الحجة على أهل المدينة

// كتاب الدِّيات وَالْقصاص
//
- بَاب الدِّيات وَمَا يجب على أهل الْوَرق وَالذَّهَب والمواشي
-
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الدِّيَة على اهل

(4/255)


الذَّهَب الف دِينَار وعَلى اهل الْوَرق عشرَة الاف دِرْهَم وزن سَبْعَة

(4/257)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة على اهل الذَّهَب الف دِينَار وعَلى اهل الْوَرق اثْنَا عشر الف دِرْهَم
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ

(4/258)


انه فرض على اهل الذَّهَب الف دِينَار فِي الدِّيَة وعَلى اهل الْوَرق عشرَة الاف دِرْهَم حَدثنَا بذلك ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن الْهَيْثَم عَن

(4/259)


الشّعبِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَزَاد وعَلى اهل الْبَقر مائتابقرة وعَلى اهل الْغنم الفي شَاة

(4/260)


اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ اخبرني مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن الشّعبِيّ قَالَ على أهل الْوَرق عشرَة الاف دِرْهَم وعَلى اهل الذَّهَب الف دِينَار
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فرض على

(4/261)


اهل الْوَرق اثنى عشر الف دِرْهَم
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كلا الْفَرِيقَيْنِ روى عَن عمر وَانْظُر أَي الرِّوَايَتَيْنِ اقْربْ الى مَا قَالَ الْمُسلمُونَ فِي غير هَذَا فَهُوَ الْحق اجْمَعْ الْمُسلمُونَ جَمِيعًا لَا اخْتِلَاف بَينهم فِي الْقَوْلَيْنِ كَافَّة اهل الْحجاز واهل الْعرَاق على ان لَيْسَ فِي اقل من عشْرين دِينَارا من الذَّهَب صَدَقَة وَلَيْسَ فِي اقل من مِائَتي دِرْهَم من الْوَرق صَدَقَة فَجعلُوا لكل دِينَار عشرَة دَرَاهِم ففرضوا الزَّكَاة على هَذَا فَهَذَا لَا اخْتِلَاف فِيهِ بَينهم فاذا فرضوا هَذَا فِي الصَّدَقَة فَكيف يَنْبَغِي لَهُم ان يفرضوا الدِّيَة اكل دِينَار بِعشْرَة دَرَاهِم اَوْ يفرضوا كل دِينَار باثنى عشر درهما انما يَنْبَغِي ان يفرضوا الدِّيَة بِمَا يفرضون عَلَيْهِ الزَّكَاة وَقد جَاءَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَعبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ انهما قَالَا لَا تقطع الْيَد الا فِي دِينَار اَوْ عشرَة دَرَاهِم فَجعلُوا الدِّينَار بِمَنْزِلَة الْعشْرَة

(4/262)


الدَّرَاهِم فعلى هَذَا الاحرى مَا فرضوا فِي مثل هَذَا فَإِن زَاد سعر اَوْ نقص لم ينظر فِي ذَلِك الا ترى لَو كَانَ لَهُ مائَة دِرْهَم وَعشرَة دَنَانِير وَجب فِي ذَلِك الزَّكَاة وَجعل فِي كل صنف مِنْهُمَا زَكَاة وَجعل دِينَار

(4/263)


على عشرَة دَرَاهِم فَهَذَا امْر وَاضح لَيْسَ يَنْبَغِي لَهُم ان يفرضوا الدِّيَة فِيهِ الا على مَا فرضت عَلَيْهِ الزَّكَاة وَنَحْوهَا وَنحن فِيمَا نظن اعْلَم بفريضة عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ حِين فرض الدِّيَة الدَّرَاهِم من أهل الْمَدِينَة لَان الدَّرَاهِم على اهل الْعرَاق وانما كَانَ يُؤَدِّي الدِّيَة اهل الْعرَاق وَقد صدق اهل الْمَدِينَة ان عمر رَضِي الله عَنهُ فرض الدِّيَة اثنى عشر الف دِرْهَم وَلكنه فرصها اثنى عشر الف دِرْهَم وزن سِتَّة
اُخْبُرْنَا الثَّوْريّ عَن الْمُغيرَة عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ كَانَت الدِّيَة الابل فَجعلت الابل الصَّغِير وَالْكَبِير كل بعير بِمِائَة وَعشْرين دِرْهَم وزن سِتَّة فَذَلِك عشرَة الاف دِرْهَم وَقيل لِشَرِيك بن عبد الله ان رجلا من الْمُسلمين عانق رجلا من الْعَدو فَضَربهُ فاصاب رجلا من الْمُسلمين فَقَالَ شريك قَالَ ابو اسحاق عانق رجل منا رجل من الْعَدو فاتى رجل منا رجل من الْعَدو وضربه فاصاب رجلا منا فكبه على وَجهه

(4/264)


حَتَّى وَقع على حاجبيه وانفه ولحيته وصدره فَقضى فِيهِ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ اثْنَي عشر الف دِرْهَم وَكَانَت الدَّرَاهِم يَوْمئِذٍ وزن سِتَّة وَالله اعْلَم بِالصَّوَابِ
- بَاب الْقصاص بَين العبيد والاحرار
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا قَود بني العبيد والاحرار الا فِي النَّفس

(4/265)


فان العَبْد اذا قتل حرا مُتَعَمدا اَوْ قَتله الْحر مُتَعَمدا قتل بِهِ وَقَالَ اهل

(4/266)


الْمَدِينَة لَيْسَ بَين العبيد والاحرار قَود الا ان يقتل العَبْد الْحر فَيقْتل العَبْد الْحر

(4/267)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ يكون نفسان تقتل بصاحبتها ان قتلتها الاخرى وَلَا تقتل بهَا الاخرى ان قتلتها قَالُوا لنُقْصَان العَبْد عَن نفس الْحر فَهَذَا الرجل يقتل الْمَرْأَة عمدا وديتها نصف دِيَة الرجل فَيقْتل بهَا وَكَذَلِكَ الْوَجْه الأول وَقد بلغنَا عَن عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ اذا قتل الْحر العَبْد مُتَعَمدا قتل بِهِ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح الْقرشِي عَن حَمَّاد عَن ابراهيم انه قَالَ لَيْسَ بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء وَلَا بَين الاحرار والمملوكين فِيمَا بَينهم قصاص فِيمَا دون النَّفس وَالله اعْلَم

(4/268)


- بَاب الرّجلَانِ يقتلان الرجل أَحدهمَا مِمَّن يجب عَلَيْهِ الْقصاص
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّغِير وَالْكَبِير يقتلان الرجل

(4/269)


جَمِيعًا عمدا ان على الْكَبِير نصف الدِّيَة فِي مَاله وعَلى الصَّغِير نصف الدِّيَة على عَاقِلَته وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يقتل الْكَبِير وَيكون على الصَّغِير نصف الدِّيَة
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف يقتل الْكَبِير وَقد شركه فِي الدَّم من لَا قَود عَلَيْهِ أرأيم لَو ان رجلا قتل نَفسه هُوَ وَرجل آخر مَعَه أَكَانَ على

(4/270)


ذَلِك الرجل الْقود وَقد شركه فِي دم الْمَقْتُول نَفسه يَنْبَغِي لمن قَالَ القَوْل الاول ان يَقُول هَذَا ايضا أَرَأَيْتُم لَو ان رجلا وَجب عَلَيْهِ الْقود فِي قطع يَده فَقطعت يَده وَجَاء رجل اخر فَقطع رجله فَمَاتَ من القطعين جَمِيعًا أيقتل الَّذِي قطع الرجل وَقد شركه فِي الدَّم حد من حُدُود الله أَرَأَيْتُم لَو ان رجلا عقره سبع وَشَجه رجل مُوضحَة عمدا فَمَاتَ من ذَلِك كُله أيقتل صَاحب

(4/271)


الْمُوَضّحَة الضَّارِب وَقد شركه فِي الدَّم من لَيْسَ فِي فعله قَود وَلَا ارش يَنْبَغِي

(4/272)


لمن قَالَ هَذَا ان يَقُول لَو ان رجلا وصبيا سرقا سَرقَة وَاحِدَة انه يقطع الرجل وَيتْرك الصَّبِي وَيَنْبَغِي لَهُ ايضا ان يَقُول لَو ان رجلَيْنِ سرقا من رجل الف دِرْهَم لاحدهما فِيهَا شرك قطع الَّذِي لَا شرك لَهُ وَلَا يقطع الَّذِي لَهُ الشّرك أَرَأَيْتُم رجلا وصبيا رفعا سَيْفا بأيديهما فضربا بِهِ رجلا ضَرْبَة وَاحِدَة فَمَاتَ من تِلْكَ الضَّرْبَة أتكون ضَرْبَة وَاحِدَة بَعْضهَا عمد فِيهِ الْقود وَبَعضهَا خطأ فان كَانَ ذَلِك عنْدكُمْ فأيها الْعمد وايها الْخَطَأ أَرَأَيْتُم إِن

(4/273)


رفع رجلَانِ سَيْفا فضربا بِهِ احدهما متعمدين لذَلِك فَمَاتَ من تِلْكَ الضَّرْبَة وَهِي ضَربته وضربة صَاحبه وَلم ينْفَرد احدهما بضربة دون صَاحبه أَيكُون فِي هَذَا قَود لَيْسَ فِي هَذَا قَود اذا أشرك فِي الدَّم شَيْء لَا قَود فِيهِ وَلَا تبعيض فِي شَيْء من النَّفس أَرَأَيْتُم رجلا ضرب رجلا فَشَجَّهُ مُوضحَة خطأ ثمَّ ثنى فَشَجَّهُ مُوضحَة عمدا فَمَاتَ فِي مَكَانَهُ من ذَلِك جَمِيعًا يَنْبَغِي فِي قَوْلكُم ان تجْعَلُوا على عَاقِلَته نصف الدِّيَة بالشجة الْخَطَأ وتقتلوه بالشجة الْعمد فَيكون رجل وَاحِد عَلَيْهِ فِي نفس وَاحِدَة نصف الدِّيَة وَالْقَتْل وَيَنْبَغِي لكم ان تَقولُوا لَو ان رجلا وَجب لَهُ على رجل قصاص فِي شجة مُوضحَة فاقتص مِنْهُ ثمَّ زَاد على حَقه مُتَعَمدا فَمَاتَ الْمُقْتَص مِنْهُ من ذَلِك انه يقتل الَّذِي اقْتصّ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي تعمد
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ حَدثنَا هِشَام بن حسان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ

(4/274)


انه سُئِلَ عَن قوم قتلوا رجلا عمدا فيهم مصاب قَالَ تكون فِيهِ الدِّيَة
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا عمر بن عَامر عَن ابراهيم النَّخعِيّ

(4/275)


انه قَالَ اذا دخل خطأ فِي عمد فَهِيَ دِيَة
- بَاب فِي عقل الْمَرْأَة
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي عقل الْمَرْأَة ان عقل

(4/276)


جَمِيع جراحها ونفسها على النّصْف من عقل الرجل فِي جَمِيع الاشياء

(4/277)


وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم عَن عَليّ بِي ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ عقل الْمَرْأَة على النّصْف من عقل الرجل فِي النَّفس وَفِيمَا دونهَا

(4/278)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة عقلهَا كعقله الى ثلث الدِّيَة فاصبعها كاصبعه وسنها كسنه وموضحتها كموضحته ومنقلها كمنقلته فاذا كَانَ الثُّلُث اَوْ اكثر من الثُّلُث كَانَ عاى النّصْف
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَقد روى الَّذِي قَالَ اهل الْمَدِينَة عَن زيد ابْن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَسْتَوِي الرجل والمراة فِي الْعقل الى الثُّلُث ثمَّ النّصْف فِيمَا بقى
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم عَن زيد بن ثَابت انه قَالَ يَسْتَوِي الرجل والمراة فِي الْعقل الى الثُّلُث ثمَّ النّصْف فِيمَا بقى

(4/280)


واخبرنا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم انه قَالَ قَول عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا احب الي من قَول زيد

(4/282)


واخبرنا مُحَمَّد بن ابان عَن حَمَّاد عَن ابراهيم عَن عمر بن الْخطاب وَعلي بن ابي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا انهما قَالَا عقل المراة على النّصْف من دِيَة الرجل فِي النَّفس وَفِيمَا دونهَا فقد اجْتمع عمر وَعلي على هَذَا

(4/284)


فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يُؤْخَذ بِغَيْرِهِ وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على صَوَاب قَول عمر وَعلي ان المراة اذا قطعت اصبعها خطا وَجب على قاطعها فِي قَول اهل الْمَدِينَة عشر دِيَة الرجل فان قطع اصبعين وَجب عَلَيْهِ عشرا الدِّيَة فان قطع ثَلَاث اصابع وَجب عَلَيْهِ ثَلَاثَة اعشار الدِّيَة وان قطع ارْبَعْ اصابع وَجب عَلَيْهِ عشر الدِّيَة فاذا عظمت الْجراحَة قل الْعقل
- بَاب فِي الْجَنِين
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يضْرب بطن الامة فَتلقى

(4/285)


جَنِينا مَيتا ان كَانَ غُلَاما فَفِيهِ نصف عشر قِيمَته لَو كَانَ حَيا وَإِن كَانَ جَارِيَة فَفِيهَا عشر قيمتهَا لَو كَانَت حَيَّة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِيهِ عشر قيمَة امهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ فرض اهل الْمَدِينَة فِي جَنِين الامة الذّكر

(4/286)


والانثى شَيْئا وَاحِدًا وانما فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنِين الْحرَّة غرَّة عبدا اَوْ امة فَقدر ذَلِك بِخَمْسِينَ دِينَارا وَالْخَمْسُونَ من دِيَة

(4/287)


الرجل نصف عشر دِيَته وَمن دِيَة المراة عشر دِيَتهَا وَيَنْبَغِي ان يكون ذَلِك ايضا من قيمَة الْجَنِين لَو كَانَ حَيا لَيْسَ من قيمَة امهِ ارايتم لَو القت

(4/289)


الْجَنِين حَيا فَمَاتَ كم كَانَ يكون فِيهِ الْيَسْ انما يكون فِيهِ قِيمَته لَا اخْتِلَاف بَيْننَا وَبَيْنكُم فِي ذَلِك قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ ان كَانَت قِيمَته

(4/290)


عشْرين دِينَارا فغرم قَاتله عشْرين دِينَارا ثمَّ القت اخر مَيتا الْيَسْ يغرم فِي قَوْلكُم عشر ثمن امهِ وامه جَارِيَة تَسَاوِي خَمْسمِائَة دِينَار قَالُوا بلَى يغرم عشر قيمتهَا وَهُوَ خَمْسُونَ دِينَارا قيل لَهُم فَيكون الْقَاتِل غرم فِي الَّذِي

(4/292)


القته حَيا اقل من الَّذِي غرم فِيهِ مَيتا وانما يَنْبَغِي ان يغرم اكثر فِي الَّذِي القته حَيا لانه يغرم فِي الْجَنِين الْحر اذا القته حَيا فَمَاتَ الدِّيَة كَامِلَة واذا القته مَيتا غرم غرَّة وانما يَنْبَغِي ان يُقَاس جَنِين الامة على مَا قَالَ

(4/293)


رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنِين الْحرَّة فَيغرم فِي الْمَيِّت اقل مِمَّا يغرم فِي الْحَيّ وَقد غرمتموه انتم فِي جَنِين الامة اذا ألقته مَيتا اكثر مِمَّا غرمتموه فِي جَنِين الامة اذا كَانَ حَيا فَمَاتَ وَالله اعْلَم
- بَاب الجروح فِي الْجَسَد
-
قَالَ مُحَمَّد ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الشفتين الدِّيَة وهما سَوَاء السُّفْلى والعليا وايهما قطعت كَانَ فِيهَا نصف الدِّيَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فيهمَا الدِّيَة

(4/294)


جَمِيعًا فان قطعت السُّفْلى فَفِيهَا ثلثا الدِّيَة
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَلم قَالَ اهل الْمَدِينَة هَذَا الان السُّفْلى انفع من الْعليا فقد فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الاصبع الْخِنْصر والابهام فَرِيضَة وَاحِدَة فَجعل فِي كل وَاحِدَة عشر الدِّيَة وروى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخِنْصر والابهام سَوَاء مَعَ آثَار كَثِيرَة مَعْرُوفَة قد جَاءَت فِيهَا

(4/297)


قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن اُخْبُرْنَا مَالك قَالَ حَدثنَا دَاوُد بن الْحصين ان

(4/299)


ابا غطفان بن طريف المرى اخبره ان مَرْوَان بن الحكم ارسله الى

(4/300)


ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يساله مَا فِي الضرس فَقَالَ ابْن عَبَّاس فِيهِ خمس من الابل فردني مَرْوَان الى ابْن عَبَّاس فَقَالَ افتجعل مقدم الْفَم كالاضراس فَقَالَ ابْن عَبَّاس لَوْلَا انك لَا تعْتَبر ذَلِك الا بالاصابع عقلهَا سَوَاء فَهَذَا مِمَّا يدلك على ان الشفتين عقلهما سَوَاء وَقد جَاءَ فِي الشفتين سوى هَذَا اثار

(4/301)


- بَاب فِي الاعور يفقأ عين الصَّحِيح
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الاعور يفقا عين الصَّحِيح يفقا الصَّحِيحَة من عينه ان كَانَ عمدا فللصحيح الْقود وَلَا شَيْء لَهُ غير ذَلِك

(4/302)


وان كَانَ خطا فان على عَاقِلَته نصف الدِّيَة وَلَيْسَ لَهُ غير ذَلِك وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي الاعور يفقا عين الصَّحِيح ان احب ان يستقيد فَلهُ الْقود وان أحب فَلهُ الدِّيَة الف دِينَار اَوْ اثْنَا عشر الف دِرْهَم
وَقَالَ ابو حنيفَة فِي عين الاعور الصَّحِيحَة اذا فقئت ان كَانَ عمدا فَفِيهَا الْقود وان كَانَ خطا فعلى عَاقِلَة الَّذِي فقاها نصف الدِّيَة وَهِي

(4/303)


وَعين الصَّحِيح سَوَاء وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي عين الاعور اذا فقئت الدِّيَة كَامِلَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَكيف صَارَت عين الاعور افضل من عين الصَّحِيح هَذَا عقل اوجبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَينَيْنِ جَمِيعًا

(4/304)


فَجعل فِي كل عين نصف الدِّيَة فان فقئت عين رجل فغرم الفاقيء نصف الدِّيَة ثمَّ ان رجلا اخر عدى على الْعين الاخرى ففقاها خطا لم يجب على الفاقيء الثَّانِي الدِّيَة كَامِلَة فَيكون الرجل قد اخذ فِي عينه دِيَة وَنصفا وانما اوجب فيهمَا دِيَة فَفِي الاولى نصف الدِّيَة وَكَذَا فِي الثَّانِيَة نصف الدِّيَة وَلَا يتَحَوَّل ذَلِك يفقيء الاولى وَلَا تزداد احداهما فِي عقلهَا على

(4/305)


الَّذِي اوجبه الله عز وَجل شَيْئا بفقيء الاخرى يَنْبَغِي لمن قَالَ هَذَا فِي الْعَينَيْنِ ان يَقُول ذَلِك فِي الْيَدَيْنِ وان يَقُول ذَلِك فِي الرجلَيْن لَيْسَ هَذَا بِشَيْء والامر الاول لَيْسَ يُزَاد شَيْئا بِعَين فقئت وَلَا غير ذَلِك
- بَاب مَا لَا يجب فِيهِ ارش مَعْلُوم
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْعين الْقَائِمَة اذا فقئت وَفِي الْيَد

(4/306)


الشلاء اذا قطعت وَفِي كل نَافِذَة فِي عُضْو من الاعضاء انه لَيْسَ فِي شَيْء من ذَلِك ارش مَعْلُوم وَفِي ذَلِك كُله حُكُومَة عدل
اخبرني ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم انه قَالَ فِي الْعين الْقَائِمَة

(4/307)


وَالْيَد الشلاء وَالرجل العرجاء ولسان الاخرس وَذكر الخصى حُكُومَة عدل وَقَالَ اهل الْمَدِينَة مثل قَول ابي حنيفَة مِنْهُم مَالك بن انس قَالَ نرى فِي ذَلِك الِاجْتِهَاد وَقَالَ بَعضهم فِي الْعين الْقَائِمَة اذا فقئت مائَة دِينَار

(4/308)


وكل نَافِذَة من عُضْو من الاعضاء ثلث دِيَة ذَلِك الْعُضْو

(4/309)


- بَاب دِيَة الاضراس
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي كل ضرس خمس من الابل مقدم الْفَم ومؤخره سَوَاء وَقَالَ بعض اهل الْمَدِينَة بِمثل قَول ابي حنيفَة مِنْهُم

(4/310)


مَالك بن انس وَقَالَ بَعضهم فِي كل ضرس بعير وروى بَعضهم ان

(4/312)


سعيدا قَالَ لَو كنت انا لجعلت فِي الاضراس بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ فَتلك الدِّيَة سَوَاء
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح الْقرشِي عَن حَمَّاد عَن ابراهيم فِي الاسنان فِي كل سنّ نصف الْعشْر مقدم الْفَم ومؤخره سَوَاء
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس عَن دَاوُد بن الْحصين ان ابا غطفان بن طريف المرى اخبره ان مَرْوَان بن الحكم ارسله الى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يساله مَا فِي الضرس فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان فِيهِ خمْسا من

(4/313)


الابل قَالَ فردني مَرْوَان الى ابْن عَبَّاس فَقَالَ افتجعل مقدم الْفَم مثل الاضراس فَقَالَ ابْن عَبَّاس لَوْلَا انك لَا تعْتَبر ذَلِك الا بالاصابع عقلهَا سَوَاء
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم عَن شُرَيْح قَالَ الاسنان عقلهَا سَوَاء فِي كل سنّ نصف عشر الدِّيَة
واخبرنا بكير بن عَامر عَن الشّعبِيّ انه قَالَ الاسنان كلهَا سَوَاء

(4/314)


فِي كل سنّ عشر الدِّيَة
- بَاب جراح العَبْد
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ كل شَيْء يصاب بِهِ العَبْد من يَد اَوْ رجل اَوْ عين اَوْ مُوضحَة اَوْ منقلة اَوْ مأمومة اَوْ غير لَك فَهُوَ من

(4/315)


قِيمَته على مِقْدَار ذَلِك من الْحر فِي كل قَلِيل وَكثير لَهُ ارش مَعْلُوم من

(4/316)


الْحر السن والموضحة وَمَا سوى ذَلِك فَفِي موضحته ارشها نصف عشر قِيمَته وَفِي يَده نصف قِيمَته وَكَذَلِكَ عينه وَفِي المأمومة والجائفة ثلث قِيمَته وَفِي منقلته عشر وَنصف عشر قِيمَته وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي مُوضحَة العَبْد نصف عشر ثمنه وَفِي منقلته عشر وَنصف الْعشْر من ثمنه ومأمومته وجائفته فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ثلث ثمنه فَوَافَقُوا ابا حنيفَة فِي هَذِه الْخِصَال الاربع وَقَالُوا فِيمَا سوى ذَلِك مَا نقص من ثمنه
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ جَازَ لاهل الْمَدِينَة ان يتحكموا فِي هَذَا

(4/317)


فيختاروا هَذِه الْخِصَال الاربع من بَين الْخِصَال ارايت لَو ان اهل الْبَصْرَة قَالُوا فَنحْن نُرِيد خَصْلَتَيْنِ اخريين وَقَالَ اهل الشَّام فانا نُرِيد ثَلَاث خِصَال اخر مَا الَّذِي يرد بِهِ عَلَيْهِم فَيَنْبَغِي ان ينصف النَّاس وَلَا يتحكم فَيَقُول قُولُوا بِقَوْلِي مَا قلت من شَيْء الا ان يأتى اهل الْمَدِينَة فِيمَا قَالُوا من هَذَا بأثر فنقاد لَهُ وَلَيْسَ عِنْدهم فِي هَذَا أثر فيفرقون بِهِ بَين هَذِه الْأَشْيَاء فَلَو كَانَ عِنْدهم جاؤنا بِهِ فِيمَا سمعنَا من اثارهم فاذا لم يكن هَذَا فَيَنْبَغِي الانصاف فاما ان يكون هَذَا على مَا قَالَ ابو حنيفَة فِي الْأَشْيَاء كلهَا وَإِمَّا أَن تكون الْأَشْيَاء كلهَا شَيْئا وَاحِدًا فَيكون فِي ذَلِك كُله من هَذِه الْخِصَال اوغيرها مَا نقص من العَبْد من قِيمَته

(4/318)


- بَاب الْقصاص بَين المماليك
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا قصاص بَين المماليك فِيمَا بَينهم الا فِي النَّفس وَقَالَ اهل الْمَدِينَة الْقصاص بَين المماليك كَهَيْئَته بَين الاحرار نفس الامة بِنَفس العَبْد وجرحها كجرحه
وَقَالَ أَبُو حنيفَة اذا قتل عبد عبدا مُتَعَمدا فلمولى العَبْد الْمَقْتُول الْقصاص وَلَيْسَ لَهُ غير ذَلِك الا ان يعْفُو فان عَفا رَجَعَ العَبْد الْقَاتِل الى مَوْلَاهُ وَلَا سَبِيل لمولى العَبْد الْمَقْتُول عَلَيْهِ وَقَالَ اهل الْمَدِينَة مولى العَبْد

(4/319)


الْمَقْتُول بِالْخِيَارِ فان شَاءَ قتل وان شَاءَ اخذ الْعقل فان اخذ الْعقل اخذ قيمَة عَبده وان شَاءَ رب العَبْد الْقَاتِل اعطى ثمن العَبْد الْمَقْتُول وان شَاءَ اسْلَمْ عَبده فاذا اسلمه فَلَيْسَ عَلَيْهِ غير ذَلِك وَلَيْسَ لرب العَبْد الْمَقْتُول اذا اخذ العَبْد الْقَاتِل ان يقْتله وَذَلِكَ كُله فِي الْقصاص بَين العبيد فِي قطع

(4/320)


الْيَد وَالرجل واشباه ذَلِك بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْقَتْل
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن اذا قتل العَبْد عمدا وَجب عَلَيْهِ الْقصاص يَنْبَغِي لمن قَالَ هَذَا الْوَجْه ان يَقُول فِي الْحر يقتل الْحر عمدا ان ولى الْمَقْتُول ان شَاءَ قتل وان شَاءَ اخذ الدِّيَة ارايتم اذا اراد ان ياخذ الدِّيَة فَقَالَ الْقَاتِل اقْتُل اَوْ دع لَيْسَ لَك غير ذَلِك فابى ولي الْمَقْتُول ان يقتل الا ان ياخذ الدِّيَة اَوْ رايت لَو ان رجلا حرا قطع يَد رجل حر عمدا فَقَالَ المقطوعة يَده اخذ دِيَة الْيَد فَقَالَ الْقَاطِع اقْطَعْ اَوْ دع اكان يجْبر الْقَاطِع على ان يُعْطِيهِ دِيَة الْيَد وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَلَيْسَ لَهُ الا الْقصاص اما ان ياخذ واما ان يعْفُو قَالَ الله عز وَجل فِي كِتَابه {أَن النَّفس بِالنَّفسِ وَالْعين بِالْعينِ} الاية فَمَا استطيع فِيهِ الْقصاص فَلَيْسَ فِيهِ الا الْقصاص كَمَا قَالَ الله عز وَجل وَلَيْسَ فِيهِ دِيَة وَلَا مَال وَمَا كَانَ من خطا فَعَلَيهِ مَا سمى الله فِي الخطا من الدِّيَة الْمسلمَة الى اهله فَمن حكم

(4/321)


بِغَيْر هَذَا فَهُوَ مُدع فَعَلَيهِ الْبَيِّنَة فِي نفس العَبْد وَغير ذَلِك فَمن وَجب لَهُ الْقصاص فِي عبد اَوْ حر لم يكن لَهُ ان يصرفهُ الى عقل وَمن وَجب لَهُ عقل فَلَيْسَ لَهُ ان يصرفهُ الى قَود فِي حر وَلَا مَمْلُوك فَمن فرق بَين الْمَمْلُوك فِي هَذَا وَبَين الْحر فليأت عَلَيْهِ بالبرهان من كتاب الله عز وَجل النَّاطِق وَمن السّنة الْمَعْرُوفَة
- بَاب دِيَة اهل الذِّمَّة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ودية الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ

(4/322)


والمجوسي مثل دِيَة الْحر الْمُسلم وعَلى من قَتله من الْمُسلمين الْقود وَقَالَ اهل الْمَدِينَة دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ اذا قتل احدهما نصف دِيَة الْحر الْمُسلم ودية الْمَجُوسِيّ ثَمَان مائَة دِرْهَم

(4/323)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر

(4/329)


قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قد روى اهل الْمَدِينَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل مُسلما بِكَافِر وَقَالَ انا احق من اوفى بِذِمَّتِهِ

(4/339)


قَالَ مُحَمَّد اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عبد الرَّحْمَن

(4/341)


ابْن الْبَيْلَمَانِي ان رجلا من الْمُسلمين قتل رجلا من اهل الذِّمَّة فَرفع ذَلِك

(4/343)


الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ انا احق من اوفى بِذِمَّتِهِ ثمَّ امْر بِهِ فَقتل فَكَانَ يَقُول بِهَذَا القَوْل فقيههم ربيعَة بن ابي عبد الرَّحْمَن

(4/344)


وَقد قَتله اهل الْمَدِينَة اذا قَتله قتل غيلَة وَقد بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ انه امْر ان يقتل رجل من الْمُسلمين يقتل رجلا نَصْرَانِيّا غيلَة من اهل الْحيرَة فَقتله

(4/345)


وَقد بلغنَا عَن عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه كَانَ يَقُول اذا قتل الْمُسلم النَّصْرَانِي قتل بِهِ

(4/347)


فَأَما مَا قَالُوا فِي الدِّيَة فَقَوْل الله عز وَجل اصدق القَوْل ذكر الله الدِّيَة فِي كِتَابه فَقَالَ {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله} ثمَّ ذكر اهل الْمِيثَاق فَقَالَ {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة مُؤمنَة} فَجعل فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا دِيَة مسلمة وَلم يقل فِي اهل الْمِيثَاق نصف الدِّيَة كَمَا قَالَ اهل الْمَدِينَة واهل الْمِيثَاق لَيْسُوا مُسلمين فَجعل فِي كل وَاحِدَة

(4/350)


مِنْهُمَا دِيَة مسلمة الى اهله والاحاديث فِي ذَلِك كَثِيرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَشْهُورَة مَعْرُوفَة انه جعل دِيَة الْكَافِر مثل دِيَة الْمُسلم وروى ذَلِك افقههم واعلمهم فِي زَمَانه واعلمهم بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ فَذكر ان دِيَة الْمعَاهد فِي عهد ابي بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم مثل دِيَة الْحر الْمُسلم فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ جعلهَا مثل نصف دِيَة الْحر الْمُسلم فان الزُّهْرِيّ كَانَ اعلمهم فِي زَمَانه بالاحاديث فَكيف رَغِبُوا عَمَّا رَوَاهُ افقههم الى قَول مُعَاوِيَة

(4/351)


أخبرنَا ابْن الْمُبَارك عَن معمر بن رَاشد قَالَ حَدثنِي من شهد قتل رجل بذمي بِكِتَاب عمر بن عبد العزبز
أخبرنَا قيس بن الرّبيع عَن أبان بن تغلب عَن الْحسن بن مَيْمُون

(4/352)


عَن عبد الله بن عبد الله مولى بني هَاشم عَن ابي الْجنُوب الاسدي قَالَ اتى على بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ بِرَجُل من الْمُسلمين قتل رجلا من اهل الذِّمَّة قَالَ فَقَامَتْ عَلَيْهِ البنية فَأمر بقتْله فجَاء أَخُوهُ فَقَالَ قد عَفَوْت

(4/354)


عَنهُ قَالَ فلعلهم هددوك اَوْ فرقوك قَالَ لَا وَلَكِن قَتله لَا يرد على اخي وعوضوني فرضيت قَالَ انت اعْلَم من كَانَت لَهُ ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ دِيَة الْمعَاهد دِيَة الْحر الْمُسلم
حَدثنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم ان رجلا من بني بكر بن وَائِل قتل رجلا من اهل الْحيرَة فَكتب فِيهِ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ

(4/355)


ان يدْفع الى اولياء الْمَقْتُول فان شاؤا قتلوا وان شاؤا عفوا فَدفع الرجل الى ولي الْمَقْتُول الى رجل يُقَال لَهُ حنين من اهل الْحيرَة فَقتله فَكتب عمر بعد ذَلِك ان كَانَ الرجل لم يقتل فَلَا تقتلوه فَرَأَوْا أَن عمر اراد ان يرضيهم من الدِّيَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن يزِيد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ ان

(4/356)


ابْن شاش الجذامي قتل رجلا من انباط الشَّام فَرفع الى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فامر بقتْله فَكَلمهُ الزبير وناس من اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنهوه عَن قَتله قَالَ فَجعل دِيَته الف دِينَار
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن يزِيد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن 2358

(4/357)


ابْن الْمسيب قَالَ دِيَة كل معاهد فِي عَهده الف دِينَار
واخبرنا ابْن عبد الله عَن الْمُغيرَة عَن ابراهيم انه قَالَ دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ والمجوسي سَوَاء
اُخْبُرْنَا خَالِد عَن مطرف عَن الشّعبِيّ مثله الا انه لم يذكر الْمَجُوسِيّ
- بَاب الْعقل على الرجل خَاصَّة
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ تعقل الْعَاقِلَة من الْجِنَايَات الْمُوَضّحَة

(4/358)


وَالسّن فَمَا فَوق ذَلِك وَمَا كَانَ دون ذَلِك فَهُوَ فِي مَال الْجَانِي لَا تعقله الْعَاقِلَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا تعقل الْعَاقِلَة شَيْئا من ذَلِك حَتَّى يبلغ

(4/359)


الثُّلُث فاذا بلغ الثُّلُث عقلته الْعَاقِلَة وَكَذَلِكَ مَا زَاد على الثُّلُث فَهُوَ على الْعَاقِلَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله قد جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الاصبع عشرا من الابل وَفِي السن خمْسا من الابل وَفِي الْمُوَضّحَة خمْسا فَجعل ذَلِك فِي مَال الرجل اَوْ على عَاقِلَته وَذَلِكَ فِي الْكتاب الَّذِي كتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم رَضِي الله عَنهُ

(4/360)


مُجْتَمع فِي الْعين والانف والمامومة والجائفة وَالْيَد وَالرجل فَلم يفرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض ذَلِك من بعض فَكيف افترق ذَلِك عِنْد أهل الْمَدِينَة لَو كَانَ فِي هَذَا افْتِرَاق لأوجب على الْعَاقِلَة مَا وَجب عَلَيْهَا واوجب فِي مَال الرجل مَا وَجب عَلَيْهِ لَيْسَ الامر هَكَذَا وَلَكِن ادنى شَيْء فرض فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُوَضّحَة وَالسّن فَجعل ذَلِك على الْعَاقِلَة وَمَا كَانَ دون ذَلِك فَهُوَ على الْجَانِي فِي مَاله وَقد بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ضربت احداهما بطن الاخرى

(4/362)


فالقت جَنِينا مَيتا ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي ذَلِك بغرة على الْعَاقِلَة فَقَالَ اولياء المراة القاتلة من الْعَاقِلَة كَيفَ ندى من لَا شرب

(4/364)


وَلَا اكل وَلَا نطق وَلَا اسْتهلّ وَمثل ذَلِك يطلّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان هَذَا من اخوان الْكُهَّان فالجنين قضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على اولياء المراة وَلم يقْض بِهِ فِي مَالهَا وانما حكم فِي الْجَنِين بغرة فَعدل ذَلِك بِخَمْسِينَ دِينَارا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَاف بَين اهل الْعرَاق وَبَين اهل الْحجاز فَهَذَا اقل من ثلث الدِّيَة وَقد جعل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْعَاقِلَة فَهَذَا يبين لَك مَا قبله مِمَّا اخْتلف الْقَوْم فِيهِ
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ تعقل الْعَاقِلَة الْخَطَأ كُله الا مَا كَانَ دون الْمُوَضّحَة وَالسّن مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ارش مَعْلُوم

(4/365)


اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح الْقرشِي عَن حَمَّاد قَالَ لَا تعقل الْعَاقِلَة شَيْئا دون الْمُوَضّحَة وكل شَيْء كَانَ دون الْمُوَضّحَة ففية حُكُومَة عدل
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان عَن حَمَّاد عَن ابراهيم ان امراة ضربت بطن ضَرَّتهَا بعمود فسطاط فالقت جَنِينا مَيتا وَمَاتَتْ فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بديتها على الْعَاقِلَة وَقضى فِي الْجَنِين بغرة عبد اَوْ امة على الْعَاقِلَة فَقَالَت الْعَاقِلَة اتكون الدِّيَة فِيمَن لَا شرب وَلَا اكل وَلَا اسْتهلّ فدم مثله يطلّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجع

(4/366)


كسجع الْجَاهِلِيَّة اَوْ شعر كشعرهم كَمَا قلت لكم فِيهِ غرَّة عبد اَوْ امة فَهَذَا قد قضى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْعَاقِلَة بغرة عبد اَوْ امة وَهُوَ اقل من ثلث الدِّيَة وَهَذَا حَدِيث مَشْهُور مَعْرُوف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
- بَاب الْحر اذا جنى على العَبْد
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ ابو حنيفَة فِي العَبْد يقتل خطأ ان على عَاقِلَة الْقَاتِل الْقيمَة

(4/367)


بَالِغَة مَا بلغت الا انه لَا يُجَاوز بذلك دِيَة الْحر الْمُسلم فينقص من ذَلِك مَا تقطع فِيهِ الْكَفّ لانه لَا يكون اُحْدُ من العبيد الا وَفِي الاحرار من هُوَ خير مِنْهُ وَلَا يُجَاوز بدية الْحر وان كَانَ خيرا فَاضلا مَا فرض من الدِّيات وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا تحمل عَاقِلَة قَاتل العَبْد من قيمَة العَبْد

(4/368)


شَيْئا وانما ذَلِك على الْقَاتِل فِي مَاله بَالغا مَا بلغ ان كَانَت قيمَة العَبْد الدِّيَة اَوْ اكثر من ذَلِك لَان العَبْد سلْعَة من السّلع
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله اذا كَانَ العَبْد سلْعَة من السّلع بِمَنْزِلَة الْمَتَاع وَالثيَاب فَلَا يَنْبَغِي ان يكون على عبد قتل عبدا قَود لانه بِمَنْزِلَة سلْعَة استهلكها فَلَا قَود فِيهَا وَذكر اهل الْمَدِينَة ان فِي العَبْد قِيمَته بَالِغَة مَا بلغت وان كَانَت الْقيمَة اكثر من ذَلِك فَيَنْبَغِي ان قتل رجل مولى العَبْد ان تكون فِيهِ الدِّيَة ان قتل العَبْد كَانَت فِيهِ ديتان اذا بلغت عشْرين الْفَا فَيكون فِي العَبْد من دِيَة الاكثر مِمَّا يكون فِي سَيّده

(4/369)


- بَاب مِيرَاث الْقَاتِل
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من قتل رجلا خطأ أَو عمدا فانه لَا يَرث

(4/370)


من الدِّيَة وَلَا من الْقود وَلَا من غَيره شَيْئا وَورث ذَلِك اقْربْ النَّاس من الْمَقْتُول بعد الْقَاتِل الا ان يكون الْقَاتِل مَجْنُونا اَوْ صَبيا فانه لَا يحرم

(4/371)


الْمِيرَاث بقتْله اذ الْقَلَم مَرْفُوع عَنْهُمَا

(4/372)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة بقول ابي حنيفَة فِي الْقَتْل عمدا وَقَالُوا فِي

(4/379)


الْقَتْل خطأ لَا يَرث من الدِّيَة وَيَرِث من مَاله
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ فرقوا بَين دِيَته وَمَاله يَنْبَغِي ان ورث من مَاله ان يَرث من دِيَته هَل رايتم وَارِثا ورث من مِيرَاث رجل مِيرَاثا من بعض دون بعض اما ان يَرث هُوَ من ذَلِك كُله وَإِمَّا ان لَا يَرث من ذَلِك شَيْئا

(4/380)


اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ لَا يَرث قَاتل من قتل خطأ اَوْ عمدا وَلَكِن يَرِثهُ اولى النَّاس بِهِ بعده
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا الْحجَّاج بن ارطاة عَن حبيب بن ابي ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه سُئِلَ عَن رجل قتل اخاه خطا فَلم يورثه وَقَالَ لَا يَرث قَاتل شَيْئا

(4/381)


- بَاب قتل الغيلة وَغَيرهَا وعفو الْأَوْلِيَاء
-
قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من قتل رجلا عمدا قتل غيلَة أَو غير غيلَة فَذَلِك إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل فَإِن شاؤا قتلوا وَإِن شاؤا عفوا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا قَتله قتل غيلَة من غير نائرة وَلَا عَدَاوَة فَإِنَّهُ يقتل وَلَيْسَ لولاة الْمَقْتُول أَن يعفوا عَنهُ وَذَلِكَ إِلَى السُّلْطَان يقتل فِيهِ الْقَاتِل
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قَول الله عز وَجل أصدق من غَيره قَالَ الله عز وَجل {وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل إِنَّه كَانَ منصورا} وَقَالَ عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ} إِلَى قَوْله {فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء فاتباع بِالْمَعْرُوفِ} فَلم يسم فِي ذَلِك قتل الغيلة وَلَا غَيرهَا

(4/382)


فَمن قتل وليه فَهُوَ وليه فِي دَمه دون السُّلْطَان إِن شَاءَ قتل وَإِن شَاءَ عَفا وَلَيْسَ إِلَى السُّلْطَان من ذَلِك شَيْء
أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ

(4/383)


اتي بِرَجُل قد قتل عمدا فامر بقتْله فَعَفَا بعض الاولياء فامر بقتْله فَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ كَانَت لَهُم النَّفس فَلَمَّا عَفا هَذَا احيا النَّفس

(4/384)


فَلَا يَسْتَطِيع ان ياخذ حَقه حَتَّى ياخذ غَيره قَالَ فَمَا ترى قَالَ ارى ان تجْعَل الدِّيَة عَلَيْهِ فِي مَاله وترفع عَنهُ حِصَّة الَّذِي عَفا فَقَالَ عمر

(4/385)


وانا ارى ذَلِك
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ من عَفا من ذِي سهم فعفوه عَفْو فقد اجاز عمر وَابْن مَسْعُود الْعَفو من اُحْدُ الاولياء

(4/386)


وَلم يسْأَلُوا اقْتُل غيلَة كَانَ ذَلِك اَوْ غَيره

(4/387)


- بَاب الْقصاص فِي الْقَتْل
-

(4/388)


قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا قصاص على قَاتل الا قَاتل قتل بسلاح وَقَالَ اهل الْمَدِينَة الْقود بِالسِّلَاحِ فاذا قتل الْقَاتِل بِشَيْء لَا يعاش

(4/389)


من مثله يَقع موقع السِّلَاح اَوْ اشد فَهُوَ بِمَنْزِلَة السِّلَاح واذا ضربه فَلم يزل يضْربهُ وَلم يقْلع عَنهُ حَتَّى يَجِيء من ذَلِك شَيْء لَا يعِيش هُوَ من مثله اَوْ يَقع موقع السِّلَاح اَوْ اشد فَهَذَا ايضا فِيهِ الْقصاص
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن من قَالَ الْقصاص فِي السَّوْط والعصا فقد ترك حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَشْهُور الْمَعْرُوف وخطبته يَوْم فتح مَكَّة حِين خطب الا ان قَتِيل الخطا الْعمد مثل السَّوْط والعصا فِيهِ مائَة من

(4/392)


الابل مِنْهَا اربعون فِي بطونها اولادها واذا كَانَ مَا تعمد بِهِ من عَصا

(4/395)


اَوْ حجر فَقتله بِهِ فَفِيهِ الْقصاص بَطل هَذَا الحَدِيث فَلم يكن لَهُ معنى الا ان قَتِيل الخطا هُوَ مَا تعمد ضربه بِالسَّوْطِ أوبالعصا اَوْ نَحْو ذَلِك فَأتى على نَفسه فان كَانَ الامر كَمَا قَالَ اهل الْمَدِينَة فقد بطلت الدِّيَة فِي شبه الْعمد اذا كَانَ كل شَيْء تَعَمّدت بِهِ النَّفس من صَغِير اَوْ كَبِير فَقلت بِهِ كَانَ فِيهِ الْقصاص فَالدِّيَة فِي شبه الْعمد فِي أَي شَيْء فرضت انما هُوَ خطا فِي قَول

(4/396)


اهل الْمَدِينَة اَوْ عمد فَشبه الْعمد الَّذِي غلظت فِيهِ الدِّيَة أَي شَيْء هُوَ فِي النَّفس مَا يَنْبَغِي ان يكون لشبه الْعمد فِي النَّفس معنى فِي قَوْلهم
اُخْبُرْنَا ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قتل فِي عمية فِي رميا تكون بَينهم بحجارة اَوْ جلد بِالسَّوْطِ اَوْ ضرب بعصا فَهُوَ خطا عقله عقل الخطا وَمن قتل عمدا فَهُوَ

(4/397)


قَود يَده فَمن حَال دونه فَعَلَيهِ لعنة الله وغضبه لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل

(4/398)


- بَاب الرجل يمسك الرجل للرجل حَتَّى يقْتله
-

(4/402)


قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يمسك الرجل للرجل فيضربه بسلاح فَيَمُوت مَكَانَهُ انه لَا قَود على الممسك والقود على الْقَاتِل

(4/403)


وَلَكِن الممسك يوجع عُقُوبَة ويسودع فِي السجْن وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان امسكه وَهُوَ يرى انه يُرِيد قَتله قتلا بِهِ جَمِيعًا
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ يقتل الممسك وَلم يقتل واذا امسكه وَهُوَ يرى انه لَا يُرِيد قَتله فتقتلون الممسك قَالُوا لَا انما نَقْتُلهُ اذا ظن انه يُرِيد قَتله قيل لَهُم فَلَا نرى الْقود فِي قَوْلكُم يجب على الممسك الا بظنه وَالظَّن يُخطئ ويصيب ارايتم رجلا دلّ على رجل فَقتله وَالَّذِي دلّ يرى انه سيقتله ان قدر عَلَيْهِ ايقتل الدَّال وَالْقَاتِل جَمِيعًا وَقد دلّ عَلَيْهِ فِي مَوضِع لَا يقدر على ان يتَخَلَّص مِنْهُ يَنْبَغِي فِي قَوْلكُم ان تقتلُوا الدَّال كَمَا تقتلون الممسك ارايتم رجلا امْر رجلا يقتل رجل فَقتله ايقتل

(4/404)


الْقَاتِل والامر يَنْبَغِي فِي قَوْلهم ان يقتلا جَمِيعًا ارايتم رجلا حبس امراة لرجل حَتَّى زنى بهَا ايحدان جَمِيعًا اَوْ يحد الَّذِي فعل الْفِعْل فان كَانَا محصنين ايرجمان جَمِيعًا يَنْبَغِي لمن قَالَ يقتل الممسك ان يَقُول يُقَام الْحَد عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ارايتم رجلا سقى رجلا خمرًا ايحدان جَمِيعًا حد الْخمر اَوْ يحد الشَّارِب خَاصَّة ارايتم رجلا امْر رجلا ان يفتري على رجل فافترى عَلَيْهِ ايحدان جَمِيعًا ام يحد الْقَاذِف خَاصَّة يَنْبَغِي فِي قَوْلكُم ان يحدا جَمِيعًا هَذَا لَيْسَ بِشَيْء لَا يحد الا الْفَاعِل وَلَا يقتل الا الْقَاتِل وَلَكِن على الاخر التَّعْزِير وَالْحَبْس
اُخْبُرْنَا اسمعيل بن عَيَّاش الْحِمصِي اُخْبُرْنَا عبد الْملك بن جريج عَن عَطاء بن ابي رَبَاح عَن عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ فِي رجل قتل رجلا مُتَعَمدا وامسكه اخر فَقَالَ يقتل الْقَاتِل وَيحبس الاخر فِي السجْن حَتَّى يَمُوت

(4/405)


- بَاب الْقود بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا قَود بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء الا فِي النَّفس وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة نفس المراة بِنَفس الرجل وجرحها بجرحه

(4/406)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن ارايتم المراة فِي الْعقل اليست على النّصْف من دِيَة الرجل قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَكيف قطعت يَده بِيَدِهَا وَيَده ضعف يَدهَا فِي الْعقل قَالُوا انت تَقول مثل هَذَا انت تقتله بالمراة ودية المراة على النّصْف من دِيَة الرجل قيل لَهُم لَيست النَّفس كَغَيْرِهَا

(4/407)


الا ترى ان عشرَة لَو قتلوا رجلا باسيافهم حَتَّى قَتَلُوهُ قتلوا بِهِ جَمِيعًا وَلَو ان عشرَة قطعُوا يَد رجل وَاحِد لم تقطع ايديهم فَلذَلِك

(4/408)


اخْتلفت النَّفس والجراح فان قُلْتُمْ انا نقطع يَدي رجلَيْنِ بيد رجل فاخبرونا عَن رجلَيْنِ قطعا يَد رجل جَمِيعًا جزها احدهما من اعلاها والاخر من اسفلها حَتَّى التقف الحديدتان فِي النّصْف مِنْهَا أتقطع يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا وانما قطع نصف يَده لَيْسَ هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي ان يخفى على اُحْدُ

(4/411)


- بَاب الْقصاص فِي الْيَد وَالرجل
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا قصاص على اُحْدُ كسر يدا اَوْ رجلا

(4/412)


لانه عظم وَلَا قَود فِي عظم الا السن وَقَالَ اهل الْمَدِينَة من كسرهَا يدا اَوْ رجلا اقيد مِنْهُ وَلَا يعقل وَلكنه لَا يُقَاد حَتَّى يبرا جرح صَاحبه

(4/413)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى الاثار فِي انه لَا قَود فِي عظم اكثر من ذَلِك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان الْقرشِي عَن حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ لَيْسَ فِي عظم قصاص الا السن وَقَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ

(4/414)


لَا قصاص فِي شَيْء من ذَلِك وَفِي الْيَد نصف الدِّيَة فِي مَاله وَفِي الْكسر حُكُومَة عدل فِي مَاله وَلم اكن لاضع الْحَدِيد فِي غير الْموضع الَّذِي وَضعهَا فِيهِ الْقَاطِع وَلَا اقْتصّ من عظم فَلذَلِك جعلت فِي ذَلِك الدِّيَة
قَالَ وَقد اجْتَمَعنَا نَحن واهل الْمَدِينَة انه لَا قَود فِي مامومة فَيَنْبَغِي

(4/415)


لمن راى الْقود فِي الْعِظَام ان يرى ذَلِك فِي المامومة لانها عظم كسر فوصل الى الدِّمَاغ وَلم يصب الدِّمَاغ وَيَنْبَغِي لَهُ ايضا ان يَجْعَل فِي المنقلة الْقود وان اقْتصّ من عظم الْيَد وَالرجل وَلم يقْتَصّ من كسر عظم الراس فقد ترك قَوْله وَلَيْسَ بَينهمَا افْتِرَاق وَيَنْبَغِي لَهُ ايضا ان يقْتَصّ من الهاشمة وَهِي الشَّجَّة الَّتِي هشمت عظم الراس فان لم يقْتَصّ من هَذَا فقد ترك قَوْله فِي كسر الْيَد وَالرجل
وَقد قَالَ مَالك بن انس رضى الله عَنهُ ذَات يَوْم كُنَّا لَا نقتص من الاصابع حَتَّى اقْتصّ مِنْهَا عبد الْعَزِيز بن مطلب قَاض عَلَيْهِم فاقتصصنا مِنْهَا

(4/416)


فَلَيْسَ يعدل قَول اهل الْمَدِينَة فِي الاشياء بِمَا عمل بِهِ عَامل فِي بِلَادهمْ

(4/417)