تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ
الطبري
. ذكر أولاده وأزواجه
رقيه وأم كلثوم ابنتا رسول الله ص، ولدت لَهُ رقية عَبْد اللَّهِ.
وفاختة ابنة غزوان بن جابر بن نسيب بن وهيب بن زيد بن مالك ابن عبد بن
عوف بن الْحَارِث بن مازن بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خصفة بن قيس بن
عيلان بن مضر ولدت لَهُ ابنا فسماه عَبْد اللَّهِ، وَهُوَ عَبْد
اللَّهِ الأصغر، هلك.
وأم عَمْرو بنت جندب بن عَمْرو بن حممة بن الْحَارِث بن رفاعة بن
سَعْدِ بْنِ ثعلبة بن لؤي بن عَامِر بن غنم بن دهمان بن منهب بن دوس،
من الأزد، ولدت لَهُ عمرا وخالدا وأبانا وعمر ومريم.
وفاطمة ابنة الْوَلِيد بن عبد شمس بْن الْمُغِيرَةِ بْن عَبْدِ اللَّهِ
بْن عُمَرَ بن مخزوم، ولدت لَهُ الْوَلِيد وسعيدا وأم سَعِيد، بني
عُثْمَان.
وأم البنين بنت عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ
الفزاري، ولدت لَهُ عَبْد الْمَلِكِ بن عُثْمَانَ، هلك.
ورملة ابنة شيبة بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مناف
بن قصي، ولدت لَهُ عَائِشَةَ وأم أبان وأم عَمْرو، بنات عُثْمَان.
ونائلة ابنة الْفُرَافِصَة بن الأحوص بن عَمْرو بن ثعلبة بن الْحَارِث
بن
(4/420)
حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن كلب، ولدت
لَهُ مريم ابنة عُثْمَان.
وَقَالَ هِشَام بن الكلبي: ولدت أم البنين بنت عيينة بن حصن
لِعُثْمَانَ عَبْد الْمَلِكِ وعتبة وَقَالَ أَيْضًا: ولدت نائلة عنبسة.
وزعم الْوَاقِدِيّ أن لِعُثْمَانَ ابنة تدعى أم البنين بنت عُثْمَان من
نائلة، قَالَ:
وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ عَبْد اللَّهِ بن يَزِيدَ بن أَبِي
سُفْيَانَ.
وقتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعنده رملة ابنة شيبة ونائلة وأم
البنين بنت عيينة وفاختة ابنة غزوان، غير أنه- فِيمَا زعم عَلِيّ بن
مُحَمَّدٍ- طلق أم البنين وَهُوَ محصور.
فهؤلاء أزواجه اللواتي كن لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة والإسلام، وأولاده:
رجالهم ونساؤهم
. ذكر أسماء عمال عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ السنة
عَلَى البلدان
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وعماله عَلَى الأمصار- فِيمَا حَدَّثَنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي
الزناد- عَلَى مكة عَبْد اللَّهِ بن الحضرمي، وعلى الطائف الْقَاسِم بن
رَبِيعَةَ الثقفى، وعلى صنعاء يعلى بن منية، وعلى الجند عَبْد اللَّهِ
بن أَبِي رَبِيعَةَ، وعلى الْبَصْرَةِ عَبْد اللَّهِ بن عَامِر بن
كريز- خرج منها فلم يول عَلَيْهَا عُثْمَان أحدا- وعلى الْكُوفَة
سَعِيد بن الْعَاصِ- أخرج منها فلم يترك يدخلها- وعلى مصر عبد الله بن
سعد بن أبي سرح- قدم عَلَى عُثْمَانَ، وغلب مُحَمَّد بن أبي حُذَيْفَة
عَلَيْهَا وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بن سَعْد استخلف على مصر السائب ابن
هِشَام بن عَمْرو العامري، فأخرجه مُحَمَّد بن ابى حذيفة- وعلى الشام
معاويه ابن أَبِي سُفْيَانَ.
وفيما كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة
وأبي عُثْمَانَ، قَالا: مات عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعلى الشام
مُعَاوِيَة، وعامل مُعَاوِيَة عَلَى حمص عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن
الْوَلِيد، وعلى قنسرين حبيب بن مسلمة، وعلى الأردن أَبُو الأعور بن
سُفْيَان، وعلى فلسطين عَلْقَمَةُ بن حكيم الكناني، وعلى البحر عَبْد
اللَّهِ بن قيس الفزاري وعلى القضاء أَبُو الدرداء
(4/421)
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ
عَطِيَّةَ، قَالَ: مات عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعلى الْكُوفَة،
عَلَى صلاتها أَبُو مُوسَى، وعلى خراج السواد جابر بن عمرو المزني-
وَهُوَ صاحب المسناة إِلَى جانب الْكُوفَة- وسماك الأَنْصَارِيّ.
وعلى حربها القعقاع بن عَمْرو، وعلى قرقيسياء جرير بن عَبْدِ اللَّهِ،
وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى حلوان عتيبة بن النهاس، وعلى ماه
مالك بن حبيب، وعلى همذان النسير، وعلى الري سَعِيد بن قيس، وعلى
إصبهان السَّائِب بن الأقرع، وعلى ماسبذان حبيش، وعلى بيت المال عقبه
ابن عَمْرو وَكَانَ عَلَى قضاء عُثْمَان يَوْمَئِذٍ زَيْد بن ثَابِت
. ذكر بعض خطب عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ، قَالَ: خَطَبَ عُثْمَانُ النَّاسَ بَعْدَ مَا بُويِعَ،
فَقَالَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ حُمِّلْتُ وَقَدْ قَبِلْتُ، أَلا
وَإِنِّي مُتَّبِعٌ وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ، أَلا وَإِنَّ لَكُمْ
عَلَيَّ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وسنه نبيه ص ثَلاثًا:
اتِّبَاعُ مَنْ كَانَ قَبْلِي فِيمَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ
وَسَنَنْتُمْ، وَسَنُّ سُنَّةَ أَهْلِ الْخَيْرِ فِيمَا لَمْ تَسِنُّوا
عَنْ مَلإٍ، وَالْكَفُّ عَنْكُمْ إِلا فِيمَا اسْتَوْجَبْتُمْ أَلا
وَإِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ قَدْ شُهِّيَتْ إِلَى النَّاسِ، وَمَالَ
إِلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْهُمْ، فَلا تَرْكَنُوا إِلَى الدُّنْيَا وَلا
تَثِقُوا بِهَا، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِثَقَةٍ، وَاعْلَمُوا أَنَّهَا
غَيْرُ تَارِكَةٍ إِلا مَنْ تَرَكَهَا.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ بَدْرِ
بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا
عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَمَاعَةٍ:
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَعْطَاكُمُ الدُّنْيَا
لِتَطْلُبُوا بِهَا الآخِرَةَ، وَلَمْ يُعْطِكُمُوهَا لِتَرْكَنُوا
إِلَيْهَا، إِنَّ الدُّنْيَا تفنى والآخرة تبقى، فلا تبطرنكم الفانية،
ولا تَشْغَلَنَّكُمْ عَنِ الْبَاقِيَةِ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى
مَا يَفْنَى، فَإِنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ، وَإِنَّ الْمَصِيرَ
إِلَى اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ، فَإِنَّ تَقْوَاهُ
جُنَّةٌ مِنْ بَأْسِهِ، وَوَسِيلَةٌ عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا
(4/422)
مِنَ اللَّهِ الْغِيَرَ، وَالْزَمُوا
جَمَاعَتَكُمْ لا تَصِيرُوا أَحْزَابًا، «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً» .
إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ
. ذِكْرُ الْخَبَرِ عَمَّنْ كَانَ يصلى بالناس في مسجد رسول الله ص
حِينَ حُصِرَ عُثْمَانُ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ:
جَاءَ الْمُؤَذِّنُ، سَعْدٌ الْقَرَظُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَقَالَ: مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ؟
فَقَالَ عَلِيٌّ: نَادِ خَالِدَ بْنَ زَيْدٍ، فَنَادَى خَالِدَ بْنَ
زَيْدٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ- فَإِنَّهُ لأَوَّلُ يَوْمٍ عَرَفَ أَنَّ
أَبَا أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ- فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ
أَيَّامًا، ثُمَّ صَلَّى عَلِيٌّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالنَّاسِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ،
قَالَ: جَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى عُثْمَانَ فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ،
فَقَالَ: لا أَنْزِلُ أُصَلِّي، اذْهَبْ إِلَى مَنْ يُصَلِّي فَجَاءَ
الْمُؤَذِّنُ إِلَى عَلِيٍّ، فَأَمَرَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، فَصَلَّى
الْيَوْمَ الَّذِي حُصِرَ فِيهِ عُثْمَانُ الْحَصْرَ الآخر، وهو ليله
رئى هِلالِ ذِي الْحِجَّةِ، فَصَلَّى بِهِمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ
يَوْمُ الْعِيدُ صَلَّى عَلِيٌّ الْعِيدَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ حَتَّى
قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن
ابن عمر، قَالَ: لما حصر عُثْمَان صلى بِالنَّاسِ أَبُو أيوب أياما،
ثُمَّ صلى بهم علي الجمعة والعيد، حَتَّى قتل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
ذكر مَا رثي بِهِ من الأشعار
وتقاول الشعراء بعد مقتله فِيهِ، فمن مادح وهاج، ومن نائح باك، ومن سار
فرح، فكان ممن يمدحه حسان بن ثَابِت وكعب بن مالك الأنصاريان
(4/423)
وتميم بن أبي بن مقبل فِي آخرين غيرهم مما
مدحه بِهِ وبكاه حسان وهجا بِهِ قاتله:
أتركتم غزو الدروب وراءكم ... وغزوتمونا عِنْدَ قبر مُحَمَّد!
فلبئس هدي الْمُسْلِمِينَ هديتم ... ولبئس أمر الفاجر المتعمد!
إن تقدموا نجعل قرى سرواتكم ... حول الْمَدِينَةِ كل لين مذود
أو تدبروا فلبئس مَا سافرتم ... ولمثل أمر أميركم لم يرشد
وكأن أَصْحَاب النَّبِيّ عشية ... بدن تذبح عِنْدَ باب المسجد
أبكي أبا عَمْرو لحسن بلائه ... أمسى مقيما فِي بقيع الغرقد.
وَقَالَ أَيْضًا:
إن تمس دار ابن أروى مِنْهُ خاوية ... باب صريع وباب محرق خرب
فقد يصادف باغي الخير حاجته ... فِيهَا ويهوى إليها الذكر والحسب
يا ايها الناس أبدوا ذات أنفسكم ... لا يستوي الصدق عِنْدَ اللَّه
والكذب
قوموا بحق مليك الناس تعترفوا ... بغارة عصب من خلفها عصب
فِيهِمْ حبيب شهاب الموت يقدمهم ... مستلئما قَدْ بدا فِي وجهه الغضب
وله فِيهِ أشعار كثيرة ... وَقَالَ كعب بن مالك الأَنْصَارِيّ:
يَا للرجال للبك المخطوف ... ولدمعك المترقرق المنزوف
ويح لأمر قَدْ أتاني رائع ... هد الجبال فأنقضت برجوف
قتل الخليفة كَانَ أمرا مفظعا ... قامت لذاك بلية التخويف
قتل الإمام لَهُ النجوم خواضع ... والشمس بازغة لَهُ بكسوف
يَا لهف نفسي إذ تولوا غدوة ... بالنعش فوق عواتق وكتوف!
(4/424)
ولوا ودلوا فِي الضريح أخاهم ... ماذا أجن
ضريحه المسقوف!
من نائل او سودد وحمالة ... سبقت لَهُ فِي الناس أو معروف
كم من يتيم كَانَ يجبر عظمه ... أمسى بمنزله الضياع يطوف
مَا زال يقبلهم ويرأب ظلمهم ... حَتَّى سمعت برنة التلهيف
أمسى مقيما بالبقيع وأصبحوا ... متفرقين قَدْ أجمعوا بخفوف
النار موعدهم بقتل امامهم ... عثمان ظهرا في البلاد، عفيف
جمع الحمالة بعد حلم راجح ... والخير فِيهِ مبين معروف
يَا كعب لا تنفك تبكي مالكا ... مَا دمت حيا فِي البلاد تطوف
فابكي أبا عَمْرو عتيقا واصلا ... ولواءهم إذ كَانَ غير سخيف
وليبكه عِنْدَ الحفاظ لمعظم ... والخيل بين مقانب وصفوف
قتلوك يَا عُثْمَانُ غير مدنس ... قتلا لعمرك واقفا بسقيف
وَقَالَ حسان:
من سره الموت صرفا لا مزاج لَهُ ... فليأت مأسدة فِي دار عثمانا
مستشعري حلق الماذي قَدْ شفعت ... قبل المخاطم بيض زان أبدانا
صبرا فدى لكم أمي وما ولدت ... قَدْ ينفع الصبر فِي المكروه أحيانا
فقد رضينا بأهل الشام نافرة ... وبالأمير وبالإخوان إخوانا
إني لمنهم وإن غابوا وإن شهدوا ... مَا دمت حيا وما سميت حسانا
لتسمعن وشيكا فِي ديارهم ... اللَّه أكبر يَا ثأرات عثمانا
يَا ليت شعري وليت الطير تخبرني ... مَا كَانَ شأن علي وابن عفانا!
وَقَالَ الْوَلِيد بن عُقْبَةَ بن أبي معيط يحرض عمارة بن عُقْبَةَ:
(4/425)
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة ... قتيل
التُّجِيبِيّ الَّذِي جَاءَ من مصر
فإن يك ظني بابن أمي صادقا ... عمارة لا يطلب بذحل وَلا وتر
يبيت وأوتار ابن عفان عنده ... مخيمة بين الخورنق والقصر
فأجابه الفضل بن عباس:
أتطلب ثأرا لست مِنْهُ وَلا لَهُ ... وأين ابن ذكوان الصفوري من
عَمْرو!
كما اتصلت بنت الحمار بأمها ... وتنسى أباها إذ تُسامي أولي الفخر
أَلا إن خير الناس بعد مُحَمَّد ... وصي النَّبِيّ المصطفى عِنْدَ ذي
الذكر
وأول من صلى وصنو نبيه ... وأول من أردى الغواة لدى بدر
فلو رأت الأنصار ظلم ابن عمكم ... لكانوا لَهُ من ظلمه حاضري النصر
كفى ذاك عيبا أن يشيروا بقتله ... وأن يسلموه للأحابيش من مصر
وَقَالَ الحباب بن يَزِيدَ المجاشعي، عم الفرزدق:
لعمر أبيك فلا تجزعن ... لقد ذهب الخير إلا قليلا
لقد سفه الناس فِي دينهم ... وخلى ابن عفان شرا طويلا
أعاذل كل امرئ هالك ... فسيري إِلَى اللَّهِ سيرا جميلا
(4/426)
خلافة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّ بن أبي
طالب
وفي هَذِهِ السنة بويع لعلي بن أبي طالب بِالْمَدِينَةِ بالخلافة.
ذكر الخبر عن بيعة من بايعه، والوقت الَّذِي بويع فِيهِ اختلف السلف من
أهل السير فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بعضهم: سأل عَلِيًّا أَصْحَاب رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتقلد لَهُمْ وللمسلمين،
فأبى عَلَيْهِم، فلما أبوا عَلَيْهِ، وطلبوا إِلَيْهِ، تقلد ذَلِكَ
لَهُمْ.
ذكر الرواية بِذَلِكَ عمن رواه:
حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيُّ، قال: حدثنا
عمرو بن حماد وعلى ابن حُسَيْنٍ، قَالا: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَزَارِيِّ،
عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بن
الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ أَبِي حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
فَقَامَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فأتاه اصحاب رسول الله ص، فقالوا: إن هذا
الرجل قد قتل، ولا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ، وَلا نَجِدُ
الْيَوْمَ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْكَ، لا أَقْدَمَ
سابقه، ولا اقرب من رسول الله ص [فَقَالَ: لا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي
أَكُونُ وَزِيرًا خَيْرٌ من ان أَكُونُ أَمِيرًا، فَقَالُوا: لا،
وَاللَّهِ مَا نَحْنُ بِفَاعِلِينَ حَتَّى نُبَايِعَكَ، قَالَ: فَفِي
الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ بَيْعَتِي لا تَكُونُ خَفِيًّا، وَلا تَكُونُ
إِلا عَنْ رِضَا الْمُسْلِمِينَ] قَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ:
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَلَقَدْ كَرِهْتُ أَنْ
يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ مَخَافَةَ أَنْ يَشْغَبَ عَلَيْهِ، وَأَبَى هُوَ
إِلا الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا دَخَلَ دَخَلَ الْمُهَاجِرُونَ
وَالأَنْصَارِ فَبَايَعُوهُ، ثُمَّ بَايَعَهُ النَّاسُ.
وحدثني جعفر، قال: حدثنا عمرو وعلي، قالا: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي بَشِيرٍ الْعَابِدِيِّ،
قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، فِيهِمْ طَلْحَةُ
وَالزُّبَيْرُ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: يَا أَبَا حَسَنٍ،
هَلُمَّ نُبَايِعُكَ، فَقَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِي أَمْرِكُمْ، أَنَا
مَعَكُمْ فَمَنِ اخْتَرْتُمْ فَقَدْ رَضِيتُ بِهِ، فَاخْتَارُوا
وَاللَّهِ فَقَالُوا: مَا نَخْتَارُ
(4/427)
غَيْرَكَ، قَالَ: فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ
بَعْدَ مَا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِرَارًا، ثُمَّ
أَتَوْهُ فِي آخِرِ ذَلِكَ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ لا يَصْلُحُ
النَّاسُ إِلا بِإِمْرَةٍ، وَقَدْ طَالَ الأَمْرُ، فَقَالَ لَهُمْ:
إِنَّكُمْ قَدِ اخْتَلَفْتُمْ إِلَيَّ وَأَتَيْتُمْ، وَإِنِّي قَائِلٌ
لَكُمْ قَوْلا إِنْ قَبِلْتُمُوهُ قَبِلْتُ أَمْرَكُمْ، وَإِلا فَلا
حَاجَةَ لِي فِيهِ قَالُوا: مَا قُلْتَ مِنْ شَيْءٍ قَبِلْنَاهُ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ.
فَجَاءَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فقال:
انى قد كُنْتُ كَارِهًا لأَمْرِكُمْ، فَأَبَيْتُمْ إِلا أَنْ أَكُونَ
عَلَيْكُمْ، أَلا وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي أَمْرٌ دُونَكُمْ، إِلا أَنَّ
مَفَاتِيحَ مَالِكُمْ مَعِي، أَلا وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي أَنْ آخُذَ
مِنْهُ دِرْهَمًا دُونَكُمْ، رَضِيتُمْ؟ قَالُوا:
نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ بَايَعَهُمْ
عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَشِيرٍ: وانا يومئذ عند منبر رسول الله ص قَائِمٌ
أَسْمَعُ مَا يَقُولُ.
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِي
الْمَلِيحِ، قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه، خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى
السُّوقِ، وَذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ لثماني عشرة ليلة خلت من ذي
الحجة، فَاتَّبَعَهُ النَّاسُ وَبَهَشُوا فِي وَجْهِهِ، فَدَخَلَ
حَائِطَ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، وَقَالَ لأَبِي عَمْرَةَ بْنِ
عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ: أَغْلِقِ الْبَابَ، فَجَاءَ النَّاسُ
فَقَرَعُوا الْبَابَ، فَدَخَلُوا، فِيهِمْ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ،
فَقَالا: يَا عَلِيُّ ابْسُطْ يَدَكَ فَبَايَعَهُ طَلْحَةُ
وَالزُّبَيْرُ، فَنَظَرَ حَبِيبُ بْنُ ذُؤَيْبٍ إِلَى طَلْحَةَ حِينَ
بَايَعَ، فَقَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْبَيْعَةِ يَدٌ شَلاءُ، لا
يَتِمُّ هَذَا الأَمْرُ! وَخَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَعِدَ
الْمِنْبَرَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَطَاقٌ وَعِمَامَةُ خَزٍّ، وَنَعْلاهُ
فِي يَدِهِ، مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ
وَجَاءُوا بِسَعْدٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: بَايِعْ، قَالَ: لا أُبَايِعُ
حَتَّى يُبَايِعَ النَّاسُ، وَاللَّهِ مَا عَلَيْكَ مِنِّي بَأْسٌ،
قَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ وَجَاءُوا بِابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: بَايِعْ،
قَالَ: لا أُبَايِعُ حَتَّى يُبَايِعَ النَّاسُ، قَالَ: ائْتِنِي
بِحَمِيلٍ، قَالَ:
لا أَرَى حَمِيلا، قَالَ الأَشْتَرُ: خَلِّ عَنِّي أَضْرِبُ عُنُقَهُ،
قَالَ عَلِيٌّ: دَعُوهُ، [أَنَا حَمِيلُهُ، إِنَّكَ- مَا عُلِمْتَ-
لَسَيِّئَ الْخُلُقِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا]
(4/428)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ
الْقَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بن إدريس، قَالَ: حَدَّثَنَا
هشيم، قَالَ: أَخْبَرَنَا حميد، عن الْحَسَن، قَالَ: رأيت الزُّبَيْر
ابن العوام بايع عَلِيًّا فِي حش من حشان الْمَدِينَةِ.
وَحَدَّثَنِي أَحْمَد بن زهير، قَالَ: حَدَّثَنِي ابى، قال: حدثنا وهب
ابن جرير، قَالَ: سمعت أبي، قَالَ: سمعت يونس بن يَزِيدَ الأيلي، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، قَالَ: بايع الناس عَلِيَّ بن أَبِي طَالِبٍ، فأرسل
إِلَى الزُّبَيْر وَطَلْحَة فدعاهما إِلَى البيعة، فتلكأ طَلْحَةُ،
فقام مالك الاشتر وسل سيفه وقال: وَاللَّهِ لتبايعن أو لأضربن بِهِ مَا
بين عينيك، فَقَالَ طَلْحَةُ: وأين المهرب عنه! فبايعه، وبايعه
الزُّبَيْر والناس وسأل طَلْحَة وَالزُّبَيْر أن يؤمرهما عَلَى
الْكُوفَة والبصرة، فَقَالَ:
تكونان عندي فأتحمل بكما، فإني وحش لفراقكما قَالَ الزُّهْرِيّ: وَقَدْ
بلغنا أنه قَالَ لهما: [إن أحببتما ان تبايعا لي وان أحببتما بايعتكما،
فقالا: بل نبايعك،] وقالا بعد ذَلِكَ: إنما صنعنا ذَلِكَ خشية عَلَى
أنفسنا، وَقَدْ عرفنا أنه لَمْ يَكُنْ ليبايعنا فظهرا إِلَى مكة بعد
قتل عُثْمَان بأربعة أشهر.
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مخنف، عن عَبْد الْمَلِكِ بْن أبي سُلَيْمَان،
عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بن الحنفية، قَالَ:
كنت أمسي مع أبي حين قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى دخل
بيته، فأتاه ناس من أَصْحَاب رَسُولِ اللَّهِ ص، فقالوا: إن هذا الرجل
قد قتل، ولا بد من إمام لِلنَّاسِ، قَالَ: أو تكون شورى؟ قَالُوا: أنت
لنا رضا، قَالَ: فالمسجد إذا يكون عن رضا مِنَ النَّاسِ.
فخرج إِلَى الْمَسْجِدِ فبايعه من بايعه، وبايعت الأنصار عليا الا
نفيرا يسيرا، فقال طلحه: ما لنا من هَذَا الأمر إلا كحسة أنف الكلب.
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا شيخ من بني هاشم، عن عَبْد اللَّهِ بن الْحَسَن، قَالَ:
لما قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بايعت الأنصار عَلِيًّا إلا
نفيرا يسيرا، مِنْهُمْ حسان بن ثَابِت، وكعب بن مالك،
(4/429)
ومسلمة بن مخلد، وأبو سَعِيد الخدري، ومحمد
بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزَيْد بن ثَابِت، ورافع بن خديج، وفضالة
بن عبيد، وكعب بن عجره، كَانُوا عثمانية فَقَالَ رجل لعبد اللَّه بن
حسن: كيف أبى هَؤُلاءِ بيعة علي! وكانوا عثمانية قَالَ: أما حسان فكان
شاعرا لا يبالى ما يصنع، واما زيد ابن ثَابِت فولاه عُثْمَان الديوان
وبيت المال، فلما حصر عُثْمَان، قَالَ:
يَا معشر الأنصار، كونوا أنصارا لِلَّهِ مرتين، فَقَالَ أَبُو أيوب:
مَا تنصره إلا أنه أكثر لك من العضدان فأما كعب بن مَالِكٍ فاستعمله
عَلَى صدقة مزينة وترك مَا أخذ مِنْهُمْ لَهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي من سمع الزُّهْرِيّ يقول: هرب قوم مِنَ
الْمَدِينَةِ إِلَى الشام ولم يبايعوا عَلِيًّا، ولم يبايعه قدامة بن
مظعون، وعبد اللَّه بن سلام، والمغيره ابن شُعْبَةَ وَقَالَ آخرون:
إنما بايع طَلْحَة وَالزُّبَيْر عَلِيًّا كرها.
وَقَالَ بعضهم: لم يبايعه الزُّبَيْر.
ذكر من قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بن أحمد المروزي، قَالَ: حدثني أبي، قال:
حدثني سُلَيْمَان، قال: حدثني عبد الله، عن جرير بن حازم، قال: حدثنى
هشام ابن أبي هِشَام مولى عُثْمَان بن عَفَّانَ، عن شيخ من أهل
الْكُوفَة، يحدثه عن شيخ آخر، قَالَ: حصر عُثْمَان وعلي بخيبر، فلما
قدم أرسل إِلَيْهِ عُثْمَان يدعوه، فانطلق، فقلت: لأنطلقن مَعَهُ
ولأسمعن مقالتهما، فلما دخل عَلَيْهِ كلمه عُثْمَان، فَحَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإن لي عَلَيْك حقوقا،
حق الإِسْلام، وحق الإخاء- وَقَدْ علمت أَنَّ رسول الله ص حين آخى بين
الصحابة آخى بيني وبينك- وحق القرابة والصهر، وما جعلت لي فِي عنقك من
العهد والميثاق، فو الله لو لَمْ يَكُنْ من هَذَا شَيْء ثُمَّ كنا إنما
نحن فِي جاهلية، لكان مبطأ عَلَى بني عبد مناف أن يبتزهم أخو بني تيم
ملكهم
(4/430)
[فتكلم علي، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى
عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فكل مَا ذكرت من حقك علي عَلَى
مَا ذكرت، أما قولك: لو كنا فِي جاهلية لكان مبطأ عَلَى بني عبد مناف
أن يبتزهم أخو بني تيم ملكهم فصدقت، وسيأتيك الخبر] .
ثُمَّ خرج فدخل المسجد فرأى أُسَامَة جالسا، فدعاه، فاعتمد عَلَى يده،
فخرج يمشي إِلَى طَلْحَة وتبعته، فدخلنا دار طَلْحَة بن عُبَيْد
اللَّهِ وَهِيَ دحاس مِنَ النَّاسِ، فقام إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا
طَلْحَة، مَا هَذَا الأمر الَّذِي وقعت فِيهِ؟
فَقَالَ: يا أبا حسن، بعد ما مس الحزام الطبيين! فانصرف علي ولم يحر
إِلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى أتى بيت المال، فَقَالَ: افتحوا هَذَا الباب،
فلم يقدر عَلَى المفاتيح، فَقَالَ: اكسروه، فكسر باب بيت المال،
فَقَالَ: أخرجوا المال، فجعل يعطي الناس فبلغ الَّذِينَ فِي دار
طَلْحَة الَّذِي صنع علي، فجعلوا يتسللون إِلَيْهِ حَتَّى ترك طَلْحَة
وحده وبلغ الخبر عُثْمَان، فسر بِذَلِكَ، ثُمَّ أقبل طَلْحَة يمشي
عائدا إِلَى دار عُثْمَان، فقلت: وَاللَّهِ لأنظرن مَا يقول هَذَا،
فتبعته، فاستأذن عَلَى عُثْمَانَ، فلما دخل عَلَيْهِ قَالَ: يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أستغفر اللَّه وأتوب إِلَيْهِ، أردت أمرا فحال
اللَّه بيني وبينه، فَقَالَ عُثْمَان: إنك وَاللَّهِ مَا جئت تائبا،
ولكنك جئت مغلوبا، اللَّه حسيبك يَا طَلْحَة! وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ،
قَالَ: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا مُحَمَّد بن عمر، قال: حدثني أبو
بكر بن إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ: بَايَعْتُ وَالسَّيْفُ
فَوْقَ رَأْسِي- فَقَالَ سَعْدٌ: لا أَدْرِي وَالسَّيْفُ عَلَى
رَأْسِهِ أَمْ لا، إِلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ بَايَعَ كَارِهًا-
قَالَ: وَبَايَعَ النَّاسُ عَلِيًّا بِالْمَدِينَةِ، وَتَرَبَّصَ
سَبْعَةُ نَفَرٍ فَلَمْ يُبَايِعُوهُ، مِنْهُمْ:
سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَصُهَيْبٌ،
وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمُحَمَّدُ ابن مَسْلَمَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ
وَقْشٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ
الأَنْصَارِ إِلا بَايَعَ فِيمَا نَعْلَمُ.
وَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي
مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،
(4/431)
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ
مَوْلَى الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ النَّاسُ عُثْمَانَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ وَبَايَعُوا عَلِيًّا، جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى الزُّبَيْرِ
فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَعْلَمْتُهُ بِهِ، فَسَلَّ السَّيْفَ
وَوَضَعَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لَهُ، فَأَذِنْتُ
لَهُ، فَدَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَى الزُّبَيْرِ وَهُوَ وَاقِفٌ
بِنَحْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: لَقَدْ دَخَلَ المرء
مَا أَقْصَاهُ، قُمْ فِي مَقَامِهِ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى مِنَ
السَّيْفِ شَيْئًا؟ فَقُمْتُ فِي مَقَامِهِ فَرَأَيْتُ ذُبَابَ
السَّيْفِ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: ذَاكَ أَعْجَلَ الرَّجُلَ فَلَمَّا
خَرَجَ عَلِيٌّ سَأَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ: وَجَدْتُ أَبَرَّ ابْنَ
أُخْتٍ وَأَوْصَلَهُ فَظَنَّ النَّاسُ خَيْرًا، فَقَالَ عَلِيٌّ:
إِنَّهُ بَايَعَهُ.
ومما كتب بِهِ إلي السري عَنْ شُعَيْبٍ، عن سيف بن عُمَرَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّه بْن سواد بْن نويرة، وَطَلْحَة
بن الأعلم، وأبو حَارِثَةَ، وأبو عُثْمَان، قَالُوا: بقيت الْمَدِينَةُ
بعد قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خمسة أيام، وأميرها
الْغَافِقِيّ بن حرب يلتمسون من يجيبهم إِلَى القيام بالأمر فلا
يجدونه، يأتي الْمِصْرِيُّونَ عَلِيًّا فيختبئ مِنْهُمْ ويلوذ بحيطان
الْمَدِينَةِ، فإذا لقوه باعدهم وتبرأ مِنْهُمْ ومن مقالتهم مرة بعد
مرة، ويطلب الْكُوفِيُّونَ الزُّبَيْر فلا يجدونه، فأرسلوا اليه حيث هو
رسلا، فباعدهم وتبرأ من مقالتهم، ويطلب الْبَصْرِيُّونَ طَلْحَةَ فإذا
لقيهم باعدهم وتبرأ من مقالتهم مرة بعد مرة، وكانوا مجتمعين عَلَى قتل
عُثْمَان مختلفين فيمن يهوون، فلما لم يجدوا ممالئا وَلا مجيبا جمعهم
الشر عَلَى أول من أجابهم، وَقَالُوا: لا نولي أحدا من هَؤُلاءِ
الثلاثة، فبعثوا إِلَى سعد بن أَبِي وَقَّاص وَقَالُوا: إنك من أهل
الشورى فرأينا فيك مجتمع، فاقدم نبايعك، فبعث إِلَيْهِم: إني وابن عمر
خرجنا منها فلا حاجة لي فِيهَا عَلَى حال، وتمثل:
لا تخلطن خبيثات بطيبة ... واخلع ثيابك منها وانج عريانا
ثُمَّ إِنَّهُمْ أتوا ابن عمر عَبْد اللَّهِ، فَقَالُوا: أنت ابن عمر
فقم بهذا الأمر، فَقَالَ: إن لهذا الأمر انتقاما وَاللَّهِ لا أتعرض
لَهُ، فالتمسوا غيري فبقوا حيارى لا يدرون مَا يصنعون والأمر أمرهم
(4/432)
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ
سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانُوا
إِذَا لَقَوْا طَلْحَةَ أَبَى وَقَالَ:
وَمِنْ عَجَبِ الأَيَّامِ وَالدَّهْرِ أَنَّنِي ... بَقِيتُ وَحِيدًا
لا أمر وَلا أحلي
فَيَقُولُونَ: إِنَّكَ لَتُوعِدُنَا فَيَقُومُونَ فَيَتْرُكُونَهُ،
فَإِذَا لَقُوا الزُّبَيْرَ وَأَرَادُوهُ أَبَى وَقَالَ:
مَتَى أَنْتَ عَنْ دَارٍ بِفَيْحَانَ رَاحِلٌ ... وَبَاحَتُهَا تَخْنُو
عَلَيْكَ الْكَتَائِبُ
فَيَقُولُونَ: إِنَّكَ لَتُوعِدُنَا! فَإِذَا لَقَوْا عَلِيًّا
وَأَرَادُوهُ أَبَى، وَقَالَ:
لو أن قومي طاوعتني سراتهم ... أمرتهم أمرا يَدِيخُ الأَعَادِيَا
فَيَقُولُونَ: إِنَّكَ لَتُوعِدُنَا! فَيَقُومُونَ وَيَتْرُكُونَهُ.
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ، عَنْ
دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قال: لما قتل عثمان رضي
الله عنه أَتَى النَّاسُ عَلِيًّا وَهُوَ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ،
وَقَالُوا لَهُ: ابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْكَ، [قَالَ: لا تَعْجَلُوا
فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ رَجُلا مُبَارَكًا، وَقَدْ أَوْصَى بِهَا شُورَى،
فَأَمْهِلُوا يَجْتَمِعُ النَّاسُ وَيَتَشَاوَرُونَ] فَارْتَدَّ
النَّاسُ عَنْ عَلِيٍّ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ رَجَعَ النَّاسُ
إِلَى أَمْصَارِهِمْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهُ
قَائِمٌ بِهَذَا الأَمْرِ لَمْ نَأْمَنِ اخْتِلافَ النَّاسِ وَفَسَادَ
الأُمَّةِ، فَعَادُوا إِلَى عَلِيٍّ، فَأَخَذَ الأَشْتَرُ بِيَدِهِ
فَقَبَضَهَا عَلِيٌّ، فَقَالَ:
أَبَعْدَ ثَلاثَةٍ! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتَهَا لَتَقْصُرَنَّ
عنيتك عَلَيْهَا حِينًا، فَبَايَعَتْهُ الْعَامَّةُ وَأَهْلُ
الْكُوفَةِ يَقُولُونَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ الأَشْتَرُ.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حَارِثَةَ وَأَبِي
عُثْمَانَ، قَالا: لما كَانَ يوم الخميس عَلَى رأس خمسة أيام من مقتل
عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جمعوا أهل الْمَدِينَةِ فوجدوا سعدا
وَالزُّبَيْر خارجين، ووجدوا طَلْحَةَ فِي حائط لَهُ، ووجدوا بني
أُمَيَّة قَدْ هربوا إلا من لم يطق الهرب، وهرب الْوَلِيد وسعيد إِلَى
مكة فِي أول من خرج، وتبعهم مَرْوَان، وتتابع عَلَى ذَلِكَ من تتابع،
(4/433)
فلما اجتمع لَهُمْ أهل الْمَدِينَةِ قَالَ
لَهُمْ أهل مصر: أنتم أهل الشورى، وَأَنْتُمْ تعقدون الإمامة، وأمركم
عابر عَلَى الأمة، فانظروا رجلا تنصبونه، ونحن لكم تبع فَقَالَ
الجمهور: عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ نحن بِهِ راضون.
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ
هِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْفٍ،
قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ
سِيرِينَ يَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا جَاءَ فَقَالَ لِطَلْحَةَ: ابْسُطْ
يَدَكَ يَا طَلْحَةَ لأُبَايِعَكَ، فقال طلحه: أنت أحق، وأنت أَمِيرُ
الْمُؤْمِنِينَ، فَابْسُطْ يَدَكَ، قَالَ: فَبَسَطَ عَلِيٌّ يَدَهُ
فَبَايَعَهُ.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ
مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا: فَقَالُوا لَهُمْ: دُونَكُمْ يَا أَهْلَ
الْمَدِينَةِ فَقَدْ أَجَّلْنَاكُمْ يومين، فو الله لَئِنْ لَمْ
تَفْرُغُوا لَنَقْتُلَنَّ غَدًا عَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ
وَأُنَاسًا كَثِيرًا فَغَشَى النَّاسُ عَلِيًّا فَقَالُوا: نُبَايِعُكَ
فَقَدْ تَرَى مَا نَزَلَ بِالإِسْلامِ، وَمَا ابْتُلِينَا بِهِ مِنْ
ذَوِي الْقُرْبَى، [فَقَالَ عَلِيٌّ: دَعُونِي وَالْتَمِسُوا غَيْرِي
فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْرًا لَهُ وُجُوهٌ وَلَهُ أَلْوَانٌ، لا
تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، ولا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ فَقَالُوا:
نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَلا تَرَى مَا نَرَى! أَلا تَرَى الإِسْلامَ! أَلا
تَرَى الْفِتْنَةَ! أَلا تَخَافُ اللَّهَ! فَقَالَ: قَدْ أَجَبْتُكُمْ
لِمَا أَرَى، وَاعْلَمُوا إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا
أَعْلَمُ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَإِنَّمَا أَنَا كَأَحَدِكُمْ، إِلا
أَنِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ]
ثُمَّ افْتَرَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاتَّعَدُوا الْغَدَ.
وَتَشَاوَرَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَقَالُوا: إِنْ دَخَلَ
طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَقَدِ اسْتَقَامَتْ فَبَعَثَ الْبَصْرِيُّونَ
إِلَى الزبير بصريا، وقالوا: احذر لاتحاده- وَكَانَ رَسُولَهُمْ
حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ الْعَبْدِيُّ فِي نَفَرٍ- فَجَاءُوا بِهِ
يَحُدُّونَهُ بِالسَّيْفِ وَإِلَى طَلْحَةَ كوفيا وقالوا له: احذر
لاتحاده، فَبَعَثُوا الأَشْتَرَ فِي نَفَرٍ فَجَاءُوا بِهِ
يَحُدُّونَهُ بِالسَّيْفِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ
شَامِتُونَ بِصَاحِبِهِمْ، وَأَهْلُ مِصْرَ فَرِحُونَ بِمَا اجْتَمَعَ
عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ خَشَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ
وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنْ صَارُوا أَتْبَاعًا لأَهْلِ مِصْرَ
وَحُشْوَةً فِيهِمْ، وَازْدَادُوا بِذَلِكَ عَلَى طَلْحَةَ
وَالزُّبَيْرِ غَيْظًا، فَلَمَّا أصبحوا من
(4/434)
يَوْمِ الْجُمُعَةِ حَضَرَ النَّاسُ
الْمَسْجِدَ، وَجَاءَ عَلِيٌّ حتى صعد المنبر، فقال: يا ايها النَّاسُ-
عَنْ مَلإٍ وَإِذْنٍ- إِنَّ هَذَا أَمْرُكُمْ لَيْسَ لأَحَدٍ فِيهِ
حَقٌّ إِلا مَنْ أَمَّرْتُمْ، وَقَدِ افْتَرَقْنَا بِالأَمْسِ عَلَى
أَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ قَعَدْتُ لَكُمْ، وَإِلا فَلا أَجِدُ عَلَى
أَحَدٍ.
فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى مَا فَارَقْنَاكَ عَلَيْهِ بِالأَمْسِ وَجَاءَ
الْقَوْمُ بِطَلْحَةَ فَقَالُوا: بَايِعْ، فَقَالَ: إِنِّي إِنَّما
أُبَايِعُ كَرْهًا، فَبَايَعَ- وَكَانَ بِهِ شَلَلٌ- أَوَّلَ النَّاسِ،
وَفِي النَّاسِ رَجُلٌ يَعْتَافُ، فَنَظَرَ مِنْ بَعِيدٍ، فَلَمَّا
رَأَى طَلْحَةَ أَوَّلَ مَنْ بايع قال: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا
إِلَيْهِ راجِعُونَ! أَوَّلُ يَدٍ بَايَعَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
يَدٌ شَلاءُ، لا يَتِمُّ هَذَا الأَمْرُ! ثُمَّ جِيءَ بِالزُّبَيْرِ
فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَبَايَعَ- وَفِي الزُّبَيْرِ اخْتِلافٌ- ثُمَّ
جِيءَ بِقَوْمٍ كَانُوا قَدْ تَخَلَّفُوا فَقَالُوا: نُبَايِعُ عَلَى
إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَالْعَزِيزِ
وَالذَّلِيلِ، فَبَايَعَهُمْ، ثُمَّ قَامَ الْعَامَّةُ فَبَايَعُوا.
كَتَبَ إِلَيَّ السري عن شعيب، عن سيف، عن أبي زُهَيْرٍ الأَزْدِيِّ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا
قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى
عَلِيٍّ، ذَهَبَ الأَشْتَرُ فَجَاءَ بِطَلْحَةَ، فَقَالَ لَهُ: دَعْنِي
أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَلَمْ يَدَعْهُ وَجَاءَ بِهِ يتله
تَلا عَنِيفًا، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَبَايَعَ.
وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ
الْحَارِثِ الْوَالِبِيِّ، قَالَ: جَاءَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ
بِالزُّبَيْرِ حَتَّى بَايَعَ، فَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقُولُ: جَاءَنِي
لِصٌّ مِنْ لُصُوصِ عَبْدِ الْقَيْسِ فَبَايَعْتُ وَاللُّجُّ عَلَى
عُنُقِي.
وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا:
وبايع الناس كلهم.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: وسمح بعد هَؤُلاءِ الَّذِينَ اشترطوا الذين جيء
بهم، وصار لامر أمر أهل الْمَدِينَةِ، وكانوا كما كَانُوا فِيهِ،
وتفرقوا إِلَى منازلهم لولا مكان النزاع والغوغاء فيهم
(4/435)
|