الجامع
الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير كتاب الْأَيْمَان
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل قَالَ إِن
أكلت أَو لبست أَو شربت فامرأتي طَالِق وَقَالَ عنيت شَيْئا دون شَيْء لم
يدين فِي الْقَضَاء وَلَا فِي غَيره وَإِن قَالَ إِن لبست ثوبا أَو أكلت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الْأَيْمَان
قَوْله لم يدين إِلَخ لِأَنَّهُ نوى مَا لَا يحْتَملهُ لفطه لِأَن
النِّيَّة إِنَّمَا تعْمل فِي الملفوظ لِأَنَّهَا وضعت لتعيين مُحْتَمل
اللَّفْظ وَالثَّوْب هَهُنَا غير مَذْكُور لَا نصا وَلَا دلَالَة وَلَا
اقْتِضَاء أما نصا وَدلَالَة فَظَاهر وَأما اقْتِضَاء فلَان مُقْتَضى
اللَّفْظ مَا لَا صِحَة للملفوظ بِدُونِهِ وَهَهُنَا الملفوظ صَحِيح
بِدُونِهِ لِأَن الْمَنْع ينْعَقد لمنع الْفِعْل وَلَا حَاجَة إِلَى
الثَّوْب عِنْد منع اللّبْس
قَوْله خَاصَّة لِأَن الثَّوْب مَذْكُور على سَبِيل النكرَة فِي مَوضِع
النَّفْي لِأَنَّهُ مَذْكُور فِي مَوضِع الشَّرْط وَالشّرط منفي والنكرة
فِي مَوضِع النَّفْي تعم فَإِذا نوى ثوبا دون ثوب فقد أَرَادَ الْخُصُوص من
الْعُمُوم ووأنه مُحْتَمل لكنه خلاف الظَّاهِر فَلَا يدين فِي الْقَضَاء
قَوْله لم يَحْنَث اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقيَاس يَحْنَث لَان الله
تَعَالَى سَمَّاهُ
(1/255)
طَعَاما أَو شربت شرابًا لم يدين فِي
الْقَضَاء خَاصَّة وَإِن حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل سمكًا طرياً لم
يَحْنَث وَإِن أكل لحم خِنْزِير أَو لحم إِنْسَان أَو كبداً أَو كرشاً حنث
وَإِن حلف لَا يَأْكُل أَو لَا يَشْتَرِي شحماً لم يَحْنَث إِلَّا فِي شَحم
الْبَطن وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يَحْنَث فِي شَحم
الظّهْر أَيْضا 0 وَإِن حلف لَا يَشْتَرِي لَحْمًا أَو شحماً فَاشْترى الية
لم يَحْنَث وان حلف لَا يَشْتَرِي رَأْسا فَهُوَ على رُؤْس الْبَقر
وَالْعلم وَقَالَ ابو يُوسُف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَحْمًا بقوله لتأكلوا مِنْهُ لَحْمًا طرياً وَالْمرَاد مِنْهُ لحم السّمك
بِالْإِجْمَاع وَجه الِاسْتِحْسَان أَن السّمك فِي صُورَة اللَّحْم أما
لَيْسَ اللَّحْم حَقِيقَة لِأَن اللَّحْم منشأه من الدَّم والسمك منشأه
لَيْسَ من الدَّم
قَوْله فِي شَحم الظّهْر أَيْضا لِأَن الْكل يُسمى شحماً قَالَ الله
تَعَالَى وَمن الْبَقر وَالْغنم حرمنا عَلَيْهِم شحومها إِلَّا مَا حملت
ظهورهما اسْتثْنى شَحم الظّهْر من جلة الشحوم وَحَقِيقَة الِاسْتِثْنَاء
إِنَّمَا يكون من الْجِنْس وَله أَن شَحم الظّهْر من جملَة اللَّحْم
بِدَلِيل أَنه إِذا حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل شَحم الظّهْر حنث
قَوْله هُوَ على رُؤْس الْغنم خَاصَّة قيل هَذَا اخْتِلَاف عصر وزمان لَا
اخْتِلَاف حجَّة وبرهان فَإِذا فِي زمَان ابي حنيفَة كَانَ النَّاس يبيعون
رُؤْس الْبَقر وَالْغنم فِي السُّوق ويعتادون أكلهما وَقد أفتى على وفْق
عَادَتهم وهما أفتيا على وفْق عَادَتهم فِي زمانهما حَتَّى قَالُوا إِذْ
كَانَ الْحلف خوار زمياً فَأكل رَأس السّمك يَحْنَث
قَوْله حنث لِأَنَّهُ عقد يَمِينه على عين لَا يُؤْكَل عَادَة فَوَقَعت
يَمِينه على مَا يتَّخذ مِنْهُ مجَازًا كَالَّذي حلف لَا يَأْكُل هَذِه
الشَّجَرَة فَأكل من ثَمَرهَا حنث وَلَو أكل
(1/256)
وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) هُوَ على رُؤْس
الْغنم خَاصَّة وَإِن حلف لَا يَأْكُل هَذَا الدَّقِيق فَأَكله خبْزًا حنث
وَإِن حلف لَا يَأْكُل هَذِه الْحِنْطَة لم يَحْنَث حَتَّى يقضمها وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) إِن أكلهَا خبْزًا حنث أَيْضا
وَإِن حلف لَا يَأْكُل فَاكِهَة فَأكل عنباً أَو رماناً أَو رطبا أَو قثاء
أَو خياراً لم يَحْنَث وَإِن أكل تفاحاً أَو بطيخاً أَو مشمشاً حنث وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله يَحْنَث فِي الرُّمَّان وَالْعِنَب
وَالرّطب ايضال وان حلف لَا يأتدم فَكل شَيْء اصطبغ بِهِ فَهُوَ إدام
والشواء لَيْسَ بإدام
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عين الدَّقِيق لم يذكر فِي الْكتاب وَاخْتلفُوا فِيهِ وَالصَّحِيح أَنه لَا
يَحْنَث لِأَنَّهُ حَقِيقَة مهجورة
قَوْله حنث أَيْضا لِأَن أكل الْخبز الَّذِي من دَقِيق تِلْكَ الْحِنْطَة
فِي الْعَادة أكل مَا فِي الْحِنْطَة كمن حلف لَا يضع قدمه فِي دَار فلَان
فَدَخلَهَا متنعلاً أَو مَاشِيا أَو رَاكِبًا يَحْنَث لِأَنَّهُ عبارَة عَن
الدُّخُول كَذَا هَهُنَا وَأَبُو حنيفَة يَقُول هَذَا كَلَام لَهُ حَقِيقَة
مستعملة وَهُوَ الْأكل حبا وقضماً بعد القلي وَبعد الطَّبْخ وَله مجَاز
مُتَعَارَف وَهُوَ أكل مَا يتَّخذ مِنْهَا فَكَانَت الْحَقِيقَة أولى
قَوْله حنث لانها فَاكِهَة بهَا بعد الطَّعَام وَقَبله وَكَذَلِكَ
الْيَابِس من هَذِه الْأَشْيَاء فَاكِهَة إِلَّا الْبِطِّيخ وَأما
الرُّمَّان اولرطب وَالْعِنَب فَقَالَا يَحْنَث لِأَنَّهَا فَاكِهَة
وَأَبُو حنيفَة يَقُول إِن الْكَلَام الْمُطلق لَا يتَنَاوَل الْمُقَيد
وَهَذِه الْأَشْيَاء فَاكِهَة مُقَيّدَة لَا مُطلقَة
قَوْله الشواء ادام عِنْد مُحَمَّد وهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي
يُوسُف ذكره فِي الامالي كل شَيْء يُؤْكَل مَعَ الْخبز غَالِبا إدام مثل
الْبيض والجبن
(1/257)
وَالْملح إدام وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه
الله الشواء إدام وَإِن حلف لَا يَأْكُل بسراً وَلَا رطبا فَأكل مذنبا حَنش
وَإِن حلف لَا يَشْتَرِي رطبا فَاشْترى كباسة بسر فِيهَا رطب لم يَحْنَث
وَلَو قَالَ إِن أكلت من هَذَا الرطب شَيْئا أَو من هَذَا البن شَيْئا
فامرأتي طَالِق فَصَارَ تَمرا أَو صَار اللَّبن شيرازاً فَأَكله لم يَحْنَث
وَإِن قَالَ إِن لم أشْرب المَاء الَّذِي فِي هَذَا الْكوز الْيَوْم
فامرأتي طَالِق وَلَيْسَ فِي الْكوز مَاء لم يَحْنَث وَإِن كَانَ فِيهِ
مَاء فأهريق قبل اللَّيْل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَاللَّحم لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من الموادمة وَهِي الْمُوَافقَة وهذ
الْأَشْيَاء يُوَافق الْخبز من كل وَجه وَلَهُمَا أَن حَقِيقَة
الْمُوَافقَة أَن يصير شَيْئا وَاحِد
قَوْله فَأكل مذنباً حنث لِأَن الرطب المذنب أَن يكون ذَنبه بسراً والبسر
المذنب أَن يكون ذَنبه رطبا والاكل هُوَ المضغ بتناول ذَنبه مَقْصُودا
كَمَا يتَنَاوَل الْبَاقِي
قَوْله لم يَحْنَث لِأَن ذَلِك فِي حق الْأكل مَقْصُود دون الشِّرَاء
قَوْله لم يَحْنَث لِأَن الْيَمين عقدت على ذَات مَوْصُوفَة بِصفة كقصودة
ولهذه الصّفة اثرلافي الدُّعَاء الى الْيَمين فيتقيد الْيَمين بِصفة
بِخِلَاف مَا إِذا حلف لَا يكلم هَذ الصَّبِي وَكَلمه بَعْدَمَا شاخ أَو
حلف لَا يَأْكُل هَذَا الْحمل فَأَكله بَعْدَمَا صَار كَبْشًا حنث لِأَن
صفة الصِّبَا والحملية ليستا داعيتين إِلَى الْيَمين فقيدت الْيَمين
بِالذَّاتِ
قَوْله وَإِن قَالَ إِلَخ هَهُنَا فُصُول أَجمعُوا على أَنه لَو قَالَ
وَالله لامسن السَّمَاء ينقعد الْيَمين وَكَذَا لأقلبن هَذَا الْحجر ذَهَبا
وَكَذَا فِي لاطيرن فِي الْهَوَاء الا انه أطلق كَمَا فرغ من الْيَمين حنث
وَإِن قيد بِالْيَوْمِ لَا يَحْنَث مَا لم يمض الْيَوْم فَإِذا قَالَ إِن
لم أشْرب المَاء الَّذِي فِي هَذَا الْكوز الْيَوْم وَلَيْسَ فِي
(1/258)
لم يَحْنَث وَهُوَ قَول مُحَمَّد (رَحمَه
الله) وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) يَحْنَث فِي هَذَا كُله وَالله
أعلم
بَاب الْيَمين فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج وَالسُّكْنَى وَالرُّكُوب
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل حلف
لَا يدْخل هَذِه الدَّار فَصَارَت صحراء فَدَخلَهَا أَو بنيت دَارا أُخْرَى
فَدَخلَهَا حنث وَإِن جعلت مَسْجِدا أَو بستاناً أَو حَماما فَدخل لم
يَحْنَث وَإِن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْكوز مَاء لم ينْعَقد الْيَمين عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد (رحمهمَا
الله) لعدم تصور الْبر وانعقدت عِنْد أبي يُوسُف
بَاب الْيَمين فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج وَالسُّكْنَى وَالرُّكُوب
قَوْله حنث لِأَن اسْم الدَّار بَاقٍ بعد خراب الْبناء فَإِن الدَّار لُغَة
هِيَ الْعَرَصَة وَالْيَمِين إِذا تعلّقت باسم يبْقى بِبَقَاء ذَلِك الإسم
بِخِلَاف مَا إِذا ذكر الدَّار مُنْكرا بِأَن قَالَ وَالله لَا أَدخل دَارا
فَدخل دَارا خربة لَا يَحْنَث لَان الْغَائِب يعرف بِالْوَصْفِ وَالْغَائِب
مَالا يكون معينا يَعْنِي أَن الْبناء وصف الدَّار وَاسم الدَّار مُنكر
وَالْوَصْف فِي الْمُنكر يكون للتعريف فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَدخل عَرصَة
مَوْصُوفَة بِالْبِنَاءِ فَاعْتبر وصف الْبناء فِي الْحِنْث وَفِي الْعرف
لَا يحْتَاج إِلَى التَّعْرِيف
قَوْله لم يَحْنَث لِأَن الْعَرَصَة وَإِن تعيّنت إِلَّا أَنه تبدل الإسم
وَالْيَمِين الْمُتَعَلّقَة بالإسم تَزُول بزواله
قَوْله فدخله لم يَحْنَث أَي لَو قَالَ لَا أَدخل هَذَا الْبَيْت الْمشَار
إِلَيْهِ ثمَّ خرب الْبَيْت فَصَارَت عَرصَة صحراء فَدخل لَا يَحْنَث لِأَن
الْبَيْت اسْم لما يبات فِيهِ وَإِنَّمَا تصير الْعَرَصَة صَالِحَة
للبيتوتة بِالْبِنَاءِ فَكَانَ الْبناء من الْبَيْت فَإِذا خرب الْبناء لم
يبْق بَيْتا
(1/259)
حلف لَا يدْخل هَذَا الْبَيْت فَصَارَ
صحراء أَو بنى بَيْتا آخر فدخله لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا يدْخل بَيْتا
فَدخل الْكَعْبَة أَو مَسْجِدا أَو بيعَة أَو كَنِيسَة أَو دهليزاً أَو ظلة
بَاب الدَّار لم يَحْنَث وَإِن دخل صفة حنث وَإِن قَالَ لامْرَأَته إِن
دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَهِي دَاخِلَة لم يَحْنَث حَتَّى تخرج وَتدْخل
اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاس أَن يَحْنَث ذكره فِي كتاب الطَّلَاق وَإِن
قَالَ لَهَا وَهِي راكبة إِن ركبت فَأَنت طَالِق فَمَكثت سَاعَة طلقت وَإِن
أخذت فِي النُّزُول حِين حلف لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ اللّبْس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَدخل الْكَعْبَة إِلَخ إِنَّمَا لَا يَحْنَث لَان الْبَيْت اسْم
لما بيات فِيهِ عَادَة وَبني لذَلِك وَهَذِه الْأَشْيَاء لَيست كَذَلِك
قَوْله أَو ظلة هَذَا إِذا كَانَ بِحَال لَهُ بِحَال لَو أغلق الْبَاب
بَقِي خَارِجا أما إِذا بَقِي دَاخِلا حنث
قَوْله وَإِن دخل صفة هَذَا فِي عرفهم لِأَن الصّفة ذَات حَوَائِط ارْبَعْ
فَيكون بَيْتا وَمَا فِي عرفنَا الصّفة خَارج عَن الْبَيْت
قَوْله حَتَّى تخرج وَتدْخل هَذَا اسْتِحْسَان وَفِي الْقيَاس يَحْنَث
لِأَن للدوام حكم الِابْتِدَاء وَوجه الِاسْتِحْسَان أَن الدُّخُول
انْفِصَال من الْخَارِج إِلَى الدَّاخِل وَذَلِكَ لَا دوَام لَهُ
قَوْله وَإِن قَالَ لَهَا إِلَخ وَذَلِكَ لِأَن الرّكُوب عبارَة عَن
الْعُلُوّ على الدَّابَّة فَيكون للثبات عَلَيْهِ حكم الِابْتِدَاء إِلَّا
أَن يَعْنِي بِهِ الِابْتِدَاء الْخَالِص فَيصدق
قَوْله لم يَحْنَث لِأَن مَا لَيْسَ فِي وسع الْعباد الِامْتِنَاع عَنهُ
فَهُوَ مُسْتَثْنى عَن حكم الايمان
(1/260)
وَإِن حلف لَا يخرج من الْمَسْجِد فَأمر
انسان فَحَمله وَأخرجه حنث وَإِن أخرجه مكْرها لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا
يخرج من دَاره إِلَّا إِلَى جَنَازَة فَخرج إِلَى الْجِنَازَة ثمَّ اتى
منزله فتغذى لم يَحْنَث وان حلف لَا سكن هَذِه الدَّار فَخرج ومتاعه
وَأَهله فِيهَا وَلم يرد إِلَى حَاجَة أُخْرَى لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا
يخرج إِلَى مَكَّة فَخرج يريدها ثمَّ رَجَعَ حنث حلف لَا يَأْتِيهَا لم
يَحْنَث حَتَّى يدخلهَا وَإِن أَرَادَت الْمَرْأَة الْخُرُوج فَقَالَ إِن
خرجت فَأَنت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله حنث لِأَن فعله مُضَاف إِلَيْهِ وَفِيمَا إِذا أخرجه مكْرها لم يضف
إِلَيْهِ وَإِن حمل بِغَيْر أمره وَرَضي بِهِ بِقَلْبِه اخْتلف الْمَشَايِخ
فِيهِ وَالصَّحِيح أَنه لَا يَحْنَث هَكَذَا رُوِيَ عَن أَبى حنيفَة نصا
قَوْله ثمَّ أَتَى إِلَى حَاجَة أُخْرَى لِأَن الْإِتْيَان لَيْسَ بِخُرُوج
لِأَن الْخُرُوج هُوَ الِانْفِصَال من الدَّاخِل إِلَى الْخَارِج فَلَا
يكون خُرُوجًا
قَوْله لم يَحْنَث حَتَّى يدخلهَا لِأَن الْإِتْيَان يُرَاد بِهِ الْوُصُول
إِلَى الْمَكَان الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَالَ الله تَعَالَى فَأتيَاهُ فقولا
إِنَّا رَسُولا رَبك فَأرْسل مَعنا بني اسرائي وَالْمرَاد بِهِ الْوُصُول
قَوْله فتغدى لم يَحْنَث اما مسئلة التغذي فَلِأَن الْكَلَام خرج جَوَابا
لَهُ فيتقيد بِهِ وَاقْتصر عَلَيْهِ فَصَارَ كالنص عَلَيْهِ كمن قَالَ
لامْرَأَته طَلِّقِي نَفسك فَتَقول قد فعلت أَنه يصير كقولها طلقت وَأما
فِي الْفَصْلَيْنِ الآخرين فَإِنَّهُ يُقيد بِهِ بِدلَالَة الْحَال لِأَن
قَصده الزّجر عَمَّا قصدت من الْخُرُوج وَعَما قصد من الضَّرْب
قَوْله فَخرج ومتاعه إِلَخ هَذِه المسئلة على ثَلَاثَة أوجه إِمَّا أَن
يكون المسئلة فِي الْمصر أَو فِي الْقرْيَة أَو فِي الدَّار فَإِن كَانَ
فِي الْمصر فانتقل بِنَفسِهِ بر فِي يَمِينه وَلَا يتَوَقَّف الْبر على
انْتِقَال المَال والأهل هَكَذَا روى عَن أبي يُوسُف وَإِن كَانَ فِي
الْقرْيَة فَحمل بَعضهم هَذِه الْيَمين على الدَّار وَبَعْضهمْ على الْمصر
(1/261)
طَالِق فَجَلَست ثمَّ خرجت لم يَحْنَث
وَكَذَلِكَ إِن أَرَادَ رجل ضرب عَبده فَقَالَ إِن ضَربته فَعَبْدي حر
فَرجع إِلَى منزله ثمَّ ضربه
وَإِن قَالَ لَهُ رجل اجْلِسْ فتغد عِنْدِي فَقَالَ ان تغذيت عنْدك
فَعَبْدي حر فَرجع إِلَى الرُّجُوع إِلَيْهَا حنث وَإِن حلف لَا يركب
دَابَّة لرجل فَركب دَابَّة عبد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة عَلَيْهِ
دين أَو لَا دين عَلَيْهِ لم يَحْنَث وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
(رحمهمَا الله) يَحْنَث وَإِن قَالَ لرجل إِن لم آتِك غَدا ان اسْتَطَعْت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَهُوَ اخْتِيَار الشَّيْخ الإِمَام الْأَجَل الزَّاهِد برهَان الامة وان
كَانَ فِي الدَّار فَلَا بدر من نقل الْمَتَاع والأهل لِأَن المرأ يعد
سَاكِنا فِي الدَّار بِاعْتِبَار الْأَهْل وَالْمَتَاع يُقَال فلَان يسكن
هَذِه الدَّار وَإِن كَانَ عَامَّة نَهَاره فِي السُّوق وَفِي الْمصر خلاف
ذَلِك فَإِن رجل قد يكون سَاكِنا فِي الْمصر وَله فِي مصر آخر أهل ومتاع
لَا ينْسب إِلَيْهِ
قَوْله ثمَّ اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة النَّقْل فَقَالَ ابو حنيفَة لابد من
نقل كل الْمَتَاع والأهل حَتَّى إِذا بَقِي وتد مثلا لَا يبر وَقَالَ أَبُو
يُوسُف يعْتَبر نقل الْأَكْثَر وَقَالَ مُحَمَّد يعْتَبر نقل مَا يقوم بِهِ
كد خدائيته متعذرا لِأَن مَا وَرَاء ذَلِك لَيْسَ من السُّكْنَى وَهَذَا
أحسن وَأَبُو يُوسُف يَقُول نقل الْكل متعذ 1 ر فَيعْتَبر الْأَكْثَر
وَأَبُو حنيفَة يَقُول السُّكْنَى ثَابت بِالْكُلِّ وَهَذَا اخْتِلَاف فِي
نقل الْمَتَاع وَأما الْأَهْل فَلَا خلاف فِي نقلهم يَعْنِي يشْتَرط نقل
الْكل حَتَّى لَو ترك عبدا أَو جَارِيَة مثلا لم يبر
قَوْله لم يَحْنَث هَذَا إِذا لم ينْو أما إِذا نوى إِن كَانَ مديوناً
مُسْتَغْرقا لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ لَا ملك لَهُ فِيهِ وان لم يكن مديونا
مستغراقا حنث لِأَن فِي الْإِضَافَة إِلَيْهِ نوع قُصُور فَيدْخل فِي
الْمُطلق من حَيْثُ الْإِضَافَة إِذا نوى وَعند أبي يُوسُف فِي
الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إِن نوى حنث وَإِن لم ينْو لَا يَحْنَث وَعند
مُحَمَّد يَحْنَث فِي الْوَجْهَيْنِ نوى أَو لم ينْو لقِيَام الْملك فِيهِ
قَوْله فَلم يَأْته حنث لِأَن عِنْد النَّاس اسْتَطَاعَ الْإِتْيَان من
حَيْثُ سَلامَة الْآلَات
قَوْله دين لانه مِمَّا يَقع اسْم الِاسْتِطَاعَة بالنصوص لكنه خلاف
(1/262)
فامرأته طَالِق فَلم يمرض وَلم يمنعهُ
سُلْطَان وَلَا مَجِيء ام لَا بِقدر على إِتْيَانه فَلم يَأْته حنث وَإِن
عَنى استطاعة الْقَضَاء دين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى
بَاب الْيَمين فِي الْكَلَام
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أَي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل حلف لَا
يكلم فلَانا شهرا فَهُوَ من حِين حلف وَإِن حلف لَا يتَكَلَّم فَقَرَأَ
الْقُرْآن فِي صلَاته لم يَحْنَث وَإِن قَرَأَ فِي غير صلَاته حنث وَإِن
قَالَ يَوْم أُكَلِّمك فامرأته طَالِق فَهُوَ على اللَّيْل وَالنَّهَار
وَإِن عَنى النَّهَار خَاصَّة دين فِي الْقَضَاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الظَّاهِر وَفِيه تَخْفيف فَلَا يصدق قَضَاء وَفِي رِوَايَة يصدق لِأَنَّهُ
نوى حَقِيقَة مَا تكلم بِهِ فَيصدق وَإِن كَانَ فِيهِ تَخْفيف
بَاب الْيَمين فِي الْكَلَام
قَوْله فَهُوَ من حِين حلف لِأَن ذكر الشَّهْر لإِخْرَاج مَا وَرَاءه عَن
مُطلق الْيَمين فَبَقيَ الشَّهْر تَحْتَهُ مرَادا من حِين حلف
قَوْله وَإِن قَرَأَ إِلَخ وَكَذَلِكَ إِذا سبح فِي الصَّلَاة لم يَحْنَث
وَلَو سبح فِي غير الصَّلَاة حنث هَكَذَا ذكر فِي الْكتاب وَإِن عقد
الْيَمين بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَث وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ هَذَا
فِي عرف دِيَارهمْ وَأما فِي عرفنَا يَنْبَغِي أَن لَا يَحْنَث إِذْ قرء
الْقُرْآن أَو سبح فِي غير الصَّلَاة لِأَنَّهُ لَا يُسمى متكلماً عرفا
قَوْله فَهُوَ على اللَّيْل وَالنَّهَار لِأَن الْيَوْم مَتى أضيف إِلَى
فعل لَا يَمْتَد يُرَاد بِهِ مُطلق الزَّمَان
قَوْله خَاصَّة لِأَنَّهُ لم يسْتَعْمل لغيره كالنهار يَقع على الْبيَاض
خَاصَّة
(1/263)
وَقَالَ لَيْلَة اكملمك فَهُوَ على
اللَّيْل خَاصَّة وَإِن قَالَ إِن كلمت فلَانا إِلَى أَن يقدم فلَان أَو
قَالَ حَتَّى يقدم فلَان أَو قَالَ إِلَّا أَن يَأْذَن لي فلَان أَو حَتَّى
يَأْذَن لي فلَان فامرأته طَالِق فَكَلمهُ قبل الْقدوم وَالْإِذْن حنث
وَإِن مَاتَ فلَان سَقَطت الْيَمين وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله
يَحْنَث إِذا مَاتَ فلَان وَإِن حلف لَا يكلم عبد فلَان وَلم ينْو عبدا
بِعَيْنِه أَو امْرَأَة فلَان اَوْ صديق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِأَنَّهُ لم يسْتَعْمل لغيره إِنَّمَا التَّرَدُّد فِي الْيَوْم
قَوْله حنث هَذَا لَا يشكل فِي حَتَّى لِأَنَّهَا للغاية فينتهي مُدَّة
الْيَمين عِنْدهَا فَإِذا تكلم قبل وجوده قفد وجد اشرط الْحِنْث والْيَمين
بَاقٍ فَيحنث وَإِن كَلمه بعد وجوده فقد وجد شَرط الْحِنْث وَالْيَمِين
فَلَا يَحْنَث وَإِذا مَاتَ سَقَطت الْيَمين لِأَنَّهُ منع نَفسه عَن
كَلَام فلَان فِي تِلْكَ الْمدَّة وَأما فِي قَوْله إِلَّا أَن يقدم
وَإِلَّا أَن يَأْذَن فَكَذَلِك أَيْضا لِأَن كلمة إِلَّا أَن بِمَعْنى
حَتَّى
قَوْله وَإِن حلف إِلَخ المسئلة على وَجْهَيْن إِمَّا أَن يكون الْمُسَمّى
فِي الْكَلَام مُضَافا اليه ملك أَو إِضَافَة نِسْبَة وكل ذَلِك على
وَجْهَيْن إِمَّا أَن يكون مُطلقًا أَو مشاراً إِلَيْهِ أما إِذا كَانَ
مُضَافا إِضَافَة ملك نَحْو العَبْد وَالطَّعَام وَالثَّوْب فَإِن كَانَ
مُطلقًا لِأَن حلف لَا يكلم عبد فلَان أَو لَا يلبس ثوب فلَان أَو لَا آكل
طَعَام فلَان يعْتَبر الْملك يَوْم الْحِنْث حَتَّى لَو فعل ذَلِك البيع
لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ عقد يَمِينه على فعل وَاقع فِي ملك فلَان وَفِي عين
مُضَاف إِلَيْهِ فَمَا لم يُوجد ذَلِك الْوَصْف لَا يَحْنَث فَإِن حلف لَا
أكلم عبد فلَان هَذَا أَو لَا أَدخل دَار فلَان هَذِه فَبَاعَ العَبْد أَو
الدَّار ثمَّ فعل ذَلِك لم يَحْنَث عِنْد أبي يُوسُف وَأبي حنيفَة (رحمهمَا
الله) وَعند مُحَمَّد (رَحمَه الله) يَحْنَث لِأَن الْإِشَارَة فَوق
النِّسْبَة فِي التَّعْرِيف فَلَا يعْتَبر وَلَهُمَا أَنه إِنَّمَا يُصَار
إِلَى التَّرْجِيح عِنْد التَّعَارُض وَلَا تعَارض
(1/264)
فلَان فَبَاعَ فلَان عِنْده أَو طلق
امْرَأَته فَبَانَت مِنْهُ أَو عادى صديقه فَكَلَّمَهُمْ لم يَحْنَث وَإِن
كَانَت يَمِينه على عبد بِعَيْنِه أَو امْرَأَة بِعَينهَا أَو صديق
بِعَيْنِه لم يَحْنَث فِي العَبْد وَحنث فِي الصّديق وَالْمَرْأَة وَقَالَ
مُحَمَّد (رَحمَه الله) يَحْنَث فِي العَبْد أَيْضا وَإِن حلف لَا يكلم
صَاحب هَذَا الطيلسان فَبَاعَ الطيلسان فَكَلمهُ حنث
بَاب الْيَمين على الْحِين وَالزَّمَان
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل حلف
ليصومن حينا أَو زَمَانا فَهُوَ على مَا نوى وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة
فَهُوَ على سِتَّة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هَهُنَا لِأَن الْإِشَارَة للتعريف وَالنِّسْبَة لهجران صَاحبه لِأَن
المُرَاد مِنْهُ أَن لَا يكلم مَعَ عبد فلَان لإِظْهَار معاداة صَاحبه
لِأَن العَبْد لَا يعادي بِنَفسِهِ وَأما إِذا كَانَ الْإِضَافَة إِضَافَة
نِسْبَة فِي غير الْأَمْوَال مثل قَوْله وَالله لَا أكلم زَوْجَة فلَان أَو
زوج فُلَانَة أَو صديق فلَان فَإِن كَانَ مشاراً إِلَيْهِ ثمَّ بطلت
الزَّوْجِيَّة والصداقة ثمَّ كلم حنث بِالْإِجْمَاع لِأَن هَذَا مِمَّا
يعادى بِنَفسِهِ فَذكر النِّسْبَة هَهُنَا للتعريف كالإشارة
قَوْله حنث لِأَن ذكر النِّسْبَة لَا يحْتَمل معنى آخر غير التَّعْرِيف
عندالناس
بَاب الْيَمين على الْحِين وَالزَّمَان
قَوْله على سِتَّة أشهر لِأَنَّهُ الْحِين فَإِن الْوسط قد يسْتَعْمل
للْوَقْت كَقَوْلِه تَعَالَى فسبحان الله حِين تمسون وَقد يَعْنِي بِهِ
سِتَّة شهور قَالَ الله تَعَالَى تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا وَقد
يَعْنِي بِهِ أَرْبَعُونَ سنة قَالَ الله تَعَالَى هَل أَتَى على
الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر
قَوْله ودهراً إِلَخ يُرِيد دهراً مُنْكرا فِي مَا إِذا قَالَ لَا اكلم
دهرا لَان دَرك
(1/265)
أشهر ودهراً لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) هُوَ مثل الزَّمَان رجل قَالَ
لعَبْدِهِ إِن خدمتني أَيَّامًا كَثِيرَة فَأَنت حر فَأكْثر الْأَيَّام
عشرَة أَيَّام وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) هُوَ سَبْعَة أَيَّام
بَاب الْيَمين فِي الْعتْق
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل قَالَ
لامْرَأَته إِذا ولدت ولدا فَأَنت طَالِق فَولدت ولدا مَيتا طلقت
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لأمته إِذا ولدت فَأَنت حرَّة وَإِن قَالَ لَهَا
إِذا ولدت ولدا فَهُوَ حر فَولدت ولدا مَيتا ثمَّ آخر حَيا عتق الْحَيّ
وَحده وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اللُّغَات لَيْسَ من بَاب الْقيَاس والتوقف فِي مَالا يدْرك بِالْقِيَاسِ
عِنْد عدم دَلِيل ضرب من الْفِقْه فَكَانَ هَذَا من أبي حنيفَة نِهَايَة
فِي الْمعرفَة لَا جَهَالَة وَأما الدَّهْر مُعَرفا بِاللَّامِ يُرَاد بِهِ
الْأَبَد عِنْدهم جَمِيعًا وَهُوَ مَذْكُور فِي الْجَامِع الْكَبِير قَالَ
الله (تَعَالَى) (هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر)
قَوْله رجل قَالَ إِلَخ هِيَ فرع مسئلة أرى ذكرهَا فِي الْجَامِع الْكَبِير
إِذا حلف وَقَالَ إِذا كلمت فلَانا الْأَيَّام الْكَثِيرَة فَعَبْدي حر
فَإِن ذَلِك على عشرَة أَيَّام عِنْد أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا على سَبْعَة
أَيَّام وَقد ذكرنَا مَعَ فروعها من شرح فِي شرح الْجَامِع الْكَبِير وَمن
الْمُتَأَخِّرين من قَالَ هَذَا فِي عرفهم وَأما فِي عرفنَا ينْصَرف إِلَى
أَيَّام الْجُمُعَة بِلَا خلاف
بَاب الْيَمين فِي الْعتْق
قَوْله طلقت لِأَن الْمَيِّت ولد حَقِيقَة وَشرعا أما الْحَقِيقَة فَلَا
شكّ وَأما شرعا فَلِأَن الْعدة تَنْقَضِي بِهِ
(1/266)
(رحمهمَا الله) لَا يعْتق وَاحِد مِنْهُمَا
وَإِن قَالَ أول عبد أشتريه فَهُوَ حر فَاشْترى عبدا عتق وَإِن اشْترى
عَبْدَيْنِ مَعًا ثمَّ اشْترى آخر لم يعْتق وَإِن قَالَ أول عبد أشتريه
وَحده فَهُوَ حر فَاشْترى عَبْدَيْنِ ثمَّ عبدا عتق الثَّالِث وَإِن قَالَ
آخر عبد أشتريه فَهُوَ حر فَاشْترى عبدا ثمَّ عبدا آخر ثمَّ مَاتَ عنق
الآخر يَوْم اشْتَرَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله)
يعْتق يَوْم مَاتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله لم يعْتق أَي لَا يَحْنَث فى الْيَمين لَا يملك الْعَبْدَيْنِ
حَتَّى لم يعتقاه وَلَا يملك العَبْد حَتَّى لم يعْتق وَذَلِكَ لِأَن الأول
اسْم لفرد سَابق لَا يُشَارِكهُ غَيره من جنسه فِي مَا وصف بِهِ فَيلْزمهُ
السَّبق والتفرد فَإِذا ملك عَبْدَيْنِ لم يَحْنَث لفقد التفرد فِي الْمثنى
وَإِذا ملك عبدا بعدهمَا فَكَذَلِك لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ فَردا لكنه غير
سَابق فَلَا يَحْنَث
قَوْله عتق الثَّالِث لِأَن كلمة وحدة للدلالة على التفرد فِي الْحَال
لِأَنَّهَا لم تقع إِلَّا حَالا فَلم يكن الشَّرْط مُطلق التفرد بل
المُرَاد بِهِ التفرد فِي حَالَة التَّمَلُّك
قَوْله يَوْم مَاتَ حَتَّى يعْتَبر من ثلث المَال لِأَن صفة الآخرية لَا
تثبت إِلَّا بِعَدَمِ شِرَاء آخر بعده فَصَارَ الْعتْق مُعَلّقا بِهِ
وَأَنه لايثبت إِلَّا عِنْد الْمَوْت فَصَارَ كَأَنَّهُ أعْتقهُ فِي حَالَة
الْمَرَض وَلأبي حنيفَة أَن الآخر اسْم لفرد لَاحق لَا يُشَارِكهُ غَيره من
نَفسه وَقد اتّصف بِهِ لكنه يبطل بشرَاء الآخر بِهِ فَإِذا لم يشتر حَتَّى
مَاتَ يثبت الْوَصْف من وَقت الشِّرَاء
قَوْله عتق الأول لِأَن الْبشَارَة فِي اللُّغَة عبارَة عَن خبر بِغَيْر
بشرة الْوَجْه من الْغم أَو من الْفَرح إِلَّا أَنه كثر اسْتِعْمَاله فِي
خبر يتَغَيَّر بِهِ بشرة الْوَجْه من الْفَرح فَصَارَ الإسم حَقِيقَة لَهُ
وَهَذَا حصل من الأول
قَوْله عتقوا لأَنهم جَمِيعًا فعلوا فعل الْبشَارَة قَالَ الله (تَعَالَى)
(وبشروه بِغُلَام حَلِيم)
(1/267)
وَإِن قَالَ كل عبد بشرني بِوِلَادَة
فُلَانَة فَهُوَ حر فبشره ثَلَاثَة مُتَفَرّقين عتق الأول فَإِن بشروه
مَعًا عتقوا وَإِن قَالَ إِن اشْتريت فلَانا فَهُوَ حر فَاشْتَرَاهُ ينويه
عَن كَفَّارَة يَمِينه لم يجزه وَإِن اشْترى أَبَاهُ يَنْوِي عَن كَفَّارَة
يَمِينه أجزاه وَإِن اشْترى أم وَلَده لم يجزه رجل قَالَ إِن تسريت
جَارِيَة فَهِيَ حرَّة فتسرى جَارِيَة كَانَت فِي ملكه عتقت وَإِن اشْترى
جَارِيَة فتسراها لم تعْتق
بَاب الْيَمين فِي البيع وَالشِّرَاء
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم رجل قَالَ لآخر
إِن بِعْت لَك هَذَا الثَّوْب فامرأتي طَالِق فَدس الْمَحْلُوف عَلَيْهِ
ثَوْبه فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله لم يجزه لِأَنَّهُ عتق بقوله فَهُوَ حر لَا بِالشِّرَاءِ وَلم تُوجد
النِّيَّة وَقت الْيَمين فَلَا يسْقط بِهِ الْكَفَّارَة
قَوْله وَإِن اشْترى أم وَلَده يُرِيد أَنه قَالَ لأم وَلَده وَهِي لَيست
فِي ملكه بِأَن اسْتَوْلدهَا بِالنِّكَاحِ ان اشتريتك فَأَنت حرَّة
فاشستراها تعْتق وَلَا تسْقط عَنهُ الْكَفَّارَة إِذا نوى ذَلِك لِأَنَّهُ
تعْتق بِالْإِعْتَاقِ الْحَاصِل بِالْيَمِينِ السَّابِقَة فخلاف مَا إِذا
قَالَ إِن اشتريتك فَأَنت حرَّة عَن كَفَّارَة يَمِيني قَالَ ذَلِك لأمة
حَيْثُ يجوز لِأَنَّهُ تعْتق كلهَا بِالْإِعْتَاقِ
قَوْله لم تعْتق وَقَالَ زفر تعْتق فِي الْحَالين لِأَن التَّسَرِّي تصرف
لَا يَسْتَغْنِي عَن الْملك فَيصير ذكره ذكر الْملك وَلنَا أَن الْإِيجَاب
لم يحصل فِي ملك وَلَا مُضَاف إِلَى سَبَب الْملك فَبَطل
بَاب الْيَمين فِي البيع وَالشِّرَاء
قَوْله إِن بِعْت لَك هَذَا الثَّوْب إِلَخ هَذَا الْفَصْل على وَجْهَيْن
إِمَّا أَن يكون الْيَمين معقوداً على فعل يحْتَمل النِّيَابَة
وَالْوكَالَة كَالْبيع والخياطة والصياغة وَالْبناء أَو على افْعَل لَا
يحْتَمل النِّيَابَة وَالْوكَالَة كَأَكْل الطَّعَام وَشرب الشَّرَاب وكل
ذَلِك لَا يَخْلُو ماما أَن دخل اللَّام على الْفِعْل فَيَقُول إِن بِعْت
لَك هَذَا الثَّوْب اَوْ
(1/268)
ثِيَاب الْحَالِف فَبَاعَهُ وَلم يعلم لم
يَحْنَث وَإِن قَالَ إِن بِعْت ثوبا لَك والمسئلة بِحَالِهَا حنث وَإِن
كَانَ الْفِعْل لَا يقبل النِّيَابَة حنث قدم الْفِعْل أَو أخر رجل قَالَ
هَذَا العَبْد حر إِن بِعته فَبَاعَهُ على أَنه بِالْخِيَارِ عتق
وَكَذَلِكَ إِن قَالَ المُشْتَرِي إِن اشْتَرَيْته فَهُوَ حر فَاشْتَرَاهُ
على أَنه بِالْخِيَارِ وَإِن قَالَ إِن لم أبع هَذَا العَبْد أَو هَذِه
الْجَارِيَة فامرأتي طَالِق فَأعتق اَوْ دبر طلقت وَالله اعْلَم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دخل عَن الْعين فَيَقُول إِن بِعْت ثوبا لَك اما فِي مَا يحْتَمل
النِّيَابَة وَالتَّوْكِيل إِن دخل اللَّام على الْفِعْل فَقَالَ لَهُ
بِعْت لَك ثوبا أَو خطت لَك ثوبا يَقع الْيَمين على ذَلِك الْفِعْل وَهُوَ
أَن يَفْعَله بأَمْره سَوَاء كَانَ الْعين فِي ملكه أَو لم يكن لِأَن
اللَّام جَاوَرت الْفِعْل فَأوجب ملك الْفِعْل لَا ملك الْعين وَأما فِي
مَا لَا يحْتَمل النِّيَابَة يَقع الْيَمين على ملك الْعين سَوَاء قدم
اللَّام بِأَن يُقَال إِن أكلت لَك طَعَاما أَو أخر بِأَن قَالَ إِن أكلت
طَعَاما لَك لِأَن اللَّام دخلت على مَا يملك وهوالعين وعَلى مَا لَا يملك
وهوالفعل فَوَجَبَ صرفهَا إِلَى مَا يملك وَهُوَ الْعين
قَوْله عتق لِأَن شَرط الْإِعْتَاق قد وجد وَالْعَبْد فِي ملكه
قَوْله وَكَذَلِكَ لِأَن شَرط الاعتاق قد وجد فَصَارَ موجوبا تَقْدِيم
الْإِيجَاب كَمَا إِذا أعْتقهُ بعد الشِّرَاء صَرِيحًا
قَوْله طلقت لتحقيق الْعَدَم فَصَارَ كموت الْحَالِف أَو موت العَبْد قبل
البيع فَإِن قيل الْعَدَم لَا يثبت فِي حق الامة بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِير
لجوزا أَنَّهَا ترتد فتسبى بِخِلَاف العَبْد فَإِنَّهُ مَتى ارْتَدَّ يجْبر
على الْإِسْلَام بِكُل حَال فَإِن قبل والا قتل قبل لَهُ الْيَمين
انْعَقَدت على البيع بِاعْتِبَار هَذَا الْملك وَبِاعْتِبَار هَذَا الْملك
تحقق الْعَدَم
(1/269)
بَاب الْيَمين فِي الْحَج
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل قَالَ
وَهُوَ فِي الْكَعْبَة عَليّ الْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى أَو إِلَى
الْكَعْبَة فَعَلَيهِ حجَّة وَعمرَة مَاشِيا وَإِن شَاءَ ركب وأهراق دَمًا
رجل قَالَ عَليّ الْخُرُوج أَو الذّهاب إِلَى بَيت الله تَعَالَى أَو قَالَ
عَليّ الْمَشْي إِلَى الْحرم أَو إِلَى الصَّفَا والمروة فَلَا شَيْء
عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب الْيَمين فِي الْحَج
قَوْله فَعَلَيهِ إِلَخ لِأَن هَذَا فِي عرفهم إِيجَاب الْحَج وَالْعمْرَة
مَاشِيا فَصَارَ كَمَا لَو نَص عَلَيْهِ وَقَالَ لله على زِيَارَة الْبَيْت
مَاشِيا أَو الْكَعْبَة مَاشِيا وَلَو قَالَ هَكَذَا كَانَ الْجَواب مَا
قُلْنَا
قَوْله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لِأَن قَوْله على الْمَشْي إِلَى
الْحرم مثل قَوْله على الْمَشْي إِلَى بَيت الله وعَلى هَذَا الْخلاف لَو
قَالَ على الْمَشْي إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام ذكره مُحَمَّد فِي الأَصْل
وَقَالا لِأَن الْحَرَام شَامِل للبيت وَكَذَلِكَ الْمَسْجِد الْحَرَام
فَصَارَ ذكره كَذَلِك وَأما الصَّفَا والمروة فينفصلان عَن الْبَيْت وَلأبي
حنيفَة أَن الْتِزَام الْحَج بِهَذِهِ الْعبارَة غير مُتَعَارَف فَوَجَبَ
رده إِلَى الْقيَاس وَالْقِيَاس ان لَا يلْزم شَيْء بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ
بِخِلَاف قَوْله على الْمَشْي إِلَى بَيت الله أَو إِلَى الْكَعْبَة أَو
إِلَى مَكَّة لِأَنَّهُ مُتَعَارَف وَفِي النَّوَادِر إِلَى مَكَّة لِأَن
ذَلِك كُله مُتَعَارَف
قَوْله يعْتق لِأَنَّهُمَا شَهدا بِإِثْبَات أَمر مَعْلُوم وَمن ضَرُورَته
أَن لَا يحجّ فعبده حر وَلَهُمَا أَن هَذِه شَهَادَة قَامَت على النَّفْي
فَلَا تقبل كَمَا إِذا شَهدا أَنه لم يحجّ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن
الشَّهَادَة بالتضحية بَاطِلَة بتحقيقها لِأَنَّهُ لَا مطَالب لَهَا
فَبَقيَ النَّفْي مَقْصُودا فَإِن قيبل الشهاد على النَّفْي لَا تقبل فِي
مَا لَا علم للشَّاهِد
(1/270)
عَلَيْهِ فِي قَوْله عَليّ الْمَشْي إِلَى
الْحرم حجَّة أَو عمْرَة رجل قَالَ عَبدِي حر إِن لم أحج الْعَام فَقَالَ
قد حججْت فَشهد شَاهِدَانِ أَنه ضحى بِالْكُوفَةِ لم يعْتق وَقَالَ
مُحَمَّد رَحمَه الله يعْتق
بَاب الْيَمين فِي لبس الثِّيَاب والحلي
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم رجل قَالَ إِن
لبست من غزل فُلَانَة ثوبا فَهُوَ هدى فَاشْترى قطنا فعزلته ونسج فلبسه
قَالَ فَهُوَ هدى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَيْسَ
بهدى حَتَّى تغزله من قطن ملكه يَوْم حلف رجل حلف لَا يلبس حليا فَلبس
خَاتم فضَّة لم يَحْنَث وَإِن كَانَ من ذهب حنث امْرَأَة حَلَفت لَا تلبس
حليا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك فَإِن وَقع لَهُ الْعلم بذلك وَجب أَن تقبل وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا
ذكر فِي السيراذا شهد شَاهِدَانِ على رجل انا سمعناه الْمَسِيح ابْن الله
وَلم يصل بقوله قَول النَّصَارَى بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَته وَالرجل يَقُول
لَا بل وصلت بقول قَول النَّصَارَى فالشهادة مَقْبُولَة على النَّفْي لِأَن
ذَلِك مِمَّا يحاط بِهِ الْعلم قيل لَهُ الأَصْل أَن الشَّهَادَة على
النَّفْي لَا تقبل كَمَا قَالَ ثمَّ بعد ذَلِك لَا يتَمَيَّز بَين نفي
وَنفي تيسيراً لِلْأَمْرِ على النَّاس ودفعاً للْحَرج أما مسئلة السّير
الْكَبِير فَذَلِك عبارَة عَن السُّكُوت وَهُوَ أَمر مَعْلُوم
بَاب الْيَمين فِي لبس الثِّيَاب والحلي
قَوْله لَيْسَ بهدى حَتَّى تغزله إِلَخ لِأَن النّذر إِنَّمَا يَصح فِي
الْملك أَو مُضَافا إِلَى سَبَب الْملك والغزل واللبس ليسَا من أَسبَاب
الْملك وَلم يوجدا فِي الْملك فَلَا يَصح وَلأبي حنيفَة أَن الْعَادة
الْغَالِبَة أَنَّهَا تغزل لزَوجهَا من قطنه فاليمين مُقَيّدَة
بِالْعَادَةِ فِي الْملك دلَالَة كَأَنَّهُ قَالَ من قطن ملكه
قَوْله حنث لِأَنَّهُ حَتَّى بِدلَالَة تَحْرِيم الشَّرْع للرِّجَال وَلَو
لم يكن ذَهَبا
(1/271)
فَلَيْسَتْ لُؤْلُؤ بِلَا ذهب لم تَحنث
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) تَحنث وَالله أعلم
بَاب الْيَمين فى الْقَتْل وَالضَّرْب
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خَالِصا وَلَكِن كَانَ خَاتمًا مِمَّا تلبسه النِّسَاء من الْفضة أَو من
الْحِجَارَة مثلا يجب أَن يَحْنَث اعْتِبَارا بِالْعَادَةِ وَقيل لَا
يَحْنَث لَا عِبْرَة للْعَادَة
قَوْله تَحنث لِأَنَّهُ حلي حَقِيقَة قَالَ الله (تَعَالَى) {وتستخرجون
حلية تلبسونها} وَإِنَّمَا تستخرج من الْبَحْر اللُّؤْلُؤ وَلأبي حنيفَة
أَن الْعَادة لم تجر بالتحلي بِاللُّؤْلُؤِ إِلَّا إِذا كَانَ مرصعاً
بِذَهَب أَو فضَّة وَقيل على قِيَاس قَوْله لَا بَأْس بِأَن يلبس الغلمان
اللُّؤْلُؤ وَكَذَلِكَ الرِّجَال يجوز لَهُم ذَلِك
بَاب الْيَمين فِي الْقَتْل وَالضَّرْب
قَوْله فَهُوَ على الْحَيَاة لِأَن معنى الضَّرْب لَا يتَحَقَّق بعد
الْمَوْت لِأَن معنى الضَّرْب الإيلام والإيلام لَا يتَحَقَّق بعد الْمَوْت
وَلَا يلْزم على هَذَا عَذَاب الْقَبْر أما من قَالَ بِأَصْل الْعَذَاب
وَسكت عَن الْكَيْفِيَّة فقد تفصى لِأَنَّهُ لَا يعلم أَنه على القالب أَو
على الرّوح وَأما من قَالَ بالكيفية مِنْهُم من قَالَ يعذب بعد وضع
الْحَيَاة فِيهِ لَكِن يوضع فِيهِ الْحَيَاة بِقدر مَا يتألم لَا الْحَيَاة
الْمُطلقَة وَهَذَا أقرب إِلَى الْحَقِيقَة وَمِنْهُم من قَالَ بِوَضْع
الْحَيَاة من كل وجهة بِخِلَاف قَوْله إِن غسلتك حَيْثُ يَقع على الْحَيَاة
وَالْمَمَات جَمِيعًا لِأَن الْغسْل بصورته وَمَعْنَاهُ يتَحَقَّق بعد
الْمَوْت أما الصُّورَة فإسالة المَاء على الْبدن وَأما الْمَعْنى فإزالة
الدَّرن
قَوْله وَكَذَلِكَ إِلَخ فَإِن قَالَ إِن كلمتك فَهُوَ على الْحَيَاة
خَاصَّة لِأَن كَلَام الْإِنْسَان مَعَ غَيره لَا يكون إِلَّا بالإفهام
والإسماع وَهَذَا لَا يتَحَقَّق بعد الْمَوْت وَكَذَلِكَ الْكسْوَة إِذا
اطلقت يُرَاد بهَا التَّمْلِيك عرفا والتميلك من الْمَيِّت لَا يتَصَوَّر
وَكَذَلِكَ الدُّخُول عَلَيْهِ بِأَن قَالَ إِن دخلت عَلَيْك لِأَن
الدُّخُول للزيارة يكون وَبعد الْمَوْت يزار قَبره لَا عينه
(1/272)
لآخر إِن ضربتك فَعَبْدي حر فَمَاتَ
فَضَربهُ قَالَ فَهُوَ على الْحَيَاة وَكَذَلِكَ الْكسْوَة وَالْكَلَام
وَالدُّخُول رجل حلف لَا يضْرب امْرَأَته فَمد شعرهَا أَو خنقها أَو عضها
حنث رجل قَالَ إِن لم أقتل فلَانا فامرأتي طَالِق وَفُلَان ميت وَهُوَ يعلم
حنث وَإِن لم يعلم لَا يَحْنَث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله وَالْكَلَام قد وَجهه أَكثر الشُّرَّاح بإن الْكَلَام مَا يُخَاطب
بِهِ الأفهام والأسماع وَهُوَ غير مُتَصَوّر فِي الْمَيِّت وَفهم مِنْهُ
بعض أَصْحَاب الْفَتَاوَى أَنه مَبْنِيّ على عدم سَماع الْمَوْتَى فنسبوه
إِلَى القدماء وَمن ثمَّ اشْتهر بَين الْعَوام ان عِنْد الحنيفة لَا سَماع
للموتى وَالْحق أَنهم بريئون عَن ذَلِك كَمَا حَقَّقَهُ ابْن الْهمام
وَغَيره والمسئلة الَّتِي نَحن فِيهَا لَيست مَبْنِيَّة عَلَيْهِ بل على
أَن الْكَلَام وَالْخطاب فِي الْعرف إِنَّمَا يُطلق على الْخطاب مَعَ
الْحَيّ وَمَعَ الْمَيِّت لَا يعرف كلَاما والأيمان مَبْنِيَّة على الْعرف
فَلِذَا لَا يَحْنَث بالْكلَام مَعَ الْمَيِّت إِذا حلف لَا يكلمهُ وَكَيف
يُنكر قدماء أَصْحَابنَا سَماع الْمَوْتَى مَعَ ظُهُور النُّصُوص
الدَّالَّة عَلَيْهِ وَإِجْمَاع أَكثر الصَّحَابَة عَلَيْهِ وَقد أنكرته
عَائِشَة (رَضِي الله عَنْهَا) لَكِن قد زارت قبر أَخِيه عبد الرَّحْمَن
وخاطبت مَعَه كَمَا هُوَ مَرْوِيّ فِي جَامع التِّرْمِذِيّ وَغَيره فعل
انها وَرجعت لَا يفني بِالْمَوْتِ وفناء الْبدن لَا يقْدَح فِي ذَلِك
ولعلمي قد ينْكَشف حقية هَذَا الامر لمنكري السماع فَإِن السَّامع والفاهم
إِنَّمَا هُوَ الرّوح وَهُوَ لَا يفني بِالْمَوْتِ وفناء الْبدن لَا يقْدَح
فِي ذَلِك ولعلمي قد ينْكَشف حقية هَذَا الامر لمنكري السماع بعد مَوته وان
طَال انكراهم فِي حياتهم وَعند ذَلِك يحصل مَعَه التَّنْبِيه على خطأهم
وَلَا يفيدهم ذَلِك
قَوْله حنث هَذَا إِذا كَانَ فِي حَال الْغَضَب وَأما إِذا كَانَ يلاعبها
فَأصَاب رَأسه أنفها فأدماها أَو آلمها لم يَحْنَث
قَوْله حنث لِأَنَّهُ عقد يَمِينه على قَتله بحياة تحدث فِيهِ بعد الْمَوْت
وَهَذَا مُتَصَوّر
قَوْله لَا يَحْنَث هَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَعند أبي يُوسُف
يَحْنَث وَهِي فرع مسئلة شرب المَاء فِي الْكوز
(1/273)
مسَائِل من كتاب الْأَيْمَان لم تدخل فِي
الْأَبْوَاب
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم فِي رجل قَالَ
إِن لم أقض دراهمك فَعَبْدي حر فَبَاعَهُ بهَا عبدا وَقَبضه أَو قَضَاهُ
زُيُوفًا بر وَإِن وَهبهَا لَهُ أَو قَضَاهُ ستوقة لم يبر وَإِن حلف لَا
يُطلق أَو لَا يعْتق أَو لَا يتَزَوَّج فَأمر بذلك إنْسَانا فَفعل وَقَالَ
عنيت أَن لَا أَتكَلّم بِهِ لم يدين فِي الْقَضَاء خَاصَّة وَصدق ديانَة
رجل حلف لَا يضْرب عَبده قَالَ فِي الأَصْل إِذا أَمر غَيره فَضَربهُ حنث
وَإِن حلف الا يضْرب وَلَده فَأمر إنْسَانا فَضَربهُ لم يَحْنَث وَجعل
الْعلَّة فِيهِ الْملك فَإِن كَانَ الْمَضْرُوب وَلَده فَأمر انسانا
فَضَربهُ لم يَحْنَث وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) إِذا
حلف لَا يضْرب عَبده أَو لَا يذبح شاته فَأمر غَيره فَفعل وَقَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسَائِل من كتاب الْأَيْمَان لم تدخل فِي الْأَبْوَاب
قَوْله لم يبر لِأَن الزُّيُوف دَرَاهِم فَإِن تجوز بهَا فقد اقْتضى وَإِن
ردهَا فقد انقض بعد صِحَّته وَأما الستوقة فَلَيْسَتْ بِدَرَاهِم فَلَا
يَصح اقتضاءها فَوَجَبَ الْحِنْث
قَوْله فِي الْقَضَاء إِلَخ لِأَنَّهُ نوى خلاف الظَّاهِر لِأَن الطَّلَاق
فعل شَرْعِي وَذَلِكَ أَن يُوجد من المرأ كَلَام يثبت بِهِ وُقُوع
الطَّلَاق عَلَيْهَا وَالْأَمر بذلك مثل التَّكَلُّم بِنَفسِهِ فَإِذا نوى
التَّكَلُّم بِنَفسِهِ فقد نوى الْخُصُوص فَلم يصدق قَضَاء
قَوْله لم يَحْنَث لِأَن فِي مسئلة العَبْد مَنْفَعَة ضربه تحصل للْآمِر
لِأَن العَبْد يأتمر بأَمْره إِذا ضربه غَيره فَكَانَ عمله كعمله فِي حق
الْمَنْفَعَة ن فَيحنث أما وَلَده فمنفعة ضربه يحصل للْوَلَد لَا للوالد
فَلم يكن عمله كعمله فِي حق الْمَنْفَعَة فَلَا يعْتَبر عمله كعمله فَلَا
يَحْنَث
قَوْله دين فِي الْقَضَاء لِأَن الضَّرْب وَالذّبْح فعل حسي يعرف بأثره
وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ بِحَق التسبيب مجَاز فَإِذا نوى حَقِيقَة مَا تكلم
بِهِ صحت نِيَّته
قَوْله بر لِأَن الْهِبَة تمْلِيك من جَانب وَاحِد وَقد وجد الا ان
الْقبُول
(1/274)
عنيت أَن لَا أفعل ذَلِك بنفسي دين فِي
الْقَضَاء رجل حلف أَن يهب عَبده لفُلَان فوهبه وَلم يتَقَبَّل بر
وَإِن حلف لَا يَصُوم فَنوى الصَّوْم وَصَامَ سَاعَة ثمَّ أفطر فِي يَوْمه
حنث وَإِن حلف أَن لَا يَصُوم يَوْمًا أَو صوما فصَام سَاعَة ثمَّ أفطر فِي
يَوْمه لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا يُصَلِّي فَقَامَ وَقَرَأَ وَركع لم
يَحْنَث وَإِن سجد مَعَ ذَلِك ثمَّ قطع حنث رجل قَالَ إِن كَانَ لي إِلَّا
مائَة دِرْهَم فامرأتي طَالِق فَلَا يملك إِلَّا خمسين درهما لم يَحْنَث
وَكَذَلِكَ إِن قَالَ غير مائَة وأو سوى مائَة وان حلف لاي شم ريحاناً فشم
وردا وياسميناً لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا يَشْتَرِي بنفسجاً وَلَا نِيَّة
لَهُ فاليمين على دهنه وَإِن حلف على الْورْد فاليمين على الْوَرق امْرَأَة
قَالَت لزَوجهَا تزوجت عَليّ فَقَالَ كل امْرَأَة لي طَالِق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْقَبْض شَرط ثُبُوت الْملك وَشرط الْبر الْهِبَة الْمُطلقَة لَا
الْمقيدَة لثُبُوت الْملك وَقد وجد
قَوْله حنث لَا شَرط الْحِنْث فعل الصَّوْم وَقد وجد وَلَو قَالَ مَكَانَهُ
لَا يَصُوم صوما أَو يَوْمًا لم يَحْنَث لِانْعِدَامِ صَوْم الْيَوْم
قَوْله لم يَحْنَث لِأَن شَرط الْحِنْث فعل الصَّلَاة وَالْمَوْجُود بعض
فعل الصَّلَاة لَان اكل الصَّلَاة فعل الْقيام وَالرُّكُوع وَالسُّجُود
وَالْقِرَاءَة وَمَا وَرَاء ذَلِك فَهُوَ تكْرَار
قَوْله لم يَحْنَث لِأَن قَصده من هَذَا نفي مَا وَرَاء الْمِائَة فَكَانَ
شَرط حنثه ملك زِيَادَة شَيْء على الْمِائَة
قَوْله فشم وردا الخ إِلَخ لِأَن فِي عرفهم الريحان اسْم لما لَا يقوم على
السَّاق من الْبُقُول مِمَّا لَهُ رَائِحَة طيبَة وَهُوَ مَوْضُوع لذَلِك
لُغَة والورد والياسمين لَهما سَاق
(1/275)
ثَلَاثًا طلقت هَذِه فِي الْقَضَاء رجل
قَالَ كل مَمْلُوك لي فَهُوَ حر فَإِنَّهُ يعْتق أُمَّهَات أَوْلَاده
ومدبروه وَلَا يعْتق مكاتبوه وَعبد قد اعْتِقْ بعضه الا ان يَنْوِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله على الْوَرق لتسمية النَّاس فى عرفهم دهن البنفسج بنفسجاً دون دهن
الْورْد وردا
قَوْله هَذِه أَي الَّتِي حلفته وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِنَّهَا لَا تطلق
لِأَنَّهُ خرج جَوَابا فيتقيد بِهِ وَجَوَاب ظَاهر الرِّوَايَة أَنه زَاد
على الْجَواب لِأَنَّهُ كَانَ يَكْفِيهِ أَن يَقُول إِن فعلت فَهِيَ طَالِق
ثَلَاثًا فَصَارَ مبتدئاً فَوَجَبَ الْعَمَل بِعُمُومِهِ وإطلاقه وَإِن
قَالَ نَوَيْت تِلْكَ خَاصَّة صدق ديانَة لانه مَعَ الزِّيَادَة يحْتَمل
أَن يكون جَوَابا
(1/276)
|