اللباب
في شرح الكتاب كتاب الشهادات.
- الشهادة: فرضٌ يلزم الشهود أداؤها، ولا يسعهم كتمانها إذا طالبهم المدعي.
والشهادة في الحدود يخير فيها الشاهد بين الستر والإظهار، والستر أفضل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الشهادات
لا تخفى مناسبة الشهادة للدعوى وتأخيرها عنها.
(الشهادة) لغة: خبر قاطع، وشرعا: أخبار صدق لإثبات حق، كما في الفتح.
وشرطها: العقل الكامل، والضبط والولاية وركنها: لفظ "أشهد" وحكمها: وجوب
الحكم على القاضي بموجبها إذا استوفت شرائطها. وأداؤها (فرض) على من علمها،
بحيث (يلزم الشهود أداؤها، ولا يسعهم كتمانها) ، لقوله تعالى: {ولا يأب
الشهداء إذا ما دعوا} ، وقوله تعالى: {ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه
آثم قلبه} وهذا (إذا طالبهم المدعي) بها لأنها حقه، فتتوقف على طلبه كسائر
الحقوق، إلا إذا لم يعلم بها ذو الحق وخاف فوته لزمه أن يشهد بلا طلب كما
في الفتح، ويجب الأداء بلا طلب لو الشهادة في حقوق الله تعالى، وهي كثيرة
عد منها في الأشباه أربعة عشر، قال: ومتى أخر شاهد الحسبة شهادته بلا عذر
فسق فترد شهادته، اهـ. وهذا كله في غير الحدود (و) أما (الشهادة في الحدود)
فإنه (يخير فيها الشاهد بين الستر والإظهار) ، لأنه بين حسبتين: إقامة
الحد، والتوقي عن الهتك (و) لكن (الستر أفضل) لقوله صلى الله عليه وسلم
للذي شهد عنده: (لو سترته بثوبك لكان خيراً لك)
(4/54)
إلا أنه يجب أن يشهد بالمال في السرقة
فيقول "أخذ" ولا يقول "سرق".
والشهادة على مراتب: منها الشهادة في الزنا، يعتبر فيها أربعة من الرجال،
ولا تقبل فيها شهادة النساء، ومنها الشهادة ببقية الحدود والقصاص، تقبل
فيها شهادة رجلين، ولا تقبل فيها شهادة النساء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال عليه الصلاة والسلام: (من ستر على مسلم ستر الله تعالى عليه في الدنيا
والآخرة) ، وفيما نقل من تلقين الدرء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
رضي الله عنهم دلالة ظاهرة على أفضلية الستر، هداية (إلا أنه يجب) عليه (أن
يشهد بالمال في السرقة، فيقول: أخذ) المال، إحياء لحق المسروق منه (ولا
يقول: سرق) صوناً ليد السارق عن القطع، فيكون جمعاً بين الستر والإظهار.
(والشهادة على) أربع (مراتب) :
الأولى: (منها الشهادة في الزنا، يعتبر فيها أربعة من الرجال) ، لقوله
تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} ،
وقوله تعالى: {ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} (ولا تقبل فيها شهادة النساء) ؛
لحديث الزهري: مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين
من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص، هداية.
(و) الثانية: (منها الشهادة ببقية الحدود والقصاص، تقبل فيها شهادة رجلين)
لقوله تعالى: {فاستشهدوا شهيدين من رجالكم} (ولا تقبل فيها) أيضا (شهادة
النساء) ، كما مر]
(4/55)
وما سوى ذلك من الحقوق يقبل فيها شهادة
رجلين أو رجلٍ وامرأتين، سواءٌ كان الحق مالا أو غير مالٍ مثل النكاح
والطلاق والوكالة والوصية.
وتقبل في الولادة والبكارة والعيوب بالنساء في موضعٍ لا يطلع عليه الرجال
شهادة امرأةٍ واحدةٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(و) الثالثة منها: (ما سوى ذلك) المذكور (من) بقية (الحقوق، تقبل فيها
شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، سواء كان الحق) المشهود به (مالا أو غير مال)
وذلك (مثل النكاح والطلاق والوكالة والوصية) ؛ لأن الأصل فيها القبول؛
لوجود ما يبتنى عليه أهلية الشهادة - وهو المشاهدة والضبط والأداء - إذ
بالأول يحصل العلم للشاهد، وبالثاني يبقى، وبالثالث يحصل العلم للقاضي؛
ولهذا يقبل إخبارها في الأخبار، ونقصان الضبط بزيادة النسيان انجبر بضم
الأخرى إليها، فلم يبق بعد ذلك إلا الشهادة؛ فلهذا لا تقبل فيما يندرئ
بالشبهات، وهذه الحقوق تثبت مع الشبهات، وعدم قبول الأربع على خلاف القياس
كيلا يكثر خروجهن، هداية.
(و) الرابعة: الشهادة على مالا يطلع عليه الرجال، كما عبر بقوله: (وتقبل في
الولادة والبكارة والعيوب) التي (بالنساء) إذا كانت (في موضع لا يطلع عليه
الرجال شهادة امرأة واحدة) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم (شهادة النساء جائزة
فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه)
والجمع المحلى بالألف واللام يراد به الجنس فيتناول الأقل، ولأنه إنما سقطت
الذكورة ليخف النظر؛ لأن نظر الجنس أخف، فكذا يسقط اعتبار العدد، إلا أن
المثنى والثلاث أحوط؛ لما فيه من معنى الإلزام كما في الهداية، ثم قال:
وأما شهادتهن على استهلال الصبي لا تقبل عند أبي حنيفة في حق الإرث؛ لأنه
مما يطلع عليه الرجال، إلا في حق الصلاة؛ لأنه من أمور الدين، وعنده تقبل
في حق الإرث أيضا؛ لأنه صوت عند الولادة، ولا يحضرها الرجال عادة، فصار
كشهادتهن على نفس الولادة، اهـ. ورجحه في الفتح
(4/56)
ولابد في ذلك كله من العدالة ولفظ الشهادة،
فإن لم يذكر الشاهد لفظ الشهادة وقال أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته.
وقال أبو حنيفة: يقتصر الحاكم على ظاهر عدالة المسلم، إلا في الحدود
والقصاص، فإنه يسأل عن الشهود، وإن طعن الخصم فيهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولابد في ذلك كله من العدالة) ، لقوله تعالى: {فأشهدوا ذوي عدلٍ منكم}
ولقوله تعالى: {ممن ترضون من الشهداء} ولأن العدالة هي المعينة للصدق، لأن
من يتعاطى غير الكذب قد يتعاطاه، وعن أبي يوسف أن الفاسق إذا كان وجيهاً في
الناس ذا مروءة تقبل شهادته؛ لأنه لا يستأجر لوجاهته، ويمتنع عن الكذب
بمروءته، والأول أصح إلا أن القاضي لو قضى بشهادة الفاسق يصح، والمسألة
معروفة، هداية (ولفظ الشهادة) لأن النصوص نطقت باشتراطها؛ إذ الأمر بهذه
اللفظة، ولأن فيها زيادة تأكيد فإن قوله "أشهد" من ألفاظ اليمين، فكان
الامتناع عن الكذب بهذا اللفظ أشد (فإن لم يذكر الشاهد لفظ الشهادة، وقال)
عوضاً عنها (أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته) ؛ لما قلنا، قال في الهداية:
وقوله "في ذلك كله" إشارة إلى جميع ما تقدم، حتى تشترط العدالة ولفظ
الشهادة في شهادة النساء في الولادة وغيرها، هو الصحيح؛ لأنه شهادة، لما
فيه من معنى الإلزام، حتى اختص بمجلس القضاء، ويشترط فيه الحرية والإسلام،
اهـ.
(وقال أبو حنيفة: يقتصر الحاكم على ظاهر عدالة) الشاهد (المسلم) ولا يسأل
عنه، إلا إذا طعن فيه الخصم، لقوله عليه الصلاة والسلام: "المسلمون عدولٌ
بعضهم على بعض، إلا محدوداً في قذف" ولأن الظاهر الانزجار عما هو محرم في
دينه، وبالظاهر كفاية، إذ لا وصول إلى القطع، هداية (إلا في الحدود والقصاص
فإنه يسأل) فيها (عن الشهود) وإن لم يطعن الخصم؛ لأنه يحتال لإسقاطها
فيشترط الاستقصاء فيها، لأن الشبهة فيها دارثة (وإن طعن الخصم فيهم) أي
الشهود
(4/57)
سأل عنهم، وقال أبو يوسف ومحمدٌ: لابد أن
يسأل عنهم في السر والعلانية وما يتحمله الشاهد على ضربين:
أحدهما: ما يثبت حكمه بنفسه، مثل البيع والإقرار والغصب والقتل، وحكم
الحاكم، فإذا سمع ذلك الشاهد أو رآه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(سأل) القاضي (عنهم) ، لأنه تقابل الظاهران، فيسأل طلباً للترجيح، وهذا
حيبث لم يعلم القاضي حالهم، أما إذا علمهم بجرح أو عدالة فلا يسأل عنهم،
وتمامه في الملتقى (وقال أبو يوسف ومحمد: لابد) للقاضي من (أن يسأل عنهم في
السر والعلانية) في سائر الحقوق، طعن الخصم فيهم أو لا، لأن الحكم إنما يجب
بشهادة العدل، فوجب البحث عن العدالة، قال في الهداية: وقيل: هذا اختلاف
عصر وزمان، والفتوى على قولهما في هذا الزمان، ومثله في الجواهر وشرح
الإسبيجاني وشرح الزاهدي والينابيع، وقال الصدر الشهيد في الكبرى: والفتوى
اليوم على قولهما، ومثله في شرح المنظومة للسديدي والحقائق وقاضيخان ومختار
النوازل والاختيار والبرهاني وصدر الشريعة، وتمامه في التصحيح، وفي
الهداية: ثم قيل: لابد أن يقول المعدل "هو عدل جائز الشهادة" لأن العبد قد
يعدل، وقيل: يكتفي بقوله "هو عدل"، لأن الحرية ثابتة بأصل الدار، وهذا أصح.
(وما يتحمله الشاهد على ضربين) :
(أحدهما: ما يثبت حكمه بنفسه) وذلك (مثل البيع والإقرار والغصب والقتل وحكم
الحاكم) ونحو ذلك مما يسمع أو يرى (فإذا سمع ذلك الشاهد) وهو مما يعرف
بالسماع، مثل البيع والإقرار (أو رآه) فعله، وهو مما يعرف بالرؤية، كالغصب
والقتل
(4/58)
وسعه أن يشهد به، وإن لم يشهد عليه، ويقول:
أشهد أنه باع، ولا يقول: أشهدني.
ومنه ما لا يثبت حكمه بنفسه، مثل الشهادة على الشهادة، فإن سمع شاهداً يشهد
بشيء لم يجز أن يشهد على شهادته إلا أن يشهده، وكذلك لو سمعه يشهد الشاهد
على شهادته لم يسع السامع أن يشهد.
ولا يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد إلا أن يذكر الشهادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وسعه أن يشهد به، وإن لم يشهد عليه) أي يتحمل تلك الشهادة، لأنه علم ما هو
الموجب بنفسه وهو الركن في الأداء (ويقول: أشهد أنه باع، ولا يقول: أشهدني)
؛ لأنه كذب، قال في الهداية: ولو سمع من وراء الحجاب لا يجوز له أن يشهد،
ولو فسر القاضي لا يقبله؛ لأن النغمة تشبه النغمة، إلا إذا كان دخل البيت
وعلم أنه ليس فيه أحد سواه ثم جلس على الباب وليس للبيت مسلك غيره فسمع
إقرار الداخل ولا يراه، لأنه حصل العلم في هذه الصورة، اهـ.
(و) الثاني (منه ما لا يثبت حكمه بنفسه) وذلك (مثل الشهادة على الشهادة)
لأنها غير موجبة بنفسها، وإنما تصير موجبة بالنقل إلى مجلس القضاء، والنقل
لابد له من تحمل؛ ليصير الفرع كالوكيل (فإذا سمع شاهداً يشهد بشيء لم يجز
أن يشهد على شهادته) لعدم الإنابة (إلا أن يشهده) على شهادته ويأمره
بأدائها ليكون نائباً عنه (وكذلك لو سمعه يشهد الشاهد على شهادته) ويأمره
بأدائها (لم يسع السامع) له (أن يشهد) ، لأنه لم يحمله، وإنما حمل غيره.
(ولا يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد إلا أن يذكر الشهادة) ، لأن الخط يشبه
الخط، فلم يحصل العلم، وهذا قول الإمام، وعليه مشى الأئمة الملتزمون
للتصحيح، اهـ، وفي الدر: وجوز له لو في حوزه، وبه نأخذ. بحر عن الملتقى اه
(4/59)
ولا تقبل شهادة الأعمى، ولا المملوك، ولا
المحدود في قذف وإن تاب، ولا شهادة الوالد لولده وولد ولده، ولا شهادة
الولد لأبويه وأجداده.
ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولا تقبل شهادة الأعمى) ؛ لأن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين
المشهود له والمشهود عليه، ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة، والنغمة تشبه
النغمة، ولو عمي بعد الأداء يمتنع القضاء عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأن قيام
الأهلية شرط وقت القضاء، لصيرورتها حجة عنده، وصار كما إذا خرس أو جن أو
فسق، بخلاف ما إذا مات أو غاب؛ لأن الأهلية بالموت انتهت وبالغيبة ما بطلت
كما في الهداية (ولا المملوك) لمالكه وغيره؛ لأن الشهادة من باب الولاية،
وهو لا يلي نفسه، فأولى أن لا تثبت له الولاية على غيره (ولا المحدود في
قذف وإن تاب) ؛ لأن رد شهادته من تمام حده بالنص، والاستثناء منصرف لما
يليه، وهو: {وأولئك هم الفاسقون} . قال في الهداية: ولو حد الكافر في قذف
ثم أسلم تقبل شهادته، لأن للكافر شهادة، فكان ردها من تمام الحد، وبالإسلام
حدثت له شهادة أخرى، بخلاف العبد إذا حد ثم أعتق، لأنه لا شهادة للعبد
أصلا، فتمام حده برد شهادته بعد العتق، اهـ.
(ولا شهادة الوالد) وإن علا (لولده وولد ولده) وإن سفل (ولا شهادة الولد)
وإن سفل (لأبويه وأجداده) وأن علوا؛ لأن المنافع بين الآباء والأولاد متصلة
ولذا لا يجوز أداء الزكاة إليهم، فتكون شهادة لنفسه من وجه، ولتمكن التهمة.
(ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر) ؛ لأن الانتفاع متصل عادة،
(4/60)
ولا شهادة المولى لعبده ولا لمكاتبه، ولا
شهادة الشريك لشريكه فيما هو من شركتهما.
وتقبل شهادة الرجل لأخيه وعمه.
ولا تقبل شهادة مخنث، ولا نائحة، ولا مغنيةٍ، ولا مدمن الشرب على اللهو،
ولا من يلعب بالطيور
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو المقصود، فيصير شاهداً لنفسه من وجه، ولوجود التهمة (ولا شهادة المولى
لعبده) لأنه شهادة لنفسه من كل وجه إذا لم يكن على العبد دين، أو من وجه
إذا كان عليه دين، لأن الحال موقوف مراعي، هداية (ولا لمكاتبه) لما قلنا
(ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو من شركتهما) ، لأنها شهادة لنفسه من وجه
لاشتراكهما، ولو شهد بما ليس من شركتهما تقبل لانتفاء التهمة.
(وتقبل شهادة الرجل لأخيه وعمه) ، لانعدام التهمة، فإن الأملاك ومنافعها
متباينة، ولا بسوطة لبعضهم في مال بعض.
(ولا تقبل شهادة مخنث) بالفتح - من يفعل الردئ ويؤتى كالنساء، لأنه فاسق،
فأما الذي في كلامه لين وفي أعضائه تكسر فهو مقبول الشهادة كما في الهداية،
(ولا) شهادة (نائحة) في مصيبة غيرها بأجر، درر وفتح (ولا مغنية) ولو لنفسها
لحرمة رفع صوتها، خصوصاً مع الغناء (ولا مدمن الشرب) لغير الخمر من الأشربة
(على اللهو) لحرمة ذلك. قيد بالإدمان ليكون ذلك ظاهراً منه، لأنه لا يخرج
عن العدالة إلا إذا كان يظهر منه ذلك، وقيد باللهو لأنه لو شرب للتداوي لا
تسقط عدالته لشبهة الاختلاف كما في صدر الشريعة، وقيدنا بغير الخمر لأن شرب
الخمر يسقط العدالة ولو قطرة ولو بغير لهو (ولا) شهادة (من يلعب بالطيور) ،
لأنه يورث غفلة،
(4/61)
ولا من يغني للناس، ولا من يأتي باباً من
الكبائر التي يتعلق بها الحد، ولا من يدخل الحمام بغير إزار؛ أو يأكل
الربا، ولا المقامر بالنرد والشطرنج، ولا من يفعل الأفعال المستخفة كالبول
على الطريق، والأكل على الطريق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولأنه قد يقف على عورات النساء بصعود سطحه ليطير طيره، وفي بعض النسخ "ولا
من يلعب بالطنبور" وهو المغني، هداية. (ولا من يغني للناس) ؛ لأنه يجمع
الناس على ارتكاب كبيرة، هداية. وأما من يغني لنفسه لدفع وحشة فلا بأس به
عند العامة، عناية، وصححه العيني وغيره (ولا من يأتي باباً من الكبائر التي
يتعلق بها الحد) كالزنا والسرقة ونحوهما؛ لأنه يفسق (ولا من يدخل الحمام
بغير إزار) ؛ لأن كشف العورة حرام إذا رآه غيره (و) لا (من يأكل الربا) قال
في الهداية: وشرط في الأصل أن يكون مشهوراً به؛ لأن الإنسان قلما ينجو من
مباشرة العقود الفاسدة، وكل ذلك رباً. (و) لا (المقامر بالنرد) ويقال:
النردشير، ويعرف الآن بالزهر (والشطرنج) ؛ لأن كل ذلك من الكبائر. قال في
صدر الشريعة: قيد المقامرة بالنرد وقع اتفاقاً، وفي الذخيرة: من يلعب
بالنرد فهو مردود الشهادة على كل حال، اهـ. وفي القهستاني: لاعب النرد بلا
قمار لم تقبل شهادته بلا خلاف، بخلاف لاعب الشطرنج؛ فإنه يقبل إلا إذا وجد
واحد من ثلاثة: أي المقامرة، وفوت الصلاة، وبإكثار الحلف عليه بالكذب، اهـ؛
وزاد في الإشباه: أن يلعب به على الطريق؛ أو يذكر عليه فسقا.
(ولا) تقبل أيضاً شهادة (من يفعل الأفعال المستخفة) مما يخل بالمروءة
(كالبول على الطريق، والأكل على الطريق) ؛ لأنه تارك للمروءة، وإذا كان
(4/62)
ولا تقبل شهادة من يظهر سب السلف، وتقبل
شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعضٍ وإن
اختلفت مللهم، ولا تقبل شهادة الحربي على الذمي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يستحي عن مثل ذلك لا يمتنع عن الكذب فيتهم، هداية. قال في الفتح: ومنه
كشف عورته ليستنجي من جانب البركة والناس حضور؛ وقد كثر في زماننا، اهـ.
(ولا تقبل شهادة من يظهر سب السلف) ؛ لظهور فسقه، بخلاف من يخفيه، لأنه
فاسق مستور، عيني. قال في المنح: وإنما قيدنا بالسلف تبعاً لكلامهم. وإلا
فالأولى أن يقال سب مسلم لسقوط العدالة بسب المسلم وإن لم يكن من السلف،
كما في السراج والنهاية، اهـ.
(وتقبل شهادة أهل الأهواء) : أي أصحاب بدع لا تكفر كجبر وقدر ورفض وخروج
وتشبيه وتعطيل، وكل فرقة من هذه الفرق الستة اثنتا عشرة فرقة (إلا
الخطابية) فرقة من الروافض يرون الشهادة لشيعتهم ولكل من حلف أنه محق.
فردهم لا لبدعتهم بل لتهمة الكذب، ولم يبق لمذهبهم ذكر، بحر (وتقبل شهادة
أهل الذمة بعضهم على بعض) إذا كانوا عدولا في دينهم، جوهرة؛ لأنهم من أهل
الولاية على أنفسهم وأولادهم الصغار، فيكونون من أهل الشهادة على جنسهم
(وإن اختلفت مللهم) كاليهود والنصارى، قال في الهداية: لأن ملل الكفر وإن
اختلفت فلا قهر، فلا يحملهم الغيظ على التقول، اهـ. (ولا تقبل شهادة
الحربي) المستأمن (على الذمي) ؛ لأنه لا ولاية له عليه، لأن الذمي من أهل
ديارنا، وهو أعلى حالا منه، وتقبل شهادة الذمي عليه كشهادة المسلم عليه
وعلى الذمي؛ وتقبل شهادة المستأمنين بعضهم على بعض إذا كانوا أهل دار
واحدة، وتمامه في الهداية
(4/63)
وإن كانت الحسنات أغلب من السيئات والرجل
ممن يحتنب الكبائر قبلت شهادته وإن ألم بمعصيةٍ.
وتقبل شهادة الأقلف، والخصي، وولد الزنا، وشهادة الخنثى جائزةٌ.
وإذا وافقت الشهادة الدعوى قبلت، وإن خالفتها لم تقبل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإن كانت الحسنات أغلب من السيئات) يعني الصغائر، جوهرة (والرجل ممن يجتنب
الكبائر) ويتباعد عنها (قبلت شهادته) قال في الجوهرة: هذا هو العدالة
المعتبرة؛ إذ لابد من توقي الكبائر كلها، وبعد توقيها يعتبر الغالب: فمن
كثرت معاصيه أثر ذلك في شهادته. ومن ندرت منه المعصية قبلت شهادته؛ لأن في
اعتبار اجتنابه الكل سد باب الشهادة، وهو مفتوح إحياء للحقوق. اهـ. وفي
الهداية والمجتبى ومختارات النوازل: هذا هو الصحيح في حد العدالة المعتبرة
(وإن ألم بمعصية) ؛ لأن كل واحد من سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا
يخلو من ارتكاب خطيئة، فلو وقفت الشهادة على من لا ذنب له أصلا لتعذر وجوده
أصلا، فاعتبر الأغلب، وحاصله: أن من ارتكب كبيرة أو أصر على صغيرة سقطت
عدالته، كما في الجوهرة.
(وتقبل شهادة الأقلف) ؛ لأنه لا يخل بالعدالة؛ إلا إذا تركه استخفافاً
بالدين؛ لأنه لم يبق بهذا الصنيع عدلا، هداية (والخصي) ؛ لأنه قطع عضو منه
ظلماً، فصار كما إذا قطعت يده (وولد الزنا) إذا كان عدلا؛ لأن فسق الأبوين
لا يوجب فسق الولد، (وشهادة الخنثى جائزة) ؛ لأنه رجل أو امرأة، وشهادة
الجنسين مقبولة، إلا أنه كأنثى.
(وإذا وافقت الشهادة الدعوى) لفظاً ومعنى، أو معنى فقط (قبلت) لذلك الشهادة
(وإن خالفتها) : أي خالفت الشهادة الدعوى لفظاً ومعنى (لم تقبل) تلك
الشهادة؛ لأن تقدم الدعوى في حقوق العباد شرط قبول الشهادة، وقد وجدت فيما
يوافقها
(4/64)
ويعتبر اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى
عند أبي حنيفة، فإن شهد أحدهما بألفٍ والآخر بألفين لم تقبل الشهادة، وإن
شهد أحدهما بألفٍ والآخر بألف وخمسمائةٍ والمدعي يدعي ألفاً وخمسمائةٍ قبلت
شهادتهما بألفٍ. وإذا شهد أحدهما بألفٍ وقال: قضاه منها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وانعدمت فيما يخالفها، هداية (ويعتبر) : أي يشترط (اتفاق الشاهدين في اللفظ
والمعنى) جميعاً، بطريق الوضع لا التضمن (عند أبي حنيفة) وعندهما يكتفي
بالموافقة المعنوية (فإن شهد أحدهما بألف والآخر بألفين) والمدعي يدعي
الألفين (لم تقبل الشهادة) عنده، لاختلافهما لفظاً، وذلك يدل على اختلاف
المعنى، لأنه يستفاد باللفظ وذلك لأن الألف لا يعبر به عن الألفين، بل هما
جملتان متباينتان، فصار كما إذا اختلف جنس المال، وعندهما تقبل على الألف
لأنهما اتفقا على الأصل، وتفرد أحدهما بالزيادة، فيثبت ما اجتمعا عليه فصار
كالألف والألف والخمسمائة، وعلى هذا المائة والمائتان والطلقة والطلقتان،
قال الإسبيجاني: والصحيح قول أبي حنيفة، وعليه مشى الأئمة المصححون، تصحيح.
قيدنا بدعوى الألفين، لأنه إذا ادعى المدعي الألف لا تقبل الشهادة بالإجماع
(وإن شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة والمدعي يدعي ألفاً وخمسمائة
قبلت شهادتهما بألف) اتفاقاً، لاتفاق الشاهدين عليها لفظاً ومعنى، لأن
الألف والخمسمائة جملتان عطفت إحداهما على الأخرى، والعطف يقرر الأول،
ونظيره الطلقة والطلقة والنصف، والمائة والمائة والخمسون، بخلاف الخمسة
والخمسة عشر، لأنه ليس بينهما حرف العطف فهو نظير الألف والألفين، هداية.
(وإذا شهد أحدهما بألف وقال) في شهادته: لكنه قد (قضاه منها
(4/65)
خمسمائة" قبلت شهادته بألفٍ، ولم يسمع قوله
إنه قضاه إلا أن يشهد معه آخر، وينبغي للشاهد إذا علم ذلك أن لا يشهد بألفٍ
حتى يقر المدعي أنه قبض خمسمائةٍ.
وإذا شهد شاهدان أن زيداً قتل يوم النحر بمكة وشهد آخران أنه قتل يوم النحر
بالكوفة واجتمعوا عند الحاكم لم يقبل الشهادتين، فإن سبقت إحداهما فقضي بها
ثم حضرت الأخرى لم تقبل، ولا يسمع القاضي الشهادة على جرحٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خمسمائة قبلت شهادته بألف) لاتفاقهما عليه (ولم يسمع قوله إنه قضاه) ؛
لأنها شهادة فرد (إلا أن يشهد معه آخر) ليتم نصاب الشهادة (وينبغي للشاهد
إذا علم ذلك) أي علم قضاء المديون وخشي إنكار المدعي لما قبضه (أن لا يشهد)
له (بألف حتى يقر المدعي أنه قبض خمسمائة) كيلا يصير معيناً على الظلم.
(وإذا شهد شاهدان أن زيدا قتل يوم النحر) من هذا العام مثلا (بمكة، وشهد)
شاهدان (آخران أنه قتل يوم النحر) من هذا العام (بالكوفة واجتمعوا) : أي
الشهود كلهم (عند الحاكم لم يقبل) الحاكم (الشهادتين) للتيقن بكذب إحداهما،
وليست إحداهما بأولى من الأخرى.
(فإن سبقت إحداهما وقضى بها ثم حضرت الأخرى لم تقبل) الثانية؛ لأن الأولى
قد ترجحت باتصال القضاء بها؛ فلا تنتقض بالثانية.
(ولا يسمع القاضي الشهادة على جرح) الشهود، بأن ادعى المدعى عليه أن
(4/66)
ولا يحكم بذلك.
ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيءٍ لم يعاينه، إلا النسب والموت والنكاح
والدخول وولاية القاضي، فإنه يسعه أن يشهد بهذه الأشياء إذا أخبره بها من
يثق به.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شهود المدعي فسقة أو مستأجرون وأقام بينة على ذلك، فإن القاضي لا يلتفت
إليها (ولا يحكم بذلك) ولكن يسأل عنهم سراً وعلانية، فإن ثبتت عدالتهم قبلت
شهادتهم، وإلا لا.
(ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه) ؛ لأن الشهادة مشتقة من
المشاهدة، وذلك بالعلم، ولم يحصل (إلا النسب، والموت، والنكاح، والدخول،
وولاية القاضي؛ فإنه يسعه أن يشهد بهذه الأشياء إذا أخبره بها من يثق به)
استحساناً؛ لأن هذه الأمور يختص بمعاينة أسبابها الخواص من الناس، ويتعلق
بها أحكام تبقى على انقضاء القرون والأعوام، فلو لم يقبل فيها الشهادة
بالتسامع لأدى إلى الحرج وتعطيل الأحكام، قال في الهداية: وإنما يجوز
للشاهد أن يشهد بالاشتهار، وذلك بالتواتر أو إخبار من يثق به، كما قال في
الكتاب. ويشترط أن يخبره رجلان عدلان، أو رجل وامرأتان، ليحصل له نوع من
العلم، وقيل في الموت: يكتفي بإخبار واحد أو واحدة، لأنه قل ما يشاهد حاله
غير الواحد.
ثم قال: وينبغي أن يطلق أداء الشهادة، أما إذا فسر للقاضي أنه يشهد
بالتسامع لم تقبل شهادته، كما أن معاينة اليد في الأملاك تطلق فيه الشهادة
ثم إذا فسر لا تقبل كذا هذا، ثم قصر الاستثناء في الكتاب على هذه الأشياء
ينفي اعتبار التسامع في الولاء والوقف، وعن أبي يوسف آخرا أنه يجوز في
الولاء، لأنه بمنزلة النسب،
(4/67)
والشهادة على الشهادة جائزةٌ في كل حقٍ لا
يسقط بالشبهة، ولا تقبل في الحدود والقصاص.
وتجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين، ولا تقبل شهادة واحدٍ على شهادة
واحدٍ.
وصفة الإشهاد أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع: اشهد على شهادتي أني أشهد أن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعن محمد يجوز في الوقف؛ لأنه يبقى على مر الأعصار، إلا أنا نقول: الولاء
يبتنى على زوال الملك، ولابد فيه من المعاينة، فكذا فيما يبتنى عليه، وأما
الوقف فالصحيح أنه تقبل الشهادة بالتسامع في أصله دون شرائطه؛ لأن أصله هو
الذي يشتهر، اهـ.
(والشهادة على الشهادة جائزة في كل حق لا يسقط بالشبهة) قال في الهداية:
وهذا استحسان؛ لشدة الحاجة إليها؛ إذ شاهد الأصل قد يعجز عن أداء الشهادة
لبعض العوارض، فلو لم تجز الشهادة على شهادته أدى إلى تواء الحقوق، ولهذا
جوزنا الشهادة على الشهادة وإن كثرت، إلا أن فيها شبهة من حيث البدلية، أو
من حيث إن فيها زيادة احتمال، وقد أمكن الاحتراز عنه بجنس الشهود (و) لذا
(لا تقبل في الحدود والقصاص) لأنها تسقط بالشبهة.
(وتجوز شهادة شاهدين) أو رجل وامرأتين (على شهادة شاهدين) ؛ لأن نقل
الشهادة من جملة الحقوق، وقد شهدا بحق، ثم بحق آخر، فتقبل؛ لأن شهادة
الشهادتين على حقفين جائزة (ولا تقبل شهادة واحد على شهادة واحد) ؛ لأن
شهادة الفرد لا تثبت الحق.
(وصفة الإشهاد أن يقول شاهد الأصل) مخاطبا (لشاهد الفرع: اشهد على شهادتي)
لأن الفرع كالنائب عنه، فلابد من التحميل والتوكيل كما مر (أني أشهد أن
(4/68)
فلان ابن فلان أقر عندي بكذا وأشهدني على
نفسه، وإن لم يقل أشهدني على نفسه جاز، ويقول شاهد الفرع عند الأداء: أشهد
أن فلان ابن فلانٍ أشهدني على شهادته أنه يشهد أن فلاناً أقر عنده بكذا
وقال لي: اشهد على شهادتي بذلك.
ولا تقبل شهادة شهود الفرع إلا أن يموت شهود الأصل أو يغيبوا مسيرة ثلاثة
أيامٍ فصاعداً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلان ابن فلان) الفلاني (أقر عندي بكذا وأشهدني) به (على نفسه) ؛ لأنه لابد
أن يشهد شاهد الأصل عند الفرع كما يشهد عند القاضي لينقله إلى مجلس القضاء
(وإن لم يقل أشهدني على نفسه جاز) ، لأن من سمع إقرار غيره حل له الشهادة
وإن لم يقل له اشهد (ويقول شاهد الفرع) عند الأداء لما تحمله: (أشهد أن
فلاناً أشهدني على شهادته أنه يشهد أن فلاناً أقر عنده بكذا، وقال لي: اشهد
على شهادتي بذلك) ، لأنه لابد من شهادته، وذكر شهادة الأصل، وذكر التحميل،
ولها لفظ أطول من هذا وأقصر منه، وخير الأمور أوسطها، هداية.
قال في الدر: والأقصر أن يقول الأصل: اشهد على شهادتي بكذا، ويقول الفرع:
أشهد على شهادته بكذا، وعليه فتوى السرخسي وغيره، ابن كمال، وهو الأصح كما
في القهستاني عن الزاهدي، اهـ.
(ولا تقبل شهادة شهود الفرع إلا أن) يتعذر حضور شهود الأصل، وذلك بأن (يموت
شهود الأصل) عند الأداء (أو يغيبوا مسيرة) سفر (ثلاثة أيام فصاعدا) قال في
الدر: واكتفى الثاني بغيبته بحيث يتعذر أن يبيت بأهله، واستحسنه غير واحد،
وفي القهستاني والسراجية: وعليه الفتوى، وأقره المصنف، اه
(4/69)
أو يمرضوا مرضاً لا يستطيعون معه حضور مجلس
الحاكم، وإن عدل شهود الأصل شهود الفرع جاز، وإن سكتوا عن تعديلهم جاز،
وينظر القاضي في حالهم، وإن أنكر شهود الأصل الشهادة لم تقبل شهادة شهود
الفرع.
وقال أبو حنيفة في شاهد الزور: أشهره في السوق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أو يمرضوا مرضاً) قوياً، بحيث (لا يستطيعون معه حضور مجلس الحاكم) ؛ لأن
جوازها للحاجة، وإنما تمس عند عجز الأصل، وبهذه الأشياء يتحقق العجز.
(فإن عدل شهود الأصل) بالنصب على المفعولية (شهود الفرع) بالرفع فاعل "عدل"
(جاز) ؛ لأنهم من أهل التزكية، وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر صح،
لما قلناه، هداية.
(وإن سكتوا عن تعديلهم جاز) أيضا (وينظر القاضي في حالهم) أي حال الأصول،
كما إذا حضروا بأنفسهم وشهدوا، قال في التصحيح: وهذا عند أبي يوسف، وعليه
مشى الأئمة المصححون، وقال محمد: لا تقبل، اهـ.
(وإن أنكر شهود الأصل الشهادة) بأن قالوا: مالنا شهادة على هذه الحادثة،
وماتوا أو غابوا، ثم جاء الفروع يشهدون على شهادتهم كما في الكافي، وكذا لو
أنكروا التحميل، بأن قالوا: لم نشهدهم على شهادتنا، وماتوا أو غابوا كما في
الزيلعي (لم تقبل شهادة شهود الفرع) ، لأن التحميل شرط، وقد فات للتعارض
بين الخبرين.
(وقال أبو حنيفة في شاهد الزور: أشهره في السوق) بأن يبعثه إلى سوقه إن كان
سوقيا، أو إلى قومه إن كان غيره سوقي، بعد العصر أجمع ما كانوا، ويقول
المرسل
(4/70)
ولا أعزره، وقال أبو يوسف ومحمد: نوجعه ضرباً ونحبسه. |