الجامع
الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير كتاب الْوَصَايَا
بَاب الْوَصِيَّة بِثلث المَال
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل أوصى
لأمهات أَوْلَاده بِثلث مَاله (وَهن ثَلَاث) وللفقراء وَالْمَسَاكِين
فَلَهُنَّ ثَلَاثَة أسْهم من خَمْسَة أسْهم وللفقراء سهم وللمساكين سهم
وَإِن أوصى بِثُلثِهِ لفُلَان وللمساكين فنصفه لفُلَان وَنصفه للْمَسَاكِين
رجل أوصى لرجل بِمِائَة وَلآخر بِمِائَة ثمَّ قَالَ لآخر قد أَشْرَكتك
مَعَهُمَا فَلهُ ثلث كل مائَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب الْوَصِيَّة بِثلث المَال
قَوْله فَلَهُنَّ ثَلَاثَة أسْهم لِأَن الصِّيغَة وَإِن كَانَت للْجمع
إِلَّا أَنَّهَا صَارَت مجَازًا عَن الْجِنْس لتعذر الْعلم بِالْعُمُومِ
وَاسم الْجِنْس يَقع على الْأَدْنَى وَيحْتَمل الْكل
قَوْله فَلهُ ثلث كل مائَة لِأَن مُطلق الشّركَة تَقْتَضِي التَّسْوِيَة
وَذَلِكَ فِي مَا قُلْنَا
قَوْله فَلهُ نصف مَا لكل إِلَخ لِأَن مُطلق الشّركَة تَقْتَضِي
التَّسْوِيَة لَكِن بِقدر الْإِمْكَان فَفِي الْفَصْل الأول أمكن
التَّسْوِيَة من كل وَجه بَينهم جَمِيعًا وَفِي الْفَصْل الثَّانِي لم
يُمكن التَّسْوِيَة بَينهم على اعْتِبَار الْجُمْلَة فَوَجَبَ الاسْتوَاء
على طَرِيق الِانْفِرَاد فَانْصَرف إِلَى التَّسْوِيَة مَعَ كل مِنْهُمَا
(1/520)
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد (رَحمهَا الله)
إِن أوصى بأربعمائة لرجل وَلآخر بمائتين ثمَّ قَالَ لآخر قد أَشْرَكتك
مَعَهُمَا فَلهُ نصف مَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا رجل قَالَ سدس مَالِي
لفُلَان ثمَّ قَالَ فِي ذَلِك الْمجْلس أَو فِي مجْلِس آخر لَهُ ثلث مَالِي
وأجازت الْوَرَثَة فَلهُ ثلث المَال وَلَو قَالَ سدس مَالِي لفُلَان ثمَّ
قَالَ فِي ذَلِك الْمجْلس أَو فِي مجْلِس آخر سدس مَالِي لفُلَان فَلَيْسَ
لَهُ إِلَّا سدس وَاحِد
رجل أوصى لرجل بِجُزْء من مَاله فَإِن الْوَرَثَة يعطونه مَا شاؤوا وَإِن
أوصى بِسَهْم من مَاله فَلهُ مثل نصيب أحد الْوَرَثَة وَلَا يُزَاد على
السُّدس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَلهُ ثلث المَال لِأَن الثُّلُث يتَضَمَّن السُّدس فجعلناه مخبرا
عَن السُّدس الأول منشأ للسدس الآخر لِأَنَّهُ مهما أمكن جعله إِخْبَارًا
لَا يَجْعَل إنْشَاء لِأَن فِيهِ شكا والإخبار مُتَيَقن
قَوْله إِلَّا سدس وَاحِد لِأَنَّهُ ذكر السُّدس مُعَرفا بِالْإِضَافَة
مرَّتَيْنِ لِأَنَّهَا من أَسبَاب التَّعْرِيف والمعرفة إِذا أُعِيدَت
معرفَة أَو النكرَة إِذا أُعِيدَت على سَبِيل التَّعْرِيف كَانَ الثَّانِي
عين الأول
قَوْله لَا يُزَاد على الثُّلُث لِأَنَّهَا وَصِيَّة بِأَقَلّ
الْأَنْصِبَاء فَإِذا زَاد لَا يُجَاوز عَن الثُّلُث وَلأبي حنيفَة (رَحمَه
الله) أَن السهْم اسْم للسدس وَهُوَ اسْم لنصيب وَاحِد من الْوَرَثَة
أَيْضا فَينْظر أَيهمَا كَانَ أقل فَلهُ ذَلِك وَهَذَا فِي عرفهم فَأَما
فِي عرفنَا فالسهم والجزء سَوَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ باسم لنصيب أحد
الْوَرَثَة وَلَا للسدس
قَوْله يصدق إِلَى الثُّلُث يَعْنِي إِذا ادّعى أَكثر من الثُّلُث فكذبته
الْوَرَثَة لَا يعْطى إِلَّا ثلث المَال لِأَن قَوْله على دين إِقْرَار
بِمَجْهُول لَا يَصح الحكم بِهِ
(1/521)
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد (رحمهمَا الله)
مثل نصيب أحدهم لَا يُزَاد على الثُّلُث إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْوَرَثَة
رجل قَالَ لفُلَان عَليّ دين فصدقوه فَإِنَّهُ يصدق إِلَى الثُّلُث فَإِن
أوصى بوصايا غير ذَلِك عزلت الثُّلُث لأَصْحَاب الْوَصَايَا والثلثين
للْوَرَثَة فَإِذا أفرزنا وَقد علمنَا أَن فِي التَّرِكَة دينا شَائِعا
أمروا بِالْبَيَانِ فَقيل لأَصْحَاب الْوَصَايَا صدقوه فِيمَا شِئْتُم
وللورثة صدقوه فِيمَا شِئْتُم وَمَا بَقِي من الثُّلُث فأصحاب الْوَصَايَا
أَحَق بِهِ
رجل أوصى لوَارث ولأجنبي فَإِنَّهُ للْأَجْنَبِيّ نصف الْوَصِيَّة وَتبطل
وَصِيَّة الْوَارِث رجل لَهُ ثَلَاثَة أَثوَاب جيد ووسط وردي فأوصى بِكُل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوله فصدقوه مُخَالف لحكم الشَّرْع لِأَن الْمُدَّعِي لَا يصدق من غير
حجَّة فَبَطل لَكِن قَصده من هَذَا تَقْدِيمه على الْوَرَثَة وَفِي
الْوَصِيَّة ذَلِك فَكَانَ وَصِيَّة فَلَا يُزَاد على الثُّلُث
قَوْله نصف الْوَصِيَّة لِأَن الْوَصِيَّة ابْتِدَاء إِيجَاب وَقد أضيف
إِلَى مَا يملك وَإِلَى مَا لَا يملك فَبَطل فِي مَا لَا يملك
قَوْله وَالْوَرَثَة تجحد يُرِيد أَن الْوَرَثَة يجحدون بَقَاء حق كل
وَاحِد مِنْهُم بِعَيْنِه وَيَقُولُونَ حق كل وَاحِد مِنْكُم بَطل وَلَا
يدْرِي من بَطل حَقه وَمن بقى فَلَا نسلم إِلَيْك شَيْئا فَالْوَصِيَّة
بَاطِلَة لِأَن الْمُسْتَحق مَجْهُول وجهالة الْمُسْتَحق يمْنَع الْقَضَاء
قَوْله فَإِن سلمُوا وَقَالُوا اقتسموها بَيْنكُم على قدر وصاياكم فَالْآن
يقسم بَينهم لصَاحب الْجيد ثلثا الثَّوْب الأجود لِأَنَّهُ لَا حق لَهُ فِي
الردي بِيَقِين وَلِصَاحِب الردى ثلثا الثَّوْب الردي لِأَنَّهُ لَا حق
لَهُ فى الْجيد بِيَقِين وَلِصَاحِب الْوسط ثلث الأجود وَثلث الأدون لِأَن
حَقه دائر فيهمَا تَحْقِيقا للتسوية بَينهم
قَوْله لَهُ مثل ذرع نصف الْبَيْت لِأَن الْوَصِيَّة أضيفت إِلَى
الْمَمْلُوك وَغير الْمَمْلُوك فصح فى الْمَمْلُوك دون الآخر وَلَهُمَا أَن
الْقِسْمَة إِفْرَاز النَّصِيب وَالتَّعْيِين فَإِذا وَقع الْبَيْت فى
سَهْمه صَار الْبَيْت عين حَقه فَينفذ إِيجَابه فى ذَلِك
(1/522)
وَاحِد لرجل فَضَاعَ ثوب لَا يدْرِي أَيهَا
هُوَ وَالْوَرَثَة تجحد فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة إِلَّا أَن تسلم لَهُم
الْوَرَثَة الثَّوْبَيْنِ الباقيين فَإِن سلمُوا فَلصَاحِب الْجيد ثلثا
الثَّوْب الأجود وَلِصَاحِب الْوسط ثلث الأجود وَثلث الأدون وَلِصَاحِب
الأدون ثلثا الثَّوْب الأدون دَار بَين رجلَيْنِ أوصى أَحدهمَا بِبَيْت
مِنْهَا بِعَيْنِه لرجل فَإِنَّهَا تقسم فَإِن وَقع الْبَيْت فِي نصيب
الْمُوصي فَهُوَ للْمُوصى لَهُ وَإِن وَقع فِي نصيب الآخر فلموصى لَهُ مثل
ذرع الْبَيْت وَهُوَ قَول أبي يُوسُف (رَحمَه الله) وَقَالَ مُحَمَّد
(رَحمَه الله) لَهُ مثل ذرع نصف الْبَيْت
رجل أوصى فِي مَال رجل لرجل بِأَلف دِرْهَم فَأجَاز صَاحب المَال بعد موت
الْمُوصي فَإِن دَفعه فَهُوَ جَائِز وَله أَن يمْنَع ابْنَانِ اقْتَسمَا
تَرِكَة الْأَب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله وَله أَن يمْنَع لِأَن تبرع الْمُوصي يتَوَقَّف على إجَازَة صَاحب
المَال فَإِذا أجَاز فَكَأَنَّهُ تبرع والتبرع لَا يُفِيد الْملك قبل
التَّسْلِيم فَلهُ أَن يمْنَع
قَوْله ثلث مَا فِي يَده لِأَن الْمُوصى لَهُ شريك الْوَرَثَة وَلَيْسَ
بِمقدم عَلَيْهِ فَصَارَ مقرا أَنه شَرِيكه
قَوْله فَلهُ الدِّرْهَم كُله لِأَن الْوَصِيَّة بِثلث ثَلَاثَة دَرَاهِم
وَالْوَصِيَّة بالدرهم سَوَاء وَلَو كَانَت بِصِيغَة الدِّرْهَم بقيت
الْوَصِيَّة بكمالها فَكَذَا هَذَا
قَوْله بَاطِل لِأَن الْإِيصَاء فِي الحكم لَا ينزل إِلَّا عِنْد الْمَوْت
فَيكون كَأَنَّهُ عقد عِنْد الْمَوْت
قَوْله وَتجوز الْوَصِيَّة لما فِي الْبَطن لِأَن الْإِيصَاء اسْتِخْلَاف
فَإِن الْمُوصي يسْتَخْلف الْمُوصى لَهُ فِي بعض مَاله ويلحقه بالوارث
وَخِلَافَة الْجَنِين صَحِيحَة شرعا فِي الْمِيرَاث إِذا علم حَيَاته وَلَا
كَذَلِك الْهِبَة لِأَنَّهُ تمْلِيك مَحْض وَلَا ولَايَة لأحد على مَا فِي
الْبَطن
(1/523)
ألفا ثمَّ أقرّ أَحدهمَا لرجل أَن الْأَب
أوصى لَهُ بِثلث مَاله فَإِن الْمقر يُعْطِيهِ ثلث مَا فِي يَده رجل أوصى
بِثلث ثَلَاثَة دَرَاهِم لرجل فَهَلَك دِرْهَمَانِ وَبَقِي دِرْهَم وَهُوَ
يخرج من الثُّلُث فَلهُ الدِّرْهَم كُله وَكَذَلِكَ الثِّيَاب من صنف
وَاحِد رجل أوصى بِثلث ثَلَاثَة من رَقِيقه فَمَاتَ اثْنَان لم يكن لَهُ
إِلَّا ثلث الْبَاقِي وَكَذَلِكَ الدّور الْمُخْتَلفَة
رجل أوصى لرجل فقبوله ورده فى حَيَاة الْمُوصي بَاطِل وَتجوز الْوَصِيَّة
لما فِي الْبَطن وَلَا تجوز لَهُ الْهِبَة وَالْوَصِيَّة لأهل الْحَرْب
بَاطِلَة فَإِن دخل حَرْبِيّ دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فأوصى لمُسلم أَو
ذمِّي جَازَ رجل لَهُ سِتّمائَة دِرْهَم وَأمة تَسَاوِي ثَلَاث مائَة فأوصى
بالجارية لرجل ثمَّ مَاتَ فَولدت ولدا يُسَاوِي ثَلَاث مائَة قبل
الْقِسْمَة فللموصى لَهُ الْأُم وَثلث الْوَلَد وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَهُ ثلثا كل وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن ولدت بعد
الْقِسْمَة فَهُوَ للْمُوصى لَهُ وَالله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله بَاطِلَة لِأَنَّهَا نهينَا بِالْبرِّ إِلَيْهِم
قَوْله جَازَ لِأَن امْتنَاع الْوَصِيَّة بِكُل المَال لحق الْوَرَثَة
حَتَّى جَازَ بإجازتهم وَحقّ وَرَثَة الْحَرْبِيّ غير مراعى
قَوْله لَهُ ثلثا كل وَاحِد مِنْهُمَا لِأَنَّهَا لما حبلت صَار الْوَلَد
موصى بِهِ تبعا للْأُم فَيدْخل الْوَلَد تَحت الْوَصِيَّة كَمَا يدْخل تَحت
الْعتْق وَالْبيع فَبَقيَ كل وَاحِد مِنْهُمَا موصى بِهِ وهما أَكثر من
الثُّلُث فيعطي لَهُ ثلثا كل مِنْهُمَا وَله أَن الْوَصِيَّة قد صحت
بِالْأُمِّ فَلَو جعل الْوَلَد شَرِيكا لَهَا انْتقض بعض الْوَصِيَّة فى
الْأُم فَلَا يجوز نقض الأَصْل بالتبع
قَوْله فَهُوَ للْمُوصى لَهُ لِأَن التَّرِكَة بِالْقِسْمَةِ خرجت عَن حكم
ملك الْمَيِّت فَحدث الزِّيَادَة على خَالص ملك الْمُوصى لَهُ
(1/524)
بَاب الْعتْق فِي الْمَرَض وَالْوَصِيَّة
بِالْعِتْقِ
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) مَرِيض أقرّ
بدين لامْرَأَة أَو أوصى لَهَا بِشَيْء أَو وَهبهَا ثمَّ تزَوجهَا جَازَ
الْإِقْرَار وَبَطلَت الْوَصِيَّة مَرِيض أقرّ لِابْنِهِ بدين وَابْنه
نَصْرَانِيّ أَو وهب لَهُ أَو أوصى لَهُ فَأسلم الإبن قبل موت الْأَب يبطل
ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الإبن عبدا فَأعتق قَالَ والمفلوج والمقعد
والأشل والمسلول إِذا تطاول فَلم يخف فهبته من جَمِيع المَال فَإِن وهب
عِنْدَمَا أَصَابَهُ ذَلِك وَمَات من أَيَّامه فَهُوَ من الثُّلُث
رجل أوصى أَن يعْتق عَنهُ بِهَذِهِ الْمِائَة دِرْهَم عبد فَهَلَك مِنْهَا
دِرْهَم لم يعْتق عَنهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله)
يعْتق عَنهُ بِمَا بَقِي وَإِن كَانَت الْوَصِيَّة بِحجَّة يحجّ عَنهُ
بِمَا بَقِي من حَيْثُ بلغ فِي قَوْلهم وَإِن لم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب الْعتْق فِي الْمَرَض وَالْوَصِيَّة بِالْعِتْقِ
قَوْله جَازَ الْإِقْرَار لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّة فِي الْحَال وَبَطل مَا
سوى ذَلِك أما الْهِبَة فَلِأَنَّهَا وَصِيَّة مُضَافَة إِلَى مَا بعد
الْمَوْت معنى وَإِن كَانَت منجزة صُورَة وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّة وَهِي
امْرَأَة وَقت الْمَوْت وَالْوَصِيَّة للْوَارِث بَاطِلَة
قَوْله يبطل ذَلِك أما الْوَصِيَّة وَالْهِبَة فَلَمَّا قُلْنَا وَأما
الْإِقْرَار فَلِأَن سَبَب اسْتِحْقَاق الْإِرْث قَائِم وَهُوَ الْبُنُوَّة
وَالْحَالة لَيست حَالَة الِاسْتِحْقَاق فَيعْتَبر نفس السَّبَب فَيبْطل
الْإِقْرَار لِأَن الْإِقْرَار لَا يكون وَاقعا للإبن كَمَا إِذا كَانَ
مُسلما
قَوْله من جَمِيع المَال لِأَنَّهُ إِذا تقادم الْعَهْد صَار بِمَنْزِلَة
طبع من طباعه
قَوْله يعْتق عَنهُ بِمَا بَقِي لِأَن الْمُسْتَحق لم يتبدل لِأَن
الْمُسْتَحق لِلْعِتْقِ هُوَ الله (تَعَالَى) فَوَجَبَ التَّنْفِيذ كَمَا
فِي الْحَج وَله أَن الْمُسْتَحق لِلْعِتْقِ قد تبدل لِأَن الْمُسْتَحق
هُوَ العَبْد وَقد أوصى بِالْعِتْقِ بِعَبْد يشترى بِمِائَة فَلَو أعتق عبد
يشترى بِمَا
(1/525)
يهْلك مِنْهَا شَيْء حج بهَا فَإِن فضل
شَيْء رد على الْوَرَثَة رجل ترك ابْنَيْنِ وَترك مائَة دِينَار وعبداً
قِيمَته مائَة دِينَار وَقد كَانَ أعْتقهُ فى مَرضه فَأجَاز الوارثان ذَلِك
لم يسع فِي شَيْء
رجل أوصى بِعِتْق عَبده ثمَّ مَاتَ فجنى العَبْد فَدفع بِالْجِنَايَةِ بطلت
الْوَصِيَّة وَإِن فدَاه الْوَرَثَة كَانَ الْفِدَاء فى أَمْوَالهم ونفذت
الْوَصِيَّة رجل أوصى بِثلث مَاله لرجل فَأقر الْمُوصى لَهُ وَالْوَارِث
أَن الْمَيِّت أعتق هَذَا العَبْد فَقَالَ الْمُوصى لَهُ أعْتقهُ فِي
الصِّحَّة وَقَالَ الْوَارِث أعْتقهُ فِي الْمَرَض فَالْقَوْل قَول الوراث
وَلَا شَيْء لَهُ إِلَّا أَن يفضل من الثُّلُث شَيْء أَو يُقيم الْمُوصى
لَهُ بَيِّنَة أَن الْعتْق فِي الصِّحَّة رجل ترك عبدا وإبناً فَقَالَ
للْوَارِث أعتقني أَبوك فى الصِّحَّة وَقَالَ رجل لي على أَبِيك ألف
مِثْقَال فَقَالَ صدقتما فَإِن العَبْد يسْعَى فِي قِيمَته وَقَالا لَا
يعْتق وَلَا يسْعَى فِي شَيْء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دونهَا كَانَ تنفيذاً للْوَصِيَّة بِغَيْر الْمُسْتَحق
قَوْله لم يسع فِي شَيْء لِأَنَّهُ وَصِيَّة وَالْوَصِيَّة بِأَكْثَرَ من
الثُّلُث يجوز بِإِجَازَة الْوَرَثَة
قَوْله بطلت الْوَصِيَّة لِأَن الدّفع يبطل الْملك فَيبْطل الْوَصِيَّة
قَوْله فِي أَمْوَالهم لالتزامهم إجَازَة الْوَصِيَّة لِأَن العَبْد فرغ من
الْجِنَايَة فَبَقيَ على ملكه فَسلم للْوَصِيَّة وَالْوَارِث مُتَبَرّع فِي
الْفِدَاء وَيجب إِعْتَاقه
قَوْله قَول الْوَارِث لِأَن من زعم الوراث أَن الْإِعْتَاق كَانَ وَصِيَّة
وَأَنه مقدم على وَصِيَّة وَلَا شَيْء لَهُ إِلَّا أَن يفضل على قيمَة
العَبْد من الثُّلُث وَمن زعم الْمُوصى لَهُ أَن الْإِعْتَاق لم يكن
وَصِيَّة فَهُوَ يَدعِي حَقًا فِي التَّرِكَة وَالْوَارِث مُنكر فَيكون
القَوْل قَوْله مَعَ الْيَمين وَإِن أَقَامَ الْمُوصى لَهُ بَيِّنَة على
مَا قَالَ ثَبت أَن الْعتْق لم تكن وَصِيَّة فَلهُ ثلث سَائِر الْأَمْوَال
قَوْله وَقَالا لَا يعْتق لِأَن الْعتْق وَالدّين ثبتا مَعًا فَيثبت الدّين
وَالْعَبْد قد عتق فَلَا يتَعَلَّق الدّين بِرَقَبَتِهِ وَله أَن
الْإِقْرَار بِالدّينِ أقوى من إِقْرَار الْعتْق
(1/526)
بَاب الْوَصِيَّة بثمرة الْبُسْتَان وغلته
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل أوصى
لآخر بثمرة بستانه ثمَّ مَاتَ وَفِيه ثَمَرَة فَلهُ هَذِه الثَّمَرَة
وَحدهَا وَإِن قَالَ لَهُ ثَمَرَة بستاني أبدا فَلهُ هَذِه الثَّمَرَة
وثمرته فِيمَا يسْتَقْبل مَا عَاشَ وَإِن أوصى لَهُ بغلة بستانه كَانَ لَهُ
هَذِه الْغلَّة الْقَائِمَة وغلته فِيمَا يسْتَقْبل رجل أوصِي بصوف غنمه
أبدا وبأولادها أَو بِاللَّبنِ ثمَّ مَاتَ فَلهُ مَا فِي بطونها من
الْوَلَد وَمَا فِي ضروعها من اللَّبن وَمَا على ظُهُورهَا من الصُّوف
يَوْم يَمُوت الْمُوصي
بَاب الْوَصِيَّة الذِّمِّيّ ببيعة أَو كَنِيسَة
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي يَهُودِيّ
أَو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب الْوَصِيَّة بثمرة الْبُسْتَان وغلته
قَوْله وَحدهَا لِأَن الثَّمَرَة حِين أطلقت يُرَاد بهَا الْمَوْجُودَة
عرفا
قَوْله مَا عَاشَ لِأَن الْوَصِيَّة اسْتِخْلَاف للْمُوصى لَهُ وإقامته
مقَام الْوَارِث وَالْوَارِث يسْتَحق الثَّمَرَة الْمَوْجُودَة وَمَا سيوجد
فَإِذا جعل لَهُ ثَمَرَة بستانه أبدا جعل لَهُ الثَّمَرَة الْمَوْجُودَة
وَمَا يُوجد
قَوْله وغلته فِي مَا يسْتَقْبل لِأَن الْغلَّة اسْم للمصدر والمصدر كَمَا
يتَنَاوَل الْمَوْجُود يتَنَاوَل مَا هُوَ بعرضة الْمَوْجُود
قَوْله يَوْم يَمُوت الْمُوصي بِخِلَاف الْغلَّة وَالثَّمَرَة لِأَن
الْغلَّة وَالثَّمَرَة يسْتَحق بِالْعُقُودِ فِي الْجُمْلَة فَإِذا كَانَت
تسْتَحقّ بِالْعُقُودِ فِي الْجُمْلَة أمكننا أَن نَجْعَلهَا مُسْتَحقَّة
بِعقد الْوَصِيَّة فَأَما الصُّوف وَاللَّبن وَالْولد الَّذِي هُوَ
مَعْدُوم لَا يسْتَحق بِالْعقدِ فَلَا نقدر أَن نَجْعَلهَا مُسْتَحقَّة
بِعقد الْوَصِيَّة
بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ ببيعة أَو كَنِيسَة
قَوْله فَهُوَ مِيرَاث أما عِنْد أبي حنيفَة فَلِأَن حكمه حكم الْوَقْف
ووقف الْمُسلم يُورث عِنْده فَكَذَا وقف الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ
وَأما عِنْدهمَا فَكَذَلِك لِأَنَّهُ لَا
(1/527)
نَصْرَانِيّ صنع بيعَة أَو كَنِيسَة فى
صِحَّته فَهُوَ مِيرَاث وإِذا أوصى بذلك لقوم مسمين فَهُوَ من الثُّلُث
وَإِذا أوصى بداره كَنِيسَة لقوم غير مسمين جَازَت الْوَصِيَّة وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا يجوز وَالله أعلم
بَاب بيع الأوصياء وَالْوَصِيَّة إِلَيْهِم
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رضى الله عَنْهُم) مقاسمة الْوَصِيّ
للْمُوصى لَهُ عَن الْوَرَثَة جَائِزَة والمقاسمة للْوَرَثَة عَن الْمُوصى
لَهُ بَاطِلَة فَإِن قَاسم الْوَرَثَة وَأخذ نصيب الْمُوصى لَهُ فَضَاعَ
رَجَعَ الْمُوصى لَهُ بِثلث مَا بَقِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يجوز من أهل الذِّمَّة مَا هُوَ قربَة
قَوْله فَهُوَ من الثُّلُث لِأَن هَذَا بِاعْتِبَار الِاسْتِخْلَاف وَصَحَّ
استخلافهم فِيهِ وَله ولَايَة الِاسْتِخْلَاف
بَاب بيع الأوصياء وَالْوَصِيَّة إِلَيْهِم
قَوْله جَائِزَة لِأَن الْوَصِيّ خَليفَة الْمَيِّت وَالْوَرَثَة خلفاء
الْمَيِّت فَيكون هُوَ خَليفَة لَهُم
قَوْله بِثلث مَا بَقِي لِأَن الْوَصِيّ لَيْسَ بخليفة عَن الْمَيِّت من كل
وَجه حَتَّى يكون خَليفَة الْمَيِّت خَليفَة للْمُوصى لَهُ فَلم ينفذ
قسْمَة الْوَصِيّ عَلَيْهِ فَإِذا لم ينفذ وَقَبضه كَانَ ذَلِك أَمَانَة فى
يَده
قَوْله فقسمته جَائِزَة لِأَن الْوَصِيَّة قد صحت وَإِن كَانَ الْمُوصى
لَهُ غَائِبا وَإِذا صحت فللقاضي ولَايَة النّظر
قَوْله فقد لَزِمته وَأورد بعد مَوته لم يَصح لِأَن الْمُوصى هلك
مُعْتَمدًا على قبُوله فَلَو صَحَّ رده بعد مَوته لبطلت حُقُوق الْمَيِّت
قَوْله لم يكن ردا لِأَنَّهُ لَو كَانَ ردا وَقع الْمُوصي فِي ضَرَر وغرر
(1/528)
وَإِن أوصى بِحجَّة فقاسم الْوَصِيّ
الْوَرَثَة فَهَلَك مَا فِي يَده حج عَن الْمَيِّت من ثلث مَا يبْقى
وَكَذَلِكَ إِن دَفعه إِلَى رجل ليحج بِهِ فَضَاعَ من يَده وَقَالَ أَبُو
يُوسُف (رَحمَه الله) إِن كَانَ ذَلِك مُسْتَغْرقا للثلث لم يرجع بِشَيْء
وَإِلَّا رَجَعَ بِتمَام الثُّلُث وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) لَا يرجع
بِشَيْء لِأَن مقاسمة الْوَصِيّ الْوَرَثَة جَائِزَة
رجل أوصى بِثلث ألف دِرْهَم فَدَفعهَا الْوَرَثَة إِلَى القَاضِي فَقَسمهَا
القَاضِي وَالْمُوصى لَهُ غَائِب فقسمته جَائِزَة رجل أوصى إِلَى رجل فَقبل
فِي حَيَاة الْمُوصي فقد لَزِمته وَإِن ردهَا فِي حَيَاته فِي غير وَجهه لم
يكن ردا وَإِن رد فِي وَجهه فَهُوَ رد وَإِن لم يقبل حَتَّى مَاتَ الْمُوصي
فَقَالَ لَا أقبل ثمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله وَإِن لم يقبل إِلَخ إِن لم يقبل وَلم يرد حَتَّى مَاتَ الْمُوصي
فَلهُ الْخِيَار إِن شَاءَ قبل وَإِن شَاءَ رد لِأَن الْمُوصي لَا يملك
الْإِلْزَام فَإِن بَاعَ شَيْئا من تركته فقد لَزِمته لِأَنَّهُ وجدت
دلَالَة الْقبُول وَإِن لم يقبل وَلم يرد حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَا أقبل
ثمَّ قَالَ أقبل لم يبطل لِأَنَّهُ لَو بَطل لوقع الْمُوصي فِي الضَّرَر
وَالضَّرَر وَاجِب الدّفع إِلَّا أَن يكون القَاضِي أخرجه عَن الْإِيصَاء
حِين قَالَ لَا أقبل فَإِن قبل بعد ذَلِك لَا يَصح لِأَنَّهُ صَحَّ
إِخْرَاجه لِأَن الْموضع مَوضِع الِاجْتِهَاد
قَوْله فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُ قَائِم مقَام الْمُوصي وَلَو فعل الْمُوصي
صَحَّ
قَوْله وَهُوَ قَول مُحَمَّد إِلَخ الْحَاصِل أَن أحد الْوَصِيّين لَا
يتفرد بِالتَّصَرُّفِ فِي مَا يبتنى على الْولَايَة عِنْد أبي حنيفَة
وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) يتفرد
أَجمعُوا على مَا لَا يتبنى على الْولَايَة يتفرد بِهِ أَحدهمَا كَشِرَاء
الْكَفَن للْمَيت وَشِرَاء مَا لَا بُد للصَّغِير مِنْهُ وَقَضَاء
الدُّيُون ورد الودائع
قَوْله كفعلهما لِأَن الْإِيصَاء نقل الْولَايَة وَالْولَايَة إِذا ثَبت
لاثْنَيْنِ شرعا ثَبت لكل مِنْهُمَا على الِانْفِرَاد مثل الْأَخَوَيْنِ
فِي ولَايَة الْإِنْكَاح وَلَهُمَا أَن الْمُوصي أثبت الْولَايَة لَهما
جَمِيعًا فَصَارَت الْولَايَة مُقَيّدَة بِشَرْط اجْتِمَاع فَوَجَبَ
اعْتِبَاره
قَوْله ضمن الْوَصِيّ لِأَنَّهُ عَاقد مُلْتَزم للعهدة وَيرجع فِي جَمِيع
مَا تَركه
(1/529)
قَالَ أقبل فَلهُ ذَلِك إِن لم يكن
القَاضِي أخرجه حِين قَالَ لَا أقبل وَصِيّ بَاعَ عبدا من التَّرِكَة
بِغَيْر محْضر الْغُرَمَاء فَهُوَ جَائِز وَلَيْسَ لأحد الْوَصِيّين أَن
يَشْتَرِي للصغار شَيْئا إِلَّا الْكسْوَة وَالطَّعَام وَهُوَ قَول
مُحَمَّد (رَحمَه الله) وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله) فعل أَحدهمَا
كفعلهما فَإِن اشْترى أَحدهمَا أَو أحد الْوَرَثَة كفناً للْمَيت فَهُوَ
جَائِز
رجل أوصى أَن يُبَاع عَبده وَيتَصَدَّق بِثمنِهِ على الْمَسَاكِين فَبَاعَ
الْوَصِيّ وَقبض الثّمن فَضَاعَ من يَده وَاسْتحق العَبْد ضمن الْوَصِيّ
وَيرجع فِيمَا ترك الْمَيِّت وَإِن قسم الْوَصِيّ الْمِيرَاث فَأصَاب
صَغِيرا من الْوَرَثَة عبد فَبَاعَهُ وَقبض الثّمن فَهَلَك وَاسْتحق
العَبْد رَجَعَ فى مَال الصَّغِير وَرجع الصَّغِير بِحِصَّتِهِ على
الْوَرَثَة وَصِيّ احتال بِمَال الْيَتِيم فَإِن كَانَ ذَلِك خيرا لَهُ
جَازَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمَيِّت وَهَذَا قَول أبي حنيفَة الآخر وَفِي قَوْله الأول لَا يرجع
بِشَيْء
قَوْله إِلَّا فِي مَا يتَغَابَن النَّاس لِأَن ولَايَته مُقَيّدَة بِشَرْط
الْأَحْسَن والغبن الْفَاحِش لَيْسَ من الْأَحْسَن بِخِلَاف الْغبن
الْيَسِير لِأَن الِاحْتِرَاز عَنهُ غير مُمكن
قَوْله وَإِذا كتب إِلَخ أَي إِذا كتب القَاضِي كتاب الشِّرَاء على وَصِيّ
كتب كتاب الشِّرَاء على حِدة وَكتاب الْوَصِيَّة على حِدة لِأَنَّهُ لَو
كتب كتابا وَاحِدًا وَأشْهد عَلَيْهِ قوما وَفِيهِمْ من لم يشْهد على
الإيصار فَعَسَى أَن يشْهد بِالْملكِ فَيصير شَاهدا بِلَا إِشْهَاد
قَوْله وَلَا يتجر لِأَنَّهُ قَائِم مقَام الْمُوصي وَهُوَ الْأَب وَهُوَ
لَا يملك بيع مَال الْكَبِير الْغَائِب إِلَّا بطرِيق الْحِفْظ نظرا لَهُ
فَكَذَا الْوَصِيّ وَبيع الْمَنْقُول من بَاب الْحِفْظ
قَوْله بِمَنْزِلَة وَصِيّ الْأَب إِلَخ لِأَن للْمُوصي ولَايَة الْحِفْظ
فَكَذَا للْوَصِيّ حَتَّى ملكوا شِرَاء الطَّعَام وَالْكِسْوَة
(1/530)
وَلَا يجوز بيع الْوَصِيّ وَلَا شِرَاءَهُ
إِلَّا فِيمَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ وَيجوز بيع الْمكَاتب والمأذون لَهُ
بِمَا لَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
(رحمهمَا الله) لَا يجوز بيع الْمكَاتب وشراءه وَالْعَبْد الْمَأْذُون لَهُ
إِلَّا فِيمَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ وَإِذا كتب شرى على وَصِيّ كتب كتاب
الْوَصِيَّة عَليّ حِدة وَبيع الْوَصِيّ على الْكَبِير الْغَائِب جَائِز
فِي كل شَيْء إِلَّا الْعقار وَلَا يتجر فِي المَال وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) وَصِيّ الْأَخ فِي الصَّغِير وَالْكَبِير
الْغَائِب منزلَة وَصِيّ الْأَب فِي الْكَبِير الْغَائِب
وَيقسم كل شَيْء بَين رجلَيْنِ من صنف وَاحِد وَلَا يقسم الرَّقِيق والدور
الْمُخْتَلفَة وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يقسم الرَّقِيق
وَينظر فِي الدّور فَإِن كَانَ أفضل الْأَمريْنِ أَن يقسم كل دَار عَليّ
حِدة قسمت كَذَلِك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله يقسم الرَّقِيق فَيجمع حق كل مِنْهُمَا فِي عبد وَاحِد وَيَسْتَوِي
بَينهمَا بِاعْتِبَار الْقيمَة
قَوْله من الْجد لِأَنَّهُ قَائِم مقَام الْأَب فَوَجَبَ تَقْدِيمه على
الْجد كَمَا قدم الْأَب
قَوْله بَاطِلَة لِأَنَّهُمَا شَهدا لأنفسهما لِأَنَّهُمَا أثبتا معنى
لأنفسهما هَذَا إِذا أنكر الْوَصِيّ وَأما إِذا ادّعى الْوَصِيّ ذَلِك
فَالْقِيَاس أَن لَا يقبل وَفِي الِاسْتِحْسَان يقبل
قَوْله فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُمَا أجنبيان عَن الْمَشْهُود لَهُ كَمَا
فِي غير مَال الْمَيِّت وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) أَنَّهُمَا يوجبان
لأنفسهما حق الْحِفْظ لِأَن حفظ مَال الْمَيِّت إِلَيْهِمَا فِي حق
الْكَبِير إِذا غَابَ فَكَانَا متهمين
قَوْله جَازَت شَهَادَتهم عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَعند أبي يُوسُف
وَذكر
(1/531)
وَإِن كَانَ الْأَفْضَل أَن يجمع نصيب كل
وَاحِد فِي دَار وَاحِدَة قسمت كَذَلِك وَالْوَصِيّ أَحَق بِمَال الصَّغِير
من الْجد وَإِن لم يوص الْأَب إِلَى أحد فالجد بِمَنْزِلَة الْأَب وصيان
شَهدا أَن الْمَيِّت أوصى إِلَى فلَان فالشهادة بَاطِلَة إِلَّا أَن يدعيها
الْمَشْهُود لَهُ وَكَذَلِكَ الإبنان
وصيان شَهدا لوَارث صَغِير بِشَيْء من مَال الْمَيِّت أَو غَيره فشهادتهما
بَاطِلَة وَإِن شَهدا لوَارث كَبِير فى مَال الْمَيِّت لم يجز شَهَادَتهمَا
وَإِن كَانَ فِي غير مَال الْمَيِّت جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
(رحمهمَا الله) شَهَادَتهمَا للْوَارِث الْكَبِير جَائِزَة فِي
الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا رجلَانِ شَهدا لِرجلَيْنِ على ميت بِأَلف وَشهد
الْآخرَانِ للأولين بِمثل ذَلِك جَازَت شَهَادَتهم وَإِن كَانَت شَهَادَة
كل فريق مِنْهُم للْآخر بِوَصِيَّة الْألف لم يجز الْمُسلم إِذا أوصى إِلَى
ذمِّي أَو عبد فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة وَذكر فِي كتاب الْقِسْمَة مَا يدل
على صِحَة الْإِيصَاء إِلَى الذِّمِّيّ وَالْعَبْد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْخصاف فى أدب القَاضِي أَن على قَول أبي حنيفَة (رَحمَه الله) لَا تجوز
شَهَادَتهم فَحصل عَن أبي حنيفَة (رَحمَه الله) رِوَايَتَانِ فِي هَذِه
المسئلة وَوجه رِوَايَة الْخصاف أَن الدّين بعد الْمَوْت يتَعَلَّق
بِالتَّرِكَةِ على سَبِيل الشّركَة فَصَارَ بِمَنْزِلَة الْوَصِيَّة
الْمُشْتَركَة وَلَو كَانَت وَصِيَّة والمسئلة بِحَالِهَا لَا تقبل فَكَذَا
هَذَا وَوجه رِوَايَة هَذَا الْكتاب أَن الدّين إِنَّمَا يحل فى الذِّمَّة
وَلَا شركَة فى ذَلِك أصلا وَإِنَّمَا الِاسْتِيفَاء من ثمراته فَوَقَعت
الشَّهَادَة لغير الشَّاهِد بِخِلَاف الْوَصِيَّة لِأَن حق الْوَصِيَّة لَا
يثبت فى الذِّمَّة وَإِنَّمَا يثبت فِي الْعين فَصَارَ الْعين مُشْتَركا
بَينهم
قَوْله فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة وَذكر فى كتاب الْقِسْمَة أَن الْمُسلم إِذا
أوصى إِلَى ذمِّي فقاسم الذِّمِّيّ قبل أَن يُخرجهُ القَاضِي من
الْوَصِيَّة إِن ذَلِك جَائِز فَثَبت أَن الْإِيصَاء إِلَى الذِّمِّيّ
صَحِيح وَكَذَا إِلَى عبد الْغَيْر لَكِن يخرجهما القَاضِي مِنْهُمَا أما
صِحَة الْإِيصَاء فلأنهما من أهل التَّصَرُّف وَأما الْإِخْرَاج فَلِأَن
الذِّمِّيّ لَا يؤتمن على الْمُسلم وَعبد غَيره مَشْغُول فَلَا يؤتمن
عَلَيْهِ أَن يتَصَرَّف فَلَا يَسْتَوْفِي حُقُوق الْمَيِّت فَكَانَ
للْقَاضِي أَن يُخرجهُ
(1/532)
بَاب الْبَازِي
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) قَالَ لَا
بَأْس بصيد الْبَازِي وَإِن أكل مِنْهُ وَالْكَلب والفهد إِن أكلا مِنْهُ
لم يُؤْكَل وكل شَيْء عَلمته من ذِي نَاب من السبَاع أَو ذِي مخلب من الطير
فَلَا بَأْس بصيده وَلَا خير فِيمَا سوى ذَلِك إِلَّا أَن تدْرك ذَكَاته
مسَائِل مُتَفَرِّقَة لَيست لَهَا أَبْوَاب
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) قَالَ إِذا
احتقن للصَّبِيّ بِاللَّبنِ فَلَا يحرم شَيْئا أخرس قريء عَلَيْهِ كتاب
وَصِيَّة فَقيل لَهُ نشْهد عَلَيْك فَأومى بِرَأْسِهِ أَي نعم فَإِذا جَاءَ
من ذَلِك مَا يعرف أَنه إِقْرَار فَهُوَ جَائِز وَلَا يجوز ذَلِك فِي
الَّذِي يعتقل لِسَانه أخرس يكْتب كتابا أَو يؤمي بِرَأْسِهِ إِيمَاء يعرف
فَإِنَّهُ يجوز نِكَاحه وطلاقه وعتقه وَبيعه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب الْبَازِي
قَوْله لم يُؤْكَل لقَوْله (تَعَالَى) (فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم)
الْإِبَاحَة مُقَيّدَة بِشَرْط الْإِمْسَاك لصَاحبه وَلم يُوجد لِأَنَّهُ
إِذا أكل مِنْهُ فَإِنَّمَا أمْسكهُ لنَفسِهِ
قَوْله فِيمَا سوى ذَلِك يُرِيد بِهِ إِذا أَخذ كلب غير معلم صيدا فَلَا
خير فِيهِ إِذا قَتله إِلَّا أَن يدْرك ذَكَاته لقَوْله (تَعَالَى) (إِلَّا
مَا ذكيتم)
مسَائِل مُتَفَرِّقَة لَيست لَهَا أَبْوَاب
قَوْله فَلَا يحرم شَيْئا لِأَن حُرْمَة الرَّضَاع إِنَّمَا يثبت
بِاللَّبنِ الَّذِي يشربه الصغار لِمَعْنى النمو
(1/533)
وشراءه ويقتص مِنْهُ وَله وَلَا يحد لَهُ
وَإِن صمت رجل يَوْمًا إِلَى اللَّيْل لم يجز شَيْء من ذَلِك غنم مذبوحة
وفيهَا ميتَة فَإِن كَانَت المذبوحة أَكثر تحرى فِيهَا وَأكل وَإِن كَانَت
الْميتَة أَكثر أَو نِصْفَيْنِ لم تُؤْكَل
وَيكرهُ أَن يلبس الذُّكُور من الصّبيان الْحَرِير وَالذَّهَب رجل
اسْتَأْجر بَيْتا ليتَّخذ فِيهِ بَيت نَار أَو بيعَة أَو كَنِيسَة أَو
يُبَاع فِيهِ الْخمر بِالسَّوَادِ فَلَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا يكرى لشَيْء من ذَلِك وَلَا يعق عَن
الْغُلَام وَلَا عَن الْجَارِيَة وَيكرهُ التعشير والنقط فى الْمُصحف
سُلْطَان قَالَ لرجل لتكفرن بِاللَّه أَو لأَقْتُلَنك فَإِنَّهُ يَسعهُ
ذَلِك وَيُؤْخَذ أهل الذِّمَّة بِإِظْهَار الكستيجات وَالرُّكُوب على
السُّرُوج الَّتِي كَهَيئَةِ الأكف وَالْجهَاد وَاجِب إِلَّا أَن
الْمُسلمين فى عذر حَتَّى يحْتَاج إِلَيْهِم وَالله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله وَلَا يجوز ذَلِك فِي الَّذِي يعتقل لِسَانه لِأَن الْإِشَارَة
إِنَّمَا تقوم مقَام الْعبارَة إِذا صَارَت معهودة وَإِنَّمَا يتَحَقَّق
ذَلِك فِي مَا إِذا كَانَ الْعَارِض أَصْلِيًّا كالخرس وَمَا سواهَا على
شرف الزَّوَال
قَوْله لم يجز لِأَن الْإِشَارَة لَا تقوم مقَام الْعبارَة لقدرته على
الْكَلَام
قَوْله وَيكرهُ لِأَن مَا حرم اسْتِعْمَاله على الرِّجَال حرم عَلَيْهِم
أَن يجْعَلُوا صبيانهم مستعملين لَهُ
(1/534)
|