الجامع
الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير كتاب الْجِنَايَات
بَاب مَا يجب فِيهِ الْقصاص وَمَا لَا يجب وَتجب الدِّيَة
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل شج
نَفسه وَشَجه رجل وعقره أَسد وأصابته حَيَّة فَمَاتَ من ذَلِك كُله فعلى
الْأَجْنَبِيّ ثلث الدِّيَة رجل ضرب رجلا بمر فَقتله فَإِن أَصَابَهُ
بالحديدة قتل بِهِ وَإِن أَصَابَهُ بِالْعودِ فَعَلَيهِ الدِّيَة رجل أحمى
تنوراً فَألْقى فِيهِ إنْسَانا أَو أَلْقَاهُ فِي نَار لَا يَسْتَطِيع
الْخُرُوج مِنْهَا فَعَلَيهِ الْقصاص رجل غرق صَبيا أَو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب مَا يجب فِيهِ الْقصاص وَمَا لَا يجب وَتجب الدِّيَة
قَوْله ثلث الدِّيَة لِأَن فعل الْإِنْسَان فِي نَفسه لَيْسَ بهدر حَتَّى
إِنَّه يَأْثَم بِالْإِجْمَاع وَإِنَّمَا يهدر حكمه للتنافي وَفعل
الْبَهَائِم هدر والهدر فِي مُقَابلَة مَا لَيْسَ بهدر جنس وَاحِد فَصَارَ
كَأَنَّهُ تلف ثلثه لَا بِفعل أحد وَثلثه بِفعل نَفسه وَثلثه بِفعل
الْأَجْنَبِيّ فَلَزِمَ على الْأَجْنَبِيّ ثلث الدِّيَة لكنه فِي مَاله
لِأَنَّهُ فعل عمدا وَمَا يجب بالعمد لَا يتحمله الْعَاقِلَة
قَوْله بالحديدة أطلق الْجَواب فِي الْكتاب وَهُوَ مَحْمُول على أَنه
أَصَابَهُ حِدة الْحَدِيد أما إِذا أَصَابَهُ ظَهره وَلم يجرج وَجب الْقصاص
عِنْدهمَا وَاخْتلفُوا فِي قَول أبي حنيفَة فَمن اعْتبر نفس الْحَدِيد أوجب
الْقصاص وَمن أوجب الجرج وَهُوَ رِوَايَة الطَّحَاوِيّ لم يُوجب
(1/493)
رجلا فى الْبَحْر فَلَا قصاص عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يقْتَصّ مِنْهُ رجل ذبح
رجلا بليطة قصب فَعَلَيهِ الْقصاص
صفان من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين التقيا فَقتل مُسلم مُسلما ظن أَنه
مُشْرك فَلَا قَود عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة مُسلم دخل أَرض
الْحَرْب فَقتل حَرْبِيّا قد أسلم خطأ قَالَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَلَا
دِيَة عَلَيْهِ وَإِن قَتله عمدا فَلَا كَفَّارَة وَلَا دِيَة وَلَا قَود
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَعَلَيهِ الْقصاص لِأَن النَّار تجرح وتبضع كالسيف
قَوْله يقْتَصّ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْعَصَا الْكَبِير وَالْحجر الْعَظِيم
على هَذَا الْخلاف وَإِذا ضربه بِسَوْط ووالى فى الضربات حَتَّى مَاتَ لَا
يجب الْقصاص عندنَا وَعند الشَّافِعِي إِذا ضربه بالثقل يجب الْقصاص
قَوْله فَعَلَيهِ الْقصاص لوُجُود الْقَتْل بِصفة الْكَمَال
قَوْله فَلَا قَود عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَقع خطأ مِنْهُ وَيجب عَلَيْهِ
الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ أراق دَمًا مَعْصُوما وَيجب الدِّيَة وَهُوَ
مَذْكُور فى السّير الصَّغِير
قَوْله عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وفى الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة أَنه لَا
كَفَّارَة عَلَيْهِ أَيْضا لِأَن وُجُوبهَا بِاعْتِبَار تقوم الدَّم لَا
بِاعْتِبَار حُرْمَة الْقَتْل وَتقوم الدَّم يكون بالإحراز بدار
الْإِسْلَام وَالدَّلِيل على وجوب الْكَفَّارَة قَوْله (تَعَالَى) (وَإِن
كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة) جَاءَ فى
التَّفْسِير عَن عَطاء وَمُجاهد أَنه الرجل يسلم فَيقْتل خطاء قبل أَن يأتى
الْمُسلمين وَقيل نزُول الْآيَة فِي رجل يُقَال لَهُ مرداس كَانَ أسلم
فَقتله أُسَامَة بن زيد قبل أَن يَأْتِي الْمُسلمين وَهُوَ لَا يعلم
بِإِسْلَامِهِ فَأوجب الله (تَعَالَى) فِيهِ الْكَفَّارَة دون الدِّيَة
ثمَّ الدِّيَة يجب حَقًا لله (تَعَالَى) والإحراز بِالدّينِ يثبت فى حق
الله (تَعَالَى) وَإِنَّمَا الْحَاجة إِلَى الْإِحْرَاز بِالدَّار فى مَا
يجب من الضَّمَان لحق الْعباد وَقد قَررنَا هَذَا فِي السّير الصَّغِير
(1/494)
رجل قتل ابْنه عمدا فَعَلَيهِ الدِّيَة فِي
مَاله فِي ثَلَاث سِنِين وَكَذَلِكَ إِذا أقرّ رجل بِالْقَتْلِ خطأ معتوه
قتل وليه فلأبيه أَن يقتل بالمقتول ويصالح وَلَيْسَ لَهُ أَن يعْفُو
وَكَذَلِكَ إِن قطعت يَد الْمَعْتُوه عمدا وَالْوَصِيّ بِمَنْزِلَة الْأَب
إِلَّا أَنه لَا يقتل رجل قتل وَله أَوْلِيَاء صغَار وكبار فللكبار أَن
يقتلُوا الْقَاتِل وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَيْسَ
لَهُم ذَلِك حَتَّى يدْرك الصغار
بَاب الشَّهَادَة فِي الْقَتْل
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل قتل وَله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَعَلَيهِ الدِّيَة فِي مَاله لِأَن الْقصاص لَو وَجب وَجب للمقتول
أَولا ثمَّ يَرِثهُ سوى أَبِيه الْقَاتِل من ورثته وَيصير اسْتِيفَاء
الْوَرَثَة كاستيفاء الإبن وَلَيْسَ للإبن ذَلِك وَإِذا لم يجب الْقود يجب
الدِّيَة فِي مَاله لِأَن عمد وَلَا يتحمله الْعَاقِلَة فِي الْعمد كَمَا
لَا تعقل الْوَاجِب بالْخَطَأ إِذا كَانَ الْوُجُوب عَن إِقْرَار
قَوْله فلأبيه إِلَخ لِأَنَّهُ شرع للتشفي وَذَلِكَ رَاجع إِلَى النَّفس
وَللْأَب ولَايَة على نَفسه وَله أَن يُصَالح لِأَنَّهُ أَنْفَع وَلَيْسَ
لَهُ أَن يعْفُو لِأَنَّهُ إبِْطَال حَقه
قَوْله إِلَّا أَنه لَا يقتل لِأَنَّهُ من بَاب الْولَايَة على النَّفس
وَلَيْسَ لَهُ هَذِه الْولَايَة بِخِلَاف الطّرف لِأَنَّهُ ألحق بِالْمَالِ
وَله هَذِه الْولَايَة وَذكر فِي كتاب الصُّلْح أَنه لَا يملك الصُّلْح فِي
النَّفس لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الِاسْتِيفَاء وَذكر هَهُنَا أَنه يملك
وَهُوَ رِوَايَة كتاب الدِّيات لِأَن الْمَقْصُود من الصُّلْح مَنْفَعَة
المَال وَذَلِكَ حَاصِل
قَوْله لَيْسَ لَهُم ذَلِك لِأَنَّهُ مُشْتَركَة فَلَا يتفرد بِهِ الْبَعْض
بَاب الشَّهَادَة فِي الْقَتْل
قَوْله فَإِنَّهُ يُعِيد الْبَيِّنَة وَقَالا لَا يُعِيد لِأَن الْقصاص
يصير مَمْلُوكا للمقتول ثمَّ يصير موروثاً كَالدّين وَلِهَذَا يكون
للْمَرْأَة نصيب فِي الْقصاص وَالْمَرْأَة
(1/495)
ابْنَانِ أَحدهمَا غَائِب فَأَقَامَ
الْحَاضِر الْبَيِّنَة على الْقَتْل ثمَّ قدم الْغَائِب فَإِنَّهُ يُعِيد
الْبَيِّنَة وَإِن كَانَ خطأ لم يعدها وَكَذَلِكَ الدّين يكون لأبيهما على
رجل رجل قتل وَله ابْنَانِ وَأَحَدهمَا غَائِب فَأَقَامَ الْقَاتِل
الْبَيِّنَة أَن الْغَائِب قد عَفا فالشاهد خصم وَكَذَلِكَ عبد بَين
رجلَيْنِ وَإِذ أشهد الشُّهُود أَنه ضربه فَلم يزل صَاحب فرَاش حَتَّى
مَاتَ فَفِيهِ الْقود وَإِن اخْتلف الشَّاهِدَانِ فِي الْأَيَّام أَو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَا تملك شَيْئا من حق الزَّوْج إِلَّا بطرِيق الوراثة ثمَّ فِي الدّين لَا
تُعَاد الْبَيِّنَة فَكَذَا إِذا كَانَت فِيهِ شُبْهَة الدّين وَلأبي
حنيفَة أَن الْقصاص وَجب للْوَارِث من وَجه ابْتِدَاء من حَيْثُ إِن
المنتفع بِهِ هُوَ الْوَارِث دون الْمَيِّت فَلَا ينْتَصب عَن الْغَائِب
خصما
قَوْله فالشاهد خصم وَيسْقط الْقصاص لِأَنَّهُ ادّعى على الْحَاضِر سُقُوط
حَقه فِي الْقصاص وَلَا يَصح دَعْوَاهُ إِلَّا بِثُبُوت عَفْو الْغَائِب
فينتصب الْحَاضِر خصما عَن الْغَائِب بطرِيق الضَّرُورَة
قَوْله فَفِيهِ الْقود إِن كَانَ عمدا لِأَن هَذِه شَهَادَة مِنْهُم على
أَنه قَتله عمدا لَكِن إِنَّمَا يجب الْقود إِذا شهدُوا أَنه ضربه بِشَيْء
جارح
قَوْله وَإِن اخْتلف إِلَخ إِذا اخْتلف الشَّاهِدَانِ فِي الْأَيَّام أَو
الْبلدَانِ لم تقبل شَهَادَتهمَا لِأَن الْقَتْل لَا يتَكَرَّر فَكَانَ كل
وَاحِد مِنْهُمَا شَاهدا بقتل على حِدة فَلَا يثبت أَحدهمَا وَكَذَلِكَ
إِذا اخْتلفَا فِي الْآلَة لِأَن الْقَتْل يخْتَلف حكمه باخْتلَاف الْآلَة
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ قَتله بعصا وَقَالَ الآخر لَا أَدْرِي لِأَن الَّذِي
شهد أَنه قَتله بالعصا شهد على قتل مُقَيّد وَالْآخر شهد على قتل مُطلق
وَالْمُطلق غير الْمُقَيد
قَوْله فَفِيهِ الدِّيَة هَكَذَا ذكر هَهُنَا وَذكر فِي كتاب الدِّيات أَن
هَذَا اسْتِحْسَان وَالْقِيَاس أَن لَا تقبل شَهَادَتهم لأَنهم شهدُوا بقتل
مَجْهُول لِأَنَّهُ إِذا جهلت الْآلَة فقد جهل الْقَتْل لِأَن الْقَتْل
يخْتَلف باخْتلَاف الْآلَات وَجه الِاسْتِحْسَان أَنهم شهدُوا بقتل مُطلق
وَأَقل مُوجبه الدِّيَة وَالْمُطلق لَا يكون مَجْهُولا
(1/496)
فِي الْبلدَانِ أَو فِي الَّذِي كَانَ
الْقَتْل بِهِ فَقَالَ أَحدهمَا قَتله بعصا وَقَالَ الآخر لَا أَدْرِي
بِأَيّ شَيْء قَتله فَهُوَ بَاطِل وَإِن شَهدا أَنه قَتله وَقَالا لَا
نَدْرِي بِأَيّ شَيْء قَتله فَفِيهِ الدِّيَة رجلَانِ أقرّ كل وَاحِد
مِنْهُمَا أَنه قتل فلَانا فَقَالَ الْوَلِيّ قتلتماه جَمِيعًا فَلهُ أَن
يقتلهما وَإِن شهدُوا على رجل أَنه قتل فلَانا وَشهد آخَرُونَ على آخر
بقتْله وَقَالَ الْوَلِيّ قتلتماه جَمِيعًا بَطل ذَلِك كُله رجل قتل رجلا
عمدا وللمقتول ثَلَاثَة أَوْلِيَاء فَشهد اثْنَان على الآخر أَنه عفى
فشهادتهما بَاطِلَة فَإِن صدقهما الْقَاتِل فَالدِّيَة بَينهم أَثلَاثًا
وَإِن كذبهما فَلَا شَيْء لَهما وَللْآخر ثلث الدِّيَة وَالله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَلهُ أَن يقتلهما لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أقرّ بِكُل الْقَتْل
فَوَجَبَ الْقصاص عَلَيْهِ وَالْمقر لَهُ صدق فِي أَحدهمَا وَكذب فِي الآخر
وَتَكْذيب الْمقر لَهُ الْمقر فِي بعض مَا أقرّ بِهِ لَا يبطل إِقْرَاره
قَوْله بَطل لِأَن تَكْذِيب الْمَشْهُود لَهُ الشُّهُود فِي بعض مَا شهدُوا
يبطل الشَّهَادَة لِأَنَّهُ يُوجب تفسيقه وتفسيق الشَّاهِد يُوجب رد
الشَّهَادَة
قَوْله فَإِن صدقهما إِلَخ المسئلة على أَرْبَعَة أوجه إِمَّا أَن يصدقها
الْقَاتِل وَحده أَو يصدقها الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَو يصدقاهما أَو
يكذباهما أما إِن صدقاهما جَمِيعًا صَار الثَّابِت بِالْبَيِّنَةِ
كَالثَّابِتِ مُعَاينَة وَلَو عاينا ذَلِك بَطل نصيب الْعَافِي وانقلب
نصيبهما مَالا كَذَا هَهُنَا وَإِن كذباهما فَلَا شَيْء للشاهدين
لِأَنَّهُمَا لما شَهدا بِالْعَفو فقد أقرا بِبُطْلَان حَقّهمَا فِي
الْقصاص فصح إقرارهما وادعيا بعد ذَلِك انقلاب نصيبهما مَالا فَلم يصدقا
وَنصِيب الْمَشْهُود عَلَيْهِ يصير مَالا لِأَن شَهَادَتهمَا للعفو
بِمَنْزِلَة ابْتِدَاء الْعَفو مِنْهُمَا فِي حق الْمَشْهُود عَلَيْهِ
وَإِن صدقهما الْقَاتِل وَحده غرم الدِّيَة بَينهم أَثلَاثًا لِأَنَّهُ لما
صدقهما فقد أقرّ لَهما بِثُلثي الدِّيَة فَلَزِمَهُ وَادّعى بطلَان حق
الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَلم يصدقا وَإِن صدقهما الْمَشْهُود عَلَيْهِ دون
الْقَاتِل غرم الْقَاتِل ثلث الدِّيَة وَهُوَ نصيب الْمَشْهُود عَلَيْهِ
(1/497)
بَاب فِي اعْتِبَار حَالَة الْقَتْل
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل رمى مُسلما
فَارْتَد المرمي إِلَيْهِ ثمَّ وَقع بِهِ السهْم فعلى الرَّامِي الدِّيَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن
رمى وَهُوَ مُرْتَد فَأسلم ثمَّ وَقع بِهِ السهْم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي
قَوْلهم وَكَذَلِكَ إِن رمى حَرْبِيّا فَأسلم وَإِن رمى عبدا فَأعْتقهُ
مَوْلَاهُ ثمَّ وَقع بِهِ السهْم فَعَلَيهِ قِيمَته للْمولى وَقَالَ
مُحَمَّد (رَحمَه الله) عَلَيْهِ فضل مَا بَين قِيمَته مرمياً إِلَى غير
مرمي
رجل قضى عَلَيْهِ بِالرَّجمِ فَرَمَاهُ رجل ثمَّ رَجَعَ أحد الشُّهُود ثمَّ
وَقع بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب فِي اعْتِبَار حَالَة الْقَتْل
قَوْله لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن الْمَقْتُول غير مُتَقَوّم وَلأبي حنيفَة
أَن الرَّامِي إِنَّمَا يصير قَاتلا بالرمى لِأَنَّهُ إِنَّمَا يصير قَاتلا
بِفِعْلِهِ وَفعله الرَّمْي وَلِهَذَا لَو رمي إِلَى الصَّيْد وَهُوَ مُسلم
فَارْتَد وأصابه السهْم وَهُوَ مُرْتَد فجرح الصَّيْد وَمَات حل أكله
فَدلَّ ذَلِك على أَن الْمُعْتَبر حَالَة الرَّمْي
قَوْله فِي قَوْلهم لِأَن هَذَا الرَّمْي غير مُتَقَوّم فَلَا يجب بِهِ
الضَّمَان وَإِن صَار مُتَقَوّما بعد ذَلِك
قَوْله عَلَيْهِ فضل إِلَخ لِأَن الْعتْق أبطل سرَايَة الْجِنَايَة أَلا
ترى أَن من قطع يَد عبد خطأ ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ ثمَّ مَاتَ لم يجب
عَلَيْهِ قيمَة النَّفس وَإِنَّمَا يجب عَلَيْهِ أرش الْيَد مَعَ
النُّقْصَان الَّذِي نَقصه الْقطع إِلَى أَن أعتق كُله وَأَبُو حنيفَة
يَقُول إِن الرَّامِي إِنَّمَا يصير قَاتلا من وَقت الرَّمْي وَوقت
الرَّمْي المرمي إِلَيْهِ عبد فَيلْزمهُ قِيمَته للْمولى كَمَا قُلْنَا فِي
ارتداد المرمى إِلَيْهِ وَفرق أَبُو يُوسُف بَين هَذِه المسئلة وَبَين
مسئلة الرَّمْي بِأَن بالارتداد خرج من أَن يكون مَضْمُونا فَصَارَ مبرياً
لَهُ عَن الْجِنَايَة وَلَا كَذَلِك العَبْد إِذا أعتق
قَوْله فَلَا شَيْء على الرَّامِي لِأَنَّهُ حِين رمى كَانَ المرمى
إِلَيْهِ مُبَاح الْقَتْل
(1/498)
الْحجر فَلَا شَيْء على الرَّامِي
مَجُوسِيّ رمى صيدا ثمَّ أسلم ثمَّ وَقعت الرَّمية بالصيد لم يُؤْكَل وَإِن
رَمَاه وَهُوَ مُسلم ثمَّ تمجس أكل محرم رمى صيدا ثمَّ حل فَوَقَعت
الرَّمية بالصيد فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَإِن رمى حَلَال ثمَّ أحرم فَلَا
شَيْء عَلَيْهِ وَالله أعلم
بَاب الرجل يقطع يَد إِنْسَان ثمَّ يقْتله
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل قطع يَد
رجل خطأ ثمَّ قَتله عمدا قبل أَن تَبرأ يَده أَو قطع يَده عمدا ثمَّ قَتله
خطأ أَو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَلم ينْعَقد رميه مُوجبا للضَّمَان وَبعد ذَلِك لم يُوجد فعل آخر حَتَّى
يجب بِهِ الضَّمَان
قَوْله أكل لِأَن هَذَا الحكم يتَعَلَّق بأهلية الْفَاعِل فَيعْتَبر حَالَة
الْفِعْل
قَوْله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن هَذَا الضَّمَان يتَعَلَّق بإجرام
الرَّامِي فَيعْتَبر حَالَة الْفِعْل
بَاب الرجل يقطع يَد إِنْسَان ثمَّ يقْتله
قَوْله يُؤْخَذ بالأمرين لِأَن الْجمع بَين الْجِرَاحَات وَاجِب مَا أمكن
وَيجْعَل الآخر تتميماً للْأولِ لِأَن الْقَتْل فِي الْأَعَمّ يكون بضربات
متعاقبات إِلَّا أَن لَا يُمكن الْجمع وَهُوَ أَن يخْتَلف حكم
الْفِعْلَيْنِ كَمَا فِي الْفَصْلَيْنِ الْأَوَّلين أَو يَتَخَلَّل
الْبُرْء كَمَا فِي الْفَصْلَيْنِ الْأَخيرينِ وَمَتى لم يَتَخَلَّل
الْبُرْء وتجانس الفعلان إِن كَانَ خطاء يجمع بِالْإِجْمَاع وَاكْتفى بدية
وَاحِدَة وَإِن كَانَ عمدا عِنْد أبي حنيفَة بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ اعْتبر
جِهَة التَّعَدُّد فَقطع ثمَّ قتل وَإِن شَاءَ مَال إِلَى جِهَة
الِاتِّحَاد فَقتل لَا غير وَعِنْدَهُمَا لَا يجوز لَهُ إِلَّا الْقَتْل
والحجج تعرف فِي الْمُخْتَلف
قَوْله فَفِيهِ دِيَة وَاحِدَة لِأَنَّهُ لما برأَ من الأسواط فَكَأَنَّهَا
لم تُوجد فِي حق الضَّمَان دون التَّعْزِير وَإِنَّمَا يحصل الْقَتْل بِمَا
بَقِي فَلَا يجب إِلَّا دِيَة وَاحِدَة وَيجب التعزيز بِتِلْكَ الأسواط
الَّتِي اندملت
(1/499)
قطع يَده عمدا فبرأت ثمَّ قَتله عمدا أَو
قطع يَده خطأ فبرأت يَده ثمَّ قَتله خطأ فَإِنَّهُ يُؤْخَذ بالأمرين
جَمِيعًا وَإِن قطع يَده عمدا ثمَّ قَتله عمدا قبل أَن يبرأ يَده فَإِن
شَاءَ الإِمَام قَالَ اقْطَعُوا يَده ثمَّ اقْتُلُوهُ وَإِن شَاءَ قَالَ
اقْتُلُوهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يقتل وَلَا يقطع
يَده
رجل ضرب رجلا مائَة سَوط فبرأ من تسعين وَمَات من عشرَة فَفِيهِ دِيَة
وَاحِدَة رجل قطع يَد رجل فَعَفَا الْمَقْطُوع عَن الْقطع ثمَّ مَاتَ من
ذَلِك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله رجل قطع إِلَخ إِذا قطع يَد رجل عمدا فعفى الْمَقْطُوع يَده عَن
الْقطع وَمَات من ذَلِك فعلى الْقَاطِع الدِّيَة وَإِن عَفا عَن الْقطع
وَمَا يحدث مِنْهُ وَمن الْجِنَايَة ثمَّ مَاتَ من ذَلِك فَهُوَ عَفْو عَن
النَّفس وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن عَفا عَن الْقطع فَهُوَ عَفْو
عَن النَّفس فَإِن كَانَ الْقطع خطأ وَعَفا عَن الْقطع ثمَّ سرى إِلَى
النَّفس فَهُوَ على هَذَا الِاخْتِلَاف وَإِن عَفا عَن الْقطع وَمَا يحدث
مِنْهُ أَو عَن الْجِنَايَة صَحَّ الْعَفو عَن الْكل كالعمد إِلَّا إِن فِي
الْعمد يَصح من جَمِيع المَال وَفِي الْخَطَأ من ثلث المَال وَهَذَا يكون
وَصِيَّة الْعَاقِلَة
وَهَذَا لَا يشكل عِنْد من لم يَجْعَل الْقَاتِل من الْعَاقِلَة وَأما من
جعله وَاحِدًا من الْعَاقِلَة فقد أبطل حِصَّته من الْوَصِيَّة من الدِّيَة
لِأَنَّهَا للْقَاتِل وَهَذَا غير صَحِيح وَالصَّحِيح أَنَّهَا صَحِيحَة
وَإِن حصلت للْقَاتِل لِأَنَّهُ وَإِن لم يَصح فِي الِابْتِدَاء صَحَّ فِي
الِانْتِهَاء لأَنا لَو أبطلنا ذَلِك رجعت إِلَى الْعَاقِلَة لِأَن من أوصى
لمن يَصح لَهُ الْوَصِيَّة وَلمن لَا يَصح لَهُ الْوَصِيَّة صَار كلهَا لمن
يَصح لَهُ الْوَصِيَّة كمن أوصى بِثلث مَاله لحي وميت ففهنا إِذا لم يَصح
للْقَاتِل يعود إِلَى الْعَاقِلَة فِي الِانْتِهَاء فَيصح من الِابْتِدَاء
ثمَّ بنى مُحَمَّد على هَذِه المسئلة مسئلة وَصورتهَا امْرَأَة قطعت يَد
رجل عمدا وَتَزَوجهَا الرجل على الْقطع وَمَا يحدث مِنْهُ أَو عَن
الْجِنَايَة ثمَّ مَاتَ من ذَلِك فلهَا مهر مثلهَا وَلَا شَيْء عَلَيْهَا
أما وجوب مهر الْمثل فَلِأَن التَّزَوُّج عَلَيْهَا تزوج على مُوجبهَا
وموجبها لَيْسَ بِمَال لِأَن مُوجبهَا الْقطع وَأما سُقُوط الْقصاص
(1/500)
فعلى الْقَاطِع الدِّيَة فِي مَاله
اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاس أَن يقتل ذكرهَا فِي كتاب الزِّيَادَات وَإِن
عَفا عَن الْقطع وَمَا يحدث مِنْهُ أَو عَن الْجِنَايَة ثمَّ مَاتَ من
ذَلِك فَهُوَ عَفْو عَن النَّفس اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاس أَن لَا يكون
عفوا كالولي يعْفُو قبل موت الْمَجْرُوح فَإِن كَانَ خطأ فَمن الثُّلُث
وَإِن كَانَ عمدا فَمن جَمِيع المَال وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
(رحمهمَا الله) إِذا عَفا عَن الْقطع فَهُوَ عَفْو عَن النَّفس
امْرَأَة قطعت يَد رجل فَتَزَوجهَا على يَده ثمَّ مَاتَ مِنْهَا فلهَا مهر
مثلهَا وعَلى عاقتلها الدِّيَة إِن كَانَ خطأ وَإِن كَانَ عمدا فَفِي
مَالهَا وَإِن تزَوجهَا على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَلِأَنَّهُ لما جعل مهْرا فقد رَضِي بِسُقُوط الْقصاص وَإِن كَانَ
الْقَتْل خطأ والمسئلة بِحَالِهَا صَار متزوجاً على مُوجبهَا وموجبها
الدِّيَة وَهَذَا يصلح مهْرا غير أَنه إِنَّمَا يَصح بِمِقْدَار مهر الْمثل
لِأَنَّهُ مَرِيض وَمَا زَاد على ذَلِك وَصِيَّة فَيكون الْوَاجِب لَهَا
بِقدر مهر مثلهَا من الدِّيَة فَإِن كَانَ مهر مثلهَا وَالدية سَوَاء
فالعاقلة لَا يغرمون شَيْئا من ذَلِك لَهَا لأَنهم إِنَّمَا يتحملون
جنايتها فَإِذا لم يبْق شَيْء فَلَا يغرمون لَهَا وَإِن كَانَ مهر مثلهَا
أقل يرفع عَن الْعَاقِلَة مهر مثلهَا وَمَا زَاد عَن ذَلِك إِن كَانَ يخرج
من ثلث مَالهَا فَإِنَّهُ يرفع عَنْهُم لِأَنَّهُ وَصِيَّة لَهُم وهم أجانب
فَيصح وَإِن كَانَ لَا يخرج فَلهم مَا زَاد على مهر الْمثل قدر الثُّلُث
ويردون الْفضل إِلَى الْوَرَثَة هَذَا إِذا تزَوجهَا على الْقطع وَمَا يحدث
مِنْهُ أَو على الْجِنَايَة فَإِن تزَوجهَا على الْقطع لَا غير فِي حَالَة
الْخَطَأ والعمد فجوابهما كالجواب الَّذِي مر فِي مَا إِذا تزَوجهَا على
الْقطع وَمَا يحدث مِنْهُ أَو على الْجِنَايَة وَعند أبي حنيفَة إِذا سرى
بِطَلَب التَّسْمِيَة فَوَجَبَ مهر الْمثل لَهَا على الْحَالين وَوَجَب
الدِّيَة فِي مَالهَا عِنْد الْعمد فيتقاصان إِن كَانَا سَوَاء وَيرجع
صَاحب الْفضل عِنْد الزِّيَادَة وَإِن كَانَ خطاء فَالدِّيَة على
الْعَاقِلَة
قَوْله فَإِنَّهُ يقتل الْمُقْتَص مِنْهُ وَقطع يَده لَا يمْنَع وجوب
الْقصاص عَلَيْهِ
(1/501)
الْيَد وَمَا يحدث مِنْهَا أَو على
الْجِنَايَة ثمَّ مَاتَ من ذَلِك وَالْقطع عمد فلهَا مهر مثلهَا وَلَا
شَيْء عَلَيْهَا وَإِن كَانَ خطأ رفع عَن الْعَاقِلَة مهر مثلهَا وَلَهُم
ثلث مَا ترك الْمَيِّت وَصِيَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا
الله) وَكَذَلِكَ إِذا تزَوجهَا على الْيَد رجل قطعت يَده فاقتص لَهُ من
الْيَد ثمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يقتل الْمُقْتَص مِنْهُ وَالله أعلم
بَاب فى الْقَتِيل يُوجد فى الدَّار والمحلة
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فى رجل اشْترى
دَارا فَلم يقبضهَا حَتَّى وجد فِيهَا قَتِيل فَهُوَ على عَاقِلَة البَائِع
وَإِن كَانَ فِي البيع خِيَار لأَحَدهمَا فَهُوَ على عَاقِلَة الَّذِي
الدَّار فى يَده وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) إِذا لم
يكن خِيَار فعلى عَاقِلَة الْمُشْتَرى وَإِن كَانَ خِيَار فعلى عَاقِلَة
الَّذِي تصير الدَّار لَهُ قوم باعوا دُورهمْ إِلَّا رجلا بَقِي لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَعَن أبي يُوسُف أَنه لَا يقتل لِأَن الْإِقْدَام على الْقطع يكون
إِبْرَاء عَمَّا وَرَاءه وَالْجَوَاب عَنهُ أَنه إِنَّمَا يصير إِبْرَاء
لَو كَانَ الْمُوجب مَعْلُوما وَعند الْقطع فِي زَعمه أَن حَقه فِي الْقصاص
فِي الطّرف فيستوفى لهَذَا أما أَن يبرأ أحد عَن شَيْء مَجْهُول فَلَا
بَاب فى الْقَتِيل يُوجد فى الدَّار والمحلة
قَوْله فَهُوَ على عَاقِلَة البَائِع فَأَبُو حنيفَة اعْتبر الْيَد لِأَن
الْقُدْرَة على الْحِفْظ حَقِيقَة إِنَّمَا يكون بِالْيَدِ لَا غير غير أَن
الْملك سَبَب الْيَد فأقيم مقَام الْيَد فَإِذا وجد الْملك لأَحَدهمَا
وَالْيَد للْآخر كَانَ اعْتِبَار الْيَد أولى وهما اعتبرا الْملك لِأَن
الْحِفْظ إِنَّمَا يملك بِهِ
قَوْله وَهُوَ على أهل الخطة إِلَخ لِأَن ولَايَة حفظ الْمحلة فى
الْعَادَات لأَصْحَاب الخطة فَيكون هم المقصرون فى حفظ الْمحلة ويختار
صالحو أهل
(1/502)
شقص فَوجدَ فِي الْمحلة قَتِيل فَهُوَ على
أهل الخطة الَّذين صَاحب الشّقص مِنْهُم وَإِن باعوا كلهم فَهُوَ على
المُشْتَرِي
دَار نصفهَا لرجل وعشرها لآخر وَلآخر مَا بَقِي وجد فِيهَا قَتِيل فَهُوَ
على رُؤْس الرِّجَال قَتِيل مر فِي الْفُرَات بَين قريتين فَلَا شَيْء على
أحد وَإِن مرت دَابَّة بَين قريتين عَلَيْهَا قَتِيل فَهُوَ على أقربهما
قوم الْتَقَوْا بِالسُّيُوفِ فأجلوا عَن قَتِيل فَهُوَ على أهل الْمحلة
إِلَّا أَن يَدعِي أولياؤه على أُولَئِكَ أَو على رجل بِعَيْنِه فَلَا يكون
على أهل الْمحلة وَلَا على أُولَئِكَ شَيْء حَتَّى يقيموا الْبَيِّنَة رجل
فِي يَده دَار وجد فِيهَا قَتِيل لم تعقله الْعَاقِلَة حَتَّى يشْهد
الشُّهُود أَنَّهَا للَّذي فِي يَده وَالله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمحلة وَأما فِي حق الدِّيَة كل من أَصْحَاب الخطة الصَّالح والطالح
سَوَاء هَذَا حكم مَنْقُول عَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فِي
الْقَتِيل الْمَوْجُود بِخَيْبَر
قَوْله فَهُوَ على المُشْتَرِي لأَنهم نزلُوا منزلَة أَصْحَاب الخطة فِي
ولَايَة الْحِفْظ
قَوْله فَهُوَ على رُؤْس الرِّجَال لأَنهم فِي ولَايَة الْحِفْظ سَوَاء
فَكَانُوا فِي التَّقْصِير سَوَاء
قَوْله فَلَا شَيْء على أحد لِأَن وجوب الدِّيَة والقسامة لأجل التَّقْصِير
فِي الْحِفْظ بعد وجوب الْحِفْظ والفرات لَيْسَ فِي يَد أحد وَلَا فِي ملك
أحد حَتَّى يجب عَلَيْهِ الْحِفْظ ليصير جانياً بترك الْحِفْظ
قَوْله فَهُوَ على أقربهما يُرِيد بِهِ الْقسَامَة وَالدية لِأَن
الْقُدْرَة على حفظ الْموضع ثَابِتَة لأقربهما
قَوْله حَتَّى يشْهد الشُّهُود إِلَخ أَي إِذا أنْكرت الْعَاقِلَة أَن
الدَّار ملك ذِي
(1/503)
بَاب الْجِرَاحَات الَّتِي هِيَ دون
النَّفس
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فى رجل نزع سنّ
رجل فَانْتزع المنزوعة سنه سنّ النازع فَنَبَتَتْ سنّ الأول فعلى الأول
لصَاحبه خمس مائَة رجل قتل وليه فَقطع يَد قَاتله ثمَّ عَفا عَنهُ وَقد قضى
لَهُ بِالْقصاصِ أَو لم يقْض فعلى قَاطع الْيَد دِيَة الْيَد فى مَاله
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا شَيْء عَلَيْهِ رجل شج
رجلا مُوضحَة فَذَهَبت عَيناهُ فَلَا قصاص فِي شَيْء من ذَلِك وَيجب أرش
الْمُوَضّحَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) فى
الْمُوَضّحَة الْقصاص رجل قطع إِصْبَع رجل من الْمفصل الْأَعْلَى فشل مَا
بَقِي من الإصابع أَو الْيَد كُله فَلَا قصاص فى ذَلِك وَكَذَلِكَ إِن كسر
نصف سنّ فاسود مَا بَقِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْيَد لِأَن الْيَد المحتملة فَلَا يكْتَفى للاستحقاق
بَاب الْجِرَاحَات الَّتِي هِيَ دون النَّفس
قَوْله فعلى الأول إِلَخ لِأَنَّهُ لما نبت سنّ الأول تبين أَن الْقصاص لم
يكن وَاجِبا
قَوْله وَكَذَلِكَ إِن كسر إِلَخ لَهما أَن الْفِعْل وَقع فى محلين فَأخذ
حكم الْفِعْلَيْنِ وكل مِنْهُمَا مُبْتَدأ فَلم يعْتَبر شُبْهَة وَله أَن
الْفِعْل وَاحِد صُورَة لوُقُوعه محلا وَاحِدًا وَالْفِعْل الْوَاحِد لَا
يكون مُوجبا للْقصَاص وَالدية
قَوْله فَعَلَيهِ أرش الضَّرْب هَذَا إِذا بَقِي أثر الضَّرْب وَإِن لم
يبْق لَهَا أثر لَا يجب شَيْء عِنْد أَبى حنيفَة (رَحمَه الله) وَعَن أبي
يُوسُف (رَحمَه الله) أَنه يجب حُكُومَة عدل وَعَن مُحَمَّد (رَحمَه الله)
يجب أُجْرَة الطَّبِيب وَثمن الْأَدْوِيَة وَهَذَا إِذا
(1/504)
رجل ضرب رجلا مائَة سَوط فجرحته وبرأ
مِنْهَا وَعَلِيهِ أرش الضَّرْب رجل قطع ذكر مَوْلُود فَإِن كَانَ الذّكر
قد تحرّك فَعَلَيهِ الْقصاص فِي الْعمد وَالدية فِي الْخَطَأ وَإِن لم
يَتَحَرَّك فِيهِ حُكُومَة عدل وَفِي لِسَانه إِن كَانَ قد اسْتهلّ
حُكُومَة عدل وَإِن تكلم فَالدِّيَة فِي الْخَطَأ وَفِي بَصَره حُكُومَة
عدل إِلَّا أَن يكون قد أبْصر
رجل كسر سنّ رجل وسنه أكبر من سنّ الْمَجْنِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يقْتَصّ
مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْيَد إِذا كَانَت يَده أكبر من يَده رجل قطع كف رجل من
الْمفصل وَلَيْسَ فِي الْكَفّ إِلَّا إِصْبَع فَفِيهِ عشر الدِّيَة وَإِن
كَانَت إصبعان فالخمس وَلَا شَيْء فِي الْكَفّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) ينظر إِلَى أرش الإصبع والكف فَيكون الْأَكْثَر
عَلَيْهِ وَيدخل الْقَلِيل فِي الْكثير وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جرح ثمَّ برأَ فَأَما إِذا لم يجرح فِي الِابْتِدَاء لَا يجب شَيْء
بالِاتِّفَاقِ
قَوْله فَعَلَيهِ الْقصاص يُرِيد بِهِ إِذا قطع من الْحَشَفَة عمدا أَو من
أَصله لِأَن فِي هَذَا الْمَوْضِعَيْنِ اعْتِبَار الْمُسَاوَاة مُمكن
قَوْله وَفِي لِسَانه إِلَخ لم يذكر الْقود وَعلم أَنه لَا قَود استوعب
الْكل أَو قطع بعضه وَعَن أبي يُوسُف أَنه يجب حُكُومَة عدل
قَوْله وَفِي بَصَره إِلَخ أَي فِي بصر الْمَوْلُود إِنَّمَا يضمن
بِكَمَالِهِ الدِّيَة والقود عِنْد ظُهُور السَّلامَة الْبَصَر فَإِذا لم
يظْهر يجب حُكُومَة الْعدْل
قَوْله فَإِنَّهُ يقْتَصّ مِنْهُ لِأَن اعْتِبَار الْمُسَاوَاة مُمكن
وَهُوَ أَن يبرد بالمبرد
قَوْله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِلَخ هما يرجحان بِالْكَثْرَةِ
وَأَبُو حنيفَة (رَحمَه الله تَعَالَى) رجح بِالذَّاتِ فَقَالَ الْأَصَابِع
أصل فِي حق الْمَنْفَعَة فَيكون أصلا فِي الضَّمَان فَمَا بَقِي شَيْء من
الأَصْل لَا يظْهر حكم التبع
(1/505)
بَاب فِي جَنَابَة العَبْد الْمكَاتب
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل قَالَ
لعَبْدِهِ إِن قتلت فلَانا أَو رميته أَو شججته فَأَنت حر فَفعل فَهُوَ
مُخْتَار للْفِدَاء رجل قطع يَد عبد عمدا فَأعْتقهُ الْمولى ثمَّ مَاتَ من
ذَلِك فَإِن كَانَ لَهُ وَرَثَة غير الْمولى فَلَا قصاص فِيهِ وَإِلَّا
اقْتصّ مِنْهُ وَهُوَ قَول أبي يُوسُف (رَحمَه الله) وَقَالَ مُحَمَّد
(رَحمَه الله) لَا قصاص فى ذَلِك وعَلى الْقَاطِع أرش الْيَد وَمَا نَقصه
ذَلِك إِلَى أَن أعْتقهُ وَيبْطل الْفضل رجل قتل مكَاتبا عمدا فَإِن ترك
وَرَثَة أحراراً أَو ترك وَفَاء فَلَا قصاص فِيهِ وَإِن لم يتْرك وَفَاء
وَله وَرَثَة أحرارا اقْتصّ مِنْهُ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِن لم يتْرك
وَارِثا غير الْمولى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب فى جِنَايَة العَبْد وَالْمكَاتب
قَوْله فَهُوَ مُخْتَار للْفِدَاء لِأَنَّهُ بِهَذَا الْكَلَام أعْتقهُ بعد
الْجِنَايَة وَهُوَ عَالم بِهِ
قَوْله فَلَا قصاص فِيهِ لاشتباه الْوَلِيّ وَلَا يرْتَفع الِاشْتِبَاه
بالاجتماع لِأَنَّهُ لَا يُمكن الْقَضَاء للْمَجْهُول
قَوْله لَا قصاص فى ذَلِك لِأَنَّهُ اشْتبهَ سَبَب الْحق فَألْحق باشتباه
الْوَلِيّ وَصَارَ كَمَا لَو كَانَ الْقَتْل خطأ وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا
لَا يجب قيمَة النَّفس وَإِنَّمَا يجب أرش الْيَد وَمَا نَقصه الْقطع إِلَى
أَن أعْتقهُ كَذَلِك هَهُنَا وَلَهُمَا أَن المستوفي مَعْلُوم وَهُوَ
الْمولى وجهالة السَّبَب لَا يمْنَع لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى
الْمُنَازعَة بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ الْقطع خطأ لِأَن الْعتْق يمْنَع
سرَايَة الْجِنَايَة إِذا كَانَت خطأ لتبدل الْمُسْتَحق حَال ابْتِدَاء
جِنَايَة الْمولى وَحَالَة السَّرَايَة العَبْد وتبدل الْمُسْتَحق يمْنَع
السَّرَايَة أما إِذا كَانَ عمدا فالعتق لَا يمْنَع السَّرَايَة لِأَن
الْمُسْتَحق فى الْحَالين هُوَ العَبْد لِأَنَّهُ فِي اسْتِحْقَاق الْقصاص
يبْقى على أصل الْحُرِّيَّة وَإِنَّمَا يسْتَوْفى الْمولى بطريقة
النِّيَابَة وَنَظِيره مَا ذكر بعد هَذَا أَن الْمكَاتب إِذا قتل من وَفَاء
إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة آخر فَلَا قصاص فِيهِ وَإِن لم يكن إِلَّا الْمولى
فعلى الِاخْتِلَاف وَإِن لم يتْرك وَفَاء وَله وَرَثَة أَحْرَار اقْتصّ
مِنْهُ الْمولى بِالْإِجْمَاع
(1/506)
وَترك وَفَاء اقْتصّ مِنْهُ فِي قَول أبي
حنيفَة (رَضِي الله عَنهُ) وَأبي يُوسُف (رَحمَه الله) وَقَالَ مُحَمَّد
(رَحمَه الله) لَا أرى فِي هَذَا قصاصا أمة أذن لَهَا فِي التِّجَارَة
فاستدانت ثمَّ ولدت فَإِنَّهُ يُبَاع الْوَلَد مَعهَا فِي الدّين وَإِن جنت
جِنَايَة لم يدْفع الْوَلَد مَعهَا
مكَاتب جنى ثمَّ عجز فَإِنَّهُ يدْفع أَو يفْدي فَإِن قضا بِالْجِنَايَةِ
قبل الْعَجز بيع فِيهَا عبد لرجل زعم رجل أَن مَوْلَاهُ أعْتقهُ فَقتل
العَبْد وليا لذَلِك الرجل خطأ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ رجل قَالَ لعبديه
أَحَدكُمَا حر ثمَّ شجا فأوقع الْعتْق على أَحدهمَا فأرشهما للْمولى عبد
أعتق فَقَالَ لرجل قتلت أَخَاك خطأ وَأَنا عبد فَقَالَ ذَلِك الرجل قتلته
وَأَنت حر فَالْقَوْل قَول العَبْد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَإِنَّهُ يُبَاع الْوَلَد إِلَخ لِأَن الدّين وصف حكمي تعلق
برقبتها فيسري إِلَى وَلَدهَا
قَوْله لم يدْفع إِلَخ لِأَن وجوب الدّفع الَّذِي هُوَ حكم شَرْعِي يلْزم
الْمولي فَيكون وَصفا لَهُ دونهَا فَلَا يسري إِلَى وَلَدهَا
قَوْله بيع فِيهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف أَولا وَهُوَ قَول زفر يُبَاع فِي
المسئلتين جَمِيعًا وَقد مرت المسئلة فِي كتاب الْمكَاتب من هَذَا الْكتاب
قَوْله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن الْمقر بِالْعِتْقِ ادّعى مُوجب
الْجِنَايَة على عَاقِلَته وهم يُنكرُونَ ذَلِك
قَوْله فأرشهما للْمولى لِأَن الْعتْق فِي الْعين نزل مَقْصُودا على
الْحَال
قَوْله قَول الْعَهْد لِأَنَّهُ يُنكر وجوب الضَّمَان حَيْثُ نسبه إِلَى
حَالَة معهودة فَكَانَ القَوْل قَوْله
قَوْله وَقَالَ مُحَمَّد هُوَ يَقُول إِن الْمولى لما أضَاف الْفِعْل إِلَى
حَالَة معهودة تنَافِي الضَّمَان كَانَ مُنْكرا للضَّمَان فَكَانَ القَوْل
قَوْله كَمَا فِي الوطئ وَالْغلَّة بِخِلَاف الْقَائِم فِي يَده بِعَيْنِه
لِأَنَّهُ يَدعِي التَّمَلُّك عَلَيْهَا وَهِي تنكر فَالْقَوْل قَوْلهَا
وهما
(1/507)
رجل أعتق جَارِيَة ثمَّ قَالَ لَهَا قطعت
يدك وَأَنت أمتِي وَقَالَت الْجَارِيَة قطعت يَدي وَأَنا حرَّة فَالْقَوْل
قَوْلهَا وَكَذَلِكَ كل مَا أَخذ مِنْهَا إِلَّا الْجِمَاع وَالْغلَّة
وَهُوَ قَول أبي يُوسُف (رَحمَه الله) وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) لَا
يضمن إِلَّا شَيْئا قَائِما بِعَيْنِه فَيُؤْمَر برده عَلَيْهَا عبد قطع
يَد رجل عمدا فَدفع إِلَيْهِ بِقَضَاء أَو بِغَيْر قَضَاء فَأعْتقهُ ثمَّ
مَاتَ من الْيَد فَالْعَبْد صلح بِالْجِنَايَةِ وَإِن كَانَ لم يعتقهُ أَمر
برده على الْمولى وَقيل للأولياء اقْتُلُوهُ أَو اعْفُوا عَنهُ
مكَاتب قتل عبدا فَلَا قَود عَلَيْهِ عبد مَحْجُور عَلَيْهِ أَمر صَبيا حرا
فَقتل رجلا فعلى عَاقِلَة الصَّبِي الدِّيَة وَلَا شَيْء على الْآمِر
وَكَذَلِكَ إِن أَمر عبد عبدا عبد مَأْذُون لَهُ عَلَيْهِ ألف دِرْهَم جنى
جِنَايَة خطأ فَأعْتقهُ الْمولى وَلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَقُولَانِ إِنَّه مَا أضَاف فعله إِلَى حَالَة تنَافِي الضَّمَان لِأَن
قطع الْمولى يَد أمته وَهِي مديونة يُوجب الضَّمَان وَلَا كَذَلِك الوطئ
وَأخذ الْغلَّة لِأَنَّهُمَا لَا يوجبان الضَّمَان وَإِن كَانَت مديونة
قَوْله فَالْعَبْد صلح بِالْجِنَايَةِ أَي يملكهُ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ
لما أقدم على الْعتْق فقد قصد تَصْحِيحه وَلَا صِحَة لَهُ إِلَّا أَن
يَجعله دفعا عَن الْقطع وَمَا يحدث مِنْهُ
قَوْله أَمر برده على الْمولى لِأَن الدّفع تَسْلِيم الْوَاجِب وبالسراية
بَطل التَّسْلِيم أَيْضا فَلَا يبْقى شُبْهَة
قَوْله وَكَذَلِكَ إِن أَمر عبد الخ لِأَنَّهُمَا يؤاخذان بأفعالهما دون
أقوالهما إِلَّا أَن الصبى لَا يُؤَاخذ أبدا وَالْعَبْد الْمَأْمُور
يُؤَاخذ بعد الْعتْق لِأَن قَوْله فى حَقه مُعْتَبر
قَوْله فَعَلَيهِ قيمتان قيمَة لأولياء الْجِنَايَة وَقِيمَة لصَاحب الدّين
لِأَنَّهُ أتلف حقين حق البيع للْغُرَمَاء وَحقّ الدّفع للأولياءوتوفير
الْحَقَّيْنِ كَانَ مُمكنا بِدفع
(1/508)
يعلم بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيهِ قيمتان عبد
قتل رجلَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا وليان فعفى أحد وليي كل وَاحِد
مِنْهُمَا فَإِن الْمولى يدْفع نصفه إِلَى الآخرين أَو يفْدِيه بِعشْرَة
آلَاف دِرْهَم
رجل فَقَأَ عَيْني عبد فَإِن شَاءَ الْمولى دفع عَبده وَأخذ قيمه وَإِن
شَاءَ أمْسكهُ وَلَا شَيْء لَهُ من النُّقْصَان وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) إِن شَاءَ أَخذ مَا نَقصه بِهِ عبد قتل رجلا خطأ
وَآخر عمدا فعفى أحد وليي الْعمد فَإِن فدَاه الْمولى فدَاه بِخَمْسَة عشر
ألفا خَمْسَة آلَاف للَّذي لم يعف من ولي الْعمد وَعشرَة آلَاف لوَلِيّ
الْخَطَأ وَإِن دَفعه دَفعه إِلَيْهِم أَثلَاثًا ثُلُثَاهُ لوَلِيّ
الْخَطَأ وَثلثه للْوَلِيّ الَّذِي لم يعف وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه
الله) يَدْفَعهُ أَربَاعًا ثَلَاثَة أَرْبَاعه لوَلِيّ الْخَطَأ وربعه
لوَلِيّ الْعمد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمولى إِلَى ولي الْجِنَايَة ثمَّ يَأْخُذ الْغُرَمَاء من يَد ولي
الْجِنَايَة فَإِذا أتلفهما ضمن لكل مِنْهُمَا
قَوْله فَإِن الْمولى يدْفع نصفه إِلَى الآخرين إِلَخ لِأَن بِالْعَفو بَطل
الْقصاص كُله وانقلب نصيب الآخرين مَالا فَصَارَ كَمَا لَو وَجب المَال من
الِابْتِدَاء وَسقط نصف الْكل
قَوْله فدَاه بِخَمْسَة عشر ألفا إِلَخ لِأَن حق الآخر لما انْقَلب مَالا
صَار حَقه فِي نصف الدِّيَة
قَوْله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يدْفع إِلَخ وَذكر فِي بعض النّسخ
قَول مُحَمَّد مَعَ قَول أَبى حنيفَة وَذكر فِي الزِّيَادَات أَن عبدا لَو
قتل مَوْلَاهُ عمدا وَله وليان فَعَفَا أَحدهمَا بَطل الْجَمِيع عِنْد أبي
حنيفَة وَمُحَمّد وَلم يخْتَلف الرِّوَايَة فِيهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي
هَذِه المسئلة مثل قَوْله فِي الْكتاب وَذكر فِي أَكثر نسخ الْكتاب قَول
مُحَمَّد مَعَ أبي يُوسُف لَهما أَن نصيب الَّذِي لم يعف لما انْقَلب مَالا
لعفو صَاحبه صَار نصفه فِي ملك صَاحبه فَمَا أصَاب ملك نَفسه سقط وَمَا
أصَاب ملك صَاحبه لم يسْقط وَهُوَ الرّبع وَله أَن الْقصاص وَاجِب لكل
وَاحِد مِنْهُمَا فِي النّصْف
(1/509)
عبد بَين رجلَيْنِ قتل مولى لَهما فعفى
أَحدهمَا بَطل الْجَمِيع وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله)
يدْفع الَّذِي عفى عَنهُ نصف نصِيبه إِلَى الآخر أَو يفْدِيه بِربع
الدِّيَة رجل قتل عبدا أَو جَارِيَة قِيمَته عشرُون ألفا خطأ فعلى
عَاقِلَته فى العَبْد عشرَة آلَاف دِرْهَم إِلَّا عشرَة وفى الْجَارِيَة
خَمْسَة آلَاف دِرْهَم إِلَّا عشرَة روى ذَلِك عَن عبد الله وَإِبْرَاهِيم
(رضى الله عَنْهُمَا) فى الدِّيات وَقَالَ أَبُو يُوسُف (رَحمَه الله)
عَلَيْهِ الْقيمَة بَالِغَة مَا بلغت وَإِن غصب جَارِيَة قيمتهَا عشرُون
فَمَاتَتْ فى يَده فَعَلَيهِ عشرُون ألفا
بَاب فى غصب الْمُدبر وَالْعَبْد وَالْجِنَايَة فى ذَلِك
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أَبى حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) عبد قطعت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من غير تعين فَإِذا انْقَلب مَالا احْتمل بطلَان الْكل وَهُوَ أَن يعبر
بتعلقه بِنَصِيب الآخر وَاحْتمل أَن يعْتَبر مُتَعَلقا بِنَصِيب نَفسه
واحتملا التنصيف بِأَن يعْتَبر شَائِعا فَلَا يجب المَال بِالشَّكِّ
قَوْله بَالِغَة مَا بلغت لِأَن الضَّمَان بدل الْمَالِيَّة فَيجب بحسبها
كَمَا فى الْغَصْب حَيْثُ يجب قيمَة الْمَغْصُوب بَالِغَة مَا بلغت وَلأبي
حنيفَة وَمُحَمّد أَنه (تَعَالَى) أوجب الدِّيَة مُطلقًا بقوله ودية مسلمة
إِلَى أَهله وَهِي اسْم للْوَاجِب بِمُقَابلَة الْآدَمِيَّة فَيجب
اعْتِبَارهَا وَلَا يجوز الزِّيَادَة عَلَيْهَا وَلما كَانَت قيمَة الْحر
مقدرَة بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم نقصنا مِنْهَا فى العَبْد بِعشْرَة
إِظْهَارًا لانحطاط مرتبته وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود
حَيْثُ قَالَ لَا يبلغ بِقِيمَة العَبْد دِيَة الْحر وَينْقص مِنْهُ عشرَة
دَرَاهِم رَوَاهُ الْقَدُورِيّ فِي شرح مُخْتَصر الْكَرْخِي وروى عبد
الرَّزَّاق مثله عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ بِخِلَاف قَلِيل
الْقيمَة فَإِنَّهُ لَا أثر فِيهِ فقدرنا بِقِيمَتِه
بَاب فى غصب الْمُدبر وَالْعَبْد وَالْجِنَايَة فى ذَلِك
قَوْله فَعَلَيهِ قِيمَته أقطع لِأَن الْغَصْب مُبْطل لسراية الْجِنَايَة
فَصَارَ كَأَنَّهُ
(1/510)
يَده ثمَّ غصبه رجل فَمَاتَ فِي يَده من
الْقطع فَعَلَيهِ قِيمَته أقطع وَإِن غصبه وَهُوَ صَحِيح فَقطع الْمولى
يَده فِي يَد الْغَاصِب فَمَاتَ من ذَلِك فِي يَد الْغَاصِب فَلَا شَيْء
عَلَيْهِ عبد مَحْجُور عَلَيْهِ غصب عبدا مَحْجُورا عَلَيْهِ فَمَاتَ فِي
يَده فَهُوَ ضَامِن رجل غصب مُدبرا فجنى عِنْده جِنَايَة ثمَّ رده على
الْمولى فجنى عِنْده جِنَايَة أُخْرَى فعلى الْمولى قِيمَته بَينهمَا
نِصْفَانِ وَيرجع بِنصْف الْقيمَة على الْغَاصِب فيدفعه إِلَى ولي
الْجِنَايَة الأولى ثمَّ يرجع بذلك على الْغَاصِب رجل غصب عبدا فجنى فِي
يَده ثمَّ رده فجنى جِنَايَة أُخْرَى فَإِن الْمولى يَدْفَعهُ إِلَى ولي
الجنايتين ثمَّ يرجع على الْغَاصِب بِنصْف الْقيمَة فيدفعه إِلَى الأول
وَيرجع بِهِ على الْغَاصِب وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) يرجع بِنصْف
الْقيمَة فَيسلم لَهُ وَإِن جنى عِنْد الْمولى فغصبه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هلك لَا بِالْقطعِ فَيضمن قِيمَته أقطع
قَوْله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يعْتَرض على الْقطع مَا يمْنَع
السَّرَايَة فَصَارَ الْمولى متلفاً لَهُ فِي يَد الْغَاصِب وبالإتلاف صَار
مسترداً للْعَبد
قَوْله فَهُوَ ضَامِن لِأَنَّهُ مَأْخُوذ بأفعاله بالاستهلاك وَلَا يُؤْخَذ
بأقواله من الْإِقْرَار
قَوْله نِصْفَانِ لِأَنَّهُ صَار مُبْطلًا حَقهم فِي العَبْد على وَجه لَا
يصير مُخْتَارًا للْفِدَاء لِأَن الْمولى بِالتَّدْبِيرِ السَّابِق صَار
معجزاً نَفسه عَن دفع العَبْد
قَوْله فيدفعه هَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا
يدْفع إِلَى ولي الْجِنَايَة الأولى بل يسلم لَهُ لِأَن الْمولى إِنَّمَا
يرجع على الْغَاصِب بِنصْف الْقيمَة الَّتِي أَخذهَا ولي الْجِنَايَة
الأولى وَلَهُمَا أَن حق ولي الْجِنَايَة الأولى فِي كل الْقيمَة وَقد منع
النّصْف لمزاحمة ولي الْجِنَايَة الثَّانِيَة فَإِذا وصل إِلَى الْمولى من
قيمَة الْمُدبر شَيْء وَجب التَّسْلِيم إِلَى ولي الْجِنَايَة الأولى
قَوْله وَيرجع بذلك النّصْف إِلَخ لِأَنَّهُ اسْتحق هَذَا النّصْف بِسَبَب
كَانَ فِي
(1/511)
رجل ثمَّ جنى فى يَده رَجَعَ الْمولى
بِنصْف قِيمَته فيدفعه إِلَى الأول وَلَا يرجع بِهِ
رجل غصب مُدبرا فجنى عِنْده جِنَايَة ثمَّ رده على الْمولى ثمَّ غصبه
أَيْضا فجنى عِنْده جِنَايَة ثمَّ رده على الْمولى فعلى الْمولى قِيمَته
بَينهمَا نِصْفَانِ ثمَّ يرجع بِقِيمَتِه على الْغَاصِب فَيدْفَع نصفهَا
إِلَى الأول وَيرجع بذلك النّصْف على الْغَاصِب رجل غصب صَبيا حرا فَمَاتَ
فى يَده فَجْأَة أَو بحمى فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَإِن مَاتَ من صَاعِقَة
أَو نهسته حَيَّة فعلى عَاقِلَة الْغَاصِب الدِّيَة صبي يعقل أودع عبدا
فَقتله فعلى عَاقِلَته الْقيمَة وَإِن أودع طَعَاما فَأَكله لم يضمن وَإِن
اسْتهْلك مَالا ضمن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضَمَان الْغَاصِب فَيرجع بذلك عَلَيْهِ
قَوْله فعلى عَاقِلَة الْغَاصِب الدِّيَة لِأَن الْإِتْلَاف وجد نسبياً
بِالنَّقْلِ إِلَى المسبعة وَمَكَان الصَّوَاعِق لِأَنَّهُمَا لَا يكونَانِ
فى كل مَكَان فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ فَيضمن كالحفر فى الطَّرِيق بِخِلَاف
الْحمى والفجاءة لِأَنَّهُ لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمَكَان حَتَّى لَو
كَانَ موضعا يغلب فِيهِ الْحمى والأمراض يَنْبَغِي أَن يضمن
قَوْله لم يضمن وَقَالَ أَبُو يُوسُف يضمن لِأَنَّهُ أتلف مَالا مَعْصُوما
حَقًا لله (تَعَالَى) فَيجب عَلَيْهِ الضَّمَان كَمَا إِذا كَانَت
الْوَدِيعَة عبدا وَلَهُمَا أَنه أتلف مَالا غير مَعْصُوم لِأَن الْعِصْمَة
تثبت حَقًا للْمَالِك وَقد فَوتهَا بِنَفسِهِ فَإِنَّهُ لَا ولَايَة
للصَّبِيّ عَلَيْهِ وَلَا على نَفسه وَلم يقم هُوَ من يقوم مقَامه للْحِفْظ
فَلَا يجب الضَّمَان بِخِلَاف إِيدَاع العَبْد فَإِن عصمته لحق نَفسه
لِأَنَّهُ مبقي على أصل الْحُرِّيَّة فِي الدَّم فَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى
ولَايَة أحد فَيجب ضَمَانه وَبِخِلَاف مَا إِذا اسْتهْلك الصَّبِي شَيْئا
من غير إِيدَاع فَإِن الصبى يُؤْخَذ بأفعاله وَالتَّقْيِيد بالعاقل يدل أَن
غير الْعَاقِل يضمن اتِّفَاقًا لِأَن التسليط من الْمُودع غير مُعْتَبر
وَفعل الصبى مُعْتَبر كَذَا ذكره فَخر الْإِسْلَام (رَحمَه الله) وَذكر
قاضيخان (رَحمَه الله) وَغَيره أَن غير الْعَاقِل لَا يضمن فى قَوْلهم
جَمِيعًا كَذَا فى الْعِنَايَة
(1/512)
بَاب فِي الرجل شهر سِلَاحا واللص يدْخل
دَارا
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل شهر سَيْفا
على الْمُسلمين فَلهم أَن يقتلوه وَلَا شَيْء عَلَيْهِم رجل دخل على رجل
لَيْلًا فَأخْرج السّرقَة لَيْلًا فَاتبعهُ الرجل فَقتله فَلَا شَيْء
عَلَيْهِ رجل شهر على رجل سِلَاحا فَضَربهُ فَقتله الآخر بعد ذَلِك فعلى
الْقَاتِل الْقصاص
بَاب فِي جِنَايَة الْحَائِط والجناح
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل أخرج إِلَى
الطَّرِيق الْأَعْظَم كنيفاً أَو ميزاباً أَو جرصناً أَو بنى دكاناً فللرجل
من عرض النَّاس أَن ينْزع ذَلِك ويسع الَّذِي عمل ذَلِك أَن ينْتَفع بِهِ
مَا لم يضر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب فِي الرجل شهر سِلَاحا واللص يدْخل دَارا
قَوْله وَلَا شَيْء عَلَيْهِم لِأَنَّهُ صَار مُحَاربًا فَسَقَطت عصمته
كَمَا سَقَطت عصمَة أهل الْبَغي بالمحاربة
قَوْله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لقَوْله (عَلَيْهِ السَّلَام) قَاتل دون مَالك
وَأَنت شَهِيد
قَوْله فعلى الْقَاتِل الْقصاص يُرِيد بِهِ أَنه ضربه وَتَركه وَانْصَرف
وَمَتى كَانَ كَذَلِك خرج من أَن يكون مُحَاربًا
بَاب فِي جِنَايَة الْحَائِط والجناح
قَوْله أَو جرصنا البرج الَّذِي يكون فِي الْحَائِط كَذَا قَالَ الصَّدْر
وَقيل مجْرى مَاء يركب فِي الْحَائِط وَقيل جذع يُخرجهُ الْإِنْسَان من
الْحَائِط ليبني عَلَيْهِ وَقيل غير ذَلِك
(1/513)
بِالْمُسْلِمين فَإِذا ضرّ بِالْمُسْلِمين
كره ذَلِك وَكَذَلِكَ البالوعة يحفرها فِي الطَّرِيق فَإِن كَانَ
السُّلْطَان أمره بحفرها أَو أجْبرهُ على ذَلِك فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ
وَإِن حفر بِغَيْر أمره ضمن وَلَيْسَ لأحد من أهل الدَّرْب الَّذِي لَيْسَ
بنافذ أَن يشرع كنيفاً أَو ميزاباً إِلَّا بِإِذن جَمِيع أهل الدَّرْب
حَائِط مائل بَين خَمْسَة رجال أشهد على أحدهم ثمَّ سقط فَقتل إنْسَانا ضمن
خمس الدِّيَة
دَار بَين ثَلَاثَة نفر حفر أحدهم فِيهَا بِئْرا أَو بنى حَائِطا بِغَيْر
إِذن صَاحبه فَعَطب بِهِ إِنْسَان فَهُوَ ضَامِن لَهُ رجل حمل شَيْئا فِي
الطَّرِيق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله مَا لم يضر بِالْمُسْلِمين لِأَن لَهُ حق الِانْتِفَاع بالمرور
فَإِذا لم يضر أشبه الْمُرُور
قَوْله ضمن لِأَنَّهُ مُبَاح مُقَيّد بِشَرْط السَّلامَة وَهَكَذَا
الْجَواب فى جَمِيع مَا مر
قَوْله من أهل الدَّرْب الدَّرْب الْبَاب الْوَاسِع على السِّكَّة
وَالْمرَاد بِهِ السِّكَّة هَهُنَا
قَوْله إِلَّا بِإِذن إِلَخ لِأَن السِّكَّة مَمْلُوكَة لَهُم وَالطَّرِيق
الْأَعْظَم حَقهم لَا ملكهم
قَوْله فَهُوَ ضَامِن لَهُ أَي ثلث الدِّيَة وَقَالَ مُحَمَّد وَأَبُو
يُوسُف عَلَيْهِ نصف الدِّيَة فِي المسئلتين جَمِيعًا لِأَنَّهُ مَا تلف
بِنَصِيب من لم يشْهد عَلَيْهِ هدر فَلَمَّا هدر الْبَعْض وَاعْتبر
الْبَعْض يَجْعَل الهدر جِنْسا وَاحِدًا وَالْمُعْتَبر شَيْئا وَاحِدًا
وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) أَن الْعلَّة قدر الثّقل وهى عِلّة وَاحِدَة
للْحكم فيضاف الحكم إِلَيْهَا ثمَّ تَنْقَسِم الحكم على أَرْبَابهَا على
قدر الْملك
قَوْله فَهُوَ ضَامِن لِأَن الْحَامِل قَاصد للْحِفْظ فَلَو قيد بِشَرْط
السَّلامَة لَا يحرج
(1/514)
فَسقط فَعَطب بِهِ إِنْسَان فَهُوَ ضَامِن
وَإِن كَانَ رِدَاء قد لبسه فَسقط لم يضمن رجل جعل قنطرة على نهر بِغَيْر
إِذن الإِمَام فتعمد رجل الْمُرُور عَلَيْهَا فَعَطب فَلَا ضَمَان على
الَّذِي قنطر وَكَذَلِكَ إِن وضع خَشَبَة على الطَّرِيق فتعمد رجل
الْمُرُور عَلَيْهَا مَسْجِد لعشيرة علق رجل مِنْهُم قِنْدِيلًا أَو جعل
فِيهِ بواري أَو حصا فَعَطب بِهِ رجل لم يضمن وَإِن كَانَ الَّذِي فعل
ذَلِك من غير الْعَشِيرَة ضمن وَإِن جلس رجل من الْعَشِيرَة فِي الْمَسْجِد
فَعَطب بِهِ رجل لم يضمن إِن كَانَ فِي الصَّلَاة وَإِن كَانَ فِي غير
الصَّلَاة ضمن سَوَاء كَانَ جُلُوسه للصَّلَاة أَو لغَيْرهَا وَقَالَ أَبُو
يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا يضمن على كل حَال وَالله أعلم
بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل سَاق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله لم يضمن لِأَنَّهُ غير أقاصد للْحِفْظ فالتقييد بِالْحِفْظِ يوقعه
فِي الْحَرج
قَوْله وَكَذَلِكَ إِلَخ لِأَنَّهُمَا اسْتَويَا فِي صفة العدوانية حَال
تعمد الْمُرُور عَلَيْهَا فَكَانَت الْإِضَافَة إِلَى الْمُبَاشر أولى
قَوْله ضمن لِأَن ولَايَة التَّصَرُّف لأهل الْمحلة فَكَانَ فعلهم مُبَاحا
وَفعل غَيرهم تَعَديا
قَوْله لَا يضمن على كل حَال لِأَن الْجُلُوس للصَّلَاة من ضرورات
الصَّلَاة فَألْحق بِالصَّلَاةِ وَلَو جلس مُصَليا لَا يضمن فَكَذَا هَذَا
وَأَبُو حنيفَة (رَحمَه الله) يَقُول بلَى لَكِن الْجُلُوس لأجل الصَّلَاة
مُبَاح مُقَيّد بِشَرْط السَّلامَة وَالْجُلُوس فِي الصَّلَاة مُبَاح غير
مُقَيّد يَقع التَّفَاوُت بَينهمَا
بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عيها
قَوْله ضمن السَّائِق لِأَنَّهُ قَاصد للْحِفْظ فَيشْتَرط بِقَيْد
السَّلامَة
(1/515)
دَابَّة فَوَقع السرج على رجل فَقتله ضمن
السَّائِق رجل سَار على دَابَّته فَوقف لروث أَو لبول فَعَطب إِنْسَان
بروثها أَو بولها لم يضمن وَإِن أوقفها لغير ذَلِك فَعَطب بروثها أَو بولها
إِنْسَان يضمن رجل سَار على دَابَّة فأصابت بِيَدِهَا أَو رجلهَا حَصَاة
أَو نواة أَو أثارت غباراً أَو حجرا صَغِيرا ففقأ عين إِنْسَان لم يضمن
وَإِن كَانَ حجرا كَبِيرا ضمن وَيضمن كل شَيْء أَصَابَت بِيَدِهَا أَو
رجلهَا أَو رَأسهَا وَكَذَلِكَ إِن كدمت أَو خبطت إِلَّا النفحة بِالرجلِ
والذنب وَإِن وَقفهَا فى الطَّرِيق ضمن النفحة أَيْضا وكل شَيْء ضمنه
الرَّاكِب ضمنه السَّائِق والقائد وعَلى الرَّاكِب الْكَفَّارَة وَلَيْسَت
عَلَيْهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله لم يضمن لِأَن صَاحب الدَّابَّة لم يُبَاشر الْإِتْلَاف وَإِنَّمَا
يضمن بالتسبيب والمسبب إِنَّمَا يضمن إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا ووقف
الدَّابَّة لذَلِك لَيْسَ بتعد لِأَنَّهُ لَا بُد من ذَلِك
قَوْله يضمن لِأَن الْوَقْف لأمر آخر تعد أَو مُبَاح مُقَيّد بِشَرْط
السَّلامَة
قَوْله لم يضمن لِأَن الصيانة عَن الْمُرُور على الْحجر الصَّغِير غير
مُمكن فَلَا يصير مُتَعَنتًا بترك الصيانة وَلَا كَذَلِك الْمُرُور على
الْحجر الْكَبِير
قَوْله أَو خبطت أَي ضربت بِيَدِهَا لِأَنَّهُ يُمكن صِيَانة الدَّوَابّ من
هَذِه الْمعَانِي
قَوْله إِلَّا النفحة بِالرجلِ والذنب فَإِنَّهُ لَا يضمن لِأَنَّهُ لَا
يُمكن صِيَانة الدَّوَابّ عَن هَذِه الْمعَانِي لِأَنَّهُ يغيب عَن بَصَره
قَوْله ضمن النفحة أَيْضا لِأَن الصيانة عَن الْوَقْف مُمكن وَعَن النفحة
غير مُمكن فَصَارَ الْوَقْف تَعَديا أَو مُبَاحا مُقَيّدا بِشَرْط
السَّلامَة
قَوْله وعَلى الرَّاكِب الْكَفَّارَة يُرِيد فِي مَا إِذا أوطأت الدَّابَّة
وَلَا تجب الْكَفَّارَة على الْقَائِد والسائق لِأَن الْقَتْل من الرَّاكِب
حصل بثقله وَثقل الدَّابَّة تبع لَهُ فَجعل مباشراً وعَلى الْمُبَاشر
الْكَفَّارَة وهما مسببان والمسبب لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ
(1/516)
رجل أرسل بَهِيمَة يُرِيد بِهِ كَلْبا
وَكَانَ لَهَا سائقاً فأصابت فِي فورها ضمن وَإِن أرسل طيراً أَي بازياً لم
يضمن وَكَذَلِكَ إِن أرسل كَلْبا وَلم يكن سائقاً رجل قاد قطاراً فأوطأ
بعير إنْسَانا فَقتله فعلى عَاقِلَته الدِّيَة وَإِن ربط إِنْسَان بَعِيرًا
بالقطار فوطئ المربوط إنْسَانا فَقتله فعلى عَاقِلَة الْقَائِد الدِّيَة
وَترجع بهَا على عَاقِلَة الرابط شَاة لقصاب فقئت عينهَا فَفِيهَا مَا
نَقصهَا وَفِي عين بقرة الجزار وَعين جزورها ربع قيمتهَا وَكَذَلِكَ عين
الْحمار والبغل وَالْفرس
مسَائِل من كتاب الْجِنَايَات لم تدخل فِي الْأَبْوَاب
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل وَجب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله ضمن لِأَن الْكَلْب مُحْتَمل السُّوق كَسَائِر الدَّوَابّ فأضيف
إِلَيْهِ فَأَما الْبَازِي لَا يحْتَمل السُّوق فَهدر سوقه ذكر هَذَا
الْفرق فِي الزِّيَادَات
قَوْله وَكَذَلِكَ إِن أرسل كَلْبا وَلم يكن سائقاً يُرِيد بِهِ لم يكن
خَلفه فَأصَاب على فوره لم يضمن لِأَن الْكَلْب عَامل بِاخْتِيَارِهِ وَعمل
الْبَهِيمَة هدر إِلَّا أَنه نسب إِلَى الْمُرْسل فِي حق إِبَاحَة الصَّيْد
للْحَاجة وَلَا حَاجَة فِي حق التَّعَدِّي
قَوْله رجل قاد قطاراً إِلَخ قَائِد القطار كالسائق لِأَن عَلَيْهِ
الْحِفْظ وَلَو أصَاب نفسا وَجب الضَّمَان على عَاقِلَته
قَوْله فعلى عَاقِلَة الْقَائِد الدِّيَة وَإِن كَانَ لَا يشْعر بالربط
لِأَن عَلَيْهِ صِيَانة القطار فَكَانَ مسبباً لَكِن عَاقِلَته يرجعُونَ
على عَاقِلَة الرابط لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أوقعهم فِي ذَلِك
قَوْله فَفِيهَا مَا نَقصهَا لِأَن الشَّاة لَا يمسِكهُ إِلَّا للْأَكْل
فَكَانَ فِي معنى اللَّحْم فَلَا يعْتَبر إِلَّا النُّقْصَان وَهَذِه
الدَّوَابّ لَهَا مَنَافِع آخر سوى الْأكل فَصَارَ شَبِيها بالآدمي لَكِن
لَا ينْتَفع بهَا إِلَّا بأَرْبعَة أعين فَصَارَ كَمَا لَو كَانَ لَهَا
أَرْبَعَة أعين فَيجب فِي الْعين الْوَاحِدَة ربع الْقيمَة
مسَائِل من كتاب الْجِنَايَات لم تدخل فِي الْأَبْوَاب
قَوْله فَإِنَّهُ يجْزِيه إِلَخ لِأَن السَّلامَة ثَابِتَة فِي الرَّضِيع
ظَاهرا على مَا عَلَيْهِ الْغَالِب
(1/517)
عَلَيْهِ حد أَو قصاص ثمَّ دخل الْحرم لَا
يُقَام ذَلِك كُله عَلَيْهِ وَلَا يكلم وَلَا يُبَايع وَلَا يشاري حَتَّى
يخرج من الْحرم فيقام عَلَيْهِ ذَلِك كُله وَإِن أصَاب ذَلِك فى الْحرم
أقيم ذَلِك كُله عَلَيْهِ رجل وَجب عَلَيْهِ رَقَبَة مُؤمنَة فَإِنَّهُ
يجْزِيه رَضِيع أحد أَبَوَيْهِ مُسلم وَلَا يجْزِيه عتق مَا فِي الْبَطن
رجل صَالح من دم عمد وَلم يذكر مُؤَجّلا وَلَا حَالا فَهُوَ حَال حر وَعبد
قتلا رجلا فَأمر مولى العَبْد وَالْحر رجلا أَن يُصَالح من دمهما على ألف
فالألف على الْمولى وَالْحر نِصْفَانِ
رجل ضرب بطن امْرَأَته فَأَلْقَت ابْنه مَيتا فعلى عَاقِلَة الْأَب غرَّة
لَا يَرث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله وَلَا يجْزِيه لِأَنَّهُ عُضْو من وَجه وَإِن كَانَ نفسا من وَجه
فَلم يدْخل تَحت مُطلق اسْم الرَّقَبَة
قَوْله فَهُوَ حَال لِأَن المَال الْوَاجِب بِالْعقدِ أَصله الْحُلُول لَا
الْمُؤَجل بِخِلَاف الدِّيَة لِأَنَّهَا لَا تجب بِالْعقدِ
قَوْله نِصْفَانِ لِأَنَّهُ أضيف العقد إِلَى دمهما على السوَاء فينقسم
كَذَلِك
قَوْله غرَّة الْغرَّة عبد أَو فرس قِيمَته خَمْسمِائَة دِرْهَم وَإِنَّمَا
وَجَبت لِأَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قضى فى جَنِين
الْأَجْنَبِيَّة الْغرَّة على عَاقِلَة الْقَاتِل فَكَذَا فِي الْجَنِين
الَّذِي هُوَ ابْنه
قَوْله وَلَا يَرث مِنْهَا أَي الْأَب لِأَنَّهُ قَاتل مبَاشر بِغَيْر حق
قَوْله فَفِيهِ قِيمَته حَيا لِأَنَّهُ قَتله بِالضَّرْبِ السَّابِق وَوقت
الضَّرْب كَانَ رَقِيقا فَيضمن الْقيمَة لِأَنَّهُ صَار قَاتلا إِيَّاه
قَوْله وَلَا شَيْء فى الْإِفْضَاء لوُجُود الْإِذْن كمن قَالَ اقْطَعْ
يَدي
قَوْله فثلث الدِّيَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْجَائِفَة
(1/518)
مِنْهَا وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ رجل ضرب
بطن أمه فَأعتق الْمولى مَا فِي بَطنهَا ثمَّ ألقته حَيا ثمَّ مَاتَ
فَفِيهِ قِيمَته حَيا رجل افتض بكرا بطرِيق الزِّنَا فأفضاها فَإِن كَانَت
مطاوعة من غير دَعْوَى الشُّبْهَة فعلَيْهِمَا الْحَد وَلَا عقر وَلَا
شَيْء فِي الْإِفْضَاء وَإِن كَانَت مُكْرَهَة من غير دَعْوَى الشُّبْهَة
وَجب عَلَيْهِ الْحَد دونهَا وَلَا عقر وَيجب أرش الْإِفْضَاء إِن كَانَت
تسْتَمْسك فثلث الدِّيَة وَإِن كَانَت لَا تسْتَمْسك فَكل الدِّيَة وَالله
أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَكل الدِّيَة لِأَنَّهُ أتلف مَنْفَعَة لَا نَظِير لَهَا فِي
الْبدن وَلم يُوجد مِنْهَا إِذن يبطل بِهِ الأَرْض فَلَا يبطل وَإِن كَانَ
مَعَ ذَلِك دَعْوَى الشُّبْهَة فَالْجَوَاب أَن يَسْتَوِي فِي المطاوعة
والكره فِي حق سُقُوط الْحَد وَيخْتَلف فِي الْأَرْش فَلَا يجب الْأَرْش
فِي المطاوعة وَفِي الكره يجب ثلث الدِّيَة مرّة وكل الدِّيَة مرّة
(1/519)
|