اللباب في شرح الكتاب

كتاب المفقود.
- إذا غاب الرجل، ولم يعرف له موضعٌ، ولا يعلم أحيٌ هو أم ميتٌ، نصب القاضي من يحفظ ماله ويقوم عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وهو قول الإمام) عامر (الشعبي، واختلفا) : أي الإمامان (في قياس) : أي في تخريج (قوله: قال أبو يوسف: المال بينهما على سبعة أسهم) ؛ لأن الخنثى بتقدير ذكوريته له سهم، وبتقدير أنوثته نصف، ومجموعهما سهم ونصف، ونصف مجموعهما ثلاثة أرباع، وللابن سهم كامل؛ فتصح من سبعة (للابن أربعة، وللخنثى ثلاثة، وقال محمد: المال بينهما على اثني عشر سهماً) ؛ لأن الخنثى يستحق النصف إن كان ذكراً، والثلث إن كان أنثى، والنصف والثلث خمسة من ستة، فله نصف ذلك وهو اثنان ونصف من ستة، ووقع الكسر بالنصف فضربت الستة في اثنين صار اثني عشر؛ فكان (للابن سبعة) قائمة من ضرب ثلاثة ونصف في الاثنين (وللخنثى خمسة) قائمة من ضرب اثنين ونصف في الاثنين، قال في التصحيح: قال الإسبيجاني: وقول محمد مضطرب، والأظهر أنه مع أبي حنيفة، والصحيح قول أبي حنيفة، ومشى عليه برهان الشريعة والنسفي وصدر الشريعة. اهـ.
كتاب المفقود.
مناسبته للخنثى ظاهرة، من حيث وقف الأحكام إلى البيان.
وهو لغة: المعدوم، وشرعاً: غائب انقطع خبره، ولا يعلم حياته ولا موته، كما أشار إلى ذلك بقوله: (إذا غاب الرجل، ولم يعرف له موضع) ليستطلع عليه (ولا يعلم أحي هو أم ميت؛ نصب القاضي من يحفظ ماله ويقوم عليه) : أي على

(2/215)


ويستوفي حقوقه، وينفق على زوجته وأولاده من ماله، ولا يفرق بينه وبين امرأته، فإذا تم له مائةٌ وعشرون سنةً من يوم ولد حكمنا بموته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ماله بالحفظ من عقاره وضياعه وجمع ثماره ويبيع ما يخاف فساده (ويستوفي حقوقه) كقبض غلاته والدين الذي أقر به غريمٌ من غرمائه؛ لأن القاضي نصب ناظراً لكل عاجز عن النظر لنفسه، والمفقود بهذه الصفة، وفي نصب الحافظ لماله والقائم عليه نظر له. هداية (وينفق على زوجته وأولاده) وإن سفلوا، ووالديه وإن علوا قال في الهداية: والأصل أن كل من يستحق النفقة في ماله حال حضرته بغير قضاء القاضي ينفق عليه من ماله عند غيبته؛ لأن القضاء حينئذ يكون إعانة، وكل من لا يستحقها في حضرته إلا بالقضاء لا ينفق عليه من ماله في غيبته؛ لأن النفقة حينئذ تجب بالقضاء، والقضاء على الغائب ممتنع؛ فمن الأول الأولاد الصغار والإناث من الكبار والزمنى من الذكور والكبار، ومن الثاني الأخ والأخت والخال والخالة. اهـ (من ماله) إن كان ماله دراهم أو دنانير أو تبراً، وكان في يد القاضي أو يد مودعٍ أو مديون مقرين بهما وبالنكاح أو القرابة إذا لم يكونا ظاهرين عند القاضي، فإن كانا ظاهرين عند القاضي لا حاجة إلى الإقرار، وإن دفع المودع بنفسه أو المديون بغير أمر القاضي يضمن المودع ولا يبرأ المديون، كذا في الهداية.
(ولا يفرق بينه) : أي بين المفقود (وبين امرأته) ؛ لأن الغيبة لا توجب الفرقة (فإذا تم له مائة وعشرون سنة من يوم ولد حكمنا بموته) ؛ لأن الظاهر أنه لا يعيش أكثر منها، قال في التصحيح: قال الإمام الإسبيجاني: وهذه رواية الحسن عن أبي حنيفة، وذكر محمد في الأصل موت الأقران، وهو ظاهر المذهب، وهكذا في الهداية، قال في الذخيرة: ويشترط جميع الأقران، فما بقي واحد من أقرانه لا يحكم بموته، ثم إن بعض مشايخنا قالوا: يعتبر موت أقرانه من جميع البلدان، وقال بعضهم: أقرانه ن أهل بلده؛ قال شيخ الإسلام جواهر زاده: وهذا القول أصح، قال الشيخ محمد بن حامد: قدره بتسعين سنة، وعليه الفتوى، وهكذا مشى الإمام برهان الأئمة المحبوبي والنسفي وصدر الشريعة. اه

(2/216)


واعتدت امرأته، وقسم ماله بين ورثته الموجودين في ذلك الوقت، ومن مات منهم قبل ذلك لم يرث منه، ولا يرث المفقود من أحدٍ مات في حال فقده.