خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى
" الفصل الثامن " في
زيادة الوليد واتخاذه المحراب والشرفات والمنارات
والمنع من الصلاة على الجنائز به زمنه
نقل رزين أن المسجد بعد أن زاد فيه عثمان لم يزد فيه عليّ ولا معاوية
رضي الله عنه ولا يزيد ولا مروان ولا ابنه عبد الملك شيئاً حتى كان
الوليد بن عبد الملك وكان عمر بن عبد العزيز عامله على المدينة ومكة
فبعث الوليد إلى عمر أبن عبد العزيز بمال وقال له من باعك فأعطه ومن
أبي فاهدم عليه وأعطه المال فإن أبي إن يأخذه فاصرفه إلى الفقراء ثم
ذكر ما قاله غيره من إدخاله الحجر الشريفة ونقل الزين المراغي عن
السهيلي أنه قال إن الحجر والبيوت خلطت بالمسجد في زمن عبد الملك بن
مروان قال ويردّه تصريح رزين وغيره بضدّ ذلك انتهى ولعل المراد أن عبد
الملك جعلها للمسلمين يصلون فيها لضيق المسجد وهي على حالها كما يشير
إليه ما قدمناه عن مالك من الصلاة فيها وإلا فقد نقل
(2/105)
أبن زبالة عن غير واحد من أهل العلم سماهم
في كتابه إدخال الوليد لحجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وللواقدي
عن عطاء الخراساني أدركت حجر أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم فحضرت
كتاب الوليد بن عبد الملك يقرأ يأمر بإدخالها فما رأيت يوما كان أكثر
باكيا من ذلك اليوم قال عطاء فسمعت سعيد بن المسيب يقول والله لوددت
أنهم تركوها على حالها ينشأ ناس من المدينة ويقدم قادم من الآفاق فيرى
ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ويكون ذلك مما يزهد
الناس في التكاثر والتفاخر فيها وقال أبن زبالة حدثني عبد العزيز أبن
محمد عن بعض أهل العلم قال قدم الوليد بن عبد الملك حاجا فبينا هو يخطب
الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حانت منه التفاتة فإذا
بحسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في بيت فاطمة في يده
مرآة ينظر فيها فلما نزل أرسل إلى عمر بن عبد العزيز فقال لا أرى هذا
قد بقي بعد أشتر هذه المواضع وأدخل بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم
المسجد وأسدده وفي خبر ليحيى إنه لما نزل من خطبته أمر بهدم بيت فاطمة
وأن حسن بن حسن وفاطمة بنت الحسين أبوا أن يخرجوا منه فأرسل إليهم
الوليد إن لم تخرجوا منه هدمته عليكم فأبوا أن يخرجوا فأمر بهدمه عليهم
وهما فيه
(2/106)
وولدهما فنزع أساس البيت وهم فيه فلما نزع
قالوا لهم إن لم تخرجوا قوضناه عليكم فخرجوا منه حتى أتوا دار عليّ
نهارا وفي خبر لأبن زبالة إن الوليد كتب إلى عمر بن عبد العزيز يأمره
بالزيادة في المسجد وأن يشتري هذا المنزل فأبوا وقال حسن والله لا نأكل
له ثمنا قال وأعطاهم به سبعة آلاف دينارا وثمانية فأبوا فكتب للوليد
بذلك فأمره بهدمه وإدخاله وطرح الثمن في بيت المال ففعل وانتقلت منه
فاطمة بنت حسين بن عليّ إلى موضع دارها بالحرة فابتنتها ولأبن زبالة
أيضا عن غير واحد من أهل العلم إن عمر لما جاءه كتاب الوليد بعث إلى
رجال من آل عمر فقال إن أمير المؤمنين كتب إليّ أن أبتاع بيت حفصة وكان
عن يمين الخوخة أي خوخة آل عمر وكان بينه وبين منزل عائشة الذي فيه قبر
النبي صلى الله عليه وسلم طريق وكانتا يتهاديان الكلام وهما في منزلهما
من قرب ما بينهما فقالوا ما نبيعه بشيء قال إذا أدخله في المسجد قالوا
أنت وذاك فأما طريقنا فإنا لا نقطعها فهدم البيت وأعطاهم الطريق ووسعها
لهم حتى انتهى بها إلى الأسطوانة وكانت قبل ذلك ضيقة قدر ما يمرّ
(2/107)
الرجل منحرفا. وفي خبر ليحيى عن مالك بن
أنس إن الحجاج قال لعبد الله بن عبد الله بن عمر بعني منزل حفصة قال لا
والله ما كنت لآخذ لبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمنا قال إذا
والله أهدمه قال والله لا تهدمه إلا على ظهري فأمر الحجاج بهدمه وهو
فيه فجاءت بنو عدي عبد الله فقالوا ما أضعفك هو يتأسف على قتل أبيك
وينزع عن قتلك فأخر جوه فهدمه الحجاج وكتب إلى الوليد يعلمه بذلك فكتب
الوليد إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بعرض الثمن على عبد الله فإن أبي
جعل له مكرمة بدله في المسجد فجعل له عمر الخوخة التي في قبلة المسجد
التي إلى دار حفصة اليوم وله أيضا عن أبن ورد إن عن أبيه أن عمر بن عبد
العزيز قال لعبد الله أجعل لكم بابا تدخلون منه وأعطيكم دار الرقيق
مكان هذا الطريق وما بقي من الدار فهو لكم ففعلوا فأخرج بابهم في
المسجد وأعطاهم دار الرقيق وقدّم الجدار في موضعه اليوم وزاد في المشرق
ما بين الأسطوانة المربعة أي مربعة القبر إلى جدار المسجد اليوم ومعه
عشر أساطين من مربعة القبر إلى الرحبة إلى
الشام أي جعل عشر أساطين مصفوفة في رحبة المسجد من مربعة القبر إلى
الشام أي وبعدها الأربع الآتي ذكرها للسقائف وهي المسقف الشامي المقابل
للمسقف القبلي قال ومده في المغرب أسطوانتين وأدخل فيه
(2/108)
حجرات أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم
ودور عبد الرحمن بن عوف الثلاث اللاتي كان يقال لها القرائن وسمعنا من
يقول القرائن جنابذ ثلاث لعبد الرحمن بن عوف وفي خبر لأبن زبالة أن عمر
رضي الله عنه لما سام آل عبد الرحمن بن عوف بدارهم امتنعوا من البيع
فهدمها عليهم قال عبد الرحمن بن حميد فذهب لنا متاع في هدمهم ولأبن
زبالة عن محمد بن عمار عن جدّه كانت زيادة الوليد من المشرق إلى المغرب
ست أساطين وزاد إلى الشام من الأسطوانة المربعة التي في القبر أربع
عشرة أسطوانة منها عشرة في الرحبة وأربع في السقائف الأولى أي التي
كانت بالمسقف الشامي قبل زيادة المهدي قال وزاد من الأسطوانة التي دون
المربعة إلى المشرق أربع أساطين في السقائف فدخل بيت النبي صلى الله
عليه وسلم في
(2/109)
المسجد وبقي ثلاث أساطين في السقائف اه
ويستفاد منه أن الست التي زادها في المشرق والمغرب منها ثنتان فقط في
المغرب لأنّ من الأسطوانة التي دون مربعة القبر السابق ذكرها في حدود
المسجد النبوي وهي التي إليها المقصورة اليوم إلى الجدار الشرقي أربع
أساطين وقوله وبقي ثلاث أساطين أي من هذه الأربع في السقائف أي المسقف
الشرقي كما هو اليوم وقوله في رواية يحيى ما بين المربعة محله أن
الزيادة إنما هي من نحو وسط الرواق الذي بين المربعة والتي دونها لأن
الجدار كما سبق كان هناك في موازاة القناديل فلم يحتسب التي دون
المربعة في الزيادة فيفهم أن له ثلاثة في المشرق وثلاثة في المغرب لكن
يردّ هذا تصريح رواية يحيى بأنه مدّه في المغرب أسطوانتين وأنه لم يذكر
الست في المشرق والمغرب وإنما صرح بالست من اعتبر الأسطوانة دون
المربعة وظاهر قوله وزاد إلى الشام إلى آخره مع ما سبق من رواية يحيى
أن نهاية زيادته في الشام بعد أربع عشرة أسطوانة من مربعة القبر فيوافق
ما سيأتي من أنّ المهدي زاد عشر أساطين في هذه الجهة لأنها الباقية بعد
الأربع عشرة إلى مؤخر المسجد والأولى من هذه الأساطين الباقية كان
أسفلها مربعا بقدر الجلسة في الصف الأوسط من المسقف الشرقي علامة
لزيادة المهدي وقد ذكرنا في الأصل محملا آخر بعيد الرواية أبن زبالة
هذه وهو أن الأربع عشرة جعلها كلها رحبة في زمنه وكانت الرحبة قبله
عشرة فيكون له أربع أساطين
(2/110)
للسقائف فيكون له ثمان عشرة أسطوانة
والباقي للمهدي ست فقط وهو الموافق لما في خبر ليحيى عن قدامة بن موسى
يتضمن أن ذرعه يعني زمن الوليد طولا مائتا ذراع فإنّ ما ذكرناه يقرب من
ذلك لكنه قال وعرّضه في مقدّمة مائتين وفي مؤخرة ثمانين ومائة ذراع قال
وهو من قبل كان مقدّمه أعرض اه وهو خطأ لأن المسجد لم ينقص عرضه وذرع
عرضه اليوم من مقدّمه في القبلة مائة ذراع وسبعة وستون ذراعا ونصف ومن
مؤخره في الشام مائة وخمسة وثلاثون ذراعا وقد صرح أبن زبالة في ذرع عرض
المسجد في زمنه بقريب من ذرعنا كما سيأتي وفي خبر لأبن زبالة أن الوليد
كتب إلى ملك الروم إنا نريد أن نعمر مسجد نبينا الأعظم فأعني فيه بعمال
وفسيفساء إليه بأحمال من فسيفساء وبضعة وعشرين عاملا وقال بعضهم بعشرة
عمال وقال بعثت إليك بعشرة يعدلون مائة وبثمانين ألف دينار وبهذه
السلاسل التي فيها القناديل وليحيى عن قدامة بن موسى فبعث إليه بأربعين
من الروم وبأربعين من القبط وبأربعين ألف مثقال من ذهب وبالفسيفساء
وأخمر عمر النورة التي تعمل بها الفسيفساء سنة وحملوا القصة من نخل
منحولة بالشقائق
(2/111)
وعمل الآس بالحجارة والجدار بالحجارة
المطابقة والقصة وجعل عمد المسجد من حجارة حشوها عمد الحديد والرصاص
وفي خبر لأبن زبالة أن عمر هدمه سنة إحدى وتسعين أي بتقديم التاء
الفوقية وبناه بالحجارة المنقوشة وقصة بطن نخل وعمله بالفسيفساء
والمرمر وعمل سقفه بالساج وماء الذهب وهدم حجر أزواج النبيّ صلى الله
عليه وسلم ونقل لبنها ولبن المسجد فبنى به داره بالحرّة فهو فيها اليوم
له بياض على اللبن قال فبينا العمال يعملون في المسجد إذ خلالهم فقال
بعض عمال الروم ألا أبول على قبر نبيهم فتهيأ لذلك فنهاه أصحابه فلما
هم بذلك اقتلع فألقى على رأسه فانتثر دماغه
وأسلم بعضهم وعمل أحدهم على رأس خمس طاقات في جدار قبلة صحن المسجد
صورة خنزير فأمر به عمر فضربت عنقه وقال بعض عمال الفسيفساء إنما
عملناه على ما وجدنا من صور شجر الجنة وقصورها أهو ليحيى عن النضر بن
أنس كان عمر بن عبد العزيز إذا عمل العامل الشجرة الكبيرة من الفسيفساء
فأحسن عملها نفله ثلاثين درهما وذكر هو وأبن زبالة ما كان فيه من
الكتابات داخله وخارجه على أبوابه وتركناه لزواله ووصف أبن عبد ربه في
العقد ما كان داخلا في جدار المسجد
(2/112)
من وزرات الرخام وطراز الذهب والفسيفساء
أوّلها وآخرها ورؤس الأساطين مذهبة عليها أكف منقشة مذهبة وكذلك عتاب
الأبواب مذهبة أيضا اه ولأبن زبالة عن محمد بن عمار عن جدّه كان في
موضع الجنائز أي شرقيّ المسجد زمان الوليد نخلتان يصلي على الموتى
عندهما فأراد عمر قطعهما حين ولي عمل المسجد للوليد وذلك سنة ثمان
وثمانين فاثتنلت فيهما بنو النجار فابتاعهما عمر فقطعهما ولا ينافيه ما
سبق من هدمه المسجد سنة إحدى وتسعين وفيها عزل عن المدينة وكأنه أخره
للتأهب لكن في رواية لأبن زبالة ابتدأ عمر بن عبد العزيز بناء المسجد
سنة ثمان وثمانين وفرغ منه سنة إحدى وتسعين وفيها حج الوليد وليحيى عن
حفص بن مروان أن عمر مكث في بنائه ثلاث سنين ولأبن زبالة عن إبراهيم بن
محمد الزهريّ عن أبيه لما قدم الوليد المدينة حاجا بعد فراغ المسجد جعل
يطوف فيه وينظر إلى بنيانه فلما رأى سقف المقصورة قال لعمر ألا عملت
السقف كله مثل هذا قال إذا تعظم النفقة جدّا قال وإن
(2/113)
وفي رواية لغيره أتدري يا أمير المؤمنين كم
أنفقت على جدار القبلة وما بين السقفين قال وكم قال خمسة وأربعين ألف
دينار قال والله لكأنك تنفقها من مالك وليحيى فلما استنفد الوليد النظر
إلى المسجد التفت إلى أبان بن عثمان وقال أين بناؤنا من بنئكم قال أبان
بنيناه بناء المساجد وبنيتموه بناء الكنائس. وقال الواقدي حدثني عبد
الله بن يزيد قال كان عمل القبط مقدّم المسجد وكانت الروم تعمل ما خرج
من السقف جوانبه ومؤخره فسمعت سعيد بن المسيب يقول عمل هؤلاء أحكم يعني
القبط وليحيى عن عبد المهيمن بن عباس عن أبيه مات عثمان وليس في المسجد
شرفات ولا محراب فأوّل من أحدث المحراب والشرفات عمر بن عبد العزيز
(2/114)
وهو الذي عمل الرصاص على طنف المسجد
والميازيب التي من الرصاص وقيل إنما عمل الشرفات عبد الواحد بن عبد
الله النصريّ في ولايته سنة أربع ومائة ولم تعد الشرفات بعد الحريق
الأوّل حتى حددت سنة سبع وستين وسبعمائة في أيام الأشرف شعبان بن حسين
ولأبن زبالة ويحيى عن محمد بن عمار عن جده إن عمر بن عبد العزيز جعل
للمسجد أربع منارات في زواياه الأربع قال كثير بن جعفر وكانت المنارة
الرابعة مطلة على دار مروان فلما حج سليمان بن عبد الملك أذن المؤذن
فأطل عليه فأمر بها فهدمت إلى ظهر المسجد وبابها على المسجد مما يلي
دار مروان من قبل المسجد أي فصار للمسجد ثلاث منارات فقط قال أبن زبالة
وطول كل واحدة ستون ذراعا وذكر في موضع آخر
(2/115)
بضعا وخمسين وأن أقصرهن الغربية الشامية
قال وعرض كل واحدة ثماني أذرع في ثمان وذكر أبن جبير أن المنارتين
الشاميتين صغيرتان على هيئة برجين بخلاف اليمانية الشرقية فإنها على
هيئة المنارات اه ولم يزل المسجد على ثلاث منارات إلى أن جددت المنارة
الرابعة الغربية اليمانية سنة ست وسبعمائة في دولة الناصر محمد بن
قلاوون على يد شيخ الخدّام كافور المظفري المعروف بالحريري وظهر عند
الحفر لأساسها خوخة مروان الآتي ذكرها في ركن المسجد الغربي وبابها
عليها من ساج لم يبل قال البدر بن فرحون أسفل من أرض المسجد يقامه ثم
وجدوا تحصيب المسجد برمل أسود يشبه أن يكون من سلع ثم بلغوا الماء ولم
يوجد أثر ولا صحة لما ذكر بعضهم من أن مئذنة كانت هناك تشرف على دار
مروان انتهى قلت وهذا لا يمنع صحة ما سبق لاحتمال أنها كانت على باب
المسجد وسطحه من غير أساس في الأرض لقصر المنارات حينئذ مع أن دار
مروان متقدّمة على زيادة أبن أبنه الوليد قطعا وصنيع يحيى يقتضي أن
بناءها زمن عثمان وإن شيئاً مما دخل فيها من دار العباس أدخل في زيادة
الوليد فالباب الذي ظهر إنما هو فيما أتخذه الوليد هناك بدلا عن باب
مروان وصارت هذه المنارة أطول المنارات حتى عرفت بالطويلة وطولها خمسة
وتسعون ذراعا بتقديم
التاء الفوقية من أعلى هلالها لكن لما هدمت المنارة المقابلة لها في
المشرق المعروفة بالرسيسة بسبب الحريق الحادث في زماننا أعيدت أعني
الرسيسة أطول من هذه إذ طولها يزيد على المائة بعد أن كان ينقص عن
الثمانين ثم ظهر في المنارة الرسيسة ميل للتساهل في المبالغة لتأسيسها
ومؤنها فأعيدت بعد أن بلغ بأساسها الماء وزيد في طولها ثانيا مع
الأحكام التام حتى صار طولها أزيد من مائة وعشرين ذراعا على يد الشجاعي
شاهين الجمالي شيخ الخدام بالحرم الشريف وشاد عمائره بأمر الإشراف
قايتباي وذلك في عام أثنين وتسعين وثمانمائة وطول الشرقية الشامية
المعروفة بالسنجارية ثمانون إلا ذراعا وطول الغربية المعروفة بالخشبية
اثنان وسبعون ذراعا بتقديم السين كل ذلك من الهلال إلى الأرض خارج
المسجد وهذا السياق ظاهر في أن الوليد أوّل من أتخذ المنارات ولأبي
داود والبيهقيّ إن امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول
المسجد وكان بلال يؤذن عليه الفجر الحديث ولأبن زبالة حدثني محمد بن
إسماعيل وغيره قال كان في دار عبد الله بن عمر أسطوانة في قبلة المسجد
يؤذن عليها بلال يرقى إليها بأقتاب والأسطوانة مربعة قائمة إلى اليوم
يقال لها المطمار وهي في منزل عبيد الله بن عبد الله بن عمر وله عن
موسى بن عبيدة أن عمر بن عبد العزيز استأجر حرسا للمسجد لا تحترق فيه
وعن كثير بن زيد قال نظرت إلى حرس عمر بن عبد العزيز يطردون الناس من
المسجد أن يصلي على الجنائز فيه وعن عثمان بن أبي الوليد إن عروة قال
له تضربون الناس في الصلاة في المسجد على الجنائز قال قلت نعم قال إما
إن أبا بكر قد صلى عليه في المسجد وليحيى ما يقتضي أن ذلك كان قبل زمن
الوليد فإنه روى عن المقيري إنه رأى حرس مروان أبن الحكم يخرجون الناس
من المسجد يمنعونهم أن يصلوا على الجنائز وقد تلخص مما رواه أبن شبة أن
الذي استقر عليه الأمر أنهم كانوا يحملون موتاهم حتى يصلي عليها النبي
صلى الله عليه وسلم عند بيته في موضع الجنائز وفي صحيح مسلم من حديث
عائشة رضي الله عنه أنها أمرت أن يمرّ بجنازة أبن أبي وقاص في المسجد
فيصلي عليه فأنكر الناس ذلك عليها فقالت ما أسرع ما نسى الناس ما صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في المسجد وفي
رواية والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبني بيضاء في
المسجد سهل وأخيه ويفهم منه أنه كان نادرا وليحيى بسند جيد عن أبن عمر
رضي الله عنه إنه صلى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد وفي
رواية له إن عمر بن الخطاب صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبا صلى
على عمر بن الخطاب في المسجد عند المنبر ولأبن شبة إن الجنازة وضعت
تجاه المنبر وذكر أبن النجار ما سبق عن حرس عمر بن عبد العزيز ثم قال
إن هذه السنة في الجنائز باقية إلى يومنا إلا في حق العلو بين ومن أراد
الأمراء من الأعيان وغيرهم والباقون يصلي عليهم خلف الحائط الشرقي أي
من المسجد أي موضع الجنائز وفي زماننا يصلي على الجنائز بالمسجد ويخص
الأعيان بالروضة إلا ما كان من جنائز الشيعة غير الأشراف فأنهم منعوا
من إدخال جنائزهم إلى المسجد في دولة جقمق وذكرنا في الأصل كلاما حسنا
في كيفية وضع الجنازة بين القبر والمنبر فراجعه. وقية من أعلى هلالها
لكن لما هدمت المنارة المقابلة لها في المشرق المعروفة بالرسيسة بسبب
الحريق الحادث في زماننا أعيدت أعني
(2/116)
الرسيسة أطول من هذه إذ طولها يزيد على
المائة بعد أن كان ينقص عن الثمانين ثم ظهر في المنارة الرسيسة ميل
للتساهل في المبالغة لتأسيسها ومؤنها فأعيدت بعد أن بلغ بأساسها الماء
وزيد في طولها ثانيا مع الأحكام التام حتى صار طولها أزيد من مائة
وعشرين ذراعا على يد الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدام بالحرم الشريف
وشاد عمائره بأمر الإشراف قايتباي وذلك في عام أثنين وتسعين وثمانمائة
وطول الشرقية الشامية المعروفة بالسنجارية ثمانون إلا ذراعا وطول
الغربية المعروفة بالخشبية اثنان وسبعون ذراعا بتقديم السين كل ذلك من
الهلال إلى الأرض خارج المسجد وهذا السياق ظاهر في أن الوليد أوّل من
أتخذ المنارات ولأبي داود والبيهقيّ إن امرأة من بني النجار قالت كان
بيتي من أطول بيت حول المسجد وكان بلال يؤذن عليه الفجر الحديث ولأبن
زبالة حدثني محمد بن إسماعيل وغيره قال كان في دار عبد الله بن عمر
أسطوانة في قبلة المسجد يؤذن عليها بلال يرقى إليها بأقتاب
(2/117)
والأسطوانة مربعة قائمة إلى اليوم يقال لها
المطمار وهي في منزل عبيد الله بن عبد الله بن عمر وله عن موسى بن
عبيدة أن عمر بن عبد العزيز استأجر حرسا للمسجد لا تحترق فيه وعن كثير
بن زيد قال نظرت إلى حرس عمر بن عبد العزيز يطردون الناس من المسجد أن
يصلي على الجنائز فيه وعن عثمان بن أبي الوليد إن عروة قال له تضربون
الناس في الصلاة في المسجد على الجنائز قال قلت نعم قال إما إن أبا بكر
قد صلى عليه في المسجد وليحيى ما يقتضي أن ذلك كان قبل زمن الوليد فإنه
روى عن المقيري إنه رأى حرس مروان أبن الحكم يخرجون الناس من المسجد
يمنعونهم أن يصلوا على الجنائز وقد تلخص مما رواه أبن شبة أن الذي
استقر عليه الأمر أنهم كانوا يحملون موتاهم حتى يصلي عليها النبي صلى
الله عليه وسلم عند بيته في موضع الجنائز وفي صحيح مسلم من حديث عائشة
رضي الله عنه أنها أمرت أن يمرّ
(2/118)
بجنازة أبن أبي وقاص في المسجد فيصلي عليه
فأنكر الناس ذلك عليها فقالت ما أسرع ما نسى الناس ما صلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في المسجد وفي رواية والله
لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبني بيضاء في المسجد سهل
وأخيه ويفهم منه أنه كان نادرا وليحيى بسند جيد عن أبن عمر رضي الله
عنه إنه صلى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد وفي رواية له إن
عمر بن الخطاب صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبا صلى على عمر بن
الخطاب في المسجد عند المنبر
(2/119)
ولأبن شبة إن الجنازة وضعت تجاه المنبر
وذكر أبن النجار ما سبق عن حرس عمر بن عبد العزيز ثم قال إن هذه السنة
في الجنائز باقية إلى يومنا إلا في حق العلو بين ومن أراد الأمراء من
الأعيان وغيرهم والباقون يصلي عليهم خلف الحائط الشرقي أي من المسجد أي
موضع الجنائز وفي زماننا يصلي على الجنائز بالمسجد ويخص الأعيان
بالروضة إلا ما كان من جنائز الشيعة غير الأشراف فأنهم منعوا من إدخال
جنائزهم إلى المسجد في دولة جقمق وذكرنا في الأصل كلاما حسنا في كيفية
وضع الجنازة بين القبر والمنبر فراجعه.
(2/120)
|