الحجة على أهل المدينة

- بَاب الْوضُوء
-
قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله لَا باس بِالْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ وَلَا يَنْبَغِي للْمَرْأَة ان

(1/15)


تمسح على الْخمار وَلَا الرجل على الْعِمَامَة وَلَكِن يمسحان على رؤسهما

(1/16)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي رجل تَوَضَّأ فنسي فَغسل وَجهه قبل ان يتمضمض اَوْ غسل ذِرَاعَيْهِ قبل ان يغسل وَجهه ان ذَلِك كُله يجْزِيه وَلَيْسَ عَلَيْهِ ان

(1/17)


يُعِيد مَا قد غسل من ذَلِك وَلَو ان رجلا تَوَضَّأ وَذكر بعد مَا فرغ من ضوئه وجف وضوؤه انه ترك عضوا من اعضائه وَلم يغسلهُ ذِرَاعا اَوْ رجلا اَوْ راسا فليغسل مَا ترك وليمسح بِرَأْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ اعادة فِي وضوئِهِ لَان تَقْدِيم هَذَا وَتَأْخِير نَاسِيا لَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله من تَوَضَّأ فنسى الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق حَتَّى صلى فَصلَاته تَامَّة وَلَا اعادة عَلَيْهِ فان نسى ان يمسح بِرَأْسِهِ حَتَّى صلى فَعَلَيهِ ان يمسح بِرَأْسِهِ وَيُعِيد الصَّلَاة لَان مسح الراس فَرِيضَة فِي كتاب الله تَعَالَى وَلم يذكر فِي ذَلِك مضمضة وَلَا استنشاق
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي الرجل يتَوَضَّأ فَيغسل وَجهه قبل ان يتمضمض اَوْ يغسل ذِرَاعَيْهِ قبل ان يغسل وَجهه ان الَّذِي غسل وَجهه قبل ان يتمضمض فليمضمض وَلَا يُعِيد غسل وَجهه واما الَّذِي غسل ذِرَاعَيْهِ قبل وَجهه فليغسل وَجهه ثمَّ يُعِيد غسل ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يكون غسلهمَا بعد وَجهه اذا كَانَ ذَلِك فِي مَكَانَهُ اَوْ بحضره ذَلِك وان فرغ من وضوئِهِ فَذكر بعد مَا جف وضوؤه انه ترك عضوا من اعضائه اَوْ ترك مسح رَأسه فانه يُعِيد الْوضُوء من اوله فِي قَول اهل الْمَدِينَة فان لم يفعل لم يُجزئهُ الا مسح الرَّأْس خَاصَّة فانه يمسح بِرَأْسِهِ وَلَا يُعِيد وضوءه

(1/18)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن هَذَا ترك لقَولهم مَا بَين مسح الرَّأْس وَغَيره من الاعضاء فرق الان مسح الرَّأْس فرض فِي كتاب الله تَعَالَى وَهُوَ قبل غسل الرجلَيْن فَيَنْبَغِي اذا قدم غسل الرجلَيْن قبله ان لَا يُجزئ وان جف الْوضُوء وان يُعِيد الْوضُوء من اوله كَمَا قَالُوا فِي غير الرَّأْس من الاعضاء انه ان ترك وَجها اَوْ ذِرَاعا حَتَّى فرغ من ضوئه وجف انه يُعِيد الْوضُوء من اوله فَيَنْبَغِي ان يكون مسح الرَّأْس من ذَلِك
قَالُوا ان الحَدِيث جَاءَ ان من نسى رَأسه حَتَّى فرغ من وضوئِهِ فانه يسمح رَأسه وَلَا يُعِيد وضوءه وان جف وضوؤه قيل لَهُم فَهَل جَاءَ فِي غير الرَّأْس من الاعضاء حَدِيث انه لَا يُجزئ ان يغسل ذَلِك خَاصَّة قَالُوا لم نسْمع فِي ذَلِك بِحَدِيث انما جَاءَ فِي مسح الرَّأْس الْحَد يث وَلم يذكر غَيره قيل لَهُم انما يَنْبَغِي ان يُقَاس مالم يَأْتِي فِيهِ اثر بِمَا يُشبههُ مِمَّا جَاءَ فِيهِ الاثر فالرأس عُضْو قد امْر الله سُبْحَانَهُ بمسحه فِي كِتَابه كَمَا امْر بِغسْل الْوَجْه والذراع وَالرجل وكما ان الرَّأْس يمسح بَعْدَمَا يجِف الْوضُوء فَيُجزئ فَكَذَلِك الْبَاقِي من الاعضاء حِين يجِف الْوضُوء فان ذَلِك الْعُضْو خَاصَّة يغسل وَيُجزئ

(1/19)


ذَلِك من اعادة الْوضُوء كَمَا اجزئ فِي مسح الرَّأْس فَأَما مَا قُلْتُمْ (انه) لم يَأْتِ فِيهِ اثر فالامر على قِيَاس مسح الرَّأْس
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ايضا كَمَا قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ان صلى ثمَّ ذكر انه لم يتمضمض وَلم يستنشق فَصلَاته تَامَّة فليتمضمض وليستنثر لما يسْتَقْبل ان كَانَ يُرِيد الصَّلَاة
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ايضا كَمَا قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ان تَوَضَّأ فنسى ان يمسح بِرَأْس فصلى فَعَلَيهِ ان يمسح براسه وان يُعِيد الصَّلَاة
اُخْبُرْنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله المَسْعُودِيّ على ابي بَحر الْهِلَالِي قَالَ حَدثنَا اشياخنا الهلاليون انهم بعثوا الى عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ

(1/20)


ليؤسس لَهُم مَسْجِدهمْ فَحَضَرت الصَّلَاة فَقَالُوا تقدم يَا ابا عبد الرَّحْمَن قَالَ يتَقَدَّم امامكم قَالُوا لَيْسَ (هَهُنَا) وَلَو كَانَ هَهُنَا لَكُنْت احق (مِنْهُ) قَالَ لِيَتَقَدَّم رجل مِنْكُم فَتقدم رجل مِنْهُم قَالَ فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ رجل يَا ابا عبد الرَّحْمَن رجل وضأ يسَاره قبل يَمِينه قَالَ لَا بَأْس قَالَ يَا ابا عبد الرَّحْمَن رجل انْصَرف عَن يسَاره وَترك يَمِينه قَالَ لَا بَأْس قَالَ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن الرجل يُصَلِّي فِي مَكَانَهُ الَّذِي صلى فِيهِ الْمَكْتُوبَة تَطَوّعا قَالَ

(1/21)


لَا بَأْس فَقلت لابي بَحر يَعْنِي الامام اَوْ من خَلفه قَالَ لَا بل من خَلفه افلا ترى عبد الله بن مَسْعُود قد رأى للرجل فِي الضَّوْء ان يبْدَأ بيساره قبل يَمِينه وَلم ير بذلك بَأْس
اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن الْمُغيرَة الضبى عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ ذكر لعَلي بن ابي طَالب الميمن فِي الْوضُوء فَدَعَا بِمَاء فَبَدَأَ بمياسيره
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اخبرني هِشَام بن حسان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ
اُخْبُرْنَا سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ فِي الرجل ينسى بعض اعضائه فِي الْوضُوء حَتَّى يُصَلِّي قَالَ يغسل ذَلِك الْعُضْو وليستقبل الصَّلَاة وَيُصلي

(1/22)


اُخْبُرْنَا سعيد بن ابي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن الْبَصْرِيّ فِي الرجل ينسى عضوا من اعضائه قَالَ ينْصَرف فَيغسل ذَلِك الْعُضْو الَّذِي نسى وَلَا يعْتد بِمَا صلى
- بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ
-
قَالَ ابو حنيفَة لَا بَأْس بِالْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ للمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة من الْحَدث الى تِلْكَ السَّاعَة من الْغَد وللمسافر ثَلَاثَة ايام ولياليها لَا يمسح اكثر من ذَلِك وَقَالَ اهل الْمَدِينَة الْمسْح على الْخُفَّيْنِ للْمُسَافِر ابدا لَيْسَ فِي ذَلِك عندنَا وَقت يمسح على خفيه مَا دَامَ مُسَافِرًا مَا لم يحدث
واما الْمُقِيم فان اهل الْمَدِينَة اخْتلفُوا فِي ذَلِك فَقَالَ بَعضهم لَا يمسح مُقيم على الْخُفَّيْنِ مِنْهُم مَالك بن انس وَمن اخذ بقوله
وَقَالَ غَيره من اهل الْمَدِينَة الْمُسَافِر والمقيم فِي ذَلِك سَوَاء يمسحان على الْخُفَّيْنِ ابدا وَلَيْسَ فِي ذل وَقت وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا القَوْل عبد الْعَزِيز بن ابي حَازِم سَلمَة وَمن اخذ بقوله من اهل الْمَدِينَة

(1/23)


وَقد كَانَ مَالك بن انس يَقُول بِهَذَا القَوْل زَمَانا من عمره ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يمسح الْمُقِيم على الْخُفَّيْنِ
فَأَي (الْقَوْلَيْنِ) السّنة فِي هَذَا أَقُول مَالك الأول اَوْ قَوْله الآخر فقد زَعَمُوا انهم يَقُولُونَ بِالسنةِ وَبِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واصحابه وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن الْآثَار فِي الْمسْح للمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة وللمسافر ثَلَاثَة ايام ولياليها كَثِيرَة مَعْرُوفَة وَمَا كَانَت اظن ان اُحْدُ مِمَّن

(1/24)


نظر فِي الْفِقْه يشكل عَلَيْهِ الْآثَار فِي هَذَا
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن ابراهيم عَن حَنْظَلَة بن نَبَاته الْجعْفِيّ

(1/25)


ان عمر بن الْخطاب قَالَ الْمسْح على الْخُفَّيْنِ للمقيم يَوْم وَلَيْلَة وللمسافر ثَلَاثَة ايام ولياليهن اذا لبسهما وانت طَاهِر
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح الْقرشِي عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ عَن ابي عبد الله الجدلي عَن خُزَيْمَة بن ثَابت الانصاري عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ الْمسْح على الْخُفَّيْنِ للْمُسَافِر ثَلَاث لَيَال وايامهن وللمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة اذا لبسهما وَهُوَ طَاهِر

(1/27)


اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح الْقرشِي عَن الْحسن بن الْحر عَن الْقَاسِم بن مخيمرة عَن شُرَيْح بن هَانِئ قَالَ اتيت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فسألتها عَن الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فَقَالَت عَلَيْك بعلي بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ فانه كَانَ يَغْزُو مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَأَتَيْته فَسَأَلته عَن الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فَقَالَ عَليّ كرم الله وَجهه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْمسْح على الْخُفَّيْنِ للْمُسَافِر ثَلَاث لَيَال وايامهن للمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة يمسح على خُفْيَة اذا لبسهما وَرجلَاهُ طاهرتان
اُخْبُرْنَا يَعْقُوب بن ابراهيم قَالَ اُخْبُرْنَا يزِيد بن ابي زِيَاد عَن زيد بن وهب الْجُهَنِيّ قَالَ كتب الينا عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ ان للْمُسَافِر ثَلَاثَة ايام (ولياليهن) وللمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة

(1/28)


اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن عبد الاعلى بن عَامر عَن ابي عُبَيْدَة ابْن عبد الله بن مَسْعُود عَن امهِ قَالَت كَانَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يلبس خفيه صَلَاة الْفجْر فَلَا ينزعهما حَتَّى يأوى الى فرَاشه
اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن ابي اسحاق الْهَمدَانِي عَن الْقَاسِم بن مخيمرة عَن شُرَيْح بن هَانِئ قَالَ اتيت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقلت لَهَا يَا ام الْمُؤمنِينَ هَل سَمِعت شَيْئا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فَقَالَت لي اذْهَبْ إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَصْحَبهُ فِي أَسْفَاره قَالَ فَأتيت عليا كرم الله عز وَجل وَجهه فَسَأَلته فَقَالَ ثَلَاثَة ايام ولياليهن للْمُسَافِر وللمقيم يَوْم وَلَيْلَة

(1/29)


اُخْبُرْنَا ابو بكر بن عبد الله النَّهْشَلِي عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ عَن ابي عبد الله الجدلي عَن خُزَيْمَة بن ثَابت انه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمُسَافِر ان يمسح على خفيه ثَلَاثَة ايام ولياليهن وللمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة
اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا عمر بن شَقِيق عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ للْمُسَافِر ثَلَاثَة ايام يمسح على الْخُفَّيْنِ وللمقيم يَوْم وَلَيْلَة وسافر عبد الله فَمَكثَ ثَلَاثًا لَا يخلع خفيه يمسح عَلَيْهِمَا

(1/30)


اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا عبد الاعلى الثَّعْلَبِيّ عَن عبد الرَّحْمَن ابْن ابي ليلى قَالَ كنت جَالِسا عِنْد عمر بن الْخطاب فَقَامَ الى عس من مَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ مسح على جرموقيه ثمَّ قَامَ فصلى الْمغرب فَقَامَ الرَّاكِب فَقَالَ يَا امير الْمُؤمنِينَ وَالله مَا أَتَيْتُك الا (لَان) اسئلك عَن هَذَا الشَّيْء أَرَأَيْت غَيْرك يَفْعَله قَالَ نعم خير منى وَخير من الامة رَأَيْت ابا الْقَاسِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل كَمَا رَأَيْتنِي فعلت فَزعم الرَّاكِب انه رأى الْهلَال هِلَال شَوَّال فَقَالَ عمر انْظُرُوا
اُخْبُرْنَا طَلْحَة بن عَمْرو الْمَكِّيّ قَالَ اُخْبُرْنَا عَطاء بن ابي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس

(1/31)


قَالَ الْمسْح على الْخُفَّيْنِ للمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة وللمسافر ثَلَاثَة ايام (ولياليهن) اذا كَانَ ادخلهما وهما طاهرتان
اُخْبُرْنَا عريف بن دِرْهَم عَن جبلة بن سحيم عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سُئِلَ عَن الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فَقَالَ للْمُسَافِر ثَلَاثَة (أَيَّام وليالهن) وللمقيم يَوْم (وَلَيْلَة) (قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن) فَقُلْنَا لمن قَالَ ان الْمُقِيم لَا يمسح على الْخُفَّيْنِ انما جَاءَت عَامَّة الْآثَار فِي الْمُقِيم وَلَا سِيمَا الحَدِيث الَّذِي اعْتمد عَلَيْهِ اهل الْمَدِينَة فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ حَدثهُ نَافِع مولى عبد الله ابْن عمر وَعبد الله بن دِينَار مولى ابْن عمر ان عبد الله بن عمر قدم على سعد

(1/32)


ابْن ابي وَقاص الْكُوفَة وَسعد اميرها فرأه عبد الله يمسح على الْخُفَّيْنِ فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سعد سل ابا ك اذا قدمت عَلَيْهِ فنسى شيخى عبد الله ان يسْأَل عمر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى قدم سعد رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ سَأَلت اباك فَقَالَ لَا قَالَ فَاسْأَلْهُ فَسَأَلَهُ عبد الله فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ اذا ادخلت رجليك فِي الْخُفَّيْنِ وهما طاهرتان فامسح عَلَيْهِمَا قَالَ عبد الله وان جَاءَ احدنا من الْغَائِط قَالَ وان جَاءَ اُحْدُ مِنْكُم من الْغَائِط اُخْبُرْنَا بِهَذَا الحَدِيث مَالك بن انس ان نَافِعًا وَعبد الله بن دِينَار مولى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا اخبراه ذَلِك
فسعد خبر بِهِ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ امير الْكُوفَة مُسَافِرًا كَانَ فهيا وَهُوَ اميرها اَوْ مُقيما انما كَانَ مُقيما وَلم يكن مُسَافِرًا
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس ايضا عَن نَافِع ان ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بَال بِالسوقِ فَتَوَضَّأ وَغسل وَجه وَيَديه وَمسح بِرَأْسِهِ ثمَّ دعى لجنازة حِين دخل الْمَسْجِد ليصلى عَلَيْهَا فَمسح على الْخُفَّيْنِ وَصلى عَلَيْهَا ايضا فقد كَانَ عبد الله بن عمر

(1/33)


رَضِي الله عَنْهُمَا بِالْمَدِينَةِ حِين بَال بِالسوقِ مُقيما اَوْ مُسَافِرًا وَيدخل هَذَا عَلَيْهِم ايضا مَعَ مَا ذكرُوا من جفوف الْوضُوء ان ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا لم يمسح على الْخُفَّيْنِ عِنْد حَضَره وضوئِهِ حَتَّى اتى الْمَسْجِد فَمسح على خُفَّيْنِ فَهَذَا يدل على ان الْمسْح يُجزئ عَن الْمُقِيم وان جفوف الْوضُوء لَا ينْقض الْوضُوء وان اخذ فِي غير عمل الْوضُوء لَان ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قد اخذ فِي عمل غير الْوضُوء حِين اقبل الى الْمَسْجِد وَترك ان يمسح على خفيه
واخبرنا مَالك بن انس ايضا عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن رُقَيْش انه قَالَ رَأَيْت انس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ اتى قبَاء فَبَال ثمَّ اتى بِمَاء فَتَوَضَّأ فَغسل وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين وَمسح بِرَأْسِهِ ثمَّ مسح على الْخُفَّيْنِ ثمَّ صلى
فَهَذَا أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَكَانَ مُسَافِرًا بقباء فَهَذِهِ آثَارهم الَّتِي رووها وَحملُوهَا ثمَّ نقضوها برأيهم

(1/34)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ يمسح على ظهر الْخُفَّيْنِ وَلَيْسَ على الَّذِي يمسح أَن يمسح باطنهما بِشَيْء
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يَجْعَل كفا على ظاهرهما وكفا على اسفلهما فَيقبل بالكف الَّتِي على الظَّاهِر الى سَاق الْقدَم وَيقبل بِالَّتِي على الاسفل من الْعقب الى الاصابع فيمسح ظَاهره وباطنه
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف قَالَ هَذَا اهل الْمَدِينَة فَمَا نعلم احدا يبصر شَيْئا يتَكَلَّم بِمثل هَذَا فقد جَاءَ الحَدِيث الْمَعْرُوف عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ

(1/35)


(أَنه) قَالَ لَو كَانَ الدّين بِالرَّأْيِ لَكَانَ مسح بَاطِن الْخُفَّيْنِ اولى من ظاهرهما وَهَذَا مِنْهُ انكار لمسح اسفلهما
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اخبرني هِشَام بن حسان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ (انه قَالَ لَو كَانَ الدّين بالراي لَكَانَ مسح بَاطِن) الْخُفَّيْنِ اولى من ظاهرهما

(1/36)


(و) هَذَا مِنْهُ انكار (لمسح) اسفلهما
قَالَ اهل الْمَدِينَة قد قَالَ هَذَا ابْن شهَاب قيل لَهُم أفيأثره عَن غَيره ام رأى رَآهُ قَالُوا لَا نعلم (انه) آثره عَن اُحْدُ
قيل لَهُم قد اُخْبُرْنَا فقيهكم مَالك بن انس عَن هِشَام بن عُرْوَة انه

(1/37)


رأى اباه يمسح على الْخُفَّيْنِ قَالَ وَكَانَ يمسح على ظاهرهما وَلَا يمسح على باطنهما قَالَ فينزع الْعِمَامَة فيمسح بِرَأْسِهِ فَهَذَا قَول عُرْوَة بن الزبير

(1/38)


وَهُوَ كَانَ افقه وَاعْلَم بالرواية وَالسّنة من ابْن شهَاب فَكيف ترك هَذَا مَالك بن انس وَغَيره وهم الَّذين رَوَوْهُ وعزوا الى رَأْي ابْن شهَاب مَعَ مَا قد جَاءَ فِي هَذَا من الْآثَار اُخْبُرْنَا يَعْقُوب بن ابراهيم قَالَ حَدثنَا حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ وضع يَده على

(1/39)


قَدَمَيْهِ من قبل السَّاق ثمَّ مسحهما حَتَّى الاصابع وَقَالَ هَكَذَا الْمسْح على الْخُفَّيْنِ
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي الْوَلِيد بن عباد عَن عمر بن

(1/40)


مجاشع عَن ابي اسحاق السبيعِي الْهَمدَانِي (عَن عبد خير) قَالَ قَالَ عَليّ ابْن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ مَا كنت ارى الا الْمسْح على بَاطِن الْخُفَّيْنِ افضل مِنْهُ على ظاهرهما حَتَّى رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على

(1/41)


ظاهرهما وَلَا يمسح على باطنهما
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ اُخْبُرْنَا عمر بن مُحَمَّد عَن نَافِع انه كَانَ يمسح على ظُهُور الْخُفَّيْنِ
وَقَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل غسل قَدَمَيْهِ ثمَّ لبس خفيه فَلم يحدث حَتَّى اسْتَأْنف بَقِيَّة الْوضُوء ان ذَلِك يجْزِيه فان احدث بعد ذَلِك تَوَضَّأ وَمسح على الْخُفَّيْنِ لانه حِين غسل رجلَيْهِ ثمَّ لم يحدث حَتَّى تَوَضَّأ بَقِيَّة الْوضُوء فقد صَار طَاهِرا
أَرَأَيْت لَو نزع الْخُفَّيْنِ بعد تَمام الْوضُوء (وَلم يحدث أَلَيْسَ

(1/42)


كَانَ متوضأ تَامّ الْوضُوء فان اعاد وَلبس الْخُفَّيْنِ) بعد ذَلِك ثمَّ احدث تَوَضَّأ وَمسح على الْخُفَّيْنِ فَكَذَلِك لَو لم ينزعهما
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي رجل غسل قَدَمَيْهِ وَلبس خفيه ثمَّ اسْتَأْنف بَقِيَّة الْوضُوء لينزع خفيه ثمَّ ليتوضأ وَيغسل رجلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ ينْزع خفيه وَهُوَ لم يحدث حَتَّى اتم وضوءه قَالُوا لانه بَدَأَ بِالرجلَيْنِ قبل وَجهه وذراعيه فَكَذَلِك كَانَ هَذَا هَكَذَا
قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِيمَن تَوَضَّأ وَعَلِيهِ خفاه فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمسْح فَسَهَا عَنهُ حَتَّى جف وضوؤه أيمسح على خفيه اَوْ يُعِيد الْوضُوء قَالُوا بل يمسح على خفيه وَلَا يُعِيد الْوضُوء
قيل لَهُم فَهَذَا ترك لقولكم فِيمَن ترك عضوا اَوْ بَدَأَ بعضو قبل عُضْو

(1/43)


قَالُوا لَان هَذَا فعل ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا حِين بَال بِالسوقِ فَتَوَضَّأ واخر الْمسْح على خفيه وَلما دعى ليُصَلِّي على الْجِنَازَة مسح على خفيه ثمَّ صلى وَلم يسْتَأْنف الْوضُوء
قيل لَهُم فَهَذَا الحَدِيث حجَّة عَلَيْكُم (و) قيل لَهُم الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أَلَيْسَ يُجزئ عَن غسل الرجلَيْن قَالُوا بلي قيل لَهُم أفليس قد صَار كَغسْل الرجلَيْن قَالُوا بلَى
قيل لَهُم فمهما غسل رجلَيْهِ حَتَّى يجِف وضوؤه اسْتقْبل الْوضُوء واذا نسى ان يمسح على الْخُفَّيْنِ حَتَّى يجِف وضوؤه لم يعد قَالُوا لفعل عبد الله ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
قيل لَهُم فانما يُقَاس مالم يَأْتِ فِيهِ اثر على مَا جَاءَت فِيهِ الاثار فقد رويتم اثرين فِي مسح الرَّأْس وَالْمسح على الْخُفَّيْنِ وَلم تقيسوا على وَاحِد مِنْهُمَا فلأي شَيْء اخْتلف هَذَا وَغَيره من مَوَاضِع الْوضُوء

(1/44)


وَقد زعمتم أَنه لَا اثر عنْدكُمْ فِي غير هَذَا من الاعضاء فَيَنْبَغِي لمن قَاس على السّنة والاثار ان (يقيس على) السّنة مالم يَأْتِ فِيهِ اثر لما قد جَاءَت (فِيهِ) الْآثَار مِمَّا يُشبههُ

(1/45)


- بَاب التَّيَمُّم
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل لم يجد المَاء فَتَيَمم لصَلَاة حضرت ثمَّ حضرت صَلَاة اخرى انه يصلى بتيممه ذَلِك مَا لم يحدث اَوْ يجد المَاء
وَقَول اهل الْمَدِينَة يتَيَمَّم لكل صَلَاة وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لاي شَيْء قُلْتُمْ انه يتَيَمَّم لكل صَلَاة قَالُوا لَان عَلَيْهِ ان يَبْتَغِي المَاء لكل صَلَاة فَلَمَّا ابْتغى المَاء فَلم يجده فانه يتَيَمَّم قيل لَهُم وَكَيف وَجب التَّيَمُّم فِي ابْتِغَاء المَاء وَلم يُوجد المَاء

(1/48)


انما يَبْتَغِي المَاء ليوجد فينتقض التَّيَمُّم اذا وجد المَاء وَلَيْسَ ينْقضه ابْتِغَاء المَاء إِذا لم يُوجد لَان الله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} فَرخص لمن لم يجد المَاء ان يتَيَمَّم وَلم يذكر ابْتِغَاء المَاء فعلى من وجد المَاء الْوضُوء وعَلى من لم يجد المَاء التَّيَمُّم ثمَّ هُوَ على تيَمّمه حَتَّى يجد المَاء اَوْ يحدث فَلَيْسَ الابتغاء بِشَيْء
أَرَأَيْتُم لَو كَانَ فِي مَوضِع لَا يطْمع فِي المَاء وانه ابتغاه أينقض الابتغاء تيَمّمه
أَفلا يرَوْنَ ان الابتغاء لَا يجب بِهِ تيَمّم وَلَا ينْتَقض بِهِ تيَمّم مَاض انما ينْتَقض التَّيَمُّم بِحَدَث يحدثه الرجل اَوْ يجد المَاء
أَرَأَيْتُم رجلا اراد ان يصلى تَطَوّعا رَكْعَتَيْنِ وَلم يجد المَاء أيتيمم كلما صلى رَكْعَتَيْنِ لَان الصَّلَاة الاولى غير الثَّانِيَة قَالُوا لَيست النَّافِلَة عندنَا بِمَنْزِلَة الْفَرِيضَة
قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي رجل نسى صلوَات فَذَكرهنَّ فِي سفر وَهُوَ لَا يجد المَاء أيتيمم ويصليهن قَالُوا نعم
قيل لَهُم أيتيمم كلما فرغ من كل صَلَاة وَذَلِكَ فِي وَقت وَاحِد قَالُوا نعم

(1/49)


قيل لَهُم فَمَا شَأْن التَّطَوُّع وَهُوَ يدْخل فِي صَلَاة غير الصَّلَاة الأولى قَالُوا لَان التَّطَوُّع لَيْسَ بمفترض
قيل لَهُم وانه وان كَانَ غير مفترض فَلَيْسَ يَنْبَغِي لكم ان تأمروه ان يُصَلِّي بِغَيْر وضوء وَلَا تيَمّم تَطَوّعا وَلَا غَيره
أَرَأَيْتُم رجلا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ الْمَكْتُوبَة فَلَمَّا فرغ مِنْهَا قَامَ للتطوع بتيممه فِي الْمَكْتُوبَة أيجزيه ذَلِك قَالُوا نعم
قيل لَهُم فان وجد المَاء بعد الْفَرَاغ من الْمَكْتُوبَة أيصلي التَّطَوُّع بتيممه قَالُوا لَا
قيل لَهُم افلا ترَوْنَ انكم نقضتم التَّيَمُّم اذا وجد المَاء فِي التَّطَوُّع فِي ابْتِغَاء المَاء فَكَمَا انْتقض التَّيَمُّم اذا وجد المَاء وَلَا ينْقضه ابْتِغَاء المَاء فِي التَّطَوُّع فَكَذَلِك الامر فِي الْفَرِيضَة وَلَيْسَ بَينهمَا افْتِرَاق
أَرَأَيْتُم الْوتر بعد صَلَاة الْعشَاء ايصليها بِتَيَمُّم صَلَاة الْعشَاء ام بِتَيَمُّم مُسْتَقْبل قَالُوا بل يُصليهَا بِتَيَمُّم صَلَاة الْعشَاء
قيل لَهُم أَفَرَأَيْتُم رجلا صلى الظّهْر بِتَيَمُّم فِي سفر وَقد مَاتَ

(1/50)


بعض اصحابه فَتقدم ليُصَلِّي على جنَازَته ايجزيه ان يُصَلِّي بِتَيَمُّم الْفَرِيضَة الَّتِي صلاهَا ام يسْتَقْبل التَّيَمُّم فان قَالُوا يجْزِيه فَلَيْسَتْ الصَّلَاة على الْجِنَازَة مِمَّا يَنْبَغِي للنَّاس تَركه وَمِمَّا هُوَ وَاجِب على النَّاس ان يفعلوه
وَمَا بَين هَذَا وَهَذَا والنافلة والفرائض فرق
وَمَا ذَلِك كُله الا شَيْء وَاحِد وَمَا يجب نقض التَّيَمُّم الا ان يحدث اَوْ يجد المَاء مَعَ آثَار فِي ذَلِك قد جَاءَت وَلَا اعلمكم رويتم فِي ذَلِك حَدِيثا
أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ إِذا تيَمّم الرجل فَهُوَ على تيَمّمه مَا لم يجد المَاء أَو يحدث
اُخْبُرْنَا يَعْقُوب بن ابراهيم قَالَ اُخْبُرْنَا الْمُغيرَة عَن ابراهيم انه قَالَ فِي رجل تيَمّم وَصلى ثمَّ وجد مَاء وَهُوَ فِي وَقت صلَاته قَالَ لَا يُعِيد
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنَا عمرَان بن ابي الْفضل عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط انه اخبره عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر ان عبد الرَّحْمَن بن عَوْف ابْتغى ماءا فَلم يجد فتسمح بِالتُّرَابِ دركته الْمَسْجِد فَصلاهَا وَلم يتَوَضَّأ وَقَالَ انا طَاهِر يؤم صَلَاة اخرى لم ابال ان اصلي بتيممي من التُّرَاب الَّذِي تمسحت بِهِ الا ان احدث شَيْئا فأتوضأ

(1/51)


اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنَا هِشَام بن حسان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ التَّيَمُّم بِمَنْزِلَة الْوضُوء اذا تيممت فَأَنت على وضوء حَتَّى تحدث
وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله فِي الرجل يتَيَمَّم ويؤم اصحابه مِمَّن هُوَ على وضوء لَا ارى بذلك بَأْسا
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَا يَنْبَغِي للمتيمم ان يؤم المتوضئين وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن عَليّ بنابي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

وَقَالَ بعض اهل الْمَدِينَة ان امهم غَيره مِمَّن هُوَ على وضوء احب الى فانامهم هُوَ لم ير بِهِ بَأْسا

(1/52)


وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله فِي رجل تيَمّم حِين لم يجد المَاء ثمَّ قَامَ وَكبر وَدخل فِي الصَّلَاة وطلع عَلَيْهِ انسان مَعَه مَاء يعلم انه سيعطيه اَوْ وجده ان صلَاته متنقضه يتَوَضَّأ ثمَّ يُعِيد الصَّلَاة من اولها
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة اذا تيَمّم حِين لم يجد المَاء ثمَّ قَامَ فَكبر وَدخل فِي الصَّلَاة فطلع عَلَيْهِ انسان مَعَه مَاء يعلم ان سيعطيه فانه لَا يقطع صلَاته بل يُتمهَا بِالتَّيَمُّمِ
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف كَانَ هَذَا هَكَذَا قَالُوا لَان من قَامَ الى الصَّلَاة فَلم يجد مَاء فَعمل بِمَا امْرَهْ الله تَعَالَى بِهِ من التَّيَمُّم فقد اطاع الله وَلَيْسَ الَّذِي وجد المَاء بِأَطْهَرَ مِنْهُ لانهما امرا بِهِ جَمِيعًا فَكل قد عمل بِمَا امْر الله تَعَالَى بِهِ وانما الْعَمَل بِمَا امْر الله تَعَالَى بِهِ من الْوضُوء لمن وجد المَاء وَالتَّيَمُّم لمن لم يجد المَاء قبل ان يدْخل فِي الصَّلَاة

(1/53)


قيل لَهُم إِنَّمَا يكون التَّيَمُّم بِمَنْزِلَة الْوضُوء مَا لم يُوجد المَاء فَإِذا وجد المَاء انْتقض التَّيَمُّم وَرجع الْأَمر إِلَى الْوضُوء
أَرَأَيْتُم رجلا وَجَبت عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين فَلم يجد مَا يكفرن من الْعتْق وَالطَّعَام وَالْكِسْوَة أَلَيْسَ يجْزِيه أَن يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام قَالُوا بلَى
قيل لَهُم فَإِن صَامَ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ وَبَعض الثَّالِث ثمَّ أيسر فَوجدَ مَا يكفر أيجزيه أَن يتم الصَّوْم وَلَا يعود إِلَى الْكَفَّارَة من الْعتْق وَالطَّعَام وَالْكِسْوَة قَالُوا لَا
أَرَأَيْتُم رجلا لم يجد هَديا فِي التَّمَتُّع أَلَيْسَ يجْزِيه أَن يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ قَالُوا بلَى
قيل لَهُم فَإِن صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام قبل يَوْم النَّحْر فَلَمَّا كَانَ يَوْم النَّحْر أصَاب مَالا كثيرا أيجزيه أَن لَا يذبح الْهَدْي قَالُوا لَا
أَرَأَيْتُم رجلا ظَاهر من امْرَأَته فَلم يجد مَا يعْتق أَلَيْسَ يجْزِيه أَن يَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالُوا بلَى
قيل لَهُم فَإِن صَامَ من الشَّهْر يَوْمًا وَاحِدًا أَو بعض يَوْم ثمَّ قدر على مَا يعْتق وأيسر كَذَلِك أيجزيه أَن يتم صَوْمه قَالُوا لَا
فَيَنْبَغِي لمن زعم أَنه إِذا دخل فِي الصَّلَاة ثمَّ وجد المَاء أَن يمْضِي على صلَاته أَن يَقُول أَيْضا إِن من دخل فِي الصَّوْم ثمَّ وجد مَا أَمر الله بِهِ قبل الصَّوْم أَنه يمْضِي فِي الصَّوْم وَلَيْسَ الْأَمر على هَذَا وَلَكِن الصَّوْم

(1/54)


وَالصَّلَاة ينتقضان اذا وجد فيهمَا مَا قد امْر الله بِهِ ان يفعل اذا وجده وَلكنه لَو لم يجد المَاء مضى
افلا ترَوْنَ انهما مستويان بعد الْفَرَاغ من الصَّوْم وَالصَّلَاة فَكَذَلِك اسْتَويَا قبل الْفَرَاغ وَلَيْسَ بَينهمَا افْتِرَاق

(1/55)


- بَاب الْغسْل من الْجَنَابَة والحيضة
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من اغْتسل من الْجَنَابَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يصب فِي عَيْنَيْهِ المَاء
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة قد كَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يفعل ذَلِك اذا اغْتسل من الْجَنَابَة
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَيْسَ الْعَمَل على فعل ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي نضح الْعَينَيْنِ

(1/58)


- بَاب مس الذّكر
-
قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله من مس فرجه وَهُوَ متوضئ لم ينْتَقض وضوؤه
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة من مَسّه فرجه وَهُوَ متوضئ وَجب عَلَيْهِ الْوضُوء وَلَا يكون الْمس الا بِبَطن الْكَفّ فان مَسّه بِظهْر الْكَفّ لم يجب بذلك وضوء وَقد كَانَ اهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ قبل ذَلِك اذا مس بِشَيْء من مَوَاضِع الْوضُوء الْفرج وَجب بذلك الْوضُوء ثمَّ رجعُوا عَن ذَلِك وَقَالُوا لَا يجب عَلَيْهِ الْوضُوء حَتَّى يمسهُ بِبَطن الْكَفّ
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف افترق بطن الْكَفّ وظهرها وَلَئِن كَانَ الْوضُوء ينْتَقض اذا مَسهَا بِبَطن الْكَفّ انه ينْتَقض اذا مَسهَا بظهرها ارأيتم اذا مس مَوضِع الدبر السُّرَّة أينقض ذَلِك الْوضُوء قَالُوا نعم وَهَذَا والفرج سَوَاء لانا بلغنَا حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرته بسره بنت صَفْوَان انها سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اذا لمس احدكم ذكره فَليَتَوَضَّأ

(1/59)


قيل لَهُم فقد بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ هَل هُوَ الا بضعَة من جسدك فَلم ير فِيهِ وضوء
وَالَّذِي لَا اخْتِلَاف فِيهِ عندنَا ان عَليّ بن ابي طَالب وَعبد الله بن مَسْعُود وعمار بن يَاسر وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وَعمْرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنْهُم لم يرَوا فِي مس الذّكر وضوء فَأَيْنَ هَؤُلَاءِ من بسرة ابْنة صَفْوَان وَهل ذكرتموه عَن أحد غَيرهَا
قَالُوا قد كَانَ ابْن عمر يَقُول ذَلِك قيل لَهُم أَن ابْن عمر كَانَ رجلا مشددا فِي الْوضُوء وَالْغسْل وَقد ذكرْتُمْ عَنهُ أَنه كَانَ ينضح المَاء فِي عينه إِذا أجنب ولستم تأخذون بذلك من قَوْله فَهَذَا فِيمَا يرى شَيْء مِمَّا يشدد بِهِ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ على نَفسه قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فِي ذَلِك عندنَا آثَار كَثِيرَة
أخبرنَا ايوب بن عتبَة فاضي الْيَمَامَة عَن قيس بن طلق ان اباه حَدثهُ ان رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل مس ذكره ايتوضأ قَالَ هَل هُوَ الا بضعَة من جسدك
اُخْبُرْنَا طَلْحَة بن عَمْرو الْمَكِّيّ قَالَ اُخْبُرْنَا عَطاء بن ابي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي مس الذّكر وانت فِي الصَّلَاة مَا ابالي مَسسْته اَوْ مسست انفي

(1/60)


اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد المدنيى قَالَ اُخْبُرْنَا صَالح مولى التَّوْأَمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَيْسَ فِي مس الذّكر وضوء
اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد المدينى قَالَ اُخْبُرْنَا الْحَارِث بن ابي ذُبَاب انه سمع سعيد بن الْمسيب يَقُول لَيْسَ فِي مَسسْته الذّكر وضوء
اُخْبُرْنَا ابو الْعَوام الْبَصْرِيّ قَالَ سَأَلَ رجل عَطاء بن ابي رَبَاح قَالَ يَا ابا مُحَمَّد رجل مس فرجه بعد مَا تَوَضَّأ قَالَ رجل من الْقَوْم ان ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول ان كنت تستنجسه فاقطعه قَالَ عَطاء بن ابي رَبَاح هَذَا وَالله قَول ابْن عَبَّاس
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ عَن عَليّ بن ابي طَالب قَالَ فِي مس الذّكر مَا ابالي مسته اَوْ طرف انفي
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ ان ابْن مَسْعُود سُئِلَ عَن الْوضُوء من مس الذّكر فَقَالَ ان كَانَ نجسا فاقطعه

(1/61)


اُخْبُرْنَا مَحل بن مُحرز الضَّبِّيّ عَن ابراهيم النَّخعِيّ فِي مس الذّكر فِي الصَّلَاة فَقَالَ انما هُوَ بضعَة مِنْك
اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن ابي قيس عَن ارقم بن شُرَحْبِيل قَالَ قلت لعبد الله بن مَسْعُود اني احك جَسَدِي وانا فِي الصَّلَاة فأمس ذكري فَقَالَ انما هُوَ بضعَة مِنْك
اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن السدُوسِي عَن الْبَراء بن قيس قَالَ سَالَتْ حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَن الرجل يمس ذكره فِي الصَّلَاة فَقَالَ انما هُوَ كمسه رَأسه
اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن عُمَيْر بن سعد النَّخعِيّ قَالَ كنت فِي مجْلِس فِيهِ عمار بن يَاسر فَذكر مس الذّكر فَقَالَ مَا هُوَ الا بضعَة مِنْك وان لكفك لموضعا غَيره

(1/62)


اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن اياد بن لَقِيط عَن الْبَراء بن قيس قَالَ قَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان فِي مس الذّكر مس انْفَكَّ
اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام قَالَ حَدثنَا قَابُوس بن ابي ظبْيَان عَن ابي ظبْيَان عَن عَليّ بن ابي طَالب قَالَ مَا ابالي اياه مسست اَوْ انفي اَوْ اذني
اُخْبُرْنَا ابو كُدَيْنَة يحيى بن الْمُهلب عَن ابي اسحاق الشَّيْبَانِيّ عَن ابي قيس عبد الرَّحْمَن بن ثروان عَن عَلْقَمَة بن قيس قَالَ جَاءَ رجل الى عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ اني مسست ذكري وانا فِي الصَّلَاة فَقَالَ عبد الله افلا قطعته ثمَّ قَالَ وَهل ذكرك الا مثل سَائِر جسدك
اُخْبُرْنَا يحيى بن الْمُهلب عَن اسماعيل بن ابي خَالِد عَن قيس بن ابي حَازِم

(1/63)


قَالَ جَاءَ رجل الى سعد بن ابي وَقاص فَقَالَ أَيحلُّ لي ان امس ذكري وانا فِي الصَّلَاة فَقَالَ ان علمت ان مِنْك بضعَة نَجِسَة فاقطعها وَحدثنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي حريز بن عُثْمَان عَن حبيب بن عبيد عَن ابي الدَّرْدَاء انه سُئِلَ عَن مس الذّكر فَقَالَ انما هُوَ بضعَة مِنْك
فَكيف تتْرك حَدِيث هَؤُلَاءِ كلهم واجتماعهم على هَذَا على حَدِيث بسرة ابْنة صَفْوَان امْرَأَة لَيْسَ مَعهَا رجل وَالنِّسَاء الى الضعْف مَا هن فِي الرِّوَايَة وَقد اخبرت فَاطِمَة بنت قيس عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ان زَوجهَا طَلقهَا ثَلَاثًا فَلم يَجْعَل لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُكْنى وَلَا نَفَقَة فَأبى عمر رَضِي الله عَنهُ ان يقبل قَوْلهَا وَقَالَ مَا كُنَّا لنجيز فِي ديننَا قَول امْرَأَة

(1/64)


لَا نَدْرِي احفظت اَوْ نسيت فَكَذَلِك بسرة ابْنة صَفْوَان لَا نجوز قَوْلهَا مَعَ من خالفها من اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
- بَاب الْوضُوء من الْقبْلَة
-
قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله فِي الرجل يقبل الْمَرْأَة وَهُوَ متوضئ ان ذَلِك لَا ينْقض الْوضُوء
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي ذَلِك الْوضُوء
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن الاثار فِي ذَلِك انه لَا وضوء فِيهِ كَثِيرَة مَعْرُوفَة وَهَذَا امْر كَانَ ابْن مَسْعُود يَقُوله وَلم نعلمهُ عَن اُحْدُ الا عَن ابْن مَسْعُود فَأَما ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَيْسَ فِي الْقبْلَة وضوء وان عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول لَيْسَ فِي ذَلِك وضوء
والْحَدِيث الْمَشْهُور الْمَعْرُوف عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا انها كَانَت تَقول ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَوَضَّأ ثمَّ يقبل بعض نِسَائِهِ

(1/65)


ثمَّ يمْضِي الى الصَّلَاة وَلَا يحدث وضوء فعائشة اعْلَم بذلك من غَيرهَا وَلَا نرَاهَا كَانَت تَعْنِي بذلك الا نَفسهَا
اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد المدينى قَالَ اُخْبُرْنَا معبد بن سابه الحسمى عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قبلني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ متوضئ ثمَّ صلى وَلم يحدث وضوء
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش الْحِمصِي قَالَ حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن عبيد الله عَن الشّعبِيّ انه كَانَ لَا يرى على من قبل امْرَأَته وضوء
- بَاب الْوضُوء من الرعاف والقلس وَالدَّم والقيح وَغير ذَلِك
-
قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله من رعف اَوْ قاء اَوْ قلس ملا فِيهِ اَوْ اكثر اَوْ سَالَ من جرحه دم اَوْ قيح اَوْ صديد يكون سَائِلًا اَوْ قاطرا فَعَلَيهِ الْوضُوء
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا يجب الْوضُوء الا من حدث يخرج من ذكر اَوْ دبر

(1/66)


اَوْ ينَام مُضْطَجعا فَإِن قلس طَعَاما أَو قاء فَلَيْسَ عَلَيْهِ وضوء وليتمضمض من ذَلِك وليغسل فَاه
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف قُلْتُمْ هَذَا فقد رويتم فِيهِ الْوضُوء وذكرتم أَن عبد الله بن عَبَّاس كَانَ يرعف فَيخرج وَيتَوَضَّأ ثمَّ يرجع فيبنى على صلَاته وَلم يتَكَلَّم
وذكرتم أَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا رعف انْصَرف وَتَوَضَّأ ثمَّ رَجَعَ فَبنى على صلَاته وَلم يتَكَلَّم
ورويتم عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط اللَّيْثِيّ أَنه رأى سعيد بن الْمسيب رعف وَهُوَ يُصَلِّي فَأتى حجرَة أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بِوضُوء فَتَوَضَّأ ثمَّ رَجَعَ فَبنى على صلَاته
وَقد روى هَذِه الْأَحَادِيث فقيههم مَالك بن أنس فَكيف تركت هَذِه الْآثَار وَلم تتْرك إِلَى آثَار مثلهَا
ثمَّ قَالَ فِي رِوَايَته أَنهم توضؤا فَرَجَعُوا فبنوا على مَا قد صلوا وَهُوَ يَقُول لَا وضوء فِي ذَلِك وَلكنه يغسل الدَّم ثمَّ يرجع فيبنى

(1/67)


ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك فَقَالَ يغسل الدَّم ثمَّ يرجع فيستقبل الصَّلَاة فَكل ذَلِك ترك الْآثَار الَّتِي رووها
فعجبا لمن زعم ان اهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ بالآثار وهم يروونها ثمَّ يتركونها عيَانًا الى غير اثر
قَالُوا انما نعد مَا خرج من الدَّم والقيء بِمَنْزِلَة الْعرق والمخاط والبزاق والدمعة وَلَو جعلنَا فِي ذَلِك الْوضُوء لجعلناه فِي هَذَا
قيل لَهُم لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك كَمَا زعمتم ان الدَّم والقيح والقيء نجس فَلَيْسَ كَذَلِك المخاط والبزاق والدمعة والعرق
أَرَأَيْتُم رجلا رعف اَوْ قاء اَوْ خرج من جرحه قيح كثير فَأصَاب جسده وثوبه أتأمرونه ان يغسلهُ قبل ان يُصَلِّي قَالُوا نعم وَلَا يَنْبَغِي لَهُ ان يُصَلِّي حَتَّى يغسلهُ
قيل لَهُم فَكَذَلِك الْعرق والمخاط والبزاق والدمعة لَا يَنْبَغِي لَهُ اذا اصاب ذَلِك جسده اَوْ ثَوْبه ان يُصَلِّي فِيهِ حَتَّى يغسلهُ قَالُوا هَذَا لَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي فِيهِ قبل ان يغسلهُ
قيل لَهُم فهذان مفترقان لم يَجْعَل الله مَا كَانَ نجسا بِمَنْزِلَة مَا لم يكن نجسا
واي شَيْء اعْجَبْ من قَوْلكُم انكم تَقولُونَ ان رجلا رعف طستا من دم اَوْ قاء طستا آخر لم يكن عَلَيْهِ وضوء وان مس ذكره فَعَلَيهِ الْوضُوء
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ فِي الرجل يرعف اَوْ يحدث فِي الصَّلَاة قَالَ يخرج وَلَا يتَكَلَّم الا من يذكر الله تَعَالَى

(1/68)


ثمَّ يتَوَضَّأ ثمَّ يرجع الى مَكَانَهُ فَيَقْضِي مَا بَقِي عَلَيْهِ من صلَاته ويعتد بِمَا صلى فان كَانَ تكلم اسْتقْبل
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح الْقرشِي عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ اذا سَالَ الدَّم من الْجرْح فأعد الْوضُوء
اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا الْمُغيرَة عَن ابراهيم قَالَ الْقَيْح بِمَنْزِلَة الدَّم يُعِيد الْوضُوء
اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْمُغيرَة قَالَ سَأَلت ابراهيم عَن القلس قَالَ اذا وسع فَليَتَوَضَّأ
واخبرنا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن عبيد الله قَالَ سَمِعت الشّعبِيّ يَقُول الْوضُوء من كل دم قاطر
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي هِشَام بن حسان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ الْوضُوء وَاجِب من كل دم سَائل
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي ابْن جريج عَن ابيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَابْن ابي مليكَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اذا قاء احدكم فِي صلَاته اَوْ قلس اَوْ رعف فلينصرف فَليَتَوَضَّأ ثمَّ ليبن على مَا مضى من صلَاته مَا لم يتَكَلَّم
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا الْحجَّاج بن ارطاة قَالَ اخبرني رجل عَن عمر بن الْحَارِث بن ابي ضرار عَن عمر بن الْخطاب فِي الرجل اذا رعف فِي صلَاته انْفَتَلَ فَتَوَضَّأ ثمَّ رَجَعَ فصلى مَا بَقِي واعتد بِمَا مضى

(1/69)


وَقَالَ ابو حنيفَة اذا احدث فِي صَلَاة غير متعمد من ريح سبقه اَوْ بَوْل اَوْ غَائِط فلينصرف وليغسل مَا اصابه من ذَلِك ثمَّ يتَوَضَّأ ثمَّ يبْنى على صلَاته ان احب وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله واحب ان يتَكَلَّم وَيُعِيد الصَّلَاة وَلَا يبْنى وان بنى اجزأه
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ حَدثنَا عبد الْملك بن عُمَيْر عَن معبد بن صبيح ان رجلا من اصحاب مُحَمَّد عَلَيْهِ وعَلى آله الصَّلَاة وَالسَّلَام صلى خلف عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فأحدث الرجل فَانْصَرف وَلم يتَكَلَّم حَتَّى تَوَضَّأ ثمَّ اقبل وَهُوَ يَقُول {وَلم يصروا على مَا فعلوا وهم يعلمُونَ} فاحتسب بِمَا مضى وَصلى مَا بَقِي
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ يجْزِيه والاستيناف احب الى

(1/70)


اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ حَدثنَا عمرَان بن ظبْيَان عَن حَكِيم بن سعد عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ من وجد مِنْكُم فِي بَطْنه رزء من غَائِط اَوْ بَوْل فلينصرف غير مُتَكَلم وَلَا رَاع بصنعه فَليَتَوَضَّأ ثمَّ يعود الى الْآيَة الَّتِي كَانَ يقْرَأ
حَدثنَا بكير بن عَامر عَن ابراهيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ قَالَا ان احدث الرجل فِي الصَّلَاة فليستقبل فان احب ان يعْتد بِمَا مضى فَلَا يتَكَلَّم حَتَّى يتَوَضَّأ وَيعود الى الصَّلَاة فان تكلم فليعد الصَّلَاة
- بَاب النداء
-
قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله لَيْسَ يَنْبَغِي ان يُؤذن لصَلَاة من الصَّلَوَات قبل دُخُول وَقتهَا فجرا وَلَا غَيرهَا
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَيْسَ من الصَّلَوَات صَلَاة يُنَادي لَهَا قبل دُخُول وَقتهَا الا صَلَاة الصُّبْح

(1/71)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَكيف صَارَت صَلَاة الصُّبْح من الصَّلَوَات يُنَادى لَهَا قبل دُخُول الْوَقْت
وَقَالَ أَرَأَيْتُم لَو أذن لصَلَاة الْفجْر عشَاء حِين يفرغ من صَلَاة الْعشَاء أَكَانَ يَنْبَغِي هَذَا قَالُوا للْحَدِيث الَّذِي جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ ان بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادى ابْن ام مَكْتُوم قَالَ وَكَانَ ابْن ام مَكْتُوم رجلا اعمى لَا يُنَادى حَتَّى يُقَال لَهُ اصبحت
قيل لَهُم انما نضع هَذَا من بِلَال انه كَانَ يصنع ذَلِك فِي شهر رَمَضَان ليتسحر النَّاس بأذانه ويكتفي النَّاس بِأَذَان ابْن ام مَكْتُوم لصَلَاة الْفجْر لانه قد جَاءَ حَدِيث آخر يدل على ان بِلَالًا انما كَانَ يصنع ذَلِك لسحور النَّاس فِي شهر رَمَضَان خَاصَّة لانه بلغنَا ان بِلَالًا اذن بلَيْل فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان يُنَادي الا ان العَبْد نَام قَالَ فَانْطَلق بِلَال وَهُوَ

(1/72)


يَقُول لَيْت بِلَالًا ثكلته امهِ وابتل من نضح دم جَبينه فَقَامَ فَنَادَى الا ان العَبْد نَام
فَلَو كَانَ يُؤذن لصَلَاة الْفجْر قبل دُخُول وَقتهَا لم يَأْمُرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا امْرَهْ من ذَلِك وَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد احسنت حِين اذنت يَا بِلَال وَلَكِن الامر الَّذِي رويتم كَانَ فِي شهر رَمَضَان والامر الاخر من كَرَاهَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاذانه بلَيْل كَانَ فِي غير شهر رَمَضَان
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا سُلَيْمَان التيمى عَن ابي عُثْمَان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يمنعن احدا مِنْكُم من سحوره اذان بِلَال فانه انما يُؤذن اَوْ يُنَادى ليرْجع قائمكم ويوقظ

(1/73)


نائمكم اَوْ لينبه نائمكم وَلَيْسَ الصُّبْح كَمَا ان تروه هَكَذَا ضم اصابعه ورفعها الى السَّمَاء وَلَا هَكَذَا عصر اصابعه وسفلها الى نَحْو الأَرْض حَتَّى يَقُول هَكَذَا ضم اصبعيه السبابتين ثمَّ فرجهما

(1/74)


قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن اُخْبُرْنَا سعيد بن ابي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن الْبَصْرِيّ ان منادى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يُؤذن لصَلَاة الصُّبْح حَتَّى يطلع الْفجْر
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ اذن بِلَال بلَيْل قبل ان يطلع الْفجْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم نَاد نَام العَبْد فَصَعدَ بِلَال وَقَالَ ويل لِبلَال ثكلته امهِ وابتل من نضح دم جَبينه فَلَمَّا صعد قَالَ نَام العَبْد ثَلَاثًا ثمَّ امْرَهْ فاعاد الاذان بعد مَا طلع الْفجْر
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن عبيد الله بن حَمْزَة بن صُهَيْب صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ابي بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام عَن بِلَال مُؤذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم

(1/75)


انه كَانَ لَا يُؤذن لصَلَاة الْفجْر حَتَّى يرى الْفجْر وَكَانَ يَجْعَل اصبعيه فِي اذنيه كلتيها عِنْد الاذان والاقامة
اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبيد الله عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن ابي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن بِلَال مثل ذَلِك
واخبرنا عباد بن الْعَوام قَالَ حَدثنَا الْحجَّاج بن ارطاة عَن عَطاء ان ابا مَحْذُورَة كَانَ لَا يُؤذن لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم الا فِي الْفجْر وَكَانَ لَا يُؤذن حَتَّى يطلع الْفجْر
وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله الاذان ان يَقُول الْمُؤَذّن الله اكبر الله اكبر الله اكبر الله اكبر فَقَوله الله اكبر الله اكبر انما هُوَ مرّة وَاحِدَة ثمَّ يَقُول اشْهَدْ ان لَا اله الا الله اشْهَدْ ان لَا اله الله اشْهَدْ ان مُحَمَّدًا رَسُول الله اشْهَدْ ان مُحَمَّدًا رَسُول الله وَلم يكن الرُّجُوع فِي شهادتين شَيْئا ثمَّ يَقُول حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح حَيّ على الْفَلاح الله اكبر الله اكبر لَا اله الا الله
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة بقول ابي حنيفَة فِي الاذان كُله وَقَالُوا لَا نرى الرُّجُوع شَيْئا كلما قَالَ ابو حنيفَة الا انهم خالفوا ابا حنيفَة فِي خصْلَة وَاحِدَة وَقَالُوا انما يَقُول الْمُؤَذّن فِي اول اذانه الله اكبر الله اكبر فهاتان مَرَّتَانِ وَلَا يُعِيدهَا فَيكون اربعا
ووقال مُحَمَّد بن الْحسن الله اكبر الله اكبر انما يحْتَسب مرّة وَاحِدًا

(1/76)


قَالُوا وَكَيف يحْتَسب مرّة وَاحِدَة وَقد قَالَ مرَّتَيْنِ قيل لَهُم مِمَّا يدلكم على انها تحتسب مرّة وَاحِدَة اخر الاذان الستم تَقولُونَ فِي اخر الاذان الله اكبر الله اكبر لَا اله الا الله قَالُوا بلَى
قيل لَهُم فقد قُلْتُمْ لَا اله الا الله مرّة وَاحِدَة وَلم تجعلوها مرَّتَيْنِ وقلتم الله اكبر الله اكبر فجعلتموها مثل لَا اله الا الله مرّة وَاحِدَة فقد صَارَت كانها مرّة وَاحِدَة فَيَنْبَغِي فِي قَوْلكُم اذا جعلتموها فِي اول الاذان مرَّتَيْنِ وجعلتم الشَّهَادَة مرَّتَيْنِ ان يَقُول فِي اخر الاذان الله اكبر لَا اله الا الله وَلَا يَقُول الله اكبر الله اكبر لانكم قُلْتُمْ فِي اخر الاذان لَا اله الا الله مرّة وَاحِدَة فَيَنْبَغِي ان تَقولُوا الله اكبر مرّة وَاحِدَة فان قُلْتُمُوهَا مثنى لَا بُد ان تثنوها فِي اول الاذان مرَّتَيْنِ لَان الشَّهَادَة فِي اول الاذان مرَّتَيْنِ وَفِي اخر الاذان مرّة وَاحِدَة وَمِمَّا يدْخل عَلَيْكُم ايضا قَوْلكُم فِي الاقامة مرّة وَاحِدَة ارايتم اذا اقام الْمُؤَذّن الْيَسْ يُقيم مرّة مرّة قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَكيف يَقُول يَنْبَغِي فِي قَوْلكُم ان يَقُول الله اكبر اشْهَدْ ان لَا اله الا الله اشْهَدْ ان مُحَمَّدًا رَسُول الله حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح قد قَامَت الصَّلَاة الله اكبر لَا اله الا الله فان قُلْتُمْ هَذَا فقد نقضتم قَوْلكُم وان قُلْتُمْ يَقُول الْمُؤَذّن الله اكبر الله اكبر اشْهَدْ ان لَا اله الا الله اشْهَدْ ان مُحَمَّدًا رَسُول الله فقد تركْتُم قَوْلكُم

(1/77)


الاخر وزعمتم ان يَقُول الرجل الله اكبر الله اكبر كَمَا افردتم الشَّهَادَة فافردوا التَّكْبِير يَقُول الله اكبر اشْهَدْ ان لَا اله الا الله
وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله لَا باس ان يُؤذن مُؤذن وَيُقِيم مُقيم غيرَة
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة كَمَا قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله فِي مُؤذن

(1/78)


اذن لقوم ثمَّ انْتظر هَل ياتيه اُحْدُ فَلم ياته اُحْدُ فاقام وَصلى وَحده ثمَّ جَاءَ النَّاس بعد ان يفرغ ايعيد الصَّلَاة مَعَهم قَالَ لَا يُعِيد الصَّلَاة مَعَهم وَلَا يجمع فِي مَسْجِد مرَّتَيْنِ وَقَالَ اهل الْمَدِينَة مثل قَول ابي حنيفَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة وَمن جَاءَ بعد انْصِرَافه فَليصل لنَفسِهِ (وحدة)
وَقَالَ ابو حنيفَة الاذان مثنى مثنى وَقَالَ اهل الْمَدِينَة (الاذان مثنى) مثنى والاقامة فُرَادَى فُرَادَى غير قَوْله قد قَامَت الصَّلَاة فانه يَقُولهَا مرَّتَيْنِ

(1/83)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فقد تركْتُم قَوْلكُم فِي الاقامة يَنْبَغِي لمن افرد الاقامة كلهَا ان يفرد قد قَامَت الصَّلَاة وَمَا بَينهمَا افْتِرَاق فان (من) يَقُول الله اكبر (الله اكبر) اشْهَدْ ان لَا اله الا الله فَيكون قد ثنى بَعْضهَا وافرد بَعْضهَا ان اول من افراد الاقامة مُعَاوِيَة فِيمَا بلغنَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ اول من نقض التَّكْبِير فِي الصَّلَاة وخطب قبل الصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ وَجلسَ على الْمِنْبَر وَنقص الاقامة وَالتَّسْلِيم مُعَاوِيَة بن ابي سُفْيَان
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ الاذان والاقامة مثنى مثنى
وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله كَانَ التثويب فِي صَلَاة الصُّبْح بعد مَا فرغ

(1/84)


الْمُؤَذّن من الاذان الصَّلَاة خير من النّوم وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ الصَّلَاة خير من النّوم فِي الاذان حِين يفرغ الْمُؤَذّن من حَيّ على الْفَلاح
اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا حَكِيم بن جُبَير عَن عمرَان بن

(1/85)


ابي الْجَعْد عَن الاسود بن يزِيد انه سمع مُؤذنًا اذن فَلَمَّا بلغ حَيّ على الصَّلَاة (حَيّ على الْفَلاح) قَالَ الصَّلَاة خير من النّوم قَالَ الاسود وَيحك لَا تزد فِي اذان الله قَالَ سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ ذَلِك قَالَ لَا تفعل

(1/86)


وَقَالَ ابو حنيفَة من لم يجد ستْرَة يُصَلِّي اليها فَهُوَ فِي سَعَة من ان يُصَلِّي الى غير ستْرَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَلَا يخط بَين يَدَيْهِ خطا فان الْخط وَتَركه سَوَاء

(1/88)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة الامر عندنَا فِيمَن لم يجد ستْرَة يُصَلِّي اليها انه فِي سَعَة من ان يُصَلِّي الى غير ستْرَة وَلَا يخط بَين يَدَيْهِ خطا فان الْخط عندنَا مستنكر لَا يعرف

(1/89)