اللباب في الجمع بين السنة والكتاب

 (كتاب اللّقطَة)

(بَاب لَا بَأْس بالتقاط الْبَقَرَة وَالْبَعِير)

الطَّحَاوِيّ: عَن سُلَيْمَان بن يسَار: " أَن ثَابت بن الضَّحَّاك الْأنْصَارِيّ قد كَانَ وجد بَعِيرًا، فَقَالَ (لَهُ) عمر: عرفه، فَعرف (ذَلِك) / ثَلَاث مَرَّات ثمَّ جَاءَ إِلَى عمر فَقَالَ: (قد) شغلني عَن صنعتي، فَقَالَ لَهُ عمر: انْزعْ خطامه ثمَّ أرْسلهُ حَيْثُ وجدته ".
وَعنهُ: عَن أنس بن سِيرِين: " أَن رجلا قد سَأَلَ عبد الله بن عمر فَقَالَ: إِنِّي (قد) أصبت نَاقَة، فَقَالَ: عرفهَا، فَقَالَ: عرفتها فَلم تعرف، فَقَالَ: ادفعها إِلَى الْوَالِي ".

(2/559)


مَالك: أَنه سمع ابْن شهَاب يَقُول: " كَانَت ضوال الْإِبِل فِي زمَان عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إبِلا مؤبلة تناكح لَا يَمَسهَا أحد، حَتَّى إِذا كَانَ زمن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أَمر بتعريفها، ثمَّ تبَاع فَإِذا جَاءَ صَاحبهَا أعطي ثمنهَا ".
فَإِن قيل: فقد رُوِيَ: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سُئِلَ عَن ضَالَّة الْغنم فَقَالَ: هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب، وَسُئِلَ عَن ضَالَّة الْإِبِل فَقَالَ: مَا لَك وَلها، مَعهَا سقاؤها وحذاؤها دعها حَتَّى يجدهَا رَبهَا ".
(قيل لَهُ: وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنه يجوز أَخذ النَّاقة وَالْبَعِير إِذا خيف عَلَيْهَا، وَإِن أَخذهَا لصَاحِبهَا وحفظها عَلَيْهِ أولى من تَركهَا) .
(ذكر الْغَرِيب:)

الْحذاء: بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وذال مُعْجمَة وَألف ممدودة، أَرَادَ بِهِ أخفافها الَّتِي تقوى (بهَا) على السّير وتقطع الْبِلَاد الشاسعة، وسقاؤها: أَرَادَ (بِهِ إِذا ورد) ت المَاء شربت مِنْهُ مَا يكون ريها من ظمئها، وَالله أعلم.

(2/560)


(بَاب من الْتقط لقطَة وَكَانَ غَنِيا لَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاع بهَا، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا تصدق بهَا، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وأمضى الصَّدَقَة وَإِلَّا فَلهُ أَن يضمنهُ إِيَّاهَا، وَإِن كَانَ فَقِيرا فَلهُ أَن ينفقها عَلَيْهِ)

الطَّحَاوِيّ: عَن أبي وَائِل أَنه قَالَ: " اشْترى عبد الله خَادِمًا بتسعمائة دِرْهَم، فَطلب صَاحبهَا فَلم يجده، فعرفها حولا فَلم يجده، فَجمع الْمَسَاكِين وَجعل (يعطيهم و) يَقُول: اللَّهُمَّ عَن صَاحبهَا فَإِن أَبى ذَلِك فمني، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا يفعل بالضال " وَمَا لَيْسَ لَهُ نفس يُسمى ضَالَّة كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي حَدِيث الْإِفْك: " إِن أمكُم قد أضلت قلادتها ".
فَإِن قيل: لَو كَانَت اللّقطَة لَا تحل إِلَّا لمن تحل لَهُ الصَّدَقَة، لم تحل لعَلي بن أبي طَالب (لِأَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ) أصَاب دِينَارا على عهد رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَعرفهُ فَلم يجد من يعرفهُ، فَأمره النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَن يَأْكُلهُ. وَكَانَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام / لَا تحل لَهُ الصَّدَقَة. قيل لَهُ: عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا تحرم (عَلَيْهِ) الصَّدَقَة (الْمَفْرُوضَة دون النَّافِلَة، وَنحن لم نمْنَع مِنْهَا إِلَّا مَا حرمت عَلَيْهِ الصَّدَقَة) لغناه، لَا لشرفه.
مَالك: عَن نَافِع: (أَن رجلا وجد لقطَة، فجَاء إِلَى عبد الله بن عمر

(2/561)


رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِنِّي وجدت لقطَة فَمَاذَا ترى فِيهَا؟ فَقَالَ (عبد الله بن عمر) : عرفهَا، قَالَ: قد فعلت، قَالَ: زد، قَالَ: قد فعلت، فَقَالَ عبد الله بن عمر: لَا آمُرك أَن تأكلها وَلَو شِئْت لم تأخذها ". وَهَذَا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ قَول عَطاء، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَابْن الْمُبَارك.
(ذكر الْغَرِيب:)

اللّقطَة: اسْم لِلْمَالِ الضائع يلتقط. وَحكي عَن الْخَلِيل أَنه قَالَ: اللّقطَة بتحريك الْقَاف: الَّذِي يلتقط الشَّيْء، وبسكون الْقَاف: مَا يلتقط، قَالَ (الْأَزْهَرِي) : هَذَا الَّذِي قَالَه قِيَاس، لِأَن فعلة جَاءَ فِي أَكثر كَلَامهم فَاعِلا، وفعلة جَاءَ مَفْعُولا، غير أَن كَلَام الْعَرَب جَاءَ فِي اللّقطَة على غير قِيَاس. وَأجْمع أهل اللُّغَة ورواة الْأَخْبَار على (أَن) اللّقطَة هِيَ الشَّيْء الْمُلْتَقط وَكَذَلِكَ قَالَ الْفراء، وَابْن الْأَعرَابِي والأصمعي. والالتقاط: وجود الشَّيْء على غير طلب، وَالله أعلم.
(بَاب لقطَة الْحل وَالْحرم سَوَاء)

الطَّحَاوِيّ: عَن معَاذَة العدوية أَن امْرَأَة قد سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: " إِنِّي قد أصبت ضَالَّة فِي الْحرم، وَإِنِّي قد عرفتها فَلم أجد أحدا يعرفهَا، فَقَالَت لَهَا عَائِشَة: استنفعي بهَا ". وَالله أعلم.

(2/562)