السير
الصغير ت خدوري = =
كتاب الْخراج
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ
توكلت
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَأَرْض السوَاد كلهَا وَأَرْض الْجَبَل وَمَا
سقت دجلة والفرات فَذَلِك كُله من أَرض الْخراج وكل أَرض غلب عَلَيْهَا
الْمُسلمُونَ فَهِيَ أَرض خراج فَمَا كَانَ من أَرض الْخراج من غامر أَو
عَامر مِمَّا يبلغهُ المَاء مِمَّا يصلح للزَّرْع فَفِي كل جريب قفيز
وَدِرْهَم فِي كل سنة زرع ذَلِك صَاحبه فِي السّنة مرّة أَو مرَارًا أَو لم
يزرعه كُله سَوَاء وَفِيه كل سنة قفيز وَدِرْهَم فِي كل جريب أَرض والقفيز
قفيز الْحجَّاج وَهُوَ ربع الْهَاشِمِي وَهُوَ مثل الصَّاع الَّذِي كَانَ
على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانِيَة أَرْطَال وَذَلِكَ
قدر الْمِكْيَال الَّذِي يُكَال بِهِ الْيَوْم الْحِنْطَة وَالشعِير
وَزِيَادَة حفنتين يوضع ذَلِك على كل جريب حِنْطَة أَو شعير
وكل شَيْء مِمَّا يزرع من أَنْوَاع الْحُبُوب من الْأرز والسمسم والبقول
والرياحين وَغير ذَلِك مِمَّا يزرع سوى الرطاب والكروم وَمَا لم يزرعه
صَاحبه من أَرض الْخراج وَهُوَ يصلح للزَّرْع فَفِي كل جريب مِنْهُ قفيز
حِنْطَة وَدِرْهَم وَمَا زرعه صَاحبه فَأَصَابَهُ آفَة من ترك أَو حرق أَو
غرق أَو غَيره فَذهب كُله فَلَيْسَ على صَاحب الأَرْض فِي ذَلِك خراج فِي
تِلْكَ السّنة الَّتِي أصَاب فِيهَا أرضه ذَلِك وَإِن ذهب عامته وَبَقِي
مِنْهُ شَيْء قدر مَا تكون قِيمَته فِي كل جريب قدر دِرْهَمَيْنِ وقفيزين
أَو أَكثر أَخذ مِنْهُ كل جريب قفيز وَدِرْهَم وَإِن كَانَت قيمَة مَا فِي
كل جريب أقل من قفيزين ودرهمين أَخذ مِنْهُ قيمَة النّصْف من ذَلِك لَا
يُؤْخَذ مِنْهُ غَيره
وَلَيْسَ فِي النّخل وَالشَّجر شَيْء وَيُوضَع على الْكَرم على كل جريب كرم
عشرَة دَرَاهِم وعَلى كل جريب رطبَة خَمْسَة دَرَاهِم فَإِن أصَاب ذَلِك
آفَة فَلم ينْتَفع بِهِ
(1/257)
صَاحبه فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء وَإِن بَقِي
من الْكَرم مَا يُسَاوِي مَا فِي كل جريب عشْرين درهما أَو أَكثر فَفِيهِ
عشرَة دَرَاهِم وَإِن كَانَ أقل من عشْرين أَخذ مِنْهُ النّصْف وَإِن كَانَ
بَقِي من الرطاب عَن كل جريب مَا يُسَاوِي عشرَة دَرَاهِم أَو أَكثر أَخذ
مِنْهُ من كل جريب خَمْسَة وَإِن كَانَ مَا فِيهِ لَا يُسَاوِي إِلَّا
الْأَقَل من عشرَة أَخذ مِنْهُ النّصْف من ذَلِك
وَمَا كَانَ من أَرض نخل أَو شجر ملتف مُجْتَمع مُتَقَارب لَا يُسْتَطَاع
أَن يزرع تَحْتَهُ جعل على كل جريب مِنْهُ بِقدر مَا يُطيق فَيجْعَل
عَلَيْهِ مثل مَا يَجْعَل على جريب الْكَرم يَجْعَل على كل جريب مِنْهُ
عشرَة دَرَاهِم
قَالَ والجريب سِتُّونَ ذِرَاعا فِي سِتِّينَ ذِرَاعا بِذِرَاع الْملك
وذراع الْملك سبع مساتق وَذَلِكَ سبع قبضات وَذَلِكَ يزِيد على ذِرَاع
الْعَامَّة قيمَة قَبْضَة وَالدَّرَاهِم كل دِرْهَم وزن سَبْعَة دوانيق
مِمَّا يُوزن بِالْعشرَةِ دَرَاهِم مِنْهَا سبع مَثَاقِيل وَهِي على مَا
يرى النَّاس الْيَوْم وَهَذِه الدَّرَاهِم الَّتِي يتبايع بهَا النَّاس
الْيَوْم هِيَ وزن سَبْعَة مَثَاقِيل
قَالَ وَلَو أَن رجلا كَانَت لَهُ أَرض من أَرض الْخراج وَقطعَة من أرضه
سبخَة لَا تصلح للزَّرْع وَلَا يبلغهَا المَاء لم يكن عَلَيْهَا خراج وَإِن
كَانَت يبلغهَا المَاء وَهِي مِمَّا يصلح أَن يعالج ويزرعها فعلَيْهَا
الْخراج فِي كل جريب قفيز وَدِرْهَم
وَقَالَ وَلَو أَن رجلا غرس ماية جريب من أرضه كرما وَهُوَ لَا يبلغ
سنتَيْن كَانَ عَلَيْهِ فِي سنة من الْخراج قفيز وَدِرْهَم حَتَّى يبلغ
فَإِذا بلغ وَأطْعم كَانَ عَلَيْهِ فِي كل جريب عشرَة دَرَاهِم قَالَ وَإِن
كَانَ حَيْثُ أطْعم لَا يبلغ مَا يخرج مِنْهُ إِلَّا أقل من عشْرين درهما
من كل جريب جعل عَلَيْهِ فِي كل جريب النّصْف مِمَّا يخرج وَإِن كَانَ مَا
يخرج من كل جريب يُسَاوِي عشْرين درهما أَو أَكثر جعل عَلَيْهِ على كل جريب
عشرَة دَرَاهِم وَإِن كَانَ مَا يخرج من كل جريب يزِيد على قفيز وَدِرْهَم
أَو أقل جعل على كل قفيز وَدِرْهَم
قَالَ وَكَذَلِكَ الرّطبَة إِذا زَرعهَا فِي أَرض الْخراج فبلغت فَخرجت
مُتَفَرِّقَة وَخرج مِنْهَا قَلِيل فَكَانَ مَا خرج من كل جريب أقل من
عشرَة دَرَاهِم جعل عَلَيْهَا قدر النّصْف مِمَّا يخرج من ذَلِك إِلَّا أَن
يكون النّصْف من ذَلِك أقل من قفيز وَدِرْهَم يَجْعَل عَلَيْهَا قفيز
وَدِرْهَم
وَلَو أَن رجلا غرس أرضه وَهِي من ارْض الْخراج نخلا أَو شَجرا فَكَانَ
ملتفا
(1/258)
متقاربا لَا يُسْتَطَاع أَن يزرع تَحْتَهُ
وَلَا تبلغ ثَمَرَته جعل عَلَيْهِ فِي كل جريب عشرَة دَرَاهِم مِثْلَمَا
يوضع على الْكَرم فَإِن كَانَ حمله خصف وَإِنَّمَا فِي النَّخْلَة الكباسة
أَو الكباستان وَشبهه وَإِن كَانَت قيمَة الثَّمر الَّذِي يخرج من النّخل
من كل جريب يبلغ عشْرين درهما أَو أَكثر جعل عَلَيْهِ على كل جريب عشرَة
دَرَاهِم وَأَن كَانَت قيمَة مَا يخرج مِنْهُ من التَّمْر أقل من عشْرين
درهما جعل عَلَيْهِ قدر قيمَة النّصْف من ذَلِك إِلَّا أَن تكون قيمَة
النّصْف من ذَلِك أقل من قفيز وَدِرْهَم فَيجْعَل عَلَيْهِ فِي كل جريب
قفيز وَدِرْهَم
وَأما مَا سوى النّخل وَالشَّجر من الزَّرْع من الْحِنْطَة وَالشعِير
والأرز وأصناف ذَلِك من الْحُبُوب وَغَيره من الْبُقُول والرياحين
والزعفران والعصفر وَغير ذَلِك قَالَ فَيُوضَع على كل جريب من ذَلِك قفيز
وَدِرْهَم كثرت قيمَة ذَلِك أَو قلت
وَإِن كَانَت لَهُ أجمة فِي أَرض الْخراج فِيهَا صيد كثير فَلَيْسَ فِي
الصَّيْد خراج فَإِن كَانَ فِيهَا قصب كثير أَو قَلِيل أَو طرف أَو دلب أَو
خلاف أَو صنوبر أَو غَيره مِمَّا يقطع وَيُبَاع جعل على كل جريب من ذَلِك
قفيز وَدِرْهَم إِذا كَانَ يبلغ مَا يخرج من الجريب من ذَلِك قيمَة
دِرْهَمَيْنِ وقفيز أَو أَكثر وَإِن كَانَ أقل جعل عَلَيْهِ نصف الْقيمَة
من ذَلِك من كل جريب
وَإِن كَانَ فِي أَرض الْخراج أَرض مملحة يخرج مِنْهَا ملح قَلِيل أَو كثير
أَو يخرج مِنْهَا القير والنفط وَإِن كَانَ فِيهَا نخل أَو عسل أَو أشباه
ذَلِك وَهِي مِمَّا تصلح للزَّرْع وَلَا يبلغهُ المَاء فَلَيْسَ فِي ذَلِك
شَيْء وَإِن كَانَ ذَلِك الْموضع يصلح أَن يزرع ويبلغه المَاء جعل على جريب
قفيز وَدِرْهَم قَالَ وَبِهَذَا القَوْل كُله نَأْخُذ
(1/259)
بَاب مَا جَاءَ فِي أَرض الْخراج إِذا أسلم
أَهلهَا أَو عجزوا عَنْهَا أَو تركوها كَيفَ يصنع بهم فِي ذَلِك وَمَا
جَاءَ فِي ذَلِك
قَالَ وَأَرْض السوَاد يجب عَلَيْهَا الْخراج على كل من ملك من أَرض
الْخراج شَيْئا من مُسلم أَو ذمِّي أَو مكَاتب أَو عبد أَو رجل عَلَيْهِ
دين أَو لَيْسَ عَلَيْهِ دين فَيجب عَلَيْهِ فِي أَرض الْخراج إِذا ملكهَا
مَا يجب على غَيره على مَا يشبهها على كل جريب مِمَّا يصلح للزَّرْع قفيز
وَدِرْهَم وعَلى الكروم على كل جريب عشرَة وعَلى الرطاب على كل جريب
خَمْسَة وَلَا خراج بَين النّخل وَالشَّجر فَإِن كَانَ نخل ملتف وَشَجر
ملتف جعل عَلَيْهِ من الْخراج على مَا فسرنا
قَالَ وَأَن أسلم الرجل من أهل الذِّمَّة وَله أَرض من الْخراج كَانَت أرضه
لَهُ على حَالهَا يُؤَدِّي عَنْهَا الْخراج وَيسْقط عَنهُ خراج رَأسه وَلَو
أَن مُسلما أجر ارضا لَهُ من أَرض الْخراج أَو دَفعهَا اليه مُزَارعَة
كَانَ الْخراج على رب الأَرْض وَكَذَلِكَ لَو جعله عَلَيْهَا ليطعمها كَانَ
الْخراج على رب الأَرْض مَا لم تكن كرما أَو رطابا أَو شَجرا ملتفا أَو
نخلا ملتفا فَإِن كَانَ الْمُسْتَأْجر أَو الْمُسْتَعِير غرس فِيهَا كرما
وَجعل فِيهَا رطابا كَانَ خراج ذَلِك على الَّذِي اسْتَأْجر واستعار على كل
جريب من الْكَرم عشرَة دَرَاهِم وعَلى كل جريب من الرطاب خَمْسَة
وَكَذَلِكَ النّخل الملتف المتقارب وَالشَّجر الملتف الَّذِي لَا
يُسْتَطَاع أَن يزرع تَحْتَهُ إِذا غرس ذَلِك الْمُسْتَعِير أَو
الْمُسْتَأْجر تَحْتَهُ كَانَ خراج ذَلِك على الْمُسْتَعِير
قَالَ وَإِن بَاعهَا أَو وَهبهَا أَو تصدق بهَا على إِبْنِ لَهُ صَغِير أَو
على أَجْنَبِي كَانَ الْخراج على الَّذِي اشْتَرَاهَا للنخل وَالشَّجر
وَإِن كَانَ نخل ملتف وَشَجر ملتف جعل عَلَيْهِ من الْخراج على مَا فسرنا
قَالَ وَإِن هُوَ بَاعهَا أَو تصدق بهَا قبل أَن يوضع الْخراج كَانَ
الْخراج على
(1/261)
الَّذِي اشْتَرَاهَا وعَلى الَّذِي تصدق
بهَا عَلَيْهِ
قَالَ وَلَو أَن أَرضًا من أَرض الْخراج عجز عَنْهَا صَاحبهَا أَو عطلها
وَتركهَا كَانَ للْإِمَام أَن يَأْخُذهَا ويدفعها الى من يقوم عَلَيْهَا
وَأَن لم يجد من يَأْخُذهَا وَيُؤَدِّي عَنْهَا الْخراج دَفعهَا الى من
يَزْرَعهَا على الثُّلُث أَو الرّبع أَو أقل من ذَلِك على قدر مَا تحْتَمل
وعَلى قدر مَا يحْتَمل من يَأْخُذهَا لذَلِك وَكَذَلِكَ النّخل وَالشَّجر
الَّذِي كَانَ فِيهَا لَهُ أَن يدْفع ذَلِك مُعَاملَة على النّصْف وَالثلث
وَأَقل من ذَلِك على قدر مَا يرى وَمَا يحْتَمل وعَلى قدر من يجد مِمَّن
يعمله فَيدْفَع ذَلِك على قدر مَا يرى من ذَلِك
قَالَ وَإِن اشْترى التغلبي والنجراني أَرضًا من أَرض الْخراج وَجب
عَلَيْهِ فِيهَا الْخراج كَمَا يجب على الْمُسلمين وَإِن صَارَت لصبي أَو
ليتيم أَو لمرأة أَو لذمية يجب عَلَيْهِم فِي ذَلِك من الْخراج مثل مَا يجب
على الْمُسلمين وَبِهَذَا القَوْل نَأْخُذ وَالله أعلم
(1/262)
بَاب مَا جَاءَ فِي خراج رُؤُوس الرِّجَال
والجزية الَّتِي تُوضَع على الرؤوس وَكم يوضع عَلَيْهِم وَكَيف يَنْبَغِي
أَن يوضع مِمَّا نَأْخُذ من الْآثَار والرأي
قَالَ وَيجب على أهل السوَاد وَغَيرهم من أهل الذِّمَّة من أهل الْحيرَة
وَغَيرهم من أهل الْبلدَانِ من أهل الذِّمَّة من الْيَهُود وَالنَّصَارَى
وَالْمَجُوس وَعَبدَة الْأَوْثَان يجب على الرِّجَال مِنْهُم الْجِزْيَة
مَا خلا نَصَارَى بني تغلب وَأهل نَجْرَان فتوضع الْجِزْيَة على رُؤُوس
الرِّجَال يؤدونها كل سنة تُوضَع على الْمُوسر مِنْهُم ثَمَان
وَأَرْبَعُونَ درهما وعَلى الْوسط أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ وعَلى المحترف
والمحتاج اثْنَا عشر درهما يُؤْخَذ ذَلِك مِنْهُم كل سنة وَإِن جَاءُوا
بِعرْض قبل مِنْهُم إِذا لم يقدروا على غَيره نَأْخُذهُ مِنْهُم بِمَا
يُسَاوِي وَلَا نَأْخُذ مِنْهُم خنزيرا وَلَا ميتَة وَلَا خمرًا فِي جزيتهم
فَإِن أخر أحد مِنْهُم من جزيته شَيْئا حَتَّى تحول السّنة يُؤْخَذ
بِالْمَالِ الَّذِي يبْقى عَلَيْهِ من الْجِزْيَة السّنة الْمَاضِيَة وَإِن
مَاتَ أحد مِنْهُم وَقد بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من جِزْيَة رَأسه لم يُؤْخَذ
ذَلِك من ورثته وَلم يُؤْخَذ ذَلِك من تركته لِأَن ذَلِك لَيْسَ بدين
عَلَيْهِ وَإِن أسلم أحد مِنْهُم وَقد بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من جِزْيَة
رَأسه لم يُؤْخَذ بذلك وَيسْقط عَنهُ وَلم يُؤْخَذ بِشَيْء فِيمَا
يسْتَقْبل وَهُوَ مُسلم وَكَذَلِكَ إِن عمي أَو صَار فَقِيرا لَا يقدر على
شَيْء وَقد بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من جِزْيَة رَأسه لم يُؤْخَذ بذلك وَسقط
عَنهُ
وَلَا تُؤْخَذ من نسَاء أهل الذِّمَّة وَلَا من صبيانهم جِزْيَة رؤوسهم
وَلَا يُؤْخَذ من الْأَعْمَى من أهل الذِّمَّة وَلَا من المقعد وَلَا من
الْمَجْنُون المغلوب على عقله وَلَا من الزَّمن وَلَا من الشَّيْخ
الْكَبِير الفاني الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَن يعْمل وَلَا من الْمُحْتَاج
الَّذِي لَا يقدر على شَيْء لَا يُؤْخَذ من أحد مِنْهُم جِزْيَة رَأسه
قَالَ وَيُؤْخَذ من قسيسهم وَرُهْبَانهمْ وَأَصْحَاب الصوامع مِنْهُم إِذا
كَانَ لَهُم مَال أخذت مِنْهُم جِزْيَة رؤوسهم وَلَا يُؤْخَذ من عبد ذمِّي
وَلَا من مُدبر وَلَا من
(1/263)
مكَاتب جِزْيَة رَأسه وَإِن احْتَلَمَ
غُلَام من أهل ذمَّة فِي أول سنة قبل أَن تُوضَع الْجِزْيَة على رُؤُوس
الرِّجَال وَهُوَ مُوسر وضعت عَلَيْهِ الْجِزْيَة وَأخذت مِنْهُ لتِلْك
السّنة وَإِن إحتلم فِي آخر السّنة بَعْدَمَا وضعت الْجِزْيَة على رُؤُوس
الرِّجَال لم تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة لتِلْك السّنة وَأخذت مِنْهُ
للسّنة الْمُسْتَقْبلَة
وَكَذَلِكَ لَو أَن مَمْلُوكا ذِمِّيا أعتق فِي أول السّنة وَهُوَ محترف
قبل أَن تُوضَع الْجِزْيَة على رُؤُوس الرِّجَال وضعت عَلَيْهِ الْجِزْيَة
وَإِن أعتق فِي آخر السّنة بعد مَا وضعت الْجِزْيَة على رُؤُوس الرِّجَال
لم تُوضَع عَلَيْهِ الْجِزْيَة لتِلْك السّنة وَوضعت عَلَيْهِ الْجِزْيَة
فِي السّنة الْمُسْتَقْبلَة
قَالَ وَلَو أَن فَقِيرا من أهل الذِّمَّة غير محترف أصَاب مَالا فِي أول
السّنة أَو فِي آخرهَا وضعت عَلَيْهِ الْجِزْيَة لتِلْك السّنة وَلَو أَن
قوما من أهل الْحَرْب صَارُوا ذمَّة فِي أول السّنة قبل أَن تُوضَع
الْجِزْيَة على رُؤُوس الرِّجَال تُوضَع عَلَيْهِم الْجِزْيَة لتِلْك
السّنة وتوضع فِي السّنة الْمُسْتَقْبلَة وَمَا بعْدهَا
قَالَ وَأما الاعمى والمقعد والزمن وَالْمَعْتُوه فَإِنَّهُ إِن كَانَ أحد
مِنْهُم مُوسِرًا فَلَا تُوضَع عَلَيْهِ الْجِزْيَة فِي رَأسه قَالَ وَأما
الْمُصَاب فَإِن مكث سِنِين مصابا لَا يفِيق نقُول لم تجْعَل عَلَيْهِ
الْجِزْيَة وَإِن أَفَاق فِي أول السّنة قبل أَن تُوضَع الْجِزْيَة لم
تُوضَع عَلَيْهِ الْجِزْيَة وَإِن تمّ على إِفَاقَته وضع عَلَيْهِ فِي
السّنة الْمُسْتَقْبلَة وَمَا بعْدهَا وَأما النَّصَارَى من بني تغلب فَلَا
تُوضَع عَلَيْهِم جِزْيَة رؤوسهم لأَنهم صولحوا على أَن يُؤْخَذ مِنْهُم من
أَرضهم ضعف مَا يُؤْخَذ من الْمُسلمين وَلَا تُؤْخَذ أَيْضا من نَصَارَى
أهل نَجْرَان الْجِزْيَة فِي رؤوسهم دَرَاهِم إِنَّمَا عَلَيْهِم
الْجِزْيَة فِي رؤوسهم الْحلَل الَّتِي وَضعهَا عَلَيْهِم عمر بن الْخطاب
رَضِي الله عَنهُ على رؤوسهم وعَلى ارضهم وَالله أعلم
(1/264)
بَاب مَا جَاءَ فِي أهل الذِّمَّة أَنهم
لَا يتركون أَن يشبهوا بِالْمُسْلِمين فِي لباسهم وركوبهم مِمَّا نَأْخُذهُ
من الْآثَار والرأي
قَالَ وَيَنْبَغِي أَن لَا يتْرك أحد من أهل الذِّمَّة أَن يتشبه
بِالْمُسْلِمين فِي لِبَاسه وَلَا فِي مركبه وَلَا فِي هَيئته قَالَ
وَيَنْبَغِي أَن يؤخذوا حَتَّى يَجْعَل كل إِنْسَان مِنْهُم فِي وَسطه
كستيجا من الْخَيط الغليظ يعقده على وَسطه وَأَن يؤخذوا بِأَن يلبسوا قلانس
مضربة وَأَن يركبُوا السُّرُوج على قربوس السرج مثل الرمانة وَأَن
يجْعَلُوا شِرَاك نعَالهمْ مثنية وَلَا يحذو حَذْو الْمُسلم وَلَا يلبسوا
طيالسة مثل طيالسة المسلين وَلَا أرديتهم
قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَن يتْركُوا يحدثُونَ بيعَة وَلَا كَنِيسَة إِلَّا
مَا كَانَ من كَنِيسَة أَو بيعَة قديمَة فصاروا ذمَّة وَهِي بيعَة لَهُم
أَو كَنِيسَة وَهِي فِي غير مصر من أَمْصَار الْمُسلمين وَلَا يَنْبَغِي
أَن يتْركُوا يسكنون فِي مصر من أَمْصَار الْمُسلمين لِأَن رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أجلاهم من الْمَدِينَة وَجَاء عَن عَليّ رَضِي الله
عَنهُ أَيْضا أَنه أجلاهم من الْكُوفَة وَإِن كَانَ لأحد مِنْهُم دَار فِي
مصر من أَمْصَار الْمُسلمين يجْبر على بيعهَا وَأَن اشْترِي دَارا فِي مصر
من أَمْصَار الْمُسلمين كَانَ الشِّرَاء جَائِزا وأجبر على بيعهَا وَلَا
بَأْس إِذا سكنوا خَارِجا من الْمصر أَن يفدوا الى الْمصر فيتسوقوا مِنْهُ
يومهم ثمَّ يرحوا الى مساكنهم
قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَن يتْركُوا يبنون بيعَة وَلَا كَنِيسَة وَلَا بَيت
نَار فِي مصر من أَمْصَار الْمُسلمين وَلَا غير مصر من دَار الْمُسلمين
وَإِن كَانَ لَهُم كَنِيسَة أَو بيعَة أَو بَيت نَار فصولحوا عَلَيْهِ
فَكَانَ ذَلِك فِي غير مصر ترك ذَلِك لَهُم وَإِن انْهَدم ذَلِك تركُوا أَن
يعيدوه وَأَن اتخذ الْمُسلمُونَ فِي ذَلِك الْموضع مصرا أخذُوا وهدمت بيعهم
وكنائسهم من ذَلِك الْموضع وَتركُوا أَن يبنوا مثلهَا فِي غير الْمصر
وَبِهَذَا القَوْل نَأْخُذ
(1/265)
بَاب مَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَأَصْحَابه فِي أهل نَجْرَان وَبني تغلب وَكَيف الحكم فيهم
وَالثَّمَرَة الَّتِي تُؤْخَذ مِنْهُم
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كتاب مُحَمَّد النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لأهل نَجْرَان إِذا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم حكمه فِي كل
ثَمَرَة صفراء أَو بَيْضَاء أَو دَقِيق فأفضل ذَلِك عَلَيْهِم وَترك ذَلِك
كُله لَهُم على الفي حلَّة من حلل الأواقي فِي كل رَجَب ألف حلَّة وَفِي كل
صفر ألف حلَّة كل حلَّة أُوقِيَّة فَمَا زَادَت حلل الْخراج أَو نقصت عَن
الأواقي فبالحساب وَمَا قبضوا من درع أَو خيل أَو ركاب أَو عرض أَو أَخذ من
أحد مِنْهُم فبالحساب وعَلى أهل نَجْرَان مؤونة رُسُلِي ومنعتهم عشْرين
يَوْمًا فَمَا دون ذَلِك وَلَا يحبس رُسُلِي فَوق شهر وَعَلَيْهِم عَارِية
ثَلَاثُونَ درعا وَثَلَاثُونَ فرسا وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا إِذا كَانَ
بِالْيمن كيد ذُو مغدرة وَمَا هلك مِمَّا يعار رُسُلِي من دروع أَو خيل أَو
ركاب فَهُوَ ضَامِن على رُسُلِي حَتَّى يؤدوه اليهم ولنجران وحاشيتهم جوَار
الله تَعَالَى وَذمَّة مُحَمَّد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ رَسُول الله
على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعماراتهم وبيعهم
وسلمهم لَا يُغير أَسْقُف من أسقفيته وَلَا رَاهِب من رهبانيته وَلَا واقتة
من وَقتهَا وكل مَا تَحت أَيْديهم من قَلِيل أَو كثير وَلَيْسَ عَلَيْهِم
دنية وَلَا دم جَاهِلِيَّة وَلَا يحشرون وَلَا يعشرُونَ وَلَا يطَأ أَرضهم
جَيش وَمن سَأَلَ مِنْهُم حَقًا فَلهم النّصْف غير ظالمين وَلَا مظلومين
بِنَجْرَان وَمن أكل رَبًّا من ذِي قبل فذمتي مِنْهُ بَريَّة وَلَا يُؤْخَذ
رجل مِنْهُم بظُلْم آخر وعَلى مَا فِي هَذَا الْكتاب جوَار الله وَذمَّة
مُحَمَّد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ أبدا حَتَّى يقْضى الله بأَمْره مَا
نصحوا وَأَصْلحُوا مَا عَلَيْهِم غير منقلبين بظُلْم شهد أَبُو سُفْيَان بن
حَرْب وغيلان بن عَمْرو وَمَالك بن عَوْف من بني نصر والأقرع بن حَابِس
الْحَنْظَلِي والمغيرة
(1/267)
وَكتب أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بِسم
الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كتاب عبد الله أبي بكر خَليفَة مُحَمَّد
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل
نَجْرَان أجارهم بجوار الله تَعَالَى وَذمَّة رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم على أنفسهم وأراضيهم وملتهم وَأَمْوَالهمْ وحاشيتهم
وعماراتهم وغائبهم وشاهدهم وأساقفتهم وَرُهْبَانهمْ وبيعهم وكل مَا تَحت
أَيْديهم من قَلِيل أَو كثير وَلَا يحشرون وَلَا يعشرُونَ وَلَا يُغير
أَسْقُف من أسقفيته وَلَا رَاهِب من رهبانيته وَفَاء لَهُم بِكُل مَا كتب
لَهُم مُحَمَّد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى مَا فِي هَذِه
الصَّحِيفَة جوَار الله تَعَالَى وَذمَّة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أبدا وَعَلَيْهِم النصح والإصلاح فِيمَا عَلَيْهِم من الْحق وَشهد
الْمُسْتَوْرد بن عَمْرو وَعمر مولى أبي بكر وَرَاشِد بن حُذَيْفَة
والمغيرة
وَكتب عمر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا كتب عمر أَمِير
الْمُؤمنِينَ لأهل نَجْرَان من شَاءَ مِنْهُم آمن بِأَمَان الله تَعَالَى
لَا يضرّهُ أحد من الْمُسلمين ووفي لَهُم بِمَا كتب لَهُم مُحَمَّد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر أما بعد فَمن وقفُوا بِهِ من
أَمِير الشَّام وأمير الْعرَاق فليوسعهم من حرث الأَرْض فَمَا أعملوا بَين
ذَلِك فَهُوَ لَهُم صَدَقَة لوجه الله تَعَالَى وعقبى لَهُم مَكَان أَرضهم
لَا سَبِيل عَلَيْهِم فِيهِ لأحد وَلَا معترض أما بعد فَمن حضرهم من رجل
مُسلم فلينصرهم على من ظلمهم فَإِنَّهُم أَقوام لَهُم الذِّمَّة وجزيتهم
عَنْهُم متروكة أَرْبَعَة وَعشْرين شهرا بعد أَن يقدموا وَلَا يكلفوا
إِلَّا من بعد صنعهم الْبر غير مظلومين وَلَا معنوفا عَلَيْهِم شهد
عُثْمَان بن عَفَّان
وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ وَيجب على أَرض نَجْرَان فِي رُؤُوس الرِّجَال
مِنْهُم وَجَمِيع أراضيهم الَّتِي من أَرض نَجْرَان الْحلَل النجرانية
فَيجب فِي كل سنة ألفا حلَّة نجرانية كل حلَّة قيمتهَا خَمْسُونَ درهما
فَمَا زَاد وَلَا تقبل مِنْهُم حلَّة قيمتهَا أقل من خمسين فَيجْعَل
عَلَيْهِم ألف مِنْهَا فِي صفر وَألف فِي رَجَب تقسم على رُؤُوس الرِّجَال
مِنْهُم الَّذين لم يسلمُوا وعَلى أراضيهم الَّتِي من أَرض نَجْرَان وَإِن
كَانَ مِنْهُم من بَاعَ أرضه من مُسلم أَو ذمِّي أومن تغلبي قيمَة الألفي
حلَّة على قدر أراضيهم وعَلى قدر رِقَاب الرِّجَال الَّذين لم يسلمُوا
مِنْهُم فَمَا أصَاب الْأَرْضين من
(1/268)
الْحلَل قسم ذَلِك على جَمِيع الْأَرْضين
النجرانية وَمَا أصَاب الرِّجَال جعل عَلَيْهِم على قدر عَددهمْ فَمن أسلم
مِنْهُم وضع عَنهُ خراج رَأسه وَجعل مَا كَانَ على رَأسه من الْحلَل فَجعل
ذَلِك على من بَقِي مِنْهُم وعَلى الأَرْض النجرانية يقسم ذَلِك عَلَيْهِم
قَالَ الشَّيْبَانِيّ وَلَو أَن نجرانيا اشْترى أَرضًا من أَرض الْخراج
خَارج نَجْرَان كَانَ عَلَيْهِ الْخراج القفيز وَالدِّرْهَم وَلم يكن
عَلَيْهِ حلل على قدر مَا يُصِيبهَا من ألفي حلَّة كَانَ الَّذِي
اشْتَرَاهَا عبدا أَو حرا أَو مكَاتبا أَو ذِمِّيا أَو صَبيا أَو امْرَأَة
قَالَ وَلَيْسَ على أهل نَجْرَان الْيَوْم ضِيَافَة تلزمهم لأحد وَلَا
الرُّسُل تأتيهم وَلَا الْوَالِي يُولى عَلَيْهِم وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك
على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورسل النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَهِي من نَجْرَان الى قرب الْيمن وَأما الْيَوْم فَلَيْسَ
عَلَيْهِم شَيْء من ذَلِك يلْزمهُم وَيَنْبَغِي لَهُم أَن يرفق بهم وَيحسن
اليهم ويوفى لَهُم بِكِتَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كتبه
لَهُم فَمن تعدى ذَلِك فقد أَسَاءَ وأثم وَعمل بِغَيْر الْحق
قَالَ وَيَنْبَغِي لَهُم أَن يُوفى لَهُم بِمَا كتب لَهُم بِهِ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ لَا يَجْعَل على شيبهم وَلَا على صبيانهم جِزْيَة فِي
رؤوسهم من حلل وَلَا غَيرهَا وَلَا يمنعوا أَن يجْعَلُوا بيعا فِي أراضيهم
وَلَا صوامع وَلَا كنائس وَلَا يحشرون وَلَا يعشرُونَ وَأَن يبْعَث اليهم
من يجبيهم فِي بِلَادهمْ وَإِن عجز أحد مِنْهُم فِي أرضه وَتركهَا فللإمام
أَن يَدْفَعهَا الى من رأى يعامله إِن رأى على النّصْف أَو الثُّلُث أَو
أَكثر من ذَلِك أَو أقل وَيدْفَع النّخل وَالشَّجر إِلَى من يقوم عَلَيْهِ
ويعامله بِالثُّلثِ أَو الرّبع أَو أَكثر من ذَلِك أَو أقل على قدر مَا
يحْتَمل وَإِن رأى أَن يَدْفَعهَا على أَن يُؤَدِّي عَنْهَا الْخراج فعل
أَو مقاطعة على شَيْء مِمَّا يخرج فعل
قَالَ وَبَنُو تغلب يَجْعَل عَلَيْهِم فِي أَرضهم ضعف مَا يَجْعَل على
الْمُسلم فِي أرضه إِذا كَانَت من أَرض الْخراج كَانَ عَلَيْهِم الْخراج
قَالَ وَإِن بَاعَ أحد مِنْهُم أرضه من مُسلم كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا
الْعشْر مضاعفا وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا من ذمِّي كَانَ على الذِّمِّيّ
فِيهَا الْعشْر مضاعفا كَمَا كَانَ على التغلبي فِيهَا قَالَ وموالي بني
تغلب إِذا كَانُوا نَصَارَى جعل عَلَيْهِم الْجِزْيَة فِي رؤوسهم كَمَا
يَجْعَل على أهل الذِّمَّة وَيجْعَل عَلَيْهِم فِي أراضيهم كَمَا يَجْعَل
على أهل الذِّمَّة فِي أراضيهم وَبِهَذَا القَوْل نَأْخُذ
(1/269)
بَاب مَا جَاءَ فِي تولي الْخراج وَكَيف
يَنْبَغِي لَهُ أَن يعْمل فِي ذَلِك وَمن يَنْبَغِي أَن يكون على الْخراج
وَمَا فِي ذَلِك مِمَّا يُؤْخَذ بِهِ من الْآثَار والرأي
قَالَ وَيَنْبَغِي للوالي أَن يولي الْخراج رجلا يرفق بهم ويعدل عَلَيْهِم
فِي خراجهم وَأَن يأخذوهم بالخراج كلما خرجت غلَّة أحدهم فِي خراجهم وَأَن
يَأْخُذهُمْ بالخراج كلما خرجت غلَّة وَاحِد مِنْهُم بِقدر ذَلِك حَتَّى
يسْتَوْفى مِنْهُم الْخراج فِي آخر عمله وَالْخَرَاج على مَا وَقع خَمْسَة
دَرَاهِم على كل جريب غامر أَو عَامر مِمَّا يصلح للزَّرْع وعَلى كل جريب
من الْكَرم عشرَة دَرَاهِم وعَلى كل جريب من الرّطبَة خَمْسَة دَرَاهِم
وَإِن كسروا من الْخراج شَيْئا لم يبع لَهُم عوضا أولم يهنهم فِيهِ وَلم
يعذبهم وَله أَن يحول بَينهم وَبَين غلاتهم حَتَّى يَسْتَوْفِي الْخراج
فَإِن صَار على أحد مِنْهُم مأتية بَعْدَمَا مَضَت السّنة لم يَأْخُذهُ
بالمأتية وَبِهَذَا القَوْل نَأْخُذ وَالله سُبْحَانَهُ أعلم
(1/272)
بَاب مَا جَاءَ فِي الأَرْض تقطع وَمَا
يجوز أَن يقطع من أَرض الْعشْر وَأَرْض الْموَات
قَالَ وَمَا كَانَ فِي سَواد الْكُوفَة أَو بِالْجَبَلِ أَو بِغَيْرِهِمَا
من الْبلدَانِ من أَرض لَيْسَ يبلغهَا المَاء وَلَا ينْتَفع بهَا فللإمام
أَن يقطع بهَا من أَرَادَ مِمَّن يعمر وَيقوم عَلَيْهَا أَو يُؤَدِّي
عَنْهَا الْعشْر وَمن استخرج مِنْهَا شَيْئا بِغَيْر أَمر الإِمَام فعمره
وأحياه فَهُوَ لَهُ يُؤَدِّي عَنهُ الْعشْر وَكَذَلِكَ أَرض الْخراج
الصَّحَارِي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاء فَمن استخرج مِنْهَا عينا أَو
بِئْرا فَلهُ أَن يعمرها ويحييها وَيُؤَدِّي عَنْهَا الْعشْر وَمن استخرج
عينا حَتَّى يخرج المَاء مِنْهَا وَهِي فِي صحراء أَو بَريَّة أَو بِأَرْض
موَات فَهِيَ لَهُ وحريمها خمس مائَة ذِرَاع من حولهَا لَيْسَ لأحد أَن
يتَّخذ حولهَا على خمس ماية ذِرَاع من جوانبها عينا فِي الأَرْض ولصاحبها
أَن يحي مَا حولهَا خمس ماية ذِرَاع وَمن كرى نَهرا أَو اتخذ قناة فَأجرى
اليها المَاء من مَاء الْفُرَات أَو دجلة أَو غَيرهَا وكراه أَي النَّهر
واستخرجه فِي أَرض موَات فَهُوَ لَهُ يحيي مَا حوله وحريمه خمس ماية ذِرَاع
من جانبيه من كل جَانب خمس مائَة ذِرَاع لَيْسَ لأحد أَن يتَّخذ على خمس
مائَة ذِرَاع من كل جَانب مِنْهُ شَيْئا
قَالَ وَمن اتخذ بِئْرا يَسْتَقِي على بعير مِنْهَا بِأَرْض فلاة أَو صحراء
أَو بارض الْبَادِيَة أَو فِي مَوضِع لَيْسَ بِملك لأحد فاستخرج شَيْئا
حَتَّى يخرج مِنْهَا المَاء فَلهُ حريمها سِتُّونَ ذِرَاعا من حولهَا يحي
ذَلِك إِن شَاءَ ويعمره وَيَضَع فِيهِ مَا شَاءَ وَأحب وَإِن استخرج بِئْرا
لماشيته ليستقي مِنْهَا لِلْإِبِلِ وَالْبَقر وَالْغنم فحريمها أَرْبَعُونَ
ذِرَاعا من حولهَا لَيْسَ لأحد أَن يدْخل عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك وَله
أَن يصنع فِيهِ مَا بدا لَهُ قَالَ وَبِهَذَا القَوْل كُله نَأْخُذ
(1/273)
بَاب مَا جَاءَ فِي أَرض الْعشْر وَمَا يجب
على من أَحْيَاهَا بِإِذن الإِمَام أَو أقطعها
قَالَ وَفِي أَرض الْعشْر مَا سقِِي مِنْهَا بدالية أَو بغرب أَو بالسواني
فَفِيهِ نصف الْعشْر وَمَا سقى سيحا أَو سقته الْأَنْهُر أَو الأودية سيحا
أَو سقته السَّمَاء فَفِيهِ الْعشْر وَمَا خرج من أَرض الْعشْر من قَلِيل
أَو كثير من الْحِنْطَة وَالشعِير والأرز والبسور وَالتَّمْر وَالزَّبِيب
والبقول كلهَا والرياحين وَالشَّجر كلهَا مِمَّا أخرج الله تَعَالَى مِنْهُ
من الْفَوَاكِه من شَيْء من قَلِيل أَو كثير فَفِيهِ الْعشْر إِن كَانَ
يسقى سيحا أَو سقته السَّمَاء وَإِن كَانَ يسقى بغرب أَو بدالية فَفِيهِ
نصف الْعشْر
قَالَ وَكَذَلِكَ مَا أخرج الله تَعَالَى مِنْهَا من ثَمَرَة أَو قرطم أَو
لوبياء أَو باقلاء أَو كتَّان أَو قطن أَو زعفران أَو عصفر أَو غير ذَلِك
فَفِي الْقَلِيل مِنْهُ وَالْكثير الْعشْر إِن كَانَ يسقى سيحا أَو سقته
السَّمَاء وَإِن كَانَ يسقى بغرب أَو دالية فَفِيهِ نصف الْعشْر
قَالَ وَإِذا خرجت دستجة من بقل أَو ريحَان فَفِيهِ الْعشْر أَو نصف
الْعشْر وَلَيْسَ فِي التِّبْن وَلَا فِي النّخل وَلَا فِي الْحَطب وَلَا
فِي الْحَشِيش عشر وَلَا فِي سعف النّخل وَلَا فِي الْقصب وَلَا فِي
الطرفاء وَلَا فِي الكراث وَلَا فِي الصنوبر وَلَا فِي الْخلاف عشر وَلَا
فِي شَيْء من الْحَطب
قَالَ وَإِن كَانَت أَرض الْعشْر لتِجَارَة أَو اشْتريت فِي مُضَارَبَة أَو
كَانَت فِي يَدي وَكيل مُسْتَأْجر أَو يَتِيم أَو مكَاتب أَو عبد أَو مُدبر
فَفِيهَا الْعشْر أَو نصف الْعشْر قَالَ فَإِن أخرجهَا صَاحبهَا كَانَ
الْعشْر على الْمُسْتَعِير
قَالَ وَأَرْض بني تغلب عَلَيْهِم فِيمَا أخرجت من شَيْء مِمَّا يجب على
الْمُسلمين فِي مثله فَمَا أخرجت أَرض التغلبي من ذَلِك فَعَلَيهِ الضعْف
مِمَّا على الْمُسلمين فَمَا أخرجت مِمَّا سقِِي سيحا أَو سقته السَّمَاء
فَفِيهِ عشران وَذَلِكَ الْخمس وَمَا خرج من ذَلِك مِمَّا سقِِي بغرب أَو
دالية فَفِيهِ الْعشْر تَمامًا
وَقَالَ الصَّبِي وَالْمَرْأَة وَالرجل وَالْمكَاتب وَالْمَجْنُون
وَالْعَبْد من بني تغلب يجب عَلَيْهِم فِي أَرضهم إِذا كَانَت من أَرض
الْعشْر وَجب على جَمِيعهم كَمَا يجب على
(1/275)
رِجَالهمْ كَانَ عَلَيْهِم دين أَو لم يكن
عَلَيْهِم دين فِي جَمِيعًا مَا سمينا
قَالَ وَلَو أَن أَرضًا لتغلبي اشْتَرَاهَا مِنْهُ مُسلم وَهِي من أَرض
الْعشْر كَانَ عَلَيْهِ عشر وَاحِد فَإِن اشْترى تغلبي من مُسلم أَرضًا من
أَرض الْعشْر كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر مضاعفا
قَالَ وَلَو أَن تغلبيا اشْترى من نَصْرَانِيّ أَرضًا من أَرض الْخراج أَو
اشْترى النَّصْرَانِي من التغلبي أَرضًا من أَرض الْعشْر كَانَ عَلَيْهِ
الْعشْر مضاعفا كَمَا يكون على التغلبي
وَقَالَ فِي أَرض الْعشْر لمُسلم اشْتَرَاهَا من نَصْرَانِيّ كَانَ
عَلَيْهَا الْعشْر مضاعفا
قَالَ وَإِن اشْترى الْمُسلم من نَصْرَانِيّ أَرضًا من أَرض الْعشْر أَو
اشْتَرَاهَا من التغلبي كَانَ عَلَيْهِ عشر وَاحِد سقيت سيحا أَو سقتها
السَّمَاء وَإِن سقيت بغرب أَو بدالية فَفِيهِ نصف الْعشْر
قَالَ وموالي التغلبي إِذا كَانُوا نَصَارَى فهم بِمَنْزِلَة النَّصْرَانِي
من أهل الذِّمَّة عَلَيْهِم فِي أَرضهم مَا على أهل الذِّمَّة وَكَذَلِكَ
إِن كَانُوا موَالِي مُسلمين وَهُوَ نَصْرَانِيّ كَانُوا بِمَنْزِلَة أهل
الذِّمَّة فِي أَرضهم قَالَ وعَلى بني تغلب فِي أَرضهم إِذا أَسْلمُوا عشر
وَاحِد وَبِهَذَا القَوْل كُله نَأْخُذ
قَالَ وَلَو أَن رجلا لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر فَيَنْبَغِي أَن لَا يغيب
مِنْهُ شَيْئا وَلَا يَكْتُمهُ حَتَّى يُعْطي عشره وَلَا يَنْبَغِي لَهُ
أَن يُعْطي من رَدِيئَة دون جَيِّدَة وَإِن ترك لَهُ شَيْء من الْعشْر أَو
غيبه فَلم يظْهر عَلَيْهِ أَنه يَنْبَغِي لَهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله
تَعَالَى أَن يتَصَدَّق بِهِ وَلَا يَسعهُ أَن يَأْكُلهُ حَتَّى يتَصَدَّق
بِهِ
قَالَ وَكَذَلِكَ الْخراج لَو ترك لَهُ أَو غيبه أَو هرب من الْوَالِي
حَتَّى لم يظفر بِهِ أَنه يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَصَدَّق بِهِ وَلَا يَسعهُ
أَن يَأْكُل عَلَيْهَا حَتَّى يُؤَدِّي خراجها
قَالَ وَلَو أَن لرجل قَرْيَة فِيهَا سوق ومنازل ودور فِي أرضه من أَرض
خراج كَانَ فِيهَا بيُوت ومنازل يستغلها أَو لم يكن فَلَيْسَ فِيهَا خراج
وَكَذَلِكَ لَو كَانَت من أَرض الْعشْر وَله فِيهَا قَرْيَة لم يكن فِي
الْقرْيَة وَلَا فِي ارضها خراج كَانَ يستغلها أَو لم يكن يستغلها
قَالَ وَلَو أَن رجلا لَهُ دَار فِي مصر من الْأَمْصَار من الخطط فَجعل
فِيهَا بستانا
(1/276)
أَو غرس فِيهَا نخلا وأخرجها من منزله أَنه
لَا عشر عَلَيْهِ فِي نخلها وَلَا فِي شَجَرهَا عشر وَلَا خراج وَإِن جعل
الدَّار كلهَا بأسرها بستانا وَأَصلهَا من الخطط كَانَ فِيهَا الْعشْر
وَبِهَذَا القَوْل كُله نَأْخُذ
قَالَ وَلَو أَن لرجل أَرضًا من أَرض الْعشْر أَو أَرض الْخراج وَكَانَ
فِيهَا صيد سمك أَو غَيره من الظباء وَغَيرهَا فَلَيْسَ فِي ذَلِك عشر
وَإِن كَانَ فِي أَرض الْخراج
قَالَ وَإِن كَانَ فِي أرضه ملاحة تخرج الْملح أَو قيارة تخرج القار أَو
الزفت أَو النفط أَو فِي أرضه عسالة فِيهَا النَّحْل لم يكن فِي شَيْء من
ذَلِك عشر وَلَا خراج وَبِهَذَا القَوْل كُله نَأْخُذ تمّ كتاب الْخراج
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم
كتبه أَبُو بكر أَحْمد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي رَمَضَان سنة ثَمَان
وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة ... أَمُوت وَيبقى كل مَا قد كتبته ... فيا لَيْت
من يَتْلُو كتابي دَعَا ليا
لَعَلَّ إلهي يعف عني بفضله ... وَيغْفر آثامي وَسُوء فعاليا ...
(1/277)
|