السير
الصغير ت خدوري = =
كتاب الْعشْر
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه
دَاوُود بن رشيد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله يَقُول قَالَ
أَبُو حنيفَة رَحمَه الله فِي أَرض الْعشْر مَا أخرجت الأَرْض من قَلِيل
اَوْ كثير مِمَّا لَهُ ثَمَر بَاقٍ أَو لَا ثَمَر من الْخضر وَغَيرهَا إِن
كَانَت الأَرْض تسقى سيحا أَو سقته السَّمَاء فَفِيمَا أخرجت فِي ذَلِك
كُله الْعشْر وَمَا كَانَ من ذَلِك يسقى بغرب أَو دالية فَفِيهِ نصف
الْعشْر إِلَّا الْحَطب والحشيش والتبن فَإِنَّهُ لم يكن يرى فِيهِ شَيْئا
وَكَانَ يَأْخُذ فِي ذَلِك بِمَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه
كَانَ يَقُول فِيمَا أخرجت الارض نصف الْعشْر على مَا وصفت لَك وَرُوِيَ
ذَلِك عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يَقُول ولسنا نَأْخُذ بِهَذَا الحَدِيث
الْمَعْرُوف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَيْسَ
فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أواقي صَدَقَة
والْحَدِيث الآخر مَعْرُوف ايضا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث
معَاذ بن جبل الى الْجَبَل فَأمره أَن لَا يَأْخُذ من الْخضر صَدَقَة
وَالْخضر عندنَا مَا لم يكن لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة مثل الْبُقُول والرطاب
والبطيخ وَالْخيَار والقثاء والبصل والثوم وَأَشْبَاه ذَلِك من الرياحين
كلهَا من الآس والخيري والورد والوسمة وَنَحْو ذَلِك فَلَيْسَ فِي شَيْء من
هَذَا صَدَقَة إِذا كَانَ فِي أَرض الْعشْر وَكَذَلِكَ البزور كلهَا
الَّتِي لَا ينْتَفع بهَا إِلَّا البزر مثل بزر الرّطبَة وبزر الْبُقُول
والبطيخ وَنَحْوه فَلَيْسَ فِي شَيْء من هَذِه البزور كلهَا صَدَقَة عشر
وَلَا غَيره إِذا أخرجته الأَرْض قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا
إِذا أخرجت الأَرْض من أَرض الْعشْر مِمَّا لَهُ ثَمَر بَاقٍ مثل
الْحِنْطَة وَالشعِير والتين وَالزَّبِيب والأرز والذرة وَالسَّلب وَنَحْو
ذَلِك من الْجَوْز واللوز والفستق والجلوز الْحبَّة الخضراء وَغير ذَلِك
فَفِيمَا أخرجت الأَرْض الْعشْر مِنْهُ
(1/279)
وَمَا كَانَ دون خَمْسَة أوسق فَلَا شَيْء
فِيهِ حَتَّى يبلغ مَا يخرج مِنْهُ خَمْسَة أوسق والوسق سِتُّونَ صَاعا
بِصَاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والصاع عندنَا ثَمَانِيَة
أَرْطَال بالعراقي وَهُوَ قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله أما قَول أهل
الْحجاز فالصاع خَمْسَة أَرْطَال وَثلث بالعراقي فَإِذا أخرجت الأَرْض
شَيْئا من هَذَا الَّذِي وصف لَك فَبلغ خَمْسَة أوسق فَإذْ كَانَ مِمَّا
لَا يسقى سيحا أَو تسقيه السَّمَاء فَفِيهِ الْعشْر كَامِلا وَمَا سقِِي
بغرب أَو دالية فَفِيهِ نصف الْعشْر
وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة مِمَّا يَقع فِي الْكَيْل
فَلَيْسَ فِيمَا أخرجت الأَرْض مِنْهُ شَيْء حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق
كَمَا وصفت لَك كل مِنْهَا سِتُّونَ صَاعا إِنَّمَا نَنْظُر فِيهِ الى
الْكَيْل وَلَا نَنْظُر الى مَا خرج من الزَّيْت فَإِن كَانَ الزَّيْتُون
خَمْسَة أوسق فَفِيهِ الْعشْر وَإِن كَانَ دون ذَلِك لم يكن فِيهِ عشر
فَإِن أخرجت الأَرْض وسقين من ثَمَر ووسقين من حِنْطَة ووسقين من زبيب لم
يضم بعض هَذَا إِلَى بعض وَلم يكن فِي هَذَا شَيْء يبلغ التَّمْر خَمْسَة
أوسق وَالزَّبِيب خَمْسَة أوسق وَالْحِنْطَة خَمْسَة أوسق
وَكَذَلِكَ القطنية كلهَا من العدس والباقلاء واللوبيا والماش وَنَحْو
ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يُضَاف بعضه الى بعض حَتَّى تخرج الأَرْض من هَذَا من
كل وَاحِد خَمْسَة أوسق على حَده فَإِذا أخرجت ذَلِك فَكَانَ أسود وأبيض
فَإِن ذَلِك يُضَاف بعضه الى بعض فَإِن أخرجت مِنْهُ مِقْدَار خَمْسَة أوسق
من التَّمْر الجاف أَو الزَّبِيب كَانَ فِيهِ الْعشْر فَإِن بيع رطبا أَو
عنبا أَو بسرا يخرص ذَلِك تمر جافا اَوْ زبيبا فَإِذا بلغ الْخرص خَمْسَة
أوسق أَخذ مِنْهُ الْعشْر وَإِن كَانَ لَا يبلغ فِي الْخرص ذَلِك لم
يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء
إِذا كَانَ فِي أَرض الْعشْر والزعفران والورس وكل مَا يُوزن وزنا بالأرطال
والأمناء فَإِن هَذَا مِمَّا لَا يَقع فِي الْكَيْل وَإِنَّمَا يُؤْخَذ
ذَلِك بِأَكْثَرَ وَزنه وَأكْثر وزن الْعَسَل الأفراق وكل مَا حصل لَيْسَ
فِيمَا دون خَمْسَة أوسق صَدَقَة وَكَذَلِكَ الْعَسَل لَيْسَ فِيمَا دون
خَمْسَة أفراق من الْعَسَل صَدَقَة
وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَان والورس أَكثر وَزنه الْأُمَنَاء فَلَيْسَ فِيمَا
دون خَمْسَة أُمَنَاء من الزَّعْفَرَان والورس صَدَقَة فَإِذا بلغ خَمْسَة
أمنان فَفِيهِ الصَّدَقَة وَكَذَلِكَ الْقطن لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة
أحمال مِنْهُ صَدَقَة وَالْحمل ثلثمِائة من الْغَزل
(1/280)
وَأما العصفر والكتان فَلَهُمَا جَمِيعًا
بزر يَقع فِي الْكَيْل فَإِذا خرج من العصفر خَمْسَة أوسق فَهُوَ كَمَا فِي
القرطم وَفِي عصفره الْعشْر أَو نصف الْعشْر والعصفر يتبع القرطم فَإِن
أخرجت الأَرْض أقل من خَمْسَة أوسق من القرطم لم يكن فِيهِ شَيْء وَلَا فِي
عصفره صَدَقَة
وَكَذَلِكَ الْكَتَّان إِذا أخرجت الأَرْض من بزره خَمْسَة أوسق كَانَ
فِيهِ وَفِي كتانه الْعشْر وَإِذا أخرجت مِنْهُ أقل من خَمْسَة أوسق لم يكن
فِيهِ وَلَا فِي كتانه شَيْء
أما القنب فَإِذا أخرجت الأَرْض من حبه خَمْسَة أوسق فَفِيهِ الْعشْر
فَإِذا أخرجت أقل من ذَلِك فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَأما القنب فَلَا شَيْء
فِيهِ على حَال لِأَنَّهُ نَحْو الْخشب وَلَيْسَ فِي الْخشب وَلَا فِي
النّخل صَدَقَة أَلا ترى أَنا نَأْخُذ الصَّدَقَة من الْحِنْطَة وَلَا
نأخذها من التِّبْن وَكَذَلِكَ الْخشب والقطران الَّذِي يخرج مِنْهُ الزفت
وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء وكل شَيْء خرج من الْخشب فَلَا شَيْء فِيهِ والصنوبر
مَا خرج مِنْهُ وَبلغ خَمْسَة أوسق فَفِيهِ الصَّدَقَة وَمَا كَانَ أقل من
ذَلِك فَلَا صَدَقَة فِيهِ وَلَيْسَ فِي خشبه صَدَقَة على كل حَال وَلَا
يكون الْعشْر وَنصف الْعشْر إِلَّا فِيمَا تنْبت الأَرْض
وَأما الْملح وَنَحْوه فَلَا شَيْء فِيهِ وَكَذَلِكَ القير والنفط إِنَّمَا
كَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة المَاء وَلَا شَيْء وَأما مَا أخرجت الأَرْض
مِمَّا يَأْكُلهُ النَّاس والبهائم مِمَّا لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة فَذَلِك
الَّذِي فِيهِ الْعشْر وَنصف الْعشْر وَأما قصب السكر فَمَا كَانَ مِنْهُ
لَا يخرج السكر فَلَا شَيْء فِيهِ وَمَا أخرج السكر فَفِي عسله الْعشْر
إِذا بلغ خَمْسَة أفراق وَالْفرق سِتَّة وَثَلَاثُونَ رطلا بالعراقي وَمَا
خرج من ذَلِك أقل من خَمْسَة أفراق فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَأما الكراويا والكمون والكزبرة والخردل والصعتر فَمَا بلغ من ذَلِك
خَمْسَة أوسق فَفِيهِ الصَّدَقَة وَأما الناخوا والخردل والصعتر والأبهل
وَمَا أشبه ذَلِك فَلَا شَيْء فِي ذَلِك لِأَن هَذِه أدوية وَالْأول
الْغَالِب عَلَيْهِ أَنه طَعَام والأنجذان بِمَنْزِلَة الكزبرة والخطمى
والسرو والأشنان وَنَحْو ذَلِك فَلَا شَيْء فِيهِ لِأَنَّهُ يقتل وَلَو
كَانَ فِيهِ شَيْء كَانَ فِي الرّطبَة وَلَكِن ذَلِك كُله شَيْء وَاحِد
وَمَا كَانَ من الرُّمَّان سِتِّينَ حَبَّة يُبَاع يَابسا فَفِيهِ الْعشْر
إِذا خرص حبه خَمْسَة أوسق وَمَا لم يكن حبه بَاقِيا وَلم يكن يدّخر فَلَا
شَيْء فِيهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْفَاكِهَة الَّتِي لَا تبقى
(1/281)
والتين والإجاص بِمَنْزِلَة التَّمْر
مِمَّا بلغ خَمْسَة أوسق فَفِيهِ الصَّدَقَة وَكَذَلِكَ الْعنَّاب وَأما
الخوخ والكمثرى والتفاح والنبق والمشمش والتوت فَلَا شَيْء فِي ذَلِك فِي
ورقه وَلَا فِي ثمره لِأَن الْغَالِب عَلَيْهِ أَنه لَا يدّخر وييبس
وَكَذَلِكَ الموز والهلج والخرنوب فَلَا شَيْء فِيهِ والحلبة وَالْكبر
فَلَا شَيْء فِيهِ وَكَذَلِكَ الصمخ
وَإِذا كَانَ للرجل أرضان فِي نهرين مُتَفَرّقين فأخرجت الأرضان جَمِيعًا
خَمْسَة أوسق مِمَّا يجب فِيهِ الصَّدَقَة فَفِي ذَلِك الْعشْر وَإِن
تَفَرَّقت الأرضان وكانتا فِي مصرين مُخْتَلفين وَكَذَلِكَ إِن كَانَت
أرضون عددا جمع بَعْضهَا الى بعض فَإِذا أخرجت خَمْسَة أوسق مِمَّا فِيهِ
الصَّدَقَة أخذت مِنْهُ الصَّدَقَة وَإِنَّمَا نظر فِي ذَلِك الى الْمَالِك
فَإِذا كَانَ وَاحِدًا لم يلْتَفت الى تفرق الْأَرْضين والبلدان وَلَو
كَانَت أَرضًا وَاحِدَة بَين رجلَيْنِ لم تقسم فأخرجت خَمْسَة أوسق مِمَّا
يجب فِيهِ الصَّدَقَة لم يكن فِي شَيْء من ذَلِك صَدَقَة حَتَّى يخرج نصيب
كل وَاحِد خَمْسَة أوسق فَيكون فِي ذَلِك صَدَقَة
وَأما مَا استخرج من الْجبَال من الذَّهَب وَالْفِضَّة والنحاس والرصاص
وَالْحَدِيد والزئبق فَفِي كل قَلِيل أَو كثير أخرج من ذَلِك الْخمس وَأما
الزرنيخ والكحل والبزم والزاج وَنَحْوه فَلَيْسَ فِي شَيْء من هَذَا عشر
وَلَا شبهه وَكَذَلِكَ مَا استخرج من الْجبَال من الْيَاقُوت والزبرجد
والفيروز فَلَا شَيْء فِيهِ وَهُوَ كُله لمن وجده
بلغنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَيْسَ فِي الْحجر
صَدَقَة فَبِهَذَا نَأْخُذ وَكَذَلِكَ مَا أستخرج من الْبَحْر من العنبر
واللؤلؤ والسمك وَغير ذَلِك فَلَيْسَ فِيهِ صَدَقَة وَهَذَا كُله لمن
استخرجه
دَاوُد بن رشيد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله قَالَ
أخبرنَا سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن أَبِيه عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن العنبر هَل فِيهِ خمس
قَالَ هُوَ شَيْء دثره الْبَحْر وَكَذَلِكَ نقُول لَا شَيْء فِيهِ هَذَا
قَول أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَقَوْلنَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه
الله بذلك زَمَانا ثمَّ قَالَ فِي اللُّؤْلُؤ والعنبر يسْتَخْرج من
الْبَحْر الْخمس وَأما السّمك فَلَا شَيْء فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ينْبت
(1/282)
وَقَالَ لَيْسَ فِي الذريرة شَيْء وَلَا
فِي قصبها لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة الريحان والأبخرة فَلَا شَيْء فِيهِ
وَهَذَا كُله قَوْلنَا وَهُوَ على قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
رحمهمَا الله على مَا وصفت لَك
قيل لمُحَمد بن الْحسن فِي العنبر شَيْء قَالَ نعم قيل لَهُ أَرَأَيْت كلما
أوجبت فِيهِ الْعشْر كَانَ فِي ملك إِنْسَان أَو لم يكن فِي ملك إِنْسَان
فَهُوَ سَوَاء وَفِيه الْعشْر قَالَ نعم
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْهَادِي للصَّوَاب تمّ كتاب الْعشْر
بِحَمْد الله وعونه وَالْحَمْد لله وَحده وصلواته وَسَلَامه على نبيه
مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد
بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي يَوْم الْخَمِيس آخر شهر الله
الْمُبَارك رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَلَاث وسِتمِائَة
(1/283)
|