اللباب
في شرح الكتاب كتاب الخنثى.
- إذا كان للمولود فرجٌ وذكرٌ فهو خنثى، فإن كان يبول من الذكر فهو غلامٌ،
وإن كان يبول من الفرج فهو أنثى، وإن كان يبول منهما والبول يسبق من أحدهما
نسب إلى الأسبق، فإن كانا في السبق سواءً فلا عبرة بالكثرة عند أبي حنيفة،
وقال أبو يوسف ومحمدٌ: ينسب إلى أكثرهما.
وإذا بلغ الخنثى وخرجت له لحيةٌ أو وصل إلى النساء فهو رجلٌ، وإن ظهر له
ثديٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الخنثى
مناسبته للقطة أنه يتوقف بعض أحكامه حتى يتضح حاله، واللقطة يتوقف عن
التصرف بها حتى يغلب على الظن ترك طلبها.
(إذا كان للمولود فرج وذكر) أو كان عاريا عنهما، بأن كان له ثقبة لا
تشبههما (فهو خنثى: فإن كان يبول من الذكر فهو غلام، وإن كان يبول من الفرج
فهو أنثى) ، لأن البول من أي عضو كان فهو دلالة على أنه هو العضو الأصلي
الصحيح، والآخر بمنزلة العيب. هداية (وإن كان يبول منهما والبول يسبق من
أحدهما نسب) الحكم (إلى الأسبق) ، لأن السبق يدل على أنه المجرى الأصلي
وغيره عارض (وإن كانا في السبق سواء فلا عبرة بالكثرة عند أبي حنيفة) ،
لأنه قد يكون لاتساع أحدهما وضيق الآخر (وقال أبو يوسف ومحمد: ينسب) الحكم
(إلى أكثرهما) بولاً، لأنها علامة قوة العضو، ولأن للأكثر حكم الكل في كثير
من الأحكام، قال في التصحيح: ورجح دليل الإمام في الهداية والشروح، واعتمده
المحبوبي والنسفي وصدر الشريعة.
(وإذا بلغ الخنثى وخرجت له لحية أو وصل إلى النساء) أو احتلم كما يحتلم
الرجال أو كان له ثدي مستو. هداية (فهو رجل) ، لأنها علامات الرجال (وإن
ظهر له ثدي
(2/212)
كثدي المرأة أو نزل له لبنٌ في ثديه أو حاض
أو حبل أو أمكن الوصول إليه من الفرج فهو امرأةٌ، فإن لم تظهر إحدى هذه
العلامات فهو خنثى مشكلٌ، وإذا وقف خلف الإمام قام بين صف الرجال والنساء
وتبتاع له أمةٌ تختنه إن كان له مالٌ، فإن لم يكن له مالٌ ابتاع له الإمام
من بيت المال، فإذا ختنته باعها ورد ثمنها إلى بيت المال، وإذا مات أبوه
وخلف ابناً وخنثى فالمال بينهما عند أبي حنيفة على ثلاثة أسهمٍ: للابن
سهمان، وللخنثى سهمٌ، وهو أنثى عنده في الميراث إلا أن يثبت غير ذلك فيتبع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كثدي المرأة، أو نزل له لبن في ثديه، أو حاض، أو حبل، أو أمكن الوصول إليه
من الفرج، فهو امرأة) ، لأنها علامات النساء (فإن لم تظهر له إحدى هذه
العلامات) أو تعارضت فيه (فهو خنثى مشكل) له أحكام مخصوصة؛ قال في الهداية:
والأصل فيه أن يؤخذ فيه بالأحوط والأوثق في أمور الدين، وأن لا يحكم بثبوت
حكم وقع الشك في ثبوته، اهـ. وهذا إجمال ما قال المصنف بقوله: (وإذا وقف)
الخنثى (خلف الإمام) لصلاة الجماعة (قام بين صف الرجال و) صف (النساء، و)
إذا بلغ حد الشهوة (تباع له أمة تختنه) لإباحة نظر مملوكته إلى عورته، رجلا
كان أو امرأة (إذا كان له مال؛ فإن لم يكن له مال ابتاع) أي اشترى (له
الإمام) أمة (من) مال (بيت المال) ؛ لأنه أعد لنوائب المسلمين (فإذا ختنته
باعها) الإمام (ورد ثمنها إلى بيت المال، وإذا مات أبوه وخلف ابنا وخنثى
فالمال بينهما عند أبي حنيفة على ثلاثة أسهم: للابن سهمان، وللخنثى سهم،
وهو) في هذا المثال المذكور (أنثى عنده في الميراث) ، لأن ذلك ثابت بيقين،
والزيادة مشكوك فيها؛ فلا يحكم بالشك (إلا أن يتبين غير ذلك فيتبع) والأصل
عنده أن له أسوأ الحالين من الذكورة والأنوثة، ويتصور في ذلك أربع صور؛
الأولى: أن يكون إرثه في حال الأنوثة أقل، فينزل أنثى كما في مسألة
(2/213)
وقال أبو يوسف ومحمدٌ: للخنثى نصف ميراث
الذكر ونصف ميراث الأنثى،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المتن (1) . والثانية: أن يكون في حال الذكورة أقل كزوج وأم وخنثى شقيق أو
لأب فينزل (2) ذكراً. والثالثة: أن يكون محرماً في حال الأنوثة كشقيقتين
وخنثى لأب فيحرم (3) . والرابعة: أن يكون محروماً في حال الذكورة كزوج
وشقيقة وخنثى لأب فيحرم أيضا (4) . (وقالا: للخنثى نصف ميراث الذكر ونصف
ميراث الأنثى) : أي يجمع بين نصيبه على تقدير أنوثته وذكوريته ويعطى نصف
المجموع
_________
(1) صورة المتن هي: مات رجل وترك ولدين أحدهما ذكر بين الذكورة وثانيهما
خنثى، فلو فرضنا الخنثى ذكرا لاستحق نصف التركة، لو فرضنا الخنثى أنثى
لاستحق ثلث التركة. إذ أن الذكرين عصبة من جهة واحدة وفي قوة واحدة والمال
المتروك يقسم بينهما بالسوية، والذكر والأنثى من جهة واحدة، وفي قوة واحدة،
وهما عصبة، فيعطى للذكر مثل حظ الأنثيين.
(2) لو فرضنا الخنثى في هذه المسألة ذكرا لكان أخا شقيقا للميت أو أخا لأب
فيكون عصبة فيأخذ ما بقي من أصحاب الفروض، فللزوج النصف، وللأم الثلث،
والباقي هو السدس يأخذه الخنثى المفروض ذكرا، ولو فرضنا الخنثى أنثى في هذه
المسألة لكان أختا شقيقة أو أختا لأب، فيكون من أصحاب الفروض، ونصيب الأخت
الشقيقة أو الأخت لأب نصف التركة إذا لم تكن محجوبة، ولا شك أن الخنثى على
هذا الفرض أحسن حالا من فرض كونه ذكرا.
(3) لو فرضنا الخنثى في هذه المسألة ذكرا لكان أخا لأب فيكون عصبة، فيأخذ
ما بقي بعد أصحاب الفروض، وأصحاب الفروض في هذه المسألة الأختان الشقيقتان،
وفرضهما الثلثان، فيأخذ الخنثى - على فرض ذكورته - الثلث الباقي، ولو فرضنا
الخنثى أنثى لما أخذ شيئا، لأنه حينئذ يكون أختا لأب، والأخت لأب لا تأخذ
مع وجود الأختين الشقيقتين شيئا إلا أن يكون معها من يعصبها وهو الأخ لأب،
ولا وجود لهذا المعصب في المسألة؛ فهذا معنى كون الخنثى محروما من التركة
على فرض أنه أنثى.
(4) لو فرضنا الخنثى في هذه المسألة أنثى لكان أختا لأب؛ فيكون من أصحاب
الفروض، فيأخذ الزوج النصف، وتأخذ الأخت الشقيقة النصف، وتأخذ الأخت لأب
السدس، وتعول المسألة، لأن الأخت لأب تأخذ السدس مع الأخت الشقيقة الواحدة
تكملة الثلثين اللذين هما نصيب الأخوات، ولو فرضنا الخنثى ذكرا لكان أخا
لأب فيكون عصبة، والعصبة يأخذون ما بقي بعد أصحاب الفروض إن بقي لهم شيء،
وأصحاب الفروض هنا الزوج ونصيبه نصف التركة، والأخت الشقيقة ونصيبها النصف
أيضاً، فلا يبقى للعاصب شيء، وهذا معنى كون الخثى محرما من الميراث على فرض
أنه ذكر
(2/214)
وهو قول الشعبي، واختلفا في قياس قوله، قال أبو يوسف: المال بينهما على
سبعة أسهمٍ: للابن أربعةٌ، وللخنثى ثلاثةٌ، وقال محمدٌ: المال بينهما على
اثني عشر سهماً: للابن سبعةٌ، وللخنثى خمسةٌ. |