البحر الرائق شرح كنز الدقائق ط احياء التراث

 ج / 7 ص -378-     30 - كتاب المضاربة
هي شركة في الربح بمال من جانب وعمل من جانب
___________
30- كتاب المضاربة
"هي شركة في الربح بمال من جانب وعمل من جانب" فلو شرط كل الربح لأحدهما لا يكون مضاربة ويجوز التفاوت في الربح وإذا كان المال من اثنين فلا بد من تساويهما فيما فضل من الربح حتى لو شرط لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث فيما فضل فهو بينهما نصفين لاستوائهما في رأس المال وركنها اللفظ الدال عليها كقوله دفعت إليك هذا المال مضاربة أو مفاوضة أو معاملة أو خذ هذا المال واعمل به على أن لك من الربح نصفه أو ثلثه أو قال ابتع به متاعا فما كان من فضل فلك كذا أو خذ ذلك بالنصف بخلاف خذ هذه الألف واشتر بها هرويا بالنصف ولم يزد عليه فليس بمضاربة بل إجارة فاسدة له أجر مثله إن اشترى وليس له البيع إلا بأمر وشرطها أن يكون رأس المال من الأثمان وهو معلوم ويكفي الإعلام بالإشارة فإن اختلفا في مقدار رأس المال عند قسمة الربح فالقول للمضارب مع يمينه والبينة لرب المال. وأما المضاربة بدين فإن كان على المضارب فلا يصح وما اشتراه له والدين في ذمته وإن كان على غيره بأن قال اقبض مالي على فلان ثم اعمل به مضاربة فهو جائز وإن كان مكروها لأنه شرط لنفسه منفعة قبل العقد كما في المبسوط ولو قال اقبض ديني على فلان ثم اعمل به مضاربة فعمل قبل أن يقبض كله ضمن ولو قال فاعمل به لا يضمن وكذا بالواو لأن ثم للترتيب فلا يكون مأذونا بالعمل إلا بعد قبض الكل بخلاف الفاء والواو فإنه يكفي قبل القبض ولو قال اقبض ديني لتعمل به مضاربة لا يكون مأذونا ما لم يقبض الكل ولو قال اشتر لي عبدا بنسيئة ثم بعه واعمل بثمنه مضاربة فاشتراه ثم باعه وعمل فيه جاز ولو قال رب المال للغاصب أو المستودع أو المبضع اعمل بما في يدك مضاربة بالنصف جاز الثالث أن يكون رأس المال مسلما إلى المضارب بخلاف الشركة الرابع أن يكون الربح بينهما شائعا كالنصف والثلث لا سهما معينا يقطع الشركة كمائة درهم أو مع النصف عشرة الخامس أن يكون نصيب كل منهما معلوما فكل شرط يؤدي إلى جهالة الربح فهي فاسدة وما لا فلا مثل أن يشترط أن تكون الوضيعة على المضارب أو عليها فهي صحيحة وهو باطل السادس أن يكون المشروط للمضارب مشروطا من الربح حتى لو شرط له شيئا من رأس المال أو منه ومن الربح فسدت. وحكمها أنه أمين بعد دفع المال إليه ووكيل عند العمل وشريك عند

 

 ج / 7 ص -379-     ويبيع, بالنقد والنسيئة ويشتري ويوكل ويسافر, وله الإبضاع والإيداع, واستئجار المنازل لحفظ الأموال
_________
الربح وأجير عند الفساد فله أجر مثله والربح كله لرب المال إلا في الوصي إذا أخذ مال الصغير مضاربة وشرط لنفسه عشرة دراهم فإنه لا أجر له إذا عمل كذا في أحكام الصغار ولا ضمان عليه إذا فسدت بالهلاك بغير صنعه وغاصب عند الخلاف ومستقرض عند اشتراط كل الربح له ومستبضع عند اشتراطه لرب المال فلا ربح له ولا أجر ولا ضمان عليه بالهلاك وإنما تصح بما تصح به الشركة وهي الدراهم والدنانير إلا الفلوس النافقة وأما التبر فإن كان في موضع يروج به كالأثمان تجوز به وإلا فلا كالمكيل والموزون ولو دفع إليه عرضا وقال بعه واعمل بثمنه مضاربة جاز وشرط العمل على رب المال لا يصح سواء كان المالك عاقدا أو غير عاقد كالصغير والمعتوه وكذا أحد الشريكين إذا دفع المال مضاربة بشرط أن يعمل شريكه مع المضارب إن كان المال من شركتهما وإلا فهي جائزة إن كانت شركة عنان وإن كانت مفاوضة لا تصح مطلقا وإذا شرط أن يتصرف في المال مع المضارب فإن كان العاقد ليس أهلا للمضاربة في ذلك المال تفسد كالمأذون إذا دفع ماله مضاربة وشرط عمله مع المضارب وإن كان العاقد ممن يجوز أن يأخذ ماله مضاربة لم تفسد كالأب والوصي إذا دفعا مال الصغير مضاربة وشرطا عملهما معه بجزء من الربح وإن شرط المأذون عمل مولاه فسدت إن لم يكن عليه دين وإلا صحت كالمكاتب إذا شرط عمل مولاه فإنه يصح مطلقا.
"ويبيع" المضارب في المضاربة الصحيحة.
"بالنقد والنسيئة ويشتري ويوكل ويسافر" برا وبحرا ولو دفع إليه في بلدة على الظاهر ويأذن لعبد المضاربة في التجارة ولا يزوج عبدا ولا أمة كالشريك عنانا ومفاوضة بخلاف الأب والوصي يملكان تزويج الأمة.
"وله الإبضاع والإيداع" واستئجار العمال للأعمال.
"واستئجار المنازل لحفظ الأموال" واستئجار السفن والدواب وله أن يرهن ويرتهن لها وله أن يستأجر أرضا بيضاء ويشتري ببعض المال طعاما ليزرعها أو ليغرس فيها نخلا أو شجرا ولو أخذ نخلا أو شجرا معاملة على أن ينفق في تلقيحها أو تأبيرها من المال لم يجز عليها وإن قال له اعمل برأيك ولا يملك الاستدانة فإن رهن شيئا من المضاربة ضمن ولو أذنه رب المال في ذلك كان الدين عليهما نصفين ولو أخر المضارب الثمن جاز على رب المال ولا يضمن بخلاف الوكيل الخاص ولو حط بعض الثمن إن كان لعيب طعن فيه المشتري وكان ما حط حصته أو أكثر يسيرا جاز وإن كان لا يتغابن الناس في الزيادة يصح ويضمن ذلك من

 

 ج / 7 ص -380-     ولو عاد إليه في البعض
_______________
ماله لرب المال وكان رأس المال ما بقي على المشتري ويحرم على المضارب وطء جارية المضاربة والدواعي ولو أذن له رب المال في ذلك. ولو تزوج المضارب جارية بتزويج صاحب المال إياه إن لم يكن في المال ربح جاز وإن كان فيه ربح لا يجوز ومتى جاز خرجت الجارية عن المضاربة وليس له أن يشارك إلا أن يقول له اعمل برأيك ولو عقد مضاربة وكذا ليس له أن يخلط مال المضاربة بماله ولا بمال غيره إلا أن يقول له اعمل برأيك وليس له أن يعمل ما فيه ضرر ولا ما لا يعمله التجار ولا أن يبيع إلى أجل لا يبيعه التجار وليس لأحد المضاربين أن يبيع أو يشتري بغير إذن صاحبه ولو اشترى بيعا فاسدا مما يملك بالقبض فليس بمختلف وما اشتراه على المضاربة ولو اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله يكون مخالفا سواء قيل له اعمل برأيك أولا ولو باع بهذه الصفة فهو جائز في قول أبي حنيفة خلافا لهما كالوكيل بالبيع المطلق وليس له أن يقرض ولا أن يأخذ سفتجة كذا في الفتاوى الظهيرية وله أن يحتال وإن كان الثاني أعسر من الأول كذا في فتاوى قاضي خان فالقرض والاستدانة لا يملكهما إلا بصريح الإذن ولا يكفي قوله اعمل برأيك وإذا صرح بالاستدانة كانت شركة وجوه. وإذا اشترى بأكثر من المال كانت الزيادة له ولا يضمن بهذا الخلط الحكمي ولو كان المال دراهم فاشترى بغير الأثمان كان لنفسه وبالدنانير للمضاربة لأنهما جنس هنا ولو كان في يده عرض لها فاشترى شيئا لها لبيع العرض وينقد الثمن لم يجز حالا كان الثمن أو مؤجلا لأنه استدانة ولا بد أن يشتري متاعا في يده مثله من جنسه وصفته وقدره ولا يملك المضارب في الفاسدة شيئا من ذلك إلا الإيداع كذا في الفوائد التاجية ولم يتعد عما عينه إن كان التعيين مقيدا من بلد وسلعة ووقت ومعامل كما في الشركة فإن تعدى صار ضامنا فإذا اشترى بعده كان له ولو لم يشتر حتى عاد إلى الوفاق برئ من الضمان وعاد المال مضاربة.
"ولو عاد إليه في البعض" كان مضاربة فيه اعتبارا للجزء بالكل ولو كان التقييد غير مفيد كسوق من مصر لا يتقيد به إلا إذا صرح بالنهي وكان مفيدا في الجملة كالسوق بخلاف ما إذا لم يكن مفيدا أصلا كنهيه عن بيع الحال فلا يعتبر. وقوله خذ مضاربة تعمل به في مصر أو لتعمل به أو فاعمل به أو بالنصف بمصر أو في مصر أو على أن تعمل بمصر تقييد فلا يتجاوزه كقوله على أن تشتري به الطعام أو فاشتر به الطعام أو لتشتري به الطعام أو خذه بالنصف مضاربة في الطعام أو على أن تشتري من فلان وتبيع منه بخلاف واعمل به في مصر أو على أن تشتري به من أهل الكوفة أو من الصيارفة وتبيع منهم ليس بتقييد بالنسبة إلى أهل الكوفة فله البيع من غير أهلها ومن غير الصيارفة تقييد بالنسبة إلى المكان والصرف فليس له أن يخرج من الكوفة ولا أن يعمل في غير الصرف وليس له أن يشتري من يعتق على رب المال بقرابة أو

 

 ج / 7 ص -381-     ولو زادت قيمتهما
_________________
يمين فلو اشتراه كان لنفسه بخلاف الوكيل بالشراء له أن يشتريه إلا إذا قامت قرينة على خلافه كقوله اشتر لي عبدا أبيعه أو أستخدمه أو جارية أطؤها ولا من يعتق عليه إذا كان في المال ربح وضمن إن فعل والمراد من الربح هنا أن يكون قيمة العبد المشترى أكثر من رأس المال سواء كان في جملة مال المضاربة ربح أو لم يكن حتى لو كان المال ألفا فاشترى بها المضارب عبدين قيمة كل واحد منهما ألف فأعتقهما المضارب لا يصح عتقه. وأما بالنسبة إلى استحقاق المضارب فإن يظهر في الجملة ربح حتى لو أعتقهما رب المال في هذه الصورة صح وضمن نصيب المضارب منهما وهو خمسمائة موسرا كان أو معسرا كذا في الفتاوى الظهيرية وإن لم يظهر ربح بالمعنى المذكور جاز شراؤه لعدم ملكه فإن ازدادت قيمته عن رأس المال عتق نصيب المضارب ولم يضمن لرب المال وسعى المعتق في قيمة نصيب رب المال ولو اشترى الشريك من يعتق على شريكه أو الأب أو الوصي من يعتق على الصغير نفذ على العاقد والمأذون إذا اشترى من يعتق على المولى فإنه يصح ويعتق عليه إن لم يكن مستغرقا بالدين وإلا لا فإن كان مع المضارب ألف بالنصف واشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءت بولد يساوي ألفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغلام ألفا وخمسمائة نفذت دعوة المضارب فيه لظهور الربح فيه وقبله لا لعدم ظهوره إذ قيمة كل لا تزيد على رأس المال ولزمه عقرها لإقراره بوطئها ويكون في مال المضاربة كذا في المحيط بخلاف ما إذا عتق الولد ثم ظهرت الزيادة حيث لا ينفذ إعتاقه السابق لأنه إنشاء فيشترط وجود الملك وقته كما لو أعتق عبد الغير ثم ملكه لا ينفذ عتقه أما الدعوة فإخبار لا يشترط وجوده وقته كما لو أقر بحرية عبد الغير ثم ملكه يعني اشتراه فإنه ينفذ وإذا نفذت لا ضمان على المضارب في حصة رب المال من الولد سواء كان موسرا أو معسرا لأن النفوذ بالملك ولا صنع له فيه وعتق من الولد حصة المضارب عند أبي حنيفة فقط وولاء الولد بين المضارب ورب المال بالحصة وخير رب المال إن شاء استسعى الغلام في ألف ومائتين وخمسين وإن شاء أعتقه. ثم إذا قبض رب المال الألف له أن يضمن المضارب نصف قيمة الأم لظهور أن الجارية ربح فنفذت دعوة المضارب فيها أيضا وصارت أم ولد له ولا فرق بين كونه موسرا أو معسرا لأنه ضمان تملك وهو لا يختلف بهما ولا يتوقف على التعدي لأنه ضمان تمليك بخلاف ضمان الولد فإنه ضمان عتق وهو يعتمد التعدي ولم يوجد ولو لم تزد قيمة الولد على ألف وزادت قيمة الأم حتى صارت ألفا وخمسمائة صارت الجارية أم ولد للمضارب ويضمن لرب المال ألفا ومائتين وخمسين إن كان موسرا وإن كان معسرا فلا سعاية عليها لأن أم الولد لا تسعى وما لم يصل إلى رب المال رأس ماله فالولد رقيق ثم يأخذ منه مائتين وخمسين على أنه نصيبه من الربح.
"ولو زادت قيمتها" بأن صارت قيمة كل واحد ألفي درهم عتق الولد وصارت أم ولد

 

 ج / 7 ص -382-     _______________
له ويؤخذ رأس المال منه وهو ألف وما بقي من قيمة الجارية وهو ألف درهم ويضمن له عقر مائة درهم وإذا استوفي ذلك من المضارب فللمضارب أن يستوفي من ربح الولد مقدار ألف ومائة فعتق الولد منه بذلك المقدار وبقي من الولد مقدار تسعمائة ربح بينهما لكل واحد أربعمائة وخمسون فما أصاب المضارب عتق وما أصاب رب المال سعى فيه الولد كذا في البدائع ولو ادعى رب المال أنه ابنه لا المضارب فهو ابنه والجارية أم ولد له ولا يضمن للمضارب شيئا من عقر وقيمة والله سبحانه وتعالى أعلم.

باب المضارب يضارب
فإن ضارب المضارب بلا إذن لم يضمن ما لم يعمل الثاني, قوله فإن دفع بإذن بالثلث وقيل ما رزق الله بيننا نصفان فللمالك النصف وللأول السدس وللثاني الثلث
_______________
باب المضارب يضارب
"قوله فإن ضارب المضارب بلا إذن لم يضمن ما لم يعمل الثاني" يعني ربح أو لا حتى لو ضاع في يده قبل العمل لا ضمان على أحد وكذا لو غصب من الثاني فالضمان على الغاصب فقط ولو استهلك الثاني المال أو وهبه كان الضمان عليه دون الأول وإذا عمل الثاني خير رب المال إن شاء ضمن الأول رأس ماله وإن شاء ضمن الثاني وإن اختار رب المال أن يأخذ الربح ولا يضمن ليس له ذلك كذا في المبسوط فإن ضمن الأول صحت المضاربة بينه وبين الثاني وكان الربح على ما شرطا وإن ضمن الثاني رجع بما ضمن على الأول وصحت بينهما وكان الربح بينهما وطاب للثاني ما ربح دون الأول وإن كانت إحداهما فاسدة أو كلاهما فلا ضمان على واحد منهما وللعامل أجر المثل على المضارب الأول ويرجع به الأول على رب المال والوضيعة على رب المال والربح بين الأول ورب المال على الشرط بعد أخذ الثاني أجرته إذا كانت المضاربة الأولى صحيحة وإلا فللمضارب الأول أجر مثله ولو دفع الثاني مضاربة إلى ثالث وربح الثاني أو وضع فإن قال الأول للثاني اعمل فيه برأيك فلرب المال أن يضمن أي الثلاثة شاء ويرجع الثالث على الثاني والثاني على الأول والأول لا يرجع على أحد إذا ضمنه رب المال وإلا لا ضمان على الأول وضمن الثاني والثالث كذا في المحيط.
"قوله فإن دفع بإذن بالثلث وقيل ما رزق الله بيننا نصفان فللمالك النصف وللأول السدس وللثاني الثلث" يعني ضارب بإذن رب المال وإنما كان له النصف بشرطه فبقي النصف وقد شرط المضارب للثاني الثلث فكان له السدس وطاب الربح للجميع لأن عمل الثاني عمل عن المضارب كالأجير المشترك إذا استأجر آخر بأقل مما استؤجر ونظير ما في

 

 ج / 7 ص -383-     ولو قيل ما رزق الله تعالى بيننا نصفان فللثاني ثلثه والباقي بين الأول والمالك نصفان, ولو قال له ما ربحت بيننا نصفان ودفع بالنصف فللثاني النصف واستويا فيما بقي, ولو قيل ما رزق الله فلي نصفه أو ما كان من فضل فبيننا نصفان فدفع بالنصف فللمالك النصف وللثاني النصف ولا شيء للأول ولو شرط للثاني ثلثيه, ضمن الأول للثاني سدسا, وإن شرط للمالك ثلثه ولعبده ثلثه على أن يعمل منه ولنفسه ثلثه صح
_______________
الكتاب لو قال ما كان في ذلك من رزق فهو بيننا نصفان أو قال خذ هذا المال مضاربة بالنصف كذا في الهداية والنهاية.
قوله "ولو قيل ما رزق الله تعالى بيننا نصفان فللثاني ثلثه والباقي بين الأول والمالك نصفان" أي لو قال رب المال ذلك والمسألة بحالها لأن المشروط ما رزق الله المضارب وهو هنا الثلثان فيقسم بينهما وللثاني الثلث الباقي بالشرط ونظيره ما ربحت في هذا من شيء أو ما كان لك فيه من فضل الربح أو ما كسبت فيه من كسب أو ما رزقت فيه من شيء أو ما صار لك فيه من ربح وكذا لو شرط للمضارب الثاني أكثر من الثلث أو أقل منه فما بقي بعدما يأخذ منه فهو بين رب المال الأول والفرق بينهما أن في الأول شرط نصف الربح جميعه لأنه أضاف الرزق إلى المال وفي الثاني أضافه إلى المضارب.
قوله "ولو قال له ما ربحت بيننا نصفان ودفع بالنصف فللثاني النصف واستويا فيما بقي" ولا فرق بين هذه الصورة وما قبلها إلا من حيث اشتراط المضارب للثاني فإن في الأولى شرط له الثلث فكان ما بقي بينهما وفي الثاني شرط له النصف فكان النصف الباقي بينهما
قوله "ولو قيل ما رزق الله فلي نصفه أو ما كان من فضل فبيننا نصفان فدفع بالنصف فللمالك النصف وللثاني النصف ولا شيء للأول ولو شرط للثاني ثلثيه" والمسألة بحالها.
"ضمن الأول للثاني سدسا" ظاهر حكما وتعليلا.
قوله "وإن شرط للمالك ثلثه ولعبده ثلثه على أن يعمل منه ولنفسه ثلثه صح" أي لعبد المالك على أن يعمل مع المضارب واشتراط الثلث للعبد اشتراط لمولاه وكان العبد مأذونا له فتكون حصته من الربح للمولى إن لم يكن على العبد دين وإلا فهو لغرمائه إن شرط عمله وإلا فهو للمولى وقوله على أن يعمل معه عادي وليس بقيد بل يصح الشرط ويكون لسيده وإن لم يشترط عمله وقيد برب المال لأن عبد المضارب لو شرط له شيء من الربح ولم يشترط

 

 ج / 7 ص -384-     وتبطل بموت أحدهما, وبلحوق المالك مرتدا
_________
عمله لا يجوز ويكون ما شرط له لرب المال إن كان على العبدين وإلا لا يصح سواء شرط عمله أو لا ويكون للمضارب وقيد بكون العاقد المولى لأن المأذون لو عقدها مع أجنبي وشرط عمل مولاه لا يصح إن لم يكن عليه دين والأصح وشمل قوله العبد ما لو شرط للمكاتب بعض الربح فإنه يصح وكذا لو كان مكاتب المضارب لكن بشرط أن يشترط عمله فيهما وكان المشروط للمكاتب له لا لمولاه وإن لم يشترط عمله لا يجوز وعلى هذا غيره من الأجانب فتصح المضاربة وتكون لرب المال ويبطل الشرط والولد والمرأة كالأجانب هنا كذا في النهاية وقيد باشتراط عمل العبد لأن اشتراط عمل رب المال مع المضارب مفسد لها. وكذا اشتراط عمل المضارب مع مضاربه أو عمل رب المال مع الثاني كذا في المحيط بخلاف المكاتب إذا دفع ماله مضاربة وشرط عمل مولاه معه لا يفسد مطلقا فإن عجز قبل العمل ولا دين عليه فسدت ولو دفع المكاتب ماله مضاربة إلى مولاه يصح كذا في المحيط وإذا كان الاشتراط للعبد اشتراطا لمولاه فاشتراط بعض الربح لقضاء دين المضارب أو لقضاء دين رب المال جائز بالأولى ويكون المشروط للمشروط له قضاء دينه كذا في النهاية ولا يجبر على دفعه لغرمائه ولو شرط بعض الربح للمساكين أو للحج أو في الرقاب لم يصح ويكون لرب المال ولو شرط البعض لمن شاء المضارب فإن شاء المضارب لنفسه أو لرب المال صح الشرط وإن شاءه لأجنبي لم يصح كذا في المحيط واشتراط أن يكون للعبد ربح في مقابلة عمله اتفاقي لأنه لو شرط عمل رب المال مع المضارب ولم يذكر له شيء من الربح فإنه صحيح سواء كان على العبدين أو لا يكون العبد مضاربا في حق المولى فإن كان العبد مديونا فحصته من الربح لغرمائه وإن لم يكن فحصته لمولاه وكذلك مكاتبه ومن لم تقبل شهادته.
قوله "وتبطل بموت أحدهما" لكونها وكالة وهي تبطل بالموت.
قوله "وبلحوق المالك مرتدا" لأنه بمنزلة الموت وإنما لم يجعل المضارب بمنزلة الوكيل فيما لو دفع إليه الثمن قبل الشراء وهلك في يده بعد الشراء فإن الوكيل يرجع به على الموكل ثم لو هلك ما أخذه منه ثانيا لا يرجع به مرة أخرى بخلاف المضارب يرجع به على رب المال مرة بعد أخرى إلى أن يصل الثمن إلى البائع لأن شراء الوكيل يوجب الثمن عليه للبائع وله على الموكل فإذا رجع على الموكل بعد الشراء صار مقتضيا ما استوجبه دينا عليه وصار مضمونا عليه بالقبض فيهلك من ضمانه وأما المضارب إذا رجع على رب المال فما يقبضه يكون أمانة فإذا هلك كان على رب المال فيرجع مرة بعد أخرى وفيما إذا اشترى بمال المضاربة عروضا ثم عزل لا ينعزل وإن علم والوكيل ينعزل وسيأتي الفرق بينهما وفيما إذا عاد

 

 ج / 7 ص -385-     وينعزل بعزله إن علم, وإن علم والمال عروض باعها ثم لا يتصرف في ثمنها ولا يملك المالك فسخها في هذه الحالة, ولو افترقا وفي المال ديون وربح أجبر على اقتضاء الديون. وإلا لا يلزمه الاقتضاء, يوكل المالك عليه
_______________
رب المال بعد اللحوق مسلما فالمضارب على مضاربته بخلاف الوكيل والفرق أن محل التصرف خرج عن ملك الموكل ولم يتعلق به حق الوكيل بخلاف المضارب قيد بلحوق المالك لأن المالك لو ارتد ولم يلحق فتصرفه موقوف وأشار إلى أن المضارب لو ارتد فالمضاربة على حالها اتفاقا حتى لو اشترى وباع وربح أو خسر ثم قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب فإن التصرف جائز والربح بينهما على ما شرطا، والعهدة في جميع تصرفه على رب المال في قول أبي حنيفة.
قوله "وينعزل بعزله إن علم" أي ينعزل المضارب بعزل رب المال إن علم به لأنه وكيل وإن لم يعلم لا والمراد بالعلم ما يستفاد من خبر رجلين مطلقا أو واحد عدل إن كان فضوليا وإلا فخبر مميز.
قوله "وإن علم والمال عروض باعها ثم لا يتصرف في ثمنها ولا يملك المالك فسخها في هذه الحالة" لأن للمضارب حقا في الربح قيد بالمضاربة لأن أحد الشريكين إذا فسخ الشركة ومالها أمتعة قالوا يصح فسخه بخلاف المضاربة كذا في فتاوى قاضي خان من الشركة والمراد من العرض هنا أن يكون خلاف جنس رأس المال والدراهم والدنانير جنسان هنا فإذا كان رأس المال دراهم وعزله ومعه دنانير له بيعها بالدراهم استحسانا وله بيع العروض بعد العزل بالنقد والنسيئة وإن نهاه رب المال عن النسيئة كما لا يصح نهيه عن المسافرة في الروايات المشهورة وكما لا يملك عزله لا يملك تخصيص الإذن لأنه عزل من وجه كذا في النهاية وشمل كلامه العزل الحكمي حتى لو كان له بيع العروض بعد موت رب المال حقيقة أو حكما ولا ينعزل في الحكمي إلا بالعلم بخلاف الوكيل حيث ينعزل في الحكمي وإن لم يعلم لأنه حق له بخلاف المضارب.
قوله "ولو افترقا وفي المال ديون وربح أجبر على اقتضاء الديون" لأنه كالأجير والربح كالأجرة وطلب الدين من تمام تكملة العمل فيجبر عليه.
قوله "وإلا لا يلزمه الاقتضاء" أي وإن لم يكن في المال ربح لكونه وكيلا متبرعا ولا جبر عليه.
قوله "يوكل المالك عليه" أي على الاقتضاء لأنه لا يتمكن من المطالبة إلا بتوكيله

 

 ج / 7 ص -386-     والسمسار يجبر على التقاضي, وما هلك من مال المضاربة فمن الربح فإن زاد الهالك على الربح لم يضمن المضارب, وإن قسم الربح وبقيت المضاربة ثم هلك المال أو بعضه ترادا الربح ليأخذ المالك رأس ماله وما فضل فهو بينهما وإن نقص لم يضمن, وإن قسم الربح وفسخت ثم عقداها فهلك المال لم يترادا, الربح الأول
_____________
لكونه غير عاقد والوكيل بالبيع والمستبضع كالمضارب يجبران على التوكيل.
قوله "والسمسار يجبر على التقاضي" وهو بكسر الأول المتوسط بين البائع والمشتري وجمعه سماسرة يبيع ويشتري للناس بأجر من غير أن يستأجر ولو استؤجر على البيع والشراء لا يجوز لعدم قدرته عليه والحيلة في جوازها أن يستأجره يوما للخدمة فيستعمله في البيع والشراء إلى آخر المدة ولو عمل من غير شرط وأعطاه شيئا لا بأس به وبه جرت العادة وإنما أجبر على طلب الثمن من المشتري واستيفائه لأنه من جملة عمله.
قوله "وما هلك من مال المضاربة فمن الربح فإن زاد الهالك على الربح لم يضمن المضارب" لكونه أمينا سواء كان من عمله أو لا.
قوله "وإن قسم الربح وبقيت المضاربة ثم هلك المال أو بعضه ترادا الربح ليأخذ المالك رأس ماله وما فضل فهو بينهما وإن نقص لم يضمن" لأن قسمة الربح قبل قبض رأس المال موقوفة فإذا قبض رب المال رأس ماله نفذت القسمة وإن هلك ما أعد لرأس المال كانت القسمة باطلة وتبين أن المقسوم كان رأس المال.
قوله "وإن قسم الربح وفسخت ثم عقداها فهلك المال لم يترادا" وهذه مفهوم قوله وبقيت المضاربة لأن الأولى قد انتهت بالفسخ وهي الحيلة النافعة للمضاربة والله أعلم.

 

 ج / 7 ص -388-     ....................
______________
حبس نفسه لأجلها علم أن ليس المراد بالسفر السفر الشرعي المقدر بثلاثة أيام بل المراد أن لا يمكنه أن يبيت في منزله وإن خرج من المصر وأمكنه أن يعود إليه في ليلته فهو كالمصر لا نفقة له وأطلق المصر فشمل مصره الذي ولد فيه والمصر الذي اتخذه دارا أما لو نوى الإقامة بمصر ولم يتخذه دارا فله النفقة كذا في شرح المجمع. فلو أخذ مالا بالكوفة وهو من أهل البصرة وكان قدم الكوفة مسافرا فلا نفقة له في المال ما دام بالكوفة فإذا خرج منها مسافرا فله النفقة حتى يأتي البصرة لأن خروجه لأجل المال ولا ينفق من المال ما دام بالبصرة لأن البصرة وطن أصلي له فكان إقامته فيه لأجل الوطن لا لأجل المال فإذا خرج من البصرة له أن ينفق من المال إلى أن يأتي الكوفة لأن خروجه من البصرة لأجل المال وله أن ينفق أيضا ما أقام بالكوفة حتى يعود إلى البصرة لأن وطنه بالكوفة كان وطن إقامة وإنه يبطل بالسفر فإن عاد إليها وليس له بها وطن فكان إقامته فيها لأجل المال كذا في البدائع والمحيط والفتاوى الظهيرية. وأشار بالطعام وما بعده إلى أنه ينفق على نفسه في السفر ما لا بد منه في عادة التجار بالمعروف فدخل فيه غسل ثيابه وأجرة من يخدمه من الخبز والطبخ وعلف دابة الركوب والحمل ونفقة غلمانه الذين يعملون معه والدهن في موضع يحتاج إليه كالحجاز وأجرة الحمام والحلاق وقص الشارب وما أسرف فيه ضمنه لانتفاء الإذن وما فضل من النفقة بعد رجوعه إلى بلده رده إلى مال المضاربة كالحاج عن الغير يرد الفاضل عن المحجوج عنه إن كان حيا وإن كان ميتا إلى ورثته والغازي إذا خرج من دار الحرب رد ما معه من النفقة وكالأمة إذا رجع المولى في تبوئتها ترد ما معها من النفقة على الزوج وأشار بنفي وجوب الدواء من مالها مطلقا إلى أن أجرة الحجام والفصاد لا تجب من مالها لأنها من الدواء كما في المحيط وإنما لم يجب الدواء لأنه من العوارض كدواء المرأة فإنه لا يجب على الزوج وأطلق في وجوب النفقة في السفر فشمل ما إذا اتفق له شراء شيء أو لا كما صرح به في الخلاصة ولما كان المعتبر عادة التجار كان له أكل الفاكهة وإن لم تكن من النفقة وله الخضاب كذا في الخلاصة. وأشار بقوله فطعامه إلى أنه يأكل ما كان يعتاده كما هو مصرح به في الخلاصة وأشار بالنفقة إلى أنه ليس له أن يشتري جارية للوطء ولا للخدمة فإن اشترى كان من ماله خاصا كذا في الفتاوى الظهيرية وعلله في المحيط بأن الوطء قد يأتي بدون الجارية والحاجة إلى الخدمة ترتفع بالاستئجار وقيد بنفقة المضارب لأن نفقة عبيد رب المال ودوابه إذا سافر بهم ليست من مال المضاربة بل على رب المال فإن أنفق المضارب من مال المضاربة عليهم فهو ضامن لما أنفق تؤخذ مما خصه من الربح إن وفى وإلا يرجع عليه بالزيادة وإن أنفق بأمر رب المال حسب ذلك من مال رب المال كذا في الذخيرة والفتاوى الظهيرية وإذا

 

 ج / 7 ص -389-     كالدواء. فإن ربح أخذ المالك ما أنفق من رأس المال, فلو باع المتاع مرابحة حسب ما أنفق على المتاع, لا على نفسه, ولو قصره أو حمله بماله وقيل له اعمل برأيك فهو متطوع
________________
رد شيئا من مال المضاربة على عبيد رب المال لا يضمن فهو كالمودع كذا في المحيط وأفاد بذكر الكسوة وجوب الفراش الذي ينام عليه كما صرح به في المحيط. وأشار بقوله في مال المضاربة إلى أنه لا يشترط الإنفاق من عينه حتى لو أنفق من مال نفسه أو استدان على المضاربة لنفقته يرجع في مال المضاربة لأن التدبير في الإنفاق إليه كالوصي إذا أنفق على الصغير من مال نفسه وإن لم يرجع فيه حتى توي مال المضاربة لا يرجع على رب المال لفوات محل النفقة بخلاف ما إذا اشترى شيئا للمضاربة أو استأجر دابة ليحمل عليها مال المضاربة فضاع المال قبل أن ينقد منه يرجع بذلك على رب المال لأنه عامل لرب المال بخلاف نفقته لأنه عامل لنفسه كذا في المحيط وأطلق السفر فشمل السفر للتجارة ولطلب الديون فيرجع بما أنفق لطلبه إلا إذا زاد على الدين فلا يرجع بالزيادة كما صرح به في المحيط وأطلق عمله في المصر فشمل عمله للتجارة ولاقتضاء الديون ولا رجوع له فيما أنفقه في الخصومة لتقاضي الدين كما في المحيط وأطلق المضارب ليفيد أنه لا فرق بين المضارب ومضاربه إذا كان إذنه في المضاربة وإلا فلا نفقة للثاني كما في المحيط.
قوله "فإن ربح أخذ المالك ما أنفق من رأس المال" أي ما أنفقه المضارب فإذا استوفى رأس ماله وفضل شيء اقتسماه لأن ما أنفقه يجعل كالهالك وأشار المصنف إلى أن للمضارب أن ينفق على نفسه من مال المضاربة في السفر قبل الربح وإلى أنه لو لم يظهر ربح لا شيء على المضارب قيد بالنفقة لأنه لو كان في المال دين غيرها قدم إيفاؤه على رأس المال ولو أنفق المضارب من ماله ثم هلك مال المضاربة لم يرجع على رب المال بشيء كما قدمناه.
قوله "فلو باع المتاع مرابحة حسب ما أنفق على المتاع" من الحملان وأجرة السمسار والقصار والصباغ ونحوه ويقول قام علي بكذا والأصل أن ما يوجب زيادة في رأس المال حقيقة أو حكما يضمه إلى رأس المال وكذا ما اعتاده التجار كأجرة السمسار كذا في النهاية.
قوله "لا على نفسه" أي لا يحسب نفقة نفسه إذا باع مرابحة والفرق أن الأول يوجب زيادة في المالية بزيادة القيمة والثاني لا يوجبها.
قوله "ولو قصره أو حمله بماله وقيل له اعمل برأيك فهو متطوع" يعني إذا قال له رب المال اعمل برأيك فاشتري بمال المضاربة كله متاعا ثم قصره أو حمله بماله يكون متطوعا لا رجوع له على رب المال لأنه استدانه على رب المال وهو لا يجوز وعلم منه أنه لو زاد على الثمن بأن اشترى بأكثر من رأس المال يكون متطوعا قيد بقوله وقيل له اعمل برأيك أنه

 

 ج / 7 ص -390-     وإن صبغه أحمر فهو شريك بما زاد الصبغ فيه ولا يضمن, معه ألف بالنصف فاشترى به بزا وباعه بألفين واشترى بهما عبدا فضاعا غرما ألفا والمالك ألفا, وربع العبد للمضارب وباقيه على المضاربة ورأس المال ألفان وخمسمائة ويرابح على ألفين
_______________
لو أذن له صريحا بذلك لا يكون تطوعا ولو لم يقل اعمل برأيك وسكت يكون متطوعا بالأولى وإذا كان متطوعا يكون له حصة من الربح فلو اشترى بكل رأس المال وهو ألف ثيابا واستقرض مائة للحمل عليها ثم باعها بألفين قسمت الألف الربح على أحد عشر سهما فعشرة منها للمضاربة على شرطهما وسهم للمضارب خاصة في مقابلة ما تبرع به من الكراء ويرابح في هذه الصورة على ألف ومائة عند أبي حنيفة لأنها قامت عليه بذلك وعندهما على ألف لا غير والثمن كله على المضاربة.
قوله "وإن صبغه أحمر فهو شريك بما زاد الصبغ فيه ولا يضمن" لأنه عين مال قائم حتى إذا بيع كان له حصة الصبغ وحصة الثوب الأبيض على المضاربة بخلاف القصارة والحمل لأنه ليس بعين مال قائم به ولهذا إذا فعله الغاصب ضاع ولا يضيع إذا صبغ المغصوب وإنما لا يضمن لأن رب المال قال له اعمل برأيك فيملك الخلط بخلاف ما إذا لم يقل له اعمل برأيك فإنه لا يكون شريكا بل يضمن كالغاصب والقصارة بفتح القاف مصدر من قصر الثوب فعل القصار وبكسرها حرفته وخص المصنف الحمرة لأن السواد نقصان عند أبي حنيفة أما سائر الألوان فمثل الحمرة كذا في النهاية.
قوله "معه ألف بالنصف فاشترى به بزا وباعه بألفين واشترى بهما عبدا فضاعا غرما ألفا والمالك ألفا" أي غرم المضارب ورب المال ألفا ثم غرم رب المال وحده ألفا أخرى فيغرم المضارب خمسمائة والمالك ألفا وخمسمائة البز الثياب وقال محمد في السير البز عند أهل الكوفة ثياب الكتان أو القطن لا ثياب الصوف والخز كذا في المغرب.
قوله "وربع العبد للمضارب وباقيه على المضاربة ورأس المال ألفان وخمسمائة ويرابح على ألفين" لأنه لما نض المال ظهر الربح وله منه خمسمائة فإذا اشترى بألفين عبدا صار مشتريا ربعه لنفسه وثلاثة أرباعه للمضاربة على حسب انقسام الألفين فإذا ضاعت الألفان وجب عليه الثمن وله الرجوع بثلاثة أرباع الثمن على رب المال لأنه وكيل من جهته ويخرج نصيب المضارب وهو الربع من المضاربة لأنه مضمون عليه ومال المضاربة أمانة وبينهما منافاة ويكون رأس المال ألفين وخمسمائة لأنه دفع مرة ألفا ومرة ألفا وخمسمائة ولا يبيعه مرابحة إلا على ألفين لأنه اشتراه بهما ويظهر ذلك فيما إذا بيع العبد بأربعة آلاف فحصة المضاربة ثلاثة آلاف يرفع رأس المال ويبقى خمسمائة ربح بينهما والألف يختص بها المضارب.

 

 ج / 7 ص -391-     وإن اشترى من المالك عبدا بألف اشتراه بنصفه رابح بنصفه
_______________
قوله "وإن اشترى من المالك عبدا بألف اشتراه بنصفه رابح بنصفه" أي لو اشترى المضارب من رب المال بألف المضاربة عبدا قيمته ألف وقد كان اشتراه رب المال بنصف الألف يبيعه المضارب مرابحة بما اشتراه رب المال ولا يجوز أن يبيعه مرابحة على الألف لأن بيعه من المضارب كبيعه من نفسه. وكذا لو اشتراه رب المال بألف وقيمته ألف وباعه من المضارب بخمسمائة ومال المضاربة ألف فإنه يبيعه مرابحة على خمسمائة قيدنا بكونه لا فضل في قيمة المبيع والثمن على رأس مال المضاربة لأنه لو كان فيهما فضل بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألفان ثم باعه من المضارب بألفين بعدما عمل المضارب في ألف المضاربة وربح فيها ألفا فإنه يبيعه مرابحة على ألف وخمسمائة وكذا إذا كان في قيمة المبيع فضل دون الثمن بأن كان العبد يساوي ألفا وخمسمائة فاشتراه رب المال بألف فباعه من المضارب بألف يبيعه المضارب مرابحة على ألف ومائتين وأما إذا كان في الثمن فضل على رأس المال ولا فضل في قيمة المبيع بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألف فباعه من المضارب بألفين فإنه يبيعه مرابحة على ألف فهو كمسألة الكتاب فالحاصل أن هذه المسألة على أربعة أقسام قسمان لا يرابح فيهما إلا على ما اشترى به رب المال وهما إذا كان لا فضل فيهما أو لا فضل في قيمة المبيع فقط وقسمان يرابح على ما اشترى به رب المال وحصة المضارب وهما إذا كان فيهما فضل أو في قيمة المبيع فقط وهذا إذا كان البائع رب المال. وأما إذا كان البائع المضارب فهو على أربعة أقسام أيضا:
الأول أن لا يكون فضل فيهما بأن كان رأس المال ألفا فاشترى منها المضارب عبدا بخمسمائة قيمته ألف وباعه من رب المال بألف فإن رب المال يرابح على ما اشترى به المضارب الثاني أن يكون الفضل في قيمة المبيع دون الثمن فإنه كالأول الثالث أن يكون فيهما فضل فإنه يرابح على ما اشترى به المضارب وحصة المضارب الرابع أن يكون الفضل في الثمن فقط وهو كالثالث كذا في المحيط مختصرا وقال الشارح الزيلعي ولو كان بالعكس بأن اشترى المضارب عبدا بخمسمائة فباعه من رب المال بألف يبيعه مرابحة على خمسمائة ولا شك أن هذه الصورة هو القسم الأول في كلام المحيط فليس كلامه هنا مخالفا لما ذكره هو بنفسه في باب المرابحة أنه يضم حصة المضارب وقد اشتبهت هذه المسألة على كثير حتى زعموا أنه وقع منه تناقض وليس كذلك بل ما ذكره هنا هو الوجه الأول في كلام المحيط وهو أنه لا فضل في الثمن وقيمة المبيع على رأس المال وما ذكره في باب المرابحة هو القسم الثالث أو الرابع في كلام المحيط كما لا يخفى ولهذا صوروا المسألة هناك بأن معه عشرة بالنصف فاشترى ثوبا بعشرة وباعه من رب المال بخمسة عشر قالوا يبيعه مرابحة باثني

 

 ج / 7 ص -392-     معه ألف بالنصف فاشترى به عبدا قيمته ألفان فقتل رجلا خطأ فثلاثة أرباع الفداء على المالك وربعه على المضارب والعبد يخدم المالك ثلاثة أيام والمضارب يوما. معه ألف فاشترى به عبدا وهلك الثمن قبل النقد دفع المالك ألفا آخر ثم وثم ورأس المال جميع ما دفع
______________
عشر ونصف ولو ملكه رب المال بغير شيء فباعه من المضارب لا يبيعه مرابحة حتى يبين أنه اشتراه من رب المال كذا في المحيط.
"قوله معه ألف بالنصف فاشترى به عبدا قيمته ألفان فقتل رجلا خطأ فثلاثة أرباع الفداء على المالك وربعه على المضارب والعبد يخدم المالك ثلاثة أيام والمضارب يوما" لأن الفداء مؤنة الملك وقد كان الملك بينهما أرباعا لأنه لما صار المال عينا واحدا ظهر الربح وهو ألف بينهما وألف لرب المال فإذا فدياه خرج العبد عن المضاربة لأن نصيب المضارب صار مضمونا عليه ونصيب رب المال صار له بقضاء القاضي بالفداء عليهما وإذا خرج عنها بالدفع أو بالفداء يخدمهما على قدر ملكهما قيد بقوله: قيمته ألفان لأنه لو كان قيمته ألفا فتدبير الجناية إلى رب المال لأن الرقبة على ملكه لا ملك للمضارب فيها فإن اختار رب المال الدفع واختار المضارب الفداء مع ذلك فله ذلك لأنه يستبقي بالفداء مال المضاربة وله ذلك لأن الربح يتوهم كذا في الإيضاح ثم اعلم أن العبد المشترى في المضاربة إذا جنى خطأ لا يدفع بها حتى يحضر المضارب ورب المال سواء كان الأرش مثل قيمة العبد أو أقل أو أكثر وكذا إذا كانت قيمته ألفا لا غير لا يدفع إلا بحضرتهما لأن المضارب له فيه حق ملك حتى ليس لرب المال أن يأخذه ويمنعه عن بيعه كالمرهون إذا جنى خطأ لا يدفع إلا بحضرة الراهن والمرتهن.
والحاصل أنه يشترط حضرة المال والمضارب للدفع دون الفداء إلا إذا أبى المضارب الدفع والفداء وقيمته مثل رأس المال فلرب المال دفعه لتعنته فإن كان أحدهما غائبا وقيمة العبد ألفا درهم ففداه الحاضر كان متطوعا لأنه أدى دين غيره بغير أمره وهو غير مضطر فيه فإنه لو أقام البينة على الشركة لا يطالب بحصة صاحبه لا بالدفع ولا بالفداء كذا في النهاية وذكر قاضي خان أن المضارب ليس له الدفع والفداء وحده لأنه ليس من أحكام المضاربة فلهذا كان إليها.
"قوله معه ألف فاشترى به عبدا وهلك الثمن قبل النقد دفع المالك ألفا آخر ثم وثم ورأس المال جميع ما دفع" لأن المال أمانة في يده والاستيفاء إنما يكون بقبض مضمون وحكم الأمانة تنافيه فيرجع إلا مرة لأنه أمكن جعله الوكيل إذا كان الثمن مدفوعا إليه قبل الشراء وهلك بعد الشراء حيث لا يرجع إلا مرة لأنه أمكن جعله مستوفيا لأن الوكالة تجامع الضمان

 

 ج / 7 ص -393-     معه ألفان فقال دفعت إلي ألفا وربحت ألفا وقال المالك دفعت ألفين فالقول للمضارب, معه ألف فقال هو مضاربة بالنصف وقد ربح ألفا وقال المالك هو بضاعة فالقول للمالك
______________
كالغاصب إذا وكل ببيع المغصوب ثم في الوكالة في هذه الصورة يرجع مرة وفيما إذا اشترى ثم دفع الموكل إليه المال فهلك بعده لا يرجع لأنه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء فجعل مستوفيا بالقبض بعده أما المدفوع إليه قبل الشراء أمانة في يده وهو قائم على الأمانة بعده فلم يصر مستوفيا فإذا هلك يرجع عليه مرة ثم لا يرجع لوقوع الاستيفاء.
"قوله معه ألفان فقال دفعت إلي ألفا وربحت ألفا وقال المالك دفعت ألفين فالقول للمضارب" لأنهما اختلفا في المقبوض والقول في مقداره للقابض ولو ضمينا اعتبارا بما لو أنكره أصلا فإن القول له ولو كان الاختلاف مع ذلك في قدر الربح فالقول لرب المال في مقدار الربح فقط وأيهما أقام البينة تقبل بينته وإن أقاماها فتقبل بينة رب المال في دعواه الزيادة في رأس المال والمضارب في دعواه الزيادة في الربح. قيد الاختلاف بكونه في المقدار لأن الاختلاف إذا وقع في صفة المقبوض فالقول قول رب المال كما سيأتي.
"قوله معه ألف فقال هو مضاربة بالنصف وقد ربح ألفا وقال المالك هو بضاعة فالقول للمالك" لأن المضارب يدعي عليه تقويم عمله أو شرطا من جهته أو يدعي الشركة وهو ينكر، والتقييد بالمضاربة والبضاعة ليس احترازيا مطلقا بل لو قال المضارب هي قرض وقال رب المال هي بضاعة أو وديعة أو مضاربة فالقول لرب المال والبينة بينة المضارب لأن المضارب يدعي عليه التمليك وهو ينكر بل احتراز عما لو ادعى رب المال القرض والمضارب المضاربة كان الفور للمضارب لأن رب المال يدعي عليه ضمانا وهو ينكر وأيهما أقامها قبلت وإن أقاماها فبينة رب المال أولى. قيد الاختلاف بكونه في الصفة لأنه لو كان في النوع بأن ادعى رب المال المضاربة في نوع وقال المضارب ما سميت لي تجارة بعينها فالقول للمضارب مع يمينه لأن الأصل فيه العموم والإطلاق، والتخصيص يعارض، وتقبل بينة من أقامها فإن أقاماها فإن وقتتا وقتا قبل صاحبها يقضي بالمتأخرة وإن لم يوقتا وقتا على السواء أو وقتت إحداهما دون الأخرى قضى ببينة رب المال كذا في الذخيرة ولو ادعى كل واحد منهما نوعا فالقول لرب المال لأنهما اتفقا على التخصيص، والإذن يستفاد من جهته والبينة بينة المضارب لحاجته إلى نفي الضمان وعدم حاجة الآخر إلى البينة ولو وقتت البينتان وقتا فصاحب الوقت الأخير أولى لأن آخر الشرطين ينقض الأول كذا في الهداية وإن كان رب المال يدعي العموم فالقول قوله قياسا واستحسانا كذا في الذخيرة والله تعالى أعلم.