اللباب في الجمع بين السنة والكتاب

 (كتاب الْمُزَارعَة)

الْمُزَارعَة بِالثُّلثِ وَالرّبع بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ، مُعْتَمدًا فِي ذَلِك على مَا روى مَالك: عَن رَافع بن خديج: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نهى عَن كِرَاء الْمزَارِع ". قَالَ حَنْظَلَة: فَسَأَلت رَافع بن خديج بِالذَّهَب وَالْوَرق؟ قَالَ: أما بِالذَّهَب وَالْوَرق فَلَا بَأْس (بِهِ) .
وَعنهُ: عَن سعيد بن الْمسيب: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نهى عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة "، والمزابنة: اشْتِرَاء الثَّمر بِالتَّمْرِ، والمحاقلة: اشْتِرَاء الزَّرْع بِالْحِنْطَةِ، واستكراء الأَرْض بِالْحِنْطَةِ.
وَعنهُ: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نهى عَن

(2/567)


الْمُزَابَنَة والمحاقلة "، والمزابنة اشْتِرَاء الثَّمر بِالتَّمْرِ فِي رُؤُوس النّخل، والمحاقلة كِرَاء الأَرْض بِالْحِنْطَةِ.
وَعَن رَافع بن خديج أَنه قَالَ: " إِنَّهُم منعُوا من المحاقلة وَهُوَ أَن يكْرِي أَرضًا على بعض مَا فِيهَا ".
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن رحمهمَا الله: الْمُزَارعَة جَائِزَة، معتمدين فِي ذَلِك على ماروى الطَّحَاوِيّ: عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " يغْفر الله لرافع / بن خديج، أَنا وَالله أعلم بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، إِنَّمَا جَاءَ رجلَانِ من الْأَنْصَار إِلَى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قد اقتتلا فَقَالَ: إِن كَانَ هَذَا شَأْنكُمْ فَلَا تكروا الْمزَارِع ". فَهَذَا زيد بن ثَابت يخبر أَن قَول رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لم يكن مِنْهُ على وَجه التَّحْرِيم، وَإِنَّمَا كَانَ (لكراهية) وُقُوع الشَّرّ بَينهم، وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آثَار كَثِيرَة فِي دفع خَيْبَر بِالنِّصْفِ من ثَمَرهَا وزرعها. وَقد زارع أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من بعده مِنْهُم أَبُو بكر وَعمر وَحُذَيْفَة وَأقر معَاذ أهل الْيمن عَلَيْهَا. رَضِي الله عَن الْجَمِيع.

(2/568)