تاريخ خليفة بن خياط

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَصلى الله على مُحَمَّد وَآله وَسلم

قَالَ خَليفَة بن خياط هَذَا كتاب التَّارِيخ وبالتاريخ عرف النَّاس أَمر حجهم وصومهم وانقضاء عدد نِسَائِهِم وَمحل دُيُونهم يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيت النَّاس وَالْحج قَالَ خَليفَة حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ نَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ للنَّاس وَالْحج قَالَ سَأَلُوا لِمَ جُعِلتْ هَذِهِ الأَهِلَّةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا تَسْمَعُونَ هِيَ مَوَاقِيتُ للنَّاس وَالْحج فَجَعَلَهَا اللَّهُ لِصَوْمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِفْطَارِهِمْ وَحَجِّهِمْ وَمَنَاسِكِهِمْ وَعَدَدِ نِسَائِهِمْ وَمَحَالِّ دُيُونِهِمْ فِي أَشْيَاءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُ خَلْقَهُ قَالَ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نورا وَقدره منَازِل

(1/49)


لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يفصل الْآيَات لقوم يعلمُونَ
وَحدثنَا خَليفَة قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ لَمْ يَزَلْ لِلنَّاسِ تَارِيخٌ كَانُوا يُؤَرِّخُونَ فِي الدَّهْرِ الأَوَّلِ مِنْ هُبُوطِ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نُوحًا فَأَرَّخُوا مِنْ دُعَاءِ نُوحٍ قَوْمَهُ ثُمَّ أَرَّخُوا مِنَ الطُّوفَانِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى حُرِّقَ إِبْرَاهِيمُ فَأَرَّخُوا مِنْ تَحْرِيقِ إِبْرَاهِيمَ وَأَرَّخَتْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ من بُنيان الْكَعْبَة
قَالَ خَليفَة وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ لَمْ يَزَلْ لِفَارِسٍ تَارِيخٌ يَعْرِفُونَ أُمُورَهُمْ بِهِ وَتَارِيخُ حِسَابِهِمْ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ مُذْ مُلْكِ يزدْ جرد ابْن شَهْرَيَارَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ مِنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ تَارِيخُ النَّاسِ الْيَوْمَ قَالَ وَلِبَنِي إِسْرَائِيلَ تَأْرِيخٌ آخَرُ بِسِنِيِّ ذِي القرنين قَالَ خَليفَة فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ كَانَتْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يُؤَرِّخُونَ مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ فَأَرَّخُوا مِنْ مَوْتِهِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ عَامُ الْفِيلِ فَأَرَّخُوا مِنْ عَامِ الْفِيلِ ثُمَّ أَرَّخَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدُ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ كَانَ لِلْعَرَبِ أَيْضًا تَأْرِيخٌ

(1/50)


حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالا نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ أَخْطَأَ النَّاسُ الْعَدَدَ مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا مِنْ وَفَاتِهِ وَمَا عَدُّوا إِلا مِنْ مقدمه الْمَدِينَة
قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ نَاقِرَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمَا تُؤَرِّخُونَ فَأَرَادُوا أَنْ يُؤَرِّخُوا فَقَالُوا مِنْ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ وَفَاتِهِ ثُمَّ أَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ مِنْ هِجْرَتِهِ فَأَرَادُوا أَنْ يَبْتَدُوا بِشَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ رَأَوْا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي الْمُحَرَّمِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ نَا جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ عَنْ مَيْمَونِ بْنِ مَهْرَانَ قَالَ ائْتَمَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَكْتُبُونَ التَّأْرِيخَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَكْتُبُهُ مِنْ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُنْذُ أُوحِيَ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ هِجْرَتِهِ الَّتِي هَجَرَ فِيهَا دَارَ الشِّرْكِ إِلَى دَارِ الإِيمَانِ فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ أَنْ يَكْتُبُوهُ مِنْ هِجْرَتِهِ
نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ نَا حِبَّانُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ كَتَبَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ أَنَّهُ تَأْتِينَا كُتُبُ مَا نَدْرِي مَا تَأْرِيخُهَا فَاسْتَشَارَ عُمَرُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْمَبْعَثِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ وَفَاتِهِ فَقَالَ عُمَرُ أَرِّخُوا مِنْ هِجْرَتِهِ فَإِنَّ مُهَاجَرَهُ فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل
حَدثنَا خَليفَة قَالَ نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا عُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ جَمَعَ عُمَرُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ أَكْتُبُ التَّارِيخَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ مُذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَرْضِ الشِّرْكِ فَهُوَ يَوْمُ هَاجَرَ فَكَتَبَ ذَلِكَ عمر بن الْخطاب

(1/51)