الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير

كتاب الْمَأْذُون
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) قَالَ لَيْسَ للمأذون وَلَا للْمكَاتب أَن يقرضا فَإِن فعلا فَهُوَ بَاطِل رجل قدم مصرا فَقَالَ أَنا عبد فلَان فَاشْترى وَبَاعَ لزمَه كل شَيْء من التِّجَارَة إِلَّا أَنه لَا يُبَاع حَتَّى يحضر مَوْلَاهُ فَإِن حضر وَقَالَ هُوَ مَأْذُون بيع فِي الدّين جَارِيَة أذن لَهَا مَوْلَاهَا فِي التِّجَارَة فاستدانت أَكثر من قيمتهَا ثمَّ دبرهَا الْمولى فَهِيَ مَأْذُون لَهَا على حَالهَا وَالْمولى ضَامِن قيمتهَا للْغُرَمَاء وَإِن وَطئهَا الْمولى فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ وَلم يدبرها فَهَذَا حجر عَلَيْهَا وَيضمن الْمولى قيمتهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب الْمَأْذُون

قَوْله فَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ مُتَبَرّع وَالْوَصِيّ وَالْأَب كَذَلِك بِخِلَاف القَاضِي فَإِنَّهُ بِملك إقراض مَال الْيَتِيم وَقد تقدم ذكر الْفرق فِي كتاب الْقَضَاء
قَوْله فَقَالَ أَنا عبد إِلَخ المسئلة على وَجْهَيْن إِمَّا أَن يخبر أَنه مَأْذُون من جِهَة الْمولى أَو لَا يخبر بِشَيْء وَيبِيع وَيَشْتَرِي أما إِذا أخبر يجب قبُوله عدلا كَانَ أَو غير عدل وَهَكَذَا خبر كل مخبر عدلا كَانَ أَو غير عدل فى حق ملك التِّجَارَة بِاعْتِبَار الْحَاجة فَإِن النَّاس يبعثون العَبْد والأحرار للتِّجَارَة فَلَو لم يقبل قَوْلهم يُؤَدِّي إِلَى إِلْحَاق الضَّرَر بِالنَّاسِ وَعَلِيهِ إِجْمَاع الْأمة إِلَّا أَنه لَا يعْتَبر قَوْله فِي بيع رقبته بِالدّينِ لِأَن رقبته ملك الْمولى وَلَيْسَت بِحَق لَهُ فَلَا يقبل قَوْله فِيهِ بِخِلَاف كَسبه لِأَنَّهُ حَقه أما إِذا لم يخبر لكنه بَاعَ وَاشْترى فَكَذَلِك لِأَن الظَّاهِر أَنه مَأْذُون وَفِي

(1/463)


مَأْذُون بَاعَ عبدا بِأَلف ثمَّ حط من الثّمن شَيْئا يحط التُّجَّار مثله فِي الْعَيْب فَهُوَ جَائِز مَأْذُون عَلَيْهِ دين بَاعه الْمولى من رجل وأعمله بِالدّينِ فللغرماء أَن يردوا البيع يُرِيد بِهِ إِذا لم يصلوا إِلَى الثّمن فَإِن كَانَ البَائِع غَائِبا فَلَا خُصُومَة بَينهم وَبَين المُشْتَرِي وَهُوَ قَول مُحَمَّد (رَحمَه الله) وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) المُشْتَرِي خصم وَيقْضى لَهُم بدينهم وَالله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْأَحْكَام يعْتَبر مَا هُوَ الظَّاهِر لَكِن لَا يُبَاع رقبته فِي الدّين حَتَّى يحضر مَوْلَاهُ لما قُلْنَا
قَوْله على حَالهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحجر دلَالَة فَبَقيت مأذونة
قَوْله وَالْمولى ضَامِن لِأَنَّهُ أتلف حَقهم بِالتَّدْبِيرِ
قَوْله شَيْئا يحط التُّجَّار يَعْنِي إِن كَانَ يحط عَن عَن عيب وَقد حط مَا يحط التُّجَّار مثله فِي الْعَيْب فَهُوَ جَائِز لِأَن هَذَا من فعل التِّجَارَة وَإِن كَانَ من غير عيب لَا يجوز لِأَنَّهُ مُتَبَرّع لَا يحْتَاج إِلَيْهِ التُّجَّار
قَوْله فللغرماء أَن يردوا البيع تَأْوِيله إِذا كَانُوا لَا يصلونَ إِلَى الثّمن أما إِذا وصلوا إِلَى الثّمن وَلَيْسَ فِي البيع نُقْصَان فَلَيْسَ لَهُم أَن يردوا البيع
قَوْله المُشْتَرِي خصم لِأَنَّهُ يَدعِي الْملك لنَفسِهِ فِي هَذَا العَبْد فَيكون خصما ينازعه فِيهِ كَمَا فِي دَعْوَى الْعين وَلَهُمَا أَنه لَا فَائِدَة فِي جعله خصما لأَنا إِذا جَعَلْنَاهُ خصما لَهُم وَنَقَضُوا البيع يعود العَبْد إِلَى ملك البَائِع فَلَا يُمكن بَيْعه فِي دُيُونهم لِأَن البَائِع غَائِب وَفِي بَيْعه قَضَاء على الْغَائِب وَأَنه بَاطِل فَلَا يَجْعَل خصما

(1/464)