الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
أَبُو سُلَيْمَان الْجوزجَاني عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ قد بيّنت لكم

(1/1)


قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَوْلِي وَمَا لم يكن فِيهِ اخْتِلَاف فَهُوَ قَوْلنَا جَمِيعًا
// كتاب الصَّلَاة
//
- بَاب الْوضُوء
-
أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ إِذا أَرَادَ الرجل الصَّلَاة فَليَتَوَضَّأ وَالْوُضُوء أَن يبْدَأ فَيغسل يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ يمضمض فَاه ثَلَاثًا ثمَّ يستنشق ثَلَاثًا ثمَّ يغسل وَجهه ثَلَاثًا ثمَّ يغسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

(1/2)


ثمَّ يمسح بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مرّة وَاحِدَة ثمَّ يغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا
قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ مثنى مثنى قَالَ يجْزِيه قلت فان تَوَضَّأ وَاحِدَة سابغة قَالَ يجْزِيه
- بَاب الدُّخُول فِي الصَّلَاة
-
أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد قَالَ إِذا أَرَادَ الرجل الدُّخُول فِي الصَّلَاة كبر وَرفع يَدَيْهِ حذاء أُذُنَيْهِ ثمَّ يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك لَا إِلَه غَيْرك ويتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فِي نَفسه ثمَّ يفْتَتح الْقِرَاءَة ويخفي بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَإِن كَانَ إِمَامًا وَكَانَ فِي صَلَاة يجْهر فِيهَا بِالْقُرْآنِ جهر بِالْقُرْآنِ وَإِن كَانَ فِي صَلَاة

(1/3)


لَا يجْهر فِيهَا بِالْقُرْآنِ أسر وَقَرَأَ فِي نَفسه وَإِن كَانَ وَحده لَيْسَ بِإِمَام قَرَأَ فِي نَفسه إِن شَاءَ وَإِن كَانَ فِي صَلَاة يجْهر فِيهَا بِالْقُرْآنِ فَإِن شَاءَ جهر وأسمع أُذُنَيْهِ
وَالْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْقُرْآن وَسورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ يقْرَأ بِفَاتِحَة الْقُرْآن قلت فَإِن لم يقْرَأ فيهمَا أَو قَرَأَ فِي وَاحِدَة وَلم يقْرَأ فِي الْأُخْرَى قَالَ يجْزِيه وَالْقِرَاءَة فِي الْفجْر فِي كل رَكْعَة يقْرَأ بِفَاتِحَة الْقُرْآن وَسورَة وَالْإِمَام وَالَّذِي يُصَلِّي وَحده فِي ذَلِك سَوَاء فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع كبر وَركع وَوضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ وَفرق بَين أَصَابِعه وَبسط ظَهره وَلم ينكس رَأسه وَلم يرفعهُ فَإِذا اطْمَأَن رَاكِعا رفع رَأسه وَقَالَ سمع الله لمن حَمده ثمَّ يَقُول فِي نَفسه رَبنَا لَك الْحَمد فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِن كَانَ

(1/4)


إِمَامًا قَالَ من خَلفه رَبنَا لَك الْحَمد وَلَا يَقُولهَا هُوَ فِي قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَقُولهَا هُوَ وَمن وَخَلفه فَإِن كَانَ وَحده قَالَ رَبنَا لَك الْحَمد فِي قَوْلهم جَمِيعًا ثمَّ ينحط فيكبر وَيسْجد فَإِذا اطْمَأَن سَاجِدا رفع رَأسه وَكبر فَإِذا اطْمَأَن قَاعِدا سجد الْأُخْرَى وَكبر فَإِذا اطْمَأَن سَاجِدا رفع رَأسه وَكبر حَتَّى يفرغ من صلَاته وَيَقُول فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَفِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَأدنى مَا يَقُول من ذَلِك ثَلَاثًا ثَلَاثًا فِي كل رَكْعَة وَفِي كل سَجْدَة

(1/5)


قَالَ وبلغنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَفِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا
قلت أَرَأَيْت إِذا سجد يضع يَدَيْهِ فِي السُّجُود حذاء أُذُنَيْهِ وَيُوجه أَصَابِعه نَحْو الْقبْلَة ويعتمد على راحتيه ويبدي ضبعيه ويعتدل فِي سُجُوده وَلَا يفترش ذِرَاعَيْهِ قَالَ نعم قلت وينحط فِي السُّجُود وَهُوَ يكبر وَيرْفَع رَأسه إِذا رَفعه من السُّجُود وَهُوَ يكبر قَالَ نعم قلت ويستتم

(1/6)


قَائِما كَمَا هُوَ قَالَ نعم
قلت ويحذف التَّكْبِير حذفا وَلَا يطوله قَالَ نعم
قلت أفيستحب لَهُ إِذا نَهَضَ أَن ينْهض على صُدُور قَدَمَيْهِ إِذا رفع رَأسه من السُّجُود حَتَّى يستتم قَائِما وَلَا يقْعد قَالَ نعم يسْتَحبّ لَهُ ذَلِك
قلت وَكَيف يقْعد الرجل فِي الصَّلَاة إِذا قعد فِي الثَّانِيَة وَالرَّابِعَة قَالَ يفترش رجله الْيُسْرَى فيجعلها بَين أليتيه فيقعد عَلَيْهَا وَينصب الْيُمْنَى نصبا وَيُوجه أَصَابِع رجله الْيُمْنَى نَحْو الْقبْلَة قلت وَكَذَلِكَ إِذا سجد وَجه أَصَابِع رجلَيْهِ قبل الْقبْلَة قَالَ نعم
قلت وَيسْتَحب لَهُ أَن يعْتَمد بِيَدِهِ الْيُمْنَى على الْيُسْرَى وَهُوَ قَائِم فِي الصَّلَاة قَالَ نعم

(1/7)


قلت وتحب لَهُ أَن يكون مُنْتَهى بَصَره إِلَى مَوضِع سُجُوده وَلَا يلْتَفت وَلَا يعبث بِشَيْء قَالَ نعم
قلت أتكره لَهُ أَن يقعى فِي الصَّلَاة إقعاء قَالَ نعم قلت وَتكره لَهُ أَن يتربع فِي الصَّلَاة من غير عذر قَالَ نعم قلت وَتكره لَهُ أَن يلْتَفت أَو يقلب الْحَصَى أَو يفرقع أَصَابِعه أَو يعبث بِشَيْء من جسده

(1/8)


أَو ثِيَابه أَو يعبث بالحصى أَو بِشَيْء غير ذَلِك أَو يضع يَده على خاصرته وَهُوَ فِي الصَّلَاة قَالَ أكره هَذَا كُله قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْحَصَى لَا يُمكنهُ من السُّجُود قَالَ إِن سواهُ مرّة وَاحِدَة بِيَدِهِ فَلَا بَأْس بذلك وَتَركه أحب إِلَيّ قلت وَتكره أَن يمسح جَبهته من التُّرَاب بعد أَن يفرغ من صلَاته قَالَ لست أكره قلت فَإِن مسح جَبهته قبل أَن يفرغ من صلَاته قَالَ لَا أكره لَهُ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا قعد فِي الصَّلَاة فِي الثَّانِيَة وَالرَّابِعَة كَيفَ يتَشَهَّد قَالَ يَقُول التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَلَا يزِيد على هَذَا إِذا قعد فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة شَيْئا وَأما فِي الرَّكْعَة الرَّابِعَة فَإِذا فرغ من هَذَا دَعَا الله

(1/9)


عز وَجل وَسَأَلَهُ حَاجته قلت وَتكره لَهُ أَن يزِيد فِي التَّشَهُّد حرفا أَو يَبْتَدِئ بِشَيْء قبل هَذَا قَالَ نعم
قلت وَكَيف يسلم الرجل إِذا فرغ من صلَاته قَالَ يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله عَن يَمِينه وَعَن يسَاره مثل ذَلِك وَيَنْوِي بِالتَّسْلِيمِ الأول من كَانَ عَن يَمِينه من الْحفظَة وَالرِّجَال وَالنِّسَاء فِي

(1/10)


التسليمة الأولى وَعَن يسَاره مثل ذَلِك فَإِن كَانَ خلف الإِمَام سلم وَنوى مثل ذَلِك فَإِن كَانَ الإِمَام فِي جَانب الْأَيْمن نَوَاه فيهم وَكَذَلِكَ إِن كَانَ فِي الْجَانِب الْأَيْسَر فَإِنَّهُ ينويه فيهم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا صلى أتكره لَهُ أَن يُغطي فَاه وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ نعم قلت وَتكره للرجل أَن يُصَلِّي وَهُوَ معتجر أَو عاقص شعره قَالَ نعم أكره هَذَا كُله
قلت فَهَل يسْتَحبّ للرجل إِذا سجد أَن يضع رُكْبَتَيْهِ على الأَرْض قبل يَدَيْهِ وَإِذا رفع رَأسه فَقَامَ أَن يرفع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ قَالَ نعم
قلت ويخفي الإِمَام التَّشَهُّد والتعوذ قَالَ نعم قلت ويخفي بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وآمين واللهم رَبنَا لَك الْحَمد قَالَ نعم قلت وَيَنْبَغِي لَهُ إِذا فرغ من فَاتِحَة الْقُرْآن أَن يَقُول آمين قَالَ نعم قلت وَيَنْبَغِي لمن خَلفه أَن يقولوها ويخفوها قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَنفخ التُّرَاب عَن مَوضِع سُجُوده وَهُوَ نفخ

(1/11)


يسمع قَالَ هَذَا بِمَنْزِلَة الْكَلَام وَهُوَ يقطع الصَّلَاة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يقطع الصَّلَاة إِلَّا أَن يُرِيد بِهِ التأفيف وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يقطع صلَاته وَصلَاته تَامَّة قلت فَإِن كَانَ نفخا لَا يسمع قَالَ هَذَا قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد يتوشح بِهِ أَو فِي قَمِيص وَاحِد وَهُوَ صفيق هَل تكره لَهُ ذَلِك قَالَ لَا اكرهه وَلَا بَأْس بذلك قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ إِمَام قوم قَالَ نعم

(1/12)


قلت أفتكره للرجل أَن يكف ثِيَابه إِذا سجد ويرفعها أَو يرفع شعره قَالَ نعم أكره ذَلِك كُله
قلت وَترى إِذا سجد أَن يضع جَبهته وَأَنْفه على الأَرْض قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن وضع جَبهته وَلم يضع أَنفه أَو وضع أَنفه وَلم يضع جَبهته قَالَ قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِن سجد على أَنفه دون جَبهته وَهُوَ يقدر على السُّجُود على جَبهته لم يجزه وَإِن سجد على جَبهته دون أَنفه أجزاه ذَلِك
- بَاب افْتِتَاح الصَّلَاة وَمَا يصنع الإِمَام
-
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا صلى هَل يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من تَكْبِير الصَّلَاة حِين يرْكَع أَو حِين يسْجد أَو حِين يرفع رَأسه من الرُّكُوع أَو حِين يرفع رَأسه من السُّجُود قَالَ لَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الَّتِي يفْتَتح بهَا الصَّلَاة

(1/13)


قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا انْتهى إِلَى الإِمَام وَقد سبقه الإِمَام بِرَكْعَتَيْنِ وَالْإِمَام قَاعد كَيفَ يصنع هَذَا الرجل قَالَ يكبر تَكْبِيرَة يفْتَتح بهَا الصَّلَاة ثمَّ يكبر أُخْرَى فيقعد بهَا فَإِذا نَهَضَ الإِمَام نَهَضَ مَعَه وَكبر فَإِذا فرغ الإِمَام من صلَاته وَسلم قَامَ فَقضى مَا سبقه بِهِ الإِمَام
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة بالتهليل أَو بالتحميد أَو بالتسبيح هَل يكون ذَلِك دُخُولا فِي الصَّلَاة قَالَ نعم قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو افْتتح الصَّلَاة فَقَالَ الله أجل أَو الله أعظم أَكَانَ هَذَا دُخُولا فِي الصَّلَاة قلت نعم قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَإِبْرَاهِيم وَالْحكم بن عتيبة وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجْزِيه إِذا كَانَ

(1/14)


يعرف أَن الصَّلَاة تفتتح بالتكبيرة وَكَانَ يُحسنهُ وَإِن كَانَ لَا يعرف أجزاه
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن افْتتح الصَّلَاة بِالْفَارِسِيَّةِ وَقَرَأَ بهَا وَهُوَ يحسن الْعَرَبيَّة أجزاه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجْزِيه إِلَّا أَن يكون لَا يحسن الْعَرَبيَّة

(1/15)


قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة قبل الإِمَام ثمَّ كبر الإِمَام بعده فصلى الرجل بِصَلَاة الإِمَام قَالَ لَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ دخل فِي غير صَلَاة الإِمَام أَلا ترى أَنه قد أوجب الصَّلَاة على نَفسه وَدخل فِيهَا قبل أَن يُوجِبهَا الإِمَام على نَفسه قلت أَرَأَيْت إِن كبر بعد مَا كبر الإِمَام وَدخل مَعَه وَهُوَ يَنْوِي بذلك الدُّخُول فِي صَلَاة الإِمَام وَالْقطع لما كَانَ كبر قبله فصلى مَعَ الإِمَام قَالَ يجْزِيه قلت لم يكون التَّكْبِير قطعا للصَّلَاة وَلم يتَكَلَّم وَلم يسلم قَالَ لِأَنَّهُ قد دخل فِي

(1/16)


صَلَاة أُخْرَى غير الأولى أَلا ترى أَن رجلا لَو صلى تَطَوّعا وَتشهد فنسى أَن يسلم فَقَامَ فَكبر وَهُوَ يَنْوِي الدُّخُول فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة أَن ذَلِك قطع للتطوع وَدخُول فِي الْفَرِيضَة فَكَذَلِك الأول
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا فرغ من صلَاته أيقعد فِي مَكَانَهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ أَو يقوم قَالَ إِذا كَانَت صَلَاة الظّهْر أَو الْمغرب أَو الْعشَاء فإنني أكره لَهُ أَن يقْعد فِي مَقْعَده حِين يسلم وَأحب إِلَى أَن يقوم وَأما الْفجْر وَالْعصر فان شَاءَ قَامَ وَإِن شَاءَ قعد قلت أفيستقبل الْقَوْم بِوَجْهِهِ أَو ينحرف من مَكَانَهُ قَالَ إِن كَانَ بحذائه إِنْسَان يُصَلِّي شَيْئا بقى عَلَيْهِ من صلَاته فَلَا يستقبله بِوَجْهِهِ وَإِن لم يكن بحذائه أحد يُصَلِّي فَإِن شَاءَ انحرف وَإِن شَاءَ اسْتَقْبَلَهُمْ بِوَجْهِهِ قلت فَإِن أَرَادَ فِي الظّهْر

(1/17)


وَالْمغْرب وَالْعشَاء أَن يُصَلِّي تَطَوّعا أيصلي فِي مَكَانَهُ الَّذِي صلى بهم أَو يتَأَخَّر قَالَ بل يتَأَخَّر فَيصَلي خلف الْقَوْم أَو حَيْثُ أحب من الْمَسْجِد مَا خلا مَكَانَهُ الَّذِي يُصَلِّي بهم فِيهِ قلت فَالَّذِينَ خَلفه أيصلون فِي أمكنتهم الَّتِي صلوا فِيهَا أَو يتنحون قَالَ إِن فعلوا فَلَا بَأْس ويتنحون خطْوَة أَو خطوتين أحب إِلَى
قلت فَمَتَى يجب على الْقَوْم أَن يقومُوا فِي الصَّفّ قَالَ إِذا كَانَ الإِمَام مَعَهم فِي الْمَسْجِد فإنى أحب لَهُم أَن يقومُوا فِي الصَّفّ إِذا قَالَ الْمُؤَذّن حَيّ على الْفَلاح وَإِذا قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة كبر الإِمَام وَكبر الْقَوْم مَعَه وَأما إِذا لم يكن الإِمَام مَعَهم فِي الْمَسْجِد فإنني أكره

(1/18)


لَهُم أَن يقومُوا فِي الصَّفّ وَالْإِمَام غَائِب عَنْهُم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فَإِنَّهُ لَا يكبر حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة قلت أَرَأَيْت إِن أخر الإِمَام ذَلِك حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة ثمَّ كبر وَدخل فِي الصَّلَاة قَالَ لَا بَأْس بذلك
قلت أَرَأَيْت الرجل يتثاءب فِي الصَّلَاة أَتُحِبُّ أَن يُغطي فَاه قَالَ نعم أحب لَهُ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى بِقوم وَكَانَ على دكان يُصَلِّي بهم وَأَصْحَابه على الأَرْض قَالَ أكره لَهُم ذَلِك وصلاتهم تَامَّة قلت

(1/19)


وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الإِمَام على الأَرْض وَأَصْحَابه على الدّكان قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يؤمهم العَبْد أَو الْأَعرَابِي أَو الْأَعْمَى أَو ولد الزِّنَا قَالَ صلَاتهم تَامَّة قلت ويؤمهم غير هَؤُلَاءِ أحب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أمّهم فَاسق قَالَ صلَاتهم تَامَّة
قلت أَي الْقَوْم أحب إِلَيْك أَن يؤمهم قَالَ أقرأهم لكتاب الله تَعَالَى وأعلمهم بِالسنةِ قلت فَإِن كَانَ فِي الْقَوْم رجلَانِ أَو ثَلَاثَة كَذَلِك

(1/20)


قَالَ يؤمهم أكبرهم سنا قلت فَإِن كَانَ غَيره أورع مِنْهُ وَأبين صلاحا وهما بِالْقِرَاءَةِ وَالْفِقْه سَوَاء قَالَ يؤمهم أفضلهما ورعا وأبينهما صلاحا
قلت أفتكره للرجل أَن يؤم الرجل فِي بَيته قَالَ نعم بِغَيْر إِذْنه قلت فَإِن أذن لَهُ فِي ذَلِك قَالَ لَا بَأْس بذلك
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم إِذا كَانُوا ثَلَاثَة أحدهم الإِمَام كَيفَ يصنع قَالَ يتَقَدَّم الإِمَام فَيصَلي بهما قلت فَإِن لم يتَقَدَّم وَصلى بَينهمَا قَالَ

(1/21)


صلَاتهم تَامَّة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْقَوْم كثيرا فَقَامَ الإِمَام وَسطهمْ أَو قَامَ فِي ميمنة الصَّفّ أَو فِي ميسرته فصلى بهم قَالَ هَذَا قد أَسَاءَ وصلاتهم تَامَّة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام وَمَعَهُ رجل وَاحِد أَيْن يقوم الرجل قَالَ يقوم إِلَى جَانب الإِمَام الْأَيْمن قلت أَرَأَيْت إِن صلى خَلفه وَحده قَالَ صلَاته تَامَّة قلت أَرَأَيْت إِن صلى إِلَى جَانب الإِمَام الْأَيْسَر قَالَ قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يقوم

(1/22)


عَن يَمِين الإِمَام
- بَاب الْوضُوء وَالْغسْل من الْجَنَابَة
-
أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد قَالَ قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا أَرَادَ أَن يغْتَسل من الْجَنَابَة كَيفَ يغْتَسل قَالَ يبْدَأ فيفرغ على يَدَيْهِ المَاء فيغسلهما حَتَّى ينقيهما ثمَّ يفرغ بِيَمِينِهِ على شِمَاله فَيغسل فرجه حَتَّى ينقيه ثمَّ يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة كَمَا وصفت لَك وضوء الصَّلَاة غير رجلَيْهِ ثمَّ يفِيض المَاء على رَأسه ولحيته وعَلى سَائِر جسده فَيغسل ذَلِك كُله حَتَّى ينقيه ثمَّ يتَنَحَّى فَيغسل قَدَمَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن أَفَاضَ المَاء على

(1/23)


رَأسه وَسَائِر جسده ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَ يجْزِيه
قلت أدنى مَا يَكْفِي من المَاء فِي غسل الْجَنَابَة كم هُوَ قَالَ صَاع من مَاء قلت فكم أدنى مَا يَكْفِي فِي الْوضُوء من المَاء قَالَ مد من المَاء
قلت وَغسل الْمَرْأَة إِذا طهرت من حَيْضهَا وغسلها من الْجَنَابَة مثل غسل الرجل قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن اغْتَسَلت الْمَرْأَة وَلم تنقض شعر رَأسهَا إِلَّا أَن المَاء يبلغ الشّعْر قَالَ يجزيها
قلت أَرَأَيْت جنبا اغْتسل فانتضح من غسله شَيْء فِي إنائه هَل

(1/24)


يفْسد عَلَيْهِ ذَلِك المَاء قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا مِمَّا لَا يُسْتَطَاع الِامْتِنَاع مِنْهُ قلت أَرَأَيْت إِن أَفَاضَ المَاء على رَأسه أَو على سَائِر جسده أَو غسل فرجه فَجعل ذَلِك المَاء كُله يقطر فِي الْإِنَاء قَالَ هَذَا يفْسد المَاء وَلَا يجْزِيه أَن يتَوَضَّأ بذلك المَاء وَلَا يغْتَسل بِهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ فِي إِنَاء نظيف فَتَوَضَّأ رجل آخر بذلك الْوضُوء قَالَ لَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد تَوَضَّأ بذلك المَاء مرّة فَلَا يَجْزِي من تَوَضَّأ بِهِ بعده قلت أَرَأَيْت إِن لم يعد الْوضُوء

(1/25)


فصلى بِهِ يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَيسْتَقْبل الصَّلَوَات كلهَا
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَائِضًا شربت من مَاء أَو تَوَضَّأت بِهِ ففضل من ذَلِك المَاء فِي الْإِنَاء فَتَوَضَّأ بِهِ رجل قَالَ يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا المَاء طَاهِر قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي شرب أَو تَوَضَّأ جنبا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة الْحَائِض تدخل يَدهَا فِي الْحبّ أَو فِي إِنَاء فِيهِ مَاء هَل يتَوَضَّأ من ذَلِك المَاء أَو يشرب مِنْهُ قَالَ إِن لم يكن فِي يَدهَا قذر فَلَا بَأْس بذلك وَإِن كَانَ فِي يَدهَا قذر فَلَا يشرب مِنْهُ وَلَا يتَوَضَّأ بِهِ قلت وَكَذَلِكَ الْجنب قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت جنبا أَرَادَ أَن يغْتَسل فَأدْخل يَده فِي الْإِنَاء قبل أَن يغسلهَا ثمَّ اغْتسل بذلك المَاء هَل يجْزِيه قَالَ إِن لم يكن فِي يَده قذر اجزاه وَإِن كَانَ فِي يَده قذر لم يجزه

(1/26)


قلت أَرَأَيْت الرجل يَدْعُو بِالْوضُوءِ ليتوضأ أَو بِالْغسْلِ ليغتسل أَتُحِبُّ لَهُ أَن يذكر اسْم الله تَعَالَى حِين يَبْتَدِئ فِي ذَلِك قَالَ نعم قلت فَإِن ترك ذَلِك نَاسِيا أَو مُتَعَمدا قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يُؤْتى بِالْمَاءِ ليتوضأ بِهِ فيبزق أَو يمتخط فَيَقَع ذَلِك فِي إنائه ثمَّ يتَوَضَّأ بِهِ وَيُصلي قَالَ لَا بَأْس بذلك وَصلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت إِن شرب من إنائه سنور أيتوضأ بِهِ وَيُصلي قَالَ أحب إِلَى أَن يتَوَضَّأ بِغَيْرِهِ قلت فَإِن فعل وَصلى قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت إِن شربت من إنائه دجَاجَة هَل يتَوَضَّأ مِنْهُ قَالَ إِن كَانَت الدَّجَاجَة مخلا عَنْهَا فإنني أكره لَهُ أَن يتَوَضَّأ بِهِ وَإِن كَانَت محبوسة فَلَا بَأْس أَن يتَوَضَّأ بِهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت مخلا عَنْهَا

(1/27)


فَشَرِبت مِنْهُ فَتَوَضَّأ بفضلها فصلى قَالَ يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم ير فِي منقارها قذرا فَهُوَ يجْزِيه وَأحب إِلَيّ أَن يتَوَضَّأ بِغَيْرِهِ قلت أَرَأَيْت إِن رأى فِي منقارها قذرا فَشَرِبت مِنْهُ هَل يتَوَضَّأ بِهِ قَالَ لَا قلت فَإِن فعل وَصلى قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت أَن شرب من إنائه طير أَو شَاة أَو بقرة أَو بعير أَو فرس أَو برذون أَو شَيْء مِمَّا يُؤْكَل لَحْمه هَل يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَوَضَّأ بِفضل ذَلِك المَاء قَالَ نعم لَا بَأْس بِهِ قلت أَرَأَيْت إِن شرب مِنْهُ شَيْء لَا يُؤْكَل لَحْمه مثل الْحمار أَو الْبَغْل أَو شبه ذَلِك قَالَ لَا يتَوَضَّأ مِنْهُ قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ مِنْهُ وَصلى بذلك الْوضُوء يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء والصلوات كلهَا
قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِي إنائه ذُبَاب أَو زنبور أَو عقرب أَو خنفساء أَو جَراد أَو نمل أَو صراصر فَمَاتَ فِيهِ أَو وجد ذَلِك فِي الْجب مَيتا

(1/28)


هَل يفْسد ذَلِك المَاء قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دم فَلَا بَأْس بِالْوضُوءِ مِنْهُ وَكَذَلِكَ كل شَيْء لَيْسَ لَهُ دم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِي إنائه شَيْء من خمر أَو دم أَو بَوْل أَو عذرة أَو وَقع ذَلِك فِي الْجب وَهُوَ قَلِيل أَو كثير هَل يتَوَضَّأ أَو يشرب من ذَلِك المَاء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ وَصلى أَيَّامًا قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء والصلوات كلهَا

(1/29)


قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِي وضوئِهِ لعاب مَا يُؤْكَل لَحْمه أَو وَقع فِي الْجب قَالَ أما اللعاب فَلَيْسَ يفْسد المَاء وَلَا بَأْس أَن يتَوَضَّأ بِهِ وَيشْرب مِنْهُ
قلت أَرَأَيْت إِن وَقع بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه فِي الْإِنَاء أَو فِي الْجب قَالَ هَذَا فَاسد وَهُوَ يفْسد المَاء قلت فَإِن تَوَضَّأ بذلك المَاء وَصلى قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد مَا أكلت لَحْمه فَلَا بَأْس ببوله وَإِن وَقع فِي مَاء لم يفْسد حَتَّى يغلب على المَاء فَإِذا غلب على المَاء فَلم يتَوَضَّأ بِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس بِشرب بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه مثل النَّاقة وَشبههَا وبولها يفْسد المَاء وَإِن كَانَ قَلِيلا وَقَالَ مُحَمَّد لَا بَأْس بشربه فَلَيْسَ يفْسد المَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ فَبَدَأَ برجليه قبل ذِرَاعَيْهِ أَو بذراعيه قبل وَجهه أَو مسح رَأسه قبل أَن يغسل وَجهه أَو ترك بعض أَعْضَائِهِ حَتَّى جف مَا قد غسل أَو فعل ذَلِك فِي غسله ثمَّ غسل مَا بَقِي قَالَ

(1/30)


يجْزِيه غسله ووضوؤه تَامّ وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن يَبْتَدِئ بيدَيْهِ ثمَّ بِوَجْهِهِ ثمَّ بذراعيه ثمَّ يمسح بِرَأْسِهِ ثمَّ يغسل قَدَمَيْهِ
قلت الْإِنَاء يَقع فِيهِ خرء عُصْفُور أَو خرء حمام قَالَ يلقيه من الْإِنَاء ثمَّ يتَوَضَّأ بِهِ قلت فَإِن وَقع فِيهِ خرء دجَاجَة قَالَ لَا يتَوَضَّأ بِهِ قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ بِهِ وَصلى يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ يُعِيد الْوضُوء والصلوات كلهَا
قلت أَرَأَيْت الْإِنَاء تشرب مِنْهُ الْفَأْرَة أَو الْحَيَّة أَو الوزغة هَل يتَوَضَّأ بِهِ قَالَ لَا قلت فَإِن تَوَضَّأ بِهِ وَصلى قَالَ صلَاته تَامَّة وَقد أَسَاءَ
قلت أَرَأَيْت السَّبع من السبَاع أَو الْكَلْب يشرب من الْإِنَاء

(1/31)


قَالَ لَا يتَوَضَّأ بِهِ قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ بِهِ وَصلى يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ يُعِيد الْوضُوء والصلوات كلهَا
قلت أَرَأَيْت الْإِنَاء يَقع فِيهِ بَوْل الخفافيش أَو وَقع فِيهِ شَيْء من البعوض أَو البراغيث قَالَ لَا بَأْس بِالْوضُوءِ من ذَلِك المَاء قلت لم وَهَذَا لَهُ دم قَالَ دم هَذَا لَيْسَ بِشَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن شرب من إنائه من الطير مِمَّا لَا يُؤْكَل لَحْمه قَالَ أكره لَهُ أَن يتَوَضَّأ بِهِ قلت فَإِن تَوَضَّأ بِهِ وَصلى قَالَ يجْزِيه ذَلِك قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالسِّبَاع الَّتِي لَا يُؤْكَل لَحمهَا قَالَ أما فِي الْقيَاس فهما سَوَاء وَلَكِنِّي أستحسن فِي هَذَا أَلا ترى أَنِّي أكره سُؤْر الدَّجَاجَة وَلَا آمره أَن يُعِيد مِنْهُ الْوضُوء وَالصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن شرب من إنائه باز أَو صقر قَالَ أكره الْوضُوء مِنْهُ وَإِن تَوَضَّأ أجزاه
قلت أَرَأَيْت الْجب تَمُوت فِيهِ السَّمَكَة أَو الضفدع أَو السرطان هَل ترى بالشرب وبالوضوء مِنْهُ بَأْسا قَالَ لَا بَأْس بِالْوضُوءِ وَالشرب مِنْهُ قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا يعِيش فِي المَاء ويسكنه أَلا ترى أَنه لَا بَأْس بِأَكْل السَّمَكَة حِين مَاتَت فِي الْجب لِأَنَّهَا ذكية

(1/32)


قلت أَرَأَيْت لعاب مَا يُؤْكَل لَحْمه من الدَّوَابّ يَقع فِي الْإِنَاء أيتوضأ بِهِ قَالَ لَا قلت فَإِن تَوَضَّأ بِهِ وَصلى قَالَ يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ السبَاع قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْفَأْرَة أَو العصفور يَمُوت فِي الْبِئْر أَو الْجب فَيخرج مِنْهُمَا سَاعَة مَاتَت أيتوضأ من الْبِئْر أَو الْجب أَو يشرب مِنْهُمَا قَالَ لَا حَتَّى ينزف مِنْهَا عشرُون دلوا أَو ثَلَاثُونَ وَأما فِي الْجب فيهراق المَاء كُله وَلَا يشرب مِنْهُ وَلَا يتَوَضَّأ مِنْهُ قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ قبل ذَلِك من الْبِئْر أَو من الْجب فصلى أَيَّامًا بذلك الْوضُوء قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء والصلوات كلهَا قلت فَإِن وَقع فِيهِ دجَاجَة أَو سنور فَمَاتَتْ فأخرجت مِنْهَا سَاعَة مَاتَت قَالَ ينزف مِنْهَا أَرْبَعُونَ أَو خَمْسُونَ

(1/33)


دلوا قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِيهَا شَاة أَو بقرة قَالَ ينزف مَاء الْبِئْر كُله إِلَّا أَن يَغْلِبهُمْ المَاء قلت فَإِن كَانَ الَّذِي ذكرت لَك قد انتفخ أَو تفسخ فِيهَا أَو تقطع فِيهَا قَالَ ينزف مَاء الْبِئْر كُله حَتَّى يَغْلِبهُمْ المَاء
قلت أَرَأَيْت صَبيا بَال فِي بِئْر أَو وَقعت فِيهَا عذرة أَو وَقع فِيهَا جنب فاغتسل فِيهَا قَالَ عَلَيْهِم أَن ينزفوا مَاء الْبِئْر كُله قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ رجل من تِلْكَ الْبِئْر وَصلى بذلك الْوضُوء يَوْمًا ثمَّ وجد فِيهَا من اللَّيْل دجَاجَة ميتَة لم تتفسخ بعد أَو علم أَن الصَّبِي قد كَانَ بَال فِيهَا قبل ذَلِك أَو جنب وَقع فِيهَا فاغتسل قَالَ على الرجل أَن يُعِيد الْوضُوء والصلوات كلهَا

(1/34)


قلت فَإِن كَانَت الدَّجَاجَة أَو غير ذَلِك قد انتفخت وَإِنَّمَا كَانَ وضوء ذَلِك الرجل من تِلْكَ الْبِئْر وَلَا يعلم مَتى وَقعت فِيهَا الدَّجَاجَة إِلَّا أَنهم وجدوها منتفخة قَالَ على من تَوَضَّأ من ذَلِك المَاء وَصلى أَن يُعِيد الْوضُوء وَيُعِيد صَلَاة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن قلت وَلم وَهُوَ لَا يعلم مَتى وَقعت قَالَ أستحسن ذَلِك وآخذ بالثقة لِأَنَّهَا صَلَاة وَأَن يُصَلِّي الرجل شَيْئا قد صلاه وَفرغ مِنْهُ أحب إِلَيّ من أَن يتْرك شَيْئا وَاجِبا عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ من عجين قد عجن بذلك المَاء قَالَ أكره لَهُم أكله قلت فَإِن كَانَ قد غسل بذلك المَاء ثوب قَالَ آمُرهُم أَن يُعِيدُوا غسله بِمَاء نظيف
قلت فَإِن كَانَ الَّذِي أصَاب الثَّوْب أَكثر من قدر الدِّرْهَم الْكَبِير

(1/35)


المثقال وَقد صلى فِيهِ يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد مَا صلى فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى

(1/36)


أَن يجْزِيه الْوضُوء وَالصَّلَاة وَلَا بَأْس بذلك الْعَجِين أَن يَأْكُلهُ وَلَا يغسل ثَوْبه حَتَّى يعلم أَن ذَلِك كُله كَانَ بَعْدَمَا مَاتَت فِي الْبِئْر وَهُوَ قَول مُحَمَّد قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الَّذِي أصَاب ثَوْبه أقل من قدر الدِّرْهَم وَقد صلى فِيهِ قَالَ لَا يُعِيد الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ رَوْث مَا يُؤْكَل لَحْمه وبوله قَالَ نعم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة الروث كُله سَوَاء وروث الْحمار وَالْفرس إِذا أصَاب الثَّوْب مِنْهُ أَو النَّعْل أَكثر من قدر الدِّرْهَم لم تجز الصَّلَاة فِيهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد تجزى الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا أَن يكون كثيرا فَاحِشا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة بَوْل الْحمار إِذا كَانَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم يفْسد وَبَوْل الْفرس لَا يفْسد إِلَّا أَن يكون كثيرا فَاحِشا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد فِي بَوْل الْحمار مثل قَوْلهمَا وَأما فِي بَوْل الْفرس فَلَا يفْسد فِي قَول مُحَمَّد وَإِن كَانَ كثيرا فَاحِشا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي أخثاء الْبَقر وخرء الدَّجَاج مثل السرقين

(1/37)


يفْسد مِنْهُ أَكثر من قدر الدِّرْهَم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد مثل ذَلِك فِي خرء الدَّجَاجَة خَاصَّة وَقَالَ مُحَمَّد الْكثير الْفَاحِش الرّبع فَصَاعِدا
قلت وَلَا ترى بَأْسا بلعاب مَا يُؤْكَل لَحْمه وَهُوَ كثير فَاحش قَالَ لَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانَ كثيرا فَاحِشا وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء الْكثير الْفَاحِش شبر فِي شبر قلت وَكَذَلِكَ بَوْله إِذا أصَاب الثَّوْب قَالَ نعم مَا لم يكن كثيرا فَاحِشا فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يفْسد بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه يُصِيب الثَّوْب وَإِن كَانَ كثيرا فَاحِشا
قلت أَرَأَيْت البئرين تَكُونَانِ فِي الْحُجْرَة أَحدهمَا بالوعة يهراق فِيهَا الْبَوْل وَالْوُضُوء وَالْأُخْرَى يستقى مِنْهَا المَاء كم أدنى مَا يكون بَينهمَا قَالَ خَمْسَة أَذْرع قلت فَإِن كَانَ بَينهمَا أقل من ذَلِك وَلَا يُوجد فِي المَاء طعم نَتن وَلَا لون شَيْء وَلَا رِيحه قَالَ لَا بَأْس بِالْوضُوءِ مِنْهُ قلت فَإِن كَانَ بَينهمَا سَبْعَة أَذْرع أَو اكثر من ذَلِك وَقد يُوجد طعم

(1/38)


الْبَوْل مِنْهَا وريحه قَالَ لَا خير فِي الْوضُوء مِنْهَا قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ مِنْهَا إِنْسَان وَصلى قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل وَالْمَرْأَة يغتسلان من إِنَاء وَاحِد من الْجَنَابَة قَالَ لَا بَأْس بذلك
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَائِضًا طهرت فاغتسلت فَبَقيَ من غسلهَا أقل من مَوضِع الدِّرْهَم كَيفَ تصنع قَالَ تغسل ذَلِك الْمَكَان وَإِن كَانَت صلت قبل أَن تغسله فعلَيْهَا أَن تعيد الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ الْجنب قَالَ نعم

(1/39)


قلت أَرَأَيْت رجلا جنبا اغْتسل فنسى الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق ثمَّ دخل فِي الصَّلَاة فصلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ضحك كَيفَ يصنع قَالَ عَلَيْهِ أَن يتمضمض ويستنشق وَيُعِيد الصَّلَاة وَلَا يُعِيد الْوضُوء قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي صَلَاة لَو تمّ عَلَيْهَا لم تجزه فَإِذا ضحك فِيهَا لم يكن عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء قلت أَرَأَيْت إِن نسى الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق فِي الْوضُوء فصلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ضحك قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَيسْتَقْبل الصَّلَاة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَو تمّ على صلَاته أجزاه ذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا جنبا اغْتسل فبقى من جسده قدر مَوضِع الدِّرْهَم لم يصبهُ المَاء ثمَّ صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ضحك قَالَ عَلَيْهِ أَن يغسل ذَلِك الْمَكَان الَّذِي لم يصبهُ المَاء وَيسْتَقْبل الصَّلَاة وَلَا يُعِيد الْوضُوء قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ونسى أَن يمسح بِرَأْسِهِ ثمَّ صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ضحك قَالَ عَلَيْهِ أَن يمسح بِرَأْسِهِ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة وَلَا يُعِيد الْوضُوء

(1/40)


قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ونسى الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق أَو كَانَ جنبا فنسى الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق ثمَّ صلى قَالَ أما مَا كَانَ فِي الْوضُوء فَصلَاته تَامَّة وَأما مَا كَانَ فِي غسل الْجَنَابَة أَو طهر حيض فَإِنَّهُ يتمضمض ويستنشق وَيُعِيد الصَّلَاة قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ هما فِي الْقيَاس سَوَاء إِلَّا أَنا نَدع الْقيَاس للآثر الَّذِي جَاءَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قلت فَإِن نسى مسح الرَّأْس فِي الْوضُوء فصلى قَالَ عَلَيْهِ أَن يمسح بِرَأْسِهِ وَيُعِيد الصَّلَاة قلت لم أَمرته فِي هَذَا بِإِعَادَة الصَّلَاة وَلم تَأمره فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق قَالَ لِأَن مسح الرَّأْس فَرِيضَة فِي كتاب الله تَعَالَى وَلَيْسَت

(1/41)


الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق مثله
قلت فَإِن نسي أَن يمسح رَأسه وَكَانَ فِي لحيته مَاء فَأخذ مِنْهُ فَمسح بِهِ رَأسه قَالَ لَا يجْزِيه لِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ أَن يَأْخُذ مَاء فيمسح بِهِ رَأسه لِأَنَّهُ وَاجِب عَلَيْهِ وَقَالَ سُفْيَان يجْزِيه قلت فَإِن كَانَ فِي كَفه بَلل فَمسح بِهِ رَأسه قَالَ هَذَا يجْزِيه وَهَذَا بِمَنْزِلَة مَا لَو أَخذ من الْإِنَاء مَاء فَمسح بِهِ أَلا ترى أَنه أَيْضا يصل إِلَى الرَّأْس مِنْهُ البلل فَلَا أُبَالِي من يَدَيْهِ كَانَ أَو من الْإِنَاء وَأما مَا كَانَ على اللِّحْيَة فَإِنَّهُ مَاء قد تَوَضَّأ بِهِ مرّة فَلَا يجْزِيه أَن يتَوَضَّأ بِهِ ثَانِيَة
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح رَأسه بإصبع وَاحِدَة أَو بإصبعين قَالَ لَا يجْزِيه وَقَالَ زفر يجْزِيه قلت فَإِن مسح رَأسه بِثَلَاث أَصَابِع قَالَ هَذَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ مسح بِالْأَكْثَرِ من أَصَابِعه أَلا ترى أَنه لَو مَسحه بكفه كُله إِلَّا إصبعا وَاحِدَة أَو بعض إِصْبَع أَنه يجْزِيه وَلكنه أفضل أَن يمسح بكفيه كليهمَا وَكَذَلِكَ إِذا مسح بِثَلَاث

(1/43)


أَصَابِع
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ شعره طَويلا يَقع على مَنْكِبَيْه فَمسح مَا تَحت أُذُنَيْهِ وَمَا على مَنْكِبَيْه قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن مسح مَا فَوق مَنْكِبَيْه وَأُذُنَيْهِ قَالَ هَذَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَن مَا تَحت الْأُذُنَيْنِ لَيْسَ من الرَّأْس وَمَا فَوق الْأُذُنَيْنِ من الرَّأْس
قلت أَرَأَيْت الْأُذُنَيْنِ يغسل مقدمهما مَعَ الْوَجْه وَيمْسَح مؤخرهما مَعَ الرَّأْس أَو يمسحهما قَالَ أَي ذَلِك فعل فَحسن وَأحب إِلَيّ أَن يمسحهما مَعَ الرَّأْس لِأَن الْأُذُنَيْنِ عندنَا من الرَّأْس مَا أقبل مِنْهُمَا وَمَا أدبر بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الأذنان من الرَّأْس

(1/44)


قلت أَرَأَيْت إِن مسح رَأسه وَلم يمسح أُذُنَيْهِ قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن مسح أُذُنَيْهِ وَلم يمسح رَأسه قَالَ لَا يجْزِيه ذَلِك قلت فقد تركت قَوْلك قَالَ آخذ فِي الْأُذُنَيْنِ بالاستحسان وآخذ فِي الرَّأْس بالثقة

(1/45)


قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ثمَّ جز شعره أَو نتف إبطه أَو قصّ أَظْفَاره أَو أَخذ من شَاربه هَل يمسح شَيْئا من ذَلِك قَالَ لَا لِأَن هَذَا طهُور ونظافة وَلَو كَانَ هَذَا ينْقض بعض الْوضُوء نقضه كُله هَل رَأَيْت شَيْئا ينْقض بعض الْوضُوء دون بعض وَهَذَا الَّذِي أَخذ من شَاربه وقص أَظْفَاره ونتف إبطه وَافق السّنة وازداد طهُورا فَلَا يجب عَلَيْهِ الْوضُوء فِيمَا صنع
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ مس ذكره فِي الصَّلَاة أَو فِي غير الصَّلَاة هَل ينْقض ذَلِك وضوءه وَهل يجب عَلَيْهِ غسل يَدَيْهِ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ نظر إِلَى امْرَأَته من شَهْوَة

(1/46)


وَلم يمذ هَل يجب عَلَيْهِ الْوضُوء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن نظر إِلَى الْفرج قَالَ وَإِن نظر إِلَى الْفرج قلت أَرَأَيْت إِن نظر إِلَى الْفرج فأمنى أَو أمذى أَو أودى قَالَ أما إِذا أمنى وَجب عَلَيْهِ الْغسْل وَأما إِذا أمذى أَو أودى فَإِن عَلَيْهِ الْوضُوء وَلَا غسل عَلَيْهِ
قلت وَمَا المنى والودى والمذى قَالَ أما المنى فَهُوَ خاثر أَي بِهِ غلظ أَبيض ينكسر مِنْهُ الذّكر وَأما المذى فَهُوَ رَقِيق الى الْبيَاض مَا هُوَ وَأما الودى فَهُوَ رَقِيق يَجِيء بعد الْبَوْل
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ قبل امْرَأَته من شَهْوَة أَو لمسها لشَهْوَة أَو لمس فرجهَا لشَهْوَة هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا

(1/47)


قلت فَإِن بَاشَرَهَا لشَهْوَة وَلَيْسَ بَينهمَا ثوب وانتشر لَهَا قَالَ أما هَذَا فينقض وضوءه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا وضوء عَلَيْهِ حَتَّى يخرج مِنْهُ مذي أَو غير ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يُجَامع أَهله دون الْفرج وَلَا ينزل وَلَكِن يخرج مِنْهُ الودى أَو المذى قَالَ عَلَيْهِ الْوضُوء وَلَا غسل عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن التقي الختانان وتوارت الْحَشَفَة قَالَ هَذَا يجب عَلَيْهِ الْغسْل

(1/48)


قلت أَرَأَيْت رجلا احْتَلَمَ وَلم ينزل شَيْئا وَلم ير شَيْئا قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ غسل قلت فَإِن علم أَنه لم يَحْتَلِم وَلكنه اسْتَيْقَظَ فَوجدَ على فرَاشه مذيا أَو فِي فخده وَقد رأى رُؤْيا أَو لم ير قَالَ هَذَا يجب عَلَيْهِ الْغسْل أخذا بالثقة فِي ذَلِك قلت فَإِن كَانَ لم ير مذيا وَلكنه أودى فِي رُؤْيَاهُ قَالَ هَذَا بَوْل وَلَيْسَ عَلَيْهِ غسل وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا غسل عَلَيْهِ حَتَّى يستيقن أَنه قد احْتَلَمَ قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة أَهِي فِي الِاحْتِلَام بِمَنْزِلَة الرجل قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تصيبها الْجَنَابَة ثمَّ تحيض قبل أَن تَغْتَسِل هَل عَلَيْهَا غسل الْجَنَابَة قَالَ إِن شَاءَت اغْتَسَلت وَإِن شَاءَت لم تَغْتَسِل حَتَّى تطهر
قلت أَرَأَيْت الْجنب وَالْحَائِض يعرقان فِي الثَّوْب هَل يغسل ذَلِك الثَّوْب أَو ينضح بِالْمَاءِ قَالَ لَا

(1/49)


قلت أَرَأَيْت الْحَوْض تقع فِيهِ الجيفة هَل يتَوَضَّأ مِنْهُ أَو يشرب مِنْهُ قَالَ إِن كَانَ حوضا صَغِيرا يخلص بعضه إِلَى بعض فَلَا يتَوَضَّأ مِنْهُ وَلَا يشرب مِنْهُ إِلَّا أَن يخَاف الرجل على نَفسه فِي الْعَطش فيشرب مِنْهُ وَأما الْوضُوء فَلَا يتَوَضَّأ مِنْهُ وَإِن كَانَ الْحَوْض كَبِيرا لَا يخلص بعضه إِلَى بعض فَلَا بَأْس أَن يتَوَضَّأ من نَاحيَة أُخْرَى وَيشْرب مِنْهُ قلت

(1/50)


وَكَذَلِكَ لَو بَال فِيهِ إِنْسَان أَو اغْتسل فِيهِ جنب أَو ألقِي فِيهِ عذرة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْحَوْض الَّذِي يخَاف أَن يكون فِيهِ قذر وَلَا يستيقن ذَلِك هَل يشرب مِنْهُ وَيتَوَضَّأ مِنْهُ قبل أَن يسْأَل عَنهُ قَالَ نعم يشرب مِنْهُ وَيتَوَضَّأ مِنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسْأَل عَنهُ وَلَا يدع الشّرْب مِنْهُ وَلَا الْوضُوء حَتَّى يستيقن أَنه قذر قلت أَرَأَيْت المَاء يكون فِي الطَّرِيق فِي حَوْض وَقد أنتن وَلَيْسَ فِيهِ جيفة هَل يتَوَضَّأ مِنْهُ وَيشْرب مِنْهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت جنبا وَقع فِي نهر فانغمس فِيهِ انغماسة وَاحِدَة وتمضمض

(1/51)


واستنشق وَأبقى الْفرج وَغسل كل شَيْء مِنْهُ مرّة وَاحِدَة قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ فنسى أَن يمسح بِرَأْسِهِ فَأصَاب رَأسه مَاء الْمَطَر فَأصَاب من ذَلِك مِقْدَار ثَلَاث أَصَابِع فمسحه بِهِ قَالَ يجْزِيه من مسح الرَّأْس
قلت أَرَأَيْت جنبا قَامَ فِي الْمَطَر الشَّديد متجردا فاغتسل بِمَا أَصَابَهُ من الْمَطَر وتمضمض واستنشق وَغسل فرجه قَالَ يجْزِيه غسله
قلت أَرَأَيْت جنبا وَقع فِي بِئْر فاغتسل فِيهَا قَالَ قد أفسد مَاء الْبِئْر وَلَا يجْزِيه غسله قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ حِين وَقع فِي الْبِئْر فقد أفسد المَاء كُله وَإِنَّمَا اغْتسل بِمَاء قذر فَلَا يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت الرجل يسئل عَن الْوضُوء فيتوضأ وضوءه للصَّلَاة يُرِيد بذلك تَعْلِيم الرجل الَّذِي سَأَلَهُ هَل يجْزِيه وضوؤه

(1/52)


للصَّلَاة وَلم ينْو بِهِ الْوضُوء حِين تَوَضَّأ قَالَ نعم قلت لم وَلم يرد بِهِ الصَّلَاة وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يعلم الرجل الَّذِي سَأَلَ عَنهُ قَالَ إِذا تَوَضَّأ وَأَرَادَ بِهِ الصَّلَاة أَو لم يرد بِهِ فَإِنَّهُ يجْزِيه من وضوئِهِ أَلا ترى أَن جنبا لَو اغْتسل وَهُوَ نَاس للجنابة لَا يُرِيد بذلك غسل الْجَنَابَة أَن ذَلِك يجْزِيه من غسل الْجَنَابَة فَكَذَلِك هَذَا الَّذِي تَوَضَّأ وَلَا أُبَالِي نوى بِهِ الْغسْل أَو لم ينْو
قلت أَرَأَيْت الرجل يتَوَضَّأ ثمَّ يمسح الْوَجْه بالمنديل قَالَ لَا بَأْس بذلك قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو اغْتسل فِي لَيْلَة بَارِدَة أَكَانَ يقوم عُريَانا حَتَّى يجِف قلت لَا قَالَ فَلَا بَأْس بِأَن يمسح بالمنديل ويتمسح فِي ثوب من الْجَنَابَة وَالْوُضُوء
قلت أَرَأَيْت الْجنب أتكره لَهُ أَن ينَام أَو يعاود أَهله قبل أَن يتَوَضَّأ قَالَ لَا بَأْس بذلك إِن شَاءَ تَوَضَّأ وَإِن شَاءَ لم يتَوَضَّأ وَقد

(1/53)


بلغنَا أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصِيب من أَهله وينام وَلم يصب مَاء ثمَّ يقوم فَإِن شَاءَ أعَاد وَإِن شَاءَ اغْتسل قلت فَإِن أَرَادَ أَن يَأْكُل كَيفَ يصنع قَالَ يغسل يَدَيْهِ ويتمضمض ثمَّ يَأْكُل قلت فَإِن كَانَت يَدَاهُ نظيفتين فَأكل وَلم يغسلهما قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك وَلَكِن الأحب إِلَى أَن يغسلهما ويتمضمض قلت وَلم لَا يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة قَالَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْء قلت أَرَأَيْت الْحَائِض أتتوضأ وضوءها للصَّلَاة كُله إِذا أَرَادَت أَن تَأْكُل قَالَ لَا قلت فالمرأة مثل الرجل أَو أَشد حَالا قَالَ لَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا أَن يتَوَضَّأ وَلكنه يغسل يَدَيْهِ ويتمضمض إِن شَاءَ

(1/54)


قلت أَرَأَيْت الرجل تنكسر يَده فَتكون عَلَيْهَا الجبائر فيتوضأ للصَّلَاة أيجزيه أَن يمسح على الجبائر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بِهِ قرحَة أَو جرح فَمسح فَوق الْخِرْقَة الَّتِي على الْجرْح قَالَ نعم يجْزِيه ذَلِك وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْجرْح فِي مَوضِع الْوضُوء فَإِن لم يكن مَوضِع الْوضُوء فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يمسح عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت بِهِ جِرَاحَة وَهُوَ يخَاف على نَفسه أَن يمسح عَلَيْهَا قَالَ إِذا خَافَ على نَفسه أَن يمسح عَلَيْهَا فَلم يمسح عَلَيْهَا أجزاه
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْجراحَة فِي جَانب رَأسه وَهُوَ يقدر على أَن يمسح بَقِيَّة رَأسه وَلَا يضرّهُ قَالَ فليمسح مَا بَقِي من رَأسه قلت فَإِن لم يفعل وَصلى هَكَذَا أَيَّامًا من غير أَن يمسح على بَقِيَّة رَأسه قَالَ عَلَيْهِ أَن يمسح على بَقِيَّة رَأسه وَيُعِيد الصَّلَوَات كلهَا
قلت أَرَأَيْت إِن أجنب فاغتسل فَمسح بِالْمَاءِ على الجبائر الَّتِي على يَدَيْهِ أَو لم يمسح لِأَنَّهُ يخَاف على نَفسه أَن يمسح قَالَ يجْزِيه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن ترك الْمسْح على الجبائر وَلَا يضرّهُ ذَلِك لم يجزه فَإِن صلى

(1/55)


هَكَذَا أَيَّامًا أعَاد مَا كَانَ صلى حَتَّى يمسح عَلَيْهَا فَإِن مسح عَلَيْهَا وَدخل فِي الصَّلَاة ثمَّ سَقَطت الجبائر عَنهُ من غير برْء مضى فِي صلَاته وَلَا يشبه هَذَا الْمسْح على الْخُفَّيْنِ
قلت أَرَأَيْت الرجل ينكسر ظفره فَيجْعَل عَلَيْهِ الدَّوَاء أَو العلك فيتوضأ وَقد أَمر أَن لَا يَنْزعهُ عَنهُ قَالَ يجْزِيه قلت وَإِن لم يخلص المَاء إِلَيْهِ قَالَ وَإِن لم يخلص المَاء إِلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ تقيأ مُتَعَمدا أَو غير متعمد أَو قلس قَالَ إِذا كَانَ ذَلِك ملْء فِيهِ أَو أَكثر من ذَلِك أعَاد الْوضُوء وَإِن كَانَ القلس أقل من ملْء فِيهِ لم يعد الْوضُوء

(1/56)


قلت أَرَأَيْت أَن تقيأ ملْء فِيهِ بلغما قَالَ لَا يُعِيد الْوضُوء قلت وَكَذَلِكَ البزاق قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف البلغم كَغَيْرِهِ من الطَّعَام وَالشرَاب إِذا كَانَ ملْء فِيهِ أعَاد الْوضُوء قلت فَإِن تقيأ ملْء فِيهِ مرّة قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء
قلت أَرَأَيْت رجلا بِهِ دمل أَو قرحَة فَخرج مِنْهُ دم أَو قيح أَو صديد فَسَالَ عَن رَأس الْجرْح قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء قلت فَإِن كَانَ قَلِيلا لم يسل عَن رَأس الْجرْح قَالَ فَلَا وضوء عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا بزق فَرَأى فِي بزاقه الصُّفْرَة هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ الدَّم هُوَ الْغَالِب قَالَ هَذَا ينْقض وضوءه قلت فَإِن كَانَ الدَّم والبزاق سَوَاء لَا يغلب أَحدهمَا صَاحبه قَالَ أحب إِلَيّ أَن يُعِيد الْوضُوء وَيَأْخُذ فِي ذَلِك بالثقة
قلت أَرَأَيْت الرعاف وَالرِّيح والضحك فِي الصَّلَاة هَل ينْقض الْوضُوء قَالَ نعم
قَالَ أَرَأَيْت النّوم هَل ينْقض الْوضُوء قَالَ إِذا كَانَ قَائِما

(1/57)


أَو رَاكِعا أَو سَاجِدا أَو قَاعِدا فَلَا ينْقض وضوءه وَأما إِذا نَام مُضْطَجعا أَو مُتكئا فَإِن ذَلِك ينْقض الْوضُوء وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن نَام مُتَعَمدا فِي السُّجُود فَسدتْ صلَاته وَإِن غَلبه النّوم فِي السُّجُود لم يضرّهُ قلت إِن نَام على إِحْدَى أليتيه أَو إِحْدَى وركيه متوركا قَالَ هَذَا ينْقض وضوءه
قلت أَرَأَيْت رجلا بِهِ جرح وكزه فَخرج مِنْهُ دم قَلِيل فمسحه ثمَّ خرج مِنْهُ أَيْضا فمسحه وَذَلِكَ كُله قبل أَن يسيل قَالَ إِن كَانَ الدَّم لَو ترك مَا مسح مِنْهُ سَالَ أعَاد الْوضُوء وَإِن كَانَ لَو ترك لم يسل لم ينْقض وضوءه
قلت أَرَأَيْت الْكَلَام الْفَاحِش هَل ينْقض الْوضُوء قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الطَّعَام هَل ينْقض شَيْء مِنْهُ الْوضُوء مثل لُحُوم الْإِبِل أَو الْبَقر أَو الْغنم أَو اللَّبن أَو غير ذَلِك مِمَّا مسته النَّار قَالَ لَيْسَ شَيْء من الطَّعَام ينْقض الْوضُوء إِنَّمَا الْوضُوء ينْتَقض مِمَّا يخرج وَلَيْسَ مِمَّا يدْخل

(1/58)


وَلم تزِدْه النَّار إِلَّا طيبا وَلَو كَانَ هَذَا ينْقض الْوضُوء لَكَانَ من تَوَضَّأ بِمَاء سخن نقض وضوءه ولكان من ادهن بدهن قد مسته النَّار أعَاد الْوضُوء فَلَيْسَ شَيْء من هَذَا ينْقض وضوءه
قلت أَرَأَيْت رجلا تَبَسم فِي صلَاته وَلم يقهقه هَل ينْقض ذَلِك الْوضُوء قَالَ لَا قلت فَإِن قهقه قَالَ هَذَا ينْقض الْوضُوء وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الْوضُوء وَالصَّلَاة قلت لم قَالَ للأثر الَّذِي جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ فَمسح نصف رَأسه أَو ثلثه أَو أقل من ذَلِك قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَلم يخلل لحيته بِالْمَاءِ قَالَ يجْزِيه

(1/59)


قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا تَوَضَّأ أينبغي لَهُ أَن يخلل أَصَابِع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ بِالْمَاءِ قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا من مَوَاضِع الْوضُوء فَلَا بُد لَهُ من أَن يُصِيبهُ المَاء قلت فاللحية قَالَ اللِّحْيَة إِنَّمَا مَوَاضِع الْوضُوء مَا ظهر مِنْهَا فَإِذا امْر كفيه عَلَيْهَا أجزاه
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ ذبح شَاة هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا
قلت فَإِن أصَاب يَده بَوْل أَو دم أَو عذرة أَو خمر هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا وَلَكِن يغسل ذَلِك الْمَكَان الَّذِي أَصَابَهُ قلت فَإِن صلى بِهِ وَلم يغسلهُ قَالَ إِن كَانَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم غسله وَأعَاد الصَّلَاة وَإِن كَانَ قدر الدِّرْهَم أَو أقل من قدر الدِّرْهَم لم يعد الصَّلَاة

(1/60)


وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن يغسلهُ قلت وَكَذَلِكَ لَو أصَاب يَده الْقَيْء قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الروث وخرء الدَّجَاج قَالَ نعم قلت فَإِن أَصَابَهُ خرء طَائِر يُؤْكَل لَحْمه مثل الْحمام والعصفور قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا إِعَادَة
قلت أَرَأَيْت المنى يكون فِي الثَّوْب فيجف فيحكه الرجل قَالَ يجْزِيه ذَلِك بلغنَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا كَانَت تفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/61)


قلت فَإِن أصَاب الثَّوْب دم أَو عذرة فحكها قَالَ لَا يجْزِيه ذَلِك قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ هما فِي الْقيَاس سَوَاء غير أَنه جَاءَ فِي المنى أثر فأخذنا بِهِ قلت وَكَذَلِكَ رَوْث الْحمار أَو الْبَغْل هُوَ مثل الْعذرَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الدَّم أَو الْعذرَة أَو الروث إِذا أصَاب النَّعْل أَو الْخُف فيجف فمسحه الرجل بِالْأَرْضِ هَل يجْزِيه ذَلِك وَيُصلي فِي نَعله أَو خفيه قَالَ نعم قلت من أَيْن اخْتلف النَّعْل وَالثَّوْب قَالَ لِأَن النَّعْل جلد فَإِذا مَسحه بِالْأَرْضِ ذهب القذر مِنْهُ وَالثَّوْب لَيْسَ هَكَذَا لِأَن الثَّوْب ينشفه فَيبقى فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّد فِي الدَّم والعذرة إِذا أصَاب الْخُف والنعل لَا يجْزِيه أَن يمسحه من الْخُف والنعل حَتَّى يغسلهُ من مَوْضِعه وَإِن كَانَ يَابسا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أصَاب الْخُف أَو النَّعْل أَو الثَّوْب الروث فصلى فِيهِ وَهُوَ رطب وَهُوَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم إِن صلَاته تَامَّة وَإِن كَانَ كثيرا فَاحِشا فصلى فِيهِ أعَاد الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ثمَّ غمض مَيتا

(1/62)


أَو غسله هَل يجب عَلَيْهِ الْغسْل أَو ينْتَقض وضوؤه قَالَ لَا إِلَّا أَن يُصِيب يَده أَو سَائِر جسده شَيْء فيغسله قلت لم لَا يجب عَلَيْهِ الْوضُوء وَقد مس مَيتا قَالَ لِأَن مس الْمَيِّت لَيْسَ بِحَدَث يُوجب عَلَيْهِ الْوضُوء أَلا ترى لَو أَن رجلا تَوَضَّأ ثمَّ مس كَلْبا أَو خنزيرا أَو جيفة لم ينْقض وضوءه وَهَذَا نجس فالمسلم الْمَيِّت أظهر وأنظف من هَذَا
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ احْتجم قَالَ قد نقض ذَلِك وضوءه قلت فَهَل يجب عَلَيْهِ الْغسْل قَالَ لَا وَلَكِن يجب عَلَيْهِ أَن يغسل مَوضِع المحجمة قلت فَإِن تَوَضَّأ وَلم يغسل مَوضِع المحجمة وَصلى فِيهِ أَيَّامًا قَالَ إِن كَانَ مَوضِع المحجمة قدر الدِّرْهَم أَو أقل من قدر الدِّرْهَم فَإِن صلَاته تَامَّة إِلَّا أَنه قد أَسَاءَ وَإِن كَانَ مَوضِع المحجمة أَكثر من قدر الدِّرْهَم غسله وَأعَاد مَا صلى قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ خرج من ذكره بَوْل هَل يجب عَلَيْهِ الْوضُوء قَالَ نعم قلت فَإِن قلس أقل من ملْء فِيهِ قَالَ لَا يجب عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْوضُوء قلت من أَيْن اخْتلف القلس وَالْبَوْل قَالَ لَيْسَ الْفَم وَالذكر والدبر سَوَاء أَلا ترى أَنه لَو خرج من دبره ريح أعَاد الْوضُوء وَلَو تجشأ لم يكن عَلَيْهِ الْوضُوء قلت فَإِن خرج من جرحه دم وَلم يسل قَالَ لَا ينْقض ذَلِك

(1/63)


وضوءه قلت لم لَا ينْقض وضوءه كَمَا أَنه لَو خرج من ذكره بَوْل نقض وضوءه قَالَ لِأَن مَا خرج من الذّكر حدث وَمَا خرج من الْجرْح لَيْسَ بِحَدَث إِلَّا أَن يسيل
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ خرج من دبره دَابَّة قَالَ هَذَا قد نقض وضوءه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الْوضُوء والصلوات
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ سقط من جرحه لحم أَو دَابَّة خرجت من جرحه هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ قشر من جرحه الْجلد هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ فِيهِ مَاء فَسَالَ قَالَ هَذَا ينْقض الْوضُوء قلت فَمَا فرق بَين الدَّابَّة إِذا خرجت من الدبر وَإِذا خرجت من الْجرْح قَالَ لِأَنَّهَا إِذا خرجت من الدبر فَهُوَ حدث وَإِذا خرجت من الْجرْح فَلَيْسَ بِحَدَث
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ رعف وَهُوَ قَلِيل لَا يسيل قَالَ لَا ينْقض وضوءه قلت من أَيْن اخْتلف الدَّم إِذا خرج من الْأنف

(1/64)


وَالدَّابَّة إِذا خرجت من الدبر قَالَ لِأَن الدَّابَّة إِذا خرجت من الدبر فَهُوَ حدث وَإِذا خرج الدَّم من الْأنف وَلم يسل لم يكن ذَلِك بِحَدَث وَلَو كَانَ هَذَا حَدثا لَكَانَ إِذا خرج مِنْهُ المخاط أَو البزاق أعَاد الْوضُوء فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَلَا وضوء عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّد فِي النَّوَادِر إِذا نزل الدَّم فِي قَصَبَة الْأنف انْتقض وضوؤه وَإِذا وَقع الْبَوْل فِي قَصَبَة الذّكر لم ينْتَقض وضوؤه قَالَ مُحَمَّد فِيمَن قاء دَمًا لم ينْقض حَتَّى يمْلَأ الْفَم لِأَن الْجرْح إِذا كَانَ فِي الْجوف فَلَيْسَ بِجرح إِنَّمَا هَذَا قيء وَلَيْسَ بِدَم
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ تقيأ فَخرج مِنْهُ دم لم يخالطه شَيْء قَالَ هَذَا ينْقض وضوءه قلت وَكَذَلِكَ لَو قاء مرّة لم يخالطها شَيْء قَالَ وَكَذَلِكَ لَو قاء مرّة لم يخالطها شَيْء قلت فَإِن قاء بلغما لَا يخالطه شَيْء قَالَ هَذَا بزاق وَلَا ينْقض هَذَا وضوءه فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى الْمرة والبلغم والقيء سَوَاء وَهَذَا ينْقض الْوضُوء

(1/65)


قلت أَرَأَيْت رجلا بِهِ جرح سَائل لَا يَنْقَطِع كَيفَ يتَوَضَّأ وَيُصلي قَالَ يتَوَضَّأ لوقت كل صَلَاة وَيُصلي قلت فَإِن صلى الظّهْر هَل يُصَلِّي مَا بَينه وَبَين الْعَصْر من التَّطَوُّع أَو فَرِيضَة قد نَسِيَهَا أَو صَلَاة قد جعلهَا لله على نَفسه قَالَ نعم يُصَلِّي مَا بَينه وَبَين الْعَصْر مَا شَاءَ مَا لم يحدث قلت وتأمره أَن يشد الْجرْح ويربطه قَالَ نعم قلت فَإِن شده وربطه ثمَّ سَالَ الدَّم حَتَّى نفذ الرِّبَاط قَالَ لَا ينْقض ذَلِك وضوءه حَتَّى يَجِيء وَقت صَلَاة أُخْرَى قلت فَإِن كَانَ أصَاب ثَوْبه من ذَلِك الدَّم قَالَ يغسلهُ وَيُصلي فِيهِ قلت فَإِن لم يغسلهُ وَصلى فِيهِ قَالَ إِن كَانَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم غسله وَأعَاد الصَّلَاة وَإِن كَانَ أقل من قدر الدِّرْهَم لم يعد الصَّلَاة وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن يغسل ذَلِك الدَّم من ثَوْبه قلت أَرَأَيْت أَن تَوَضَّأ وربطه وشده ثمَّ سَالَ الدَّم وسال من مَكَان آخر قَالَ هَذَا ينْقض وضوءه وَلَا ينْقضه ذَلِك الْجرْح قلت لم جعلت عَلَيْهِ إِذا تَوَضَّأ أَن يُصَلِّي مَا بَينه وَبَين وَقت صَلَاة أُخْرَى بذلك الْوضُوء قَالَ هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة الْمُسْتَحَاضَة وَقد جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَة أثر أَنَّهَا تتوضأ لوقت كل صَلَاة

(1/66)


قلت أَرَأَيْت رجلا يتَوَضَّأ ثمَّ صلى على عذرة يابسة أَو دم يَابِس أَو مَشى فِي مَوضِع بِهِ دم هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا قلت فَإِن قَامَ عَلَيْهِ هَل يجب عَلَيْهِ أَن يغسل رجلَيْهِ أَو يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ ثمَّ خَاضَ مَاء الْمَطَر إِلَى الْمَسْجِد أَو داس الطين إِلَى الْمَسْجِد هَل ينْقض ذَلِك وضوءه أَو يجب عَلَيْهِ غسل رجلَيْهِ أَو خفيه قَالَ لَا وَلَكِن يمسح مَا كَانَ على قَدَمَيْهِ أَو خفيه بِالْأَرْضِ وَيصلى وَلَا يجب عَلَيْهِ غسله حَتَّى يستيقن أَن الطين قذر وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْإِمْلَاء أكره أَن يمسح ذَلِك بحائط الْمَسْجِد من دَاخل أَو بأسطوانة من أساطينه

(1/67)


قلت أَرَأَيْت رجلا مر بكنيف فَسَالَ عَلَيْهِ من ذَلِك الكنيف أَكثر من قدر الدِّرْهَم وَهُوَ لَا يعلم مَا هُوَ قَالَ إِن غسله فَحسن وَإِن لم يغسلهُ حَتَّى يعلم مَا هُوَ أجزاه ذَلِك قلت فَإِن كَانَ أَكثر ظَنّه أَنه قذر قَالَ يغسلهُ قلت أَرَأَيْت إِن لم يسل وَلَكِن هبت عَلَيْهِ ريح فانتضح عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء يسير كرؤس الإبر أَو أَصْغَر من ذَلِك قَالَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْء قلت فَإِن استيقن أَنه بَوْل أَو قذر قَالَ وَإِن استيقن فَلَا يجب عَلَيْهِ غسله أَلا ترى أَن الرجل يدْخل الْمخْرج فَيَقَع الذُّبَاب على الْعذرَة وَالْبَوْل ثمَّ يقعن عَلَيْهِ وعَلى ثِيَابه فَلَيْسَ يجب عَلَيْهِ فِي هَذَا غسل قلت فَإِن انتضح عَلَيْهِ شَيْء كثير وَهُوَ يستيقن أَنه بَوْل قَالَ يغسلهُ
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ شكّ فِي بعض وضوئِهِ وَذَلِكَ أول مَا شكّ قَالَ عَلَيْهِ أَن يغسل ذَلِك الْموضع الَّذِي شكّ فِيهِ قلت

(1/68)


فَإِن كَانَ يلقِي ذَلِك كثيرا يعرض لَهُ الشَّيْطَان بذلك فِي صلَاته أَو بعد فَرَاغه مِنْهَا حَتَّى يكثر ذَلِك عَلَيْهِ قَالَ لَا يلْتَفت إِلَى شَيْء من هَذَا ويمضي فِي صلَاته وَلَا يُعِيد شَيْئا من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَفرغ من وضوئِهِ فَظن أَنه قد أحدث وَلم يستيقن قَالَ هُوَ على وضوئِهِ وَلَا يُعِيد قلت فَإِن كَانَ فِي الصَّلَاة فَظن أَنه قد أحدث قَالَ يمْضِي فِي صلَاته قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فرغ من صلَاته قَالَ نعم لَيْسَ يجب عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا أَو يستيقن بِحَدَث
قلت أَرَأَيْت الرجل تَوَضَّأ ثمَّ وجد أَي البلل سَائِلًا من ذكره قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء قلت فَإِن كَانَ الشَّيْطَان يرِيه ذَلِك كثيرا وَلَا يعلم ذَلِك يَقِينا أَنه بَوْل أَو مَاء قَالَ يمْضِي فِي صلَاته وَلَا ينظر فِي شَيْء من ذَلِك حَتَّى يستيقن أَنه بَوْل قلت أفترى لَهُ أَن ينضح

(1/69)


فرجه بِالْمَاءِ إِذا تَوَضَّأ فَإِن سَالَ قَالَ هُوَ من المَاء الَّذِي انتضح بِهِ قَالَ نعم أرى لَهُ أَن يفعل ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا أحدث ثمَّ شكّ فَلَا يدْرِي أتوضأ أم لَا قَالَ هُوَ على حَدثهُ غير متوضئ حَتَّى يستيقن بِالْوضُوءِ وَإِذا تَوَضَّأ فَلَا يكون مُحدثا حَتَّى يستيقن بِالْحَدَثِ وَإِذا أحدث لم يكن متوضئا حَتَّى يستيقن بِالْوضُوءِ قلت أَرَأَيْت دم البراغيث والبق والحلم يكون فِي الثَّوْب قَالَ أما دم البق والبراغيث فَلَيْسَ بِهِ بَأْس وَأما دم الْحلم فَإِن كَانَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم وَقد صلى فِيهِ فَإِنَّهُ يُعِيد الصَّلَاة وَإِن كَانَ أقل من قدر الدِّرْهَم لم يعد وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن يغسلهُ قلت من أَيْن اخْتلف دم البق والحلم قَالَ لَيْسَ للبق دم سَائل والحلم لَهُ دم سَائل قلت وَكَذَلِكَ كل شَيْء لَيْسَ لَهُ دم سَائل يَقع فِي الْإِنَاء فَلَا بَأْس بِالْوضُوءِ مِنْهُ قَالَ نعم إِذا كَانَ مثل الخنفساء أَو الْعَقْرَب

(1/70)


وَالْجَرَاد أَو النَّمْل والزنبور والذباب والقراد فَإِنَّهُ إِذا وَقع شَيْء من هَذَا فِي المَاء لم يفْسد وَكَذَلِكَ دَمهَا إِذا أصَاب الثَّوْب لم يجب عَلَيْهِ غسله
قلت أَرَأَيْت دم السّمك مَا قَوْلك فِيهِ قَالَ لَيْسَ دم السّمك بِشَيْء وَلَا يفْسد شَيْئا
قلت أَرَأَيْت قَوْلك فِي الدَّم إِذا كَانَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم أعَاد الصَّلَاة لم قلته قَالَ لِأَنَّهُ بَلغنِي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ قدر الدِّرْهَم وَالدِّرْهَم قد يكون أكبر من الدِّرْهَم فوضعناه على أكبر مَا يكون مِنْهَا اسْتحْسنَ ذَلِك
قلت فَإِن كَانَ قدر مِثْقَال قَالَ لَا يُعِيد حَتَّى يكون أَكثر من قدر الدِّرْهَم
قلت أَرَأَيْت رجلا وضع المَاء ليتوضأ بِهِ فَأخْبرهُ بعض أَهله أَنه

(1/71)


قذر قَالَ لَا يتَوَضَّأ بِهِ قلت أَرَأَيْت رجلا وضع المَاء ليتوضأ بِهِ فَأدْخل صبي يَده أَو رجله فِي ذَلِك المَاء وَلَيْسَ على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ قذر قَالَ أحب ذَلِك إِلَى أَن يتَوَضَّأ بِغَيْرِهِ قلت فَإِن لم يفعل وَتَوَضَّأ قَالَ يجْزِيه قلت أَرَأَيْت الْحبّ يكون لَهُ الْكوز يوضع فِي نواحي الدَّار أَتَرَى للرجل أَن يتَوَضَّأ مِنْهُ وَيشْرب مِنْهُ قَالَ نعم إِذا لم يعلم فِيهِ قذرا وَهَكَذَا أَمر النَّاس

(1/72)


قلت أرايت الشَّاة إِذا بَالَتْ فِي بِئْر المَاء قَالَ ينْزح مَاء الْبِئْر كُله إِلَى أَن يَغْلِبهُمْ المَاء قلت وَكَذَلِكَ بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه وَمَا لَا يُؤْكَل لَحْمه إِذا بَال شَيْء مِنْهَا فِي بِئْر المَاء أمرت أَن ينزف مَاء الْبِئْر كُله حَتَّى يَغْلِبهُمْ المَاء قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ أرواثها قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا بَأْس ببول مَا يُؤْكَل لَحْمه وَإِن بَال شَيْء من ذَلِك فِي بِئْر مَاء لم يفْسد المَاء وَلم يجب عَلَيْهِم أَن ينزفوها حَتَّى يتَغَيَّر المَاء وَكَذَلِكَ إِذا أصَاب الثَّوْب مِنْهُ شَيْء كثير فَاحش لم يجب عَلَيْهِم غسله أَلا ترى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَمر بِأَن يشرب أَبْوَال الْإِبِل وَأَلْبَانهَا وَلَو كَانَ نجسا لم يَأْمر بشربه
قلت أَرَأَيْت البعر من بعر الْغنم وَالْإِبِل يَقع فِي بِئْر المَاء قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك مَا لم يكن كثيرا فَاحِشا فَإِن كَانَ كثيرا فَاحِشا كَانَ

(1/73)


عَلَيْهِم أَن ينزفوا مَاء الْبِئْر كُله وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْإِمْلَاء إِذا كَانَ البعر رطبا فقليله وَكَثِيره يفْسد المَاء قلت لم أَلَيْسَ قد قلت فِي بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه إِذا أصَاب الثَّوْب مِنْهُ وَهُوَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم إِنَّه لَا يفْسد وَإِن الصَّلَاة فِيهِ تَامَّة قَالَ بلَى قد قلت ذَلِك وَلَكِن لَا يشبه الْبَوْل فِي المَاء الْبَوْل يُصِيب الثَّوْب لِأَنَّهَا إِذا بَالَتْ فِي الْبِئْر فقد صَار المَاء كُله مثل ذَلِك الْبَوْل وَإِذا أصَاب الثَّوْب فَإِنَّمَا يُصِيب مِنْهُ موضعا وَاحِد أَلا ترى أَن الْبَوْل لَو أصَاب الثَّوْب وَهُوَ كثير فَاحش لم تجز الصَّلَاة فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّد لَو بَالَتْ شاه فِي بِئْر لم تنجسها وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الروث يُصِيب النَّعْل والخف وَالثَّوْب فصلى فِيهِ وَهُوَ رطب وَهُوَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم أَنه يجْزِيه مَا لم يكن كثيرا فَاحِشا وَإِن كَانَ كثيرا أعَاد وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا حضرت الصَّلَاة وَمَعَهُ نَبِيذ التَّمْر لَيْسَ مَعَه غَيره أيتوضأ بِهِ قَالَ نعم يتَوَضَّأ بِهِ وَيتَيَمَّم مَعَ ذَلِك أحب إِلَى فَإِن

(1/74)


لم يتَيَمَّم وَتَوَضَّأ بالنبيذ وَحده قَالَ يجْزِيه فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم يجْزِيه قَالَ لِأَنَّهُ بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ بالنبيذ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يتَيَمَّم وَلَا يتَوَضَّأ بالنبيذ وَقَالَ مُحَمَّد يتَوَضَّأ وَيتَيَمَّم مَعَ ذَلِك قلت فَهَل يَجْزِي الْوضُوء بِشَيْء من الْأَشْرِبَة سوى نَبِيذ التَّمْر قَالَ إِذا لم يكن عِنْده مَاء لم يجزه الْوضُوء بِشَيْء من الْأَشْرِبَة سوى النَّبِيذ نَبِيذ التَّمْر قلت فَإِن تَوَضَّأ بِشَيْء من الْأَشْرِبَة سوى النَّبِيذ وَصلى بِهِ يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء والصلوات كلهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْجَامِع الصَّغِير يتَوَضَّأ بالنبيذ وَلَا يتَيَمَّم وروى نوح الْجَامِع عَنهُ أَنه رَجَعَ عَن هَذَا وَقَالَ يتَيَمَّم وَلَا يتَوَضَّأ بِهِ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ بِهِ بِمَكَّة وَنزلت آيَة التَّيَمُّم بِالْمَدِينَةِ

(1/75)


قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ بالنبيذ وَهُوَ يجد المَاء قَالَ لَا يجْزِيه ذَلِك قلت فَإِن لم يعد الْوضُوء وَصلى بوضوئه ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة فَمَكثَ على وضوئِهِ ذَلِك يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَيَّام وَلم يحدث وَلم ينم أيصلي بذلك الْوضُوء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ثمَّ غشى عَلَيْهِ أَو أَصَابَهُ لمَم أَو أُغمي عَلَيْهِ أَو ذهب عقله من شَيْء ثمَّ زَالَ عَنهُ ذَلِك هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن الَّذِي أَصَابَهُ من ذهَاب عقله أَشد عَلَيْهِ من النّوم وَالنَّوْم ينْقض الْوضُوء إِذا نَام مضجعا قلت فَالَّذِي ذهب عقله أَو أَصَابَهُ مَا ذكرت لَك أسواء هُوَ إِن كَانَ قَائِما أَو قَاعِدا أَو مُضْطَجعا قَالَ نعم وَعَلِيهِ الْوضُوء فِي هَذَا كُله قلت فَلم استحسنت فِي النّوم إِذا كَانَ قَاعِدا أَو سَاجِدا أَو قَائِما أَو رَاكِعا قَالَ جَاءَ فِي ذَلِك أثر

(1/76)


فَأخذت بِهِ وَأخذت فِي ذهَاب الْعقل بِالْقِيَاسِ لِأَن ذهَاب الْعقل أَشد من الْحَدث قلت فَإِن لم يعد الْوضُوء وَصلى هَكَذَا قَالَ يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة قلت لم وَلَو نَام قَائِما أَو قَاعِدا لم يجب عَلَيْهِ الْوضُوء قَالَ لِأَن ذهَاب الْعقل لَا يشبه النّوم فِي هَذَا قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَة بِقوم أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أغمى عَلَيْهِ أَو ذهب عقله أَو أَصَابَهُ لمَم قَالَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت وَإِن لم يذهب عقله وَلكنه وَقع فَمَاتَ قَالَ عَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة بِإِمَام غَيره
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا تمضمض واستنشق أَيَدْخُلُ يَده فِي أَنفه أَو فِي فِيهِ قَالَ إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك
قلت أَرَأَيْت الْغسْل أتراه وَاجِبا يَوْم الْجُمُعَة وَيَوْم عَرَفَة وَفِي الْعِيدَيْنِ وَعند الْإِحْرَام قَالَ لَيْسَ بِوَاجِب فِي شَيْء من هَذَا إِن اغْتسل

(1/77)


فَحسن وَإِن ترك ذَلِك لم يضرّهُ قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ من سُؤْر حَائِض أَو جنب أَو مُشْرك أَو صبي قَالَ لَا بَأْس بذلك كُله فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
- بَاب الْبِئْر وَمَا ينجسها
-
أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ قلت أَرَأَيْت فَأْرَة وَقعت فِي

(1/78)


بِئْر المَاء فَمَاتَتْ فِيهَا وَلم تتفسخ قَالَ ينزف مِنْهَا عشرُون دلوا أَو ثَلَاثُونَ قلت فَإِن نزف مِنْهَا ثَلَاثُونَ دلوا أَو عشرُون دلوا والفأرة فِي الْبِئْر بعد قَالَ عَلَيْهِم أَن ينزفوا مِنْهَا عشْرين دلوا أَو ثَلَاثِينَ دلوا بعد خُرُوج الْفَأْرَة قلت فَإِن نزفوا مِنْهَا عشْرين دلوا ثمَّ اسْتخْرجُوا الْفَأْرَة ثمَّ نزفوا بعد ذَلِك عشر دلاء قَالَ لَا تطهر وَعَلَيْهِم أَن ينزفوا تَمام عشْرين دلوا أَو ثَلَاثِينَ من خُرُوج الْفَأْرَة قلت فَإِن كَانَ يقطر من الدلاء شَيْء فِي الْبِئْر قَالَ لَا ينجسها لِأَن هَذَا لَا يمْتَنع مِنْهُ قلت أَرَأَيْت إِن صب الدَّلْو الآخر فِي الْبِئْر بعد مَا نَحوه عَن رَأسهَا أَو قبل ذَلِك أَو بعد مَا أفرغوه فِي إِنَاء آخر قَالَ هَذَا كُله سَوَاء وَعَلَيْهِم أَن ينزفوا دلوا مثله قلت أَرَأَيْت إِن انصب ذَلِك الدَّلْو فِي بِئْر طَاهِرَة قَالَ عَلَيْهِم أَن ينزفوا مِنْهَا دلوا مثله وَذَلِكَ لِأَن المَاء قد صَار كُله مثل ذَلِك الدَّلْو وَإِنَّمَا يطهر هَذِه الْبِئْر مَا يطهر الَّتِي قبلهَا

(1/79)


أَلا ترى أَن الْبِئْر الَّتِي قبلهَا إِنَّمَا يطهرها دلو وَاحِد لَو انصب فِيهَا ذَلِك الدَّلْو الآخر فَكَذَلِك هَذِه الْبِئْر قلت أَرَأَيْت إِن انصب فِي هَذِه الْبِئْر الطاهرة الدَّلْو الأول قَالَ ينزف مِنْهَا عشرُون دلوا قلت فَإِن انصب فِيهَا الدَّلْو الثَّانِي قَالَ عَلَيْهِم أَن ينزفوا مِنْهَا تِسْعَة عشر دلوا وَكَذَلِكَ لَو صب فِيهَا الدَّلْو الْعَاشِر كَانَ عَلَيْهِم أَن ينزفوا مِنْهَا عشر دلاء وَإِنَّمَا يطهرها مَا يطهر الأولى أَلا ترى أَنه كلما استسقى من الْبِئْر الأولى كَانَ أطهر لَهَا قلت أَرَأَيْت إِن استخرجت الْفَأْرَة فألقيت فِي هَذِه الْبِئْر الطاهرة وصب فِيهَا عشرُون دلوا قَالَ عَلَيْهِم أَن يخرجُوا الْفَأْرَة وَعشْرين دلوا قلت لم قَالَ لِأَن الدلاء الَّتِي صبَّتْ فِيهَا بِمَنْزِلَة مَاء الْبِئْر وَهُوَ كُله نجس وَإِنَّمَا يطهرها عشرُون دلوا

(1/80)


وَمن قَالَ غير هَذَا فَلَا بُد لَهُ من أَن يخرج الْعشْرين الدَّلْو الَّتِي صبَّتْ فِيهَا مَعَ الْفَأْرَة وَعشْرين دلوا أُخْرَى قلت أَرَأَيْت إِن جاؤا بِدَلْو عَظِيم يسع عشْرين دلوا بدلوهم فاستقوا بِهِ دلوا وَاحِدًا قَالَ يجزيهم وَقد طهرت الْبِئْر قلت أَرَأَيْت إِن عَاد ذَلِك المَاء فأهرق فِي الْبِئْر قَالَ عَلَيْهِم أَن يخرجُوا مِنْهَا مثله قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ رجل من تِلْكَ الْبِئْر بعد إِخْرَاج ذَلِك الدَّلْو قَالَ يجْزِيه وضوؤه قلت فَإِن انصب فِيهَا ذَلِك الدَّلْو بعد ذَلِك قَالَ لَا يفْسد وضوء ذَلِك الرجل إِلَّا أَن يكون الدَّلْو فِي الْبِئْر بعد لم يَتَنَحَّ عَنْهَا فَمَا دَامَ الدَّلْو فِيهَا فَلَيْسَ يجزى من تَوَضَّأ مِنْهَا لِأَنَّهُ يقطر فِيهَا بعد فَإِذا تنحى عَنْهَا فقد طهرت وَقَالَ مُحَمَّد يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت ثوبا نجسا غسل فِي إجانة بِمَاء نظيف ثمَّ عصر

(1/81)


وَلم يهرق ذَلِك المَاء ثمَّ غسل فِي إجانة أُخْرَى بِمَاء نظيف ثمَّ عصر وَلم يهرق ذَلِك المَاء ثمَّ غسل فِي إجانة أُخْرَى بِمَاء نظيف ثمَّ عصر مَا حكم الثَّوْب قَالَ قد طهر قلت فَهَل يجزى من تَوَضَّأ بِالْمَاءِ الأول أَو الثَّانِي أَو الثَّالِث قَالَ لَا قلت فَإِن تَوَضَّأ رجل من ذَلِك وَصلى قَالَ يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن غسل ذَلِك الثَّوْب فِي إجانة أُخْرَى بِمَاء طَاهِر هَل يجزى من تَوَضَّأ بذلك المَاء الرَّابِع قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لما غسل فِي الإجانة الثَّالِثَة فقد صَار طَاهِرا ثمَّ غسل فِي الإجانة الرَّابِعَة وَهُوَ طَاهِر فَلَا بَأْس بِأَن يتَوَضَّأ بذلك المَاء الرَّابِع لِأَنَّهُ طَاهِر
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ فِي إِنَاء نظيف وضوءه للصَّلَاة ثمَّ تَوَضَّأ وَهُوَ متوضئ فِي إِنَاء نظيف ثمَّ تَوَضَّأ فِي إِنَاء آخر نظيف وَهُوَ متوضئ هَل يجزى من تَوَضَّأ بِالْمَاءِ الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث قَالَ لَا قلت فَإِن تَوَضَّأ فِي إِنَاء نظيف أَيْضا وَهُوَ متوضئ هَل يجزى من تَوَضَّأ بِالْمَاءِ الرَّابِع قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو تَوَضَّأ بخامس أَو سادس

(1/82)


قَالَ نعم لَا يجزى من تَوَضَّأ بذلك المَاء
قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو استنجى بِمَاء عشر مَرَّات أَكَانَ يجزى من تَوَضَّأ بالعاشر قلت لَا قَالَ فَكَذَلِك هَذَا
قلت أرايت جنبا اغْتسل فِي بِئْر ثمَّ وَقع فِي أُخْرَى ثمَّ وَقع فِي أُخْرَى ثمَّ وَقع فِي أُخْرَى قَالَ قد أفسد الْآبَار كلهَا وَعَلَيْهِم أَن ينزفوا مَاء الْآبَار كلهَا حَتَّى يَغْلِبهُمْ المَاء
قلت وَهل يجْزِيه غسله قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يطهر إِذا اغْتسل فِي الْبِئْر الثَّالِثَة وَيفْسد المَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا طَاهِرا وَقع فِي بِئْر فاغتسل فِيهَا قَالَ قد أفسد مَاء الْبِئْر كُله قلت وَكَذَلِكَ لَو تَوَضَّأ فِيهَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو استنجى فِيهَا قَالَ نعم قلت فَمَا حَال الْبِئْر قَالَ عَلَيْهِم أَن ينزفوا مَاء الْبِئْر كُله إِلَّا أَن يَغْلِبهُمْ المَاء قلت أَرَأَيْت الرجل هَل يجْزِيه وضوؤه ذَلِك قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا جنبا دخل بِئْرا يطْلب دلوا لَهُ فِيهَا فانغمس فِيهَا وَهُوَ غير طَاهِر غير أَنه لَيْسَ فِي رجلَيْهِ وَلَا فِي جسده وَلَا فِي يَده قذر فَلم يدلك فِيهَا هَل يفْسد المَاء قَالَ لَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَلَو أَن جنبا دخل بِئْرا ليخرج دلوا مِنْهَا فانغمس فِي المَاء أَنه لَا يفْسد المَاء وَلَا يجْزِيه من الْغسْل وَقَالَ مُحَمَّد لَا يفْسد المَاء ويجزيه

(1/83)


من الْغسْل وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء يفْسد الْجنب الْبِئْر إِن اغْتسل فِيهِ أَو لم يغْتَسل أَو انغمس لإِخْرَاج الدَّلْو
قلت أَرَأَيْت فَأْرَة وَقعت فِي بِئْر فَمَاتَتْ فِيهَا ثمَّ وَقعت فَأْرَة أُخْرَى فِي بِئْر أُخْرَى فَمَاتَتْ فاستقى من إِحْدَى البئرين عشْرين دلوا بعد خُرُوج الْفَأْرَة فصب ذَلِك المَاء فِي الْبِئْر الْأُخْرَى قَالَ عَلَيْهِم أَن ينزفوا مِنْهَا عشْرين دلوا بعد خُرُوج الْفَأْرَة لِأَن الَّذِي صبوا فِيهَا مثل مَا كَانَ فِيهَا قلت فَإِن وَقع فِي بِئْر أُخْرَى ثَالِثَة فَأْرَة فَمَاتَتْ فنزف مِنْهَا عشرُون دلوا فصب فِي هَذِه أَيْضا مَعَ الْعشْرين الأولى وَمَعَ الْفَأْرَة الَّتِي وَقعت فِيهَا قَالَ ينزف مِنْهَا أَرْبَعُونَ دلوا وَإِنَّمَا أنظر إِلَى مَا وَجب عَلَيْهَا وَإِلَى مَا صبوا فِيهَا فأنزف الْأَكْثَر من ذَلِك قلت فَإِن صبوا فِيهَا دلوا وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ قَالَ لَا ينزف مِنْهَا إِلَّا عشرُون دلوا قلت

(1/84)


وَكَذَلِكَ لَو صبوا فِيهَا عشْرين دلوا قَالَ نعم لَا ينزف مِنْهَا إِلَّا عشرُون دلوا قلت فَإِن زادوا من الْبِئْر الثَّالِثَة دلوا أَو اثْنَيْنِ نزفت تِلْكَ الزِّيَادَة مَعَ الْعشْرين دلوا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْفَأْرَة مَاتَت فِي سمن جامد وتفسخت فِيهِ قَالَ تُؤْخَذ الْفَأْرَة وَمَا حولهَا فَيرمى بِهِ وَلَا بَأْس بِأَكْل مَا بَقِي وَالِانْتِفَاع بِهِ قلت فَإِن كَانَ السّمن ذائبا قَالَ أكره لَهُم أكله لِأَنَّهُ نجس قلت فَإِن استصبحوا بِهِ أَو دبغوا بِهِ جلدا قَالَ لَا بَأْس بذلك قلت فَإِن باعوه وَلم يبينوا مَا هُوَ ثمَّ علم المُشْتَرِي قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رده وَإِن شَاءَ أمْسكهُ قلت فَإِن باعوه وبينوا ذَلِك قَالَ لَا بَأْس بِهِ قلت فَإِن اشْتَرَاهُ رجل ثمَّ دبغ بِهِ جلدا قَالَ لَا بَأْس بالدباغة بِهِ ثمَّ يغسل الْجلد بعد ذَلِك بِالْمَاءِ

(1/85)


قلت أَرَأَيْت فَأْرَة وَقعت فِي حب فِيهِ خل فَمَاتَتْ فِيهِ فَأدْخل رجل يَده فِيهِ ثمَّ أخرج يَده فغمسها فِي خابية أُخْرَى قَالَ أكره لَهُم جَمِيعًا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي الْحبّ الأول مَاء قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو غمس يَده فِي الْخلّ أَو المَاء ثمَّ أخرج يَده فغمسها فِي عشر خوابي أَو أَكثر من ذَلِك وَاحِدَة بعد وَاحِدَة أفسدهن كُلهنَّ قَالَ نعم قلت فَإِن صب مِنْهَا خابية فِي بِئْر فِيهَا مَاء قَالَ عَلَيْهِم أَن

(1/86)


ينزفوا الْأَكْثَر من عشْرين دلوا وَمن مِقْدَار الخابية قلت وَكَذَلِكَ لَو أَدخل يَده فِي حب فِيهِ مَاء وَفِيه فَأْرَة ثمَّ أخرج يَده فَأدْخلهَا فِي عشر قَالَ نعم قد أفسد المَاء كُله وَلَا يجزى من تَوَضَّأ بِشَيْء مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ غمس يَده أول مرّة فِي مَاء نجس فَمَا أَدخل يَده فِيهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ قلت فَإِن اخْرُج يَده فغسلها ثمَّ أدخلها فِي حب آخر قَالَ لَا يفْسد المَاء
- بَاب ثِيَاب أهل الذِّمَّة وَالصَّلَاة فِيهَا
-
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِلبْس ثِيَاب أهل الذِّمَّة كلهَا وَالصَّلَاة فِيهَا مَا لم يعلم أَنه أَصَابَهُ قذر إِلَّا الْإِزَار والسراويل فَإِنَّهُ كره للصَّلَاة فِي ذَلِك حَتَّى يغسل وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِلَّا أَن أَبَا يُوسُف قَالَ إِن صلى فِي الْإِزَار والسراويل أجزاه ذَلِك إِذا لم يعلم أَنه أَصَابَهُ قذر أَو شَيْء يُنجسهُ أَلا ترى أَن عَامَّة من ينسج هَذِه الثِّيَاب ويغزلها أهل الذِّمَّة

(1/87)


وَأخْبرنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن شيخ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه سُئِلَ عَمَّا ينسج الْمَجُوس من الثِّيَاب أيصلي فِيهِ قبل أَن يغسل قَالَ نعم لَا بَأْس بذلك
- بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ
-
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَلبس خفيه وَصلى الْغَدَاة ثمَّ أحدث فَمَكثَ مُحدثا حَتَّى زَالَت الشَّمْس فَتَوَضَّأ وَمسح على خفيه حَتَّى مَتى

(1/88)


يجْزِيه ذَلِك الْمسْح قَالَ إِلَى السَّاعَة الَّتِي أحدث فِيهَا من الْغَد قلت وَلَا يجْزِيه ذَلِك إِلَى السَّاعَة الَّتِي مسح عَلَيْهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو مكث يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ وَقد أغمى عَلَيْهِ أَو مرض وَلم يصل ثمَّ أَفَاق أَكَانَ لَهُ أَن يمسح على الْخُفَّيْنِ وَقد مضى بعد مَا أحدث يَوْم أَو يَوْمَانِ قلت لَا قَالَ كَذَلِك الأول لَيْسَ لَهُ أَن يُجَاوز السَّاعَة الَّتِي أحدث فِيهَا من الْغَد وَكَذَلِكَ الْمُسَافِر لَهُ من السَّاعَة الَّتِي أحدث فِيهَا حَتَّى يستكمل ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها إِلَى مثل تِلْكَ السَّاعَة من الْيَوْم الرَّابِع
قلت أَرَأَيْت رجلا غسل رجلَيْهِ وَلبس خفيه على غير وضوء ثمَّ أحدث أيتوضأ وَيمْسَح على خفيه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يمسح على الْخُفَّيْنِ حَتَّى يَلْبسهُمَا على وضوء تَامّ فَإِن لبسهما على وضوء تَامّ ثمَّ أحدث بعد ذَلِك تَوَضَّأ وَمسح عَلَيْهِمَا قلت أَرَأَيْت الْمسْح على الْخُفَّيْنِ كم هُوَ قَالَ مرّة وَاحِدَة
قلت أفيمسح من قبل السَّاق أَو يَبْتَدِئ من قبل الْأَصَابِع قَالَ بل يبْدَأ من قبل الْأَصَابِع حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أصل السَّاق قلت فَإِن بَدَأَ من أصل السَّاق إِلَى رَأس الْأَصَابِع قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه مرّة وَاحِدَة بإصبع أَو بإصبعين قَالَ لَا يجْزِيه قلت أَرَأَيْت إِن مسح بِثَلَاثَة أَصَابِع

(1/89)


أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ يجْزِيه قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ إِذا مسح بِالْأَكْثَرِ من أَصَابِعه أجزاه ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَفِي خفيه خرق يخرج مِنْهُ إِصْبَع أَو إصبعان هَل يجْزِيه أَن يمسح على الْخُفَّيْنِ قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ يخرج مِنْهُ ثَلَاث أَصَابِع قَالَ لَا يجْزِيه قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ إِذا خرج من الْخُف أَكثر من نصف أَصَابِعه وَجب عَلَيْهِ غسل رجلَيْهِ قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَعَلِيهِ خفاه وهما منخرقان والخرق أَكثر من نصف قدمه من قبل عقبه هَل يجْزِيه أَن يمسح عَلَيْهِمَا قَالَ لَا قلت لم لَا يجْزِيه الْمسْح عَلَيْهِمَا وأصابعه مغطاة قَالَ لَا يجْزِيه إِلَّا الْغسْل قلت فَإِن خرج من عقبه أَو أَسْفَل من قدمه أَو ظاهرهما شَيْء قَلِيل قَالَ يجْزِيه الْمسْح عَلَيْهِمَا
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه ببلل أَخذه من لحيته قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن مسحهما ببلل فِي يَده قَالَ هَذَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أَخذ لَهُ مَاء فمسحه فَإِنَّمَا يصل إِلَيْهِ البلل الَّذِي فِي كَفه فَلَا أُبَالِي أَكَانَ ذَلِك المَاء فِي كَفه أَو من شَيْء أَخذه فَأَما إِذا مسح خفيه ببلل أَخذه من رَأسه أَو من لحيته فَهُوَ مَاء قد تَوَضَّأ بِهِ مرّة

(1/90)


فَلَا يجْزِيه أَن يتَوَضَّأ بِهِ ثَانِيَة قلت فَإِن كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ من المَاء هُوَ شَيْء فضل فِي يَدَيْهِ بعد مَا مسح رَأسه قَالَ لَا يجْزِيه أَن يمسح بِهِ قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على أَسْفَل خفيه وَلم يمسح على ظاهرهما قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن مسح على سَاق الْخُف قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن مسح على مقدم الْخُف قَالَ يجْزِيه قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على عمَامَته أَو على قلنسوته قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن كَانَت امْرَأَة فمسحت على خمارها قَالَ لَا يجزيها
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على جوربيه ونعليه أَو على جوربيه بِغَيْر نَعْلَيْنِ قَالَ لَا يجْزِيه الْمسْح على شَيْء من ذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله إِذا مسح على الجوربين أجزاه الْمسْح كَمَا يَجْزِي الْمسْح على الْخُف إِذا كَانَ الجوربان ثخينين لَا يشفان

(1/91)


قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على الجرموقين وأسفلهما أَدَم قَالَ نعم يجْزِيه قلت فَمَا شَأْن الجورب لَا يمسح عَلَيْهِ والجرموقان يمسح عَلَيْهِمَا قَالَ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ أسفلهما أَدَم فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْخُف قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على نَعْلَيْه وعَلى قَدَمَيْهِ قَالَ لَا يجْزِيه قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا تَوَضَّأ أيجب عَلَيْهِ أَن يمسح بَاطِن الْخُف قَالَ لَا قلت فَإِن مسح وَصلى فِيهِ وَلم يمسح ظَاهر الْخُفَّيْنِ بِمَاء قَالَ لَا يجْزِيه ذَلِك وَعَلِيهِ أَن يمسح ظاهرهما وَيُعِيد الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن مسح من الْخُف شَيْئا قَلِيلا لَا يكون ثلثا وَلَا ربعا وَلَا خمْسا قَالَ لَا يجْزِيه إِلَّا أَن يمسح مِقْدَار ثَلَاثَة أَصَابِع من أَصَابِع الْيَد قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا مسح على الْخُفَّيْنِ ثمَّ صلى صَلَاة أَو صَلَاتَيْنِ ثمَّ أحدث أيمسح على الْخُفَّيْنِ أَيْضا قَالَ نعم يمسح على الْخُفَّيْنِ مَا دَامَ فِي وقته
قلت أَرَأَيْت إِذا اسْتكْمل الْمُقِيم يَوْمًا وَلَيْلَة وَهُوَ على وضوئِهِ

(1/92)


لم يحدث أيصلي بذلك الْمسْح قَالَ لَا وَلكنه يخلع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ قلت فَإِن كَانَ مُسَافِرًا اسْتكْمل ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَلم يحدث وَلم ينم قَالَ ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَلَا يجب على وَاحِد مِنْهُمَا أَن يُعِيد الْوضُوء كُله قلت لم قَالَ لِأَن الْوضُوء إِنَّمَا يجب عَلَيْهِ فِي الْقَدَمَيْنِ فَأَما مَا سوى ذَلِك فَهُوَ طَاهِر قلت فَإِن صلى بعد مَا اسْتكْمل لوقت مَسحه ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ أَن ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَيُعِيد مَا صلى بعد خُرُوج الْوَقْت
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه فصلى صَلَاة أَو صَلَاتَيْنِ ثمَّ أحدث فَمسح على الْخُفَّيْنِ أَيكُون لَهُ كَمَال يَوْم وَلَيْلَة من الْحَدث الآخر أَو من الْحَدث الأول قَالَ بل من الْحَدث الأول قلت فَإِن صلى بمسحه ذَلِك الآخر كَمَال يَوْم وَلَيْلَة قَالَ عَلَيْهِ أَن ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَيُعِيد مَا صلى بعد خُرُوج الْوَقْت من الْحَدث الأول
قلت أفيمسح الرجل على الْخُفَّيْنِ مَا دَامَ فِي الْوَقْت من كل حدث غائطا كَانَ أَو بولا أَو رعافا أَو نوما أَو قيئا أَو أغمى عَلَيْهِ أَو ذهب عقله قَالَ نعم يمسح على خفيه مَا لم يخرج الْوَقْت إِلَّا أَن يجب عَلَيْهِ الْغسْل فَإِذا وَجب عَلَيْهِ الْغسْل فَلَا بُد من أَن يخلع خفيه قلت وَكَذَلِكَ لَو احْتَلَمَ أَو لامس من شَهْوَة فَأنْزل أَو جَامع فِيمَا دون الْفرج أَو نظر إِلَى

(1/93)


فرج امْرَأَة فأمنى قَالَ نعم هَذَا كُله بَاب وَاحِد إِذا وَجب عَلَيْهِ الْغسْل فِي وَجه من الْوُجُوه فَلَا بُد من أَن يخلع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ
قلت أَرَأَيْت الرجل وَالْمَرْأَة هما سَوَاء فِي الْغسْل وَالْوُضُوء وَالْمسح على الْخُفَّيْنِ قَالَ نعم هما سَوَاء فِي كل شَيْء من الْوضُوء وَالْغسْل وَالْمسح على الْخُفَّيْنِ وَمسح الرَّأْس
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر يكون فِي أَرض الْجَبَل وَعَلِيهِ خفان وجرموقان فَوق الْخُفَّيْنِ أيتوضأ وَيمْسَح على الجرموقين وَقد كَانَ لبس خفيه على وضوء ثمَّ نزع أحد الجرموقين قَالَ عَلَيْهِ أَن يخلع الجرموق الثَّانِي وَيمْسَح على خفيه إِذا انْتقض بعض الْمسْح انْتقض كُله قلت لم قَالَ أَلا ترى أَنه إِذا وَجب عَلَيْهِ غسل إِحْدَى قَدَمَيْهِ وَجب

(1/94)


عَلَيْهِ غسل الْأُخْرَى قلت أَرَأَيْت إِن لم ينْزع خفيه وَلكنه مسح عَلَيْهِمَا ثمَّ لبس فَوْقهمَا الجرموقين أيجب عَلَيْهِ أَن يمسح على الجرموقين دون أَن يحدث قَالَ لَا قلت لم لَا يكون هَذَا كالباب الأول حِين مسح على الجرموقين ثمَّ نزعهما وَجب عَلَيْهِ أَن يمسح على الْخُفَّيْنِ فَإِذا مسح على الْخُفَّيْنِ ثمَّ لبس فَوْقهمَا الجرموقين زعمت أَنه لَا يجب عَلَيْهِ أَن يمسح على الجرموقين حَتَّى يحدث قَالَ هما مُخْتَلِفَانِ أَلا ترى أَنه إِذا مسح على الْخُفَّيْنِ ثمَّ لبس فَوْقهمَا الجرموقين فَالَّذِي مسح عَلَيْهِمَا هُوَ بعد لابسهما فَإِذا مسح على الجرموقين ثمَّ نزعهما فقد بَقِي عَلَيْهِ خفان لم يمسحهما وَلَا بُد من أَن يمسح عَلَيْهِمَا
قلت أَرَأَيْت رجلا قَالَ لرجل عَلمنِي الْوضُوء وَالْمسح على الْخُفَّيْنِ فَتَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَلَا يَنْوِي بذلك وضوء الصَّلَاة هَل يجْزِيه من وضوئِهِ وَقد كَانَ لبس خفيه وَهُوَ على وضوئِهِ ثمَّ أحدث بعد ذَلِك قَالَ نعم يجْزِيه من وضوئِهِ وَإِن لم يكن ينويه
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ فنسى أَن يمسح على خفيه وَقد تَوَضَّأ

(1/95)


وضُوءًا تَاما إِلَّا الْمسْح ثمَّ خَاضَ المَاء وَعَلِيهِ خفاه فَأصَاب المَاء ظَاهر الْخُفَّيْنِ وباطنهما قَالَ يجْزِيه ذَلِك من الْمسْح
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَهُوَ مُقيم فصلى بذلك الْوضُوء يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ سَافر بعد ذَلِك أَو سَافر قبل أَن يستكمل يَوْمًا وَلَيْلَة قَالَ إِذا سَافر بعد مَا اسْتكْمل يَوْمًا وَلَيْلَة فقد انْتقض الْمسْح وَلَا يجْزِيه دون أَن يغسل قَدَمَيْهِ إِن كَانَ على وضوء بعد وَإِن كَانَ أحدث اسْتقْبل الْوضُوء وَأما إِذا سَافر قبل أَن يستكمل يَوْمًا وَلَيْلَة فَلهُ أَن يُصَلِّي بذلك الْمسْح حَتَّى يستكمل ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها من السَّاعَة الَّتِي أحدث فِيهَا وَهُوَ مُقيم قلت فَإِن أحدث فِي الثَّلَاث قَالَ عَلَيْهِ أَن يتَوَضَّأ وَيمْسَح على خفيه قلت وَيجب عَلَيْهِ أَن يحْتَسب بِهِ فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام مَا صلى بِالْمَسْحِ وَهُوَ مُقيم قَالَ نعم قلت لم جعلت لَهُ هَهُنَا مَا للْمُسَافِر وَقد أحدث وَهُوَ مُقيم قَالَ لِأَنَّهُ سَافر قبل أَن يستكمل مُدَّة الْمسْح فَلهُ مَا للْمُسَافِر
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا مسح على خفيه ثمَّ قدم الْمصر فَأَقَامَ قَالَ يكون لَهُ مَا يكون للمقيم فَإِن كَانَ قد اسْتكْمل فِي سَفَره يَوْمًا

(1/96)


وَلَيْلَة فقد انْتقض الْمسْح وَعَلِيهِ أَن ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ إِن كَانَ على وضوئِهِ وَإِن كَانَ أحدث اسْتقْبل الْوضُوء وَإِن كَانَ لم يستكمل فِي سَفَره يَوْمًا وَلَيْلَة اسْتكْمل يَوْمًا وَلَيْلَة قلت فَإِن مسح وَهُوَ مُسَافر ثمَّ أَقَامَ وَجب عَلَيْهِ مَا يجب على الْمُقِيم وانتقض حَال السّفر الأول قَالَ نعم قلت وَهَذَا قِيَاس الْبَاب الأول إِذا مسح وَهُوَ مُقيم ثمَّ سَافر قبل أَن يمْضِي يَوْم وَلَيْلَة كَانَ لَهُ مَا للْمُسَافِر وَإِذا مسح وَهُوَ مُسَافر ثمَّ أَقَامَ كَانَ لَهُ مَا للمقيم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مسح فِي السّفر يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ بدا لَهُ أَن يُقيم قَالَ قد انْتقض حَال السّفر وَرجع إِلَى حَال الْمُقِيم قلت أَرَأَيْت رجلا خرج إِلَى ضيعته بِالسَّوَادِ هَل يمسح ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها قَالَ إِن كَانَ سَفَره ذَلِك أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها مسح على خفيه ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها يكون لَهُ مَا للْمُسَافِر وَإِن كَانَ سَفَره ذَلِك أقل من ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها فَهَذَا والمقيم سَوَاء وَيكون لَهُ مَا للمقيم
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا مسح على خفيه فصلى صَلَاة أَو صَلَاتَيْنِ ثمَّ بدا لَهُ أَن يُقيم قَالَ قد انْقَطع حَال السّفر وَكَانَ لَهُ مَا للمقيم يَوْم

(1/97)


وَلَيْلَة قلت فَإِن قدم أَرضًا وَقد سَافر إِلَيْهَا وَهِي مسيرَة شهر فَدَخلَهَا وَلَا يدْرِي مَتى يخرج مِنْهَا بقول الْيَوْم وَغدا أَله أَن يمسح على الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا مُسَافر بعد قلت أَرَأَيْت إِن بدا لَهُ أَن يُقيم خَمْسَة عشر يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك وَأجْمع رَأْيه على ذَلِك يَوْم دخل قَالَ هَذَا مُقيم وَله مَا للمقيم قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يغزون أَرض الْحَرْب فيقيمون فِي الْعَسْكَر شهرا أَو نَحْو ذَلِك أَو يحاصرون مَدِينَة من الْمَدَائِن كَيفَ يصلونَ أصلاة مُسَافر أَو صَلَاة مُقيم وَمَا حَالهم فِي الْمسْح قَالَ هَؤُلَاءِ مسافرون لَهُم من الْمسْح ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَعَلَيْهِم أَن يقصروا الصَّلَاة قلت لم وَهَؤُلَاء قد وطنوا أنفسهم على إِقَامَة شهر وَقد قلت إِذا وَطن الْمُسَافِر نَفسه بِإِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا وَجب عَلَيْهِ أَن يتم الصَّلَاة وَكَانَ لَهُ من الْمسْح مَا للمقيم قَالَ لِأَن الْعَسْكَر لَيْسَ كالأمصار والمدائن إِذا كَانَ الْقَوْم فِي عَسْكَر فهم مسافرون وَإِن وطنوا أنفسهم على إِقَامَة سنة قلت أَرَأَيْت رجلا خرج من الْكُوفَة إِلَى مصرين من الْأَمْصَار أَو إِلَى مدينتين من الْمَدَائِن وَالَّذِي بَينهمَا مسيرَة يَوْم أَو يَوْمَيْنِ وَهُوَ يُرِيد أَن يُقيم بهما جَمِيعًا خَمْسَة عشر يَوْمًا فَقدم أَحدهمَا مَا لَهُ من الْمسْح قَالَ لَهُ من الْمسْح مَا للْمُسَافِر قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يوطن نَفسه على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا فِي مَدِينَة وَاحِدَة

(1/98)


قلت وَلَا ترى مدينتين فِي هَذَا مثل مَدِينَة وَاحِدَة قَالَ لَا أَلا ترى أَنه لم ينفذ إِلَى الْأُخْرَى بعد قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ المدينتان مثل الْحيرَة والكوفة قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء قلت لم صَار هَكَذَا قَالَ أَرَأَيْت رجلا من أهل الْحيرَة أقبل من خُرَاسَان حَتَّى أَتَى الْكُوفَة فَأَقَامَ بهَا ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة أَيَّام أَلَيْسَ هَذَا مُسَافِرًا حَتَّى يَأْتِي الْحيرَة لَهُ من الْمسْح مَا للْمُسَافِر وَعَلِيهِ من الصَّلَاة مَا على الْمُسَافِر قلت بلَى قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَصلى فَقعدَ فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد ثمَّ وجد فِي خفه شَيْئا فَنَزَعَهُ قَالَ صلَاته تَامَّة فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما فِي قَول أبي حنيفَة فَإِنَّهُ يسْتَقْبل الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا تيَمّم وَهُوَ لَا يجد المَاء ثمَّ لبس خفيه على تيَمّمه ذَلِك ثمَّ صلى فَلَمَّا فرغ من صلَاته حضرت صَلَاة أُخْرَى فَوجدَ المَاء أيتوضأ وَيمْسَح على خفيه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يَلْبسهُمَا على وضوء إِنَّمَا لبسهما على تيَمّم أَلا ترى أَنه لَو وجد المَاء لم يجزه تيَمّمه ذَلِك وَكَانَ عَلَيْهِ الْوضُوء وَلَو لبس خفيه على وضوء ثمَّ أحدث وَتَوَضَّأ وَمسح عَلَيْهِمَا لم يجب عَلَيْهِ وضوء حَتَّى يحدث فَهَذَا مُخَالف لذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على جبائر على يَدَيْهِ ثمَّ لبس خفيه

(1/99)


ثمَّ أحدث بعد ذَلِك هَل يتَوَضَّأ وَيمْسَح على جبائر يَده أَيْضا وعَلى خفيه قَالَ نعم قلت لم وَقد لبس الْخُفَّيْنِ على غير وضوء تَامّ قَالَ هَذَا طهُور تَامّ فِي هَذِه الْحَال وَلَيْسَ هَذَا كالتيمم أَلا ترى أَن هَذَا على وضوئِهِ مَا لم يحدث والمتيمم إِذا وجد المَاء تَوَضَّأ وَإِن لم يحدث
قلت أَرَأَيْت رجلا اغْتسل من الْجَنَابَة ثمَّ لبس خفيه ثمَّ أحدث بعد ذَلِك أيتوضأ وَيمْسَح عَلَيْهِمَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا مُقيما تَوَضَّأ وَمسح على خفيه ثمَّ سَافر ثمَّ أحدث فَلم يجد المَاء أيتيمم وَلَا ينْزع خفيه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يمسح على الْخُفَّيْنِ أَتَرَى لَهُ أَن يؤم المتوضئين قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون متوضئا وَيُرِيد أَن يَبُول أَو يقْضِي حَاجته فيلبس خفيه ثمَّ يَبُول أَو يقْضِي حَاجته وَإِنَّمَا يُرِيد بذلك الْمسْح هَل يجْزِيه أَن يتَوَضَّأ وَيمْسَح على خفيه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه ثمَّ نزعهما وَعَلِيهِ جوربان ثمَّ أحدث أيجزيه أَن يمسح على الجوربين وَيُصلي قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الْمسْح على الجوربين لَا يجزى وَلكنه يخلع جوربيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجْزِيه الْمسْح على الجوربين

(1/100)


قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَلبس خفيه ثمَّ خلع أَحدهمَا ثمَّ أحدث هَل يجْزِيه أَن يمسح على الْخُف الَّذِي لم ينْزع وَيغسل الْأُخْرَى قَالَ لَا وَلكنه يخلع الْأُخْرَى وَيغسل قَدَمَيْهِ إِذا وَجب الْغسْل فِي إِحْدَى رجلَيْهِ وَجب فِي الْأُخْرَى
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه ثمَّ بدا لَهُ أَن يخلعهما جَمِيعًا فَنزع الْقدَم من الْخُف غير أَنَّهَا فِي السَّاق بعد ثمَّ بدا لَهُ فلبسهما هَل يجب عَلَيْهِ غسل قَدَمَيْهِ جَمِيعًا قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد نزع الْقدَم من الْخُف فَإِذا نزع الرجل قَدَمَيْهِ من الْخُف وَجب عَلَيْهِ غسل قَدَمَيْهِ جَمِيعًا وَلَا ينْتَقض الْمسْح فِي قَول أبي حنيفَة إِلَّا أَن يخرج أَكثر عقبه عَن مَوْضِعه وَفِي قَول أبي يُوسُف حَتَّى يخرج أَكثر قدمه وَفِي قَول مُحَمَّد حَتَّى يخرج كُله
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة تَوَضَّأت ومسحت على القفازين قَالَ لَا يجزيها حَتَّى تغسل ذراعيها قلت فَإِن صلت بذلك الْمسْح قَالَ عَلَيْهَا أَن تنْزع القفازين وتغسل ذراعيها وتعيد الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا أَرَادَ أَن يمسح على خفيه أَتَرَى لَهُ أَن يغسل الْخُفَّيْنِ كَمَا يغسل قَدَمَيْهِ قَالَ لَا أرى لَهُ ذَلِك وَلكنه يمسحهما مسحا

(1/101)


قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه بِظَاهِر كفيه أَو بباطنهما هَل يجْزِيه قَالَ نعم وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن يمسحهما بباطن كفيه
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَصلى ثمَّ قعد قدر التَّشَهُّد وَفرغ من التَّشَهُّد وَذهب وَقت الْمسْح حِين فرغ من التَّشَهُّد قبل أَن يسلم قَالَ أما فِي قَول أبي حنيفَة فَإِن عَلَيْهِ أَن ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِن صلَاته تَامَّة وَعَلِيهِ أَن ينْزع خفيه وَيغسل رجلَيْهِ لصَلَاة أُخْرَى
قلت أَرَأَيْت رجلا لم يجد المَاء فَتَوَضَّأ بالنبيذ وَلبس خفيه ثمَّ أحدث وَتَوَضَّأ وَمسح على الْخُفَّيْنِ بذلك النَّبِيذ ثمَّ وجد المَاء قَالَ ينْزع خفيه وَيسْتَقْبل الْوضُوء بِالْمَاءِ وَإِنَّمَا يكون للرجل أَن يتَوَضَّأ بالنبيذ مَا لم يجد المَاء فَإِذا وجد المَاء لم يجزه أَن يتَوَضَّأ بالنبيذ وَإِن كَانَ قد تَوَضَّأ بالنبيذ ثمَّ وجد المَاء انْتقض وضوؤه ذَلِك وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الْوضُوء بِالْمَاءِ
قلت أَرَأَيْت رجلا بِهِ جرح عَلَيْهِ خرقَة وَقد نهى أَن يُصِيبهُ المَاء فَتَوَضَّأ وَمسح عَلَيْهِ ثمَّ لبس خفيه ثمَّ أحدث فَتَوَضَّأ وَمسح على الْخُفَّيْنِ ثمَّ برأَ ذَلِك الْجرْح كَيفَ يصنع قَالَ ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَيكون على وضوئِهِ لِأَن الْمسْح إِنَّمَا يجْزِيه مَا لم يبرأ ذَلِك الْجرْح
قلت أَرَأَيْت مُسْتَحَاضَة لَا يَنْقَطِع عَنْهَا الدَّم تَوَضَّأت ثمَّ سَالَ الدَّم بعد وضوئها ثمَّ لبست خفيها ثمَّ صلت ثمَّ أحدثت بعد مَا فرغت من

(1/102)


الصَّلَاة فَتَوَضَّأت ومسحت على خفيها ثمَّ ذهب وَقت تِلْكَ الصَّلَاة أتتوضأ وتمسح على الْخُفَّيْنِ قَالَ لَا وَلَكِن تنْزع خفيها وتغسل قدميها وَإِنَّمَا يكون لَهَا أَن تمسح مَا كَانَت فِي وَقت الصَّلَاة فَإِذا دخل وَقت صَلَاة أُخْرَى فَلَا بُد لَهَا من أَن تنْزع خفيها وتغسل قدميها وتعيد الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ وَلبس خفيه ثمَّ أحدث فَتَوَضَّأ وَمسح على الْخُفَّيْنِ ثمَّ لبس الجرموقين فَوق الْخُفَّيْنِ ثمَّ أحدث قَالَ ينْزع الجرموقين وَيتَوَضَّأ وَيمْسَح على الْخُفَّيْنِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ مَعَ الرجل فِي سَفَره مَاء هُوَ قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ وَفِي ثَوْبه دم أَنه يغسل ذَلِك الدَّم من ثَوْبه بذلك المَاء وَيتَيَمَّم بالصعيد وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة قَالَ حَمَّاد يتَوَضَّأ بذلك المَاء وَلَا يغسل ذَلِك الدَّم وَالله أعلم
- بَاب التَّيَمُّم بالصعيد
-
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر الَّذِي لَا يجد المَاء مَتى يتَيَمَّم وَكَيف يتَيَمَّم قَالَ ينْتَظر إِلَى آخر وَقت تِلْكَ الصَّلَاة الَّتِي حضرت فَإِن وجد المَاء تَوَضَّأ وَصلى وَإِن لم يجد المَاء يتَيَمَّم صَعِيدا طيبا وَالتَّيَمُّم أَن يضع يَدَيْهِ على الأَرْض ثمَّ يرفعهما فينفضهما ثمَّ يمسح بهما وَجهه ثمَّ يضعهما

(1/103)


على الأَرْض ثمَّ يرفعهما ثمَّ يمسح بهما كفيه وذراعيه إِلَى الْمرْفقين ثمَّ يُصَلِّي
قلت أَرَأَيْت إِن مسح كفيه وَوَجهه وَلم يمسح ذِرَاعَيْهِ قَالَ لَا يجْزِيه ذَلِك قلت فَإِن مسح كفيه وذراعيه وَلم يمسح وَجهه قَالَ لَا يجْزِيه أَيْضا قلت فَإِن مسح وَجهه وذراعيه وَلم يمسح ظَاهر كفيه قَالَ لَا يجْزِيه أَيْضا
قلت أَرَأَيْت كل شَيْء يتَيَمَّم بِهِ من تُرَاب أَو طين أَو جص أَو نورة أَو زرنيخ أَو شَيْء مِمَّا يكون من الأَرْض قَالَ يجْزِيه التَّيَمُّم بذلك كُله
قلت فَإِن ضرب يَدَيْهِ على حَائِط أَو حَصَاة أَو على حِجَارَة عَلَيْهَا غُبَار فيتيمم بذلك قَالَ يجْزِيه
قلت فَإِن تيَمّم بِشَيْء غير الصَّعِيد وَلَيْسَ من الأَرْض قَالَ لَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} فَمَا كَانَ من الأَرْض فَهُوَ من الصَّعِيد وَمَا كَانَ من غير الأَرْض فَلَيْسَ بالصعيد وَلَا يَجْزِي التَّيَمُّم بِهِ
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا تيَمّم فِي أول الْوَقْت وَصلى وَلم ينْتَظر

(1/104)


إِلَى آخر الْوَقْت ثمَّ وجد المَاء بعد فَرَاغه من الصَّلَاة وَبعد مَا سلم قَالَ صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت إِن وجد المَاء قبل أَن يسلم وَقد قعد قدر التَّشَهُّد أَو وجد المَاء قبل أَن يقْعد قدر التَّشَهُّد قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَيتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَصلَاته تَامَّة إِذا كَانَ قد قعد قدر التَّشَهُّد فَإِن وجد المَاء قبل أَن يقْعد قدر التَّشَهُّد فَعَلَيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت الْمُتَيَمم هَل يُصَلِّي بالقوم المتوضئين قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يؤم الْمُتَيَمم المتوضئين قَالَ بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب رضوَان الله عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت الْجنب وَالْحَائِض وَغير الْجنب وَغير الْحَائِض أَهما سَوَاء فِي التَّيَمُّم كَمَا وصفت الْكَفَّيْنِ والذراعين وَالْوَجْه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا مُقيما فِي الْمصر لَا يَسْتَطِيع الْوضُوء

(1/105)


لما بِهِ من الْمَرَض أيجزيه أَن يتَيَمَّم قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ جنبا من احْتِلَام وَلَا يَسْتَطِيع الْغسْل أيتيمم بالصعيد كَمَا وَصفنَا قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ مَرِيضا كَمَا وصفت لَا يَسْتَطِيع الْوضُوء أيصلي بتيممه ذَلِك مَا لم يحدث قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن مكث يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ على حَاله لَا يحدث وَلَا ينَام قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مُسَافِرًا صلى بتيممه ذَلِك مَا لم يحدث أَو يجد المَاء قَالَ نعم قلت فَإِن تيَمّم وَصلى ثمَّ وجد المَاء فَلم يتَوَضَّأ ثمَّ حضرت صَلَاة أُخْرَى هَل يجْزِيه أَن يُصَلِّي بتيممه ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ وجد المَاء فقد فسد تيَمّمه فَلَا بُد لَهُ من أَن يتَيَمَّم ثَانِيَة قلت وَكَذَلِكَ الْحَدث نعم
قلت أَرَأَيْت إِن تيَمّم بإصبع وَاحِدَة أَو بإصبعين قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن تيَمّم بِثَلَاثَة أَصَابِع قَالَ يجْزِيه قلت لم لِأَنَّهُ تيَمّم بِالْأَكْثَرِ من أَصَابِعه
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا تيَمّم أيجب عَلَيْهِ أَن يُصِيب رجلَيْهِ أَو رَأسه بِشَيْء من التَّيَمُّم قَالَ لَا إِنَّمَا التَّيَمُّم كَمَا وصفت لَك

(1/106)


قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا أجنب فَحَضَرت الصَّلَاة فَلم يقدر على المَاء ليغتسل بِهِ إِلَّا أَن عِنْده من المَاء قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا يَسْتَطِيع أَن يغْتَسل بِهِ كَيفَ يصنع قَالَ يتَيَمَّم بالصعيد وَلَا يتَوَضَّأ بذلك المَاء قلت فَإِن تيَمّم بالصعيد وَصلى الظّهْر ثمَّ أحدث ثمَّ حضرت الْعَصْر وَذَلِكَ المَاء عِنْده قدر مَا يوضئه قَالَ يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا يتَيَمَّم قلت فَإِن تيَمّم وَلم يتَوَضَّأ بذلك المَاء قَالَ لَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ طَاهِر وَعِنْده من المَاء قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ فَلَا يجْزِيه أَن يتَيَمَّم فَلذَلِك جعلت عَلَيْهِ الْوضُوء
قلت فَإِن تَوَضَّأ وَلبس خفيه ثمَّ أحدث ثمَّ تيَمّم ثمَّ أحدث ثمَّ أصَاب من المَاء مِقْدَار مَا يتَوَضَّأ قَالَ هَذَا يتَوَضَّأ وَيمْسَح على خفيه
قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ بذلك المَاء وَصلى الْعَصْر ثمَّ مر بِالْمَاءِ بعد مَا صلى الْعَصْر فَلم يغْتَسل ثمَّ حضرت الْمغرب وَقد أحدث أَو لم يحدث وَعِنْده من المَاء قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا يَسْتَطِيع أَن يغْتَسل أيتوضأ بِهِ أَو يتَيَمَّم قَالَ بل يتَيَمَّم وَلَا يتَوَضَّأ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ حِين أبْصر المَاء قد عَاد جنبا كَمَا كَانَ قلت وَإِذا حضرت الصَّلَاة بعد ذَلِك فَلم يجد من المَاء قدر مَا يغْتَسل بِهِ قَالَ عَلَيْهِ أَن يتَيَمَّم وَلَا يتَوَضَّأ قلت فَإِن تيَمّم وَصلى الْمغرب ثمَّ حضرت الْعشَاء وَقد أحدث وَعِنْده من المَاء قدر

(1/107)


مَا يتَوَضَّأ بِهِ ايتوضأ بِهِ أم يتَيَمَّم قَالَ بل يتَوَضَّأ وَلَا يتَيَمَّم قلت أَلَيْسَ قد زعمت أَنه عَاد جنبا كَمَا كَانَ قَالَ أجل وَلكنه لما حضرت الْمغرب وَلم يجد من المَاء قدر مَا يغْتَسل فَتَيَمم وَصلى الْمغرب فقد صَار طَاهِرا فَإِذا حضرت الْعشَاء وَهُوَ يقدر على مَا يتَوَضَّأ بِهِ لم يجزه أَن يتَيَمَّم لِأَنَّهُ طَاهِر
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة وَلبس خفيه وَصلى الظّهْر ثمَّ أجنب ثمَّ حضرت الْعَصْر وَعِنْده من المَاء قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا يغْتَسل فَتَيَمم بالصعيد وَصلى الْعَصْر ثمَّ حضرت الْمغرب وَعِنْده من المَاء قدر مَا يوضئه فَتَوَضَّأ بِهِ أيمسح على خفيه أَو ينزعهما قَالَ بل ينزعهما وَيغسل رجلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ بِهِ وَنزع خفيه وَغسل قَدَمَيْهِ ثمَّ لبس خفيه وَصلى الْمغرب ثمَّ أحدث فَحَضَرت الْعشَاء وَعِنْده مَاء قدر مَا يوضئه أيمسح على خفيه أَو ينزعهما قَالَ بل يمسح على خفيه وَلَا ينزعهما قلت أَرَأَيْت إِن مسح عَلَيْهِمَا وَصلى الْعشَاء ثمَّ مر بِالْمَاءِ وَلم يغْتَسل فَحَضَرت صَلَاة الْفجْر وَعِنْده من المَاء قدر مَا يوضئه أيتوضأ بِهِ وَينْزع خفيه أَو يمسح أَو يتَيَمَّم كَيفَ يصنع قَالَ لَا يمسح وَلَا ينْزع خفيه وَلكنه يتَيَمَّم بالصعيد وَيُصلي الْفجْر قلت أَرَأَيْت

(1/108)


إِن تيَمّم وَصلى الْفجْر ثمَّ أحدث ثمَّ حضرت الظّهْر وَعِنْده من المَاء قدر مَا يوضئه قَالَ يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا يتَيَمَّم قلت فَهَل يمسح على خفيه قَالَ لَا وَلكنه ينزعهما وَيغسل رجلَيْهِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ مر بِالْمَاءِ فقد انْتقض وضوؤه كُله فَلَا بُد لَهُ من أَن ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن نزعهما وَغسل قَدَمَيْهِ ثمَّ لبس خفيه وَصلى الظّهْر ثمَّ أحدث فَحَضَرت الْعَصْر وَعِنْده من المَاء قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ قَالَ يتَوَضَّأ وَيمْسَح على خفيه وَلَا ينزعهما قلت لم قَالَ لِأَن رجلَيْهِ طاهرتان بعد قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَصلى الْعَصْر فَقعدَ قدر التَّشَهُّد ثمَّ أبْصر المَاء قَالَ قد انتقضت صلَاته حِين أبْصر المَاء فَعَلَيهِ أَن يغْتَسل وَيُعِيد الْعَصْر وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد صلَاته تَامَّة وَلَا يُعِيدهَا قلت أَرَأَيْت إِن قعد قدر التَّشَهُّد وَسلم ثمَّ أبْصر المَاء قَالَ عَلَيْهِ أَن يغْتَسل وَلَا يُعِيد الْعَصْر لِأَن صلَاته قد تمت
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا أجنب فَحَضَرت الظّهْر فَلم يجد المَاء فَتَيَمم بالصعيد وَصلى فَلَمَّا قعد قدر التَّشَهُّد وجد من المَاء قدر مَا يوضئه وَلَا يغْتَسل قَالَ يمْضِي على صلَاته قلت أَرَأَيْت إِن مضى على صلَاته وَسلم ثمَّ أحدث ثمَّ حضرت الْعَصْر فَلم يجد المَاء فَتَيَمم بالصعيد وَصلى الْعَصْر فَلَمَّا قعد قدر التَّشَهُّد وجد من المَاء قدر مَا يوضئه قَالَ قد انتقضت صلَاته حِين وجد من المَاء قدر مَا يوضئه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لما تيَمّم

(1/109)


فِي الظّهْر وَصلى فقد صَار طَاهِرا فَإِذا دخل الْعَصْر فَوجدَ المَاء فَإِنَّهُ لَا يجْزِيه أَن يتَيَمَّم وَهُوَ يجد المَاء وَعَلِيهِ أَن يتَوَضَّأ وَيُصلي الْعَصْر
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لما حضرت الظّهْر فَلم يجد المَاء فَتَيَمم وَصلى من الظّهْر رَكْعَة ثمَّ ضحك فَانْصَرف ثمَّ وجد من المَاء قدر مَا يغْتَسل بِهِ قَالَ عَلَيْهِ أَن يغْتَسل وَيسْتَقْبل الظّهْر وَلَا يجْزِيه أَن يبْنى على صلَاته قلت وَكَذَلِكَ لَو تكلم أَو رعف أَو أحدث أَو تقيأ مُتَعَمدا أَو غير متعمد قَالَ نعم هَذَا كُله سَوَاء وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة لِأَنَّهُ لما وجد المَاء فقد انْتقض تيَمّمه وَعَاد جنبا كَمَا كَانَ فَعَلَيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا وجد بِئْرا فِي الطَّرِيق فِيهَا مَاء وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع ان يَأْخُذ مِنْهَا وَلَا يجد مَاء غَيره قَالَ يَتِيم بالصعيد وَيصلى وَهَذَا بِمَنْزِلَة من لَا يجد المَاء
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا تيَمّم بالصعيد وَالْمَاء مِنْهُ قريب وَهُوَ لَا يعلم بِهِ فصلى بتيممه ذَلِك وَسلم ثمَّ علم بِالْمَاءِ قَالَ صلَاته تَامَّة إِذا لم يعلم بِالْمَاءِ وَهُوَ بِمَنْزِلَة من لَا يجد المَاء
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا حضرت الصَّلَاة وَهُوَ على غير وضوء وَلَا يجد المَاء إِلَّا قدر مَا يغسل فرجه أَو قدر مَا يغسل وَجهه لَا يبلغ

(1/110)


فِي وضوئِهِ كُله أيتيمم بالصعيد أَو يتَوَضَّأ بذلك المَاء قَالَ بل يتَيَمَّم للصَّلَاة وَلَا يتَوَضَّأ بذلك المَاء
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا عِنْده من المَاء قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ وَهُوَ يخَاف الْعَطش فَحَضَرت الصَّلَاة وَهُوَ فِي مفازة قَالَ يتَيَمَّم بالصعيد وَلَا يتَوَضَّأ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَعَه من المَاء أَكثر مِمَّا يتَوَضَّأ بِهِ قَالَ نعم إِذا كَانَ يخَاف على نَفسه
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن مَعَه مَاء وَكَانَ مَعَه رَفِيق لَهُ مَاء فَأبى رَفِيقه أَن يُعْطِيهِ من المَاء شَيْئا إِلَّا بِثمن كثير قَالَ يتَيَمَّم وَلَا يَشْتَرِي إِن شَاءَ قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو قَالَ صَاحب المَاء أبيعك لوضوئك من المَاء مَا يَكْفِيك بِأَلف دِرْهَم أَو أَكثر من ذَلِك أَكَانَ يجب عَلَيْهِ أَن يَشْتَرِيهِ مِنْهُ فَلهُ أَن لَا يَشْتَرِيهِ وَلكنه يتَيَمَّم وَيُصلي قلت فَإِن وجد المَاء بِثمن رخيص كَمَا يجد النَّاس قَالَ يَشْتَرِي فيتوضأ وَيشْرب وَلَا يتَيَمَّم
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا فِي طين وردغة لَا يجد مَاء يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا صَعِيدا يتَيَمَّم بِهِ كَيفَ يصنع قَالَ إِن كَانَ مَعَه لبد أَو سرج

(1/111)


نفضه وَتيَمّم بغباره وَإِن لم يكن ذَلِك مَعَه نفض ثَوْبه فَتَيَمم بغباره قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن فِي ثَوْبه غُبَار وَكَانَ قد أَصَابَهُ الْمَطَر وَلم يكن على دَابَّته سرج وَلَا لبد وَلَا يجد شَيْئا فِيهِ تُرَاب قَالَ يَأْخُذ من ذَلِك الطين شَيْئا فيلطخ بِهِ بعض ثِيَابه فَإِذا جف تيَمّم بِهِ قلت فَإِن لطخ بِهِ ثَوْبه فَلم يجِف وَلَا يجد مَاء وَلَا صَعِيدا قَالَ ينْتَظر حَتَّى يجِف أَو يجد صَعِيدا أَو مَاء قلت فَإِن ذهب الْوَقْت قَالَ وَإِن ذهب الْوَقْت لِأَنَّهُ لَا يجْزِيه أَن يُصَلِّي إِلَّا بِوضُوء أَو تيَمّم وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُصَلِّي إِذا لم يجد المَاء وَلَا يجِف ذَلِك الطين فَإِذا جف الطين أَو وجد المَاء أَو الصَّعِيد تيَمّم وَأعَاد الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت إِن وجد سُؤْر حمَار أَو بغل أيتوضأ بِهِ أَو يتَيَمَّم قَالَ بل يتَوَضَّأ بِهِ وَيتَيَمَّم بعد ذَلِك ثمَّ يُصَلِّي قلت لم قَالَ هَذَا أَخذ بالثقة فَإِن أجزاه سُؤْر الْحمار لم يضرّهُ التَّيَمُّم شَيْئا وَإِن لم يجزه كَانَ قد تيَمّم

(1/112)


قلت أرايت مُسَافِرًا تيَمّم ثمَّ أصَاب بعض جسده بَوْل أَو عذرة أَو دم أَو قيء أَو خمر وَلَا يجد المَاء هَل ينْقض ذَلِك تيَمّمه قَالَ لَا قلت فَكيف يصنع فِي الَّذِي أَصَابَهُ وَهُوَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم قَالَ يمسحه بِخرقَة أَو بِتُرَاب ثمَّ يُصَلِّي قلت فَإِن صلى وَلم يمسحه قَالَ يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يجد المَاء وَلَا يطهر ذَلِك الْمَكَان إِلَّا بِالْمَاءِ فَتَركه ومسحه سَوَاء
قلت أرايت رجلا تيَمّم للصَّلَاة ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام ثمَّ أسلم وَتَابَ أَيكُون على تيَمّمه ذَلِك مَا لم يجد المَاء أَو يحدث قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو تَوَضَّأ ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام ثمَّ أسلم قَالَ نعم قلت لم وَقد حَبط عمله قَالَ إِنَّمَا حَبط أجر عمله فَأَما الطُّهْر فَهُوَ طَاهِر
قلت أَرَأَيْت نَصْرَانِيّا تَوَضَّأ أَو اغْتسل ثمَّ أسلم أَيكُون على وضوئِهِ وغسله قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت نَصْرَانِيّا تيَمّم ثمَّ أسلم هَل يجْزِيه تيَمّمه ذَلِك مَا لم يجد المَاء أَو يحدث قَالَ لَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَن التَّيَمُّم لَا يكون إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف يجْزِيه وَهُوَ متيمم
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر تكون مَعَه امْرَأَته أَو جَارِيَته فَأَرَادَ أَن يَطَأهَا

(1/113)


وَهُوَ يعلم أَنه لَا يجد المَاء أَتَرَى لَهُ أَن يَطَأهَا قَالَ نعم أَلا ترى قَوْله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا}
قلت أَرَأَيْت رجلا قَالَ لرجل عَلمنِي التَّيَمُّم يُرِيد بذلك التَّعْلِيم وَلَا يَنْوِي بِهِ الصَّلَاة هَل يجْزِيه ذَلِك من تيَمّمه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن التَّيَمُّم لَا يكون إِلَّا بِالنِّيَّةِ قلت فَلم يجْزِيه هَذَا فِي الْوضُوء إِذا علم بِهِ وَلَا يجْزِيه فِي التَّيَمُّم قَالَ هما مُخْتَلِفَانِ أَلا ترى لَو أَن رجلا جنبا وَقع فِي نهر وَهُوَ لَا يُرِيد الْغسْل فاغتسل فِيهِ أجزاه ذَلِك من غسله وَمن وضوئِهِ وَلَو أصَاب ذِرَاعَيْهِ وَوَجهه غُبَار لم يجزه من التَّيَمُّم أَو لَا ترى لَو أَصَابَهُ مطر ينقي ذِرَاعَيْهِ وَوَجهه وَرجلَيْهِ أجزاه ذَلِك من الْوضُوء فالوضوء لَا يشبه التَّيَمُّم
قلت أَرَأَيْت رجلا تيَمّم فَشك فِي شَيْء من تيَمّمه أهوَ عنْدك وَالَّذِي يشك فِي شَيْء من وضوئِهِ سَوَاء قَالَ نعم قلت فَإِذا أحدث فَهُوَ على حَدثهُ مَا لم يستيقن بِالتَّيَمُّمِ وَإِذا تيَمّم فَهُوَ على تيَمّمه حَتَّى يستيقن بِالْحَدَثِ قَالَ نعم قلت وَكَيف يستيقن بِالْحَدَثِ قَالَ إِن يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا قلت وكل شَيْء ينْقض الْوضُوء فَإِنَّهُ

(1/114)


ينْقض التَّيَمُّم قَالَ نعم
قلت أرايت امْرَأَة مسافرة وَهِي حَائِض فطهرت من حَيْضهَا فَلم تَجِد المَاء فَتَيَمَّمت وصلت هَل لزَوجهَا أَن يُجَامِعهَا قَالَ نعم قلت وَلها أَن تصلي بِالتَّيَمُّمِ الْمَكْتُوبَة قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ زَوجهَا قد طَلقهَا قبل ذَلِك وطهرت من الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَتَيَمَّمت وصلت قَالَ قد انتقضت عدتهَا وحلت للرِّجَال
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة إِذا طهرت وتيممت وصلت ثمَّ وجدت المَاء بعد ذَلِك أيجب عَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل قَالَ نعم قلت فَهَل يملك زَوجهَا الرّجْعَة قَالَ لَا يملك رَجعتهَا قلت فَإِن كَانَت قد تزوجت زوجا غَيره قبل أَن تَجِد المَاء ثمَّ وجدت المَاء قَالَ نِكَاحهَا جَائِز وَعَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل قلت وَلَا ترى مَا وَجب عَلَيْهَا من الْغسْل حِين وجدت المَاء ينْقض شَيْئا من نِكَاحهَا قَالَ لَا نرى ذَلِك
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا جنبا وَهُوَ لَا يجد المَاء إِلَّا فِي الْمَسْجِد كَيفَ يصنع قَالَ يتَيَمَّم بالصعيد ثمَّ يدْخل الْمَسْجِد فيستقى من ذَلِك المَاء ثمَّ يخرج المَاء من الْمَسْجِد فيغتسل بِهِ قلت فَإِن لم يكن مَعَه شَيْء

(1/115)


يَسْتَقِي بِهِ وَكَانَ لَا يَسْتَطِيع أَن يغترف من الْبِئْر وَلكنه يَسْتَطِيع أَن يَقع فِيهَا وَهِي بِئْر صَغِيرَة قَالَ يتَيَمَّم بالصعيد وَلَا يَقع فِيهَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا وَقع فِيهَا أفسد ماءها كُله وَلم يجزه غسله ذَلِك وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يتَيَمَّم بعد ذَلِك فَلذَلِك أَمرته أَن يتَيَمَّم وَلَا يَقع فِيهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يجد سُؤْر الْكَلْب أيتوضأ بِهِ أَو يتَيَمَّم قَالَ بل يتَيَمَّم وَلَا يتَوَضَّأ بِهِ قلت لم أَلَيْسَ هَذَا عنْدك مثل سُؤْر الْحمار والبغل قَالَ لَا سُؤْر الْحمار والبغل أحب إِلَى من هَذَا
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا قَرَأَ السَّجْدَة وَهُوَ لَا يجد المَاء قَالَ يتَيَمَّم وَيسْجد قلت وَكَذَلِكَ لَو أَرَادَ أَن يُصَلِّي تَطَوّعا فِي غير وَقت الْمَكْتُوبَة قَالَ نعم يتَيَمَّم وَيُصلي مَا بدا لَهُ قلت فَإِن تيَمّم وَصلى ثمَّ حضرت الصَّلَاة المكتوية أيصلي بذلك التَّيَمُّم مَا لم يجد المَاء أَو يحدث قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا حضرت الصَّلَاة على الْجِنَازَة وَهُوَ على غير وضوء كَيفَ يصنع قَالَ يتَيَمَّم وَيُصلي عَلَيْهَا قلت لم وَهُوَ مُقيم

(1/116)


فِي الْمصر قَالَ لِأَنَّهُ إِذا صلى عَلَيْهَا لم يسْتَطع أَن يُصَلِّي عَلَيْهَا وَحده وَإِن ذهب يتَوَضَّأ سبق بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا قَرَأَ السَّجْدَة وَهُوَ مُقيم بِالْمِصْرِ وَهُوَ على غير وضوء أيتيمم وَيسْجد قَالَ لَا قلت لم وَمن أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْأول قَالَ لِأَن هَذَا لَا يفوتهُ فَمَتَى مَا شَاءَ تَوَضَّأ وَقضى السَّجْدَة
قلت أَرَأَيْت رجلا شهد الْعِيد مَعَ الإِمَام فِي الْجَبانَة وَهُوَ على غير وضوء أيتيمم وَيُصلي قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا خَارج من الْمصر فَإِن رَجَعَ فَتَوَضَّأ فَاتَتْهُ الصَّلَاة وَلَيْسَ صَلَاة الْعِيد إِلَّا مَعَ الإِمَام وَصَلَاة الْعِيد وَالصَّلَاة على الْجِنَازَة سَوَاء
قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الإِمَام أحدث بعد مَا دخل فِي الصَّلَاة يَوْم الْعِيد تيَمّم وَصلى بهم بَقِيَّة الصَّلَاة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أحدث رجل خَلفه قَالَ نعم يتَيَمَّم وَيدخل مَعَه فِي صلَاته وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا دخل فِي الصَّلَاة متوضئا ثمَّ أحدث انحرف فَتَوَضَّأ ثمَّ بنى لِأَن هَذَا لَا تفوته الصَّلَاة قلت فَإِن كَانَ كل الَّذِي ذكرت لَك يجد المَاء من غير أَن تفوته الصَّلَاة قَالَ عَلَيْهِم أَن يتوضؤا وَلَا يجزيهم التَّيَمُّم
قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا شهد الْجُمُعَة فأحدث قَالَ لَا

(1/117)


الْجُمُعَة لَيست مثل الْعِيد لِأَن الرجل فِي الْمصر وَلِأَن الْجُمُعَة إِذا فَاتَت الرجل كَانَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي الظّهْر أَرْبعا وَالظّهْر فَرِيضَة وَلَيْسَت الْجُمُعَة كالعيد وَلَا كَالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة
قلت أرايت رجلا يتَيَمَّم بالصعيد القذر الَّذِي كَانَ فِيهِ بَوْل أَو عذرة فجف قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن صلى بذلك قَالَ يُعِيد التَّيَمُّم وَالصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا تيَمّم بالصعيد ثمَّ دخل فِي الصَّلَاة فأحدث كَيفَ يصنع قَالَ يَنْفَتِل فَيُعِيد التَّيَمُّم فَإِن تكلم اسْتقْبل الصَّلَاة وَإِن لم يتَكَلَّم اعْتد بِمَا مضى من صلَاته وَصلى مَا بَقِي قلت وَالتَّيَمُّم وَالْوُضُوء عنْدك فِي هَذَا سَوَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن تيَمّم فَدخل فِي الصَّلَاة ثمَّ أحدث فَانْفَتَلَ فَوجدَ المَاء قَالَ يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ حِين وجد المَاء انْتقض مَا مضى من صلَاته وَمَا بَقِي قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الصَّلَاة تَطَوّعا قَالَ نعم قلت فَهَل يجب عَلَيْهِ قَضَاء التَّطَوُّع قَالَ نعم قلت لم وَقد انتقضت صلَاته قَالَ لِأَنَّهُ افْتتح الصَّلَاة وَهُوَ على تيَمّم فَدخل فِي صَلَاة لَيست بفاسدة فَلَمَّا وجد المَاء انتقضت صلَاته وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يتَوَضَّأ ويقضيها أَلا ترى أَنه لَو لم يجد المَاء فتم عَلَيْهَا

(1/118)


أجزته لِأَن أول دُخُوله فِيهَا كَانَ وَهِي صَحِيحَة وَلَا يشبه هَذَا الْحَدث الَّذِي يقْضِي مَا بَقِي ويعتد بِمَا مضى لِأَن هَذَا يفْسد مَا مضى وَمَا بَقِي لِأَنَّهُ حَيْثُ وجد المَاء صَار على غير وضوء إِلَّا أَن عَلَيْهِ قَضَاءَهُ
قلت أَرَأَيْت رجلا تيَمّم بصعيد فِيهِ بَوْل أَو عذرة ثمَّ افْتتح الصَّلَاة تَطَوّعا ثمَّ وجد المَاء هَل عَلَيْهِ أَن يقْضِي تِلْكَ الصَّلَاة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة من لم يدْخل فِي الصَّلَاة أَلا ترى أَنه لَو تمّ عَلَيْهَا لم يجزه ذَلِك قلت هَذَا وَالَّذِي يدْخل فِي الصَّلَاة وَهُوَ على غير وضوء سَوَاء قَالَ نعم هما سَوَاء وَلَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا الْقَضَاء
قلت أَرَأَيْت متيمما أم قوما متوضئين فأحدث فَتَأَخر وَقدم رجلا من المتوضئين ثمَّ إِن الْمُتَيَمم بعد ذَلِك وجد المَاء فَتَوَضَّأ أيبني على مَا مضى من صلَاته قَالَ لَا وَلَكِن يسْتَقْبل الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم إِذا صلى بهم الإِمَام الثَّانِي فَاسِدَة صلَاتهم أم تَامَّة قَالَ بل صلَاتهم تَامَّة قلت لم قَالَ لأَنهم قد خَرجُوا من صَلَاة الْمُتَيَمم وَصَارَ إمَامهمْ متوضئا فَلَا تفْسد صلَاتهم قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو ضحك الإِمَام الأول أَو تكلم أَو بَال أَو تقيأ هَل كَانَ تفْسد عَلَيْهِم صلَاتهم قلت لَا قَالَ هَذَا وَذَاكَ سَوَاء قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام الأول متوضئا وَالْإِمَام الثَّانِي متيمم فَلَمَّا أحدث الأول قدم الثَّانِي

(1/119)


فصلى بهم رَكْعَة ثمَّ وجد المَاء الإِمَام الثَّانِي قَالَ صَلَاة الإِمَام الثَّانِي وَالْإِمَام الأول وَالْقَوْم جَمِيعًا كلهم فَاسِدَة قلت لم قَالَ لِأَن إمَامهمْ هُوَ الثَّانِي وَصَارَ هُوَ إِمَام الأول فَلَمَّا فَسدتْ صلَاته فَسدتْ صَلَاة الأول وَالْقَوْم جَمِيعًا وَهَذَا يبين لَك أَن الصَّلَاة فِي الْبَاب الأول تَامَّة لِأَن الثَّانِي هُوَ الإِمَام وَلَا يضرهم مَا دخل على الأول من فَسَاد صلَاته إِنَّمَا يضرهم مَا دخل على الإِمَام الثَّانِي لِأَن الإِمَام هُوَ الثَّانِي
قلت أَرَأَيْت رجلا متيمما أم قوما متيممين وَصلى بهم رَكْعَة ثمَّ رآى بعض من خَلفه المَاء وَعلم بمكانه وَلم يعلم بِهِ الإِمَام وَلَا بَقِيَّة الْقَوْم حَتَّى فرغوا من صلَاتهم وسلموا قَالَ أما من علم مِنْهُم بِالْمَاءِ فَصلَاته فَاسِدَة وَأما الإِمَام وَمن خَلفه الَّذين لم يعلمُوا بِالْمَاءِ فصلاتهم تَامَّة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي الْقَوْم متوضؤن ومتيممون وَعلم المتوضؤن بِالْمَاءِ وَلم يعلم بِهِ الإِمَام وَلَا المتيممون حَتَّى سلم بهم قَالَ أما المتوضؤن فصلاتهم فَاسِدَة وَأما الإِمَام والمتيممون الَّذين لم يعلمُوا بِالْمَاءِ فصلاتهم تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا تيَمّم فَدخل فِي الصَّلَاة فصلى رَكْعَة فَبينا هُوَ فِي صلَاته إِذْ رآى سرابا فَظن أَنه مَاء فَانْفَتَلَ من صلَاته فَمشى إِلَيْهِ سَاعَة حَتَّى انْتهى إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ سراب قَالَ يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت لم قَالَ لِأَن انْصِرَافه كَانَ إِلَى غير مَاء ومشيه الَّذِي مَشى فِيهِ حدث أحدثه وَعمل

(1/120)


عمله فَعَلَيهِ أَن يُعِيد صلَاته وَهُوَ على تيَمّمه لِأَنَّهُ لم يحدث وَلم يجد المَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا تيَمّم وَصلى ثمَّ حضرت صَلَاة أُخْرَى فَأَرَادَ أَن يُصَلِّي بذلك التَّيَمُّم فَشك فَلم يدر أَمر على المَاء أم لَا قَالَ يُصَلِّي بتيممه ذَلِك حَتَّى يستيقن أَنه قد مر على المَاء أَو يستيقن بِالْحَدَثِ
قلت أَرَأَيْت رجلا أجنب فَلم يجد المَاء فتمعك فِي التُّرَاب فتدلك بِهِ جسده كُله هَل يجْزِيه ذَلِك من التَّيَمُّم قَالَ إِن كَانَ قد أصَاب وَجهه وذراعيه وكفيه فقد تمّ تيَمّمه وَإِن كَانَ لم يصبهُ فَعَلَيهِ أَن يُعِيد التَّيَمُّم قلت فَإِن كَانَ قد أصَاب وَجهه وذراعيه وكفيه التَّيَمُّم وَأصَاب سَائِر جسده هَل يفْسد ذَلِك عَلَيْهِ تيمه قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا تيَمّم فَبَدَأَ بذراعيه فيممهما ثمَّ يمم وَجهه ثمَّ صلى قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن بَدَأَ فِيهِ وَجهه ثمَّ مكث سَاعَة ثمَّ يمم ذِرَاعَيْهِ ثمَّ مكث سَاعَة ثمَّ يمم كفيه قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا وضع يَدَيْهِ على الصَّعِيد فَتَيَمم بِهِ ثمَّ ان آخر تيَمّم

(1/121)


بِمَا تيَمّم بِهِ الأول من الصَّعِيد قَالَ يجْزِيه قلت لم قَالَ أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ ففضل من وضوئِهِ مَاء فَتَوَضَّأ بذلك المَاء آخر أما يجْزِيه قلت بلَى قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة طهرت من حَيْضهَا فَتَيَمَّمت بالصعيد ثمَّ وضع رجل يَدَيْهِ فِي مَوضِع يَدهَا فَتَيَمم قَالَ يجْزِيه قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الأول جنبا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا نفض ثَوْبه أَو لبده فَتَيَمم بغباره وَهُوَ يقدر على الصَّعِيد أيجزيه قَالَ يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا صَعِيد أَيْضا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجْزِيه إِذا كَانَ يقدر على الصَّعِيد
قلت أَرَأَيْت رجلا مَقْطُوع الْيَدَيْنِ من الْمرْفقين فَأَرَادَ أَن يتَيَمَّم هَل يمسح على وَجهه وَيمْسَح على مَوضِع الْقطع قَالَ نعم قلت فَإِن مسح وَجهه وَترك مَوضِع الْقطع قَالَ لَا يجْزِيه قلت فَإِن صلى هَكَذَا أَيَّامًا قَالَ عَلَيْهِ أَن يمسح مَوضِع الْقطع وَيسْتَقْبل الصَّلَاة قلت فَإِن كَانَ الْقطع فِي الْيَدَيْنِ من الْمنْكب قَالَ عَلَيْهِ أَن يمسح وَجهه وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يمسح مَوضِع الْقطع قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْقطع من فَوق الْمرْفق

(1/122)


دون الْمنْكب قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ الْقطع من الْمفصل قَالَ عَلَيْهِ أَن يمسح وَجهه وذراعيه قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ دون الْمرْفق قَالَ نعم قلت فَإِن لم يفعل وَصلى هَكَذَا أَيَّامًا قَالَ عَلَيْهِ أَن يمسح ذَلِك وَيُعِيد الصَّلَوَات كلهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا تيَمّم وَصلى فَقعدَ قدر التَّشَهُّد ثمَّ وجد المَاء قَالَ يتَوَضَّأ وَيُعِيد الصَّلَاة فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا نرى عَلَيْهِ إِعَادَة قلت فَإِن كَانَ قد سلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة ثمَّ وجد المَاء قَالَ صلَاته تَامَّة وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُعِيدهَا قلت فَإِن كَانَ قد سلم تسليمتين عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَقد كَانَ سَهَا فِي صلَاته ثمَّ سجد لسَهْوه ثمَّ رفع رَأسه وَهُوَ يُرِيد أَن يسْجد الْأُخْرَى فأبصر المَاء قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يتَوَضَّأ وَيُعِيد الصَّلَاة فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم وَقد سلم وَفرغ من صلَاته قَالَ لِأَنَّهُ فِي شَيْء من صلَاته بعد أَلا ترى أَنه لَو كَانَ إِمَامًا فَأدْرك مَعَه رجل الصَّلَاة فِي هَذِه الْحَال كَانَ قد أدْرك مَعَه الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا تيَمّم وَمَعَهُ فِي رَحْله مَاء وَهُوَ لَا يعلم بِهِ فصلى فَلَمَّا فرغ من صلَاته وَسلم علم بِالْمَاءِ قَالَ صلَاته تَامَّة وَهَذَا مِمَّن لَا يجد المَاء لِأَن الله تَعَالَى لَا يكلفه إِلَّا علمه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أبي يُوسُف لَا يجْزِيه قلت فَإِن علم بِالْمَاءِ قبل أَن يسلم قَالَ عَلَيْهِ أَن يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة

(1/123)


قلت أَرَأَيْت رجلا بِهِ جراحات فِي عَامَّة جسده وَهُوَ يَسْتَطِيع أَن يغسل مَا بَقِي وَلَا يَسْتَطِيع أَن يغسل الْجِرَاحَات وَهِي فِي رَأسه وصدره أَو ظَهره وَعَامة جسده قَالَ يتَيَمَّم قلت فَإِن كَانَت الْجِرَاحَات فِي رَأسه أَو فِي إِحْدَى يَدَيْهِ قَالَ يغسل سَائِر جسده قلت فَكيف يصنع بمواضع الْجِرَاحَات قَالَ يمسح عَلَيْهَا بِالْمَاءِ قلت فَإِن كَانَ لَا يَسْتَطِيع ذَلِك قَالَ يمسح على الْخِرْقَة الَّتِي فَوق الْجراحَة بِالْمَاءِ قلت فَإِن كَانَت الْجِرَاحَات فِي رَأسه قَالَ يغسل جسده ويدع رَأسه وَيمْسَح على الْجِرَاحَات بِالْمَاءِ
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا أجنب وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع أَن يغْتَسل لما بِهِ من الجدري قَالَ يتَيَمَّم بالصعيد قلت فَإِن كَانَ بِهِ جرح فِي رَأسه وَهُوَ يَسْتَطِيع الْغسْل فِي سَائِر جسده قَالَ يغسل جسده ويدع رَأسه
قلت أَرَأَيْت رجلا صَحِيحا وَهُوَ فِي الْمصر فأصابته جَنَابَة فخاف إِن اغْتسل أَن يقْتله الْبرد قَالَ إِن خَافَ على نَفسه الْقَتْل من الْبرد فَإِنَّهُ يتَيَمَّم وَإِن لم يخف على نَفسه الْقَتْل فَلَا بُد من أَن يغْتَسل قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ فِي السّفر قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة

(1/124)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى أَن يجْزِيه ذَلِك فِي السّفر وَلَا يجْزِيه إِذا كَانَ مُقيما فِي الْمصر وَهُوَ قَول مُحَمَّد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا حبس رجل فِي مخرج وَهُوَ مُقيم فِي الْمصر وَحَضَرت الصَّلَاة وَلم يقدر على مَكَان نظيف أَن يُصَلِّي فِيهِ وَلم يقدر على وضوء وَلَا على صَعِيد طيب فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يخرج من ذَلِك الْمخْرج ثمَّ يتَوَضَّأ وَيَقْضِي مَا مضى من صلَاته وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي فِي ذَلِك الْمَكَان يومي إِيمَاء بِغَيْر وضوء وَلَا يتَيَمَّم فَإِذا خرج تَوَضَّأ وَقضى مَا مضى من صلَاته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي غير مخرج وَكَانَ مَحْبُوسًا فِي السجْن لَا يقدر على مَاء يتَوَضَّأ بِهِ قَالَ يتَيَمَّم وَيُصلي فَإِذا خرج تَوَضَّأ وَأعَاد الصَّلَاة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ فِي الْمصر
قلت أَرَأَيْت رجلا أخر الصَّلَاة وَهُوَ على غير وضوء حَتَّى خَافَ

(1/125)


ذهَاب الْوَقْت هَل يجْزِيه أَن يتَيَمَّم وَيُصلي قَالَ لَا يجْزِيه وَلكنه يتَوَضَّأ وَيُصلي وَإِن ذهب الْوَقْت
قلت أَرَأَيْت رجلا متيمما صلى بِقوم متوضئين فأبصر المتوضؤن المَاء وَلم يبصره الإِمَام وَلم يعلم بِهِ حَتَّى فرغ من صلَاته وَسلم قَالَ أما صَلَاة الإِمَام فتامة وَأما صَلَاة الْقَوْم جَمِيعًا فَهِيَ فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت لم أفسدت صَلَاة الْقَوْم وَصَارَ صَلَاة الإِمَام تَامَّة قَالَ هَذَا مثل إِمَام صلى بِقوم وتحرى الْقبْلَة فَأَخْطَأَ وَعرف الَّذين خَلفه أَنه على غير الْقبْلَة فَصَلَاة الإِمَام تَامَّة وَصَلَاة الْقَوْم فَاسِدَة
وَقَالَ مُحَمَّد لَا أرى أَن يؤم الْمُتَيَمم المتوضئين على حَال وَلَا يجزيهم ذَلِك وَهُوَ قَول عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه
- بَاب مَا ينْقض التَّيَمُّم وَمَا لَا ينْقضه
-
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا تيَمّم وَهُوَ جنب فصلى بتيممه ذَلِك صَلَاة

(1/126)


ثمَّ أحدث فَوجدَ من المَاء قدر مَا يتَوَضَّأ بِهِ وَلَا يَكْفِيهِ لغسله قَالَ يتَوَضَّأ بِهِ قلت لم أَلَيْسَ هَذَا جنب بعد فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَوَضَّأ حَتَّى يجد من المَاء قدر مَا يَكْفِيهِ للْغسْل قَالَ هُوَ طَاهِر لَيْسَ بِجنب حَتَّى يجد من المَاء مَا يَكْفِيهِ للْغسْل فَلذَلِك جعلت عَلَيْهِ الْوضُوء
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا جنبا غسل فرجه وَوَجهه وذراعيه وَرَأسه ثمَّ أهراق المَاء وَلَيْسَ مَعَه مَاء غَيره فَتَيَمم بالصعيد وَدخل فِي الصَّلَاة ثمَّ ضحك فقهقه ثمَّ وجد من المَاء مَا يَكْفِيهِ للْغسْل قَالَ يغسل وَجهه وذراعيه وَيمْسَح بِرَأْسِهِ وَيغسل مَا بَقِي من جسده سوى الْفرج وَالرَّأْس وَيغسل رجلَيْهِ والقهقهة هَهُنَا بِمَنْزِلَة الْحَدث تنقض الْوضُوء وَالتَّيَمُّم وَلَا تنقض مَا مضى من الْغسْل وَلَو أَن جنبا اغْتسل بِمَاء إِلَّا مَوضِع دِرْهَم من جسده بَقِي لم يجد لَهُ مَاء فَتَيَمم وَصلى ثمَّ وجد من المَاء مَا يغسل ذَلِك الْموضع وَحَضَرت صَلَاة أُخْرَى فَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَن يغسل

(1/127)


ذَلِك الْموضع وَيُصلي وَلَا يتَيَمَّم لِأَنَّهُ طَاهِر بِالْغسْلِ وَلَو كَانَ أحدث قبل أَن يغسل ذَلِك الْموضع كَانَ عَلَيْهِ أَن يغسل ذَلِك الْموضع وَيتَيَمَّم فَإِن بَدَأَ بِالتَّيَمُّمِ قبل أَن يغسل ذَلِك الْموضع ثمَّ غسل ذَلِك الْموضع أجزاه لِأَنَّهُ قد وَجب عَلَيْهِ التَّيَمُّم مَعَ غسل ذَلِك الْموضع فَإِذا وجبا عَلَيْهِ جَمِيعًا فَلَا يضرّهُ وبأيهما بَدَأَ أجزاه ذَلِك أَلا ترى أَنه لَو وجد سُؤْر حمَار كَانَ عَلَيْهِ أَن يتَوَضَّأ وَأَن يتَيَمَّم وبأيهما بَدَأَ أجزاه ذَلِك
قلت أَرَأَيْت لَو وجد سُؤْر الْحمار واغتسل بِهِ بعد التَّيَمُّم وَقد بَدَأَ بِالتَّيَمُّمِ أما يجْزِيه هَذَا قَالَ يجْزِيه هَذَا مثل الأول وَقَالَ مُحَمَّد فِي رجل تيَمّم وَدخل فِي الصَّلَاة ثمَّ نظر إِلَى سُؤْر الْحمار أَو إِلَى نَبِيذ التَّمْر قَالَ يمْضِي فِي صلَاته وَلَا يقطعهَا فَإِذا فرغ من الصَّلَاة تَوَضَّأ بسؤر الْحمار أَو النَّبِيذ ثمَّ يُصَلِّي مرّة أُخْرَى وَكَذَلِكَ لَو كَانَ تَوَضَّأ بالنبيذ وَتيَمّم ثمَّ دخل فِي الصَّلَاة ثمَّ نظر إِلَى سُؤْر الْحمار مضى على صلَاته وَلَا يقطعهَا فَإِذا فرغ تَوَضَّأ بسؤر الْحمار وَصلى مرّة أُخْرَى

(1/128)


- بَاب الْأَذَان
-
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا أَرَادَ أَن يُؤذن كَيفَ يُؤذن وَكَيف فِي أَذَانه قَالَ يسْتَقْبل الْقبْلَة فِي أَذَانه حَتَّى إِذا انْتهى إِلَى الصَّلَاة وَإِلَى الْفَلاح حول وَجهه يَمِينا وَشمَالًا وَقَدمَاهُ مكانهما فَإِذا فرغ من الصَّلَاة والفلاح حول وَجهه إِلَى الْقبْلَة قلت وَالْأَذَان وَالْإِقَامَة مثنى مثنى وَآخر الْأَذَان لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا أذن أيجعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ قَالَ نعم قلت فان لم يفعل حَتَّى فرغ من أَذَانه قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن اسْتقْبل الْقبْلَة بأذانه حَتَّى انْتهى إِلَى الصَّلَاة وَإِلَى الْفَلاح وَهُوَ فِي صومعته فَأَرَادَ أَن يخرج رَأسه من نَوَاحِيهَا فَلم يسْتَطع حَتَّى يحول قَدَمَيْهِ من مكانهما فدار فِي صومعته قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك شَيْئا
قلت فَهَل يثوب فِي شَيْء من الصَّلَاة قَالَ لَا يثوب إِلَّا فِي صَلَاة الْفجْر

(1/129)


قلت فَكيف التثويب فِي صَلَاة الْفجْر قَالَ كَانَ التثويب الأول بعد الْأَذَان الصَّلَاة خير من النّوم فأحدث النَّاس هَذَا التثويب وَهُوَ حسن
قلت أفيحدر الْإِقَامَة حدرا ويترسل فِي الْأَذَان قَالَ نعم

(1/130)


قلت أَرَأَيْت إِن حدرهما جَمِيعًا أَو ترسل فيهمَا جَمِيعًا أَو حدر الْأَذَان وَترسل فِي الْإِقَامَة هَل يضرّهُ ذَلِك قَالَ لَا وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن يصنع كَمَا وصفت لَك
قلت أَرَأَيْت رجلا أذن وَهُوَ على غير وضوء وَأقَام كَذَلِك قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا أذن قَاعِدا قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَهَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا أذن وَأقَام رجل آخر غَيره قَالَ لَا بَأْس بذلك
قلت أَرَأَيْت رجلا أذن وَلم يسْتَقْبل الْقبْلَة فِي أَذَانه قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَهَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا أذن قبل وَقت الصَّلَاة قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد أَذَانه إِذا دخل الْوَقْت قلت فَإِن لم يفعل وَصلى بهم قَالَ صلَاتهم تَامَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف آخرا لَا بَأْس بِأَن يُؤذن للفجر خَاصَّة قبل طُلُوع الْفجْر
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر هَل يُؤذن وَهُوَ رَاكب قَالَ نعم إِن شَاءَ

(1/131)


قلت فَكيف يصنع إِذا أَقَامَ قَالَ أحب ذَلِك إِلَى إِذا أَرَادَ أَن يُقيم أَن ينزل فيقيم وَهُوَ على الأَرْض قلت فَإِن لم يفعل وَأقَام رَاكِبًا كَمَا هُوَ قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت النِّسَاء هَل عَلَيْهِنَّ أَذَان وَإِقَامَة قَالَ لَيْسَ على النِّسَاء أَذَان وَلَا إِقَامَة
قلت أَرَأَيْت أهل الْمصر يصلونَ الْجَمَاعَة بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة قَالَ قد أساؤا فِي ذَلِك وصلاتهم تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فِي الْمصر وَحده هَل يجب عَلَيْهِ أَذَان وَإِقَامَة قَالَ إِن فعل فَحسن وَإِن اكْتفى بِأَذَان النَّاس وإقامتهم أجزاه ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا انْتهى إِلَى الْمَسْجِد فَأَرَادَ أَن يُصَلِّي فِيهِ وَقد أذن فِي ذَلِك الْمَسْجِد وأقيم فِيهِ وَصلى النَّاس هَل يجب على هَذَا الرجل أَن يُؤذن لنَفسِهِ وَيُقِيم قَالَ لَا وَلكنه يُصَلِّي بأذانهم وإقامتهم
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر أيؤذن وَيُقِيم فِي السّفر قَالَ نعم

(1/132)


قلت فَإِن أَقَامَ وَلم يُؤذن قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن أذن وَلم يقم قَالَ يجْزِيه وَقد أَسَاءَ قلت فَإِن لم يُؤذن وَلم يقم قَالَ قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة قلت أَرَأَيْت إِن كَانُوا جمَاعَة فِي سفر قَالَ الْجَمَاعَة فِي هَذَا وَالْوَاحد سَوَاء وَعَلَيْهِم أَن يؤذنوا ويقيموا وَإِن لم يَفْعَلُوا فقد أساؤا وصلاتهم تَامَّة قلت فَإِن أَقَامُوا وَتركُوا الْأَذَان قَالَ يجزيهم قلت وترخص للمسافرين فِي هَذَا وَلَا ترخص للمقيمين قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْأَذَان وَالْإِقَامَة هَل يجب فِي شَيْء من صَلَاة التَّطَوُّع قَالَ لَا إِنَّمَا الْأَذَان وَالْإِقَامَة فِي الصَّلَوَات الْخمس الْمَفْرُوضَة
قلت فَهَل فِي الْوتر أَذَان وَإِقَامَة قَالَ لَا قلت فَهَل فِي الْعِيدَيْنِ أَذَان وَإِقَامَة قَالَ لَيْسَ فِي الْعِيدَيْنِ أَذَان وَلَا إِقَامَة قلت فالجمعة قَالَ الْجُمُعَة فَرِيضَة وفيهَا أَذَان وَإِقَامَة قلت فَمَتَى الْأَذَان وَالْإِقَامَة يَوْم الْجُمُعَة قَالَ إِذا صعد الإِمَام الْمِنْبَر أذن الْمُؤَذّن وَإِذا نزل الإِمَام أَقَامَ الْمُؤَذّن
قلت أَرَأَيْت الْمُؤَذّن إِذا أذن وَأقَام هَل يتَكَلَّم فِي شَيْء من أَذَانه وإقامته قَالَ لَا قلت فَإِن تكلم فِي أَذَانه أَو فِي إِقَامَته وَصلى الْقَوْم بذلك قَالَ صلَاتهم تَامَّة وَأحب ذَلِك إِلَى أَن لَا يتَكَلَّم فِي أَذَانه وَلَا فِي إِقَامَته
قلت أَرَأَيْت الْمُؤَذّن يُؤذن للفجر قبل أَن ينشق الْفجْر أتأمره أَن يُعِيد الْأَذَان إِذا انْشَقَّ الْفجْر قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ

(1/133)


أذن قبل الْوَقْت أَلا ترى أَنه لَو أذن لَهَا فِي عشَاء كَانَ يجب عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْأَذَان فَكَذَلِك إِذا أذن قبل دُخُول الْوَقْت قلت فَإِن لم يعد الْأَذَان فصلى بهم فِي الْوَقْت قَالَ صلَاتهم تَامَّة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا بَأْس بِأَن يُؤذن فِي الْفجْر خَاصَّة قبل أَن يطلع الْفجْر
قلت أَرَأَيْت قوما فَاتَتْهُمْ الصَّلَاة فِي جمَاعَة فَدَخَلُوا الْمَسْجِد وَقد أقيم فِي ذَلِك الْمَسْجِد وَصلى فِيهِ فَأَرَادَ الْقَوْم أَن يصلوا فِيهِ جمَاعَة بِأَذَان وَإِقَامَة قَالَ أكره لَهُم ذَلِك وَلَكِن عَلَيْهِم أَن يصلوا وحدانا بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة لِأَن أَذَان أهل الْمَسْجِد وإقامتهم تجزيهم قلت فَإِن أذنوا وَأَقَامُوا وصلوا جمَاعَة قَالَ صلَاتهم تَامَّة وَأحب إِلَى أَن لَا يَفْعَلُوا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك الْمَسْجِد فِي طَرِيق من طرق الْمُسلمين وَصلى فِيهِ قوم مسافرون بِأَذَان وَإِقَامَة ثمَّ جَاءَ قوم مسافرون سوى أُولَئِكَ فأرادوا أَن يؤذنوا فِيهِ ويقيموا ويصلوا جمَاعَة قَالَ لَا بَأْس بذلك قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا الْمَسْجِد لم يصل فِيهِ أَهله إِنَّمَا صلى فِيهِ أهل الطَّرِيق وَإِنَّمَا أكره ذَلِك إِذا كَانَ أَهله قد صلوا فِيهِ قلت فَإِن صلى فِي هَذَا الْمَسْجِد قوم مسافرون ثمَّ جَاءَ أهل الْمَسْجِد فَأذن مؤذنهم وَأقَام فصلوا فِيهِ ثمَّ جَاءَ قوم مسافرون فأرادوا أَن يصلوا

(1/134)


فِيهِ جمَاعَة بِأَذَان وَإِقَامَة قَالَ أكره لَهُم ذَلِك لِأَن أهل الْمَسْجِد قد صلوا فِيهِ
- بَاب من نسي صَلَاة ذكرهَا من الْغَد
-
قلت أَرَأَيْت قوما فَاتَتْهُمْ الظّهْر نسوها حَتَّى الْغَد ثمَّ ذكروها فأرادوا أَن يقضوها جمَاعَة بِأَذَان وَإِقَامَة قَالَ لَا بَأْس بِأَن يؤذنوا ويقيموا ويؤمهم بَعضهم قلت فَإِن كَانَ رجل وَاحِد نسى هَذِه الصَّلَاة فَأَرَادَ أَن يَقْضِيهَا من الْغَد أيؤذن لَهَا وَيُقِيم قَالَ نعم قلت فَإِن لم يفعل وَصلى قَالَ صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت قوما نسوا صَلَاتَيْنِ حَتَّى الْغَد بَعضهم نسى الظّهْر وَبَعْضهمْ نسى الْعَصْر فَذكرُوا ذَلِك من الْغَد ألهم أَن يصلوا فِي جمَاعَة قَالَ أما من نسى الظّهْر فَلَا بَأْس بِأَن يصلى جمَاعَة وَلَا يُصَلِّي من نسى مَعَهم الْعَصْر وَيُصلي الَّذين نسوا الْعَصْر فِي جمَاعَة أَيْضا إِن شاؤا قلت فَإِن كَانَ الْقَوْم نسوا جَمِيعًا الصَّلَاتَيْنِ فَذكرُوا ذَلِك من الْغَد فَأذن مؤذنهم وَأقَام فصلوا الظّهْر فِي جمَاعَة ثمَّ أَن مؤذنهم أذن أَيْضا وَأقَام وصلوا الْعَصْر أَيجوزُ ذَلِك أَو نَحوه قَالَ نعم

(1/135)


قلت أَرَأَيْت رجلَيْنِ نسيا صَلَاتَيْنِ أَحدهمَا نسى الظّهْر وَالْآخر نسى الْعَصْر فذكرا ذَلِك من الْغَد فَأَتمَّ أَحدهمَا صَاحِبَة وَالْإِمَام الَّذِي نسى الْعَصْر فصلى بِهِ قَالَ أما الإِمَام فَصلَاته تَامَّة وَأما الَّذِي نسى الظّهْر فَهُوَ إِنَّمَا دخل مَعَ الإِمَام فِي التَّطَوُّع فَهُوَ يجْزِيه من التَّطَوُّع قلت فَإِن نسيا صَلَاتَيْنِ من يَوْمَيْنِ وهما جَمِيعًا الْعَصْر فَأَتمَّ أَحدهمَا صَاحبه وَالْإِمَام الَّذِي نسى أَولا قَالَ صلَاته تَامَّة وَهَذَا الَّذِي نسى آخرا إِنَّمَا دخل مَعَه فِي التَّطَوُّع فَهُوَ يجْزِيه من التَّطَوُّع وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الْعَصْر قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي نسى آخرا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يُؤذن لَهُم العَبْد أَو الْأَعرَابِي أَو ولد الزِّنَا أَو الْأَعْمَى قَالَ يجزيهم
قلت أَتُحِبُّ أَن يكون الْمُؤَذّن عَالما بِالسنةِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يُؤذن لَهُم الْغُلَام الَّذِي لم يَحْتَلِم بعد وَقد راهق الْحلم قَالَ أحب إِلَى أَن يُؤذن لَهُم رجل قلت فَإِن صلوا بأذانه وإقامته قَالَ يجزيهم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم تؤذن لَهُم الْمَرْأَة فصلوها بأذانها وإقامتها

(1/136)


قَالَ أكره لَهُم ذَلِك فَإِن فعلوا أجزاهم
قلت فالبصير أحب إِلَيْك أَن يُؤذن من الْأَعْمَى قَالَ نعم هُوَ أحب إِلَى لِأَن الْبَصِير أعرف بمواقيت الصَّلَاة
قلت فَأَيّهمَا أحب إِلَيْك أَن يُؤذن الْمُؤَذّن على المنارة أَو فِي صحن الْمَسْجِد قَالَ أحب ذَلِك إِلَى أَن يكون أسمعهُ للْقَوْم وَالْجِيرَان وكل ذَلِك حسن
قلت أفتحب للمؤذن يرفع صَوته بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَة قَالَ نعم يسمع وَلَا يجْهد نَفسه
قلت أفتكره للمؤذن إِذا أذن أَن يتَطَوَّع فِي صومعته قَالَ لَا أكره لَهُ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِذا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر الله أكبر أيطول ذَلِك قَالَ أحب ذَلِك إِلَى أَن يحذفه حذفا قلت فَإِن فعل قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا أذن فَظن أَنَّهَا الْإِقَامَة وَأقَام فِي آخرهَا فصلى الْقَوْم بذلك قَالَ يجزيهم قلت فَإِن أَقَامَ ثمَّ استيقن قبل أَن يدخلُوا فِي الصَّلَاة قَالَ أحب ذَلِك إِلَى أَن يتم الْأَذَان ثمَّ يُقيم

(1/137)


وَإِن لم يفعل أجزاه
قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا أذن ثمَّ مكث بعد أَذَانه سَاعَة فَأخذ فِي إِقَامَته فَظن أَنَّهَا الْأَذَان فَصنعَ فِيهَا مَا يصنع فِي الْأَذَان فَقَالَ لَهُ بعض الْقَوْم هَذِه الْإِقَامَة كَيفَ يصنع أيبتدئ الْإِقَامَة من أَولهَا أَو يَقُول قد قَامَت الصَّلَاة قَالَ بل يَبْتَدِئ الْإِقَامَة من أَولهَا قلت فَإِن لم يفعل وَقَالَ قد قَامَت الصَّلَاة قَالَ يجزيهم قلت أَرَأَيْت لَو أَنه حِين فعل فِي الْإِقَامَة مَا فعل ثمَّ ظن أَن ذَلِك لَا يجْزِيه فَاسْتقْبل الْأَذَان من أَوله ثمَّ أَقَامَ فصلى قَالَ يجْزِيه
قلت أرايت مُؤذنًا يثوب فِي الْفجْر فَظن أَن تثويبه ذَلِك إِقَامَة فَأَقَامَ فِيهَا الصَّلَاة ثمَّ علم بعد أَنه التثويب قبل أَن يدْخل الْقَوْم فِي الصَّلَاة قَالَ يكف الْقَوْم حَتَّى يَبْتَدِئ الْمُؤَذّن الْإِقَامَة من أَولهَا ثمَّ يقومُونَ إِلَى الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا أَخذ فِي الْإِقَامَة فغشى عَلَيْهِ قبل أَن يفرغ من إِقَامَته ثمَّ أَفَاق أيبتدئ بِالْإِقَامَةِ من أَولهَا أَو من الْمَكَان الَّذِي غشي عَلَيْهِ فِيهِ قَالَ أحب ذَلِك إِلَى أَن يَبْتَدِئ لَهَا من أَولهَا وَإِن

(1/138)


لم يفعل أجزاه ذَلِك
قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا أَقَامَ ثمَّ رعف أَو أحدث قبل أَن يفرغ من إِقَامَته فَذهب فَتَوَضَّأ ثمَّ جَاءَ أيبتدئ الْإِقَامَة من أَولهَا أَو من الْموضع الَّذِي انْتهى إِلَيْهِ قَالَ أحب إِلَى أَن يبتدئها من أَولهَا وَإِن لم يفعل فابتدأها من ذَلِك الْموضع أجزاه
قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا أذن وَقدم شَيْئا قبل شَيْء فَقَالَ أشهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله ثمَّ قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ إِذا قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن عَلَيْهِ أَن يَقُول أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حَتَّى يكون بعْدهَا قلت فَإِن لم يفعل وَمضى على ذَلِك قَالَ يجزيهم قلت وَكَذَلِكَ كل شئ قدمه من الْأَذَان أَو أَخّرهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو فعل هَذَا فِي الْإِقَامَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا أَخذ فِي الْإِقَامَة فَلم يفرغ من الْإِقَامَة حَتَّى أحدث كَيفَ يصنع أيتم الْإِقَامَة ثمَّ يذهب فيتوضأ أَو يَبْتَدِئ فيتوضأ ثمَّ يتم الْإِقَامَة قَالَ يتم الْإِقَامَة ثمَّ يذهب فيتوضأ وَيُصلي وَأي ذَلِك فعل أجزاه

(1/139)


قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا أَخذ فِي الْإِقَامَة فَوَقع فَمَاتَ فَقَامَ رجل من الْقَوْم مَكَانَهُ أيبتدئ الْإِقَامَة من أَولهَا أَو يَأْخُذ من الْمَكَان الَّذِي انْتهى إِلَيْهِ الْمَيِّت قَالَ أحب إِلَى أَن يَبْتَدِئ بهَا من أَولهَا وَإِن أَخذ من الْمَكَان الَّذِي انْتهى إِلَيْهِ الْمَيِّت أجزاه قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الأول أَصَابَهُ لمَم أَو جن أَو أغمى عَلَيْهِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا أذن ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَخرج من الْمَسْجِد أَتَرَى للْقَوْم أَن يعتدوا بأذانه ويأمروا بعض الْقَوْم فيقيم بهم الصَّلَاة أَو يُعِيدُوا الْأَذَان قَالَ أَي ذَلِك مَا فعلوا أجزاهم
قلت أَرَأَيْت الْمُؤَذّن إِذا أذن فِي الْمغرب وَفرغ من أَذَانه أَتُحِبُّ لَهُ أَن يقْعد ثمَّ يقوم فيقيم بهم الصَّلَاة أَو يكون قَائِما كَمَا هُوَ حَتَّى يُقيم أَي ذَلِك أحب إِلَيْك قَالَ أحب إِلَى أَن يقوم قَائِما كَمَا هُوَ حَتَّى يُقيم بهم الصَّلَاة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أحب إِلَيّ أَن يجلس جلْسَة خَفِيفَة ثمَّ يقوم فيقيم بهم الصَّلَاة وَهُوَ قَول مُحَمَّد قلت فَإِن كَانَ ذَلِك فِي الْفجْر وَالظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء قَالَ أحب ذَلِك إِلَى أَن يقْعد فِيهَا فِيمَا بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قلت فَإِن لم يفعل وَلم يقْعد فِي شَيْء من ذَلِك غير أَنه أَقَامَ الصَّلَاة قَالَ يجزيهم قلت

(1/140)


أَرَأَيْت إِن وصل الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَلم يَجْعَل بَينهمَا شَيْئا أَو لم يمْكث بَينهمَا قَالَ أكره لَهُ ذَلِك ويجزيهم قلت أَرَأَيْت مُؤذنًا اذن وَهُوَ فِي إِزَار وَاحِد واقام كَذَلِك قَالَ يجزيهم
قلت أَرَأَيْت الْمُؤَذّن أذن هَل تكره لَهُ أَن يُؤذن للْقَوْم وَيُقِيم وَيُصلي مَعَهم ثمَّ يَأْتِي قوما آخَرين فَيُؤذن لَهُم وَيُقِيم وَلَا يُصَلِّي مَعَهم قَالَ نعم أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن فعل قَالَ يجزيهم
قلت أَرَأَيْت الْمُؤَذّن إِذا لم يكن لَهُ مَنَارَة وَالْمَسْجِد صَغِير أَيْن أحب إِلَيْك أَن يُؤذن أيخرج من الْمَسْجِد فَيُؤذن حَتَّى يسمع النَّاس أَو يُؤذن فِي الْمَسْجِد قَالَ أحب ذَلِك الي أَن يُؤذن خَارِجا من الْمَسْجِد وَإِذا أذن فِي الْمَسْجِد أجزاه
قلت أرايت الْمُؤَذّن وَالْإِمَام هَل تكره لَهما أَن يؤذنا ويؤما

(1/141)


بِأَجْر مَعْلُوم قَالَ نعم أكره لَهما ذَلِك وَلَا يَنْبَغِي للْقَوْم أَن يعطوهما على ذَلِك أجرا قلت فَإِن أَخذ على ذَلِك أجرا مَعْلُوما فَأذن لَهُم وَأم قَالَ يجزيهم قلت أَرَأَيْت إِن لم يشارطهم على شَيْء مَعْلُوم وَلَكنهُمْ عرفُوا حَاجته فَكَانُوا يجمعُونَ لَهُ فِي السّنة شَيْئا فيعطونه ذَلِك قَالَ هَذَا حسن
قلت أَرَأَيْت الْمُؤَذّن إِذا كَانَ رجل سوأ وَالْقَوْم يَجدونَ خيرا مِنْهُ

(1/142)


من يُؤذن لَهُم قَالَ ليؤذن لَهُم من هُوَ خير من هَذَا قلت فَإِن لم يَفْعَلُوا وَأذن لَهُم هَذَا قَالَ يجزيهم
قلت أَرَأَيْت الرجل السوقي يُؤذن للْقَوْم الْفجْر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَيكون الظّهْر وَالْعصر فِي سوقه وَيُؤذن لَهُم الظّهْر وَالْعصر غَيره أتكره لَهُم ذَلِك قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ رجل يواظب عَلَيْهَا كلهَا قَالَ هُوَ أحب إِلَيّ 3 قلت أَرَأَيْت رجلا أذن وَأقَام وَهُوَ سَكرَان لَا يعقل أَو مَجْنُون مغلوب لَا يعقل فصلى الْقَوْم بذلك الْأَذَان قَالَ يجزيهم قلت أفتكره للسكران وَالْمَجْنُون الَّذِي لَا يعقل أَن يُؤذن للْقَوْم وَيُقِيم قَالَ نعم أكره لَهُم ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أذن وَأقَام للْقَوْم أَتَرَى للْقَوْم أَن يُعِيدُوا الْأَذَان وَالْإِقَامَة قَالَ نعم هُوَ أحب إِلَيّ أَن يَفْعَلُوا
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يكون بَينهم الْمَسْجِد ومؤذنهم وَاحِد فاقتسموا الْمَسْجِد بَينهم فَضربُوا حَائِطا وَسطه وَلكُل طَائِفَة إِمَام على حِدة هَل يجزيهم أَن يكون مؤذنهم وَاحِدًا قَالَ نعم وَلَكِن لَا يَنْبَغِي لَهُم أَن يقتسموا الْمَسْجِد وَلَا تجوز الْقِسْمَة فِيهِ قلت فَإِن اقتسموا ذَلِك

(1/143)


قَالَ الْقِسْمَة مَرْدُودَة قلت وَإِن لم يردوا الْقِسْمَة وَرَضوا بِهِ جَمِيعًا قَالَ أحسن ذَلِك أَن يكون لكل طَائِفَة مُؤذن لِأَنَّهُمَا مسجدان
- بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة
-
قلت أَرَأَيْت وَقت الْفجْر مَتى هُوَ قَالَ من حِين يطلع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس
قلت أَرَأَيْت الْفجْر الَّذِي يطلع فَلَا يعْتَرض فِي الْأُفق أتعده من الْوَقْت قَالَ لَا لَيْسَ ذَلِك بِوَقْت قلت فَهَل يحرم الطَّعَام على الصَّائِم إِذا طلع ذَلِك الْفجْر الَّذِي يسطع فِي السَّمَاء قَالَ لَا وَلَكِن الْفجْر الَّذِي يحرم بِهِ الطَّعَام على الصَّائِم وَتحل بِهِ الصَّلَاة هُوَ الْفجْر الَّذِي يعْتَرض فِي الْأُفق
قلت أَرَأَيْت وَقت الظّهْر مَتى هُوَ قَالَ من حِين تَزُول الشَّمْس إِلَى أَن يكون الظل قامة فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يدْخل وَقت الْعَصْر حَتَّى يصير الظل قامتين فَإِذا صَار الظَّن قامتين دخل وَقت الْعَصْر

(1/144)


قلت أَرَأَيْت وَقت الْعَصْر مَتى هُوَ قَالَ من حِين يكون الظل قامة فيزيد على الْقَامَة إِلَى أَن تَتَغَيَّر الشَّمْس فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يدْخل وَقت الْعَصْر حَتَّى يصير الظل قامتين وَآخر وَقتهَا غرُوب الشَّمْس قلت فَمن صلى الْعَصْر حِين تَغَيَّرت الشَّمْس قبل أَن تغيب أَتَرَى ذَلِك يجْزِيه قَالَ نعم يجْزِيه وَلَكِن أكره لَهُ أَن يؤخرها إِلَى أَن تَتَغَيَّر الشَّمْس
قلت أَرَأَيْت الْمغرب مَتى هُوَ قَالَ من حِين تغرب إِلَى أَن يغيب الشَّفق قلت وَتكره أَن يؤخرها إِذا غَابَ الشَّفق قَالَ نعم والشفق الْبيَاض الْمُعْتَرض فِي الْأُفق فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد الْحمرَة وروى أَيْضا عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ الشَّفق هُوَ الْحمرَة

(1/145)


قلت أَرَأَيْت وَقت الْعشَاء مَتى هُوَ قَالَ من حِين يغيب الشَّفق إِلَى نصف اللَّيْل قلت أَرَأَيْت من صلاهَا قبل أَن يطلع الْفجْر بعد مَا مضى نصف اللَّيْل قَالَ يجْزِيه وَلَكِن أكره لَهُ أَن يؤخرها إِلَى تِلْكَ السَّاعَة
قلت أَرَأَيْت الْفجْر أينور بهَا فِي الشتَاء والصيف أَو يغلس بهَا قَالَ أحب إِلَى أَن ينور بهَا
قلت أَرَأَيْت الظّهْر أيصليها حِين تَزُول الشَّمْس أَو يؤخرها قَالَ أما فِي الصَّيف فَأحب إِلَيّ أَن يؤخرها ويبرد بهَا وَأما فِي الشتَاء فَأحب ذَلِك إِلَيّ أَن يُصليهَا حِين تَزُول الشَّمْس
قلت أَرَأَيْت الْعَصْر أيصليها فِي أول وَقتهَا أَو يُصليهَا فِي آخر وَقتهَا

(1/146)


قَالَ أحب ذَلِك إِلَيّ أَن يُصليهَا فِي آخر وَقتهَا وَالشَّمْس بَيْضَاء لم تَتَغَيَّر قلت والشتاء والصيف عنْدك سَوَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمغرب أيؤخرها بعد غرُوب الشَّمْس شَيْئا قَالَ أكره لَهُ أَن يؤخرها إِذا غربت الشَّمْس والشتاء والصيف سَوَاء
قلت أَرَأَيْت وَقت الْعشَاء أيصليها حِين يغيب الشَّفق أَو يؤخرها قَالَ أحب ذَلِك إِلَيّ أَن يؤخرها إِلَى مَا بَينه وَبَين ثلث اللَّيْل
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ يَوْم فِيهِ غيم كَيفَ يصنع فِي مَوَاقِيت الصَّلَوَات كلهَا قَالَ أما الْفجْر فينور بهَا وَأما الظّهْر فيؤخرها وَأما الْعَصْر فيعجلها وَأما الْمغرب فيؤخرها وَأما الْعشَاء فيعجلها
قلت أَرَأَيْت هَل يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا فِي عَرَفَة وَجمع قَالَ لَا يجمع بَين صَلَاتَيْنِ فِي وَقت وَاحِد فِي حضر وَلَا سفر مَا خلا عَرَفَة والمزدلفة
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر إِذا صلى الظّهْر فِي آخر وَقتهَا وَالْعصر فِي أول وَقتهَا هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمغرب وَالْعشَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْوتر مَتى وقته قَالَ من حِين يُصَلِّي الْعشَاء إِلَى

(1/147)


طُلُوع الْفجْر قلت فأئ ذَلِك أفضل عنْدك قَالَ أفضل ذَلِك عِنْدِي أَن يُوتر فِي آخر اللَّيْل قبل طُلُوع الْفجْر
قلت أَرَأَيْت رجلا أوتر قبل الْعشَاء مُتَعَمدا لذَلِك قَالَ لَا يجْزِيه قلت وَكَذَلِكَ لَو أوتر بعد مَا غَابَ الشَّفق قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُوتر إِلَّا من بعد مَا يُصَلِّي الْعشَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الْعشَاء وَهُوَ على غير وضوء فَنَامَ ثمَّ اسْتَيْقَظَ سحرًا فأوتر وَهُوَ لَا يعلم أَنه حَيْثُ صلى الْعشَاء كَانَ على غير وضوء فَقَامَ وأوتر فَلَمَّا فرغ من الْوتر وَسلم ذكر أَنه كَانَ قد صلى الْعشَاء وَهُوَ على غير وضوء فَقَامَ وَصلى الْعشَاء أيجزيه وتره ذَلِك أم يُعِيد قَالَ يجْزِيه وَلَا يُعِيد فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُعِيد الْوتر وَإِن كَانَ بعد أَيَّام قلت أَرَأَيْت إِن لم يعلم أَنه صلى الْعشَاء وَهُوَ على غير وضوء أَيَّامًا وليالي ثمَّ ذكر بعد ذَلِك أيقضي الْوتر فِي كل لَيْلَة وَقد صلى هَكَذَا قَالَ لَا لَو اوجبت عَلَيْهِ ان يقْضى الْوتر فى كل لَيْلَة لأوجبت عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا فِي أَكثر من ذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يقْضِي الْوتر الأول

(1/148)


قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي تَطَوّعا أيصلي فِي أَي سَاعَة شَاءَ من اللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ نعم مَا خلا ثَلَاث سَاعَات إِذا طلعت الشَّمْس إِلَى أَن ترْتَفع وَإِذا انتصف النَّهَار إِلَى أَن تَزُول الشَّمْس وَإِذا احْمَرَّتْ الشَّمْس إِلَى أَن تغيب وَلَا صَلَاة بعد الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس وَلَا بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب
قلت أَرَأَيْت رجلا نسى صَلَاة مَكْتُوبَة فَذكرهَا بعد مَا صلى الْفجْر قبل أَن تطلع الشَّمْس أَو ذكرهَا بعد مَا صلى الْعَصْر قبل أَن تَتَغَيَّر الشَّمْس قَالَ عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا سَاعَة ذكرهَا قلت لم وَقد زعمت أَنَّك تكره الصَّلَاة فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ قَالَ إِنَّمَا أكره النَّافِلَة فَأَما الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا فِي هَاتين الساعتين قلت وَكَذَلِكَ لَو ذكر الْوتر فِي هَاتين الساعتين قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو سمع فِي هَاتين الساعتين سَجْدَة أَو قَرَأَهَا هُوَ أايسجدها قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ يُصَلِّي فيهمَا على الْجِنَازَة قَالَ نعم قلت لم أَلَيْسَ السَّجْدَة وَالصَّلَاة على الْجِنَازَة بِمَنْزِلَة التَّطَوُّع قَالَ لَا أَلا ترى أَن

(1/149)


السَّجْدَة قد وَجَبت عَلَيْهِ حِين يسْمعهَا وَهُوَ فِي وَقت الصَّلَاة أَو لَا ترى أَنه لَو نسى الصَّلَاة فَذكرهَا فِي هَاتين الساعتين صلاهَا وَقد كَانَ يكون قد صلى فِي وَقت وَإِنَّمَا أكره الصَّلَاة فِي هَاتين الساعتين إِذا كَانَ قد صلى الْفجْر وَالْعصر وَهُوَ يُرِيد أَن يتَطَوَّع بِهِ بعد ذَلِك فَأَما صَلَاة ذكرهَا تِلْكَ السَّاعَة فلست أكره أَن يُصليهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا نسى صَلَاة مَكْتُوبَة فَذكرهَا حِين طلعت الشَّمْس أَو حِين انتصف النَّهَار أَو ذكرهَا حِين تغيب الشَّمْس قَالَ لَا يُصليهَا فِي هَذِه السَّاعَات الثَّلَاث قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الصَّلَاة هِيَ الْوتر أَو الْمَكْتُوبَة أَو غَيرهَا قَالَ نعم لَا يُصَلِّي فِي هَذِه الثَّلَاث سَاعَات مَا خلا الْعَصْر فَإِنَّهُ إِذا ذكر الْعَصْر من يَوْمه ذَلِك قبل غرُوب الشَّمْس صلاهَا لِأَنَّهُ بلغنَا فِي ذَلِك أثر وَإِن كَانَت الْعَصْر قد نَسِيَهَا قبل

(1/150)


ذَلِك بِيَوْم أَو بأيام لم يصلها فِي تِلْكَ السَّاعَة قلت فَإِن ذكر الْعَصْر عِنْد طُلُوع الشَّمْس أَو نصف النَّهَار قَالَ لَا يُصليهَا وَالْعصر وَغَيرهَا فِي هَذَا سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا سمع السَّجْدَة حِين طلعت الشَّمْس أَو حِين انتصف النَّهَار أَو حِين تغيب الشَّمْس قَالَ لَا يسجدها فِي هَذِه السَّاعَات الثَّلَاث وَلَكِن يسجدها بعد ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ لَو قَرَأَهَا هُوَ قَالَ نعم
قلت فَإِن أَرَادَ أَن يُصَلِّي على جَنَازَة فِي هَذِه الثَّلَاث سَاعَات قَالَ لَا يُصَلِّي على جَنَازَة فِي هَذِه الثَّلَاث سَاعَات قلت فَإِذا ارْتَفَعت الشَّمْس فابيضت وَإِذا زَالَت الشَّمْس وَإِذا غربت الشَّمْس صلى على الْجِنَازَة إِن شَاءَ أَو صلى صَلَاة ذكرهَا أَو سَجْدَة كَانَت عَلَيْهِ أَو وترا قد نَسيَه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا نسى صَلَاة الْفجْر فَذكرهَا حِين زَالَت الشَّمْس

(1/151)


أيبدأ بهَا أَو بِالظّهْرِ قَالَ بل يبْدَأ بهَا فيصلى الْفجْر ثمَّ يُصَلِّي الظّهْر قلت فَإِن بَدَأَ فصلى الظّهْر مُتَعَمدا لذَلِك قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي الْفجْر ثمَّ يُصَلِّي الظّهْر
قلت أَرَأَيْت إِن نسى الْفجْر وَالظّهْر جَمِيعًا ثمَّ ذكر ذَلِك فِي آخر وَقت الظّهْر قَالَ يبْدَأ فَيصَلي الظّهْر ثمَّ يُصَلِّي الْفجْر قلت لم قَالَ لِأَن الْفجْر قد فَاتَتْهُ وَهُوَ فِي آخر وَقت من الظّهْر فَعَلَيهِ أَن يُصَلِّي الظّهْر وَلَا يدع أَن تفوته فَتكون قد فَاتَتْهُ صلاتان قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي أول وَقت الظّهْر وَقد نسى الْفجْر فَلم يذكرهَا حَتَّى صلى الظّهْر فَلَمَّا فرغ من الظّهْر ذكر الْفجْر قَالَ يُصَلِّي الْفجْر وَقد تمت الظّهْر قلت فَإِن ذكر ذَلِك وَقد بقيت عَلَيْهِ رَكْعَة من الظّهْر قَالَ الظّهْر فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي الْفجْر ثمَّ يُعِيد الظّهْر قلت فَإِن ذكر بعد مَا قعد فِي الرَّابِعَة وَتشهد إِلَّا أَنه لم يسلم قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء وَالظّهْر فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي الْفجْر ثمَّ يُعِيد الظّهْر فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهُ إِذا ذكرهَا

(1/152)


بعد مَا تشهد إِن صلَاته تَامَّة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ سلم وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو فسجدها ثمَّ ذكر الْفجْر وَهُوَ فِي سُجُوده قَالَ الظّهْر فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي الْفجْر ثمَّ يُعِيد الظّهْر فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بعد فِي صَلَاة لم يفرغ مِنْهَا أَلا ترى لَو أَن رجلا دخل مَعَه فِي الصَّلَاة على تِلْكَ الْحَال كَانَ قد أدْرك الصَّلَاة مَعَه أَلا ترى لَو كَانَ الَّذِي دخل مَعَه مُسَافِرًا وَالْأول مُقيما كَانَ على الْمُسَافِر أَن يُصَلِّي أَرْبعا لِأَنَّهُ قد أدْرك الصَّلَاة مَعَه
قلت أَرَأَيْت رجلا نَام عَن صَلَاة الْفجْر فَاسْتَيْقَظَ وَقد كَادَت الشَّمْس أَن تطلع وَلم يُوتر أيبدأ بالوتر أَو بِالْفَجْرِ قَالَ إِن كَانَ لَا يخَاف أَن تفوته الْفجْر وَأَن تطلع الشَّمْس بَدَأَ فأوتر ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر ثمَّ صلى الْفجْر وَإِن كَانَ يخَاف أَن يفوتهُ الْفجْر ترك الْوتر وَصلى الْفجْر قلت فَإِن فرغ من الْفجْر وَسلم ثمَّ طلعت الشَّمْس مَتى يُوتر قَالَ إِذا ابْيَضَّتْ الشَّمْس أوتر
قلت فَإِن طلعت الشَّمْس وَقد بَقِي عَلَيْهِ من الْفجْر رَكْعَة قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الْفجْر إِذا ارْتَفَعت الشَّمْس

(1/153)


وابيضت قلت أَرَأَيْت إِن فرغ من الصَّلَاة وَقد قعد قدر التَّشَهُّد ثمَّ طلعت الشَّمْس قبل أَن يسلم قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُعِيد إِذا ارْتَفَعت الشَّمْس فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قعد قدر التَّشَهُّد ثمَّ طلعت الشَّمْس فَإِن صلَاته تَامَّة قلت فَإِن كَانَ سَهَا فِي صلَاته وَفرغ وَسلم ثمَّ سجد للسَّهْو سَجْدَة وَاحِدَة ثمَّ طلعت الشَّمْس قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُعِيد إِذا ارْتَفَعت الشَّمْس فِي قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت رجلا نسى الْعَصْر فَذكرهَا حِين احْمَرَّتْ الشَّمْس فصلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ غربت الشَّمْس قَالَ يَبْنِي على صلَاته فَيصَلي مَا بَقِي قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا الأول قَالَ لِأَن الَّذِي صلى الْفجْر فطلعت لَهُ الشَّمْس وَهُوَ فِي الصَّلَاة فقد فَسدتْ عَلَيْهِ صلَاته لِأَنَّهَا لَيست بساعة يصلى فِيهَا وَالَّذِي غربت لَهُ الشَّمْس وَقد صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ فقد دخل فِي وَقت صَلَاة وَالصَّلَاة لَا تكره فِي تِلْكَ السَّاعَة فَعَلَيهِ أَن يتم مَا بَقِي مِنْهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى تَطَوّعا رَكْعَة ثمَّ ذكر أَن عَلَيْهِ صَلَاة مَكْتُوبَة هَل يفْسد التَّطَوُّع وينصرف قَالَ لَا وَلكنه يمْضِي على صلَاته فَإِذا فرغ مِنْهَا صلى الْمَكْتُوبَة قلت فَمَا لَهُ إِن ذكرهَا فِي الْمَكْتُوبَة

(1/154)


فَسدتْ عَلَيْهِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة إِلَّا كَمَا فرضت عَلَيْهِ الأولى فَالْأولى فَإِن بَدَأَ بِالْأُخْرَى قبل الأولى فَسدتْ عَلَيْهِ صلَاته وَقد خَالف حِين صلى الْعَصْر قبل الظّهْر والتطوع لَيْسَ مثل الْمَكْتُوبَة لِأَنَّهُ لَو ذكر مَكْتُوبَة عَلَيْهِ ثمَّ قَامَ فصلى قبلهَا تَطَوّعا لم يضرّهُ ذَلِك شَيْئا بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَام هُوَ وَأَصْحَابه عَن الْفجْر فاستيقظوا بعد مَا طلعت الشَّمْس فَلَمَّا ارْتَفَعت الشَّمْس تحول عَن ذَلِك الْوَادي ثمَّ أوتر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأوتر النَّاس ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأذن فصلى رَكْعَتي الْفجْر قبل الْفجْر ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة فصلى بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر فَمن ذكر صَلَاة مَكْتُوبَة عَلَيْهِ فَاتَتْهُ

(1/155)


فَبَدَأَ قبلهَا بالتطوع لم يضرّهُ ذَلِك شَيْئا لِأَن هَذَا أثر قد جَاءَ لِأَنَّهُ لم يقدم مُؤَخرا وَلم يُؤَخر مقدما
قلت أَرَأَيْت التَّطَوُّع قبل الظّهْر كم هُوَ قَالَ أَربع رَكْعَات لَا يفصل بَينهُنَّ إِلَّا بالتشهد قلت فكم التَّطَوُّع بعْدهَا قَالَ رَكْعَتَانِ
قلت فَهَل قبل الْعَصْر تطوع قَالَ إِن فعلت فَحسن قلت فكم التَّطَوُّع قبلهَا قَالَ أَربع رَكْعَات
قلت فكم التَّطَوُّع بعد الْمغرب قَالَ رَكْعَتَانِ
قلت فَهَل بعد الْعشَاء تطوع قَالَ إِن تطوع فَحسن بلغنَا عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ من صلى أَربع رَكْعَات بعد الْعشَاء قبل أَن يخرج من الْمَسْجِد كن مِثْلهنَّ من لَيْلَة الْقدر

(1/156)


قلت فَهَل بعد طُلُوع الْفجْر تطوع قَالَ نعم رَكْعَتَانِ قبل صَلَاة الْفجْر قلت وَيكرهُ الصَّلَاة بعد طُلُوع الْفجْر إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر قَالَ نعم قلت وَيكرهُ الْكَلَام بعد انْشِقَاق الْفجْر إِلَى أَن يُصَلِّي الْفجْر إِلَّا بِخَير قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت التَّطَوُّع يَوْم الْجُمُعَة كم هُوَ قَالَ قبلهَا أَربع رَكْعَات وَبعدهَا أَربع لَا يفصل بَينهُنَّ إِلَّا بالتشهد
قلت أرايت صَلَاة الْعِيد هَل قبلهَا صَلَاة قَالَ لَا قلت فبعدها قَالَ إِن فعلت فَحسن قلت فكم أُصَلِّي بعْدهَا قَالَ أَربع رَكْعَات لَا يفصل بَينهُنَّ إِلَّا بالتشهد
قلت فكم الصَّلَاة تَطَوّعا بِاللَّيْلِ قَالَ بلغنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَمَان رَكْعَات ثمَّ يُوتر بِثَلَاث ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر قلت فَإِن تطوع بِاللَّيْلِ قَالَ لَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا أَو سِتا سِتا أَو ثمانيا ثمانيا لَا بَأْس بِأَن تفعل أَي ذَلِك شِئْت قلت فأئ ذَلِك أحب إِلَيْك قَالَ أَربع أَربع قلت وَكَذَلِكَ التَّطَوُّع بِالنَّهَارِ قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى

(1/157)


قلت أَرَأَيْت الْأَثر الَّذِي جَاءَ لَا يُصَلِّي بعد صَلَاة مثلهَا قَالَ ذَلِك عِنْدِي فِي ترك الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّك لَا تقْرَأ فيهمَا إِن شِئْت فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة
قلت فطول الْقُنُوت وَالْقِيَام فِي التَّطَوُّع أحب إِلَيْك أم كَثْرَة السُّجُود قَالَ طول الْقيام أحب إِلَيّ وَأي ذَلِك فعل فَحسن
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة يَنْوِي أَربع رَكْعَات ثمَّ تكلم

(1/159)


قَالَ عَلَيْهِ أَن يقْضِي رَكْعَتَيْنِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون دَاخِلا فِي الْأَرْبَع حَتَّى يتَشَهَّد فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَيقوم فِي الثَّالِثَة
قلت فَإِن صلى أَربع رَكْعَات بِغَيْر قِرَاءَة كم يقْضِي قَالَ يقْضِي رَكْعَتَيْنِ قلت لم قَالَ لِأَن الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فاسدتان فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يقْضِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين قلت فَإِن قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى وَقَرَأَ فِي الرَّابِعَة أَو قَرَأَ فِي الأولى وَقَرَأَ فِي الثَّالِثَة قَالَ عَلَيْهِ أَن يقْضِي أَربع رَكْعَات قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْأول قَالَ هَذَا فِي الْقيَاس سَوَاء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ يَعْقُوب أما أَنا فَأرى عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَربع رَكْعَات قَرَأَ أَو لم يقْرَأ وَقَالَ مُحَمَّد أرى فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ إِذا أفسد الْأَوليين لم يقدر على أَن يدْخل فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَهُوَ قَول زفر قلت أَرَأَيْت إِن صلى رَكْعَتَيْنِ بِغَيْر قِرَاءَة ثمَّ إِنَّه صلى رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَة وَلم يسلم وَنوى فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَضَاء الْأَوليين قَالَ لَا يكون هَذَا قَضَاء وَعَلِيهِ قَضَاء رَكْعَتَيْنِ لِأَن هَذِه صَلَاة وَاحِدَة فَلَا يكون بَعْضهَا قَضَاء بعض قلت فَإِن دخل مَعَه رجل فِي الْأُخْرَيَيْنِ فصلاهما مَعَه قَالَ عَلَيْهِ أَن يقْضِي الْأَوليين كَمَا يَقْضِيهَا الإِمَام قلت فَإِن دخل مَعَه فِي الْأَوليين رجل فَلَمَّا فرغ مِنْهُمَا تكلم الرجل فَمضى الإِمَام فِي صلَاته حَتَّى صلى أَربع رَكْعَات قَالَ على الرجل الَّذِي كَانَ خَلفه أَن يقْضِي رَكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الصَّلَاة كلهَا مُسْتَقِيمَة صَحِيحَة كم يكون على الرجل الَّذِي تكلم قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يقْضِي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ قد خرج

(1/160)


من أَن يكون هَذَا إِمَامه قبل أَن يدْخل فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ إِمَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلين
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَتَيْنِ من آخر اللَّيْل وَهُوَ يَنْوِي بهما رَكْعَتي الْفجْر أيجزيه قَالَ لَا قلت فَإِن صلى رَكْعَتي الْفجْر وَلم يستيقن بِطُلُوع الْفجْر هَل يجْزِيه قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو شكّ فِي رَكْعَة مِنْهُمَا قبل طُلُوع الْفجْر إِن لم يكن طلع قَالَ نعم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا صلى الرجل الْفجْر وَلم يُوتر ثمَّ ذكر الْوتر فَعَلَيهِ قَضَاء الْوتر وَإِن صلى الْفجْر وَلم يصل رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ ذكرهمَا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَيْسَ رَكعَتَا الْفجْر بِمَنْزِلَة الْوتر وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يَقْضِيهَا إِذا طلعت الشَّمْس
- بَاب مَا جَاءَ فِي الْقيام فِي الْفَرِيضَة
-
بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أم قوما فَليصل بهم صَلَاة أضعفهم فَإِن فيهم الْمَرِيض وَالصَّغِير وَالْكَبِير وَذَا الْحَاجة

(1/161)


قلت أَرَأَيْت الإِمَام كم يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر قَالَ يقْرَأ بِأَرْبَعِينَ آيَة مَعَ فَاتِحَة الْكتاب فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا قلت فكم يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الظّهْر قَالَ يقْرَأ بِنَحْوِ من ذَلِك أَو دونه قلت كم يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الْعَصْر قَالَ بِعشْرين آيَة مَعَ فَاتِحَة الْكتاب قلت فكم يقْرَأ فِي الْمغرب قَالَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي كل رَكْعَة بِسُورَة قَصِيرَة خمس آيَات أَو سِتّ آيَات مَعَ فَاتِحَة الْكتاب قلت فكم يقْرَأ فِي الْعشَاء قَالَ يقرا فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا بِعشْرين آيَة مَعَ فَاتِحَة الْكتاب قلت وَكلما ذكرت فَهُوَ بعد فَاتِحَة الْكتاب قَالَ نعم قلت فَكيف قلت يقْرَأ فِي

(1/162)


السّفر فِي هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات الَّتِي ذكرت لَك قَالَ يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَبِمَا شَاءَ وَلَا يشبه الْحَضَر السّفر
قلت وَيقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ من الْمَكْتُوبَة بِفَاتِحَة الْكتاب فِي كل رَكْعَة قَالَ نعم إِن شَاءَ قَرَأَ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْقُرْآن وَإِن شَاءَ سبح فيهمَا وَإِن شَاءَ سكت
قلت وَكَيف يقْرَأ فِي الْوتر وماذا يقْرَأ قَالَ مَا قَرَأَ من شَيْء فَهُوَ حسن وَقد بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ فِي الْوتر فِي الرَّكْعَة الأولى ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَفِي الثَّانِيَة ب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّالِثَة ب قل هُوَ الله أحد وبلغنا أَنه قنت فِيهَا

(1/163)


بعد مَا فرغ من الْقِرَاءَة قبل أَن يرْكَع الثَّالِثَة
قلت فَهَل فِي شَيْء من الصَّلَوَات قنوت قَالَ لَا إِلَّا فِي الْوتر قلت فَمَا مِقْدَار الْقيام فِي الْقُنُوت قَالَ كَانَ يُقَال مِقْدَار {إِذا السَّمَاء انشقت} {وَالسَّمَاء ذَات البروج} قلت فَهَل فِيهِ دُعَاء موقت قَالَ لَا قلت فَهَل يرفع يَدَيْهِ حِين يفْتَتح بِالْقُنُوتِ قَالَ نعم ثمَّ يكفهما
قلت وَفِي كم موطن ترفع الْأَيْدِي قَالَ فِي سبع مَوَاطِن فِي افْتِتَاح الصَّلَاة وَفِي الْقُنُوت فِي الْوتر وَفِي الْعِيدَيْنِ وَعند استلام الْحجر وعَلى الصَّفَا والمروة وبعرفات وبجمع وَعند الْمقَام وَعند الْجَمْرَتَيْن
قلت أَرَأَيْت الرجل يؤم النِّسَاء لَيْسَ مَعَهُنَّ رجل غَيره قَالَ أما إِذا كَانَ مَسْجِد جمَاعَة تُقَام فِيهِ الصَّلَاة وَهُوَ إِمَام فَتقدم يُصَلِّي

(1/164)


وَلَيْسَ مَعَه رجل فَدخلت نسْوَة فِي الصَّلَاة فَلَا بَأْس بذلك وَأما أَن يَخْلُو بِهن فِي بَيت أَو فِي مَكَان غير الْمَسْجِد فَأنى أكره لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن يكون مَعَهُنَّ ذَات محرم مِنْهُنَّ
قلت أَرَأَيْت الرجل تفوته صَلَاة الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد حيه أَتَرَى لَهُ أَن يَأْتِي مَسْجِدا آخر يَرْجُو أَن يدْرك الصَّلَاة قَالَ إِن فعل فَحسن وَإِن صلى فِي مَسْجِد حيه فَحسن قلت فَإِن صلى فِي مَسْجِد حيه أيتطوع قبل الْمَكْتُوبَة قَالَ إِن كَانَ فِي وَقت سَعَة فَلَا بَأْس بذلك وَإِن خَافَ ذهَاب الْوَقْت بَدَأَ بالمكتوبة
قلت أَرَأَيْت إِذا أَخذ الْمُؤَذّن فِي الْإِقَامَة أتكره للرجل أَن يفْتَتح التَّطَوُّع فَيصَلي قَالَ نعم أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن كَانَت رَكْعَتي الْفجْر قَالَ أما رَكْعَتي الْفجْر فَإِنِّي لَا أكرههما

(1/165)


قلت أَرَأَيْت رجلا انْتهى إِلَى الْمَسْجِد وَالْقَوْم فِي الصَّلَاة أيصلي تَطَوّعا أَو يدْخل مَعَ الْقَوْم فِي الْفَرِيضَة قَالَ لَا وَلكنه يدْخل مَعَ الْقَوْم فِي صلَاتهم وَلَا يُصَلِّي من التَّطَوُّع شَيْئا إِلَّا أَن يَنْتَهِي إِلَى الإِمَام وَلم يكن صلى رَكْعَتي الْفجْر فَإِنَّهُ يُصَلِّيهمَا ثمَّ يدْخل فِي صَلَاة الْقَوْم قلت فَإِن كَانَ يخَاف أَن تفوته رَكْعَة من الْفجْر قَالَ وَإِن كَانَ يخَاف قلت فَإِن خَافَ أَن يفوتهُ الْفجْر فِي جمَاعَة قَالَ أحب ذَلِك إِلَيّ أَن يدْخل مَعَ الْقَوْم فِي صلَاتهم ويدع الرَّكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت رجلا نسى الْوتر فَذكر ذَلِك وَهُوَ يخَاف أَن يفوتهُ وَقت الْفجْر إِن أوتر كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي الْفجْر فَإِذا ارْتَفَعت الشَّمْس قضى الْوتر قلت أَرَأَيْت إِن لم يخف أَن تفوته الْفجْر قَالَ يبْدَأ فيوتر ثمَّ يُصَلِّي الْفجْر قلت فَإِن كَانَ لم يصل رَكْعَتي الْفجْر وَهُوَ يخَاف إِن صلاهما فَاتَتْهُ الْفجْر قَالَ يُصَلِّي الْفجْر وَلَا يُصَلِّيهمَا قلت

(1/166)


فَإِن صلى الْفجْر وَلم يصلهمَا أيصليهما إِذا ارْتَفع النَّهَار قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُمَا ليستا مثل صَلَاة الْوتر الَّتِي يَقْضِيهَا إِذا ارْتَفع النَّهَار
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى وَسلم على تَمام فِي نَفسه ثمَّ دخل مَعَه رجل فِي الصَّلَاة وَالْإِمَام قَاعد بعد فَكبر الرجل وَدخل يأتم بِهِ ثمَّ ذكر الإِمَام الَّذِي سلم أَنه قد بقيت عَلَيْهِ سَجْدَة من التِّلَاوَة أَو ذكر أَنه لم يتَشَهَّد فِي الرَّابِعَة وَقد قعد قدر التَّشَهُّد ثمَّ إِن الإِمَام تكلم قَالَ صَلَاة الإِمَام تَامَّة وَصَلَاة الَّذِي دخل مَعَه تَامَّة يَبْنِي عَلَيْهَا لِأَن الإِمَام كَانَ فِي صَلَاة تَامَّة وَكَانَ تَسْلِيمه ذَلِك لَيْسَ يقطع الصَّلَاة أَلا ترى أَن عَلَيْهِ أَن يسْجد وَأَن يتَشَهَّد وَأَن يسلم فَكل شَيْء كَانَ يكون على الإِمَام قبل التَّسْلِيم فَهُوَ على هَذَا وَلَيْسَ على الرجل الدَّاخِل مَعَ الإِمَام سَجْدَة التِّلَاوَة لِأَن الإِمَام لم يسجدها قلت فَإِن كَانَ دخل مَعَه الرجل وَالْمَسْأَلَة على حَالهَا بعد مَا سلم الإِمَام إِلَّا أَن الإِمَام ذكر أَن عَلَيْهِ سَهوا فِي صلَاته فَلم يسْجد لسَهْوه حَتَّى تكلم وَقَامَ فَذهب قَالَ صَلَاة الإِمَام تَامَّة وَأما الرجل الدَّاخِل مَعَ الْقَوْم فَإِن عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ زفر وَمُحَمّد يقوم الرجل فَيصَلي بِصَلَاة الإِمَام لِأَن السَّهْو شَيْء ترك من الصَّلَاة

(1/167)


- بَاب الْحَدث فِي الصَّلَاة وَمَا يقطعهَا
-
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل مَعَ الإِمَام ثمَّ أحدث حَدثا من بَوْل أَو غَائِط أَو قيء أَو رُعَاف أَو شَيْء يسْبقهُ وَلَا يتَعَمَّد لشَيْء من ذَلِك كَيفَ يصنع إِن كَانَ إِمَامًا أَو لم يكن إِمَامًا قَالَ إِن كَانَ إِمَامًا تَأَخّر وَقدم رجلا مِمَّن خَلفه يُصَلِّي بالقوم وَيذْهب هُوَ فيتوضأ فَإِن لم يكن تكلم اعْتد بِمَا مضى من صلَاته وَصلى مَا بقى فَإِن تكلم اسْتقْبل الصَّلَاة وَلم يعْتد بِشَيْء مِمَّا مضى قلت فَإِن لم يتَكَلَّم وَلكنه لما رَجَعَ إِلَى أَهله بَال أَو أَتَى غائطا هَل يتَوَضَّأ وَيَبْنِي على صلَاته قَالَ لَا وَلكنه إِذا تعمد بِشَيْء من هَذَا انتقضت صلَاته وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة إِذا تَوَضَّأ قلت وَلم يكون عَلَيْهِ فِي الْعمد أَن يسْتَقْبل وَلَا يكون فِيمَا سبقه وَلم يملكهُ قَالَ لِأَن الْأَثر وَالسّنة جَاءَ فِيمَا سبقه أَن يتَوَضَّأ وَيَبْنِي على مَا مضى

(1/168)


من صلَاته ويعتد بِمَا مضى
قلت أَرَأَيْت الرجل إِن جَامع أَو دخل الْمخْرج أَو استقاء هَل يَبْنِي على صلَاته قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل قلت وَكَذَلِكَ إِن تقيأ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قاء مَاء كثيرا لَا يخالطه شَيْء أَو قاء مرّة لَا يخالطها شَيْء أَو قاء طَعَاما أَو تقيأ مُتَعَمدا لذَلِك أَو ذرعه الْقَيْء وَلم يتَعَمَّد قَالَ أما إِذا كَانَ ذَلِك عمدا اسْتقْبل الصَّلَاة وَالْوُضُوء وَإِن كَانَ غير متعمد للقيء تَوَضَّأ وَبنى على صلَاته قلت فَإِن قاء بلغما لَا يخالطه شَيْء هَل ينْقض ذَلِك وضوءه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن البلغم بزاق وَلَا وضوء فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ يَعْقُوب أما أَنا فَأرى عَلَيْهِ الْوضُوء فِي البلغم إِذا كَانَ ملْء فِيهِ أَو أَكثر
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل فِي الصَّلَاة فصلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تكلم فِي الصَّلَاة وَهُوَ نَاس أَو متعمد لذَلِك قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يستقبلها

(1/169)


قلت فَإِن ضحك قَالَ إِن كَانَ الضحك دون القهقهة مضى على صلَاته وَإِن كَانَ قهقهة اسْتقْبل الْوضُوء وَالصَّلَاة نَاسِيا كَانَ أَو مُتَعَمدا قلت لم كَانَ الضحك عنْدك هَكَذَا والضحك وَالْكَلَام فِي الْقيَاس سَوَاء قَالَ أجل وَلَكِنِّي أخذت فِي الضحك بالأثر الَّذِي جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل فِي الصَّلَاة فصلى رَكْعَة اَوْ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ غشي عَلَيْهِ أَو أَصَابَهُ لمَم أَو وجع فَذهب عقله وَهُوَ إِمَام قَالَ صلَاته وَصَلَاة من خَلفه فَاسِدَة وعَلى الإِمَام أَن يسْتَقْبل الْوضُوء وَالصَّلَاة

(1/170)


وَأما الْقَوْم فَإِن عَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة وَلَا وضوء عَلَيْهِم قلت وَكَذَلِكَ لَو ضحك الإِمَام حَتَّى قهقه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا أم قوما فصلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ نَام قَائِما قَالَ يمْضِي فِي صلَاته وَلَا وضوء عَلَيْهِ لَا إِعَادَة قلت فَإِن نَام مضجعا تعمدا لذَلِك قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَيسْتَقْبل الصَّلَاة وعَلى الْقَوْم أَن يستقبلوا الصَّلَاة وَلَا وضوء عَلَيْهِم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى بِقوم فَقعدَ فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد ثمَّ ضحك حَتَّى قهقه قَالَ صلَاته وَصَلَاة من خَلفه تَامَّة وعَلى الإِمَام أَن يُعِيد الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى وَلَا وضوء على الْقَوْم قلت فَإِن ضحك الْقَوْم مَعَ الإِمَام جَمِيعًا مَعًا قَالَ عَلَيْهِم أَيْضا أَن يُعِيدُوا الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى قلت فَإِن ضحك الْقَوْم حَتَّى قهقهوا بعد مَا قهقه الإِمَام قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِم وضوء لصَلَاة أُخْرَى وَأما الإِمَام فَعَلَيهِ الْوضُوء قلت لم قَالَ لِأَن الإِمَام حِين قهقه فقد قطع الصَّلَاة وَهَؤُلَاء ضحكوا وَلَيْسوا فِي الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الإِمَام أحدث مُتَعَمدا بعد مَا قعد قدر التَّشَهُّد قَالَ نعم عَلَيْهِ الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى وَلَا وضوء على الْقَوْم قلت وَكَذَلِكَ لَو غشي عَلَيْهِ أَو أَصَابَهُ لمَم أَو جن قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أحدث الإِمَام غير متعمد قَالَ صلَاته تَامَّة لِأَنَّهُ قد قعد قدر التَّشَهُّد
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام قد سَهَا فَسجدَ سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ ضحك

(1/171)


فيهمَا حَتَّى قهقه قَالَ يُعِيد الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى وَصلَاته وَصَلَاة الْقَوْم تَامَّة وَلَا وضوء على الْقَوْم قلت وَلم لَا يكون على من خَلفه الْوضُوء قَالَ لأَنهم لم يضحكوا وَلم يحدثوا
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا أحدث فَتَأَخر وَقدم رجلا مِمَّن خَلفه وَقد فَاتَتْهُ رَكْعَة كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي بالقوم فَإِذا تشهد تَأَخّر وَقدم رجلا من غير أَن يسلم بهم فَيسلم بهم الرجل الآخر ثمَّ يقوم هُوَ فَيَقْضِي مَا بَقِي من صلَاته وَيسلم قلت أَرَأَيْت إِن لم يفرغ من صلَاته حَتَّى ضحك قهقهة وَقد بقيت عَلَيْهِ رَكْعَة أَو رَكْعَتَانِ قَالَ صلَاته وَصَلَاة من خَلفه وَصَلَاة الإِمَام الأول فَاسِدَة وعَلى هَذَا الَّذِي ضحك أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة وَعَلَيْهِم جَمِيعًا أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت لم أفسدت صَلَاة الإِمَام الأول قَالَ لِأَن الإِمَام الثَّانِي هُوَ إِمَام الأول أَلا ترى أَن الإِمَام يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَوَضَّأ ثمَّ يَجِيء فَيدْخل مَعَ الثَّانِي فِي صلَاته قلت أَرَأَيْت إِن تَوَضَّأ الأول وَصلى فِي بَيته واعتد بِمَا مضى من صلَاته هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ إِن كَانَ صلى فِي بَيته بعد مَا سلم الإِمَام الثَّانِي وَفرغ من صلَاته فَإِن صلَاته تَامَّة وَإِن كَانَ الإِمَام الثَّانِي لم يفرغ من صلَاته فَإِن صلَاته فَاسِدَة

(1/172)


وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت الإِمَام الثَّانِي إِن قعد فِي الرَّابِعَة وَهِي لَهُ الثَّالِثَة ثمَّ ضحك بعد مَا تشهد حَتَّى قهقه قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة وَأما من خَلفه فصلاتهم تَامَّة قلت لم كَانَ هَذَا هَكَذَا أَن يكون صَلَاة الإِمَام فَاسِدَة وَصَلَاة من خَلفه تَامَّة قَالَ لِأَن الإِمَام قد بقيت عَلَيْهِ رَكْعَة وَأما الَّذين خَلفه فقد استكملوا الصَّلَاة قلت فَمَا حَال الإِمَام الأول قَالَ إِن كَانَ خلف الثَّانِي وَقد فرغ من صلَاته مَعَه فَإِن صلَاته تَامَّة وَإِن كَانَ فِي بَيته لم يدْخل مَعَ الإِمَام الثَّانِي فِي الصَّلَاة فَإِن صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة لِأَن الإِمَام

(1/173)


الثَّانِي حِين فَسدتْ صلَاته قبل أَن يتم الأول فَسدتْ صَلَاة الأول وَلَو كَانَ فِي الْقَوْم من لم يتم صلَاته كَانَ عَلَيْهِ أَيْضا أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة وَلَا يشبه هَذَا الإِمَام الأول أَلا ترى أَن الإِمَام الأول يقْضِي بِغَيْر قِرَاءَة فَكَأَنَّهُ خلف الإِمَام الثَّانِي وَهَذَا الَّذِي لم يدْرك الصَّلَاة يقْضِي بِقِرَاءَة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى من الظّهْر رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تشهد فَسلم نَاسِيا ثمَّ ذكر فَظن أَن ذَلِك يقطع الصَّلَاة فَاسْتقْبل التَّكْبِير يَنْوِي بِهِ الدُّخُول فِي الظّهْر ثَانِيَة وَهُوَ إِمَام قوم فَكبر مَعَه الْقَوْم ينوون مَا صنع قَالَ هُوَ على صلَاته الأولى وَيُصلي مَا بَقِي مِنْهَا وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو وتكبيره لَا يكون قطعا للصَّلَاة لِأَنَّهُ فِيهَا بعد أَلا ترى لَو أَنهم أَحْدَثُوا كَانَت صلَاتهم تَامَّة قلت وَكَذَلِكَ إِن رعفوا قَالَ نعم

(1/174)


قلت أَرَأَيْت رجلا صلى وَحده رَكْعَة أَو هُوَ إِمَام ثمَّ جَاءَ قوم فَدَخَلُوا فِي صلَاته فَأَتمَّ لَهُم الصَّلَاة فَلَمَّا قعد قدر التَّشَهُّد ضحك الإِمَام حَتَّى قهقه قَالَ صَلَاة الإِمَام تَامَّة وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى وَأما صَلَاة الْقَوْم فَهِيَ فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت لم قَالَ أَلا ترى أَن الَّذين خَلفه لَو تكلمُوا أَو أَحْدَثُوا أَو ضحكوا أفسدت عَلَيْهِم صلَاتهم لِأَنَّهُ قد بقيت عَلَيْهِم رَكْعَة فَكَذَلِك الإِمَام يفْسد على من خَلفه وَلَا يفْسد على نَفسه لِأَنَّهُ قد أتم الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الإِمَام أحدث مُتَعَمدا قَالَ نعم قلت فَإِن تكلم مُتَعَمدا قَالَ لَا يشبه الْكَلَام الضحك وَالْحَدَث لِأَن الْكَلَام بِمَنْزِلَة التَّسْلِيم وعَلى الْقَوْم أَن يقضوا تِلْكَ الرَّكْعَة الَّتِي بقيت عَلَيْهِم وصلاتهم تَامَّة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد

(1/175)


صَلَاة من خَلفه تَامَّة يقومُونَ فِي ذَلِك كُله فيقضون وَإِن ضحك الإِمَام قهقهة وَبِهَذَا الْأَخير نَأْخُذ
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الظّهْر فِي الْمَسْجِد فصلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة كَيفَ يصنع قَالَ إِن كَانَ صلى رَكْعَة أضَاف إِلَيْهَا أُخْرَى ثمَّ يقطع وَيسلم وَيدخل مَعَ الإِمَام فِي صلَاته وَيكون لَهُ الركعتان تَطَوّعا قلت فَإِن كَانَ صلى رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ فِي الثَّالِثَة فَقَرَأَ وَركع وَلم يسْجد حَتَّى أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ يقطعهما فَيدْخل مَعَ الإِمَام فِي صلَاته وَلَا يحْتَسب بِمَا صلاه وَحده فَيجْعَل صَلَاة الإِمَام فَرِيضَة وَمَا صلى تَطَوّعا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ سجد

(1/176)


فِي الثَّالِثَة سَجْدَة وَاحِدَة أَو سَجْدَتَيْنِ قَالَ يمْضِي على صلَاته حَتَّى يُتمهَا وَهِي الْفَرِيضَة ثمَّ يسلم فَإِذا سلم دخل مَعَ الإِمَام فِي صلَاته فيجعلهما تَطَوّعا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ هَذَا فِي صَلَاة الْعَصْر قَالَ نعم إِلَّا أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يُصَلِّي مَعَ الْقَوْم بعد الْعَصْر تَطَوّعا وَلكنه إِذا فرغ من صلَاته خرج وَلم يدْخل مَعَ الإِمَام فِي صلَاته قلت فَإِن كَانَ فِي الْفجْر وَكَانَ قد صلى رَكْعَة وَسجد سَجْدَتَيْنِ أَو هُوَ رَاكِع فِي الثَّانِيَة ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ يقطعهَا وَيدخل مَعَ الإِمَام فِي صلَاته لِأَن صَلَاة الإِمَام فَرِيضَة وَلَا يحْتَسب بِمَا كَانَ صلى وَحده قلت فَإِن كَانَ قد سجد فِي الثَّانِيَة سَجْدَة أَو سَجْدَتَيْنِ ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ يمْضِي على صلَاته وَيسلم ثمَّ يخرج من الْمَسْجِد وَلَا يدْخل مَعَ الإِمَام فِي صلَاته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي الْمغرب وَقد صلى مِنْهَا رَكْعَة ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ وَركع ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة وَهُوَ رَاكِع قَالَ يقطعهَا وَيدخل مَعَ الإِمَام فِي صلَاته ويجعلها فَرِيضَة قلت فَإِن كَانَ قد سجد فِي الثَّانِيَة سَجْدَة أَو سَجْدَتَيْنِ ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ يمْضِي فِي صلَاته حَتَّى يفرغ وَيسلم وَلَا يدْخل مَعَ الْقَوْم فِي صلَاتهم قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا ثَلَاث رَكْعَات

(1/177)


وأكره أَن يُصَلِّي ثَلَاثًا نَافِلَة يقْعد فِيهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الْمغرب وَفرغ مِنْهَا ثمَّ دخل مَسْجِدا فأقيمت الصَّلَاة أيصلي مَعَهم أَو يخرج قَالَ بل يخرج من الْمَسْجِد وَلَا يُصَلِّي مَعَهم قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا ثَلَاث رَكْعَات فأكره لَهُ أَن يقْعد فِي الثَّالِثَة من النَّافِلَة قلت فَإِن دخل وَصلى مَعَهم قَالَ إِذا فرغ الإِمَام وَسلم قَامَ هَذَا فَيشفع بِرَكْعَة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر أَو الْعشَاء ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فأقيمت الصَّلَاة أيصلي مَعَهم وَيجْعَل الَّذِي صلى تَطَوّعا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فأقيمت الصَّلَاة أيصلي مَعَهم الْجُمُعَة وَيجْعَل الَّتِي صلى تَطَوّعا قَالَ نعم قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْبَاب الأول قَالَ لِأَن هَذَا يجب عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي الْجُمُعَة مَعَ النَّاس وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُصَلِّي الظّهْر فِي بَيته يَوْم الْجُمُعَة من غير عذر وَالْبَاب الأول إِذا صلى الظّهْر فِي بَيته فَهِيَ الْفَرِيضَة وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يَجْعَل الْفَرِيضَة نَافِلَة وَالْفَرِيضَة هَهُنَا هِيَ الْجُمُعَة

(1/178)


- بَاب الإِمَام يحدث وَلَا يقدم أحدا
-
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أحدث فَلم يقدم أحدا حَتَّى خرج من الْمَسْجِد قَالَ صَلَاة الْقَوْم فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت لم قَالَ أستحسن ذَلِك وَأرى بِهِ قبيحا أَن يكون قوم فِي الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد وإمامهم فِي أَهله
قلت أَرَأَيْت إِن قدم الْقَوْم رجلا بعد خُرُوج الإِمَام من الْمَسْجِد قَالَ لَا يجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت فَإِن قدمُوا رجلا قبل خُرُوج الإِمَام من الْمَسْجِد قَالَ صلَاته وصلاتهم تَامَّة قلت وَيكون هَذَا بِمَنْزِلَة الَّذِي لَو قدمه الإِمَام قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن قدم الْقَوْم رجلَيْنِ أم هَذَا طَائِفَة وَأم هَذَا طَائِفَة قَالَ صلَاتهم جَمِيعًا فَاسِدَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون إمامين يُصَلِّي كل وَاحِد مِنْهُمَا بطَائفَة وَقد كَانَ إمَامهمْ وَاحِدًا أَلا ترى أَنه لَو نوى كل وَاحِد أَن يؤم نَفسه وَيُصلي وَحده إِن هَذَا لَا يجزيهم فَكَذَلِك الإمامان إِذا لم يجْتَمع الْقَوْم على إِمَام وَاحِد فصلاتهم فَاسِدَة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام الَّذِي أحدث لَيْسَ خَلفه إِلَّا رجل

(1/179)


وَاحِد فأحدث الإِمَام فَانْفَتَلَ وَنوى هَذَا الَّذِي كَانَ خَلفه أَن يؤم نَفسه قبل خُرُوج الإِمَام من الْمَسْجِد قَالَ صلَاته تَامَّة وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْقَوْم لَو اجْتَمعُوا فقدموا رجلا فصلى بهم قلت فَإِن لم ينْو الَّذِي كَانَ خلف الإِمَام أَن يؤم نَفسه حَتَّى خرج الإِمَام من الْمَسْجِد قَالَ صلَاته تَامَّة وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل
قلت أَرَأَيْت إِن قدمه الإِمَام حِين أحدث وَجعله إِمَامًا فَذهب الإِمَام الأول فَتَوَضَّأ وَرجع قَالَ يدْخل مَعَ هَذَا فِي صلَاته فيأتم بِهِ لِأَن الإِمَام هَهُنَا هُوَ الثَّانِي
قلت فَإِن كَانَ الإِمَام الأول حِين قدم الإِمَام الثَّانِي وَخرج من الْمَسْجِد ليتوضأ أحدث الإِمَام الثَّانِي فَذهب يتَوَضَّأ قَالَ صَلَاة الأول فَاسِدَة وَصَلَاة هَذَا تَامَّة قلت فَإِن لم يحدث هَذَا الثَّانِي وَلَكِن كَانَ على صلَاته حَتَّى جَاءَ الأول فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة ثمَّ أحدث الثَّانِي وَخرج من الْمَسْجِد وَلم يقدم هَذَا وَلم ينْو هَذَا الأول أَن يكون إِمَام نَفسه قَالَ صَلَاة الأول وَالثَّانِي تَامَّة وَلَيْسَ عَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة وَهَذَا الثَّانِي إِمَام إِن نوى أَو لم ينْو
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أحدث فَانْفَتَلَ وَلم يقدم أحدا فأجمع الْقَوْم على أَن يقدموا رجلا يُصَلِّي بهم قبل

(1/180)


خُرُوج الإِمَام من الْمَسْجِد فقدموه وَقد اجْتمع عَلَيْهِ كلهم إِلَّا رجلا وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ وَنوى هَذَا الَّذِي لم يجمع مَعَهم أَن يُصَلِّي علا حِدة لنَفسِهِ قَالَ إِذا كَانَ جمَاعَة الْقَوْم قدمُوا رجلا قبل خُرُوج الإِمَام من الْمَسْجِد فَصَلَاة الَّذين ائتموا بِهِ تَامَّة وَصَلَاة الَّذين تفردوا فَاسِدَة إِن كَانَ وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا أحدث فَانْفَتَلَ فَقدم رجلا جَاءَ ساعتئذ فَلَمَّا قدمه كبر الرجل وَدخل فِي الصَّلَاة وَنوى أَن يؤم الْقَوْم بِصَلَاة الإِمَام أيجزيهم ذَلِك قَالَ نعم يجزيهم قلت فَإِن لم ينْو الَّذِي قدم أَن يُصَلِّي بهم صَلَاة الإِمَام وَلَكِن نوى أَن يُصَلِّي بهم صَلَاة مُسْتَقْبلَة فصلى بهم فَأَتمَّ الصَّلَاة وَنوى الْقَوْم صَلَاة الإِمَام الأول قَالَ أما الإِمَام الثَّانِي فَصلَاته تَامَّة وَأما الْقَوْم فَإِن صلَاتهم فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة

(1/181)


- بَاب الْمُسَافِر يحدث فَيقدم مُقيما
-
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا أحدث وَهُوَ مُسَافر وَخَلفه قوم مقيمون ومسافرون فَقدم رجلا من المقيمين كَيفَ يصنع هَذَا الْمُقِيم قَالَ يُصَلِّي بهم تَمام صَلَاة الْمُسَافِر فَإِذا تشهد تَأَخّر من غير أَن يسلم بهم وَقدم رجلا من الْمُسَافِرين فَسلم بهم تَمام صَلَاة الْمُسَافِر وَقَامَ المقيمون فقضوا مَا بَقِي من صلَاتهم عَلَيْهِم وحدانا بِغَيْر إِمَام
قلت أَرَأَيْت إِن قدم الإِمَام الأول رجلا من المقيمين فصلى بهم وَقعد فِي الثَّانِيَة وَتشهد ثمَّ قَامَ فَأَتمَّ بالقوم الصَّلَاة وَصلى الْقَوْم مَعَه قَالَ أما المسافرون فصلاتهم جَمِيعًا تَامَّة وَأما المقيمون فَإِن صلَاتهم فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة إِلَّا الإِمَام فَإِن صلَاته تَامَّة قلت فَإِن لم يقْعد الإِمَام فِي الرَّكْعَتَيْنِ قدر التَّشَهُّد قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَصَلَاة من خَلفه من الْمُسَافِرين والمقيمين جَمِيعًا فَاسِدَة قلت فَمَا حَال الإِمَام الأول الْمُسَافِر الَّذِي أحدث قَالَ صلَاته أَيْضا فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت لم أفسدت صَلَاة الْمُسَافِرين قَالَ لِأَن صلَاتهم أَربع رَكْعَات وَلم يقْعد فِي الرَّكْعَتَيْنِ قدر التَّشَهُّد فَمَا زَاد على الرَّكْعَتَيْنِ فَهُوَ تطوع لأَنهم قد خلطوا الْمَكْتُوبَة بالتطوع فَلَمَّا خلطوا الْمَكْتُوبَة بالتطوع

(1/182)


فَسدتْ صلَاتهم وَأما المقيمون فَإِنَّهُ أمّهم فِيمَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يؤمهم فِيهِ فَلذَلِك أفسدت عَلَيْهِم صلَاتهم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَة بِغَيْر قِرَاءَة وَلَا سُجُود وَركع فَلَمَّا ركع رفع رَأسه فَقَرَأَ وَركع وَسجد وَأَتَاهُ رجل فَدخل مَعَه فِي صلَاته وَأدْركَ مَعَه الرَّكْعَة هَل يجْزِيه قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يصنع قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام قد قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى وَركع على فرَاغ من الْقِرَاءَة قَالَ رُكُوعه فِي الثَّانِي بَاطِل وَلَا يحْتَسب بِهِ لِأَنَّهُ حِين قَرَأَ أَولا ثمَّ ركع فقد تمت الرَّكْعَة قلت فَإِن دخل مَعَه رجل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة هَل يجْزِيه من ركعته قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام حِين قَرَأَ وَركع أَولا أحدث وَخَلفه قوم فَقدم رجلا آخر فَاسْتقْبل هَذَا الرجل الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع وَالسُّجُود فجَاء رجل فَدخل مَعَ هَذَا قَالَ إِن كَانَ الإِمَام الأول قد قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى فَهِيَ الرَّكْعَة وَهَذِه الرَّكْعَة الثَّانِيَة لَا تجزيه وَسُجُود الثَّانِيَة من السُّجُود للأولى وَلَا يَجْزِي الَّذِي دخل مَعَ هَذَا فِي الثَّانِيَة رُكُوعه وَسُجُوده

(1/183)


وَإِن كَانَ الإِمَام الأول لم يقْرَأ حَتَّى ركع ثمَّ أحدث فَقدم هَذَا فَقَرَأَ هَذَا الإِمَام الثَّانِي وَركع ثمَّ دخل مَعَه رجل وَهُوَ رَاكِع فَإِنَّهُ يجْزِيه وَالْقَوْم والداخل مَعَه سَوَاء لِأَن الأول كَأَنَّهُ افْتتح الصَّلَاة ثمَّ أحدث فَقدم هَذَا فَقَرَأَ هَذَا الإِمَام الثَّانِي وَهَكَذَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يصنع
- بَاب الإِمَام يحدث فَيقدم جنبا أَو صَبيا
-
قلت أَرَأَيْت رجلا أحدث وَهُوَ إِمَام فَتَأَخر وَقدم رجلا وَهُوَ على غير وضوء أَو هُوَ جنب أَو هُوَ صبي لم يَحْتَلِم قَالَ صلَاته وَصَلَاة الْقَوْم كلهم فَاسِدَة قلت لم قَالَ لِأَن صَلَاة إمَامهمْ الَّذِي

(1/184)


قدم فَاسِدَة لَيست بِصَلَاة فَإِذا فَسدتْ صَلَاة الإِمَام فَسدتْ صَلَاة من خَلفه أَلا ترى لَو أَنه حِين أحدث قدم امْرَأَة أَن صلَاتهم كَانَت فَاسِدَة فَكَذَلِك كل من ذكرت
- بَاب صَلَاة الْأُمِّي
-
قلت أَرَأَيْت رجلا أُمِّيا صلى بِقوم أُمِّيين وَفِيهِمْ من يقْرَأ وَفِيهِمْ من لَا يقْرَأ قَالَ صلَاتهم فَاسِدَة وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد صَلَاة من يقْرَأ فَاسِدَة وَصَلَاة من لَا يقْرَأ تَامَّة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف
قلت أَرَأَيْت إِن افْتتح بهم الصَّلَاة وَهُوَ أُمِّي فصلى بهم رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ علم سُورَة فقرأها فِي الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة أيجزيه وَيجْزِي من خَلفه قَالَ لَا يجزيهم وصلاتهم فَاسِدَة قلت وَكَذَلِكَ لَو صلى بهم ثَلَاث رَكْعَات ثمَّ علم سُورَة قَالَ نعم وَفِي الْإِمْلَاء عَن أبي يُوسُف أَن أَبَا حنيفَة كَانَ يَقُول أَولا فِي الْأُمِّي يتَعَلَّم سُورَة فِي خلال صلَاته إِنَّه يقْرَأ وَيَبْنِي ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك رَحْمَة الله عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِن افْتتح بهم الصَّلَاة وَهُوَ أُمِّي فصلى بهم تَمام الصَّلَاة فَلَمَّا قعد قدر التَّشَهُّد وَلم يسلم علم سُورَة قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء

(1/185)


قلت فَإِن كَانَ خَلفه قوم لَا يقرأون فَافْتتحَ بهم وَهُوَ أُمِّي فَلَمَّا صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ علم سُورَة فقرأها فِيمَا بَقِي قَالَ لَا يجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بنى صلَاته على غير قِرَاءَة ثمَّ علم سُورَة فَعَلَيهِ أَن يسْتَقْبل وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما نَحن فنرى إِذا صلى الْأُمِّي بِقوم أُمِّيين وبقوم يقرؤن فصلى بهم تَمام الصَّلَاة وَقد قعد قدر التَّشَهُّد ثمَّ علم سُورَة أَنه يجْزِيه صلَاته وَصَلَاة من خَلفه مِمَّن لَا يقْرَأ وَأما من كَانَ يقْرَأ فَصلَاته فَاسِدَة
قلت فَإِن كَانَ الإِمَام مِمَّن لَا يقْرَأ فَافْتتحَ الصَّلَاة ثمَّ أحدث قبل أَن يُصَلِّي شَيْئا فَقدم رجلا مِمَّن كَانَ يقْرَأ قَالَ صَلَاة الإِمَام وَصَلَاة من خَلفه فَاسِدَة فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد وَجب عَلَيْهِ مَا وَجب على الإِمَام الأول لِأَن الإِمَام الأول كَانَ لَا يقْرَأ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام الأول قد صلى رَكْعَة ثمَّ أحدث فَقدم هَذَا قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء قلت فَإِن كَانَ الإِمَام الأول حِين افْتتح بهم الصَّلَاة علم سُورَة فصلى رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ فيهمَا تِلْكَ السُّورَة ثمَّ أحدث فَقدم رجلا

(1/186)


مِمَّن لَا يقْرَأ قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء قلت فَإِن قدم رجلا مِمَّن يقْرَأ قَالَ هَذَا وَمَا قبله سَوَاء
قلت إِذا افْتتح أُمِّي بِقوم أُمِّيين الصَّلَاة فصلى بهم رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ علم سُورَة قَالَ صلَاتهم فَاسِدَة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فيهم قوم يقرؤن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة وَقد سبقه بِرَكْعَة وَالرجل أُمِّي فَلَمَّا فرغ الإِمَام من صلَاته قَامَ الرجل ليقضي أَتُحِبُّ لَهُ أَن يقْرَأ فِيمَا بَقِي قَالَ نعم قلت فَإِذا لم يحسن أَن يقْرَأ قَالَ أما فِي الْقيَاس فَإِن صلَاته فَاسِدَة وَلَكِن أدع الْقيَاس وأستحسن أَن يجْزِيه قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ أخرس فسبقه الإِمَام بِرَكْعَة فَقَامَ يقْضِي أما كَانَ يجْزِيه صلَاته قلت بلَى قَالَ هَذَا وَذَاكَ سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فِي الْمَسْجِد وَحده تَطَوّعا فأحدث فَانْفَتَلَ

(1/187)


فَذهب يتَوَضَّأ أيجزيه أَن يُصَلِّي فِي بَيته قَالَ أَي ذَلِك فعل فَحسن فَإِن كَانَ لم يتَكَلَّم بنى على صلَاته وَإِن كَانَ تكلم اسْتقْبل الصَّلَاة
- بَاب فِيمَن صلى تَطَوّعا أَو فَرِيضَة وَلم يقْعد فِي الثَّانِيَة
-
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح التَّطَوُّع فصلى أَربع رَكْعَات وَلم يقْعد فِي الثَّانِيَة قَالَ يجْزِيه وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو إِن كَانَ فعل ذَلِك نَاسِيا قلت لم أَلَيْسَ قد أفسدت الْأَوليين حِين لم يقْعد فيهمَا قَالَ أما فِي الْقيَاس فقد أفسدتهما وَلَكِن أدع الْقيَاس وأستحسن فأجعلهما بِمَنْزِلَة الْفَرِيضَة أَلا ترى لَو أَن رجلا صلى الظّهْر وَلم يقْعد فِي الثَّانِيَة وَقعد فِي الرَّابِعَة وَتشهد أَن صلَاته تَامَّة وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو فَكَذَلِك هَذَا
قلت أَرَأَيْت رجلا أُمِّيا افْتتح الظّهْر وَصلى ففرغ من صلَاته وَسلم ثمَّ ذكر أَن عَلَيْهِ سَهوا من صلَاته فَسجدَ سَجْدَة وَاحِدَة للسَّهْو ثمَّ علم سُورَة قبل أَن يسْجد الْأُخْرَى قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت فَإِن لم يسه فِي صلَاته وَلكنه صلى أَربع رَكْعَات فَقعدَ فِي الرَّابِعَة

(1/188)


قدر التَّشَهُّد ثمَّ علم سُورَة قبل أَن يسلم قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما نَحن فنرى إِذا قعد قدر التَّشَهُّد ثمَّ علم سُورَة أَن صلَاته تَامَّة
- بَاب صَلَاة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال
-
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة صلت مَعَ الْقَوْم فِي الصَّفّ وَهِي تصلي بِصَلَاة الإِمَام مَا حَالهَا وَحَال من كَانَ بجنبها من الرِّجَال قَالَ أما صلَاتهَا فتامة وَصَلَاة الْقَوْم كلهم جَمِيعًا تَامَّة مَا خلا الرجل الَّذِي عَن يَمِينهَا وَالَّذِي كَانَ عَن يسارها وَالَّذِي خلفهَا بحيالها فَإِن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة يعيدون الصَّلَاة قلت لم قَالَ لِأَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قد ستروا من خَلفهم من الرِّجَال وهما لكل رجل مِنْهُم بِمَنْزِلَة الْحَائِط بَين الْمَرْأَة وَبَين أَصْحَابه
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى بِقوم رجال وَنسَاء فَكَانَ صفا تَاما نسَاء وَهن خلف الإِمَام وَخلف ذَلِك صفان من الرِّجَال قَالَ صَلَاة الصفين فَاسِدَة وَصَلَاة الْقَوْم مِمَّن هُوَ أَمَام النِّسَاء وَالنِّسَاء كُلهنَّ تَامَّة

(1/189)


قلت وَلم إِذا كَانَت الْمَرْأَة وَاحِدَة أفسدت صَلَاة الَّذِي خلفهَا وَلم تفْسد صَلَاة الَّذِي خلف أُولَئِكَ كَمَا أَنه لَو كَانَ صفا من النِّسَاء أفسدت صَلَاة الَّذِي خلفهن وَالَّذِي خلف ذَلِك أَيْضا قَالَ هَذَا فِي الْقيَاس سَوَاء وَلَكِنِّي أستحسن إِذا كَانَ صف تَامّ أفسدت صَلَاة من خلفهن من الرِّجَال وَإِن كَانُوا عشْرين صفا وَإِذا كَانَت امْرَأَة وَاحِدَة أَو اثْنَتَانِ أفسدت صَلَاة من كَانَ عَن يَمِينهَا وَعَن يسارها وَالَّذِي خلفهَا وَبَقِيَّة الْقَوْم صلَاتهم تَامَّة
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة صلت بحذاء الإِمَام تأتم بِهِ وَهُوَ يؤم الْقَوْم ويؤمها قَالَ صَلَاة الإِمَام وَالْقَوْم وَالْمَرْأَة جَمِيعًا فَاسِدَة قلت أَرَأَيْت إِن صلت أَمَام الإِمَام وَهِي تأتم بِهِ قَالَ صلَاتهَا فَاسِدَة وَصَلَاة الإِمَام وَمن خَلفه تَامَّة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ من كَانَ أَمَام الإِمَام فَلَا يكون

(1/190)


فِي صَلَاة الإِمَام
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة صلت بحذاء رجل وهما جَمِيعًا فِي صَلَاة وَاحِدَة غير أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يُصَلِّي لنَفسِهِ قَالَ صلاتهما جَمِيعًا تَامَّة وَلَا يفْسد على الرجل صلَاته إِذا كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا يُصَلِّي لنَفسِهِ
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة صلت إِلَى جنب رجل وَهِي تُرِيدُ أَن تأتم بِهِ وَالرجل يُصَلِّي وَحده لَا يَنْوِي أَن يكون إمامها قَالَ صَلَاة الرجل تَامَّة وَصَلَاة الْمَرْأَة فَاسِدَة قلت لم لَا تفْسد صَلَاة الرجل قَالَ إِذا لم ينْو الرجل أَن يكون إِمَامًا للْمَرْأَة فَلَا تفْسد عَلَيْهِ شَيْئا لِأَنَّهُ إِنَّمَا صلى وَحده وَلَو جعلته إمامها كَانَت الْمَرْأَة إِن شَاءَت أَن تفْسد على الرجل صلَاته جَاءَت فكبرت وَقَامَت بحذائه فتنتقض صلَاته فَهَذَا قَبِيح لَا يكون إمامها وَلَا تفْسد عَلَيْهِ صلَاته إِلَّا أَن يَنْوِي أَن يؤمها قلت فَإِن كَانَ يؤمها ويؤم غَيرهَا وائتمت بِهِ وَقَامَت بحذائه أفسدت عَلَيْهِ وعَلى من خَلفه وعَلى نَفسهَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا وَامْرَأَة سبقهما الإِمَام بِرَكْعَة فَلَمَّا فرغ الإِمَام قاما يقضيان وَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بحذاء صَاحبه فَهَل تفْسد الْمَرْأَة صَلَاة الرجل قَالَ لَا قلت وَلم وهما فِي صَلَاة وَاحِدَة قَالَ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يُصَلِّي لنَفسِهِ أَلا ترى لَو أَن أَحدهمَا سَهَا فِيمَا يقْضِي فَسجدَ لسَهْوه لم يجب على صَاحبه أَن يسْجد مَعَه قلت فَإِن لم يسبقهما الإِمَام بِشَيْء مِمَّا ذكرنَا من صلَاته ولكنهما أدْركَا أول الصَّلَاة فَلَمَّا صليا رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ أحدثا

(1/191)


فذهبا فتوضآ فجاءا وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته فقاما يقضيان مَا سبقهما الإِمَام بِهِ فَقَامَتْ الْمَرْأَة بحذاء الرجل فصلت قَالَ أما الْمَرْأَة فصلاتها تَامَّة وَأما الرجل فَإِن صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة لِأَنَّهُمَا فِي صَلَاة الإِمَام بعد أَلا ترى أَنَّهُمَا يقضيان بِغَيْر قِرَاءَة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى الظّهْر فائتمت بِهِ امْرَأَة فَقَامَتْ بحذائه تنوي صلَاته تُرِيدُ بذلك التَّطَوُّع وَالْإِمَام يَنْوِي أَن يؤمها قَالَ صَلَاة الإِمَام وَالْمَرْأَة وَالْقَوْم جَمِيعًا فَاسِدَة قلت لم أفسدت على الإِمَام صلَاته وَهِي لَا تنوي صلَاته قَالَ لِأَنَّهُ إِمَام لَهَا وَقد ائتمت بِهِ وَقَامَت بحذائه قلت فَهَل للْمَرْأَة أَن تقضي التَّطَوُّع الَّتِي دخلت فِيهِ مَعَ الإِمَام قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام يَنْوِي الظّهْر وَالْمَرْأَة تنوي الْعَصْر قَالَ صَلَاة الإِمَام وَالْقَوْم تَامَّة وصلاتها فَاسِدَة قلت فَهَل عَلَيْهَا أَن تقضي الْعَصْر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة دخلت مَعَ الإِمَام فِي صلَاته وَهُوَ على غير وضوء

(1/192)


قَالَ صَلَاة الإِمَام وَالْقَوْم فَاسِدَة وصلاتها تَامَّة
- بَاب صَلَاة الْعُرْيَان
-
قلت أَرَأَيْت رجلا عُريَانا لَا يقدر على ثوب يُصَلِّي فِيهِ كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي قَاعِدا يومي إِيمَاء قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانُوا رهطا صلوا وحدانا قَالَ نعم قلت فَإِن صلوا جمَاعَة يومون إِيمَاء ويجعلون السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع قَالَ يجزيهم قلت وَكَذَلِكَ لَو صلوا قيَاما وحدانا يومون إِيمَاء قَالَ نعم إِلَّا أَن أفضل ذَلِك أَن يصلوا قعُودا وحدانا يومون إِيمَاء قلت وَكَذَلِكَ لَو تقدم بَعضهم فصلى بهم يومي إِيمَاء قَالَ نعم يجزيهم
قلت أَرَأَيْت رجلا عُريَانا لَا يقدر على ثوب نظيف يُصَلِّي فِيهِ وَمَعَهُ ثوب فِيهِ دم أَكثر من قدر الدِّرْهَم كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي فِي ذَلِك الثَّوْب قلت فَإِن كَانَ فِي ثَوْبه قدر نصفه دم قَالَ يُصَلِّي فِيهِ قلت فَإِن كَانَ مملوءا كُله دَمًا قَالَ إِن صلى عُريَانا قَاعِدا أجزاه ذَلِك

(1/193)


وَإِن صلى فِي الثَّوْب أجزاه ذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجْزِيه إِن صلى عُريَانا وَإِن كَانَ ثَوْبه مملوءا دَمًا إِلَّا أَن يُصَلِّي فِيهِ
- بَاب الرجل يحدث وَهُوَ رَاكِع أَو ساجد
-
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فأحدث وَهُوَ رَاكِع أَو ساجد فَذهب وَتَوَضَّأ وَجَاء أَتَرَى لَهُ أَن يُعِيد تِلْكَ الرَّكْعَة أَو تِلْكَ السَّجْدَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن الْحَدث قد نقضه قلت فَإِن كَانَ إِمَام قوم فأحدث وَهُوَ رَاكِع فَتَأَخر وَقدم رجلا أيمكث الرجل كَمَا هُوَ رَاكِعا حَتَّى يكون قدر ركعته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ذكر أَن عَلَيْهِ سَجْدَة من الرَّكْعَة الأولى أَو من التِّلَاوَة فَذكر ذَلِك وَهُوَ رَاكِع فَخر سَاجِدا ثمَّ رفع رَأسه أيعود فِي تِلْكَ الرَّكْعَة قَالَ نعم قلت وَلَا يجْزِيه مَا كَانَ مضى مِنْهَا قَالَ إِن احتسب بِتِلْكَ الرَّكْعَة أجزاه وَإِن عَاد فِي ذَلِك فَهُوَ أحب إِلَيّ قلت وَكَذَلِكَ إِن ذكرهَا وَهُوَ ساجد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك الإِمَام فِي الْمغرب وَقد بقيت عَلَيْهِ رَكْعَة فصلى مَعَه تِلْكَ الرَّكْعَة فَلَمَّا سلم الإِمَام قَامَ يقْضِي كَيفَ يصنع

(1/194)


قَالَ يقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة ثمَّ يرْكَع وَيسْجد وَيجْلس ثمَّ يقوم فَيقْرَأ ثمَّ يرْكَع وَيسْجد وَيجْلس فيتشهد وَيَدْعُو بحاجته ثمَّ يسلم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقْضِي أول صَلَاة الإِمَام قلت فَلم يقْعد فِي الْآخِرَة مِنْهُمَا وَفِي الأولى وهما عنْدك أول الصَّلَاة قَالَ أما الأولى مِنْهُمَا فَهِيَ الثَّانِيَة لَهُ فِيمَا يُصَلِّي فَلَا بُد لَهُ من أَن يقْعد فِيهَا وَأما الثَّالِثَة فَلَا بُد لَهُ من أَن يقْعد فِيهَا حَتَّى يسلم
قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَة من الْوتر فِي رَمَضَان فقنت فِيهَا مَعَ الإِمَام ثمَّ قَامَ يقْضِي مَا سبق بِهِ هَل يقنت فِيمَا يقْضِي قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقْضِي أول صَلَاة الإِمَام وَقد أدْرك آخرهَا وقنت أَلا ترى لَو أَن الإِمَام سَهَا فَسجدَ مَعَه سَجْدَتي السَّهْو لم يكن عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا بعد
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَمر بَين يَدَيْهِ رجل أَو امْرَأَة أَو حمَار أَو كلب هَل يقطع شَيْء من ذَلِك صلَاته قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا لَا يقطع الصَّلَاة وَقد جَاءَ فِيهِ الْأَثر

(1/195)


قلت فَهَل يجب على الرجل إِذا صلى أَن يدْفع عَن نَفسه من يمر بَين يَدَيْهِ قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ الَّذِي يمر بَين يَدَيْهِ شَيْء كثير إِذا أَرَادَ أَن يدرأه عَن نَفسه مَشى إِلَيْهِ سَاعَة قَالَ لَا يمشي إِلَيْهِ وَلَكِن يُصَلِّي مَكَانَهُ ويدعه لِأَن الَّذِي يدْخل عَلَيْهِ من الْمَشْي أَشد من ممر هَذَا بَين يَدَيْهِ
قلت إِن مر بَين يَدَيْهِ إِنْسَان فَمَنعه أَتَرَى لَهُ أَن يَدْفَعهُ ويعالجه ويمنعه من ذَلِك قَالَ لَا قلت فَإِن فعل قَالَ إِذن انْقَطَعت صلَاته قلت وَإِنَّمَا يدْرَأ عَن نَفسه مَا لَيْسَ فِيهِ مَشى وَلَا علاج قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فِي صحراء لَيْسَ بَين يَدَيْهِ شَيْء قَالَ

(1/196)


أحب إِلَى أَن يكون بَين يَدَيْهِ شَيْء فَإِن لم يكن أجزته صلَاته قلت وَمَا أدنى مَا يَكْفِيهِ قَالَ طول ذِرَاع
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى بِقوم وَبَين يَدَيْهِ رمح قد ركزه أَو قَصَبَة وَلَيْسَ بَين يَدي أَصْحَابه الَّذين خَلفه شَيْء قَالَ تجزيهم صلَاتهم
قلت أَرَأَيْت رجلا انْتهى إِلَى الإِمَام وَقد سبقه بِرَكْعَة فَقَامَ الرجل خلف الصَّفّ فصلى وَحده بِصَلَاة الإِمَام قَالَ يجْزِيه قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ مَعَه رجل على غير وضوء أَو كَانَ مَعَه صبي أَو كَانَ رجلَانِ فِي صف فَكبر أَحدهمَا قبل الآخر أما يجْزِيه قلت بلَى قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى مَعَ الإِمَام وَبَينه وَبَين الإِمَام حَائِط قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن كَانَ بَينه وَبَين الإِمَام طَرِيق يمر فِيهِ النَّاس وَهُوَ عَظِيم قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة لِأَن هَذَا لَيْسَ مَعَ الإِمَام قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي الطَّرِيق الَّذِي بَينه وَبَين الإِمَام

(1/197)


مصلون يصلونَ بِصَلَاة الإِمَام صُفُوفا مُتَّصِلَة قَالَ صلَاته وَصَلَاة الْقَوْم تَامَّة قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْأول قَالَ إِذا كَانَ الطَّرِيق لَيْسَ فِيهِ من يُصَلِّي لم يجزه الصَّلَاة قَالَ لِأَنَّهُ قد جَاءَ الْأَثر فِي ذَلِك أَنه من كَانَ بَينه وَبَين الإِمَام نهر أَو طَرِيق فَلَيْسَ مَعَه وَإِذا كَانَ فِي الطَّرِيق مصلون فَلَيْسَ بَينهم وَبَين الإِمَام طَرِيق قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ بَينهم وَبَين الإِمَام صف من نسَاء قدامهم يصلين بِصَلَاة الإِمَام قَالَ لَا يجزيهم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى وَخَلفه رجل يتَعَلَّم الْقُرْآن فَاسْتَفْتَحَ فَفتح لَهُ الرجل الَّذِي يُصَلِّي غير مرّة قَالَ هَذَا يقطع صلَاته وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى مَعَ الإِمَام فَقَرَأَ الإِمَام فَفتح عَلَيْهِ هَل يكون هَذَا قد قطع صلَاته قَالَ لَا قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا قَالَ

(1/198)


لِأَن هَذَا يُرِيد التِّلَاوَة وَالْأول يُرِيد التَّعْلِيم قلت أَرَأَيْت إِن أَرَادَ الأول التِّلَاوَة وَلم يرد التَّعْلِيم قَالَ لَا يقطع ذَلِك صلَاته قلت أفينبغي لمن خلف الإِمَام أَن يفتح على الإِمَام قَالَ لَا وَلَكِن يَنْبَغِي للْإِمَام إِذا أَخطَأ أَن يرْكَع عِنْد ذَلِك أَو يَأْخُذ فِي آيَة غَيرهَا أَو يَأْخُذ فِي سُورَة قلت فَإِن لم يفعل ذَلِك وَفتح عَلَيْهِ بعض الْقَوْم الَّذين خَلفه قَالَ أجزاهم وَلَكِن قد أَسَاءَ الإِمَام حِين ألجأهم إِلَى ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي فَيقْتل الْحَيَّة أَو الْعَقْرَب فِي صلَاته هَل يقطع ذَلِك صلَاته قَالَ لَا قلت فَهَل يقطعهُ فِي الِالْتِفَات قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَرمى على طير الْحجر وَهُوَ فِي الصَّلَاة قَالَ أكره لَهُ ذَلِك وَصلَاته تَامَّة قلت فَإِن أكل نَاسِيا أَو شرب نَاسِيا قَالَ هَذَا يقطع الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَأخذ فِي صلَاته قوسا فَرمى بهَا قَالَ قد قطع صلَاته قلت وَكَذَلِكَ لَو عالج رجلا أَو قَاتله قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو خاط ثوبا أَو ادهن أَو سرح رَأسه أَو قطع ثوبا قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ بَين أَسْنَانه شَيْء من طَعَام فابتلعه قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك وَصلَاته تَامَّة قلت فَإِن قلس أقل من ملْء فِيهِ ثمَّ رَجَعَ فَدخل جَوْفه وَهُوَ لَا يملك ذَلِك قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك وَصلَاته تَامَّة قلت

(1/199)


من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْأكل وَالشرب قَالَ لِأَن الْأكل وَالشرب عمل فَهُوَ يقطع الصَّلَاة وَلَيْسَ هَذَا بِعَمَل
- بَاب الرجل يُصَلِّي فَيُصِيب ثَوْبه أَو بدنه بَوْل أَو دم أَكثر من قدر الدِّرْهَم
-
قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي فينتضح عَلَيْهِ الْبَوْل فَيُصِيبهُ مِنْهُ أَكثر من قدر الدِّرْهَم قَالَ يَنْفَتِل فَيغسل مَا أصَاب جسده مِنْهُ وَلَا يبْنى على صلَاته وَإِن كَانَ فِي ثَوْبه أَلْقَاهُ وَصلى فِي غَيره
قلت فَإِن سَالَ من دمل فِيهِ دم كثير أَو قيح أَو أَصَابَهُ بندقة أَو حجر فَشَجَّهُ فَغسل ذَلِك أيبنى على مَا مضى من صلَاته قَالَ نعم إِن كَانَ لم يتَكَلَّم وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَأما أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فَقَالَا يُعِيد فِي الضَّرْبَة والشجة والبندقة وَلَا يبْنى
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَنَامَ فِي الصَّلَاة فَاحْتَلَمَ قَالَ أما فِي الْقيَاس فَعَلَيهِ أَن يغْتَسل ويبنى على مَا مضى من صلَاته وَلَكِن أدع الْقيَاس وآمره أَن يغْتَسل وَيسْتَقْبل الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَة فَوَقع عَنهُ ثَوْبه فَقَامَ عُريَانا وَهُوَ

(1/200)


لَا يعلم بِهِ ثمَّ ذكر من سَاعَته فَتَنَاول ثَوْبه فلبسه قَالَ يمْضِي على صلَاته وَلَا يقطعهَا وَهِي تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى وفرجه أَو دبره مَكْشُوف وَهُوَ يعلم بذلك أَو لَا يعلم حَتَّى فرغ من صلَاته قَالَ صلَاته فَاسِدَة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فِي إِزَار أَو سَرَاوِيل أَو قَمِيص قصير أَو ثوب متوشح بِهِ وَهُوَ إِمَام أَو غير إِمَام قَالَ إِن كَانَ صفيقا فَصلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة صلت ورأسها أَو عورتها مكشوفة وَهِي تعلم أَو لَا تعلم قَالَ صلَاتهَا فَاسِدَة قلت فَإِن صلت وبطنها مَكْشُوف أَو فخذاها مكشوفان أَو صلت فِي درع رَقِيق يشف عَنْهَا أَو لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَار أَو صلت فِي خمار رَقِيق يرى رَأسهَا وكل شَيْء مِنْهَا قَالَ صلَاتهَا فَاسِدَة قلت فَإِن صلت وَقد انكشفت بعض رَأسهَا أَو بعض فَخذهَا أَو بعض بَطنهَا تَعَمّدت لذَلِك أَو لم تتعمد قَالَ إِن كَانَ ذَلِك يَسِيرا فصلاتها تَامَّة وَقد أساءت فِي ذَلِك وَإِن كَانَ كثيرا فعلَيْهَا أَن تعيد الصَّلَاة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن صلت وَربع رَأسهَا أَو ثلثه مَكْشُوف أعادت الصَّلَاة وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك لم تعد وَهُوَ قَول مُحَمَّد

(1/201)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا تعيد حَتَّى يكون النّصْف مكشوفا وَكَذَلِكَ الْفَخْذ والبطن وَالشعر فِي قَوْله وقولهما
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة إِذا قعدت فِي الصَّلَاة كَيفَ تقعد قَالَ كأستر مَا يكون لَهَا
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة صلت فأرضعت وَلَدهَا فِي الصَّلَاة قَالَ هَذَا يقطع الصَّلَاة
- بَاب الدُّعَاء فِي الصَّلَاة
-
قلت أَرَأَيْت رجلا قد صلى فَدَعَا الله فَسَأَلَهُ الرزق وَسَأَلَهُ الْعَافِيَة هَل يقطع ذَلِك الصَّلَاة قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ كل دُعَاء من الْقُرْآن وَشبه الْقُرْآن فَإِنَّهُ لَا يقطع الصَّلَاة قَالَ نعم قلت فَإِن قَالَ اللَّهُمَّ اكسني ثوبا اللَّهُمَّ زَوجنِي فُلَانَة قَالَ هَذَا يقطع الصَّلَاة وَمَا كَانَ من الدُّعَاء مِمَّا يشبه هَذَا فَهُوَ كَلَام وَهُوَ يقطع الصَّلَاة قلت فَإِن قَالَ اللَّهُمَّ أكرمني اللَّهُمَّ أنعم عَليّ اللَّهُمَّ أدخلني الْجنَّة وَعَافنِي من النَّار اللَّهُمَّ أصلح لي أَمْرِي اللَّهُمَّ اغْفِر لي ولوالدي اللَّهُمَّ وفقني وسددني اللَّهُمَّ اصرف عني شَرّ كل ذِي شَرّ

(1/202)


أعوذ بِاللَّه من شَرّ الْجِنّ وَالْإِنْس أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم أعوذ بِاللَّه من جهد الْبلَاء ودرك الشَّقَاء وَمن شماتة الْأَعْدَاء اللَّهُمَّ ارزقني حج بَيْتك وجهادا فِي سَبِيلك اللَّهُمَّ استعملني فِي طَاعَتك وَطَاعَة رَسُولك اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا صَادِقين اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا حامدين عابدين شاكرين اللَّهُمَّ ارزقنا وَأَنت خير الرازقين قَالَ هَذَا كُله حسن وَلَيْسَ شَيْء من هَذَا يقطع الصَّلَاة وَهَذَا من الْقُرْآن وَمَا يشبه الْقُرْآن وَإِنَّمَا يقطع الصَّلَاة مَا يشبه حَدِيث النَّاس
قلت أَرَأَيْت الرجل يمر بِالْآيَةِ فِيهَا ذكر النَّار فيقف عِنْدهَا ويتعوذ بِاللَّه ويستغفر الله وَذَلِكَ فِي التَّطَوُّع وَهُوَ وَحده قَالَ هَذَا حسن قلت فَإِن كَانَ الإِمَام قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن فعل قَالَ صلَاته تَامَّة قلت أَرَأَيْت الرجل يكون خلف الإِمَام فَيقْرَأ الإِمَام بِسُورَة فِيهَا ذكر الْجنَّة وَذكر النَّار أَو ذكر الْمَوْت أينبغي

(1/203)


لمن خَلفه أَن يتَعَوَّذ بِاللَّه من النَّار وَيسْأل الله الْجنَّة قَالَ يسمعُونَ وينصتون أحب إِلَيّ قلت أَرَأَيْت الرجل يكون خلف الإِمَام فيفرغ الإِمَام من السُّورَة أتكره للرجل أَن يَقُول صدق الله وَبَلغت رسله قَالَ أحب إِلَيّ أَن ينصت ويستمع قلت فَإِن فعل هَل يقطع ذَلِك صلَاته قَالَ لَا صلَاته تَامَّة وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن ينصت قلت أَرَأَيْت الإِمَام يقْرَأ الْآيَة فِيهَا ذكر قَول الْكفَّار أينبغي لمن خَلفه أَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ أحب ذَلِك إِلَيّ أَن يستمعوا وينصتوا قلت فَإِن فعلوا قَالَ صلَاتهم تَامَّة
- الْإِشَارَة فِي الصَّلَاة
- قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فمرت خادمه بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي أَو قَرِيبا مِنْهُ فَقَالَ سُبْحَانَ الله أَو مَا بِيَدِهِ

(1/204)


ليصرفها عَن نَفسه هَل يقطع ذَلِك صلَاته قَالَ لَا وَأحب إِلَيّ أَن لَا يفعل
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ رجل فسبح وَأَرَادَ بذلك إِعْلَامه أَنه فِي الصَّلَاة هَل يقطع ذَلِك صلَاته قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَأخْبر بِخَبَر يسوءه فَاسْتَرْجع فَأَرَادَ بِهِ جَوَابه قَالَ هَذَا كَلَام وَهُوَ يقطع الصَّلَاة قلت فَإِن أَرَادَ بذلك تِلَاوَة الْقُرْآن قَالَ صلَاته تَامَّة قلت فَإِن أخبر بِخَبَر يسوءه أَو يفرحه فَقَالَ سُبْحَانَ الله أَو قَالَ الْحَمد الله أَو قَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَو قَالَ اللَّهُمَّ لَك الشُّكْر وَأَرَادَ بذلك جَوَابه قَالَ هَذَا كَلَام يقطع الصَّلَاة قلت فَإِن لم يرد بذلك جَوَابه وَلكنه حمد الله وَكبر وَسبح قَالَ هَذَا لَا يكون كلَاما وَصلَاته تَامَّة قلت وَكَيف يكون التَّسْبِيح والتحميد وَالتَّكْبِير وَالشُّكْر كلَاما قَالَ أَو لَيْسَ قد يكون الشّعْر تسبيحا وتحميدا فَلَو أَن شَاعِرًا أنْشد شعرًا فِي صلَاته أما يكون كلَاما وَيقطع صلَاته قلت بلَى قَالَ فَهَذَا

(1/205)


وَذَاكَ سَوَاء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَلَا أرى التَّسْبِيح والتحميد والتهليل كلَاما وَلَا يقطع الصَّلَاة وَإِن أَرَادَ بذلك الْجَواب

- فِيمَن يؤم الْقَوْم وَهُوَ يقْرَأ فِي الْمُصحف
- قلت أَرَأَيْت الإِمَام يؤم الْقَوْم فِي رَمَضَان أَو فِي غير رَمَضَان وَهُوَ يقْرَأ فِي الْمُصحف قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ يُصَلِّي وَحده قَالَ نعم قلت فَهَل تفْسد صلَاته قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما نَحن فنرى أَن صلَاته تَامَّة وَلَكنَّا نكره لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ يشبه فعل أهل الْكتاب
قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي وَمَعَهُ جلد ميتَة مدبوغ قَالَ لَا بَأْس بذلك دباغه طهوره قلت فَإِن كَانَ الْجلد غير مدبوغ

(1/206)


قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ لَو صلى وَمَعَهُ من لحومها شَيْء كثير قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن صلى وَمَعَهُ عظم من عظامها أَو صوف قَالَ صلَاته تَامَّة قلت لم قَالَ لِأَن الْعظم لَيْسَ من اللَّحْم وَالصُّوف كَذَلِك وَلَيْسَ عَلَيْهِ دباغ وَلَا بَأْس بِالِانْتِفَاعِ بِهِ

- فِيمَن صلى وقدامه الْعذرَة
- قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي وقدامه الْعذرَة أَو الْبَوْل أَو نَاحيَة مِنْهُ هَل يفْسد ذَلِك صلَاته قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ حَيْثُ سجد أَو حَيْثُ يقوم قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت فَإِن كَانَ نَاحيَة من مقَامه وَعَن مَوضِع سُجُوده قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك وَلَكِن أحب إِلَيّ أَن يتَنَحَّى عَن ذَلِك الْمَكَان قلت وَكَذَلِكَ الْخمر وَالْميتَة وَالدَّم والقيء قَالَ نعم

- فِيمَن يُصَلِّي على الأَرْض أَو الْبسَاط وقدامه بَوْل
- قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فِي مَكَان من الأَرْض قد كَانَ فِيهِ بَوْل أَو عذرة أَو دم أَو قيء أَو خمر وَقد جف ذَلِك وَذهب أَثَره قَالَ صلَاته تَامَّة قلت فَإِن كَانَ لم يذهب أَثَره قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ

(1/207)


أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى على بِسَاط قد كَانَ أَصَابَهُ بَوْل أَو عذرة أَو دم أَو خمر أَو قيء قد جف وَذهب أَثَره قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الصَّلَاة وَلَا يشبه الْبسَاط الأَرْض فِي هَذَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي على الطنفست أَو على الْحَصِير أَو على البوري أَو على الْمسْح أَو على الْمصلى يسْجد على ثَوْبه أَو لبده فَيسْجد عَلَيْهِ يتقى بذلك حر الأَرْض وبردها قَالَ صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي فِي جُلُود السبَاع وَقد دبغت قَالَ نعم لَا بَأْس بذلك قلت وَكَذَلِكَ الْميتَة قَالَ نعم

- فِي الصَّلَاة على الثَّلج
- قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي على الثَّلج قَالَ إِن كَانَ مُتَمَكنًا يَسْتَطِيع أَن يسْجد عَلَيْهِ فَلَا بَأْس بذلك
قلت أَرَأَيْت الْمَسْجِد هَل تكره أَن تكون قبلته إِلَى الْحمام أَو إِلَى

(1/208)


مخرج أَو إِلَى قبر قَالَ نعم أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن صلى فِيهِ أحد يجْزِيه صلَاته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم الْمُسَافِرين تكره لَهُم أَن يصلوا على الطَّرِيق قَالَ نعم أكره لَهُم ذَلِك وَيَنْبَغِي لَهُم أَن يتنحوا عَن الطَّرِيق إِذا صلوا قلت فَإِن لم يتنحوا وصلوا على ظهر الطَّرِيق قَالَ صلَاتهم تَامَّة
فِيمَن سجد على بعض أَعْضَائِهِ أَو على ظهر الرجل قلت أَرَأَيْت رجلا صلى مَعَ النَّاس فزحمه النَّاس فَلم يجد موضعا لسجوده فَسجدَ على ظهر الرجل قَالَ صلَاته تَامَّة

- فِيمَن سجد على بعض أَعْضَائِهِ أَو على ظهر الرجل
-
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا صلى هَل تكره لَهُ أَن يُخَفف رُكُوعه وَسُجُوده وَلَا يُقيم ظَهره قَالَ نعم أكره ذَلِك أَشد الْكَرَاهِيَة
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل فِي صَلَاة الإِمَام وَلم يدر الظّهْر هِيَ أم الْجُمُعَة فصلى مَعَه رَكْعَتَيْنِ فَإِذا هِيَ الْجُمُعَة أَو إِذا هِيَ الظّهْر قَالَ يجْزِيه أَيهمَا كَانَت فقد نَوَاهَا لِأَنَّهُ قد نوى صَلَاة الإِمَام وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد قلت فَإِن دخل مَعَه فِي الصَّلَاة وَلم ينْو صَلَاة الإِمَام وَلكنه نوى الْجُمُعَة وَصلى مَعَه فَإِذا هِيَ الظّهْر قَالَ صلَاته فَاسِدَة قلت أَرَأَيْت إِن دخل مَعَه وَنوى الظّهْر وَلم ينْو صَلَاة الإِمَام فصلى مَعَه فَإِذا

(1/209)


هِيَ الْجُمُعَة قَالَ صلَاته فَاسِدَة لِأَنَّهُ لم ينْو مَا نوى إِمَامه إِنَّمَا أوجب هَذَا على نَفسه غير مَا أوجب إِمَامه على نَفسه
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَوضع أَنفه على الأَرْض فِي سُجُوده وَلم يضع جَبهته أَو وضع جَبهته وَلم يضع أَنفه قَالَ تجزيه صلَاته وَقد أَسَاءَ حِين لم يضعهما جَمِيعًا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا سجد الرجل على أَنفه وَلم يسْجد على جَبهته من عِلّة بِهِ أجزاه ذَلِك وَمن غير عِلّة وَهُوَ يقدر على ذَلِك أعَاد الصَّلَاة وَإِن سجد على جَبهته وَلم يسْجد على أَنفه وَهُوَ يقدر على ذَلِك أجزاه

(1/210)


- فِيمَن افْتتح التَّطَوُّع أَو الْمَكْتُوبَة قَائِما ثمَّ يعْتَمد على شَيْء أَو يقْعد من غير عذر
- قلت أَرَأَيْت الرجل يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة وَهُوَ إِمَام أَو وَحده أتكره أَن يعْتَمد على شَيْء قَالَ نعم أكره لَهُ ذَلِك إِلَّا من عذر قلت فَإِن فعل ذَلِك قَالَ صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل فِي الصَّلَاة فَقَرَأَ وَركع ثمَّ ذكر وَهُوَ رَاكِع أَنه لم يكبر تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح للصَّلَاة فكبرها وَهُوَ رَاكِع قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يرفع رَأسه من الرُّكُوع وَيكبر ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يرْكَع فيكبر قلت أَرَأَيْت إِن لم يكبر تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح وَلَكِن لما ذكر كبر لركوعه ولسجوده قَالَ لَا يجْزِيه شَيْء من ذَلِك وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة فَرِيضَة كَانَت أَو تَطَوّعا
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة تَطَوّعا وَهُوَ قَائِم ثمَّ بدا لَهُ أَن يقْعد وَيُصلي قَاعِدا من غير عذر هَل يجْزِيه قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجْزِيه قلت فَإِن افْتتح الصَّلَاة وَهُوَ قَاعد ثمَّ بدا لَهُ أَن يقوم فَيصَلي قَائِما أَو يُصَلِّي بَعْضهَا قَائِما وَبَعضهَا قَاعِدا قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن افْتتح وَهُوَ قَاعد فَقَرَأَ حَتَّى إِذا أَرَادَ

(1/211)


أَن يرْكَع قَامَ فَرَكَعَ فَفعل ذَلِك فِي صلَاته كلهَا قَالَ لَا بَأْس بذلك بلغنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يفعل ذَلِك قلت أرايت الرجل إِذا افْتتح الصَّلَاة وَهُوَ قَائِم لم رخصت لَهُ أَن يقْعد وَلم لَا يكون هَذَا بِمَنْزِلَة رجل قَالَ لله عَليّ رَكْعَتَانِ قَائِما قَالَ هما بِالْقِيَاسِ سَوَاء غير أنني أستحسن فِي هَذَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجْزِيه

- فِيمَن صلى على غير وضوء
- قلت أَرَأَيْت إِن افْتتح الصَّلَاة تَطَوّعا وَهُوَ على غير وضوء أَو كَانَ متوضئا وَعَلِيهِ ثوب فِيهِ دم أَو بَوْل أَو عذرة أَكثر من قدر الدِّرْهَم وَلم يعلم بذلك هَل ترى هَذَا دُخُولا فِي الصَّلَاة قَالَ لَيْسَ هَذَا دُخُولا فِي الصَّلَاة وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا لَو تمّ على صلَاته لم يجزه ذَلِك

(1/212)


قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة تَطَوّعا نصف النَّهَار أَو حِين احْمَرَّتْ الشَّمْس أَو بعد الْفجْر أَو قبل طُلُوع الشَّمْس فصلى رَكْعَتَيْنِ قَالَ قد أَسَاءَ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت لَو قطعهَا وأفسدها قَالَ عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا بعد ذَلِك فِي سَاعَة تحل فِيهَا الصَّلَاة قلت لم جعلت عَلَيْهِ الْقَضَاء وَقد افتتحها فِي سَاعَة لَا تحل فِيهَا الصَّلَاة قَالَ لِأَنَّهُ دخل فِي صَلَاة فافتتحها وأوجبها على نَفسه
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تصلي وَمَعَهَا صبيها تحمله قَالَ قد أساءت فِي حمل الصَّبِي وَيَنْبَغِي لَهَا أَن تضع صبيها ثمَّ تصلي قلت فَإِن لم تضع صبيها وصلت قَالَ صلَاتهَا تَامَّة

- فِيمَن صلى وَفِي فِيهِ دَنَانِير أَو دَرَاهِم
- قلت أَرَأَيْت رجلا صلى وَفِي فِيهِ دِرْهَم أَو دِينَار أَو لؤلؤة هَل يقطع ذَلِك صلَاته قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي فِيهِ عشرَة دَنَانِير قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي يَده مَتَاع أَو ثِيَاب أَو دَرَاهِم أَو جَوْهَر أَو دَنَانِير قَالَ نعم صلَاته فِي هَذَا كُله تَامَّة إِلَّا أَنِّي أكره لَهُ ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي يَده دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو مَتَاع وَلم يضع يَدَيْهِ على

(1/213)


رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوع وَلم يضعهما على الأَرْض فِي السُّجُود قَالَ أكره لَهُ ذَلِك وَصلَاته تَامَّة

- فِيمَن صلى فأقعى من غير عذر
- قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فأقعى أَو تربع فِي صلَاته من غير عذر قَالَ قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا صلى تَطَوّعا قَاعِدا أيتربع وَيقْعد كَيفَ يَشَاء وَإِن شَاءَ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَوق الْمَسْجِد بِصَلَاة الإِمَام هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ إِن كَانَ خلف الإِمَام فَصلَاته تَامَّة وَإِن كَانَ أَمَام الإِمَام فَصلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّطْح إِلَى جنب الْمَسْجِد وَلَيْسَ بَينه وَبَين الْمَسْجِد طَرِيق فَيصَلي فِي ذَلِك السَّطْح بِصَلَاة الإِمَام قَالَ صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فِي بَيت وَفِي الْقبْلَة تماثيل مصورة وَقد قطع رؤسها قَالَ لَا يضرّهُ ذَلِك شَيْئا لِأَن هَذِه لَيست بتماثيل

(1/214)


قلت أَرَأَيْت السّتْر الَّذِي يكون فِيهِ التماثيل أتكره أَن يكون فِي قبْلَة الْمَسْجِد قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ على بَاب الْبَيْت فِي مُؤخر الْقبْلَة قَالَ لَيْسَ بِمَنْزِلَة أَن يكون فِي الْقبْلَة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى وَعَلِيهِ ثوب فِيهِ تماثيل قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن صلى فِيهِ قَالَ صلَاته تَامَّة قلت وَكَذَلِكَ لَو صلى فِي بَيت وَفِي قبْلَة الْمَسْجِد تماثيل قَالَ نعم صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى على بِسَاط فِيهِ تماثيل قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن فعل قَالَ صلَاته تَامَّة والبساط أَهْون إِذا كَانَ فِيهِ تماثيل من أَن يكون فِي الْقبْلَة لِأَنَّهُ قد رخص فِي الْبسَاط
قلت أَرَأَيْت رجلا يقْرَأ دخل فِي صَلَاة أُمِّي تَطَوّعا ثمَّ أفسدها

(1/215)


قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو دخل فِي صَلَاة امْرَأَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو دخل فِي صَلَاة جنب أَو على غير وضوء قَالَ نعم لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء فِي شَيْء مِمَّا ذكرت قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يدْخل فِي صَلَاة تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة وَإِلَى جنبه جَارِيَة لم تَحض وَهِي تصلي بِصَلَاة الإِمَام هَل يفْسد ذَلِك عَلَيْهِ صلَاته قَالَ إِذا كَانَت الْجَارِيَة تعقل الصَّلَاة فإنى أستحسن أَن أفسد صلَاته وآمره أَن يُعِيد أَلا ترى لَو أَن الْجَارِيَة صلت بِغَيْر وضوء أَو صلت عُرْيَانَة أَمَرتهَا أَن تعيد الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ الصَّبِي الَّذِي قد يكَاد أَن يبلغ وَلم يبلغ إِذا صلى بِغَيْر وضوء أَو صلى عُريَانا أَمرته أَن يُعِيد الصَّلَاة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت جَارِيَة قد راهقت وَلم تبلغ الْحيض فصلت بِغَيْر قناع قَالَ أستحسن فِي هَذَا وَأرى أَن يجزيها وَلَا يشبه هَذَا إِذا

(1/216)


كَانَت عُرْيَانَة أَو على غير وضوء
قلت أَرَأَيْت أمة صلت بِغَيْر قناع قَالَ صلَاتهَا تَامَّة قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة والمدبرة وَأم الْوَلَد قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت أمة مُكَاتبَة أَو أم ولد صلت بِغَيْر قناع رَكْعَة ثمَّ اعتقت قَالَ عَلَيْهَا أَن تَأْخُذ قناعها وتبنى على مَا مضى من صلَاتهَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا قد صلت وَالصَّلَاة لَهَا حَلَال جَائِزَة تَامَّة ثمَّ اعتقت فصلت وَهِي حرَّة بقناع تمت صلَاتهَا أمة وحرة فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت رجلا تَوَضَّأ فَبَقيَ عُضْو من أَعْضَائِهِ لم يصبهُ المَاء ثمَّ دخل الصَّلَاة فصلى رَكْعَة ثمَّ أحدث فَخرجت مِنْهُ ريح أَو رُعَاف أَو قيء فَتَوَضَّأ أيبنى على وضوئِهِ أم يسْتَأْنف قَالَ بل يسْتَأْنف الْوضُوء وَالصَّلَاة قلت لم وَلَو تمّ على صلَاته كَانَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد قَالَ لِأَنَّهُ لَو كَانَ قد تَوَضَّأ فَأَتمَّ الصَّلَاة ثمَّ أحدث كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْتَأْنف وضوءه فَإِذا كَانَ لم يتم وضوءه فَذَلِك أَحْرَى أَن يسْتَأْنف الصَّلَاة
- بَاب صَلَاة الْمَرِيض فِي الْفَرِيضَة
-
قلت أَرَأَيْت الْمَرِيض الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَن يقوم وَلَا يقدر على السُّجُود كَيفَ يصنع قَالَ يومى على فرَاشه إِيمَاء وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع قلت فَإِن صلى وَكَانَ يَسْتَطِيع أَن يقوم وَلَا يَسْتَطِيع

(1/217)


أَن يسْجد قَالَ يُصَلِّي قَاعِدا يومى إِيمَاء قلت فَإِن صلى قَائِما يومى إِيمَاء قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن كَانَ لَا يَسْتَطِيع أَن يُصَلِّي إِلَّا مُضْطَجعا كَيفَ يصنع قَالَ يسْتَقْبل الْقبْلَة ثمَّ يُصَلِّي مُضْطَجعا يومى إِيمَاء وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا صلى نَائِما فائتم بِهِ مَرِيض آخر مَعَه يومى إِيمَاء قَالَ يجزيهما جَمِيعًا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانُوا جمَاعَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا صلى قَاعِدا يرْكَع وَيسْجد فائتم بِهِ قوم فصلوا خَلفه قيَاما قَالَ يجزيهم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام صَحِيحا وَهُوَ يُصَلِّي قَائِما وَخَلفه مَرِيض يُصَلِّي قَاعِدا قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن كَانَ الْمَرِيض الَّذِي خلف الإِمَام يومى إِيمَاء قَالَ يجْزِيه وَصلَاته تَامَّة

(1/218)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام الْمَرِيض لَا يَسْتَطِيع السُّجُود فَأومى إِيمَاء وَهُوَ جَالس فائتم بِهِ قوم يصلونَ قيَاما قَالَ يجْزِيه وَلَا يجزيهم
قلت أَرَأَيْت رجلا ينْزع المَاء من عَيْنَيْهِ وَأمر أَن يستلقي على ظَهره وَنهى عَن الْقعُود وَالسُّجُود هَل يجْزِيه أَن يُصَلِّي مُسْتَلْقِيا يومى إِيمَاء قَالَ نعم يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت مَرِيضا صلى لغير الْقبْلَة أومى إِيمَاء مُتَعَمدا لذَلِك قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد قلت وَكَذَلِكَ الصَّحِيح قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ مِنْهُ خطأ لم يتَعَمَّد لَهُ قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا صلى صَلَاة قبل وَقتهَا مُتَعَمدا لذَلِك مَخَافَة أَن يشْغلهُ الْمَرَض عَنْهَا أَو ظن أَنه فِي الْوَقْت ثمَّ علم بعد ذَلِك أَنه صلى

(1/219)


قبل الْوَقْت قَالَ لَا يجْزِيه فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت قوما مرضى يكونُونَ فِي بَيت فيؤمهم بَعضهم يأتمون بِهِ وهم يصلونَ قعُودا قَالَ صلَاتهم تَامَّة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام مَرِيضا وَخَلفه قوم أصحاء يأتمون بِهِ وَالْإِمَام قَاعد يومى إِيمَاء أَو مُضْطَجعا على فرَاشه يومى إِيمَاء وَالْقَوْم يصلونَ قيَاما قَالَ يجْزِيه وَلَا يجزى الْقَوْم فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت قوما مرضى يكونُونَ فِي بَيت فيؤمهم بَعضهم بِاللَّيْلِ وهم يصلونَ لغير الْقبْلَة وَالْإِمَام يُصَلِّي للْقبْلَة أَو صلى الإِمَام لغير الْقبْلَة وَصلى من خَلفه للْقبْلَة أَو غير الْقبْلَة وهم غير متعمدين لذَلِك وهم يرَوْنَ أَنهم قد أَصَابُوا الْقبْلَة قَالَ صلَاتهم تَامَّة
قلت أَرَأَيْت قوما مسافرين صلوا فِي السّفر فَأمهمْ رجل مِنْهُم وتعمدوا الْقبْلَة فأخطأوا وصلوا رَكْعَة ثمَّ علمُوا بالقبلة قَالَ يصرفون وُجُوههم فِيمَا بَقِي من صلَاتهم للْقبْلَة وصلاتهم تَامَّة قلت لم جعلت صلَاتهم تَامَّة وَقد صلوا لغير الْقبْلَة ثمَّ علمُوا بذلك قبل أَن يفرغوا من صلَاتهم قَالَ لأَنهم لَو تَمُّوا عَلَيْهَا أجزاهم
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا صلى وَهُوَ يومى إِيمَاء قَاعِدا أَو مُضْطَجعا فَسَهَا فِي صلَاته قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْجد سَجْدَتي السَّهْو يومى إِيمَاء

(1/220)


قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا لَا يَسْتَطِيع أَن يتَكَلَّم أيجزيه أَن يومى إِيمَاء بِغَيْر قِرَاءَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا أغمى عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ أَفَاق قَالَ عَلَيْهِ أَن يقْضِي مَا فَاتَهُ من الصَّلَاة قلت فَإِن أغمى عَلَيْهِ أَيَّامًا قَالَ لَا يقْضِي شَيْئا مِمَّا ترك قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ للأثر الَّذِي جَاءَ عَن ابْن عمر
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا افْتتح الصَّلَاة فصلى رَكْعَة يومى إِيمَاء ثمَّ

(1/221)


أحدث فَتَوَضَّأ أيبنى على مَا مضى من صلَاته قَالَ نعم الْمَرِيض الصَّحِيح فِي هَذَا سَوَاء قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا بِهِ جرح فِي جسده أَو فِي رَأسه أَو بِهِ وجع لَا يَسْتَطِيع الْقيام وَلَا الرُّكُوع وَلَا السُّجُود أيومى إِيمَاء قَاعِدا وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا أَصَابَهُ فزع أَو خوف من شَيْء فَلم يسْتَطع الْقيام لما بِهِ هَل يجْزِيه أَن يُصَلِّي قَاعِدا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا فِي جَبهته جرح وَلَا يَسْتَطِيع أَن يسْجد عَلَيْهِ هَل يجْزِيه أَن يومى إِيمَاء قَالَ لَا وَلَكِن يسْجد على أَنفه قلت فَإِن أومى ايماء قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْجرْح بِأَنْفِهِ وَهُوَ يَسْتَطِيع أَن يسْجد على جَبهته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرِيض الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَن يرْكَع وَلَا يسْجد أيسجد على عود أَو قَصَبَة أَو وسَادَة ترفع إِلَيْهِ قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن رفع إِلَيْهِ فَسجدَ عَلَيْهِ من غير أَن يومى إِيمَاء قَالَ لَا يجْزِيه صلَاته قلت فَإِن كَانَ يخْفض رَأسه بِالسُّجُود ثمَّ يقرب الْعود مِنْهُ فيلزقه بِأَنْفِهِ وجبهته حَتَّى فرغ من صلَاته قَالَ صلَاته تَامَّة قلت لم قَالَ لِأَن خفض رَأسه إِيمَاء

(1/222)


قلت وَكَذَلِكَ لَو وضع للْمَرِيض وسَادَة أَو مرفقة يسْجد عَلَيْهَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرِيض هَل يَسعهُ أَن يُصَلِّي بِغَيْر قِرَاءَة وَهُوَ يَسْتَطِيع الْقِرَاءَة قَالَ لَا قلت فَإِن صلى قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد
قلت فَهَل يقصر الْمَرِيض الصَّلَاة كَمَا يقصر الْمُسَافِر قَالَ لَا قلت فَهَل يُصَلِّي بِغَيْر وضوء وَهُوَ يقدر على الْوضُوء قَالَ لَا قلت فَإِن فعل فِي هَذَا كُله وَصلى قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة وَهُوَ صَحِيح قَائِم ثمَّ أَصَابَهُ وجع فَلم يسْتَطع أَن يُصَلِّي إِلَّا قَاعِدا يومى إِيمَاء أَو مُضْطَجعا يومى إِيمَاء أيصلي بَقِيَّة صلَاته بِالْإِيمَاءِ وَقد صلى بَعْضهَا قَائِما قَالَ نعم قلت فَإِن صلى قَاعِدا يسْجد ويركع وَصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ برأَ وَصَحَّ قَالَ يُصَلِّي بَقِيَّة صلَاته قَائِما فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يسْتَقْبل الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا لَا يَسْتَطِيع الرُّكُوع وَلَا السُّجُود فصلى رَكْعَة يومى إِيمَاء ثمَّ صَحَّ فَقَامَ أيصلي بَقِيَّة صلَاته قَائِما قَالَ أما هَذَا فيستقبل الصَّلَاة كلهَا قَائِما وَهَذَا لَا يشبه الأول لِأَن هَذَا كُله يومى وَالْأول كَانَ يسْجد

(1/223)


قلت أَرَأَيْت الرجل الْمَرِيض الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَن يرْكَع وَلَا يسْجد وَلَا يَسْتَطِيع الْجُلُوس فَأَرَادَ أَن يُصَلِّي مُضْطَجعا يومى إِيمَاء كَيفَ يومى قَالَ يتَوَجَّه نَحْو الْقبْلَة فيومى على قَفاهُ وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع حَتَّى يفرغ من صلَاته
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمَرِيض إِذا أَرَادَ أَن يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ قَالَ فَليدع الظّهْر حَتَّى يَأْتِي آخر وَقتهَا وَيقدم الْعَصْر فِي أول وَقتهَا وَلَا يجمع بَينهمَا فِي وَقت وَاحِد ويوتر ويقنت على كل حَال
- بَاب السَّهْو فِي الصَّلَاة وَمَا يقطعهَا
-
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَسَهَا فِي صلَاته فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أَو أَرْبعا وَذَلِكَ أول مَا سَهَا قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت فَإِن لَقِي ذَلِك غير مرّة كَيفَ يصنع قَالَ يتحَرَّى الصَّوَاب فَإِن كَانَ أَكثر رَأْيه أَنه قد أتم مضى على صلَاته وَإِن كَانَ أَكثر رَأْيه أَنه صلى ثَلَاثًا أتم الرَّابِعَة ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَيسلم عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله فِي آحرها
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَقَامَ فِيمَا يقْعد فِيهِ أَو قعد فِيمَا يُقَام فِيهِ

(1/224)


قَالَ يمْضِي على صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت وكل من وَجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو فَإِنَّمَا يسجدهما بعد التَّسْلِيم ويتشهد فيهمَا وَيسلم قَالَ نعم فَإِن شكّ فِي سُجُود السَّهْو عمل بِالتَّحَرِّي وَلم يسْجد لسهو السَّهْو
قلت أَرَأَيْت رجلا سَهَا فِي تَكْبِير الْعِيدَيْنِ هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا سَهَا فِي تَكْبِير الرُّكُوع وَالسُّجُود قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ تَكْبِير الرُّكُوع وَالسُّجُود بِمَنْزِلَة التَّسْبِيح فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَلَا سَهْو عَلَيْهِ فِي هَذَا وتكبير الْعِيدَيْنِ بِمَنْزِلَة الْقُنُوت فِي الْوتر وَالتَّشَهُّد وَعَلِيهِ فِي ذَلِك السَّهْو
قلت أَرَأَيْت رجلا سَهَا فِي تَكْبِير الصَّلَاة كلهَا إِلَّا التَّكْبِيرَة الَّتِي يفْتَتح بهَا الصَّلَاة هَل عَلَيْهِ فِي ذَلِك سَهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن التَّكْبِير لَيْسَ بِالصَّلَاةِ بِعَينهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو سَهَا عَن التَّسْبِيح فِي الرُّكُوع أَو فِي السُّجُود لم يكن عَلَيْهِ سَهْو قَالَ نعم قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو سَهَا فَترك التَّعَوُّذ وَترك سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك

(1/225)


أَو ترك آمين هَل عَلَيْهِ سَهْو قلت لَا قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء
قلت فَإِن ترك التَّشَهُّد سَاهِيا قَالَ أستحسن أَن يكون عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو
قلت أَرَأَيْت إِن نسي فَاتِحَة الْقُرْآن فِي الرَّكْعَة الأولى أَو فِي الثَّانِيَة أَو بَدَأَ بغَيْرهَا فَلَمَّا قَرَأَ من السُّورَة شَيْئا ذكر أَنه لم يقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب قَالَ يبْدَأ فَيقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب ثمَّ السُّورَة وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت أَرَأَيْت إِن نسي فَاتِحَة الْقُرْآن فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين وَقد قَرَأَ غَيرهَا هَل يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ إِن شَاءَ قَرَأَهَا وَإِن شَاءَ لم يَقْرَأها قلت فَإِن قَرَأَهَا هَل يكون ذَلِك قَضَاء لما ترك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لَو كَانَت قَضَاء لوَجَبَ عَلَيْهِ أَن يَقْرَأها فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَكَانَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَو لم يقْرَأ
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِي كل وَاحِدَة بِفَاتِحَة الْقُرْآن وَلم يقْرَأ مَعهَا شَيْئا فَفعل ذَلِك سَاهِيا أعليه

(1/226)


أَن يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مَعَ فَاتِحَة الْقُرْآن سُورَة قَالَ أحب إِلَيّ أَن يقْرَأ قلت فَإِن لم يفعل قَالَ يجْزِيه وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قَرَأَ أَو لم يقْرَأ قلت فَإِن لم يقْرَأ فِي الْأَوليين بِشَيْء من الْقُرْآن سَاهِيا أَتَرَى عَلَيْهِ أَن يقْرَأ بِفَاتِحَة الْقُرْآن وبسورة فِي كل رَكْعَة من الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ نعم قلت فَإِن لم يقْرَأ فيهمَا أَو قَرَأَ فِي إِحْدَاهمَا قَالَ لَا يجْزِيه
قلت فَإِن كَانَ إِمَامًا وَكَانَت الْعشَاء فَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وأخفى بِالْقِرَاءَةِ أَو كَانَت الظّهْر وَالْعصر فَقَرَأَ فيهمَا وجهر بِالْقِرَاءَةِ أَكَانَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْرَأ فِي الْأَوليين شَيْئا وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِآيَة آيَة وَهُوَ ساه فِي الْأَوليين مُتَعَمدا فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ تجزيه إِن لم تكن آيَة قَصِيرَة جدا وَقَالَ أَبُو حنيفَة صلَاته جَائِزَة وَإِن كَانَت آيَة قَصِيرَة ثمَّ إِنَّه رَجَعَ عَن قَوْله الأول قلت

(1/227)


أَرَأَيْت هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فجهر بِالْقُرْآنِ فِي صَلَاة يُخَافت بهَا أَو خَافت فِي صَلَاة يجْهر فِيهَا بِالْقُرْآنِ قَالَ قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة قلت فَإِن فعل ذَلِك سَاهِيا قَالَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قلت فَإِن لم يكن إِمَامًا وَلكنه صلى وَحده فخافت فِيمَا يجْهر فِيهِ أَو جهر فِيمَا يُخَافت فِيهِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ إِذا كَانَ الرجل وَحده وأسمع أُذُنَيْهِ الْقُرْآن أَو رفع ذَلِك أَو خفض فِي نَفسه أجزاه ذَلِك وَلَيْسَ عَلَيْهِ سَهْو لِأَنَّهُ وَحده وَإِذا كَانَ الإِمَام فَلَا بُد لَهُ من أَن يضع ذَلِك مَوْضِعه فَإِن كَانَ سَاهِيا فِيمَا صنع وَجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو

(1/228)


وَإِن تعمد لذَلِك فقد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم وسها فِي صلَاته وَلم يسه من خَلفه قَالَ إِذا وَجب على الإِمَام سجدتا السَّهْو وَجب ذَلِك على من خَلفه وَإِن لم يسه مِنْهُم أحد غَيره
قلت أَرَأَيْت إِن سَهَا من خَلفه وَلم يسه الإِمَام قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِم وَلَا عَلَيْهِ سَهْو
قلت أَرَأَيْت رجلا سلم فِي الرَّابِعَة قبل التَّشَهُّد سَاهِيا قَالَ عَلَيْهِ أَن يتَشَهَّد ثمَّ يسلم ثمَّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ يتَشَهَّد ثمَّ يسلم قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ عَلَيْهِ سَجْدَة من تِلَاوَة أَو رَكْعَة قد ترك مِنْهَا سَجْدَة فَذكر ذَلِك أَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسجدهما ويتشهد وَيسلم ثمَّ يسْجد للسَّهْو ويتشهد ثمَّ يسلم إِذا كَانَ سلم سَاهِيا وَإِن كَانَ سلم وَهُوَ ذَاكر لذَلِك فَصلَاته فَاسِدَة وَإِن كَانَت السَّجْدَة من الصَّلَاة قلت بلَى قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء إِذا كَانَت السَّجْدَة من الرَّكْعَة فَسلم وَهُوَ ذَاكر فَإِن صلَاته فَاسِدَة وَإِن كَانَت السَّجْدَة من تِلَاوَة فَصلَاته تَامَّة وَلَيْسَ عَلَيْهِ

(1/229)


أَن يسْجد سَجْدَتي السَّهْو قلت فَإِن سلم مُتَعَمدا وَعَلِيهِ التَّشَهُّد وَقد قعد قدر التَّشَهُّد أجزاه ذَلِك وَلَيْسَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَسَهَا فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى ثمَّ استيقن أَنه صلى ثَلَاث رَكْعَات أيجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ إِن كَانَ حِين سَهَا لم يدر كم صلى حَتَّى تفكر وَنظر فِي ذَلِك فَإِن كَانَ تفكره وَنَظره فِي ذَلِك يشْغلهُ عَن شَيْء من صلَاته وَجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَإِن كَانَ تفكره وَنَظره فِي ذَلِك لم يطلّ وَلم يشْغلهُ عَن شَيْء من صلَاته فصلى فَلَا سَهْو عَلَيْهِ وَالْإِمَام وَالَّذِي صلى وَحده فِي ذَلِك سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى من الظّهْر رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ فِي الثَّالِثَة وَلم يجلس وَلم يستو قَائِما حَتَّى ذكر فَقعدَ هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد تغير عَن حَاله فَإِذا تغير عَن حَاله وَجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قلت وَكَذَلِكَ لَو فعل هَذَا فِي الرَّابِعَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَسَهَا فِي صلَاته مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا كم

(1/230)


يجب عَلَيْهِ لسَهْوه ذَلِك قَالَ يجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَلَا يجب عَلَيْهِ غير ذَلِك وَالْإِمَام وَالَّذِي يُصَلِّي وَحده فِي ذَلِك سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَأَرَادَ أَن يقْرَأ فِي صلَاته بِسُورَة فَأَخْطَأَ فَقَرَأَ غَيرهَا أَو قَرَأَ تِلْكَ السُّورَة فَأَخْطَأَ فِيهَا هَل يجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ لَا وَالْإِمَام وَغَيره فِي ذَلِك سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى خلف الإِمَام وَكَانَ يقوم قبل الإِمَام أَو كَانَ يقْعد قبل قعُود الإِمَام أَو كَانَ سجد قبله وَهُوَ ساه فِي ذَلِك هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ لَيْسَ على من خلف الإِمَام سَهْو إِلَّا أَن يسهو الإِمَام قلت فَإِن كَانَ يرْكَع قبل الإِمَام وَيسْجد قبله قَالَ إِن أدْرك الإِمَام بِرَكْعَة وَهُوَ رَاكِع أَو يسْجد وَهُوَ ساجد أجزاه قلت إِن أدْرك الإِمَام وَهُوَ رَاكِع فَكبر مَعَه وَلم يرْكَع حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه فَلَا يَسْتَطِيع أَن يرْكَع قبل أَن يرفع الإِمَام رَأسه ثمَّ ركع قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ قَضَاء تِلْكَ الرَّكْعَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يرْكَع مَعَ الإِمَام وَلم يدْرك مَعَ الإِمَام
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى بِقوم فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا قعد فِي الرَّابِعَة تشهد ثمَّ سجدهما قبل التَّسْلِيم هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يعيدهما بعد التَّسْلِيم قَالَ لَا قلت وَالْإِمَام وَالَّذِي يُصَلِّي وَحده فِي ذَلِك سَوَاء قَالَ نعم

(1/231)


قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا فرغ من صلَاته سجد لسَهْوه فَشك فَلم يدر أَسجد لسَهْوه وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ قَالَ يتحَرَّى الصَّوَاب فَإِن كَانَ أكبر رَأْيه أَنه سجد سَجْدَة وَاحِدَة سجد أُخْرَى وَإِن كَانَ أكبر رَأْيه أَنه سجد سَجْدَتَيْنِ لسَهْوه تشهد وَسلم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا فرغ من صلَاته سلم وَهُوَ لَا يُرِيد أَن يسْجد للسَّهْو ثمَّ بدا لَهُ أَن يسْجد للسَّهْو وَهُوَ فِي مَجْلِسه ذَلِك قبل أَن يقوم وَقبل أَن يتَكَلَّم قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَيسْجد مَعَه أَصْحَابه قلت فَإِن قَامَ وَلم يسْجد قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء قلت وَكَذَلِكَ لَو تكلم قبل أَن يسْجد قَالَ نعم قلت فَإِن لم يتَكَلَّم وَلم يقم وَلكنه أَرَادَ السُّجُود وَفِي أَصْحَابه من قد تكلم وَمِنْهُم من قد قَامَ فَذهب قَالَ من تكلم مِنْهُم أَو خرج من الْمَسْجِد لم يكن عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَمن كَانَ مَعَ الإِمَام وَلم يتَكَلَّم وَلم يخرج فَعَلَيهِ أَن يسْجد مَعَ الإِمَام

(1/232)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ حِين سلم كَانَ من نِيَّته أَن يسْجد للسَّهْو فنسي أَن يسْجد حَتَّى تكلم أَو خرج من الْمَسْجِد قَالَ هَذَا قطع للصَّلَاة وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت فَإِن لم يتَكَلَّم وَلم يخرج وَكَانَ فِي مَجْلِسه وَقد نوى حِين سلم أَن يسْجد أَو لم ينْو ثمَّ ذكرهمَا وَهُوَ فِي مَجْلِسه قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدهما وَالنِّيَّة هَهُنَا وَغير النِّيَّة سوء قلت أَرَأَيْت إِن نوى لم لَا يكون عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو واجبتين قَالَ أَرَأَيْت لَو سَهَا وَأجْمع رَأْيه أَن لَا سُجُود عَلَيْهِ فِي ذَلِك فَسلم على نِيَّته تِلْكَ ثمَّ بدا لَهُ من سَاعَته أَن يسْجد أَلَيْسَ يجب عَلَيْهِ أَن يسْجد قلت بلَى قَالَ أَفلا ترى أَن النِّيَّة هَهُنَا لَيست بِشَيْء
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا فرغ وَسلم جَاءَ رجل فَدخل مَعَه على تِلْكَ الْحَال قبل أَن يسْجد الإِمَام للسَّهْو ثمَّ إِن الإِمَام سجد للسَّهْو أيسجد هَذَا الرجل مَعَه قَالَ نعم قلت وتراه قد أدْرك الصَّلَاة مَعَه قَالَ نعم قلت فَإِن سجد مَعَ الإِمَام ثمَّ قَامَ يقْضِي أَتَرَى عَلَيْهِ أَن يُعِيد السَّهْو إِذا فرغ من صلَاته قَالَ لَا قلت

(1/233)


لم قَالَ لِأَنَّهُ قد سجد الَّذِي وَجب عَلَيْهِ مَعَ الإِمَام وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد قلت أَرَأَيْت لَو سَهَا فِي صلَاته بَعْدَمَا قَامَ يقْضِي قَالَ يجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قلت لم قَالَ لِأَن سُجُوده الأول مَعَ الإِمَام لَا يجْزِيه من سَهْوه هَذَا الآخر وَلَا يكون سُجُوده قبل هَذَا السَّهْو وَقبل أَن يجب عَلَيْهِ سُجُوده فَهَذَا السَّهْو للْآخر قلت أَرَأَيْت إِن لم يسه مَعَ الإِمَام فَقَامَ يقْضِي بعد مَا فرغ الإِمَام من صلَاته فَسَهَا فِي صلَاته كم عَلَيْهِ أَن يسْجد قَالَ سَجْدَتَانِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيرهمَا قلت أَرَأَيْت إِن لم يسه حَتَّى فرغ من صلَاته هَل عَلَيْهِ أَن يسْجد لسهو الإِمَام قَالَ نعم قلت لم وَقد تَركهمَا فِي موضعهما قَالَ أدع الْقيَاس وَاسْتحْسن
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم رَكْعَة فَسَهَا فِيهَا ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فجَاء رجل فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة أيجب عَلَيْهِ أَن يسْجد مَعَ الإِمَام سَجْدَتي السَّهْو قَالَ نعم قلت لم وَإِنَّمَا دخل بعد مَا سَهَا قَالَ لِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِ مَا يجب على الإِمَام أَلا ترى أَن الإِمَام يسجدهما وَهُوَ خَلفه

(1/234)


فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يسجدهما مَعَه قلت فَإِن لم يسجدهما مَعَه قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدهما بعد مَا يفرغ من صلَاته
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا فرغ وَسلم أحدث وَهُوَ غير متعمد لذَلِك هَل يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَوَضَّأ ثمَّ يعود إِلَى مَكَانَهُ فَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو ويتشهد وَيسلم قَالَ نعم قلت فَإِن لم يفعل قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فَسَهَا فِي صلَاته ثمَّ أحدث فَتَأَخر وَقدم رجلا هَل يجب على الثَّانِي سجدتا السَّهْو اللَّتَان كَانَتَا على الإِمَام الأول قَالَ نعم قلت فَإِن سَهَا الثَّانِي أَيْضا كم عَلَيْهِ للسَّهْو قَالَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو الأول وَلَيْسَ عَلَيْهِ لسَهْوه الآخر قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن الأول سَهَا حَتَّى أحدث فَقدم الثَّانِي هَل يجب على الأول الَّذِي أحدث سجدتا السَّهْو قَالَ نعم إِن بنى على صلَاته قلت لم قَالَ لِأَن الثَّانِي إِمَام الأول فَمَا وَجب عَلَيْهِ وَجب على الأول أَلا ترى أَن الثَّانِي لَو ضحك أَو تكلم أفسد صلَاته وَصَلَاة من خَلفه وَكَانَ قد أفسد صَلَاة الأول أَو لَا ترى أَن مَا دخل على الثَّانِي دخل على الأول مثله قلت أَرَأَيْت لَو أحدث الإِمَام الأول أَو تكلم أَو ضحك هَل

(1/235)


يفْسد على الإِمَام الثَّانِي أَو من خَلفه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد خرج من أَن يكون إمَامهمْ وَصَارَ الإِمَام غَيره
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا سلم سجد سَجْدَة وَاحِدَة للسَّهْو ثمَّ أحدث هَل يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَوَضَّأ ثمَّ يرجع إِلَى مَكَانَهُ فَيسْجد الْأُخْرَى ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم قَالَ نعم قلت فَإِن لم يفعل أَو تكلم قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فَسَهَا فِي صلَاته فَلَمَّا فرغ من صلَاته وَسلم سجد سَجْدَة وَاحِدَة للسَّهْو ثمَّ أحدث أينبغي لَهُ أَن يتَأَخَّر وَيقدم رجلا غَيره فَيسْجد بهم الثَّانِيَة قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ الإِمَام الأول حِين سلم قبل أَن يسْجد لسَهْوه دخل مَعَه رجل فِي الصَّلَاة فَسجدَ الإِمَام سَجْدَة وَاحِدَة ثمَّ أحدث فَقدم هَذَا الَّذِي أدْرك مَعَه السَّجْدَة الْوَاحِدَة كَيفَ يصنع قَالَ يسْجد بهم أُخْرَى ثمَّ يتَشَهَّد ثمَّ يتَأَخَّر فَيقدم رجلا قد أدْرك مَعَ الإِمَام الصَّلَاة فَسلم بهم ثمَّ يقوم هُوَ فَيَقْضِي مَا بَقِي من صلَاته
قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَة فِي أَيَّام التَّشْرِيق من صلَاته وَقد سبقه الإِمَام بِثَلَاث رَكْعَات وعَلى الإِمَام سَهْو أَلَيْسَ يسجدهما هَذَا الرجل مَعَ الإِمَام قبل أَن يقْضِي مَا سبقه بِهِ الإِمَام قَالَ نعم قلت فَكيف يضع إِذا كبر الإِمَام أيكبر أَو يقوم فَيَقْضِي قَالَ بل يقوم فَيَقْضِي مَا سبقه بِهِ الإِمَام فَإِذا فرغ وَسلم كبر بعد ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ التَّلْبِيَة

(1/236)


قَالَ نعم قلت من أَيْن اخْتلف التَّكْبِير وَالسُّجُود قَالَ لِأَن السُّجُود من الصَّلَاة أَلا ترى لَو أَن رجلا دخل مَعَه فِي سَجْدَتي السَّهْو أَو فِي إِحْدَاهمَا لَكَانَ قد أدْرك الصَّلَاة مَعَه وَلَو انْتهى إِلَى الإِمَام وَهُوَ يكبر فَكبر مَعَه لم يكن دَاخِلا فِي صلَاته لِأَن التَّكْبِير لَيْسَ من الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا انْتهى إِلَى الإِمَام وَقد فرغ من صلَاته وَعَلِيهِ السَّهْو فَسجدَ سَجْدَة وَاحِدَة ثمَّ سجد الْأُخْرَى فَدخل مَعَه الرجل فِي الْأُخْرَى هَل يجب عَلَيْهِ أَن يقْضِي تِلْكَ السَّجْدَة قَالَ لَا قلت مَا شَأْنه يقْضِي بَقِيَّة صلَاته وَلَا يقْضِي تِلْكَ السَّجْدَة قَالَ لِأَنَّهَا لَيست من صلب الصَّلَاة إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَة سَجْدَة قَرَأَهَا الإِمَام وسجدها قبل أَن يدْخل مَعَه الرجل فَإِنَّمَا يقْضِي الرجل مَا بَقِي من صلَاته وَلَا يقْضِي السَّجْدَة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم رَكْعَة فَقَرَأَ سَجْدَة فنسي أَن يسْجد بهَا فَذكر ذَلِك وَهُوَ قَاعد أَو رَاكِع أَو ساجد كَيفَ يصنع قَالَ إِذا ذكرهَا وَهُوَ رَاكِع خر سَاجِدا لَهَا ثمَّ قَامَ فَعَاد فِي ركعته ثمَّ مضى فِي صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو وَإِن ذكر ذَلِك وَهُوَ قَاعد خر سَاجِدا ثمَّ رفع رَأسه وَكَانَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَإِن ذكر ذَلِك وَهُوَ ساجد رفع رَأسه فَسجدَ ثمَّ سجد للسَّهْو بعد التَّسْلِيم قلت فَإِن أَخّرهَا إِلَى آخر صلَاته قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم رَكْعَة فَترك سَجْدَة مِنْهَا ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ وَركع وَسجد ثمَّ ذكر تِلْكَ السَّجْدَة كَيفَ يصنع قَالَ

(1/237)


يرفع رَأسه من السُّجُود وَيسْجد تِلْكَ السَّجْدَة الَّتِي كَانَ نَسِيَهَا ثمَّ سجد مَا كَانَ فِيهِ ثمَّ يمْضِي فِي صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت فَإِن ذكر ذَلِك وَهُوَ رَاكِع قَالَ عَلَيْهِ أَن يخر لَهَا سَاجِدا ثمَّ يقوم فَيَعُود إِلَى رُكُوعه ويمضي فِي صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو بعد التَّسْلِيم قلت فَإِن لم يعد إِلَى رُكُوعه قَالَ صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فنسى مِنْهَا سَجْدَة ثمَّ ذكر ذَلِك بعد مَا قَامَ فِي الثَّانِيَة بِأَيِّهِمَا يبْدَأ قَالَ بِالْأولَى قلت وَكَذَلِكَ لَو نسى ثَلَاث سَجدَات من ثَلَاث رَكْعَات قَالَ نعم قلت فَإِن نسى سَجْدَة التِّلَاوَة من الرَّكْعَة الأولى ونسى من الرَّكْعَة الثَّانِيَة سَجْدَة من صلب الصَّلَاة فَذكر ذَلِك بِأَيِّهِمَا يبْدَأ قَالَ يبْدَأ بِالْأولَى مِنْهُمَا تِلَاوَة كَانَت أَو من صلب الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن نسى سَجْدَة من رَكْعَة أَو سَجْدَة من تِلَاوَة فَلم يذكر ذَلِك حَتَّى فرغ من صلَاته وَسلم وَخرج من الْمَسْجِد ثمَّ ذكر بعد ذَلِك قَالَ إِن كَانَت السَّجْدَة من صلب الصَّلَاة فَعَلَيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة وَإِن كَانَت السَّجْدَة من تِلَاوَة فَصلَاته تَامَّة قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ لِأَن السَّجْدَة إِذا كَانَت من رَكْعَة فَهِيَ من صلب الصَّلَاة وَإِذا كَانَت من تِلَاوَة فَلَيْسَتْ من صلب الصَّلَاة فَإِذا ذكر ذَلِك من غير أَن يتَكَلَّم أَو يخرج من الْمَسْجِد

(1/238)


سجدها وتمت صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو وَإِن كَانَ تكلم أَو خرج من الْمَسْجِد فَلَا يبْنى عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت لَو خرج من الْمَسْجِد لم جعلته قطعا للصَّلَاة قَالَ إِن لم أفعل ذَلِك لم يكن لي بُد من أَن أجعله قطعا للصَّلَاة إِذا خطا خطْوَة وَلَا أجعله قطعا وَإِن مَشى فرسخا فاستحسنت أَن أجعَل وَقت ذَلِك الْخُرُوج من الْمَسْجِد قلت فَإِن كَانَ فِي صحراء فَمَا وَقت ذَلِك عنْدك قَالَ وَقت ذَلِك أَن يُجَاوز أَصْحَابه قلت فَإِن تقدم إِمَامه مَتى وقته قَالَ وقته أَن يُجَاوز مَوضِع سُجُوده
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر خمس رَكْعَات سَاهِيا هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ إِن كَانَ لم يقْعد فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد فَصلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن ذكر حِين تمت

(1/239)


الْخَامِسَة أَنه صلى خمْسا أيضيف إِلَيْهَا رَكْعَة حَتَّى تكون سِتا أَو يقطعهَا أَي ذَلِك أحب إِلَيْك قَالَ أحب أَلِي أَن يشفعها بِرَكْعَة ثمَّ يسلم وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة وَإِن لم يفعل لم يكن عَلَيْهِ شَيْء إِلَّا الظّهْر قلت فَإِن كَانَ قعد فِي الرَّكْعَة قدر التَّشَهُّد قَالَ قد تمت الظّهْر وَالْخَامِسَة تطوع وَعَلِيهِ أَن يضيف إِلَيْهَا رَكْعَة ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَقد تمت صلَاته قلت فَإِن لم يضف إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى وَتكلم قَالَ يجْزِيه وَلَا شَيْء عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَة وَلم يسْجد لَهَا ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ وَسجد وَلم يرْكَع فَذكر ذَلِك قبل أَن يُصَلِّي الثَّالِثَة قَالَ هَذَا إِنَّمَا صلى رَكْعَة وَاحِدَة وَعَلِيهِ أَن يمْضِي فِي صلَاته وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو بعد التَّسْلِيم وَإِنَّمَا صَارَت السجدتان للركعة الأولى فَصَارَت رَكْعَة تَامَّة وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو فِيمَا سَهَا قلت فَإِن ركع فِي الأولى وَلم يسْجد ثمَّ ركع فِي الثَّانِيَة وَسجد ثمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَة وَلم يرْكَع وَسجد سَجْدَتَيْنِ قَالَ هَذَا إِنَّمَا صلى رَكْعَة وَاحِدَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ ركع أَولا ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَرَكَعَ وَسجد فَصَارَت رَكْعَة تَامَّة وَبَطلَت الرَّكْعَة الأولى ثمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَة وَلم يرْكَع وَسجد سَجْدَتَيْنِ من غير رُكُوع فَلَا يجْزِيه قلت فَإِن سجد فِي الأولى سَجْدَتَيْنِ وَلم يرْكَع ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ وَركع وَلم يسْجد ثمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَة فَقَرَأَ وَركع ثمَّ سجد قَالَ هَذَا إِنَّمَا صلى رَكْعَة وَاحِدَة لِأَنَّهُ حِين

(1/240)


سجد أَولا ثمَّ ركع فِي الثَّانِيَة فَإِنَّهَا لَا تكون رَكْعَة تَامَّة لِأَنَّهُ سجد قبل الرُّكُوع وَإِنَّمَا السُّجُود بعد الرُّكُوع ثمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَة فَقَرَأَ وَركع ثمَّ سجد فَصَارَت رَكْعَة تَامَّة وَبَطل مَا كَانَ قبل ذَلِك قلت فَإِن ركع أَولا وَلم يسْجد ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ وَركع وَلم يسْجد ثمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَة فَقَرَأَ وَسجد وَلم يرْكَع قَالَ هَذَا إِنَّمَا صلى رَكْعَة وَاحِدَة لِأَنَّهُ حَيْثُ ركع أَولا وَلم يسْجد حَتَّى قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ وَركع وَلم يسْجد حَتَّى قَامَ فِي الثَّالِثَة وَسجد سَجْدَتَيْنِ فهاتان السجدتان للركعة الأولى وَبَطلَت الْوُسْطَى قلت وَعَلِيهِ فِي جَمِيع مَا صنع سجدتا السَّهْو بعد التَّسْلِيم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا صلى الرجل أَربع رَكْعَات وَقد قعد قدر التَّشَهُّد فِي الرَّابِعَة ثمَّ صلى الْخَامِسَة لم جعلت صلَاته تَامَّة قَالَ لِأَنَّهُ قد قعد قدر التَّشَهُّد فقد تمت صلَاته فَلَا يفْسد صلَاته مَا حدث بعد ذَلِك من كَلَام أَو ضحك أَو صَلَاة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو ثمَّ فعل شَيْئا من ذَلِك بعد مَا تشهد قبل أَن يسجدهما أَو بعد مَا سجد إِحْدَاهمَا

(1/241)


قَالَ صلَاته فِي هَذَا تَامَّة غير أَن عَلَيْهِ الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى إِذا قهقه أَو أحدث قلت لم جعلت عَلَيْهِ الْوضُوء وَهُوَ فِي غير الصَّلَاة وَقد زعمت أَن صلَاته تَامَّة قَالَ أجل إِن صلَاته تَامَّة غير أَنه قد بَقِي عَلَيْهِ شَيْء يجب عَلَيْهِ فِيهِ الْوضُوء إِذا قهقه أَو أحدث وَلَا تفْسد صلَاته أَلا ترى لَو أَن رجلا دخل مَعَه فِي الصَّلَاة على تِلْكَ الْحَال كَانَ قد أدْرك مَعَه الصَّلَاة أَو لَا ترى لَو أَن رجلا أدْرك الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة على تِلْكَ الْحَال كَانَ قد أدْرك مَعَه الْجُمُعَة أَو لَا ترى لَو أَن مُسَافِرًا دخل فِي صَلَاة الْمُقِيم على تِلْكَ الْحَال وَجب عَلَيْهِ صَلَاة الْمُقِيم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر فَقعدَ فِي الثَّانِيَة وَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ سَاهِيا قَالَ يمْضِي فِي صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت أَو لَا ترى التَّسْلِيم قطعا للصَّلَاة كَمَا يقطعهَا الْكَلَام قَالَ أما إِذا كَانَ سَاهِيا فَلَا وَإِن كَانَ مُتَعَمدا لذَلِك فَصلَاته فَاسِدَة
- بَاب الزِّيَادَة فِي السُّجُود
-
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى فَسجدَ فِي رَكْعَة ثَلَاث سَجدَات أَو أَرْبعا هَل يفْسد ذَلِك صلَاته قَالَ لَا إِلَّا أَن عَلَيْهِ سَجْدَتي السَّهْو قلت وَكَذَلِكَ لَو ركع ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ ركع سَاهِيا قَالَ نعم
قلت أَو لَا ترى السَّجْدَة أَو السَّجْدَتَيْنِ أَو الرَّكْعَة إِذا لم يكن مَعهَا

(1/242)


سُجُود وَلم يكن مَعَ السُّجُود رَكْعَة تفْسد الصَّلَاة قَالَ لَا إِنَّمَا يفْسد الصَّلَاة رَكْعَة وَسجْدَة أَو سَجْدَتَانِ
قلت أَرَأَيْت إِن زَاد فِي الظّهْر رَكْعَة وَسجْدَة أَو سَجْدَتَيْنِ وَلم يقْعد فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد قَالَ هَذِه الصَّلَاة قد صَارَت خمس رَكْعَات ففسدت فَعَلَيهِ أَن يُعِيدهَا
- فِي الإِمَام يحدث فَيقدم من فَاتَتْهُ رَكْعَة
-
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فَسَهَا فِي صلَاته ثمَّ أحدث فَقدم رجلا قد فَاتَتْهُ رَكْعَة كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي بالقوم فَإِذا انْتهى إِلَى تَمام صَلَاة الإِمَام تشهد ثمَّ تَأَخّر من غير أَن يسلم وَيقدم رجلا مِمَّن أدْرك أول الصَّلَاة فَيسلم بهم وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ يقوم هَذَا الإِمَام الثَّانِي فَيَقْضِي مَا سبقه قلت وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يسْجد سَجْدَتي السَّهْو مَعَ الَّذِي قدم قبل أَن يقْضِي قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن فِي الْقَوْم رجل قد أدْرك الصَّلَاة من أَولهَا كَيفَ يصنع الإِمَام الثَّانِي قَالَ إِذا انْتهى إِلَى رَابِعَة الإِمَام الأول

(1/243)


تشهد ثمَّ تَأَخّر من غير أَن يسلم فَقَامَ يقْضِي وَحده مَا سبق بِهِ وَقَامَ الْقَوْم يقضون وحدانا قلت فَإِذا قضوا وحدانا هَل عَلَيْهِم سجدتا السَّهْو اللَّتَان وجبتا على الإِمَام الأول قَالَ نعم قلت فَمَتَى يسجدهما قَالَ كلما فرغ رجل مِنْهُم من صلَاته وَسلم سجد سَجْدَتي السَّهْو قلت لم أوجبت على كل رجل مِنْهُم أَن يسْجد للسَّهْو وَلم يسْجد الإِمَام وَزَعَمت أَنه إِذا لم يكن سجد الإِمَام فَلَا سُجُود على أَصْحَابه قَالَ لَيْسَ هَذَا كَذَلِك هَذَا قد وَجب على إِمَام هَؤُلَاءِ أَن يسْجد وَلكنه لم يدْرك أول الصَّلَاة فَلم يسْتَطع أَن يسْجد وَلم يكن لَهُم إِمَام يسْجد بهم واستحسنت أَن يسجدوا بهَا وحدانا كَمَا يقضون وحدانا
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا يؤم قوما مقيمين فَسَهَا فِي صلَاته فَسجدَ سَجْدَتي السَّهْو بعد مَا سلم من الرَّكْعَتَيْنِ أيسجد المقيمون مَعَه أم يقضون قبل ذَلِك ثمَّ يَسْجُدُونَ قَالَ بل يَسْجُدُونَ مَعَه ثمَّ يقومُونَ فيقضون صلَاتهم

(1/244)


قلت فَإِن سجدوا مَعَه ثمَّ قَامُوا يقضون فَسَهَا رجل فِيمَا يقْضِي أَيُحِبُّ عَلَيْهِ أَن يسْجد سَجْدَتي السَّهْو بعد مَا يسلم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا نَام خلف الإِمَام ثمَّ اسْتَيْقَظَ وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته وَسلم وَعَلِيهِ سَهْو فَأَرَادَ أَن يسْجد لسَهْوه أيسجد هَذَا الرجل مَعَه أم يقْضِي قَالَ بل يبْدَأ فَيَقْضِي الأولى فَالْأولى من صلَاته فَإِذا فرغ وَسلم سجد سَجْدَتي السَّهْو قلت فَإِن سجد مَعَ الإِمَام ثمَّ قَامَ يقْضِي قَالَ لَا يجْزِيه مَا سجد مَعَ الإِمَام وَعَلِيهِ أَن يسْجد إِذا فرغ من صلَاته قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالَّذِي سبقه الإِمَام بِرَكْعَة قَالَ هَذَا قد أدْرك أول الصَّلَاة وَالَّذِي سبقه الإِمَام لم يدْرك أَولهَا أَلا ترى أَن الَّذِي لم يدْرك أول الصَّلَاة خَلفه عَلَيْهِ أَن يقْرَأ فِيمَا يقْضِي وَهَذَا الَّذِي

(1/245)


أدْرك أول الصَّلَاة إِنَّمَا يتبع الإِمَام بِغَيْر قِرَاءَة حَتَّى يفرغ من صلَاته قلت فَهَل يقوم هَذَا الرجل الَّذِي أدْرك أول الصَّلَاة فِي كل رَكْعَة مِقْدَار قِرَاءَة الإِمَام قَالَ نعم قلت فَإِن نقص أَو زَاد قَالَ لَا يضرّهُ قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا أدْرك أول الصَّلَاة مَعَ الإِمَام ثمَّ أحدث فَذهب فَتَوَضَّأ فجَاء وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته قَالَ نعم قلت فَإِن اسْتَيْقَظَ النَّائِم وَقد بقيت على الإِمَام رَكْعَة أَو جَاءَ الَّذِي أحدث كَيفَ يصنعان أيصليان مَعَ الإِمَام مَا بَقِي عَلَيْهِ أم يبتديان فيقضيان مَا سبقا بِهِ ثمَّ يصليان هَذِه الرَّكْعَة قَالَ يبتديان فيقضيان مَا سبقا بِهِ من الصَّلَاة ثمَّ يصليان هَذِه الرَّكْعَة ثمَّ يسجدان سَجْدَتي السَّهْو فَإِن أدْركَا الإِمَام بعد مَا فرغا مِمَّا سبقا بِهِ قعدا مَعَ الإِمَام حَتَّى يفرغ
قلت أَرَأَيْت رجلا انْتهى إِلَى الإِمَام فِي الظّهْر أَو الْعَصْر وَقد سبقه الإِمَام بِرَكْعَتَيْنِ فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة فصلى مَعَه الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ فَلَمَّا سلم الإِمَام قَامَ يقْضِي أيقضي بِقِرَاءَة أم بِغَيْر قِرَاءَة قَالَ بل يقْضِي بِقِرَاءَة فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد قلت

(1/246)


وَكَذَلِكَ لَو سبقه الإِمَام بِرَكْعَة قَالَ نعم قلت فَإِن سبقه بِثَلَاث رَكْعَات قَالَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِيمَا يقْضِي بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة فِي كل رَكْعَة وَيقْرَأ فِي الْآخِرَة بِفَاتِحَة الْكتاب وَإِن شَاءَ سبح وَإِن شَاءَ سكت قلت فَإِن كَانَ الإِمَام سَهَا فِي صلَاته وَقد أدْرك هَذَا مَعَه رَكْعَة أَو لم يدْرك مَعَه إِلَّا أَنه أدْركهُ جَالِسا أيسجد مَعَه إِذا سجد الإِمَام للسَّهْو قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْرَأ فِيمَا يقْضِي قَالَ صلَاته فَاسِدَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ يقْضِي أول صلَاته فَعَلَيهِ أَن يقْرَأ
قلت أَرَأَيْت رجلا انْتهى إِلَى الإِمَام فِي الظّهْر وَقد صلى الإِمَام رَكْعَتَيْنِ وَلم يقْرَأ فيهمَا فَدخل الرجل مَعَه فِي الصَّلَاة فصلى مَعَه الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَقَرَأَ الإِمَام فيهمَا فَلَمَّا سلم قَامَ هَذَا يقْضِي أيقرأ فِيمَا يقْضِي من صلَاته قَالَ نعم قلت فَإِن لم يقْرَأ قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الصَّلَاة قلت وَلم قد أجزت الإِمَام وَصَلَاة هَذَا فَاسِدَة وَقد أدْرك مَعَه الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَرَأَ فيهمَا الإِمَام قَالَ لِأَن الإِمَام أخر الْقِرَاءَة عَن موضعهَا ثمَّ قَرَأَ فِي آخر صلَاته فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَهُوَ يجْزِيه وَأما

(1/247)


هَذَا فَإِنَّهُ يقْضِي أول صلَاته فَلَا بُد لَهُ من أَن يقْرَأ فيهمَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا حِين أدْرك الرَّكْعَتَيْنِ مَعَ الإِمَام قَرَأَ فيهمَا قَالَ لَا يجْزِيه حَتَّى يقْرَأ فِيمَا يقْضِي قلت أَرَأَيْت إِن قَرَأَ فِيمَا يقْضِي بِفَاتِحَة الْكتاب وَحدهَا أَو بِسُورَة لَيْسَ مَعهَا فَاتِحَة الْكتاب قَالَ إِن كَانَ سَاهِيا فَعَلَيهِ سجدتا السَّهْو وَإِن تعمد لذَلِك فَصلَاته تَامَّة وَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِلَّا أَنه قد أَسَاءَ قلت أَرَأَيْت إِن قَامَ يقْضِي قبل أَن يتَشَهَّد مَعَ الإِمَام وَقبل أَن يقْعد قدر التَّشَهُّد فقضي وَفرغ مِمَّا عَلَيْهِ قَالَ لَا يجْزِيه ذَلِك قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو قَامَ يقْضِي وَقد بَقِي على الإِمَام رَكْعَة أَكَانَ يَجْزِي قلت لَا قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء قلت فَإِن قَامَ يقْضِي بعد مَا قعد الإِمَام قدر التَّشَهُّد وَفرغ من صلَاته قَالَ

(1/248)


يجْزِيه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على الإِمَام سجدتا السَّهْو فسجدهما وَالرجل قَائِم يُصَلِّي وَلم يرْكَع أَو قد ركع وَلم يسْجد كَيفَ يصنع قَالَ يرفض ذَلِك ويخر سَاجِدا مَعَ الإِمَام فَيسْجد مَعَه فَإِذا سلم الإِمَام قَامَ فَقضى مَا عَلَيْهِ قلت فَإِن سجد الإِمَام سَجْدَتي السَّهْو وَقد صلى الرجل رَكْعَة وَسجْدَة أَو سَجْدَتَيْنِ أيرفض ذَلِك وَيدخل مَعَ الإِمَام قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت لَو لم يكن سجد وَلكنه كَانَ ركع بهَا فَلَمَّا سجد الإِمَام سجد مَعَه ثمَّ قَامَ يقْضِي مَا سبقه الإِمَام أتحتسب تِلْكَ الْقِرَاءَة الَّتِي قَرَأَ قبل أَن يسْجد مَعَ الإِمَام قَالَ لَا وَقد انْتقض سُجُوده مَعَ

(1/249)


الإِمَام وقراءته فَعَلَيهِ أَن يُعِيد الْقِرَاءَة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فَأَتمَّ بهم الصَّلَاة وَسلم وَمَعَهُ رجلَانِ أَو ثَلَاثَة مِمَّن لم يدْرك أول الصَّلَاة فَقَامُوا يقضون فَسَهَا أحدهم فِيمَا يقْضِي هَل يجب على صَاحبه السَّهْو قَالَ لَا قلت وَلم وصلاتهم وَاحِدَة فِيمَا أدركوا وَلَيْسَت بِوَاحِدَة فِيمَا يقضون قَالَ أَلا ترى لَو أَن أحدهم ضحك أَو أحدث أَو تقيأ أَو تكلم لم يفْسد على صَاحبه قلت أَرَأَيْت إِن قاما يقضيان فائتم أَحدهمَا بِصَاحِبِهِ قَالَ صَلَاة الإِمَام تَامَّة وَصَلَاة الآخر فَاسِدَة قلت لم أفسدت عَلَيْهِ صلَاته قَالَ لِأَنَّهُ صلى صَلَاة وَاحِدَة بإمامين
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا أم قوما مقيمين فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ وَسلم فَقَامَ المقيمون فائتموا بِرَجُل مِنْهُم هَل تجزيهم صلَاتهم قَالَ لَا صلَاتهم فَاسِدَة غير الإِمَام فَإِن صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم الظّهْر وَصلى إِمَام آخر بِقوم آخَرين الظّهْر فَلَمَّا سلم الإمامان مَعًا جَمِيعًا قَامَ رجل من هَؤُلَاءِ يقْضِي

(1/250)


وَرجل من هَؤُلَاءِ يقْضِي وَقد بَقِي على كل وَاحِد مِنْهُمَا رَكْعَة فائتم أحد الرجلَيْن بِصَاحِبِهِ قَالَ صَلَاة الإِمَام مِنْهُمَا تَامَّة وَصَلَاة الْمُؤْتَم فَاسِدَة قلت وَسَوَاء إِن كَانَت صَلَاة وَاحِدَة أَو صَلَاتَيْنِ أَو ثَلَاث صلوَات قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة إِذا صلت وَحدهَا هَل يجب عَلَيْهَا من السَّهْو مَا يجب على الرجل قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا صلى تَطَوّعا أيجب عَلَيْهِ فِي ذَلِك من السَّهْو مَا يجب عَلَيْهِ فِي الْمَكْتُوبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم الْغَدَاة وَتشهد ثمَّ طلعت الشَّمْس قبل أَن يسلم وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قَالَ صلَاته وَصَلَاة من خَلفه فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة إِذا ارْتَفَعت الشَّمْس وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما نَحن فنرى صلَاته وَصَلَاة من خَلفه تَامَّة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم الْجُمُعَة فَقعدَ فِي الثَّانِيَة قدر التَّشَهُّد

(1/251)


ثمَّ دخل وَقت الْعَصْر قَالَ عَلَيْهِم أَن يستقبلوا الظّهْر أَربع رَكْعَات وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما نَحن فنرى صلَاته وَصَلَاة من خَلفه تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا مُسَافِرًا عُريَانا لَا يجد ثوبا فصلى رَكْعَتَيْنِ فَقعدَ فيهمَا قدر التَّشَهُّد وَتشهد ثمَّ وجد ثوبا قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نرى صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ فِي الصَّلَاة وَهُوَ يحسن الْعَرَبيَّة قَالَ تجزيه صلَاته قلت وَكَذَلِكَ الدُّعَاء قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قَرَأَ الرجل فِي الصَّلَاة بِشَيْء من التَّوْرَاة أَو الْإِنْجِيل أَو الزبُور وَهُوَ يحسن الْقُرْآن أَو لَا يحسن إِن هَذَا لَا يجْزِيه لِأَن هَذَا كَلَام لَيْسَ بقرآن

(1/252)


وَلَا تَسْبِيح
قلت أَرَأَيْت عرق الْحمار أَو الْبَغْل أَو لعابهما يُصِيب الثَّوْب قَالَ لَا يُنجسهُ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ كثيرا فَاحِشا قَالَ نعم وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا سقط من لعاب الْحمار أَو الْبَغْل وعرقه شَيْء فِي وضوء الرجل قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا فَإِن ذَلِك يفْسد المَاء وَلَا يجزى من تَوَضَّأ بِهِ فَإِن تَوَضَّأ بِهِ رجل وَصلى أعَاد الْوضُوء وَالصَّلَاة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا تَوَضَّأ الرجل بسؤر الْحمار أَو الْبَغْل وَهُوَ يجد غَيره لم يجزه
وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي لعاب الْكَلْب وَالسِّبَاع كلهَا إِذا كَانَ أَكثر من قدر الدِّرْهَم أفسد الصَّلَاة وَقَالَ لَا يتَوَضَّأ بسؤر شَيْء من السبَاع إِلَّا بسؤر السنور فَإِنَّهُ يتَوَضَّأ بسؤرها وَلَا بَأْس بلعابها وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَغير سؤرها أحب إِلَيّ أَن يتَوَضَّأ بِهِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بسؤر الْحَائِض والمشرك وَإِن أدخلا أَيْدِيهِمَا أَو شربا بعد أَن لَا يعلم فِي أَيْدِيهِمَا قذر

(1/253)


قلت أَرَأَيْت رجلا نسي التَّكْبِير فِي دبر الصَّلَاة فِي أَيَّام التَّشْرِيق هَل عَلَيْهِ سَهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ من الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا نسي الْقُنُوت فِي الْوتر وَذكر ذَلِك بعد مَا رفع رَأسه من الرُّكُوع هَل يقنت قَالَ لَا لَيْسَ عَلَيْهِ قنوت بعد الرُّكُوع قلت فَهَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت فَإِن قنت بعد مَا رفع رَأسه من الرُّكُوع هَل يسْقط عَنهُ سجدتا السَّهْو قَالَ لَا قلت لم جعلت عَلَيْهِ سَجْدَتي السَّهْو فِي ترك الْقُنُوت وَلَا تجعلهما عَلَيْهِ فِي ترك التَّكْبِير فِي أَيَّام التَّشْرِيق قَالَ لِأَن الْقُنُوت عِنْدِي بِمَنْزِلَة التَّشَهُّد قلت فَمَا لَك لم تجْعَل عَلَيْهِ أَن يقنت بعد الرُّكُوع قَالَ لِأَن مَوضِع الْقُنُوت قبل الرُّكُوع فَإِذا لم يقنت فِي مَوْضِعه لم يكن عَلَيْهِ إِعَادَة وَكَانَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو إِذا فعل ذَلِك نَاسِيا قلت فَإِن فعل ذَلِك مُتَعَمدا قَالَ قد أَسَاءَ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ

(1/254)


قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَتَيْنِ تَطَوّعا فَسَهَا فيهمَا وَتشهد وَسلم هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت فَإِن لم يسلم وَلكنه قَامَ يُصَلِّي أُخْرَيَيْنِ فَجعل صلَاته أَرْبعا ثمَّ يسلم هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَإِنَّمَا سَهَا فِي الْأَوليين قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا صَلَاة وَاحِدَة
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح التَّطَوُّع وَهُوَ يَنْوِي أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا صلى رَكْعَة سَهَا فِيهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن يَجْعَل صلَاته أَرْبعا فَزَاد أُخْرَيَيْنِ هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت فَإِن لم يسه فِي الْأَوليين

(1/255)


وَلكنه سَهَا فِيمَا زَاد أيجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم لِأَنَّهَا صَلَاة وَاحِدَة
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة وَالْإِمَام يُصَلِّي الظّهْر وَنوى الرجل بِدُخُولِهِ مَعَه التَّطَوُّع ثمَّ تكلم الإِمَام كَيفَ يصنع الرجل الدَّاخِل قَالَ يسْتَقْبل أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام لم يتَكَلَّم وَتمّ على صلَاته إِلَّا أَن الرجل الدَّاخِل مَعَه إِنَّمَا أدْرك الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ إِذا فرغ الإِمَام فَإِن عَلَيْهِ أَن يقوم فَيَقْضِي الْأُخْرَيَيْنِ حَتَّى تكون أَربع رَكْعَات مثل صَلَاة الإِمَام
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة للتطوع وَهُوَ يَنْوِي أَن يُصَلِّي أَرْبعا فَلَمَّا صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ بدا لَهُ أَن لَا يُتمهَا أَرْبعا فَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ هَل عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي أخراوين قَالَ لَا قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالَّذِي خلف الإِمَام قَالَ لِأَن الَّذِي خلف الإِمَام قد دخل فِي صلَاته فَلَا بُد لَهُ من أَن يُتمهَا لِأَنَّهُ قد دخل فِيهَا وائتم بِهِ وَأما هَذَا فَلَا يجب عَلَيْهِ أَربع رَكْعَات حَتَّى يقوم فِي الثَّالِثَة فَإِذا قَامَ فِي الثَّالِثَة وَجب عَلَيْهِ أَن يُتمهَا أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل فِي الظّهْر وَهُوَ يَنْوِي أَن يُصَلِّي سِتّ رَكْعَات قَالَ صلَاته تَامَّة وَهَذَا وَالْأول سَوَاء وَلَا تفْسد

(1/256)


عَلَيْهِ صلَاته الركعتان اللَّتَان نوى أَن يُصَلِّيهمَا لِأَنَّهُ لم يدْخل فيهمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ قضاؤهما
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا نوى أَن يُصَلِّي الظّهْر أَربع رَكْعَات ثمَّ بدا لَهُ فصلى رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَا تفْسد صلَاته أَلا ترى أَنه لَو دخل فِي الظّهْر وَهُوَ يَنْوِي أَن يقطعهَا بِكَلَام أَو حدث فصلى رَكْعَة ثمَّ بدا لَهُ فأتمها وَلم يقطعهَا أَن صلَاته تَامَّة فَإِذا نوى شَيْئا فَلم يفعل أَو أَرَادَ أَن يزِيد شَيْئا ثمَّ بدا لَهُ فَلم يزدْ فَصلَاته تَامَّة وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِيمَا نوى
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح التَّطَوُّع وَنوى أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فصلى رَكْعَة فَقَرَأَ فِيهَا ثمَّ صلى رَكْعَة أُخْرَى فَلم يقْرَأ فِيهَا أَو قَرَأَ فِي الثَّانِيَة وَلم يقْرَأ فِي الأولى ثمَّ سلم قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن لم يسلم حَتَّى صلى أَربع رَكْعَات وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَو فِي الْأَوليين كَمَا وصفت لَك وَقد نوى بالأخريين قَضَاء الْأَوليين هَل يجْزِيه ذَلِك

(1/257)


قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد أفسد الْأَوليين فَلَا يَسْتَطِيع أَن يدْخل فِي صَلَاة صَحِيحَة حَتَّى يقطع الْأَوليين قلت وَكَذَلِكَ لَو أتمهَا سِتّ رَكْعَات قَالَ نعم قلت لم أفسدت الْأَوليين قَالَ لِأَنَّهُ لم يقْرَأ فِي إِحْدَاهمَا فَلَا تكون صَلَاة بِغَيْر قِرَاءَة قلت فَإِن أضَاف إِلَيْهَا رَكْعَة بِقِرَاءَة يَنْوِي قَضَاء الَّتِي أفسدها قَالَ لَا يجْزِيه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد أفسدهما حِين لم يقْرَأ فِي إِحْدَاهمَا فَلَا يَسْتَطِيع أَن يضيف إِلَيْهَا أُخْرَى فَيكون إِذا ثَلَاثًا وَقد أفسد إِحْدَاهُنَّ فَعَلَيهِ رَكْعَتَانِ يقضيهما
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الْغَدَاة رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى وَلم يقْرَأ فِي الثَّانِيَة هَل يجْزِيه أَن يضيف إِلَيْهَا أُخْرَى قَالَ لَا يكون ثَلَاثًا فَعَلَيهِ أَن يسْتَقْبل صَلَاة الْغَدَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة وَهُوَ يَنْوِي أَربع رَكْعَات فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى وَالرَّابِعَة وَلم يقْرَأ فِي الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل أَربع رَكْعَات قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ قَرَأَ فِي الأولى وَلم يقْرَأ فِي الثَّانِيَة أفسد الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ قَرَأَ فِي الرَّابِعَة وَلم يقْرَأ فِي الثَّالِثَة فقد أفسد

(1/258)


الرَّكْعَتَيْنِ أَيْضا فَعَلَيهِ أَن يسْتَقْبل أَرْبعا وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ قَضَاء رَكْعَتَيْنِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ سَهَا فِيمَا صلى وَأوجب على نَفسه سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ أَمرته أَن يُعِيد الصَّلَاة أَتَرَى عَلَيْهِ أَن يسْجد للسَّهْو فِيمَا يُعِيد قَالَ لَا يسْجد فِيمَا يُعِيد إِلَّا أَن يسهو فَإِن سَهَا سجد
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر أَو الْعَصْر فَلَمَّا صلى رَكْعَتَيْنِ ظن أَنه قد فرغ من صلَاته وَسلم ثمَّ ذكر مَكَانَهُ أَنه إِنَّمَا صلى رَكْعَتَيْنِ قَالَ يتم صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت أَرَأَيْت إِن لم يسلم وَلكنه لما صلى رَكْعَتَيْنِ ظن أَنه فرغ من صلَاته وَنوى الْقطع لصلاته وَالدُّخُول فِي التَّطَوُّع وَهُوَ ساه ثمَّ ذكر ذَلِك بعد مَا دخل فِي التَّطَوُّع أَنه إِنَّمَا صلى من الظّهْر رَكْعَتَيْنِ قَالَ يمْضِي فِي التَّطَوُّع فَإِذا فرغ اسْتقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات وَلَيْسَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو فِيمَا صنع لِأَن صلَاته قد انتقضت
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا سَهَا يَوْم الْجُمُعَة أَو سَهَا فِي الْعِيدَيْنِ أَو سَهَا فِي صَلَاة الْخَوْف أَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِك مَا عَلَيْهِ فِيمَا ذكرت من الصَّلَوَات قَالَ نعم قلت وَمن دخل مَعَه فِي سَجْدَتي السَّهْو فقد دخل مَعَه فِي صلَاته وَوَجَب عَلَيْهِ مَا وَجب على الإِمَام قَالَ نعم

(1/259)


قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا سَهَا فِي صَلَاة الْخَوْف فَسجدَ أيسجد الطَّائِفَة الَّذين مَعَه قَالَ نعم قلت وَلَا تسْجد الطَّائِفَة الَّذين هم بازاء الْعَدو قَالَ نعم لَا يَسْجُدُونَ قلت فَإِن جَاءَت الطَّائِفَة الَّذين هم بازاء الْعَدو وقضوا مَتى يَسْجُدُونَ للسَّهْو قَالَ إِذا فرغوا من صلَاتهم قلت فَإِن سَهوا فِيمَا يقضون وَجب على من سَهَا مِنْهُم سجدتا السَّهْو قَالَ لَا إِنَّمَا عَلَيْهِم السَّهْو فِيمَا سَهَا إمَامهمْ
قلت أَرَأَيْت الرجل الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَن يسْجد وَهُوَ يومى إِيمَاء أَو ر جلّ يسير على دَابَّته لَا يَسْتَطِيع أَن ينزل من الْخَوْف فَسَهَا أحد من هَؤُلَاءِ فِي صلَاته هَل يجب عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت وَيجب عَلَيْهِ أَن يومى بسجدتي السَّهْو إِيمَاء بعد التَّسْلِيم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة فَقَرَأَ ثمَّ شكّ فَلم يدر أكبر

(1/260)


التَّكْبِيرَة الَّتِي يفْتَتح بهَا الصَّلَاة أم لَا فَأَعَادَ التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة ثمَّ علم أَنه كَانَ كبر قَالَ يمْضِي فِي صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت إِن ذكر ذَلِك وَهُوَ رَاكِع أَو ساجد أَو بعد مَا صلى رَكْعَة ثمَّ استيقن أَنه قد كبر قَالَ يمْضِي فِي صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت فَإِن لم يكن صلى شَيْئا إِلَّا أَنه ركع فِي الأولى فَذكر أَنه لم يكبر فَرفع رَأسه وَكبر وَقَرَأَ ثمَّ ذكر أَنه قد كَانَ كبر قَالَ يمْضِي فِي صلَاته ويعتد بركعته تِلْكَ وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو قلت وَلَا يكون تَكْبِيرَة هَذَا قطعا للصَّلَاة قَالَ لَا أَلا ترى أَنه إِنَّمَا ينويها لَا يَنْوِي غَيرهَا قلت فَإِن ذكر وَهُوَ ساجد أَنه لم يكبر فَرفع رَأسه فَقَامَ فَكبر ثمَّ علم أَنه قد كَانَ كبر قَالَ يمْضِي فِي صلَاته ويعتد بركعته تِلْكَ وسجدتيه وَيتم مَا بَقِي من صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الظّهْر ثمَّ نسي فَظن أَنه فِي الْعَصْر فصلى هَكَذَا هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يعلم مَا صلى

(1/261)


قلت وَكَذَلِكَ لَو افْتتح الظّهْر فصلى رَكْعَة ثمَّ ظن أَنَّهَا الْعَصْر فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ استيقن أَنَّهَا الظّهْر ثمَّ صلى الرَّابِعَة قَالَ نعم قلت وَلَا يفْسد هَذَا صلَاته قَالَ لَا قلت فَإِن مكث وَهُوَ يتفكر حَتَّى شغله ذَلِك عَن رَكْعَة أَو سَجْدَة أَو كَانَ رَاكِعا أَو سَاجِدا فَأطَال الرُّكُوع أَو السُّجُود يتفكر ثمَّ ظن أَنَّهَا الظّهْر يجب فِي ذَلِك عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ إِذا تغير عَن حَالَة فتفكر استحسنت أَن أجعَل عَلَيْهِ سَجْدَتي السَّهْو
قلت أَرَأَيْت الرجل الَّذِي نَام خلف الإِمَام قد أدْرك أول الصَّلَاة مَعَ الإِمَام فإستيقظ وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته وَالرجل الَّذِي أدْرك مَعَ الإِمَام أول الصَّلَاة فأحدث فَذهب يتَوَضَّأ وَيَجِيء وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته أَهما عنْدك سَوَاء قَالَ نعم قلت وَعَلَيْهِمَا أَن يبنيا على صلاتهما قَالَ نعم قلت وَلَا يقْرَأ وَاحِد مِنْهُمَا قَالَ لَا قلت فَإِن سَهوا فِي صلاتهما أَو سَهَا أَحدهمَا فَهَل على الَّذِي سَهَا سجدتا السَّهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة من خلف الإِمَام وَلَا سَهْو على

(1/262)


من خلف الإِمَام إِذا لم يسه الإِمَام
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فَلَمَّا قعد فِي الرَّابِعَة تشهد ثمَّ شكّ فِي شَيْء من صلَاته فتفكر فِيهِ سَاعَة حَتَّى شغله تفكره عَن التَّسْلِيم ثمَّ استيقن أَنه قد أتم الصَّلَاة هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يشك حَتَّى سلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة ثمَّ شكّ فَلم يدر أصلى ثَلَاثًا أم أَرْبعا ثمَّ استيقن أَنه قد أتم الصَّلَاة هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا إِنَّمَا سَهَا بعد خُرُوجه من الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى وَحده فأحدث فَانْفَتَلَ ليتوضأ فَشك فِي صلَاته وَهُوَ يتَوَضَّأ فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم رَكْعَتَيْنِ فَشَغلهُ ذَلِك عَن وضوئِهِ ثمَّ استيقن أَنه صلى رَكْعَتَيْنِ ففرغ من وضوئِهِ فجَاء فَبنى على صلَاته حَتَّى فرغ من صلَاته هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو بعد الْفَرَاغ قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاة أَلا ترى أَنه يعْتد بِمَا مضى من صلَاته وَيُصلي مَا بَقِي
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر أَربع رَكْعَات ثمَّ قَامَ فِي الْخَامِسَة سَاهِيا فَذكر قبل أَن يقْرَأ أَو بعد مَا قَرَأَ أَو بعد مَا ركع وَلم يسْجد كَيفَ يصنع وَقد قعد فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد أَو لم يقْعد قَالَ إِذا ذكر فليقعد وليتشهد وَيسلم وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو وَلَا يفْسد عَلَيْهِ مَا ذكرت شَيْئا من صلَاته لِأَنَّهَا لَيست بِرَكْعَة تَامَّة قلت فَإِن سجد فِي الْخَامِسَة ثمَّ ذكرهَا وَقد قعد قدر التَّشَهُّد قَالَ يضيف إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو

(1/263)


قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة تَطَوّعا فَسَهَا فِي صلَاته فَأَتمَّ رَكْعَتَيْنِ وَسلم ثمَّ قَامَ فَدخل فِي صَلَاة مَكْتُوبَة أَو فِي صَلَاة تطوع غير تِلْكَ هَل عَلَيْهِ فِي ذَلِك سجدتا السَّهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد قطع الَّتِي سَهَا فِيهَا وَدخل فِي غَيرهَا فَلَمَّا دخل فِي غَيرهَا سقط عَنهُ سجدتا السَّهْو
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر وَحده وَقد فرغ من صلَاته وَسلم ثمَّ دخل مَعَ الإِمَام فِي صَلَاة غَيرهَا ثمَّ شكّ فِي الأولى وَهُوَ فِي الصَّلَاة مَعَ الإِمَام فتفكر حَتَّى شغله تفكره هَل عَلَيْهِ فِي هَذِه الصَّلَاة سَهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يشك فِي شَيْء مِنْهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ يُصَلِّي وَحده حَتَّى فرغ من الأولى فتفكر فِيهَا قَالَ نعم إِن لم يشْغلهُ عَنْهَا شَيْء
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى رَكْعَتَيْنِ فَسَهَا فيهمَا فَسجدَ لسَهْوه بعد التَّسْلِيم وَالتَّشَهُّد ثمَّ أَرَادَ أَن يضيف إِلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن يسْتَقْبل التَّكْبِير أَلا ترى أَنه إِن بنى على التَّكْبِير الأول

(1/264)


كَانَت عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَسَقَطت صلَاته وَلَا تكون سَجْدَة السَّهْو إِلَّا فِي آخر الصَّلَاة وَإِن اسْتقْبل التَّكْبِير وَدخل فِي الرَّكْعَتَيْنِ أجزاه
- بَاب صَلَاة الْمُسَافِر
-
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر هَل يقصر الصَّلَاة فِي أقل من ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ لَا قلت فَإِن سَافر مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا قَالَ يقصر الصَّلَاة حِين يخرج من مصره قلت وَلم وَقت لَهُ ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ لِأَنَّهُ جَاءَ أثر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا تُسَافِر الْمَرْأَة ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم فقست على ذَلِك وَبَلغنِي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَسَعِيد بن جُبَير أَنَّهُمَا قَالَا إِلَى المداين وَنَحْوهَا

(1/265)


قلت أَرَأَيْت إِن سَافر ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا فَقدم الْمصر الَّذِي خرج إِلَيْهِ أيتم الصَّلَاة قَالَ إِن كَانَ يُرِيد أَن يُقيم فِيهِ خَمْسَة عشر يَوْمًا أتم الصَّلَاة وَإِن كَانَ لَا يدْرِي مَتى يخرج قصر الصَّلَاة قلت وَلم وَقت خَمْسَة عشر يَوْمًا قَالَ للأثر الَّذِي جَاءَ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
قلت أَرَأَيْت إِذا خرج من مصره وَهُوَ يُرِيد السّفر فَحَضَرت الصَّلَاة وأمامه من مصره ذَلِك دَار أَو داران قَالَ يُصَلِّي صَلَاة الْمُقِيم مَا لم يخرج من مصره ذَلِك حَتَّى يخلف ذَلِك الْمصر قلت فَإِن كَانَ بَينه وَبَين الْمصر الَّذِي خرج إِلَيْهِ فَرسَخ أَو أقل من ذَلِك وَهُوَ يُرِيد الْمقَام فِيهِ أيصلي صَلَاة مُسَافر أَو صَلَاة مُقيم قَالَ بل صَلَاة مُسَافر حَتَّى يدخلهَا

(1/266)


قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا خرج من الْكُوفَة إِلَى مَكَّة وَمنى وَهُوَ يُرِيد أَن يُقيم بِمَكَّة وَمنى خَمْسَة عشر يَوْمًا أيكمل الصَّلَاة حِين يدْخل مَكَّة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُرِيد أَن يُقيم بِمَكَّة وَحدهَا خَمْسَة عشر يَوْمًا قلت وَلَا تعد مَكَّة وَمنى مصرا وَاحِدًا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا أقبل من الْجَبَل يُرِيد الْحيرَة وَأَهله بهَا فَمر بِالْكُوفَةِ فَحَضَرت الصَّلَاة أيصلي صَلَاة مُسَافر أَو صَلَاة مُقيم قَالَ بل يُصَلِّي صَلَاة مُسَافر مَا لم يدْخل الْحيرَة أَو يوطن نَفسه على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا بِالْكُوفَةِ قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن أَهله بِالْحيرَةِ وَلكنه أقبل من الْجَبَل يُرِيد أَن يُقيم بِالْحيرَةِ والكوفة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَقدم الْكُوفَة أيقصر الصَّلَاة أم يتم قَالَ بل يقصر الصَّلَاة قلت وَلم يقصر الصَّلَاة وَلَا يتم حِين يدْخل الْكُوفَة قَالَ لِأَنَّهُ لم يوطن نَفسه على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا فِي مصر وَاحِد أَلا ترى لَو أَن رجلا أقبل من الْجَبَل وَهُوَ يُرِيد أَن يُقيم بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَقدم الْكُوفَة أَو الْبَصْرَة

(1/267)


أَنه لم يجب عَلَيْهِ أَن يتم الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا خرج من مصره مُسَافِرًا بعد زَوَال الشَّمْس أيصلي صَلَاة الْمُسَافِر أم صَلَاة الْمُقِيم قَالَ بل صَلَاة مُسَافر قلت وَلم وَقد خرج من مصره فِي وَقت صَلَاة قد وَجَبت عَلَيْهِ قَالَ أَرَأَيْت لَو زَالَت الشَّمْس وَهُوَ مُسَافر ثمَّ قدم أَهله أَكَانَ يُصَلِّي الظّهْر صَلَاة مُسَافر أَو صَلَاة مُقيم قلت بل صَلَاة مُقيم قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء
قلت أَرَأَيْت رجلا خرج من مصره بعد ذهَاب وَقت الصَّلَاة وَلم يصلها أيصلي تِلْكَ الصَّلَاة صَلَاة مُسَافر أَو صَلَاة مُقيم قَالَ بل صَلَاة مُقيم قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا وَجَبت عَلَيْهِ قبل أَن يخرج من مصره قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن مُسَافِرًا دخل فِي وَقت الظّهْر وَلم يصلها حَتَّى ذهب الْوَقْت ثمَّ قدم الْمصر قَالَ نعم عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي صَلَاة مُسَافر قلت وَإِنَّمَا ينظر إِلَى ذهَاب الْوَقْت وَلَا ينظر إِلَى دُخُوله قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا خرج مُسَافِرًا فَحَضَرت الصَّلَاة وَهِي الظّهْر فَافْتتحَ الصَّلَاة ليُصَلِّي وَقد خرج من مصره وَهُوَ يُرِيد أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فأحدث حِين دخل فِي الصَّلَاة فَانْفَتَلَ فَأتى الْمصر فَتَوَضَّأ ثمَّ عَاد إِلَى مَكَانَهُ كم يُصَلِّي قَالَ أَربع رَكْعَات قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد دخل الْمصر

(1/268)


فَصَارَ مُقيما وَهُوَ فِي الصَّلَاة بعد فَعَلَيهِ أَن يُصَلِّي صَلَاة الْمُقِيم قلت فَإِن انْفَتَلَ حِين أحدث وَهُوَ يُرِيد أَن يدْخل الْمصر ليتوضأ ثمَّ ذكر أَن عِنْده مَاء لم يعلم بِهِ قَالَ يتَوَضَّأ وَيُصلي أَربع رَكْعَات صَلَاة مُقيم قلت لم وَلم يدْخل الْمصر قَالَ لِأَنَّهُ حِين أجمع رَأْيه على دُخُوله الْمصر قد وَجب عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات قلت لم كَانَ هَكَذَا عنْدك قَالَ أَرَأَيْت لَو بدا لَهُ أَن يُقيم وَيرجع إِلَى أَهله ألم يكن عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات قلت بلَى وَلَكِن لَا يشبه هَذَا عِنْدِي ذَاك لِأَن هَذَا قد أَرَادَ الْإِقَامَة وَالْأول لم يرد أَن يُقيم قَالَ أَرَأَيْت لَو أجمع رَأْيه على أَن يدْخل أَهله فيمكث يَوْمًا ثمَّ يخرج كم كَانَ يُصَلِّي قلت أَرْبعا قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء قلت أَرَأَيْت إِن أَرَادَ الْمقَام وَهُوَ

(1/269)


فِي الصَّلَاة ثمَّ بدا لَهُ أَن يتم على سَفَره وَلَا يرجع قَالَ إِذا أجمع رَأْيه على الْإِقَامَة فَهُوَ مُقيم وَلَا يكون مُسَافِرًا بِالنِّيَّةِ كَمَا يكون مُقيما بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يكون مُسَافِرًا حَتَّى يسير وَالْإِقَامَة إِنَّمَا تكون بِالنِّيَّةِ لِأَن الْإِقَامَة لَيْسَ بِعَمَل وَالسّفر عمل
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى فِي سَفَره أَرْبعا أَرْبعا حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهله مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ قعد فِي كل رَكْعَتَيْنِ قدر التَّشَهُّد فَصلَاته تَامَّة وَإِن كَانَ لم يقْعد فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين قدر التَّشَهُّد فَصلَاته فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يُعِيد قلت لم كَانَ هَذَا عنْدك هَكَذَا قَالَ لِأَن صَلَاة الْمُسَافِر الْفَرِيضَة رَكْعَتَانِ فَمَا زَاد عَلَيْهَا فَهُوَ تطوع فَإِن خلط الْمَكْتُوبَة بالتطوع فَسدتْ صلَاته إِلَّا أَن يقْعد فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين قدر التَّشَهُّد لِأَن التَّشَهُّد فصل لما بَينهمَا أَلا ترى لَو أَنه تكلم وَقد قعد قدر التَّشَهُّد كَانَت صلَاته تَامَّة فَإِن كَانَت الصَّلَاة لم يُفْسِدهَا الْكَلَام وَلم يُفْسِدهَا صَلَاة

(1/270)


أُخْرَى لِأَن الصَّلَاة لَا تكون أَشد من الْكَلَام
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا افْتتح الظّهْر وَهُوَ يَنْوِي أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات ثمَّ بدا لَهُ فصلى رَكْعَتَيْنِ وَسلم قَالَ صلَاته تَامَّة
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا افْتتح الظّهْر فصلى رَكْعَتَيْنِ وَتشهد وَقد سَهَا فِي صلَاته فَسلم وَهُوَ يُرِيد أَن يسْجد سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ بدا لَهُ أَن يُقيم قَالَ صلَاته تَامَّة وَلَيْسَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَنِيَّته هَذِه قطع للصَّلَاة أَلا ترى لَو أَنه ضحك فِي هَذِه الْحَال حَتَّى قهقه لم يكن عَلَيْهِ وضوء وَلَو كَانَ فِي صَلَاة لَكَانَ عَلَيْهِ الْوضُوء وَإِنَّمَا بدا لَهُ الْمقَام حِين فرغ من صلَاته فَلذَلِك لم يكن عَلَيْهِ أَن يتم الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن سجد لسَهْوه سَجْدَة وَاحِدَة أَو سَجْدَتَيْنِ ثمَّ بدا لَهُ الْمقَام قبل أَن يسلم قَالَ عَلَيْهِ أَن يكمل أَربع رَكْعَات وَعَلِيهِ أَن يسْجد سَجْدَتي السَّهْو بعد التَّسْلِيم ويتشهد فِيهَا وَيسلم أَلا ترى أَنه لَو ضحك فِي هَذِه الْحَال حَتَّى قهقه كَانَ عَلَيْهِ الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى أَو لَا ترى لَو أَن رجلا أدْرك مَعَه الصَّلَاة فِي هَذِه الْحَال كَانَ قد أدْرك مَعَه الصَّلَاة وَلَا يشبه هَذَا الأول لِأَن هَذَا بدا لَهُ الْمقَام وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَالْأول بدا لَهُ وَقد فرغ من صلَاته وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف

(1/271)


وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر هَذَا كُله سَوَاء وَهُوَ فِي صلَاته بعد مَا لم يسلم قبل أَن يدْخل فِي سَجْدَتي السَّهْو إِن بدا لَهُ الْمقَام كَانَ مُقيما وَعَلِيهِ أَن يتم الصَّلَاة وَإِن دخل مَعَه رجل فِي تِلْكَ الْحَال كَانَ دَاخِلا فِي صلَاته وَإِن لم يسْجد الإِمَام سَجْدَتي السَّهْو وَإِن قهقه الإِمَام فِي تِلْكَ الْحَالة كَانَ عَلَيْهِ الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا افْتتح الظّهْر وَصلى رَكْعَة ثمَّ أحدث فَانْصَرف ليتوضأ فَلم يجد المَاء فَتَيَمم بالصعيد ثمَّ وجد المَاء قبل أَن يعود إِلَى مقَامه وبدا لَهُ الْمقَام قَالَ يتَوَضَّأ ويبنى على صلَاته ويكمل أَربع رَكْعَات قلت فَإِن قَامَ فِي مقَامه ثمَّ رأى المَاء ثمَّ بدا لَهُ الْمقَام قَالَ يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة أَربع رَكْعَات ورؤيته المَاء فِي مقَامه وَقبل أَن يقوم فِي مقَامه سَوَاء فِي الْقيَاس غير أَنى أستحسن ذَلِك وآمره أَن يتَوَضَّأ ويبنى على صلَاته مَا لم ير المَاء بعد مَا يقوم فِي مقَامه أَو يقوم فِي غير مقَامه يُرِيد الصَّلَاة فَإِذا فعل ذَلِك ثمَّ رأى المَاء اسْتقْبل الْوضُوء وَالصَّلَاة

(1/272)


قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا أم قوما مقيمين ومسافرين فصلى بهم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ أحدث فَقدم رجلا دخل مَعَه فِي الصَّلَاة ساعتئذ وَهُوَ مُسَافر مثله قَالَ لَا يَنْبَغِي لذَلِك الرجل أَن يتَقَدَّم وَلَكِن يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يقدم من قد أدْرك أول الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن تقدم الرجل الْمُسَافِر كَيفَ يصنع قَالَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يسْجد تِلْكَ السَّجْدَة الَّتِي تَركهَا الإِمَام الأول ثمَّ يُصَلِّي بهم قلت فَإِن سَهَا عَن تِلْكَ السَّجْدَة فصلى بهم رَكْعَة وَسجد فِيهَا سَجْدَة ثمَّ أحدث فَقدم رجلا آخر دخل مَعَه فِي الصَّلَاة ساعتئذ فَذهب فَتَوَضَّأ وَجَاء فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة وَجَاء الإِمَام الأول فَدخل مَعَه كَيفَ يَنْبَغِي لهَذَا الإِمَام الثَّالِث أَن يصنع قَالَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يسْجد تِلْكَ السَّجْدَة الأولى ويسجدها مَعَه الإِمَام الأول وَالْقَوْم وَلَا يسجدها مَعَه الإِمَام الثَّانِي ثمَّ يسْجد السَّجْدَة الْآخِرَة ويسجدها مَعَه الإِمَام الثَّانِي وَالْقَوْم وَلَا يسجدها مَعَه الإِمَام الأول وَيُصلي الإِمَام الأول الرَّكْعَة الثَّانِيَة بِغَيْر قِرَاءَة فَإِن أدْرك مَعَ الإِمَام الثَّالِث السَّجْدَة الْآخِرَة يسجدها مَعَه وَإِن لم يُدْرِكهَا سجدها وَحده ويتشهد الإِمَام الثَّالِث ثمَّ يتَأَخَّر فَيقدم رجلا قد أدْرك

(1/273)


أول الصَّلَاة فَيسلم بهم وَيسْجد بهم سَجْدَتي السَّهْو ويسجدون مَعَه جَمِيعًا ثمَّ يقوم الإِمَام الثَّانِي فَيَقْضِي الرَّكْعَة الَّتِي سبق بهَا فَيقْرَأ فِيهَا وَيقوم المقيمون فيقضون وحدانا بِغَيْر إِمَام حَتَّى يكملوا الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم الظّهْر وَهُوَ مُقيم وَالْقَوْم جَمِيعًا فصلى بهم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ أحدث فَانْفَتَلَ وَقدم رجلا مِمَّن أدْرك أول الصَّلَاة فَسَهَا عَن هَذِه السَّجْدَة وَصلى بالقوم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ رعف فَانْفَتَلَ وَقدم رجلا قد أدْرك أول الصَّلَاة فَسَهَا عَن السَّجْدَتَيْنِ جَمِيعًا وَصلى بهم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ رعف فَتَأَخر وَقدم رجلا قد أدْرك أول الصَّلَاة فَسَهَا عَن الثَّلَاث سَجدَات وَصلى بهم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ رعف وَقدم رجلا قد أدْرك أول الصَّلَاة وَتَوَضَّأ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وجاؤا جَمِيعًا وَلم يتكلموا قَالَ يَنْبَغِي للْإِمَام الْخَامِس أَن يسْجد بهم السَّجْدَة الأولى وَيسْجد مَعَه الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَالْقَوْم جَمِيعًا ثمَّ يسْجد السَّجْدَة الثَّانِيَة ويسجدونها مَعَه جَمِيعًا غير الإِمَام الأول وَالثَّانِي ثمَّ يسْجد السَّجْدَة الثَّالِثَة

(1/274)


وَيسْجد مَعَه الْقَوْم إِلَّا الإِمَام الأول وَالثَّانِي ثمَّ يسْجد السَّجْدَة الرَّابِعَة ويسجدها مَعَه الْقَوْم جَمِيعًا إِلَّا الإِمَام الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَيَقْضِي الإِمَام الأول الرَّكْعَة الثَّانِيَة وسجدتيها ثمَّ يقْضِي الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وسجودهما وَيَقْضِي الإِمَام الثَّانِي الرَّكْعَة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة بسجودهما وَيَقْضِي الإِمَام الثَّالِث الرَّكْعَة الرَّابِعَة بسجدتيها وَأَيّمَا إِمَام مِنْهُم أدْرك الإِمَام الآخر فِي سَجْدَة من ركعته الَّتِي يقْضِي سجدتها مَعهَا لم يُتَابِعه فِيهَا ثمَّ يسلم الإِمَام وَسجد سَجْدَتي السَّهْو ويسجدون مَعَه جَمِيعًا إِن كَانَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة قد فرغوا من صلَاتهم وَإِن كَانَ قد بَقِي على أحد مِنْهُم شَيْء من صلَاته لم يسْجد مَعَ الإِمَام حَتَّى يفرغ من صلَاته فَإِذا فرغ من صلَاته سجد سَجْدَتي السَّهْو بعد مَا يسلم الإِمَام
قلت أَرَأَيْت مُقيما صلى بِقوم مقيمين رَكْعَة من الظّهْر وَنسي سَجْدَة

(1/275)


ثمَّ أحدث فَقدم رجلا جَاءَ ساعتئذ فَلم يسْجد بهم تِلْكَ السَّجْدَة وَلكنه صلى بهم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ أحدث وَقدم رجلا جَاءَ ساعتئذ فصلى بهم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ أحدث فَقدم رجلا جَاءَ ساعتئذ فصلى بهم رَكْعَة وَسجْدَة ثمَّ أحدث وَقدم رجلا جَاءَ ساعتئذ ثمَّ تَوَضَّأ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وجاؤا جَمِيعًا قَالَ يَنْبَغِي لهَذَا الإِمَام الْخَامِس أَن يسْجد بهم أَربع سَجدَات يبْدَأ بِالْأولَى فَالْأولى وَيسْجد مَعَه الإِمَام الأول السَّجْدَة الأولى وَالْقَوْم وَلَا يسْجد مَعَه الإِمَام الثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع تِلْكَ السَّجْدَة ثمَّ يسْجد السَّجْدَة الثَّانِيَة فيسجدها مَعَه الإِمَام الثَّانِي وَالْقَوْم وَلَا يسْجد مَعَه الإِمَام الأول وَالثَّالِث وَالرَّابِع ثمَّ يسْجد السَّجْدَة الثَّالِثَة فيسجدها مَعَه الإِمَام الثَّالِث وَالْقَوْم جَمِيعًا وَلَا يسجدها مَعَه الإِمَام الأول وَلَا الثَّانِي وَلَا الرَّابِع ثمَّ يسْجد السَّجْدَة الرَّابِعَة فيسجدها مَعَه الْقَوْم وَالْإِمَام الرَّابِع وَلَا يسجدها مَعَه الإِمَام الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث إِلَّا أَن يقْضِي الإِمَام الأول مَا سبق بِهِ من الصَّلَاة فَإِن أدْركهُ فِي شَيْء من هَذَا السُّجُود والسجدة الَّتِي سجدها الإِمَام من الرَّكْعَة الَّتِي يَقْضِيهَا الإِمَام الأول فَإِنَّهُ يسجدها مَعَه وَإِن لم يُدْرِكهَا مَعَه سجدها وَحده حِين يفرغ من صلَاته فَإِذا فرغ قعد مَعَ الإِمَام الْخَامِس إِن أدْركهُ قَاعِدا وَأما الإِمَام الثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع فَإِنَّهُ لَيْسَ

(1/276)


على أحد مِنْهُم أَن يقْضِي مَا سبق بِهِ الإِمَام قبل أَن يدْخل فِي صلَاته إِلَّا بعد مَا يسلم الإِمَام ويفرغ من صلَاته فَإِذا فرغ الإِمَام قَامُوا فقضوا بِقِرَاءَة وَأما الإِمَام الأول فَإِنَّهُ يقْضِي بِغَيْر قِرَاءَة وَأما الإِمَام الْخَامِس فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يتَشَهَّد بالقوم ثمَّ يتَأَخَّر فَيقدم رجلا قد أدْرك أول الصَّلَاة فَيسلم بهم وَيسْجد بهم سَجْدَتي السَّهْو وَيسْجد مَعَه الْقَوْم جَمِيعًا غير الإِمَام الأول إِلَّا أَن يكون الإِمَام الأول قد فرغ مِمَّا سبق بِهِ فَيسْجد مَعَه السَّجْدَتَيْنِ وَالْأَئِمَّة الْآخرُونَ وَإِن كَانُوا أَيْضا قضوا مَا أدركوا مَعَ الإِمَام الأول مَا لم يصلوا مَعَه فيسجدون مَعَه سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ يقوم هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة فيقضون صلَاتهم بِقِرَاءَة
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى بِقوم مسافرين الْمغرب فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا قَامَ فِي الثَّالِثَة دخل مَعَه رجل مُقيم وَنوى بِدُخُولِهِ مَعَه التَّطَوُّع

(1/277)


فصلى مَعَه الرَّكْعَة الثَّالِثَة ثمَّ سلم الإِمَام قَالَ يقوم هَذَا الْمُقِيم فَيصَلي ثَلَاث رَكْعَات يقْرَأ فِيهِنَّ جَمِيعًا وَيقْعد فِي الأولى مِنْهُنَّ لِأَنَّهَا الثَّانِيَة وَلَا يقْعد فِي الثَّانِيَة لِأَنَّهَا الثَّالِثَة وَيقْعد فِي الرَّابِعَة ويتشهد وَيسلم وَلَو أَن امْرَأَة صلت مَكْتُوبَة فِي حضر أَو فِي سفر فَهِيَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الرجل فَإِن ائتم بهَا رجل وَنوى التَّطَوُّع فقد أَسَاءَ وَدخل فِي غير صَلَاة فَإِن تمّ عَلَيْهَا لم تجزه وَإِن أفسدها لم يكن عَلَيْهِ قَضَاء وَلَا يشبه هَذَا الَّذِي دخل فِي الْمغرب
وَقَالَ أكره للرجل أَن يدْخل مَعَ الإِمَام فِي الْمغرب يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّع وَلَو دخل مَعَه وأفسدها كَانَ عَلَيْهِ أَن يقْضِي أَربع رَكْعَات وَالَّذِي ائتم بِالْمَرْأَةِ لَا يشبه هَذَا أَلا ترى لَو أَن رجلا ائتم بصبي أَو بِرَجُل كَافِر لم يكن دَاخِلا فِي الصَّلَاة فَكَذَلِك الْمَرْأَة لَا يَنْبَغِي للْمَرْأَة أَن تؤم الرجل
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا أم قوما مقيمين ومسافرين فصلى بهم رَكْعَة ثمَّ بدا لَهُ أَن يُقيم قَالَ عَلَيْهِ أَن يكمل الصَّلَاة قلت فَإِن أحدث

(1/278)


الإِمَام بعد مَا نوى الْإِقَامَة فَقدم رجلا قَالَ يتم بهم أَربع رَكْعَات قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام الثَّانِي قد أدْرك مَعَ الإِمَام أول الصَّلَاة وَلم يصلها مَعَه بِأَن نَام خَلفه عَنْهَا ثمَّ أحدث فَذهب فَتَوَضَّأ فجَاء فأحدث الإِمَام الأول فَقدم هَذَا فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ فِي هَذَا إِن تَأَخّر وَقدم غَيره مِمَّن قد صلى تِلْكَ الرَّكْعَة فَهُوَ أفضل وَأحب إِلَيّ وَإِن لم يفعل فَبَدَأَ بهَا فَصلاهَا وَهُوَ قدامهم أومى إِلَيْهِم فَقَامُوا أجزاه ذَلِك وأجزاهم وَإِن لم يَفْعَلُوا وَصلى بهم الثَّلَاث رَكْعَات وَتشهد وَقدم رجلا مِمَّن قد أدْرك أول الصَّلَاة فَسلم وَقَامَ هُوَ يقْضِي أجزاهم ذَلِك وَإِن صلى بهم رَكْعَة ثمَّ ذكر ركعته تِلْكَ فَإِن أفضل ذَلِك أَن يومى إِلَى الْقَوْم فَيقومُونَ حَتَّى يقْضِي هُوَ تِلْكَ الرَّكْعَة ثمَّ يُصَلِّي بهم بَقِيَّة صلَاتهم وَإِن لم يفعل وَلكنه تَأَخّر حِين ذكر فَقدم رجلا فصلى بهم فَهُوَ أفضل وَإِن لم يفعل ذَلِك وَلكنه صلى بهم وَهُوَ ذَاكر لركعته تِلْكَ أجزاه وأجزاهم غير أَنه يَنْبَغِي لَهُ إِذا تشهد أَن يتَأَخَّر وَيقدم رجلا قد أدْرك أول الصَّلَاة فَيسلم بهم وَيقوم فَيَقْضِي تِلْكَ الرَّكْعَة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم أَربع رَكْعَات فنسي سَجْدَتَيْنِ سَجْدَة من أول رَكْعَة وَسجْدَة من الثَّانِيَة فَلم يذكر ذَلِك حَتَّى قعد فِي الرَّابِعَة ثمَّ ذكر ذَلِك وَخَلفه رجل قد أدْرك مَعَه أول الصَّلَاة ونام خَلفه

(1/279)


وَلم يصل مَعَه شَيْئا ثمَّ انتبه حَتَّى قعد مَعَ الإِمَام فِي الرَّابِعَة قَالَ يَنْبَغِي لهَذَا الرجل أَن يقوم فَيصَلي الرَّكْعَة الأولى وَالثَّانيَِة وَالثَّالِثَة بِغَيْر قِرَاءَة قلت فَإِن سجد الإِمَام السَّجْدَة الأولى فأدركه الرجل فِيهَا أيسجد مَعَه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أدْركهُ فِي السَّجْدَة الثَّانِيَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أدْركهُ فِي السَّجْدَة الثَّالِثَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا نسى الظّهْر فَدخل أَهله وَقد ذهب وَقتهَا ثمَّ ذكر ذَلِك فَقَامَ يُصَلِّي فجَاء رجل مُقيم فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة وَقد فَاتَتْهُ تِلْكَ الصَّلَاة قَالَ يَنْبَغِي للْمُسَافِر أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيقْعد ويتشهد وَيسلم ثمَّ يقوم هَذَا الْمُقِيم فَيتم صلَاته أَربع رَكْعَات قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام هُوَ الْمُقِيم فائتم بِهِ الْمُسَافِر قَالَ صلَاته تَامَّة وَأما الْمُسَافِر فَصلَاته فَاسِدَة لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَن يكمل أَربع رَكْعَات لِأَنَّهَا صَلَاة قد ذهب وَقتهَا وَقد وَجَبت عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ فَلَا يَسْتَطِيع أَن يُتمهَا أَرْبعا
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا أم قوما مسافرين فِي مصر أيصلي بهم

(1/280)


أَربع رَكْعَات أَو رَكْعَتَيْنِ قَالَ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ والمصر فِي هَذَا وَغَيره سَوَاء قلت فَإِن قَامَت مَعَهم فِي الصَّلَاة جَارِيَة لم تَحض فصلت بِصَلَاة الإِمَام قَالَ أستحسن أَن تفْسد على الَّذِي خلفهَا صلَاته وَعَن يَمِينهَا وَعَن شمالها وبقيتهم صلَاتهم تَامَّة أَلا ترى أَنى آمرها أَن تتوضأ وَتصلي وَلَو صلت بِغَيْر وضوء أَمَرتهَا أَن تعيد وَكَذَلِكَ لَو صلت عُرْيَانَة وَهِي تَجِد ثوبا أَمَرتهَا بِالْإِعَادَةِ وَلَو كَانَ غُلَاما قد راهق وَلم يَحْتَلِم فَقَامَ مَعَ الْقَوْم فِي الصَّفّ أجزاه وأجزاهم وَلم يكن الْغُلَام بِمَنْزِلَة الْجَارِيَة وَكَذَلِكَ الْغُلَام لَو قَامَ مَعَ رجل وَاحِد فِي الصَّفّ أجزى الرجل والغلام ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا ترك الصَّلَاة فِي السّفر أَيَّامًا أَيكُون بِمَنْزِلَة الْمغمى عَلَيْهِ قَالَ لَا وعَلى هَذَا أَن يقْضِي مَا ترك قلت وَكَذَلِكَ لَو صلى أَرْبعا وَلم يقْعد فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين قدر التَّشَهُّد قَالَ نعم عَلَيْهِ أَن يقْضِي مَا صلى هَكَذَا قلت أَرَأَيْت إِن ترك صَلَاة وَاحِدَة ثمَّ صلى شهرا وَهُوَ ذَاكر لتِلْك الصَّلَاة قَالَ عَلَيْهِ أَن يُعِيد تِلْكَ الصَّلَاة وَحدهَا وَلَا يُعِيد مَا بعْدهَا قلت فَإِن صلى يَوْمًا أَو أقل من ذَلِك وَهُوَ ذَاكر لَهَا قَالَ فَإِن أَبَا حنيفَة كَانَ يَقُول إِذا صلى يَوْمًا وَلَيْلَة أَو أقل من ذَلِك وَهُوَ ذَاكر لَهَا إِن عَلَيْهِ أَن يقْضِي تِلْكَ الصَّلَاة وَيُعِيد مَا صلى

(1/281)


وَهُوَ ذَاكر لَهَا وَإِن كَانَ أَكثر من صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة أعَاد تِلْكَ الصَّلَاة وَحدهَا وَلَا يُعِيد مَا صلى وَهُوَ اسْتِحْسَان وَلَيْسَ بِقِيَاس وَأما قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فعلى مَا قَالَ أَبُو حنيفَة حَتَّى يُصَلِّي أَكثر من يَوْم وَلَيْلَة وَهُوَ ذَاكر لتِلْك الصَّلَاة فَإِذا فعل ذَلِك أعَاد تِلْكَ الصَّلَاة وَصَلَاة يَوْم وَلَيْلَة من أول مَا صلى وَلم يعد مَا بَقِي

(1/282)


قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى صَلَاة الظّهْر وَهُوَ على غير وضوء وَصلى الْعَصْر وَهُوَ ذَاكر أَنه صلى الظّهْر على غير وضوء وَهُوَ يحْسب أَنه يجْزِيه قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الظّهْر ثمَّ يُصَلِّي الْعَصْر قلت فَإِن لم يصل الظّهْر وَلَا الْعَصْر حَتَّى صلى الْمغرب وَهُوَ ذَاكر لما صنع فِي الظّهْر قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد الظّهْر ثمَّ الْعَصْر ثمَّ الْمغرب قلت فَإِن لم يصل الْمغرب حَتَّى أعَاد الظّهْر وَظن أَن الْعَصْر تَامَّة ثمَّ صلى الْمغرب قَالَ يُعِيد الْعَصْر وَلَا يُعِيد الْمغرب لِأَنَّهُ صلى الْمغرب بعد صَلَاة يرى أَنَّهَا تَامَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى الظّهْر بِغَيْر وضوء تَامّ وَهُوَ يرى أَنه تَامّ ثمَّ أحدث فَتَوَضَّأ وَصلى الْعَصْر ثمَّ ذكر أَن الظّهْر كَانَت بِغَيْر وضوء تَامّ قَالَ يُعِيد الأول وَلَا يُعِيد الآخر
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى بِقوم مسافرين رَكْعَة فَقَرَأَ سَجْدَة التِّلَاوَة فَلم يسجدها نَاسِيا ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَدخل مَعَه مُسَافر فِي صلَاته فصلى الإِمَام رَكْعَة أُخْرَى تَمام صلَاته وَصلى الرجل مَعَه وَتشهد الإِمَام ثمَّ قَامَ الرجل يقْضِي قبل أَن يسلم الإِمَام فَقَرَأَ وَركع وَسجد سَجْدَة ثمَّ سلم الإِمَام ثمَّ ذكر الإِمَام سَجْدَة التِّلَاوَة فسجدها وَسجد الرجل مَعَه بعد مَا صلى رَكْعَة وَسجْدَة أَو سَجْدَتَيْنِ قَالَ صَلَاة الإِمَام وَالْقَوْم تَامَّة وَصَلَاة الرجل

(1/283)


فَاسِدَة وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ حِين قَامَ قبل أَن يسلم الإِمَام فَقَرَأَ وَركع وَسجد سَجْدَة فقد خرج من صَلَاة الإِمَام فَلَمَّا سجد مَعَه دخل فِي صَلَاة غَيرهَا فَصَارَت فَاسِدَة قلت أَرَأَيْت إِن قَرَأَ وَركع وَلم يسْجد حَتَّى سجد الإِمَام سَجْدَة التِّلَاوَة فَسجدَ الرجل مَعَه قَالَ قد أحسن وَصلَاته تَامَّة وَيقوم بعد مَا يفرغ الإِمَام فَيَقْضِي مَا سبقه الإِمَام بِهِ قلت فَإِن كَانَ حِين دخل مَعَ الإِمَام وَصلى مَعَه تِلْكَ الرَّكْعَة وَتشهد الإِمَام وَتشهد الرجل مَعَه ثمَّ قَامَ يقْضِي قبل أَن يسلم الإِمَام فَقَرَأَ وَركع وَلم يلْتَفت إِلَى الإِمَام ثمَّ سلم الإِمَام فَسجدَ سَجْدَة التِّلَاوَة وَسجد مَعَه أَصْحَابه وَأعَاد الإِمَام التَّشَهُّد وأعادوا مَعَه وَلم يتَشَهَّد الرجل مَعَه وَلم يلْتَفت إِلَى صلَاته قَالَ صَلَاة الرجل أَيْضا فَاسِدَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد تشهد مَعَ الإِمَام وَالْإِمَام لم يجزه تشهده ذَلِك وَهَذَا الرجل قَامَ يقْضِي مَا سبق بِهِ قبل فرَاغ الإِمَام من صلَاته وَقبل أَن يتَشَهَّد فَصلَاته فَاسِدَة

(1/284)


قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى بِقوم مسافرين رَكْعَة فَلَمَّا قَامَ فِي الثَّانِيَة دخل مَعَه رجل مُسَافر فِي الصَّلَاة فصلى مَعَه رَكْعَة فَلَمَّا قعد الإِمَام فِي الثَّانِيَة تَمام صلَاته لم يقْعد الرجل مَعَه وَلَكِن قَامَ يقْضِي مَا سبق بِهِ فَقَرَأَ وَركع وَسجد وَتشهد الإِمَام ثمَّ سلم قَالَ إِن كَانَ الرجل حِين قَامَ يقْضِي قَرَأَ بعد فرَاغ الإِمَام من تشهده آيَة أَو آيَتَيْنِ فَصلَاته تَامَّة قلت فَإِن كَانَ فرَاغ الإِمَام من التَّشَهُّد مَعَ فرَاغ الرجل من الْقِرَاءَة جَمِيعًا مَعًا وَلم يقْرَأ بعده شَيْئا قَالَ صلَاته فَاسِدَة وَلَا يجْزِيه حَتَّى يقْرَأ بعد فرَاغ الإِمَام من التَّشَهُّد آيَة أَو آيَتَيْنِ قلت أَرَأَيْت إِن قَامَ يقْضِي فَقَرَأَ وَركع وَلم يسْجد حَتَّى سلم الإِمَام وَعَلِيهِ السَّهْو لصلاته فَسجدَ الرجل مَعَه قَالَ قد أحسن وَصلَاته تَامَّة فَإِذا فرغ الإِمَام من صلَاته فليقض مَا سبقه بِهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا أسلم فِي دَار الْحَرْب فَمَكثَ بهَا شهرا أَو شَهْرَيْن وَلَا يعلم أَن عَلَيْهِ الصَّلَاة وَلم يَأْمُرهُ بذلك أحد وَلم ير أحدا يُصَلِّي قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء قلت فَإِن كَانَ هَذَا فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ عَلَيْهِ الْقَضَاء

(1/285)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هما فِي الْقيَاس سَوَاء وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْقَضَاء حَتَّى يقوم عَلَيْهِمَا الْحجَّة وَيعلم أَن ذَلِك عَلَيْهِ وَلَكِن نَدع الْقيَاس وَالْقَوْل قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا ترك الظّهْر وَالْعصر من يَوْمَيْنِ مُخْتَلفين وَلَا يدْرِي لَعَلَّ الْعَصْر الَّذِي ترك أَولا قَالَ يتحَرَّى الصَّوَاب فَيَقْضِي الأولى مِنْهُمَا فِي نَفسه ثمَّ يقْضِي الْأُخْرَى قلت فَإِن لم يدر قَالَ يُصَلِّي الظّهْر ثمَّ يُصَلِّي الْعَصْر ثمَّ يُصَلِّي الظّهْر فَإِن كَانَ الْعَصْر أَولا أجزاه وأجزته الظّهْر بعد ذَلِك وَإِن كَانَ الظّهْر أَولا فقد أجزاه الظّهْر وأجزاه الْعَصْر بعد ذَلِك وَالظّهْر تطوع مِنْهُ وَهَذَا فِي الثِّقَة والتنزه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لسنا نأمره بذلك وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا أَن يتحَرَّى

(1/286)


قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى فِي مَسْجِد فأحدث الإِمَام فَخرج وَتَركه وَنوى هَذَا الثَّانِي أَن يُصَلِّي لنَفسِهِ فجَاء مُسَافر فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة وَهُوَ يُرِيد أَن يأتم بِهِ ثمَّ أحدث الإِمَام الثَّانِي فَخرج من الْمَسْجِد ليتوضأ وَنوى هَذَا الثَّالِث أَن يؤم نَفسه ثمَّ أحدث الثَّالِث فَخرج ليتوضأ وَترك الْموضع بِغَيْر إِمَام قَالَ صَلَاة الأول وَالثَّانِي فَاسِدَة وَصَلَاة هَذَا الثَّالِث تَامَّة إِن لم يتَكَلَّم تَوَضَّأ وَبنى على صلَاته وَإِنَّمَا فَسدتْ صَلَاة الأول الثَّانِي لِأَنَّهُمَا لَا إِمَام لَهما فِي الْمَسْجِد قلت فَإِن لم ينْو الثَّالِث أَن يكون إِمَامًا حِين أحدث الثَّانِي قَالَ هُوَ إِمَام وَإِن لم ينْو قلت فَإِن أحدث الثَّالِث وَلم يخرج من الْمَسْجِد حَتَّى جَاءَ الأول وَالثَّانِي قَالَ يقدم أَحدهمَا قبل أَن يخرج هَذَا الثَّالِث من الْمَسْجِد فَهُوَ إِمَام وتجزيهم صلَاتهم وَإِن لم يتَقَدَّم أَحدهمَا حَتَّى خرج هَذَا الثَّالِث من الْمَسْجِد فَصَلَاة الأول وَالثَّانِي فَاسِدَة وَصَلَاة الثَّالِث تَامَّة
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر يؤم النِّسَاء فِي السّفر قَالَ أكره للرجل أَن يؤمهن فِي بَيت لَيْسَ مَعَهُنَّ ذَات محرم مِنْهُ فَإِن أمهن فأحدث الإِمَام فَتَأَخر ليتوضأ فَصَلَاة الإِمَام تَامَّة وَصَلَاة النسْوَة فَاسِدَة قلت فَإِن

(1/287)


أمهن فِي مَسْجِد جمَاعَة أَو فِي بَيت وَمَعَهُ امْرَأَة ذَات محرم مِنْهُ قَالَ لَا بَأْس بذلك قلت فَإِن أحدث الرجل فَتَأَخر وَقدم امْرَأَة مِنْهُنَّ قَالَ صَلَاة النسْوَة كُلهنَّ فَاسِدَة وَصَلَاة الرجل فَاسِدَة قلت فَإِن تقدّمت امْرَأَة مِنْهُنَّ من غير أَن يقدمهَا قبل أَن يخرج من الْمَسْجِد قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء قلت لم صَارَت صَلَاة النسْوَة فَاسِدَة قَالَ لِأَن الإِمَام الأول رجل قلت فَإِن كَانَ الإِمَام الأول امْرَأَة قَالَ صلاتهن جَمِيعًا تَامَّة
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة المسافرة تؤم النِّسَاء قَالَ أكره ذَلِك قلت فَإِن فعلت ذَلِك قَالَ يجزيهم وَتقوم وسطا من الصَّفّ
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الظّهْر وَهُوَ مُسَافر فصلى رَكْعَتَيْنِ بِغَيْر قِرَاءَة ثمَّ بدا لَهُ الْمقَام قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَة وَالْمُسَافر والمقيم فِي هَذَا سَوَاء وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة لِأَنَّهُ أفسدها قبل أَن ينوى الْمقَام

(1/288)


قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا دخل فِي صَلَاة مُقيم فِي الظّهْر فَذهب وَقت الظّهْر قبل أَن يفرغ الإِمَام من الصَّلَاة ثمَّ إِن الإِمَام أفسد صلَاته بِكَلَام مَا صَلَاة الْمُسَافِر قَالَ على الْمُسَافِر أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قلت لم قَالَ لِأَن الْمُقِيم قد أفسد صلَاته وَإِنَّمَا كَانَ يجب على الْمُسَافِر أَربع لَو أتم الْمُقِيم صلَاته فَلَمَّا أفسدها عَاد الْمُسَافِر على حَاله فَعَلَيهِ رَكْعَتَانِ أَلا ترى لَو أَن مُسَافِرًا دخل فِي صَلَاة الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام كَانَ عَلَيْهِ الْجُمُعَة فَإِن أفسدها وَجَبت عَلَيْهِ الظّهْر رَكْعَتَانِ إِذا أفسدها فِي الْوَقْت فَإِن ذهب الْوَقْت قبل أَن يفرغ مِنْهَا فقد فَسدتْ وعَلى الْمُسَافِر رَكْعَتَانِ
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر أَي صَلَاة يقصر قَالَ يُصَلِّي الْفجْر رَكْعَتَيْنِ مثل صَلَاة الْمُقِيم وَيقصر الظّهْر فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ وَيقصر الْعَصْر فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ وَيُصلي الْمغرب صَلَاة الْمُقِيم وَيقصر الْعشَاء فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ وَيُصلي الْوتر ثَلَاث رَكْعَات صَلَاة الْمُقِيم إِلَّا أَنه يقصر الْقِرَاءَة فِي كل مَا ذكرت وَلَا يشبه الْحَضَر السّفر فِي الْقِرَاءَة قلت وَكَذَلِكَ صَلَاة التَّطَوُّع فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وهما فِي الْحَضَر وَالسّفر سَوَاء قَالَ نعم

(1/289)


قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا دخل فِي صَلَاة مُقيم كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي صَلَاة مُقيم قلت وَكَذَلِكَ لَو أدْركهُ بعد مَا تشهد قبل أَن يسلم قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أدْركهُ فِي سَجْدَتي السَّهْو قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر إِذا أم أَصْحَابه فِي الصَّلَوَات كلهَا مَا مِقْدَار قِيَامه وقراءته قَالَ يقْرَأ فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب مَعَ أَي سُورَة تيسرت عَلَيْهِ قلت فَإِن قرا فِي الْفجْر ب {قل هُوَ الله أحد} قَالَ يجْزِيه قلت فَأَي ذَلِك أحب إِلَيْك أَن يقْرَأ فِي الْفجْر قَالَ أحب ذَلِك إِلَيّ أَن يقْرَأ {وَالسَّمَاء والطارق} {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} وَنَحْوهمَا مَعَ فَاتِحَة الْكتاب قلت وَكَذَلِكَ الظّهْر قَالَ نعم قلت وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء قَالَ ب {قل هُوَ الله أحد} و {إِذا جَاءَ نصر الله} مَعَ فَاتِحَة الْكتاب وَنَحْوهمَا قلت ويسبح فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود بِثَلَاث ثَلَاث قَالَ نعم إِن شَاءَ وَإِن شَاءَ أَكثر من ذَلِك وَلَكِن لَا أحب لَهُ أَن يكون أقل من ثَلَاث ثَلَاث
قلت فَهَل فِي شَيْء من الصَّلَوَات قنوت قَالَ لَا قنوت فِي شَيْء من الصَّلَوَات كلهَا فِي سفر وَلَا حضر إِلَّا فِي الْوتر بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يقنت قطّ إِلَّا شهرا وَاحِدًا حَارب حَيا من الْمُشْركين فقنت يَدْعُو عَلَيْهِم وبلغنا عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ

(1/290)


أَنه لم يقنت وبلغنا عَن الْأسود بن يزِيد أَنه قَالَ صَحِبت عمر بن الْخطاب سنتَيْن فَلم أره قنت فِي سفر وَلَا حضر
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يخرجُون فِي الْغَزْو فَيدْخلُونَ أَرض الْحَرْب

(1/292)


فيحاصرون مَدِينَة وَقد وطنوا أنفسهم على إِقَامَة شهر أَو أَكثر من ذَلِك هَل يتمون الصَّلَاة قَالَ لَا وَلَكنهُمْ يصلونَ صَلَاة الْمُسَافِر قلت لم وَقد وطنوا أنفسهم على إِقَامَة شهر قَالَ لأَنهم فِي عَسْكَر وَلَيْسَ الْعَسْكَر كالأمصار والمدائن إِنَّمَا هم قوم فِي غَزْو وَفِي حَرْب وَأي سفر أَشد من هَذَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانُوا فِي سفر وَقد حاصروا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن نزلُوا مَدِينَة من الْمَدَائِن فنزلوا بَعْضهَا وحاصروا أَهلهَا وقاتلوهم وَقد وطنوا أنفسهم على الْإِقَامَة قَالَ هَؤُلَاءِ مسافرون وَإِن وطنوا أنفسهم
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى بِقوم مسافرين وَنوى الْجُمُعَة وَنوى الْقَوْم ذَلِك قَالَ لَا تجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يصلوا الظّهْر قلت لم قَالَ لأَنهم لم ينووا الظّهْر وَإِنَّمَا نووا الْجُمُعَة فَلَا تجزيهم من الْجُمُعَة لأَنهم مَعَ غير إِمَام فِي غير مصر قلت أَرَأَيْت إِن كَانُوا دخلُوا الْمصر

(1/293)


فصلوا الْجُمُعَة مَعَ أَهله قَالَ تجزيهم قلت لم وهم مسافرون وَلَيْسَ عَلَيْهِم جُمُعَة قَالَ إِذا دخلُوا مَعَ الإِمَام وَجب عَلَيْهِم مَا وَجب على الإِمَام أَلا ترى أَن الْمَرْأَة وَالْعَبْد لَا جُمُعَة عَلَيْهِمَا وَلَو صليا الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام أجزاهما أَو لَا ترى أَن الْمُسَافِر عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَإِذا دخل فِي صَلَاة مُقيم وَجب عَلَيْهِ مَا وَجب على الْمُقِيم فَكَذَلِك الْجُمُعَة
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا سَافر فَمر بِمَدِينَة أَو مصر من الْأَمْصَار فصلى بِأَهْلِهَا الْجُمُعَة وَهُوَ مُسَافر قَالَ يجْزِيه ويجزى أَهلهَا قلت لم وَهُوَ مُسَافر قَالَ لِأَن الإِمَام لَيْسَ كَغَيْرِهِ قلت وَكَذَلِكَ الْأَمِير إِذا مر بِمَدِينَة أَو بِمصْر من عمله قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت أَمِير الْمَوْسِم إِذا كَانَ من غير أهل مَكَّة وَقد اسْتعْمل عَلَيْهَا وَقد وَطن نَفسه على الْإِقَامَة أيتم الصَّلَاة أَيَّام الْمَوْسِم وَيجمع أهل منى يَوْم الْجُمُعَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ من أهل مَكَّة قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ من غير أهل مَكَّة وَإِنَّمَا اسْتعْمل على الْمَوْسِم وَلم يسْتَعْمل على مَكَّة وَلم يوطن نَفسه على إِقَامَة خَمْسَة عشر قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قلت فَهَل يجمع بِأَهْل منى يَوْم الْجُمُعَة قَالَ لَا

(1/294)


قلت أَرَأَيْت الْمُسَافِر إِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي تَطَوّعا وَهُوَ على دَابَّته يسير كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي على دَابَّته حَيْثُ تَوَجَّهت بِهِ تَطَوّعا يومى إِيمَاء وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع قلت فعلى أَي الدَّوَابّ كَانَ أجزاه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على سَرْجه قذر هَل تفْسد صلَاته قَالَ لَا وَالدَّابَّة أَشد من ذَلِك ثمَّ لَا تفْسد عَلَيْهِ قلت وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة على الدَّابَّة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو سمع سَجْدَة تِلَاوَة أَو تَلَاهَا على دَابَّته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن صلى الْمَكْتُوبَة على دَابَّته قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُعِيد قلت فَإِن كَانَ مَرِيضا لَا يَسْتَطِيع النُّزُول أَو كَانَ يتخوف على نَفسه من السبَاع وَغَيرهَا قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُقِيم هَل يُصَلِّي على دَابَّته تَطَوّعا قَالَ لَا قلت فَإِن خرج من الْمصر فرسخين أَو ثَلَاثَة هَل يُصَلِّي على دَابَّته تَطَوّعا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى على دَابَّته رَكْعَة تَطَوّعا ثمَّ قدم أَهله قَالَ يُصَلِّي رَكْعَة أُخْرَى
قلت أَرَأَيْت رجلا مُقيما أَو مُسَافِرًا صلى على الأَرْض رَكْعَة تَطَوّعا ثمَّ ركب دَابَّته فأضاف إِلَيْهَا أُخْرَى وَهُوَ رَاكب قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل رَكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت رجلا قَالَ لله على أَن أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَطَوّعا

(1/295)


فصلاهما عل دَابَّته من غير عذر قَالَ لَا يجْزِيه قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لله عَليّ أَن أُصَلِّي أَربع رَكْعَات تَطَوّعا فصلى رَكْعَتَيْنِ وَلم يتَشَهَّد وَلم يسلم حَتَّى ركب دَابَّته فصلى أُخْرَيَيْنِ على الدَّابَّة ثمَّ سلم قَالَ نعم لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت رجلا سمع سَجْدَة أَو قَرَأَهَا وَهُوَ على غير وضوء ثمَّ تَوَضَّأ وَركب دَابَّته أيجزيه أَن يَقْضِيهَا على الدَّابَّة يومى إِيمَاء قَالَ لَا قلت فَإِن سَمعهَا وَهُوَ على دَابَّة ثمَّ نزل فسجدها على الأَرْض قَالَ يجْزِيه قلت وكل صَلَاة أَو سَجْدَة وَجَبت عَلَيْهِ وَهُوَ نَازل فَلَا يجْزِيه أَن يَقْضِيهَا على دَابَّة وكل صَلَاة أَو سَجْدَة وَجَبت عَلَيْهِ وَهُوَ رَاكب ثمَّ نزل فَإِنَّهُ يجْزِيه أَن يَقْضِيهَا وَهُوَ نَازل قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلَيْنِ فِي محمل وَاحِد افْتتح أَحدهمَا الصَّلَاة تَطَوّعا وافتتح الآخر الَّذِي مَعَه وَهُوَ يَنْوِي أَن يأتم بِهِ قَالَ يجزيهما جَمِيعًا قلت فَإِن كَانَ عَن يسَار الإِمَام قَالَ لَا أحب لَهُ أَن يأتم بِهِ قلت فَإِن فعل قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَابَّة فصلى أَحدهمَا فائتم بِهِ صَاحبه قَالَ أما الإِمَام فيجزيه وَأما الَّذِي ائتم بِهِ فَلَا يجْزِيه قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْأول قَالَ ليستا

(1/296)


بِسَوَاء أَلا ترى أَن بَين الدابتين طَرِيقا فَهُوَ الَّذِي أفسد عَلَيْهِ صلَاته
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا أم قوما مسافرين فَنَامَ رجل خَلفه فصلى الإِمَام وَفرغ من صلَاته ثمَّ اسْتَيْقَظَ الرجل بعد فرَاغ الإِمَام فأحدث فَخرج فَتَوَضَّأ ثمَّ بدا لَهُ الْإِقَامَة كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقْضِي مَا صلى الإِمَام أَلا ترى أَنه إِنَّمَا يقْضِي بِغَيْر قِرَاءَة لِأَن قِرَاءَة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة أَو لَا ترى أَنه لَو دخل فِي الصَّلَاة وَحده فصلى رَكْعَة ثمَّ نَام فَاسْتَيْقَظَ وَقد ذهب الْوَقْت فأحدث فَدخل الْمصر فَتَوَضَّأ وَأقَام يقْضِي رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن كَانَ حِين دخل الْمصر فأحدث أَو تكلم وَقد نوى الْإِقَامَة وَهُوَ فِي الْوَقْت قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي صَلَاة مُقيم لِأَنَّهُ قد أفسد الصَّلَاة الَّتِي كَانَ فِيهَا أَو لَا ترى أَنه لَو دخل فِي الصَّلَاة وَحده فصلى رَكْعَة ثمَّ أحدث مُتَعَمدا أَو تكلم وَقد نوى الْإِقَامَة وَهُوَ فِي الْوَقْت قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي صَلَاة مُقيم لِأَنَّهُ قد أفسد الصَّلَاة الَّتِي كَانَ فِيهَا

(1/297)


قلت أَرَأَيْت رجلا مُسَافِرًا صلى مَعَ إِمَام مُسَافر رَكْعَة وَقد سبقه الإِمَام بِرَكْعَة فَلَمَّا فرغ الإِمَام قَامَ الرجل يقْضِي ثمَّ بدا لَهُ الْإِقَامَة كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقْضِي بِقِرَاءَة وَلَا يشبه هَذَا الأول
قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الْكُوفَة مُسَافِرًا افْتتح الصَّلَاة مَعَ إِمَام مُسَافر بطرِيق الْحيرَة ثمَّ نَام خَلفه فَاسْتَيْقَظَ وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته ثمَّ أحدث الرجل وَرجع إِلَى أَهله فَتَوَضَّأ قبل ذهَاب الْوَقْت ثمَّ نوى الْإِقَامَة قَالَ إِن تكلم صلى أَربع رَكْعَات وَإِن لم يتَكَلَّم صلى رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن أحدث وَدخل الْمصر بعد ذهَاب الْوَقْت وَقد تكلم فَتَوَضَّأ كم يُصَلِّي قَالَ رَكْعَتَيْنِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ وَجَبت

(1/298)


عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ فَلَا يَسْتَطِيع أَن يَجْعَلهَا أَرْبعا قلت فَإِذا دخل الْمصر قبل ذهَاب الْوَقْت وَقد نوى الْإِقَامَة قبل أَن يذهب وَقت تِلْكَ الصَّلَاة كم يُصَلِّي قَالَ رَكْعَتَيْنِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ نوى الْإِقَامَة بعد فرَاغ الإِمَام من الصَّلَاة فَوَجَبت عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ فَعَلَيهِ أَن يتبع الإِمَام ويبنى على صلَاته مَا لم يتَكَلَّم فَإِن تكلم صلى أَرْبعا
قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل خُرَاسَان قدم الْكُوفَة وَأَرَادَ الْمقَام هُنَاكَ شهرا فَأَتمَّ الصَّلَاة ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى الْحيرَة فوطن نَفسه بهَا على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَأَتمَّ الصَّلَاة ثمَّ خرج من الْحيرَة يُرِيد خُرَاسَان فَمر بِالْكُوفَةِ فَأَدْرَكته الصَّلَاة كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن خرج من الْكُوفَة إِلَى الْحيرَة وَلم يوطن نَفسه على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَأَقَامَ بِالْحيرَةِ أَيَّامًا على تِلْكَ النِّيَّة وَهُوَ يتم الصَّلَاة ثمَّ خرج من الْحيرَة يُرِيد خُرَاسَان فَمر بِالْكُوفَةِ فَأَدْرَكته الصَّلَاة كم يُصَلِّي قَالَ أَربع رَكْعَات صَلَاة مُقيم لِأَنَّهُ مُقيم بعد لَا يقطع ذَلِك إِلَّا أَن يخرج مُسَافِرًا أَو يوطن

(1/299)


نَفسه على الْمقَام فِي بَلْدَة أُخْرَى خَمْسَة عشر يَوْمًا
قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل خُرَاسَان قدم الْكُوفَة فوطن نَفسه إِلَى الْإِقَامَة بهَا خَمْسَة عشر يَوْمًا أيتم الصَّلَاة حِين يدخلهَا قَالَ نعم قلت فَإِن أَقَامَ بهَا أَيَّامًا ثمَّ خرج وَهُوَ يُرِيد مَكَّة فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْقَادِسِيَّة ذكر حَاجَة لَهُ بِالْكُوفَةِ فَانْصَرف حَتَّى دخل الْكُوفَة وَهُوَ لَا يُرِيد الْإِقَامَة بهَا فَحَضَرت الصَّلَاة وَهُوَ بِالْكُوفَةِ كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد قطع لإقامته الأولى وَرجع إِلَى حَال السّفر

(1/300)


قلت فَإِن كَانَ هَذَا الرجل من أهل الْكُوفَة وَالْمَسْأَلَة على حَالهَا قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات وَلَا يشبه هَذَا الأول
قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الْكُوفَة خرج يُرِيد الْقَادِسِيَّة فِي حَاجَة لَهُ كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات قلت فَإِن خرج من الْقَادِسِيَّة إِلَى الْحيرَة وَهُوَ يُرِيد أَن لَا يجاوزها قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات قلت فَإِن فعل هَكَذَا مسيرَة يَوْم أَو يَوْمَيْنِ حَتَّى أَتَى مَكَّة كلما سَافر يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ كَانَ من نِيَّته أَن لَا يُجَاوز قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي فِي هَذَا كُله صَلَاة الْمُقِيم قلت فَإِن خرج إِلَى الْقَادِسِيَّة وَهُوَ لَا يُرِيد أَن يجاوزها ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى الحفيرة ثمَّ خرج وَهُوَ يُرِيد الشَّام

(1/301)


وَمر بالقادسية وَلَا يمر بِالْكُوفَةِ قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يخرج من الحفيرة مُقبلا فِيمَا بَينه وَبَين الْقَادِسِيَّة حَتَّى يَأْتِي الشَّام قلت فَإِن كَانَ لَهُ بالقادسية ثقل قد خَلفه فَخرج من الحفيرة إِلَى ثقلة فَحَمله مِنْهَا إِلَى الشَّام وَلم يمر بِالْكُوفَةِ قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن لم يَأْتِ الحفيرة وَلكنه يخرج من الْقَادِسِيَّة لحَاجَة لَهُ حَتَّى إِذا كَانَ قَرِيبا من الحفيرة بدا لَهُ أَن يرجع إِلَى الْقَادِسِيَّة فَيحمل ثقله مِنْهَا ويرتحل مِنْهَا إِلَى الشَّام وَلَا يمر بِالْكُوفَةِ قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي أَرْبعا حِين يرتحل مِنْهَا قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو خرج من الْقَادِسِيَّة فِي جَنَازَة أَو لغائط أَو بَوْل ثمَّ بدا لَهُ أَن يرتحل إِلَى الشَّام أَلَيْسَ كَانَ يُصَلِّي أَرْبعا حَتَّى يرتحل مِنْهَا قلت نعم قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء

(1/302)


قلت أَرَأَيْت رجلا أقبل من النّيل يُرِيد الْكُوفَة كم يُصَلِّي قَالَ أَرْبعا قلت فَإِن صلى أَرْبعا وَقدم الْكُوفَة وَوضع بهَا ثقله وَكَانَ يُصَلِّي أَرْبعا ثمَّ خرج فِي حَاجَة لَهُ إِلَى الْجَبانَة ثمَّ بدا لَهُ الشخوص إِلَى مَكَّة من وَجهه ذَلِك غير أَنه يُرِيد الْمَمَر على الْكُوفَة فَيحمل ثقله فَأتى الْكُوفَة كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات حَتَّى يشخص مِنْهَا لِأَن ثقله بِالْكُوفَةِ وَهُوَ غير مُسَافر فَلَا يجب عَلَيْهِ أَن يقصر الصَّلَاة حَتَّى يحمل ثقله من الْكُوفَة وَهُوَ يُرِيد السّفر قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ حِين أَقَامَ بِالْكُوفَةِ خرج من الْكُوفَة إِلَى الْقَادِسِيَّة وطالب غريما لَهُ بِمَا لَهُ خلف ثقله بِالْكُوفَةِ كم يُصَلِّي مَا بَينه وَبَين الْقَادِسِيَّة فِي مقَامه بالقادسية قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات قلت فَإِن أقبل من

(1/303)


الْقَادِسِيَّة وَهُوَ يُرِيد الشَّام وَيُرِيد أَن يمر بِالْكُوفَةِ فَيحمل ثقله ويمضي إِلَى الشَّام على حَاله قَالَ يُصَلِّي فِيمَا بَينه وَبَين الْكُوفَة حَتَّى يشخص مِنْهَا حَتَّى يَأْتِي الشَّام رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَن يوطن نَفسه على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا بِالْكُوفَةِ لِأَن الْقَادِسِيَّة قَرْيَة قد أَتَاهَا وَقد انْقَطع سكناهُ بِالْكُوفَةِ وَصَارَ مُسَافِرًا من الْقَادِسِيَّة قلت فَإِن خرج من الْكُوفَة أول مَا خرج وَهُوَ يُرِيد الرُّجُوع إِلَيْهَا ثمَّ أَرَادَ السّفر إِلَى الشَّام وَأَن يمر بِالْكُوفَةِ فَيحمل ثقله قَالَ هَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء فِي الْقيَاس وَلَكِن أستحسن بالجبانة وآخذ فِي الْقَادِسِيَّة بِالْقِيَاسِ أَلا ترى لَو أَن رجلا خرج من الْكُوفَة يُرِيد الْقَادِسِيَّة أتم الصَّلَاة فَإِن خرج من الْقَادِسِيَّة يُرِيد الحفيرة أتم الصَّلَاة فَإِن خرج كَذَلِك بثقله حَتَّى أَتَى بُسْتَان بني عَامر ثمَّ ترك ثقله فِي الْبُسْتَان وَخرج إِلَى مَكَّة فحج ثمَّ أقبل من مَكَّة يُرِيد الْكُوفَة وَمر على الْبُسْتَان فَحمل ثقله أَنه مُسَافر حِين خرج من مَكَّة وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي صَلَاة مُسَافر

(1/304)


قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل خُرَاسَان أقبل يُرِيد مَكَّة فَدخل الْكُوفَة فوطن نَفسه على إِقَامَة شهر قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات قلت فَإِن خرج من الْكُوفَة فِي جَنَازَة ثمَّ أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى مَكَّة من وَجهه ذَلِك وَأَن يمر بِالْكُوفَةِ فَيحمل ثقله قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات حَتَّى يحمل ثقله وَيخرج من الْكُوفَة فَإِذا خرج صلى رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن خرج من الْكُوفَة إِلَى مَكَّة فَنزل الْقَادِسِيَّة ثمَّ بدا لَهُ أَن يرجع إِلَى خُرَاسَان فَمر بِالْكُوفَةِ قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حِين يخرج من الْقَادِسِيَّة لِأَنَّهُ مُسَافر والكوفة لَيست بوطن لَهُ لِأَن وَطنه قد انْتقض حِين خرج يُرِيد مَكَّة قلت وَإِن كَانَ هَذَا رجلا من أهل الْكُوفَة وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات حَتَّى يدْخل الْكُوفَة وَمَا دَامَ بِالْكُوفَةِ فَإِذا خرج مِنْهَا مُتَوَجها إِلَى خُرَاسَان صلى رَكْعَتَيْنِ
- بَاب الْمُسَافِر فِي السَّفِينَة
-
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى الْفَرِيضَة فِي السَّفِينَة وَهُوَ يَسْتَطِيع

(1/305)


الْخُرُوج مِنْهَا قَالَ أحب إِلَى أَن يخرج مِنْهَا قلت فَإِن لم يفعل قَالَ يجْزِيه قلت فَإِن كَانُوا جمَاعَة فصلوا فِيهَا جمَاعَة قَالَ يجزيهم قلت فَإِن صلوا فِيهَا قعُودا وهم لَا يَسْتَطِيعُونَ الْقيام ويستطيعون الْخُرُوج من السَّفِينَة قَالَ يجزيهم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ إِمَام وَخَلفه قوم قعُود وَهُوَ يُصَلِّي بهم قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجزيهم إِذا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ الْقيام أَن يصلوا قعُودا

(1/306)


قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا صلى بالقوم فِي سفينة وَهِي تَدور فِي المَاء قَالَ عَلَيْهِم أَن يتوجهوا إِلَى الْقبْلَة كلما دارت السَّفِينَة بهم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا صلى فِي السَّفِينَة أَيْن يسْجد قَالَ يسْجد فِي الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى فِي السَّفِينَة تَطَوّعا يومى إِيمَاء حَيْثُ تَوَجَّهت بِهِ السَّفِينَة قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يَقْضِيهَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ دخل فِيهَا وأوجبها على نَفسه ثمَّ أفسدها بعد ذَلِك حِين أومى وَصلى لغير الْقبْلَة فَعَلَيهِ أَن يُعِيد الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت قوما مسافرين سافروا فِي السفن وَأَقَامُوا فِيهَا زَمَانا هَل يكملون الصَّلَاة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لأَنهم قوم مسافرون مَا كَانُوا فِي السفن قلت أَرَأَيْت صَاحب السَّفِينَة نَفسه إِذا كَانَ مَعَ هَؤُلَاءِ هَل يتم الصَّلَاة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بمنزلتهم قلت أَو لَيْسَ السَّفِينَة بِمَنْزِلَة بَيته الَّذِي يُقيم فِيهِ قَالَ لَا قلت فَإِن أَقَامَ فِي قريته الَّتِي هُوَ مِنْهَا ووطنه فِيهَا إِلَّا أَن منزله السَّفِينَة قَالَ هَذَا يتم الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى بِقوم مسافرين فِي سفينة فائتم بِهِ فِي سفينة أُخْرَى هَل يجزى أهل السَّفِينَة الأولى الَّذين يأتمون بِهِ قَالَ لَا يجزيهم

(1/307)


وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا قلت فَإِن كَانُوا فِي سفينتين مقرونتين قَالَ يجزيهم صلَاتهم وَهَذَا بِمَنْزِلَة سفينة وَاحِدَة
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى بِقوم فِي سفينة وَهِي واقفة وَإِلَى جنب الْجد قوم يأتمون بِهِ قَالَ إِن لم تكن بَينهم طَرِيق أَو لم يكن بَينهم من النَّهر شَيْء فصلاتهم تَامَّة وَإِن كَانَ بَينهم وَبَين السَّفِينَة طَرِيق أَو طَائِفَة من النَّهر فصلاتهم فَاسِدَة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الإِمَام يُصَلِّي على الْجد وَبَعض أَصْحَابه فِي السَّفِينَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم فِي السَّفِينَة وَبَعض أَصْحَابه على الأطلال قَالَ إِن لم يَكُونُوا قُدَّام الإِمَام فصلاتهم تَامَّة وَإِن

(1/308)


كَانُوا قُدَّام الإِمَام فصلاتهم فَاسِدَة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الإِمَام فَوق الأطلال وَالْقَوْم تَحْتَهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى على الْجد فَانْقَلَبت سفينته فخاف إِن أقبل على صلَاته وَتركهَا أَن تغرق سفينته قَالَ يقطع صلَاته وَيَأْتِي سفينته فيستوثق مِنْهَا ثمَّ يعود فيستقبل الصَّلَاة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت دَابَّة أَو شَيْء من مَتَاعه فنحاف أَن يذهب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ رَاع فتخوف على غنمه السَّبع قَالَ نعم

(1/309)


- بَاب السَّجْدَة
-
قلت أَرَأَيْت الرجل يقْرَأ السُّورَة كلهَا فِيهَا السَّجْدَة أتكره لَهُ أَن يكف عَن قِرَاءَة السَّجْدَة من بَين السُّورَة قَالَ نعم أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن فعل ذَلِك قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
قلت أَرَأَيْت رجلا قَرَأَ السَّجْدَة من بَين السُّورَة هَل تكره لَهُ ذَلِك قَالَ أحب إِلَى أَن يَقْرَأها وآيات مَعهَا وَإِن لم يقْرَأ مَعهَا شَيْئا لم يضرّهُ ذَلِك قلت فَهَل عَلَيْهِ أَن يسجدها إِذا قَرَأَهَا وَحدهَا أَو مَعَ آيَات قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قَرَأَهَا وَهُوَ على غير وضوء أيتيمم وَيسْجد قَالَ لَا وَلَكِن يتَوَضَّأ وَيسْجد قلت فَإِن تيَمّم وَسجد قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يتَوَضَّأ وَيُعِيد قلت وَلم لَا يجْزِيه التَّيَمُّم قَالَ إِذا كَانَ يقدر على المَاء فَلَا يجْزِيه لِأَنَّهُ لَا يتخوف فَوت

(1/310)


السَّجْدَة قلت وَكَذَلِكَ لَو سَمعهَا من غَيره قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا سمع السَّجْدَة من صبي أَو من امْرَأَة حَائِض أَو من رجل جنب قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدها قلت فَإِن سَمعهَا من رجل كَافِر قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدها لِأَنَّهَا قد وَجَبت عَلَيْهِ وَلَا يُبْطِلهَا عَنهُ مَا ذكرت
قلت أَرَأَيْت جنبا سمع السَّجْدَة قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْجد إِذا اغْتسل
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَائِضًا سَمِعت السَّجْدَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَن تسْجد وَلَيْسَ عَلَيْهَا الْقَضَاء قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا تدع مَا هُوَ أعظم من السَّجْدَة الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فَلَا يجب عَلَيْهَا أَن تقضيها
قلت أَرَأَيْت رجلا قَرَأَ السَّجْدَة وَمَعَهُ قوم قد سمعوها مِنْهُ أيسجدون مَعَه قَالَ نعم قلت فَهَل لَهُم أَن يرفعوا رُؤْسهمْ قبل الإِمَام

(1/311)


قَالَ لَا قلت فَإِن رفعوا رُؤْسهمْ قبله قَالَ يجزيهم قلت أَرَأَيْت إِن لم يرفعوا رُؤْسهمْ قبله وَلَكِن سجدوها مَعَه وفرغوا مِنْهَا ثمَّ ذهب بعض الْقَوْم وَبَقِي بعض ثمَّ جَاءَ بعض من ذهب فَقَرَأَ تِلْكَ السَّجْدَة أَو قَرَأَ بعض مَا بَقِي قَالَ لَيْسَ على أحد مِنْهُم أَن يسْجد إِلَّا الَّذِي ذهب ثمَّ جَاءَ فَإِن عَلَيْهِ أَن يسْجد لَهَا قلت لم قَالَ إِذا سَمعهَا الرجل فَسجدَ لَهَا أَو قَرَأَهَا فَسجدَ لَهَا ثمَّ سَمعهَا بعد ذَلِك أَو قَرَأَهَا وَهُوَ فِي مَجْلِسه لم يكن عَلَيْهِ أَن يسْجد إِلَّا أَن يكون قد قَامَ من مَجْلِسه ثمَّ ذهب ثمَّ رَجَعَ فَعَلَيهِ أَن يسجدها قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْقَوْم فِي مجلسهم ذَلِك فَسَمِعُوا سَجْدَة غَيرهَا قَالَ عَلَيْهِم أَن يسجدوها قلت وَكَذَلِكَ لَو سمعُوا سَجْدَة بعد سَجْدَة حَتَّى يمر بِكُل سَجْدَة فِي الْقُرْآن قَالَ نعم قلت وَلَا يَسْجُدُونَ لَهَا وَقد سجدوا لَهَا مرّة قَالَ نعم إِلَّا أَن يَكُونُوا قَامُوا من مجلسهم ذَلِك أَو قَامَ بَعضهم فَذهب فعلى من قَامَ إِذا سَمعهَا أَن يسجدها
قلت وَكم تعد فِي الْقُرْآن من سَجْدَة قَالَ الَّتِي فِي آخر الْأَعْرَاف

(1/312)


وَالَّتِي فِي الرَّعْد وَالَّتِي فِي النَّحْل وَالَّتِي فِي بني إسرآئيل وَالَّتِي فِي مَرْيَم وَالَّتِي فِي الْحَج وَالَّتِي فِي الْفرْقَان وَالَّتِي فِي النَّمْل وَالَّتِي فِي تَنْزِيل السَّجْدَة وَالَّتِي فِي ص وَالَّتِي فِي حم السَّجْدَة وَالَّتِي فِي النَّجْم وَالَّتِي فِي إِذا السَّمَاء انشقت وَالَّتِي فِي إقرأ باسم رَبك قلت أَرَأَيْت الَّتِي فِي آخر الْحَج سَجْدَة هِيَ أم لَا قَالَ لَيست بِسَجْدَة
قلت أَرَأَيْت كل شَيْء مِمَّا ذكرت إِذا تلاه هُوَ أَو سَمعه من غَيره أعليه أَن يسْجد قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ رَاكِبًا فَسَمعَهَا أَو تَلَاهَا قَالَ نعم يومى إِيمَاء قلت فَإِن سَمعهَا وَهُوَ ماش أَو تَلَاهَا يجْزِيه أَن يومى إِيمَاء قَالَ لَا قلت من أَيْن اخْتلف الرَّاكِب والماشي قَالَ الْمَاشِي بِمَنْزِلَة الْقَائِم والقاعد أَلا ترى لَو أَن رجلا قَرَأَ السَّجْدَة فِي صلَاته وَهُوَ قَائِم أَن عَلَيْهِ أَن يسْجد لَهَا فَكَذَلِك الْمَاشِي وَأما الرَّاكِب فقد جَاءَ فِيهِ أثر أَنه يومى إِيمَاء

(1/313)


قلت أَرَأَيْت الرجل يقْرَأ السَّجْدَة وَهُوَ فِي صَلَاة والسجدة فِي آخر السُّورَة إِلَّا آيَة بقيت من السُّورَة بعد آيَة السَّجْدَة قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ركع بهَا وَإِن شَاءَ سجد بهَا قلت فَإِن أَرَادَ أَن يرْكَع بهَا ختم السُّورَة ثمَّ ركع بهَا أيجزيه قَالَ نعم قلت فَإِن أَرَادَ أَن يسْجد بهَا سجد عِنْد الْفَرَاغ من السَّجْدَة ثمَّ يقوم فيتلو مَا بعْدهَا من السُّورَة وَهُوَ آيتان أَو ثَلَاث ثمَّ يرْكَع قَالَ نعم إِن شَاءَ وَإِن وصل بِسُورَة أُخْرَى فَهُوَ أحب إِلَيّ قلت فَإِن كَانَت سَجْدَة فِي آخر سُورَة لَيْسَ مَعهَا شَيْء فَسجدَ بهَا ثمَّ قَامَ قَالَ لَا بُد لَهُ أَن يقْرَأ سُورَة

(1/314)


أَو آيَات من سُورَة أُخْرَى فيركع بهَا قلت فَإِن كَانَت السَّجْدَة فِي وسط السُّورَة كَيفَ يصنع لَهَا قَالَ يسْجد لَهَا ثمَّ يقوم فَيقْرَأ مَا بَقِي أَو مَا بدا لَهُ مِنْهَا ثمَّ يرْكَع
قلت فَإِن أَرَادَ أَن يرْكَع بِالسَّجْدَةِ بِعَينهَا هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ أما فِي الْقيَاس فالركعة فِي ذَلِك والسجدة سَوَاء لِأَن كل ذَلِك صَلَاة أَلا ترى إِلَى قَول الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وخر رَاكِعا} وتفسيرها خر سَاجِدا والركعة والسجدة سَوَاء فِي الْقيَاس وَأما فِي الِاسْتِحْسَان فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَن يسجدها وبالقياس نَأْخُذ قلت فَإِن أَرَادَ أَن يسْجد وَهُوَ رَاكِع كَيفَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يصنع قَالَ يرفع رَأسه من الرُّكُوع فيخر سَاجِدا ثمَّ يرفع رَأسه فَيقوم فَيَعُود إِلَى حَال رُكُوعه قلت وَكَذَلِكَ لَو نسي سَجْدَة من الرَّكْعَة الأولى فَذكرهَا وَهُوَ رَاكِع فِي الثَّانِيَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو ذكرهَا وَهُوَ ساجد فَرفع رَأسه فَسجدَ الَّتِي ذكر ثمَّ يعود فِي هَذِه السَّجْدَة الَّتِي كَانَ فِيهَا قَالَ نعم قلت فَهَل يَكْتَفِي بِمَا كَانَ مِنْهَا قَالَ إِن شَاءَ اكْتفى بهَا قلت فَهَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت فَإِن ذكرهَا بعد مَا تشهد وَسلم وَهُوَ فِي مَجْلِسه لم يقم وَلم يتَكَلَّم قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدها ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو قلت فَإِن كَانَ قد تكلم أَو خرج من الْمَسْجِد والسجدة

(1/316)


من صلب الصَّلَاة قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل الصَّلَاة قلت فَإِن كَانَت السَّجْدَة من تِلَاوَة قَالَ صلَاته تَامَّة قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست من صلب الصَّلَاة فَإِذا تَركهَا صَاحبهَا لم يكن عَلَيْهِ شَيْء قلت فَإِن ذكرهَا قبل أَن يتَكَلَّم وَقبل أَن يقوم من مَجْلِسه وَهُوَ إِمَام أيسجدها وَيسْجد مَعَه من خَلفه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن دخل مَعَه رجل فِي الصَّلَاة على تِلْكَ الْحَال هَل يكون دَاخِلا فِي صلَاته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مُسَافِرًا وَالْإِمَام مُقيم فَدخل مَعَه فِي هَذِه الْحَال وَجب عَلَيْهِ صَلَاة مُقيم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مَرِيضا سمع سَجْدَة التِّلَاوَة وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع أَن يسْجد أيومى إِيمَاء قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَا يَسْتَطِيع أَن يقْعد أومى إِيمَاء وَهُوَ مُضْطَجع قَالَ نعم قلت لم قَالَ أَلا ترى أَنه يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة هَكَذَا وَهِي أوجب من السَّجْدَة
قلت أَرَأَيْت الرجل سمع السَّجْدَة وَهُوَ على غير وضوء وَلَا يجد المَاء فيتيمم وَيسْجد يجْزِيه قَالَ نعم قلت لم قَالَ أَلا ترى أَنه لَو صلى الْمَكْتُوبَة هَكَذَا أجزاه
قلت أَرَأَيْت رجلا سمع السَّجْدَة أَو تَلَاهَا وَنسي أَن يسْجد ثمَّ افْتتح الصَّلَاة فَذكر تِلْكَ السَّجْدَة أيقضيها وَهُوَ فِي الصَّلَاة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن السَّجْدَة لَيست من هَذِه الصَّلَاة فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يدْخل فِي شَيْء من هَذِه الصَّلَاة شَيْئا من غَيرهَا قلت فَإِن سمع السَّجْدَة

(1/317)


وَهُوَ فِي الصَّلَاة أيسجد لَهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَلَاهَا غَيره وَلَيْسَت من صلَاته قلت فَإِن سجد لَهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاة قَالَ قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة قلت فَهَل يجزى عَنهُ قَالَ لَا يجزى عَنهُ وَعَلِيهِ أَن يَقْضِيهَا بعد مَا يسلم
قلت أَرَأَيْت رجلا تَلا السَّجْدَة أَو سَمعهَا من غَيره فسجدها لغير الْقبْلَة مُتَعَمدا لذَلِك أَو جَاهِلا قَالَ إِن كَانَ تعمد لذَلِك لم يجزه وَإِن كَانَ جَاهِلا أجزاه
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ سجدها للْقبْلَة فَضَحِك فِيهَا حَتَّى قهقه أَو أحدث فِيهَا قَالَ إِذا أحدث أَو ضحك فقد أفسدها وَعَلِيهِ فِي الْحَدث أَن يُعِيد الْوضُوء وَيُعِيد السَّجْدَة وَأما فِي الضحك فَعَلَيهِ أَن يُعِيد السَّجْدَة وَلَا يُعِيد الْوضُوء قلت لم لَا يُعِيد الْوضُوء إِذا قهقه فِي السَّجْدَة قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بِصَلَاة أَلا ترى أَنه لَا قِرَاءَة فِيهَا وَلَا تشهد
قلت أفيكبر إِذا سجد وَإِذا رفع رَأسه قَالَ نعم قلت فَإِن

(1/318)


ترك ذَلِك قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا قَرَأَ السَّجْدَة يَوْم الْجُمُعَة قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدها وَيسْجد مَعَه من خَلفه
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا قَرَأَ السَّجْدَة فِي صَلَاة لَا يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ قَالَ لَيْسَ يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يقْرَأ بِسُورَة فِيهَا سَجْدَة من صَلَاة لَا يجْهر فِيهَا بِالْقُرْآنِ فَإِن فعل ذَلِك كَانَ عَلَيْهِ أَن يسجدها وَيسْجد مَعَه أَصْحَابه قلت لم وَلم يسْمعهَا أَصْحَابه قَالَ لِأَنَّهُ إمَامهمْ وَهُوَ مَعَهم فِي الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت رجلا قَرَأَ السَّجْدَة خلف الإِمَام وَهُوَ يسر بِالْقِرَاءَةِ أيسجدها قَالَ لَا قلت لم وَقد قَرَأَهَا فِي الصَّلَاة قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُخَالف إِمَامه وَلَا يصنع شَيْئا لم يجب على إِمَامه قلت فَهَل عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا بعد مَا يفرغ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قَرَأَهَا خلف الإِمَام وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يَقْضِيهَا إِذا فرغ من صلَاته لِأَنَّهَا لَيست من الصَّلَاة فَكَأَنَّهُ قد سَمعهَا من غَيره قلت فَإِن سمع سَجْدَة من غَيره وَهُوَ فِي الصَّلَاة خلف الإِمَام قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسجدها حَتَّى يفرغ الإِمَام من صلَاته فَإِذا فرغ الإِمَام من صلَاته سجدها
قلت أَرَأَيْت رجلا سمع الإِمَام يقْرَأ السَّجْدَة وَلَيْسَ الرجل مَعَه فِي الصَّلَاة هَل عَلَيْهِ أَن يسجدها قَالَ نعم قلت فَإِن دخل الرجل مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة قبل أَن يسجدها فسجدها مَعَه أجزاه وَلم يجب

(1/319)


عَلَيْهِ أَن يسجدها إِذا فرغ وَإِن دخل مَعَه بعد مَا سجدها فصلى مَعَ الإِمَام الصَّلَاة كلهَا هَل عَلَيْهِ أَن يسجدها بعد مَا يفرغ من صلَاته وَقد كَانَ الإِمَام سجدها قبل أَن يدْخل مَعَه هَذَا الدَّاخِل فِي صلَاته قَالَ لَا قلت لم أَلَيْسَ قد وَجَبت عَلَيْهِ قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة قَالَ بلَى قد وَجَبت عَلَيْهِ كَمَا وَجَبت على الإِمَام فَإِذا صلى تِلْكَ الصَّلَاة وَفرغ مِنْهَا فقد صلى مَا كَانَ على الإِمَام فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا أَلا ترى أَنه لَو دخل مَعَ الإِمَام فِي تِلْكَ الصَّلَاة وَهُوَ يَنْوِي التَّطَوُّع ثمَّ أفسدها ثمَّ دخل مَعَه أَيْضا فِي تِلْكَ الصَّلَاة وَهُوَ يَنْوِي تَطَوّعا آخر لم يكن عَلَيْهِ قَضَاء الأولى إِذا فرغ من هَذِه الْأُخْرَى

(1/320)


قلت أَرَأَيْت السَّجْدَة هَل فِيهَا تَسْلِيم قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَائِضًا قَرَأت السَّجْدَة فَسَمعَهَا مِنْهَا رجل هَل عَلَيْهِ أَن يسجدها قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَرَأَهَا صبي أَو رجل كَافِر أَو رجل جنب قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا سمع السَّجْدَة وَهُوَ يُصَلِّي وَالَّذِي قَرَأَهَا لَيْسَ فِي الصَّلَاة قَالَ على الرجل الَّذِي يُصَلِّي إِذا فرغ من صلَاته أَن يسجدها

(1/321)


وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن قَرَأَ الرجل الَّذِي يُصَلِّي تِلْكَ السَّجْدَة بِعَينهَا فِي الصَّلَاة بعد مَا سَمعهَا فَإِنَّهُ يسجدها وتجزيه من سَمَاعه الأولى وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَو كَانَ الرجل الَّذِي يُصَلِّي هُوَ الَّذِي قَرَأَهَا أول مرّة ثمَّ سَمعهَا من ذَلِك الرجل أجزاه أَن يسجدها فِي الصَّلَاة مِنْهُمَا جَمِيعًا قلت لم قَالَ لِأَن السّنة جَاءَت أَنه إِذا سمع سَجْدَة وَاحِدَة مرَارًا فِي مقْعد وَاحِد ومقام وَاحِد أجزاه من ذَلِك سَجْدَة وَاحِدَة حَدثنَا أَبُو سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن عمر بن يعلى بن مرّة الثَّقَفِيّ عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنه كَانَ يعلمهُمْ الْقُرْآن فيقرؤن السَّجْدَة عَلَيْهِ مرَارًا

(1/322)


فَلَا يسْجد لَهَا إِلَّا مرّة وَاحِدَة
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة وَسمع السَّجْدَة من رجل لَيْسَ فِي الصَّلَاة وَسمع تِلْكَ السَّجْدَة بِعَينهَا من رجل آخر ثمَّ قَرَأَ هُوَ تِلْكَ السَّجْدَة قَالَ يجْزِيه إِذا سجد لَهَا من الثَّلَاث سَجدَات قلت فَإِن سمع من رجل سَجْدَة ثمَّ سمع من آخر سَجْدَة غير تِلْكَ السَّجْدَة ثمَّ قَرَأَ هُوَ

(1/323)


سَجْدَة فَسجدَ لَهَا قَالَ عَلَيْهِ إِذا فرغ من صلَاته أَن يسْجد سَجْدَتَيْنِ لما كَانَ سمع قلت فَإِن سمع سَجْدَة وَهُوَ يُصَلِّي ثمَّ قَرَأَهَا هُوَ بِنَفسِهِ فَسجدَ لَهَا ثمَّ قَامَ فأحدث فَذهب فَتَوَضَّأ ثمَّ عَاد إِلَى مَكَانَهُ فَبنى على صلَاته ثمَّ قَرَأَ ذَلِك الرجل تِلْكَ السَّجْدَة بِعَينهَا قَالَ على الرجل إِذا فرغ من صلَاته أَن يسْجد هَذِه السَّجْدَة الَّتِي سَمعهَا لِأَنَّهُ حِين أحدث فَذهب فَتَوَضَّأ ثمَّ عَاد إِلَى مَكَانَهُ فَسمع السَّجْدَة فَعَلَيهِ أَن يسجدها لِأَن هذَيْن مقامان وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَو أَن رجلا قَرَأَ سَجْدَة فَسجدَ ثمَّ افْتتح الصَّلَاة مَكَانَهُ فَقَرَأَ تِلْكَ السُّورَة الَّتِي فِيهَا تِلْكَ السَّجْدَة كَانَ عَلَيْهِ أَن يسجدها أَيْضا وَلَو لم يكن سجد فِي الأولى حَتَّى دخل فِي الصَّلَاة ثمَّ قَرَأَهَا فسجدها أجزته من هَذِه الَّتِي فِي الصَّلَاة وَمن الأولى لِأَن الأولى قد وَجَبت عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْمقَام فَإِذا قَضَاهَا فِيهِ أجزته مِنْهُمَا جَمِيعًا أَلا ترى لَو أَن إِمَامًا

(1/324)


قَرَأَ السَّجْدَة فِي الصَّلَاة فَسَمعَهَا مِنْهُ رجل لَيْسَ مَعَه فِي الصَّلَاة كَانَ عَلَيْهِ أَن يسجدها فَإِن سجدها ثمَّ دخل مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة فسجدها الإِمَام كَانَ عَلَيْهِ أَن يسجدها مَعَه وَلَو لم يكن يسجدها حَتَّى دخل مَعَ الإِمَام فسجدها مَعَه أجزاه
قلت أَرَأَيْت رجلا قَرَأَ السَّجْدَة فسجدها وَأطَال الْقعُود ثمَّ قَرَأَهَا ثَانِيَة قَالَ تجزيه الأولى قلت فَإِن أكل أَو نَام مُضْطَجعا أَو أَخذ فِي بيع أَو شِرَاء أَو فِي عمل آخر يعرف أَنه قطع لما كَانَ فِيهِ قبل ذَلِك حَتَّى طَال ذَلِك ثمَّ عَاد فقرأها قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدها وَإِن نَام قَاعِدا أَو أكل لقْمَة أَو شرب شربة أَو عمل عملا يَسِيرا ثمَّ قَرَأَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسجدها بعد قِرَاءَته الأولى إِنَّمَا أستحسن إِذا طَال الْعَمَل أَن أوجبهَا عَلَيْهِ
وَإِذا قَرَأَ الرجل السَّجْدَة وَهُوَ فِي الصَّلَاة فسجدها ثمَّ قَرَأَهَا فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسجدها لِأَنَّهَا قد وَجَبت عَلَيْهِ فِي هَذِه الصَّلَاة مرّة فَلَا يجب عَلَيْهِ فِيهَا ثَانِيَة وَإِن طَالَتْ صلَاته فقرأها فِي أَولهَا وَآخِرهَا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يسجدها مرّة وَاحِدَة
قلت وَإِذا قَرَأَ الإِمَام سَجْدَة فِي رَكْعَة فَسجدَ لَهَا وَفرغ مِنْهَا ثمَّ أحدث فَقدم رجلا دخل مَعَه فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَقَرَأَ الإِمَام الثَّانِي تِلْكَ السُّورَة

(1/325)


وَتلك السَّجْدَة الَّتِي قَرَأَهَا الإِمَام الأول قَالَ عَلَيْهِ أَن يسجدها ويسجدها مَعَه الْقَوْم وَإِنَّمَا وَجَبت هَذِه السَّجْدَة على هَذَا الإِمَام الثَّانِي لِأَنَّهُ لم يسمع تِلْكَ السَّجْدَة الأولى وَلم تجب عَلَيْهِ فَلَمَّا قَرَأَهَا هُوَ وَجَبت عَلَيْهِ وعَلى أَصْحَابه
وَإِذا قَرَأَ الإِمَام السَّجْدَة وَهُوَ قَاعد فِي الصَّلَاة فسجدها ثمَّ سلم وَتكلم ثمَّ قَرَأَهَا ثَانِيَة فَعَلَيهِ أَن يسجدها لِأَن الثَّانِيَة قد وَجَبت عَلَيْهِ فِي غير الصَّلَاة وَالْأولَى إِنَّمَا وَجَبت عَلَيْهِ فِي الصَّلَاة فَإِذا سجدها وَسلم ثمَّ تكلم ثمَّ قَرَأَهَا فَلَا بُد لَهُ من أَن يسجدها فَإِن كَانَ لم يسجدها حَتَّى سلم وَتكلم ثمَّ قَرَأَهَا فسجدها فَإِنَّهُ يجْزِيه مِنْهُمَا جَمِيعًا
وَإِذا قَرَأَ الرجل السَّجْدَة فسجدها ثمَّ قَامَ فقرأها قبل أَن يتَحَوَّل أَو اضْطجع فقرأها لم يكن عَلَيْهِ أَن يسجدها ثَانِيَة وَإِن تحول أَو مَشى ثمَّ قَرَأَهَا فَعَلَيهِ أَن يسجدها إِذا تحول من ذَلِك الْمَكَان الَّذِي وَجَبت عَلَيْهِ فِيهِ
وَإِذا قَرَأَ الرجل سَجْدَة فسجدها ثمَّ قَرَأَ سُورَة طَوِيلَة أَو قَصِيرَة ثمَّ أعَاد فَقَرَأَ تِلْكَ السَّجْدَة لم يكن عَلَيْهِ أَن يسجدها لِأَن قِرَاءَة الْقُرْآن من السُّجُود

(1/326)


وَلَو قَرَأَهَا وَهُوَ رَاكب ثمَّ نزل فقرأها فَإِن كَانَ لم ينزل حَتَّى سَار فَهَذَا عمل وَعَلِيهِ سَجْدَتَانِ وَإِن كَانَ وَاقِفًا حِين قَرَأَهَا ثمَّ نزل مَكَانَهُ فقرأها فإنى أستحسن أَن يكون عَلَيْهِ سَجْدَة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ لَو قَرَأَهَا وَهُوَ قَاعد ثمَّ قَامَ فَركب ثمَّ قَرَأَهَا بعد مَا ركب فَإِن كَانَ سَار من ذَلِك الْمَكَان فَعَلَيهِ سَجْدَتَانِ وَإِن لم يكن سَار من ذَلِك الْمَكَان لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا سَجْدَة وَاحِدَة فَإِن سجدها على الدَّابَّة إِيمَاء فَإِن ذَلِك لَا يجْزِيه لِأَن السَّجْدَة وَجَبت عَلَيْهِ وَهُوَ نَازل وَلَو قَرَأَهَا ثمَّ نزل ثمَّ ركب تِلْكَ الدَّابَّة ثمَّ قَرَأَهَا أَيْضا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يسْجد سَجْدَة وَاحِدَة مَا لم يكن سائرا وَعمل عملا يطول ذَلِك
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَرَأَ الرجل السَّجْدَة وَهُوَ فِي الصَّلَاة خلف الإِمَام فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسجدها فِي الصَّلَاة لِأَنَّهُ إِن سجدها كَانَ مُخَالفا للامام وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا بعد فرَاغ الإِمَام لِأَنَّهُ قَرَأَهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَكَذَلِكَ لَو سَمعهَا مِنْهُ الإِمَام وَالْقَوْم فَلَا شَيْء عَلَيْهِم وَلَا يشبه هَذَا الَّذِي يقْرَأ السَّجْدَة وَهُوَ فِي غير الصَّلَاة فَسَمعَهَا الْقَوْم فعلى من

(1/327)


سَمعهَا أَن يسْجد لَهَا بعد الْفَرَاغ وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يسجدها من سَمعهَا إِذا فرغوا من الصَّلَاة ويسجدها الَّذِي قَرَأَهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة تَطَوّعا وَهُوَ رَاكب فَقَرَأَ سَجْدَة ثمَّ سَار سَاعَة ثمَّ ركع وَسجد للصَّلَاة ثمَّ قَرَأَهَا فِي االركعة الثَّانِيَة بعد مسيرَة سَاعَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسجدها إِلَّا مرّة وَاحِدَة لَهما جَمِيعًا لِأَنَّهَا صَلَاة وَاحِدَة لَا يسْجد فِيهَا سَجْدَة وَاحِدَة مرَّتَيْنِ وَهَذَا بِمَنْزِلَة سَجْدَتي السَّهْو أَلا ترى لَو أَن رجلا سَهَا فِي صَلَاة مرَارًا لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا سَجْدَتَانِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا الرَّاكِب الَّذِي يُصَلِّي

(1/328)


سمع السَّجْدَة من رجل فِي الرَّكْعَة الأولى ثمَّ سَار سَاعَة ثمَّ سَمعهَا من ذَلِك الرجل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَالَ عَلَيْهِ إِذا فرغ من صلَاته أَن يسْجد لَهما سَجْدَة وَاحِدَة قلت لم وَقد سَمعهَا من موطنين بَينهمَا مسير وَعمل قَالَ لِأَن هَذَا الْمسير وَالْعَمَل لَا يفرق بَين الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا صَلَاة وَاحِدَة
- بَاب الْمُسْتَحَاضَة
-
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَاضَت حِين زَالَت الشَّمْس هَل عَلَيْهَا قَضَاء تِلْكَ الصَّلَاة إِذا طهرت من حَيْضهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الصَّلَاة لَا تجب عَلَيْهَا آلا ترى أَنَّهَا لَو لم تَحض وسافرت فِي تِلْكَ

(1/329)


السَّاعَة كَانَ عَلَيْهَا أَن تصلي رَكْعَتَيْنِ وَلَو كَانَت الصَّلَاة وَجَبت عَلَيْهَا لم تجزها إِلَّا أَربع رَكْعَات أَلا ترى أَنَّهَا لَو كَانَت مسافرة فَزَالَتْ الشَّمْس وَهِي مسافرة ثمَّ قدمت فأقامت أَن عَلَيْهَا أَربع رَكْعَات وَلَو كَانَت الصَّلَاة قد وَجَبت عَلَيْهَا قبل أَن تقيم كَانَ عَلَيْهَا أَن تصلي رَكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت إِن حَاضَت بعد ذهَاب وَقت الظّهْر وَلم تكن صلت قَالَ عَلَيْهَا إِذا طهرت أَن تقضيها لِأَن الصَّلَاة قد وَجَبت عَلَيْهَا قبل أَن تحيض وَإِنَّمَا وَجَبت الظّهْر عَلَيْهَا لِأَن الْوَقْت ذهب وَهِي طَاهِرَة
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة افتتحت الظّهْر فِي أول وَقتهَا فصلت رَكْعَة ثمَّ حَاضَت هَل يجب عَلَيْهَا أَن تقضي هَذِه الصَّلَاة إِذا طهرت قَالَ لَا قلت لم وَقد دخلت فِيهَا وَصَارَت الصَّلَاة وَاجِبَة عَلَيْهَا قَالَ الدُّخُول فِي هَذَا وَغَيره سَوَاء لَا يجب عَلَيْهَا الصَّلَاة حَتَّى يذهب الْوَقْت وَهِي طَاهِرَة وَلم تصل فَإِذا كَانَ هَكَذَا وَجب عَلَيْهَا أَن تقضيها إِذا طهرت
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة طهرت حِين زَالَت الشَّمْس هَل عَلَيْهَا أَن تصلي الظّهْر قَالَ نعم عَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي الظّهْر
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة إِن طهرت فِي آخر وَقت الظّهْر وَعَلَيْهَا

(1/330)


من الْوَقْت مَا لَو اغْتَسَلت لفرغت من غسلهَا قبل خُرُوج الْوَقْت فأخرت الْغسْل حَتَّى ذهب الْوَقْت قَالَ عَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي الظّهْر قلت فَإِن طهرت فِي آخر وَقت الظّهْر وَعَلَيْهَا من الْوَقْت مَا لَا تَسْتَطِيع أَن تَغْتَسِل فِيهِ حَتَّى يذهب الْوَقْت قَالَ لَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاء لِلظهْرِ وَعَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي الْعَصْر قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ إِذا طهرت وَهِي تَسْتَطِيع أَن تَغْتَسِل قبل ذهَاب الْوَقْت فأخرت ذَلِك فعلَيْهَا الْقَضَاء لِأَنَّهَا قد طهرت قبل ذهَاب الْوَقْت وَإِنَّمَا جَاءَ التّرْك من قبلهَا وَإِذا كَانَت لَا تَسْتَطِيع أَن تَغْتَسِل حَتَّى يذهب الْوَقْت لقلَّة مَا بَقِي من الْوَقْت فَهِيَ غير طَاهِرَة لِأَنَّهَا لم تطهر حَتَّى ذهب الْوَقْت لِأَن الطُّهْر هَهُنَا هُوَ الْغسْل أَلا ترى أَن زَوجهَا لَو طَلقهَا كَانَ يملك رَجعتهَا مَا لم تَغْتَسِل أَو يذهب وَقت تِلْكَ الصَّلَاة أَو لَا ترى لَو أَن امْرَأَة حَاضَت وطهرت فَلم تَغْتَسِل لم يكن لزَوجهَا أَن يُجَامِعهَا حَتَّى تَغْتَسِل أَو يذهب وَقت تِلْكَ الصَّلَاة الَّتِي طهرت فِيهَا فَإِذا ذهب وَقت تِلْكَ الصَّلَاة أَو اغْتَسَلت كَانَ لزَوجهَا أَن يُجَامِعهَا
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَاضَت يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ انْقَطع عَنْهَا الدَّم قَالَ لَيْسَ هَذَا بحيض وَلَا يكون الْحيض أقل من ثَلَاثَة أَيَّام قلت فَإِن كَانَت تركت الصَّلَاة فِي ذَلِك الْيَوْم أَو الْيَوْمَيْنِ قَالَ عَلَيْهَا أَن تقضي مَا تركت قلت فَهَل عَلَيْهَا غسل فِي انْقِطَاع الدَّم عَنْهَا قَالَ لَا قلت

(1/331)


لم قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بحيض أَلا ترى أَنَّهَا لَو رَأَتْ الدَّم سَاعَة ثمَّ انْقَطع عَنْهَا الدَّم لم يكن هَذَا بحيض وَلم يكن عَلَيْهَا غسل فَكَذَلِك الأول
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة كَانَ حَيْضهَا خَمْسَة أَيَّام فِي كل شهر ثمَّ زَاد يَوْمًا أَتُصَلِّي ذَلِك الْيَوْم قَالَ لَا وَهِي فِيهِ حَائِض قلت وَكَذَلِكَ لَو زَادَت خَمْسَة أَيَّام قَالَ نعم قلت فَإِن زَادَت على الْعشْرَة الْأَيَّام يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ قَالَ هَذِه مُسْتَحَاضَة فِيمَا يُزَاد على عشرَة أَيَّام فَتكون مُسْتَحَاضَة فِيمَا زَاد على أَيَّام أقرائها قلت فَهَل عَلَيْهَا قَضَاء مَا زَاد على أَيَّام أقرائها

(1/332)


قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن الْحيض لَا يكون أَكثر من عشرَة أَيَّام فَإِن زَادَت على عشرَة أَيَّام عرفنَا أَنَّهَا مُسْتَحَاضَة فِيمَا زَادَت على أَيَّام أقرائها وَإِن لم تزد على عشرَة أَيَّام فَهِيَ حَائِض وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَن تقضي شَيْئا من الصَّلَاة بلغنَا عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَرْبَعَة أَيَّام إِلَى عشرَة أَيَّام

(1/333)


قلت أَرَأَيْت امْرَأَة كَانَ حَيْضهَا خَمْسَة أَيَّام فِي أول كل شهر فَتقدم حَيْضهَا قبل ذَلِك بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة أَو خَمْسَة قَالَ هِيَ حَائِض أَلا ترى أَنَّهَا إِذا زَادَت على حَيْضهَا خَمْسَة أَيَّام كَانَت فِيهَا حَائِضًا فَكَذَلِك إِذا تقدّمت حَيْضَتهَا خَمْسَة أَيَّام كَانَت فِيهَا حَائِضًا
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَاضَت أول مَا حَاضَت فاستمر بهَا الدَّم كم تدع الصَّلَاة قَالَ عشرَة أَيَّام قلت فَإِذا مضى عشرَة أَيَّام كَيفَ تصنع قَالَ تَغْتَسِل وتحتشي وتتوضأ لوقت كل صَلَاة بعد ذَلِك وَلَا تقعد أقل من عشرَة أَيَّام وَلَا أَكثر من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وَقت نسائها خَمْسَة أَيَّام قَالَ لَا تنظر إِلَى ذَلِك لِأَن هَذَا لَيْسَ بِشَيْء قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت حَاضَت قبل ذَلِك سِنِين فَكَانَت تحيض خَمْسَة أَيَّام مرّة وَسَبْعَة أَيَّام مرّة أُخْرَى فَكَانَ حَيْضهَا يخْتَلف ثمَّ استحاضت كم تدع الصَّلَاة قَالَ أقل مَا كَانَت تقعد خَمْسَة أَيَّام وتغتسل وَتصلي قلت فَإِن كَانَ زَوجهَا قد طَلقهَا فَحَاضَت الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَمَضَت خَمْسَة أَيَّام قَالَ لَا يملك زَوجهَا رَجعتهَا قلت فَهَل لَهَا أَن تتَزَوَّج ساعتئذ قَالَ لَيْسَ لَهَا أَن تتَزَوَّج حَتَّى يمْضِي سَبْعَة أَيَّام

(1/334)


فَإِن تزوجت لم يجز النِّكَاح آخذ لَهَا فِي الصَّلَاة بالثقة فَتُصَلِّي وَهِي حَائِض أحب إِلَيّ من أَن تدع الصَّلَاة وَهِي طَاهِرَة وآخذ فِي التَّزْوِيج أَيْضا بالثقة فَلَا تتَزَوَّج حَتَّى يمْضِي أَكثر أَيَّامهَا
قلت أَرَأَيْت الْمُسْتَحَاضَة أتتوضأ لكل صَلَاة وتحتشي قَالَ نعم قلت وَتصلي الْمَكْتُوبَة وَمَا شَاءَت من التَّطَوُّع مَا دَامَت فِي وَقت تِلْكَ الصَّلَاة قَالَ نعم قلت فَإِن ذهب وَقت تِلْكَ الصَّلَاة انْتقض وضوؤها وَكَانَ عَلَيْهَا أَن تسْتَقْبل الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ عَلَيْهَا صلوَات قد نسيتهَا أَو جعلت لله على نَفسهَا أَن تصلي أَربع رَكْعَات أتصليها بِوضُوء وَاحِد مَا لم يذهب الْوَقْت قَالَ نعم تصلي مَا شَاءَت من فَرِيضَة أَو تطوع مَا دَامَت فِي وَقت تِلْكَ الصَّلَاة فَإِذا ذهب الْوَقْت فَإِن عَلَيْهَا أَن تعيد الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ بهَا جرح أَو قرحَة فَسَالَ مِنْهَا دم أَو قيح قَالَ هَذَا ينْقض وضوءها قلت فَإِن سَالَ الدَّم من حَيْضهَا أَو من الْجرْح بعد مَا تَوَضَّأت قَالَ الدَّم الَّذِي سَالَ من جرحها ينْقض وضوءها وَأما مَا سَالَ من حَيْضهَا فَإِنَّهُ لَا ينْقض وضوءها قلت وَكَذَلِكَ الرجل الَّذِي بِهِ جرح سَائل لَا يَنْقَطِع قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ المبطون

(1/335)


الَّذِي لَا يَنْقَطِع استطلاق بَطْنه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَاضَت فِي أَيَّام حَيْضهَا خَمْسَة أَيَّام ثمَّ طهرت يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ رَأَتْ الدَّم يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ هِيَ حَائِض وَعَلَيْهَا أَن تدع الصَّلَاة فَإِذا انْقَطع عَنْهَا الدَّم اغْتَسَلت قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو رَأَتْ الطُّهْر سَاعَة ثمَّ عاودها الدَّم ألم تكن حَائِضًا قلت بلَى قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء قلت فَإِن رَأَتْ الدَّم يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ انْقَطع الدَّم عَنْهَا يَوْمَيْنِ ثمَّ رَأَتْ الدَّم يَوْمَيْنِ ثمَّ انْقَطع عَنْهَا ثمَّ رَأَتْ الدَّم ثَلَاثَة أَيَّام وَهَذَا كُله فِي عشرَة أَيَّام قَالَ هَذَا حيض كُله وَعَلَيْهَا أَن تدع الصَّلَاة قلت فَإِن رَأَتْ الدَّم ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ انْقَطع عَنْهَا أَرْبَعَة أَيَّام ثمَّ عاودها الدَّم ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ هَذَا حيض قلت فَإِن رَأَتْ الدَّم سَبْعَة أَيَّام ثمَّ انْقَطع عَنْهَا يَوْمَيْنِ ثمَّ رَأَتْ الدَّم فِي الْيَوْم الْعَاشِر بعض النَّهَار ثمَّ انْقَطع الدَّم عَنْهَا قَالَ هَذَا كُله حيض وَعَلَيْهَا أَن تدع الصَّلَاة فَإِذا طهرت اغْتَسَلت وَلم يكن عَلَيْهَا الْقَضَاء فِي شَيْء من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة كَانَ حَيْضهَا خَمْسَة أَيَّام فَحَاضَت سِتَّة أَيَّام ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أُخْرَى سَبْعَة أَيَّام ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أُخْرَى سِتَّة أَيَّام

(1/336)


كم حَيْضهَا قَالَ سِتَّة أَيَّام قلت فَإِن كَانَ حَيْضهَا خَمْسَة أَيَّام فَحَاضَت سِتَّة أَيَّام ثمَّ حَاضَت ثَمَانِيَة أَيَّام ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أُخْرَى سَبْعَة أَيَّام كم حَيْضهَا قَالَ سَبْعَة أَيَّام قلت فَإِن حَاضَت سِتَّة أَيَّام ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أُخْرَى عشرَة أَيَّام ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أُخْرَى ثَمَانِيَة أَيَّام قَالَ حَيْضهَا ثَمَانِيَة أَيَّام كلما عاودها الدَّم مرَّتَيْنِ فِي يَوْم وَاحِد فحيضها ذَلِك
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة ترى فِي أَيَّام حَيْضهَا الصُّفْرَة أَو الكدرة قَالَ هَذَا حيض كُله وَهُوَ بِمَنْزِلَة الدَّم قلت فَإِن رَأَتْ الدَّم ثمَّ رَأَتْ الطُّهْر فِي نفَاسهَا فرأت حمرَة أَو صفرَة أَو كدرة هَل يكون هَذَا طهرا قَالَ لَا يكون هَذَا طهرا حَتَّى ترى الْبيَاض خَالِصا
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة كَانَ حَيْضهَا خمْسا فَحَاضَت خَمْسَة أَيَّام فِي أَيَّام أقرائها ثمَّ طهرت فاغتسلت ثمَّ صَامت ثَلَاثَة أَيَّام وصلت ثمَّ عاودها الدَّم يَوْمَيْنِ فِي الْعشْر هَل يجزيها مَا صَامت وصلت قَالَ لَا وَعَلَيْهَا أَن تعيد الصَّوْم قلت فَإِن حَاضَت خَمْسَة أَيَّام ثمَّ طهرت فصامت أَرْبَعَة أَيَّام ثمَّ عاودها الدَّم فِي الْيَوْم الْعَاشِر يَوْمًا تَاما قَالَ عَلَيْهَا أَن تعيد الصَّوْم وَلَا يجزيها قلت فَإِن حَاضَت خَمْسَة أَيَّام ثمَّ طهرت فصامت يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة ثمَّ عاودها الدَّم فاستمر بهَا شهرا قَالَ هَذِه

(1/337)


مُسْتَحَاضَة ويجزيها صَومهَا وصلاتها قلت فَإِن حَاضَت خَمْسَة أَيَّام ثمَّ طهرت ثمَّ صَامت وصلت عشرَة أَيَّام ثمَّ عاودها الدَّم قَالَ هِيَ مُسْتَحَاضَة ويجزيها مَا صَامت وصلت فِي الْعشْر وَبعد ذَلِك
قلت وكل شَيْء جَعلتهَا فِيهِ حَائِضًا فَلَيْسَ عَلَيْهَا فِيهِ صَلَاة وَلَا يَنْبَغِي لزَوجهَا أَن يقربهَا حَتَّى تطهر وتغتسل وَإِن كَانَت رَأَتْ الطُّهْر بَين تِلْكَ الْأَيَّام فصامت فِيهَا لم يجزها صَومهَا قَالَ نعم قلت وكل شَيْء جَعلتهَا فِيهِ مُسْتَحَاضَة فَإِنَّهَا تَصُوم فِيهِ وَتصلي ويأتيها زَوجهَا قَالَ نعم قلت فَإِن تركت فِيهَا الصَّلَاة وَالصَّوْم كَانَ عَلَيْهَا أَن تقضي قَالَ نعم
قلت وَلَا يكون الْحيض أقل من ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا أَكثر من عشرَة أَيَّام قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة كَانَ حَيْضهَا سِتَّة أَيَّام فَحَاضَت خَمْسَة أَيَّام فرأت الطُّهْر فاغتسلت فِي الْيَوْم الْخَامِس هَل ترى لزَوجهَا أَن يقربهَا قبل تَمام السِّت قَالَ أحب ذَلِك إِلَيّ أَن يكف عَنْهَا حَتَّى تمْضِي أَيَّامهَا الَّتِي كَانَت تحيض فِيهَا فَإِن فعل لم يضرّهُ قلت فَهَل على الْمَرْأَة أَن تدع الصَّلَاة وَالصَّوْم فِي ذَلِك الْيَوْم السَّادِس قَالَ لَا تدع الصَّلَاة وَالصَّوْم وَلكنهَا تَصُوم وَتصلي فَإِن كَانَت طَاهِرَة أجزاها وَإِن عاودها الدَّم فعلَيْهَا أَن تعيد الصَّوْم وَيَنْبَغِي لَهَا أَن تَأْخُذ بالثقة فتصوم وَتصلي
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة نفسَاء ولدت أول مَا ولدت فاستمر بهَا الدَّم أشهرا كم تدع الصَّلَاة قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَإِذا مَضَت أَرْبَعُونَ يَوْمًا اغْتَسَلت وَهِي بِمَنْزِلَة الْمُسْتَحَاضَة فِيمَا بعد ذَلِك تَصُوم وَتصلي وتقرأ

(1/338)


الْقُرْآن ويأتيها زَوجهَا قلت فَهَل تنظر إِلَى وَقت نسائها قَالَ لَا قلت فَإِن طهرت فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا قَالَ تَغْتَسِل وَتصلي وتصوم وَتَكون طَاهِرَة قلت فَإِن اغْتَسَلت وصلت وصامت خَمْسَة أَيَّام ثمَّ عاودها الدَّم خَمْسَة أَيَّام فِي الْأَرْبَعين قَالَ لَا يجزيها صَومهَا وصلاتها وَعَلَيْهَا أَن تقضي الصَّوْم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وَقتهَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ طهرت فِي عشْرين يَوْمًا فَمَكثت فِي خَمْسَة أَيَّام طَاهِرَة وصلت وصامت فِيهَا ثمَّ عاودها الدَّم حَتَّى استكملت أَرْبَعِينَ قَالَ هِيَ بِمَنْزِلَة الْحَائِض وَعَلَيْهَا أَن تقضي الصَّوْم قلت فَإِن طهرت فِي عشْرين يَوْمًا فصامت وصلت عشرَة أَيَّام ثمَّ عاودها الدَّم فاستمر بهَا شَهْرَيْن قَالَ هَذِه مُسْتَحَاضَة فِيمَا زَاد على ثَلَاثِينَ يَوْمًا قلت فَهَل تقضي الصَّلَاة وَالصَّوْم فِيمَا تركت من الْأَيَّام بعد الثَّلَاثِينَ قَالَ نعم قلت فَهَل يجزيها صَومهَا الْعشْرَة من الْأَيَّام الَّتِي صَامت قبل الثَّلَاثِينَ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت النُّفَسَاء ترى الصُّفْرَة أَو الكدرة أَو الْحمرَة قَالَ هَذَا

(1/339)


كُله بِمَنْزِلَة الدَّم
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة حَامِلا حَاضَت كل شهر وَهِي حَامِل قَالَ لَيْسَ ذَلِك بحيض وَلَا نِفَاس
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة ولدت ولدا وَفِي بَطنهَا آخر هَل تَصُوم وَتصلي حَتَّى تضع الآخر قَالَ لَا إِنَّمَا النّفاس من الْوَلَد الأول حَتَّى يتم الْأَرْبَعين قلت فَإِن صَامت وصلت بعد مَا ولدت الأول قبل أَن تَلد الآخر قَالَ لَا يجزيها لِأَنَّهَا نفسَاء فِي قَول أبي يُوسُف وَأبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد النّفاس من الْوَلَد الآخر وَلَا تكون نفسَاء وَفِي بَطنهَا ولد كَمَا تكون حَائِضًا وَهِي حَامِل وَهُوَ قَول زفر
قلت أَرَأَيْت السقط إِذا استبان خلقه هَل يكون بِمَنْزِلَة الْوَلَد وَتَكون الْمَرْأَة فِيهِ بِمَنْزِلَة النُّفَسَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة كم أقل مَا يكون بَين حَيْضهَا قَالَ أَكثر

(1/340)


مَا يكون الْحيض عشرَة أَيَّام وَأَقل مَا يكون ثَلَاثَة أَيَّام وَالطُّهْر أقل مَا يكون خَمْسَة عشر يَوْمًا فَإِذا رَأَتْ الدَّم فِي أقل من ذَلِك فَهِيَ مُسْتَحَاضَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت تحيض فِي كل شهر حيضتين قَالَ هَذِه مُسْتَحَاضَة قلت أَرَأَيْت إِن حَاضَت خَمْسَة أَيَّام ثمَّ طهرت خَمْسَة عشر يَوْمًا ثمَّ حَاضَت خَمْسَة أَيَّام هَل يكون هَذَا حيضا وَتَدَع فِيهِ الصَّلَاة وَالصَّوْم قَالَ نعم قلت فقد حَاضَت الْآن فِي الشَّهْر حيضتين وَقد زعمت أَنه لَا يكون الطُّهْر أقل من خَمْسَة عشر يَوْمًا قَالَ إِذا أحتسب بأيام طهرهَا وَأَيَّام حَيْضهَا كَانَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قلت أَرَأَيْت إِن قعدت بَين كل حيضتين ثَلَاثَة عشر يَوْمًا أَو أَرْبَعَة عشر يَوْمًا قَالَ هَذِه مُسْتَحَاضَة لِأَنَّهَا لَا يكون بَين حيضتين أقل من خَمْسَة عشر يَوْمًا

(1/341)


قلت أَرَأَيْت امْرَأَة أسقطت سقطا لم يتَبَيَّن شَيْء من خلقه أتعدها نفسَاء قَالَ لَا قلت فكم تدع الصَّلَاة قَالَ أَيَّام حَيْضهَا حَتَّى تستكمل مَا بَينهَا وَبَين الْعشْرَة الْأَيَّام قلت فَإِن اسْتمرّ بهَا الدَّم أَكثر من ذَلِك قَالَ هِيَ مُسْتَحَاضَة فِيمَا زَاد على أَيَّام أقرائها وَعَلَيْهَا أَن تقضي مَا تركت من الصَّلَاة قلت فَإِن كَانَت صَامت فِيمَا زَاد على أَيَّام أقرائها فِي الْعشْرَة قَالَ يجزيها قلت وَكَذَلِكَ الصَّلَاة قَالَ نعم وَإِذا تَوَضَّأت الْمُسْتَحَاضَة فِي وَقت الْعَصْر وَالدَّم مُنْقَطع فغربت الشَّمْس وَهِي طَاهِرَة ثمَّ رَأَتْ الدَّم فَإِنَّهَا تتوضأ وَالدَّم ينْقض طهرهَا فِي وَقت الْمغرب فَإِن سَالَ الدَّم فِي صَلَاة الْمغرب انصرفت

(1/342)


فَتَوَضَّأت ثمَّ بنت على صلَاتهَا قلت أَرَأَيْت لَو لم تَرَ الدَّم حَتَّى الْغَد وَهِي على وضوئها ثمَّ رَأَتْ الدَّم من الْغَد حِين زَالَت الشَّمْس أَتُصَلِّي بذلك الْوضُوء وَقت الطُّهْر كُله قَالَ لَا وَقد نقض الدَّم طهرهَا وَعَلَيْهَا الْوضُوء وَلَو كَانَت لبست الْخُفَّيْنِ قبل الْمغرب ثمَّ لم تَرَ الدَّم حَتَّى صلت رَكْعَتَيْنِ من الْمغرب ثمَّ رَأَتْ الدَّم كَانَ عَلَيْهَا أَن تَنْصَرِف وتتوضأ وتمسح وتبنى على صلَاتهَا وَلَو لم تَرَ الدَّم وَلم تدخل فِي الْمغرب حَتَّى تَوَضَّأت من غير حدث ثمَّ دخلت فِي الْمغرب فرأت الدَّم كَانَ عَلَيْهَا أَن تَنْصَرِف وتتوضأ وتبنى على صلَاتهَا وَلَو أحدثت قبل الْمغرب فَتَوَضَّأت ثمَّ دخلت فِي الْمغرب فرأت الدَّم فَإِنَّهَا تَنْصَرِف وتتوضأ وتبني على صلَاتهَا وَلَو أحدثت بعد هَذَا الدَّم كَانَ عَلَيْهَا الْوضُوء أَيْضا وَلكنه لَو سَالَ مِنْهَا الدَّم أجزاها فِي ذَلِك الْوَقْت الْوضُوء الَّذِي كَانَ بعد الدَّم إِذا تَوَضَّأت للدم أجزاها من الدَّم الْحَادِث وَلَا يجزيها من الْحَدث وَإِذا تَوَضَّأت من الْحَدث وَلم تَرَ الدَّم ثمَّ رَأَتْ الدَّم لم يجزها وضوء الْحَدث من الدَّم أَلا ترى لَو أَن رجلا رعف من أحد الأنفين رعافا لَا يَنْقَطِع فَتَوَضَّأ أَنه يجْزِيه لوقت الصَّلَاة كُله

(1/343)


وَلَو سَالَ من الْأنف الآخر دم نقض وضوءه فَهَذَا يبين لَك أَن الْحَدث ينْقض وضوء الْمُسْتَحَاضَة وَإِن دم الْمُسْتَحَاضَة ينْقض وضوء الْحَدث وَلَو تَوَضَّأت الْمُسْتَحَاضَة قبل الْمغرب وَلم تَرَ الدَّم بعد الْوضُوء حَتَّى صلت الْمغرب ثمَّ رَأَتْ الدَّم فَإِنَّهَا تعيد الْوضُوء وَالْمغْرب تَامَّة وَلَو كَانَت لبست الْخُفَّيْنِ قبل أَن ترى الدَّم أجزاها أَن تمسح عَلَيْهِمَا يَوْمًا وَلَيْلَة وَإِذا تَوَضَّأت الْمُسْتَحَاضَة وَالدَّم سَائل ولبست خفيها ثمَّ صلت رَكْعَة من الْعَصْر ثمَّ غَابَتْ الشَّمْس اسْتقْبلت الْوضُوء وَالصَّلَاة ونزعت خفيها وَلَو كَانَت لبستهما وَالدَّم مُنْقَطع ثمَّ صلت رَكْعَة ثمَّ رَأَتْ الدَّم ثمَّ غربت الشَّمْس تَوَضَّأت ومسحت على الْخُفَّيْنِ واستقبلت الصَّلَاة

(1/344)


وَلَو سَالَ من منخريها دم فَانْقَطع من أَحدهمَا وسال من الآخر كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة منخر وَاحِد يسيل لِأَن هَذَا شَيْء وَاحِد وَلَا يشبه هَذَا إِذا سَالَ من منخر وَاحِد فَتَوَضَّأت ثمَّ سَالَ من المنخر الآخر وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
- بَاب صَلَاة الْجُمُعَة
-
قلت أَرَأَيْت الْجُمُعَة هَل تجب على أهل السوَاد وَأهل الْجبَال قَالَ لَا تجب الْجُمُعَة إِلَّا على أهل الْأَمْصَار والمدائن قلت أَرَأَيْت قوما من أهل السوَاد اجْتَمعُوا فِي مَسْجِدهمْ فَخَطب لَهُم بَعضهم ثمَّ صلى بهم

(1/345)


الْجُمُعَة قَالَ لَا تجزيهم صلَاتهم وَعَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا الظّهْر قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانُوا مسافرين قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِالنَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ وَلم يخْطب قَالَ لَا يجْزِيه صلَاته وَلَا من خَلفه وَعَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا قلت فَإِن صلى بهم الظّهْر أَرْبعا وَترك الْجُمُعَة قَالَ يجْزِيه ويجزيهم وَقد أَسَاءَ الإِمَام فِي ترك الْجُمُعَة
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا أَرَادَ أَن يخْطب يَوْم الْجُمُعَة كَيفَ يخْطب قَالَ يخْطب قَائِما ثمَّ يجلس جلْسَة خَفِيفَة ثمَّ يقوم أَيْضا ويخطب
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب بِالنَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ جنب أَو على غير وضوء ثمَّ اغْتسل أَو تَوَضَّأ وَصلى بِالنَّاسِ هَل تجزيه صلَاته قَالَ نعم وَلكنه قد أَسَاءَ حِين دخل الْمَسْجِد وخطب وَهُوَ جنب
قلت فَهَل يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يقْرَأ سُورَة يَوْم الْجُمُعَة فِي خطبَته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب بِالنَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة فأحدث فَنزل فَتَوَضَّأ هَل يُعِيد الْخطْبَة قَالَ أَي ذَلِك فعل أجزاه
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب بِالنَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة فأحدث فَأمر رجلا

(1/346)


أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَالرجل لم يشْهد الْخطْبَة كم يُصَلِّي بهم قَالَ يُصَلِّي بهم أَربع رَكْعَات قلت فَإِن كَانَ شهد الْخطْبَة قَالَ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب بِالنَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ أحدث فَأمر رجلا أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقد شهد الرجل الْخطْبَة فَتقدم فَافْتتحَ الصَّلَاة ثمَّ أحدث فَتَأَخر وَقدم رجلا كم يُصَلِّي بهم هَذَا الرجل قَالَ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ يبْنى على صَلَاة الإِمَام قلت فَإِن أحدث الثَّانِي فَتَأَخر فَقدم رجلا كم يُصَلِّي بهم هَذَا الرجل الثَّالِث قَالَ رَكْعَتَيْنِ يبْنى على صَلَاة الإِمَام
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ أحدث فَأمر رجلا أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَالرجل جنب أَو على غير وضوء فَأمر الرجل رجلا غَيره مِمَّن قد شهد الْخطْبَة كم يُصَلِّي بهم قَالَ رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن كَانَ لم يشْهد الْخطْبَة قَالَ يُصَلِّي بهم أَربع رَكْعَات قلت فَإِن كَانَ الإِمَام لما أحدث أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَالرجل جنب أَمر على غير وضوء فَأمر عبدا أَو مكَاتبا أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقد شهد الْخطْبَة كم يُصَلِّي بهم قَالَ رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن تقدم العَبْد أَو الْمكَاتب فأحدث فَتَأَخر

(1/347)


وَقدم عبدا مثله قد شهد الْخطْبَة قَالَ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ يبْنى على صَلَاة الإِمَام قلت وَكَذَلِكَ لَو أحدث الثَّانِي فَقدم ثَالِثا قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ الأول الَّذِي أمره الإِمَام أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأمر هُوَ عبدا أَو مكَاتبا لم يشْهد الْخطْبَة كم يُصَلِّي بهم قَالَ أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فأحدث فَأمر صَبيا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فصلى بهم الصَّبِي قَالَ لَا يجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا قلت فَإِن لم يصل بهم الصَّبِي وَلكنه أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فصلى بهم الرجل كم يُصَلِّي بهم قَالَ أَربع رَكْعَات قلت لم قَالَ أَلا ترى أَن الصَّبِي لَو صلى بهم لم يجزيهم فَكَذَلِك أمره لَا يجوز قلت لم وَكَذَلِكَ لَو أَن الإِمَام حِين أحدث أَمر امْرَأَة أَن تصلي بِالنَّاسِ فصلت بِالنَّاسِ أَو أمرت رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَ نعم لَا يجزيهم قلت وَكَذَلِكَ لَو أَمر الإِمَام رجلا معتوها لَا يعقل أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأمر رجلا

(1/348)


غَيره يُصَلِّي بهم قَالَ نعم لَا يجزيهم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام حِين أحدث لم يَأْمر أحدا أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَتقدم صَاحب شرطة كم يُصَلِّي بهم قَالَ رَكْعَتَيْنِ قلت وَكَذَلِكَ لَو تقدم القَاضِي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يتَقَدَّم صَاحب شرطة وَلكنه أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ كم يُصَلِّي بهم قَالَ رَكْعَتَيْنِ إِن كَانَ الرجل قد شهد الْخطْبَة وَإِن كَانَ لم يشْهد الْخطْبَة صلى بهم أَربع رَكْعَات قلت فَإِن كَانَ الرجل قد شهد الْخطْبَة فَتقدم فَافْتتحَ الصَّلَاة ثمَّ أحدث فَتَأَخر وَقدم رجلا مِمَّن لم يشْهد الْخطْبَة كم يُصَلِّي بهم قَالَ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ يبْنى على صَلَاة الإِمَام قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الرجل الَّذِي أمره صَاحب الشرطة أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَتقدم فأحدث فَتَأَخر وَقدم عبدا أَو مكَاتبا قَالَ نعم إِن كَانَ أدْرك الْخطْبَة صلى رَكْعَتَيْنِ قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن القَاضِي أَمر رجلا أَو مكَاتبا أَو عبدا فَهُوَ على مَا وصفت لَك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن صَاحب الشرطة أَو القَاضِي أَمر رجلا جنبا أَو على غير وضوء فَأمر هَذَا الرجل

(1/349)


غَيره كَانَ على مَا وصفت لَك من أَمر الإِمَام قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَدخل فِي الصَّلَاة فأحدث بعد دُخُوله فَتَأَخر وَقدم رجلا مِمَّن شهد الْخطْبَة أَو مِمَّن لم يشْهد الْخطْبَة كم يُصَلِّي بهم قَالَ رَكْعَتَيْنِ قلت لم والداخل لم يشْهد الْخطْبَة قَالَ لِأَن النَّاس قد دخلُوا فِي الصَّلَاة وَهَذَا إِنَّمَا يبْنى على صَلَاة الإِمَام قلت فَإِن أحدث هَذَا الرجل الَّذِي قدمه الإِمَام فَتَأَخر وَقدم رجلا مِمَّن لم يشْهد الْخطْبَة قَالَ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ يبْنى على صَلَاة الإِمَام قلت وَكَذَلِكَ لَو أَمر عبدا أَو مكَاتبا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا خطب يَوْم الْجُمُعَة هَل يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَكَلَّم بِشَيْء من كَلَام النَّاس أومن حَدِيثهمْ قَالَ لَا قلت فَإِن فعل هَذَا هَل يقطع ذَلِك خطبَته قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن خطب الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة هَل يَنْبَغِي لمن مَعَ الإِمَام أَن يتكلموا قَالَ لَا قلت أفتكره أَن يذكرُوا الله تَعَالَى إِذا ذكره الإِمَام ويصلوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى عَلَيْهِ الإِمَام

(1/350)


قَالَ أحب إِلَيّ أَن يستمعوا وينصتوا قلت فَهَل يشمتون الْعَاطِس ويردون السَّلَام قَالَ أحب إِلَيّ أَن يستمعوا وينصتوا
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ الْحَمد لله أَو قَالَ سُبْحَانَ الله أَو قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله أَو ذكر الله أيجزيه من الْخطْبَة وَلم يزدْ على هَذَا شَيْئا قَالَ نعم يجْزِيه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة

(1/351)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجْزِيه حَتَّى يكون كلَاما يُسمى الْخطْبَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا بَأْس بالْكلَام قبل أَن يخْطب الإِمَام وَلَا بَأْس بالْكلَام إِذا نزل الإِمَام قبل أَن يفْتَتح الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا خرج هَل يقطع خُرُوجه الصَّلَاة قَالَ نعم قلت وَيَنْبَغِي لمن كَانَ فِي الصَّلَاة أَن يفرغ مِنْهَا وَيسلم إِذا خرج الإِمَام قَالَ نعم
قلت فَإِذا خطب الإِمَام كرهت الْكَلَام والْحَدِيث قَالَ نعم قلت فَهَل تكره ذَلِك قبل أَن يخْطب حِين يخرج قَالَ نعم قلت أفتكره الْكَلَام مَا بَين نُزُوله إِلَى دُخُوله فِي الصَّلَاة قَالَ نعم قلت وتحب للرجل أَن يسْتَقْبل الإِمَام إِذا خطب قَالَ نعم

(1/352)


قلت أَرَأَيْت الْأَذَان وَالْإِقَامَة مَتى هُوَ يَوْم الْجُمُعَة قَالَ إِذا صعد الإِمَام الْمِنْبَر أذن الْمُؤَذّن فَإِذا نزل أَقَامَ الصَّلَاة بعد فَرَاغه من الْخطْبَة
قلت أَرَأَيْت الرجل يقْرَأ الْقُرْآن وَالْإِمَام يخْطب أتكره لَهُ ذَلِك قَالَ أحب إِلَيّ أَن يستمع وينصت قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام ثمَّ ذكر أَن عَلَيْهِ صَلَاة الْفجْر قَالَ عَلَيْهِ أَن يقطع الْجُمُعَة وينصرف فَيبْدَأ فَيصَلي الْغَدَاة فَإِذا فرغ مِنْهَا دخل مَعَ الإِمَام فِي الْجُمُعَة إِن أدْركهُ فِي الصَّلَاة وَإِن لم يُدْرِكهُ صلى الظّهْر أَربع رَكْعَات وَالْجُمُعَة وَغَيرهَا فِي هَذَا سَوَاء أَلا ترى أَنه إِذا فَاتَتْهُ الْجُمُعَة كَانَت عَلَيْهِ الظّهْر وَالظّهْر فَرِيضَة فَلَيْسَ تفوته وَهَذَا قَول

(1/353)


أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد إِذا خَافَ الرجل أَن تفوته الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام صلى الْجُمُعَة ثمَّ قضى الصَّلَوَات الَّتِي ذكر بعد ذَلِك لِأَن الْجُمُعَة فَرِيضَة وَلَا تجزى إِلَّا مَعَ الإِمَام فتفوته إِذا فَاتَتْهُ مَعَ الإِمَام وَهُوَ قَول زفر قلت أَرَأَيْت إِن لم يقطع الْجُمُعَة وَلم ينْصَرف وَلكنه مضى عَلَيْهَا مَعَ الإِمَام حَتَّى فرغ مِنْهَا قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي الْفجْر ثمَّ الظّهْر
قلت أَرَأَيْت رجلا زحمه النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَلم يسْتَطع أَن يرْكَع وَيسْجد حَتَّى سلم الإِمَام كَيفَ يصنع قَالَ يرْكَع رَكْعَة ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ يقوم فيمكث سَاعَة ثمَّ يرْكَع رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ يتَشَهَّد ثمَّ يسلم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد ركع مَعَ الإِمَام رَكْعَة قَالَ يسْجد لَهَا سَجْدَتَيْنِ ثمَّ يقوم فيركع الثَّانِيَة وَيسْجد لَهَا سَجْدَتَيْنِ ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم قلت فَهَل يقْرَأ فِيمَا يقْضى قَالَ لَا لِأَنَّهُ قد أدْرك أول الصَّلَاة وَقِرَاءَة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة قلت فَإِن قَامَ يقْضِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَلم يقم فِيهَا قدر مِقْدَار قِرَاءَة الإِمَام أَو لم يقم فِيهَا قَالَ يجْزِيه إِذا استتم قَائِما ثمَّ يرْكَع الرَّكْعَة الثَّانِيَة

(1/354)


قلت أَرَأَيْت الرجل أحدث يَوْم الْجُمُعَة فخاف إِن ذهب يتَوَضَّأ أَن تفوته الْجُمُعَة هَل يجْزِيه أَن يتَيَمَّم وَيُصلي قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يتَوَضَّأ فَإِن لم يتَكَلَّم اعْتد بِمَا مضى من الْجُمُعَة وَصلى مَا بَقِي وَإِن تكلم اسْتقْبل الصَّلَاة فصلى الظّهْر أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا لَا يَسْتَطِيع أَن يشْهد الْجُمُعَة فصلى الظّهْر فِي بَيته أيصليها بِأَذَان وَإِقَامَة قَالَ إِن فعل فَحسن وَإِن لم يفعل أجزاه قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا لَا يَسْتَطِيع أَن يشْهد الْجُمُعَة فَيصَلي فِي بَيته الظّهْر ثمَّ وجد خفَّة فَأتى الْجُمُعَة فصلى مَعَ الإِمَام أيتها الْفَرِيضَة قَالَ الْجُمُعَة هِيَ الْفَرِيضَة قلت فَإِن وجد خفَّة حِين صلى الظّهْر فِي بَيته فَخرج وَهُوَ يُرِيد أَن يشْهد الْجُمُعَة فجَاء وَقد فرغ الإِمَام من الْجُمُعَة قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي الظّهْر أَربع رَكْعَات قلت لم وَقد صلى فِي بَيته قَالَ لِأَنَّهُ حِين خرج وَنوى أَن يشْهد الْجُمُعَة فقد بَطل مَا صلى فَإِذا لم يدْرك مَعَ الإِمَام الْجُمُعَة كَانَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي الظّهْر أَربع رَكْعَات وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا تنقض صلَاته إِلَّا أَن يدْخل فِي الْجُمُعَة

(1/355)


قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ فَدخل مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة ثمَّ أحدث فَذهب فَتَوَضَّأ فجَاء وَقد فرغ الإِمَام قَالَ إِن لم يتَكَلَّم صلى رَكْعَتَيْنِ وَبنى على صلَاته وَإِن تكلم اسْتقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا صلى الظّهْر فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قدم الْمصر فَأتى الْجُمُعَة فصلى مَعَ الإِمَام الْجُمُعَة أيتها الْفَرِيضَة قَالَ الْجُمُعَة هِيَ الْفَرِيضَة أستحسن ذَلِك وأدع الْقيَاس قلت فَإِن كَانَ حِين قدم خرج وَهُوَ يُرِيد الْجُمُعَة فَانْتهى إِلَى الْمَسْجِد وَقد صلى الإِمَام قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي الظّهْر أَربع رَكْعَات إِن كَانَ من أَهلهَا وَإِن كَانَ مُسَافِرًا صلى رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن انْتهى إِلَى الإِمَام فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة فصلى مَعَه رَكْعَة ثمَّ أحدث فَذهب

(1/356)


فَتَوَضَّأ فجَاء وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته قَالَ إِن لم يتَكَلَّم بنى على صَلَاة الإِمَام وَإِن تكلم اسْتقْبل الظّهْر
قلت أَرَأَيْت رجلا صَحِيحا صلى الظّهْر فِي أَهله وَلم يشْهد الْجُمُعَة فَلَمَّا فرغ من صلَاته بدا لَهُ أَن يشْهد الْجُمُعَة فجَاء فَدخل مَعَ الإِمَام فصلى مَعَه أيتها الْفَرِيضَة قَالَ الَّتِي أدْرك مَعَ الإِمَام هِيَ الْفَرِيضَة قلت فَإِن جَاءَ وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته قَالَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي الظّهْر أَربع رَكْعَات وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد صلَاته الأولى تَامَّة مَا لم يدْخل فِي الْجُمُعَة فَإِذا دخل فِي الْجُمُعَة بطلت الظّهْر الَّتِي صلى قلت أَرَأَيْت إِن انْتهى إِلَى الإِمَام حِين خرج من بَيته فَأدْرك مَعَه الصَّلَاة فأحدث فَذهب فَتَوَضَّأ وَجَاء وَقد فرغ الإِمَام قَالَ إِن لم يتَكَلَّم بنى على صَلَاة الإِمَام وَإِن كَانَ قد تكلم اسْتقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات قلت فَإِن كَانَ حِين دخل مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة صلى رَكْعَة ثمَّ ذكر أَنه لم يصل الْفجْر قَالَ يقطع الصَّلَاة وَيُصلي الْفجْر ثمَّ يدْخل مَعَ الإِمَام

(1/357)


فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف قلت فَإِن فرغ من الْفجْر وَقد صلى الإِمَام قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات قلت فَإِن تمّ عَلَيْهَا مَعَ الإِمَام وَلم يقطعهَا حَتَّى فرغ من صلَاته قَالَ لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ أَن يبْدَأ فَيصَلي الْفجْر ثمَّ يسْتَقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت عبدا أَو مكَاتبا صلى فِي أَهله يَوْم الْجُمُعَة الظّهْر ثمَّ أعتق فَنوى حِين أعتق أَن يشْهد الْجُمُعَة فجَاء إِلَى الإِمَام فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة فصلى مَعَه رَكْعَتَيْنِ قَالَ تجزيه وَهِي الْفَرِيضَة قلت فَإِن جَاءَ وَقد صلى الإِمَام قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ فَأدْرك مَعَ الإِمَام الصَّلَاة ثمَّ أحدث فَذهب فَتَوَضَّأ فجَاء وَقد فرغ الإِمَام قَالَ إِن لم يتَكَلَّم بنى على صلَاته وَإِن تكلم اسْتقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة صلت الظّهْر فِي بَيتهَا ثمَّ بدا لَهَا أَن تشهد الْجُمُعَة فَجَاءَت فَدخلت مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة فصلت مَعَه أَيَّتهمَا الْفَرِيضَة قَالَ الْجُمُعَة هِيَ الْفَرِيضَة قلت فَإِن جَاءَت وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته قَالَ عَلَيْهَا أَن تسْتَقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة قلت وَهِي فِي جَمِيع مَا ذكرت لَك بِمَنْزِلَة الرجل قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ أم الْوَلَد والمدبرة وَالْمُكَاتبَة إِذا أعتقت فَهِيَ فِي جَمِيع مَا ذكرت

(1/358)


لَك سَوَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة فصلى بهم الإِمَام فَلم يفرغ من صلَاته حَتَّى دخل وَقت الْعَصْر قَالَ فَسدتْ صلَاتهم وَعَلِيهِ أَن يسْتَقْبل بهم الظّهْر أَربع رَكْعَات وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما نَحن فنرى صلَاتهم تَامَّة إِذا كَانَ قد قعد قدر التَّشَهُّد قبل أَن يدْخل وَقت الْعَصْر وَإِن ضحك فِي هَذِه الْحَال كَانَ عَلَيْهِ الْوضُوء لصَلَاة أُخْرَى قلت فَإِن كَانَ الإِمَام ضحك فِي هَذِه الْحَال حَتَّى قهقه وَهُوَ يتَشَهَّد هَل عَلَيْهِ الْوضُوء بعد خُرُوج الْوَقْت لصَلَاة أُخْرَى قَالَ لَا قلت فَإِن دخل مَعَه رجل فِي الصَّلَاة على هَذِه الْحَال لم يكن دَاخِلا مَعَه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل الَّذِي لَا يُرِيد أَن يشْهد الْجُمُعَة وَلَيْسَ لَهُ عذر من مرض وَلَا غَيره مَتى يُصَلِّي الظّهْر قَالَ يُصليهَا حِين ينْصَرف الإِمَام من الْجُمُعَة قلت فَإِن صلى قبل ذَلِك قَالَ يجْزِيه

(1/359)


قلت أَرَأَيْت الإِمَام يمر بِمصْر من الْأَمْصَار أَو بِمَدِينَة من الْمَدَائِن فَيجمع يَوْم الْجُمُعَة بِأَهْلِهَا وَهُوَ مُسَافر هَل يجزيهم قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن الإِمَام فِي هَذَا لَا يشبه غَيره أَلا ترى أَنه لَا تكون جُمُعَة إِلَّا بِإِمَام
قلت أَرَأَيْت رجلا صلى بِالنَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ من غير أَن يَأْمُرهُ الْأَمِير قَالَ لَا يجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الظّهْر قلت فَإِن كَانَ الْأَمِير أمره بذلك أَو كَانَ خَليفَة الْأَمِير أَو صَاحب شرطة أَو القَاضِي قَالَ تجزيهم صلَاتهم
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا دخل مصرا من الْأَمْصَار فَشهد مَعَ أَهلهَا الْجُمُعَة هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم قلت لم وَهُوَ مُسَافر قَالَ إِذا دخل مَعَ قوم فِي الصَّلَاة صلى بصلاتهم أَلا ترى أَنه لَو دخل مَعَ مُقيم فِي الظّهْر كَانَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات أَو لَا ترى لَو أَن امْرَأَة أَو عبدا شهد الْجُمُعَة كَانَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا أَن يشْهد الْجُمُعَة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَفَزعَ النَّاس كلهم

(1/360)


فَذَهَبُوا كلهم إِلَّا رجلا وَاحِدًا بَقِي مَعَه كم يُصَلِّي مَعَ الإِمَام قَالَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات إِلَّا أَن يبقي مَعَه ثَلَاثَة رجال سواهُ فَيصَلي بهم الْجُمُعَة وَذَلِكَ أدنى مَا يكون قلت فَإِن كَانَ مَعَه عبيد أَو رجال أَحْرَار قَالَ يُصَلِّي يهم الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن بَقِي مَعَه نسَاء لَيْسَ مَعَهُنَّ رجل قَالَ يُصَلِّي بِهن الظّهْر أَربع رَكْعَات قلت من أَيْن اخْتلف العبيد وَالنِّسَاء وَلَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا الْجُمُعَة قَالَ لِأَن العبيد رجال وَلَيْسَ النِّسَاء كالرجال
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فصلى بهم رَكْعَة ثمَّ فزع النَّاس فَذَهَبُوا كلهم وَبَقِي وَحده كم يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ قلت فَإِن فزع النَّاس فَذَهَبُوا بعد مَا افْتتح الصَّلَاة قبل أَن يُصَلِّي رَكْعَة قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْتَقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات وَلَا يبْنى على شَيْء من صلَاته وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يمْضِي على الْجُمُعَة فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ افْتتح الْجُمُعَة فَلَا يُفْسِدهَا ذهَاب النَّاس عَنهُ وَلَو ذهب النَّاس عَنهُ قبل أَن يفْتَتح الْجُمُعَة كَانَ عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي الظّهْر أَربع رَكْعَات

(1/361)


قلت أَرَأَيْت رجلا صلى مَعَ الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة فَلم يقدر على السُّجُود فَسجدَ على ظهر رجل هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم يجْزِيه إِذا كَانَ لَا يقدر على السُّجُود
قلت أَرَأَيْت من صلى الْجُمُعَة فِي الطاقات أَو فِي السدة هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت من صلى الْجُمُعَة فِي دَار الصيارفة هَل يجزيهم قَالَ إِن كَانَ فِي الطاقات قوم يصلونَ وَكَانَت الصُّفُوف مُتَّصِلَة أجزاهم ذَلِك وَإِن لم يكن فِيهَا أحد يُصَلِّي فَلَا تجزيهم صلَاتهم لِأَن بَينهم وَبَين الإِمَام طَرِيقا
قلت أَرَأَيْت إِذا صف الْقَوْم يَوْم الْجُمُعَة بَين الأساطين فِي الْجُمُعَة وَغَيرهَا هَل تكره ذَلِك قَالَ لَا أكره وَلَيْسَ بِهِ بَأْس
قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك مَعَ الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة رَكْعَة أَو أدْرك الإِمَام فِي التَّشَهُّد قبل أَن يسلم أَو بعد مَا تشهد قبل أَن يسلم أَو أدْركهُ

(1/362)


بعد مَا سلم وَهُوَ فِي سَجْدَتي السَّهْو قَالَ أدْرك هَذَا مَعَه الصَّلَاة وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت رجلا أحدث وَهُوَ خلف الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة فَانْفَتَلَ فَذهب وَتَوَضَّأ وَقد فرغ الإِمَام من صلَاته كَيفَ يصنع قَالَ إِن كَانَ قد تكلم اسْتقْبل الظّهْر أَربع رَكْعَات وَإِن لم يتَكَلَّم بنى على صلَاته

(1/363)


حَتَّى يتم رَكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ يتَشَهَّد أيصلي الْجُمُعَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ أَرَأَيْت مُسَافِرًا دخل فِي صَلَاة مُقيم كم يُصَلِّي قلت يُصَلِّي صَلَاة مُقيم أَربع رَكْعَات قَالَ فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاء أَلا ترى لَو أَنه أدْرك مَعَ الإِمَام الصَّلَاة وَجَبت عَلَيْهِ صلَاته فَكيف يُصَلِّي غير صلَاته وَقد دخل فِي صلَاته ونواها وَقَالَ مُحَمَّد يُصَلِّي الْجُمُعَة أَرْبعا إِن لم يدْرك الرَّكْعَة الْآخِرَة وَهُوَ قَول زفر
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فِي وَقت الظّهْر اَوْ صلى الْجُمُعَة فِي وَقت الْعَصْر وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم غيم هَل تجزيهم صلَاتهم قَالَ لَا قلت فَإِن لم يخْطب حَتَّى ذهب وَقت الظّهْر ثمَّ خطب فِي وَقت الْعَصْر وَصلى الْجُمُعَة قَالَ لَا تجزيهم فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الظّهْر أَربع رَكْعَات
قلت أَرَأَيْت أَمِير عَسْكَر نزل بِالنَّاسِ فِي بَلْدَة وَهُوَ لَا يُرِيد براحا غير أَنه يسرح الْجنُود هَل عَلَيْهِ أَن يقصر الصَّلَاة قَالَ لَا قلت فَهَل عَلَيْهِ أَن يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ قَالَ نعم

(1/364)


قلت أَرَأَيْت إِمَامًا خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا فرغ من خطبَته قدم عَلَيْهِ أَمِير آخر أيصلي القادم بِخطْبَة الأول أم يُعِيد الْخطْبَة قَالَ إِن صلى بِخطْبَة الْأَمِير الأول صلى أَربع رَكْعَات وَإِن هُوَ خطب النَّاس صلى بهم رَكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم أتكره لَهُم أَن يصلوا الظّهْر فِي جمَاعَة يَوْم الْجُمُعَة قَالَ نعم أكره لَهُم ذَلِك إِذا كَانُوا فِي مصر قلت وَكَذَلِكَ إِذا كَانُوا فِي سجن أَو محبس قَالَ نعم وَإِن صلوا أجزاهم
قلت أَرَأَيْت الإِمَام هَل يجْهر بِالْقِرَاءَةِ يَوْم الْجُمُعَة قَالَ نعم
قلت فَمن يجب عَلَيْهِ أَن يَأْتِي الْجُمُعَة قَالَ على أهل الْأَمْصَار

(1/365)


قلت أفتجب على من كَانَ بزرارة أَو نَحْوهَا أَن يَأْتِي الْجُمُعَة بِالْكُوفَةِ قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ أهل الْحيرَة وَالْمَدينَة قَالَ نعم لَيْسَ تجب على هَؤُلَاءِ الْجُمُعَة
قلت أَرَأَيْت الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة أَهِي قبل الصَّلَاة أَو بعْدهَا قَالَ بل قبلهَا قلت فَإِن خطب بعْدهَا هَل تجزيهم قَالَ لَا قلت فَإِن صلى بهم الْجُمُعَة وخطب بعد ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا الْجُمُعَة بعد الْخطْبَة

(1/366)


قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة وَقد ركع وَرفع رَأسه من الرُّكُوع فأحدث الإِمَام فَقدم هَذَا الرجل فَسجدَ بهم قَالَ يجزيهم قلت فَهَل يجزى هَذَا الْمُقدم قَالَ يجْزِيه من سَجْدَتَيْنِ وَلَا يحْتَسب بهما من صلَاته لِأَنَّهُ لم يدْرك الرُّكُوع وَلَكِن يَجْعَل السَّجْدَتَيْنِ تَطَوّعا وَيُصلي الرَّكْعَة الَّتِي سبقه الإِمَام بهَا قلت فَكيف أجزى من خَلفه وَلَا يجْزِيه قَالَ لِأَنَّهُ لَو كَانَ خلف الإِمَام كَانَ عَلَيْهِ أَن يسجدهما
قلت أَرَأَيْت مُسَافِرًا شهد الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام فَأدْرك الْخطْبَة فَلَمَّا فرغ الإِمَام من خطبَته أحدث فقدمه قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة فصلى الْمُسَافِر بِالنَّاسِ الْجُمُعَة أتجزيهم صلَاتهم قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ العَبْد قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمُسَافِر لم يشْهد الْخطْبَة مَعَ الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة

(1/367)


إِلَّا أَنه حِين دخل الْمَسْجِد أحدث الإِمَام قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة فقدمه كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي بهم الظّهْر رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم ثمَّ يقوم النَّاس فيقضون رَكْعَتَيْنِ وحدانا بِغَيْر إِمَام
قلت أَرَأَيْت الإِمَام مَا يجب عَلَيْهِ أَن يقْرَأ فِي الْجُمُعَة قَالَ مَا قَرَأَ فَحسن وَيكرهُ أَن يُوَقت فِي ذَلِك وقتا قلت فأى سُورَة يَقْرَأها على الْمِنْبَر قَالَ مَا قَرَأَ فَحسن قلت فَإِن قَرَأَ على الْمِنْبَر سُورَة فِيهَا سَجْدَة أيسجدها وَيسْجد من مَعَه قَالَ نعم قلت فَإِن قَرَأَهَا فِي الصَّلَاة قَالَ يسجدها وَيسْجد من مَعَه قلت فَإِن لم يسجدها وَفرغ من صلَاته وَسلم هَل يسْجد النَّاس بعد ذَلِك قَالَ إِذا لم يسْجد الإِمَام فَلَا يسْجد من خَلفه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام حِين قَرَأَ السَّجْدَة أحدث قبل أَن يسجدها فَقدم رجلا أينبغي لذَلِك الرجل الْمُقدم أَن يسجدها وَيسْجد مَعَه النَّاس قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْجَيْش يغزون أَرض الْحَرْب فيحاصرون مَدِينَة

(1/368)


ويوطنون أنفسهم على إِقَامَة شهر هَل يجمع بهم إمَامهمْ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لأَنهم مسافرون قلت فَإِن صلى بهم إمَامهمْ الْجُمُعَة قَالَ لَا تجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا رَكْعَتَيْنِ لأَنهم مسافرون فَلَا يجزيهم أَن يصلوا الْجُمُعَة إِلَّا فِي مصر من الْأَمْصَار مَعَ الإِمَام
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى الْجُمُعَة بِالنَّاسِ فَلَمَّا فرغ من الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَامَ حَتَّى اسْتَوَى قَائِما قَالَ عَلَيْهِ أَن يقْعد ويتشهد وَيسلم وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو قلت فَإِن قَامَ فِي الظّهْر فِي الرَّابِعَة حَتَّى اسْتَوَى قَائِما هَل عَلَيْهِ أَن يقْعد فيتشهد وَيسلم ثمَّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو قَالَ نعم قلت فَإِن قَامَ فِي الظّهْر فِي الثَّانِيَة حَتَّى اسْتَوَى قَائِما قَالَ لَا يقْعد وَلكنه يمْضِي على صلَاته فَإِذا سلم سجد سَجْدَتي السَّهْو قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ لِأَن الْجُمُعَة إِنَّمَا هِيَ رَكْعَتَانِ وَقد تمت وَالظّهْر أَربع رَكْعَات لم تتمّ بعد فَإِذا اسْتَوَى فِي الثَّانِيَة قَائِما أَمرته أَن يمْضِي فِي صلَاته وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو إِذا فرغ من صلَاته قلت فَإِن لم يستو قَائِما وَلكنه نَهَضَ وَحين نَهَضَ ذكر قَالَ يقْعد فيتشهد وَيسلم فَإِذا فرغ من صلَاته سجد سَجْدَتي السَّهْو بعد ذَلِك إِن كَانَ فعل ذَلِك نَاسِيا وَإِن تعمد ذَلِك فقد

(1/369)


أَسَاءَ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا افْتتح الصَّلَاة تَطَوّعا وَهُوَ يَنْوِي أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات فَلَمَّا صلى الثَّانِيَة قَامَ فَذكر قبل أَن يستتم قَائِما قَالَ يقْعد فيفرغ من بَقِيَّة صلَاته وَعَلِيهِ سجدتا السَّهْو قلت فَإِن استتم قَائِما وَمضى على صلَاته هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ لَا يُرِيد أَن يُصَلِّي أَربع رَكْعَات فَلَمَّا قعد فِي الثَّانِيَة نَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى اسْتَوَى قَائِما ثمَّ ذكر قَالَ يقْعد فيتشهد وَيسلم وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو قلت وَكَذَلِكَ لَو نَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الْوتر أَو الْمغرب فَهُوَ مثل مَا وصفت لَك فِي الظّهْر وَالْعصر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل أيحتبي يَوْم الْجُمُعَة فِي الْمَسْجِد قَالَ إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ لم يفعل
- بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ
-
قلت أَرَأَيْت الْعِيدَيْنِ هَل يجب فيهمَا الْخُرُوج على أهل الْقرى

(1/370)


وَالْجِبَال والسواد قَالَ لَا إِنَّمَا يجب على أهل الْأَمْصَار والمدائن
قلت أَرَأَيْت الإِمَام يَوْم الْعِيد أيبدأ بِالْخطْبَةِ أَو بِالصَّلَاةِ قَالَ بل يبْدَأ بِالصَّلَاةِ فَإِذا فرغ خطب ثمَّ جلس جلْسَة خَفِيفَة ثمَّ

(1/371)


يقوم فيخطب وَيقْرَأ فِي خطبَته بِسُورَة من الْقُرْآن قلت أفتحب للْقَوْم أَن يستمعوا وينصتوا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت صَلَاة الْعِيدَيْنِ هَل فيهمَا أَذَان وَإِقَامَة قَالَ لَيْسَ فيهمَا أَذَان وَلَا إِقَامَة
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِن بَدَأَ بِالْخطْبَةِ فَخَطب ثمَّ صلى بهم هَل تجزيهم صلَاتهم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت التَّكْبِير فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ كَيفَ هُوَ قَالَ يقوم الإِمَام فيكبر وَاحِدَة يفْتَتح بهَا الصَّلَاة ثمَّ يكبر بعْدهَا ثَلَاثًا فَإِذا كبر قَرَأَ بِفَاتِحَة الْقُرْآن وبسورة فَإِذا فرغ من الْقِرَاءَة كبر الْخَامِسَة

(1/372)


فَرَكَعَ بهَا فَإِذا فرغ من رُكُوعه وَسُجُوده قَامَ فِي الثَّانِيَة فَبَدَا فَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْقُرْآن وبسورة فَإِذا فرغ من الْقِرَاءَة كبر ثَلَاث تَكْبِيرَات ثمَّ يكبر الرَّابِعَة فيركع بهَا ثمَّ يسْجد فَإِذا فرغ تشهد وَسلم قلت

(1/373)


فَهَل يرفع يَدَيْهِ فِي كل تَكْبِيرَة من هَذِه التسع تَكْبِيرَات قَالَ نعم قلت وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي تكبيرتين من هَذِه التسع وَإِنَّمَا يرفع فِي السَّبع مِنْهَا قَالَ نعم قلت فَأَيهمْ الَّتِي يرفع فِيهَا يَدَيْهِ قَالَ إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ ثمَّ يكبر ثَلَاثًا فيرفع يَدَيْهِ ثمَّ يكبر الْخَامِسَة

(1/374)


وَلَا يرفع يَدَيْهِ فَإِذا قَامَ فِي الثَّانِيَة وَقَرَأَ كبر ثَلَاث تَكْبِيرَات وَيرْفَع يَدَيْهِ ثمَّ يكبر الرَّابِعَة للرُّكُوع وَلَا يرفع يَدَيْهِ قلت وَالتَّكْبِير فِي الْفطر والأضحى وَالْخطْبَة وَالصَّلَاة سَوَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يفوتهُ الْعِيد هَل عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي شَيْئا قَالَ إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ لم يفعل قلت فكم يُصَلِّي إِن أَرَادَ أَن يُصَلِّي قَالَ إِن شَاءَ أَربع رَكْعَات وَإِن شَاءَ رَكْعَتَيْنِ
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا خرج إِلَى الْجَبانَة أينبغي لَهُ أَن يخلف رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِد قَالَ إِن فعل فَحسن وَإِن لم يفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت فَإِن فعل كَيفَ يُصَلِّي بهم الرجل قَالَ يُصَلِّي بهم كَمَا يُصَلِّي الإِمَام فِي الْجَبانَة

(1/375)


قلت أَرَأَيْت رجلا أحدث فِي الْجَبانَة يَوْم الْعِيد وَهُوَ مَعَ الإِمَام فخاف إِن رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة أَن تفوته الصَّلَاة وَلَا يجد المَاء كَيفَ يصنع قَالَ يتَيَمَّم وَيُصلي مَعَ النَّاس قلت لم قَالَ لِأَن الْعِيدَيْنِ إِن فَاتَتْهُ لم يكن عَلَيْهِ صَلَاة وَصَلَاة الْعِيدَيْنِ بِمَنْزِلَة الصَّلَاة على الْجِنَازَة أَلا ترى أَنه إِذا صلى على الْجِنَازَة فأحدث فَإِنَّهُ يتَيَمَّم وَيُصلي عَلَيْهَا فَكَذَلِك الْعِيد قلت فَإِن أحدث بعد مَا صلى رَكْعَة أيتيمم مَكَانَهُ ويمضي على صلَاته قَالَ نعم قلت فَإِن لم يتَيَمَّم وَلكنه انْصَرف إِلَى الْكُوفَة فَتَوَضَّأ ثمَّ عَاد إِلَى الْمصلى فَوجدَ الإِمَام قد صلى كَيفَ يصنع قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاة الإِمَام وَيكبر كَمَا يكبر الإِمَام قلت فَهَل يقْرَأ فيهمَا قَالَ لَا قلت فَمَا شَأْنه يكبر وَلَا يقْرَأ قَالَ لِأَن قِرَاءَة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة وَلَا يكون تَكْبِير الإِمَام لَهُ تَكْبِيرا أَلا ترى أَن من خلف الإِمَام يكبرُونَ مَعَه وَلَا يقرأون فَهَذَا وَالَّذِي خَلفه سَوَاء وَلِأَنَّهُ قد أدْرك أول الصَّلَاة مَعَ الإِمَام وَهَذَا قَول أبي حنيفَة

(1/376)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا دخل مَعَ إِمَام فِي الصَّلَاة متوضيا لم يجزه التَّيَمُّم لِأَن هَذَا لَا يفوتهُ الصَّلَاة وَهَذَا قَول زفر
قلت أَرَأَيْت الإِمَام هَل يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ بِشَيْء مَعْلُوم قَالَ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقْرَأ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} وَأَيّمَا سُورَة من الْقُرْآن

(1/377)


قَرَأَهَا أجزته وَقد يكره أَن يتَّخذ الرجل شَيْئا من الْقُرْآن

(1/378)


حتما حَتَّى لَا يقْرَأ فِي تِلْكَ الصَّلَاة غَيرهَا
قلت فَهَل قبل الْعِيدَيْنِ صَلَاة قَالَ لَا قلت فَهَل بعْدهَا صَلَاة قَالَ إِن شَاءَ صلى أَرْبعا وَإِن شَاءَ لم يصل
قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك الإِمَام فِي صَلَاة الْعِيد بعد مَا تشهد وَلم يسلم أَو أدْركهُ بَعْدَمَا سلم وَسجد سَجْدَتي السَّهْو فَدخل مَعَه ثمَّ سلم الإِمَام أيقوم الرجل فَيصَلي صَلَاة الْعِيد قَالَ نعم قلت وَيقْرَأ وَيكبر قَالَ نعم قلت فَكيف يكبر إِذا قَامَ يُصَلِّي إِذا أدْركهُ قَالَ يكبر ثَلَاث تَكْبِيرَات ثمَّ يقْرَأ فَاتِحَة الْقُرْآن وَسورَة ثمَّ يكبر

(1/379)


الرَّابِعَة فيركع بهَا وَيسْجد ثمَّ يقوم فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَيقْرَأ بِفَاتِحَة الْقُرْآن وَسورَة ثمَّ يكبر أَربع تَكْبِيرَات ويركع فِي التَّكْبِيرَة الرَّابِعَة قلت لم جعلت على هَذَا ثَمَانِي تَكْبِيرَات قَالَ لِأَنَّهُ كبر تَكْبِيرَة وَاحِدَة حِين افْتتح بهَا الصَّلَاة مَعَ الإِمَام فألقيت عَنهُ تِلْكَ التَّكْبِيرَة
قلت أَرَأَيْت رجلا أدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَة من الْعِيد فَلَمَّا سلم الإِمَام قَامَ يقْضِي كَيفَ يكبر قَالَ يقْرَأ بِفَاتِحَة الْقُرْآن وبسورة ثمَّ يكبر أَربع تَكْبِيرَات يرْكَع بآخرهن
قلت أَرَأَيْت الإِمَام هَل يَنْبَغِي لَهُ أَن يكبر فِي الْعِيدَيْنِ أَكثر من تسع تَكْبِيرَات قَالَ مَا أحب لَهُ ذَلِك قلت فَإِن فعل هَل يضرّهُ

(1/380)


من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا قَرَأَ السَّجْدَة يَوْم الْعِيد قَالَ عَلَيْهِ أَن يسْجد وَيسْجد مَعَه أَصْحَابه قلت وَكَذَلِكَ لَو قَرَأَهَا وَهُوَ يخْطب قَالَ نعم يسجدها وَيسْجد مَعَه من سَمعهَا وَأما إِذا قَرَأَهَا فِي الصَّلَاة فسجدها سجدها مَعَه من سَمعهَا وَمن لم يسْمعهَا جَمِيع من مَعَه فِي الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت النِّسَاء هَل عَلَيْهِنَّ خُرُوج فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ قد كَانَ يرخص لَهُنَّ فِي ذَلِك فَأَما الْيَوْم فَإِنِّي أكره لَهُنَّ ذَلِك قلت أفتكره لَهُنَّ أَن يشهدن الْجُمُعَة وَالصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فِي جمَاعَة قَالَ نعم قلت

(1/381)


فَهَل ترخص لشَيْء مِنْهُنَّ قَالَ أرخص للعجوز الْكَبِيرَة أَن تشهد الْعشَاء وَالْفَجْر وَالْعِيدَيْنِ فَأَما غير ذَلِك فَلَا
قلت أَرَأَيْت العَبْد هَل يجب عَلَيْهِ أَن يشْهد الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ قَالَ إِن فعل فَحسن وَإِن لم يفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت فَهَل يَنْبَغِي لَهُ أَن يفعل دون أَن يَأْذَن لَهُ مَوْلَاهُ قَالَ لَا قلت فَهَل يَنْبَغِي للْمولى أَن يمنعهُ من ذَلِك أَو من الصَّلَاة فِي جمَاعَة قَالَ إِن فعل لم يضرّهُ ذَلِك شَيْئا

(1/382)


قلت أَرَأَيْت السَّهْو فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَة وَالصَّلَاة الْمَكْتُوبَة والتطوع أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ السَّهْو فِي صَلَاة الْخَوْف قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمِنْبَر هَل يخرج فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا كبر فِي الْعِيدَيْنِ أَكثر من تسع تَكْبِيرَات

(1/383)


أينبغي لمن خَلفه أَن يكبروا مَعَه قَالَ نعم يتبعونه إِلَّا أَن يكبر مَا لَا يكبر أحد من الْفُقَهَاء وَمَا لم تَجِيء بِهِ الْآثَار
- بَاب التَّكْبِير فِي أَيَّام التَّشْرِيق
-
قلت أَرَأَيْت التَّكْبِير فِي أَيَّام التَّشْرِيق مَتى هُوَ وَكَيف هُوَ وَمَتى يبْدَأ وَمَتى يقطع قَالَ كَانَ عبد الله بن مَسْعُود يَبْتَدِئ بِهِ من صَلَاة الْغَدَاة يَوْم عَرَفَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر من يَوْم النَّحْر وَكَانَ عَليّ ابْن أبي طَالب يكبر من صَلَاة الْغَدَاة يَوْم عَرَفَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق فَأَي ذَلِك مَا فعلت فَهُوَ حسن وَأما أَبُو حنيفَة فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذهُ بقول ابْن مَسْعُود وَيكبر من صَلَاة الْغَدَاة يَوْم عَرَفَة إِلَى صَلَاة

(1/384)


الْعَصْر من يَوْم النَّحْر وَلَا يكبر بعْدهَا وَأما أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهُمَا يأخذان بقول عَليّ بن أبي طَالب
قلت فَكيف التَّكْبِير قَالَ إِذا سلم الإِمَام قَالَ الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر الله أكبر وَللَّه الْحَمد بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن مَسْعُود
قلت فَمن صلى الْمَكْتُوبَة فِي جمَاعَة فِي مصر من الْأَمْصَار فَعَلَيْهِم أَن يكبروا فِي هَذِه الْأَيَّام قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ مَعَهم نسَاء قَالَ عَلَيْهِنَّ أَن يكبرن

(1/385)


قلت أَرَأَيْت من صلى وَحده من المقيمين والمسافرين أَو النِّسَاء هَل عَلَيْهِم أَن يكبروا قَالَ لَا قلت فَهَل على الْمُسَافِرين أَن يكبروا قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت من صلى التَّطَوُّع فِي جمَاعَة أَو صلى الْوتر هَل يكبر بعْدهَا قَالَ لَا قلت فَهَل على السوَاد أَن يكبروا قَالَ لَا قلت فَإِن صلوا فِي جمَاعَة قَالَ وَإِن صلوا فِي جمَاعَة فَلَا تَكْبِير عَلَيْهِم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نرى التَّكْبِير على من صلى الْمَكْتُوبَة رجل أَو امْرَأَة أَو مُسَافر أَو مُقيم صلى وَحده أَو فِي جمَاعَة
قلت أَرَأَيْت الْمحرم يَوْم عَرَفَة إِذا صلى وَسلم أيبدأ بِالتَّكْبِيرِ أَو بِالتَّلْبِيَةِ قَالَ بل يبْدَأ بِالتَّكْبِيرِ ثمَّ يُلَبِّي قلت لم قَالَ لِأَن التَّكْبِير أوجبهما
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا كَانَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو أيكبر قبل أَن

(1/386)


يسجدهما قَالَ لَا وَلكنه يسجدهما وَيسلم ثمَّ يكبر
قلت أَرَأَيْت رجلا سبقه الإِمَام بِرَكْعَة فِي أَيَّام التَّشْرِيق أيكبر مَعَ الإِمَام حِين يسلم أَو يقوم فَيَقْضِي قَالَ بل يقوم فَيَقْضِي فَإِذا سلم كبر قلت لم قَالَ لِأَن التَّكْبِير لَيْسَ من الصَّلَاة أَلا ترى لَو أَن رجلا دخل مَعَهم فِي التَّكْبِير يُرِيد الصَّلَاة لم يجزه ذَلِك قلت وَهَذَا لَا يشبه سَجْدَتي السَّهْو قَالَ لَا أَلا ترى أَن من دخل مَعَ الإِمَام فِي سَجْدَتي السَّهْو فقد دخل مَعَه فِي الصَّلَاة لِأَن سَجْدَتي السَّهْو من الصَّلَاة وَالتَّكْبِير لَيْسَ من الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِالنَّاسِ يَوْم الْعِيد فَلَمَّا صلى الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَامَ حَتَّى اسْتَوَى قَائِما وَهُوَ ساه كَيفَ يصنع قَالَ يقْعد ويتشهد وَيسلم

(1/387)


ثمَّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَيسْجد من خَلفه مَعَه ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم قلت أَرَأَيْت إِن لم ينْهض الإِمَام وَلَكِن نَهَضَ رجل مِمَّن خلف الإِمَام ثمَّ ذكر بعد مَا استتم قَائِما قَالَ يقْعد ويتشهد مَعَ الإِمَام وَيسلم مَعَه وَلَا سَهْو عَلَيْهِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ على من خلف الإِمَام سَهْو إِذا لم يسه الإِمَام
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِالنَّاسِ فِي أَيَّام التَّشْرِيق فنسي أَن يكبر حَتَّى قَامَ من مَجْلِسه ذَلِك أَو خرج من الْمَسْجِد ثمَّ ذكر قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يكبر وعَلى من خَلفه التَّكْبِير قلت فَإِن ذكر قبل أَن يقوم من مَجْلِسه وَقبل أَن يخرج من الْمَسْجِد وَلم يتَكَلَّم أيكبر وَيكبر من مَعَه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِالنَّاسِ يَوْم الْعِيد فأحدث قَالَ يتَيَمَّم ويمضي على صلَاته لِأَن الْعِيد لَيْسَ كَغَيْرِهِ أَلا ترى أَنه خَارج من الْمصر وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ مَاء
قلت فَإِن قدم الإِمَام رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ بعد مَا أحدث الإِمَام

(1/388)


وَقد قَرَأَ السَّجْدَة وَلم يكن سجدها حَتَّى أحدث هَل يسجدها هَذَا الإِمَام الثَّانِي قَالَ نعم يسجدها وَيسْجد مَعَه النَّاس قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام الثَّانِي لم يكن دَاخِلا فِي صَلَاة الْقَوْم وَلم يسمع السَّجْدَة فَلَمَّا قدمه الإِمَام كبر ينوى الدُّخُول فِي صَلَاة الْقَوْم أيسجدها وَيسْجد من مَعَه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام الأول لما قَرَأَ السَّجْدَة نسي أَن يسجدها فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع أحدث فَقدم هَذَا هَل على الإِمَام الأول وعَلى من خَلفه سجدتا السَّهْو قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الصَّلَاة قبل الْعِيد هَل تكرهها قَالَ نعم قلت أفتكرهها بعد قَالَ لست أكره إِن شَاءَ صلى وَإِن شَاءَ لم يصل
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا خطب فِي الْعِيدَيْنِ هَل يجب على النَّاس أَن ينصتوا ويستمعوا كَمَا يجب عَلَيْهِم فِي الْجُمُعَة قَالَ نعم

(1/389)


- بَاب صَلَاة الْخَوْف والفزع
-
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا كَانَ مَوَاقِف الْعَدو فِي أَرض الْحَرْب فَحَضَرت الصَّلَاة فَأَرَادَ أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ كَيفَ يُصَلِّي بهم قَالَ تقف طَائِفَة من النَّاس بِإِزَاءِ الْعَدو ويفتتح الإِمَام الصَّلَاة وَطَائِفَة مَعَه فصلى بالطائفة الَّذين مَعَه رَكْعَة وسجدتين فَإِذا فرغ مِنْهَا انفلتت الطَّائِفَة الَّذين مَعَ الإِمَام من غير أَن يتكلموا وَلَا يسلمُوا فيقفون بِإِزَاءِ الْعَدو وَتَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى الَّتِي كَانُوا بِإِزَاءِ الْعَدو فَيدْخلُونَ مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة فَيصَلي بهم الإِمَام رَكْعَة أُخْرَى وسجدتين ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم الإِمَام إِذا فرغ من الصَّلَاة ثمَّ تقوم الطَّائِفَة الَّتِي مَعَ الإِمَام فَيَأْتُونَ مقامهم من غير أَن يتكلموا وَلَا يسلمُوا حَتَّى يقفوا بِإِزَاءِ الْعَدو وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّتِي كَانَت بازاء الْعَدو وهم الَّذين صلوا مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الأولى فَيَأْتُونَ مكانهم الَّذِي صلوا فِيهِ فيقضون رَكْعَة وسجدتين وحدانا بِغَيْر إِمَام

(1/390)


وَلَا قِرَاءَة ويقعدون ويسلمون ثمَّ يقومُونَ فَيَأْتُونَ مقامهم ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الَّذين صلوا مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة فيقضون رَكْعَة وسجدتين بِقِرَاءَة بِغَيْر إِمَام ويتشهدون ويسلمون ثمَّ يقومُونَ فَيَأْتُونَ أَصْحَابهم فيقفون مَعَهم قلت وَلم يُصَلِّي بهم الإِمَام رَكْعَة رَكْعَة قَالَ لقَوْل الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك وليأخذوا أسلحتهم فَإِذا سجدوا فليكونوا من وَرَائِكُمْ ولتأت طَائِفَة أُخْرَى لم يصلوا فليصلوا مَعَك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم}
قلت أَرَأَيْت لَو كَانَ هَذَا الْعَدو فِي الْقبْلَة فاستطاع الإِمَام أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَمِيعًا وَيسْتَقْبل الْعَدو يفعل ذَلِك قَالَ إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ صلى كَمَا وصفت لَك قلت فَإِذا كَانَت الصَّلَاة صَلَاة الْمغرب كَيفَ يُصَلِّي بهم قَالَ يفْتَتح الصَّلَاة وَمَعَهُ طَائِفَة وَطَائِفَة بِإِزَاءِ الْعَدو فَيصَلي بالطائفة الَّذين مَعَه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تقوم الطَّائِفَة فتأتي

(1/391)


مقامهم فيقفون بازاء الْعَدو من غير أَن يتكلموا وَلَا يسلمُوا وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّتِي كَانُوا بِإِزَاءِ الْعَدو فَيدْخلُونَ مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة فَيصَلي بهم رَكْعَة ويتشهد وَيسلم ثمَّ تقوم الطَّائِفَة الَّتِي مَعَه من غير أَن يتكلموا وَلَا يسلمُوا فَيَأْتُونَ مقامهم فيقفون بِإِزَاءِ الْعَدو وتجيء الطَّائِفَة الَّتِي صلت مَعَ الإِمَام الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فَيَأْتُونَ مقامهم الَّذِي صلوا فِيهِ فيقضون رَكْعَة وسجدتين وحدانا بِغَيْر إِمَام وَلَا قِرَاءَة ويتشهدون ويسلمون ثمَّ يقومُونَ فَيَأْتُونَ مقامهم بِإِزَاءِ الْعَدو وتجيء الطَّائِفَة الَّتِي صلت مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الثَّالِثَة فَيَأْتُونَ مقامهم الَّذِي صلوا فِيهِ فيقضون رَكْعَتَيْنِ

(1/392)


بِقِرَاءَة وحدانا ويتشهدون ويسلمون ثمَّ يأْتونَ مقامهم فيقفون مَعَ أَصْحَابهم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ الإِمَام مُقيما فِي مصر أَو فِي مَدِينَة فَأَتَاهُ الْعَدو فَحَضَرت الصَّلَاة فصلى صَلَاة الْخَوْف هَل يقصر الصَّلَاة قَالَ لَا وَلكنه يُصَلِّي بهم صَلَاة مُقيم قلت وَكَيف يُصَلِّي بهم قَالَ يفْتَتح الصَّلَاة وَمَعَهُ طَائِفَة وَطَائِفَة بازاء الْعَدو فَيصَلي بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تقوم الطَّائِفَة الَّتِي مَعَه فيذهبون فيقفون بازاء الْعَدو من غير أَن يتكلموا وَلَا يسلمُوا وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّتِي كَانَت بازاء الْعَدو فَيدْخلُونَ مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة فَيصَلي بهم رَكْعَتَيْنِ تَمام صلَاته ويتشهد وَيسلم ثمَّ تقوم الطَّائِفَة الَّتِي صلوا مَعَه الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ فَيَأْتُونَ مقامهم من غير أَن يتكلموا وَلَا يسلمُوا وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّتِي صلت مَعَ

(1/393)


الإِمَام الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فيقضون رَكْعَتَيْنِ وحدانا بِغَيْر قِرَاءَة ويتشهدون ويسلمون ثمَّ يقومُونَ مقامهم وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّذين صلوا مَعَ الإِمَام الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ فيقضون وحدانا رَكْعَتَيْنِ بِالْقِرَاءَةِ ويتشهدون ويسلمون ثمَّ يقومُونَ فيقفون بازاء الْعَدو
قلت أَرَأَيْت الطَّائِفَة الَّذين صلوا مَعَ الإِمَام الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين لم يقضون بِغَيْر قِرَاءَة قَالَ لأَنهم أدركوا أول الصَّلَاة مَعَ الإِمَام الرَّكْعَتَيْنِ فقراءة الإِمَام لَهُم قِرَاءَة وَأما الَّذين أدركوا مَعَ الإِمَام الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ فَلَا بُد لَهُم من الْقِرَاءَة فِيمَا يقضون لأَنهم لم يدركوا مَعَ الإِمَام أول الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْرَأ الطَّائِفَة الَّذين أدركوا مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَالَ لَا يجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت إِن ائتم أحد مِمَّن ذكرت لَك فِيمَا يقْضِي صَاحبه قَالَ أما الإِمَام فَصلَاته تَامَّة وَأما الَّذين ائتموا بِهِ فصلاتهم فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة

(1/394)


قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِالنَّاسِ صَلَاة الْخَوْف فَسَهَا فِي صلَاته قَالَ السَّهْو فِي صَلَاة الْخَوْف وَفِي غَيرهَا سَوَاء قلت فَمَتَى يسْجد للسَّهْو قَالَ إِذا فرغ من صلَاته وَسلم سجد سَجْدَتي السَّهْو وتسجد مَعَه الطَّائِفَة الَّتِي خَلفه ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم ثمَّ تقوم الطَّائِفَة الَّتِي خَلفه فَيَأْتُونَ مقامهم فيقفون بازاء الْعَدو وَتَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فيقضون رَكْعَة وحدانا فَإِذا سلمو سجدوا سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ يتشهدون ويسلمون ثمَّ يأْتونَ مقامهم وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّتِي بازاء الْعَدو فيقضون رَكْعَة وحدانا وَلَا يَسْجُدُونَ للسَّهْو لأَنهم قد سجدوا مَعَ الإِمَام قلت فَإِن سَهَا رجل من الَّذين سجدوا مَعَ الإِمَام فِيمَا يقْضِي قَالَ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو
قلت فَإِن سَهَا رجل من الَّذين لم يسجدوا مَعَ الإِمَام فِيمَا يقضون هَل عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو قَالَ لَا قلت لم قَالَ لأَنهم خلف الإِمَام أَلا ترى أَنهم يقضون الرَّكْعَة بِغَيْر قِرَاءَة وَلَا سَهْو على من خلف الإِمَام وَلَكنهُمْ يَسْجُدُونَ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا على الإِمَام
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة السَّجْدَة فسجدها بالطائفة الَّتِي مَعَه ثمَّ جَاءَت الطَّائِفَة الَّذين صلوا مَعَ الإِمَام أول رَكْعَة

(1/395)


أيسجدون تِلْكَ السَّجْدَة قَالَ نعم قلت لم وَلم يسمعوها قَالَ لأَنهم قد أدركوا مَعَ الإِمَام أول الصَّلَاة فَعَلَيْهِم مَا على الإِمَام أَلا ترى لَو أَن رجلا نَام خلف الإِمَام فِي صَلَاة الْغَدَاة فَقَرَأَ الإِمَام السَّجْدَة ثمَّ اسْتَيْقَظَ الرجل بعد ذَلِك أَنه يَنْبَغِي لَهُ أَن يسْجد ثمَّ يرفع رَأسه فيصنع كَمَا يصنع الإِمَام وَهُوَ لم يسمع السَّجْدَة فَكَذَلِك هَذَا
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِقوم صَلَاة الْخَوْف فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة أحدث وَمَعَهُ الطَّائِفَة الَّذين لم يدركوا مَعَه أول الصَّلَاة كَيفَ يصنع قَالَ يقدم رجلا مِنْهُم فَيصَلي بهم تِلْكَ الرَّكْعَة فَإِذا تشهد تنحى من غير أَن يسلم ثمَّ انْفَتَلَ الْقَوْم جَمِيعًا فَقَامُوا بازاء الْعَدو وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّتِي أدْركْت أول الصَّلَاة فيقضون رَكْعَة وحدانا فَإِذا فرغوا أَتَوا مقامهم ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الَّذين أدركوا الرَّكْعَة الثَّانِيَة فيقضون رَكْعَة وحدانا قلت أَرَأَيْت الإِمَام الثَّانِي لما تقدم سَهَا فِي صلَاته كَيفَ يصنع

(1/396)


قَالَ إِذا فرغ من تِلْكَ الرَّكْعَة تشهد وَتَنَحَّى من غير أَن يسلم وَلَا يسْجد فَيقومُونَ فَيَأْتُونَ مقامهم بِإِزَاءِ الْعَدو وَتَأْتِي الطَّائِفَة الَّذين أدركوا أول الصَّلَاة فيقضون رَكْعَة وحدانا فَإِذا تشهدوا وسلموا سجدوا سَجْدَتي السَّهْو فَإِذا فرغوا جَاءَت الطَّائِفَة الَّذين أدركوا الرَّكْعَة الثَّانِيَة فيقضون رَكْعَة وحدانا فَإِذا فرغوا وسلموا سجدوا سَجْدَتي السَّهْو
قلت أَرَأَيْت إِن حمل الْعَدو على الطَّائِفَة الأولى بعد مَا صلوا الرَّكْعَة الأولى وَقَامُوا بإزائهم فقاتلوهم قَالَ صلَاتهم فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْعَدو إِنَّمَا حملُوا على الإِمَام وعَلى من خَلفه وَالْإِمَام وَمن خَلفه فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فقاتلوهم قَالَ صَلَاة الإِمَام وَصَلَاة من مَعَه وَصَلَاة الَّذين صلوا مَعَه الرَّكْعَة الأولى كلهم فَاسِدَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا فَسدتْ صَلَاة الإِمَام فَسدتْ صَلَاة من خَلفه وَالَّذين صلوا مَعَه الرَّكْعَة الأولى فهم خلف الإِمَام أَلا ترى أَنهم يقضون الرَّكْعَة بِغَيْر قِرَاءَة قلت لم أفسدت

(1/397)


صَلَاة الإِمَام قَالَ لِأَنَّهُ قَاتل والقتال عمل فِي الصَّلَاة يُفْسِدهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا يخَاف الْعَدو فَلَا يَسْتَطِيع النُّزُول عَن دَابَّته أيسعه أَن يُصَلِّي على دَابَّته وَهُوَ يسير حَيْثُ تَوَجَّهت يومي إِيمَاء وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا لَا يَسْتَطِيع أَن يقوم من خوف الْعَدو فَهَل يَسعهُ أَن يُصَلِّي قَاعِدا يومي إِيمَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم إِذا كَانُوا يُقَاتلُون الْعَدو فَحَضَرت الصَّلَاة هَل يصلونَ وهم فِي تِلْكَ الْحَال يقتتلون قَالَ لَا يصلونَ على تِلْكَ الْحَال وَلَكنهُمْ يدعونَ الصَّلَاة حَتَّى ينْصَرف عَنْهُم الْعَدو قلت فَإِن قَاتلهم

(1/398)


الْعَدو حَتَّى ذهب وَقت صَلَاة أَو صَلَاتَيْنِ أَو ثَلَاثَة هَل يكفون عَن تِلْكَ الصَّلَاة قَالَ نعم قلت فَإِذا انْصَرف عَنْهُم الْعَدو قضوا مَا فاتهم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْعَدو لَا يقاتلونهم حَتَّى إِذا دخلُوا فِي الصَّلَاة أقبل الْعَدو نحوهم فَرَمَاهُمْ الْمُسلمُونَ بِالنَّبلِ والنشاب هَل يقطع هَذَا صلَاتهم قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا عمل فِي الصَّلَاة يُفْسِدهَا وَهَذَا والمسابقة سَوَاء وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل يخَاف السَّبع فَلَا يَسْتَطِيع النُّزُول عَن دَابَّته هَل يَسعهُ أَن يُصَلِّي على دَابَّته يومي إِيمَاء وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع حَيْثُ تَوَجَّهت بِهِ دَابَّته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يكونُونَ بِإِزَاءِ الْعَدو وهم يخَافُونَ هَل يصلونَ على الدَّوَابّ جمَاعَة كَمَا وصفت لَك قَالَ لَا

(1/399)


قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِن صلى بطَائفَة مِنْهُم وهم على الأَرْض فَلَمَّا صلى بهم الرَّكْعَة الأولى قَامَت الطَّائِفَة الَّتِي مَعَه فَرَكبُوا الْخَيل ثمَّ سَارُوا حَتَّى وقفُوا بِإِزَاءِ الْعَدو هَل تفْسد صلَاتهم قَالَ نعم وَهَذَا عمل فِي الصَّلَاة يُفْسِدهَا قلت فَإِن لم يركبُوا وَلَكنهُمْ مَشوا مشيا قَالَ صلَاتهم تَامَّة وَالْمَشْي لَا يفْسد الصَّلَاة هَهُنَا قلت من أَيْن اخْتلف الْمَشْي وَالرُّكُوب قَالَ لِأَن الْمَشْي لَا بُد مِنْهُ لأَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يقومُوا بازاء الْعَدو حَتَّى يمشوا وَالرُّكُوب مِنْهُ بُد
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِالنَّاسِ صَلَاة الْخَوْف فأحدث فِي الرَّكْعَة الأولى فَقدم رجلا كَيفَ يُصَلِّي بهم قَالَ يُصَلِّي بهم كَمَا يُصَلِّي الإِمَام الأول لَو لم يحدث على مَا وصفت لَك قلت أَرَأَيْت إِن تقدم الإِمَام الثَّانِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ بعد مَا أحدث الإِمَام الأول فقاتل الْعَدو هُوَ وَالَّذين

(1/400)


مَعَه قَالَ صلَاته وَصَلَاة الْقَوْم وَصَلَاة الإِمَام الأول فَاسِدَة لِأَن الثَّانِي قد صَار إِمَامًا للْأولِ أَلا ترى أَن الأول يبْنى على صلَاته وتجزيه قِرَاءَة هَذَا الإِمَام الثَّانِي فَإِذا قَاتل هَذَا الإِمَام الثَّانِي فَسدتْ صلَاتهم
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى بِالنَّاسِ صَلَاة الْخَوْف وَالْإِمَام مُسَافر وَطَائِفَة من النَّاس مسافرون وَطَائِفَة مِنْهُم مقيمون كَيفَ يُصَلِّي بهم قَالَ يُصَلِّي بالطائفة الأولى رَكْعَة ثمَّ ينفتلون من غير أَن يسلمُوا وَلَا يتكلموا فَيَأْتُونَ حَتَّى يقفوا بازاء الْعَدو وَتَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَيصَلي بهم رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم ثمَّ ينفتلون من غير أَن يسلمُوا وَلَا يتكلموا فيقفون بازاء الْعَدو ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الأولى فَمن كَانَ مِنْهُم مُسَافِرًا قضى رَكْعَة وَتشهد وَسلم وَمن كَانَ مِنْهُم مُقيما قضي ثَلَاث رَكْعَات وتشهدوا وسلموا فَإِذا فرغوا من صلَاتهم قَامُوا فوقفوا بِإِزَاءِ الْعَدو وَجَاءَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَمن كَانَ مِنْهُم مُسَافِرًا قضى رَكْعَة وَتشهد وَسلم وَمن كَانَ مِنْهُم مُقيما قضى ثَلَاث رَكْعَات

(1/401)


وَتشهد وَسلم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام نَفسه مُقيما فصلى بهم قَالَ يصلونَ أَجْمَعُونَ صَلَاة مقيمين كَمَا وصفت لَك صَلَاة الْخَوْف
قلت أَرَأَيْت قوما مواقفي الْعَدو لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن ينزلُوا عَن دوابهم كَيفَ يصنعون قَالَ يصلونَ على دوابهم يومون إِيمَاء قلت فَإِن أمّهم بَعضهم فصلى بهم جمَاعَة وهم على دوابهم يومون إِيمَاء هَل تجزيهم صلَاتهم قَالَ لَا قلت فَكيف يصلونَ قَالَ يصلونَ وحدانا بِغَيْر إِمَام ويجعلون السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يكونُونَ فِي السفن فِي الْبَحْر يُقَاتلُون الْعَدو كَيفَ يصلونَ قَالَ يصلونَ كَمَا يصلونَ فِي الْبر
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يخَافُونَ الْعَدو فصلوا صَلَاة الْخَوْف على مَا وصفت لَك وَلم يعاينوا الْعَدو قَالَ أما الإِمَام فتجزيه صلَاته وَأما الْقَوْم فَلَا تجزيهم صلَاتهم قلت فَإِن رَأَوْا سوادا فظنوا أَنه

(1/402)


الْعَدو فصلوا صَلَاة الْخَوْف على مَا وصفت لَك فَإِذا ذَلِك السوَاد إبل أَو بقر أَو شِيَاه قَالَ أما الإِمَام فتجزيه صلَاته وَأما الْقَوْم فَلَا تجزيهم لِأَن مشيهم وَاخْتِلَافهمْ عمل يقطع الصَّلَاة قلت فَإِن كَانَ ذَلِك السوَاد عدوا قَالَ صلَاتهم جَمِيعًا تَامَّة وَالله أعلم والموفق
- بَاب غسل الشَّهِيد وَمَا يصنع بِهِ
-
قلت أَرَأَيْت الشَّهِيد هَل يغسل قَالَ إِذا قتل فِي المعركة لم يغسل وَإِذا حمل من المعركة فَمَاتَ فِي بَيته أَو فِي أَيدي الرِّجَال غسل وحنط

(1/403)


وصنع بِهِ مَا يصنع بِالْمَيتِ من الْكَفَن وَغَيره قلت فَإِذا قتل فِي المعركة هَل يُكفن قَالَ يُكفن فِي ثِيَابه الَّتِي عَلَيْهِ غير أَنه ينْزع عَنهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ من السِّلَاح أَو فرو أَو حَشْو أَو جلد أَو خُفَّيْنِ أَو منْطقَة أَو قلنسوة ويحنط إِن شاؤا قلت فَهَل يُزَاد فِي كَفنه شَيْء أَو ينْزع مِنْهُ شَيْء قَالَ إِن أَحبُّوا فعلوا
قلت أَرَأَيْت من قتل فِي المعركة بسلاح أَو بعصا أَو بِحجر أَو قَصَبَة أَو غير ذَلِك أهوَ وَالَّذِي يقتل بِالسِّلَاحِ سَوَاء وَلَا يغسل قَالَ نعم

(1/404)


وَقَالَ مُحَمَّد إِذا وجد الرجل فِي المعركة وَبِه أثر جِرَاحَة فَهُوَ شَهِيد وَلَا يغسل وَإِن لم يكن بِهِ أثر جِرَاحَة فَهُوَ ميت وَيغسل وَقَالَ إِذا خرج الدَّم من أَنفه أَو دبره أَو ذكره فَإِنَّهُ يغسل وَإِذا خرج من أُذُنه أَو عينه فانه لَا يغسل
قلت أَرَأَيْت رجلا قطع عَلَيْهِ الطَّرِيق فَقتل دون مَاله قَالَ يصنع بِهِ مَا يصنع بالشهيد
قلت أَرَأَيْت من قتل فِي الْمصر بسلاح هَل يغسل قَالَ إِذا قتل مَظْلُوما فَهُوَ بِمَنْزِلَة الشَّهِيد وَلَا يغسل قلت فَمن قتل مَظْلُوما فِي الْمصر بِغَيْر سلَاح قَالَ هَذَا يغسل وَلَا يشبه هَذَا عِنْدِي الَّذِي يقتل بِالسِّلَاحِ أَو فِي الْحَرْب أَلا ترى أَنه لَا قصاص فِيهِ وَأَن على عَاقِلَة قَاتله الدِّيَة

(1/405)


قلت أَرَأَيْت رجلا قتل فِي الْمصر بسلاح فِي قصاص أَو قتل وَهُوَ ظَالِم عدا على قوم وكابرهم فَقَتَلُوهُ هَل يغسل قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت المرجوم فِي الزِّنَا والمقتص مِنْهُ بِالْقَتْلِ والمحدود الَّذِي يَمُوت تَحت السِّيَاط أَو الَّذِي يضْرب فِي التَّعْزِير هَل يغسلون قَالَ نعم هَؤُلَاءِ كلهم يغسلون ويكفنون ويحنطون وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَة مَا وصفت لَك أَلا ترى أَنهم مَاتُوا فِي حق وَاجِب عَلَيْهِم
قلت أَرَأَيْت الَّذِي يَأْكُلهُ السَّبع أَو يتردى من الْجَبَل أَو يُوجد قَتِيلا فِي الْقَبِيلَة لَا يدْرِي أمظلوم هُوَ أَو ظَالِم قتل بسلاح أَو غَيره أَو الَّذِي يسْقط عَلَيْهِ الْحَائِط أَو الَّذِي يَمُوت فِي الْبِئْر هَل يغسل هَؤُلَاءِ قَالَ نعم يغسل هَؤُلَاءِ كلهم ويصنع بهم مَا يصنع بالموتى
قلت أَرَأَيْت الْمحرم والمحرمة تَمُوت هَل يصنع بهما مَا يصنع بِالْمَيتِ

(1/406)


الْحَلَال من الْكَفَن والحنوط وَالْغسْل ويغطي وَجهه وَرَأسه قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا مَاتَ فقد ذهب عَنهُ إِحْرَامه قَالَ بلغنَا ذَلِك عَن عَائِشَة أَلا ترى أَنه يدْفن والدفن أَشد من تَغْطِيَة الْوَجْه

(1/407)


قلت أَرَأَيْت الطَّائِفَتَيْنِ يقتتلون إِحْدَاهمَا باغية وَالْأُخْرَى عادلة كَيفَ يصنع بِأَهْل الْعدْل بقتلاهم قَالَ يصنع بهم مَا يصنع بِالشُّهَدَاءِ قلت أَرَأَيْت أهل الْحَرْب يغيرون على الْقرْيَة من قرى الْإِسْلَام فيقتتلون الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان هَل يغسل أحد مِنْهُم قَالَ أما الرِّجَال وَالنِّسَاء فَلَا يغسلون ويصنع بهم مَا يصنع بالشهيد لِأَن الْقَتْل كَفَّارَة وَأما الْولدَان الَّذين لَيست لَهُم ذنُوب يكفرهَا الْقَتْل فانهم يغسلون وَهَذَا

(1/408)


قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما أَنا فَأرى أَن يصنع بالولدان مَا يصنع بِالشُّهَدَاءِ فَلَا يغسلون لِأَنَّهُ إِذا لم يكن لَهُم ذنُوب فَذَلِك أطهر لَهُم وَأَحْرَى أَن يَكُونُوا شُهَدَاء
قلت أَرَأَيْت الْقَتِيل يُوجد مِنْهُ يَد أَو رجل وَلَا يُوجد مِنْهُ بَقِيَّة جسده هَل يغسل ويكفن وَيُصلي عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ من وجد مِنْهُ يدان أَو رجلَانِ أَو رَأسه وَلم يُوجد مِنْهُ الْبدن قَالَ نعم قلت فَإِن وجد أقل من نصف بدنه وَلَيْسَ مَعَه رَأس هَل يغسل ويكفن وَيُصلي عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت فَإِن وجد أقل من نصف الْبدن وَفِيه الرَّأْس هَل يغسل ويكفن وَيُصلي عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن

(1/409)


وجد مشقوقا نِصْفَيْنِ طولا وَوجد أحد النصفين وَلم يُوجد الآخر هَل يُصَلِّي عَلَيْهِ ويصنع بِهِ مَا يصنع بِالْمَيتِ قَالَ لَا قلت فَإِن وجد نصف الْبدن سَوَاء لَيْسَ مَعَه رَأس قَالَ لَا يغسل وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ من هَذَا مِمَّا لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ أيدفن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الشَّهِيد الَّذِي لَا يغسل أيصلي عَلَيْهِ كَمَا يُصَلِّي على الْمَيِّت قَالَ نعم بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى على قَتْلَى أحد

(1/410)


قلت أَرَأَيْت أهل بَيت يسْقط عَلَيْهِم الْبَيْت فيموتون جَمِيعًا وهم مُسلمُونَ إِلَّا أَن إنْسَانا وَاحِدًا فيهم كَافِر لَا يعرف فَكيف يصنع بهم قَالَ يغسلون جَمِيعًا ويحنطون ويكفنون وَيُصلي عَلَيْهِم وينوون بِالدُّعَاءِ الْمُسلمين وَلَا ينوون الْكَافِر بِالدُّعَاءِ قلت أرايت الرجل الْمُسلم يكون فِي الْمَوْتَى من الْكفَّار لَا يعرف أَيهمْ الْمُسلم هَل يُصَلِّي على أحد مِنْهُم قَالَ لَا قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ إِذا كَانُوا مُسلمين فيهم الْكَافِر أَو الِاثْنَان استحسنت الصَّلَاة عَلَيْهِم وَإِذا كَانُوا كفَّارًا فيهم مُسلم وَاحِد أَو اثْنَان لم أصل على وَاحِد مِنْهُم إِلَّا أَن أعرفهُ بِالْإِسْلَامِ

(1/411)


قلت أَرَأَيْت يَد الْمُسلم أَو رجله إِذا وجدناها لم لَا تصلي عَلَيْهَا قَالَ لِأَنَّهَا لَيست ببدن كَامِل وَلَو صليت على يَده وَرجله لصليت على سنه إِذا وجدناها وَلَو وجدت أَيْضا يَد مطروحة لم أدر لَعَلَّ صَاحبهَا حَيّ قلت فَإِن علمت أَن صَاحبهَا ميت هَل تصلي عَلَيْهَا قَالَ لَا لست أُصَلِّي إِلَّا على الْبدن
قلت أَرَأَيْت رجلا مَاتَ فَلم يدر أمسلم هُوَ أم كَافِر هَل يغسل وَيُصلي عَلَيْهِ قَالَ إِن كَانَ فِي مصر من أَمْصَار الْمُسلمين أَو مَدِينَة من مدائنهم أَو قَرْيَة من قراهم وَكَانَ عَلَيْهِ سِيمَا الْمُسلمين غسل وَصلى عَلَيْهِ وَإِن كَانَ فِي قَرْيَة من قرى أهل الْكفْر وَلَيْسَ عَلَيْهِ سِيمَا الْمُسلمين لم يغسل وَلم يصل عَلَيْهِ

(1/412)


قلت أَرَأَيْت رجلا مُسلما هَل يغسل أَبَاهُ وَهُوَ كَافِر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم مِنْهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم هَل يدْفن أَبَاهُ وَهُوَ كَافِر قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ الْمَيِّت هُوَ الابْن وَهُوَ مُسلم وَأَبوهُ كَافِر هَل يدْخل أَبوهُ مَعَ الْمُسلمين فِي الْقَبْر قَالَ أكره لَهُ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت حمل الْجِنَازَة وَالْمَشْي بهَا كَيفَ هُوَ قَالَ حملهَا من جوانبها الْأَرْبَع يبْدَأ بالأيمن الْمُقدم ثمَّ الْأَيْمن الْمُؤخر ثمَّ الْأَيْسَر الْمُقدم ثمَّ الْأَيْسَر الْمُؤخر قلت فَإِذا حملت جَانب السرير الْأَيْسَر فَذَلِك

(1/413)


يَمِين الْمَيِّت قَالَ نعم قلت فالمشي قَالَ لَيْسَ فِي الْمَشْي شَيْء موقت غير أَن العجلة أحب إِلَيّ من الإبطاء بهَا قلت أَرَأَيْت الْمَشْي قدامها قَالَ لَا بَأْس بذلك وَالْمَشْي خلفهَا أحب إِلَيّ
قلت أَرَأَيْت رجلا سبق جَنَازَة ثمَّ قعد ينتظرها أَو يكون على دَابَّة فيسبقها ثمَّ يقف فينتظرها قَالَ الْمَشْي وَالسير مَعهَا أحب إِلَيّ
قلت أَرَأَيْت الْجِنَازَة إِذا انْتهى بهَا إِلَى الْقَبْر أتكره للْقَوْم أَن يجلسوا قبل أَن يوضع الْمَيِّت فِي اللَّحْد قَالَ إِذا وضعت الْجِنَازَة على الأَرْض فَلَا بَأْس بِالْجُلُوسِ قلت لم قَالَ أَرَأَيْت لَو انْتهى بهَا

(1/414)


إِلَى الْقَبْر وَلم يلْحد بعد وَلم يفرغ مِنْهُ أيقوم الْقَوْم حَتَّى يفرغ من اللَّحْد وَغَيره قلت لَا قَالَ فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَلَا بَأْس بِالْجُلُوسِ إِذا وضعت بِالْأَرْضِ وَإِنَّمَا أكره الْجُلُوس قبل أَن تُوضَع عَن مناكب الرِّجَال بِالْأَرْضِ
قلت أَرَأَيْت الصَّلَاة على الْجِنَازَة بالجبانة وَفِي الدّور أهوَ سَوَاء قَالَ أَي ذَلِك فعلوا فَحسن
قلت أَرَأَيْت الرجل يغسل الْمَيِّت أيغتسل نَفسه قَالَ لَا قلت فَإِن أَصَابَهُ من ذَلِك المَاء شَيْء قَالَ يغسلهُ
قلت أَرَأَيْت جَنَازَة الصَّبِي هَل تكره أَن تحمل على الدَّابَّة قَالَ يحملهَا الرِّجَال أحب إِلَيّ
قلت أَرَأَيْت الْمَوْلُود الَّذِي يُولد مَيتا هَل يغسل وَيُصلي عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت فَإِن ولد حَيا ثمَّ مَاتَ قَالَ يصنع بِهِ مَا يصنع بِالْمَيتِ

(1/415)


قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ غير تَامّ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل الْجنب يقتل شَهِيدا هَل يغسل قَالَ نعم لِأَن الْأَثر جَاءَ بِأَن الْمَلَائِكَة غسلت حَنْظَلَة وَلم يغسل أحد مِمَّن قتل يَوْمئِذٍ غير ذَلِك لِأَن حَنْظَلَة كَانَ جنبا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأما قَول

(1/416)


أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهُ لَا يغسل جنبا كَانَ أَو غير جنب لِأَن بنى آدم لم تغسل حَنْظَلَة رَضِي الله عَنهُ
- بَاب غسل الْمَيِّت من الرِّجَال وَالنِّسَاء
-
قلت أَرَأَيْت الْمَيِّت كَيفَ يغسل قَالَ حَدثنَا أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ يجرد الْمَيِّت وَيُوضَع على تخت ويطرح على عَوْرَته خرقَة ثمَّ يوضأ وضوءه للصَّلَاة فَيبْدَأ

(1/417)


بميامنه وَلَا يمضمض وَلَا يستنشق ثمَّ يغسل رَأسه ولحيته بالخطمى وَلَا يسرح ثمَّ يوضع على شقَّه الْأَيْسَر فَيغسل بِالْمَاءِ القراح حَتَّى ينقيه وَيرى أَن المَاء قد خلص إِلَى مَا يَلِي التخت مِنْهُ وَقد أمرت

(1/418)


قبل ذَلِك بِالْمَاءِ فأغلى بالسدر فَإِن لم يكن سدر فحرض فَإِن لم يكن وَاحِد مِنْهُمَا أجزاك المَاء القراح ثمَّ تضجعه على شقة الْأَيْمن فتغسله بذلك المَاء حَتَّى تنقيه وَترى أَن المَاء قد خلص إِلَى مَا يَلِي التخت مِنْهُ ثمَّ تقعده فتسنده إِلَيْك فتمسح بَطْنه مسحا رَفِيقًا فَإِن سَالَ مِنْهُ شَيْء غسلته ثمَّ أضجعه على شقَّه الْأَيْسَر فاغسله بِالْمَاءِ القراح حَتَّى تنقيه وَترى أَن المَاء قد خلص إِلَى مَا يَلِي التخت مِنْهُ ثمَّ تنشفه فِي ثوب وَقد أمرت قبل ذَلِك بأكفانه وسريره فأجمرت وترا ثمَّ تبسط اللفافة بسطا

(1/419)


وَهِي الرِّدَاء طولا ثمَّ تبسط الْإِزَار عَلَيْهَا طولا فَإِن كَانَ لَهُ قَمِيص ألبسته إِيَّاه فَإِن لم يكن لَهُ قَمِيص لم يضرّهُ ثمَّ تضع الحنوط فِي لحيته وَرَأسه وتضع الكافور على مساجده وَإِن لم يكن كافور لم يضرّهُ ثمَّ تعطف الْإِزَار عَلَيْهِ من قبل شقَّه الْأَيْسَر على رَأسه وَسَائِر جسده ثمَّ تعطفه من قبل شقَّه الْأَيْمن كَذَلِك ثمَّ تعطف اللفافة عَلَيْهِ وَهِي الرِّدَاء كَذَلِك فَإِن خفت أَن ينتشر عَلَيْهِ أَكْفَانه عقدته ثمَّ تَجْعَلهُ على سَرِيره وَلَا يتبع بِنَار إِلَى قَبره فَإِن ذَلِك يكره أَن يكون آخر زَاده من الدُّنْيَا نَار

(1/420)


يتبع بهَا إِلَى قَبره فَإِذا انْتهى بِهِ إِلَى الْقَبْر فَلَا يضر وتر دخله أَو شفع فَإِذا وضع فِي اللَّحْد قَالَ بِسم الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت فَمن قبل الْقبْلَة يدْخل أَو يسل سلا قَالَ بل يدْخل من قبل الْقبْلَة

(1/421)


قلت ويلحد لَهُ وَلَا يشق قَالَ نعم قلت فَأَي شَيْء يَجْعَل على لحده قَالَ اللَّبن والقصب قلت فَهَل يكره الْآجر قَالَ نعم قلت فَهَل يكره أَن يسجى الْقَبْر بِثَوْب حَتَّى يفرغ من اللَّحْد قَالَ أما إِذا كَانَت امْرَأَة فَلَا بَأْس بذلك وَهَكَذَا يَنْبَغِي لَهُم أَن يصنعوا وَأما إِذا كَانَ رجلا فَلَا يضرهم أَن لَا يسجى الْقَبْر فَإِن فعلوا لم يضرهم
قلت أَرَأَيْت الْقَبْر يربع أم يسنم وَلَا يربع قَالَ بل يسنم وَلَا يربع
قلت أَرَأَيْت الْقَبْر هَل تكره أَن يجصص قَالَ نعم

(1/422)


قلت أَرَأَيْت الصَّلَاة على الْمَيِّت من أَحَق بهَا قَالَ إِمَام الْحَيّ أَحَق بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ قلت فَإِن لم يكن إِمَام قَالَ الْأَب أَحَق من غَيره قلت فالابن وَالْأَخ وَالْأَب قَالَ الْأَب أَحَق من هَؤُلَاءِ قلت فَابْن الْعم أَحَق بِالصَّلَاةِ على الْمَرْأَة أم زَوجهَا قَالَ بل ابْن الْعم أَحَق من الزَّوْج إِذا لم يكن لَهَا مِنْهُ ابْن
قلت فَكيف الصَّلَاة على الْمَيِّت قَالَ إِذا وضعت الْجِنَازَة تقدم

(1/423)


الإِمَام واصطف الْقَوْم خَلفه فَكبر الإِمَام تَكْبِيرَة وَيرْفَع يَدَيْهِ وَيكبر الْقَوْم مَعَه ويرفعون أَيْديهم ثمَّ يحْمَدُونَ الله تَعَالَى ويثنون عَلَيْهِ ثمَّ يكبر الإِمَام التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة وَيكبر الْقَوْم وَلَا يرفعون أَيْديهم وَيصلونَ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يكبر الإِمَام التَّكْبِيرَة الثَّالِثَة وَيكبر الْقَوْم مَعَه وَلَا يرفعون أَيْديهم ثمَّ يَسْتَغْفِرُونَ للْمَيت ويشفعون لَهُ ثمَّ يكبر الإِمَام التَّكْبِيرَة الرَّابِعَة وَيكبر الْقَوْم مَعَه وَلَا يرفعون أَيْديهم ثمَّ يسلم الإِمَام عَن يَمِينه وشماله وَيسلم الْقَوْم كَذَلِك وَكَانَ ابْن أبي ليلى يكبر على الْجَنَائِز خمْسا قلت فَهَل يجهرون بِشَيْء من التَّحْمِيد وَالثنَاء

(1/424)


وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالدُّعَاء للْمَيت قَالَ لَا يجهرون بِشَيْء من ذَلِك وَلَكنهُمْ يخفونه فِي أنفسهم قلت فَهَل يقْرَأ الإِمَام وَمن خَلفه بِشَيْء من الْقُرْآن قَالَ لَا يقْرَأ الإِمَام وَمن خَلفه بِشَيْء من الْقُرْآن

(1/425)


قلت أَرَأَيْت إِذا اجْتمعت الْجَنَائِز فَكَانُوا رجَالًا كلهم كَيفَ يوضعون قَالَ إِن شاؤا وضعوهم صفا وَاحِدًا وَإِن شاؤا وضعوهم وَاحِدًا خلف وَاحِد أَمَام الإِمَام قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الْجَنَائِز نسَاء كُلهنَّ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْجَنَائِز رجَالًا وَنسَاء قَالَ يوضع الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِمَام رجل خلف رجل وَيُوضَع النِّسَاء خلف الرِّجَال مِمَّا يَلِي الْقبْلَة امْرَأَة خلف امْرَأَة قلت أَرَأَيْت إِذا اجْتمع غُلَام وَامْرَأَة قَالَ يوضع الْغُلَام مِمَّا يَلِي الإِمَام وَالْمَرْأَة خَلفه مِمَّا يَلِي الْقبْلَة
قلت فَإِذا أَرَادَ الإِمَام أَن يُصَلِّي على الْجِنَازَة أَيْن يكون مقَامه من الْجِنَازَة قَالَ أحسن ذَلِك أَن يقوم بحذاء صدر الْمَيِّت قلت فَإِن قَامَ فِي غير ذَلِك الْمَكَان قَالَ يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت رجلا شهد جَنَازَة وَهُوَ على غير وضوء أَو كَانَ على وضوء ثمَّ أحدث كَيفَ يصنع قَالَ يتَيَمَّم وَيُصلي مَعَ الْقَوْم قلت

(1/426)


فان كَانَ قَرِيبا من المَاء وَهُوَ يقدر على المَاء غير أَنه يخَاف إِن ذهب يتَوَضَّأ يسْبقهُ الإِمَام بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا قَالَ يتَيَمَّم وَيُصلي عَلَيْهَا مَعَهم قلت فَإِن كَانَ لَا يخَاف أَن يسْبقهُ الإِمَام بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا قَالَ يذهب فيتوضأ ثمَّ يُصَلِّي عَلَيْهَا قلت فَإِن كَانَ فِي الْمصر وَكَانَ على غير وضوء أَو كَانَ على وضوء فَلَمَّا كبر تَكْبِيرَة أَو تكبيرتين أحدث كَيفَ يصنع قَالَ يتَيَمَّم مَكَانَهُ وَيُصلي مَعَ الْقَوْم بَقِيَّة صلَاته قلت لم وَهُوَ فِي الْمصر قَالَ لِأَنَّهُ إِذا صلى مَعَ الْقَوْم على الْجِنَازَة وفرغوا لم يسْتَطع هُوَ أَن يُصَلِّي عَلَيْهَا بعدهمْ وَلَيْسَت هَذِه كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَة والتطوع
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى على جَنَازَة فَكبر تَكْبِيرَة أَو تكبيرتين ثمَّ جَاءَ رجل فَدخل مَعَه فِي الصَّلَاة أيكبر الرجل حِين يدْخل أم ينْتَظر الإِمَام حَتَّى يكبر الإِمَام قَالَ بل ينْتَظر حَتَّى يكبر الإِمَام فَإِذا كبر الإِمَام كبر مَعَه فَإِذا سلم الإِمَام قضى مَا بَقِي عَلَيْهِ قبل أَن ترفع الْجِنَازَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى أَن يكبر الرجل حِين يدْخل فِي الصَّلَاة وَلَا ينْتَظر الإِمَام لِأَن الإِمَام فِي الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى على جَنَازَة وَفرغ وَسلم وَسلم الْقَوْم

(1/427)


ثمَّ جَاءَ آخَرُونَ بعد فرَاغ الإِمَام من الصَّلَاة أيصلون عَلَيْهَا جمَاعَة أَو وحدانا قَالَ لَا يصلونَ عَلَيْهَا جمَاعَة وَلَا وحدانا
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى على جَنَازَة فَكبر تَكْبِيرَة وَاحِدَة وَكبر مَعَه الْقَوْم ثمَّ أَتَى بِجنَازَة أُخْرَى فَوضعت مَعهَا وَدخل الَّذين جاؤا بهَا مَعَ الْقَوْم فِي صلَاتهم كَيفَ يصنع الإِمَام وَالْقَوْم قَالَ إِذا فرغ الإِمَام

(1/428)


وَالَّذين كَانُوا مَعَه من الصَّلَاة على الْجِنَازَة الأولى قضى الَّذين جاؤا بالجنازة الثَّانِيَة مَا بَقِي عَلَيْهِم من تَكْبِيرَة الْجِنَازَة الأولى ثمَّ يسْتَقْبل الإِمَام وَالْقَوْم جَمِيعًا الصَّلَاة على الْجِنَازَة الثَّانِيَة وَلَا يحتسبون بِمَا كبروا على الْجِنَازَة الأولى قلت لم قَالَ لأَنهم افتتحوا الصَّلَاة على الْجِنَازَة الأولى فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يدخلُوا مَعهَا جَنَازَة أُخْرَى جَاءَت بعد ذَلِك قلت فَإِن افْتتح الإِمَام وَالْقَوْم الصَّلَاة على الْجِنَازَة الثَّانِيَة فكبروا تَكْبِيرَة أَو تكبيرتين ثمَّ أَتَى بِجنَازَة أُخْرَى فَوضعت مَعَ الثَّانِيَة وَدخل الْقَوْم مَعَ الإِمَام فِي الصَّلَاة قَالَ يتم الإِمَام الصَّلَاة على الْجِنَازَة الثَّانِيَة وَالْقَوْم فَإِذا سلم قضى الَّذين جاؤا بالجنازة الثَّالِثَة مَا بَقِي عَلَيْهِم من التَّكْبِير على الْجِنَازَة الثَّانِيَة ثمَّ يسْتَقْبل الإِمَام وَالْقَوْم جَمِيعًا الصَّلَاة على الْجِنَازَة الثَّالِثَة
قلت أَرَأَيْت الصَّلَاة على الْجِنَازَة عِنْد غرُوب الشَّمْس أَو عِنْد طُلُوع الشَّمْس أَو نصف النَّهَار هَل تكره ذَلِك قَالَ نعم أكرهه قلت فَإِن فعلوا وصلوا عَلَيْهَا هَل عَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا الصَّلَاة قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن صلوا عَلَيْهَا بعد طُلُوع الْفجْر أَو بعد الْعَصْر قبل أَن تَتَغَيَّر الشَّمْس قَالَ لَا أكره ذَلِك وصلاتهم تَامَّة قلت وَكَذَلِكَ

(1/429)


لَو صلوا عَلَيْهَا بعد الْفجْر قبل طُلُوع الشَّمْس قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت هَاتين الساعتين أَهما ساعتا صَلَاة قَالَ ليستا بساعتي صَلَاة تطوع فَأَما صَلَاة مَكْتُوبَة أَو صَلَاة على جَنَازَة أَو سَجْدَة فَلَا بَأْس أَن يَقْضِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي هَاتين الساعتين
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم تغرب لَهُم الشَّمْس وهم يُرِيدُونَ أَن يصلوا على جَنَازَة أيبدؤن بالمغرب أم بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة قَالَ بل يبدؤن بالمغرب لِأَنَّهَا أوجبهما عَلَيْهِم ثمَّ يصلونَ على الْجِنَازَة

(1/430)


قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى على جَنَازَة وَمَعَهُ قوم وَالْإِمَام على غير وضوء أَو هُوَ جنب قَالَ عَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا الصَّلَاة قلت فَإِن كَانَ إمَامهمْ متوضئا وَكَانَ بَعضهم على غير وضوء أَو كَانَ من خَلفه كلهم على غير وضوء قَالَ لَا يعيدون الصَّلَاة عَلَيْهَا قلت لم قَالَ لِأَن إمَامهمْ قد صلى عَلَيْهَا فَلَا يعيدون الصَّلَاة عَلَيْهَا
قلت أَرَأَيْت قوما صلوا على جَنَازَة فأخطأوا بِالرَّأْسِ فجعلوه فِي مَوضِع الرجلَيْن حَتَّى فرغوا من الصَّلَاة عَلَيْهَا قَالَ يجزيهم قلت فَإِن فعلوا ذَلِك عمدا قَالَ قد أساؤا وصلاتهم تَامَّة
قلت أَرَأَيْت قوما صلوا على جَنَازَة فأخطأوا الْقبْلَة فصلوا عَلَيْهَا لغير الْقبْلَة حَتَّى فرغوا من صلَاتهم قَالَ صلَاتهم تَامَّة قلت فَإِن

(1/431)


تعمدوا ذَلِك قَالَ يستقبلوا الصَّلَاة عَلَيْهَا
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يدفنون الْمَيِّت ونسوا الصَّلَاة عَلَيْهِ قَالَ يصلونَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْقَبْر كَمَا يصلونَ على الْجِنَازَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُصَلِّي على الْقَبْر فِي ثَلَاث فَإِذا مَضَت ثَلَاثَة لم يصل عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت قوما أَرَادوا الصَّلَاة على الْجِنَازَة وَمَعَهُمْ نسَاء أَيْن تصف النِّسَاء قَالَ من وَرَاء صُفُوف الرِّجَال قلت أَرَأَيْت إِن قَامَت امْرَأَة مَعَهم فِي الصَّفّ أَو قَامَت بحذاء الإِمَام فصلت مَعَهم قَالَ صلَاتهم جَمِيعًا تَامَّة قلت لم قَالَ لِأَن هَذِه الصَّلَاة لَيست كَصَلَاة مَكْتُوبَة أَلا ترى لَو أَن رجلا قَرَأَ السَّجْدَة فسجدتها امْرَأَة مَعَه أَنه

(1/432)


لَا يفْسد عَلَيْهِ فَكَذَلِك هَذَا
قلت أَرَأَيْت إِمَامًا صلى على جَنَازَة فَلَمَّا كبر تَكْبِيرَة أَو تكبيرتين ضحك الإِمَام حَتَّى قهقه قَالَ صلَاتهم فَاسِدَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة قلت فَهَل يُعِيد الْوضُوء من قهقه مِنْهُم قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الإِمَام تكلم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت قوما صلوا على الْجِنَازَة وهم ركُوب أَو هم قعُود قَالَ أما فِي الْقيَاس فَإِنَّهُ يجزيهم وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس وأستحسن فآمرهم بِالْإِعَادَةِ
قلت أَرَأَيْت رجلا مَاتَ فِي سَفَره وَمَعَهُ نسَاء لَيْسَ مَعَهُنَّ رجل هَل تغسله إِحْدَاهُنَّ قَالَ إِن كَانَت فِيهِنَّ امْرَأَته غسلته وَإِن لم تكن فِيهِنَّ امْرَأَته لم يغسلنه قلت وَلم تغسله امْرَأَته قَالَ لِأَنَّهَا فِي عدَّة مِنْهُ أَلا ترى أَنه لَا يحل أَن تتَزَوَّج مَا دَامَت فِي عدَّة مِنْهُ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الْمَرْأَة لم يدْخل بهَا قَالَ نعم دخل بهَا أَو لم يدْخل بهَا فَهُوَ سَوَاء قلت فَإِن لم يكن فِيهِنَّ امْرَأَته وَلَكِن كَانَت فِيهِنَّ أُخْته أَو أمه أَو خَالَته أَو عمته قَالَ لَا تغسله وَاحِدَة مِنْهُنَّ مِمَّن ذكرت وَلَا ينظرن إِلَى عَوْرَته وَلكنهَا تيَمّمه بالصعيد كَمَا وصفت

(1/433)


لَك التَّيَمُّم قلت فَهَل يصلين عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت فَهَل تقوم الإِمَام مِنْهُنَّ وسط الصَّفّ قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَت فِيهِنَّ أم ولد لَهُ هَل تغسله قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا فِي غير عدَّة نِكَاح قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أعْتقهَا قبل مَوته قَالَ سَوَاء وَلَا تغسله لِأَنَّهَا قد حرمت عَلَيْهِ قبل مَوته قلت أَرَأَيْت إِن فِيهِنَّ امْرَأَة وَقد طَلقهَا ثَلَاثًا فِي مَرضه أَو صِحَّته قَالَ لَا تغسله لِأَنَّهَا قد حرمت عَلَيْهِ قبل مَوته فَلَا تغسله قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِيهِنَّ امْرَأَته وَهِي

(1/434)


امْرَأَته بِنِكَاح فَاسد فَمَاتَ عَنْهَا على ذَلِك النِّكَاح قَالَ لَا تغسله قلت فَإِن كَانَت مَعَه أمة أَو مُدبرَة وَقد كَانَ يَطَأهَا قَالَ لَا تغسله قلت فقد كَانَ فرجهَا حَلَالا لَهُ قَالَ لِأَنَّهُ لَا عدَّة على وَاحِدَة مِنْهُمَا أَلا ترى أَن الْأمة تبَاع والمدبرة إِن لم يكن لَهَا سِعَايَة فَتزوّجت سَاعَة مَاتَ الرجل كَانَ نِكَاحهَا جَائِزا وَكَانَ لزَوجهَا أَن يَطَأهَا فأستقبح أَن يَطَأهَا زَوجهَا وَينظر إِلَى فرجهَا وَهِي تنظر إِلَى فرج آخر وتغسله قلت فَإِن كَانَت فِيهِنَّ امْرَأَته وَقد طَلقهَا طَلَاقا بَائِنا هَل تغسله قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت امْرَأَة مَاتَت فِي السّفر وَمَعَهَا رجال وَفِيهِمْ زَوجهَا هَل يغسلهَا قَالَ لَا قلت لم وَهِي تغسله وَهُوَ لَا يغسلهَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا عدَّة عَلَيْهِ أَلا ترى أَنه لَو شَاءَ تزوج أُخْتهَا وَلَو شَاءَ تزوج أَرْبعا وَلَو شَاءَ تزوج ابْنَتهَا إِن لم يكن دخل بالميتة فأستقبح أَن ينظر الرجل إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها امْرَأَته أَو أُخْتهَا أَو لَهُ أَربع نسْوَة

(1/435)


قلت فَإِن كَانَ أَخُوهَا مَعهَا أَو أَبوهَا قَالَ لَا يغسلهَا وَاحِد مِنْهُمَا
قلت أَرَأَيْت رجلا مَاتَ فِي سفر وَمَعَهُ نسَاء ومعهن رجل كَافِر هَل يَنْبَغِي لَهُنَّ أَن يصفن لَهُ كَيفَ يغسلهُ ثمَّ يخلين بَينه وَبَين الْمَيِّت قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن امْرَأَة مَاتَت فِي سفر وَمَعَهَا رجال وَمَعَهُمْ امْرَأَة كَافِرَة كَانَ يَنْبَغِي لَهُم أَن يصفوا لَهَا كَيفَ تغسلها ثمَّ يخلوا بَينهَا وَبَينهَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَت الْمَرْأَة كَيفَ تكفن قَالَ تكفن فِي لفافة وَهِي الرِّدَاء وَفِي إِزَار وَدرع وخمار وخرقة ترْبط فَوق

(1/436)


الأكفان عِنْد الصَّدْر فَوق الثديين والبطن حَتَّى لَا ينتشر عَنْهَا الْكَفَن قلت وَمَوْضِع الحنوط والكافور من الْمَرْأَة مَوْضِعه من الرِّجَال قَالَ نعم قلت ويسدل شعرهَا من خلف ظهرهَا إِذا غسلت قَالَ لَا وَلكنه يسدل مَا بَين ثدييها من الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا ثمَّ يسدل الْخمار عَلَيْهَا كَهَيئَةِ المقنعة
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَت الْمَرْأَة فكفنت فِي ثَوْبَيْنِ وخمار وَلم تكفن فِي درع هَل يجزيها ذَلِك قَالَ نعم
قلت فالخلق والجديد فِي ذَلِك سَوَاء قَالَ نعم فِي ذَلِك سَوَاء إِذا غسل قلت والبرود أحب إِلَيْك أم الْبيَاض قَالَ كل حسن بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كفن فِي حلَّة وقميص وبلغنا

(1/437)


عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه أَمر وَأوصى أَن يغسل ثوباه ويكفن فيهمَا وَقَالَ الْحَيّ أحْوج إِلَى الْجَدِيد من الْمَيِّت

(1/438)


فأيما فعل حسن
قلت فَإِن كفن الرجل فِي ثوب وَاحِد قَالَ مَا أحب لَهُ أَن ينقص من ثَوْبَيْنِ قلت فَإِن فعلوا فكفنوه فِي ثوب وَاحِد قَالَ يجزى وَقد أساؤا قلت وَالْمَرْأَة لَا تنقص من ثَوْبَيْنِ وخمار قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الصَّبِي إِذا كَانَ صَغِيرا لم يتَكَلَّم وَلم يعقل فِي أَي شَيْء يُكفن قَالَ إِن كفن فِي خرقتين إِزَار ورداء فَحسن وَإِن كَانَ إزارا وَاحِدًا أجزاه قلت فَإِن كَانَ غُلَاما قد راهق وَلم يَحْتَلِم إِلَّا أَنه قد صلى وَصَامَ وَلم يَحْتَلِم مثله قَالَ هَذَا يُكفن كَمَا يُكفن الرجل
قلت أَرَأَيْت الرجلَيْن هَل يدفنان فِي قبر وَاحِد قَالَ إِن احتاجوا إِلَى ذَلِك فعلوا وَإِن فعلوا ذَلِك فليقدموا فِي اللَّحْد أفضلهما وليجعلوا بَينهمَا حاجزا من الصَّعِيد

(1/439)


قلت أَرَأَيْت الصَّبِي الصَّغِير الَّذِي لم يتَكَلَّم هَل تغسله الْمَرْأَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الصبية الصَّغِيرَة الَّتِي لم تَتَكَلَّم هَل يغسلهَا الرجل وَهُوَ غير ذِي رحم مِنْهَا محرم وَلَا زوج لَهَا قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَت قد كَبرت وَمثلهَا يُجَامع قَالَ لَا يغسلهَا الرِّجَال قلت وَكَذَلِكَ الْغُلَام إِذا كَانَ مثله يُجَامع لم يغسلهُ أحد من النِّسَاء مَا خلا امْرَأَته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَيِّت إِذا وضئ وضوءه للصَّلَاة هَل يغسل رِجْلَاهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة إِذا أسدل عَلَيْهَا خمارها أتحت الْكَفَن قَالَ فَوق الدرْع وَتَحْت الْإِزَار واللفافة
قلت أَرَأَيْت قوما صلوا على ميت قبل أَن يغسل ثمَّ ذكرُوا بعد مَا صلوا عَلَيْهِ كَيفَ يصنعون قَالَ يغسل الْمَيِّت ويعيدون الصَّلَاة عَلَيْهِ قلت فَإِن لم يذكرُوا غسله حَتَّى دفنوه هَل ينبشوا الْقَبْر ثمَّ يغسل وَيُصلي

(1/440)


عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت فَلم أَمرتهم بِغسْلِهِ وَقد صلوا عَلَيْهِ قَالَ أَمرتهم بِغسْلِهِ مَا دَامَ فِي أَيْديهم فَإِذا دفن فَلَا آمُرهُم أَن ينبشوا الْقَبْر
قلت أَرَأَيْت رجلا مَاتَ فَدفن وَوَجهه لغير الْقبْلَة أَو وضع على شقَّه الْأَيْسَر أَو جعل رَأسه فِي مَوضِع الرجلَيْن ثمَّ ذكرُوا ذَلِك بعد مَا فرغوا من دَفنه هَل ينبشون قَبره فيدفنونه على مَا يَنْبَغِي لَهُ قَالَ لَا وَلَكنهُمْ يَدعُونَهُ كَمَا هُوَ قلت فَإِن كَانُوا قد وضعُوا اللَّبن وَلم يهل التُّرَاب عَلَيْهِ بعد قَالَ ينْزع اللَّبن ثمَّ يهيؤنه على مَا يَنْبَغِي لَهُ قلت فَهَل يغسلونه إِن لم يكن غسل قَالَ نعم قلت فَإِن كَانُوا قد أهالوا عَلَيْهِ التُّرَاب قَالَ يتركونه كَمَا هُوَ على حَاله
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يسْقط مِنْهُم الثَّوْب فِي الْقَبْر أَو الشَّيْء من مَتَاعهمْ هَل ترى بَأْسا بِأَن يحفروا من التُّرَاب شَيْئا من غير أَن ينبشوا

(1/441)


الْمَيِّت قَالَ لَا بَأْس بِأَن يحفروا من التُّرَاب شَيْئا فيخرجوا مَتَاعهمْ
قلت أَرَأَيْت اللَّحْد أتكره أَن يَجْعَل عَلَيْهِ رفوف خشب قَالَ نعم أكره ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْمَيِّت إِذا وضع فِي اللَّحْد وَلم يغسل وَلم يهل عَلَيْهِ التُّرَاب قَالَ يَنْبَغِي لَهُم أَن يخرجوه فيغسلوه ويصلوا عَلَيْهِ قلت فَإِن كَانُوا قد نصبوا اللَّبن عَلَيْهِ وأهالوا عَلَيْهِ التُّرَاب قَالَ لَيْسَ يَنْبَغِي لَهُم أَن ينبشوا الْمَيِّت من قَبره قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانُوا وضعُوا رَأسه مَكَان رجلَيْهِ أَو وضعوه على شقَّه الْأَيْسَر كَانَ لَهُم أَن يخرجوه فيهيؤه كَمَا يَنْبَغِي لَهُ مَا لم يهيلوا عَلَيْهِ التُّرَاب فَإِذا أهالوا عَلَيْهِ التُّرَاب لم يَنْبغ لَهُم أَن يخرجوه قَالَ نعم

(1/442)


قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تَمُوت مَعَ الرِّجَال وَالرجل يَمُوت مَعَ النِّسَاء لَيْسَ مَعَهُنَّ من يغسلهُ قَالَ يتَيَمَّم كل وَاحِد مِنْهُمَا بالصعيد الْوَجْه والذراعان من وَرَاء الثَّوْب
- بَاب صَلَاة الْكُسُوف
-
قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى رَكْعَتَيْنِ فِي الْكُسُوف ثمَّ كَانَ الدُّعَاء حَتَّى انجلت الشَّمْس وَإِنَّمَا الصَّلَاة رَكْعَتَانِ كَصَلَاة التَّطَوُّع وَإِن شِئْت طولتهما وَإِن شِئْت قصرتهما ثمَّ الدُّعَاء حَتَّى تجلى الشَّمْس
قلت وَالَّذِي ذكر من الصَّلَاة فيهمَا أيركع رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يسْجد قَالَ الصَّلَاة فيهمَا كَمَا ذكرت لَك كَصَلَاة النَّاس الْمَعْرُوفَة
قلت وَترى فِي كسوف الْقَمَر صَلَاة قَالَ نعم الصَّلَاة فِيهِ حَسَنَة قلت فَهَل يصلونَ جمَاعَة كَمَا يصلونَ فِي كسوف الشَّمْس قَالَ لَا
قلت فَهَل تكره الصَّلَاة فِي التَّطَوُّع جمَاعَة مَا خلا قيام رَمَضَان

(1/443)


وَصَلَاة كسوف الشَّمْس قَالَ نعم وَلَا يَنْبَغِي أَن يُصَلِّي فِي كسوف الشَّمْس جمَاعَة إِلَّا الإِمَام الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَة فَأَما أَن يُصَلِّي النَّاس فِي مَسَاجِدهمْ جمَاعَة فَإِنِّي لَا أحب ذَلِك وليصلوا وحدانا
قلت أَرَأَيْت الصَّلَاة فِي غير كسوف الشَّمْس فِي الظلمَة تكون أَو فِي الرّيح الشَّدِيدَة قَالَ الصَّلَاة حَسَنَة فِي ذَلِك كُله وحدانا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِذا رَأَيْتُمْ من هَذِه الأفزاع شَيْئا فافزعوا إِلَى الصَّلَاة

(1/444)


قلت فَإِن صلوا فِي كسوف الشَّمْس وحدانا قَالَ إِن صلوا وحدانا أَو فِي جمَاعَة كَيفَ مَا صلوا فَحسن قلت فَإِن صلوا جمَاعَة هَل يجهرون فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ قَالَ لَا وَلكنه يخفى فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَلَيْسَت هَذِه كَصَلَاة الْعِيدَيْنِ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى فِيهَا وَلم يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ويجهر فِيهَا فِي قَول أبي يُوسُف وَهُوَ قَول مُحَمَّد

(1/445)


قَالَ بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه صلى فِي كسوف الشَّمْس وَأَنه جهر بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا
قلت أَرَأَيْت النِّسَاء هَل ترخص لَهُنَّ أَن يحضرن ذَلِك قَالَ لَا أرخص للنِّسَاء فِي شَيْء من الْخُرُوج إِلَّا الْعَجُوز الْكَبِيرَة فَإِنِّي أرخص لَهَا فِي الْخُرُوج فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي صَلَاة الْفجْر وَالْعشَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَن فأرخص لَهُنَّ فِي الْخُرُوج فِي الصَّلَوَات كلهَا وَفِي صَلَاة الْكُسُوف

(1/446)


وَفِي الاسْتِسْقَاء إِذا كَانَت عجوزا وَلَا بَأْس بِأَن تخرج فِي ذَلِك كُله وأكره للشابة ذَلِك وَهُوَ قَول مُحَمَّد
- بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء
-
قلت فَهَل فِي الاسْتِسْقَاء صَلَاة قَالَ لَا صَلَاة فِي الاسْتِسْقَاء إِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاء قلت وَلَا ترى بِأَن يجمع فِيهِ للصَّلَاة ويجهر الإِمَام بِالْقِرَاءَةِ قَالَ لَا أرى ذَلِك إِنَّمَا بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج فَدَعَا وبلغنا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه صعد

(1/447)


الْمِنْبَر فَدَعَا واستسقى وَلم يبلغنَا فِي ذَلِك صَلَاة إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا شاذا لَا يُؤْخَذ بِهِ

(1/448)


قلت فَهَل يسْتَحبّ أَن يقلب الإِمَام أَو أحد من الْقَوْم رِدَاءَهُ فِي ذَلِك قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن أرى أَن يُصَلِّي الإِمَام فِي الاسْتِسْقَاء نَحوا من صَلَاة الْعِيد يبْدَأ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة وَلَا يكبر فِيهَا كَمَا يكبر فِي الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى فِي الاسْتِسْقَاء وبلغنا عَن ابْن عَبَّاس أَنه

(1/449)


أَمر بذلك ويقلب رِدَاءَهُ فِي ذَلِك وَقَلبه أَن يَجْعَل الْجَانِب الْأَيْسَر على الْأَيْمن والأيمن على الْأَيْسَر وَإِنَّمَا تتبع فِي هَذِه السّنة والْآثَار الْمَعْرُوفَة وَلَيْسَ يجب ذَلِك على من خلف الإِمَام
قلت أفتحب أَن يخرج أهل الذِّمَّة مَعَ أهل الْإِسْلَام فِي ذَلِك قَالَ مَا أحب ذَلِك وَلَا يَنْبَغِي لأهل الْإِسْلَام أَن يتقربوا إِلَى الله تَعَالَى بِأحد من أهل الذِّمَّة وبلغنا عَن عمر بن الْخطاب أَنه نهى أَن يحضر أحد من أهل الْكفْر عِنْد الْمُسلمين لِأَن السخطة تنزل عَلَيْهِم

(1/450)


فَكيف أحضرهم دُعَاء الْمُسلمين
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا خطب فِي الاسْتِسْقَاء هَل يجب على الْقَوْم أَن يستمعوا وينصتوا قَالَ نعم أحب إِلَى أَن يستمعوا وينصتوا وَلَيْسَ بِوَاجِب مثل الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَة
قلت فَهَل يخرج الْمِنْبَر فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاء قَالَ لَا قلت فَهَل فِي الْعِيدَيْنِ أَذَان وَإِقَامَة قَالَ لَا قلت فَهَل يخرج النِّسَاء

(1/451)


فِي ذَلِك قَالَ لَا
- بَاب الصَّلَاة بِمَكَّة وَفِي الْكَعْبَة
-
قلت أَرَأَيْت الإِمَام إِذا صلى بِمَكَّة وصف النَّاس حول الْكَعْبَة فَقَامَتْ امْرَأَة بحذاء الإِمَام قَالَ إِن كَانَت تأتم من الْكَعْبَة بالجانب الَّذِي يأتم بِهِ الإِمَام وَنوى الإِمَام الَّذِي تأتم بِهِ أَن يؤمها ويؤم النَّاس فَصَلَاة الإِمَام وَصَلَاة النَّاس كلهم فَاسِدَة قلت فَإِن كَانَ يأتم بالجانب الْآخِرَة وَكَانَت إِلَى الْكَعْبَة أقرب من الإِمَام قَالَ صلَاتهَا وَصَلَاة الْقَوْم وَصَلَاة الإِمَام كلهم تَامَّة قلت فَإِن قَامَت بحذاء الإِمَام من الْجَانِب الآخر وصف مَعهَا النِّسَاء مُقَابل صف الإِمَام قَالَ صَلَاة

(1/452)


الإِمَام وَصَلَاة النَّاس كلهم تَامَّة إِلَّا من كَانَ مَعَ النِّسَاء فِي ذَلِك الْجَانِب قلت فَمن كَانَ بحذائهن أَو خلفهن قَالَ صلَاته فَاسِدَة قلت فان صلى النَّاس فُرَادَى تَطَوّعا النِّسَاء وَالرِّجَال قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء وَصَلَاة الرِّجَال تَامَّة من كَانَ بحذا النِّسَاء أَو خلفهن غير أَنه قد أَسَاءَ فِي قِيَامه بحذاء النِّسَاء أَو خلفهن
قلت فَإِن كَانَت الْكَعْبَة تبنى وَقَامَ الإِمَام يُصَلِّي بِالنَّاسِ وصف النَّاس حول الْكَعْبَة وَلَيْسَ بَين يَدي الإِمَام ستر يحجز بَينه وَبَين الصَّفّ الْمُسْتَقْبل قَالَ يجزى الإِمَام وَالْقَوْم جَمِيعًا وصلاتهم تَامَّة إِلَّا أَن الإِمَام قد أَسَاءَ فِي تَركه أَن يَجْعَل بَينهم وَبَينه ستْرَة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان صف الرِّجَال صف من النِّسَاء كَانَت صلَاته وَصَلَاة الْقَوْم كلهم تَامَّة قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ الإِمَام صلى فِي جَوف الْكَعْبَة مُسْتَقْبل حَائِط من

(1/453)


حيطانها أَيجوزُ أَيْضا قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ مَعَه فِي جَوف الْكَعْبَة قوم يصلونَ إِلَى الْحَائِط الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْهِ الإِمَام وهم قُدَّام الإِمَام قَالَ لَا يجزيهم صلَاتهم لأَنهم قُدَّام الإِمَام يصلونَ إِلَى الْجَانِب الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْهِ الإِمَام قلت فَإِن كَانَ مكانهم نسَاء قَالَ صَلَاة الإِمَام وَالْقَوْم تَامَّة وَصَلَاة النِّسَاء فَاسِدَة قلت فَإِن صف قوم مُسْتَقْبل الإِمَام بِوُجُوهِهِمْ إِلَى وَجه الإِمَام يأتمون بِالْإِمَامِ قَالَ يجزيهم ذَلِك إِلَّا أَن الإِمَام قد أَسَاءَ فِي ترك الستْرَة فِيمَا بَينهم قلت فان صافوا حَلقَة وَاحِدَة فِي جَوف الْكَعْبَة فصلوا بِإِمَام قَالَ يجزيهم صلَاتهم إِذْ كل وَاحِد مِنْهُم صلى على الْقبْلَة لِأَن كلا على الْقبْلَة
قلت فَإِن كَانُوا فِي غير الْكَعْبَة فتحروا الْقبْلَة فصلى كل إِنْسَان مِنْهُم إِلَى نَاحيَة بِالتَّحَرِّي وائتموا بِالْإِمَامِ قَالَ لَا يجزى من خَالف الإِمَام لِأَن الإِمَام على غير قبْلَة فَلَا يجزى أَن يأتم بِهِ وَلَا يشبه هَذَا الْكَعْبَة

(1/454)


لِأَن الْكَعْبَة حَيْثُ مَا وَجهه مِنْهَا فَهُوَ قبْلَة وَهُوَ حق
قلت أَرَأَيْت قوما صلوا فَوق الْكَعْبَة بِإِمَام قَالَ يجزيهم قلت فَإِن كَانَ وَجه الإِمَام إِلَى نَاحيَة مِنْهَا وَوجه كل إِنْسَان مِنْهُم إِلَى نَاحيَة أُخْرَى قَالَ يجزيهم كلهم إِلَّا أَن يكون أحد مِنْهُم قُدَّام الإِمَام وظهره إِلَى وَجه الإِمَام من كَانَ هَكَذَا فَإِنَّهُ لَا تجزيه صلَاته قلت أَرَأَيْت إِن صف قوم مِنْهُم قُدَّام الإِمَام ووجوههم إِلَى وَجه الإِمَام قَالَ يجزيهم ذَلِك قلت وَالنِّسَاء فِي هَذَا الْبَاب مثل الرِّجَال قَالَ نعم غير أَنهم قد أساؤا فِي ترك السّتْر بَينهم وَبَين الإِمَام قلت أَرَأَيْت إِن صف قوم مِنْهُم خلف الإِمَام وَجعلُوا ظُهُورهمْ إِلَى ظهر الإِمَام وائتموا بِالْإِمَامِ قَالَ يجزيهم صلَاتهم لأَنهم خلف الإِمَام وَالْإِمَام على قبْلَة قلت أَرَأَيْت العبيد والأحرار وَالرِّجَال وَالنِّسَاء هم كلهم فِي هَذَا سَوَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام يُصَلِّي إِلَى الْكَعْبَة بَينه وَبَين الْكَعْبَة

(1/455)


مقَام إِبْرَاهِيم والصف الَّذِي مُقَابِله أقرب إِلَى الْكَعْبَة من الإِمَام قَالَ تجزيهم صلَاتهم كلهم قلت وَكَذَلِكَ الصَّفّ الآخر فِيمَا بَين الرُّكْن الْيَمَانِيّ إِلَى الْحجر وَهُوَ أقرب إِلَى الْبَيْت من الإِمَام قَالَ نعم تجزيهم كلهم صلَاتهم قلت فَإِن كَانَ الَّذِي فِي جَانب الإِمَام أقرب إِلَى الْكَعْبَة من الإِمَام قَالَ لَا تجزيهم وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة
قلت أَرَأَيْت إِن استقبلوا الإِمَام بِوُجُوهِهِمْ والكعبة خلف ظُهُورهمْ قَالَ لَا تجزيهم صلَاتهم لأَنهم على غير الْقبْلَة وَعَلَيْهِم أَن يستقبلوا الصَّلَاة وَأما الإِمَام وَالْقَوْم جَمِيعًا غير هَؤُلَاءِ فَإِن صلَاتهم تَامَّة

(1/456)