شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وتسعين
وثمانمائة
فيها توفي عالم الحجاز برهان الدّين إبراهيم بن علي بن محمد بن محمد بن
حسين بن علي بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المكّي القرشي الشافعي [1]
الإمام العلّامة.
توفي ليلة الجمعة سادس ذي القعدة عن ست وستين سنة.
وفيها تقريبا أبو علي حسين الصوفي [2] المدفون بساحل بولاق.
قال المناوي في «طبقاته» : هو من أهل التصريف [3] ، صوفي كامل، وشيخ
لأنواع اللطف، والكمال شامل، بهي الصورة، كأن عليه مخايل الولاية
مقصورة، وكان كثير التطور، يدخل عليه إنسان فيجده سبعا، ثم يدخل عليه
آخر فيجده جنديا، ثم يدخل عليه آخر فيجده فلاحا أو فيلا، وهكذا.
وقال آخرون: كان التطور دأبه ليلا ونهارا، حتى في صورة السّباع
والبهائم، ودخل عليه أعداؤه ليقتلوه فقطعوه بالسيوف ليلا ورموه على كوم
بعيد فأصبحوا فوجدوه قائما يصلي بزاويته، ومكث بخلوة في غيط خارج باب
البحر أربعين سنة لا يأكل ولا يشرف وباب الخلوة مسدودة ليس له إلّا طاق
يدخل منه الهواء، فقال الناس: هو يعمل الكيمياء والسيمياء، ثم خرج
بعدها وأظهر الكرامات والخوارق [4] ، وكان إذا سأله أحد شيئا قبض من
الهواء وأعطاه إيّاه، وكان جماعته يأخذون أولاد
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 88) و «الذيل التام» (2/ 243) و «نظم
العقيان» ص (17) و «بدائع الزهور» (3/ 235) .
[2] ترجمته في «جامع كرامات الأولياء» ص (404- 405) .
[3] أقول: الله تعالى هو الذي يتصرّف في مخلوقاته كما يشاء لا غيره.
(ع) .
[4] أقول: هذه من الشطحات التي لا يقرها الشرع. (ع) .
(9/525)
النموس ويربونهم، فسموا بالنموسية، وضرب
قايتباي رقاب بعضهم لما شطحوا ونطقوا بما يخالف الشريعة. انتهى كلام
المناوي.
وفيها قاضي القضاة شهاب الدّين أحمد بن عبد الكريم بن محمد بن عبادة
السّعدي الأنصاري الدمشقي الصالحي الحنبلي [1] .
كان صدرا رئيسا من رؤساء دمشق، وهو من بيت علم رئاسة، وتقدم ذكر
أسلافه.
ولي قضاء دمشق عن البرهان بن مفلح، ولم تطل مدته، ثم عزل فلم يلتفت إلى
المنصب بعد ذلك، واستمر في منزله بالصالحية معظّما. وكان عنده سخاء
وحسن لقاء وإكرام لمن يرد عليه.
وتوفي بمكّة المشرّفة يوم الخميس ثالث شعبان ودفن بالمعلاة.
وفيها القاضي شهاب الدّين أحمد بن أبي بكر بن قدامة المقدسي الأصل
الدمشقي الصالحي الحنبلي، المشهور بابن زريق [2] تقدم ذكر أسلافه. وكان
من أهل الفضل، إماما، عالما بارعا في الفرائض، أذن له الشيخ تقي الدّين
بن قندس بالتدريس والإفتاء.
وتوفي في ثامن ذي الحجّة بدمشق.
وفيها المولى سنان الدّين يوسف بن خضر بك بن جلال الدّين الحنفي [3] .
قال في «الشقائق» : كان فاضلا، كثير الاطلاع على العلوم عقلياتها
وشرعياتها، وكان ذكيا للغاية، يتوقّد ذكاء وفطنة، وكان لحدة ذهنه وقوة
فطنته، غلب على طبعه إيراد الشكوك والشّبهات، وقلما يلتفت إلى تحقيق
المسائل، حتى إن والده لامه على ذلك، وقال له يوما وهو يأكل معه لحما:
بلغ بك الشك إلى مرتبة يمكن أن تشك في أن هذا الظرف من نحاس. قال: يمكن
ذلك لأن للحواس
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 353) و «السحب الوابلة» ص (71) .
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 255) و «السحب الوابلة» ص (52) .
[3] ترجمته في «الفوائد البهية» ص (228) و «الشقائق النعمانية» ص (106)
و «الأعلام» (8/ 228) .
(9/526)
أغاليط، فغضب والده، وضرب بالطبق على [1]
رأسه، ولما مات والده كان مناهزا للعشرين سنة، فأعطاه السلطان محمد [2]
إحدى المدارس الثمان، ثم أعطاه دار الحديث بأدرنة، ثم جعله معلما
لنفسه، ومال إلى صحبته، وكان لا يفارقه، ولما جاء المولى على القوشجي
أخذ عنه العلوم الرياضية، ولازمه بإشارة من السلطان محمد، وكتب حواش
على شرح الجغميني لقاضي زاده، ثم جعله السلطان محمد وزيرا في سنة خمس
وسبعين، ثم وقع بينه وبين السلطان أمر كان سببا لعزله وحبسه، فاجتمع
علماء البلدة، وقالوا: لا بد من إطلاقه، وإلّا نحرق كتبنا في الديوان
العالي ونترك مملكتك [3] ، فأخرج وسلّم إليهم، ولما سكنوا أعطاه قضاء
سفري حصار مع مدرسته، وأخرجه في ذلك اليوم من قسطنطينية، فلما وصل إلى
أزنيق أرسل خلفه طبيبا وقال: عالجه فإنّ عقله قد اختل، فكان الطبيب
المذكور يدفع إليه كل يوم شربة ويضربه خمسين عصا، فلما سمع المولى ابن
حسام الدّين بذلك أرسل إلى السلطان كتابا بأن ترفع عنه هذا الظلم أو
أخرج من مملكتك، فرفع عنه ذلك، وذهب إلى سفري حصار، وأقام بها بما لا
يمكن شرحه من الكآبة والحزن، ومات السلطان محمد وهو فيها، فلما جلس
السلطان بايزيد خان على سرير الملك أعطاه مدرسة دار الحديث بأدرنة،
وعيّن له كل يوم مائة درهم، فكتب هناك «حواش على مباحث الجواهر من شرح
المواقف» وأورد أسئلة كثيرة على السيد الشريف، وله كتاب بالتركية في
«مناجاة الحق» سبحانه، وكتاب في «مناقب الأولياء» بالتركية أيضا.
وتوفي بأدرنة ولم يوجد في بيته حطب يسخن به الماء وذلك لفرط سخائه.
انتهى ملخصا.
وفيها تقريبا المولى يعقوب باشا بن المولى خضر بك بن جلال الدّين
الحنفي [4] أخو المترجم قبله.
__________
[1] لفظة «على» سقطت من «ط» .
[2] أقول: هو السلطان محمد الفاتح. (ع) .
[3] في «آ» : «مملكته» .
[4] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (109) .
(9/527)
كان إماما، عالما، صالحا، محقّقا، صاحب
أخلاق حميدة، وكان مدرسا بسلطانية بروسا، ثم صار مدرسا بإحدى الثمان،
ثم ولى قضاء برسة، ومات وهو قاض بها، وله «حواش على شرح الوقاية» لصدر
الشريعة، أورد فيها دقائق وأسئلة، مع الإيجاز والتحرير، وله غير ذلك،
رحمه الله تعالى
.
(9/528)
سنة اثنتين وتسعين
وثمانمائة
فيها كان الغلاء المفرط.
وفيها توفي القاضي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن علي بن موسى الإبشيهي
المحلّي الشافعي الإمام العالم.
توفي بالرحبة في ذي القعدة.
وفيها فخر الدّين عثمان بن علي التليلي الحنبلي [1] الإمام العلّامة
الخطيب.
أخذ الحديث عن الحافظ ابن حجر، والفقه عن الشيخ عبد الرحمن أبي شعر،
وولي الإمامة والخطابة بجامع الحنابلة بصالحية دمشق مدة تزيد على ستين
سنة، وكان صالحا معتقدا.
توفي يوم الجمعة سابع عشري شعبان ودفن بالروضة، وله سبع وتسعون سنة،
وكان لجنازته يوم مشهود.
وفيها الشيخ مدين خليفة الأشموني الزاهد [2] .
قال المناوي: أصله من ذرية الشيخ أبي مدين، فرحل من المغرب جدّه الأدنى
وهو مغربي فقير، فأقام بطبلاي بالمنوفية فولد له بها علي ودفن بطبلية،
ثم انتقل إلى أشمون فولد له بها مدين هذا، فاشتغل بالعلم حتى صار يفتي،
ثم تحرّك
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 133) و «السحب الوابلة» ص (284) ،
وجاء فيهما: «والتليلي:
نسبة لتليل قرية من البقاع» .
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (10/ 150) وجامع كرامات الأولياء» (2/
249) .
(9/529)
لطلب الطريق، فخرج يطلب شيخا بمصر، فوافق
خروجه خروج الشيخ محمد الغمري يطلب مطلوبه، فلقيهما رجل من أرباب
الأحوال، فقال: اذهبا إلى أحمد الزاهد ففتحكما على يديه، ولا تطلبا
الأبواب الكبار- يعني الشيخ محمد الحنفي- فدخلا على الزاهد فلقيهما
وأخلاهما ففتح على مدين في ثلاثة أيام، وعلى الغمري بعد خمس عشرة سنة،
وكان صاحب الترجمة صاحب همصة، وله عزّ في الطريق وعزمة، وكان له في
التصوف [1] يد طولى، وإذا تكلّم في الطريق بلغ المريد مراما وسؤلا،
انتفع به خلق كثير من العلماء، والصلحاء، والفقراء، والفقهاء،
والأجناد، وغيرهم. وكانت له كرامات، منها أنها مالت منارة زاويته، فقيل
له: لا بد من هدمها، فصعد مع المهندس وقال: أرني محلّ الميل، فأراه
ذلك، فألصق ظهره إليه فاستقام [2] .
ومنها أن الحريفيش جاءه بعد موت شيخه الغمري فوجده يتوضأ وعبد حبشي يصب
عليه، وآخر واقف بالمنشفة، فسأله عن نفسه لكونه لم يرد عليه ملابس
الفقراء بل الأكابر، فقال: أنا مدين. قال: فقلت في نفسي من غير لفظ:
لا ذا بذاك ولا عتب على الزمن بفتح التاء. فقال: عتب، بسكون التاء.
قال: فقلت في سرّي: الله أكبر فقال على نفسك الخبيثة أتيت لتزن على
الفقراء أحوالهم بميزانك الخاسرة. قال:
فتبت وعلمت أنه من الأولياء. [3] ومنها أنه لما ضاقت النفقة على
السلطان جقمق أرسل يأخذ خاطره، فأرسل له نصف عمود من معدن يثاقل به
الفضة، فجعل ثمنه في بيت المال واتسع الحال، فقال السلطان: الملوك
حقيقة هؤلاء.
ومنها أنه أتاه رجل طعن في السنّ فقال: أريد حفظ القرآن. قال: ادخل
الخلوة واشتغل بذكر الله تحفظه، فدخل فأصبح يحفظه [4] .
__________
[1] في «آ» : «في التصرف» .
[2] أقول: وهذا أيضا من المبالغات في الكرامات. (ع) .
[3] أقول: لا يعلم الغيب إلا الله. (ع) .
[4] أقول: وهذا أيضا من المبالغات في الكرامات. (ع) .
(9/530)
وكان لا يخرج من بيته إلّا لصلاة أو بعد
عصر كل يوم، ولم يزل دأبه ذلك إلى أن حوّمت عليه المنية وعظمت على
المسلمين الرزيّة. فتوفي يوم الأربعاء تاسع ربيع الأول ودفن بزاويته.
انتهى ملخصا.
وفيها جمال الدّين يوسف بن محمد الكفرسبي الحنبلي [1] الفقيه الصالح.
كان من أهل الفضل ومن أخصاء الشيخ علاء الدّين المرداوي، وقد أسند
وصيته إليه عند موته.
وتوفي بدمشق، رحمه الله تعالى.
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (10/ 330) و «السحب الوابلة» ص (498) .
(9/531)
سنة ثلاث وتسعين
وثمانمائة
فيها توفي الملك المؤيد الشّهاب أبو الفتح أحمد بن الملك الأشرف
أبي النصرا ينال العلائي الظّاهري ثم الناصري [1] وهو من ذرية
الظّاهر بيبرس. ولي السلطنة بعهد من أبيه يوم الأربعاء رابع عشر
جمادى الأولى سنة خمس وستين وثمانمائة، وتوفي والده بعد ذاك بيوم
واحد، ثم خلعه أتابكه خشقدم بعد خمسة أشهر وخمسة أيام واستمر خاملا
إلى أن توفي في صفر عن سبع وخمسين سنة.
وفيها المتوكل على الله أبو عمرو عثمان بن الأمير محمد بن عبد
العزيز بن أحمد الهنتاتي [2] صاحب المغرب.
توفي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان وقد جاوز السبعين.
وفيها المولى مصلح الدّين مصطفى بن يوسف بن صالح البرساوي الحنفي،
المعروف بخواجه زاده [3] .
كان والده من التجار، صاحب ثروة عظيمة، وكان أولاده في غاية
الرفاهية، وعيّن المترجم في شبابه كل يوم درهما واحدا، وكان ذلك
لاشتغاله بالعلم وتركه طريقة والده، فإنه سخط عليه لذلك، ثم دأب
المترجم في الطلب، واتصل بخدمة المولى ابن قاضي أياثلوغ، فقرأ عنده
الأصلين، والمعاني، والبيان، ثم وصل إلى خدمة خضر بك بن جلال، وقرأ
عليه علوما كثيرة، وكان يكرمه إكراما عظيما، وكان
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 246) و «نظم العقيان» ص (40) .
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 138) .
وقال فيه: «والهنتاتي: بفتح الهاء، ثم نون، بعدها مثناة، ثم مثلها
بعد الألف قبيلة من البربر» .
[3] ترجمته في «الفوائد البهية» ص (214) و «الشقائق النعمانية» ص
(76- 85) .
(9/532)
يقول: إذا أشكلت عليه مسألة لتعرض على
العقل السليم يريد به خواجه زاده، ثم تنقل في المدارس، مع الفقر
الشديد، وحفظ شرح المواقف، ثم جعله السلطان محمد [1] معلما لنفسه،
وقرأ عليه «تصريف العزّي» للزنجاني في الصرف، فكتب عليه حاشية
نفيسة، وتقرّب عند السلطان غاية القرب، إلى أن صار قاضيا للعسكر،
وكان والده وقتئذ في الحيف والاحتياج، فسار إلى ولده من برسا إلى
أدرنة، وخرج ولده للقائه ومعه علماء البلد وأشرافه، ونزل خواجه
زاده كه عن فرسه وعانقه، وعمل له ولإخوته ضيافة عظيمة، وجمع فيها
العلماء والأكابر، وجلس هو في صدر المجلس وولده [2] عنده وسائر
الأكابر جلوس على قدر مراتبهم، فلم يمكن إخوته الجلوس لازدحام
الأكابر، فقاموا مع الخدم [3] بعد ما كانوا فيه من الرفاهية وما هو
فيه من الفقر والاحتياج، فسبحان المانح لا مانع لما أعطى، ثم إن
السلطان محمد أعطاه تدريس سلطانية برسا وعيّن له كل يوم خمسين
درهما وهو إذ ذاك ابن ثلاث وثلاثين سنة، ثم أعطاه مدرسته
بقسطنطينية، وصنّف هناك كتاب «التهافت» بأمر السلطان، ثم استقضى
بمدينة أدرنة، ثم استفتي بمدينة قسطنطينية، ثم أعطي بمكر [4] من
الوزير قضاء أزنيق وتدريسها، فذهب إليها وترك القضاء، وبقي على
التدريس إلى أن مات السلطان محمد فأتى إلى قسطنطينية، ثم أعطاه
السلطان بايزيد سلطانية برسا، وعيّن له كل يوم مائة درهم، ثم أعطاه
فتيا برسا، وقد اختلت رجلاه ويده اليمنى، فكان يكتب باليد اليسرى،
وكتب «حاشيته [5] على شرح المواقف» بأمر السلطان بايزيد إلى أثناء
مباحث الوجود، ثم توفاه الله تعالى.
وله أيضا «حواش على شرح هداية الحكمة» لمولانا زاده، و «شرح على
الطوالع» و «حواش على التلويح» وغير ذلك.
وكان له ابنان اسم الكبير منهما شيخ محمد، كان فاضلا، عالما،
مدرّسا،
__________
[1] أقول: هو السلطان محمد الفاتح. (ع) .
[2] في «ط» : «ووالده» وهو خطأ.
[3] في «ط» : «مع الخدام» .
[4] في «ط» : «بكرم» .
[5] في «ط» : «حاشية» .
(9/533)
باشر التداريس والقضاء، وترك الكل، ورغب في
التصوف، ثم ذهب مع بعض العجم إلى بلاد العجم. وتوفي هناك سنة
اثنتين أو ثلاث وتسعمائة، وكان محقّقا مدقّقا.
واسم الأصغر منهما عبد الله، كان صاحب ذكاء وفطنة ومشاركة حسنة،
وتوفي وهو شاب، رحمهم الله تعالى.
(9/534)
سنة أربع وتسعين
وثمانمائة
فيها توفي الشريف أبو سعد بن بركات بن حسن بن عجلان [1] صاحب
الحجاز.
توفي في ربيع الثاني.
وفيها الشيخ عبد الله المشهور بحاجي خليفة [2] .
أصله من ولاية قصطموني، واشتغل بالعلوم الظاهرة أولا فأتقنها، ثم
اتصل بخدمة الشيخ تاج الدّين بن بخشي، وحصّل عنده طريقة الصوفية،
حتى أجازه بالإرشاد، وأقامه مقامه بعد وفاته.
وكان جامعا للعلوم والمعارف، متواضعا، متخشعا، صاحب أخلاق حميدة
وآثار سعيدة، مظهرا للخيرات، والبركات، صاحب كرامات، مرجعا للعلماء
والفضلاء، مربيا للفقراء والصلحاء آية في الكرم والفتوة، كثير
البشر، جميل الخلق والخلق.
وتوفي في سلخ جمادى الآخرة، رحمه الله تعالى.
وفيها المنصور عبد الوهاب بن داود [3] صاحب اليمن.
توفي في جمادى الأولى.
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (11/ 113) .
[2] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (147- 149) .
[3] ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 100) .
(9/535)
وفيها شمس الدّين محمد بن شهاب الدّين أحمد
بن عزّ الدّين عبد العزيز المرداوي الحنبلي [1] الأصيل العريق،
سليل الأعلام.
كان من فضلاء الحنابلة، بارعا في الفرائض، مستحضرا في الفقه
وأصوله، والحديث، والنحو، حافظا لكتاب الله تعالى. أذن له الشيخ
تقي الدّين بن قندس، والشيخ علاء الدّين المرداوي، والبرهان بن
مفلح بالإفتاء والتدريس، وولي القضاء ببلده مردا مدة.
وتوفي بصالحية دمشق يوم الخميس ثالث عشر ذي القعدة ودفن بالروضة
إلى جانب القاضي علاء الدّين المرداوي من جهة القبلة.
وفيها القاضي محبّ الدّين أبو اليسر محمد بن الشيخ فتح الدين محمد
بن الجليس المصري الحنبلي [2] .
ولد في حدود العشرين والثمانمائة ظنا، وكان والده من أعيان
الحنابلة بالقاهرة، وكان هو من أخصّاء القاضي بدر الدّين البغدادي،
وكان في ابتداء أمره يتجر، ثم احترف بالشهادة، وجلس في خدمة نور
الدّين الشيشيني المتقدم ذكره، وحفظ «مختصر الخرقي» . وقرأ على
العزّ الكناني وغيره، وأذن له القاضي عزّ الدّين المذكور في العقود
والفسوخ، ثم استخلفه في الحكم، واستمرّ على ذلك إلى أن توفي في أحد
الربيعين.
وفيها المتوكل على الله يحيى بن محمد بن مسعود بن عثمان بن محمد
[3] صاحب المغرب.
توفي في رجب.
__________
[1] ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (516) و «السحب الوابلة» ص
(346) .
[2] ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (516) .
[3] ترجمته في «الضوء اللامع» (10/ 258) .
(9/536)
سنة خمس وتسعين
وثمانمائة
فيها توفي السيد أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد
الحسيني الشّيرازي الأيجي [1] الإمام العالم.
توفي في جمادى الأولى عن إحدى وسبعين سنة.
وفيها عبيد الله بن محمد المدعو حافظ عبيد الأبيوردي [2] الإمام
العلّامة.
وفيها قاضي القضاة عبد الرحمن بن الكازروني الحنبلي [3] الإمام
العلّامة المقرئ المحدّث.
كان من أهل العلم ومشايخ القراءة، وله سند عال في الحديث الشريف.
ولي قضاء حماة مدة طويلة، ووقع له العزل والولاية، وكانت سيرته
حسنة، وللناس فيه اعتقاد.
توفي بحماة وقد جاوز الثمانين.
وفيها أمين الدّين أبو اليمن محمد بن محب الدّين أبي اليسر محمد
المنصوري المصري الحنبلي [4] .
اشتغل في ابتداء أمره على الشيخ جمال الدّين بن هشام، واحترف
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 333) .
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 116) وفيه: «عبيد الله بن عبد
الله ... » .
[3] ترجمته في «السحب الوابلة» ص (210) .
[4] ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 262) و «المنهج الأحمد» الورقة
(517) . وقال السخاوي:
«المنصوري: نسبة للمنصورية بالبيمارستان» .
(9/537)
بالشهادة، وأذن له البدر البغدادي في
العقود والفسوخ، وكذا العزّ الكناني، ثم فوّض إليه نيابة الحكم
فباشر في أيامه مدة طويلة، ثم استمرّ على ما هو عليه في أيام البدر
السعدي، وكان يباشر على أوقاف الحنابلة، وعنده استحضار في الفقه،
وخطّه حسن، وله معرفة تامة بمصطلح القضاء والشهادة. وكان يلازم
مجالس الأمراء بالديار المصرية لفصل الحكومات.
وتوفي بالقاهرة في أواخر السنة.
(9/538)
|