الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الْوَاحِد الْعدْل
// كتاب الْبيُوع وَالسّلم
//
1 - أَحْمد بن حَفْص قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الذَّهَب بِالذَّهَب مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا

(5/1)


وَالْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا وَالْملح بالملح مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا
2 - مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ أسلم مَا يُكَال فِيمَا يُوزن وَأسلم مَا يُوزن فِيمَا يُكَال وَلَا تسلم مَا يُوزن فِيمَا يُوزن وَلَا مَا يُكَال فِيمَا يُكَال وَإِذا اخْتلف النوعان فِيمَا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَان بِوَاحِد يَد بيد وَلَا بَأْس يه نَسِيئَة وَإِن كَانَ من نوع وَاحِد مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَان بِوَاحِد يَد بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
3 - وَإِذا أسلم الرجل فِي الطَّعَام كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَضَربا من الطَّعَام وسطا أَو جيدا أَو رديئا وَاشْتِرَاط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه إِيَّاه فِيهِ فَهَذَا جَائِز وَإِن ترك شَيْئا من هَذَا لم يَشْتَرِطه فالسلم فَاسد

(5/2)


4 - وَإِن كَانَ رَأس المَال دَرَاهِم غير مَعْلُومَة فالسلم فَاسد لِأَنَّهُمَا إِن تتاركا لم يدر مَا هُوَ بدين عَلَيْهِ أَو وجد فِيهَا درهما زائفا لم يدر مَا هُوَ من الثّمن فِي قَول أبي حنيفَة
5 - وَإِذا اشْترط طَعَام قَرْيَة أَو أَرض خَاصَّة وَلَا يبْقى طعامها فِي أَيدي النَّاس فالسلم فَاسد لِأَنَّهُ أسلم فِيمَا يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
6 - وَلَا بَأْس بِأَن تَأْخُذ بعض رَأس مَالك وَبَعض مَا أسلمت فِيهِ إِذا حل الْأَجَل مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن أبي عمر عَن ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ ذَلِك الْمَعْرُوف الْحسن الْجَمِيل
7 - فالسلم فِي جَمِيع مَا يُكَال وَجَمِيع مَا يُوزن مِمَّا لَا يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس جَائِز وَالشعِير وَالْحِنْطَة والسمسم وَالزَّيْت وَالزَّبِيب وَالسمن وَمَا أشبهه من الْكَيْل وَالْوَزْن فَلَا بَأْس بِهِ

(5/3)


8 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الزَّعْفَرَان والمسك والعنبر وَمَا أشبهه مِمَّا لَا يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس إِذا اشْترط وزنا مَعْلُوما وَضرب لَهُ أَََجَلًا مَعْلُوما وسمى صنفا مَعْلُوما فَذَلِك جَائِز
9 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي كل مَا يُكَال من الحنا والورد والوسمة والرياحين الْيَابِسَة إِذا اشْترط كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَصِنْفًا مَعْلُوما
10 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْحَدِيد والرصاص والصفر وَمَا أشبهه مِمَّا يُوزن إِذا اشْترط أَََجَلًا مَعْلُوما ووزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما
11 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي القت وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
12 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الرّطبَة وَلَا فِي الْحَطب حزما أَو جرزا لِأَن هَذَا مَجْهُول لَا يعرف أَلا ترى أَنه لَا يعرف طوله وَلَا عرضه وَلَا غلظه فَإِن عرف فَهُوَ جَائِز

(5/4)


13 - وَلَا خير فِي السّلم فِي جُلُود الْغنم وَالْبَقر وَالْإِبِل وَلَا فِي الْوَرق وَلَا فِي الْأدم لِأَنَّهُ مَجْهُول فِيهِ الصَّغِير وَالْكَبِير إِلَّا أَن يشْتَرط من الْوَرق والصحف والأدم ضربا مَعْلُوما والطول والجودة وَالْعرض
14 - وَلَا خير فِي السّلم فِي شَيْء من الْحَيَوَان بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله ابْن مَسْعُود أَلا ترى إِنَّه مُخْتَلف مَجْهُول لَا يعرف وقته وَلَا قدره
15 - وَلَو اشْترط جذعا أَو ثنيا كَانَ ذَلِك بَاطِلا لَا خير فِيهِ من قبل أَن الجذعان والثنيان مُخْتَلفَة
16 - وَلَا بَأْس بالسلم بالحرير والزطى واليهودي والسابري والقوهي والمروي والبتوت والطيالسة وَالثيَاب كلهَا بعد أَن يشْتَرط ضربا مَعْلُوما وطولا مَعْلُوما وعرضا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَصفَة مَعْلُومَة

(5/5)


17 - وكل شَيْء من السّلم لَهُ حمل وَمؤنَة فَلَا بُد من أَن يشْتَرط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ فَإِن لم يشْتَرط ذَلِك فسد السّلم فِي قَول أبي حنيفَة
18 - وَلَا خير فِي السّلم فِي كل شَيْء يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
19 - وكل شَيْء لَيْسَ لَهُ حمل وَلَا مُؤنَة فَلَا بَأْس بالسلم فِيهِ وَلَا يشْتَرط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه
قَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد مَا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة وَمَا لم يكن لَهُ حمل وَلَا مُؤنَة سَوَاء فَهُوَ جَائِز وَإِن لم يشْتَرط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيهِ أَن يُوفيه فِي الْمَكَان الَّذِي أسلم إِلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة الأول ثمَّ رَجَعَ عَنهُ وَقَالَ لَا يجوز
20 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الْفَاكِهَة كلهَا فِي غير حينها وَإِذا كَانَ حينها الَّذِي تكون فِيهِ فَلَا بَأْس بالسلم فِيهَا ضربا مَعْلُوما وَكيلا مَعْلُوما وأجلا

(5/6)


مَعْلُوما قبل أَن يَنْقَطِع فَإِن جعلت أَََجَلًا بعد انْقِطَاعه فَلَا خير فِي السّلم فَإِذا جعلت أَََجَلًا قبل انْقِطَاعه ثمَّ لم يجد مِنْهُ مَا عَلَيْهِ حَتَّى يَنْقَطِع فَصَاحب السّلم بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ رَأس مَاله وَإِن شَاءَ أخر السّلم حَتَّى يَجِيء حِينه الَّذِي يكون فِيهِ فَيَأْخُذ مَا أسلم فِيهِ
21 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الرُّمَّان وَلَا فِي السفرجل وَلَا فِي الْبِطِّيخ وَلَا فِي القثاء وَلَا فِي البقل وَلَا فِي الْخِيَار وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن لِأَنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ الصَّغِير وَالْكَبِير
22 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْجَوْز وَالْبيض عددا وَلَا بَأْس بالجوز كَيْلا مَعْرُوفا
23 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْفُلُوس عددا
24 - وَلَا خير فِي السّلم فِي اللَّحْم لِأَنَّهُ مُخْتَلف فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أسلم فِي مَوضِع مِنْهُ مَعْلُوم وسمى صفة مَعْلُومَة فَهُوَ جَائِز

(5/7)


25 - وَلَا خير فِي السّلم فِي السّمك الطري فِي غير حِينه من قبل أَنه يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس وَلِأَنَّهُ مُخْتَلف وَإِن أسلم فِيهِ فِي حِينه فَهُوَ جَائِز وَأما السّمك المالح فَلَا بَأْس بالسلم فِيهِ وزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَإِن أأسلمت فِيهِ عددا فَلَا خير فِيهِ
26 - وَإِذا أسلم الرجل فِي الْجُذُوع ضربا مَعْلُوما وطولا مَعْلُوما وغلظا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فَلَا بَأْس بِهِ إِن اشْترط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ
27 - وَكَذَلِكَ الساج والصنوف من العيدان والخشب والقصب إِذا اشْترط طولا مَعْلُوما وغلظا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فَلَا بَأْس بذلك
28 - إِذا استصنع الرجل عِنْد الرجل عِنْد الرجل خُفَّيْنِ أَو قلنسوة أَو تورا أَو كوزا أَو قمقما أَو آنِية من آنِية النّحاس وَاشْترط من ذَلِك صناعَة مَعْرُوفَة

(5/8)


وَلم يضْرب لذَلِك أَََجَلًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا فرغ الرجل من ذَلِك لِأَنَّهُ اشْترى مَا لم ير فَإِن شَاءَ الَّذِي استصنعه أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه فَإِن ضرب لَهُ أَََجَلًا وَكَانَت تِلْكَ الصِّنَاعَة مَعْرُوفَة وَاشْترط مِنْهَا وزنا مَعْرُوفا من النّحاس فَهُوَ بِمَنْزِلَة السّلم وَهُوَ جَائِز لَيْسَ لَهُ خِيَار فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن كَانَت مَجْهُولَة فَهُوَ فَاسد لَا يجوز
قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز وَصَاحبه بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه وَلَا يكون بِمَنْزِلَة السّلم
29 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي اللَّبن فِي حِينه الَّذِي يكون فِيهِ إِذا اشْترط وزنا مَعْلُوما أَو كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما قبل انْقِطَاعه وَكَذَلِكَ ألبان الْبَقر وَغَيرهَا
30 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي اللَّبن والآجر إِذا اشْترط من ذَلِك شَيْئا مَعْرُوفا وَجعل لَهُ أَََجَلًا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وَإِن كَانَ ذَلِك لَا يعرف فَلَا خير فِيهِ
31 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الأليات إِذا اشْترط وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
32 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي شَحم الْبَطن إِذا اشْترط من ذَلِك وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما

(5/9)


33 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي التِّبْن إِذا كَانَ كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وفيمانا مَعْلُومَة وَإِذا كَانَ ذَلِك لَا يعرف لَهُ قيمَة فَلَا خير فِيهِ
34 - وَلَا خير فِي السّلم فِي رُؤُوس الْغنم والأكارع لِأَنَّهَا مُخْتَلفَة فِيهَا الصَّغِيرَة والكبيرة
35 - وَلَا خير فِي السّلم فِي كل شَيْء يُوزن أَو يُكَال إِذا اشْترط بِمِكْيَال غير مَعْرُوف وَلَو اشْترط بِإِنَاء بِعَيْنِه غير أَن ذَلِك الْإِنَاء لَا يعرف وَزنه وَلَا يكون رطلا فَلَا خير فِيهِ أَلا ترى لَو أَن ذَلِك الْإِنَاء هلك لم يعرف مَا أسلم فِيهِ وَكَذَلِكَ الطَّعَام وَغَيره إِذا اشْترط بِإِنَاء مَجْهُول لَا يعرف قدره

(5/10)


وَإِذا اشْترى بذلك الْإِنَاء يدا بيد فَلَا بَأْس مَا كَانَ قَائِما بِعَيْنِه
36 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْعصير فِي حِينه الَّذِي يكون فِيهِ بعد أَن يكون أَجله قبل انْقِطَاعه وَاشْترط من ذَلِك وزنا وَكيلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما فِي حِينه فَإِن ذهب حِين الْعصير كَانَ صَاحبه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ رَأس مَاله وَإِن شَاءَ أَخّرهُ حَتَّى يَجِيء حِينه فَيَأْخُذ مَا أسلم فِيهِ
37 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْخلّ إِذا اشْترط كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما من الْخلّ وَصِنْفًا مَعْلُوما
38 - وَإِذا أسلم الرجل فِي تمر وَلم يسم فارسيا وَلَا دقلا فَلَا خير فِي السّلم فِيهِ لِأَن الْفَارِسِي مُخَالف للدقل
وَإِن كَانَ اشْترط فارسيا فَلَا بُد من أَن يُقَال جيدا أَو وسطا أَو رديئا

(5/11)


39 - وَلَا خير فِي السّلم فِي شَيْء من الطير وَلَا فِي لحومها
40 - وَلَا خير فِي السّلم فِي شَيْء من الْجَوَاهِر وَلَا اللُّؤْلُؤ لِأَنَّهُ مُخْتَلف مَجْهُول
41 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الجص والنورة إِذا اشْترط من ذَلِك كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وَكَذَلِكَ مَا أشبهه مِمَّا يُكَال أَو يُوزن
42 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الزّجاج إِلَّا أَن يكون مكسورا فليشترط من ذَلِك وزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما
43 - وَإِن كَانَت آنِية وَاشْترط من ذَلِك شَيْئا مَعْرُوفا لَا يجهل فَلَا بَأْس بِهِ
وَإِن كَانَ هَذَا مَجْهُولا فَاشْترط من ذَلِك عددا وَفِي ذَلِك الصَّغِير وَالْكَبِير فَلَا خير فِيهِ
44 - وَإِذا أسلم الرجل ألف دِرْهَم إِلَى رجل فِي طَعَام خَمْسمِائَة دِرْهَم من ذَلِك كَانَت دينا عَلَيْهِ وَخَمْسمِائة نقدها إِيَّاه فَإِنَّهُ يُجزئ ذَلِك

(5/12)


من حِصَّة النَّقْد وَهُوَ النّصْف وَيبْطل من ذَلِك حِصَّة الدّين وَهُوَ النّصْف قَالَ وبلغنا ذَلِك عَن أأبي حنيفَة عَن ابْن عَبَّاس أَلا ترى أَنه أسلم دينا فِي دين
45 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل مائَة دِرْهَم فِي كرّ حِنْطَة وكر شعير وَلم يبين رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا فَلَا خير فِي ذَلِك وَهُوَ مَرْدُود وَهَذَا قَول أبي حنيفَة قَالَ وبلغنا ذَلِك عَن عبد الله بن عمر
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز
46 - وَإِذا أسلم الرجل الدَّرَاهِم إِلَى رجل فِي طَعَام على أَن أَحدهمَا بِالْخِيَارِ فَلَا يجوز السّلم فِي هَذَا وَالسّلم فَاسد وَهُوَ بِمَنْزِلَة الصّرْف إِلَّا أَن يبطل صَاحب الْخِيَار قبل أَن يَتَفَرَّقَا فَيجوز ذَلِك
47 - وَكَذَلِكَ لَو أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم فِي طَعَام فَافْتَرقَا قبل أَن يقبض الدَّرَاهِم
48 - قلت وَكَذَلِكَ لَو أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم فِي طَعَام فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا افْتَرقَا وجدهَا زُيُوفًا فَإِنَّهُ يردهَا وينتقض السّلم

(5/13)


وَإِن أعلمهُ أَنَّهَا زيوف وَقَبضهَا على ذَلِك فَلَيْسَ أَن يردهَا وَالسّلم جَائِز
فَإِن لم يعلم ثمَّ وجد فِيهَا درهما زائفا فَإِنِّي أستحسن أَن يردهُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذ غَيره لِأَنَّهُ قَبضه
وَإِن كَانَ ستوقا رده وأحصى وَحط عَنهُ بِقَدرِهِ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ زُيُوفًا كلهَا فَإنَّا نستحسن أَن يبدلها لَهُ وَالسّلم على حَاله
49 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي طَعَام وَأَعْطَاهُ دَرَاهِم لَا يعلم مَا وَزنهَا أَو فضَّة أَو ذَهَبا لَا يعلم مَا وَزنه فَإِن السّلم فَاسد لَا يجوز من قبل

(5/14)


أَنه لَا يعلم مَا رَأس مَاله وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ جَائِز
50 - وَلَو أسلم ثوبا فِي طَعَام فَإِن هَذَا جَائِز فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن لم يعلم مَا قيمَة الثَّوْب من أجل أَن الثِّيَاب تخْتَلف فِي الغلاء والرخص فِي الْبلدَانِ وَإِنَّمَا تقوم بِالظَّنِّ والحرز وَأما الْفضة وَالذَّهَب وَالدَّرَاهِم فَإِنَّهُ يقدر على أَن يزنه حَتَّى يعلم مَا هُوَ فَهَذَا مُخَالف لذَلِك
51 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي طَعَام وَأخذ كَفِيلا ثمَّ صَالح الْكَفِيل على رَأس مَاله فَإِن الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام بِالْخِيَارِ فَإِن شَاءَ أجَاز الصُّلْح وَأَعْطَاهُ رَأس المَال وَإِن شَاءَ رد الصُّلْح وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى الصُّلْح جَائِزا على الْكَفِيل وَلَا يلْزم الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام من الصُّلْح شَيْء إِنَّمَا يكون عَلَيْهِ طَعَام مثل ذَلِك يردهُ على الْكَفِيل وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل كفل لرجل بِأَلف دِرْهَم فَصَالحه على خَادِم أَو ثِيَاب فَالصُّلْح جَائِز وَيرجع الْكَفِيل على الْمَكْفُول عَنهُ بِأَلف دِرْهَم
52 - وَإِذا أسلم الرّجلَانِ إِلَى رجل فِي طَعَام فَصَالحه أَحدهمَا على رَأس المَال وأبى الآخر أَن يُجِيز ذَلِك فَإِن الصُّلْح لَا يجوز من قبل أَنه لَا يكون لأَحَدهمَا دَرَاهِم وَللْآخر طَعَام فَإِن رَضِي الشَّرِيك بذلك كَانَ

(5/15)


مَا أَخذ الآخر من رَأس المَال وَمَا بَقِي من الطَّعَام بَينهمَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى الصُّلْح جَائِزا على الَّذِي صَالح وَإِن أَبى شَرِيكه كَانَ للَّذي صَالح رَأس مَاله وَكَانَ لشَرِيكه طَعَامه على حَاله فَإِن توى رَجَعَ على شَرِيكه بِنصْف مَا أَخذ وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجلَيْنِ لَهما على رجل مائَة دِرْهَم فَصَالحه أَحدهمَا من حِصَّته على ثوب وأبى الآخر أَن يرضى فالمصالح الثَّوْب وَللْآخر خَمْسُونَ درهما على الْمَطْلُوب فَإِن تويت فَلهُ أَن يدْخل مَعَ صَاحب الثَّوْب فِي الثَّوْب فَيكون لَهُ نصفه إِلَّا أَن يرضى صَاحب الثَّوْب أَن يرد عَلَيْهِ خَمْسَة وَعشْرين درهما وَلَا يكون لَهُ من الثَّوْب شَيْء وَالْخيَار فِي ذَلِك إِلَى صَاحب الثَّوْب وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْكر السّلم
53 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل دَرَاهِم فِي طَعَام فَصَالحه على رَأس مَاله ثمَّ أَرَادَ أَن يَشْتَرِي بِرَأْس مَاله مِنْهُ بيعا قبل أَن يقبضهُ فَلَا خير فِي ذَلِك وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يَشْتَرِي شَيْئا وَلَا يَأْخُذ إِلَّا سلمه بِعَيْنِه أَو رَأس مَاله بلغنَا ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ

(5/16)


54 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل دَرَاهِم فِي طَعَام ودنانير فِي طَعَام قد علم وزن الذَّهَب وَلم يعلم وزن الدَّرَاهِم فَلَا خير فِي هَذَا حَتَّى يعلم وزنهما جَمِيعًا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز
55 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي ثَوْبَيْنِ يهوديين إِلَى أجل مَعْلُوم وَاشْترط طولا مَعْلُوما وعرضا مَعْلُوما ورقعة مَعْلُومَة فَهُوَ جَائِز وَلَا يضرّهُ أَن لَا يُسَمِّي رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِدة وأكره لَهُ أَن يَبِيع وَاحِدًا مِنْهُمَا مُرَابحَة على خَمْسَة دَرَاهِم لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقومها بِالظَّنِّ والحزر وَلَا بَأْس أَن يبيعهما جَمِيعًا مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا بَأْس بِأَن يَبِيع أَحدهمَا مُرَابحَة على خَمْسَة دَرَاهِم

(5/17)


56 - وَإِذا أسلم الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي ثوب يَهُودِيّ وثوب سابري وَلم يسم رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا فالسلم فَاسد وَلَيْسَ هَذَا كالثوبين الْيَهُودِيين لِأَن هذَيْن من صنفين مُخْتَلفين وَذَلِكَ من صنف وَاحِد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ جَائِز
57 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل دَرَاهِم فِي شَيْء يجوز فِيهِ السّلم ثمَّ تفَرقا قبل أَن يقبض الَّذِي أسلم إِلَيْهِ الدَّرَاهِم فَإِن السّلم فَاسد
58 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي المسوح والأكسية والعباء والكرابيس إِذا اشْترطت طولا مَعْلُوما وغرضا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما ورقعة مَعْلُومَة من صنف مَعْرُوف
59 - وَلَا بَأْس بِالرَّهْنِ وَالْكَفِيل فِي السّلم بلغنَا ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
وبلغنا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه اشْترى من يَهُودِيّ طَعَاما بنسيئة وَرَهنه درعه

(5/18)


وَإِذا أسلم الرجل فِي شَيْء من الثِّيَاب فَاشْترط طولا وعرضا بِذِرَاع رجل مَعْرُوف فَلَا خير فِي ذَلِك أَلا ترى أَنه لَو مَاتَ ذَلِك الرجل لم يدر صَاحب السّلم مَا حَقه
61 - وَإِذا اشْترط كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا فَهُوَ جَائِز وَله ذِرَاع وسط
62 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي حَرِير وَاشْترط وزنا مَعْلُوما وَلم يشْتَرط الطول وَالْعرض فَلَا خير فِيهِ أَلا ترى أَنه لَا يدْرِي مَا أسلم فِيهِ
63 - وَإِذا اشْترط طولا وعرضا بفيمان غير الذِّرَاع فَإِن كَانَ فيمانا مَعْرُوفا من فيامين التُّجَّار فَهُوَ جَائِز وَإِن كَانَ مَجْهُولا فَهُوَ فَاسد
64 - وَإِذا اشْترط الرجل فِي سلمه ثوبا جيدا فَأَتَاهُ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّوْب بِثَوْب ليعطيه إِيَّاه فَقَالَ رب السّلم لَيْسَ هَذَا بجيد وَقَالَ الآخر هُوَ جيد فَإِنَّهُ ينظر إِلَى رجلَيْنِ عَدْلَيْنِ من أهل تِلْكَ الصِّنَاعَة فَإِن اجْتمعَا على أَنه جيد مِمَّا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْجيد أجْبرهُ رب الثَّوْب على أَخذه وَإِن كَانَ لَيْسَ بجيد لَا يجْبر رب السّلم على أَخذه
65 - وَإِن كَانَ اشْترط وسطا فَأَتَاهُ الآخر بجيد فَقَالَ خُذ هَذَا وزدني درهما فَلَا بَأْس بذلك إِن فعله وَكَذَلِكَ لَو أَتَاهُ بِثَوْب أطول مِمَّا اشْترط عَلَيْهِ أَو أعرض فَلَا بَأْس بذلك إِن فعله

(5/19)


66 - وَإِن كَانَ شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَأَتَاهُ بِمثل ذَلِك الْكَيْل الَّذِي عَلَيْهِ غير أَنه أَجود مِمَّا اشْترط فَقَالَ خُذ هَذَا وزدني درهما لم يكن فِي هَذَا خير وَلَا يجوز أَلا ترى أَنه لَا يصلح مختوم حِنْطَة بمختوم حِنْطَة وَزِيَادَة دِرْهَم وَكَذَلِكَ كل مَا يُكَال أَو يُوزن فَأَما الثِّيَاب فَلَا بَأْس أَن يَأْخُذ ثوبا وَيُعْطِي مثله وَزِيَادَة دِرْهَم
67 - وَإِذا أسلم الرجل فِي ثوب قوهي فَأَتَاهُ بِثَوْب أطول مِنْهُ على مثل رقعته أَو مثل طوله غير أَنه أَجود مِنْهُ فَقَالَ خُذ هَذَا وزدني درهما فَلَا بَأْس بذلك لِأَن فضل مَا بَينهمَا دِرْهَم
68 - وَلَو أَتَاهُ بأنقص من ثَوْبه فَقَالَ خُذ هَذَا وأرد عَلَيْك درهما من رَأس مَالك لم يجز هَذَا من قبل أَنه لَا يدْرِي كم رَأس مَال مَا أَخذ وَمَا ترك لِأَن الثَّوْب مُخْتَلف
وَكَذَلِكَ فِي الطَّعَام وَلَو أَتَاهُ بِمثل طَعَامه فِي الْكَيْل وَهُوَ دونه فَقَالَ خُذ هَذَا وأرد عَلَيْك درهما كَانَ ذَلِك بَاطِلا لَا يجوز
69 - وَإِذا اخْتلف الرّجلَانِ فِي السّلم فَقَالَ الطَّالِب شرطت لي

(5/20)


جيدا وَقَالَ الْمَطْلُوب شرطته لَك وسطا من صنف قد سميناه جَمِيعًا فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه ويتحالفان ويترادان البيع إِلَّا أَن تقوم للطَّالِب الْبَيِّنَة فَيُؤْخَذ بَينته
70 - وَإِذا اخْتلف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب فَقَالَ الطَّالِب أسلمت إِلَيْك فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ الْمَطْلُوب أسلمت إِلَيّ فِي كرّ شعير أَو قَالَ الطَّالِب فِي ثوب قوهى وَقَالَ الْمَطْلُوب فِي ثوب يَهُودِيّ وَلَا بَيِّنَة بَينهمَا فَإِنَّهُمَا يترادان السّلم وَيَأْخُذ الطَّالِب رَأس مَاله بعد أَن يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه فَالَّذِي يبْدَأ بِهِ فِي الْحلف الْمَطْلُوب وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك الَّذِي يبْدَأ بِهِ بِالْيَمِينِ الطَّالِب وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَزفر
فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة جَمِيعًا على مَا ادّعَيَا أخذت بَيِّنَة الطَّالِب لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يَأْخُذ بالبينتين جَمِيعًا ويجعلهما سلمين فَإِن كَانَا لم يفترقا قضى على رب السّلم بثمنين وَقضى على الْمُسلم إِلَيْهِ بِالْحِنْطَةِ وَالشعِير جَمِيعًا
71 - فَإِن لم يختلفا فِي السّلم ولكنهما اخْتلفَا فِي الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ فَقَالَ الطَّالِب شرطت لي مَكَان كَذَا وَكَذَا وَقَالَ الْمَطْلُوب

(5/21)


بل شرطت لَك مَكَان كَذَا وَكَذَا لمَكَان آخر وَلَيْسَت بَينهمَا بَيِّنَة فَالْقَوْل قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة على مَا قَالَا أخذت بَيِّنَة الطَّالِب لِأَنَّهُ يَدعِي
72 - وَلَو أَنَّهُمَا لم يختلفا فِي الْمَكَان ولكنهما اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ الطَّالِب شرطت لي كَذَا وَكَذَا من الْأَجَل وَقد حل الْأَجَل وَقَالَ الْمَطْلُوب بل شرطت لي كَذَا وَكَذَا من الْأَجَل أبعد من ذَلِك وَلم يحل ذَلِك بعد فَالْقَوْل قَول الطَّالِب مَعَ يَمِينه بِاللَّه على ذَلِك وَلَو قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة الْمَطْلُوب لِأَنَّهُ الْمُدَّعِي
73 - وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا اخْتلفَا فِي الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ السّلم فانهما يَتَحَالَفَانِ ويترادان السّلم

(5/22)


74 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ الطَّالِب أجلتك شهرا وَقد مضى وَقَالَ الْمَطْلُوب لم يمض بعد إِنَّمَا أخذت السّلم مِنْك السَّاعَة وَلَا بَيِّنَة بَينهمَا فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بَيِّنَة الْمَطْلُوب لِأَن شُهُوده قد أكذبوا الطَّالِب حَيْثُ ادّعى أَنه أَجله شهرا وَقد مضى وَلِأَن الْمَطْلُوب هُوَ الْمُدَّعِي للفضل هَهُنَا فَالْقَوْل هَهُنَا قَوْله وَالْبَيِّنَة بَينته
75 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ أَحدهمَا لم يكن لَهُ أجل وَقَالَ الآخر بلَى قد كَانَ لَهُ أجل فَالْقَوْل قَول الَّذِي زعم أَن لَهُ أَََجَلًا أَيهمَا مَا كَانَ وَلَا يصدق الآخر لِأَنَّهُ يُرِيد أَن يفْسد السّلم فَلَا يصدق على إفساده
وَأما فِي الْقيَاس فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون القَوْل قَول الَّذِي قَالَ لَيْسَ لَهُ أجل وَأَن يكون السّلم فَاسِدا وعَلى الَّذِي يَدعِي أَََجَلًا الْبَيِّنَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَ الَّذِي يَقُول ذَلِك الَّذِي لَهُ السّلم
76 - وَإِذا قبض صَاحب السّلم رَأس مَاله وتتاركا ثمَّ اخْتلفَا فِي رَأس المَال فَقَالَ الْمَطْلُوب إِن رَأس مَالك خَمْسَة دَرَاهِم وَقَالَ الطَّالِب بل كَانَ رَأس مَالِي عشرَة دَرَاهِم فَإِن القَوْل فِي ذَلِك 24

(5/23)


قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه فَإِن قَامَت للطَّالِب بَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل أَخذ لَهُ بذلك
وَإِذا تتاركا السّلم فَقَالَ الْمَطْلُوب كَانَ رَأس مَالك هَذَا الثَّوْب وَقَالَ الطَّالِب بل كَانَ رَأس مَالِي عشرَة دَرَاهِم أَو دِينَار أَو ثوب هُوَ أَجود من هَذَا فَإِن القَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يقوم للطَّالِب بَيِّنَة على مَا يَدعِي فَيُؤْخَذ لَهُ بِدَعْوَاهُ
77 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَيّ الرجل دَرَاهِم فَوجدَ فِيهَا درهما زائفا بعد مَا افْتَرقَا بِهِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يرد الدِّرْهَم وَيبْطل من السّلم بِحِسَاب ذَلِك فَإِن أنكر رب السّلم أَن يكون ذَلِك من دَرَاهِمه فَالْقَوْل قَول الْمَطْلُوب الْمُسلم إِلَيْهِ مَعَ يَمِينه وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة إِنَّه أعطَاهُ جيادا فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يستبدله إِذا كَانَ زائفا إِذا أقرّ بِهِ صَاحبه وَلَا ينْتَقض وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يفترقا
78 - فَإِذا أسلم إِلَيْهِ حَتَّى يقبض رَأس المَال فَإِن افْتَرقَا قبل أَن يقبض رَأس المَال فالسلم فَاسد لَا يكون دينا 25

(5/24)


فِي دين إِن أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم
79 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي شَيْء مِمَّا ذكرت لَك إِلَى أجل مَعْلُوم وَجعل للدراهم أَََجَلًا يُعْطِيهَا إِيَّاه ثمَّ افْتَرقَا فالسلم فَاسد وَلَا يكون دينا فِي دين
80 - فَإِن أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم فِي طَعَام فَقبض بَعْضًا وأحال بِبَعْض على آخر وَبَقِي عِنْده بعض ثمَّ تفَرقا فَإِنَّمَا لَهُ من السّلم بِحِسَاب مَا قبض من المَال فَأَما مَا أَحَالهُ بِهِ أَو بَقِي عِنْده لم ينقده إِيَّاه فَلَا خير فِيهِ وَيرجع رب السّلم بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي أَحَالهُ بهَا على الْمُحْتَال عَلَيْهِ
81 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل جَارِيَة أَو غُلَاما أَو إبِلا أَو بقرًا أَو ثوبا من صنوف الثِّيَاب فِي شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن وَاشْترط 26

(5/25)


مَا ذكرت لَك من ذَلِك من الْكَيْل الْمَعْلُوم وَالْأَجَل الْمَعْلُوم وَضَربا من ذَلِك مَعْلُوما فَهُوَ جَائِز
82 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلم ثوبا قوهيا فِي ثوب مَرْوِيّ أَو ثوبا هرويا فِي ثوب قوهي أَو ثوبا يَهُودِيّا فِي ثوب زطي أَو بت فِي طيلسان أَو طيلسان فِي بت أَو كسَاء من صوف فِي ثوب أَو طيلسان أَو ثوب كتَّان فِي ثوب قطن وَاشْترط من ذَلِك ذرعا مَعْلُوما فِي الْعرض والطول والرقعة فَهُوَ جَائِز
وَإِن كَانَ هَذَا قطنا كُله أَو كتانا فَلَا بَأْس بالسلم فِيهِ لِأَن مُخْتَلف
83 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْكَتَّان وزنا مَعْلُوما وَكَذَلِكَ الْقطن والقز والإبريسم وَلَا بَأْس فِي ذَلِك كُله
84 - وَإِذا اشْترط رب السّلم أَن يُوفيه السّلم فِي مَدِينَة كَذَا وَكَذَا أَو فِي مصر كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رب السّلم ادفعه إِلَى فِي نَاحيَة كَذَا من الْمصر وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ بل ادفعه إِلَيْك فِي نَاحيَة أُخْرَى لَيْسَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَة قَالَ فَحَيْثُ مَا دَفعه إِلَيْهِ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم من ذَلِك الْمصر وَتلك الْمَدِينَة فَذَلِك لَهُ وَهُوَ بَرِيء وَلَيْسَ لرب السّلم مَا ادّعى من ذَلِك 27

(5/26)


85 - وَلَا خير فِي السّلم فِي المسابق وَالْفراء إِلَّا أَن يشْتَرط من ذَلِك شَيْئا مَعْرُوف الطول وَالْعرض والتقطيع وَالصّفة فَإِن كَانَ يعرف شَيْئا من هَذَا فَهُوَ جَائِز
86 - وَلَا خير فِي السّلم بالحطب أَو قارا وَلَا أحمالا لِأَن هَذَا مَجْهُول غير مَعْرُوف فَلَا خير فِيهِ وَكَذَلِكَ كل سلم اشْترط فِيهِ أَو قارا أَو أحمالا فَلَا خير فِيهِ
87 - وَإِذا اشْترط على الرجل الَّذِي عَلَيْهِ السّلم أَن يحمل السّلم إِلَى منزل صَاحب السّلم بعد مَا يُوفيه إِيَّاه فِي الْمَكَان الَّذِي اشْترط فَلَا خير فِي السّلم على هَذَا الشَّرْط
88 - وَإِذا اشْترط رب السّلم فِي سلمه أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله فَلَا بَأْس بِهِ وَهَذَا حمله فِي الْقيَاس سَوَاء غير أَنا نَأْخُذ فِي حمله إِلَى منزله بِالْقِيَاسِ ونأخذ فِي هَذَا بالاستحسان
89 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الْحَطب عددا لِأَنَّهُ مَجْهُول لَا يعرف فِيهِ الصَّغِير وَالْكَبِير 28

(5/27)


90 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْجُبْن والمصل إِذا اشْترط من ذَلِك ضربا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما يُوفيه فِيهِ
91 - وَلَا خير فِي السّلم فِي القصيل وَلَا فِي الْحَشِيش احمالا وَلَا أوقارا وَلَا حزما
92 - وَإِذا اخْتلف الرّجلَانِ فِي السّلم فَقَالَ الَّذِي أسلم أسلمت إِلَيْك فِي ثوب يَهُودِيّ وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم بل هُوَ زطى وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة فَإِن الَّذِي عَلَيْهِ السّلم يحلف بِاللَّه مَا هُوَ يَهُودِيّ فَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه ثوب يَهُودِيّ وَإِن حلف برِئ وعَلى الطَّالِب أَن يحلف بِاللَّه مَا هُوَ زطى على مَا ادّعى الآخر فَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه وَإِن حلف برِئ ورد عَلَيْهِ رَأس مَاله
وَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بَيِّنَة الطَّالِب فِي قَول آبي يُوسُف
93 - وَإِن اتفقَا أَنه ثوب يَهُودِيّ غير أَنَّهُمَا اخْتلفَا فِي الصّفة فَقَالَ الْمَطْلُوب طوله خَمْسَة أَذْرع فِي ثَلَاثَة أَذْرع وَقَالَ الطَّالِب بل هُوَ سِتَّة أَذْرع فِي ثَلَاثَة أَذْرع واتفقا على مَا سوى ذَلِك فَإِن هَذَا وَالْأول فِي الْقيَاس سَوَاء يَتَحَالَفَانِ ويترادان السّلم وبالقياس نَأْخُذ 29

(5/28)


وَأما الِاسْتِحْسَان فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون القَوْل هَهُنَا قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يقوم للطَّالِب بَيِّنَة وبالقياس نَأْخُذ
94 - وَإِذا اخْتلفَا فِي السّلم بِعَيْنِه أَو فِي رَأس المَال وَلم يقبض رَأس المَال وَلم يَتَفَرَّقَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أسلمت إِلَى هَذِه الْجَارِيَة فِي مائَة مختوم حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك هَذَا العَبْد فِي مِائَتي مختوم حِنْطَة وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة فَإِنَّهُ يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه ثمَّ يترادان السّلم وَأيهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه قبله
وَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة لَزِمته الْجَارِيَة بِمِائَة مختوم حِنْطَة وَلَزِمَه العَبْد بِمِائَتي مختوم حِنْطَة
95 - وَلَا بَأْس بِأَن يسلم الْحَيَوَان فِي كل مَا يُكَال أَو يُوزن ويذرع من الثِّيَاب إِلَى أجل مَعْلُوم أَلا ترى أَنه لَا بَأْس بِبيع الْحَيَوَان بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير إِلَى أجل مَعْلُوم
وَكَذَلِكَ لَو أسلمت جَارِيَة فِي عشرَة أكرار حِنْطَة وشعير
96 - وَلَو أسلمت فِيهَا عبدا أَو دَابَّة أَو ثوبا كَانَ ذَلِك جَائِزا وَلَا يَضرك أَن لَا يُسمى رَأس مَال الْحِنْطَة من ذَلِك وَلَا رَأس مَال الشّعير
97 - وَلَو أسلمت ثوبا فِي عشرَة أكرار حِنْطَة وشعير وَلم يسم رَأس 30

(5/29)


مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا لم يَضرك ذَلِك وَكَانَ ذَلِك جَائِزا وَكَانَ رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِسَاب قيمَة ذَلِك لِأَنَّك لَا تقدر على تقويمه إِلَّا بِالظَّنِّ والحزر وَلَو كَانَت دَرَاهِم لم تصلح لِأَنَّهُ يقدر على وزن حِصَّة كل وَاحِد مِنْهُمَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ يَعْقُوب هما سَوَاء وَالسّلم جَائِز
98 - وَإِذا بَاعَ الرجل جَارِيَة بِأَلف مِثْقَال فضَّة وَذهب جِيَاد أَو دَنَانِير ودراهم كَانَ لَهُ من كل وَاحِد خَمْسمِائَة مِثْقَال وَهَذَا جَائِز
99 - وَإِذا اسْتَأْجر الرجل أَرضًا أَو دَارا أَو عبدا أَو ثوبا أَو دَابَّة أَو أمة أَو شقّ محمل أَو شقّ زاملة إِلَى مَكَّة بِشَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن كَيْلا مَعْلُوما أَو وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وسمى الْمَدِينَة الَّتِي اسْتَأْجر إِلَيْهَا وَالْأَرْض وَالدَّار وَالْخَادِم وَالْحمام وسمى من ذَلِك الْكَيْل صنفا مَعْرُوفا فَإِن هَذَا كُله جَائِز 31

(5/30)


وَكَذَلِكَ لَو اسْتَأْجر ذَلِك بِثَوْب يَهُودِيّ وَبَين طوله وَعرضه ورقعته وأجله فَهُوَ جَائِز
100 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي عشْرين مختوم شعير أَو عشرَة مخاتيم حِنْطَة وَوَقع السّلم على هَذَا وَالشّرط على هَذَا أَن يُعْطِيهِ أَيهمَا شَاءَ رب السّلم أَو الْمُسلم إِلَيْهِ فَلَا خير فِي هَذَا لِأَن السّلم لم يَقع على شَيْء مَعْلُوم
وَكَذَلِكَ إِن قَالَ إِن أَعْطَيْتنِي إِلَى شهر فَهُوَ عشرَة مخاتيم وَإِن أَعْطَيْتنِي إِلَى شَهْرَيْن فَهُوَ عشرُون مَخْتُومًا كَانَ هَذَا فَاسِدا لَا يجوز السّلم فِيهِ
101 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي حِنْطَة فَقَالَ رجل لرب السّلم ولني هَذَا السّلم فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَن يوليه ذَلِك السّلم وَلَا يجوز من قبل أَن التَّوْلِيَة بيع وَلَا يجوز أَن يَبِيع مَا لم يقبض وَقد جَاءَ قي الْأَثر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن بيع الرجل مَا لم يقبض 32

(5/31)


102 - وَإِذا قَالَ الرجل لرجل قد أسلمت الى عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة وَسكت ثمَّ قَالَ بعد مَا سكت وَلَكِنِّي لم أَقبض الدَّرَاهِم مِنْك وَقَالَ رب السّلم بلَى قد قبضتها مني كَانَ القَوْل قَول رب السّلم مَعَ يَمِينه من قبل أَن الْمُسلم إِلَيْهِ قد أقرّ بِالْقَبْضِ حَيْثُ قَالَ أسلمت إِلَى فَهَذَا مِنْهُ قبض إِذا قَالَ قد أسلمت إِلَى فَهَذَا مثل قَوْله قد أَعْطَيْتنِي عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة أَلا ترى أَنه لَو قَالَ أقرضتني عشرَة دَرَاهِم قرضا برؤوسها وأسلفتني عشرَة دَرَاهِم برؤوسها سلفا ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لم أَقبض مِنْك شَيْئا لم أصدقه وألزمته الدَّرَاهِم وَكَانَ هَذَا إِقْرَارا مِنْهُ بِالْقَبْضِ
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أسلمت إِلَى ثوبا فِي كرّ حِنْطَة فَهُوَ مثل ذَلِك
وَهُوَ اسْتِحْسَان منا وَلَيْسَ بِالْقِيَاسِ وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَلا يكون قَابِضا حَتَّى يَقُول قد قبضت الثَّوْب وَالدَّرَاهِم
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لفُلَان على ألف دِرْهَم إِلَى سنة أَو حَاله من ثمن جَارِيَة باعنيها ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لم أقبضها وَقَالَ الآخر قد قبضت كَانَ المَال عَلَيْهِ أَلا ترى أَن لَا يلْزمه المَال إِلَّا بِالْقَبْضِ فَإِقْرَاره بِالْمَالِ إِقْرَار بِالْقَبْضِ وصل أَو قطع وَهُوَ قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد القَوْل قَول الْمَطْلُوب أَنه لم يقبض إِذا أقرّ 33

(5/32)


الطَّالِب أَن ذَلِك من بيع وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الآخر وَكَانَ يَقُول مرّة إِن وصل صدق وَإِن قطع لم يصدق
103 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي كرّ حِنْطَة ثمَّ أعطَاهُ كرا بِغَيْر كيل لَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَبِيعهُ وَلَا يَأْكُلهُ حَتَّى يكيله وَإِن بَاعه المُشْتَرِي فَالْبيع فَاسد أَلا ترى أَنه بَاعَ مَا لم يقبض
وَلَو هلك الْكر عِنْد المُشْتَرِي وَهُوَ مقرّ بِأَنَّهُ كرّ واف غير أَنه لم يكتله فَهُوَ مستوف
104 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي كرّ حِنْطَة فَاشْترى الَّذِي عَلَيْهِ الْكر كرّ حِنْطَة من رجل آخر ثمَّ قَالَ اقبضه قبل أَن يكتاله من المُشْتَرِي فَلَيْسَ يَنْبَغِي لرب السّلم أَن يقبضهُ حَتَّى يكاله المُشْتَرِي ثمَّ يكتاله رب السّلم وَلَا يصلح لَهُ أَن يَأْخُذهُ بكيله حَتَّى يَأْخُذهُ بكيل مُسْتَقْبل لنَفسِهِ
105 - وَإِذا وَقع الَّذِي عَلَيْهِ السّلم إِلَى رب السّلم دَرَاهِم فَقَالَ اشْتَرِ بهَا طَعَاما فاقبضه لي بكيل ثمَّ اكتله لنَفسك بكيل آخر مُسْتَقْبل كَانَ جَائِزا
106 - وَإِن قَالَ رب السّلم الَّذِي عَلَيْهِ السّلم كَانَ مَا لي

(5/33)


عَلَيْك من الطَّعَام فاعزله فِي بَيْتك أَو فِي غرائرك فَفعل ذَلِك الَّذِي عَلَيْهِ السّلم وَلَيْسَ رب السّلم بحاضر فَلَا يجوز وَلَا يكون هَذَا قبضا من رب السّلم
وَكَذَلِكَ لَو كاله فِي غَرَائِر لرب السّلم بأَمْره غير أَن رب السّلم لَيْسَ بحاضر لم يحضر الْكَيْل لم يكن هَذَا قبضا
وَإِن وكل رب السّلم يقبض ذَلِك غُلَام الَّذِي عَلَيْهِ السّلم أَو ابْنه فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ زن مَا عَلَيْك من الدَّرَاهِم فاعزلها لي فِي بَيْتك فَفعل ذَلِك لم يكن هَذَا قبضا من الطَّالِب
وَقَالَ مُحَمَّد كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول لَو أَن رجلا اشْترى من رجل طَعَاما بِعَيْنِه على أَنه كرّ ثمَّ دفع إِلَيْهِ غَرَائِر فَأمره أَن يكيله فِيهَا وَلَيْسَ المُشْتَرِي بحاضر فَفعل انه قبض وَله أَن يَبِيعهُ وَلَو لم يكن اشْتَرَاهُ وَلَكِن أسلم إِلَيْهِ فِيهِ فَدفع إِلَيْهِ غَرَائِر يكيله فِيهَا فكاله وَهُوَ غَائِب عَنهُ لم يكن قبضا وَلم يجز وَفرق مَا بَينهمَا وَقَالَ أَلا ترى

(5/34)


أَنه إِذا اشْتَرَاهُ بِعَيْنِه أَنه لَهُ فَإِذا أمره بكيله فِي غرائره فَكَأَنَّهُ أمره أَن يطحنه فَيجوز ذَلِك وَيكون قبضا مِنْهُ لِأَنَّهُ شَيْء بِعَيْنِه يملكهُ أحدث فِيهِ عملا بأَمْره فَصَارَ قَابِضا وَالسّلم دين لَا يملكهُ بِعَيْنِه فَأَما مَا طحنه وكاله فَهُوَ من مَال الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يكون قَابِضا من حنطه دَقِيقًا فِي السّلم وهما مُخْتَلِفَانِ
107 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي كرّ حِنْطَة ثمَّ أسلم الآخر إِلَيْهِ فِي كرّ حِنْطَة وأجلهما وَاحِد وصفتهما وَاحِدَة أَو مُخْتَلفَة فَلَا يكون شَيْء من ذَلِك قصاصا وَإِن تقاصا بِهِ فَلَا يجوز أَلا ترى أَنه يَبِيع مَا لم يقبض كل وَاحِد مِنْهُمَا لَيْسَ يقبض من كره كرا يَأْخُذهُ إِنَّمَا يَأْخُذ بِهِ دينا عَلَيْهِ وَلَا يجوز أَن يَأْخُذ إِلَّا رَأس مَاله أَو الَّذِي أسلم فِيهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ لَيْسَ مِمَّا أسلم فِيهِ وَلَا رَأس مَاله
108 - وَإِذا كَانَ الأول مِنْهُمَا سلما وَالْآخر قرضا فَلَا بَأْس أَن يكون قصاصا إِذا كَانَ سَوَاء
وَإِن كَانَ الأول قرضا وَالْآخر سلما فَلَا يكون قصاصا وَإِن تَرَاضيا بذلك

(5/35)


وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصّرْف إِذا بَاعَ دِينَارا بِعشْرَة

(5/36)


دَرَاهِم ثمَّ اسْتقْرض مِنْهُ يكون قصاصا لِأَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير من الْأَثْمَان
109 - وَإِن كَانَ للَّذي عَلَيْهِ السّلم قرض على رجل أم لم يكن لَهُ

(5/37)


فَاسْتقْرض من رجل كرا فَقَالَ كُله لصَاحب السّلم فاكتاله صَاحب السّلم كَيْلا وَاحِدًا فَهُوَ قبض وَهُوَ جَائِز من قبل أَن أصل الطَّعَام على الْمَطْلُوب وَلَيْسَ قرض وَلَيْسَ بيع أَلا ترى لَو أَن رجلا كال كرا من الطَّعَام فاستقرضه رجل مِنْهُ على كَيْله كَانَ جَائِزا وَله أَن يَبِيعهُ من قبل أَن يكتاله فَإِن الْقَرْض لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى كيل فَهُوَ يَأْخُذهُ قرضا لَيْسَ يكيله لَهُ إِنَّمَا هُوَ كيل للْبَائِع لِأَن الْقَرْض لَا يُفْسِدهُ أَن لَا يُكَال فَإِذا اشْترى رجل كرا من طَعَام مكايلة فاكتاله فَلَا يَبِيعهُ حَتَّى يكتاله وَإِذا كَانَ كرّ سلم على رجل فَاشْترى من رجل كرا ووكل رب السّلم أَن يقبضهُ لَهُ وَيَأْخُذهُ من سلمه فَلَا يجْزِيه كيل وَاحِد فِي بيع واقتضاء
110 - وَإِذا تتاركا السّلم وَرَأس المَال ثوب فَهَلَك الثَّوْب عِنْد الْمَطْلُوب قبل أَن يقبض الطَّالِب فعلى الْمَطْلُوب قِيمَته وَكَذَلِكَ لَو تتاركا السّلم بعد هَلَاك الثَّوْب كَانَ على الْمَطْلُوب قِيمَته وَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من فضل الْقيمَة وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة حلف الْمَطْلُوب على الْقيمَة الَّتِي أقرّ بهَا وأداها
أَلا ترى لَو أَن رجلا اشْترى من رجل جَارِيَة بِعَبْد وَتقَابَضَا فَمَاتَ

(5/38)


أَحدهمَا فِي يَدَيْهِ ثمَّ تناقضا أَنه جَائِز وَهُوَ بِمَنْزِلَة الرَّد بِالْعَيْبِ أَلا ترى أَنه لَو أصَاب بِهِ عَيْبا بعد موت الآخر فَقبله بِغَيْر قَضَاء قَاض إِنَّهَا إِقَالَة وَلَو أصَاب بِهِ عَيْبا وَقد هلك الآخر أَو رده بِخِيَار رُؤْيَة فان ذَلِك جَائِز
وَكَذَلِكَ الأول فِي السّلم لِأَن السّلم بيع وَلَا يشبه هَذَا الْأَثْمَان الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصّرْف وَلَو كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِعَيْنِه فتقايلا كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يُعْطي غير الَّذِي اشْترى
111 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فَوجدَ فِيهَا دَرَاهِم ستوقة فجَاء يردهَا فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم هَذَا نصف رَأس المَال فقد بَطل نصف السّلم وَقَالَ رب السّلم بل هُوَ ثلث رَأس المَال فان القَوْل فِي ذَلِك قَول الَّذِي عَلَيْهِ السّلم مَعَ يَمِينه

(5/39)


وعَلى رب السّلم الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي لِأَن السّلم لم يتم فِي الْكر فَالْقَوْل قَول الَّذِي عَلَيْهِ السّلم مَعَ يَمِينه فِيمَا تمّ مِنْهُ
112 - وَإِذا اخْتلفَا فِي السّلم فَقَالَ رب السّلم أسلمت إِلَيْك ثوبا فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ بل أسلمت إِلَى فِي كرّ شعير وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة فان يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه ثمَّ يترادان السّلم
فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة رب السّلم لِأَنَّهُ مُدع للفضل
113 - فَإِن اخْتلفَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أسلمت إِلَى هذَيْن الثَّوْبَيْنِ فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك هَذَا الثَّوْب بِعَيْنِه فِي كرّ حِنْطَة فَإِن لم يكن لَهما بَيِّنَة فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويترادان وَإِن كَانَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ وَكَانَ الثوبان جَمِيعًا بكر حِنْطَة لِأَنَّهُ مُدع للفضل أَلا ترى أَن شهودهما قد اتَّفقُوا على كرّ وثوب وَإِن بَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ قد شهدُوا على فضل ثوب فَهُوَ للْمُدَّعِي
114 - وَإِذا اخْتلفَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أسلمت إِلَى ثَوْبَيْنِ فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك أَحدهمَا وَهُوَ هَذَا بِعَيْنِه فِي كرّ حِنْطَة وكر شعير فأقاما جَمِيعًا الْبَيِّنَة فَإِنَّهُ يقْضِي للْمُسلمِ إِلَيْهِ بالثوبين جَمِيعًا وَيَقْضِي عَلَيْهِ بكر حِنْطَة وكر شعير من قبل أَن بَيِّنَة رب السّلم

(5/40)


قد شهدُوا على كرّ شعير فضل وَشهِدت شُهُود الْمُسلم إِلَيْهِ بِفضل ثوب
115 - وَإِذا أسلم الرجل فُلُوسًا فِي كرّ طَعَام أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَهُوَ جَائِز
116 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فَأَقَامَ رب السّلم بَيِّنَة أَنَّهُمَا تفَرقا قبل أَن يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ رَأس المَال وَأقَام الْمُسلم إِلَيْهِ الْبَيِّنَة أَنه قد قبض رَأس المَال قبل أَن يَتَفَرَّقَا فالسلم جَائِز وَيُؤْخَذ بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ
وَلَو كَانَت الدَّرَاهِم فِي يَدي رب السّلم بِأَعْيَانِهَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أودعتها إِيَّاه أَو غصبنيها بعد قبضي إِيَّاهَا وَقد قَامَت الْبَيِّنَة بِالْقَبْضِ كَانَ القَوْل كَمَا قَالَ وَيَقْضِي لَهُ بِالدَّرَاهِمِ وَالسّلم جَائِز
117 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل ثوبا أَو دَابَّة أَو عبدا أَو أمة أَو شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن إِلَى أجل ثمَّ تفَرقا قبل أَن يقبض رَأس المَال كَانَ السّلم فَاسِدا وَلَا يجوز إِن أَرَادَ أَن يعود إِلَى ذَلِك إِلَّا باستقبال السّلم

(5/41)


وَلَو بَاعَ جَارِيَة أَو عبدا أَو ثوبا بِشَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن إِلَى أجل ثمَّ تفَرقا قبل أَن يقبض جَارِيَته غير أَن البَائِع لم يمنعهُ من قبض ذَلِك كَانَ البيع جَائِزا وَكَانَ لَهُ أَن يقبض مَتى مَا شَاءَ
وَهَذَا وَالسّلم فِي الْقيَاس سَوَاء غير أَنِّي أخذت فِي السّلم بالاستحسان أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ ثوبا بحنطة كَيْلا مُسَمّى وَضَربا مُسَمّى وَلم يَجْعَل لذَلِك أَََجَلًا كَانَ جَائِزا وَلَو أسلم هَذَا الثَّوْب فِي كرّ حِنْطَة على هَذِه الصّفة وَلم يَجْعَل لَهُ أَََجَلًا كَانَ فَاسِدا
118 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي طَعَام فَقَالَ لَهُ رجل آخر بعد مَا نقد وتفرقا أَو قبل أَن يَتَفَرَّقَا أشركني فِيهِ فَإِن الشّركَة لَا تجوز لِأَن الشّركَة بيع وَهَذَا بيع مَا لم يقبض
119 - وَإِذا أَخذ الرجل بالسلم رهنا يكون فِيهِ وَفَاء بالسلم فَهَلَك الرَّهْن فقد بَطل السّلم لِأَن الرَّهْن بِمَا فِيهِ
وَلَو لم يهْلك الرَّهْن حَتَّى يَمُوت الْمُسلم إِلَيْهِ وَعَلِيهِ دين كَانَ صَاحب السّلم أَحَق بِالرَّهْنِ يُبَاع لَهُ فِي حَقه يَسْتَوْفِي
وَلَو كَانَ الرَّهْن أقل من قيمَة السّلم ثمَّ هلك رَجَعَ رب السّلم بِالْفَضْلِ وَبَطل من سَلمَة بِقدر قيمَة الرَّهْن

(5/42)


وَلَو كَانَ الرَّهْن أَكثر من السّلم بَطل السّلم كُله وَكَانَ الْمُرْتَهن فِي فضل الرَّهْن أَمينا
وَهَذَا القَوْل فِي الرَّهْن قَول أبي حنيفَة مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم وَبِه كَانَ يَأْخُذ أَبُو حنيفَة
وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
120 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي طَعَام فَلم يَتَفَرَّقَا وَلم يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ الثّمن حَتَّى اخْتلفَا فَقَالَ هَذَا أسلمت إِلَى عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك خَمْسَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فَإِنَّهُ يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه ويترادان السّلم
فان كَانَت لَهما بَيِّنَة على مَا قَالَا أخذت بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ وأقضى لَهُ بِعشْرَة لِأَنَّهُ مُدع للفضل وَهَذَا قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد هَذَانِ سلمَان مُخْتَلِفَانِ وأقضى لَهُ بِخَمْسَة عشر درهما وَاجعَل عَلَيْهِ كرين كرا بِعشْرَة دَرَاهِم وكرا بِخَمْسَة دَرَاهِم
121 - وَلَو كَانَا اخْتلفَا فِي السّلم فَقَالَ رب السّلم أسلمت إِلَيْك خَمْسَة دَرَاهِم فِي كري حِنْطَة وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ بل أسلمت إِلَى عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة وَلَا بَيِّنَة بَينهمَا حلف كل وَاحِد مِنْهُمَا

(5/43)


على دَعْوَى صَاحبه فان حلفا جَمِيعًا ترادا وَأيهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه
وَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ بِالْعشرَةِ وببينة الطَّالِب فِي الكرين فِي قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد هما سلمَان اقضي بهما جَمِيعًا
122 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي طَعَام ثمَّ وكل رب السّلم وَكيلا يدْفع إِلَيْهِ الدَّرَاهِم أَو عبدا لَهُ أَو ابْنا لَهُ أَو شَرِيكا لَهُ مفاوضا أَو غير مفاوض وَقَامَ رب السّلم الَّذِي أسلم فَذهب قبل أَن يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ رَأس المَال فان السّلم فَاسد أَلا ترى أَنَّهُمَا قد تفَرقا قبل أَن يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ
123 - وَإِذا وكل الْمُسلم إِلَيْهِ أحدا من هَؤُلَاءِ بِقَبض رَأس المَال من رب السّلم ثمَّ فَارقه الْمُسلم إِلَيْهِ قبل أَن يقبض رَأس المَال فَإِن السّلم فَاسد
124 - وَإِذا كفل الرجل بالسلم فاستوفى الْكَفِيل السّلم من الْمُسلم إِلَيْهِ على وَجه الِاقْتِضَاء مِنْهُ ثمَّ بَاعه وَربح فِيهِ أَو أكله ثمَّ قضى رب السّلم طَعَاما مثله وَفضل فِي يَده فضل من ذَلِك فَهُوَ لَهُ حَلَال

(5/44)


لِأَنَّهُ قَبضه على وَجه الِاقْتِضَاء مِنْهُ
125 - وَلَو كَانَ قَبضه على وَجه الرسَالَة فَإِنَّهُ رَسُول فِيهِ حَتَّى يَدْفَعهُ إِلَى رب السّلم فَإِن فعل بِهِ شَيْئا من ذَلِك كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَصَدَّق بِالرِّبْحِ وَكَانَ لَا يحل الْفضل
126 - وَإِن قضى الْكَفِيل السّلم من مَاله قبل أَن يقبضهُ من الْمَكْفُول عَنهُ ثمَّ صَالح الْمَكْفُول عَنهُ على دَرَاهِم أَو شعير أَو على غير ذَلِك مِمَّا يُكَال أَو يُوزن أَو على عرُوض أَو على حَيَوَان غير أَن ذَلِك يَد بيد فَهُوَ جَائِز من قبل أَن الْكَفِيل هَهُنَا مقرض للمكفول عَنهُ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة رب السّلم أَلا ترى أَن لَهُ قرضا على الْمَكْفُول عَنهُ فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع الْقَرْض بِبَعْض مَا ذكرنَا
127 - وَلَيْسَ لرب السّلم أَن يَبِيع السّلم بِشَيْء من ذَلِك لَا يَأْخُذ إِلَّا طَعَامه أَو رَأس مَاله وَلَا يَنْبَغِي لَهُ مَعَ ذَلِك ان صَالح على رَأس مَاله أَن يَشْتَرِي بِهِ شَيْئا حَتَّى يقبضهُ قَالَ أخبرنَا أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم بذلك

(5/45)


128 - فَإِذا كفل الْكَفِيل لرب السّلم بِرَأْس مَاله قبل أَن يترادا فَهَذِهِ الْكفَالَة بَاطِلَة لَا تجوز لِأَنَّهُ كَفِيل بِغَيْر حَقه
129 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي بعض الأدهان فِي البنفسج أَو الخيرى أَو غَيره من السّمن وَالْعَسَل إِذا اشْترط من ذَلِك وزنا مَعْلُوما وَكيلا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فَلَا بَأْس
وكل شَيْء وَقع عَلَيْهِ اسْم الْكَيْل الرطل فَهُوَ مَوْزُون
130 - وَإِذا أسلم النَّصْرَانِي فِي خمر بكيل مَعْلُوم وَأجل مَعْلُوم وَضرب مَعْلُوم فَهُوَ جَائِز فِيمَا بَينهمَا فَأَيّهمَا أسلم قبل أَن يقبض السّلم فان السّلم فَاسد لَا يجوز وَيكون على الْمُسلم إِلَيْهِ أَن يرد رَأس المَال أَلا ترى أَن الْمُسلم إِن كَانَ هُوَ الطَّالِب فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يَأْخُذهَا فان كَانَ الْمَطْلُوب فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُعْطي الْخمر
وَإِن كَانَا أسلما جَمِيعًا فَكَذَلِك أَيْضا
131 - وان كَانَ قبض بعض الْخمر قبل أَن يسلما ثمَّ أسلما فَمَا قبض فَهُوَ لَهُ وَمَا بَقِي فِيهِ رَأس المَال بِحِصَّتِهِ

(5/46)


132 - وَإِذا أسلم نَصْرَانِيّ ثوبا فِي خمر ثمَّ أسلما فالسلم فَاسد
فان اخْتلفَا فِي رَأس المَال فان القَوْل قَول الْمُسلم إِلَيْهِ فان قَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ هُوَ زطي وَقَالَ الآخر بل هُوَ هروي فَهُوَ زطي كَمَا قَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ وعَلى الْمَطْلُوب يَمِين بِاللَّه انه زطي كَمَا قَالَ
133 - وان كَانَ الثَّوْب قد هلك فَاخْتَلَفُوا فِي الْقيمَة فَالْقَوْل قَول الْمُسلم إِلَيْهِ مَعَ يَمِينه وان قَامَت لرب السّلم بَيِّنَة على مَا يَدعِي أخذت بِبَيِّنَتِهِ
134 - وان بَاعه ثوبا بِخَمْر إِلَى أجل وهما نصرانيان فَهُوَ جَائِز فان أسلما أَو أسلم أَحدهمَا فَالْبيع فَاسد وَيرد عَلَيْهِ رَأس مَاله وَإِن كَانَ قد هلك فَعَلَيهِ قِيمَته
135 - وَإِذا أسلم النَّصْرَانِي إِلَى النَّصْرَانِي فِي خِنْزِير إِلَى أجل فانه لَا يجوز لِأَنَّهُ حَيَوَان

(5/47)


136 - وَإِذا أسلم إِلَيْهِ فِي عصير فِي غير حِينه فانه لَا يجوز
وَالنَّصْرَانِيّ وَالْمُسلم فِي جَمِيع السّلم سَوَاء مَا خلا الْخمر فَإِنِّي أجيزها بَين أهل الْكفَّار وَلَا أجيزها بَين أهل الْإِسْلَام
137 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي طَعَام جيد من طَعَام الْعرَاق وَالشَّام فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُمَا لَا ينقطعان من أَيدي النَّاس
وَلَو أسلم إِلَيْهِ فِي طَعَام قَرْيَة أَو أَرض خَاصَّة أَو قراح كَانَ السّلم فَاسِدا لِأَنَّهُ يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
138 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلم إِلَيْهِ فِي تمر نحل مَعْلُوم فالسلم فَاسد لِأَنَّهُ يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
139 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الصُّوف صنفا مَعْلُوما ووزنا مَعْلُوما إِلَى أجل مَعْلُوم إِذا اشْترط مِنْهُ ضربا مَعْلُوما وان اشْترط كَذَا وَكَذَا جزة بِغَيْر وزن فَلَا خير فِي السّلم فِي ذَلِك
140 - وَإِذا أسلمت فِي صوف غنم لرجل بِعَينهَا فَلَا خير فِيهِ وَكَذَلِكَ إِذا أسلمت فِي أَلْبَانهَا أَو فِي سمن من أسمانها لِأَن هَذَا لَا يبقي فِي أَيدي النَّاس

(5/48)


وَكَذَلِكَ إِن أسلم فِي سمن الأَرْض لَا يبقي مِنْهَا فِي أَيدي النَّاس
وَكَذَلِكَ الزَّبِيب وَمَا أشبه ذَلِك
141 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلمت فِي سمن حَدِيث أَو حَدِيث زَيْت فِي غير حِينه فَلَا خير فِيهِ
142 - وَلَا خير فِي السّلم فِي المسوح وَلَا فِي الجوالق إِلَّا أَن يشْتَرط من ذَلِك ضربا مَعْلُوما وطولا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
143 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الْحِنْطَة الحديثة من قبل أَنَّك لَا تَدْرِي أَن يكون ذَلِك فِي تِلْكَ السّنة أم لَا فَهِيَ مُنْقَطِعَة من أَيدي النَّاس يَوْم أسلمت فِيهَا
وَكَذَلِكَ الْأَشْيَاء كلهَا

(5/49)


144 - وَإِذا أسلم الرجل فِي حِنْطَة هراة خَاصَّة وَهِي تَنْقَطِع من أَيدي النَّاس فَلَا خير فِيهِ
145 - وَإِذا أسلمت فِي ثوب هروي فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن الثَّوْب الْهَرَوِيّ من الثِّيَاب بِمَنْزِلَة الْحِنْطَة من الْحُبُوب أَلا ترى أَنَّك لَو أسلمت فِي حِنْطَة جَيِّدَة علمت مَا أسلمت فِيهِ وَلَو أسلمت فِي ثوب جيد وَلم تنسبه إِلَى أَرض لم يعلم مَا أسلمت فِيهِ وَالثَّوْب الْهَرَوِيّ لَا يصنع بِغَيْر تِلْكَ الْبِلَاد وَهُوَ اسْمه لَا يَسْتَطِيع أَن يُسَمِّيه بِغَيْرِهِ
146 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي البواري طولا مَعْلُوما وعرضا مَعْلُوما وَصِنْفًا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
وَكَذَلِكَ الْحَصِير

(5/50)


147 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الطّلع
148 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي نصول السيوف إِذا كَانَ النصل مَعْلُوم طوله وَعرضه وَصفته
149 - وَإِذا كَانَ السّلم بَين رجلَيْنِ فاقتسماه وَهُوَ دين فَلَا يجوز وَلَا خير فِيهِ
وَكَذَلِكَ كل دين لَا يجوز قسمته حَتَّى يقبض
150 - وَإِذا اشْترط رب السّلم أَن يُوفيه إِيَّاه فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم خُذْهُ فِي غير ذَلِك الْمَكَان وَخذ مني الْكِرَاء إِلَى ذَلِك الْمَكَان فَأَخذه مِنْهُ كَانَ أَخذه جَائِزا وَلَا يجوز لَهُ الْكِرَاء يرد الْكِرَاء إِلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السّلم وَالَّذِي أَخذ الْمُسلم بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ تمّ أَخذه الْمُسلم وَلم يكن لَهُ غير ذَلِك وَإِن شَاءَ رده بِمَا اشْترط من الْأجر حَتَّى يُوفيه إِيَّاه بِالْمَكَانِ الَّذِي اشْترط لَهُ فِي أصل السّلم
فان كَانَ قبض قد هلك فِي يَدَيْهِ فَلَا شَيْء لَهُ

(5/51)


151 - وَلَا خير فِي أَن يسلم الْعرُوض فِي تُرَاب الْمَعَادِن لِأَنَّهُ مَجْهُول لَا يعرف
152 - وَلَا بَأْس بِأَن يسلم الْحِنْطَة وكل مَا يُبَاع من الْحُبُوب فِي السّمن وَالزَّيْت وَالْعَسَل وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا يُوزن ويكال بالرطل
والكيل بالرطل عندنَا هُوَ الْوَزْن
153 - وَلَا بَأْس بِأَن يسلم مَا يُكَال فِيمَا يُوزن وَمَا يُوزن فِيمَا يُكَال وَلَا يسلم مَا يُكَال فِيمَا يُكَال وَلَا مَا يُوزن فِيمَا يُوزن وَإِن اخْتلف النوعان
وَتَفْسِير ذَلِك أَنَّك لَا تسلم الْحِنْطَة فِي الشّعير وَلَا الشّعير فِي السمسم وَلَا يسلم بِشَيْء من الْحُبُوب فِي غَيره مِمَّا يُكَال فانه لَا خير فِي ذَلِك لِأَنَّهُ كيل
فَكَذَلِك الْوَزْن إِذا أسلمت بعضه فِي بعض
وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي ذَلِك يدا بيد وَاحِدًا بِوَاحِد واثنين بِوَاحِد
وَإِن كَانَ نوعا وَاحِدًا فَلَا خير فِيهِ إِلَّا مثلا بِمثل وَلَا خير فِي وَاحِد بِاثْنَيْنِ
وَإِن كَانَ نوعا وَاحِدًا مِمَّا يُوزن سمن أَو عسل فَلَا بَأْس بذلك وَاحِدًا بِوَاحِد لَا فضل فِيهِ وَلَا يجوز نَسِيئَة

(5/52)


154 - وَلَا بَأْس بالبنفسج بالخيرى رطلين برطل يدا بيد وَكَذَلِكَ البنفسج بالزنبق والورد لِأَن هذَيْن مُخْتَلِفَانِ فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
155 - وَكَذَلِكَ ألبان الْبَقر بألبان الْغنم وَكَذَلِكَ ألبان الْإِبِل وَكَذَلِكَ لحم الْبَقر بِلَحْم الْغنم اثْنَيْنِ بِوَاحِد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة أَلا ترى أَنه مُخْتَلف وَأَن هَذَا غير هَذَا
156 - وَلَا خير فِي الْحِنْطَة بالدقيق لِأَنَّهُ من شَيْء وَاحِد وَلَا يعلم أَيهمَا أَكثر وَكَذَلِكَ السويق بالدقيق فَلَا خير فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد السويق بالدقيق لَا بَأْس بِهِ يدا بيد وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر من صَاحبه فَلَا بَأْس بِهِ من قبل أَنه قد اخْتلف وَلَا يعود وَاحِد مِنْهُمَا أَن يكون مثل صَاحبه
157 - وَلَا خير فِي الزَّيْت بالزيتون لِأَنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّ مَا فِي الزَّيْتُون أَكثر مِمَّا أَخذ من الزَّيْت فَإِن كَانَ مَا فِي الزَّيْتُون من الزَّيْت يعلم ذَلِك فَلَا بَأْس بِهِ وَيكون الْفضل الَّذِي فِي الزَّيْت بِمَا بَقِي من ثفل الزَّيْتُون

(5/53)


158 - وَكَذَلِكَ دهن السمسم بالسمسم وَكَذَلِكَ الْعصير بالعنب وَكَذَلِكَ اللَّبن بالسمن وَكَذَلِكَ الرطب بالدبس وَلَا خير فِي شَيْء من هَذَا حَتَّى تعلم أَنْت مَا فِي السمسم من الدّهن وَمَا فِي الْعِنَب من الْعصير وَمَا فِي اللَّبن من السّمن وَمَا فِي الرطب من الدبس أقل مِمَّا يُعْطي حَتَّى يكون مَا يفضل من اللَّبن بعد مَا يخرج من السّمن مِنْهُ وثفل السمسم وثفل الْعِنَب وثفل الرطب بعد مَا يخرج من الدبس بِالْفَضْلِ الَّذِي كَانَ فِيمَا أعطَاهُ الآخر
وَلَا خير فِي شَيْء من هَذَا نَسِيئَة
159 - وَلَا بَأْس بخل الْخمر بخل السكر اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
160 - وَإِذا اشْترى الرجل شَاة حَيَّة بصوف وعَلى ظهرهَا من الصُّوف أَكثر مِمَّا يُعْطي كَانَ هَذَا فَاسِدا لَا يجوز حَتَّى يكون

(5/54)


مَا على ظهرهَا من الصُّوف أقل مِنْهُ
161 - فَإِذا اشْتَرَاهَا بِلَحْم أقل من لَحمهَا فَهُوَ فِي الْقيَاس يَنْبَغِي أَن يكون فَاسِدا وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونجيزه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد إِن هَذَا فَاسد الشَّاة بِاللَّحْمِ إِلَّا أَن يكون اللَّحْم أَكثر من لحم الشَّاة فَيكون الْفضل بالصوف وَالْجَلد والسقط للأثر الَّذِي جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ
وَالْأول قَول أبي حنيفَة
162 - وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهَا بِلَبن وَفِي ضرْعهَا من اللَّبن فِيمَا يرى أَكثر مِنْهُ كَانَ هَذَا فَاسِدا
163 - وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي الْحَدِيد بِالنُّحَاسِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد والنحاس بالرصاص اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ
وَلَا خير فِي شَيْء من ذَلِك نَسِيئَة لِأَنَّهُ وزن كُله
164 - وَإِذا أسلم الرجل حِنْطَة فِي شعير وزيت إِلَى أجل مَعْلُوم فَلَا يجوز ذَلِك فِي الشّعير وَيجوز فِي الزَّيْت فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن

(5/55)


وَيبْطل ذَلِك كُله فِي قَول أبي حنيفَة من قبل أَنه أسلم كَيْلا فِي كيل
165 - وَإِذا أسلم الرجل دَرَاهِم فِي فضَّة وَذهب كَانَ ذَلِك فَاسِدا
166 - وَإِذا أسلم الرجل شَيْئا من الْحَدِيد والصفر والنحاس والرصاص فِي شَيْء مِمَّا يُوزن من الأدهان من الزَّيْت وَالسمن وَالْعَسَل وَأَشْبَاه ذَلِك أَو شَيْء مِمَّا يُوزن فَلَا خير فِيهِ لِأَنَّهُ وزن كُله
167 - وَإِذا أسلم الْفُلُوس فِي شَيْء من ذَلِك فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن الْفُلُوس قد خرجت من الْوَزْن إِلَّا الصفر وَحده فَإِنِّي لَا أُجِيز أَن يسلم الرجل فِيهِ الْفُلُوس
168 - وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ سَيْفا بِشَيْء مِمَّا يُوزن إِلَى أجل أَو أسلم السَّيْف فِي شَيْء مِمَّا يُوزن إِلَى أجل كَانَ ذَلِك جَائِزا لِأَن السَّيْف قد خرج من الْوَزْن إِلَّا الْحَدِيد فَإِنَّهُ نوع وَاحِد
وَكَذَلِكَ كل مَتَاع أَو إِنَاء مصوغ من حَدِيد أَو نُحَاس قد خرج من الْوَزْن وَلَا بَأْس بِأَن يسلم فِيمَا يُوزن من السّمن وَالزَّيْت وَالْعَسَل وَأَشْبَاه ذَلِك من الأدهان وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ نَسِيئَة بِشَيْء من ذَلِك

(5/56)


169 - وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع إِنَاء مصوغا من ذَلِك بِإِنَاء مصوغ يدا بيد فِيهِ أَكثر مِمَّا فِيهِ من الْوَزْن إِذا كَانَ ذَلِك الْإِنَاء لَا يُبَاع وزنا
170 - وَكَذَلِكَ الْفُلُوس لَا بَأْس بِأَن يسْتَبْدل فلسًا بفلسين أَو أَكثر يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة وَهَذَا قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز ذَلِك يدا بيد وَلَا نَسِيئَة لِأَن الْفُلُوس ثمن إِن ضَاعَ مِنْهَا شَيْء قبل الْقَبْض وَجب على صَاحبه مَكَانَهُ لِأَنَّهُ من نَوعه
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن ضَاعَ الْفلس قبل أَن يَدْفَعهُ فَقبض الفلسين لم يجز أَن يدْفع أَحدهمَا قَضَاء مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْفُلُوس لَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي فلسًا بفلسين أَو أَكثر يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
171 - وَكَذَلِكَ الْخَزّ لَا بَأْس بِأَن يسْتَبْدل شقة من خَز بشقة هِيَ أكبر مِنْهَا أَو أَكثر وزنا
172 - وَكَذَلِكَ الطيالسة والمسوح والأكسية والبتوت وأصناف الثِّيَاب كلهَا لِأَن هَذَا قد خرج من الْوَزْن فَلَا بَأْس بِأَن يسْتَبْدل هَذَا بِشَيْء هُوَ أَكثر وزنا مِنْهَا لِأَن هَذَا لَا يُوزن

(5/57)


173 - وَكَذَلِكَ الصُّوف بالإبريسم لَا بَأْس بِهِ
174 - وَلَا خير فِي أَن يَبِيع شَيْئا من الدّهن بالزيت لِأَنَّهُ وزن يُوزن
وَلَا خير فِي أَن يسلم أَحدهمَا فِي صَاحبه لِأَن هَذَا وزن كُله
وَلَا بَأْس بِأَن يسلم هَذَا فِيمَا يُكَال أَو أَن يسلم مَا يُكَال فِي هَذَا إِذا اشْترطت ذَلِك على مَا وصفت لَك
175 - وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِالتَّمْرِ بالرطب مثلا بِمثل وَإِن كَانَ الرطب ينقص إِذا جف
وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة الرّطبَة بِالْحِنْطَةِ الْيَابِسَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا خير فِي الرطب بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل يدا بيد لِأَن الرطب ينقص إِذا جف قَالَ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك
وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة المبلولة بِالْحِنْطَةِ الْيَابِسَة فِي قَول مُحَمَّد

(5/58)


وَأَجَازَ ذَلِك أَبُو يُوسُف كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة
176 - وَلَا خير فِي الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ الَّتِي قد قليت وطحنت وَالْحِنْطَة بالسويق لَا خير فِيهِ مثلا بِمثل وَلَا اثْنَيْنِ بِوَاحِد
وَلَو كَانَ مَعَ ذَلِك ذهب أَو فضَّة فَلَا خير فِيهِ بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن الشّعبِيّ إِلَّا فِي الْخصْلَة الْوَاحِدَة إِلَّا أَن يكون السويق بِالْحِنْطَةِ مثلا بِمثل وَالْحِنْطَة أَكثر وَمَعَ السويق دَرَاهِم أَو ذهب فَتكون الدَّرَاهِم وَالذَّهَب بِفضل الْحِنْطَة
177 - وَإِذا كَانَ نوعا وَاحِدًا مِمَّا لَا يُكَال أَو يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد أَو أَكثر من ذَلِك أَو أقل يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
وَإِن صرف إِلَى ذَلِك شَيْئا من غير ذَلِك الصِّنْف فَأسلم قوهية فِي قوهية وهروية نَسِيئَة فَلَا خير فِيهِ كُله فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة

(5/59)


وَلَا خير فِيهِ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي القوهية خَاصَّة
وَهُوَ جَائِز فِي الهروية إِن كَانَت القوهية مُعجلَة والهروية نَسِيئَة فَلَا بَأْس بِهِ
178 - وَكَذَلِكَ لَو أسلم ثوبا قوهيا فِي ثوب هروي فَعجل فضل دَرَاهِم أَو تعجل شَيْئا من الْمَتَاع سوى مَا أسلم أَو سوى مَا أعْطى هُوَ إِن تعجله أَيْضا من صَاحبه فَهَذَا جَائِز لَا بَأْس بِهِ
179 - وَكَذَلِكَ لَو أعطَاهُ ثوبا فِي حِنْطَة وشعير فَجعل نصفه عَاجلا وَنصفه إِلَى أجل فَذَلِك جَائِز
180 - وَلَو أعطَاهُ ثوبا قوهيا فِي ثوب قوهي نَسِيئَة فَهُوَ مَرْدُود سلما كَانَ أَو بيعا مقايضة أَو قرضا فَلَا خير فِي شَيْء من ذَلِك لِأَنَّهُ نوع وَاحِد فَلَا خير فِيهِ
وَإِن زَاد فِيهِ درهما مَعَ الثَّوْب الَّذِي عجل أَو زَاد الآخر مَعَ الثَّوْب الآخر درهما عَاجلا أَو آجلا كَانَ ذَلِك كُله فَاسِدا لَا يجوز لِأَنَّهُ نوع وَاحِد فَلَا يجوز أَن يزِيد فِيهِ شَيْئا

(5/60)


وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الزِّيَادَة دَنَانِير أَو ثوبا يَهُودِيّا أَو حِنْطَة أَو شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن
181 - وَإِذا كَانَ الثوبان من نَوْعَيْنِ مُخْتَلفين فَأعْطَاهُ ثوبا يَهُودِيّا فِي ثوب زطي أَو أعطَاهُ ثوبا مرويا فِي ثوب هروي وَزِيَادَة دِرْهَم من عِنْده عَاجلا أَو زَاده الآخر درهما عَاجلا أَو آجلا فَذَلِك كُله جَائِز بعد أَن يكون الْأَجَل مَعْلُوما والرقعة والطول وَالْعرض من قبل أَن النَّوْعَيْنِ قد اخْتلفَا
182 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلم طَعَاما فِي شَيْء مِمَّا يُوزن وَزَاد مَعَ ذَلِك درهما أَو دِينَارا أَو ثوبا عجله فَهُوَ جَائِز
وَإِن جعل الشَّيْء من ذَلِك مُؤَجّلا فَلَا خير فِيهِ
وَإِن كَانَت الزِّيَادَة من الَّذِي عَلَيْهِ السّلم أَو كَانَت دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو ثوبا أَو شَيْئا مِمَّا يُوزن فعجله وسمى وزن الَّذِي عجله كَانَ ذَلِك جَائِزا

(5/61)


وَإِذا جعل ذَلِك كُله إِلَى أجل فَهُوَ جَائِز إِذا علم ذَلِك
183 - وَلَو أسلم رجل طَعَاما فِي شَيْء مِمَّا يُوزن أَو ثِيَاب مَعْلُومَة من أَصْنَاف مَعْلُومَة مُخْتَلفَة وَفِي أَشْيَاء مَعْلُومَة من صنوف الْوَزْن وَاشْترط كل ضرب من ذَلِك على حَاله مَعْلُوما وَزنه وذرعه وَصفته وَجعل لَهَا أَََجَلًا وَاحِدًا أَو آجالا مُخْتَلفَة وسمى لكل صنف من ذَلِك رَأس مَال من الطَّعَام فان ذَلِك جَائِز
وان كَانَ لم يسم رَأس مَال كل صنف فَهُوَ فَاسد فِي قَول أبي حنيفَة
184 - وَإِذا أسلم الرجل شَيْئا مِمَّا يُكَال فِي شَيْء مِمَّا يُوزن أَو يذرع ذرعا على هَذِه الصّفة فَهُوَ جَائِز
وَإِن أَدخل فِي ذَلِك شَيْئا من الْكَيْل فَأسلم فِيهِ مَعَ الْوَزْن والذرع فسد السّلم كُله فِي قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فانه يفْسد فِي نوع رَأس المَال وَيجوز فِيمَا بَقِي لِأَن رَأس المَال مِمَّا يُكَال

(5/62)


185 - وَلَا بَأْس أَن يَشْتَرِي الرجل الشَّاة الْحَيَّة بِالشَّاة المذبوحة يدا بيد من قبل أَن الشَّاة الْحَيَّة لَا توزن وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
186 - وَلَو كَانَتَا شَاتين مذبوحتين قد سلختهما اشتراهما رجل بِشَاة مذبوحة لم تسلخ كَانَ ذَلِك جَائِزا يكون لحم الشَّاة الْوَاحِدَة بِلَحْم إِحْدَى الشاتين وجلدها بِلَحْم الشَّاة الْأُخْرَى
وَلَو كَانَت الشَّاة لَيست مَعهَا جلد كَانَ ذَلِك فَاسِدا إِلَّا أَن يكون مثلا بِمثل لِأَن اللَّحْم هُوَ وزن كُله
187 - وَلَا بَأْس بكر حِنْطَة وكر شعير بِثَلَاثَة أكرار كرّ حِنْطَة وكر شعير يدا بيد فَتكون حِنْطَة هَذَا بشعير هَذَا وشعير هَذَا بحنطة هَذَا وَكَذَلِكَ كرّ حِنْطَة وكر شعير بِنصْف كرّ حِنْطَة وَنصف كرّ شعير فَتكون الْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ وَالشعِير بِالْحِنْطَةِ
وَلَا خير فِي شَيْء من هَذَا نَسِيئَة
188 - وَإِن اشْترى الرجل قفيز حِنْطَة بِنصْف قفيز حِنْطَة هُوَ أَجود مِنْهُ أَو قفيز شعير بِنصْف قفيز شعير هُوَ أَجود مِنْهُ فَلَا خير فِيهِ

(5/63)


وَلَو أَعْطَيْت قَفِيزا من حِنْطَة وقفيزا من شعير بقفيزين من تمر لم يكن بذلك بَأْس يدا بيد
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَعَ التَّمْر قفيز من حِنْطَة فَلَا بَأْس
189 - وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي الكفري بِمَا شِئْت من التَّمْر يَد بيد لِأَن الكفري لَيْسَ بِتَمْر وَلَا يُكَال
وَلَا خير فِيهِ إِذا كَانَ الكفري بنسيئة من قبل أَن هَذَا شَيْء مَجْهُول لَا يعرف وَفِيه الصَّغِير وَالْكَبِير
190 - وَلَا خير فِي التَّمْر بالبسر اثْنَيْنِ بِوَاحِد وَإِن كَانَ الْبُسْر لم يحمر وَلم يصفر من قبل أَن أَصله وَاحِد
وَكَذَلِكَ القسب بِالتَّمْرِ لَا خير فِيهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة وَكَذَلِكَ كل صنف من صنوف التَّمْر والقسب والبسر فَهَذَا كُله وَاحِد وَلَا خير فِي بعضه بِبَعْض إِلَّا يدا بيد مثلا بِمثل
191 - وَلَا خير فِي أَن يبْتَاع حِنْطَة مجازفة بحنطة مجازفة

(5/64)


وَكَذَلِكَ كل شَيْء يُكَال أَو يُوزن
192 - فَكَذَلِك التَّمْر فِي رُؤُوس النّخل لَا خير فِيهِ أَن يبتاعه بِالتَّمْرِ كَيْلا أَو مجازفة بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
193 - وَكَذَلِكَ الزَّرْع إِذا كَانَ قد أدْرك وَبلغ وَهُوَ حِنْطَة فَلَا خير فِي ذَلِك أَن يبتاعه بحنطة كَيْلا أَو مجازفة لِأَنَّك لَا تَدْرِي أَي ذَلِك أَكثر
194 - وَلَا بَأْس بِأَن يبتاعه وَهُوَ قصيل من قبل أَن يكون حِنْطَة بكيل أَو بِغَيْر كيل بعد أَن يكون طَعَاما بِعَيْنِه
فَإِذا اشْترط عَلَيْهِ أَن يتْرك القصيل فِي أرضه حَتَّى يدْرك فَلَا خير فِي البيع

(5/65)


195 - وَلَا بَأْس أَن يبْتَاع زرع الْحِنْطَة بعد مَا أدْرك بِدَرَاهِم أَو بِشَيْء مِمَّا يُكَال غير الْحِنْطَة أَو بِشَيْء مِمَّا يُوزن مجازفة أَو غير مجازفة من قبل أَنَّهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ
196 - وَإِذا كَانَ الشَّيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن بَين رجلَيْنِ فاقتسما مجازفة أَخذ أَحدهمَا أحد النَّوْعَيْنِ وَأخذ الآخر النَّوْع الآخر أَو أَخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف نوع واصطلحا على ذَلِك مجازفة بِغَيْر كيل كَانَ ذَلِك جَائِزا لِأَن كل نوع مِنْهُمَا يصير بِنَوْع الآخر
197 - وَلَا خير فِي شِرَاء ألبان الْغنم فِي ضروعها كَيْلا وَلَا مجازفة بِدَرَاهِم وَلَا غير ذَلِك وَكَذَلِكَ أَوْلَادهَا فِي بطونها
وبلغنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن شِرَاء حَبل الحبلى وَنهى عَن بيع الْغرَر وَهَذَا عندنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شِرَاء اللَّبن فِي الضروع وَشِرَاء حَبل الحبلة

(5/66)


198 - وَكَذَلِكَ شِرَاء أصوافها على ظُهُورهَا لِأَن هَذَا غرر لَا يعرف
199 - وَكَذَلِكَ كل شَيْء اشْتريت من الثِّمَار مِمَّا يُكَال وَهُوَ فِي الشّجر بِنصْف غَيره فَلَا بَأْس بِهِ يدا بيد إِذا كَانَ قد أدْرك
فَإِن اشْترطت عَلَيْهِ أَن يتْركهُ فِي الشّجر حَتَّى يدْرك فَلَا خير فِيهِ
وَإِن كَانَ لم يدْرك فَهُوَ سَوَاء
وَإِن لم يشْتَرط عَلَيْهِ تَركه فَهُوَ جَائِز
فَإِذا اشْتريت لتقطعه مَكَانك فَلَا بَأْس بِهِ
وَإِن أذن لَك بعد الشِّرَاء أَن تتركه فتركته حَتَّى يبلغ فَهُوَ جَائِز
200 - وَإِذا اشْترى الرجل طَعَاما بِطَعَام مثله فعجله كُله وَترك الَّذِي اشْترى وَلم يقبضهُ فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُ حَاضر وَلَيْسَ لَهُ أجل
وَإِن قَبضه بعد ذَلِك بِيَوْم أَو أَكثر فَلَا بَأْس بِهِ
وَلَيْسَ هَذَا كالصرف وَلَا كالسلم
201 - وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا اشْترى عبدا بعبدين أَو شَاة بشاتين يدا بيد فَقبض أَحدهمَا وَلم يقبض الآخر إِلَّا بعد ذَلِك بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَهُوَ جَائِز أَلا ترى أَن الرجل يَشْتَرِي الْجَارِيَة أَو الشَّاة أَو الطَّعَام أَو الشَّيْء من الْعرُوض وينقد الدَّرَاهِم وَلَا يقبض ذَلِك يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ فَيكون ذَلِك جَائِزا فَلَا بَأْس بِهِ وَلَيْسَ هَذَا بنسيئة

(5/67)


وَلَو جعل فِيهِ أجل يَوْم أَو أَكثر من ذَلِك كَانَ هَذَا فَاسِدا من قبل أَنه اشْترى شَيْئا بِعَيْنِه فَلَا يجوز فِيهِ الْأَجَل
202 - وَإِذا اشْترى الرجل طَعَاما بِطَعَام أَو بِغَيْرِهِ مِمَّا يُكَال أَو يُوزن وَاشْترط عَلَيْهِ أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله وهما فِي الْمصر الَّذِي فِيهِ الْمنزل فَذَلِك جَائِز مَا خلا الطَّعَام فَإِنَّهُ قد أَخذ طَعَاما بِطَعَام وَفضل فَلَا خير فِيهِ
203 - وَإِذا اشْترى طَعَاما بِدَرَاهِم أَو بعروض بِعَينهَا على أَن يحملهَا إِلَى منزله فَلَا خير فِيهِ وَكَذَلِكَ لَو اشْترط عَلَيْهِ أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله كَانَ فَاسِدا
غير أَنِّي أستحسن فِي هَذَا خصْلَة وَاحِدَة إِذا كَانَ فِي مصر وَاحِدَة وَاشْترط عَلَيْهِ أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله فَلَا بَأْس بِهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد هَذَا كُله فَاسد
204 - وَإِذا اشْترى الرجل شعرًا بصوف

(5/68)


مُتَفَاضلا فَلَا بَأْس بِهِ يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
205 - وَلَا بَأْس بالقطن والكتان وَالْحَدِيد والنحاس وَمَا أشبه ذَلِك أَن يَشْتَرِيهِ وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ بعضه بِبَعْض إِذا اخْتلف النوعان يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
وَلَا خير فِي أَن يسلم فِي شَيْء من هَذَا فِي شَيْء مِمَّا يُكَال بالأرطال لِأَنَّهُ وزن كُله
206 - وَإِذا اسْلَمْ الرجل ثوبا أَو جَارِيَة أَو شَيْئا من الْعرُوض أَو الْحَيَوَان فِي نَوْعَيْنِ من الْكَيْل وَالْوَزْن مُخْتَلفين فَلَا بَأْس بذلك وَإِن لم يبين رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا من قبل أَن رَأس مَاله لَا ينقص وَلَيْسَ هَذَا كالطعام فِي قَول أبي حنيفَة الَّذِي ينقص ويوزن ويكال
207 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي حِنْطَة وسطا فَأعْطَاهُ الآخر طَعَاما جيدا أَو أسلم فِي تمرد قل فَأعْطَاهُ الآخر فارسيا فَلَا بَأْس بذلك

(5/69)


وَكَذَلِكَ لَو أعطَاهُ دون شَرطه فَأَخذه كَانَ ذَلِك جَائِزا
208 - وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ وقبضهما فَمَاتَ أَحدهمَا فِي يَدَيْهِ ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فان القَوْل فِي ذَلِك قَول المُشْتَرِي إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع أَن يَأْخُذ الْحَيّ وَلَا يَأْخُذ من ثمن الْمَيِّت شَيْئا
وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف أَن القَوْل قَول المُشْتَرِي فِي حِصَّة الْمَيِّت ويتحالفان ويترادان فِي الْحَيّ مِنْهُمَا وَهَذَا قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد يَتَحَالَفَانِ ويترادان فِي الْحَيّ وَفِي حِصَّة الْهَالِك وَالْقَوْل فِي قيمَة الْهَالِك قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه

(5/70)


- 1 بَاب الْوكَالَة فِي السّلم
-
1 - وَإِذا وكل الرجل رجلا أَن يسلم لَهُ عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فأسلمها إِلَى رجل وَاشْترط ضربا من الْحِنْطَة مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فِي كيل مُسَمّى وَالْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ فَهُوَ جَائِز
وللوكيل أَن يقبض الطَّعَام إِذا حل الْأَجَل
2 - وَإِن كَانَ الْوَكِيل نقد الدَّرَاهِم من عِنْده وَلم يدْفع الَّذِي وكل شَيْئا فَهُوَ جَائِز وَالطَّعَام للَّذي وَكله وَالدَّرَاهِم للْوَكِيل دين على الْمُوكل
فَإِذا قبض الْوَكِيل الطَّعَام فَلهُ أَن يحْبسهُ عِنْده حَتَّى يَسْتَوْفِي الدَّرَاهِم من الْمُوكل وَهَذَا بِمَنْزِلَة الرجل أَمر رجلا أَن يَشْتَرِي لَهُ خَادِمًا بِعَينهَا فاشتراها وَلم يدْفع إِلَيْهِ الثّمن وَنقد الْوَكِيل الثّمن من عِنْده وَقبض الْخَادِم فللوكيل أَن يحبسها حَتَّى يَسْتَوْفِي المَال من الْمُوكل فان هَلَكت الْجَارِيَة عِنْد الْوَكِيل بعد مَا حَبسهَا وأبى أَن يَدْفَعهَا إِلَى الْمُوكل حَتَّى طلبَهَا فَهِيَ من مَال الْوَكِيل وَالثمن دين على الْمُوكل فَكَذَلِك السّلم فِي الطَّعَام
3 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ فِي حِنْطَة وَدفع إِلَيْهِ دَرَاهِم فأسلمها وَأخذ بهَا رهنا فَهُوَ جَائِز
5 - وَكَذَلِكَ لَو أَخذ بهَا كَفِيلا فَهُوَ جَائِز على الْمُوكل

(5/71)


4 - وَإِن حل الْأَجَل فَأخر الْوَكِيل السّلم فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ خَاصَّة وَهُوَ ضَامِن للطعام للْمُوكل
6 - وَكَذَلِكَ لَو أَبْرَأ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام أَو وهبه لَهُ كَانَ جَائِزا عَلَيْهِ وَكَانَ الْوَكِيل ضَامِنا للطعام للْمُوكل
وَلَو لم يفعل الْوَكِيل شَيْئا من ذَلِك وَلَكِن احتال بِهِ على رجل وَأَبْرَأ الأول فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ خَاصَّة
وان كَانَ الْمُحْتَال عَلَيْهِ مليئا أَو غير مَلِيء فالوكيل ضَامِن للطعام للْمُوكل لِأَنَّهُ أَبرَأَهُ من طَعَامه بِغَيْر قبض
7 - فان اقْتضى الْوَكِيل طَعَاما دون شَرطه وَكَانَ شَرطه جيدا فَاقْتضى مِنْهُ وسطا أَو رديئا فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ وللموكل أَن يضمنهُ طَعَاما مثل طَعَامه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجوز شَيْء من هَذَا إِلَّا فِي الْكَفِيل وَالرَّهْن
8 - وَإِذا وكل الرجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام ثمَّ إِن الْوَكِيل تَارِك السّلم وَقبض رَأس المَال فَهُوَ جَائِز وَهُوَ ضَامِن للطعام مثله لرب السّلم لِأَن الطَّعَام قد وَجب للْآمِر وَهَذَا قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد

(5/72)


وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فَلَا يجوز إِبْرَاء الْوَكِيل وَلَا هِبته وَلَا متاركته وَلَا تَأْخِيره وللموكل أَن يرجع بطعامه اسْتحْسنَ ذَلِك وادع الْقيَاس فِيهِ
9 - وَإِذا وكل الرجل رجلا فَأسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَامه ثمَّ فَارق الْوَكِيل الْمُسلم إِلَيْهِ وَأسلم وَأمر الْوَكِيل الْمُوكل أَن يدْفع إِلَيْهِ الدَّرَاهِم فان السّلم قد فسد وانتقض من قبل أَن الْوَكِيل هُوَ الَّذِي ولى الصَّفْقَة وفارقه قبل أَن ينقده
وَإِن نقد الْمُوكل الدَّرَاهِم رَجَعَ بهَا على الَّذِي أَخذهَا مِنْهُ
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم وكل وَكيلا أَيْضا فَهُوَ سَوَاء
10 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ عشرَة دَرَاهِم فِي حِنْطَة فأسلمها فِي قفيز حِنْطَة فَهَذَا جَائِز على الْوَكِيل وَلَا يجوز على رب السّلم وَالْوَكِيل ضَامِن للدراهم للْمُوكل
وَلَو أسلمها فِي أَكثر من ذَلِك من الْحِنْطَة أَو كَانَ حط عَنهُ شَيْئا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ كَانَ ذَلِك جَائِزا على الْمُوكل
11 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فالطعام عندنَا الْحِنْطَة يستحسن ذَلِك فان أسلم فِي شعير أَو فِي تمر أَو فِي سمسم فَهُوَ جَائِز على الْوَكِيل وَلَا يجوز على الْمُوكل

(5/73)


وَإِن رَجَعَ الْآمِر على الَّذِي أسلم إِلَيْهِ بدراهمه كَانَ لَهُ ذَلِك فان كَانَ الَّذِي أسلم إِلَيْهِ قد فَارق صَاحب السّلم انْتقض السّلم وَإِن كَانَ لم يُفَارِقهُ حَتَّى أعطَاهُ دَرَاهِم مثلهَا كَانَ ذَلِك جَائِزا مُسْتَقِيمًا
وَالْوَكِيل ضَامِن للدراهم إِن شَاءَ أَخذه وَلم يتبع بهَا الْمُسلم إِلَيْهِ
12 - وَإِن أسلم الدَّرَاهِم فِي دَقِيق حِنْطَة فَهُوَ جَائِز
13 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يَأْخُذ لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام مُسَمّى إِلَى أجل فَأخذ الْوَكِيل الدَّرَاهِم ثمَّ دَفعهَا إِلَى الَّذِي وَكله فان الطَّعَام على الْوَكِيل
وَإِنَّمَا للْوَكِيل على الَّذِي وَكله دَرَاهِم قرض لِأَن الْوَكِيل حَيْثُ أسلم إِلَيْهِ فِي طَعَام صَار عَلَيْهِ وَحَيْثُ دفع الدَّرَاهِم إِلَى الَّذِي وَكله لم يُسَلِّمهَا إِلَيْهِ فِي طَعَام فَصَارَت قرضا عَلَيْهِ
وَقد كَانَ للْوَكِيل أَن يمْنَعهَا إِيَّاه أَلا ترى أَن رب السّلم لَيْسَ لَهُ على الْمُوكل شَيْء
14 - وَإِذا وكل رجل رجلا وَدفع إِلَيْهِ عشرَة دَرَاهِم يُسَلِّمهَا فِي ثوب وَلم يسم جنسه فأسلمها الْوَكِيل فِي ثوب وسمى طوله وَعرضه ورقعته وجنسه وأجله فَهُوَ جَائِز على الْوَكِيل وَالْوَكِيل ضَامِن للدراهم للْآمِر

(5/74)


وَلَا يجوز هَذَا على الْآمِر من قبل انه لم يسم جنس الثَّوْب
ولرب الدَّرَاهِم أَن يضمن مَاله الْمُسلم إِلَيْهِ فان ضمن الدَّرَاهِم الْمُسلم إِلَيْهِ انْتقض السّلم وَإِن ضمنهَا الْوَكِيل بَقِي السّلم وَكَانَ للْوَكِيل على الْمُسلم إِلَيْهِ ثوب
15 - وَإِذا أمره أَن يسلم الدَّرَاهِم فِي الثَّوْب الْيَهُودِيّ فَأسلم فِي ثوب يَهُودِيّ وَاشْترط طوله وَعرضه ورقعته وأجله فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أسلمها فِي ثوب قوهي أَو مَرْوِيّ إِذا سمى لَهُ جِنْسا من الثِّيَاب كَانَ ذَلِك على الْآمِر
فان خَالف الْوَكِيل فَأسلم فِي غير ذَلِك فلرب الدَّرَاهِم أَن يضمن الْوَكِيل الدَّرَاهِم فان ضمنهَا إِيَّاه جَازَ السّلم للْوَكِيل وَإِن ضمنهَا الْمُسلم إِلَيْهِ بَطل السّلم
16 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي حِنْطَة وَدفعهَا إِلَيْهِ فأسلمها إِلَيْهِ وَلم يشْهد على الْمُسلم إِلَيْهِ بِقَبض المَال وَلَا بِالِاسْتِيفَاءِ ثمَّ جَاءَ الْمُسلم إِلَيْهِ بدرهم يردهُ إِلَيْهِ وَقَالَ وجدته زائفا فَإِنَّهُ يصدق وَيَقْضِي على الْوَكِيل بِبَدَلِهِ وَيرجع بِهِ الْوَكِيل على الْمُوكل
وَكَذَلِكَ لَو وجد دِرْهَمَيْنِ

(5/75)


فَإِن وجد النّصْف زُيُوفًا رد ذَلِك وَبَطل من السّلم بِحِسَاب ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فانه يسْتَبْدل
فان كَانَت كلهَا زُيُوفًا استبدلها
وَإِن كَانَ قد أشهد عَلَيْهِ أَنه استوفى رَأس المَال لم يصدق الْمُسلم إِلَيْهِ على الدَّرَاهِم الزُّيُوف وَلم تقبل مِنْهُ الْبَيِّنَة على ذَلِك وَلم يكن لَهُ يَمِين على الْوَكِيل
17 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ عشرَة دَرَاهِم من الدّين الَّذِي عَلَيْهِ فِي الطَّعَام فأسلمها لَهُ فان هَذَا لَا يكون سلما للْآمِر فِي قَول أبي حنيفَة وَهُوَ من مَال الْوَكِيل الْمَأْمُور حَتَّى يقبض الطَّعَام ويدفعه إِلَى الْآمِر
وَهُوَ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد جَائِز
وَكَذَلِكَ ألف دِرْهَم على رجل فَقَالَ اصرفها لي بِدَنَانِير أَو اشْتَرِ لي بهَا عدلا زطيا

(5/76)


18 - وَإِذا وكل رجل رجلَيْنِ أَن يسلما لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فَأسلم أَحدهمَا دون الآخر فانه لَا يجوز على الْآمِر لِأَنَّهُ لم يرض برأى هَذَا وَحده
وَإِن أسلما جَمِيعًا الدَّرَاهِم فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز على الْآمِر
وَإِن تَارِك أَحدهمَا الْمُسلم إِلَيْهِ فانه لَا يجوز فِي قَول أبي حنيفَة وَلَا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالطَّعَام على حَاله دين
19 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فأسلمها لَهُ ثمَّ إِن الْآمِر اقْتضى الطَّعَام وَقَبضه فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ لَو تَارِك السّلم وَقبض رَأس المَال فَهُوَ جَائِز
وَالَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام بَرِيء
وَلَو لم يفعل ذَلِك وَأَرَادَ قبض الطَّعَام وأبى الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ فَلهُ أَن يمْتَنع مِنْهُ وَلَا يُعْطِيهِ شَيْئا لِأَنَّهُ لم يسلم إِلَيْهِ فِي شَيْء
20 - وَإِذا وكل رجل رجلا فَدفع إِلَيْهِ دَرَاهِم يُسَلِّمهَا لَهُ فِي الْحِنْطَة فقاول الْوَكِيل رجلا وَبَايَعَهُ وَلم يكن لَهُ نِيَّة فِي دفع دَرَاهِمه وَلَا فِي دفع

(5/77)


دَرَاهِم الْآمِر ثمَّ دفع إِلَيْهِ دَرَاهِم الْآمِر فَهُوَ جَائِز وَهِي للْآمِر وَإِن دفع إِلَيْهِ دَرَاهِم لنَفسِهِ فالطعام لَهُ ودراهم الْآمِر عِنْد الْوَكِيل حَتَّى يُسَلِّمهَا وَهُوَ قَول يَعْقُوب إِذا لم تكن النِّيَّة فِي ذَلِك لنَفسِهِ وَلَا للْآمِر
وفيهَا قَول آخر قَول مُحَمَّد انه لَازم للْوَكِيل إِلَّا أَن يكون نَوَاه للْآمِر عِنْد عقدَة الشِّرَاء فان نوى ذَلِك لم يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن يَأْخُذهُ لنَفسِهِ
فان تكاذبا فِيمَا قَالَ الْوَكِيل من نِيَّته فَالَّذِي اشْترى للَّذي نقد مَاله أَيهمَا كَانَ
وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي طَعَام ثمَّ وكل رجلا أَن يدْفع إِلَيْهِ الدَّرَاهِم وَقَامَ هُوَ فَذهب فقد انْتقض السّلم وَبَطل
فَإِن دفع الْوَكِيل الدَّرَاهِم وَالرجل حَاضر فَهُوَ جَائِز وَإِذا وكل الْمُسلم إِلَيْهِ رجلا يقبض الدَّرَاهِم من رب السّلم وفارقه فَذهب فقد انْتقض السّلم وَبَطل
وان لم يذهب وَلم يُفَارِقهُ حَتَّى قبض الْوَكِيل الدَّرَاهِم فَهُوَ جَائِز فالدراهم للْمُسلمِ إِلَيْهِ وَالطَّعَام عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ولى صَفْقَة البيع

(5/78)


22 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِثَوْب يَبِيعهُ بِدَرَاهِم فأسلمه فِي طَعَام إِلَى أجل فانه لَا يجوز فان ضمن رب الثَّوْب الْوَكِيل جَازَ السّلم وَكَانَ لَهُ وان ضمن الْمُسلم إِلَيْهِ الثَّوْب بَطل السّلم وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
23 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِثَوْب يَبِيعهُ وَلم يسم لَهُ الثّمن فأسلمه فِي طَعَام إِلَى أجل فَهُوَ جَائِز على الْآمِر لِأَن هَذَا بيع أَرَأَيْت لَو بَاعه بِدَرَاهِم نَسِيئَة ألم تجزه أَرَأَيْت لَو بَاعه بِدَرَاهِم يدا بيد ألم تجزه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَأما أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فانهما قَالَا لَا يجوز إِلَّا أَن يَبِيع ذَلِك بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير
24 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِطَعَام يَبِيعهُ فَبَاعَهُ بِزَيْت أَو سمن فَهُوَ جَائِز وَإِن أسلمه فِي زَيْت فَهُوَ جَائِز على الْآمِر
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد لَا يجوز إِلَّا أَن يَبِيعهُ بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير لِأَنَّهُمَا الثّمن الَّذِي تجْرِي عَلَيْهِ بياعات النَّاس
25 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ دَرَاهِم إِلَى رجل بِعَيْنِه فِي طَعَام فأسلمها إِلَى غَيره فانه لَا يجوز

(5/79)


فَإِن فعل ذَلِك فالطعام لَهُ وَلَا يجوز على الْآمِر
26 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِدَرَاهِم أَن يُسَلِّمهَا فِي طَعَام فأسلمها وَأدْخل فِي السّلم شرطا يُفْسِدهُ فان السّلم بَاطِل
وَلَا يضمن الْوَكِيل من الْفساد الَّذِي دخل فِيهِ شَيْئا
27 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِدَرَاهِم أَن يُسَلِّمهَا لَهُ وَالْوَكِيل ذمِّي فَإِنِّي أكره لَهُ ذَلِك وأجيزه على الْآمِر
وَإِذا وكل الذِّمِّيّ الْمُسلم أَن يسلم دَرَاهِم فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز
28 - وَكَذَلِكَ لَو وكل الْحر العَبْد بِدَرَاهِم فَهُوَ جَائِز
وَإِذا وكل العَبْد التَّاجِر الرجل الْحر بذلك فَهُوَ جَائِز
29 - وَإِذا وكل الرجل الْحر الْمكَاتب فَهُوَ جَائِز
وَإِذا وكل الْمكَاتب الْحر فَهُوَ جَائِز
30 - وَإِذا وكل الْمضَارب رجلا يسلم لَهُ فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز وان كَانَت من دَرَاهِم الْمُضَاربَة فَهُوَ جَائِز
31 - وَإِذا وكل رجل رجلا يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز وَلَيْسَ للْوَكِيل أَن يُوكل بذلك غَيره لِأَنَّهُ لم يُفَوض ذَلِك إِلَيْهِ

(5/80)


فان قَالَ الَّذِي وَكله مَا صنعت فِي ذَلِك من شَيْء فَهُوَ جَائِز فَلهُ أَن يُوكل غَيره وَيجوز على الْآمِر
32 - وَإِذا وكل الذِّمِّيّ الْمُسلم أَن يسلم فِي خمر إِلَى ذمِّي فَفعل الْمُسلم ذَلِك فان ذَلِك لَا يجوز من قبل أَن الْمُسلم ولى عقدَة السّلم
وَإِذا وكل الْمُسلم الذِّمِّيّ أَن يسلم لَهُ فِي خمر فأسلمها إِلَى ذمِّي فَهُوَ جَائِز لِأَن الذِّمِّيّ ولى الصَّفْقَة وَالَّذِي بَاعَ ذمِّي وَيَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن يخللها فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون الْخمر للْمُسلمِ على حَال وَلكنهَا للذِّمِّيّ
33 - وَإِذا كَانَ الْمكَاتب كَافِرًا ومولاه مُسلما فَوكل الْمكَاتب كَافِرًا فَأسلم لَهُ فِي خمر إِلَى كَافِر فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ العَبْد التَّاجِر الْكَافِر
34 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِدَرَاهِم يُسَلِّمهَا لَهُ فصرفها الْوَكِيل بِدَرَاهِم غَيرهَا فان الْوَكِيل قد خَالف وَهُوَ ضَامِن لدراهم الْآمِر
35 - وَإِذا دفع الرجل إِلَى رجل دِينَارا فَقَالَ أسلمه لي فِي طَعَام فَصَرفهُ بِدَرَاهِم ثمَّ أسلمها فِي طَعَام فَهُوَ للْوَكِيل

(5/81)


وَالْوَكِيل ضَامِن لدينار الْآمِر
36 - وَإِذا وكل رجلَانِ رجلا وَاحِدًا أَن يسلم لَهما فِي طَعَام كل وَاحِد مِنْهُمَا بدراهمه على حِدة فَأسلم الدَّرَاهِم كلهَا إِلَى رجل وَاحِد فِي طَعَام وَاحِد فَهُوَ جَائِز وَلَا يضمن الْوَكِيل لِأَنَّهُ لم يخلط الدَّرَاهِم بِالدَّرَاهِمِ
وَالطَّعَام بَين الرجلَيْن مَا قبض مِنْهُ فَهُوَ لَهما وَمَا توى مِنْهُ فعلَيْهِمَا وَلَو كَانَ الْوَكِيل خلط الدَّرَاهِم ثمَّ أسلمها لَهما كَانَ السّلم لَهُ وَكَانَ ضَامِنا للدراهم لَهما
وَلَو لم يخلطها وَلكنه أسلم دَرَاهِم كل وَاحِد مِنْهُمَا وَحدهَا كَانَ جَائِزا فان اقْتضى شَيْئا فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا هَذَا من مَالِي فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الطَّعَام فان قَالَ هُوَ من هَذَا الصَّك فَهُوَ مِنْهُ فان كَانَ غَائِبا فَالْقَوْل قَول الْوَكِيل فان قدم الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام فاكذب الْوَكِيل فَالْقَوْل قَول الَّذِي عَلَيْهِ الصَّك

(5/82)


37 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فأسلمها إِلَى نَفسه فَإِنَّهُ لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو أسلمها إِلَى عَبده أَو مكَاتبه فَإِنَّهُ لَا يجوز على الْآمِر
فَإِن أسلمها إِلَى أَبِيه أَو ابْنه أَو إِلَى أمه أَو زَوجته فَإِنَّهُ لَا يجوز فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة
وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد جَائِز
38 - فَإِن أسلمها إِلَى شريك لَهُ مفاوض لم يجز أَيْضا
وَإِن أسلمها إِلَى شريك لَهُ عنان جَازَ ذَلِك إِذا لم يكن ذَلِك من تجارتهما
39 - وَإِذا وكل رجل رجلا فَأسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام ثمَّ إِن الْوَكِيل وكل بِقَبض ذَلِك الطَّعَام وَكيلا فَقَبضهُ وَكيل الْوَكِيل فقد برِئ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام
فَإِن كَانَ وَكيل الْوَكِيل عبد الْوَكِيل الأول أَو ابْنه فِي عِيَاله أَو أَجِيرا لَهُ فَهُوَ جَائِز على الْآمِر
وَإِن كَانَ أَجْنَبِيّا فالوكيل الأول ضَامِن للطعام إِن ضَاعَ فِي يَدي

(5/83)


الْوَكِيل الثَّانِي فَإِن وصل إِلَى الْوَكِيل الأول برِئ الْوَكِيل الأول وَالثَّانِي من الضَّمَان وَكَانَ الطَّعَام للْآمِر
40 - وَإِذا وكل رجل رجلا فَأسلم لَهُ دَرَاهِم فِي الطَّعَام إِلَى امْرَأَة فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْوَكِيل امْرَأَة فَهُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْآمِر امْرَأَة فَهُوَ جَائِز

(5/84)


- 2 بَاب الْبيُوع الْفَاسِدَة
-
1 - وَإِذا بَاعَ الرجل رجلا عدل زطي أَو جراب هروي على أَن فِيهِ خمسين ثوبا بِأَلف دِرْهَم فَوجدَ فِيهِ وَاحِدًا وَخمسين ثوبا كَانَ هَذَا البيع بَاطِلا لَا يجوز
أَلا ترى أَنه لَو قَالَ ابتعت مِنْك خمسين مِمَّا فِي هَذَا الْعدْل وَفِيه أَكثر من ذَلِك كَانَ هَذَا فَاسِدا لِأَنَّهُ لَا يدْرِي مَا اشْترى من ذَلِك أَرَأَيْت لَو قَالَ المُشْتَرِي آخذ جِيَاد الْعدْل وَقَالَ البَائِع بل أُعْطِيك شرار الْعدْل أَلا ترى أَن هَذَا فَاسد
2 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل بز بِأَلف دِرْهَم على أَن فِيهِ خمسين ثوبا فَإِذا فِيهِ تِسْعَة وَأَرْبَعُونَ ثوبا فَإِن البيع فَاسد من قبل انه لَا يدْرِي بكم يقوم الثَّوْب الذَّاهِب مِنْهَا
3 - وَلَو كَانَ سمى لكل ثوب عشرَة دَرَاهِم فَكَانَ فِي الْعدْل وَاحِد وَخَمْسُونَ ثوبا كَانَ أَيْضا فَاسِدا لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَي ثوب

(5/85)


مِنْهَا يرد وأيها يَأْخُذ
وَإِن كَانَت الثِّيَاب تنقص ثوبا وَقد سمى لكل ثوب ثمنا فان البيع جَائِز وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ كل ثوب بِمَا سمى وَإِن شَاءَ ترك
4 - وَإِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَإِذا أَحدهمَا حر فان البيع فَاسد لَا يجوز فِي العَبْد مِنْهُمَا لِأَنَّهُ صَفْقَة وَاحِدَة أَرَأَيْت لَو بَاعه عبدا وخنزيرا أَو ميتَة ألم يبطل البيع كُله فَكَذَلِك الْحر لَا يجوز بَيْعه
5 - وَإِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ فَإِذا أَحدهمَا مكَاتب أَو مُدبر أَو اشْترى أمتين فَإِذا إِحْدَاهمَا أم ولد وَقد قبض المُشْتَرِي الْمَبِيع فَإِنَّهُ يرد الْمكَاتب وَالْمُدبر وَأم الْوَلَد فِي ذَلِك بِحِصَّتِهِ وَيلْزم الآخر بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَلَا يشبه هَذَا الْحر أَلا ترى أَن بعض الْفُقَهَاء يُجِيز بيع أم الْوَلَد وَالْمُدبر وَإِن هَؤُلَاءِ رَقِيق بعد لم يعتقوا وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي خِيَار فِي الْبَاقِي مِنْهُمَا إِذا علم بذلك يَوْم اشْترى
6 - وَإِذا اشْترى الرجل شَاتين مذبوحتين فَإِذا إِحْدَاهمَا ذَبِيحَة

(5/86)


مَجُوسِيّ أَو ذَبِيحَة مُسلم ترك التَّسْمِيَة عمدا أَو ميتَة فَعلم بذلك قبل الْقَبْض أَو بعده فَالْبيع فَاسد فِي ذَلِك كُله
وَكَذَلِكَ دنين من خل فَإِذا أَحدهمَا خمر كَانَ البيع فَاسِدا بَاطِلا لَا يجوز وَاحِد مِنْهُمَا وَالْقَبْض فِي هَذَا وَغير الْقَبْض سَوَاء
أَلا ترى أَن مُسلما لَو قَالَ لمُسلم أبيعك هَذَا الْخمر وَهَذَا الْخلّ بِدَرَاهِم أَو أبيعك هَذَا اللَّحْم وَهَذِه الْميتَة بِدَرَاهِم كَانَ هَذَا فَاسِدا لَا يجوز وَكَذَلِكَ الَّذِي يُجِيز بعض هَذَا قد أجَاز مَا لم يحل بَيْعه لمُسلم وَلَا شِرَاؤُهُ
7 - وَإِذا اشْترى الرجل غنما أَو بقرًا أَو إبِلا أَو رَقِيقا أَو عدل زطي أَو جراب هروي فَقَالَ قد أخذت كل وَاحِد من هَذَا بِكَذَا وَكَذَا درهما وَلم يسم جمَاعَة ذَلِك الشَّيْء فَإِن البيع فِي هَذَا فَاسد لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقع على شَيْء وَاحِد لَا يدْرِي ايما هُوَ فِي قَول أبي حنيفَة
وفيهَا قَول آخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَن البيع جَائِز كُله وَإِن جَمِيع ذَلِك الشَّيْء عدل هَذَا ان كَانَ قد رَآهُ
8 - وَإِذا اشْترى الرجل دَارا كل ذِرَاع مِنْهَا بِكَذَا وَكَذَا وَلم يسم جمَاعَة الذرعان فَالْبيع فِي هَذَا فَاسد أَلا ترى أَنه لَا يدْرِي مَا جمَاعَة

(5/87)


الثّمن وَإِن بعض الدَّار أفضل من بعض
وَكَذَلِكَ الثَّوْب والخشبة يَشْتَرِيهَا الرجل كل ذِرَاع بِكَذَا وَكَذَا درهما وَلم يسم جمَاعَة الذرعان فَهُوَ فَاسد لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقع البيع على شَيْء وَاحِد مِنْهَا وَهِي مُخْتَلفَة أَلا ترى أَنه لَا يعلم جماعتها فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد فِي هَذَا هُوَ جَائِز كُله إِذا كَانَ قد رَآهُ وان لم يره فَهُوَ بِالْخِيَارِ ان رَآهُ
وَإِن ذرع ذَلِك كُله قبل أَن يَتَفَرَّقَا ان شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه فَهَذَا قَول أبي حنيفَة
9 - وَإِذا اشْترى الرجل غنما أَو بقرًا أَو إبِلا أَو عدل زطي كل اثْنَيْنِ من ذَلِك بِعشْرَة دَرَاهِم فَهُوَ بَاطِل لَا يجوز من قبل أَنَّهَا مُخْتَلفَة أَلا ترى أَنَّهَا الغالي والرخيص والجيد والرديء فَأَي شَيْء يضم

(5/88)


مَعَ الْجيد رديئا أم جيدا أَو بِمَا يرد إِذا وجد عَيْبا فَهَذَا بَاطِل لَا يجوز
10 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي أَو جراب هروي بِقِيمَتِه أَو بِحكمِهِ فَالْبيع فِي هَذَا فَاسد لَا يجوز لِأَنَّهُ اشْترى بِمَا لَا يعرف
11 - وَإِذا اشْترى بِأَلف دِرْهَم ونحلة يَمِينه فَإِن البيع فِي هَذَا فَاسد لَا يجوز لِأَن نحلة الْيَمين مَجْهُولَة
12 - وَإِذا اشْترى بِأَلف دِرْهَم إِلَّا دِينَارا أَو بِمِائَة دِينَار إِلَّا درهما كَانَ البيع فِي هَذَا فَاسِدا
وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهُ بِأَلف دِرْهَم إِلَّا كرّ حِنْطَة أَو بِأَلف دِرْهَم إِلَّا شَاة

(5/89)


فانه لَا يجوز البيع فِي هَذَا أَلا ترى أَنه اسْتثْنى شَيْئا لَا يدْرِي كم هُوَ وَلَا يدْرِي كم هُوَ من الثّمن
13 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا كرّ حِنْطَة أَو فرق سمن أَو زَيْت أَو ثوبا أَو غير ذَلِك من جَمِيع الْأَصْنَاف فَقَالَ قد أخذت مِنْك هَذَا بِمثل مَا يَبِيع النَّاس فَهَذَا فَاسد وَهُوَ ضَامِن لمثله ان اسْتَهْلكهُ إِن كَانَ مِمَّا يُكَال ويوزن
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أخذت مِنْك هَذَا بِمثل مَا أَخذ فلَان من الثّمن فَهُوَ فَاسد وَإِن علم قبل أَن يَتَفَرَّقَا فَهُوَ بِمَنْزِلَة الدَّار إِذا قَالَ قد اشْتَرَيْتهَا كل ذِرَاع بدرهم فِي قَول أبي حنيفَة وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا علم ثمنهَا إِن شَاءَ أَخذهَا وَإِن شَاءَ تَركهَا

(5/90)


14 - وَإِذا بَاعَ مَتَاع غَيره ثمَّ اشْتَرَاهُ أَو وَرثهُ فَإِن البيع الَّذِي كَانَ قبل ذَلِك لَا يجوز لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يملك
15 - وَإِذا بَاعَ الرجل بيعا فَقَالَ هُوَ بِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا وبالنقد بِكَذَا كَذَا أَو قَالَ هُوَ إِلَى أجل كَذَا بِكَذَا وَكَذَا وَإِلَى أجل كَذَا بِكَذَا وَكَذَا فَافْتَرقَا على هَذَا فَإِنَّهُ لَا يجوز بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن شرطين فِي بيع قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
16 - وَإِذا بَاعَ الرجل بيعا قد كَانَ اشْتَرَاهُ قبل أَن يقبضهُ أَو اشْترك فِيهِ أَو ولاه فَإِن هَذَا مَرْدُود لَا يجوز

(5/91)


قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن بيع مَا لم يقبض
17 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا آبقا لَيْسَ فِي يَدَيْهِ حِين بَاعه فَإِن هَذَا لَا يجوز لِأَن هَذَا غرر بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن بيع الْغرَر وَعَن بيع العَبْد الْآبِق
18 - وَإِذا بَاعَ الرجل جَارِيَة قد كَانَ أعتق مَا فِي بَطنهَا من الْوَلَد وَهِي حَامِل فَإِن البيع فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ لم يعْتق مَا فِي بَطنهَا وَلَكِن بَاعَ مَا فِي بَطنهَا دونهَا فَهُوَ فَاسد
وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا وَاسْتثنى مَا فِي بَطنهَا فَإِن البيع فَاسد فِي هَذَا كُله لَا يجوز لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لم يعرف وَاسْتثنى مَا لم يعرف
19 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا قد اغتصبه إِيَّاه رجل آخر فَذهب بِهِ أَو بَاعه المغتصب من آخر فَإِن البيع مَوْقُوف

(5/92)


فَإِن جحد الْغَاصِب الْمولى عَبده وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة لم يجز البيع وَإِن أقرّ بِهِ فَإِن سلمه تمّ البيع وَإِن لم يُسلمهُ حَتَّى يتْلف فقد انْتقض البيع
20 - وَكَذَلِكَ لَو كَانَ العَبْد رهنا فَبَاعَهُ الرَّاهِن فَأبى الْمُرْتَهن أَن يُجِيز البيع فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يجوز البيع وَهُوَ مَوْقُوف
21 - وَإِذا بَاعَ سمكًا مَحْظُورًا فِي أجمة فان البيع بَاطِل لَا يجوز بلغنَا نَحوا من ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب وبلغنا أَيْضا عَن عبد الله ابْن مَسْعُود انه قَالَ لَا تبتاعوا السّمك فِي المَاء فَإِنَّهُ غرر
وَكَذَلِكَ كل شَيْء من السّمك لَا يُؤْخَذ إِلَّا بصيد فانه لَا يجوز البيع فِيهِ
وَإِن كَانَ فِي وعَاء أَو جب يقدر على أَخذه بِغَيْر صيد فَالْبيع

(5/93)


جَائِز وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ وَلَيْسَ الَّذِي قد أحرزه صَاحبه وَيَأْخُذهُ مَتى شَاءَ مَا شَاءَ كَالَّذي لَا يَأْخُذهُ إِلَّا بصيد
22 - وَإِذا اشْترى الرجل صوف الْغنم وَهُوَ على ظُهُورهَا وَأَلْبَانهَا وَهُوَ فِي ضروعها فان ذَلِك لَا يجوز بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله بن عَبَّاس
وَكَذَلِكَ الْأَوْلَاد مَا فِي بطونها
23 - وَكَذَلِكَ شِرَاء لحومها قبل أَن تذبح وَشِرَاء التَّمْر قبل أَن يخرج وأشباهه فان هَذَا كُله فَاسد لِأَنَّهُ يبْتَاع مَا لم يكن بعد أَو لم يدر مَا هُوَ
وَقد بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن بيع الْغرَر وَهَذَا عندنَا من الْغرَر
24 - وَكَذَلِكَ شِرَاء الزَّيْت فِي الزَّيْتُون قبل أَن يعصر وَشِرَاء دهن السمسم قبل أَن يعصر وَشِرَاء السّمن قبل أَن يسلا فَهَذَا كُله فَاسد لَا يجوز البيع فِيهِ

(5/94)


25 - وَشِرَاء التَّمْر كُله إِذا خرج وَالْأَعْنَاب والفواكه والزروع جَائِز إِذا اشْترط على المُشْتَرِي أَن يَأْخُذهُ ساعتئذ
فَإِن اشْترط تَركه حَتَّى يبلغ فَلَا خير فِيهِ وَالْبيع فَاسد مَرْدُود
26 - وَكَذَلِكَ شِرَاء الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة فَاسد لَا يجوز
27 - وَكَذَلِكَ الْمَرْوِيّ بالمروي وكل صنف من الثِّيَاب بِصفة فَلَا يجوز البيع فِيهِ نَسِيئَة مثل بِمثل وَلَا أَكثر من ذَلِك وَلَا أقل
28 - وَكَذَلِكَ الطَّعَام بِالطَّعَامِ
وَكَذَلِكَ كل ضرب مِمَّا يُكَال بِصفة فَلَا يجوز شَيْء مِنْهُ بِشَيْء مِنْهُ نَسِيئَة مثل بِمثل وَلَا أقل من ذَلِك وَلَا أَكثر
وَكَذَلِكَ كل مَا يُوزن
29 - وَإِذا اشْترى الرجل فصا على أَنه ياقوت فَإِذا هُوَ غير ذَلِك فَإِن البيع فَاسد وعَلى المُشْتَرِي قِيمَته إِذا اسْتَهْلكهُ

(5/95)


وَكَذَلِكَ لَو اشْترى ثوبا على أَنه هروي فَإِذا هُوَ من صنف آخر لِأَن البيع لم يَقع على هَذَا قطّ
أَلا ترى أَنه لَو اشْترى عبدا مَمْلُوكا فَوَجَدَهُ جَارِيَة أَو اشْترى قلب فضَّة فَإِذا هُوَ رصاص أَو فص ياقوت فَوَجَدَهُ زجاجا كَانَ هَذَا بَاطِلا لَا يجوز وَلَا يَقع فِي شَيْء مِنْهُ البيع لِأَن البيع لم يَقع قطّ على هَذَا فَإِن اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي فَهُوَ ضَامِن لقيمته

(5/96)


- 3 بَاب الْبيُوع إِذا كَانَ فِيهَا شَرط يُفْسِدهَا
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا على أَن لَا يَبِيع وَلَا يهب وَلَا يتَصَدَّق فَهَذَا بيع فَاسد وَلَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى الرجل عبدا على أَن يعتقهُ وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى الرجل جَارِيَة على أَن يتخذها أم ولد لَهُ فَهَذَا كُله فَاسد لَا يجوز
وَإِذا اسْتهْلك المُشْتَرِي البيع فَهُوَ ضَامِن لقيمته إِلَّا فِي الْعتْق خَاصَّة فَإِنِّي أستحسن أَن أجعَل عَلَيْهِ الثّمن إِذا أعْتقهُ
2 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل بيعا على أَن يقْرضهُ قرضا أَو يهب لَهُ هبة أَو على أَن يُعْطِيهِ عَطِيَّة أَو على أَن يتَصَدَّق عَلَيْهِ صَدَقَة أَو على أَن يَبِيعهُ كَذَا وَكَذَا بِكَذَا وَكَذَا من الثّمن فَهَذَا كُله فَاسد
وَأيهمَا اشْترط هَذَا على صَاحبه فَهُوَ فَاسد لَا يجوز البيع فِي شَيْء من ذَلِك

(5/97)


وكل شَيْء فسد فِيهِ البيع فَالْمُشْتَرِي إِذا اسْتَهْلكهُ ضَامِن لقيمته بَالِغَة مَا بلغت
3 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا على أَنه إِن لم ينقده الثّمن إِلَى أَرْبَعَة أَيَّام أَو إِلَى شهر فَلَا بيع بَينهمَا فَالْبيع فِي هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْخِيَار إِلَى هَذِه الْمدَّة فِي قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَهُوَ جَائِز
وكل شَيْء رده المُشْتَرِي على البَائِع بِهِبَة أَو صَدَقَة أَو بيع أَو بِوَجْه من الْوُجُوه وَوَقع فِي يَدي البَائِع فَهُوَ متاركة للْبيع وَبرئ المُشْتَرِي من ضَمَانه
4 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا وَشرط على البَائِع أَن يحملهُ إِلَى منزله أَو على أَن يطحن الْحِنْطَة أَو على أَن يخيط الثَّوْب فَهَذَا كُله فَاسد لَا يجوز لما دخل فِيهِ من الشَّرْط
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ دَارا على أَن يسكنهَا البَائِع شهرا أَو أقل أَو أَكثر فَهُوَ فَاسد
وَإِذا اشْترط الرجل طَعَاما على أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله فَهُوَ

(5/98)


فَاسد غير أَنِّي أستحسن فِيهِ خصْلَة إِذا كَانَ فِي مصر أجزناه وَإِذا كَانَ خَارِجا من الْمصر كَانَ فَاسِدا لَا يجوز البيع فِيهِ
5 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا على أَن يرهنه رهنا وَلم يسمه أَو على أَن يُعْطِيهِ كَفِيلا بِنَفسِهِ سَمَّاهُ أَو لم يسمه فَلَا خير فِي هَذَا البيع لِأَنِّي لَا أَدْرِي أيتكفل بِهِ الْكَفِيل أم لَا
غير أَنِّي أستحسن إِذا كَانَ الْكَفِيل حَاضرا عِنْد عقدَة البيع وان لم يسمه لم أجزه لِأَنَّهُ لَا يعرف مَا هُوَ وَإِذا كَانَ الْكَفِيل غَائِبا عَن ذَلِك فَلَا يجوز
وَإِن سَمَّاهُ الرَّاهِن أجزت البيع على الرَّاهِن وان لم يسمه لم أجزه لِأَنَّهُ لَا يعرف مَا هُوَ
6 - وَإِذا بَاعَ الرجل بقرة أَو نَاقَة أَو شَاة أَو خَادِمًا وَهن حوامل وَاسْتثنى مَا فِي بطونها فان البيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
7 - وَإِذا اشْترى الرجل غنما على أَن يرد مِنْهَا شَاة أَو أَكثر

(5/99)


من ذَلِك وَلم يبين أيتهن هِيَ فَالْبيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ البَائِع اشْترط أَن يَأْخُذ مِنْهَا شَاة غير مُسَمَّاة فَهَذَا بَاطِل لَا يجوز
وَكَذَلِكَ إِذا بَاعَ الرجل نخلا وَاشْترط مِنْهَا نَخْلَة أَو نخلتين مجهولتين فَالْبيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ عدل بز ثمَّ قَالَ لي مِنْهَا ثوب أَو ثَوْبَان فَهَذَا أَيْضا بَاطِل لَا يجوز إِذا لم يعرف الَّذِي اسْتثْنى بِعَيْنِه فَالْبيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ كل شَيْء مَجْهُول فِي بيع فانه يفْسد البيع فِيهِ
8 - وَكَذَلِكَ لَو اشْترى شَاة وَاشْترط أَنَّهَا حَامِل أَو أَنَّهَا تحلب كَانَ البيع على هَذَا فَاسد لِأَنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّ الشَّرْط بَاطِل
وَلَو كَانَ البَائِع بَاعَ الْخَادِم وتبرأ من الْحَبل فَكَانَ بهَا حَبل أَو لم يكن كَانَ هَذَا جَائِز وَلَيْسَ الْبَرَاءَة فِي هَذَا كالشرط

(5/100)


9 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل حِنْطَة وَشرط لَهُ أَن يطحن لَهُ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا مَخْتُومًا مِنْهَا دَقِيقًا فَهَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى سمسما أَو زيتونا وَشرط لَهُ البَائِع أَن فِيهِ من الدّهن كَذَا وَكَذَا رطلا فَالْبيع فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ كل شَيْء مَا يكون على هَذَا
10 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة بجاريتين إِلَى أجل فَأخذ الْجَارِيَة فَذَهَبت عينهَا عِنْده من عمله أَو غير عمله فَللْبَائِع أَن يَأْخُذ جَارِيَته وَله أَن يَأْخُذ من المُشْتَرِي نصف قيمتهَا
وَلَو فَقَأَ عينهَا غَيره كَانَ للْبَائِع أَن يَأْخُذ جَارِيَته وَإِن شَاءَ اتبع الفاقئ بِنصْف قيمتهَا وَإِن شَاءَ أَخذ ذَلِك من المُشْتَرِي وَاتبع المُشْتَرِي الفاقئ
11 - وَلَو كَانَت كَمَا هِيَ غير أَنَّهَا قد ولدت وَلدين فَمَاتَ أَحدهمَا فَإِن للْبَائِع أَن يَأْخُذ جَارِيَته وَوَلدهَا الْبَاقِي فَإِن كَانَت الْولادَة قد نقصتها فَكَانَ فِي الْوَلَد الْبَاقِي وَفَاء بِالنُّقْصَانِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْء غَيره وَإِلَّا فعلى المُشْتَرِي تَمام ذَلِك
وَإِن كَانَ الْوَلَد الْمَيِّت مَاتَ من عمل المُشْتَرِي أَو جنى عَلَيْهِ

(5/101)


فَهُوَ ضَامِن لقيمته يردهَا مَعَ الْأُم فَإِن كَانَ فِي قيمَة الْوَلَد الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَالْبَاقِي وَفَاء لنُقْصَان الْولادَة فَهُوَ لَهُ وَإِن لم يكن وَفَاء ضمن المُشْتَرِي تَمام ذَلِك النُّقْصَان
وَلَو كَانَ الْولدَان حيين جَمِيعًا وَمَاتَتْ الْأُم عِنْد المُشْتَرِي من عمله أَو غير عمله أَخذ البَائِع الْوَلَدَيْنِ وَضمن قيمَة الْأُم يَوْم قبضهَا
وَهَذَا القَوْل هَكَذَا فِي كل بيع فَاسد
12 - وَلَو أعتق المُشْتَرِي الْجَارِيَة بعد قَبضه إِيَّاهَا جَازَ عتقه
وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا أَو وَهبهَا وَقَبضهَا الْمَوْهُوب لَهُ أَو دبرهَا أَو كاتبها أَو وَطئهَا فعلقت مِنْهُ كَانَ هَذَا استهلاكا مِنْهُ جَائِز مَا صنع من ذَلِك وَعَلِيهِ الْقيمَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَطْء مهر لِأَنِّي قد جَعلتهَا لَهُ
وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعه وعتقه لِأَن البَائِع قد سلطه على ذَلِك
13 - وَإِن وَهبهَا فَعَلَيهِ قيمتهَا فَإِن لم يقبضهَا قبل أَن يضمنهُ القَاضِي قيمتهَا ردهَا عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ إِن عجزت عَن الْمُكَاتبَة وَكَذَلِكَ إِن رَجَعَ فِي الْهِبَة

(5/102)


أَو رد عَلَيْهِ بِعَيْب فِي البيع بِقَضَاء قَاض قبل أَن يقْضِي القَاضِي بِالْقيمَةِ على المُشْتَرِي فَإِنَّهَا ترد على البَائِع
14 - وَلَو أَنه أجرهَا فَلهُ أَن ينْقض الْإِجَارَة ويردها لِأَن هَذَا عذر فِي الْإِجَارَة
وَكَذَلِكَ كل بيع فَاسد
أَلا ترى أَنه لَو بَاعهَا إِلَى الْعَطاء وَقَبضهَا المُشْتَرِي فَوَطِئَهَا فَولدت مِنْهُ أَو أعْتقهَا كَانَ ذَلِك جَائِزا وَكَانَ عَلَيْهِ قيمَة الْجَارِيَة فقبيح أَن يرد وَلَده رَقِيقا
15 - وَإِذا اشْتَرَاهَا بِأَلف دِرْهَم وَهُوَ بِالْخِيَارِ أَرْبَعَة أَيَّام أَو اشْتَرَاهَا بِأَلف دِرْهَم ونحلة الْيَمين ثمَّ قبض وَأعْتق جَازَ عتقه

(5/103)


وَلَو اشْتَرَاهَا بِخَمْر أَو خِنْزِير كَانَ هَذَا بَاطِلا وان اعْتِقْ جَازَ عتقه أَلا ترى أَنِّي أُجِيز بيعهَا بِالْخمرِ وَالْخِنْزِير من أهل الذِّمَّة وَلم يدْخل فِي ذَلِك اسْتِهْلَاك وَلَا عتق
وَلَو اشْتَرَاهَا بميتة أَو دم أَو بِشَيْء من ذَلِك مِمَّا لَيْسَ لَهُ ثمن أَو بَحر وَقبض وَأعْتق أبطل عتقه لِأَن هَذَا لَيْسَ لَهُ ثمن وَلَا يتبايع النَّاس لَهُ فِيمَا بَينهم والمسلمون خَاصَّة

(5/104)


- 4 بَاب الْبيُوع الْجَائِزَة وَمَا اخْتلف مِنْهَا فِي الثّمن وَمَا اخْتلف فِيهَا مِمَّا قبض أَو لم يقبض
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل سمنا فِي زق أَو عسلا أَو زيتا فِي زق فاتزنه كُله بزقه فَإِذا فِيهِ مائَة رَطْل ثمَّ جَاءَ بالزق ليَرُدهُ وَفِيه عشرُون رطلا فَقَالَ البَائِع لَيْسَ فِي هَذَا زقي وَقَالَ المُشْتَرِي بل هُوَ زقك فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة لِأَنَّهُ مُدع
2 - وَإِذا ابْتَاعَ الرجل عَبْدَيْنِ فَقبض أَحدهمَا وَمَات الآخر فِي يَدي البَائِع وَمَات العَبْد الَّذِي قبض المُشْتَرِي ثمَّ اخْتلفَا فِي ذَلِك فَقَالَ المُشْتَرِي قبضت عبدا يُسَاوِي ألف دِرْهَم وَمَات عبد فِي يَديك يُسَاوِي ألف دِرْهَم وَقَالَ البَائِع بل قبضت عبدا يُسَاوِي أَلفَيْنِ وَبَقِي الَّذِي مَاتَ عِنْدِي وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسمِائَة دِرْهَم فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة

(5/105)


أَلا ترى أَنه لَو اشْترى كرّ حِنْطَة فَقبض طَائِفَة ثمَّ انه هلك مَا بَقِي من الْكر فَقَالَ المُشْتَرِي قبضت ثلثه وَقَالَ البَائِع بل قبضت نصفه فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
وَكَذَلِكَ كل شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن
وَكَذَلِكَ الْعرُوض وَالْحَيَوَان
3 - وَلَو كَانَ قبض الْعَبْدَيْنِ كليهمَا ثمَّ مَاتَ أحد الْعَبْدَيْنِ عِنْد المُشْتَرِي وَجَاء يرد أَحدهمَا بِعَيْب فاختلفا فِي قيمَة الْمَيِّت فَقَالَ البَائِع كَانَت قِيمَته ألف دِرْهَم وَقَالَ المُشْتَرِي كَانَت قِيمَته خَمْسمِائَة فَإِن القَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة لِأَن الثّمن قد لزم المُشْتَرِي فَهُوَ يُرِيد أَن يبرأ مِنْهُ فَلَا يصدق على الْبَرَاءَة بقوله ذَلِك
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عدلا من زطي أَو جراب هروي فَأَرَادَ أَن يرد مِنْهُ ثوبا بِعَيْب وَقد هلك مَا بَقِي فَأَما الَّذِي يردهُ بِعَيْب فَإِنَّهُ يقوم قيمَة عدل وَلَيْسَ بِهِ عيب وَيقوم الَّذِي هلك بقول البَائِع مَعَ يَمِينه ثمَّ يقسم الثّمن على ذَلِك كُله فَيرد الَّذِي بِهِ الْعَيْب بِمَا أَصَابَهُ

(5/106)


وَلَو أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة على قيمَة الْمَيِّت أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لأَنهم شهدُوا على الْفضل فإمَّا الْبَيِّنَة بِبَيِّنَتِهِ أَو القَوْل قَوْله
4 - وَإِذا اخْتلف البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي الثّمن والسلعة قَائِمَة بِعَينهَا فِي يَدي البَائِع أَو المُشْتَرِي فَإِن القَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ الْيَمين بِاللَّه فَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه البيع بِمَا ادّعى المُشْتَرِي فَإِن حلف اسْتحْلف المُشْتَرِي على دَعْوَى البَائِع
وَأيهمَا قَامَت بَينته على مَا ادّعى أخذت بِبَيِّنَتِهِ وَإِن كَانَت لَهما جَمِيعًا الْبَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لأَنهم شهدُوا على أَكثر مِمَّا شهد بِهِ الْآخرُونَ وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ الَّذِي يبْدَأ بِهِ فِي الْيَمين المُشْتَرِي وَهُوَ قَول مُحَمَّد
5 - وَإِن كَانَ البَائِع قد مَاتَ فَاخْتلف فِي الثّمن وَرَثَة البَائِع

(5/107)


وَالْمُشْتَرِي فَإِن القَوْل قَول وَرَثَة البَائِع إِن كَانَ الْمَبِيع فِي أَيْديهم وَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي إِن كَانَ الْمَبِيع فِي يَدَيْهِ
وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ المُشْتَرِي وَبَقِي البَائِع كَانَ القَوْل قَول الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ مِنْهُم وَهَذَا لَيْسَ بِقِيَاس إِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَان
وَالْقِيَاس فِي هَذَا وَفِي الأول أَن يكون القَوْل قَول المُشْتَرِي فِي ذَلِك كُله وَإِنَّمَا تركنَا ذَلِك للأثر الَّذِي جَاءَ فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد يَتَحَالَفَانِ ويترادان الْقيمَة وموتهما وحياتهما سَوَاء
6 - وَإِذا كَانَت السّلْعَة فِي يَدي المُشْتَرِي فازدادت خيرا ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي لِأَنَّهَا قد زَادَت خيرا فِي يَدَيْهِ وتغيرت وَعَلِيهِ الْيَمين بِاللَّه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل
7 - وَإِذا كَانَت السّلْعَة قد نقصت فاختلفا فِي الثّمن فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يَأْخُذهَا نَاقِصَة
8 - وَإِذا اخْتلفَا وَقد ولدت عِنْد المُشْتَرِي أَو جنى عَلَيْهَا جِنَايَة فَأخذ المُشْتَرِي أَرْشهَا وَلم تَلد فَالْقَوْل فِي الثّمن قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
وَإِذا كَانَ هُوَ الَّذِي جنى عَلَيْهَا وَلم تَلد فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي

(5/108)


إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يَأْخُذهَا نَاقِصَة بِغَيْر أرش وَلَيْسَ هَذَا كالباب الأول لَهَا أرش لَا يَسْتَطِيع البَائِع أَن يَأْخُذهُ وَلَا يَسْتَقِيم لَهُ أَخذه وَالْبَاب الآخر لَيْسَ مَعهَا أرش
9 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الثّمن وَقد خرجت السّلْعَة من ملك المُشْتَرِي فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
وَإِن رجعت إِلَيْهِ السّلْعَة بشرَاء أَو هبة أَو مِيرَاث أَو بِوَجْه من الْوُجُوه بِغَيْر الَّذِي خرجت بِهِ من يَدَيْهِ ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه أَيْضا لِأَنَّهَا فِي ملكه بِغَيْر الْملك الأول
10 - وَإِن كَانَ البَائِع قد بَاعَ من رجلَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا نصِيبه من شَرِيكه ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي الَّذِي بَاعَ مَعَ يَمِينه فِي نصِيبه ويتحالفان فِي حِصَّة الآخر الَّذِي لم يبع
11 - فَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ البَائِع الْأَجَل شهر وَقَالَ المُشْتَرِي بل شَهْرَان فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع مَعَ يَمِينه
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ البَائِع بِعْتُك حَالا كَانَ البيع حَالا وَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة

(5/109)


فَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ البَائِع قد مضى الْأَجَل وَقَالَ المُشْتَرِي لم يمض فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة انه قد مضى
12 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الثّمن فَقَالَ البَائِع بِعْتُك بِمِائَة دِينَار وَقَالَ المُشْتَرِي بل اشْتريت مِنْك بِخَمْسِينَ دِينَارا وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لِأَنَّهُ مُدع للفضل
وَلَو قَالَ بِعْتُك هَذِه الْجَارِيَة وَحدهَا بِمِائَة دِينَار وَأقَام الْبَيِّنَة وَقَالَ المُشْتَرِي بعتني هَذِه الْجَارِيَة بِخَمْسِينَ دِينَارا وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لِأَنَّهُ الْمُدَّعِي للفضل
وَلَو قَالَ المُشْتَرِي بعتني مَعهَا هَذَا الوصيف وهما جَمِيعًا بِخَمْسِينَ دِينَارا وَأقَام الْبَيِّنَة وَقَالَ البَائِع بِعْتُك وَحدهَا بِمِائَة دِينَار وَأقَام الْبَيِّنَة فَإِنَّهُمَا يكونَانِ جَمِيعًا للْمُشْتَرِي بِمِائَة دِينَار

(5/110)


أخذت بِبَيِّنَة البَائِع فِي الثّمن وَأخذت بِبَيِّنَة المُشْتَرِي فِي الْمَبِيع
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بِعْتُك هَذِه الْخَادِم بِأَلف دِرْهَم وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك وَقَالَ المُشْتَرِي اشْتريت مِنْك هَذِه الْخَادِم وَهَذِه الْأُخْرَى مَعهَا بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم وَأقَام على ذَلِك الْبَيِّنَة فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا يلزمانه بِالْألف
13 - وَلَو قَالَ البَائِع بِعْتُك هَذِه الْخَادِم بعبدك هَذَا وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَقَالَ المُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا مِنْك بِمِائَة دِينَار وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك لزمَه البيع بِالْعَبدِ
14 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بثوبين وَقبض كل وَاحِد مِنْهُمَا وتفرقا ثمَّ وجد بِالْعَبدِ عَيْبا فَرده أَو اسْتحق العَبْد وَقد هلك أحد الثَّوْبَيْنِ وَبَقِي الآخر فَإِنَّهُ يَأْخُذ الثَّوْب الْبَاقِي وَقِيمَة الَّذِي هلك
وَكَذَلِكَ لَو هلكا جَمِيعًا أَخذ قيمتهمَا وَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الَّذِي كَانَا فِي يَدَيْهِ وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل
وَلَو بَاعَ عبدا بِمَال وقبضا جَمِيعًا ثمَّ اسْتحق العَبْد فَرجع بِالْمَالِ على البَائِع كَانَ القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل

(5/111)


15 - وَلَو كَانَ الثّمن جَارِيَة ولدت من غير السَّيِّد ثمَّ اسْتحق العَبْد كَانَ لصَاحب الْجَارِيَة أَن يَأْخُذهَا وَيَأْخُذ الْوَلَد فان كَانَت الْجَارِيَة قد دَخلهَا عيب ينقصها عور وَنَحْوه أَخذهَا وَأخذ وَلَدهَا وَأخذ النُّقْصَان
وَلَو كَانَ المُشْتَرِي قد أعْتقهَا كَانَ عتقه جَائِزا وَكَانَ عَلَيْهِ الْقيمَة وَيَأْخُذ البَائِع الْوَلَد مَعَ الْقيمَة إِن كَانَت قد ولدت قبل الْعتْق
وَكَذَلِكَ البيع الْفَاسِد فِي هَذَا الْوَجْه
وَلَو كَانَ العَبْد حرا فَأعتق المُشْتَرِي الْجَارِيَة كَانَ عتقه بَاطِلا
وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا أَو أمهرها أَو وَهبهَا كَانَ ذَلِك بَاطِلا كُله لَا يجوز من قبل أَنه اشْتَرَاهَا بِشَيْء لَيْسَ لَهُ ثمن
وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بثوبين فَهَلَك الثوبان قبل أَن يقبضهما وَقد كَانَ قبض العَبْد فان كَانَ قد اسْتَهْلكهُ فَعَلَيهِ قِيمَته إِذا فعل ذَلِك بعد هَلَاك الثَّوْبَيْنِ

(5/112)


وَإِن كَانَ قد أعْتقهُ أَو وهبه الْمَوْهُوب لَهُ أَو بَاعه فَهُوَ جَائِز وَعَلِيهِ قِيمَته إِذا فعل ذَلِك بعد هَلَاك الثَّوْبَيْنِ قبل أَن يقْضِي القَاضِي بَينهمَا بِشَيْء
وَلَو كَانَ الثوبان استحقا وَقضى بهما لرجل وَقد أعتق الَّذِي أَخذ العَبْد كَانَ عتقه جَائِزا من قبل أَن البيع كَانَ على غير الْفساد
وَلَو لم يسْتَحق شَيْء من ذَلِك وَقبض هذَيْن الثَّوْبَيْنِ وَقبض هَذَا العَبْد ثمَّ إِن أحد الثَّوْبَيْنِ اسْتحق فَقَالَ الَّذِي كَانَا فِي يَدَيْهِ اسْتحق أغلاهما ثمنا وَقَالَ الَّذِي باعهما بل اسْتحق أرخصهما ثمنا فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي للثوبين مَعَ يَمِينه لِأَن العَبْد كُله لم يجب لَهُ فَيصدق الَّذِي يُرِيد أَن يرجع بِالْعَبدِ إِلَّا أَن تقوم لَهُ بِبَيِّنَة
16 - وَإِذا اخْتلف البَائِع وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ البَائِع بِعْتُك هَذَا العَبْد بِأَلف دِرْهَم وَقَالَ المُشْتَرِي بل اشْتريت مِنْك هَذِه الْجَارِيَة بِخَمْسِينَ دِينَارا وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يحلف على دَعْوَى صَاحبه فَإِن حلفا ترادا البيع وَأيهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه مَا قَالَ صَاحبه

(5/113)


فَإِن قَامَت لَهما جَمِيعًا الْبَيِّنَة أجزت البيع فِي العَبْد وَالْأمة
17 - وَإِذا كَانَ عبد فِي يَدي رجل فَقَالَ ابتعته من فلَان بِأَلف دِرْهَم ونقدت الثّمن وَقَالَ فلَان مَا بِعْتُك هَذَا العَبْد وَإِنَّمَا بِعْتُك جَارِيَة بِهَذِهِ الْألف وقبضت الثّمن ودفعتها إِلَيْك فَإِنَّهُ يحلف بِاللَّه مَا بَاعه العَبْد فَإِن حلف رد عَلَيْهِ العَبْد ثمَّ يحلف الَّذِي كَانَ فِي يَدَيْهِ العَبْد مَا اشْتريت مِنْهُ جَارِيَة وَلَا قبضتها فَإِن حلف رد عَلَيْهِ الآخر الْألف
وَأيهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه
وَإِن لم يتحالفا ترك العَبْد فِي يَدَيْهِ على حَاله كَهَيْئَته كَمَا كَانَ
فَإِن قَامَت لَهما جَمِيعًا الْبَيِّنَة على مَا ادّعَيَا كَانَ العَبْد لَهُ وَلَزِمَه ألف أُخْرَى
18 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي وَأقر أَنه زطي وَلم يره وَقَبضه على ذَلِك ثمَّ جَاءَ بِهِ بعد ذَلِك يردهُ وَقَالَ وجدته كرابيس فَإِنَّهُ لَا يصدق

(5/114)


وَلكنه لَو اشْترى فَقَالَ لَا أَدْرِي أزطي هُوَ أم لَا وَلَا أَدْرِي أقوهي هُوَ أم لَا وَلَكِن آخذه على ذَلِك وَأنْظر إِلَيْهِ فَأَخذه ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك يردهُ وَقَالَ وجدته كرابيس كَانَ مُصدقا وَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه
وَكَذَلِكَ كل شَيْء هُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ فَهُوَ مُصدق فِي رده إِن قَالَ البَائِع لم أبعك بِهَذَا
19 - وَلَو اشْترى ثوبا فَقَالَ البَائِع هُوَ هروي وَقَالَ المُشْتَرِي لَا أَدْرِي وَقد رَآهُ وَلَكِنِّي أَخَذته على مَا يَقُول ثمَّ جَاءَ بِهِ بعد ذَلِك يردهُ فَقَالَ قد وجدته يَهُودِيّا لم يصدق لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ فِيهِ خِيَار وَلِأَنَّهُ قد رَآهُ وَلَيْسَ هَذَا كالعدل الَّذِي لم يره
وَإِذا نظر إِلَى الْعدْل مطويا وَلم ينشره ثمَّ اشْتَرَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ إِلَّا من عيب
وَإِذا اشْترى الرجل خَادِمًا على أَنَّهَا خراسانية فَوَجَدَهَا سندية كَانَ لَهُ أَن يردهَا وَكَانَ هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة الْعَيْب

(5/115)


- 5 بَاب الْبيُوع الْفَاسِدَة من قبل الْأَجَل
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل شَيْئا إِلَى الْحَصاد أَو إِلَى الدياس أَو إِلَى جذاذ النّخل أَو إِلَى رُجُوع الْحَاج فَهَذَا كُله بَاطِل بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله بن عَبَّاس
وَلَا يجوز فِيهِ البيع وَالْمُشْتَرِي ضَامِن لقيمة الْمَبِيع وَإِن كَانَ قد هلك عِنْده
وَكَذَلِكَ البيع إِلَى الْعَطاء
غير أَن للْمُشْتَرِي أَن يبطل الْأَجَل الْفَاسِد وينقد الثّمن اسْتحْسنَ هَذَا وأدع الْقيَاس فِيهِ

(5/117)


2 - وَإِذا أسلم الرجل فِي طَعَام إِلَى أجل من هَذِه الْآجَال فالسلم فَاسد مَرْدُود وَيرد رَأس المَال
3 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا إِلَى المهرجان أَو إِلَى النيروز فَإِن هَذَا فَاسد لَا يجوز أَيْضا إِلَّا أَن يكون ذَلِك مَعْرُوفا وَلَا يتَقَدَّم وَلَا يتَأَخَّر كَمَا تعرف الْأَهِلّة فَيكون ذَلِك جَائِزا
وَكَذَلِكَ البيع إِلَى الميلاد أَو إِلَى صَوْم النَّصَارَى
4 - وَإِذا بَاعه إِلَى فطر النَّصَارَى فَهَذَا جَائِز إِذا كَانَ قد دخل فِي الصَّوْم لِأَنَّهُ إِذا دخل فِي الصَّوْم فقد عرف الْفطر
وَإِذا كَانَت الْمُبَايعَة قبل الصَّوْم إِلَى فطر النَّصَارَى فَلَا يجوز ذَلِك إِلَّا أَن يكون يعرف أَن ذَلِك الْأَجَل لَا يتَقَدَّم وَلَا يتَأَخَّر فَيكون ذَلِك جَائِزا
5 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا إِلَى أجلين وتفرقا على ذَلِك فَلَا خير فِي ذَلِك مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو حنيفَة رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن شرطين فِي بيع

(5/118)


وَإِذا اشْترى الرجل بيعا إِلَى أجل بِكَذَا كَذَا نَسِيئَة وَكَذَا كَذَا حَالا فَلَا خير فِي البيع من ذَلِك
وَإِن ساومه فِي البيع مساومة إِلَى أجلين ثمَّ قاطعه على وَاحِد من ذَيْنك الْأَجَليْنِ فَأمْضى البيع فَهُوَ جَائِز
6 - وَإِذا بَاعَ الرجل قوهية بقوهيتين إِلَى أجل فَالْبيع فَاسد وَكَذَلِكَ كل صنف من الثِّيَاب بَاعه بِشَيْء من صنفه إِلَى أجل مثله أَو أَكثر أَو أقل فَلَا خير فِيهِ
7 - وَإِذا بَاعَ الرجل قوهية بمرويين إِلَى أجل فَلَا بَأْس بذلك بعد أَن يشْتَرط طولا مَعْلُوما وعرضا مَعْلُوما ورقعة مَعْلُومَة وأجلا مَعْلُوما وَلَيْسَ هَذَا بِنَوْع وَاحِد
أَلا ترى أَنه لَو اشْترى كرباسين إِلَى أجل بقوهية كَانَ جَائِزا لِأَن هَذَا مُخْتَلف وَإِن كَانَ أَصله قطنا
أَلا ترى أَنه يَبِيع طيلسانا ببردين إِلَى أجل أَو بكساءين

(5/119)


من صوف إِلَى أجل وأصل ذَلِك كُله صوف لِأَنَّهُ مُخْتَلف
وَكَذَلِكَ كسَاء صوف همذاني بعباءتين إِلَى أجل أَو عباءة بكساءيين همذانيين أَو أَكثر من ذَلِك إِلَى أجل
فَإِن كَانَ كسَاء همذاني بكساء همذاني أَو أَكثر إِلَى أجل لم يكن فِيهِ خير وَلَا بَأْس بِهِ يدا بيد
8 - وَلَا بَأْس بيهوديين بزطيين إِلَى أجل
وَلَا بَأْس بِثَوْب قطن بثوبي كتَّان إِلَى أجل
وَلَا بَأْس بطيلسان كردِي بطيلسان خوارزمي إِلَى أجل
وكل شَيْء من هَذَا أجزته فِي النَّسِيئَة فَهُوَ إِذا كَانَ يدا بيد فَهُوَ جَائِز
وَقد يجوز يدا بيد اثْنَيْنِ بِوَاحِد وواحدا بِوَاحِد وَإِن كَانَ نوعا وَاحِدًا
9 - وَإِن كَانَ ثوب يَهُودِيّ بيهوديين أَو مروية بمرويتين أَو قوهية بقوهيتين فَلَا خير فِي ذَلِك إِذا كَانَ نَسِيئَة

(5/120)


وَلَا بَأْس بمسح موصلي بمسحين قشاساريين إِلَى أجل
وَلَا بَأْس بقطيفة أصفهانية بقطيفتين كرديتين إِلَى أجل
10 - وَلَا بَأْس بالزيت بِالشَّعِيرِ أَو الْحِنْطَة إِلَى أجل
وَكَذَلِكَ العنبر والزعفران
وكل مَا يُوزن بالأرطال والأمناء والمثاقيل فَهُوَ وزن كُله
وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ بِشَيْء مِمَّا يُكَال قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا إِلَى أجل
وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع شَيْئا مِمَّا يُكَال بِشَيْء مِمَّا يُوزن مِمَّا سمينا فِي هَذَا الْكتاب من الْحِنْطَة يَبِيعهَا بالزيت أَو بالسمن أَو بالقت أَو بِشَيْء مِمَّا يُوزن غير ذَلِك
11 - وَلَا خير فِي بيع الْحِنْطَة بِشَيْء مِمَّا يُكَال إِلَى أجل أَو مَا يُوزن بِمَا يُوزن إِلَى أجل قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا مثل الشّعير وَالْحِنْطَة وَالسمن وَأَشْبَاه ذَلِك

(5/121)


وَلَا خير فِي بيع شَيْء من الأدهان بِغَيْرِهِ من الأدهان إِلَى أجل لِأَن هَذَا كُله وزن
12 - وَإِذا اخْتلف النوعان من الْوَزْن فَلَا بَأْس اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد
وَكَذَلِكَ إِذا اخْتلف النوعان من الْكَيْل
وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة

(5/122)


- 6 بَاب الْخِيَار
-
1 - بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من اشْترى شَاة محفلة فَهُوَ بِخَير النظرين إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام
وبلغنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جعل رجلا من أهل الْأَنْصَار بِالْخِيَارِ فِي كل بيع يَشْتَرِيهِ ثَلَاثَة أَيَّام
2 - وَالْخيَار عندنَا ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا دونهَا وَلَا يكون أَكثر من ذَلِك

(5/123)


وَلَو جعلت الْمدَّة أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا خير فِيهِ إِن طَالَتْ الْمدَّة فَيدْخل فِي هَذَا مَا لَا يحسن فِي طول الْمدَّة وَيعْتَبر الْمَبِيع وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَالْخِيَار جَائِز وان اشْترط شهرا أَو أَكثر من ذَلِك بعد أَن يبين ذَلِك إِلَى وَقت مَعْلُوم
3 - وَإِذا اشْترى الرجل السّلْعَة على أَنه بِالْخِيَارِ أَرْبَعَة أَيَّام فَإِن هَذَا بيع فَاسد لَا يجوز فِي قَول أبي حنيفَة فَإِن اخْتَار المُشْتَرِي البيع قبل أَن يمْضِي ثَلَاثَة أَيَّام فَذَلِك لَهُ وَإِن مَضَت الثَّلَاثَة الْأَيَّام قبل أَن يخْتَار فَالْبيع فَاسد
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الشَّرْط من الْخِيَار للْبَائِع
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْخِيَار أَرْبَعَة أَيَّام وَخَمْسَة أَيَّام وَأكْثر من ذَلِك بعد أَن يُسمى أَََجَلًا مَعْلُوما فَهُوَ جَائِز إِن اشْترط ذَلِك المُشْتَرِي أَو البَائِع
4 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ مَاتَ المُشْتَرِي قبل أَن يخْتَار فَإِن خِيَاره يَنْقَطِع إِذا مَاتَ وَالْبيع مَاض

(5/124)


أَلا ترى أَن البيع قد كَانَ لزمَه غير أَن للْمُشْتَرِي مَشِيئَة فِي رده فَإِذا مَاتَ لم نحول مَشِيئَته إِلَى غَيره
5 - وَكَذَلِكَ إِذا ذهب عقله أَو أُغمي عَلَيْهِ أَو ارْتَدَّ فِي هَذِه الثَّلَاثَة الْأَيَّام عَن الْإِسْلَام فَقتل أَو مَاتَ
6 - وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْخِيَار للْبَائِع ثمَّ مَاتَ قبل أَن يخْتَار فقد انْقَطع خِيَاره وَلَزِمَه البيع وَالْقَبْض
7 - وَإِن كَانَ الْخِيَار لَهما جَمِيعًا فماتا جَمِيعًا فقد انْقَطع الْخِيَار وَلزِمَ البيع
وَالْقَبْض فِي هَذَا وَغير الْقَبْض سَوَاء
8 - وَإِذا كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي وَقد قبض السّلْعَة فَمَاتَتْ فِي يَدَيْهِ قبل أَن يخْتَار فقد لزمَه البيع وَعَلِيهِ الثّمن
وَكَذَلِكَ إِن تَغَيَّرت فِي يَدَيْهِ بِعَيْب أَصَابَهَا بِهِ هُوَ أَو غَيره أَو أَصَابَهَا من غير جِنَايَة أحد
وَكَذَلِكَ إِن وَطئهَا أَو عرضهَا على بيع
فَهَذَا كُله خِيَار

(5/125)


9 - وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ قد رضيتها أَو قد أجزتها فالثمن لَهُ لَازم فِي هَذَا كُله
10 - فَإِن لم يصنع شَيْئا مِمَّا ذكرت وَاخْتَارَ ردهَا على البَائِع بِغَيْر محْضر من البَائِع ثمَّ هَلَكت فِي يَدَيْهِ بعد ذَلِك فَعَلَيهِ الثّمن وَلَيْسَ اخْتِيَاره الرَّد بِغَيْر محْضر من البَائِع بِشَيْء لَو شَاءَ أَن يَقُول بعد ذَلِك قد رضيتها وأخذتها كَانَ لَهُ ذَلِك وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف رده بِغَيْر محْضر من البَائِع جَائِز وَكَانَ قَوْله الأول مثل قَول أبي حنيفَة
11 - وَلَو اخْتَار ردهَا بِقَلْبِه كَانَ ذَلِك بَاطِلا
12 - وَإِذا كَانَ الْخِيَار للْبَائِع وَقد قبضهَا المُشْتَرِي فَمَاتَتْ فِي يَد المُشْتَرِي فَعَلَيهِ الْقيمَة لِأَنَّهُ قد أَخذهَا على وَجه البيع
وَلَو لم تمت وَلَكِن أعْتقهَا البَائِع أَو دبرهَا أَو وَهبهَا وَقَبضهَا الْمَوْهُوبَة لَهُ أَو رَهنهَا وَقَبضهَا الْمُرْتَهن أَو أجرهَا وَقَبضهَا

(5/126)


الْمُسْتَأْجر أَو لم يقبضهَا أَو كاتبها أَو وَطئهَا فَهَذَا كُله اخْتِيَار وَنقض للْبيع
13 - وَلَو لم يقبض وَلم يصنع شَيْئا مِمَّا ذكرت وَاخْتَارَ رد البيع بِغَيْر محْضر من المُشْتَرِي وَلم يقبضهَا مِنْهُ كَانَ هَذَا بَاطِلا وَكَانَ المُشْتَرِي ضَامِنا لقيمتها إِن مَاتَت فِي يَدَيْهِ
وَله بعد هَذَا الْمنطق أَن يُجِيز البيع مَا دَامَت حَيَّة فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف كَمَا وصفت لَك نقضه جَائِز بِغَيْر محْضر من المُشْتَرِي
14 - وَإِذا اخْتَار البَائِع إِلْزَام البيع وَالْمُشْتَرِي غَائِب فَهُوَ جَائِز وَالْبيع لَازم للْمُشْتَرِي
وَلَيْسَ للْبَائِع بعد الرِّضَا أَن ينْقض البيع
وَقَالَ يَعْقُوب نقض صَاحب الْخِيَار البَائِع كَانَ أَو المُشْتَرِي بِغَيْر محْضر من صَاحبه جَائِز كَمَا تجوز إِجَازَته
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا يجوز ذَلِك إِلَّا بِمحضر من صَاحبه أَو وَكيل لَهُ فِي ذَلِك

(5/127)


15 - وَإِذا اشْترط المُشْتَرِي الْخِيَار لِأَبِيهِ أَو لِابْنِهِ أَو لأمه أَو لأحد من أَهله أَو من غير أَهله فَهَذَا كُله كاشتراطه الْخِيَار لنَفسِهِ
وَكَذَلِكَ البَائِع
16 - وَإِذا كَانَت السّلْعَة فِي يَدي البَائِع وَله الْخِيَار أَو الْخِيَار للْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَان على المُشْتَرِي
17 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَكثر من ذَلِك أَو أقل وَكَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ أَو المُشْتَرِي فجَاء بِهِ المُشْتَرِي ليَرُدهُ فَقَالَ البَائِع لَيْسَ هَذَا الَّذِي بِعْتُك وَقَالَ المُشْتَرِي بل هُوَ الَّذِي بعتني فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
18 - فَإِن كَانَ البيع لم يقبض وَاخْتلفَا فِيهِ وَالْخيَار ثَلَاثَة أَيَّام أَو أقل فَأَرَادَ البَائِع أَن يلْزمه البيع فَقَالَ المُشْتَرِي لَيْسَ هُوَ هَذَا فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وَلَا يلْزمه البيع إِلَّا أَن تقوم عَلَيْهِ بَيِّنَة انه هُوَ البيع فَيلْزمهُ البيع فَإِن كَانَ لَهُ الْخِيَار رده إِن شَاءَ
19 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا وَاشْترط الْخِيَار لِشَرِيك لَهُ

(5/128)


أَو لِابْنِهِ أَو لبَعض أَهله ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن الَّذِي كَانَ لَهُ الْخِيَار رد البيع على البَائِع بِمحضر مِنْهُ قبل أَن يمْضِي الْأَجَل فَرده جَائِز
وَإِن لم يردهُ وَقَالَ المُشْتَرِي قد أجزته وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْخِيَار لَا أرضي فَالْبيع لَازم للْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ الْخِيَار إِذا رَضِي المُشْتَرِي
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ البَائِع اشْترط الْخِيَار لنَفسِهِ ولبعض أَهله فَقَالَ قد أوجبت البيع وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْخِيَار لَا أرضي فَالْبيع جَائِز
20 - وَلَو قَالَ البَائِع قد رددت البيع أَو أبطلت وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْخِيَار قد أوجبت البيع كَانَ البيع بَاطِلا مردودا على صَاحبه لِأَن الْخِيَار إِنَّمَا هُوَ للْبَائِع
وَلَو أوجب الَّذِي لَهُ الْخِيَار البيع للْمُشْتَرِي فَدفعهُ إِلَيْهِ وَقَالَ البَائِع بعد ذَلِك لَا أجيزه كَانَ البيع جَائِزا
21 - وَإِذا كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ أَو البَائِع وَالْعَبْد عِنْد المُشْتَرِي فَالْتَقَيَا البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِيهِ فتناقضا البيع أَو ترادا

(5/129)


غير أَن البَائِع لم يقبض من المُشْتَرِي العَبْد حَتَّى هلك فَإِن المُشْتَرِي ضَامِن
فَإِن كَانَ الْخِيَار لَهُ فَهُوَ ضَامِن للثّمن
وَإِن كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فَإِنَّهُ ضَامِن لقيمته
22 - وَلَا يجوز عتق المُشْتَرِي فِيهِ بعد مَا ترادا البيع وَلَا هِبته وَلَا بَيْعه وَلَا صدقته وَلَا إِجَارَته
وَعتق البَائِع فِيهِ جَائِز لِأَنَّهُ قد صَار لَهُ وَحده
23 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي بِرَأْس مَاله وَلم يعلم مَا هُوَ ثمَّ أخبرهُ بِرَأْس مَاله فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه
وَكَذَلِكَ إِذا أَخذه المُشْتَرِي برقمه وَلَو لم يعلم مَا هُوَ ثمَّ علم مَا رقمه فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه
وَكَذَلِكَ إِذا اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي قبل أَن يُخبرهُ برقمه وثمنه فَعَلَيهِ الْقيمَة

(5/130)


24 - وَلَو اشْترى رجل من رجل عدل بز على أَنَّهُمَا فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَقَالَ البَائِع قد ألزمتك البيع وَقَالَ المُشْتَرِي لَا أقبله فان البيع لَا يلْزمه
وَكَذَلِكَ المُشْتَرِي لَو قَالَ قبلت البيع وَقَالَ البَائِع لَا ألزمكه فان البيع لَا يلْزم المُشْتَرِي
وَلَا يلْزم البيع فِي هَذِه الْمنزلَة حَتَّى يجتمعا على إجَازَة البيع
25 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا من رجل على أَنه إِن لم ينقده الثّمن إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا بيع بَينهمَا فَهَذَا جَائِز
فان كَانَ عبدا أَو أمة أعْتقهُ ثمَّ لم ينقده حَتَّى مَضَت الثَّلَاثَة الْأَيَّام جَمِيعًا فَالْبيع جَائِز وَالْعِتْق جَائِز وَعَلِيهِ الثّمن
وَكَذَلِكَ إِن قَالَ إِن لم ينْقد الْيَوْم الثّمن أَو إِلَى يَوْمَيْنِ فَلَا بيع بيني وَبَيْنك

(5/131)


26 - وَلَو اشْترى اثْنَان شَيْئا على أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَاخْتَارَ أَحدهمَا رده وَاخْتَارَ الآخر إِمْسَاكه فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يرد حِصَّته دون الآخر لِأَنَّهُمَا صَفْقَة وَاحِدَة وَلَا يرد بَعْضهَا دون بعض
وَكَذَلِكَ لَو كَانَا وصيين أَو شَرِيكَيْنِ شركَة عنان وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فلأحدهما أَن يرد دون صَاحبه فان اخْتَار أَحدهمَا جَازَ ذَلِك وَكَانَ للْآخر أَن يرد إِن شَاءَ
وَأما إِذا كَانَا متفاوضين فَإِن قَالَ أَحدهمَا للْبَائِع قد أجزت البيع فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ وعَلى شَرِيكه وَلَيْسَ لشَرِيكه أَن يردهُ
وَكَذَلِكَ إِذا باعا بيعا وَاشْترط الْخِيَار لَهما فَأَيّهمَا مَا أمضى البيع على المُشْتَرِي جَازَ على الآخر وَأيهمَا نقض البيع قبل أَن ينْقضه الآخر فَهُوَ منتقض لَيْسَ للْآخر أَن يمضيه إِلَّا بِبيع مُسْتَقْبل
27 - وَإِذا اشْترى الرجل لِابْنِهِ وَهُوَ صَغِير فِي عِيَاله أَو بَاعَ لَهُ وَاشْترط الْخِيَار لنَفسِهِ أَو اشْترط الْخِيَار المُشْتَرِي عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِز

(5/132)


28 - وَإِذا كَانَ البَائِع أَو المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فمضت الثَّلَاثَة قبل أَن يخْتَار فقد جَازَ البيع وَلزِمَ المُشْتَرِي
وَكَذَلِكَ إِذا مَاتَ صَاحب الْخِيَار كَانَ البيع جَائِزا لَازِما لَهُ وَلَا يُورث الْخِيَار وَلَا يكون لغير الَّذِي اشْتَرَطَهُ
29 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا على أَنه فِيهِ بِالْخِيَارِ إِلَى غَد أَو إِلَى اللَّيْل أَو إِلَى الظّهْر فَإِن لَهُ الْخِيَار الْغَد كُله وَاللَّيْل كُله وَوقت الظّهْر كُله وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن لَهُ الْخِيَار إِلَى مطلع الْفجْر أَو إِلَى أَن تغيب الشَّمْس أَو إِلَى أَن تَزُول الشَّمْس
30 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا لرجل وَاشْترط لَهُ الْخِيَار بأَمْره فَقَالَ البَائِع قد رَضِي الْآمِر والآمر غَائِب فَإِن البَائِع لَا يصدق وَلَيْسَ على المُشْتَرِي يَمِين فِي ذَلِك
وَلَو كَانَت عَلَيْهِ يَمِين لم يكن لَهُ أَن يردهُ حَتَّى يحضر الْآمِر

(5/133)


وَله أَن يردهُ بِغَيْر يَمِين وَلَيْسَ بخصم فِيمَا يَدعِي البَائِع على الْآمِر وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْأَجْنَبِيّ وَإِنَّمَا هُوَ خصم فِي خُصُومَة مَا بَينهمَا لَا فِي غير ذَلِك
وَإِذا أَقَامَ البَائِع الْبَيِّنَة أَن الْآمِر قد رَضِي فَإِن البيع لَازم للْآمِر
وَإِن لم تقم لَهُ بَيِّنَة على ذَلِك فَقَالَ المُشْتَرِي قد رَضِي الْآمِر وَصدقه البَائِع وَقَالَ الْآمِر فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام قد أبطلت البيع بِمحضر من البَائِع قبل أَن يمْضِي أجل الْخِيَار فَإِن البيع يلْزم المُشْتَرِي وَلَا يلْزم الْآمِر فَإِن كَانَت هَذِه الْمقَالة مِنْهُ بعد مَا مضى الْخِيَار فَإِن البيع يلْزم الْآمِر أَلا ترى أَنه قد لزمَه قبل أَن يتَكَلَّم بِشَيْء من أَمر الْخِيَار
31 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي أَو جراب هروي فِيهِ خَمْسُونَ ثوبا كل ثوب بِكَذَا كَذَا أَو جمَاعَة بِأَلف دِرْهَم على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَأَرَادَ أَن يرد بعضه دون بعض فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَإِنَّمَا لَهُ أَن يَأْخُذهُ كُله أَو يردهُ كُله

(5/134)


وَكَذَلِكَ الطَّعَام وكل مَا يُكَال أَو يُوزن مجازفة أَو مكايلة وَكَذَلِكَ الْعرُوض كلهَا وَالْحَيَوَان إِذا اشْتَرَاهَا صَفْقَة وَاحِدَة وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَلَيْسَ لَهُ أَن يرد بعضه دون بعض
32 - وَإِذا اشْترى الرجل ثَوْبَيْنِ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِعشْرَة دَرَاهِم على أَنه بِالْخِيَارِ فيهمَا ثَلَاثَة أَيَّام وقبضهما فَهَلَك أَحدهمَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يرد الْبَاقِي مِنْهُمَا وَعَلِيهِ الثّمن كُله
وَكَذَلِكَ لَو لم يهْلك وَلكنه أَصَابَهُ عيب عِنْده من عمله أَو من غير عمله
وَكَذَلِكَ لَو بَاعه أَو بَاعَ بعضه فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَن يرد الصَّحِيح مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إِلَّا وَهَذَا مَعَه لِأَنَّهُمَا صَفْقَة وَاحِدَة وَقد لزم الَّذِي دخله الْعَيْب فَإِذا لزمَه ذَلِك لزمَه الآخر
33 - وَإِذا كَانَ لَهُ الْخِيَار أَن يَأْخُذ أَحدهمَا دون الآخر وَلم يكن لَهُ إِلَّا أَن يَأْخُذ وَاحِدًا بِعشْرَة فَهَلَك أَحدهمَا أَو دخله عيب من عمله أَو من غير عمله فانه يلْزمه الَّذِي هلك أَو الَّذِي دخله عيب بِعشْرَة وَيرد الْبَاقِي

(5/135)


وَإِذا لم يهْلك وَلم يدْخلهُ عيب ثمَّ هلكا جَمِيعًا مَعًا فَإِن عَلَيْهِ نصف ثمن كل وَاحِد مِنْهُمَا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَا مختلفي الثّمن
فَإِن كَانَا قَائِمين بأعيانهما وَاخْتَارَ أَحدهمَا ألزمته ثمنه وَكَانَ فِي الآخر أَمينا فَإِن ضَاعَ عِنْده بعد ذَلِك لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان
وأصل هَذَا البيع فِي الْقيَاس فَاسد لِأَنَّهُ اشْترى مَا لم يعرف وَمَا لم يعلم أَلا ترى أَنه لَو اشْترى ثوبا من عشرَة أَثوَاب أَو أَكثر من ذَلِك فَقَالَ آخذ أَيهَا شِئْت أَو قَالَ البَائِع ألزمك أَيهَا شِئْت أَو كَانَت حَيَوَانا من الْبَقر وَالْإِبِل وَالْغنم فَقَالَ قد أخذت مِنْك وَاحِدَة من هَذِه بِعشْرَة كَانَ هَذَا بَاطِلا لَا يجوز وَلَكِنِّي أستحسن فِي ذَلِك فِي الثَّوْبَيْنِ وَالثَّلَاثَة إِذا كَانَ المُشْتَرِي قد قبض وَاخْتَارَهُ
34 - وَإِذا اشْترى الرجل خادمين إِحْدَاهمَا بِأَلف دِرْهَم وَالْأُخْرَى بِخَمْسِمِائَة على أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ وَيتْرك الْأُخْرَى

(5/136)


أعتقهما جَمِيعًا فِي كلمة وَاحِدَة فَإِنَّهُ يُخَيّر فَأَيّهمَا اخْتَار وَقع لعتق عَلَيْهَا بِالثّمن الَّذِي يُسمى وَيرد الْأُخْرَى
35 - وَلَو لم يعْتق وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلم يطَأ غير أَنه حدث بهما عيب لَا يدْرِي أَيهمَا أول فَقَالَ البَائِع قد أخذت الَّتِي ثمنهَا ألف دِرْهَم وَقَالَ المُشْتَرِي قد أخذت الَّتِي ثمنهَا خَمْسمِائَة أول مرّة فَالْقَوْل قَوْله وَيرد الْأُخْرَى وَنصف قيمَة الْعَيْب فِي الْقيَاس وَلَكِنِّي أستحسن أَن يردهَا وَلَا يرد نصف قيمَة الْعَيْب أستحسن ذَلِك
فَإِن حدث بهما جَمِيعًا الْعَيْب مَعًا فَإِنَّهُ يرد أَيهمَا شَاءَ ويمسك الْأُخْرَى وَلَا يرد نصف قيمَة الْعَيْب أستحسن ذَلِك
وَلَو حدث لإحداهما عيب آخر بعد ذَلِك أَو مَاتَت أَو جنى عَلَيْهَا المُشْتَرِي جِنَايَة لَزِمته ورد الْأُخْرَى وَهَذَا قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
36 - وَإِن كَانَ أعتق البَائِع الَّذِي اخْتَار المُشْتَرِي فَلَا يَقع عَلَيْهَا عتق
فَإِن كَانَ البَائِع قد أعتقهما جَمِيعًا أعتقت الَّذِي يرد عَلَيْهِ مِنْهُمَا

(5/137)


37 - وَإِن لم يعْتق وَاحِد من الموليين غير أَن المُشْتَرِي وطيء الجاريتين جَمِيعًا فحبلت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا مِنْهُ ثمَّ مَاتَ قبل أَن يبين أَيَّتهمَا اخْتَار فَإِن علم أَيَّتهمَا وطئ أول مرّة فَهِيَ أم ولد لَهُ وَعَلِيهِ ثمنهَا وَيرد الْأُخْرَى وَوَلدهَا على البَائِع وعقرها وَلَا يثبت نسبه من المُشْتَرِي وَيكون على المُشْتَرِي عقرهَا
فَإِن لم يعلم أَيَّتهمَا وطيء أول مرّة فَالْقَوْل قَوْله إِن كَانَ حَيا وَإِن كَانَ مَيتا فَالْقَوْل قَول وَرَثَة المُشْتَرِي أَيْضا فَإِن قَالُوا لَا نعلم فَإِنَّهُ يلْزم المُشْتَرِي نصف ثمن كل وَاحِدَة وَنصف عقر كل وَاحِدَة وتسعى كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي نصف قيمتهَا للْبَائِع وَيسْعَى ولد كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته للْبَائِع وَلَا يثبت نسب وَاحِد مِنْهُمَا
وَإِذا وطئهما البَائِع مَعَ المُشْتَرِي وَادّعى هُوَ وَالْمُشْتَرِي الْوَلَدَيْنِ جَمِيعًا فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي أَيهمَا قَالَ هُوَ أول هُوَ وَلَده وَأمه أم وَلَده وَعَلِيهِ عقر الْأُخْرَى وَالْأُخْرَى وَوَلدهَا للْبَائِع يثبت نسبه مِنْهُ وعَلى البَائِع عقر أم ولد المُشْتَرِي لِأَنَّهُ كَانَ وَطئهَا مَعَه

(5/138)


فَلَمَّا صَارَت أم ولد المُشْتَرِي جعلت على البَائِع الْعقر بِالْوَطْءِ وَجعلت على المُشْتَرِي عقر أم ولد البَائِع أَيْضا
فَإِن مَاتَ البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَلم يبينا شَيْئا من ذَلِك فَالْقَوْل قَول وَرَثَة المُشْتَرِي فَإِن لم يعلمُوا ذَلِك لم يثبت نسب وَاحِد من الْوَلَدَيْنِ من المُشْتَرِي وَلَا من البَائِع والأمتان وأولادهما أَحْرَار وَوَلَاء أولادهما بَين المُشْتَرِي وَالْبَائِع وعَلى البَائِع وَالْمُشْتَرِي نصف عقر كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فَهَذَا قصاص
38 - وَإِذا اشْترى الرجل لرجل عبدا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فاختلفا فِي الْخِيَار فَقَالَ البَائِع قد مضى الْخِيَار فَلَا خِيَار لَك وَقَالَ المُشْتَرِي لم يمض الْخِيَار وَقد تَصَادقا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَه يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة انه قد مضى
وَإِن كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فاختلفا فِيهِ فَالْقَوْل قَول البَائِع انه لم يمض وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَنه قد مضى

(5/139)


39 - وَإِذا اخْتلفَا فَقَالَ المُشْتَرِي لي خِيَار ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ البَائِع إِنَّمَا لَك خِيَار يَوْمَيْنِ فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة لِأَنَّهُ مُدع
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ البَائِع لي خِيَار يَوْمَيْنِ وَقَالَ المُشْتَرِي بل لَك خِيَار يَوْم فان القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة
40 - وَإِن قَالَ المُشْتَرِي لي خِيَار وَقَالَ البَائِع مَا شرطت لَك خيارا فان القَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة لِأَنَّهُ مُدع
وَقَالَ أَبُو يُوسُف القَوْل قَول الَّذِي يقر بالبتات فِي البيع وَالْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَة
وَإِن قَالَ البَائِع لي الْخِيَار وَقَالَ المُشْتَرِي مَا لَك خِيَار كَانَ القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة وَأيهمَا ادّعى الْخِيَار فَإِنَّهُ لَا يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة وَالْقَوْل قَول الآخر فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
41 - وَلَو كَانَ الْمَبِيع دَارا كَانَ للْبَائِع فِيهَا خِيَار لم يكن فِيهَا شُفْعَة لِأَن البيع لم يجب بعد

(5/140)


وَإِن كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي فَللشَّفِيع فِيهَا شُفْعَة لِأَن البيع قد وَجب
42 - وَإِذا قَالَ الرجل للرجل اذْهَبْ بِهَذِهِ السّلْعَة فَانْظُر اليها الْيَوْم فَإِن رضيتها فَهِيَ لَك بِأَلف دِرْهَم فَقَالَ نعم فَهَذَا وَقَوله وَقد أَخَذتهَا بِالْألف وَأَنا بِالْخِيَارِ إِلَى اللَّيْل سَوَاء
43 - وَإِذا كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي الْجَارِيَة ثَلَاثَة أَيَّام فاستخدمها فَلَيْسَ هَذَا اخْتِيَارا وَإِنَّمَا يَجْعَل الْخِيَار فِي الرَّقِيق لهَذَا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَت دَابَّة فركبها ينظر إِلَيْهَا أَو إِلَى سَيرهَا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ قَمِيصًا فلبسه ينظر إِلَى قدره عَلَيْهِ فَهُوَ على خِيَاره وَإِن لبسه بعد ذَلِك فقد رضيه
44 - وَإِذا سَافر على الدَّابَّة فقد رضيها
وَإِذا سكن الدَّار فقد رضيها وأبطل الْخِيَار
وَإِذا غشي الْجَارِيَة أَو لمسها بِشَهْوَة أَو قبلهَا بِشَهْوَة فقد رضيها وأبطل الْخِيَار وَكَذَلِكَ إِن نظر إِلَى فرجهَا من شَهْوَة

(5/141)


وَكَذَلِكَ إِذا أَصَابَهَا عِنْده عيب من فعله أَو من فعل غَيره أَو أَصَابَهَا بلَاء عِنْده فَإِن هَذَا كُله بِمَنْزِلَة الرِّضَا
وَإِن كَانَت الْأمة هِيَ الَّتِي نظرت إِلَى فرج الرجل أَو لمسته بِشَهْوَة أَو قبلته بِشَهْوَة فَأقر السَّيِّد بذلك أَنَّهَا فعلت ذَلِك من شَهْوَة فقد جَازَت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا أقرّ بذلك مِنْهَا حرمت عَلَيْهِ ابْنَتهَا وَأمّهَا وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الرّجْعَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف قاسه على قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَلَا يكون مَا صنعت الْجَارِيَة بالمشتري رضَا من المُشْتَرِي لِأَنَّهُ لم يصنع
وَلَو لم يكن الْخِيَار للْمُشْتَرِي وَكَانَ للْبَائِع فجامعها أَو لمسها من شَهْوَة أَو قبلهَا من شَهْوَة كَانَ هَذَا نقضا للْبيع
45 - وَإِذا بَاعَ الرجل خَادِمًا لرجل بأَمْره وَاشْترط الْخِيَار لآمره فَقَالَ البَائِع قد رَضِي الْآمِر وَأَجَازَ البيع وَقَالَ الْآمِر مَا رضيت وَلَا أجزت فَإِن القَوْل قَول الْآمِر وَلَا يمْضِي البيع وعَلى الْآمِر الْيَمين مَا أجَازه

(5/142)


وَإِن اخْتلف الْآمِر وَالْمُشْتَرِي فِي الْخَادِم فَقَالَ الْآمِر لَيْسَ هَذِه بخادمي وَقَالَ المُشْتَرِي هِيَ الْخَادِم الَّتِي اشْتريت مِنْك فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَردهَا فاختلفا فِيهَا فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
46 - فَإِذا رَضِي الَّذِي لَهُ الْخِيَار بِالْبيعِ بِقَلْبِه من غير أَن يَقُول قولا أَو يصنع شَيْئا يُوجب البيع فَإِن الرِّضَا لَهُ بِالْقَلْبِ لَيْسَ بِشَيْء
وَلَا يكون رضَا بِالْقَلْبِ حَتَّى يتَكَلَّم أَو يعْمل عملا يعرف أَنه قد رَضِي بِعَمَلِهِ ذَلِك
وَإِذا أجمع على ردهَا بِقَلْبِه فَلَيْسَ بِشَيْء وَله بعد هَذَا أَن يَأْخُذهَا وَأَن يُوجب البيع
47 - وَإِن لم يكن للخيار وَقت فلصاحبه أَن يَأْخُذ بِالْخِيَارِ مَا بَينه وَبَين ثَلَاثَة أَيَّام فَإِذا مَضَت الثَّلَاثَة الْأَيَّام قبل أَن يخْتَار

(5/143)


البيع فَالْبيع فَاسد لِأَن الْخِيَار لَا يكون أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام فِي قَول أبي حنيفَة
48 - وَإِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ أَحدهمَا بِأَلف وَالْآخر بِخَمْسِمِائَة على أَن يَأْخُذ أَحدهمَا وَيرد الآخر أَيهمَا شَاءَ وعَلى أَنه لَا يأخذهما جَمِيعًا فماتا جَمِيعًا فَقَالَ البَائِع مَاتَ الَّذِي بِأَلف قبل وَقَالَ المُشْتَرِي بل مَاتَ الَّذِي بِخَمْسِمِائَة قبل فَإِنَّهُ لَا يصدق وَاحِد مِنْهُمَا على مَا قَالَ غير أَن على المُشْتَرِي الْيَمين بِاللَّه مَا يعلم أَن الَّذِي بِأَلف مَاتَ أَولا وَيحلف البَائِع بِاللَّه مَا يعلم أَن الَّذِي بِخَمْسِمِائَة مَاتَ أَولا فَأَيّهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه وَإِن حلفا جَمِيعًا لزمَه نصف ثمن كل وَاحِد مِنْهُمَا

(5/144)


وَقَالَ يَعْقُوب بعد ذَلِك القَوْل قَول المُشْتَرِي فِي ذَلِك وَأيهمَا زعم أَنه الَّذِي مَاتَ أَولا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ مدعي عَلَيْهِ الْفضل إِلَّا أَن يُقيم الآخر بَيِّنَة وَهَذَا قَول مُحَمَّد
فَإِن قَامَت الْبَيِّنَة لكل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه لزم المُشْتَرِي ألف دِرْهَم لِأَن البَائِع يَدعِي الْفضل
وَكَذَلِكَ لَو لم يموتا جَمِيعًا وَلَكِن حدث بهما جَمِيعًا عيب ثمَّ مَاتَا ثمَّ قَامَت بَيِّنَة أَن الَّذِي بِأَلف دِرْهَم مَاتَ أَولا وَأقَام المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَن الَّذِي بِخَمْسِمِائَة مَاتَ أَولا فَإِذا جَاءَت الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا أخذت بِبَيِّنَة الْألف وَكَذَلِكَ لَو جَاءُوا مُتَفَرّقين وَهُوَ قَول مُحَمَّد
49 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا على أَن البَائِع بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَقطعت يَد العَبْد عِنْد المُشْتَرِي قطعهَا المُشْتَرِي أَو غَيره فان البَائِع

(5/145)


بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ألزمهُ البيع وَأخذ الثّمن وان شَاءَ أَخذ عَبده وَأخذ نصف قِيمَته من المُشْتَرِي وَاتبع المُشْتَرِي الْقَاطِع
وَإِن كَانَ البَائِع هُوَ الَّذِي قطع يَد العَبْد ثمَّ أَرَادَ أَن يلْزم المُشْتَرِي البيع فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وقطعه يَده اخْتِيَار للْبيع ورد لَهُ
50 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة على أَنه فِيهَا بِالْخِيَارِ فَولدت عِنْده أَو وَطئهَا هُوَ أَو غَيره بفجور أَو غير ذَلِك فان الْخِيَار قد انْقَطع وَلَزِمَه البيع لِأَن هَذَا شَيْء حدث فِيهَا يلْزم البيع فِي مثله
وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي من النَّصْرَانِي خمرًا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أسلم المُشْتَرِي قبل الثَّلَاث فَلهُ أَن يرد الْخمر وَقد انْتقض البيع
وَكَذَلِكَ رجل مُسلم اشْترى من مُسلم عبدا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام المُشْتَرِي قبل أَن تمْضِي الثَّلَاث فَلهُ أَن يرد العَبْد وَلَا يُوجب عَلَيْهِ الْإِسْلَام وَلَا الْكفْر شَيْئا

(5/146)


52 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي من النَّصْرَانِي خمرًا فَلم يقبضهَا حَتَّى أسلم المُشْتَرِي فَلَا بيع بَينهمَا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ البَائِع هَذَا الَّذِي أسلم
وَهَذَا اسْتِحْسَان وَلَيْسَ بِقِيَاس
53 - وَإِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ بِأَلف دِرْهَم على أَن أَحدهمَا لَهُ لَازم وَالْآخر هُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أمْسكهُ وَإِن شَاءَ رده فَهَذَا فَاسد لَا يجوز لِأَنَّهُ لَا يعرف الَّذِي لزمَه وَالَّذِي هُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ
فَإِن مَاتَا وَقد اشتراهما بِأَلف دِرْهَم وقيمتهما أَلفَانِ فَهُوَ ضَامِن لقيمتهما
54 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي من النَّصْرَانِي خمرًا أَو خنزيرا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَأَسْلمَا جَمِيعًا أَو أَحدهمَا قبل صَاحبه قبل أَن يمْضِي الْخِيَار فان البيع فَاسد ينْتَقض قبض أَو لم يقبض فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة

(5/147)


وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قبض المُشْتَرِي لزمَه البيع وَوَجَب عَلَيْهِ الثّمن
وَهَذَا كالرؤية

(5/148)


- 7 بَاب الْخِيَار بِغَيْر شَرط
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل جراب هروي أَو عدل زطي أَو سمنا أَو زيتا فِي زق أَو حِنْطَة فِي جوالق وَلم ير شَيْئا من ذَلِك فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ
وَلَيْسَ للخيار فِي هَذَا وَقت
2 - فَإِن رأى بَعْضهَا وَلم ير كُله فَهُوَ فِيمَا بَقِي من الثِّيَاب بِالْخِيَارِ وَيرد مَا لم ير وَمَا قد رأى
وَلَو بَقِي ثوب وَاحِد لم يره كَانَ لَهُ أَن يردهَا جَمِيعًا
وَكَذَلِكَ كل حَيَوَان أَو عرُوض مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن
أما السّمن وَالزَّيْت وَالْحِنْطَة فَإِن كَانَ الَّذِي لم يره مثل الَّذِي قد رَآهُ فَهُوَ لَهُ لَازم لِأَنَّهُ شَيْء وَاحِد
فَإِن اخْتلفَا فَقَالَ المُشْتَرِي قد تغير وَقَالَ البَائِع لم يتَغَيَّر فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة
3 - وَإِن رأى الرجل مَتَاعا مطويا وَلم ينشره وَلم يفتشه

(5/149)


فَاشْتَرَاهُ على ذَلِك فَالْبيع لَهُ لَازم وَلَا خِيَار لَهُ فِيهِ
4 - وَلَو نظر إِلَى مَمْلُوك أَو إِلَى دَابَّة كائنة مَا كَانَت ثمَّ اشْتَرَاهَا بعد من صَاحبهَا بعد ذَلِك بِشَهْر لم يكن فِيهِ خِيَار
فَإِن قَالَ المُشْتَرِي قد تَغَيَّرت عَن حَالهَا الَّذِي رَأَيْتهَا عَلَيْهِ فَعَلَيهِ الْبَيِّنَة على مَا قَالَ فَإِن لم تكن لَهُ بَيِّنَة فعلى البَائِع الْيَمين بِاللَّه فَإِن نكل عَن الْيَمين بَطل البيع وَإِن حلف مضى البيع على المُشْتَرِي
5 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا وَلم يره ثمَّ أرسل رَسُولا من قبله فَقَبضهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ وَلَا يُوجِبهُ عَلَيْهِ نظر الرَّسُول إِلَى الْمَتَاع وَقَبضه إِيَّاه
وَلَو وكل وَكيلا يقبضهُ كَانَ قبض الْوَكِيل عَلَيْهِ جَائِزا وَلَا خِيَار لَهُ بعد نظر الْوَكِيل إِلَيْهِ وَلَيْسَ الْوَكِيل فِي هَذَا كالرسول وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فالوكيل وَالرَّسُول فِي ذَلِك سَوَاء وَالْمُشْتَرِي فيهمَا جَمِيعًا بِالْخِيَارِ إِذا رأى إِن شَاءَ أَخذ وَإِن شَاءَ ترك لِأَن المُشْتَرِي لم يُوكله بِالرُّؤْيَةِ بِشَيْء وَلم يرض بِهِ إِنَّمَا وَكله بِالْقَبْضِ

(5/150)


6 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي وَلم يره ثمَّ بَاعَ مِنْهُ ثوبا أَو لبسه حَتَّى تغير أَو قطعه ثمَّ نظر إِلَى مَا بَقِي فَلم يرضه فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ فَالْبيع لَهُ لَازم إِنَّمَا لَهُ أَن يَأْخُذ كُله أَو يرد كُله إِلَّا أَن يجد بِهِ عَيْبا فَيردهُ بِالْعَيْبِ
7 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي بِثمن وَاحِد أَو كل ثوب بِعشْرَة أَو كرّ حِنْطَة أَو خادمين أَو شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَحدث فِي شَيْء مِنْهُ عيب قبل أَن يقبضهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه كُله وَإِن شَاءَ تَركه كُله وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ الَّذِي لَيْسَ بِهِ عيب بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَيرد الَّذِي بِهِ الْعَيْب لِأَنَّهَا صَفْقَة وَاحِدَة
وَلَو كَانَ قبض ثمَّ رأى الْعَيْب لزمَه الَّذِي لَيْسَ بِهِ عيب بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَكَانَ بِالْخِيَارِ فِي الَّذِي بِهِ الْعَيْب إِن شَاءَ رده وَإِن شَاءَ أمْسكهُ
وَأما مَا كَانَ من كيل أَو وزن من ضرب وَاحِد فَقَبضهُ ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا بعد ذَلِك قد دلسه بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَن يَأْخُذهُ جَمِيعًا أَو يردهُ جَمِيعًا

(5/151)


8 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي أَو جراب هروي أَو شَيْئا من الْعرُوض أَو الْحَيَوَان صَفْقَة وَاحِدَة فَاسْتحقَّ بعضه قبل أَن يقبض أَو حدث بِهِ عيب أَو كَانَ بِهِ عيب قبل أَن يَشْتَرِيهِ فَاطلع عَلَيْهِ قبل أَن يقبض فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه كُله وَإِن شَاءَ رده كُله وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ بعضه دون بعض لِأَنَّهَا صَفْقَة وَاحِدَة وَلِأَنَّهُ لم يقبضهُ
وَإِن كَانَ قد قَبضه ثمَّ اسْتحق بعضه أَو وجد بِبَعْضِه عَيْبا فَإِن لَهُ أَن يرد الَّذِي بِهِ الْعَيْب خَاصَّة ويمسك مَا سواهُ وَيرجع بِثمن مَا اسْتحق خَاصَّة وَيلْزمهُ مَا بَقِي مِمَّا لم يسْتَحق
وَلَو كَانَ ثوبا وَاحِدًا أَو عبدا وَاحِدًا مِمَّا لَا يَتَبَعَّض فَاسْتحقَّ بعضه كَانَ لَهُ أَن يرد مَا بَقِي
وَلَو كَانَ ثَوْبَيْنِ فَاسْتحقَّ أَحدهمَا فَاسْتحقَّ أَحدهمَا جَازَ عَلَيْهِ الآخر إِذا كَانَ الِاسْتِحْقَاق بعد الْقَبْض وَلَو كَانَ قبض أَحدهمَا وَلم يقبض الآخر ثمَّ اسْتحق الَّذِي قبض أَو الآخر أَيهمَا مَا كَانَ فَلهُ الْخِيَار فِي الْبَاقِي

(5/152)


بِحِصَّتِهِ من الثّمن إِن شَاءَ أَخذ بذلك وَإِن شَاءَ تَركه لِأَنَّهُ لم يقبض مَا اشْترى كُله
9 - وَإِذا اشْترى شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن صَفْقَة وَاحِدَة فَاسْتحقَّ بعضه فَإِن لَهُ أَن يتْرك مَا بَقِي وَلَا يَأْخُذهُ إِن كَانَ اسْتحق قبل الْقَبْض
وَكَذَلِكَ إِن وجده نَاقِصا فَلهُ أَن يتْركهُ وَإِن شَاءَ أَخذه بِحِصَّتِهِ من الثّمن
10 - فَإِن كَانَ اشْترِي عدل زطي بِثمن وَاحِد فَوَجَدَهُ نَاقِصا أَو زَائِدا فَلَا خير فِي البيع وَله أَن يردهُ
وَإِن كَانَ سمى لكل ثوب ثمنا فَلَا خير فِيهِ إِذا كَانَ زَائِدا لِأَن الَّذِي وَقع عَلَيْهِ البيع فِي هَذَا مَجْهُول لَا يعرف
وَإِن كَانَ نَاقِصا فَعلم بذلك قبل أَن يقبض أَو بعد مَا قبض فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ترك وَإِن شَاءَ أَخذ مَا بَقِي بِمَا سمى لكل ثوب من الثّمن
11 - وَإِذا اشْترى الرجل كرّ حِنْطَة بِخَمْسِينَ درهما فَوَجَدَهُ

(5/153)


نَاقِصا فَإِن شَاءَ أَخذه بِحِصَّتِهِ من الثّمن لِأَن هَذَا يعرف مَا نصِيبه من الثّمن فَلَيْسَ هَذَا كالعروض الَّتِي ثمنهَا جملَة وَاحِدَة
12 - وَإِذا اشْترى الرجل أمتين صَفْقَة وَاحِدَة فَإِذا إِحْدَاهمَا أم ولد أَو مُدبرَة أَو مُكَاتبَة فَعلم قبل الْقَبْض فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ لم يلْزمه الْأمة الْبَاقِيَة وَإِن شَاءَ أَخذهَا بحصتها من الثّمن
13 - وَالْأَعْمَى فِي كل مَا اشْترى إِذا لم يقلب وَلم يجس بِالْخِيَارِ فَإِذا قلب أَو جس فَهُوَ بِمَنْزِلَة النّظر من الصَّحِيح وَلَا خِيَار لَهُ إِذا لم يجد بِهِ عَيْبا
فَإِن وجد بِعْ عَيْبا فَهُوَ بِمَنْزِلَة الصَّحِيح

(5/154)


- 8 بَاب الْمُرَابَحَة
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا نَسِيئَة فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة حَتَّى يبين لَهُ أَنه اشْتَرَاهُ نَسِيئَة فَإِن بَاعه مُرَابحَة وكتم ذَلِك فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذا اطلع على ذَلِك إِن شَاءَ رده وَأخذ مَاله وَإِن شَاءَ أجَاز البيع
فَإِن كَانَ المُشْتَرِي قد اسْتهْلك البيع أَو قد اسْتهْلك بعضه فَالْبيع لَازم لَهُ جَائِز عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يرد مَا بَقِي مِنْهُ بذلك وَلَا يرجع فِي شَيْء من الثّمن
2 - وَإِذا اشْترى الرجل خَادِمًا أَو ثوبا أَو طَعَاما أَو دَابَّة فَأصَاب الْخَادِم بلَاء ذهب من ذَلِك بصرها أَو لَزِمَهَا من ذَلِك عيب أَو أصَاب الدَّابَّة من ذَلِك عيب أَو أصَاب الثَّوْب من ذَلِك عيب أَو أصَاب الطَّعَام شَيْء فدخله من ذَلِك عيب فَلَا بَأْس أَن يَبِيع ذَلِك مُرَابحَة

(5/155)


أَلا ترى أَن الثَّوْب لَو اصفر أَو توسخ وَكَانَ ذَلِك ينقصهُ فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع ذَلِك مُرَابحَة
وَلَو أصَاب من غلَّة الْخَادِم أَو الدَّابَّة أَو الدَّار أَو العَبْد شَيْئا بَاعه مُرَابحَة لِأَن الْغلَّة لَيست من أصل ذَلِك البيع
3 - وَإِن أصَاب العَبْد شَيْء من ذَلِك عيب من عمل الْمولى ينقصهُ فَلَا يَبِيع شَيْئا من ذَلِك مُرَابحَة حَتَّى يبين ذَلِك
وَكَذَلِكَ إِذا أَصَابَهُ من عمل غَيره لِأَنَّهُ ضَامِن لما ينقصهُ فَإِن كَانَ عمله بِإِذن الْمولى فَهُوَ إِذا بِمَنْزِلَة الْمولى
فَإِن بَاعَ شَيْئا من ذَلِك وَلم يُبينهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رد البيع وَإِن شَاءَ أمْسكهُ وَإِن كَانَ قد اسْتَهْلكهُ أَو بعضه لزم البيع وَلم يكن للْمُشْتَرِي أَن يردهُ وَلَا يرد مَا بَقِي وَلَا يرجع فِي شَيْء من الثّمن
4 - وَإِذا ولدت الْجَارِيَة أَو الْغنم أَو الْبَقر أَو الْإِبِل أَو أثمر النّخل أَو الشّجر فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ مُرَابحَة وَذَلِكَ مَعَه

(5/156)


فان اسْتهْلك الْمولى ذَلِك فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع شَيْئا من ذَلِك مُرَابحَة حَتَّى يبين مَا أصَاب من ذَلِك
وَكَذَلِكَ ألبان الْغنم وأصوافها وسمونها مَا أصَاب من ذَلِك من شَيْء فَلَا يَبِيع شَيْئا من ذَلِك مُرَابحَة حَتَّى يبين مَا أصَاب مِنْهَا
5 - فَإِن كَانَ قد أنْفق عَلَيْهَا مَا يُسَاوِي ذَلِك فِي عَلفهَا أَو مَا يصلحها فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهَا مُرَابحَة وَلَا يبين ذَلِك
وَإِن لم يكن أنْفق عَلَيْهَا شَيْئا وَلم يصب من أَوْلَادهَا وَلكنهَا مَاتَت موتا أَو أصَاب الْغلَّة آفَة فأهلكتها فَلهُ أَن يَبِيع ذَلِك مُرَابحَة وَلَا يبين ذَلِك وَإِن كَانَ ذَلِك قد نقص الْخَادِم أَو الْإِبِل أَو الْغنم أَو الْبَقر
6 - وَإِذا اشْترى الرجل مَتَاعا فَلهُ أَن يَجْعَل عَلَيْهِ من الْخياطَة والقصارة والكراء وَيَقُول قَامَ على بِكَذَا كَذَا وَلَا يَقُول اشْتَرَيْته بِكَذَا وَكَذَا فَإِن ذَلِك كذب لِأَنَّهُ لم يَأْخُذهُ بِهِ إِنَّمَا قَامَ

(5/157)


عَلَيْهِ مَعَ النَّفَقَة بعد مَا اشْتَرَاهُ بِكَذَا كَذَا وَقد اشْتَرَاهُ بِأَقَلّ مِمَّا قَامَ عَلَيْهِ ثمَّ لحقه من النَّفَقَة حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ بذلك
وَلَا يلْحق مَا أنْفق على نَفسه وسفره فِي طَعَام وَلَا مؤونة وَلَا كِرَاء وَأما الرَّقِيق فَلهُ أَن يلْحق بهم طعامهم وكسوتهم بِالْمَعْرُوفِ ثمَّ يَقُول قَامُوا على بِكَذَا وَكَذَا
7 - وَإِذا اشْترى الرجل طَعَاما فَأكل نصفه أَو ثلثه فَلهُ أَن يَبِيع النّصْف الْبَاقِي مُرَابحَة على نصف الثّمن لِأَن علمه يُحِيط ان هَذَا نصفه
وَكَذَلِكَ كل شَيْء يُكَال أَو يُوزن بعد أَن يكون من ضرب وَاحِد
فَإِن كَانَ مُخْتَلفا فَلَا يبيعن مُرَابحَة بِمَا بَقِي قل أَو كثر
وَكَذَلِكَ الثَّوْب الْوَاحِد إِذا ذهب نصفه احْتَرَقَ أَو حرقه إِنْسَان أَو هُوَ أَو بَاعه أَو وهبه أَو تصدق بِهِ فَلَا يَبِيع النّصْف الْبَاقِي مُرَابحَة على الثّمن الأول لِأَنَّهُ لَا يدْرِي ان هَذَا وَذَاكَ سَوَاء من قبل مَا دخل فِي شقَّه
8 - وَكَذَلِكَ الثوبان إِذا اشتراهما جَمِيعًا صَفْقَة وَاحِدَة فَلَا يبيعن أَحدهمَا مُرَابحَة دون الآخر لِأَنَّهُ لَا يعلم مَا رَأس مَال هَذَا من هَذَا إِلَّا ظنا بظنه أَو حزرا بحزره

(5/158)


9 - وَكَذَلِكَ لَو اشْترى عدل زطي أَو عدل يَهُودِيّ أَو جراب هروي بِأَلف دِرْهَم فَلَا يبيعن ثوبا مِنْهَا مُرَابحَة لِأَنَّهُ لَا يعلم مَا رَأس مَاله
وَلَو كَانَ أَخذ كل ثوب مِنْهَا بِعشْرَة دَرَاهِم فَلهُ أَن يَبِيع كل ثوب مِنْهَا مُرَابحَة على عشرَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد لَا يبيعن مُرَابحَة حَتَّى يبين أَنه اشْترى مَعَه غَيره
10 - وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ كل ثوب مِنْهَا برقمه الَّذِي عَلَيْهِ أَو زِيَادَة دانق على رقمه ثمَّ علم مَا رقمه فَرضِي بذلك فَهُوَ جَائِز وَله أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على مَا سمى لكل ثوب
أَلا ترى أَنه لَو كَانَ ثَوْبَان فَأَخذهُمَا جَمِيعًا الْأَبْيَض بِعشْرَة والأصفر بِخَمْسَة عشر كَانَ لَهُ أَن يَبِيع كل وَاحِد مِنْهُمَا على مَا سمى لَهُ وَلَو كَانَتَا دارين كَانَ لشفيع كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يَأْخُذهَا بِالَّذِي سمى لَهَا وَلَو وجد عَيْبا يرد مِنْهُ رد كل ثوب وجد فِيهِ الْعَيْب بِمَا سمى لَهُ من الثّمن ثمَّ لَو اسْتحق ثوب مِنْهَا برِئ من ثمنه الَّذِي سمى لَهُ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَإِذا اشْترى ثيابًا صَفْقَة وَاحِدَة بَعْضهَا

(5/159)


أفضل من بعض كل ثوب بِعشْرَة فَلَا يَنْبَغِي أَن يَبِيع ثوبا مِنْهَا مُرَابحَة على عشرَة حَتَّى يبين الْأَمر على وَجهه لِأَن الرجل قد يَشْتَرِي الثَّوْبَيْنِ بِمِائَة وَخمسين أَحدهمَا يُسَاوِي مائَة وَالْآخر يُسَاوِي خمسين كل ثوب بِخَمْسَة وَسبعين فَإِن بَاعَ أَحدهمَا بِخَمْسَة وَسبعين مُرَابحَة كَانَ ذَلِك قبيحا لِأَنَّهُ إِنَّمَا زَاد فِي ثمن ذَلِك لمَكَان الآخر حَتَّى يبين فيبيع كَيفَ يَشَاء
11 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا بحنطة أَو شعير أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على ذَلِك
12 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا بِعشْرَة دَرَاهِم فَبَاعَهُ بِخَمْسَة عشر

(5/160)


درهما ثمَّ اشْتَرَاهُ بِعشْرَة فَلَا يَبِيعهُ مُرَابحَة حَتَّى يطْرَح ربحه الأول من رَأس مَال البيع الآخر فَيقوم بِخَمْسَة دَرَاهِم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَلَا يَبِيعهُ مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم وَلَا يطْرَح مِنْهَا شَيْئا لِأَنَّهُ شِرَاء مُسْتَقْبل لَا يدْخل فِيهِ شَيْء كَانَ قبله من ربح وَلَا وضيعة
أَلا ترى أَنه لَو كَانَ أَصله هبة أَو صَدَقَة أَو مِيرَاثا أَو وَصِيَّة ثمَّ بَاعه ثمَّ اشْتَرَاهُ كَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على الثّمن الآخر وَلَا يطْرَح مِنْهُ شَيْئا
وَلَو كَانَ أَصله بيعا فَبَاعَهُ بوصيف أَو بِدَابَّة ثمَّ اشْتَرَاهُ بِعشْرَة كَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة وَلَا يطْرَح مِنْهُ شَيْئا فَكيف يطْرَح الوصيف وَالدَّابَّة من الْعشْرَة
13 - وَإِذا اشْترى الرجل نصف عبد بِمِائَة دِرْهَم وَاشْترى آخر نصفه بمائتين ثمَّ باعاه مُرَابحَة أَو قَالَا ربح كَذَا وَكَذَا

(5/161)


على رَأس المَال أَو بوضيعة كَذَا وَكَذَا من رَأس المَال فَإِن الثّمن يكون بَينهمَا أَثلَاثًا على مِائَتَيْنِ وعَلى مائَة
وَلَو كَانَ أَحدهمَا قد اشْترى ثلثه بِمِائَة دِرْهَم وَاشْترى الآخر ثُلثَيْهِ بِمِائَتي دِرْهَم ثمَّ باعاه مُرَابحَة كَانَ الثّمن بَينهمَا على مَا سميا من الثّمن
وَكَذَلِكَ لَو ولياه رجلا بِالَّذِي أخذاه بِهِ
وَلَو قسما الثّمن بَينهمَا على الْقدر الَّذِي لَهما فِي العَبْد فربحا أَحدهمَا أَو وضع الآخر فَهَذَا لَا يكون وَقد باعاه مُرَابحَة أَو ولياه رجلا بِالَّذِي أخذاه بِهِ
14 - وَإِذا أنْفق الرجل على عَبده فِي تَعْلِيم عمل من الْأَعْمَال دَرَاهِم فَإِنَّهُ لَا يلْحق ذَلِك فِي رَأس مَاله وَلَا يَبِيعهُ مُرَابحَة على ذَلِك
فَكَذَلِك الشّعْر والغناء والعربية وَأجر تَعْلِيم الْقُرْآن لَا يوضع

(5/162)


شَيْء من هَذَا على رَأس المَال وكل شَيْء علم بِهِ رجل جَارِيَة لَهُ أَو عبدا لَهُ مِمَّا لَا يحل فَلَا يلْحق بِرَأْس مَاله
وَكَذَلِكَ أجر الطَّبِيب وَأجر الرائض والراعي وَجعل الْآبِق وَأجر الْحجام والختان فَهُوَ مثل ذَلِك أَيْضا
وَأما سائق الْغنم الَّذِي يَسُوقهَا من بلد إِلَى بلد فَإِنَّهُ يلْحقهُ فِي رَأس مَاله
وَكَذَلِكَ أجر السمسار يلْحقهُ فِي رَأس مَاله مثل أجر الْقصار وَلَا يلْحق أجر الْمعلم الْحساب فِي رَأس مَاله وَكَذَلِكَ أجر النائحة
15 - وَلَو بَاعَ جاريتين إِحْدَاهمَا أفضل من الْأُخْرَى وَقد اشْترى كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَة فباعهما مُرَابحَة كَانَ الثّمن نِصْفَيْنِ وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا أفضل من الْأُخْرَى

(5/163)


أَلا ترى أَنَّهُمَا لَو كَانَتَا دارين على هَذِه الصّفة أَخذ الشَّفِيع كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بِالَّذِي أَخذهَا بِهِ لَا ينقصهُ وَلَا يزِيدهُ شَيْئا
وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَة
وَقَالَ مُحَمَّد لَا يَبِيع إِحْدَاهمَا مُرَابحَة حَتَّى يبين أَنه اشْترى مَعهَا غَيرهَا مُرَابحَة
16 - وَإِذا بَاعَ الرجل مَتَاعه مُرَابحَة ثمَّ حط من البيع الأول شَيْئا فَإِنَّهُ يحط ذَلِك الشَّيْء وَربحه عَن المُشْتَرِي الآخر وَيُجِير على ذَلِك فِي الْقَضَاء
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ولاه رجلا ثمَّ حط عَنهُ شَيْئا حط مثله عَن المُشْتَرِي
17 - وَإِذا بَاعَ الرجل مَتَاعا مُرَابحَة فخانه فِي الْمُرَابَحَة ودلس لَهُ فان المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذا اطلع على ذَلِك إِن شَاءَ رد الْمَتَاع وَإِن شَاءَ أَخذه بِالثّمن الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ لَا ينقص مِنْهُ شَيْئا
فَإِن كَانَ المُشْتَرِي قد أهلك الْمَتَاع أَو بعضه فالثمن لَهُ لَازم وَلَا يحط عَنهُ مِنْهُ شَيْء

(5/164)


18 - وَإِذا أقرّ البَائِع بِأَنَّهُ قد خانه أَو زَاد عَلَيْهِ أَو قَامَت عَلَيْهِ بذلك بَيِّنَة لم يكن للْمُشْتَرِي أَن يرجع فِي شَيْء من ذَلِك لتِلْك الْخِيَانَة إِنَّمَا لَهُ أَن يرد الْمَتَاع كُله كَمَا أَخذه أَو يلْزمه الثّمن كُله وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف نرى أَن يحط عَنهُ الْخِيَانَة وحصتها من الرِّبْح على كل حَال
19 - واذا اشْترى الرجل ثوبا بِعشْرَة دَرَاهِم فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع ذِرَاعا مِنْهُ مُرَابحَة لِأَن الثَّوْب مُخْتَلف
وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع مِنْهُ أَكثر من ذِرَاع أَو أقل مِنْهُ مُرَابحَة إِلَّا أَن يَقُول أبيعك نصفه أَو ثلثه أَو جُزْءا من كَذَا وَكَذَا جُزْءا فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ على هَذِه الصّفة لِأَنَّهُ يكون شَرِيكا فِيهِ كُله بذلك
20 - وَإِذا اشْترى الرجل مِمَّا يُكَال أَو يُوزن بعد أَن يكون شَيْئا وَاحِدًا غير مُخْتَلف فَلَا بَأْس أَن يَبِيع رطلا مِنْهُ أَو قَفِيزا

(5/165)


مِنْهُ على حِصَّته من الثّمن مُرَابحَة لِأَنَّهُ شَيْء وَاحِد قد أحَاط علمه بِهِ
فان كَانَ مُخْتَلفا فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع وَاحِدًا مِنْهَا مُرَابحَة وَهُوَ قَول أبي حنيفَة
21 - وَإِذا أسلم الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي ثَوْبَيْنِ من نوع وَاحِد وَمن ضرب وَاحِد وَشرط وَاحِد وَأَعْطَاهُ عشرَة دَرَاهِم ثمَّ قبضهما فَلَا يبيعن وَاحِدًا مِنْهَا مُرَابحَة فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ أَن يَبِيع كل وَاحِد مِنْهُمَا على خَمْسَة دَرَاهِم أَلا ترى أَن صفقتهما وَاحِدَة وَأَنه لَو صَالح الَّذِي عَلَيْهِ السّلم على رَأس مَال أَحدهمَا وَأخذ الآخر كَانَ ذَلِك جَائِزا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي هَذَا
22 - وَإِذا اشْترى الرجل نصف عبد بِمِائَة ثمَّ اشْترى

(5/166)


النّصْف الآخر بمائتين فَلهُ أَن يَبِيع أَي النصفين شَاءَ مُرَابحَة على مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَإِن شَاءَ بَاعه كُله على ثَلَاثمِائَة مُرَابحَة
23 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم ثمَّ وهب لَهُ البَائِع الثّمن كُله فَلهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على الْألف الَّتِي اشْتَرَاهُ بهَا مِنْهُ
وَإِن وهب لَهُ بعض الثّمن كَانَ للْمُشْتَرِي أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على مَا بَقِي من الثّمن وَكَذَلِكَ لَو حط عَنهُ بعض الثّمن
وَلَيْسَ يشبه هبة الثّمن كُله هبة بعض الثّمن
24 - وَإِذا اشْترى عبدا بِأَلف دِرْهَم ثمَّ بَاعه بِالثّمن عرُوضا أَو أعطَاهُ بِهِ رهنا فَهَلَك الرَّهْن كَانَ لَهُ أَن يَبِيع العَبْد مُرَابحَة على ألف دِرْهَم
25 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا بِعشْرَة دَرَاهِم جِيَاد فنقدها فَوجدَ أَحدهَا زائفا فجاوز بِهِ البَائِع عَنهُ فَلهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم جِيَاد
وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهُ بِعشْرَة دَرَاهِم نقد لَيْسَ لَهَا أجل فَلم ينْقد الثّمن أشهرا فَلهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم لِأَن هَذَا نقد لَيْسَ بتأخر

(5/167)


26 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا بِعشْرَة دَرَاهِم ثمَّ وهبه ثمَّ رَجَعَ فِي هِبته وَأَخذه فَلهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم
وَكَذَلِكَ لَو بَاعه بِعشْرَة دَرَاهِم أَو أَكثر ثمَّ رد عَلَيْهِ بِعَيْب أَو بيع فَاسد أَو بِخِيَار أَو باستقالة البَائِع فأقاله كَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم
27 - وَلَو كَانَ بَاعه ثمَّ وَرثهُ أَو وهبه أَو صَار فِي ملكه بِغَيْر شِرَاء لم يكن لَهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة لِأَن هَذَا الْملك الثَّانِي ملك بِغَيْر شِرَاء وَقد هدر الْملك الأول الَّذِي كَانَ فِيهِ الشِّرَاء
28 - وَإِذا اشْترى الرجل من أَبِيه أَو أمه أَو مكَاتبه أَو عَبده أَو عبد من موَالِيه أَو مكَاتب من موَالِيه مَتَاعا بِثمن قد قَامَ على البَائِع بِأَقَلّ من ذَلِك فَلَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة إِلَّا بِالَّذِي قَامَ على البَائِع للتُّهمَةِ
وَلَيْسَ هَذَا كالشراء من الْأَجْنَبِيّ وَلَا من الْأَخ وَلَا من الْعم

(5/168)


29 - وَإِذا اشْترى الرجل من امْرَأَته فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع مُرَابحَة
وكل من لَا تجوز شَهَادَته لَهُ فَلَا يبيعن مَا اشْترى مِنْهُ مُرَابحَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف أَنا أرى أَن يَبِيع كل مَا اشْترى من هَؤُلَاءِ مُرَابحَة مَا خلا عَبده أَو مكَاتبه أَو عبد من مَوْلَاهُ وَهُوَ قَول مُحَمَّد
30 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا بِثَوْب قد قَامَ الثَّوْب الأول بِعشْرَة دَرَاهِم فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع الثَّوْب الآخر مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم
31 - وَإِذا اشْترى الرّجلَانِ من رجل عدل زطي بِأَلف دِرْهَم فاقتسماه بَينهمَا فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يَبِيع نصِيبه مُرَابحَة لِأَنَّهُ لَيْسَ يُحِيط علمه ان هَذَا هُوَ النّصْف
32 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بِهِ عيب قد دلّس لَهُ أَو ثوبا

(5/169)


فِيهِ عيب قد دلّس لَهُ ثمَّ اطلع عَلَيْهِ بعد فَرضِي أَو لم يرض فَلهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة لِأَنَّهُ قد اشْتَرَاهُ بذلك الثّمن
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى بيعا مُرَابحَة فخانه صَاحبه فِيهِ كَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على مَا أَخذه بِهِ لِأَنَّهُ بذلك قَامَ عَلَيْهِ
33 - وَإِذا ولى رجل رجلا بيعا بِمَا قَامَ عَلَيْهِ ثمَّ اطلع على أَنه أَخذه بِأَقَلّ من ذَلِك بِشَهَادَة شُهُود قَامَت على ذَلِك رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ أَو باقرار من البَائِع الْأَوْسَط أَو بِدَعْوَى من المُشْتَرِي الآخر وأبى البَائِع الْأَوْسَط أَن يحلف عَلَيْهَا فانه يرجع عَلَيْهِ بذلك الْفضل وَيتم لَهُ البيع وَيكون لَهُ على أَن يَبِيع مُرَابحَة على مَا بَقِي
34 - وَلَو بَاعه مُرَابحَة قبل أَن يرجع بِشَيْء على البَائِع الأول كَانَ ذَلِك جَائِزا وَله أَن يرجع بِتِلْكَ الْخِيَانَة وَمَا أَخذه رده على المُشْتَرِي وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَفرق بَين التَّوْلِيَة وَبَين الْمُرَابَحَة فَقَالَ يرجع بالخيانة فِي التَّوْلِيَة

(5/170)


وَلَا يرجع فِي الْمُرَابَحَة وَله الْخِيَار
وَقَالَ يَعْقُوب هما سَوَاء فِي ذَلِك كُله يرجع بالخيانة وَالرِّبْح
وَقَالَ مُحَمَّد هما سَوَاء فَلَا يرجع بخيانة وَلَا ربح إِن كَانَ مَا اسْتَهْلكهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَلَا يطْرَح عَنهُ الْخِيَانَة وَإِن شَاءَ رده على صَاحبه وَبَطل البيع
35 - وَإِذا اشْترى الرجل من شريك لَهُ شركَة عنان فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ مُرَابحَة
فان كَانَ للْأولِ فِيهِ حِصَّة فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهُ حِصَّة نَفسه مُرَابحَة إِلَّا على مَا اشْتَرَاهُ بِهِ
فان كَانَ لم يشتره وَصَارَ لَهُ بِوَجْه غير الشِّرَاء فَلَا يبيعن حِصَّته مُرَابحَة

(5/171)


36 - وَإِذا كَانَت خَادِمًا لِشَرِيك المفاوض للْخدمَة فاشتراها شَرِيكه مِنْهُ لتخدمه ثمَّ بدا لَهُ أَن يَبِيعهَا فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهَا مُرَابحَة
وَكَذَلِكَ كل شَيْء كَانَ لأَحَدهمَا دون صَاحبه فَاشْتَرَاهُ الآخر ليَكُون لَهُ دون صَاحبه
وكل شَيْء كَانَ بَينهمَا فَلَا يَبِيعهُ وَاحِد مِنْهُمَا مُرَابحَة إِذا اشْتَرَاهُ من صَاحبه إِلَّا على الأَصْل الأول
37 - وَإِذا كَانَ عبد بَين اثْنَيْنِ قد قَامَ عَلَيْهِمَا بِمِائَة دِينَار فربح أَحدهمَا صَاحبه فِي حِصَّته دِينَارا فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على مائَة دِينَار ودينار
38 - وَإِذا اشْترى الرجل مَتَاعا ثمَّ رقمه بِأَكْثَرَ من ثمنه

(5/172)


ثمَّ بَاعه مُرَابحَة على رقمه فَهُوَ جَائِز وَلَا يَقُول قَامَ على كَذَا بِكَذَا وَلَكِن رقمه كَذَا وَكَذَا فانا أبيعه مُرَابحَة على ذَلِك
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَصله مِيرَاثا أَو هبة أَو صَدَقَة أَو وَصِيَّة فقومه قِيمَته ثمَّ بَاعه مُرَابحَة على تِلْكَ الْقيمَة كَانَ ذَلِك جَائِزا
39 - وَإِذا اشْترى الرجل من عبد لَهُ أَو عبد لبَعض وَلَده أَو من أمته أَو من أمة لِابْنِ لَهُ بيعا قد قَامَ عَلَيْهِ بِأَقَلّ من ذَلِك فَلَا يَبِيعهُ مُرَابحَة إِن كَانَ على العَبْد دين أَو لم يكن إِلَّا على الْأَقَل
وَكَذَلِكَ العَبْد وَأم الْوَلَد وَالْمكَاتب وَالْمُدبر وَالْعَبْد قد عتق نصفه وَهُوَ يسْعَى فِي بعض قِيمَته وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما العَبْد الَّذِي قد عتق نصفه فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع مَا اشْترى مِنْهُ مُرَابحَة لِأَنَّهُ حر كُله
40 - وَإِذا بَاعَ الرجل الْمَتَاع بِرِبْح ده يَا زده أَو بِعشْرَة

(5/173)


أحد عشر أَو بده دوازده أَو بِعشْرَة اثْنَي عشر أَو بده سيزده أَو بِعشْرَة ثَلَاثَة عشر فَهَذَا سَوَاء كُله
فَإِذا علم المُشْتَرِي بِالثّمن فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه بذلك وَإِن شَاءَ رده فَإِن كَانَ قد علم بِالثّمن قبل عقده البيع لَيْسَ لَهُ أَن يردهُ
وَكَذَلِكَ الْمَتَاع يرقمه فَهُوَ كَذَلِك أَيْضا إِذا علم الرقم إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه
41 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا بِعشْرَة دَرَاهِم ثمَّ بَاعه بوضيعة ده يازده على الثّمن فَإِن الثّمن يكون تِسْعَة دَرَاهِم وجزءا من أحد عشر جُزْءا من الدِّرْهَم وَصَارَت الوضيعة عشرَة أَجزَاء من أحد عشر جُزْءا من دِرْهَم

(5/174)


42 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا بِخَمْسَة دَرَاهِم وَاشْترى آخر ثوبا بِسِتَّة دَرَاهِم ثمَّ باعاهما جَمِيعًا صَفْقَة وَاحِدَة مُرَابحَة أَو مواضعة فَإِن الثّمن بَينهمَا على قدر رُؤُوس أموالهما
43 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم ثمَّ ولاه رجلا ثمَّ حط عَن المُشْتَرِي الأول الثّمن كُله فَإِنَّهُ لَا يحط عَن الآخر شَيْئا لِأَن هَذَا لَيْسَ بحط وَلَا وضيعة

(5/175)


- 9 بَاب الْعُيُوب فِي الْبيُوع كلهَا
-
1 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا أَو أمة أَو دَارا أَو ثوبا أَو شَيْئا من الْأَشْيَاء فبرئ البَائِع إِلَى المُشْتَرِي عِنْد عقده البيع من كل عيب فَهُوَ بَرَاءَة جَائِزَة وَلَا يضرّهُ أَن لَا يُسمى شَيْئا من ذَلِك
أَلا ترى أَنه لَو برِئ إِلَيْهِ من القروح والخروق فِي الثَّوْب وَمن الدبر فِي الدَّابَّة كَانَت هَذِه الْبَرَاءَة جَائِزَة فِيمَا سمى وَإِن كَانَ لم يقل فَوجدَ قرحَة كَذَا وَكَذَا أَو كَذَا وَكَذَا دبرة
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ هُوَ بَرِيء من كل عيب فقد دخل فِيهِ كل عيب وَكَذَلِكَ كل دَاء وكل دبرة وكل حرق أَو خرق أَو كي أَو غَيره من الْعُيُوب وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد

(5/177)


2 - وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على الْبَرَاءَة من كل عيب فِي خَادِم ثمَّ إِن أحد الشَّاهِدين اشْتَرَاهَا بِغَيْر بَرَاءَة فَوجدَ بهَا عَيْبا كَانَ لَهُ أَن يردهَا من قبل أَن الشَّهَادَة على الْبَرَاءَة لم تكن اقرارا مِنْهُ وَلَا من البَائِع وَلَا من المُشْتَرِي ان بهَا عَيْبا
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بَرِئت من الْإِبَاق وَأشْهد على ذَلِك ثمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أحد الشَّاهِدين بِغَيْر بَرَاءَة من ذَلِك فَوَجَدَهَا آبقة كَانَ لَهُ أَن يردهَا بذلك
3 - وَإِذا اشْترى الرجل السّلْعَة وَلم يبرأ البَائِع اليه من شَيْء ثمَّ أَرَادَ البَائِع بعد مَا وَقع البيع أَن يبرأ من الْعُيُوب فَأبى المُشْتَرِي أَن يُبرئهُ من ذَلِك فَلهُ ذَلِك وَلَيْسَ للْبَائِع الْبَرَاءَة إِلَّا عِنْد عقدَة البيع
4 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل أمة فَلَا يقربهَا حَتَّى

(5/178)


تحيض حَيْضَة بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب
وَلَا يَنْبَغِي للْبَائِع أَن يَبِيعهَا إِذا كَانَ يَطَؤُهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة عِنْده
وَإِن كَانَت لَا تحيض فَيَنْبَغِي للْمُشْتَرِي أَن يَسْتَبْرِئهَا بِشَهْر وَلَا يقبلهَا وَلَا يُبَاشِرهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة أَو بِشَهْر
وَإِن كَانَت مِمَّن تحيض فارتفع حَيْضهَا انْتظر بهَا حَتَّى يعلم أَنَّهَا غير حَامِل ثمَّ يَطَؤُهَا
وَإِذا قربهَا المُشْتَرِي وَوجد بهَا عَيْبا قد دلّس فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهَا بذلك الْعَيْب وَتقوم بِهِ وَتقوم وَلَيْسَ بهَا عيب فَإِن كَانَ الْعَيْب ينقصها الْعشْر رَجَعَ بِعشر الثّمن
وَكَذَلِكَ لَو لم يَطَأهَا وَلَكِن حدث بهَا عيب عِنْده ثمَّ وجد عَيْبا قد دلّس لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهَا بذلك الْعَيْب وَلَكِن تقوم وَبهَا الْعَيْب وَتقوم وَلَيْسَ بهَا الْعَيْب إِن كَانَ الْعَيْب ينقصها الْعشْر رَجَعَ بِعشر الثّمن وَيكون فِيهَا كَمَا كَانَ فِي الَّتِي وطئ

(5/179)


فَإِن بَاعهَا بعد مَا رأى الْعَيْب فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع بِشَيْء من قبل أَن البَائِع يَقُول أَنا أقبلها
وَكَذَلِكَ لَو وَطئهَا غير المُشْتَرِي بزنا أَو بِشُبْهَة
وَكَذَلِكَ لَو زَوجهَا المُشْتَرِي فَوَطِئَهَا الزَّوْج أَو لم يَطَأهَا لم يكن للْمُشْتَرِي أَن يردهَا بِالْعَيْبِ وَلَكِن يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب
وَلَو كَانَ لَهَا زوج عِنْد البَائِع قد وَطئهَا عِنْده ثمَّ وَطئهَا عِنْد المُشْتَرِي فَإِن للْمُشْتَرِي أَن يردهَا بِالْعَيْبِ وَلَا يشبه هَذَا وَطْء المُشْتَرِي وَلَا وَطْء الزَّوْج الَّذِي زَوجهَا المُشْتَرِي
وَلَو اشْترى جَارِيَة بكرا وَلها زوج فَوَطِئَهَا عِنْد المُشْتَرِي لم يكن للْمُشْتَرِي أَن يردهَا لِأَنَّهَا كَانَت بكرا فَذَهَبت عذرتها عِنْد المُشْتَرِي وَلَا يشبه هَذَا الْبَاب الأول
5 - وَلَو اشْترى ثوبا فصبغه بعصفر أَو زعفران أَو قطعه قَمِيصًا أَو قبَاء وَلم يخطه بعد ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا كَانَ لَهُ أَن يرجع بِفضل مَا بَينهمَا
فان بَاعه قبل أَن يخاصمه لم يكن لَهُ أَن يرجع بِشَيْء إِلَّا فِي العصفر والزعفران فان لَهُ أَن يرجع فِيهِ لِأَن البَائِع لَو قَالَ أَنا أقبله لم يكن لَهُ أَن يَأْخُذهُ

(5/180)


6 - وكل عيب وجده المُشْتَرِي بالسلعة فعرضها بعد مَا رَآهُ على البيع أَو وَطئهَا أَو قبلهَا أَو لامسها لشَهْوَة أَو أجرهَا أَو رَهنهَا أَو وَهبهَا فان هَذَا كُله رضَا بذلك فِي الْقيَاس وَلَيْسَ لَهُ أَن يردهَا وَلَا يرجع بِفضل مَا بَينهمَا
وَلَو استخدمها كَانَ هَذَا فِي الْقيَاس رضَا وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس وَيكون لَهُ أَن يردهَا فِي الِاسْتِحْسَان
وَلَو كَانَ قَمِيصًا أَو ثوبا فلبسه أَو دَابَّة فركبها كَانَ هَذَا كُله رضَا بِالْعَيْبِ غير أَنِّي اسْتحْسنَ إِذا ركب الدَّابَّة ليردها أَو ليسقيها أَن لَا يكون هَذَا رضَا إِنَّمَا الرِّضَا ركُوبه فِي حَاجته
7 - وَلَو ولدت الْجَارِيَة عِنْد الرجل أَو وَطئهَا فَبَاعَهَا وكتم ذَلِك فَلَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يردهَا بذلك لِأَن هَذَا لَيْسَ بِعَيْب لَازم
وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهَا مُرَابحَة إِن لم يكن ينقصها إِذا كَانَ الْوَلَد قد مَاتَ
فَإِن كَانَ جَامعهَا وَهِي بكر فَلَا يَبِيعهَا مُرَابحَة حَتَّى يبين ذَلِك

(5/181)


8 - وَإِذا اشْترى الرجل خَادِمًا فدبرها أَو أعْتقهَا الْبَتَّةَ أَو ولدت ولدا فَكَانَت أم ولد لَهُ ثمَّ وجد بهَا عَيْبا قد دلّس لَهُ كَانَ لَهُ أَن يرجع بِنُقْصَان مَا بَينهمَا
وَلَو كَانَ بَاعهَا أَو وَهبهَا وَقَبضهَا الْمَوْهُوبَة لَهُ ثمَّ وجد بهَا عَيْبا قد دلّس لَهُ لم يكن لَهُ أَن يرجع إِلَيْهِ لِأَنَّهَا قد خرجت من ملكه إِلَى ملك غَيره
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ بَعْضهَا وَبَقِي فِي يَده بَعْضهَا لم يكن لَهُ أَن يرد مَا بَقِي وَلَا يرجع بِفضل خَادِم غَيره
أَلا ترى أَنه لَو بَاعهَا من البَائِع ثمَّ وجد المُشْتَرِي بهَا عَيْبا لم يكن لَهُ أَن يرجع على البَائِع بِشَيْء وَالْخَادِم عِنْد البَائِع
وَكَذَلِكَ لَو وَهبهَا أَو تصدق بهَا عَلَيْهِ
9 - وَإِذا اشْترى الرجل خَادِمًا فَقَتلهَا هُوَ ثمَّ وجد بهَا عَيْبا قد دلّس لَهُ لم يرجع بِشَيْء لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جنى عَلَيْهَا
وَهَذَا وَالْعِتْق فِي الْقيَاس سَوَاء وَلَكِن أستحسن فِي الْعتْق

(5/182)


وَلَو لم يَقْتُلهَا هُوَ وَلكنهَا مَاتَت موتا كَانَ لَهُ أَن يرجع بِفضل الْعَيْب وَلَيْسَ الْمَوْت كَالْقَتْلِ لِأَن الْقَتْل من جِنَايَته
وَلَو قَتلهَا غَيره لم يرجع بِشَيْء
10 - وَكَذَلِكَ لَو اشْترى ثوبا فخرقه أَو طَعَاما فَأَكله لم يكن لَهُ أَن يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب
وَإِن لم يكن علم بِالْعَيْبِ وَلبس الثَّوْب حَتَّى تخرق أَو أكل الطَّعَام ثمَّ علم بِعَيْب كَانَ قد دلّس لَهُ لم يكن لَهُ أَن يرجع بِشَيْء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ أَن يرجع بِفضل مَا بَين الْعَيْب وَالصِّحَّة وَلَيْسَ هَذَا كَالْأولِ هَذَا مِمَّا يصنع النَّاس
وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة إِذا طحنها والسويق إِذا لته كَانَ لَهُ أَن يرجع بِفضل مَا بَينهمَا لِأَن السويق قَائِم بِعَيْنِه وَهُوَ بِمَنْزِلَة الثَّوْب يصبغه أَو يقطعهُ قَمِيصًا أَو قبَاء

(5/183)


11 - وَإِذا اشْترى خُفَّيْنِ أَو نَعْلَيْنِ أَو مصراعي بَاب بَيت فَوجدَ فِي أَحدهمَا عَيْبا فَلهُ أَن يردهما جَمِيعًا
فَإِن كَانَ قد بَاعَ الَّذِي لَيْسَ بِهِ عيب فَلَيْسَ لَهُ أَن يرد مَا بَقِي وَلَا يرجع بِشَيْء لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة شَيْء وَاحِد بَاعَ بعضه
12 - وَإِذا اشْترى عبدا ثمَّ بَاعه فَرد عَلَيْهِ بِعَيْب فَقبله بِغَيْر قَضَاء قَاض فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ على الأول لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة الصُّلْح وَالرِّضَا
وَلَو قبله بِقَضَاء قَاض بِبَيِّنَة قَامَت أَو باباء يَمِين أَو بِإِقْرَار عِنْد القَاضِي أَنه بَاعه وَالْعَيْب فِيهِ وَلَا يعلم هُوَ بِالْعَيْبِ كَانَ لَهُ أَن يردهُ على الَّذِي بَاعه إِيَّاه إِن كَانَت لَهُ على الْعَيْب بَيِّنَة وَإِلَّا استحلفه فان نكل عَن الْيَمين رده عَلَيْهِ وَإِن حلف لم يردهُ عَلَيْهِ
13 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة لَهَا زوج وَلَا يعلم بِهِ ثمَّ علم أَو عبدا لَهُ امْرَأَة وَهُوَ لَا يعلم ثمَّ علم بِهِ كَانَ هَذَا عَيْبا

(5/184)


يرد مِنْهُ لِأَن فرج الْجَارِيَة عَلَيْهِ حرَام إِذا كَانَ لَهَا زوج وَلِأَن العَبْد يلْزمه نَفَقَة الْمَرْأَة
14 - وَإِذا اشْترى الرجل شَاة فَحلبَ لَبنهَا فَأَكله أَو نَاقَة لم يكن لَهُ أَن يردهَا بِعَيْب وَلَكِن يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب
وَكَذَلِكَ نَخْلَة أَو شَجَرَة إِذا اشْتَرَاهَا رجل فَأكل غَلَّتهَا فانه لَا يردهَا بِعَيْب
وَلَو كَانَ عبدا فَأكل غَلَّته أَو كَانَت دَارا فَأكل غَلَّتهَا كَانَ لَهُ أَن يردهَا بِالْعَيْبِ لِأَن هَذَا غلَّة لَيْسَ مِنْهُ وغلة النّخل وَالشَّجر وَلبن الشَّاة وَالْبَقَرَة مِنْهَا وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْوَلَد
15 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا فَوَجَدَهُ مخنثا فَلهُ أَن يردهُ وَكَذَلِكَ إِن كَانَ سَارِقا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ على غير دين الْإِسْلَام كَانَ لَهُ أَن يردهُ
16 - وَإِذا كَانَ زَانيا أَو ولد زنا لم يكن لَهُ أَن يردهُ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِعَيْب فِي الْغُلَام
وَهُوَ عيب فِي الْجَارِيَة يردهَا مِنْهُ إِذا كَانَت زَانِيَة أَو ولد زنا لِأَنَّهَا تُوطأ وتتخذ أم ولد

(5/185)


17 - والثؤلول إِذا كَانَ ينقص الثّمن عيب فَإِذا كَانَ لَا ينقصهُ فَلَيْسَ بِعَيْب وَالْخَال أَيْضا والبجر عيب
والصهوبة فِي الشّعْر عيب والشمط عيب
والبخر عيب فِي الْجَارِيَة وَلَا يكون فِي الْغُلَام إِلَّا أَن يكون من دَاء
والآدر عيب وَالْأَعْمَش عيب والأعشى عيب

(5/186)


والذفر فِي الْغُلَام لَيْسَ بِعَيْب إِلَّا أَن يكون ذَلِك شَيْئا لَا يكون فِي النَّاس فَاحِشا ينقص الثّمن فَيكون عَيْبا
وَالسّن السَّوْدَاء عيب وَالسّن الساقطة عيب ضرسا كَانَ أَو غَيره
وَالظفر الْأسود إِذا كَانَ ينقص الثّمن فَهُوَ عيب
18 - والإباق مرّة وَاحِدَة عيب وَإِن كَانَ صَغِيرا فَهُوَ عيب مَا كَانَ صَغِيرا فَإِذا احْتَلَمَ وحاضت الْجَارِيَة فَلَيْسَ ذَلِك بِعَيْب إِلَّا أَن يأبق بعد الْكبر
وَكَذَلِكَ الْبَوْل على الْفراش مَا دَامَ صَغِيرا فَإِذا احْتَلَمَ الرجل وحاضت الْجَارِيَة فَلَيْسَ ذَلِك بِعَيْب وَلَا يرد من ذَلِك إِلَّا أَن يَفْعَله بعد مَا احْتَلَمَ وَبعد مَا حَاضَت الْجَارِيَة
وَإِن أبق بعد مَا احْتَلَمَ فَهُوَ عيب لَازم أبدا

(5/187)


وَالْجُنُون عيب إِذا جن مرّة وَاحِدَة فَهُوَ عيب لَازم أبدا وَالْحَبل فِي الْجَارِيَة عيب والحول عيب والقرن عيب والعفل عيب
والبرص عيب والجذام عيب والفتق عيب والسلعة عيب
وكل شَيْء ينقص فِي الثّمن من الرَّقِيق وَالدَّوَاب وَالْإِبِل وَالْبَقر فَهُوَ عيب

(5/188)


19 - والكي والقروح والفدع فِي الْقدَم عيب
هَذَا كُله عيب
والفحج عيب والحنف عيب والصكك عيب والصدف عيب والشدق عيب فِي الْفَم
20 - وكل عيب طعن بِهِ المُشْتَرِي ظَاهرا أَو بَاطِنا

(5/189)


وَلَا بَيِّنَة لَهُ فان القَاضِي لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يسْتَحْلف البَائِع حَتَّى يعلم أَن الْعَيْب بالسلعة
فَإِن كَانَ ظَاهرا نظر إِلَيْهِ
وَإِن كَانَ بَاطِنا وَلَا ينظر إِلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء فَإِن أخْبرت امْرَأَتَانِ حرتان مسلمتان أَو امْرَأَة بِالْعَيْبِ اسْتحْلف البَائِع
فَإِن كَانَ بَاطِنا فِي الْجوف أَو فِي الْبَصَر أرى ذَلِك الْأَطِبَّاء فَإِذا اجْتمع رجلَانِ مسلمان مِنْهُم على ذَلِك اسْتحْلف القَاضِي البَائِع بِاللَّه لقد بَاعه وَقَبضه المُشْتَرِي وَمَا هَذَا الْعَيْب بِهِ الْبَتَّةَ
وَلَا يستحلفه على علمه فِي شَيْء من هَذَا
21 - وَلَو طعن المُشْتَرِي باباق أَو جُنُون وَلَا يعلم القَاضِي ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يسْتَحْلف البَائِع حَتَّى يشْهد شَاهِدَانِ أَنه قد أبق عِنْد المُشْتَرِي أَو جن عِنْده
فَإِذا قَامَ على هَذَا بَيِّنَة اسْتحْلف البَائِع الْبَتَّةَ بِاللَّه لقد بَاعه وَمَا أبق قطّ مُنْذُ بلغ عِنْده وَلَا جن عِنْده قطّ
فَإِذا أَبى البَائِع أَن يحلف ردَّتْ السّلْعَة عَلَيْهِ
وَإِن لم بكن لَهُ بَيِّنَة وَادّعى أَن البَائِع قد علم أَنه قد أبق

(5/190)


عِنْده فَإِن البَائِع يحلف على علمه بِاللَّه مَا يُعلمهُ أبق عِنْد المُشْتَرِي فَإِن حلف برِئ وَإِن أَبى الْيَمين اسْتحْلف بِاللَّه لقد بَاعه وَمَا أبق قطّ مُنْذُ مَا بلغ فَإِن حلف برِئ وَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه
فَإِن طعن البَائِع فَقَالَ اسْتحْلف المُشْتَرِي بِاللَّه مَا رضيت بِالْعَيْبِ مُنْذُ رَأَيْته وَلَا عزمت على بيع حلف المُشْتَرِي على ذَلِك ثمَّ يردهَا فَإِن أَبى أَن يحلف لم يرد
22 - والعسر عيب
وَالْحَبل فِي الْجَارِيَة عيب وَلَيْسَ الْحَبل فِي الْبَهِيمَة عيب وَلَا يشبه الْإِنْسَان فِي هَذَا الْبَهِيمَة
وَالْبَقَرَة وَالشَّاة والناقة وَالْفرس وَغير ذَلِك من الْبَهَائِم سَوَاء فِي ذَلِك وَلَا يكون ذَلِك فِيهِنَّ عَيْبا كَمَا يكون فِي الْإِنْسَان

(5/191)


23 - والعزل عيب والمشش عيب والنخس عيب والحرد عيب والزوائد عيب
والصدف عيب والمهقوع عيب والجمح عيب

(5/192)


وخلع الرَّأْس عيب وبل المخلاة عيب إِذا كَانَ ينقص الثّمن والانتشار عيب
والأعشى عيب والشتر عيب والحول عيب والحوص عيب وَالظفر عيب وَالشعر يكون فِي جَوف

(5/193)


الْعين عيب والجرب عيب فِي الْعين وَغير الْعين وَالْمَاء فِي الْعين عيب وريح السبل عيب والغرب عيب
والسعال الْقَدِيم عيب إِذا كَانَ من دَاء
والمستحاضة وَالَّتِي يرْتَفع حَيْضهَا زَمَانا فَهَذَا كُله عيب
24 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا وَعَلِيهِ دين لم يعلم بِهِ ثمَّ علم بِهِ فَلهُ أَن يردهُ إِلَّا أَن يقْضِي البَائِع عَنهُ دينه أَو يُبرئهُ الْغُرَمَاء من الدّين
25 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة مُحرمَة بِالْحَجِّ وَهُوَ لَا يعلم بِهِ ثمَّ علم فَلَيْسَ هَذَا عَيْبا لِأَن لَهُ أَن يحللها

(5/194)


26 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة فِي عدَّة من طَلَاق بَائِن أَو موت فَلَيْسَ هَذَا بِعَيْب
فَإِن كَانَ فِي عدَّة من طَلَاق يملك فِيهِ الرّجْعَة فَهَذَا عيب يرد مِنْهُ
فَإِن انْقَضتْ الْعدة فقد وَجَبت لِأَن الْعَيْب قد ذهب
27 - وَإِذا ابْتَاعَ الرجل خَادِمًا من رجل فطعن المُشْتَرِي بِعَيْب فَقَالَ البَائِع مَا هَذَا بخادمي فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه بِاللَّه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَنه اشْترى مِنْهُ هَذِه الْجَارِيَة
28 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة على أَنَّهَا بكر فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا فَإِنَّهُ لَا يصدق على ذَلِك وَالْقَوْل قَول البَائِع أَنَّهَا بكر مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَنَّهَا ثيب
29 - وَإِذا اشْترى الرجل جوزا أَو بيضًا فَوَجَدَهُ فَاسِدا كُله وَقد كَسره فَلهُ أَن يردهُ وَيَأْخُذ الثّمن كُله
وَكَذَلِكَ الْبِطِّيخ والفاكهة إِذا وجدهَا فَاسِدَة كلهَا بعد مَا يكسرها فَلهُ أَن يردهُ إِذا كَانَ لَا يُسَاوِي شَيْئا فَهُوَ فَاسد

(5/195)


30 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا قد حل دَمه بقصاص فَقتل عِنْده فانه يرجع على البَائِع بِالثّمن كُله
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مُرْتَدا فَقتل عِنْده
وَلَو بَاعه وَهُوَ سَارِق فَقطعت يَده عِنْده كَانَ لَهُ أَن يردهُ وَيَأْخُذ الثّمن كُله وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد انه يقوم سَارِقا وَيقوم غير سَارِق ثمَّ يرجع بِفضل مَا بَينهمَا من الثّمن وَلَا يَسْتَطِيع أَن يردهُ بعد الْقطع وَكَذَلِكَ حَلَال الدَّم وَلَو كَانَ هَذَا مُسْتَقِيمًا كَانَ الرجل إِذا اشْترى جَارِيَة حَامِلا فَمَاتَتْ فِي نفَاسهَا وَقد دلّس لَهُ الْحمل كَانَ لَهُ أَن يرجع بِالثّمن كُله وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء
31 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة وعبدا فَزَوجهَا ثمَّ وجد بهما عَيْبا لم يكن لَهُ أَن يردهما لما أحدث فيهمَا
فَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا بَائِنا وَلم يكن دخل بهَا كَانَ لَهُ أَن يردهما

(5/196)


32 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة فَوجدَ بهَا عَيْبا فَشهد شَاهد أَنه اشْتَرَاهَا وَهَذَا الْعَيْب بهَا وَشهد آخر على إِقْرَار البَائِع بِهَذَا كَانَ هَذَا بَاطِلا لَا يردهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَة لِأَنَّهُمَا قد اخْتلفَا وَلَا يرجع بِفضل عيب
33 - وَإِذا وهب الرجل للرجل جَارِيَة على عوض وقبضا جَمِيعًا ثمَّ وجد عَيْبا فَلهُ أَن يردهُ فِي هَذَا كَمَا يرد فِي الشِّرَاء
وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة بِالْعِوَضِ
34 - وَإِذا تزوجت الْمَرْأَة على جَارِيَة فقبضتها فَوجدت بهَا عَيْبا كَانَ لَهَا أَن تردها وَتَأْخُذ قيمتهَا صَحِيحَة
وَإِن حدث بهَا عيب آخر عِنْدهَا لم تستطع ردهَا وَلكنهَا ترجع بِفضل مَا بَينهمَا من الْعَيْب الأول وَمن قيمتهَا صَحِيحَة
وَكَذَلِكَ لَو خلعها على جَارِيَة كَانَ كَذَلِك أَيْضا
35 - وَلَو بَاعَ من عبد نَفسه بِجَارِيَة ثمَّ وجد بهَا عَيْبا كَانَ لَهُ أَن يردهَا عَلَيْهِ وَيَأْخُذ مِنْهُ قيمَة نَفسه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة الآخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد يرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْجَارِيَة وَهُوَ قَول أبي حنيفَة الأول

(5/197)


فَإِن كَانَ حدث بهَا عِنْد الْمولى عيب لَا يَسْتَطِيع ردهَا وَيرجع بِفضل مَا بَينهمَا من قيمَة العَبْد تقوم صَحِيحَة وَتقوم وَبهَا الْعَيْب فَإِن كَانَ ينقصها عشر ذَلِك رَجَعَ بِعشر قيمَة العَبْد فِي قَول أبي حنيفَة الآخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف
وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَإِنَّهُ يرجع بذلك من قيمتهَا فَإِن ردَّتْ الْجَارِيَة رَجَعَ على العَبْد بِقِيمَتِهَا
36 - وَلَو كَاتبه على جَارِيَة بِغَيْر عينهَا فأداها إِلَيْهِ وَأعْتق ثمَّ وجد بهَا عَيْبا كَانَ لَهُ أَن يردهَا عَلَيْهِ وَيَأْخُذ مَكَانهَا مثلهَا صَحِيحَة
فَإِن كَانَ قد حدث بهَا عيب عِنْد الْمولى لم يكن لَهُ أَن يردهَا وَكَانَ لَهُ أَن يرجع بِمَا نَقصهَا الْعَيْب من قيمَة الْجَارِيَة
37 - وَإِذا بَاعَ الرجل لرجل جَارِيَة بأَمْره ثمَّ خوصم فِي عيب فقبلها بِغَيْر قَضَاء قَاض فَإِنَّهَا تلْزم البَائِع وَلَا تلْزم

(5/198)


لآمر إِلَّا إِن كَانَ عَيْبا يعلم أَن مثله لَا يحدث فَيلْزم الْآمِر
وَكَذَلِكَ لَو قَامَت بَيِّنَة أَنه بَاعهَا وَبهَا الْعَيْب ألزمته البَائِع وألزمت الْآمِر
وَلَو كَانَ عَيْبا يحدث مثله فخاصمه البَائِع فِيهَا إِلَى القَاضِي وَأقر عِنْده بِالْعَيْبِ كَانَ إِقْرَاره عِنْد القَاضِي وَعند غَيره سَوَاء لَا يلْزم الْآمِر إِلَّا فِي عيب لَا يحدث مثله
فَإِن لم يقر وَلكنه أَبى أَن يحلف فألزمه القَاضِي الْجَارِيَة فَإِنَّهَا تلْزم الْآمِر
فَإِن أنكر الْمولى أَن تكون جَارِيَته الَّتِي بَاعَ لم تلْزم الْآمِر وَكَانَ القَوْل فِي ذَلِك قَوْله وَعَلِيهِ الْيَمين بِاللَّه
فَإِن أَقَامَ البَائِع الْبَيِّنَة على أَنَّهَا هِيَ الْجَارِيَة الَّتِي بَاعَ لَهُ فَإِنَّهَا تلْزم الْآمِر
38 - وَإِذا اشْترى الرجل للرجل جَارِيَة بأَمْره ثمَّ وجد بهَا عَيْبا فَلهُ أَن يَدْفَعهَا إِلَى الْآمِر وَله أَن يُخَاصم فِيهَا ويردها وان كَانَ الْآمِر غير حَاضر أَلا ترى انه لَو كَانَ مَعَه مَال مُضَارَبَة

(5/199)


اشْترى بهَا بزا وَرب المَال غَائِب فَوجدَ بِثَوْب مِنْهَا عَيْبا كَانَ لَهُ أَن يُخَاصم فِيهِ وَيَردهُ
فان ادّعى البَائِع أَن الْآمِر قد رَضِي بِالْعَيْبِ وَطلب يَمِين الْآمِر أَو يَمِين الْمَأْمُور مَا رَضِي بذلك الْآمِر لم يكن لَهُ على الْمَأْمُور يَمِين بذلك وَلَا على الْآمِر وَلَو كَانَت عَلَيْهِ يَمِين بذلك لم يكن لَهُ أَن يردهَا حَتَّى يحضر الْآمِر فَيحلف
فَإِن قَامَت بَيِّنَة على رضَا الْآمِر لم يكن لَهُ أَن يردهَا
وَلَو كَانَ الْآمِر قد قبضهَا ثمَّ وجد بهَا عَيْبا لم يكن لَهُ أَن يردهَا وَلَا يُخَاصم فِيهَا حَتَّى يحضر المُشْتَرِي فَيكون هُوَ الَّذِي يُخَاصم وَيرد
وَلَو أقرّ المُشْتَرِي أَنه قد أَبْرَأ البَائِع من هَذَا الْعَيْب صدق المُشْتَرِي على نَفسه بِالْعَيْبِ وَلَا يصدق على الْآمِر وَتلْزم الْجَارِيَة المُشْتَرِي إِلَّا أَن يُرْضِي الْآمِر بقوله أَو يُقيم بَيِّنَة على ذَلِك
39 - وَلَو اشْترى رجلَانِ جَارِيَة فوجدا بهَا عَيْبا فَرضِي

(5/200)


أَحدهمَا وأبى الآخر أَن يُرْضِي لم يكن لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يرد حَتَّى يجتمعا جَمِيعًا على الرَّد لِأَنَّهَا صَفْقَة وَاحِدَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الَّذِي رَضِي بِالْعَيْبِ يلْزمه نصِيبه وَيرد الآخر حِصَّته وَلَا يلْزم الآخر عيب لِأَنَّهُ لم يرض بِهِ إِن رَضِي بِهِ غَيره
40 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بِجَارِيَة وَقَبضهَا ثمَّ وجد صَاحب العَبْد بِالْعَبدِ عَيْبا ثمَّ مَاتَ عِنْده فَإِنَّهُ يقوم صَحِيحا وَيقوم وَبِه الْعَيْب فَإِن كَانَ ذَلِك ينقصهُ عشر قِيمَته رَجَعَ بِعشر الْجَارِيَة وَإِن كَانَ الثُّلُث فَالثُّلُث
وَإِن كَانَ العَبْد قَائِما بِعَيْنِه رده وَأخذ الْجَارِيَة
وَكَذَلِكَ الْحَيَوَان وَالْعرُوض كلهَا إِذا بَاعَ مِنْهَا شَيْئا بِشَيْء فَاسْتحقَّ أَو وجد بِهِ عَيْبا رده وَأخذ مَتَاعه
وَإِذا كَانَ الْمَتَاع قد اسْتهْلك رد عَلَيْهِ قِيمَته
وَكَذَلِكَ كل مَا يُكَال أَو يُوزن فِي هَذَا الْبَاب إِذا كَانَ بِعَيْنِه

(5/201)


وَلَو اسْتحق شَيْء من ذَلِك بِإِقْرَار الَّذِي هُوَ فِي يَده لم يرجع بِشَيْء لِأَنَّهُ أقرّ أَنه أتلف السّلْعَة
وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى الرجل خَادِمًا وَأقر أَنَّهَا لفُلَان فَلَا يرجع بِشَيْء على البَائِع
وَلَو قضى بهَا القَاضِي بِشَهَادَة الشُّهُود قضى لَهُ على البَائِع بِالثّمن
فَإِن قَالَ البَائِع لَيست هَذِه بجاريتي الَّتِي بِعْتُك فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَنَّهَا هِيَ الْخَادِم الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ
41 - وَإِذا اشْترى الرجل خَادِمًا بكر حِنْطَة وَلَيْسَ الْكر عِنْده فَإِنَّهُ لَا يجوز
فَإِن قَالَ بكر حِنْطَة جيد أَو وسط أَو رَدِيء فَهُوَ جَائِز اسْتحْسنَ ذَلِك وادع الْقيَاس فِيهِ لِأَنَّهُ بلغنَا عَن رَسُول الله

(5/202)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه اشْترى جزورا بِثمن ثمَّ استقرضه فَأعْطَاهُ إِيَّاه
فَإِن وجد عَيْبا بالجارية وَقد اسْتهْلك البَائِع الْكر رد الْجَارِيَة وَأخذ كرا مثل كره
وَكَذَلِكَ كل مَا يُكَال أَو يُوزن وَالَّذِي يعد عددا
وَلَيْسَ مَا سوى ذَلِك من الْعرُوض مثل هَذَا لِأَنَّهُ ان اشْترى جَارِيَة بِثَوْب وَلَيْسَ الثَّوْب عِنْده فَالْبيع بَاطِل وَلَو اشْتَرَاهَا بِثَوْب عِنْده ثمَّ وجد بهَا عَيْبا وَقد اسْتهْلك البَائِع الثَّوْب ردهَا وَأخذ قيمَة الثَّوْب لِأَن الثَّوْب لَا يقْرض وَالطَّعَام وَمَا أشبهه من الْكَيْل وَالْوَزْن يستقرض فَيكون عَلَيْهِ مثله
42 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا بنسيئة أَو ينْقد وَلم ينْقد فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَبِيع ذَلِك من البَائِع بِأَقَلّ من ذَلِك الثّمن الَّذِي أَخذه بِهِ إِن كَانَ لم ينقده الثّمن وَلَا يَنْبَغِي للْبَائِع أَن يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِأَقَلّ من ذَلِك وَلَو فعل رددت البيع الآخر
وان كَانَ قد انتقد الثّمن فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ أَو أَكثر

(5/203)


وان كَانَ لم ينْقد الثّمن وَقد حدث بالسلعة عيب فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من الثّمن
وان كَانَ لم يحدث بهَا عيب وَلَكِن السّعر رخص فَلَا يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من الثّمن
43 - وَلَا يجوز شِرَاؤُهُ وَلَا شِرَاء ابْنه وَلَا أَبِيه وَلَا مكَاتبه وَلَا عَبده وَلَا مدبره وَلَا أم وَلَده وَلَا وَكيله إِلَّا أَن الْوَكِيل الَّذِي اشْتَرَاهَا لَزِمته وَلَا تلْزم الْآمِر فِي قَول أبي يُوسُف
وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَإِنَّهَا تلْزم الْآمِر وَيكون البيع فَاسِدا كَأَن الْآمِر اشْترى ذَلِك
وَلَو بَاعه لرجل لم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من ذَلِك قبل أَن ينْقد فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِك لَا لنَفسِهِ وَلَا لغيره وَلَا يَنْبَغِي للَّذي بَاعه أَن يَشْتَرِيهِ أَيْضا بِأَقَلّ من ذَلِك لنَفسِهِ وَلَا لغيره لِأَنَّهُ هُوَ البَائِع
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن شِرَاء أَبِيه وَابْنه جَائِز
وَلَو كَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ اشْتَرَاهُ لغيره لم يجز بيع الْوَكِيل الَّذِي

(5/204)


اشْتَرَاهُ بيع الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ
وَكَذَلِكَ لَو بَاعه من البَائِع بِأَقَلّ من ذَلِك أَو من الْآمِر
44 - وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهِ الْآمِر أَو البَائِع بالعروض بِأَقَلّ من قيمَة الثّمن لِأَن هَذَا غير الثّمن الَّذِي بَاعه بِهِ
وَلَو بَاعه بحنطة لم يكن لَهُ ثَانِيًا أَن يَشْتَرِيهِ بشعير بِأَقَلّ من ذَلِك وَإِن كَانَ لم يَبِعْهُ بِهِ
وَكَذَلِكَ لَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي بِمَا سوى الْحِنْطَة من الْعرُوض
وَكَذَلِكَ إِذا بَاعه بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهِ بِأَيّ الْعرُوض شَاءَ وَإِن كَانَت أقل من الثّمن
فَأَما الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَلَا يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من الثّمن
فَإِن كَانَ بَاعه بِدَرَاهِم فَلَا يَشْتَرِيهِ بِدَنَانِير أقل من تِلْكَ الدَّرَاهِم أدع الْقيَاس فِي هَذَا وَاسْتحْسن لِأَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فِي هَذَا سَوَاء
وَإِذا بَاعه بِأَلف دِرْهَم نَسِيئَة سنة ثمَّ اشْتَرَاهُ بِأَلف دِرْهَم نَسِيئَة سنتَيْن قبل أَن ينْتَقد كَانَ البيع الثَّانِي بَاطِلا لَا يجوز

(5/205)


من قبل أَنه أَخذه بِأَقَلّ مِمَّا بَاعه حَيْثُ زَاده فِي الْأَجَل سنة وَلَو كَانَ زَاده على الثّمن درهما أَو أَكثر كَانَ البيع جَائِزا
45 - وَإِذا بَاعَ الرجل طَعَاما بِدَرَاهِم فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي بِالثّمن قبل أَن يقبضهُ من المُشْتَرِي مَا بدا لَهُ من الْعرُوض يدا بيد طَعَاما كَانَ أَو غَيره أَكثر من طَعَامه أَو أقل إِذا لم يكن طَعَامه بِعَيْنِه لِأَن هَذَا غير مَا بَاعَ
قَالَ بلغنَا عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة سَأَلتهَا فَقَالَت إِنِّي اشْتريت من زيد بن أَرقم خَادِمًا بثمانمائة دِرْهَم إِلَى أجل ثمَّ بعتها مِنْهُ بسبعمائة دِرْهَم فَقَالَت بئس مَا اشْتريت وَبئسَ مَا شريت أبلغي زيد بن أَرقم أَن الله قد أبطل جهادك إِن لم تتب قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة رَفعه إِلَى عَائِشَة
46 - وَإِذا كَانَ لرجل على رجل دين إِلَى أجل من ثمن بيع فحط عَنهُ على أَن يعجل لَهُ فَلَا خير فِي هَذَا

(5/206)


وَلَا يجوز بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله بن عمر وَيرد المَال على الْمَطْلُوب وَيكون المَال كُله عَلَيْهِ على حَاله إِلَى أَجله
47 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا بنسيئة فَلَيْسَ يَنْبَغِي لمكاتب لَهُ أَن يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من ذَلِك من قبل أَن ينْتَقد الْمولى الثّمن وَكَذَلِكَ أم الْوَلَد وَالْمُدبر وَالْمكَاتب وَالْعَبْد
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ أحد من هَؤُلَاءِ من أمتعتهم لم يكن للْمولى أَن يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من ذَلِك قبل أَن ينتقده
وَلَو بَاعه بِتَأْخِير لم يكن للْمولى أَن يَشْتَرِيهِ بِمثل ذَلِك الثّمن إِلَى أبعد من ذَلِك الْأَجَل فَأَما إِلَى أقل من ذَلِك الْأَجَل أَو إِلَى مثله فَلَا بَأْس بِهِ
48 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا بنسيئة أَو بِنَقْد فَلم ينْتَقد البَائِع الثّمن حَتَّى بَاعَ المُشْتَرِي العَبْد أَو وهبه أَو خرج من ملكه

(5/207)


أَو مَاتَ فأوصى بِهِ فَاشْتَرَاهُ البَائِع من الَّذِي كَانَ لَهُ بِأَقَلّ من ذَلِك كَانَ هَذَا جَائِزا لَا بَأْس بِهِ لِأَنَّهُ قد خرج من ملك الأول
فَلَو مَاتَ الأول وَتَركه مِيرَاثا لم يكن للْبَائِع أَن يَشْتَرِيهِ من الْوَرَثَة بِأَقَلّ مِمَّا بَاعه وَالْوَرَثَة فِي هَذَا بِمَنْزِلَة المُشْتَرِي أَلا ترى أَنهم يردونه عَلَيْهِ بِعَيْب
49 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا نَسِيئَة ثمَّ اشْتَرَاهُ هُوَ وعبدا آخر بِمثل ذَلِك الثّمن أَو أقل قبل أَن ينْتَقد الَّذِي بَاعه فَهَذَا فَاسد يردهُ وَيلْزمهُ الآخر الَّذِي لم يبع بِحِصَّتِهِ من الثّمن
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى العَبْد الَّذِي بَاعه هُوَ وَرجل آخر بِأَقَلّ من ذَلِك الثّمن كَانَت حِصَّة الَّذِي اشْتَرَاهُ مَعَه جَائِزَة وحصته مَرْدُودَة لَا تجوز
وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهُ هُوَ وعبدا آخر بِأَكْثَرَ من ذَلِك الثّمن إِذا كَانَ الَّذِي بَاعه نصِيبه من الثّمن أقل مِمَّا بَاعه فَإِنَّهُ فَاسد

(5/208)


وَيَردهُ خَاصَّة وَيجوز عَلَيْهِ الآخر وَإِذا كَانَ نصِيبه من الثّمن مثل مَا بَاعه فَالْبيع فِيهِ جَائِز
50 - وَإِذا بَاعَ الرجل خَادِمًا بنسيئة سنة فَولدت عِنْد المُشْتَرِي ثمَّ أَرَادَ البَائِع أَن يَشْتَرِيهَا بِأَقَلّ من ذَلِك قبل أَن ينْتَقد فَلَا بَأْس بذلك
وَإِن كَانَت الْولادَة لم تنقصها فَلَا يبتاعها بِأَقَلّ من ذَلِك الثّمن الَّذِي بَاعهَا بِهِ
وَإِذا ولدت الْجَارِيَة عِنْد آخر ثمَّ بَاعهَا وَلم يسم ذَلِك بنسيئة أَو بِنَقْد فَهُوَ جَائِز لَا يفْسد ذَلِك بَيْعه
51 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة من رجل فَولدت عِنْده لأَقل من سِتَّة أشهر من يَوْم اشْتَرَاهَا فادعياه البَائِع وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا مَعًا فَإِنَّهُ يكون ابْن البَائِع وَالْأمة أم وَلَده وَيرد الثّمن
وَكَذَلِكَ إِذا ادَّعَاهُ البَائِع ثمَّ ادَّعَاهُ المُشْتَرِي بعد
وَلَو كَانَ المُشْتَرِي ادَّعَاهُ قبل البَائِع جَازَت دَعْوَاهُ وَكَانَت أم ولد لَهُ وَلَا تجوز دَعْوَى البَائِع بعد

(5/209)


وَكَذَلِكَ لَو ولدت لأكْثر من سِتَّة أشهر فادعياه جَمِيعًا كَانَت الدَّعْوَى دَعْوَى المُشْتَرِي وَلَا تجوز دَعْوَى البَائِع
وَلَو ادَّعَاهُ البَائِع وَلم يَدعه المُشْتَرِي لم تجز دَعْوَاهُ إِذا جَاءَت بِهِ لأكْثر من سِتَّة أشهر مُنْذُ يَوْم بَاعه
وَإِذا كَانَ المُشْتَرِي قد أعتق الْوَلَد وَقد جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر من يَوْم بَاعَ فَإِنَّهُ لَا تجوز دَعْوَى البَائِع لِأَن ولاءه قد ثَبت من المُشْتَرِي
وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ وَبقيت أمه لِأَنَّهُ لم يبْق مَعهَا ولد يثبت نسبه
وَلَو بَاعه وَلم يعْتق وَأعْتق المُشْتَرِي الْأُم ثمَّ ادَّعَاهُ البَائِع وَقد جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر ثَبت نسبه من البَائِع فَأَما الْأُم فَإِنَّهَا لَا تكون أم ولد بعد الْعتْق وَيقسم الثّمن على قيمتهَا وَقِيمَة وَلَدهَا فَيرد البَائِع مَا أصَاب الابْن من الثّمن على المُشْتَرِي إِن كَانَ قد انتقد وَإِن لم يكن انتقد رد المُشْتَرِي على البَائِع مَا أصَاب الْأُم
وَلَو كَانَت قد ولدت عِنْد البَائِع قبل أَن يَبِيع ثمَّ بَاعَ ثمَّ ادّعى الْوَلَد جَازَت دَعْوَاهُ إِذا كَانَ لم يدْخل فِيهِ عتق وَكَذَلِكَ لَو لم يمت وَصَارَت أمه أم ولد
وَلَو لم يُولد عِنْده وَلكنه اشتراهما ثمَّ باعهما ثمَّ ادّعى الْوَلَد فَإِن نسبه لَا يثبت من قبل انه لم يُولد عِنْده

(5/210)


وَلَو اشْتَرَاهَا وَهِي حُبْلَى ثمَّ بَاعهَا فَولدت من الْغَد من يَوْم اشْتَرَاهَا فَادَّعَاهُ البَائِع الْأَوْسَط لم يصدق لِأَن الْحَبل كَانَ أَصله عِنْد البَائِع الأول وَلَو كَانَ ادّعى البَائِع الأول الَّذِي كَانَ عِنْده الْحَبل فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ هُوَ مُصدق وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَلَو ولدت عِنْده وَلدين فِي بطن وَاحِد ثمَّ باعهما أَو بَاعَ أَحدهمَا ثمَّ ادّعى الَّذِي عِنْده لزمَه الْولدَان جَمِيعًا وَصَارَت الْأُم أم ولد لَهُ وَيرد الثّمن
وَإِن كَانَ المُشْتَرِي قد أعتق الْوَلَد الَّذِي عِنْده ثمَّ ادّعى البَائِع الْوَلَد الَّذِي كَانَ عِنْده لزمَه نسبهما جَمِيعًا وَكَانَت دَعْوَاهُ للَّذي عِنْده بِمَنْزِلَة الشَّاهِد وأبطلت عتق المُشْتَرِي
فَإِن أعتق المُشْتَرِي الْأُم قبل ادِّعَاء هَذَا الْوَلَد جَازَ عتقه فِيهَا وَلَا تكون أم ولد البَائِع لِأَنَّهَا لَا ترد إِلَى الرّقّ بعد أبدا

(5/211)


- 10 بَاب بُيُوع أهل الذِّمَّة بَعضهم من بعض
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل من أهل الذِّمَّة العَبْد الْمُسلم من الْمُسلمين فَإِن شِرَاءَهُ جَائِز يلْزمه البيع
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى أمة مسلمة
وَالصَّغِير فِي ذَلِك من الرَّقِيق وَالْكَبِير سَوَاء
وَالْبيع فِي ذَلِك كُله جَائِز لَازم لَهُ
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى من ذمِّي مثله عبدا مُسلما أَو أمة مسلمة
فَإِنِّي أُجِيز البيع وأجبر المُشْتَرِي الَّذِي لزمَه البيع على بيع ذَلِك من الْمُسلمين وَلَا أخلى بَينه وَبَين أَن يكون فِي ملكه
لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يكون فِي ملك أحد من أهل الذِّمَّة عبد مُسلم وَلَا أمة مسلمة صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا إِلَّا أَن يجبروا على بَيْعه من الْمُسلمين
2 - وَإِذا كَانَ للذِّمِّيّ عبد كَافِر أَو أمة كَافِرَة فَأسْلمت أَو أسلم العَبْد فَإِنَّهُ يجْبر على بيعهمَا

(5/213)


3 - وَإِذا كَانَ للذِّمِّيّ عبد وَامْرَأَته أمة قد ولدت مِنْهُ فَأسلم العَبْد وَله مِنْهَا ولد صَغِير فَإِنَّهُ يجْبر على بيع العَبْد مَعَ وَلَده الصَّغِير لِأَنَّهُمَا مسلمان وَإِن كَانَ ذَلِك مِمَّا يفرق بَينه وَبَين أمه للحق الَّذِي لزم فِي ذَلِك
أَلا ترى أَن أمه لَو كَانَ لَهَا ابْن صَغِير فجنى جِنَايَة دفع بهَا وَأَمْسَكت الْأُم
وَلَو لزم الْوَلَد دين بيع فِيهِ وَأَمْسَكت الْأُم لِأَن هَذَا حق لزم فِي الْوَلَد خَاصَّة دون الْأُم كَمَا لزم الْإِسْلَام
4 - وَإِذا كَانَ العَبْد الْكَافِر بَين الْمُسلم وَالْكَافِر فَأسلم العَبْد فَإِن الْكَافِر يجْبر على بيع حِصَّته مِنْهُ
5 - وَلَو أَن عبدا أسلم ومولاه كَافِر فكاتبه مَوْلَاهُ جَازَت مُكَاتبَته فَإِن أَدَّاهَا عتق وَإِن عجز فَرد فِي الرّقّ أجبر الْمولى على بَيْعه

(5/214)


6 - وَلَو أَن العَبْد الْكَافِر أسلم ثمَّ إِن الْكَافِر رَهنه عِنْد مُسلم أَو كَافِر فَإِنَّهُ سَوَاء وَيجْبر الْمولى على البيع فِي ذَلِك وَيكون ثمنه رهنا مَكَانَهُ
وَكَذَلِكَ لَو أجره من مُسلم أَو كَافِر تبطل الْإِجَارَة وَلَا يتْرك فِي ملكه وَلَا يعلق فِيهِ شَيْء من هَذَا
وَلَو كَانَ رَهنه أَو أجره وَهُوَ كَافِر ثمَّ أسلم فِي يَدي الْمُرْتَهن أَو الْمُسْتَأْجر أجبرته على بَيْعه وَلَا أتركه فِي يَدي الْكَافِر وَهُوَ مُسلم
7 - وَلَو دبر الْكَافِر عبدا مُسلما بعد مَا أسلم العَبْد أَو قبل إِسْلَامه أَو كَانَت أمة فَوَقع عَلَيْهَا فَولدت مِنْهُ بعد إسْلَامهَا أَو قبل قومت قيمَة عدل أم ولد أَو مُدبرَة ثمَّ سعت فِي قيمتهَا فَإِذا أدَّت عتقت وَهِي بِمَنْزِلَة الْأمة مَا دَامَت تسْعَى
وَتجب على أم الْوَلَد الْعدة إِذا هِيَ أدَّت وَيكون ولاؤها وَوَلَاء الْمُدبرَة لمولاها الْكَافِر

(5/215)


8 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أسلم العَبْد ثمَّ اخْتَار الْكَافِر إِمْضَاء بيع العَبْد أَو رده فَإِن اخْتَارَهُ أجبرته على بَيْعه وَإِن اخْتَار إِمْضَاء البيع لكَافِر مثله أجبرت ذَلِك الْكَافِر على بَيْعه وَإِن كَانَ أمضى البيع لمُسلم فَهُوَ لَهُ وَلَا يجْبر على بَيْعه
فَإِن كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَرد البيع أجبرت الْكَافِر وَإِن اخْتَارَهُ وَهُوَ مُسلم فَهُوَ لَهُ وَإِن كَانَ كَافِرًا فَهُوَ لَهُ وأجبره على بَيْعه
9 - وَإِذا اشْترى الْكَافِر عبدا مُسلما بيعا فَاسِدا فَقَبضهُ الْكَافِر فَإِنَّهُ يجْبر على رده على البَائِع فَإِن كَانَ البَائِع كَافِرًا أجبر على بَيْعه
وَإِن كَانَ البَائِع غَائِبا وَكَانَ مُسلما فَرفع أَمر المُشْتَرِي

(5/216)


إِلَى القَاضِي فَإِن كَانَ البيع بيعا يجوز فِي مثله البيع أجبرته على بَيْعه
وَلَو أَن مُسلما اشْترى عبدا مُسلما من كَافِر بيعا فَاسِدا أجبر على رده على الْكَافِر وعَلى بَيْعه
وَإِن كَانَ الْكَافِر غَائِبا فَهُوَ لَهُ على حَاله عِنْد الْمُسلم
10 - وَلَو أَن رجلا مُسلما وهب عبدا مُسلما لكَافِر أَو تصدق بِهِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك جَائِزا إِذا قبض وأجبر الْكَافِر على بَيْعه
وَلَو أَرَادَ الْمُسلم أَن يرجع فِي هِبته كَانَ لَهُ ذَلِك مَا لم يبع الْكَافِر أَو يعوض أَو يكون ذَا رحم محرم مِنْهُ أَو تكون الْهِبَة قد ازدادت خيرا
وَلَو أَن كَافِرًا وهب عبدا مُسلما لرجل مُسلم وَقبض ثمَّ رَجَعَ الْكَافِر فِيهِ وَقَبضه كَانَ جَائِزا وأجبر الْكَافِر على بَيْعه

(5/217)


11 - وَلَو أَن رجلا مُسلما تَحْتَهُ امْرَأَة نَصْرَانِيَّة لَهَا مَمْلُوك مُسلم فأجبرت على بَيْعه فباعته من زَوجهَا وَاشْتَرَاهُ زَوجهَا لولد لَهُ صَغِير كَانَ ذَلِك جَائِزا وَلَا يجْبر على بَيْعه
12 - وَإِذا أسلم عبد لنصراني فأجبر القَاضِي على بَيْعه فَبَاعَهُ ثمَّ جَاءَ نَصْرَانِيّ آخر فاستحقه بعد البيع بِبَيِّنَة من الْمُسلمين فَالْبيع مَرْدُود وَيجْبر الَّذِي اسْتَحَقَّه على بَيْعه
فَإِن كَانَ قد أعْتقهُ فعتقه بَاطِل
13 - وَلَو أَن يتامى من النَّصَارَى أسلم عبد لَهُم أجبروا على بَيْعه فَإِن كَانَ لَهُم وَصِيّ بَاعه الْوَصِيّ وَإِن لم يكن لَهُم وَصِيّ جعل لَهُم القَاضِي وَصِيّا فَبَاعَهُ لَهُم
14 - وَإِذا أسلم عبد نَصْرَانِيّ وَلم يَحْتَلِم بعد أَن يتَكَلَّم الْإِسْلَام وَيكون عَاقِلا فَإِن هَذَا إِسْلَام وَيجْبر الْمولى على بَيْعه اسْتحْسنَ هَذَا وادع الْقيَاس فِيهِ
15 - وَإِذا أسلم عبد الْمكَاتب وَهُوَ نَصْرَانِيّ وَهُوَ مكَاتب

(5/218)


أجبر الْمكَاتب النَّصْرَانِي على بَيْعه
16 - وَلَو كَانَ مَوْلَاهُ عبدا نَصْرَانِيّا تَاجِرًا لنصراني أجبرته على بَيْعه
وَلَو كَانَ الْمولى مُسلما وَلَا دين على العَبْد لم أجْبرهُ على بَيْعه
وَإِن كَانَ على العَبْد دين أجبرته على بَيْعه
17 - وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى النَّصْرَانِي عبدا مُسلما فَوجدَ بِهِ عَيْبا فَقَالَ أَنا أرده تركته حَتَّى يردهُ وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة البيع
وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي عبدا مُسلما فَأَرَادَ أَن يُخَاصم بِعَيْب فَوكل وَكيلا يُخَاصم عَنهُ فَإِن الْوَكِيل تقبل مِنْهُ الْخُصُومَة فِي ذَلِك حَتَّى يبلغ الْيَمين بِاللَّه مَا رأى وَلَا رَضِي فَإِذا بلغ ذَلِك لم يسْتَطع أَن يردهُ حَتَّى يَجِيء الْمُوكل الْآمِر فَيحلف

(5/219)


وَإِن كَانَ البَائِع هُوَ الَّذِي وكل فَهُوَ جَائِز من قبل أَن وَكيله لَو أقرّ عَلَيْهِ لجَاز
وَلَو أقرّ وَكيل المُشْتَرِي أَن المُشْتَرِي قد رَضِي بِالْعَيْبِ كَانَ إِقْرَاره عِنْد القَاضِي جَائِزا على المُشْتَرِي
وَإِذا أَبى وَكيل البَائِع أَن يحلف فَأبى أَن يقر فعلى البَائِع أَن يحلف بِاللَّه وَلَيْسَ يحلف الْوَكِيل لقد بَاعه وَمَا هَذَا بِهِ وَلَكِن البَائِع يحلف بِاللَّه لقد بَاعه وَمَا هَذَا بِهِ يَوْم بَاعه يُؤْتِي بِهِ حَتَّى يحلف
18 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي مُصحفا أجبرته على بَيْعه وَكَانَ شِرَاؤُهُ جَائِزا عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ لَو بَاعه كَانَ بَيْعه جَائِزا
19 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي عبدا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَأسلم العَبْد قبل أَن يمْضِي الْخِيَار فَإِن أجَاز البيع فَهُوَ جَائِز وَيجْبر على بَيْعه وَإِن رد البيع وَلم يجْبرهُ فَهُوَ جَائِز

(5/220)


وَكَذَلِكَ لَو كَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ
20 - وَلَا يجوز فِيمَا بَين أهل الذِّمَّة الرِّبَا وَلَا بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ وَلَا يجوز السّلم فِيمَا بَينهم فِي الْحَيَوَان وَلَا الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ يدا بيد وَلَا النَّسِيئَة وَلَا الصّرْف بِالنَّسِيئَةِ وَلَا الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا مثلا بِمثل يدا بيد وَكَذَلِكَ الْفضة وَكَذَلِكَ كل مَا يُكَال أَو يُوزن إِذا كَانَ صنفا وَاحِدًا
هم فِي الْبيُوع كلهَا بِمَنْزِلَة أهل الْإِسْلَام مَا خلا الْخمر وَالْخِنْزِير
وَلَا أُجِيز فِيمَا بَينهم بيع الْميتَة وَالدَّم
فَأَما الْخمر وَالْخِنْزِير فَإِنِّي أُجِيز بيعهَا بَين أهل الذِّمَّة لِأَنَّهَا

(5/221)


أَمْوَال أهل الذِّمَّة اسْتحْسنَ ذَلِك وادع الْقيَاس فِيهِ من قبل الْأَثر الَّذِي جَاءَ فِي نَحْو من ذَلِك عَن عمر
21 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي أَو الرجل من أهل الذِّمَّة الْخمر من الرجل الْمُسلم فَذَلِك بَاطِل لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ الْكَافِر من مُسلم خمرًا لم يجز ذَلِك
وَإِن اسْتهْلك الْمُسلم خمرًا لكَافِر فَعَلَيهِ قيمتهَا
وَإِن اسْتهْلك الْكَافِر خمرًا لمُسلم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
لَا يحل الْخمر لمُسلم وَلَا يحل بيعهَا وَلَا أكل ثمنهَا بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
22 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي خمرًا من نَصْرَانِيّ فَأَسْلمَا جَمِيعًا أَو أَحدهمَا أَيهمَا مَا كَانَ قبل أَن يقبض المُشْتَرِي فَالْبيع فَاسد لَا يجوز لِأَنَّهَا قد صَارَت حَرَامًا على الْمُسلم مِنْهُمَا
وَلَو كَانَ قبضهَا قبل أَن يسلم وَاحِد مِنْهُمَا ثمَّ أسلما أَو أسلم

(5/222)


أَحدهمَا قبل أَن قبض الثّمن كَانَ الثّمن دينا على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ مَاله ويخلل الْخمر إِن كَانَ هُوَ الْمُسلم
23 - وَإِذا أسلم النَّصْرَانِي إِلَى النَّصْرَانِي فِي خمر ثمَّ أسلما جَمِيعًا أَو أسلم أَحدهمَا فَالْبيع بَاطِل وَيرد رَأس مَاله
وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى مِنْهُ خنزيرا فَأسلم قبل أَن يقبض فَالْبيع بَاطِل فَاسد لَا يجوز وَيرد عَلَيْهِ مَا قبض من الثّمن
24 - وَإِذا اشْترى الْمُسلم من الْمُسلم عصيرا ثمَّ صَار خمرًا قبل أَن يقبضهُ فَالْبيع فَاسد لَا يجوز فَإِن صَارَت الْخمر خلا قبل أَن يترافعا إِلَى السُّلْطَان فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ أَخذ الثّمن إِن كَانَ أعطَاهُ لِأَن أصل الشِّرَاء كَانَ عصيرا حَلَالا
وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِي يَشْتَرِي من النَّصْرَانِي خمرًا ثمَّ صَارَت خلا قبل أَن يقبض ثمَّ أسلما فَإِن شَاءَ المُشْتَرِي أَخذهَا وَأعْطى الثّمن

(5/223)


وَلَو أَن الْمُسلم حَيْثُ صَار الْعصير خمرًا خَاصم فِيهَا أبطل القَاضِي البيع فَإِن صَارَت خلا بعد ذَلِك فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا من قبل أَن القَاضِي قد نقض البيع
25 - وَإِذا أقْرض النَّصْرَانِي من النَّصْرَانِي خمرًا ثمَّ أسلم الْمقْرض فَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو أسلما جَمِيعًا لِأَنَّهَا الْخمر بِعَينهَا
وَلَو لم يسلم الْمقْرض وَأسلم الْمُسْتَقْرض فَأَيّهمَا مَا أسلم فَلَا شَيْء لَهُ على الْمُسْتَقْرض وَهَذَا قَول أبي يُوسُف رَوَاهُ عَن أبي حنيفَة
وفيهَا قَول آخر قَول مُحَمَّد فَإِن أسلم الْمُسْتَقْرض أَو أسلما جَمِيعًا إِلَّا أَن الْمُسْتَقْرض لَو بَدَأَ بِالْإِسْلَامِ فقيمتها دين عَلَيْهِ لِأَنَّهَا قد كَانَت لَازِمَة لَهُ فَلَا يقدر على إِبْطَالهَا عَنهُ وَهَذَا قَول زفر وعافية الَّذِي روى عَن أبي حنيفَة

(5/224)


26 - وَلَو اسْتهْلك نَصْرَانِيّ لنصراني خمرًا أَو خنزيرا ثمَّ أسلم الْمُسْتَهْلك كَانَ عَلَيْهِ الْقيمَة فِي الْخِنْزِير فِي قَول أبي يُوسُف الَّذِي روى عَن أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد على مَا وصفت لَك إِذا أسلم الْمُسْتَهْلك لَهَا فَعَلَيهِ قيمتهَا وَإِن أسلم الَّذِي هِيَ لَهُ أبطلت عَن الْمُسْتَهْلك
وَلَو أسلم الطَّالِب وَلم يسلم الْمَطْلُوب كَانَ عَلَيْهِ قيمَة الْخِنْزِير وَكَانَت الْخمر بَاطِلا لِأَن على الْمَطْلُوب خمرًا مثلهَا كَيْلا فَلَا يُعْطي الطَّالِب وَهُوَ مُسلم خمرًا وَقِيمَة الْخِنْزِير قد وَجَبت عَلَيْهِ لَهُ قبل أَن يتَكَلَّم وَإِن الْخمر إِنَّمَا يكون لَهُ خمر مثلهَا فَإِن أسلم فَهِيَ بَاطِل لَا يقْضِي بهَا لَهُ فِي القَوْل الأول وَهُوَ قَول أبي يُوسُف
27 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي من النَّصْرَانِي خمرًا أَو خنزيرا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أسلم المُشْتَرِي قبل أَن يخْتَار وَقد قبض كَانَ البيع بَاطِلا فِي قَول أبي حنيفَة من قبل أَنه لم يجب البيع

(5/225)


أَلا ترى أَنه لَو اشْترى أَبَاهُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيهِ لم يعْتق فِي قَول أبي حنيفَة وَيعتق فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَيجوز البيع فِي الْخمر على المُشْتَرِي إِذا كَانَ قد قبض ثمَّ أسلم وَهُوَ بِالْخِيَارِ وَيبْطل الْخِيَار فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
28 - وَلَو كَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ ثمَّ أسلما جَمِيعًا أَو اسْلَمْ البَائِع وَهُوَ بِالْخِيَارِ كَانَ البيع بَاطِلا لَا يجوز
وَإِن أسلم المُشْتَرِي وَقد قبض الْخمر وَالْخيَار للْبَائِع لم يفْسد البيع لِأَن البيع قد تمّ من قبل المُشْتَرِي
أَلا ترى أَن المُشْتَرِي لَو مَاتَ لم ينْتَقض البيع بِمَوْتِهِ وَكَانَ البيع على حَاله وَكَانَ البَائِع على خِيَاره وَكَذَلِكَ إِسْلَامه لَا ينْقض شَيْئا من البيع
29 - وَإِذا ارْتهن النَّصْرَانِي من النَّصْرَانِي خمرًا بدين لَهُ أَو خنزيرا فَهُوَ جَائِز
فَإِن أسلم الْمُرْتَهن بَطل الرَّهْن وَكَانَ دينه على حَاله كَمَا هُوَ

(5/226)


فَإِن هلك الرَّهْن فِي يَدَيْهِ فَهُوَ على حَاله كَمَا كَانَ رهنا حَتَّى يردهُ إِلَى صَاحبه
وَلَو كَانَ الرَّاهِن هُوَ الَّذِي أسلم بَطل ذَلِك كُله
فَإِن هلك الرَّهْن لم ينْقض من حق الْمُرْتَهن شَيْئا
30 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي خمرًا لمُسلم بأَمْره من نَصْرَانِيّ فَهُوَ جَائِز لِأَن النَّصْرَانِي هُوَ الَّذِي اشْتَرَاهُ ويخللها الْمُسلم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز البيع على الْمُسلم وَهِي لَازِمَة لِلنَّصْرَانِيِّ
فَإِن اشْترى الْمُسلم خمرًا لنصراني من نَصْرَانِيّ كَانَ بَاطِلا لَا يجوز لِأَن الْمُسلم هُوَ الَّذِي ولى عقدَة البيع
وَلَو بَاعَ نَصْرَانِيّ خمرًا لمُسلم من نَصْرَانِيّ كَانَ جَائِزا لِأَن النَّصْرَانِي هُوَ الَّذِي ولى عقدَة البيع فِي قَول أبي حنيفَة

(5/227)


31 - وَقَالَ وَلَو كَانَ العَبْد نَصْرَانِيّا ومولاه مُسلم فَاشْترى العَبْد خنزيرا أَو بَاعه كَانَ البيع جَائِزا
وَكَذَلِكَ الْمكَاتب النَّصْرَانِي إِن كَانَ مَوْلَاهُ مُسلما
وَكَذَلِكَ الْمُدبر والمدبرة وَأم الْوَلَد النَّصْرَانِيَّة إِن كَانَ مواليهم مُسلمين
وَإِذا كَانَ العَبْد مُسلما أَو الْمكَاتب أَو الْمُدبر أَو أم الْوَلَد فَاشْترى أحد مِنْهُم خمرًا أَو بَاعهَا من نَصْرَانِيّ فَلَا يجوز وَإِن كَانَ الْمولى نَصْرَانِيّا لِأَن الْمُسلم هُوَ الَّذِي ولى عقدَة البيع
32 - وَإِذا كَانَ لأحد من أهل الذِّمَّة عَبْدَانِ أَخَوان فلست أكره لَهُم التَّفْرِيق لِأَن مَا فِيهِ أهل الذِّمَّة من الشّرك أعظم مِمَّا يدْخل عَلَيْهِم من التَّفْرِيق

(5/228)


- 11 بَاب بُيُوع ذَوي الْأَرْحَام
-
1 - قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَيْسَ يَنْبَغِي للرجل أَن يفرق بَين الْجَارِيَة وَبَين وَلَدهَا فِي البيع إِذا كَانُوا صغَارًا
وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم مِنْهُ
وَكَذَلِكَ الأخوان
قَالَ وبلغنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فِي الْأَخَوَيْنِ
وَالْكَافِر فِي ذَلِك وَالْمُسلم عندنَا سَوَاء
وَإِن كَانُوا رجَالًا أَو نسَاء أَو غلمانا قد احتلموا أَو جواري قد حضن فَلَا بَأْس بِأَن يفرق بَين هَؤُلَاءِ

(5/229)


2 - وَلَو كَانَ عبد لرجل وَذُو رحم محرم من العَبْد عبد صَغِير لِابْنِ الرجل وَهُوَ صَغِير فِي عِيَاله فَأَرَادَ الرجل أَن يَبِيع وَاحِدًا مِنْهُمَا وَيفرق بَينهمَا كَانَ ذَلِك جَائِزا
3 - وَلَو اشتراهما جَمِيعًا فَوجدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبا كَانَ لَهُ أَن يردهُ ويمسك الآخر الْبَاقِي مِنْهُمَا
4 - وَلَو جنى أَحدهمَا جِنَايَة كَانَ لَهُ أَن يدْفع أَحدهمَا ويمسك الآخر
5 - وَلَو لحق أَحدهمَا دين كَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ فِي الدّين ويمسك الآخر
6 - وَلَو كَانَ لَهُ من كل وَاحِد مِنْهُمَا شقص لم أكره لَهُ أَن يَبِيع شقصه فِي أَحدهمَا دون الآخر

(5/230)


7 - وَلَو كَانَا مملوكين كِلَاهُمَا جَمِيعًا لَهُ فَبَاعَ أَحدهمَا وَفرق بَينهمَا كَانَ مسيئا وَكَانَ ذَلِك جَائِزا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف أبطل البيع فِي الْوَلَد خَاصَّة إِذا بيع وَهُوَ صَغِير أَو بيع وَالِده وَلَا أبْطلهُ فِي الْأَخَوَيْنِ
8 - وَلَو دبر أَحدهمَا أَو كَاتب أم ولد لَهُ لم أكره لَهُ أَن يَبِيع الآخر قبل ذَلِك
9 - وَلَا بَأْس بِأَن يُكَاتب أَحدهمَا دون الآخر
وَكَذَلِكَ الْعتْق
10 - وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع أَحدهمَا نسمَة لِلْعِتْقِ ويمسك الآخر

(5/231)


11 - وَلَو كَانَ فِي غير ملكه وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي ملك بعض وَلَده وَولده صغَار فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِدة لِأَنَّهُ لم يملكهما إِنْسَان وَاحِد
وَلَو كَانَ أَحدهمَا لِابْنِ لَهُ كَبِير لم يكن بَأْس بِالتَّفْرِيقِ أَيْضا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَحدهمَا لَهُ وَالْآخر لزوجته من قبل أَنه لَا يقدر على بيع الَّذِي لزوجته وَلَا الَّذِي لوَلَده الْكَبِير
12 - وَلَو كَانَ أَحدهمَا لَهُ وَالْآخر لمكاتب لَهُ أَو لعبد لَهُ مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَعَلِيهِ دين للنَّاس لم يكن بِالتَّفْرِيقِ بَأْس لِأَنَّهُ لَا يملك بيع عبد مكَاتبه وَلَا بيع عبد لعبد لَهُ عَلَيْهِ يدن
وَلَو كَانَ عَبده لَيْسَ عَلَيْهِ دين لم يكن لَهُ أَن يفرق بَينهمَا لِأَن مَال عَبده لَهُ

(5/232)


13 - وَإِذا كَانَ أَحدهمَا للْمُضَارب لَهُ فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع الْمضَارب مَا كَانَ عِنْده من ذَلِك
14 - وَإِن كَانَ عِنْده اخوان جَمِيعًا فَلَا يفرق بَينهمَا
15 - وَإِذا كَانَت عِنْده أمة فَبَاعَهَا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ اشْترى إبنا لَهَا لم تَرَ لَهُ أَن يُوجب البيع فِي أمته تِلْكَ وكرهت لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ قد ملكهمَا جَمِيعًا
وَلَو كَانَ المُشْتَرِي هُوَ الَّذِي كَانَ بِالْخِيَارِ لم يكن بذلك بَأْس أَن يستوجبها
وَلَو كَانَ عِنْده ابْن لَهَا فَاخْتَارَ ردهَا لم يكن بذلك بَأْس أَلا ترى أَنه يردهَا بِعَيْب لَو كَانَ بهَا وَلَا يكون بِهِ بذلك بَأْس

(5/233)


16 - وَإِذا كَانَ فِي ملك الْمكَاتب ذُو رحم محرم أَو كَانَ ذَلِك فِي ملك العَبْد التَّاجِر وَعَلِيهِ دين أَو لَيْسَ عَلَيْهِ دين فَإِنِّي أكره لَهُ من ذَلِك مَا أكره للْحرّ الْمُسلم
17 - وَإِذا كَانَ فِي ملك الْحر الْمُسلم ذُو محرم من الرضَاعَة أَو ذُو محرم من غير النّسَب فَلَا بَأْس بِأَن يفرق بَين أُولَئِكَ قَالَ بلغنَا عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رجلا سَأَلَهُ فَقَالَ أبيع جَارِيَة لي قد أرضعت وَلَدي فَقَالَ ابْن مَسْعُود قل من يَشْتَرِي أم وَلَدي
18 - وَإِذا كَانَ عِنْد الرجل عبد لَهُ وَامْرَأَته أمة لَهُ وهما جَمِيعًا لَهُ فَلَا بَأْس بِأَن يفرق بَينهمَا يَبِيع أَحدهمَا ويمسك الآخر
وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذي يَبِيع الرَّحِم الْمحرم
19 - وَلَو كَانَ للْمُسلمِ رَقِيق من أهل الْكفْر من السَّبي أَو الْغَنِيمَة أَو اشتراهم من أهل الذِّمَّة وَهُوَ ذُو رحم محرم كرهت لَهُ أَن يفرق بَينهم كَمَا أكره لَهُ أَن يفرق بَين الْمُسلمين

(5/234)


20 - وَلَا يَنْبَغِي أَن يفرق بَينهم بِهِبَة أَو صَدَقَة وَلَا وَصِيَّة وَلَا يَبِيع أحدا مِنْهُم لِابْنِ لَهُ وَهُوَ صَغِير فِي عِيَاله لِأَن هَذَا تَفْرِيق كُله
21 - وَإِذا دخل الرجل الْحَرْبِيّ بغلامين أَخَوَيْنِ صغيرين دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَأَرَادَ بيع أَحدهمَا فَلَا بَأْس بِشِرَائِهِ وَإِن كَانَ يفرق بَينهمَا لِأَنِّي لَو لم أشتره مِنْهُ أَعَادَهُ فَادْخُلْهُ دَار الْحَرْب فَصَارَ حَرْبِيّا
وَلكنه لَو اشْترى أَخَوَيْنِ فِي دَار الْإِسْلَام كرهت لمُسلم لِأَن يَشْتَرِي أَحدهمَا وأجبره السُّلْطَان على بيعهمَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ اشتراهما فِي دَار الْإِسْلَام من أهل الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ لَو اشتراهما من أهل الذِّمَّة
وَلَو اشتراهما فِي دَار الْإِسْلَام من حَرْبِيّ مستأمن لم يجْبر على بيعهمَا وللمسلم أَن يَشْتَرِي أَحدهمَا دون الآخر

(5/235)


- 12 بَاب الْأمة الْحَامِل إِذا بِيعَتْ
-
1 - وَإِذا بَاعَ الرجل أمة من رجل فقبضها أَو لم يقبضهَا حَتَّى ولدت ولدا فادعياه جَمِيعًا فَإِنَّهُ ينظر فَإِن كَانَت جَاءَت بِالْوَلَدِ لأَقل من سِتَّة أشهر من يَوْم وَقع البيع فَهُوَ من البَائِع وَهِي أم ولد لَهُ وَيرد الثّمن إِن كَانَ انتقد المُشْتَرِي
فَإِن جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر بعد عقدَة البيع أَو أَكثر فَإِنَّهُ ولد المُشْتَرِي وَهِي أم ولد لَهُ
2 - وَإِن ولدت وَلدين أَحدهمَا لأَقل من سِتَّة أشهر وَالْآخر لأكْثر من سِتَّة أشهر بِيَوْم فادعاهما جَمِيعًا البَائِع وَالْمُشْتَرِي ردا البيع وَهِي أم ولد للْبَائِع
فَإِن لم يدعهما المُشْتَرِي وَلَا البَائِع حَتَّى أعتق المُشْتَرِي الْأُم ثمَّ ادّعى البَائِع الْوَلَد وَقد جَاءَت بِهِ لأكْثر من سِتَّة أشهر

(5/237)


فَلَا يصدق على ذَلِك وَلَو لم يكن أعتق الْأُم المُشْتَرِي لم يصدق أَيْضا
فَإِن كَانَت جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر وَقد أعتق الْأُم فَإِن نسب الْوَلَد يثبت وَيكون الْوَلَد إبنا للْبَائِع وَلَا يصدق على الْأُم انها حرَّة وَقد وَجب ولاؤها لغيره وَحرم فرجهَا إِلَّا بِنِكَاح فَلَا أردهَا أمة رَقِيقا تُوطأ بِغَيْر نِكَاح وَإِن كَانَ البَائِع انتقد الثّمن قسم الثّمن على قيمَة الْوَلَد وَالأُم فَيرد على المُشْتَرِي مَا أصَاب الْوَلَد ويمسك مَا أصَاب الْأُم
3 - وَإِذا بَاعَ الرجل أمة حَامِلا فَولدت عِنْد المُشْتَرِي بعد البيع لشهر فَأعتق المُشْتَرِي الْوَلَد أَو أعتقهما جَمِيعًا ثمَّ ادّعى البَائِع الْوَلَد فَإِن دَعوته لَا تجوز وَلَا يصدق من قبل الْوَلَاء

(5/238)


الَّذِي يثبت للْمُشْتَرِي بِالْوَلَدِ وَلَو كَانَت الْجَارِيَة لم تعْتق بعد لم ترجع إِلَيْهِ أَيْضا من قبل أَن وَلَدهَا لم يثبت نسبه مِنْهُ لِأَنَّهُ أعتق
وَكَذَلِكَ لَو لم يعْتق وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَكِن الْوَلَد مَاتَ ثمَّ ادَّعَاهُ البَائِع فَإِن دَعْوَاهُ بَاطِلَة من قبل أَنه لَا يثبت نسبه من بعد الْمَوْت
وَلَو كَانَ للْوَلَد ولد حَيّ ثمَّ ادّعى البَائِع الْوَلَد لم أجز لَهُ ذَلِك وَلم أجعَل الْجَارِيَة أم ولد لَهُ وَلم أردهَا عَلَيْهِ وَلَا يشبه هَذَا ولد الْمُلَاعنَة لِأَن هَذَا مَاتَ عبدا فَلَا يصير حرا بعد الْمَوْت وَلِأَنَّهُ لَا يثبت نسب الْوَلَد بعد

(5/239)


الْمَوْت فَإِذا مَاتَ الْوَلَد وَترك ولدا لم يصدق على الدعْوَة وَولد الْمُلَاعنَة قد كَانَ نسبه ثَابتا أبْطلهُ اللّعان فَإِذا مَاتَ ابْن الْمُلَاعنَة وَترك ولدا ثمَّ ادَّعَاهُ الزَّوْج فَهُوَ ثَابت النّسَب مِنْهُ أَلا ترى أَن الرجل لَو لَاعن امْرَأَته بِولد وَلم يكن دخل بِالْأُمِّ أَنه لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يطَأ وَلَدهَا وَلَو مَاتَ قبل الْمُلَاعنَة ثَبت نسبه مِنْهُ
4 - وَإِذا بَاعَ الرجل أمة فَولدت بعد البيع لأكْثر من سِتَّة أشهر فَادَّعَاهُ البَائِع وَصدقه المُشْتَرِي فَإِنَّهُ يصدق وَهُوَ ابْنه وَهِي أم ولد لَهُ وَيرد الثّمن إِن كَانَ قد قبض مِنْهُ
وَلَو لم يصدقهُ المُشْتَرِي لم يثبت النّسَب وَلم يصدق
5 - وَإِذا بَاعَ الرجل أمة حَامِلا ثمَّ بَاعهَا المُشْتَرِي من رجل آخر حَتَّى تناسخها رجال ثمَّ ولدت لأَقل من سِتَّة أشهر من البيع الأول فَادعوهُ جَمِيعًا مَعًا فَإِنَّهُ للْأولِ وَهِي أم ولد لَهُ ويترادان البيع
6 - وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ عبدا قد ولد عِنْده ثمَّ ادَّعَاهُ فَإِنَّهُ

(5/240)


يصدق وَعَلِيهِ أَن يرد الثّمن على المُشْتَرِي
7 - وَإِذا كَانَ فِي يَدي الرجل صبي لَا ينْطق ولد عِنْده فَزعم أَنه عَبده ثمَّ أعْتقهُ ثمَّ زعم أَنه ابْنه فَإِنِّي أستحسن فِي هَذَا أَن أجعله ابْنه وأدع الْقيَاس فِيهِ
وَلَو كَانَ عبدا كَبِيرا أعْتقهُ ثمَّ ادَّعَاهُ وَمثله يُولد لمثله لم أجز دَعوته إِلَّا أَن يصدقهُ
وهما فِي الْقيَاس سَوَاء
8 - كَمَا أَنِّي أستحسن فِي الْمُدبرَة بَين اثْنَيْنِ إِذا جَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ أَحدهمَا أثبت نسبه مِنْهُ وَضمن نصف قِيمَته لشَرِيكه إِن كَانَ مُوسِرًا وَالْوَلَاء لَهُ ولشريكه
وَلَو كَانَ عبدا كَبِيرا دبره هُوَ وشريكه ثمَّ ادَّعَاهُ أَحدهمَا أعتقت حِصَّته مِنْهُ وَضمن لشَرِيكه نصف قِيمَته مُدبرا

(5/241)


وَأثبت نسبه إِن كَانَ مثله يُولد لمثله بعد أَن لَا يكون لَهُ نسب مَعْرُوف وَالْوَلَاء بَينهمَا على حَاله أستحسن هَذَا وأدع الْقيَاس فِيهِ
9 - وَإِذا ولدت الْأمة وَلدين فِي بطن وَاحِد فَبَاعَ الْمولى أَحدهمَا وَبَاعَ الْأُم ثمَّ إِن المُشْتَرِي ادّعى الَّذِي اشْتَرَاهُ فَإِن نسبه يثبت مِنْهُ وَتَكون الْأمة أم ولد لَهُ وَيثبت نسب الْوَلَد الَّذِي عِنْد البَائِع مِنْهُ وَهُوَ عبد للْبَائِع
وَإِن لم يدع المُشْتَرِي الْوَلَد وَلكنه أعتق الْوَلَد الَّذِي اشْتَرَاهُ أَو أعتق أمته ثمَّ إِن البَائِع ادّعى الْوَلَد الَّذِي عِنْده فَإِن نسبه يثبت وَيثبت نسب الآخر وَيرد حِصَّة الابْن من الثّمن إِن كَانَ قد انتقد أما الْأُم فعتقها نَافِذ لَا ترجع أم ولد فَتكون رَقِيقا يسْتَحل فرجهَا بِغَيْر نِكَاح بعد أَن حرم
وَإِذا لم يدع البَائِع وَلم يعْتق المُشْتَرِي ثمَّ إنَّهُمَا جَمِيعًا ادّعَيَا

(5/242)


الْوَلَد فَإِنَّهُ يثبت نسبه من البَائِع من قبل أَنه للْأولِ وَالْجَارِيَة أم ولد لَهُ وَيرد الثّمن إِن كَانَ قد انتقده
10 - وَإِذا بَاعَ الرجل أمة حَامِلا فخاف المُشْتَرِي أَن يَدعِي البَائِع حبلها فَأَرَادَ أَن يتحرز مِنْهُ ويستوثق حَتَّى لَا تجوز دَعوته فَإِنَّهُ يشْهد عَلَيْهِ أَن هَذَا الْحَبل من عبد لَهُ كَانَ زوجا للْأمة فَإِذا أقرّ بِهَذَا لم يسْتَطع أَن يَدعِيهِ أبدا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد انه يَسْتَطِيع أَن يَدعِيهِ إِذا أنكر العَبْد ذَلِك الْوَلَد أَلا ترى أَن قَول الْمولى لَا يجوز على العَبْد إِذا أنكر فَلَا يكون ابْنا للْعَبد وَالْولد هَهُنَا لم يثبت نسبه من أَحدهمَا
11 - وَإِذا كَانَت الْأمة بَين اثْنَيْنِ فَبَاعَهَا أَحدهمَا من صَاحبه ثمَّ ادّعى البَائِع الْوَلَد وَقد ولدت لأَقل من سِتَّة أشهر فَإِنِّي أُجِيز دَعوته وأجعلها أم ولد لَهُ وَيرد مَا أَخذ من الثّمن من المُشْتَرِي وَيرد نصف الْعقر وَنصف الْقيمَة على شَرِيكه

(5/243)


وَلَو أَنَّهُمَا ادعياه جَمِيعًا ثَبت نسبه مِنْهُمَا وَكَانَ ابنهما ويرثهما ويرثانه وَيرد البَائِع مَا أَخذ من الثّمن
فَإِن ادَّعَاهُ البَائِع وَأعْتق المُشْتَرِي وَخرج الْكَلَام مِنْهُمَا جَمِيعًا مَعًا صَار الْغُلَام حرا وَهُوَ ابْن البَائِع وَيرد الثّمن على المُشْتَرِي وَهُوَ ضَامِن لنصف الْعقر ولنصف قيمَة الْأُم وَالْعِتْق فِيهِ بَاطِل من قبل أَن الْوَلَد شَاهد وَقد كَانَ قبل الْكَلَام مِنْهُمَا فِيهِ
وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الْأُم بَينهمَا على حَالهَا لم يبعها أحد من صَاحبه
12 - وَإِذا كَانَت الْأمة بَين اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا من رجل وَهِي حَامِل فَادّعى المُشْتَرِي الْحَبل وادعاه البَائِع وَالَّذِي لم يبع فَادعوهُ جَمِيعًا مَعًا فَإِن نسبه يثبت إِذا كَانَت وَضعته لأَقل

(5/244)


من سِتَّة أشهر بعد البيع من البَائِع وَالَّذِي لم يبع وَلَا يثبت نسبه من المُشْتَرِي وَيَأْخُذ المُشْتَرِي مَا نقد من الثّمن وَيرد على الَّذِي لم يبع نصف الْعقر بِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ
فَإِن جَاءَت بِهِ لأكْثر من سِتَّة أشهر بعد البيع ثَبت نسبه من المُشْتَرِي وَمن الَّذِي لم يبع وَكَانَ ابنهما وَكَانَت أم ولدهما وَلَا يثبت نسبه من البَائِع وعَلى البَائِع نصف الْعقر للَّذي لم يبع

(5/245)


- 13 بَاب الِاسْتِبْرَاء فِي الْبيُوع وَغَيرهَا
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يقربهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة قَالَ بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَعَن عبد الله بن عمر
2 - وَكَذَلِكَ إِذا اشْتَرَاهَا من امْرَأَة أَو من عبد أَو من مكَاتب أَو من صبي بَاعهَا لَهُ أَبوهُ أَو وَصِيَّة فَإِنَّهُ فِي ذَلِك سَوَاء لَا يقربهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
3 - وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن لَا يقبلهَا وَلَا يُبَاشِرهَا وَلَا ينظر مِنْهَا إِلَى عَورَة
4 - وَإِذا كَانَت لَا تحيض لصِغَر أَو كبر استبرأها بِشَهْر

(5/247)


5 - وَإِن كَانَت حَامِلا فَلَيْسَ لَهُ أَن يقربهَا حَتَّى تضع
فَإِن ارْتَفع حَيْضهَا وَهِي مِمَّن تحيض تَركهَا حَتَّى إِذا استبان لَهُ أَنَّهَا لَيست بحامل وَقع عَلَيْهَا
6 - وَإِذا أصَاب الرجل الْجَارِيَة من السَّبي فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يقربهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت حَامِلا فَلَيْسَ لَهُ أَن يقربهَا حَتَّى تضع حملهَا بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
7 - فَإِن اشْتَرَاهَا من الْفَيْء أَو وَقعت فِي سَهْمه فَهُوَ سَوَاء
8 - وَكَذَلِكَ إِذا وهب الرجل جَارِيَة أَو تصدق بهَا عَلَيْهِ أَو أوصى بهَا لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَة الشِّرَاء لَا يقربهَا حَتَّى تحيض بِحَيْضَة

(5/248)


وَكَذَلِكَ لَو ورثهَا
9 - وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ فِي جَارِيَة شقص فَاشْترى بقيتها أَو ورثهَا بِبَعْض مَا ذكرت من الْوُجُوه
10 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة وَهِي حَائِض فَإِنَّهُ لَا يحْتَسب بِتِلْكَ الْحَيْضَة حَتَّى تحيض عِنْده حَيْضَة مُسْتَقْبلَة
11 - وَإِذا اشْترى الرجل الْجَارِيَة فَلم يقبضهَا حَتَّى حَاضَت عِنْد البَائِع فَإِنَّهُ لَا يحْتَسب بِتِلْكَ الْحَيْضَة وَلَا يجْزِيه حَتَّى تحيض عِنْده حَيْضَة بعد مَا يقبضهَا
12 - وَإِذا وضعاها على يَدي الْعدْل حَتَّى ينْقد الثّمن فَحَاضَت عِنْد الْعدْل فَلَا يجْزِيه بِتِلْكَ الْحَيْضَة حَتَّى تحيض بعد مَا يقبضهَا المُشْتَرِي حَيْضَة عِنْده

(5/249)


13 - وَلَو بَاعَ رجل جَارِيَة فَلم يقبضهَا المُشْتَرِي حَتَّى تَاركه البَائِع البيع وناقضه كَانَ يَنْبَغِي فِي قِيَاس هَذَا القَوْل أَن لَا يقربهَا البَائِع الأول حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس فِي هَذَا الْبَاب ونأخذ فِيهِ بالاستحسان وَلَا يحمل عَلَيْهِ اسْتِبْرَاء
14 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة فاستبرأها بِعشْرين يَوْمًا ثمَّ حَاضَت انتقضت الْأَيَّام وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِهَذِهِ الْحَيْضَة
15 - وَإِذا حَاضَت عِنْد المُشْتَرِي حَيْضَة ثمَّ وجد بهَا عَيْبا فَردهَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي للْبَائِع الَّذِي ردَّتْ عَلَيْهِ أَن لَا يقربهَا حَتَّى تحيض عِنْده حَيْضَة
وَكَذَلِكَ لَو استقاله البَائِع فأقاله بعد مَا قبض المُشْتَرِي
16 - وَإِذا رهن الرجل الْجَارِيَة ثمَّ افتكها أَو كاتبها ثمَّ عجزت فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا لِأَن هَذَا لم يملك رقبَتهَا عَلَيْهِ غَيره

(5/250)


وَكَذَلِكَ لَو غصبهَا إِيَّاه رجل
17 - وَلَو بَاعَ مِنْهَا شِقْصا وَقَبضهَا المُشْتَرِي ثمَّ اشْتَرَاهَا البَائِع بعد كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا
18 - وَلَو وَهبهَا لِابْنِ لَهُ صَغِير أَو لابنته وهما فِي عِيَاله ثمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُم كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة من قبل أَن يَطَأهَا لِأَنَّهُ ملك رقبَتهَا غَيره
19 - وَلَو بَاعهَا على أَنه بِالْخِيَارِ ثمَّ اخْتَار الْجَارِيَة لم يكن عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا
20 - وَإِذا كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَقَبضهَا ثمَّ ردهَا المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِن فِي هَذَا قَوْلَيْنِ أما أَحدهمَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا لِأَنَّهَا لم تجب للْمُشْتَرِي بعد وَهُوَ فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بِأَن عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة لِأَنَّهَا قد وَجَبت للْمُشْتَرِي

(5/251)


21 - وَإِذا بَاعَ الرجل الْجَارِيَة بيعا فَاسِدا وَقَبضهَا المُشْتَرِي ثمَّ ردهَا القَاضِي بعد ذَلِك بِالْبيعِ الْفَاسِد فعلى البَائِع أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
22 - وَإِذا غصب الرجل الْجَارِيَة فَبَاعَهَا من رجل آخر فقبضها المُشْتَرِي فَوَطِئَهَا ثمَّ خَاصم مَوْلَاهَا الأول فِيهَا فَقضى القَاضِي بهَا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يَسْتَبْرِئهَا فِي الْقيَاس وَلَكِن ادْع الْقيَاس وَاجعَل عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة من قبل أَنَّهَا قد حلت للْمُشْتَرِي حَيْثُ اشْتَرَاهَا
وَلَو كَانَ يعلم المُشْتَرِي أَنَّهَا لهَذَا لم يطَأ لم يكن على هَذَا أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة بِشَيْء لِأَنَّهَا لم تحل للْأولِ وَلِأَن الْوَلَد إِذا علم المُشْتَرِي لم يثبت نسبه وَفِي الأول قد ثَبت نسبه فعلى مَوْلَاهَا الِاسْتِبْرَاء من قبل هَذَا
وَإِن لم يطَأ الْجَارِيَة فِي الْمَسْأَلَة الأولى فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاء
23 - وَلَو زَوجهَا الْمولى فَمَاتَ عَنْهَا الزَّوْج قبل أَن يدْخل بهَا أَو بعد مَا دخل بهَا لم يكن للْمولى أَن يقربهَا حَتَّى تَعْتَد عدَّة المتوفي عَنْهَا زَوجهَا
وَلَو طَلقهَا الزَّوْج بعد الدُّخُول لم يكن للْمولى أَن يقربهَا

(5/252)


حَتَّى تَعْتَد وتنقضي عدتهَا
وَلَو لم يدْخل بهَا الزَّوْج حَتَّى طَلقهَا كَانَ للْمولى أَن يقربهَا بعد مَا يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
وَلَو تزوجت بِغَيْر إِذن مَوْلَاهَا وأخبرت الزَّوْج أَنَّهَا حرَّة أَو لم تخبره وَفرق بَينهمَا قبل الدُّخُول بهَا فَلَيْسَ على الْمولى أَن يَسْتَبْرِئهَا فَإِن فرق بَينهمَا بعد الدُّخُول فَلَيْسَ للْمولى أَن يقربهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا
24 - وَإِذا وطئ الرجل الْجَارِيَة لبَعض وَلَده فَلم تعلق مِنْهُ ثمَّ بدا لَهُ فاشتراها من وَلَده ذَلِك فَعَلَيهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
وَكَذَلِكَ الْوَلَد إِذا اشْترى من أمه أَو من أَبِيه
وَكَذَلِكَ إِن اشْترى من مكَاتبه فَعَلَيهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
25 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة من عبد لَهُ تَاجر فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا لِأَنَّهَا أمته

(5/253)


فَإِن كَانَ على العَبْد دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ وَبِمَا فِي يَدَيْهِ فَهُوَ فِي الْقيَاس سَوَاء من قبل أَنه لم يكن يملكهَا غَيره وَلَكِن ادْع الْقيَاس وَاجعَل عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَلَا اسْتِبْرَاء على مولى العَبْد إِذا كَانَت قد حَاضَت عِنْد العَبْد مُنْذُ اشْتَرَاهَا حَيْضَة لِأَن الْمولى يملكهَا وَإِن كَانَ على عَبده دين
26 - وَإِذا وهب الرجل أمة لرجل وَقَبضهَا الْمَوْهُوب ثمَّ رَجَعَ فِيهَا الْوَاهِب وَقَبضهَا فَلَا يقربهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
27 - وَإِذا ورث الرجل أمة أَو أوصى بهَا لَهُ أَو دفعت اليه بِجِنَايَة أَو بدين كَانَ لَهُ فِي عُنُقهَا فَلَا يقربهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة
28 - وَإِذا أسر الْعَدو أمة لرجل ثمَّ أَصَابَهَا مَعَ رجل قد اشْتَرَاهَا أَو فِي الْمغنم بعد الْقِسْمَة فَأَخذهَا بِالْقيمَةِ أَو بِالثّمن فَلَيْسَ لَهُ أَن يقربهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة

(5/254)


وَكَذَلِكَ لَو أَصَابَهَا قبل أَن يقسم فَأَخذهَا بِغَيْر شَيْء لِأَنَّهُ قد ملكهَا الْعَدو عَلَيْهِ
أَلا ترى أَنهم لَو أَسْلمُوا عَلَيْهَا كَانَت لَهُم وَلَو أعتقوا جَازَ عتقهم
29 - وَإِذا أبقت أمة لرجل أَو كاتبها ثمَّ عجزت فَردَّتْ رَقِيقا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يستبرئ وَاحِدَة من هَاتين لِأَنَّهَا لم تخرج من ملكه
وَكَذَلِكَ لَو غصبهَا إِيَّاه رجل أَو رَهنهَا أَو أجرهَا
وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا وَهُوَ بِالْخِيَارِ فاختارها فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا
30 - وَإِذا بَاعَ الرجل أم وَلَده أَو مدبرته وَقَبضهَا المُشْتَرِي

(5/255)


ثمَّ ردهَا على البَائِع فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا من قبل انه لم يملك رقبَتهَا وَلَا فرجهَا المُشْتَرِي
أَلا ترى أَنَّهَا لَو كَانَت امْرَأَة للْمُشْتَرِي لم يفْسد نِكَاحهَا وَلم يجز عتقه فِيهَا لَو أعْتقهَا لِأَنَّهُ لم يملك الرَّقَبَة وَلَو ولدت عِنْد المُشْتَرِي لم يثبت نسب الْوَلَد من المُشْتَرِي
31 - وَإِذا أَرَادَ الرجل أَن يَبِيع أمته وَقد كَانَ يَطَؤُهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَطَأهَا ويبيعها حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن عبد الله بن عمر
وَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي أَن يجتزئ باستبراء البَائِع إِيَّاهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة أُخْرَى
32 - وَلَو بَاعَ الرجل قبل أَن يستبرئ أجزنا بَيْعه وَكَانَ على المُشْتَرِي أَن يستبرئ بِحَيْضَة
33 - وَلَو أَرَادَ البَائِع أَن يُزَوّجهَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن لَا يُزَوّجهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
وَلَو زوج قبل أَن يستبرئ جَازَ ذَلِك وَيَنْبَغِي للزَّوْج أَن لَا يقربهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِك بِوَاجِب فِي الْقَضَاء

(5/256)


وَكَذَلِكَ أم ولد الرجل أَو مدبرته إِذا أَرَادَ أَن يُزَوّجهَا
34 - وَإِذا زنت أمة لرجل فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا وَلَيْسَ فِي الزِّنَا عدَّة وَلَا اسْتِبْرَاء
فَإِن حملت من الزِّنَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يقربهَا حَتَّى تضع لِأَن مَا فِي بَطنهَا ولد من غَيره
35 - وَإِذا كَانَت الْأمة بَين رجلَيْنِ فَبَاعَهَا أَحدهمَا كلهَا ثمَّ سلم الآخر البيع بعد مَا قبض المُشْتَرِي وَبعد مَا حَاضَت حَيْضَة فَإِن على المُشْتَرِي أَن يَسْتَبْرِئهَا بعد مَا أجَاز البيع كُله لِأَن فرجهَا لَا يحل لَهُ وَلَا يملك الرَّقَبَة إِلَّا بعد مَا أجَاز هَذَا البيع
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ أمة لرجل وَقَبضهَا المُشْتَرِي وحاضت عِنْده حَيْضَة ثمَّ أجَاز الْمولى البيع كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة بعد مَا أجَاز الْمولى البيع لِأَن الْملك إِنَّمَا وَقع الْيَوْم وَإِنَّمَا حل فرجهَا الْيَوْم حِين أجَاز البيع
36 - وَلَو خلع الرجل امْرَأَته على أمة لَهَا فقبضها كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
37 - وَلَو كَاتب عبدا لَهُ على أمة بِغَيْر عينهَا ثمَّ قبضهَا كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة

(5/257)


وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهُ على خَادِم فقبضها مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
38 - وَلَو ارْتَدَّت خَادِم لرجل عَن الْإِسْلَام فاستتيبت فتابت لم يكن عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا لِأَنَّهَا لم تخرج من ملكه وَإِن كَانَ فرجهَا قد حرم عَلَيْهِ حِين ارْتَدَّت فَإِن حُرْمَة هَذَا كَحُرْمَةِ الْحيض
39 - وَإِذا اشْترى الرجل أمة لَهَا زوج لم يدْخل بهَا فَطلقهَا زَوجهَا قبل أَن يقبضهَا المُشْتَرِي ثمَّ قبضهَا المُشْتَرِي فعلى المُشْتَرِي أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة قبل أَن يَطَأهَا
فَإِن لم يطلقهَا زَوجهَا حَتَّى قبضهَا مِنْهُ المُشْتَرِي ثمَّ طَلقهَا قبل أَن تحيض فَلَا بَأْس بِأَن يَطَأهَا المُشْتَرِي قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا لِأَنَّهُ قبضهَا وَلَا اسْتِبْرَاء عَلَيْهِ فِيهَا
فَإِن قبضهَا المُشْتَرِي ثمَّ زَوجهَا فَمَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فأعتدت بشهرين وَخَمْسَة أَيَّام قبل أَن تحيض فَلَا بَأْس بِأَن يَطَأهَا

(5/258)


المُشْتَرِي قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
وَلَو لم بكن زَوجهَا هَذَا مَاتَ عَنْهَا وَلَكِن طَلقهَا زَوجهَا قبل أَن يدْخل بهَا وَقبل أَن تحيض عِنْده فَلَا يَطَؤُهَا المُشْتَرِي حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة وَلَو كَانَت قد حَاضَت عِنْد زَوجهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول أجزته هَذِه الْحَيْضَة من الِاسْتِبْرَاء وَكَانَ لَهُ أَن يَطَأهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا
40 - وَلَو أَن رجلا اشْترى امْرَأَته وَلم يدْخل بهَا حَتَّى قبضهَا بَعْدَمَا فسد النِّكَاح فِيمَا بَينهَا وَبَين المُشْتَرِي فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا وَإِن كَانَت لم تَحض بعد مَا فسد النِّكَاح

(5/259)


- 14 بَاب الِاسْتِبْرَاء فِي الْأُخْتَيْنِ فِي البيع وَغَيره
-
1 - وَإِذا كَانَ للرجل أمة يَطَؤُهَا ثمَّ اشْترى أُخْتهَا كَانَ لَهُ أَن يطَأ الأولى الَّتِي كَانَ يَطَؤُهَا وَلَا يقرب أُخْتهَا
فَإِن لم يكن وطئ وَاحِدَة مِنْهُمَا فَلهُ أَن يطَأ أَيَّتهمَا شَاءَ
فَإِن أَرَادَ أَن يطَأ الَّتِي كَانَت عِنْده وَطئهَا بِغَيْر اسْتِبْرَاء
فَإِن وطئهما جَمِيعًا فقد أَسَاءَ فَلَا يقرب وَاحِدَة مِنْهُمَا ثَانِيَة حَتَّى يَبِيع الْأُخْرَى أَو يُزَوّجهَا
فَإِن زوج إِحْدَاهمَا بعد أَن تحيض حَيْضَة أَو قبل أَن تحيض حَيْضَة فَلهُ أَن يُجَامع الْبَاقِيَة مِنْهُمَا غير أَنِّي أحب لَهُ أَلا يُجَامع الْبَاقِيَة مِنْهُمَا حَتَّى تحيض أُخْتهَا حَيْضَة
وَكَذَلِكَ الزَّوْج لَو لم يقرب الَّتِي تزوج حَتَّى تحيض حَيْضَة كَانَ أحب إِلَى وَالنِّكَاح جَائِز على كل حَال بلغنَا ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ لَا يَنْبَغِي لِرجلَيْنِ

(5/261)


يؤمنان بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يجتمعا على امْرَأَة فِي طهر وَاحِد
2 - فَإِن وَطئهَا الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا الزَّوْج وَانْقَضَت عدتهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمولى أَن يقرب وَاحِدَة مِنْهُمَا أَيْضا حَتَّى يُزَوّج أَو يَبِيع
فَإِن بَاعَ إِحْدَاهمَا حل لَهُ وَطْء الْأُخْرَى
فَإِن اشْترى الَّتِي بَاعَ أَو ردَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْب فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يطَأ وَاحِدَة مِنْهُمَا أَيْضا حَتَّى يملك فرج الْأُخْرَى عَلَيْهِ غَيره بلغنَا عَن عبد الله بن عمر هَذَا أَو نَحْو من هَذَا
3 - وَلَو ارْتَدَّت إِحْدَاهمَا عَن الْإِسْلَام لم يحل لَهُ أَن يطَأ الْأُخْرَى لِأَن الْمُرْتَدَّة فِي ملكه بعد وحرمتها هَهُنَا كَحُرْمَةِ الْحيض
4 - وَكَذَلِكَ لَو رهن إِحْدَاهمَا أَو أجرهَا أَو دبرهَا أَو لحقها دين أَو جنت جِنَايَة فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن يقرب الْأُخْرَى لِأَن هَذِه لم تخرج من ملكه حَتَّى تدفع بِالْجِنَايَةِ أَو تبَاع فِي الدّين الَّذِي عَلَيْهَا
5 - وَلَو كَاتب إِحْدَاهمَا أَو أعتق بَعْضهَا فَقضى عَلَيْهَا القَاضِي

(5/262)


بالسعاية فِيمَا بَقِي عَلَيْهَا من قيمتهَا أَو لم يقْض حل لَهُ أَن يطَأ الْأُخْرَى
فَإِن أدَّت فقد خرجت من ملكه
أَلا ترى أَنه لَو وطئ هَذِه الَّتِي تسْعَى أَو الْمُكَاتبَة أعطاهما مهْرا
وَكَذَلِكَ إِذا أعْتقهَا الْبَتَّةَ على جعل أَو على غير جعل حل لَهُ أَن يطَأ الْأُخْرَى
6 - وَلَو لم يفعل هَذَا وَلكنه وهب إِحْدَاهمَا أَو تصدق بهَا وقبضت مِنْهُ أَو بَاعَ شِقْصا حل لَهُ أَن يطَأ الْأُخْرَى
7 - وَلَو لم يفعل هَذَا وَلَكِن أهل الشّرك أسروها حل لَهُ أَن يطَأ الْبَاقِيَة مِنْهُمَا لِأَن أهل الشّرك قد ملكوا الَّتِي أَسرُّوا
8 - وَلَو أبقت إِلَيْهِم لم يحل لَهُ أَن يطَأ الْبَاقِيَة لِأَن الَّتِي أبقت فِي ملكه لم تخرج من ملكه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِن أبقت إِلَيْهِم فأسروها فأحرزوها حل لَهُ أَن يطَأ أُخْتهَا لأَنهم قد ملكوا

(5/263)


9 - وَلَو لم يكن شَيْء من هَذَا وَلكنه زوج إِحْدَاهمَا نِكَاحا فَاسِدا فَوَطِئَهَا زَوجهَا ثمَّ فرق بَينهمَا فَإِنَّهُ لَا بَأْس بِأَن يطَأ الْأُخْرَى لِأَن هَذِه فِي عدَّة وَجَبت عَلَيْهَا وَقد حرمت على الْمولى حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة وَهُوَ بِمَنْزِلَة موت زَوجهَا عَنْهَا أَو عدَّة من طَلَاق من نِكَاح صَحِيح
وَلَو فرق بَينهمَا قبل أَن يدْخل بهَا لم يَنْبغ للْمولى أَن يقرب وَاحِدَة مِنْهُمَا
وَلكنهَا إِذا كَانَت عِنْد الزَّوْج وَلم يفرق بَينهمَا وَلم يدْخل بهَا لم يكن للْمولى أَن يقرب وَاحِدَة مِنْهُمَا
10 - وَلَو بَاعَ إِحْدَاهمَا بيعا فَاسِدا فقبضها المُشْتَرِي فَإِنَّهُ يحل لَهُ أَن يطَأ الْبَاقِيَة مِنْهُمَا لِأَنَّهُ قد ملك رَقَبَة الْأُخْرَى غَيره أَلا ترى أَن عتق المُشْتَرِي فِي الَّتِي اشْتَرَاهَا جَائِز وان عتق البَائِع فِي الَّتِي اشْترى جَائِز وان عتق البَائِع فِيهَا بَاطِل

(5/264)


وَلَا يحل للْمُشْتَرِي أَن يطَأ الَّتِي عِنْده أَيْضا لِأَن بَيْعه فِيهَا فَاسد
فَإِن ترادا البيع فَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمولى أَن يطَأ وَاحِدَة مِنْهُمَا حَتَّى يملك الْأُخْرَى عَلَيْهِ غَيره
فَإِن بَاعَ الَّتِي لم يبع فَلَا يقرب الَّتِي ردَّتْ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة لِأَنَّهُ قد ملكهَا عَلَيْهِ غَيره
11 - وَإِذا تزوج الرجل أُخْت جَارِيَته وَقد كَانَ يطَأ جَارِيَته فَلَا يقرب امْرَأَته حَتَّى يملك فرج أمته غَيره
وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يقرب أمته
12 - وَلَو كَانَت أُخْت امْرَأَته أمة ثمَّ اشْتَرَاهَا كَانَ لَهُ أَن يقرب الأولى الَّتِي كَانَ يقرب وَالنِّكَاح لَا يشبه الْملك فِي هَذَا
13 - وَإِذا اشْترى أُخْت أمته وَلم يكن وطئ أمته كَانَ لَهُ الْخِيَار فِي أَن يطَأ أَيَّتهمَا شَاءَ
فَإِن وطئ إِحْدَاهمَا لم يقرب الْأُخْرَى حَتَّى يملك فرج الَّتِي وطئ غَيره
فَإِن وطئ الَّتِي كَانَت عِنْده أول مرّة ثمَّ بَاعهَا فَأَرَادَ أَن يطَأ الَّتِي اشْترى وَقد كَانَت حَاضَت عِنْده حَيْضَة قبل أَن يَبِيع أُخْتهَا

(5/265)


فَلَا بَأْس بِأَن يقربهَا وتجزيه هَذِه الْحَيْضَة من الِاسْتِبْرَاء لِأَنَّهَا حَاضَت فِي ملكه
14 - والأختان من الرضَاعَة والأختان من النّسَب سَوَاء فِي الْحُرْمَة لِأَنَّهُ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب
15 - وَإِذا كَانَت عِنْد الرجل أمة يَطَؤُهَا فَاشْترى عَمَّتهَا أَو خَالَتهَا أَو ابْنة أَخِيهَا أَو ابْنة أُخْتهَا من نسب كَانَ أَو رضَاع فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْأُخْتَيْنِ فِيمَا ذكرنَا
16 - وَإِذا وطئ الرجل أمة لَا تحل لَهُ أمهَا أبدا وَلَا بنتهَا وَلَا وَالِد لَهَا وَلَا ولد
وَكَذَلِكَ لَا تحل هِيَ لوالد لَهُ وَلَا لوَلَده
وَكَذَلِكَ إِذا قبلهَا من شَهْوَة أَو لمسها من شَهْوَة أَو بَاشَرَهَا لشَهْوَة أَو نظر إِلَى فرجهَا من شَهْوَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْجِمَاع فِي ذَلِك كُله فَأَما مَا سوى الْفرج فِي النّظر فَلَيْسَ بِشَيْء وَلَا يحرم ذَلِك

(5/266)


شَيْئا بلغنَا ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه خلا بِجَارِيَة لَهُ وجردها فاستوهبها ابْن لَهُ مِنْهُ فَقَالَ إِنَّهَا لَا تحل لَك وبلغنا عَن مَسْرُوق بن الأجدع أَنه قَالَ بيعوا جاريتي هَذِه أما أَنِّي لم أصب مِنْهَا إِلَّا مَا يحرمها على وَلَدي من اللَّمْس وَالنَّظَر
قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِذا وطئ الرجل الْجَارِيَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها وَحرمت على ابْنه وعَلى أَبِيه
17 - وَإِذا اشْترى الرجل الْجَارِيَة وَهِي صَغِيرَة لَا تحيض أَو قد أَيِست من الْحيض من كبر فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِشَهْر وَاحِد
18 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة وَقَبضهَا وَعَلَيْهَا عدَّة من زوج من طَلَاق أَو وَفَاة من زوج يَوْمًا أَو أَكثر من ذَلِك

(5/267)


أَو أقل فَلَيْسَ عَلَيْهِ بعد ذَلِك اسْتِبْرَاء لِأَنَّهَا كَانَت فِي عدَّة وَاجِبَة فَلَيْسَ يكون من الِاسْتِبْرَاء شَيْء وَاجِب أَشد من هَذَا
أَلا ترى أَنه لَو اشْتَرَاهَا وَقَبضهَا حَتَّى مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فاعتدت بشهرين وَخَمْسَة أَيَّام حل لَهُ أَن يَطَأهَا
وَلَو كَانَ لَا يحل الْوَطْء ثمَّ تزَوجهَا آخر فَمَاتَ عَنْهَا فاعتدت بشهرين وَخَمْسَة أَيَّام لم يحل لَهُ أَن يَطَأهَا فَهَذَا قَبِيح وَالْقِيَاس فِيهِ كثير وَلكنه يفحش فَإِذا انْقَضتْ عدتهَا حل لَهُ أَن يَطَأهَا
أَلا ترى أَنه لَو كَانَت حَامِلا فَولدت حل لَهُ أَن يَطَأهَا فَكَذَلِك انْقِضَاء الْعدة بِغَيْر ولد
19 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة لَهَا زوج وَلم يدْخل بهَا زَوجهَا وَقَبضهَا ثمَّ طَلقهَا الزَّوْج قبل أَن يدْخل بهَا حل للْمولى أَن يَطَأهَا لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَقَبضهَا وَهِي عَلَيْهِ حرَام

(5/268)


فَإِن كَانَ البَائِع وَطئهَا قبل أَن يُزَوّجهَا فَلَا يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي أَن يقربهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة
فَإِن كَانَ لم يَطَأهَا أَو كَانَت قد حَاضَت حَيْضَة بعد مَا وَطئهَا فَلَا بَأْس أَن يقربهَا المُشْتَرِي وَلَا يَسْتَبْرِئهَا
20 - وَإِذا اشْترى الرجل أمة قد حَاضَت فارتفع حَيْضهَا من غير أَن تأيس فَإِنَّهُ ينظر بهَا حَتَّى يعلم أَنَّهَا غير حَامِل ثمَّ يقربهَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد فِي ذَلِك أوفت عدَّة الْحرَّة فِي الْوَفَاة أَرْبَعَة أشهر وَعشرا إِذا ارْتَفع حَيْضهَا فَلَا يدْرِي أحامل هِيَ أَو غير حَامِل فَإِذا استبان حملهَا فِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهر وَالْعشر فَلَا يقربهَا حَتَّى تضع فَإِن لم يستبن فَلَا بَأْس بِأَن يقربهَا
21 - إِذا وَجب الِاسْتِبْرَاء على المُشْتَرِي لم يحل لَهُ أَن يُبَاشر وَلَا يقبل وَلَا يلمس لشَهْوَة وَلَا ينظر إِلَى فرج لشَهْوَة حَتَّى يستبرئ

(5/269)


22 - وَإِذا اشْترى الْمكَاتب جَارِيَة وَقَبضهَا وحاضت عِنْده ثمَّ أعتق حل لَهُ أَن يَطَأهَا وَكَانَت تِلْكَ الْحَيْضَة اسْتِبْرَاء لِأَنَّهُ قد ملكهَا
أَلا ترى أَن مَوْلَاهُ لَو اشْتَرَاهَا مِنْهُ قبل أَن يَطَأهَا وَقبل أَن يعْتق كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة لِأَنَّهَا فِي ملك الْمكَاتب
23 - وَإِذا اشْترى الْمكَاتب جَارِيَة ثمَّ حَاضَت عِنْده ثمَّ عجز الْمكَاتب فَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمولى أَن يطَأ الْجَارِيَة حَتَّى تحيض عِنْده حَيْضَة بَعْدَمَا عجز الْمكَاتب
فَإِن كَانَت الْجَارِيَة الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمكَاتب ابْنَته أَو أمه فَحَاضَت عِنْد الْمكَاتب حَيْضَة ثمَّ عجز الْمكَاتب فَلَا بَأْس بِأَن يَطَأهَا الْمولى وَلَا يَسْتَبْرِئهَا لِأَن الْمكَاتب حِين اشْتَرَاهَا صَارَت مُكَاتبَة للْمولى أَلا ترى أَن الْمولى لَو أعْتقهَا قبل أَن يعجز الْمكَاتب جَازَ عتقه
وَكَذَلِكَ هَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي كل جَارِيَة اشْتَرَاهَا

(5/270)


الْمكَاتب وَهِي ذَات رحم محرم مِنْهُ فَهِيَ بِمَنْزِلَة هَذَا أما فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة فَعَلَيهِ الِاسْتِبْرَاء فِي ذَلِك كُله إِلَّا فِي ابْنة أَو أم أَو جدة أَو ابْنة إبنة وَإِن سفلت
24 - وَإِذا اشْترى النَّصْرَانِي جَارِيَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا لِأَن مَا فِيهِ من الشّرك أعظم من ترك الِاسْتِبْرَاء
فَإِن أسلم قبل أَن تحيض حَيْضَة وَقبل أَن يَطَأهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا فِي الْقيَاس وَلَكِنِّي أستحسن وَأَجْعَل عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة وَإِن كَانَ وَطئهَا فِي نصرانيته فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا
25 - وَإِذا اشْترى الرجل الْمُسلم جَارِيَة مَجُوسِيَّة فَحَاضَت بعد مَا قبضهَا حَيْضَة ثمَّ أسلمت حل لَهُ أَن يَطَأهَا وأجزته تِلْكَ الْحَيْضَة من الِاسْتِبْرَاء
أَلا ترى أَنه لَو اشْتَرَاهَا وَهِي مُحرمَة قد أذن لَهَا فِي ذَلِك لم يحل لَهُ أَن يَطَأهَا وَإِذا حَاضَت حَيْضَة ثمَّ حلت وفرغت من الْإِحْرَام حل لَهُ أَن يَطَأهَا وأجزته تِلْكَ الْحَيْضَة من الِاسْتِبْرَاء

(5/271)


26 - وَإِذا اشْترى الرجل أُخْت البَائِع من الرضَاعَة أَو جَارِيَة كَانَت عَلَيْهِ حَرَامًا فَعَلَيهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
كَمَا أَنه لَو اشْتَرَاهَا من امْرَأَة كَانَ عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة
27 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة من رجل فَلم يقبضهَا الرجل حَتَّى ردهَا من عيب أَو من غير عيب وَمن خِيَار فَلَيْسَ على البَائِع أَن يَسْتَبْرِئهَا لِأَن المُشْتَرِي لم يكن قبض
28 - وَإِذا اشْترى الرجل أمة لَهَا زوج لم يدْخل بهَا وَقَبضهَا المُشْتَرِي ثمَّ طَلقهَا الزَّوْج أَو مَاتَ عَنْهَا وَلم يدْخل بهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا عدَّة فِي الطَّلَاق وللمولى أَن يَطَأهَا
فَإِن كَانَ مَوْلَاهَا الأول وَطئهَا قبل أَن يُزَوّجهَا وَلم تَحض من يَوْم وَطئهَا حَيْضَة فَإِنِّي أحب للْمُشْتَرِي أَن لَا يَطَأهَا تحيض حَيْضَة أستحسن ذَلِك وأدع الْقيَاس فِيهِ

(5/272)


وَإِذا مَاتَ عَنْهَا الزَّوْج فعلَيْهَا شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام فَإِذا مضى ذَلِك فَلَا بَأْس أَن يَطَأهَا الْمولى
وَإِذا اشْتَرَاهَا الْمولى وَهِي فِي عدَّة من الزَّوْج من طَلَاق أَو موت فقبضها فمضت الْعدة فَلَا بَأْس بِأَن يَطَأهَا الْمولى
29 - وَإِذا اشْترى الرجل أُخْتَيْنِ فَنظر إِلَى فرجهما جَمِيعًا لشَهْوَة أَو قبلهمَا جَمِيعًا لشَهْوَة فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يطَأ وَاحِدَة مِنْهُمَا حَتَّى يملك فرج إِحْدَاهمَا عَلَيْهِ غَيره بِملك أَو نِكَاح أَو وَجه من وُجُوه الْملك
وَالنَّظَر إِلَى الْفرج من شَهْوَة والقبلة بِمَنْزِلَة الْجِمَاع

(5/273)


- 15 بَاب آخر من الْخِيَار فِي الْبيُوع
-
وَإِذا رأى الرجل عِنْد الرجل جَارِيَة وساومه بهَا وَلم يشترها ثمَّ رَآهَا بعد ذَلِك متنقبة فاشتراها مِنْهُ بِثمن مُسَمّى وَلم يُعلمهُ أَنَّهَا تِلْكَ الْجَارِيَة وَلم يَقع بَينهمَا منطق يسْتَدلّ بِهِ أَنه قد عرفهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا كشف نقابها إِن شَاءَ أَخذهَا وَإِن شَاءَ تَركهَا وَهَذَا بِمَنْزِلَة من اشْترى بيعا وَلم يره
أَرَأَيْت لَو رَآهَا عِنْده وساومها وَلم يشترها ثمَّ رَآهَا متنقبة عِنْد آخر فاشتراها وَلم يقل لَهُ هِيَ الَّتِي رَأَيْت وَلم يَأْتِ بنطق وَلَا أَمر يسْتَدلّ بِهِ على معرفَة أَن هَذِه الْجَارِيَة هِيَ الَّتِي رَأَيْت عِنْد فلَان فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهَا

(5/275)


2 - وَلَو نظر إِلَى جراب هروي وَقَلبه ثمَّ إِن صَاحب الجراب قطع مِنْهُ ثوبا ثمَّ لقِيه بعد ذَلِك فَأخْبرهُ أَنه قطع مِنْهُ ثوبا وَلم يره إِيَّاه ثَانِيَة حَتَّى اشْتَرَاهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَي ثوب أَخذ لَعَلَّه أَخذ أَجودهَا
3 - وَلَو أَن رجلا عرض على رجل ثَوْبَيْنِ فَلم يشترهما ثمَّ لف أَحدهمَا فِي منديل ثمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَلم يره وَلم يعلم أَيهمَا هُوَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ
وَلَو أَتَاهُ بالثوبين جَمِيعًا وَقد لف كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي منديل فَقَالَ هَذَانِ الثوبان اللَّذَان عرضت عَلَيْك أمس فَقَالَ قد أخذت هَذَا لأَحَدهمَا بِعشْرين وَهَذَا بِعشْرَة فِي صفقتين أَو فِي صَفْقَة وَاحِدَة وَلم يرهما فِي هَذِه الْمرة فأوجبهما لَهُ فَإِن لَهُ الْخِيَار لِأَنَّهُ لَا يعلم أَيهمَا هَذَا من هَذَا

(5/276)


وَلَو قَالَ أخذت وَاحِدًا مِنْهُمَا بِعشْرَة وَلم يسم أَيهمَا هُوَ كَانَ هَذَا فَاسِدا مِنْهُمَا
وَلَو قَالَ أخذت كل وَاحِد مِنْهُمَا بِعشْرين جَازَ ذَلِك وَلم يكن لَهُ خِيَار لِأَنَّهُ أخذهما مِنْهُ فِي صَفْقَة وَاحِدَة وَلم يفصل أَحدهمَا فِي الثمنين
4 - وَلَو اشْترى ثوبا وَلم يره ثمَّ رَهنه أَو أجره يَوْمًا أَو بَاعه وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ كَانَ هَذَا اخْتِيَارا مِنْهُ وَلم يكن لَهُ أَن يردهُ بِالْخِيَارِ
وَلَو بَاعه وَالْبَائِع بِالْخِيَارِ فنقض البيع كَانَ لَهُ أَن يردهُ إِذا رَآهُ
5 - وَلَو كَانَ عبدا اشْتَرَاهُ رجل وَلَا خِيَار فِيهِ للْبَائِع وكاتبه المُشْتَرِي وَلم يره ثمَّ عجز فَرَآهُ لم يكن لَهُ أَن يردهُ بِالْخِيَارِ

(5/277)


وَكَذَلِكَ الْخِيَار إِذا كَانَ شرطا
6 - وَلَو حم العَبْد ثمَّ ذهبت الْحمى عَنهُ كَانَ لَهُ أَن يردهُ إِذا رَآهُ
فَإِن كَانَ قد رَآهُ وَاشْترط الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فَذَهَبت الْحمى عَنهُ قبل الثَّلَاث كَانَ لَهُ أَن يردهُ بِالْخِيَارِ
وَلَو أشهد على نقض البيع فِي الثَّلَاث بِمحضر من البَائِع وَالْعَبْد مَحْمُوم ثمَّ ذهبت الْحمى عَنهُ قبل الثَّلَاث وَلم يحدث ردا حَتَّى مَضَت الثَّلَاث كَانَ لَهُ أَن يردهُ بذلك الرَّد
وَلَو بقيت بِهِ الْحمى عشرَة أَيَّام لم يكن لَهُ أَن يردهُ بذلك الرَّد وَلَا بِغَيْرِهِ

وَلَو خاصمه فِي الثَّلَاث إِلَى القَاضِي ورده المُشْتَرِي فَأبى البَائِع أَن يقبله وَهُوَ مَحْمُوم فَإِن القَاضِي يبطل الرَّد ويجيز البيع فَإِن صَحَّ فِي الثَّلَاث لم يكن لَهُ أَن يردهُ بعد قَضَاء القَاضِي
وَكَذَلِكَ هَذَا القَوْل فِي خِيَار الرُّؤْيَة
وَلَو أشهد على رده فِي الثَّلَاث بِحَضْرَة البَائِع وَهُوَ صَحِيح ثمَّ حم قبل أَن يقبضهُ البَائِع ثمَّ أقلعت عَنهُ الْحمى وَعَاد إِلَى الصِّحَّة قبل الثَّلَاث أَو بعْدهَا فَإِنَّهُ يلْزم البَائِع وَلَا خِيَار لَهُ فِي ذَلِك لِأَن المُشْتَرِي فسخ البيع وَهُوَ صَحِيح

(5/278)


وَكَذَلِكَ خِيَار الرُّؤْيَة
وَلَو خاصمه والحمى بِهِ فالبائع بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قبل البيع وَلَا يَأْخُذ للحمى ارشا وَإِن شَاءَ لم يقبل فَإِذا أبطل القَاضِي الرَّد وألزم المُشْتَرِي العَبْد فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ بعد ذَلِك
7 - وَلَو جرح العَبْد عِنْد المُشْتَرِي جرحا لَهُ أرش أَو جرحه هُوَ أَو كَانَت أمة فَوَطِئَهَا هُوَ أَو غَيره لم يكن لَهُ أَن يردهَا بِخِيَار رُؤْيَة وَلَا بِخِيَار الشَّرْط
وَكَذَلِكَ لَو ولدت وَمَات وَلَدهَا أَو لم يمت
8 - وَلَو كَانَت دَابَّة أَو شَاة فَولدت لم يكن لَهُ أَن يردهَا بِخِيَار الشَّرْط وَلَا بِخِيَار الرُّؤْيَة
وَكَذَلِكَ لَو قتل وَلَدهَا هُوَ أَو غَيره
وَلَو مَاتَ موتا كَانَ لَهُ أَن يردهَا بِخِيَار الشَّرْط والرؤية لِأَنَّهُ من الْقَتْل أَخذ أرشا وَوَجَب فِي حَيَاة الْوَلَد مَعهَا ولد لم يشتره

(5/279)


9 - وَلَو أَن البَائِع جرحها عِنْد المُشْتَرِي أَو قَتلهَا وَجب البيع على المُشْتَرِي وَكَانَ على البَائِع الْقيمَة فِي خِيَار الشَّرْط والرؤية
10 - وَلَو استودعها المُشْتَرِي البَائِع بعد مَا قبضهَا فَمَاتَتْ عِنْد البَائِع قبل أَن يرضى المُشْتَرِي فَهُوَ فِي الْقيَاس يلْزم المُشْتَرِي الثّمن فِي خِيَار الشَّرْط وَلَكِن أدع الْقيَاس وَاجْعَلْهَا من مَال البَائِع فِي خِيَار الشَّرْط
وَفِي خِيَار الرُّؤْيَة هِيَ من مَال المُشْتَرِي وَعَلِيهِ الثّمن لِأَن البيع قد لزمَه فِيهَا حِين يفسخه أَو يردهُ فَأَما فِي الْخِيَار فَإِنَّهُ لم يسْتَوْجب بعد وَهُوَ من مَال البَائِع فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة فَأَما فِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف وَهُوَ قَول مُحَمَّد فَهِيَ من مَال المُشْتَرِي

(5/280)


- 16 بَاب بيع النّخل إِذا كَانَ فِيهِ ثَمَر فَأَكله البَائِع قبل المُشْتَرِي أَو أثمر بعد البيع فَأَكله البَائِع قبل قبض المُشْتَرِي
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل أَرضًا وَنَخْلًا بِأَلف دِرْهَم وَالْأَرْض تَسَاوِي ألفا وَالنَّخْل يُسَاوِي ألفا ثمَّ إِن النّخل بعد ذَلِك أثمر فِي يَدي البَائِع مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو أَكثر من ذَلِك كل مرّة تَسَاوِي الثَّمَرَة ألفا فَأكل ذَلِك كُله البَائِع قبل قبض المُشْتَرِي ثمَّ جَاءَ المُشْتَرِي يطْلب بَيْعه بكم يَأْخُذ الأَرْض وَالنَّخْل
قَالَ أصل ذَلِك أَن ينظر إِلَى كل شَيْء أثمر النّخل فِي يَدي البَائِع فَأَكله البَائِع فتجمع قيمَة ذَلِك كُله فَينْظر كم قِيمَته ثمَّ تضمه

(5/281)


إِلَى قيمَة الأَرْض وَالنَّخْل ثمَّ تقسم الثّمن على قيمَة ذَلِك فَمَا أصَاب الثَّمر فَإِنَّهُ يحط عَن المُشْتَرِي من الثّمن فَإِن كَانَ إِنَّمَا أثمر مرّة وَقِيمَة الثَّمر ألف فَأَكله البَائِع فَإِن المُشْتَرِي يَأْخُذ الأَرْض وَالنَّخْل بِثُلثي الثّمن فَإِن كَانَ أثمر مرَّتَيْنِ أَخذ الأَرْض وَالنَّخْل بِنصْف الثّمن وَإِن كَانَ أثمر ثَلَاث مَرَّات أَخذ الأَرْض وَالنَّخْل بخمسي الثّمن وان كَانَ أثمر خمس مَرَّات أَخذ الأَرْض وَالنَّخْل بسبعي الثّمن لِأَن الثَّمَرَة خَمْسَة آلَاف وَالْأَرْض وَالنَّخْل أَلفَانِ فَذَلِك سَبْعَة آلَاف يقسم الثّمن على سَبْعَة فَيُصِيب الأَرْض وَالنَّخْل سبعان فَيَأْخُذ المُشْتَرِي الأَرْض وَالنَّخْل بذلك ويحط عَنهُ خَمْسَة أَسْبَاع الثّمن وَذَلِكَ حِصَّة الثَّمَرَة
2 - وَإِن كَانَ فِي النّخل يَوْم اشْتَرَاهُ ثَمَر يُسَاوِي ألفا

(5/282)


قد اشْتَرَاهُ مَعَ الأَرْض وَالنَّخْل فَأَكله البَائِع ثمَّ أثمر بعد ذَلِك مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو أَكثر من ذَلِك فَأَكله البَائِع ثمَّ جَاءَ المُشْتَرِي بكم يَأْخُذ الأَرْض وَالنَّخْل
قَالَ أما الثَّمَرَة الأولى فَإِنَّهَا تذْهب بِثلث الثّمن لِأَنَّهَا ثلث البيع وَله مَا أثمر بعد ذَلِك فَإِن كَانَ أثمر عشر مَرَّات أَو أَكثر أَو أقل من ذَلِك فَإِنَّهُ يجمع كُله فَينْظر كم قِيمَته ثمَّ تضمه إِلَى الأَرْض وَالنَّخْل ثمَّ تقسم ثُلثي الثّمن على جَمِيع ذَلِك فَمَا أصَاب حِصَّة الأَرْض وَالنَّخْل من ثُلثي الثّمن أَخذ المُشْتَرِي الأَرْض وَالنَّخْل بذلك وَمَا أصَاب حِصَّة الثّمن فَإِنَّهُ يحط عَن المُشْتَرِي من ثُلثي الثّمن وَإِنَّمَا قسمته على ثُلثي الثّمن لِأَن الثَّمَرَة الأولى قد ذهبت بِثلث الثّمن وَمن ذَلِك انه إِذا أثمر بعد الثَّمَرَة الأولى بثمرة تَسَاوِي ألفا فَأَكله البَائِع فَإِن المُشْتَرِي يَأْخُذ الأَرْض وَالنَّخْل بِثُلثي ثُلثي الثّمن وَهُوَ أَرْبَعَة أتساع جَمِيع الثّمن فَإِن كَانَ أثمر مرَّتَيْنِ بعد الأولى فَأَكله البَائِع فَإِن المُشْتَرِي يَأْخُذ الأَرْض وَالنَّخْل بِنصْف الثُّلثَيْنِ فَإِن كَانَ أثمر ثَلَاث مَرَّات بعد الأولى فَأَكله البَائِع فَإِن المُشْتَرِي يَأْخُذ الأَرْض وَالنَّخْل

(5/283)


بِخمْس الثّمن وَثلث خمس الثّمن وَهُوَ أَرْبَعَة أَجزَاء من خَمْسَة عشر من جَمِيع المَال وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك على مَا ذكرنَا من الْأَجْزَاء وَخَمْسَة عشر من جَمِيع المَال وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك على مَا ذكرنَا من الْأَجْزَاء والأخماس لِأَن الثَّمَرَة الأولى ذهبت بِثلث الثّمن كُله وَبَقِي الأَرْض وَالنَّخْل بِثُلثي الثّمن فَمَا أثمر بعد ذَلِك ثَلَاث مَرَّات كل مرّة يُسَاوِي ألفا كَانَ ذَلِك ثَلَاثَة آلَاف وَالْأَرْض وَالنَّخْل أَلفَيْنِ فَذَلِك خَمْسَة آلَاف وَثلثا الثّمن فقسمت على خَمْسَة فالأرض وَالنَّخْل من ذَلِك الخمسان وَالثَّمَر ثَلَاثَة الْأَخْمَاس فَيَأْخُذ المُشْتَرِي الأَرْض وَالنَّخْل بالخمسين من الثُّلثَيْنِ ويحط عَنهُ مَا بَقِي وَهُوَ ثَلَاثَة أَخْمَاس الثُّلثَيْنِ
فَكَذَلِك هَذَا الْبَاب وَمَا أشبهه كُله على هَذَا الْقيَاس
3 - وَللْمُشْتَرِي فِي جَمِيع مَا ذكرنَا إِن كَانَ فِي النّخل ثَمَر يَوْم اشْتَرَاهُ أَو لم يكن فأثمر بعد ذَلِك فَأَكله البَائِع فَإِن للْمُشْتَرِي

(5/284)


الْخِيَار فِي جَمِيع ذَلِك إِن شَاءَ أَخذه بِمَا ذكرنَا من الثّمن وَإِن شَاءَ تَركه
4 - فَإِن كَانَ الثَّمر الَّذِي أثمر بعد البيع لم يَأْكُلهُ البَائِع وَلَكِن أَصَابَته آفَة من السَّمَاء فَذَهَبت بِهِ وَنقص ذَلِك النّخل فَإِن المُشْتَرِي هَا هُنَا بِالْخِيَارِ أَيْضا إِن شَاءَ أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ تَركه
وَلَا يشبه هَذَا أكل البَائِع الثَّمر
5 - وَإِن كَانَ ذهَاب هَذَا الثَّمر بالآفة الَّتِي أَصَابَته لم ينقص النّخل شَيْئا فَإِن المُشْتَرِي لَا يكون لَهُ الْخِيَار وَلَكِن البيع لَهُ لَازم وَيَأْخُذهُ بِجَمِيعِ الثّمن
وَإِنَّمَا خَالف الثَّمَرَة الَّتِي كَانَت فِي النّخل يَوْم اشْترى النّخل الثَّمَرَة الَّتِي حدثت بعد ذَلِك لِأَن الثَّمَرَة الأولى الَّتِي كَانَت فِي النّخل حَيْثُ اشْترى كَانَت من أصل البيع وَوَقع عَلَيْهَا بِعَينهَا البيع فَصَارَت لَهَا حِصَّة من الثّمن وَأما إِذا أثمر بعد ذَلِك

(5/285)


إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة فِي النّخل بِحِصَّتِهِ من الثّمن يكون من ثمن الأَرْض وَالنَّخْل خَاصَّة وَالزِّيَادَة فِي البيع مُخَالف لما يَقع عَلَيْهِ فَلذَلِك اخْتلفَا وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول وَهُوَ قَول مُحَمَّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك كل ثَمَرَة حدثت فِي يَدي البَائِع بعد البيع فَهُوَ زِيَادَة فِي النّخل دون الأَرْض

(5/286)


- 17 بَاب الرجل يَبِيع العَبْد فيجني عَلَيْهِ البَائِع وَالْمُشْتَرِي قبل الْقَبْض ثمَّ يَمُوت من جنايتهما
-
وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم فَلم يقبضهُ حَتَّى قطع البَائِع يَده فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ العَبْد بِنصْف الثّمن وَإِن شَاءَ تَركه وَمَا اسْتهْلك مِنْهُ البَائِع فَإِنَّمَا هُوَ شَيْء ذهب مِنْهُ لَيْسَ فِيهِ على البَائِع ضَمَان إِلَّا أَن الثّمن يبطل عَن المُشْتَرِي مِنْهُ بِحِسَاب مَا انْتقصَ البَائِع من العَبْد وَذَلِكَ النّصْف لِأَن الْيَد من العَبْد نصفه
2 - وَلَو كَانَت الْيَد شلت من غير فعل أحد كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ العَبْد بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك البيع للعيب الَّذِي حدث فِي العَبْد
3 - وَلَو كَانَت الْيَد قطعهَا أَجْنَبِي فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ العَبْد بِجَمِيعِ الثّمن وَاتبع الْجَانِي بِنصْف الْقيمَة وَإِن شَاءَ ترك البيع

(5/287)


فَإِن أَخذ العَبْد وَاتبع الْجَانِي بِنصْف الْقيمَة تصدق بِمَا زَادَت نصف الْقيمَة على نصف الثّمن لِأَنَّهُ ربح مَا لم يضمن
فَإِن ترك البيع اتبع البَائِع الْجَانِي بِنصْف الْقيمَة وَيتَصَدَّق أَيْضا بِمَا زَاد نصف الْقيمَة على نصف الثّمن لِأَنَّهُ قطع وَهُوَ لغيره
4 - وَإِن كَانَ الَّذِي قطع يَده هُوَ المُشْتَرِي فَإِن هَذَا اقْتِضَاء مِنْهُ لجَمِيع العَبْد
فَإِن هلك العَبْد بعد ذَلِك من قطع الْيَد أَو من غير قطع الْيَد وَلم يكن البَائِع منع المُشْتَرِي العَبْد بَعْدَمَا قطع المُشْتَرِي يَد العَبْد فعلى المُشْتَرِي جَمِيع الثّمن إِن مَاتَ من الْقطع أَو من غَيره
وَإِن كَانَ البَائِع منع المُشْتَرِي عَن قبض العَبْد بَعْدَمَا قطع المُشْتَرِي يَد العَبْد ثمَّ مَاتَ العَبْد فِي يَدي البَائِع من قطع الْيَد فعلى المُشْتَرِي جَمِيع الثّمن

(5/288)


فَإِن مَاتَ من غير قطع الْيَد فعلى المُشْتَرِي نصف الثّمن بِقطع الْيَد لِأَنَّهُ استوفى حِين قطع الْيَد نصف مَا اشْترى لِأَن الْيَد من العَبْد نصفه ثمَّ مَنعه البَائِع مَا بَقِي حَتَّى هلك فِي يَدَيْهِ من غير فعل المُشْتَرِي وَبَطل من المُشْتَرِي ثمن مَا بَقِي من العَبْد
5 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم فَلم يقبضهُ حَتَّى قطع البَائِع يَده ثمَّ إِن المُشْتَرِي قطع رجله من خلاف ثمَّ برِئ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَلَا خِيَار للْمُشْتَرِي فِي هَذَا وَيلْزمهُ العَبْد بِنصْف الثّمن وَيبْطل عَنهُ نصف الثّمن لقطع البَائِع يَده وَإِنَّمَا بَطل خِيَاره فِي هَذَا الْوَجْه لِأَنَّهُ قطع رجله بَعْدَمَا قطع البَائِع يَده فَكَانَ فِي هَذَا اخْتِيَار مِنْهُ للْبيع وَالرِّضَا بِالْعَبدِ أقطع
6 - وَلَو لم يكن البَائِع قطع يَده وَلَكِن المُشْتَرِي هُوَ الَّذِي قطع يَده قبل ثمَّ قطع البَائِع رجله بعد ذَلِك فبرئ مِنْهُمَا جَمِيعًا

(5/289)


فَإِن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ العَبْد وَأعْطى ثَلَاثَة أَربَاع الثّمن وَإِن شَاءَ أبطل البيع لزمَه نصف الثّمن بِقطعِهِ الْيَد لِأَنَّهُ حِين قطع الْيَد فقد استوفى نصف مَا اشْترى من البَائِع ثمَّ قطع البَائِع بعد رجله من خلاف فَمنع نصف مَا بَقِي بعد الْيَد فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِيمَا بَقِي من العَبْد إِن شَاءَ أَخذه بِربع الثّمن مَعَ النّصْف الَّذِي لزمَه بِقطع الْيَد وَإِن شَاءَ ترك
وَإِنَّمَا جَازَ الْخِيَار فِي هَذَا الْبَاب للْمُشْتَرِي وَلم يكن لَهُ فِي الْبَاب الأول خِيَار لِأَن الْقطع فِي هَذَا الْبَاب كَانَ من البَائِع بعد رضَا المُشْتَرِي لِأَن البَائِع حِين جنى على العَبْد بعد جِنَايَة المُشْتَرِي وَلم يحدث من المُشْتَرِي بعد قطع البَائِع شَيْء فِي العَبْد يكون قد رَضِي بِهِ البَائِع وَفِي الْبَاب الأول كَانَت جِنَايَة المُشْتَرِي بعد جِنَايَة البَائِع فَكَانَ ذَلِك مِنْهُ رضَا بِأَن يَأْخُذ العَبْد بِجِنَايَة البَائِع عَلَيْهِ فَلذَلِك اخْتلفَا
7 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم فنقده الدَّرَاهِم وَلم يقبض حَتَّى قطع المُشْتَرِي يَده ثمَّ ثنى البَائِع فَقطع رجله من خلاف فبرئ من ذَلِك كُله فَإِن العَبْد للْمُشْتَرِي

(5/290)


وَلَا خِيَار لَهُ فِيهِ وعَلى البَائِع للْمُشْتَرِي نصف قيمَة العَبْد الْمَقْطُوع الْيَد
وَلَا يشبه نقد الثّمن فِي هَذَا غير نقد الثّمن لِأَن المُشْتَرِي حِين نقد الثّمن ثمَّ قطع صَار قَابِضا لجَمِيع العَبْد بِقطعِهِ الْيَد وَصَارَ البَائِع لَا يقدر على مَنعه حَتَّى يدْفع إِلَيْهِ الثّمن فَلَمَّا قطع البَائِع رجله بعد ذَلِك كَانَ بِمَنْزِلَة رجل قطع رجل عبد رجل لَيْسَ بَينه وَبَينه فِيهِ بيع فَيغرم نصف قِيمَته مَقْطُوع الْيَد بِقطعِهِ الرجل
8 - وَلَو كَانَ البَائِع هُوَ الَّذِي قطع الْيَد قبل المُشْتَرِي ثمَّ إِن المُشْتَرِي قطع رجله بعد ذَلِك لم يكن للْمُشْتَرِي فِي العَبْد خِيَار وَلَزِمَه البيع بِنصْف الثّمن وَيرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِنصْف الثّمن الَّذِي أعطَاهُ
وَإِنَّمَا افترق هَذَا وَالْبَاب الأول لِأَن المُشْتَرِي لم يقبض العَبْد حِين قطع البَائِع يَده فَأبْطل بِقطع يَد العَبْد نصف الثّمن عَن المُشْتَرِي وَصَارَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ مَا بَقِي من العَبْد بِنصْف الثّمن وَإِن شَاءَ تَركه فَلَمَّا قطع المُشْتَرِي رجله بعد قطع البَائِع كَانَ هَذَا رضَا مِنْهُ بِالْعَبدِ واختيارا للْبيع فَيلْزمهُ مَا بَقِي من العَبْد وَبَطل عَنهُ نصف الثّمن بِقطع البَائِع يَد العَبْد قبل أَن يقبضهُ المُشْتَرِي وَلَو كَانَ المُشْتَرِي هُوَ الَّذِي قطع الْيَد قبل قطع البَائِع كَانَ هَذَا قبضا مِنْهُ لعَبْدِهِ الَّذِي اشْترى كُله مَا قطع

(5/291)


مِنْهُ وَمَا بَقِي فَلَيْسَ للْبَائِع أَن يمنعهُ مَا بَقِي من العَبْد لِأَنَّهُ قد استوفى الثّمن فَلَمَّا قطع رجله صَار ضَامِنا لنصف قِيمَته مَقْطُوع الْيَد لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة عبد لَا بيع بَينهمَا فِيهِ
9 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم وَلم ينقده الثّمن حَتَّى قطع البَائِع يَد العَبْد ثمَّ قطع المُشْتَرِي بعد ذَلِك رجله من خلاف فَمَاتَ من ذَلِك كُله فِي يَدي البَائِع فَإِن المُشْتَرِي يبطل عَنهُ من الثّمن خَمْسَة أثمانه وَيلْزمهُ ثَلَاثَة أَثمَان الثّمن لِأَن البَائِع حِين قطع يَد العَبْد قبل قطع المُشْتَرِي بَطل عَن المُشْتَرِي بِقطع البَائِع الْيَد نصف الثّمن ثمَّ إِن المُشْتَرِي قطع رجل العَبْد وَهُوَ ربع جَمِيع مَا اشْترى لِأَنَّهُ نصف مَا بَقِي بعد الْيَد فَوَجَبَ عَلَيْهِ بعد ذَلِك ربع الثّمن لِأَنَّهُ لم يقبضهُ حِين جنى عَلَيْهِ ثمَّ مَاتَ العَبْد من القطعين جَمِيعًا وَإِنَّمَا بَقِي من العَبْد ربعه فَصَارَ على المُشْتَرِي من ذَلِك الرّبع بعضه وَهُوَ الثّمن من جَمِيع الثّمن وَبَطل عَنهُ نصف ذَلِك الرّبع وَهُوَ أَيْضا الثّمن لِأَن البَائِع هُوَ الَّذِي اسْتهْلك ذَلِك الثّمن فَبَطل عَن المُشْتَرِي نصف الرّبع الْبَاقِي وَهُوَ الثّمن من جَمِيع العَبْد وَصَارَ عَلَيْهِ نصف ذَلِك الرّبع وَهُوَ ثمن الْجَمِيع فَبَطل عَنهُ خَمْسَة أَثمَان الثّمن وَوَجَب عَلَيْهِ ثَلَاثَة أثمانه

(5/292)


10 - وَلَو كَانَ المُشْتَرِي هُوَ الَّذِي قطع الْيَد قبل قطع البَائِع ثمَّ إِن البَائِع قطع الرجل بعد ذَلِك من خلاف فَمَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله فَإِن على المُشْتَرِي فِي هَذَا خَمْسَة أَثمَان الثّمن وَيبْطل عَنهُ ثَلَاثَة أَثمَان الثّمن لِأَن المُشْتَرِي حِين بَدَأَ بِقطع الْيَد كَانَ قَابِضا لنصف مَا اشْترى وَوَجَب عَلَيْهِ نصف الثّمن فَلَمَّا قطع البَائِع رجله بعد ذَلِك كَانَ قد منع ربع العَبْد فَبَطل الْمُسَمّى بذلك ربع الثّمن ثمَّ مَاتَ العَبْد من القطعين جَمِيعًا فَبَطل عَن المُشْتَرِي نصف الرّبع الْبَاقِي وَهُوَ الثّمن من جَمِيعه وَصَارَ عَلَيْهِ نصف ذَلِك الرّبع وَهُوَ ثمن الْجَمِيع فَوَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسَة أَثمَان الثّمن وَبَطل عَنهُ ثَلَاثَة أثمانه
11 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم ونقده الثّمن ثمَّ إِن المُشْتَرِي قطع يَد العَبْد ثمَّ إِن البَائِع قطع رجله بعد ذَلِك من خلاف فَمَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله فَإِن العَبْد لَازم للْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثّمن وعَلى البَائِع للْمُشْتَرِي ثَلَاثَة أَثمَان قيمَة العَبْد لِأَن المُشْتَرِي حِين قطع يَده صَار قَابِضا لجَمِيع العَبْد وَصَارَ البَائِع لَا يقدر على مَنعه فَلَمَّا جنى عَلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَة عبد

(5/293)


لَا بيع بَينهمَا فِيهِ حِين جنى عَلَيْهِ وَهُوَ ضَامِن لجنايته من قِيمَته وجنايته عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَثمَان قِيمَته صَحِيحا
12 - وَلَو كَانَ البَائِع هُوَ الَّذِي قطع يَده قبل ثمَّ إِن المُشْتَرِي قطع رجله بعد ذَلِك ثمَّ مَاتَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَقد كَانَ المُشْتَرِي نقد الثّمن فَإِن المُشْتَرِي يرجع على البَائِع بِنصْف الثّمن الَّذِي نَقده وَيلْزم العَبْد المُشْتَرِي بِنصْف الثّمن الَّذِي نقد وَيرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِثمن الْقيمَة لِأَن البَائِع قبل أَن يقطع المُشْتَرِي رجله أبطل من الثّمن بعضه ثمَّ إِن المُشْتَرِي قطع رجله فَصَارَ قَابِضا لما بَقِي مِنْهُ ثمَّ مَاتَ العَبْد من فعل يَد فعله البَائِع قبل الْقَبْض وَمن فعل المُشْتَرِي فعلى البَائِع مَا حدث فِيهِ من فعله بعد قبض المُشْتَرِي لَهُ فَيكون عَلَيْهِ ذَلِك من قيمَة العَبْد وَالَّذِي حدث بعد قبض المُشْتَرِي من جِنَايَة البَائِع الثّمن فَعَلَيهِ ثمن الْقيمَة
لَا يبطل فِي هَذَا الْموضع ثمن الثّمن لِأَن هَذَا حدث بعد قبض

(5/294)


المُشْتَرِي وَبعد مَا صَار البَائِع لَا يقدر على منع العَبْد فَكل شَيْء كَانَ من جِنَايَة البَائِع بعد قبض المُشْتَرِي العَبْد وَقد نقد المُشْتَرِي البَائِع الثّمن فَإِنَّمَا على البَائِع فِيهِ الْقيمَة وكل شَيْء كَانَ من جِنَايَة البَائِع قبل قبض المُشْتَرِي فَإِنَّهُ يبطل عَن المُشْتَرِي بِهِ من الثّمن بِحِسَاب ذَلِك
13 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا من رجل بِأَلف دِرْهَم فنقده الثّمن أَو لم ينقده حَتَّى قطع البَائِع يَده ثمَّ قَبضه المُشْتَرِي بِإِذن البَائِع أَو بِغَيْر إِذْنه فَمَاتَ فِي يَد المُشْتَرِي من جِنَايَة البَائِع عَلَيْهِ فَإِن الثّمن يبطل عَن المُشْتَرِي مِنْهُ نصفه فَإِن كَانَ قبض البَائِع رد على المُشْتَرِي نصفه وَإِن كَانَ لم ينْقد الثّمن دفع المُشْتَرِي إِلَى البَائِع نصفه وَمَا هلك من العَبْد فِي يَدي المُشْتَرِي بِجِنَايَة البَائِع فعلى المُشْتَرِي ثمنه فَلَا ضَمَان على البَائِع فِيهِ لِأَن المُشْتَرِي قَبضه فَصَارَ ضَامِنا
وَلَا يشبه أَخذ المُشْتَرِي العَبْد فِي هَذَا الْقَبْض بِالْجِنَايَةِ وَالْقَبْض بِالْحَدَثِ يحدثه المُشْتَرِي فِي العَبْد كل شَيْء حدث من جِنَايَة البَائِع الأول بعد مَا يحدث فِيهِ المُشْتَرِي جِنَايَة فَإِن كَانَ البَائِع لم ينْتَقد الثّمن بَطل عَن المُشْتَرِي من الثّمن بِحِسَاب مَا اسْتهْلك البَائِع مِنْهُ قبل قبض المُشْتَرِي العَبْد بِالْحَدَثِ الَّذِي أحدثه المُشْتَرِي

(5/295)


فِيهِ بَطل عَن المُشْتَرِي من الثّمن بِحِسَاب ذَلِك وَمَا حدث من اسْتِهْلَاك البَائِع بعد قبض المُشْتَرِي بِالْحَدَثِ الَّذِي أحدثه فِيهِ المُشْتَرِي إِن كَانَ البَائِع انتقد الثّمن فعلى البَائِع فِيهِ الْقيمَة وَإِذا كَانَ الْقَبْض من المُشْتَرِي بِغَيْر جِنَايَة جناها فِي العَبْد إِنَّمَا أَخذ العَبْد أخذا فَهَلَك فِي يَده بِجِنَايَة جناها عَلَيْهِ البَائِع قبل قبض المُشْتَرِي فَإِن البَائِع لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا هلك عِنْد المُشْتَرِي من ذَلِك وَلَا يبطل عَن المُشْتَرِي بذلك شَيْء من الثّمن إِنَّمَا يبطل من الثّمن حِصَّة المُشْتَرِي فِيمَا اسْتهْلك البَائِع من العَبْد قبل أَن يَأْخُذهُ المُشْتَرِي
أَلا ترى أَن رجلا لَو فَقَأَ عين عَبده وَقطع رجله أَو قطع يَده ثمَّ غصبه إِيَّاه رجل فَمَاتَ فِي يَدَيْهِ من فعل الْمولى كَانَ على الْغَاصِب قيمَة العَبْد يَوْم غصبه إِن كَانَ

(5/296)


قد مَاتَ من فعل مَوْلَاهُ
14 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا من رجل فَلم ينْقد الثّمن حَتَّى قَبضه بِغَيْر أَمر البَائِع فَقطع البَائِع يَده فِي يَد المُشْتَرِي وَلم يَأْخُذهُ حَتَّى مَاتَ العَبْد من قطع الْيَد فِي يَد المُشْتَرِي أَو من غير ذَلِك فَإِن كَانَ مَاتَ من قطع الْيَد فقد بَطل البيع وَلَا ضَمَان على المُشْتَرِي فِي العَبْد وَلَا فِي ثمنه لِأَن البَائِع حِين قطع يَده فِي يَد المُشْتَرِي ثمَّ مَاتَ من ذَلِك فَكَأَن البَائِع أَخذه من المُشْتَرِي فَمَاتَ فِي يَدَيْهِ
فَإِن كَانَ العَبْد قد مَاتَ من غير قطع البَائِع بَطل عَن المُشْتَرِي نصف الثّمن بِقطع البَائِع يَده وَوَجَب على المُشْتَرِي نصف الثّمن بِمَوْت العَبْد فِي يَدَيْهِ
15 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم فَلم ينقده الثّمن حَتَّى أحدث المُشْتَرِي فِيهِ عَيْبا ينقصهُ من الثّمن شَيْئا فَلم يمنعهُ البَائِع العَبْد بعد ذَلِك حَتَّى مَاتَ العَبْد من غير مَا أحدث المُشْتَرِي فَإِن أَبَا حنيفَة كَانَ يَقُول هَذَا قبض من المُشْتَرِي لجَمِيع العَبْد وَعَلِيهِ جَمِيع الثّمن

(5/297)


وَلَو كَانَ المُشْتَرِي بَاعه وَقَبضه الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بعد مَا أحدث المُشْتَرِي فِيهِ فَإِن مَا أحدث فِيهِ كَانَ بَيْعه جَائِزا لِأَنَّهُ قبض وَإِذا بَاعَ عبدا قد قَبضه فَهُوَ جَائِز
16 - وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اشْترى الرجل من الرجل جَارِيَة فَلم يقبضهَا المُشْتَرِي حَتَّى زَوجهَا رجلا فَالنِّكَاح جَائِز فَإِن مَاتَت قبل أَن يقبضهَا المُشْتَرِي مَاتَت من مَال البَائِع وَلم يكن هَذَا من المُشْتَرِي قبضا
وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يكون هَذَا قبضا لِأَنَّهُ عيب دخل الْجَارِيَة أَلا ترى أَنَّهَا ترد مِنْهُ وَلَكِن أَبَا حنيفَة قَالَ أستحسن أَلا أجعله قبضا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْب حدث فِي بدنهَا
وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول إِن وَطئهَا الزَّوْج ثمَّ مَاتَت بعد ذَلِك مَاتَت من مَال المُشْتَرِي وَصَارَ على المُشْتَرِي جَمِيع الثّمن نَقصهَا وَطْء الزَّوْج أَو لم ينقصها

(5/298)


وَكَذَلِكَ وَطْء المُشْتَرِي لَو وَطئهَا وَهِي ثيب فِي يَد البَائِع ثمَّ مَاتَت بعد ذَلِك وَلم يمْنَعهَا البَائِع المُشْتَرِي فعلى المُشْتَرِي جَمِيع الثّمن
فَإِن كَانَ البَائِع منعهَا المُشْتَرِي بعد وَطْء المُشْتَرِي أَو الزَّوْج إِيَّاهَا وَلم ينقصها الْوَطْء شَيْئا ثمَّ مَاتَت فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ انْتقض البيع فِيهَا وَلَا شَيْء على المُشْتَرِي من الْعقر وَلَا من الثّمن
فَإِن كَانَت بكرا أَو كَانَ الْوَطْء قد نَقصهَا فَإِن أَبَا حنيفَة كَانَ لَا ينظر فِي هَذَا إِلَى الْعقر وَلكنه ينظر إِلَى مَا نَقصهَا الْوَطْء فَيجْعَل على المُشْتَرِي من الثّمن حِصَّة ذَلِك وَيبْطل مَا بَقِي
وَلَو كَانَ البَائِع هُوَ الَّذِي وَطئهَا فَلم ينقصها شَيْئا أَخذهَا المُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثّمن وَلَا عقر على البَائِع فِي ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهُ ينظر إِلَى عقرهَا والى قيمتهَا فَيقسم الثّمن على ذَلِك وَيبْطل عَن المُشْتَرِي حِصَّة الْعقر من الثّمن وَتَكون الْجَارِيَة للْمُشْتَرِي بِمَا بَقِي من الثّمن
وَإِن كَانَ وَطْء البَائِع نَقصهَا أَو كَانَت بكرا فَإِن أَبَا حنيفَة كَانَ لَا ينظر فِي هَذَا إِلَى الْعقر وَلكنه ينظر إِلَى مَا نَقصهَا الْوَطْء

(5/299)


فَيبْطل حِصَّة ذَلِك عَن المُشْتَرِي من الثّمن وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّمَا ينظر إِلَى الْأَكْثَر من ذَلِك من الْعقر وَالنُّقْصَان فيطرح عَنهُ من الثّمن حِصَّة ذَلِك
17 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا من رجل بِأَلف دِرْهَم وَلم ينقده الثّمن حَتَّى قطع البَائِع يَد العَبْد ثمَّ قطع المُشْتَرِي وَرجل أَجْنَبِي رجل العَبْد من خلاف مَعًا فَمَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله فَإِن المُشْتَرِي قد بَطل عَنهُ من الثّمن بِقطع البَائِع الْيَد نصفه وَلزِمَ المُشْتَرِي ربع الثّمن بِقطعِهِ وَقطع الْأَجْنَبِيّ رجل العَبْد ثمَّ يرجع المُشْتَرِي على الْأَجْنَبِيّ بِنصْف ارش الرجل وَهُوَ ثمن العَبْد صَحِيحا وَقد مَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله فَبَطل عَن المُشْتَرِي من الثّمن حِصَّة ثلث مَا بَقِي من العَبْد وَهُوَ ثلثا جَمِيع الثّمن وَيلْزمهُ من الثّمن الثّمن وَثلث الثّمن بِجِنَايَتِهِ وَجِنَايَة الْأَجْنَبِيّ على مَا بَقِي من العَبْد وَيرجع المُشْتَرِي على الْأَجْنَبِيّ أَيْضا بِثُلثي ثمن الْقيمَة بِجِنَايَتِهِ عَن النَّفس فَيكون على الْأَجْنَبِيّ من قيمَة العَبْد ثمن العَبْد بِقطع الرجل وَثلثا ثمن الْقيمَة بِمَا اسْتهْلك من النَّفس وَيكون

(5/300)


على المُشْتَرِي من ثمن العَبْد ثَلَاثَة أَثمَان الثّمن وَثلث ثمن الثّمن بِجِنَايَتِهِ وَجِنَايَة الْأَجْنَبِيّ
وَلَا يتَصَدَّق المُشْتَرِي بِشَيْء مِمَّا أَخذ من الْأَجْنَبِيّ وَإِن كَانَ مَا أَخذ مِنْهُ أَكثر من حِصَّته من الثّمن لِأَنَّهُ إِنَّمَا جنى عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيّ مَعَ قبض المُشْتَرِي إِيَّاه
18 - وَلَو كَانَ البَائِع وَالْأَجْنَبِيّ هما اللَّذَان قطعا الْيَد قبل المُشْتَرِي ثمَّ قطع المُشْتَرِي رجل العَبْد من خلاف فَمَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله فَإِن على المُشْتَرِي من الثّمن بِقطعِهِ الرجل ربع الثّمن وَعَلِيهِ بِمَا اسْتهْلك من النَّفس ثلثا ثمن الثّمن وَيكون عَلَيْهِ أَيْضا بِجِنَايَة الْأَجْنَبِيّ على العَبْد ربع الثّمن وبجناية الْأَجْنَبِيّ على النَّفس ثلثا ثمن الثّمن فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى البَائِع وَيرجع المُشْتَرِي على الْأَجْنَبِيّ بِربع الْقيمَة بِقِطْعَة الْيَد وبثلثي ثمن الْقيمَة بِمَا اسْتهْلك من النَّفس فَيكون ذَلِك على عَاقِلَة الْأَجْنَبِيّ فِي ثَلَاث سِنِين كل سنة من ذَلِك الثُّلُث
فَإِذا قبض ذَلِك المُشْتَرِي فَإِن كل الَّذِي قبض من جِنَايَة الْأَجْنَبِيّ على الْيَد أَكثر من ربع الثّمن تصدق بِالْفَضْلِ على ربع الثّمن لِأَنَّهُ ربح مَا لم يضمن وَإِنَّمَا كَانَ قَبضه للْعَبد بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ

(5/301)


بعد جِنَايَة الْأَجْنَبِيّ على الْيَد وَأما مَا اسْتهْلك الْأَجْنَبِيّ من النَّفس فَإِن كَانَ فِيهِ فضل على مَا غرم المُشْتَرِي من حِصَّة ذَلِك من الثّمن لم يكن على المُشْتَرِي أَن يتَصَدَّق بِهِ لِأَنَّهُ ربح مَا قد قبض وَضمن أَلا ترى أَن رجلا لَو اشْترى عبدا بِأَلف دِرْهَم فَلم يقبضهُ حَتَّى قطع رجل أَجْنَبِي يَده فَقَبضهُ على ذَلِك ورضيه ثمَّ مَاتَ العَبْد فِي يَدي المُشْتَرِي من جِنَايَة الْأَجْنَبِيّ عَلَيْهِ فَإِن على عَاقِلَة الْأَجْنَبِيّ جَمِيع قيمَة العَبْد فِي ثَلَاث سِنِين فَإِذا أَخذهَا المُشْتَرِي فَإِن كَانَ فِيهَا فضل على الثّمن تصدق بِنصْف ذَلِك الْفضل وَهُوَ حِصَّة الْيَد لِأَنَّهُ ربح مَا لم يضمن لِأَن الْيَد قطعت وَلَيْسَ العَبْد فِي ضَمَانه وَأما مَا هلك فِي يَدي المُشْتَرِي فَإِن كَانَ فِي قِيمَته فضل على حِصَّته من الثّمن فَهُوَ طيب للْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ ربح مَا ضمن فَصَارَ فِي ملكه مَضْمُونا
19 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا من رجل بِأَلف دِرْهَم فَلم ينقده الثّمن حَتَّى قطع المُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيّ يَد العَبْد مَعًا ثمَّ قطع البَائِع بعد ذَلِك رجله من خلاف ثمَّ مَاتَ من ذَلِك كُله فَإِن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ سلم للْبَائِع من الثّمن نصفه بِقطعِهِ وَقطع الْأَجْنَبِيّ يَد العَبْد وَيرجع المُشْتَرِي على الْأَجْنَبِيّ بِربع

(5/302)


الْقيمَة وَلَا يتَصَدَّق بِمَا كَانَ فِي ذَلِك من فضل لِأَن جِنَايَة الْأَجْنَبِيّ كَانَت مَعَ قبض المُشْتَرِي للْعَبد بِقِطْعَة الْيَد وَيرجع البَائِع على المُشْتَرِي أَيْضا بِثمن الثّمن وَثلث ثمن الثّمن باستهلاكه واستهلاك الْأَجْنَبِيّ النَّفس وَيرجع المُشْتَرِي على الْأَجْنَبِيّ بِثُلثي ثمن قيمَة العَبْد وَيبْطل عَن المُشْتَرِي من الثّمن ثمنا جَمِيع الثّمن وَثلثا ثمن جَمِيع الثّمن بِقطع البَائِع رجل العَبْد واستهلاك البَائِع النَّفس بعد قطع الرجل
وَإِن شَاءَ المُشْتَرِي نقض البيع وَلَزِمَه من الثّمن حِصَّة جِنَايَته خَاصَّة وَذَلِكَ ثمنا جَمِيع الثّمن وَثلثا جَمِيع ثمن الثّمن وَيرجع البَائِع على الْأَجْنَبِيّ بثمني جَمِيع قيمَة العَبْد وثلثي ثمن جَمِيع قيمَة العَبْد فَإِن كَانَ فِي ذَلِك فضل عَن ثمني

(5/303)


الثّمن وثلثي ثمن الثّمن تصدق بِهِ البَائِع لِأَنَّهُ ربح مَا لم يكن لَهُ حِين جنى عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيّ فَلَا أحب لَهُ أكله
20 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجلَيْن عبدا بِأَلف دِرْهَم وَلم ينقدهما الثّمن حَتَّى قطع أحد البائعين يَد العَبْد ثمَّ قطع البَائِع الآخر رجل العَبْد من خلاف ثمَّ فَقَأَ المُشْتَرِي عَيْني العَبْد فَمَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله فِي يَدي البَائِع فَإِن البيع قد لزم المُشْتَرِي بفقئه الْعين بعد جِنَايَة البائعين
وَلَو لم يكن فَقَأَ الْعين كَانَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ نقض البيع وَإِن شَاءَ أَخذه
فَأَما إِذا فَقَأَ الْعين بعد جِنَايَة البائعين فَهَذَا اخْتِيَار مِنْهُ للْبيع فَيكون عَلَيْهِ من الثّمن للقاطع الأول ثمن جَمِيع الثّمن وَخَمْسَة أَسْدَاس ثمن جَمِيع الثّمن وَيكون عَلَيْهِ للقاطع الثَّانِي من الثّمن على المُشْتَرِي ثمنا جَمِيع الثّمن وَخَمْسَة أَسْدَاس ثمن جَمِيع الثّمن وَيبْطل مَا بَقِي من الثّمن وَيرجع المُشْتَرِي على الْقَاطِع الأول بثمني قيمَة العَبْد وَسدس ثمن قيمَة العَبْد فَيكون ذَلِك على عَاقِلَته

(5/304)


فِي ثَلَاث سِنِين وَيكون على الْقَاطِع الثَّانِي للْمُشْتَرِي ثمن قيمَة العَبْد وَسدس ثمن قيمَة العَبْد على عَاقِلَته فِي ثَلَاث سِنِين وَيتَصَدَّق المُشْتَرِي بِمَا زَاد ذَلِك كُله على مَا غرم من الثّمن إِلَّا سدس ثمن قيمَة العَبْد مِمَّا غرم البائعان لَهُ فَإِن فضلهما على سدس ثمن الثّمن يطيب لَهُ
21 - وَإِذا اشْترى رجلَانِ العَبْد من رجل بِأَلف دِرْهَم وَلم ينقدا الثّمن حَتَّى قطع أحد المشترين يَد العَبْد ثمَّ قطع المُشْتَرِي الآخر رجله من خلاف فَمَاتَ من ذَلِك كُله فَإِن البيع يلْزم المشتريين جَمِيعًا بِالثّمن كُله وَيرجع الْقَاطِع الثَّانِي على الْقَاطِع الأول بثمني قيمَة العَبْد وَنصف ثمن قيمَة العَبْد وَيرجع

(5/305)


الْقَاطِع الأول على الْقَاطِع الثَّانِي بِثمن قيمَة العَبْد وَنصف ثمن قيمَة العَبْد فَيكون ذَلِك على عَاقِلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي ثَلَاث سِنِين
فَإِن كَانَ البَائِع فَقَأَ عينه بعد قطع المشتريين جَمِيعًا الْيَد وَالرجل فَمَاتَ من ذَلِك كُله فَإِن المشتريين بِالْخِيَارِ إِن شاءا نقضا البيع وَكَانَ للْبَائِع على الْقَاطِع الأول ثمنا الثّمن وَسدس ثمن الثّمن وَيكون على الْقَاطِع الثَّانِي من الثّمن ثمن الثّمن وَسدس ثمن الثّمن وَيرجع البَائِع أَيْضا على الْقَاطِع الأول بثمني الْقيمَة وَسدس ثمن الْقيمَة وَيرجع البَائِع على الْقَاطِع الثَّانِي بِثمن الْقيمَة وَسدس ثمن الْقيمَة وَيبْطل من جِنَايَة البَائِع على العَبْد ثمن الثّمن وَثلث ثمن الثّمن
فَإِن اخْتَار المُشْتَرِي أَخذ العَبْد كَانَ على كل وَاحِد من المشتريين ثَلَاثَة أَثمَان الثّمن وَثلث ثمن الثّمن وَيبْطل عَنْهُمَا من الثّمن ثمن الثّمن وَثلث ثمن الثّمن بِجِنَايَة البَائِع على العَبْد وَيرجع الْقَاطِع الثَّانِي على الْقَاطِع الأول بثمني جَمِيع الْقيمَة وَسدس ثمن الْقيمَة وَيرجع الْقَاطِع الأول على الْقَاطِع الثَّانِي بِثمن جَمِيع الْقيمَة وَسدس

(5/306)


ثمن جَمِيع الْقيمَة فَيكون ذَلِك على عَاقِلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاث سِنِين
22 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم وَلم ينقده الثّمن حَتَّى قطع البَائِع يَد العَبْد ثمَّ قطع المُشْتَرِي بعد ذَلِك الْيَد الْأُخْرَى أَو قطع الرجل الَّتِي فِي جَانب الْيَد المقطوعة فَمَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله فَإِن المُشْتَرِي يبطل عَنهُ نصف الثّمن بِقطع البَائِع يَد العَبْد ثمَّ ينظر إِلَى مَا نقص العَبْد من جِنَايَة المُشْتَرِي عَلَيْهِ فِي قطع يَده أَو رجله
وَهَذَا لَا يشبه قطع الرجل من خلاف لِأَن هَذَا اسْتِهْلَاك للْعَبد فنقصانه أَكثر من نُقْصَان قطع الرجل من خلاف فَينْظر إِلَى مَا نقص العَبْد من جِنَايَة المُشْتَرِي عَلَيْهِ فَإِن كَانَ نَقصه أَرْبَعَة أَخْمَاس مَا بَقِي كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعَة أَخْمَاس نصف الثّمن وَقد فَاتَ الْخمس الْبَاقِي وَهُوَ عشر جَمِيع العَبْد من فعلهمَا جَمِيعًا فعلى المُشْتَرِي بِجِنَايَتِهِ على ذَلِك نصف ذَلِك الْعشْر فَيكون عَلَيْهِ

(5/307)


أَرْبَعَة أعشار الثّمن وَنصف عشر الثّمن وَيبْطل عَنهُ خَمْسَة أعشار الثّمن وَنصف عشر الثّمن
وعَلى هَذَا جَمِيع مَا وصفت لَك فِي هَذَا الْوَجْه
23 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم وَلم ينقده الثّمن حَتَّى قطع المُشْتَرِي يَد العَبْد ثمَّ قطع البَائِع رجل العَبْد من خلاف ثمَّ مَاتَ العَبْد من غير ذَلِك وَلم يحدث البَائِع للْمُشْتَرِي منعا فَإِن على المُشْتَرِي ثَلَاثَة أَربَاع الثّمن لِأَن المُشْتَرِي حِين قطع الْيَد قبل البَائِع وَجب عَلَيْهِ نصف الثّمن بِقطع الْيَد فَكَانَ بِقطعِهِ الْيَد قَابِضا لما بَقِي من العَبْد فَلَمَّا قطع البَائِع رجله بعد ذَلِك كَانَ قَابِضا حِصَّة الرجل خَاصَّة بذلك الرّبع من جَمِيع العَبْد فَبَطل عَن المُشْتَرِي ربع الثّمن بذلك وَصَارَ المُشْتَرِي على قَبضه الأول فِيمَا بَقِي من العَبْد لِأَن البَائِع لم يحدث لَهُ منعا فِيمَا بَقِي من العَبْد فَإِذا مَاتَ العَبْد من غير فعل البَائِع وَالْمُشْتَرِي فَإِنَّمَا مَاتَ فِي ضَمَان المُشْتَرِي وَقَبضه فَعَلَيهِ ثمن مَا بَقِي من العَبْد وَهُوَ ربع جَمِيع الثّمن فَوَجَبَ عَلَيْهِ بذلك وباليد الَّتِي قطعهَا ثَلَاثَة أَربَاع الثّمن
وَلَو كَانَ العَبْد حَيا لم يمت وَقد برِئ من القطعين جَمِيعًا

(5/308)


فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ مَا بَقِي من العَبْد وَأَعْطَاهُ نصف الثّمن بِقطعِهِ الْيَد
وَلَو كَانَ البَائِع منع العَبْد بعد قطعه الرجل وَأَرَادَ المُشْتَرِي أَخذه بِثَلَاثَة أَربَاع الثّمن فَمَنعه البَائِع إِيَّاه حَتَّى يُعْطِيهِ الثّمن فَمَاتَ فِي يَده من غير جِنَايَة فَلَيْسَ على المُشْتَرِي من الثّمن إِلَّا نصف الثّمن بِقطعِهِ الْيَد خَاصَّة لِأَن البَائِع مَنعه فِيمَا بَقِي من العَبْد فنقض قبض المُشْتَرِي لَهُ وَلَا يشبه منع البَائِع مَا بَقِي من العَبْد الْجِنَايَة عَلَيْهِ إِذا جنى عَلَيْهِ بعد قبض المُشْتَرِي وَإِنَّمَا يكون مَانِعا بِجِنَايَتِهِ لما اسْتهْلك من العَبْد بِتِلْكَ الْجِنَايَة خَاصَّة وَلَا يكون قَابِضا لما بَقِي وَإِذا منع ذَلِك وَقد طلبه المُشْتَرِي مِنْهُ فَهَذَا منع قد نقض قبض الْمَبِيع فَإِن هلك فِي يَد البَائِع بعد ذَلِك هلك مَا بَقِي من مَال البَائِع

(5/309)


- 18 بَاب بيع الرجل العَبْد أَو الْأمة فيزيد قبل الْقَبْض أَو ينقص أَو تَلد ولدا فَيَمُوت وَلَدهَا أَو يحدث بِهِ عيب
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم وَقيمتهَا ألف دِرْهَم فَولدت ولدا عِنْد البَائِع إبنة تَسَاوِي ألفا ونقصت الْولادَة الْأُم فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما جَمِيعًا بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ تَركهمَا
فَإِن اخْتَار أخذهما فَلم يأخذهما حَتَّى ولدت الِابْنَة ابْنة تَسَاوِي ألفا وَقد نقصتها الْولادَة فَإِن المُشْتَرِي أَيْضا بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهم بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك

(5/311)


فَإِن زَادَت الْوُسْطَى حَتَّى صَارَت تَسَاوِي أَلفَيْنِ فقبضهن جَمِيعًا وَالْوُسْطَى تَسَاوِي أَلفَيْنِ وَالْأُخْرَى تَسَاوِي ألفا وَالأُم قد نقصت قيمتهَا فَهِيَ تَسَاوِي خَمْسمِائَة فَوجدَ بِالْأُمِّ عَيْبا بعد مَا قبضهن جَمِيعًا فَإِنَّهُ يرد الْأُم بِربع الثّمن وَلَا يلْتَفت إِلَى نقصانها إِنَّمَا ينظر إِلَى قيمتهَا يَوْم وَقع البيع
فَإِن لم يكن وجد بِالْأُمِّ عَيْبا وَلكنه وجد بِالثَّانِيَةِ عَيْبا فَإِنَّهُ يردهَا بِنصْف الثّمن لِأَن قيمتهَا يَوْم قبضهَا ألفا دِرْهَم وَلَا ينظر إِلَى مَا كَانَت قيمتهَا قبل ذَلِك
فَإِن لم يجد بِالثَّانِيَةِ عَيْبا وَلكنه وجد بالأخيرة عَيْبا فَإِنَّهُ يردهَا بِربع الثّمن لِأَن قيمتهَا يَوْم قبضهَا ألف دِرْهَم
وَوجه هَذَا الْبَاب فِي الرَّد بِالْعَيْبِ أَنَّك تنظر إِلَى قيمَة الْأُم يَوْم

(5/312)


وَقع عَلَيْهَا البيع وَلَا ينظر إِلَى زِيَادَة كَانَت بعد ذَلِك وَلَا إِلَى نُقْصَان وَينظر إِلَى قيمَة مَا ولدت من الْوَلَد بعد البيع يَوْم يقبض المُشْتَرِي وَلَا ينظر إِلَى زِيَادَة كَانَت قبل ذَلِك وَلَا إِلَى نُقْصَان وَكَذَلِكَ ولد وَلَدهَا فَإِذا وجد المُشْتَرِي بِشَيْء من ذَلِك عَيْبا بعد مَا قَبضه قسم الثّمن على قيمَة الَّتِي اشْتريت يَوْم وَقع البيع وعَلى قيمَة الْوَلَد يَوْم قبض المُشْتَرِي وَلَا عيب فِيهِ
2 - وَإِذا اشْترى الرجل أمتين بِأَلف دِرْهَم قيمَة إِحْدَاهمَا خَمْسمِائَة وَقِيمَة الْأُخْرَى ألف دِرْهَم فَولدت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ولدا يُسَاوِي ألفا ثمَّ أعورت الْأُم الَّتِي تَسَاوِي ألفا فَاخْتَارَ المُشْتَرِي أَخذ ذَلِك كُله بِالثّمن فَقبض ذَلِك كُله وَدفع الثّمن ثمَّ وجد بالعوراء عَيْبا وَقيمتهَا خَمْسمِائَة فَإِنَّهُ يردهَا بثلثمائة وَثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ وَثلث لِأَنَّهَا وابنتها بِثُلثي الثّمن وَقِيمَة ابْنَتهَا ألف دِرْهَم يَوْم قبضهَا المُشْتَرِي وَقِيمَة الْأُم يَوْم وَقع البيع ألف دِرْهَم فحصتها من الثّمن النّصْف من الثُّلثَيْنِ وَهُوَ ثلثمِائة وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَثلث
فَإِن لم يجد بالعوراء عَيْبا وَلكنه وجد بِالْأُمِّ الْأُخْرَى عَيْبا فَإِنَّهُ يردهَا بِمِائَة وَأحد عشر درهما وتسع دِرْهَم لِأَن حصَّتهَا وَحِصَّة

(5/313)


ابْنَتهَا من الثّمن الثُّلُث وَهُوَ ثلثمِائة وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَثلث وَقِيمَة ابْنَتهَا يَوْم قبضهَا المُشْتَرِي ألف دِرْهَم وَقِيمَة الْأُم يَوْم وَقع عَلَيْهَا البيع خَمْسمِائَة وَإِذا قسمت ثلث الثّمن على قيمتهَا صَارَت حِصَّة الْأُم من ذَلِك الثُّلُث وَهُوَ مائَة وَأحد عشر درهما وتسع دِرْهَم
3 - وَإِذا اشْترى الرجل شَاة فَولدت قبل الْقَبْض فَأَرَادَ المُشْتَرِي ردهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَن هَذَا لَيْسَ بِنُقْصَان فِي الشَّاة كَمَا تكون الْولادَة نُقْصَانا فِي الْخَادِم وَكَذَلِكَ كل شَيْء كَانَت وِلَادَته لَا تنقصه فَإِن المُشْتَرِي يجْبر على أَخذهَا وَلَا خِيَار لَهُ فِي ذَلِك
فَإِن رأى بهَا عَيْبا قبل الْقَبْض فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما جَمِيعًا بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ تَركهمَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ أَحدهمَا دون صَاحبه

(5/314)


فَلَو لم بجد بِالْأُمِّ عَيْبا وَلكنه وجد بِالْعَبدِ عَيْبا فَلَا خِيَار لَهُ وَالْولد وَالأُم لازمان لَهُ بِجَمِيعِ الثّمن وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْوَلَد قبل الْقَبْض أَخذ الْأُم بِجَمِيعِ الثّمن وَلَا خِيَار لَهُ فِيهَا
فَإِن كَانَ البَائِع هُوَ الَّذِي قتل الْوَلَد قسم الثّمن على قيمَة الْأُم يَوْم وَقع البيع عَلَيْهِمَا وَلَا ينظر فِي ذَلِك إِلَى زِيَادَة الْقيمَة وَلَا إِلَى نقصانها وَينظر إِلَى قيمَة الْوَلَد يَوْم قَتله البَائِع فَيقسم الثّمن على ذَلِك فَمَا أصَاب الْوَلَد من الثّمن بَطل عَن المُشْتَرِي وَأخذ الْأُم بِمَا بَقِي
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي هَذَا إِن لَهُ الْخِيَار فِي الْأُم لِأَن البَائِع قد اسْتهْلك بعض مَا وَقع عَلَيْهِ البيع لِأَنَّهُ يَقُول إِذا

(5/315)


قتل الْوَلَد صَارَت لَهُ حِصَّة من الثّمن فَإِذا صَارَت لَهُ حِصَّة من الثّمن فَكَأَن البيع وَقع عَلَيْهِمَا
وَإِذا قبضهما المُشْتَرِي جَمِيعًا ثمَّ وجد بِالْأُمِّ عَيْبا ردهَا بحصتها من الثّمن وَلَا يكون لَهُ أَن يرد الْوَلَد فَإِن لم يجد بِالْأُمِّ عَيْبا وَلكنه وجد بِالْوَلَدِ عَيْبا رده بِحِصَّتِهِ من الثّمن
وَلَا يشبه الْقَبْض فِي هَذَا غير الْقَبْض إِذا قبضهما جَمِيعًا صَار كَأَن البيع وَقع عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَلا ترى أَنه يرد الْأُم بحصتها من الثّمن إِذا وجد بهَا الْعَيْب دون الْوَلَد وَلَا يكون لَهُ أَن يرد الْوَلَد فَكَذَلِك الْوَلَد أَيْضا هُوَ بِمثل حَال الْأُم فَإِن لم يقبضهما حَتَّى وجد بِالْوَلَدِ عَيْبا لم يكن لَهُ أَن يردهما بذلك لِأَن الْوَلَد لم يكن لَهُ حِصَّة من الثّمن حَتَّى يقبض أَلا ترى أَنه إِنَّمَا يقسم الثّمن على قيمَة الْوَلَد يَوْم يقبض المُشْتَرِي
4 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم بِإِحْدَى عينيها

(5/316)


بَيَاض وَقيمتهَا ألف دِرْهَم فَولدت ولدا يُسَاوِي ألف دِرْهَم ثمَّ ذهب الْبيَاض الَّذِي بعينيها فَصَارَت تَسَاوِي أَلفَيْنِ ثمَّ إِن البَائِع ضرب الْعين الَّتِي كَانَت فِي الأَصْل صَحِيحَة فابيضت فَرَجَعت إِلَى قيمتهَا الأولى فَصَارَت تَسَاوِي ألفا وَبَيَاض الْعين ينقصها أَرْبَعَة أَخْمَاس الْقيمَة الأولى فَإِنِّي لست ألتفت إِلَى زِيَادَة وَلَكِن أنظر كم ينقصها الْبيَاض لَو كَانَ بَيَاض الْعين الأول على حَاله فَإِن كَانَ ينقصها أَرْبَعَة أَخْمَاس قيمتهَا الأولى وَذَلِكَ ثَمَانمِائَة فَإِن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما بِسِتَّة أعشار الثّمن وَإِن شَاءَ تَركهمَا
فَإِن اخْتَار أخذهما فقبضهما ثمَّ وجد بِالْأُمِّ عَيْبا فَإِنَّهُ يردهَا بسدس مَا أخذهما بِهِ وَذَلِكَ عشر الثّمن كُله وَلَو لم يجد بِالْأُمِّ عَيْبا وَلكنه وجد بِالْوَلَدِ رده بِخَمْسَة أَسْدَاس مَا أخذهما بِهِ
وَلَو لم يكن البَائِع ضرب الْعين الصَّحِيحَة وَلكنه ضرب الْعين الَّتِي كَانَ بهَا الْبيَاض بعد مَا ذهب الْبيَاض فَعَاد الْبيَاض إِلَى حَاله الأولى فَإِن المُشْتَرِي فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما بِثُلثي الثّمن وَإِن شَاءَ تَركهمَا
فَإِن أخذهما بِثُلثي الثّمن فَوجدَ بِالْأُمِّ عَيْبا بعد الْقَبْض ردهَا

(5/317)


بِنصْف مَا أخذهما بِهِ وَلَو كَانَ وجد بِالْوَلَدِ عَيْبا فَكَذَلِك أَيْضا
وَإِنَّمَا يأخذهما بِثُلثي الثّمن لِأَن ذهَاب بَيَاض الْعين زِيَادَة فِيهَا لَهَا قيمَة فَلَمَّا جنى على تِلْكَ الزِّيَادَة وَجب فِيهَا ارش فَصَارَ بِمَنْزِلَة ولد وَلدته فجنى عَلَيْهِ وَإِذا كَانَ إِنَّمَا جنى على الْعين الصَّحِيحَة الَّتِي كَانَت فِي الأَصْل كَذَلِك فَإِنِّي لست أَعْتَد بِهَذِهِ الزِّيَادَة فِي بدنهَا وَلَا يكون بِمَنْزِلَة الْوَلَد لِأَنَّهَا لَيست مزايلة للْأُم فَهِيَ وَإِن كَانَت قيمتهَا مائَة ألف فَكَأَنَّهَا ألف أَلا ترى إِنَّهَا مَضْمُونَة بذلك وَأَن الرجل إِذا رهن جَارِيَة بِأَلف تَسَاوِي ألفا ثمَّ ولدت ولدا يُسَاوِي ألفا ثمَّ مَاتَت الْأُم إِنَّهَا تَمُوت بِالنِّصْفِ لِأَن الْأُم كَانَت ألفا وَالزِّيَادَة إِذا جنى عَلَيْهَا وَأخذ أَرْشهَا فَكَأَنَّهُ ولد وَلدته وَمَا كَانَ فِي رقبَتهَا وبدنها فَكَأَنَّهُ لم يكن قطّ وَلَا يشبه المزايل الَّذِي قد زَالَ عَنْهَا مَا كَانَ فِيهَا

(5/318)


5 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم قيمتهَا ألف دِرْهَم وَإِحْدَى عينيها بَيْضَاء فَذهب الْبيَاض فَصَارَت تَسَاوِي أَلفَيْنِ ثمَّ إِن عبدا لرجل أَجْنَبِي ضرب تِلْكَ الْعين فَعَاد الْبيَاض كَمَا كَانَ فَإِن مولى العَبْد يُخَيّر فَإِن شَاءَ دفع العَبْد وَإِن شَاءَ فدى بِأَلف دِرْهَم بارش الْعين فَإِن دفع العَبْد وَقِيمَته خَمْسمِائَة فَأَخذهُمَا المُشْتَرِي جَمِيعًا بِجَمِيعِ الثّمن ثمَّ إِنَّه وجد بِالْعَبدِ عَيْبا فَإِنَّهُ يردهُ بِثلث الثّمن لِأَن قِيمَته خَمْسمِائَة يَوْم قَبضه المُشْتَرِي وَقِيمَة الْجَارِيَة يَوْم وَقع عَلَيْهَا البيع ألف دِرْهَم فَإِنَّهُ يقسم الثّمن على قيمَة ذَلِك
وَإِن كَانَ المُشْتَرِي إِنَّمَا وجد الْعَيْب بالجارية ردهَا بِثُلثي الثّمن
فَإِن كَانَ المُشْتَرِي لم يقبض العَبْد حَتَّى زَاد فِي يَدي البَائِع فَصَارَ يُسَاوِي ألف دِرْهَم فقبضهما المُشْتَرِي ثمَّ وجد بِأَحَدِهِمَا عَيْبا فَإِنَّهُ يردهُ بِنصْف الثّمن
6 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة بِأَلف تَسَاوِي ألفا ففقأ البَائِع عينيها ثمَّ إِنَّهَا ولدت بعد الفقء ولدا يُسَاوِي ألفا فَإِن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما بِنصْف الثّمن وَإِن شَاءَ تَركهمَا
فَإِن كَانَ الفق بعد الْولادَة فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما بِثَلَاثَة أَربَاع الثّمن وَإِن شَاءَ تَركهمَا

(5/319)


وَلَا يشبه الفقء قبل الْولادَة الفق بعْدهَا لِأَنَّهُ إِذا فَقَأَ الْعين قبل الْولادَة بطلت حصَّتهَا من الثّمن فَلَا تعود فِيهِ أبدا وَإِذا كَانَ الفق بعد الْولادَة فَالْوَلَد يذهب من الثّمن بِحِسَاب ذَلِك
وَلَا يشبه البيع فِي هَذَا الرَّهْن لِأَن البيع قد بَطل فِيهِ بعض الثّمن فَكَأَنَّهُ اشْترى شَيْئا فَمَاتَ فَبَطل عَنهُ وَبَطل البيع فِيهِ وَفِي الرَّهْن إِنَّمَا ذهب من مَال الرَّاهِن خَمْسمِائَة فَبَطل حصَّتهَا من الدّين فان كَانَت ولدت ولدا يُسَاوِي ألفا بعد ذَلِك أَو قبله فَهُوَ سَوَاء وَيبْطل من الدّين مِقْدَار خَمْسمِائَة فِي قيمَة الْأُم وَقِيمَة وَلَدهَا يَوْم يقبض
7 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم وَهِي تَسَاوِي ألف دِرْهَم بَيْضَاء إِحْدَى الْعَينَيْنِ ففقأ البَائِع الْعين الْبَاقِيَة فَصَارَت تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا بِمِائَتي دِرْهَم وَإِن شَاءَ تَركهَا
فان لم يخترها وَلم يَأْخُذهَا حَتَّى ذهب بَيَاض عينهَا الأولى فَصَارَت تَسَاوِي ألفا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا بِمِائَتي دِرْهَم

(5/320)


وَإِن شَاءَ تَركهَا لِأَن ذهَاب بَيَاض عينهَا إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة الزِّيَادَة فِي بدنهَا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بَيَاض عينهَا ذهب قبل أَن يفقأ البَائِع عينهَا الْأُخْرَى فَصَارَت تَسَاوِي ألفي دِرْهَم ثمَّ إِن البَائِع فَقَأَ عينهَا الَّتِي كَانَت صَحِيحَة قبل الدّفع فنقصها ذَلِك نصف قيمتهَا الْيَوْم وَهُوَ ألف دِرْهَم وَلَو كَانَ بَيَاض الْعين على حَالهَا نَقصهَا فق الْعين أَرْبَعَة أَخْمَاس قيمتهَا فَإِنَّهُ إِنَّمَا ينظر إِلَى نُقْصَان فقء الْعين فِي قيمتهَا الأولى وَلَا ينظر إِلَى نقصانها فِي هَذِه الْقيمَة فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا بِخمْس الثّمن وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَم وَإِن شَاءَ تَركهَا
8 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم تَسَاوِي ألفا وَهِي بَيْضَاء إِحْدَى الْعَينَيْنِ ففقأ البَائِع عينهَا الْبَاقِيَة فَصَارَت

(5/321)


تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم ثمَّ إِن الْبيَاض الأول ذهب من عينهَا فَصَارَت تَسَاوِي ألفا ثمَّ إِن عبدا لرجل أَجْنَبِي ضرب الْعين الَّتِي بَرِئت فَعَاد الْبيَاض إِلَى حَاله فَإِن مولى العَبْد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد بِجِنَايَتِهِ إِلَى البَائِع وَإِن شَاءَ فدَاه بثمانمائة دِرْهَم فَإِن دَفعه إِلَى البَائِع وَقِيمَته خَمْسمِائَة فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما جَمِيعًا بِمِائَتي دِرْهَم وَإِن شَاءَ تَركهمَا
فَإِن اخْتَار أخذهما جَمِيعًا فقبضهما ثمَّ وجد بالجارية عَيْبا ردهَا بسبعي الثّمن الَّذِي نقد وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَم وَإِن لم يجد بهَا عَيْبا وَلكنه وجد بِالْعَبدِ عَيْبا رد بِخَمْسَة أَسْبَاع الثّمن
وَلَو كَانَ البَائِع لم يفقأ عين الْجَارِيَة حَتَّى ذهب بَيَاض عينهَا فَصَارَت تَسَاوِي ألفي دِرْهَم ثمَّ ان عبدا لرجل ضرب الْعين الَّتِي بَرِئت فَعَادَت إِلَى حَالهَا ثمَّ إِن البَائِع فَقَأَ الْعين الثَّانِيَة فَصَارَت تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم فَإِن مولى العَبْد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد وَإِن شَاءَ أَخذه بِأَلف دِرْهَم فَإِذا دفع العَبْد وَقِيمَته خَمْسمِائَة دِرْهَم إِلَى البَائِع فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما جَمِيعًا وَإِن شَاءَ تَركهمَا فَإِن أخذهما فَإِن عَلَيْهِ من الثّمن

(5/322)


خمسي الثّمن وَثلث خمس الثّمن وَبَطل عَنهُ بفق البَائِع عين الْجَارِيَة خمْسا الثّمن وَثلثا خمس الثّمن لِأَن العَبْد زِيَادَة بِمَنْزِلَة الْولادَة فَكَأَنَّهَا ولدت ولدا يُسَاوِي خَمْسمِائَة وَقيمتهَا ألف دِرْهَم ففقأ البَائِع عينهَا الصَّحِيحَة فنقصها ذَلِك ثَمَانمِائَة دِرْهَم فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخذهما وولدهما بخمسي الثّمن وَثلث خمس الثّمن وَإِن شَاءَ تَركهمَا

(5/323)


- 19 بَاب قبض الْمَبِيع بِأَمْر البَائِع أَو بِغَيْر أمره وَقد قبض البَائِع الثّمن أَو لم يقبض
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم حَالَة فَلَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يقبض العَبْد حَتَّى يُعْطي الثّمن
فَإِذا أعطَاهُ الثّمن فَلهُ أَن يقبض العَبْد
2 - فَإِن لم يقبض العَبْد حَتَّى وجد البَائِع الدَّرَاهِم الَّتِي قبض زُيُوفًا أَو نبهرجة أَو ستوقا أَو رصاصا أَو اسْتحقَّت من يَده فَإِن للْبَائِع أَن يمْنَع المُشْتَرِي من قبض العَبْد حَتَّى يُعْطِيهِ مَكَان ذَلِك دَرَاهِم جيادا مثل شَرطه
3 - وَكَذَلِكَ لَو وجد بعض الثّمن على مَا وصفت لَك كَانَ لَهُ

(5/325)


أَن يمْنَع المُشْتَرِي حَتَّى يُعْطِيهِ مَكَان الَّذِي وجد جيادا على شَرطه وَإِن كَانَ ذَلِك درهما وَاحِدًا
4 - فَإِن لم يجد فِي الثّمن شَيْئا مِمَّا وصفت لَك حَتَّى قبض المُشْتَرِي العَبْد من البَائِع بِإِذْنِهِ ثمَّ إِن البَائِع وجد الثّمن أَو بعضه على مَا وصفت لَك فَإِن كَانَ وجد فِي ذَلِك ستوقا أَو رصاصا أَو اسْتحق من يَده جَازَ لَهُ أَن يَأْخُذ العَبْد حَتَّى يدْفع إِلَيْهِ المُشْتَرِي مَكَان الَّذِي وجد من ذَلِك جيادا على شَرطه وَإِن كَانَ الَّذِي وجد من ذَلِك قَلِيلا أَو كثيرا
5 - فَإِن كَانَ وجد الثّمن أَو بعضه زُيُوفًا أَو نبهرجة استبدلها من المُشْتَرِي وَلم يكن لَهُ أَن يرجع العَبْد فَيكون عِنْده حَتَّى يقبض الثّمن لِأَن البَائِع فِي هَذَا الْوَجْه قد قبض الثّمن لِأَن النبهرجة والزيوف دَرَاهِم وَقَبضه إِلَّا أَن فِيهَا عَيْبا
وَأما الستوقة والرصاص فَلَيْسَتْ دَرَاهِم فَكَأَنَّهُ لم يقبض مِنْهُ

(5/326)


شَيْئا فَكَانَ لَهُ أَن يرجع من عِنْده حَتَّى يُوفيه الثّمن وَكَذَلِكَ الَّذِي اسْتحق من يَدَيْهِ
6 - فَإِن لم يقبض البَائِع من المُشْتَرِي العَبْد وَلم يجد فِي الثّمن شَيْئا مِمَّا ذكرت لَك حَتَّى بَاعَ المُشْتَرِي العَبْد من آخر فَقَبضهُ أَو لم يقبضهُ أَو وهبه لرجل لرجل فَقَبضهُ مِنْهُ أَو رَهنه من رجل بِمَال لَهُ عَلَيْهِ وَقَبضه الْمُرْتَهن أَو أجره ثمَّ ان البَائِع وجد فِي الثّمن شَيْئا مِمَّا ذكرت لَك فَإِن جَمِيع مَا صنع المُشْتَرِي الأول من ذَلِك جَائِز لَا يقدر البَائِع على رده
وَلَيْسَ للْبَائِع على العَبْد سَبِيل لِأَن المُشْتَرِي قَبضه بِإِذن البَائِع وَأخرجه من ملكه على ذَلِك الْإِذْن الَّذِي كَانَ من البَائِع فَلَا سَبِيل للْبَائِع على العَبْد بعد إِذْنه للْمُشْتَرِي فِي قَبضه إِذا أخرجه المُشْتَرِي من ملكه إِذْ أوجب للْمُشْتَرِي فِيهِ حَقًا حَتَّى لَا يَسْتَطِيع رده
وَلَكِن البَائِع يرجع على المُشْتَرِي بِجَمِيعِ مَا وجد فِي الثّمن مِمَّا ذكرت لَك حَتَّى يَسْتَوْفِي وَأما العَبْد فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِ
7 - وَلَو أَن البَائِع لم يكن دفع العَبْد إِلَى المُشْتَرِي وَقد قبض

(5/327)


الثّمن فَأخذ المُشْتَرِي العَبْد بِغَيْر إِذن البَائِع ثمَّ إِن البَائِع وجد الثّمن الَّذِي قَبضه أَو بعضه نبهرجة أَو ستوقا أَو رصاصا أَو زُيُوفًا أَو اسْتحق من يَدَيْهِ فَإِن للْبَائِع فِي جَمِيع ذَلِك أَن يرجع فَيَأْخُذ العَبْد من الْمُسَمّى حَتَّى يُوفيه المُشْتَرِي جَمِيع الثّمن على مَا شَرط لَهُ
8 - وَكَذَلِكَ لَو أَن المُشْتَرِي حِين قَبضه بِغَيْر إِذن البَائِع بَاعه أَو وهبه أَو أجره أَو رَهنه كَانَ للْبَائِع أَن ينْقض ذَلِك كُله وَيرد العَبْد حَتَّى يُوفيه المُشْتَرِي الثّمن
وَلَا يشبه الْإِذْن فِي الْقَبْض غير الْإِذْن لِأَنَّهُ إِذا أذن لَهُ فِي قَبضه فقد سلطه على بَيْعه وعَلى مَا أحدث فِيهِ من شَيْء فَإِذا قبض المُشْتَرِي بِغَيْر إِذن البَائِع لم يكن قَبضه ذَلِك قبضا إِلَّا أَن يكون الثّمن الَّذِي نقد المُشْتَرِي البَائِع جيادا على شَرطه
9 - وَلَو أَن المُشْتَرِي قبض العَبْد فِي جَمِيع مَا ذكرنَا بِغَيْر إِذن البَائِع ثمَّ إِن البَائِع علم بِقَبْضِهِ وَسلم ذَلِك وَرَضي

(5/328)


فَهُوَ مثل إِذْنه فِي الْقَبْض فِي جَمِيع مَا ذكرنَا
10 - وَلَو أَن رجلا لَهُ على رجل ألف دِرْهَم فرهنه بهَا عبدا يُسَاوِي ألفا وَقَبضه الْمُرْتَهن ثمَّ إِن الرَّاهِن قضى الْمُرْتَهن دَرَاهِمه وَلم يقبض الرَّاهِن الرَّهْن حَتَّى وجد الْمُرْتَهن الدَّرَاهِم أَو بَعْضهَا زُيُوفًا أَو نبهرجة أَو ستوقة أَو رصاصا أَو اسْتحقَّت من يَدَيْهِ فَإِن للْمُرْتَهن أَن يمنعهُ الرَّهْن حَتَّى يَسْتَوْفِي حَقه مَا كَانَ عَلَيْهِ
11 - وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الرَّاهِن قد قبض الرَّهْن بِإِذن الْمُرْتَهن أَو بِغَيْر إِذْنه ثمَّ وجد الْمُرْتَهن شَيْئا من الدَّرَاهِم على بعض مَا ذكرت لَك فَلهُ أَن يرجع فِي الرَّهْن يُعِيدهُ رهنا كَمَا كَانَ حَتَّى يُوفيه حَقه فِي جَمِيع ذَلِك
وَلَا يشبه هَذَا البيع لِأَن الرَّهْن إِنَّمَا قَبضه الرَّاهِن على أَنه قد أوفاه فَإِذا وجد الدَّرَاهِم زُيُوفًا أَو نبهرجة أَو غير ذَلِك فَإِنَّهُ لم يوفه فَلهُ أَن يرجع فِي الرَّهْن حَتَّى يَسْتَوْفِي
أَلا ترى أَن رجلا لَو اشْترى من رجل عبدا فَأذن البَائِع للْمُشْتَرِي فِي قَبضه عَارِية مِنْهُ لَهُ فَقَبضهُ المُشْتَرِي على أَنه عَارِية

(5/329)


لم يكن للْبَائِع أَن يَأْخُذهُ بعد ذَلِك وَكَانَ ذَلِك إِذْنا فِي قَبضه على كل وَجه وَكَانَ مثل قَوْله قد أَذِنت لَك فِي قَبضه
أَلا ترى أَن العَبْد إِذا اشْتَرَاهُ ثمَّ أذن لَهُ فِي قَبضه قبل أَن يقبض مِنْهُ الثّمن فَقَبضهُ أَنه لَا يكون لَهُ أَن يردهُ فيمنعه حَتَّى يُعْطِيهِ الثّمن
وَالرَّهْن لَيْسَ كَذَلِك إِذا أذن لَهُ فِي قَبضه فَلهُ أَن يُعِيدهُ إِذا بدا لَهُ وَلَو كَانَ العَبْد رهنا فِي يَدي رجل فَأذن للرَّاهِن فِي قَبضه عَارِية مِنْهُ كَانَ جَائِزا وَكَانَ للْمُرْتَهن أَن يرجع فِي الرَّهْن حَتَّى يُعِيدهُ على حَاله
فَهَذَا فرق مَا بَين الرَّهْن وَالشِّرَاء فِي الزُّيُوف
12 - وَلَو كَانَ الرَّاهِن قبض العَبْد وَقد كَانَ الْمُرْتَهن انتقد الدَّرَاهِم وَكَانَ قَبضه إِيَّاه بِإِذن الْمُرْتَهن ثمَّ إِن الرَّاهِن بَاعَ العَبْد أَو وهبه وَقَبضه الْمَوْهُوب لَهُ أَو رَهنه وَقبض الْمُرْتَهن ثمَّ إِن الْمُرْتَهن الأول وجد الثّمن أَو بعضه على مَا وَصفنَا فَإِن جَمِيع مَا صنع الرَّاهِن من ذَلِك جَائِز لَا يرد مِنْهُ شَيْء

(5/330)


وَلَكِن الرَّاهِن ضَامِن لقيمة العَبْد الرَّهْن يكون رهنا مَكَان العَبْد فِي يَدي الْمُرْتَهن الأول حَتَّى يُوفيه حَقه
13 - وَلَو كَانَ قبض الرَّاهِن بِغَيْر إِذن الْمُرْتَهن ثمَّ أحدث فِيهِ الرَّاهِن بعض مَا ذكرنَا ثمَّ وجد الْمُرْتَهن المَال الَّذِي قبض أَو بعضه على مَا ذكرنَا كَانَ للْمُرْتَهن أَن يرد ذَلِك كُله حَتَّى يُعِيدهُ رهنا على حَاله
14 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بِأَلف دِرْهَم فَلم يقبضهُ حَتَّى وكل رجلا يقبضهُ فَقَبضهُ الْوَكِيل بِغَيْر إِذن البَائِع وَلم ينْتَقد البَائِع ثمَّ إِن العَبْد هلك فِي يَدي الْوَكِيل فَللْبَائِع أَن يضمن الْوَكِيل قيمَة العَبْد فَيكون فِي يَدَيْهِ حَتَّى يُعْطِيهِ المُشْتَرِي الثّمن
فَإِذا أعطَاهُ المُشْتَرِي الثّمن رجعت الْقيمَة إِلَى الْوَكِيل
وَلَو تويت الْقيمَة عِنْد البَائِع لم يكن للْبَائِع فِي الْقيمَة ضَمَان وَاتبع الْوَكِيل المُشْتَرِي بِالْقيمَةِ لِأَنَّهُ أمره يقبض العَبْد
15 - وَلَو كَانَ المُشْتَرِي هُوَ الَّذِي قبض العَبْد بِغَيْر أَمر البَائِع فَمَاتَ فِي يَدَيْهِ لم يكن على المُشْتَرِي ضَمَان فِي الْقيمَة إِنَّمَا عَلَيْهِ الثّمن

(5/331)


وَلَا يشبه المُشْتَرِي فِي هَذَا وَكيله لِأَن ضَمَان الثّمن على المُشْتَرِي فَلَا يجْتَمع عَلَيْهِ ضَمَان الْقيمَة وَالثمن
فَأَما الْوَكِيل فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الثّمن وَقَبضه للْمَبِيع بِإِذن المُشْتَرِي فِيمَا بَينه وَبَين البَائِع بِمَنْزِلَة قَبضه إِيَّاه بِغَيْر إِذْنه أَلا ترى أَنه لَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يقبضهُ فَإِذا قَبضه ضمن الْقيمَة
16 - وَلَو أَن الْوَكِيل قبض العَبْد بِإِذن المُشْتَرِي فَلم يمت فِي يَدَيْهِ حَتَّى أعْتقهُ المُشْتَرِي كَانَ هَذَا وَمَوْت العَبْد فِي يَدي الْوَكِيل سَوَاء
17 - وَلَو أَن المُشْتَرِي أَمر رجلا بِعِتْق العَبْد وَهُوَ فِي يَدي البَائِع فَأعْتقهُ الْمَأْمُور فَإِن أَبَا يُوسُف قَالَ هَذَا وَقبض الْوَكِيل العَبْد سَوَاء وَيضمن الْوَكِيل قِيمَته فَيكون فِي يَدي البَائِع حَتَّى يدْفع إِلَيْهِ المُشْتَرِي فَإِذا دفع إِلَيْهِ الثّمن أَخذ الْوَكِيل الْقيمَة من البَائِع فَإِن هَلَكت فِي يَدي البَائِع رَجَعَ بهَا الْوَكِيل على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ أمره بِالْعِتْقِ
وَأما فِي قَول أَصْحَابنَا فَلَا ضَمَان على الْوَكِيل الْمُعْتق

(5/332)


لِأَنَّهُ لم يَأْخُذ شَيْئا وَيرجع البَائِع على المُشْتَرِي بِالثّمن فَيَأْخذهُ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ غير ذَلِك
ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك إِلَى هَذَا القَوْل فَقَالَ بِهَذَا القَوْل لَا ضَمَان عَلَيْهِ
آخر كتاب الْبيُوع
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم تسلميا كثيرا

(5/333)