنَا خلف بن خليفة، عن سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير:
«وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً» ، قال: كان ضعيف البصر حَدَّثَنِي المثنى، قال: حَدَّثَنَا أبو نعيم، قال: حَدَّثَنَا سفيان، قوله تعالى:
«وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً» ، قال: كان ضعيف البصر قال سفيان: وكان يقال له خطيب الأنبياء، وإن الله تبارك وتعالى بعثه نبيا إلى أهل مدين، وهم أصحاب الأيكة- والأيكة الشجر الملتف- وكانوا أهل كفر بالله وبخس للناس في المكاييل والموازين وإفساد لأموالهم، وكان الله عز وجل وسع عليهم في الرزق، وبسط لهم في العيش استدراجا منه لهم، مع كفرهم به، فقال لهم شعيب ع: «يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ» .
فكان من قول شعيب لقومه وجواب قومه له ما ذكره الله عز وجل في كتابه

(1/326)


فَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، قال: قال ابن إسحاق: فكان رسول الله ص- فِيمَا ذَكَرَ لِي يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ- إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ: ذَاكَ خَطِيبُ الأَنْبِيَاءِ، لِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ قَوْمَهُ فِيمَا يُرَادُّهُمْ بِهِ.
فَلَمَّا طَالَ تَمَادِيهِمْ فِي غَيِّهِمْ وَضَلالِهِمْ، وَلَمْ يَرُدَّهُمْ تَذْكِيرُ شُعَيْبٍ إِيَّاهُمْ، وَتَحْذِيرُهُمْ عَذَابَ اللَّهِ لَهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعَالَى هَلاكَهُمْ، سَلَّطَ عَلَيْهِمْ- فِيمَا حَدَّثَنِي الْحَارِثُ- قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: «فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ اللَّهُ وبدة وَحَرًّا شَدِيدًا، فَأَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ فَدَخَلُوا أَجْوَافَ الْبُيُوتِ، فدخل عليهم أَجْوَافَ الْبُيُوتِ فَأَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ، فَخَرَجُوا مِنَ الْبُيُوتِ هِرَابًا إِلَى الْبَرِّيَّةِ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَحَابَةً، فَأَظَلَّتْهُمْ مِنَ الشَّمْسِ، فَوَجَدُوا لَهَا بَرْدًا وَلَذَّةً، فَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا تَحْتَهَا أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا، قَالَ عَبْدُ الله ابن عَبَّاسٍ: فَذَاكَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، «إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» .
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن وهب، قال: حَدَّثَنِي جرير بن حازم أنه سمع قتادة يقول: بعث شعيب إلى أمتين: إلى قومه أهل مدين، وإلى أصحاب الأيكة، وكانت الأيكة من شجر ملتف، فلما أراد الله عز وجل أن يعذبهم بعث عليهم حرا شديدا، ورفع لهم العذاب كأنه سحابة، فلما دنت منهم خرجوا إليها رجاء بردها، فلما كانوا تحتها امطرت

(1/327)


عليهم نارا، قال: فذلك قوله تعالى: «فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ» .
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني أبو سفيان، عن معمر بن راشد، قال: حَدَّثَنِي رجل من أصحابنا عن بعض العلماء، قال:
كانوا- يعني قوم شعيب- عطلوا حدا، فوسع الله عليهم في الرزق، ثم عطلوا حدا فوسع الله عليهم في الرزق، فجعلوا كلما عطلوا حدا وسع الله عليهم في الرزق، حتى إذا أراد الله هلاكهم سلط عليهم حرا لا يستطيعون أن يتقاروا، ولا ينفعهم ظل ولا ماء، حتى ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظله فوجد روحا، فنادى أصحابه: هلموا إلى الروح، فذهبوا إليه سراعا، حتى إذا اجتمعوا ألهبها الله عليهم نارا، فذلك عذاب يوم الظلة.
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن معاوية في قوله تعالى: «فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ» ، قال: أصابهم حر قلقلهم في بيوتهم، فنشأت سحابة كهيئة الظلة فابتدروها، فلما ناموا تحتها أخذتهم الرجفة حَدَّثَنِي محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى.
وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: «عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ» ، قال: ظلال العذاب.
حَدَّثَنِي القاسم، قال: حَدَّثَنَا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: «فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ» ، قال: أظل العذاب قوم شعيب قال ابن جريج: لما أنزل الله تعالى عليهم أول العذاب أخذهم منه حر شديد، فرفع الله لهم غمامة، فخرج إليها طائفة منهم ليستظلوا بها، فأصابهم منها برد وروح وريح طيبة، فصب الله عليهم من فوقهم من تلك الغمامة عذابا، فذلك قوله: «عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»

(1/328)


حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
«فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» ، قال: بعث الله عز وجل إليهم ظلة من سحاب، وبعث الله إلى الشمس فأحرقت ما على وجه الأرض، فخرجوا كلهم إلى تلك الظلة، حتى إذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظلة، وأحمى عليهم الشمس، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى.
حَدَّثَنَا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا ابو ثميله، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عامر، عن ابن عباس، قال: من حدثك من العلماء، ما عذاب يوم الظلة، فكذبه.
حدثنى محمود بن خداش، حَدَّثَنَا حماد بن خالد الخياط، قال، حَدَّثَنَا داود بن قيس، عن زيد بن أسلم في قوله عز وجل: «أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا» ، قال: كان مما ينهاهم عنه حذف الدراهم- أو قال: قطع الدراهم، الشك من حماد.
حدثنا سهل بن موسى الرازي، قال: حدثنا ابن أبي فديك، عن أبي مودود قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أن قوم شعيب عذبوا في قطع الدراهم، ثم وجدت ذلك في القرآن: «أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا» .
حَدَّثَنَا ابن وكيع، قال: حَدَّثَنَا زيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، قال: عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم، فقالوا:
«يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ ان نفعل في أموالنا ما نشاء» .
ونرجع الآن إلى:

(1/329)